الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل البرهان الحادي والعشرون " سورة هل أتى " والجواب عليه]
فَصْلٌ
قَالَ الرَّافِضِيُّ (1) : " الْبُرْهَانُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: سُورَةُ هَلْ أَتَى فِي تَفْسِيرِ الثَّعْلَبِيِّ مِنْ طُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ قَالَ: «مَرِضَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ (2) ، فَعَادَهُمَا جَدُّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَامَّةُ الْعَرَبِ، فَقَالُوا (3) : يَا أَبَا الْحَسَنِ، لَوْ نَذَرْتَ عَلَى وَلَدَيْكَ. فَنَذَرَ صَوْمَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَكَذَا نَذَرَتْ (4) أُمُّهُمَا فَاطِمَةُ وَجَارِيَتُهُمْ فِضَّةٌ، فَبَرِئَا، وَلَيْسَ عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ (5) ، فَاسْتَقْرَضَ عَلِيٌّ ثَلَاثَةَ آصُعٍ (6) مِنْ شَعِيرٍ، فَقَامَتْ فَاطِمَةُ إِلَى صَاعٍ فَطَحَنَتْهُ، وَخَبَزَتْ (7) مِنْهُ خَمْسَةَ أَقْرَاصٍ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قُرْصًا (8) ، وَصَلَّى عَلِيٌّ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَتَى الْمَنْزِلَ فَوُضِعَ الطَّعَامُ بَيْنَ يَدَيْهِ ; إِذْ أَتَاهُمْ (9) مِسْكِينٌ، فَقَالَ (10) : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى
(1) فِي (ك) ص 158 (م) ، 160 (م) .
(2)
ك: وَالْحَسَنُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمَا.
(3)
ك: الْعَرَبُ وَالْعَجَمُ فَقَالَ.
(4)
نَذَرَتْ: لَيْسَتْ فِي (ك) .
(5)
ك: وَلَا كَثِيرٌ مِنَ الطَّعَامِ.
(6)
ك: أَصْوُعَ.
(7)
ك: وَاخْتَبَزَتْ.
(8)
ب: قُرْصٌ.
(9)
ب: فَأَتَاهُمْ.
(10)
) ك: ص 159 م مِسْكِينٌ فَوَقَفَ بِالْبَابِ فَقَالَ.
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، مِسْكِينٌ مِنْ مَسَاكِينِ الْمُسْلِمِينَ، أَطْعِمُونِي أَطْعَمَكُمُ اللَّهُ مِنْ مَوَائِدِ الْجَنَّةِ. فَسَمِعَهُ عَلِيٌّ، فَأَمَرَ بِإِعْطَائِهِ، فَأَعْطَوْهُ الطَّعَامَ وَمَكَثُوا يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ لَمْ يَذُوقُوا شَيْئًا إِلَّا الْمَاءَ الْقَرَاحَ.
فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي قَامَتْ فَاطِمَةُ فَخَبَزَتْ (1) صَاعًا، وَصَلَّى عَلِيٌّ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَتَى الْمَنْزِلَ (2) فَوُضِعَ (3) الطَّعَامُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَتَاهُمْ يَتِيمٌ، فَوَقَفَ بِالْبَابِ، وَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، يَتِيمٌ مِنْ أَوْلَادِ الْمُهَاجِرِينَ اسْتُشْهِدَ وَالِدِي يَوْمَ الْعَقَبَةِ، أَطْعِمُونِي أَطْعَمَكُمُ اللَّهُ مِنْ مَوَائِدِ الْجَنَّةِ، فَسَمِعَهُ عَلِيٌّ، فَأَمَرَ بِإِعْطَائِهِ، فَأَعْطَوْهُ الطَّعَامَ، وَمَكَثُوا يَوْمَيْنِ وَلَيْلَتَيْنِ (4) لَمْ يَذُوقُوا إِلَّا (5) الْمَاءَ الْقَرَاحَ.
فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَامَتْ فَاطِمَةُ إِلَى الصَّاعِ الثَّالِثِ، فَطَحَنَتْهُ وَخَبَزَتْهُ (6) ، وَصَلَّى عَلِيٌّ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ أَتَى الْمَنْزِلَ فَوُضِعَ الطَّعَامُ بَيْنَ يَدَيْهِ، إِذْ أَتَى أَسِيرٌ فَقَالَ: أَتَأْسِرُونَنَا (7) وَتُشَرِّدُونَنَا وَلَا تُطْعِمُونَنَا، أَطْعِمُونِي فَإِنِّي أَسِيرُ مُحَمَّدٍ أَطْعَمَكُمُ اللَّهُ مِنْ مَوَائِدِ الْجَنَّةِ. فَسَمِعَهُ عَلِيٌّ، فَأَمَرَ بِإِعْطَائِهِ، فَأَعْطَوْهُ الطَّعَامَ،
(1) 1) ك: فَاخْتَبَزَتْ.
