الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه وسلم، فيجب على كل من أراد نجاة نفسه يوم لقاء ربه أن يفتش نفسه ويتوب إلى ربه ويخلص جميع أعماله لربه أكرم الأكرمين، ويتبع سنة رسوله محمد أشرف المرسلين صلى الله عليه وسلم والله الموفق، وهو الهادي إلى سواء السبيل.
--
فصل:
وحدّ حرم مكة من طريق المدينة ثلاثة أميال عند بيوت السقيا، ويقال لها بيوت نفار، بكسر النون وبالفاء: وهي دون التنعيم، ويعرف الآن بمساجد عائشة، وفي أخبار مكة للأزرقي: بيوت غفار بالغين، قال محشيه وتسمى اضاه بني غفار كما ذكر ياقوت. والأضاءة: الماء المستنقع من سيل وغيره. وغفار، قبيلة من كنانة، وقد قال ابن ظهيرة إن الحصحاص وهو مقبرة المهاجرين المعروف اليوم بالمختلع يسمى بضاة بني غفار انتهى. وحدّه من طريق اليمن سبعة أميال عند أضاة لِبن بالضاد المعجمة على وزن قناة، ولبن بكسر اللام وسكون الموحدة، وحدُّه من طريق العراق سبعة أميال على ثنية خل بخاء معجمة مفتوحة ولام مشددة هكذا في ضبط الشيخ الحجاوي في الإقناع بالقلم. وفي المنتهى والمبدع وغيرهما: رجل بكسر الراء وسكون الجيم، وهل جبل بالمقطع بفتح الميم وبقاف ساكنة وطاء مفتوحة هكذا ضبطه الشيخ الحجاوي في الإقناع بالقلم، وعبارة المنتهى والمبدع وغيرهما: بالمنقطع، وفي أخبار مكة للأزرقي قال ومن طريق العراق على ثنية خل بالمقطع على سبعة أميال انتهى. وفي بعض المناسك المعتمدة بفتح الميم وسكون القاف على ما ضبطه المحب الطبري، وسبب تسميته بذلك أنهم قطعوا منه حجارة الكعبة في زمن ابن الزبير.
قال الأزرقي في أخبار مكة، وإنما سمي المقطع لأنه جبل صلب الحجارة فكان يوقد بالنار ثم يقطع، وقيل غير ذلك. وقال في موضع من كتابه أخبار مكة: وإنما سمي المقطع لأن البنائين حين بنى ابن الزبير الكعبة وجدوا هناك حجراً صلباً فقطعوه بالنار فسمي ذلك الموضع المقطع، إلى أن قال ثنية خل بطرف المقطع منتهى الحرم من طريق العراق. انتهى كلام الأزرقي.
ومن هذا يتضح صحة ما ضبطه الحجاوي في الإقناع أن ثنية خل بخاء معجمة وأن المقطع بقاف ساكنة وطاء مفتوحة فليعتمد ذلك ويعول عليه والله أعلم.
ومن الجعرانة بسكون العين وتخفيف الراء على المشهور تسعة أميال في شعب عبد الله بن خالد، وحده من طريق جدة عشر أميال عند منقطع الأعشاش أي منتهى طرفها جمع عشر بضم العين المهملة وهو دون الموضع المعروف الآن بالشميسي وسابقاً بالحديبية، فحد الحرم دونه إلى مكة وليس الموضع المعروف الآن بالشميسي والحديبية داخلاً في الحرم كما يتضح ذلك من أعلام الحرم المنصوبة هناك.
تنبيه مهم: إن علمي الحرم من طريق جدة هما العلمان القديمان من زمن نبينا إبراهيم صلى الله عليه وسلم بإشارة جبريل عليه السلام بوضعهما في تلك البقعة كسائر حدود الحرم من الجهات الأخرى. أما العلمان الجنوبيان المسامتان لعلمي الحرم المذكورين فقد أحدثا في جمادى الثانية سنة ست وسبعين وثلثمائة وألف من أجل طريق السيارات المؤدي بينهما ثم صار عدول السيارات من هذا الطريق الجنوبي الذي يمر بين العلمين المحدثين إلى الطريق الشمالي الذي يمر بين علمي الحرم القديمين ولإزالة اللبس لزم التنبيه على ذلك.
قال في الإقناع وشرحه: وحده من طريق الطائف على عرفات من بطن نمرة سبعة أميال عند طرف عرفة، وحده من بطن نمرة أحد عشر ميلا. انتهى. قلت هكذا ذكر الأزرقي وتبعه بعض الفقهاء من الحنابلة
وغيرهم وفيه نظر لأن عرفة حل فكيف يكون بطنها حدا؟ وقد ذكر الأزرقي أن حده من طريق الطائف على عرفات من بطن نمرة سبعة أميال وهذان جهة واحدة فاعتمد حده من هذه الجهة سبعة أميال لا أحد عشر ميلاً والله أعلم. وعلى تلك المذكورات أنصاب الحرم ولم تزل معلومة. قال الشيخ عثمان بن قائد: وهل يعتبر ذلك التحديد من الكعبة أو المسجد أو من مكة انتهى. قلت الظاهر أن اعتبار ذلك من الكعبة كما هو مصرح به في بعض المناسك، والله أعلم.
(فائدة) : سبب بعد التحديد وقربه من الحرم واختلافه في القرب والبعد هو ما ذكر الشيخ عبد الرحمن بن رجب أنه لما نزل الحجر الأسود أضاء له نور عظيم فحدد الحرم على ذلك النور. انتهى.
وفي أخبار مكة للأزرقي: ولما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام: ربنا أرنا مناسكنا، نزل إليه جبريل فذهب به فأراه المناسك ووقفه على حدود الحرم فكان إبراهيم يرضم الحجارة وينصب الأعلام ويحثي عليها التراب، وكان جبريل عليه السلام يقفه على الحدود قال: وجاء جبريل بالحجر الأسود إلى إبراهيم فوضعه إبراهيم عليه الصلاة والسلام في موضعه هذا فأنار شرقاً وغرباً ويمناً وشمالاً فحرم الله تعالى الحرم من حيث انتهى نور الحجر وإشراقه من كل جانب. انتهى كلام الأزرقي.
وحيث الحال ما ذكر وأن حدود الحرم مختلفة في القرب والبعد وأن وضع حدود الحرم هو بإيقاف جبريل عليه الصلاة والسلام لأبينا إبراهيم صلى الله عليه وسلم على حدود الحرم وظهور أن حد الحرم من طريق المدينة ثلاثة أميال ومن طريق جدة عشرة أميال مع أن الحدين متجاوران فبذلك تبين أنه ليس للاجتهاد في تحديد الحرم مساغ وأنه لا يجوز لأحد أن يحدث حداً للحرم ويضع عليه أنصاباً من تلقاء نفسه لأنه