الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجارح أرش نقصه لأنه لم يشارك في القتل وعلى القاتل جزاؤه مجروحاً لأنه قتله كذلك، وإذا قتل القارن صيداً فعليه جزاءٌ واحد لعموم الآية وكذا لو تطيب أو لبس وكذا المحرم يقتل صيداً في الحرم، وكلما قتل المحرم أو من بالحرم صيداً حكم عليه بلزوم الجزاء ولا يتداخل كما سبق في الفدية لقوله تعالى:(فجزاءٌ مثل ما قتل من النعم) وعمر وغيره من الصحابة رضي الله عنهم حكموا في الخطأ وفيمن قتل، ولم يسألوه هل كان قتل أولا أو لا، ولأن الجزاء كفارة قتل الصيد فاستوى فيه المبتدئ والعائد كقتل الآدمي والآية اقتضت الجزاء على العائد لعمومها، وذكر العقوبة في العائد في قوله تعالى:(ومن عاد فينتقم الله منه) لا يمنع الوجوب، والله سبحانه وتعالى أعلم.
--
باب: صيد حرمي مكة والمدينة ونباتهما:
يحرم صيد حرم مكة على الحلال والمحرم إجماعاً لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة: إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يختلى خلاها ولا يعضد شوكها ولا ينفر صيدها ولا يلتقط لقطتها إلا من عرفها، فقال العباس إلا الإذخر فإنه لقينهم وبيوتهم، قال إلا الإذخر. متفق عليه.
قال النووي: واستثناؤه صلى الله عليه وسلم الإذخر محمول على أنه أوحى إليه في الحال باستثناء الإذخر وتخصيصه من العموم، أو أوحى إليه قبل ذلك بأنه إن طلب أحد استثناء شيء فاستثنه، أو أنه اجتهد انتهى، وعلم من الحديث أن مكة كانت حراماً قبل إبراهيم وعليه أكثر العلماء، وقيل إنما حرمت بسؤال إبراهيم،
وفي الصحيحين من غير وجه (إن إبراهيم حرمها) أي أظهر تحريمها، فمن أتلف من صيد حرم مكة شيئاً ولو كان المتلف كافراً أو صغيراً أو عبداً لأن ضمانه كالمال وهم يضمنونه فعليه ما على المحرم في مثله، نص عليه أحمد لأنه كصيد الإحرام ولاستوائهما في التحريم فوجب أن يستويا في الجزاء، فإن كان الصيد مثلياً ضمنه بمثله وإلا فبقيمته، ولا يلزم المحرم بقتل صيد الحرم جزاءان نص عليه الإمام أحمد لعموم الآية، وحكم صيد مكة حكم صيد الإحرام مطلقاً: أي في التحريم ووجوب الجزاء وإجزاء الصوم وتملكه فلا يملكه ابتداءً بغير إرث، وضمانه بالدلالة ونحوها سواء كان الدال في الحل أم الحرم، وقال القاضي أبو يعلى: لا جزاء على الدال إذا كان في الحل، والجزاء على المدلول، والصحيح الأول فكل ما يضمن في الإحرام يضمن في الحرم إلا القمل فإنه لا يضمن في الحرم ولا يكره قتله فيه، قال في المبدع: بغير خلاف نعلمه لأنه حرم في حق المحرم لأجل الترفه: وقتله مباح في الحرم، وتقدم في السادس من محظورات الإحرام أنه يحرم على المحرم قتل القمل وصئبانه وأنه لا جزاء فيه على المذهب، قال في المنتهى وشرحه: إلا أنه، أي الحرم يحرم صيد بحرية، أي الحرم لعموم الخبر ولا جزاء فيه أي صيد بحر بالحرم لعدم وروده انتهى.
قلت وصيد بحري الحرم كمثل ما إذا وجد سمكا في بركة ماجن ونحوها والله أعلم.
وإن رمى الحلال من الحل صيداً في الحرم كله أو بعض قوائمه في الحرم ضمنه وكذا إن كان جزءٌ منه فيه غير قوائمه إن لم يكن قائماً تغليباً لجانب الحظر فإن كانت قوائمه الأربع بالحل وهو قائم ورأسه أو ذنبه بالحرم لم يكن من صيد الحرم كالشجرة إذا كان أصلها بالحل وأغصانها في هواء الحرم أو أرسل كلبه على صيد في الحرم فقتله ضمنه أو قتل صيداً على غصن في الحرم وأصل الغصن في الحل ضمنه لأن
الهواء تابع للقرار، وقرار الغصن حرم فهو من صيد الحرم، وصيده معصوم، أو أمسك صيداً بالحل فهلك فرخه بالحرم أو هلك ولده بالحرم ضمن الهالك من الفرخ أو الولد لأنه تلف بسببه، ولا يضمن أمه لأنها من صيد الحل وهو حلال للمحل، ولو رمى الحلال صيداً ثم أحرم قبل أن يصيبه ضمنه اعتباراً بحالة الإصابة وهذا في الإمكان لأن الأحرام هو النية كما تقدم، ولو رمى المحرم صيداً في الحل ثم حل قبل الإصابة لم يضمن الصيد اعتباراً بحالتها، وإن قتل الحلال من الحرم صيداً في الحل بسهمه أو كلبه فلا جزاء فيه لأنه ليس من صيد الحرم فليس معصوما، أو قتل الحلال صيداً على غصن في الحل أصل في الحرم فلا جزاء فيه لتبعية الهواء للقرار، وقراره حل فلا يكون صيده معصوماً، أو أمسك الحلال صيداً بالحرم فهلك فرخه بالحل أو هلك ولده بالحل لم يضمن الفرخ والولد لأنه من صيد الحل، وإن كان الصيد والصائد له في الحل فرماه بسهمه أو أرسل كلبه في الحل على صيد بالحل فقتل الصيد الذي كان بالحل وهو في الحرم أو قتل غير الذي أرسل عليه الكلب في الحرم لم يضمن، أو فعل ذلك سهمه بأن رمى به محل صيداً بالحل فشطح السهم فقتل صيداً في الحرم لم يضمن لأنه لم يرسل كلبه على صيد بالحرم وإنما دخل الكلب باختيار نفسه، أشبه ما لو استرسل بنفسه وكذا شطوح السهم بغير اختياره، ولو دخل سهم محل رمى صيداً في الحل الحرم أو دخل كلب محل أرسل كلبه على صيد في الحل الحرم ثم خرج منه فقتل صيداً أو جرحه بالحل ثم دخل
الصيد الحرم فمات بالحرم لم يضمن لأن القتل والجرح بالحل، ولا يحل صيد وجد سبب موته بالحرم تغليباً للحظر كما لو وجد سببه في الإحرام فهو ميتة، قال في المنتهى: ولا يحل ما وجد سبب موته بالحرم.
قال الخلوتي: كالمسألة المتقدمة في قوله يعني صاحب المنتهى: أو أرسل كلبه من