المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل البرهان الخامس " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " والجواب عليه] - منهاج السنة النبوية - جـ ٧

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[المنهج الثاني عند الرافضي في الأدلة من القرآن على إمامة علي رضي الله عنه]

- ‌[البرهان الأول " إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الثاني " يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الثالث " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الرابع " وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الخامس " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان السادس " فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان السابع " قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الثامن " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان التاسع " فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان العاشر " فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الحادي عشر " إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الثاني عشر " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الثالث عشر " إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الرابع عشر " وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الخامس عشر " وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان السادس عشر " وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان السابع عشر " الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الثامن عشر " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان التاسع عشر " وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان العشرون " وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الحادي والعشرون " سورة هل أتى " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الثاني والعشرون " وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الثالث والعشرون " هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الرابع والعشرون " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الخامس والعشرون " فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان السادس والعشرون " وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان السابع والعشرون " الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الثامن والعشرون " لَيْسَ مِنْ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا عَلِيٌّ رَأْسُهَا وَأَمِيرُهَا. . . " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان التاسع والعشرون " إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الثلاثون " مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الحادي والثلاثون " وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الثاني والثلاثون " يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الثالث والثلاثون " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الرابع والثلاثون " وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الخامس والثلاثون " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان السادس والثلاثون " وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان السابع والثلاثون " وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الثامن والثلاثون " إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان التاسع والثلاثون " وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الأربعون " فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ " والجواب عليه]

- ‌[المنهج الثالث عند الرافضي في الأدلة المستندة إلى السنة على إمامة علي رضي الله عنه]

- ‌[الأول لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ]

- ‌[الثاني حديث الغدير]

- ‌[الثالث قوله أنت مني بمنزلة هارون من موسى]

- ‌[الرابع أَنَّ النَبَّي صلى الله عليه وسلم اسْتَخْلَفَ عَليًّا عَلَى الْمَدِينَةِ مَعَ قِصَرِ مُدَّةِ الْغَيْبَةِ]

- ‌[الخامس حديث أنت أخي ووصيي وخليفتي من بعدي]

- ‌[السادس حديث الْمُؤَاخَاة]

- ‌[السابع حديث الراية]

- ‌[الثامن حديث الطائر]

- ‌[التاسع مَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ أَمَرَ الصَّحَابَةَ بِأَنْ يُسَلِّمُوا عَلَى عَلِيٍّ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ]

- ‌[العاشر حديث غدير خم وحديث أهل بيتي مثل سفينة نوح]

- ‌[الحادي عشر الأحاديث التي رواها الجمهور عن وحوب محبته وموالاته]

- ‌[الثاني عشر أحاديث أخرى يستدل بها على إمامة علي رضي الله عنه]

- ‌[قول الرافضي إنه يجب الأخذ بالأحاديث ويحرم العدول عنها]

- ‌[فصل لَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ خَبِيرًا بِالْمَنْقُولَاتِ وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَ صِدْقِهَا وَكَذِبِهَا وَصَوَابِهَا وَخَطَئِهَا]

- ‌[فصل الطُّرُقِ الَّتِي يُعْلَمُ بِهَا كَذِبُ الْمَنْقُولِ]

- ‌[توجد أحاديث أخرى لم يذكرها الرافضي وهي أدل على مقصوده من التي ذكرها]

- ‌[طُرُقٌ يُمْكِنُ سُلُوكُهَا لِمَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالْأَخْبَارِ]

- ‌[المنهج الرابع في الأدلة الدالة على إمامة علي المستنبطة من أحواله]

- ‌[الأول أنه كَانَ أَزْهَدَ النَّاسِ والرد عليه]

- ‌[قال الرافضي الثاني أن عليا رضي الله عنه كان أعبد الناس والرد عليه]

- ‌[قال الرافضي الثالث أنه كان أعلم الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم]

الفصل: ‌[فصل البرهان الخامس " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " والجواب عليه]

، فَهُوَ كَافِرٌ، وَالْكُفَّارُ لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُهُمْ بِالْفُرُوعِ قَبْلَ الشَّهَادَتَيْنِ وَالدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ.

الْوَجْهُ الثَّامِنُ: أَنَّ هَذَا النَّجْمَ إِنْ كَانَ صَاعِقَةً، فَلَيْسَ نُزُولُ الصَّاعِقَةِ فِي بَيْتِ شَخْصٍ كَرَامَةً لَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ نُجُومِ السَّمَاءِ فَهَذِهِ لَا تُفَارِقُ الْفَلَكَ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الشُّهُبِ فَهَذِهِ (1) يُرْمَى بِهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ، وَهِيَ لَا تَنْزِلُ إِلَى الْأَرْضِ. وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ الشَّيْطَانَ الَّذِي رُمِيَ بِهَا وَصَلَ إِلَى بَيْتِ عَلِيٍّ حَتَّى احْتَرَقَ بِهَا، فَلَيْسَ هَذَا كَرَامَةً لَهُ، مَعَ أَنَّ هَذَا لَمْ (2) يَقَعْ قَطُّ.

