الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ كَانَ أَكْمَلَ فِي هَذَا الْوَصْفِ كَانَ أَكْرَمَ عِنْدَ اللَّهِ فَيَكُونُ (1) أَحَبَّ إِلَيْهِ فَقَدْ ثَبَتَ بِالدَّلَائِلِ الْكَثِيرَةِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ هُوَ أَكْرَمُ الصَّحَابَةِ فِي الصِّدِّيقِيَّةِ، وَأَفْضَلُ الْخَلْقِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ الصِّدِّيقُونَ، وَمَنْ كَانَ أَكْمَلَ فِي ذَلِكَ كَانَ أَفْضَلَ.
وَأَيْضًا فَقَدْ ثَبَتَ فِي النَّقْلِ الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: " خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ " وَاسْتَفَاضَ ذَلِكَ، وَتَوَاتَرَ عَنْهُ (2) ، وَتَوَعَّدَ بِجَلْدِ الْمُفْتَرِي مَنْ يُفَضِّلُهُ عَلَيْهِ (3) ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (4) ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ عَلِيًّا لَا يَقْطَعُ بِذَلِكَ إِلَّا عَنْ عِلْمٍ.
وَأَيْضًا، فَإِنَّ الصَّحَابَةَ أَجْمَعُوا عَلَى تَقْدِيمِ عُثْمَانَ الَّذِي عُمَرُ أَفْضَلُ مِنْهُ (5) ، وَأَبُو بَكْرٍ أَفْضَلُ مِنْهُمَا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْسُوطَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ، وَلَكِنْ ذُكِرَ هَذَا (6) لِنُبَيِّنَ (7) أَنَّ حَدِيثَ الطَّيْرِ مِنَ الْمَوْضُوعَاتِ.
[التاسع مَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ أَمَرَ الصَّحَابَةَ بِأَنْ يُسَلِّمُوا عَلَى عَلِيٍّ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ]
فَصْلٌ.
قَالَ الرَّافِضِيُّ (8) : " التَّاسِعُ: مَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ «أَنَّهُ أَمَرَ الصَّحَابَةَ (9)
(1) ن، م، س: لِيَكُونَ
(2)
سَبَقَ هَذَا الْأَثَرُ فِيمَا مَضَى 1/12، 2/72
(3)
سَبَقَ هَذَا الْأَثَرُ فِيمَا مَضَى 1/308
(4)
لَمْ أَعْرِفْ مَكَانَ هَذَا الْحَدِيثِ
(5)
س: عَلَى أَنَّ تَقْدِيمَ عُثْمَانَ أَفْضَلُ مِنْهُ ; ب: عَلَى أَنَّ عُثْمَانَ أَفْضَلُ مِنْهُ
(6)
ب: هُنَا
(7)
س، ب: لِيُبَيِّنَ
(8)
فِي (ك) ص 171 (م) ـ 172 (م)
(9)
ك: الْجُمْهُورُ مِنْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَآلِهِ أَمَرَ أَصْحَابَهُ. . .
بِأَنْ يُسَلِّمُوا عَلَى عَلِيٍّ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَالَ: إِنَّهُ (1) سَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ (2) ، وَإِمَامُ الْمُتَّقِينَ، وَقَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، وَقَالَ: هَذَا وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي (3)، وَقَالَ فِي حَقِّهِ: إِنَّ عَلِيًّا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ (4) وَمُؤْمِنَةٍ» فَيَكُونُ عَلِيٌّ وَحْدَهُ هُوَ الْإِمَامَ لِذَلِكَ، وَهَذِهِ نُصُوصٌ فِي الْبَابِ (5) ".
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِإِسْنَادِهِ وَبَيَانِ صِحَّتِهِ، وَهُوَ لَمْ يَعْزُهُ إِلَى كِتَابٍ عَلَى عَادَتِهِ، فَأَمَّا قَوْلُهُ:" رَوَاهُ الْجُمْهُورُ " فَكَذِبٌ، فَلَيْسَ هَذَا فِي كُتُبِ الْأَحَادِيثِ (6) الْمَعْرُوفَةِ لَا الصِّحَاحِ، وَلَا الْمَسَانِدِ، وَلَا السُّنَنِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ رَوَاهُ بَعْضُ حَاطِبِي اللَّيْلِ، كَمَا يَرْوِي أَمْثَالُهُ، فَعِلْمُ مِثْلِ هَذَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ يَجِبُ اتِّبَاعُهَا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ.