(2)
2) ك: وَصَلَّى عَلِيٌّ عليه الصلاة والسلام مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَأَتَى الْمَنْزِلَ.
(3)
ن، س، ب: فَوَضَعُوا.
(4)
وَلَيْلَتَيْنِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ك) .
(5)
ك: لَمْ يَذُوقُوا شَيْئًا.
(6)
ك: وَاخْتَبَزَتْهُ.
(7)
ك: إِذْ أَتَاهُمْ أَسِيرٌ، فَوَقَفَ بِالْبَابِ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ، تَأْسِرُونَنَا.
وَمَكَثُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا (1) لَمْ يَذُوقُوا شَيْئًا إِلَّا الْمَاءَ الْقَرَاحَ.
فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ ; وَقَدْ وَفَّوْا نُذُورَهُمْ (2) ، أَخَذَ عَلِيٌّ الْحَسَنَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى (3) ، وَالْحُسَيْنَ بِيَدِهِ (4) الْيُسْرَى، وَأَقْبَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُمْ يَرْتَعِشُونَ كَالْفِرَاخِ مِنْ شِدَّةِ الْجُوعِ، فَلَمَّا بَصَرَهُمَا (5) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، مَا أَشَدَّ مَا يَسُوءُنِي (6) مَا أَرَى بِكُمْ، انْطَلِقْ بِنَا إِلَى مَنْزِلِ (7) ابْنَتِي فَاطِمَةَ، فَانْطَلَقُوا إِلَيْهَا، وَهِيَ فِي حُجْرَتِهَا (8) ، قَدْ (9) لَصَقَ بَطْنُهَا بِظَهْرِهَا (10) مِنْ شِدَّةِ الْجُوعِ، وَغَارَتْ عَيْنَاهَا، فَلَمَّا رَآهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: وَاغَوْثَاهُ، بِاللَّهِ (11) أَهْلُ بَيْتِ مُحَمَّدٍ يَمُوتُونَ جُوعًا! فَهَبَطَ جِبْرِيلُ (12) عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، خُذْ
(1) ك: وَلَيَالِيهَا.
(2)
ن، م، س: وَقَدْ فَانَدَهُمْ (وَهُوَ تَحْرِيفٌ)، ب: وَنَفَدَ مَا عِنْدَهُمْ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(3)
ن، س: أَخَذَ عَلِيٌّ بِيَدِ الْحَسَنِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، ب: أَخَذَ عَلِيٌّ يَدَ الْحَسَنِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، ك: أَخَذَ عَلِيٌّ عليه السلام الْحَسَنَ عليه السلام بِالْيَدِ الْيُمْنَى.
(4)
ك: بِالْيَدِ.
(5)
س: فَلَمَّا بَصَرَهُمَا، ب: فَلَمَّا أَبْصَرَهُمَا، ك: فَلَمَّا بَصَرَ بِهِ.
(6)
ب: يُسِيئُنِي، س: يُسِيئُونِي.
(7)
مَنْزِلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ك) .
(8)
ك: مِحْرَابِهَا.
(9)
ك: وَقَدْ.
(10)
) ك: ظَهْرُهَا بِبَطْنِهَا.
(11)
11) ن، س: يَا اللَّهُ، ب: يَا لَلَّهِ.
(12)
12) ك ص 260 م: جِبْرَئِيلُ عليه السلام.
مَا هَنَّأَكَ اللَّهُ فِي أَهْلِ بَيْتِكَ. فَقَالَ: " مَا آخُذُ يَا جِبْرِيلُ؟ فَأَقْرَأَهُ: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ} » (1)[سُورَةُ الْإِنْسَانِ: 1] .
وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى فَضَائِلَ جَمَّةٍ لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَيْهَا أَحَدٌ، وَلَا يَلْحَقْهُ أَحَدٌ، فَيَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ ".
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ النَّقْلِ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَمُجَرَّدُ رِوَايَةِ الثَّعْلَبِيِّ وَالْوَاحِدِيِّ وَأَمْثَالِهِمَا لَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صَحِيحٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ. وَلَوْ تَنَازَعَ اثْنَانِ فِي مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْأَحْكَامِ وَالْفَضَائِلِ، وَاحْتَجَّ أَحَدُهُمَا بِحَدِيثٍ (2) لَمْ يَذْكُرْ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ، إِلَّا رِوَايَةَ الْوَاحِدِ مِنْ هَؤُلَاءِ لَهُ فِي تَفْسِيرِهِ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى صِحَّتِهِ وَلَا حُجَّةً عَلَى مُنَازِعِهِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.
وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَادَتِهِمْ يَرْوُونَ مَا رَوَاهُ غَيْرُهُمْ، وَكَثِيرٌ (3) مِنْ ذَلِكَ لَا يَعْرِفُونَ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ ضَعِيفٌ، وَيَرْوُونَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ مَا يَعْلَمُ غَيْرُهُمْ أَنَّهُ بَاطِلٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ; لِأَنَّ وَصْفَهُمُ (4) النَّقْلَ لِمَا نُقِلَ أَوْ حِكَايَةَ أَقْوَالِ النَّاسِ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرٌ مِنْ هَذَا وَهَذَا - بَاطِلًا، وَرُبَّمَا تَكَلَّمُوا عَلَى صِحَّةِ بَعْضِ الْمَنْقُولَاتِ وَضَعْفِهَا، وَلَكِنْ لَا يَطَّرِدُونَ هَذَا وَلَا يَلْتَزِمُونَهُ.
الثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ الْكَذِبِ الْمَوْضُوعِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ، الَّذِي هُمْ أَئِمَّةُ هَذَا الشَّأْنِ وَحُكَّامُهُ. وَقَوْلُ هَؤُلَاءِ هُوَ الْمَنْقُولُ فِي
(1) حِينٌ: لَيْسَتْ فِي (ك)، وَفِي (م) : حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ.
(2)
م: بِالْحَدِيثِ.
(3)
ن، م، س: وَكَثِيرُونَ.
(4)
ب: وَظِيفَتَهُمْ.
هَذَا الْبَابِ، وَلِهَذَا لَمْ يُرْوَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ الَّتِي يُرْجَعُ إِلَيْهَا فِي النَّقْلِ (1) ، لَا فِي الصِّحَاحِ، وَلَا فِي الْمَسَانِدِ (2) ، وَلَا فِي الْجَوَامِعِ، وَلَا السُّنَنِ (3) ، وَلَا رَوَاهُ الْمُصَنِّفُونَ فِي الْفَضَائِلِ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ يَتَسَامَحُونَ فِي رِوَايَةِ أَحَادِيثَ ضَعِيفَةٍ، كَالنَّسَائِيِّ فَإِنَّهُ صَنَّفَ (4) خَصَائِصَ عَلِيٍّ، وَذَكَرَ فِيهَا (5) عِدَّةَ أَحَادِيثَ ضَعِيفَةٍ، وَلَمْ يَرْوِ (6) هَذَا وَأَمْثَالَهُ (7) .
وَكَذَلِكَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي " الْخَصَائِصِ "(8) ، وَخَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ (9) ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي " جَامِعِهِ " رَوَى أَحَادِيثَ كَثِيرَةً فِي فَضَائِلِ عَلِيٍّ، كَثِيرٌ مِنْهَا ضَعِيفٌ، وَلَمْ يَرْوِ مِثْلَ هَذَا لِظُهُورِ كَذِبِهِ.
وَأَصْحَابُ السِّيَرِ، كَابْنِ إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ، يَذْكُرُونَ مِنْ فَضَائِلِهِ أَشْيَاءَ ضَعِيفَةً، وَلَمْ يَذْكُرُوا مِثْلَ هَذَا، وَلَا رَوَوْا مَا قُلْنَا فِيهِ: إِنَّهُ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ النَّقْلِ، مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، الَّذِينَ يَنْقُلُونَهَا بِالْأَسَانِيدِ الْمَعْرُوفَةِ، كَتَفْسِيرِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ،
(1) لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ.
(2)
م: الْمَسَانِيدِ.
(3)
م: وَلَا الْجَوَامِعِ وَلَا السُّنَنِ، وَلَا فِي الْجَوَامِعِ وَلَا فِي السُّنَنِ.
(4)
صَنَّفَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س)، وَفِي (ب) : رَوَى.
(5)
م: لَهَا.
(6)
م: وَلَمْ يَرَوْا.
(7)
ذَكَرَ سِزْكِينُ (م [0 - 9] ج [0 - 9] ص [0 - 9] 30) هَذَا الْكِتَابَ وَنُسَخَهُ الْخَطِّيَّةَ، وَهُوَ مَطْبُوعٌ فِي الْقَاهِرَةِ سَنَةَ 1308.
(8)
م: فِي الْفَضَائِلِ: وَأَبُو نُعَيْمٍ هُوَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَصْبَهَانِيُّ " أَبُو نُعَيْمٍ " حَافِظٌ مُؤَرِّخٌ وُلِدَ بِأَصْبَهَانَ سَنَةَ 326 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 430 لَهُ حِلْيَةُ الْأَوْلِيَاءِ وَطَبَقَاتُ الْأَصْفِيَاءِ، وَدَلَائِلُ النُّبُوَّةِ وَطَبَقَاتُ الْمُحَدِّثِينَ وَالرُّوَاةِ، انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: وَفِيَّاتِ الْأَعْيَانِ 1، مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ 1/111، لِسَانِ الْمِيزَانِ 1/201، طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ 4/18 - 25، الْأَعْلَامِ 1/150.
