الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنْ يَكُونُوا أَفْضَلَ مِنْ سَائِرِ أَهْلِ الْبُيُوتِ. وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: بَنُو هَاشِمٍ أَفْضَلُ قُرَيْشٍ، وَقُرَيْشٌ أَفْضَلُ الْعَرَبِ، وَالْعَرَبُ أَفْضَلُ بَنِي آدَمَ.
وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ، كَمَا ذَكَرَهُ حَرْبٌ الْكِرْمَانِيُّ عَمَّنْ لَقِيَهُمْ مِثْلَ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيِّ وَغَيْرِهِمْ.
وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى مَنْعِ التَّفْضِيلِ بِذَلِكَ، كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي " الْمُعْتَمَدِ " وَغَيْرِهِمَا.
وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ; فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّحِيحِ (1) أَنَّهُ قَالَ: " «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى هَاشِمًا مِنْ قُرَيْشٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ» "(2) . وَرُوِيَ: " إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى بَنِي إِسْمَاعِيلَ " وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
[فصل البرهان الثلاثون " مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ " والجواب عليه]
فَصْلٌ
قَالَ الرَّافِضِيُّ (3) : " الْبُرْهَانُ الثَّلَاثُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ - بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} [سُورَةُ الرَّحْمَنِ: 19 - 20](4) .
(1) فِي الصَّحِيحِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(2)
ن، س، ب:. . . إِسْمَاعِيلَ وَاصْطَفَى هَاشِمًا مِنْ بَنِي كِنَانَةَ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَسَبَقَ الْحَدِيثُ قَبْلَ قَلِيلٍ.
(3)
فِي (ك) ص 162 (م) ، 163 (م) .
(4)
فِي (ك) الْآيَةَ 19 مِنْ سُورَةِ الرَّحْمَنِ فَقَطْ.
(1)
مِنْ تَفْسِيرِ الثَّعْلَبِيِّ وَطَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} (2) قَالَ: عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ (3){بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} : النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَآلُهُ (4) : {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [سُورَةُ الرَّحْمَنِ: 22] : الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ (5) ، وَلَمْ يَحْصُلْ لِغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ هَذِهِ الْفَضِيلَةُ، فَيَكُونُ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ " (6) .
وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا وَأَمْثَالَهُ إِنَّمَا يَقُولُهُ مَنْ لَا يَعْقِلُ مَا يَقُولُ، وَهَذَا بِالْهَذَيَانِ أَشْبَهَ مِنْهُ بِتَفْسِيرِ الْقُرْآنِ، وَهُوَ مِنْ جِنْسِ تَفْسِيرِ الْمَلَاحِدَةِ وَالْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ لِلْقُرْآنِ، بَلْ هُوَ شَرٌّ مِنْ كَثِيرٍ مِنْهُ. وَالتَّفْسِيرُ بِمِثْلِ هَذَا طَرِيقٌ لِلْمَلَاحِدَةِ عَلَى الْقُرْآنِ وَالطَّعْنُ فِيهِ (7) ، بَلْ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ بِمِثْلِ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْقَدْحِ فِيهِ وَالطَّعْنِ فِيهِ.
وَلِجُهَّالِ الْمُنْتَسِبِينَ (8) إِلَى السُّنَّةِ تَفَاسِيرُ فِي الْأَرْبَعَةِ، وَهِيَ إِنْ كَانَتْ بَاطِلَةً فَهِيَ أَمْثَلُ مِنْ هَذَا، كَقَوْلِهِمْ: الصَّابِرِينَ: مُحَمَّدٌ، وَالصَّادِقِينَ: أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَانِتِينَ: عُمَرُ، وَالْمُنْفِقِينَ: عُثْمَانُ، وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ: عَلِيٌّ.
وَكَقَوْلِهِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَالَّذِينَ مَعَهُ: أَبُو بَكْرٍ، أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ: عُمَرُ، رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ: عُثْمَانُ، تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا: عَلِيٌّ.