وَاللَّهُ تَعَالَى قَدْ حَرَّمَ عَلَيْنَا الْكَذِبَ، وَأَنْ نَقُولَ عَلَيْهِ مَا لَا نَعْلَمُ، وَقَدْ تَوَاتَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:" «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» "(7) .
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ هَذَا كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ،
(1) ن، س، ب: بِأَنَّهُ
(2)
ن، س، ب: الْمُرْسَلِينَ: وَالْمُثْبَتُ مِنْ (م) ، (ك)
(3)
ك: كُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ بَعْدِي
(4)
ك: وَهُوَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ
(5)
ك: فَيَكُونُ عَلِيٌّ عليه السلام بَعْدَهُ كَذَلِكَ. وَهَذَا نَصٌّ فِي الْبَابِ
(6)
م: الْحَدِيثِ. س: عَنْ شَيْءٍ إِنْ لَمْ يَحْضُرْ ; ب: عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَحْضُرْ
(7)
الْحَدِيثُ عَنْ عَدَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمُ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ مِنَ الْبُخَارِيِّ مِنْهَا: 1/33 (كِتَابُ الْعِلْمِ، بَابُ إِثْمِ مَنْ كَذَبَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ; مُسْلِمٌ 4/2298 ـ 2299 (كِتَابُ الزُّهْدِ، بَابُ التَّثْبِيتِ فِي الْحَدِيثِ وَحُكْمِ كِتَابَةِ الْعِلْمِ) ، وَالْحَدِيثُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيِّ، وَهُوَ فِي الْمُسْنَدِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا (ط. الْمَعَارِفِ) الْأَرْقَامُ 6486، 9888، 7006 وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِهِ " الْمَوْضُوعَاتِ " عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ:" قَدْ رَوَاهُ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَدٌ وَسِتُّونَ نَفْسًا وَأَنَا أَذْكُرُهُ عَنْهُمْ. قَالَ الشَّيْخُ: شَاهَدْتُهُ فَذَكَرَهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ النُّسْخَةِ عَنْ ثَمَانِيَةٍ وَتِسْعِينَ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَمِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه "
وَكُلُّ مَنْ لَهُ أَدْنَى مَعْرِفَةٍ بِالْحَدِيثِ (1) يَعْلَمُ أَنَّ هَذَا كَذِبٌ مَوْضُوعٌ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ فِي كِتَابٍ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ لَا الصِّحَاحِ، وَلَا السُّنَنِ، وَلَا الْمَسَانِدِ (2) الْمَقْبُولَةِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَجُوزُ نِسْبَتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ قَائِلَ (3) هَذَا كَاذِبٌ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (4) مُنَزَّهٌ عَنِ الْكَذِبِ، وَذَلِكَ أَنَّ سَيِّدَ الْمُسْلِمِينَ (5) ، وَإِمَامَ الْمُتَّقِينَ، وَقَائِدَ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ.
فَإِنْ قِيلَ: عَلِيٌّ هُوَ سَيِّدُهُمُ بَعْدَهُ.