(9)
ن، س: وَحَثْمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ب: وَابْنُ أَبِي حَثْمَةَ أَبُو بَكْرِ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَهُوَ أَبُو الْحَسَنِ خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَيْدَرَةَ الْقُرَشِيُّ الطَّرَابُلُسِيُّ، وُلِدَ سَنَةَ 250 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 343، وَكَانَ مِنْ حُفَّاظِ الْحَدِيثِ وَلَهُ كِتَابٌ كَبِيرٌ فِي " فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ " وَآخَرُ فِي " فَضَائِلِ الصِّدِّيقِ " ذَكَرَ سِزْكِينُ أَنَّ مِنْهُمَا نُسْخَةً خَطِّيَّةً فِي الظَّاهِرِيَّةِ، انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 2/365، لِسَانِ الْمِيزَانِ 2/411 - 412، الْأَعْلَامِ 2/374، مُعْجَمِ الْمُؤَلِّفِينَ 4/131 سِزْكِينَ م [0 - 9] ج 1 ص 368، 369.
وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ وَتَفْسِيرِ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ وَابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ الطُّوسِيِّ، وَابْنِ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْذِرِ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْأَكَابِرِ، الَّذِينَ لَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ (1) لِسَانُ صِدْقٍ، وَتَفَاسِيرُهُمْ مُتَضَمِّنَةٌ لِلْمَنْقُولَاتِ الَّتِي يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا فِي التَّفْسِيرِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ الدَّلَائِلَ عَلَى كَذِبِ هَذَا كَثِيرَةٌ. مِنْهَا: أَنَّ عَلِيًّا إِنَّمَا تَزَوَّجَ فَاطِمَةَ بِالْمَدِينَةِ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا إِلَّا بَعْدَ غَزْوَةِ بَدْرٍ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ. وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وُلِدَا بَعْدَ ذَلِكَ، سَنَةَ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ، وَالنَّاسُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَتَزَوَّجْ فَاطِمَةَ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ وَلَمْ يُولَدْ لَهُ وَلَدٌ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ. وَهَذَا مِنَ الْعِلْمِ الْعَامِّ الْمُتَوَاتِرِ، الَّذِي يَعْرِفُهُ [كَلُّ](2) مَنْ عِنْدَهُ طَرَفٌ مِنَ الْعِلْمِ (3) بِمِثْلِ هَذِهِ الْأُمُورِ.
وَسُورَةُ " هَلْ أَتَى " مَكِّيَّةٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَالنَّقْلِ، لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ: إِنَّهَا مَدَنِيَّةٌ. وَهِيَ عَلَى طَرِيقَةِ السُّوَرِ الْمَكِّيَّةِ فِي تَقْرِيرِ أُصُولِ الدِّينِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ، كَالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَذِكْرِ الْخَلْقِ وَالْبَعْثِ. وَلِهَذَا [قِيلَ:] (4) إِنَّهُ كَانَ النَّبِيُّ (5) صلى الله عليه وسلم يَقْرَؤُهَا مَعَ: (ألم تَنْزِيلُ)(6)
(1) م: فِي الْأُمَّةِ.
(2)
كُلُّ: زِيَادَةٌ فِي (م) .
(3)
س، ب: طَرَفٌ مِنْ عِلْمٍ.
(4)
قِيلَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب) .
(5)
النَّبِيُّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(6)
وَهِيَ سُورَةُ السَّجْدَةِ.
فِي فَجْرِ يَوْمِ الْجُمْعَةِ ; لِأَنَّ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ.
وَهَاتَانِ السُّورَتَانِ مُتَضَمِّنَتَانِ لِابْتِدَاءِ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَخَلْقِ الْإِنْسَانِ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ فَرِيقٌ الْجَنَّةَ وَفَرِيقٌ النَّارَ. وَإِذَا كَانَتِ السُّورَةُ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلِيٌّ بِفَاطِمَةَ، تَبَيَّنَ أَنَّ نَقْلَ (1) أَنَّهَا نَزَلَتْ بَعْدَ مَرَضِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ مِنَ الْكَذِبِ وَالْمَيْنِ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ سِيَاقَ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَلْفَاظَهُ مِنْ وَضْعِ جُهَّالِ الْكَذَّابِينَ. فَمِنْهُ قَوْلُهُ: " فَعَادَهُمَا جَدُّهُمَا وَعَامَّةُ الْعَرَبِ " فَإِنَّ عَامَّةَ (2) الْعَرَبِ لَمْ يَكُونُوا بِالْمَدِينَةِ، وَالْعَرَبُ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَأْتُونَهُمَا يَعُودُونَهُمَا.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ: " فَقَالُوا (3) : يَا أَبَا الْحَسَنِ، لَوْ نَذَرْتَ عَلَى وَلَدَيْكَ ". وَعَلِيٌّ لَا يَأْخُذُ الدِّينَ مِنْ أُولَئِكَ الْعَرَبِ، بَلْ يَأْخُذُهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنْ كَانَ هَذَا أَمْرًا بِطَاعَةٍ فَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَقُّ أَنْ يَأْمُرَهُ بِهِ مِنْ أُولَئِكَ الْعَرَبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَاعَةً لَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ يَفْعَلُ مَا يَأْمُرُونَ بِهِ. ثُمَّ كَيْفَ يُقْبَلُ مِنْهُمْ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مُرَاجَعَةٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ؟ !
الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ «نَهَى عَنِ النَّذْرِ، وَقَالَ: إِنَّهُ (4) لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ» (5) ".
(1) ن، م: أَنَّ مَنْ نَقَلَ.
(2)
ن: وَعَامَّةُ. وَسَقَطَتْ عِبَارَةُ " فَإِنَّ عَامَّةَ الْعَرَبِ " مِنْ (م) ، (س) .
(3)
ن، س: فَقَالَ.
(4)
إِنَّهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(5)
الْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه فِي الْبُخَارِيِّ 8/124 - 125 (كِتَابُ الْقَدَرِ بَابُ إِلْقَاءِ الْعَبْدِ النَّذْرَ إِلَى الْقَدَرِ)، وَنَصُّهُ فِيهِ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ النَّذْرِ، قَالَ:((إِنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ)) مُسْلِمٍ 3/1260 - 1261 (كِتَابُ النَّذْرِ، بَابُ النَّهْيِ عَنِ النَّذْرِ، وَأَنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا) وَجَاءَتْ بِهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ (الْأَحَادِيثُ رَقْمَ 2، 3، 4) مِنْهَا الرِّوَايَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ تَيْمِيَّةَ، وَالْحَدِيثُ أَيْضًا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ وَمُسْنَدِ أَحْمَدَ، وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ عَنْهُ الْأَلْبَانِيُّ فِي " إِرْوَاءِ الْغَلِيلِ " 8/208 - 209 رَقْمَ 2585.
وَفِي طَرِيقٍ آخَرَ: «إِنَّ النَّذْرَ يَرُدُّ ابْنَ آدَمَ إِلَى الْقَدَرِ * فَيُعْطَى عَلَى النَّذْرِ مَا لَا يُعْطَى غَيْرُهُ» (1) . وَإِذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنِ النَّذْرِ وَيَقُولُ: إِنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ وَإِنَّمَا يَرُدُّ ابْنَ آدَمَ إِلَى الْقَدَرِ * (2) .
فَإِنْ كَانَ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَسَائِرُ أَهْلِهِمَا (3) لَمْ يَعْلَمُوا مِثْلَ هَذَا، وَعَلِمَهُ عُمُومُ الْأُمَّةِ، فَهَذَا قَدْحٌ فِي عِلْمِهِمْ، فَأَيْنَ الْمُدَّعِي لِلْعِصْمَةِ؟
وَإِنْ كَانُوا (4) عَلِمُوا ذَلِكَ، وَفَعَلُوا مَا لَا طَاعَةَ فِيهِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَلَا فَائِدَةَ لَهُمَا فِيهِ، بَلْ قَدْ نَهَيَا عَنْهُ: إِمَّا نَهْيَ تَحْرِيمٍ، وَإِمَّا نَهْيَ تَنْزِيلٍ - كَانَ هَذَا قَدْحًا إِمَّا (5) فِي دِينِهِمْ (6) وَإِمَّا فِي عَقْلِهِمْ وَعِلْمِهِمْ.
فَهَذَا الَّذِي يَرْوِي مِثْلَ هَذَا فِي فَضَائِلِهِمْ جَاهِلٌ، يَقْدَحُ فِيهِمْ مِنْ حَيْثُ يَمْدَحُهُمْ، وَيُخْفِضُهُمْ مِنْ حَيْثُ يَرْفَعُهُمْ، وَيَذُمُّهُمْ مِنْ حَيْثُ يَحْمَدُهُمْ.
وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْبَيْتِ لِلرَّافِضَةِ مَا مَعْنَاهُ: إِنَّ مَحَبَّتَكُمْ لَنَا صَارَتْ مَعَرَّةً عَلَيْنَا. وَفِي الْمَثَلِ السَّائِرِ (7)" عَدُوٌّ عَاقِلٌ خَيْرٌ مِنْ صَدِيقٍ جَاهِلٍ "
(1) لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثِ.
(2)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ فِي (م) فَقَطْ، وَسَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (س) وَ (ب) .
(3)
ب: وَأَهْلِهِمَا.
(4)
ن، م: وَإِنْ (بِدُونِ كَانُوا) .
(5)
إِمَّا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (س) .
(6)
س: فِي دِينِهِمَا.