(1) سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(2)
سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(3)
ك: وَفَاطِمَةُ عليهما السلام.
(4)
س، ب: وَسَلَّمَ وَأَوَّلَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(5)
ك: وَالْحُسَيْنُ عليهما السلام.
(6)
ك: فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ.
(7)
ن: بِمِثْلِ هَذَا بِطُرُقِ الْمَلَاحِدَةِ عَلَى الْقُرْآنِ وَالطَّعْنِ فِيهِ، م: مِثْلُ هَذَا بِطْرِيقِ الْمَلَاحِدَةِ عَلَى الْقُرْآنِ مِنْهُ وَالطَّعْنِ فِيهِ، س: بِمِثْلِ هَذَا بِطْرِيقِ الْمَلَاحِدَةِ عَلَى الْقُرْآنِ وَالطَّعْنِ فِيهِ.
(8)
س، ب: وَلِجُهَّالٍ مُنْتَسِبِينَ.
وَكَقَوْلِهِمْ: وَالتِّينِ: أَبُو بَكْرٍ، وَالزَّيْتُونِ: عُمَرُ، وَطُورِ سِينِينَ: عُثْمَانُ، وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ: عَلِيٌّ.
وَكَقَوْلِهِمْ: {وَالْعَصْرِ - إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ - إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} : أَبُو بَكْرٍ {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} : عُمَرُ، {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ} : عُثْمَانُ {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} عَلِيٌّ.
فَهَذِهِ التَّفَاسِيرُ مِنْ جِنْسِ [تِلْكَ](1) التَّفَاسِيرِ، وَهِيَ أَمْثَلُ مِنْ إِلْحَادَاتِ الرَّافِضَةِ كَقَوْلِهِمْ:{وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} [سُورَةُ يس:] عَلِيٌّ، وَكَقَوْلِهِمْ:{وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [سُورَةُ الزُّخْرُفِ: 4] : إِنَّهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} [سُورَةُ الْإِسْرَاءِ: 60] : بَنُو أُمَيَّةَ، وَأَمْثَالُ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي لَا يَقُولُهُ (2) مَنْ يَرْجُو لِلَّهِ وَقَارًا، وَلَا يَقُولُهُ مَنْ (3) يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكِتَابِهِ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْقَائِلِ: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [سُورَةُ الرَّحْمَنِ: 19] : عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ، {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} [سُورَةُ الرَّحْمَنِ: 20] النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [سُورَةُ الرَّحْمَنِ: 22] : الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ. وَكُلُّ مَنْ لَهُ أَدْنَى عِلْمٍ وَعَقْلٍ يَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ بُطْلَانَ هَذَا التَّفْسِيرِ، وَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَقُلْ هَذَا.
وَهَذَا مِنَ (4) التَّفْسِيرِ الَّذِي فِي تَفْسِيرِ الثَّعْلَبِيِّ، وَذَكَرَهُ بِإِسْنَادٍ رُوَاتُهُ مَجْهُولُونَ لَا يُعْرَفُونَ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ. وَهُوَ كَذِبٌ عَلَى سُفْيَانَ. قَالَ
(1) تِلْكَ فِي (ب) فَقَطْ.
(2)
سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(3)
سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(4)
ب: لَمْ يَقُلْهُ وَهَذَا مِنْ ; س: لَمْ يَقُلْ هَذَا مِنْ.
: " الثَّعْلَبِيُّ أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّيْنَوَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَرَأَ أَبِي عَلَى أَبِي مُحَمَّدِ (1) بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عُلْوِيَّةَ الْقَطَّانِ مِنْ كِتَابِهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، حَدَّثَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا، حَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ يُقَالُ لَهُ طَسْمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فِي قَوْلِهِ:{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ - بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} قَالَ: فَاطِمَةُ وَعَلِيٌّ، {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} : الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ.
وَهَذَا الْإِسْنَادُ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، لَا يَثْبُتُ بِمِثْلِهِ شَيْءٌ.