قِيلَ: لَيْسَ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا (التَّأْوِيلِ)(6) ، بَلْ هُوَ مُنَاقِضٌ لِهَذَا ; لِأَنَّهُ أَفْضَلُ الْمُسْلِمِينَ الْمُتَّقِينَ الْمُحَجَّلِينَ هُمُ الْقَرْنُ الْأَوَّلُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَيِّدٌ وَلَا إِمَامٌ
(1) لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ
(2)
م: وَلَا السُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ
(3)
سَاقِطٌ مِنْ (م)
(4)
سَاقِطٌ مِنْ (م)
(5)
ن، س، ب: الْمُرْسَلِينَ
(6)
التَّأْوِيلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن)(س) ، (ب)
وَلَا قَائِدٌ غَيْرُهُ، فَكَيْفَ يُخْبَرُ عَنْ شَيْءٍ بَعْدُ إِنْ لَمْ يَحْضُرْ (1) ، وَيُتْرَكُ الْخَبَرُ عَمَّا هُوَ أَحْوَجُ إِلَيْهِ، وَهُوَ حُكْمُهُمْ فِي الْحَالِ؟
ثُمَّ الْقَائِدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَنْ (2) يَقُودُ عَلِيٌّ؟
وَأَيْضًا فَعِنْدَ الشِّيعَةِ جُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ الْمُحَجَّلِينَ كُفَّارٌ أَوْ فُسَّاقٌ، فَلِمَنْ يَقُودُ؟
وَفِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: " «وَدِدْتُ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ إِخْوَانِي "، قَالُوا: أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " أَنْتُمْ أَصْحَابِي، وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ (3) يَأْتُوا بَعْدُ ".
قَالُوا: كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: " أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلَا يَعْرِفَ خَيْلَهُ؟ " قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: " فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ» " الْحَدِيثَ (4) .
فَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَوَضَّأَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، فَإِنَّهُ مِنَ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، وَهَؤُلَاءِ جَمَاهِيرُهُمْ إِنَّمَا يُقَدِّمُونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَالرَّافِضَةُ لَا تَغْسِلُ بُطُونَ أَقْدَامِهَا، وَلَا أَعْقَابَهَا فَلَا يَكُونُونَ مِنَ الْمُحَجَّلِينَ * فِي الْأَرْجُلِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ مِنَ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ يَقُودُهُمْ، وَلَا يُقَادُونَ
(1) س: عَنْ شَيْءٍ إِنْ لَمْ يَحْضُرْ، ب: عَنْ شَيْءِ لَمْ يَحْضُرْ
(2)
م: فَلِمَنْ ; س: فِيمَنْ
(3)
لَمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م)
(4)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 7/77
مَعَ الْغَرِّ الْمُحَجَّلِينَ * (1) ؛ فَإِنَّ الْحَجَلَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا (2) فِي ظَهْرِ الْقَدَمِ، وَإِنَّمَا الْحَجَلَةُ فِي الرِّجْلِ كَالْحَجَلَةِ فِي الْيَدِ (3) .
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: " «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ، وَبُطُونِ الْأَقْدَامِ مِنَ النَّارِ» "(4) .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْفَرَسَ لَوْ لَمْ يَكُنِ الْبَيَاضُ إِلَّا لَمْعَةً فِي يَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ لَمْ يَكُنْ مُحَجَّلًا، وَإِنَّمَا الْحَجَلَةُ بَيَاضُ الْيَدِ أَوِ الرِّجْلِ، فَمَنْ لَمْ يَغْسِلِ الرِّجْلَيْنِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُحَجَّلِينَ، فَيَكُونُ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ بَرِيئًا مِنْهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ.
ثُمَّ كَوْنُ عَلِيٍّ سَيِّدَهُمْ وَإِمَامَهُمْ وَقَائِدَهُمْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّهُ كَذِبٌ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقُلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، بَلْ كَانَ يُفَضِّلُ عَلَيْهِ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ تَفْضِيلًا بَيِّنًا ظَاهِرًا، عَرَفَهُ الْخَاصَّةُ وَالْعَامَّةُ (5) ، حَتَّى أَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَعْرِفُونَ (مِنْهُ)(6) ذَلِكَ.
وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ «قَالَ أَبُو سُفْيَانَ، وَكَانَ حِينَئِذٍ أَمِيرَ الْمُشْرِكِينَ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ ثَلَاثًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
(1) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م)
(2)
إِلَّا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب
(3)
فِي " اللِّسَانِ "" وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ الْخَيْلِ: الْأَقْرَحُ الْمُحَجَّلُ، قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: هُوَ الَّذِي يَرْتَفِعُ الْبَيَاضُ فِي قَوَائِمِهِ فِي مَوَاضِعِ الْقَيْدِ، وَيُجَاوِزُ الْأَرْسَاغَ، وَلَا يُجَاوِزُ الرُّكْبَتَيْنِ لِأَنَّهَا مَوَاضِعُ الْأَحْجَالِ، وَهِيَ الْخَلَاخِيلُ وَالْقُيُودُ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: أُمَّتِي الْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ، أَيْ بِيْضُ مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنَ الْأَيْدِي وَالْوَجْهِ وَالْأَقْدَامِ، اسْتَعَارَ أَثَرَ الْوُضُوءِ فِي الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لِلْإِنْسَانِ مِنَ الْبَيَاضِ الَّذِي يَكُونُ فِي وَجْهِ الْفَرَسِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ "
(4)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/171
(5)
م: الْخَاصُّ وَالْعَامُّ
(6)
مِنْهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م)
وَسَلَّمَ: " لَا تُجِيبُوهُ "، فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ ثَلَاثًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" لَا تُجِيبُوهُ "، فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ ثَلَاثًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" لَا تُجِيبُوهُ "، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِأَصْحَابِهِ: أَمَّا هَؤُلَاءِ فَقَدْ كُفِيتُمُوهُمْ فَلَمْ يَمْلِكْ عُمَرُ نَفْسَهُ أَنْ قَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ عَدَّدَتْ لَأَحْيَاءٌ، وَقَدْ بَقِيَ لَكَ مَا يَسُوءُكَ،» وَقَدْ ذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ (1) .
فَهَذَا مُقَدَّمُ الْكُفَّارِ إِذْ ذَاكَ لَمْ يَسْأَلْ إِلَّا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ لِعِلْمِهِ وَعِلْمِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ أَنَّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ هُمْ رُءُوسُ هَذَا الْأَمْرِ، وَأَنَّ قِيَامَهُ بِهِمْ، وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ ظَاهِرًا عِنْدَ الْكُفَّارِ (2) أَنَّ هَذَيْنِ وَزِيرَاهُ، وَبِهِمَا تَمَامُ أَمْرِهِ، وَأَنَّهُمَا أَخَصُّ النَّاسِ بِهِ، وَأَنَّ لَهُمَا مِنَ السَّعْيِ فِي إِظْهَارِ الْإِسْلَامِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِمَا.
وَهَذَا أَمْرٌ كَانَ (3) مَعْلُومًا لِلْكَفَّارِ فَضْلًا عَنِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْأَحَادِيثُ الْكَثِيرَةُ مُتَوَاتِرَةٌ بِمِثْلِ هَذَا، وَكَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وُضِعَ عُمَرُ عَلَى سَرِيرِهِ فَتَكَنَّفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ لَهُ وَيُثْنُونَ (عَلَيْهِ)(4) وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ، وَأَنَا فِيهِمْ فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا بِرَجُلٍ قَدْ أَخَذَ بِمَنْكِبِي مِنْ وَرَائِي فَالْتَفْتُّ، فَإِذَا هُوَ عَلِيٌّ فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ، وَقَالَ مَا خَلَفْتُ (5) أَحَدًا
(1) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/523
(2)
م: عَلِمَهُ الْكُفَّارُ
(3)
م: وَهَذَا لَمَّا كَانَ. . .
(4)
عَلَيْهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م)
(5)
ب: مَا حَلَفْتُ، وَهُوَ خَطَأٌ مَطْبَعِيٌّ
أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ، وَذَلِكَ أَنِّي كَثِيرًا مَا كُنْتُ أَسْمَعُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" جِئْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَإِنْ كُنْتُ لَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَهُمَا "(1) .