(7)
السَّائِرِ: زِيَادَةٌ فِي (ن) .
وَاللَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا مَدَحَ عَلَى الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ، لَا عَلَى نَفْسِ عَقْدِ النَّذْرِ، وَالرَّجُلُ يُنْهَى عَنِ الظِّهَارِ، وَإِنْ ظَاهَرَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ لِلظِّهَارِ، وَإِذَا عَاوَدَ مُدِحَ (1) عَلَى فِعْلِ * الْوَاجِبِ، وَهُوَ التَّكْفِيرُ، لَا عَلَى نَفْسِ الظِّهَارِ الْمُحَرَّمِ. وَكَذَلِكَ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَفَارَقَهَا بِالْمَعْرُوفِ، مُدِحَ عَلَى فِعْلِ مَا أَوْجَبَهُ الطَّلَاقُ، لَا نَفْسِ الطَّلَاقِ الْمَكْرُوهِ. وَكَذَلِكَ مَنْ بَاعَ أَوِ اشْتَرَى فَأَعْطَى مَا عَلَيْهِ، مُدِحَ عَلَى فِعْلِ * (2) مَا أَوْجَبَهُ الْعَقْدُ، لَا عَلَى نَفْسِ الْعَقْدِ الْمُوجِبِ. وَنَظَائِرُ هَذَا كَثِيرَةٌ.
الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا جَارِيَةٌ اسْمُهَا فِضَّةٌ، بَلْ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ أَقَارِبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَلَا نَعْرِفُ أَنَّهُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ جَارِيَةٌ اسْمُهَا فِضَّةٌ، وَلَا ذَكَرَ ذَلِكَ [أَحَدٌ مِنْ](3) أَهْلِ الْعِلْمِ، الَّذِينَ ذَكَرُوا أَحْوَالَهُمْ: دَقَّهَا وَجُلَّهَا. وَلَكِنْ فِضَّةٌ هَذِهِ بِمَنْزِلَةِ ابْنِ عَقِبِ الَّذِي يُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ مُعَلِّمَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، وَأَنَّهُ أُعْطِيَ تُفَّاحَةً كَانَ فِيهَا عِلْمُ الْحَوَادِثِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْأَكَاذِيبِ الَّتِي تَرُوجُ (4) عَلَى الْجُهَّالِ. وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُمَا (5) لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مُعَلِّمٌ، وَلَمْ يَكُنْ (6) فِي الصَّحَابَةِ أَحَدٌ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ عَقِبٍ.
وَهَذِهِ الْمَلَاحِمُ الْمَنْظُومَةُ (7) الْمَنْسُوبَةُ إِلَى ابْنِ عَقِبٍ، هِيَ مِنْ نَظْمِ بَعْضِ
(1) ن، م: وَإِذَا عَادَ وَمُدِحَ، س: وَإِذَا عَاوَدَ وَمُدِحَ.
(2)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م)
(3)
أَحَدٌ مِنْ: فِي (م) فَقَطْ.
(4)
س، ب: تَجُوزُ.
(5)
ن، م: أَنَّهُ.
(6)
ن، م: وَلَا كَانَ.
(7)
الْمَنْظُومَةُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
مُتَأَخِّرِي الْجُهَّالِ [الرَّافِضَةِ](1) ، الَّذِينَ كَانُوا زَمَنَ نُورِ الدِّينِ وَصَلَاحِ الدِّينِ، لَمَّا كَانَ كَثِيرٌ مِنَ الشَّامِ بِأَيْدِي النَّصَارَى، وَمِصْرُ بِأَيْدِي الْقَرَامِطَةِ الْمَلَاحِدَةِ بَقَايَا بَنِي عُبَيْدٍ، فَذُكِرَ مِنَ الْمَلَاحِمِ مَا يُنَاسِبُ تِلْكَ الْأُمُورَ بِنَظْمٍ جَاهِلٍ عَامِّيٍّ.
وَهَكَذَا هَذِهِ الْجَارِيَةُ فِضَّةٌ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَلِيٍّ «أَنَّ فَاطِمَةَ سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَادِمًا، فَعَلَّمَهَا أَنْ تُسَبِّحَ عِنْدَ الْمَنَامِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتُكَبِّرَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَتَحْمَدَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ. وَقَالَ: " هَذَا خَيْرٌ لَكِ مِنْ خَادِمٍ " قَالَ عَلِيٌّ: فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قِيلَ لَهُ: وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ؟ قَالَ: وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ» ". وَهَذَا خَبَرٌ صَحِيحٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ (2) ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يُعْطِهَا خَادِمًا. فَإِنْ كَانَ بَعْدَ (3) ذَلِكَ حَصَلَ خَادِمٌ (4) فَهُوَ مُمْكِنٌ، لَكِنْ [لَمْ يَكُنْ](5) اسْمُ خَادِمِهَا فِضَّةً بِلَا رَيْبٍ.