وَمِمَّا يُبَيِّنُ كَذِبَ ذَلِكَ وُجُوهٌ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا فِي سُورَةِ الرَّحْمَنِ، وَهِيَ مَكِّيَّةٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ إِنَّمَا وُلِدَا بِالْمَدِينَةِ.
الثَّانِي: أَنَّ تَسْمِيَةَ هَذَيْنِ بَحْرَيْنِ، وَهَذَا لُؤْلُؤًا، وَهَذَا مَرْجَانًا، وَجَعْلَ النِّكَاحِ مَرَجًا - أَمْرٌ لَا تَحْتَمِلُهُ لُغَةُ الْعَرَبِ بِوَجْهٍ، لَا حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا، بَلْ كَمَا أَنَّهُ كَذِبٌ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى الْقُرْآنِ، فَهُوَ كَذِبٌ عَلَى اللُّغَةِ (2) .
الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا شَيْءٌ زَائِدٌ عَلَى مَا يُوجَدُ فِي سَائِرِ بَنِي آدَمَ، فَإِنَّ كُلَّ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَوُلِدَ لَهُمَا وَلَدَانِ * فَهُمَا مِنْ هَذَا الْجِنْسِ، فَلَيْسَ فِي ذِكْرِ
(1) س، ب: قَرَأَ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(2)
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَاتِ: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ أَرْسَلَهُمَا، وَقَوْلُهُ " يَلْتَقِيَانِ " قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: أَيْ مَنَعَهُمَا أَنْ تَلْتَقِيَا بِمَا جَعَلَ بَيْنَهُمَا مِنَ الْبَرْزَخِ الْحَاجِزِ الْفَاصِلِ بَيْنَهُمَا، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " الْبَحْرَيْنِ ": الْمِلْحُ وَالْحُلْوُ، فَالْحُلْوُ هَذِهِ الْأَنْهَارُ السَّارِحَةُ بَيْنَ النَّاسِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:" بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ " أَيْ: وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا، وَهُوَ الْحَاجِزُ مِنَ الْأَرْضِ لِئَلَّا يَبْغِيَ هَذَا عَلَى هَذَا وَهَذَا عَلَى هَذَا، " {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} " أَيْ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا فَإِذَا وُجِدَ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِهِمَا كَفَى، وَاللُّؤْلُؤُ مَعْرُوفٌ، وَأَمَّا الْمَرْجَانُ فَقِيلَ: هُوَ صِغَارُ اللُّؤْلُؤِ ". وَانْظُرْ تَفْسِيرَ الطَّبَرِيِّ، وَزَادَ الْمَسِيرِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ، وَالدُّرَّ الْمَنْثُورَ لِلسُّيُوطِيِّ.
هَذَا مَا يُسْتَعْظَمُ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ، إِلَّا مَا فِي نَظَائِرِهِ مِنْ خَلْقِ الْآدَمِيِّينَ * (1) فَلَا مُوجِبَ (2) لِلتَّخْصِيصِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِفَضِيلَةِ الزَّوْجَيْنِ وَالْوَلَدَيْنِ، فَإِبْرَاهِيمُ وَإِسْحَاقُ وَيَعْقُوبُ أَفْضَلُ مِنْ عَلِيٍّ.
وَآلُ إِبْرَاهِيمَ الَّذِينَ أُمِرْنَا أَنْ نَسْأَلَ لِمُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ مِنَ الصَّلَاةِ مِثْلَ مَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَنَحْنُ - وَكُلُّ مُسْلِمٍ - نَعْلَمُ أَنَّ آلَ إِبْرَاهِيمَ أَفْضَلُ مِنْ آلِ عَلِيٍّ، لَكِنْ مُحَمَّدٌ أَفْضَلُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ. * وَلِهَذَا وَرَدَ هُنَا سُؤَالٌ مَشْهُورٌ، وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَفْضَلَ، فَلِمَ (4) قِيلَ: كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * (5)(6) ، وَالْمُشَبَّهُ دُونَ الْمُشَبَّهِ بِهِ.
وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَجْوِبَةٍ: مِنْهَا: أَنْ يُقَالَ: إِنَّ آلَ إِبْرَاهِيمَ فِيهِمُ الْأَنْبِيَاءُ، وَمُحَمَّدٌ (7) فِيهِمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مُحَمَّدٌ مِنْ آلِ إِبْرَاهِيمَ. فَمَجْمُوعُ آلِ إِبْرَاهِيمَ بِمُحَمَّدٍ أَفْضَلُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدٌ قَدْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى
(1) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(2)
ن، م، س: فَلَا يُوجِبُ.
(3)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/601
(4)
ن: فَلِمَاذَا.
(5)
ن: عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ.
(6)
: مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م)
(7)
م: وَمُحَمَّدًا.
آلِ إِبْرَاهِيمَ، ثُمَّ طَلَبْنَا لَهُ مِنَ اللَّهِ وَلِأَهْلِ بَيْتِهِ مِثْلَ مَا صَلَّى عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، فَيَأْخُذُ أَهْلُ بَيْتِهِ مَا يَلِيقُ بِهِمْ، وَيَبْقَى سَائِرُ ذَلِكَ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَيَكُونُ قَدْ طُلِبَ لَهُ مِنَ الصَّلَاةِ مَا جُعِلَ (1) لِلْأَنْبِيَاءِ مِنْ آلِ إِبْرَاهِيمَ. وَالَّذِي يَأْخُذُهُ الْفَاضِلُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ لَا يَكُونُ مِثْلَمَا يَحْصُلُ لِنَبِيٍّ، فَتَعْظُمُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، صلى الله عليه وسلم. وَقِيلَ: إِنَّ التَّشْبِيهَ (2) فِي الْأَصْلِ لَا فِي الْقَدْرِ.
الرَّابِعُ: أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ أَنَّهُ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ فِي آيَةٍ أُخْرَى، فَقَالَ فِي الْفُرْقَانِ:{وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} [سُورَةُ الْفُرْقَانِ: 53] فَلَوْ أُرِيدَ بِذَلِكَ عَلِيٌّ (3) وَفَاطِمَةُ لَكَانَ ذَلِكَ ذَمًّا لِأَحَدِهِمَا، وَهَذَا بَاطِلٌ (4) بِإِجْمَاعِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ.
الْخَامِسُ: أَنَّهُ قَالَ: {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} فَلَوْ أُرِيدَ بِذَلِكَ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ ; لَكَانَ الْبَرْزَخُ الَّذِي هُوَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِزَعْمِهِمْ - أَوْ غَيْرُهُ هُوَ الْمَانِعُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَبْغِيَ عَلَى الْآخَرِ. وَهَذَا بِالذَّمِّ أَشْبَهُ مِنْهُ بِالْمَدْحِ.
السَّادِسُ: أَنَّ أَئِمَّةَ التَّفْسِيرِ مُتَّفِقُونَ عَلَى خِلَافِ هَذَا، كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَحْرُ السَّمَاءِ وَبَحْرُ الْأَرْضِ يَلْتَقِيَانِ كُلَّ عَامٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ، يَعْنِي بَحْرَ فَارِسَ وَالرُّومِ، بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ: هُوَ الْجَزَائِرُ (5) .
(1) م: مَا حَصَلَ.
(2)
ن، س: النِّسْبَةَ، م: التَّشَبُّهَ.
(3)
ن، س: فَلَوْ أَرَادَ بِذَلِكَ عَلِيٌّ، ب: فَلَوْ أَرَادَ بِذَلِكَ عَلِيًّا.
(4)
عِبَارَةُ وَهَذَا بَاطِلٌ، سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(5)
انْظُرْ تَفْسِيرَ الطَّبَرِيِّ " ط. بُولَاقَ " 27/74 - 76، زَادَ الْمَسِيرِ 8/112.