فَلَمْ يَكُنْ تَفْضِيلُهُمَا عَلَيْهِ، وَعَلَى أَمْثَالِهِ مِمَّا (2) يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ، وَلِهَذَا كَانَتِ الشِّيعَةُ الْقُدَمَاءُ الَّذِينَ أَدْرَكُوا عَلِيًّا يُقَدِّمُونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ عَلَيْهِ إِلَّا مَنْ أَلْحَدَ مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا كَانَ نِزَاعُ مَنْ نَازَعَ مِنْهُمْ فِي عُثْمَانَ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: " «هُوَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي» " كَذِبٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بَلْ هُوَ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ، وَكُلِّ مُؤْمِنٍ وَلَيُّهُ فِي الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، فَالْوِلَايَةُ الَّتِي هِيَ ضِدُّ الْعَدَاوَةِ لَا تَخْتَصُّ بِزَمَانٍ، وَأَمَّا الْوِلَايَةُ الَّتِي هِيَ الْإِمَارَةُ فَيُقَالُ فِيهَا: وَالِي (3) كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي، كَمَا يُقَالُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ: إِذَا اجْتَمَعَ الْوَلِيُّ وَالْوَالِي قُدِّمَ الْوَالِي فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ، وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْوَلِيُّ.
فَقَوْلُ (4) الْقَائِلِ: " «عَلِيٌّ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي» " كَلَامٌ يَمْتَنِعُ نِسْبَتُهُ إِلَى
(1) الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي: الْبُخَارِيِّ 5/9 ـ 10، 11 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بَابُ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ. . .، بَابُ مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. . .) ; مُسْلِمٍ 4/1858 ـ 1859 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابُ مِنْ فَضَائِلِ عُمَرَ) . وَانْظُرْ مَا سَبَقَ فِي هَذَا الْجُزْءِ ص 236
(2)
ن، م، س، ب: مِمَّنْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ الصَّوَابُ مَا أَثْبَتُّهُ
(3)
وَالَى: كَذَا فِي (ب) وَهِيَ الصَّوَابُ. وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ. وَلِيُّ
(4)
س، ب: وَقَوْلُ ; ن: وَقِيلَ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّهُ إِنْ أَرَادَ الْمُوَالَاةَ لَمْ يَحْتَجْ أَنْ يَقُولَ بَعْدِي، وَإِنْ أَرَادَ الْإِمَارَةَ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: وَالٍ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ لِعَلِيٍّ: " «أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ» " فَصَحِيحٌ (1) فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ ثَبَتَ «أَنَّهُ قَالَ لَهُ ذَلِكَ عَامَ الْقَضِيَّةِ لَمَّا تَنَازَعَ هُوَ وَجَعْفَرٌ وَزَيْدُ ابْنُ حَارِثَةَ فِي حَضَانَةِ بِنْتِ حَمْزَةَ فَقَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِهَا لِخَالَتِهَا، وَكَانَتْ تَحْتَ جَعْفَرٍ، وَقَالَ: " الْخَالَةُ أُمٌّ " وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: " أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي " وَقَالَ لِعَلِيٍّ: " أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ " وَقَالَ لِزَيْدٍ: " أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا» (2) .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " «إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي السَّفَرِ، أَوْ نَقَصَتْ (3) نَفَقَةُ عِيَالَاتِهِمْ (4) بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ مَعَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَقَسَّمُوهُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ هُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ» "(5) .
فَقَالَ لِلْأَشْعَرِيِّينَ: " «هُمْ مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُمْ» "، كَمَا قَالَ لِعَلِيٍّ:" «أَنْتَ مِنِّي (وَأَنَا مِنْكَ) » (6) ". وَقَالَ لِجُلَيْبِيبٍ (7) : " «هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ» "(8) ، فَعُلِمَ أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لَا تَدُلُّ عَلَى الْإِمَامَةِ، وَلَا عَلَى أَنَّ مَنْ قِيلَتْ لَهُ كَانَ هُوَ أَفْضَلَ الصَّحَابَةِ.
(1) ب: فَصُحِّحَ
(2)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/34
(3)
ن، م، س: وَنَقَصَتْ
(4)
ب: عِيَالِهِمْ
(5)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/35
(6)
وَأَنَا مِنْكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب)
(7)
س: الْخَبِيبُ، ب: الْحَبِيبُ. وَكِلَاهُمَا خَطَأٌ
(8)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/35