الْوَجْهُ السَّابِعُ: أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ بَعْضِ الْأَنْصَارِ أَنَّهُ آثَرَ
(1) الرَّافِضَةِ فِي (م) فَقَطْ.
(2)
الْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ يَسِيرٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فِي الْبُخَارِيِّ 5/19 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ. . . بَابُ مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ) 3/65 (كِتَابُ النَّفَقَاتِ، بَابُ خَادِمِ الْمَرْأَةِ) ، مُسْلِمٍ 4/2091 - 2092 (كِتَابُ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ. . .، بَابُ التَّسْبِيحِ أَوَّلَ النَّهَارِ وَعِنْدَ النَّوْمِ) ، سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/430 (كِتَابُ الْأَدَبِ، بَابٌ فِي التَّسْبِيحِ عِنْدَ النَّوْمِ) ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/142 (كِتَابُ الدَّعَوَاتِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ عِنْدَ النَّوْمِ) .
(3)
بَعْدَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(4)
س، ب: خَادِمًا
(5)
لَمْ يَكُنْ فِي (ب) فَقَطْ.
ضَيْفَهُ بِعَشَائِهِمْ، وَنَوَّمَ الصِّبْيَةَ، وَبَاتَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ طَاوِيَيْنِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [سُورَةُ الْحَشْرِ: 9](1) .
وَهَذَا الْمَدْحُ أَعْظَمُ مِنَ الْمَدْحِ بِقَوْلِهِ: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا} [سُورَةُ الْإِنْسَانِ: 8]، فَإِنَّ هَذَا كَقَوْلِهِ:{وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 177] .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ سُئِلَ: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: " أَنْ تَصَدَّقَ (2) وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ، تَأْمُلُ الْبَقَاءَ، وَتَخَافُ الْفَقْرَ، وَلَا تُمْهِلُ، حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ، قُلْتَ: لِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ» (3) ..
وَقَالَ تَعَالَى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 92] . فَالتَّصَدُّقُ بِمَا يُحِبُّهُ الْإِنْسَانُ جِنْسٌ تَحْتَهُ أَنْوَاعٌ كَثِيرَةٌ. وَأَمَّا الْإِيثَارُ (4) مَعَ الْخَصَاصَةِ فَهُوَ أَكْمَلُ مِنْ مُجَرَّدِ التَّصَدُّقِ مَعَ الْمَحَبَّةِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مُتَصَدِّقٍ مُحِبًّا مُؤْثِرًا، وَلَا كُلُّ مُتَصَدِّقٍ يَكُونُ بِهِ خَصَاصَةٌ، بَلْ قَدْ يَتَصَدَّقُ بِمَا يُحِبُّ، مَعَ اكْتِفَائِهِ بِبَعْضِهِ، مَعَ مَحَبَّةٍ لَا تَبْلُغُ بِهِ الْخَصَاصَةَ.
(1) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي هَذَا الْجُزْءِ قَبْلَ صَفَحَاتٍ (ص 166
(2)
س: أَنْ تَصَدَّقْتَ.
(3)
الْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ -، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي مُسْلِمٍ 2/716 (كِتَابُ الزَّكَاةِ، بَابُ بَيَانِ أَنَّ أَفْضَلَ الصَّدَقَةِ صَدَقَةُ الصَّحِيحِ الشَّحِيحِ) ، سُنَنِ النَّسَائِيِّ 5/51 (كِتَابُ الزَّكَاةِ بَابُ " أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ ") 6/198 (كِتَابُ الْوَصَايَا، الْكَرَاهِيَةُ فِي تَأْخِيرِ الْوَصِيَّةِ) ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/903 (كِتَابُ الْوَصَايَا، بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْإِمْسَاكِ فِي الْحَيَاةِ وَالتَّبْذِيرِ عِنْدَ الْمَوْتِ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) الْأَرْقَامِ 7159، 7401، 9367، 9767.
(4)
م: وَأَمَّا الْإِنْفَاقُ.
فَإِذَا كَانَ اللَّهُ مَدَحَ الْأَنْصَارَ بِإِيثَارِ الضَّيْفِ لَيْلَةً بِهَذَا الْمَدْحِ، وَالْإِيثَارُ الْمَذْكُورُ فِي قِصَّةِ أَهْلِ الْبَيْتِ هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَدْحُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ، إِنْ كَانَ هَذَا مِمَّا يُمْدَحُ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُمْدَحُ عَلَيْهِ، فَلَا يَدْخُلُ فِي الْمَنَاقِبِ.
الثَّامِنُ: أَنَّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مَا لَا يَنْبَغِي نِسْبَتُهُ إِلَى عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ رضي الله عنهما ; فَإِنَّهُ خِلَافُ الْمَأْمُورِ بِهِ الْمَشْرُوعِ، وَهُوَ إِبْقَاءُ الْأَطْفَالِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ جِيَاعًا، وَوِصَالُهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. وَمِثْلُ هَذَا الْجُوعِ قَدْ يُفْسِدُ الْعَقْلَ وَالْبَدَنَ وَالدِّينَ.
وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ قِصَّةِ الْأَنْصَارِي ; فَإِنَّ ذَلِكَ (1) بَيَّتَهُمْ لَيْلَةً وَاحِدَةً بِلَا عَشَاءٍ، وَهَذَا قَدْ يَحْتَمِلُهُ الصِّبْيَانُ، بِخِلَافِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا.
التَّاسِعُ: أَنَّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ الْيَتِيمَ قَالَ: " اسْتُشْهِدَ وَالِدِي يَوْمَ الْعَقَبَةِ " وَهَذَا مِنَ الْكَذِبِ الظَّاهِرِ، فَإِنَّ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ لَمْ يَكُنْ فِيهَا قِتَالٌ، وَلَكِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَايَعَ الْأَنْصَارَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَقَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ بِالْقِتَالِ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ، مَعَ أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ مِنْ كَذِبِ أَجْهَلِ النَّاسِ بِأَحْوَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَلَوْ قَالَ:" اسْتُشْهِدَ وَالِدِي يَوْمَ أُحُدٍ " لَكَانَ أَقْرَبَ.
الْعَاشِرُ: أَنْ يُقَالَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَكْفِي أَوْلَادَ مَنْ قُتِلَ مَعَهُ. وَلِهَذَا قَالَ لِفَاطِمَةَ لَمَّا سَأَلَتْهُ خَادِمًا: " لَا أَدَعُ يَتَامَى بَدْرٍ وَأُعْطِيكِ ".
(1) ن، م: ذَاكَ.
فَقَوْلُ الْقَائِلِ: إِنَّهُ كَانَ مِنْ يَتَامَى الْمُجَاهِدِينَ الشُّهَدَاءِ مَنْ لَا يَكْفِيهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، كَذِبٌ عَلَيْهِ وَقَدْحٌ فِيهِ.
الْحَادِيَ عَشَرَ: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَدِينَةِ قَطُّ أَسِيرٌ يَسْأَلُ النَّاسَ، بَلْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَقُومُونَ بِالْأَسِيرِ الَّذِي يَسْتَأْسِرُونَهُ. فَدَعْوَى الْمُدِّعِي أَنَّ أَسْرَاهُمْ كَانُوا مُحْتَاجِينَ إِلَى مَسْأَلَةِ النَّاسِ كَذِبٌ عَلَيْهِمْ وَقَدْحٌ فِيهِمْ. وَالْأُسَرَاءُ الْكَثِيرُونَ [إِنَّمَا](1) كَانُوا يَوْمَ بَدْرٍ، قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلِيٌّ بِفَاطِمَةَ رضي الله عنها وَبَعْدَ ذَلِكَ فَالْأَسْرَى فِي غَايَةِ الْقِلَّةِ.
الثَّانِيَ عَشَرَ: أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ صَحِيحَةً، وَهِيَ مِنَ الْفَضَائِلِ، لَمْ تَسْتَلْزِمْ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهَا أَفْضَلَ النَّاسِ، وَلَا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْإِمَامَ دُونَ غَيْرِهِ. فَقَدْ كَانَ جَعْفَرٌ أَكْثَرَ إِطْعَامًا لِلْمَسَاكِينِ مِنْ غَيْرِهِ، حَتَّى قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي» . (2)، 5 - 29 وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ: مَا احْتَذَى النِّعَالَ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَحَدٌ أَفْضَلُ مِنْ جَعْفَرٍ، يَعْنِي فِي الْإِحْسَانِ إِلَى الْمَسَاكِينِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْفَضَائِلِ. فَلَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ (3) أَفْضَلَ مِنْ عَلِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحِقًّا لِلْإِمَامَةِ.
الثَّالِثَ عَشَرَ: أَنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ إِنْفَاقَ الصِّدِّيقِ أَمْوَالَهُ أَعْظَمُ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَإِنَّ إِطْعَامَ الْجَائِعِ (4) مِنْ جِنْسِ الصَّدَقَةِ الْمُطْلَقَةِ، الَّتِي يُمْكِنُ كُلُّ وَاحِدٍ فِعْلَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، بَلْ وَكُلُّ أُمَّةٍ يُطْعِمُونَ جِيَاعَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللَّهِ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ الْمُؤْمِنِينَ،
(1) إِنَّمَا فِي (م) فَقَطْ.
(2)
هَذَا جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ سَبَقَ فِيمَا مَضَى 4
(3)
ن، ب: وَلَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ، س: وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ.
(4)
ن، م: الْجِيَاعِ.