[فصل البرهان الخامس " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا " والجواب عليه]

فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ (3) : " الْبُرْهَانُ الْخَامِسُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: 33] . فَرَوَى (4) . (5) فِي مُسْنَدِهِ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ: «طَلَبْتُ عَلِيًّا فِي (6) مَنْزِلِهِ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ [رضي الله عنها] (7) : ذَهَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَجَاءَا جَمِيعًا فَدَخَلَا وَدَخَلَتْ مَعَهُمَا، فَأَجْلَسَ عَلِيًّا عَنْ يَسَارِهِ، وَفَاطِمَةَ عَنْ يَمِينِهِ، وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ الْتَفَعَ عَلَيْهِمْ (8) بِثَوْبِهِ،

(1) م: فَهُوَ، س: فَهَذَا.

(2)

م: لَا.

(3)

فِي (ك) ص 151 (م) 152 (م) .

(4)

ك: رَوَى

(5)

أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ

(6)

م: إِلَى.

(7)

رضي الله عنها، فِي (م) فَقَطْ، وَفِي (ك) عليها السلام.

(8)

م: عَلَيْهِمَا.

ص: 68

وَقَالَ: " {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} اللَّهُمَّ إِنَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي حَقًّا (1) .» «وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي بَيْتِهَا، فَأَتَتْهُ فَاطِمَةُ رضي الله عنها (2) بِبُرْمَةٍ فِيهَا حَرِيرَةٌ، فَدَخَلَتْ بِهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ (3) : " ادْعِي (4) زَوْجَكِ وَابْنَيْكِ. قَالَتْ: فَجَاءَ عَلِيٌّ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ (5) فَدَخَلُوا وَجَلَسُوا يَأْكُلُونَ (6) مِنْ تِلْكَ الْحَرِيرَةِ، وَهُوَ وَهُمْ عَلَى مَنَامِ لَهُ عَلِيٍّ (7)، وَكَانَ تَحْتَهُ كِسَاءٌ خَيْبَرِيٌّ (8) . قَالَتْ: وَأَنَا فِي الْحُجْرَةِ أُصَلِّي (9)، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} قَالَتْ: فَأَخَذَ فَضْلَ الْكِسَاءِ وَكَسَاهُمْ بِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَ يَدَهُ فَأَلْوَى بِهَا) (10) . إِلَى السَّمَاءِ، وَقَالَ: " هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي، فَأَذْهِبْ (11) عَنْهُمُ الرِّجْسَ

(1) ك: اللَّهُمَّ إِنَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي، اللَّهُمَّ إِنَّ هَؤُلَاءِ أَحَقُّ.

(2)

ك: عليها السلام.

(3)

ك: قَالَ.

(4)

ك: ادْعِي لِي.

(5)

ن، م، ب: وَحَسَنٌ وَحَسَنٌ، ك: وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عليهم السلام.

(6)

ك: فَأَكَلُوا.

(7)

عَلِيٍّ: لَيْسَتْ فِي (ك) : وَالْمَعْنَى عَالٍ.

(8)

خَيْبَرِيٌّ: كَذَا فِي (ك) ، (ن) ، وَفِي (م) الْكَلِمَةُ غَيْرُ مَنْقُوطَةٍ، وَفِي (س) ، (ب) حِبْيَرِيٌّ.

(9)

أُصَلِّي: سَاقِطَةٌ مِنْ (ك) .

(10)

س، ب: يَدَيْهِ فَأَلْوَى بِهِمَا، ن: يَدَيْهِ فَأَلْوَى بِهَا

(11)

ك: (ص 152 م) : أَهْلُ بَيْتِي وَخَاصَّتِي اللَّهُمَّ فَأَذْهِبْ.

ص: 69

وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا، وَكَرَّرَ (1) ذَلِكَ. قَالَتْ: فَأَدْخَلْتُ رَأْسِي وَقُلْتُ: وَأَنَا مَعَهُمْ (2) يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: إِنَّكِ إِلَى (3) خَيْرٍ.» وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى الْعِصْمَةِ، مَعَ التَّأْكِيدِ بِلَفْظِهِ:" إِنَّمَا " وَإِدْخَالُ (4) اللَّامِ فِي الْخَبَرِ، وَالِاخْتِصَاصُ فِي الْخِطَابِ بِقَوْلِهِ:[" أَهْلَ الْبَيْتِ " وَالتَّكْرِيرُ بِقَوْلِهِ: " وَيُطَهِّرَكُمْ " وَالتَّأْكِيدُ بِقَوْلِهِ:](5)" تَطْهِيرًا ". وَغَيْرُهُمْ لَيْسَ بِمَعْصُومٍ، فَتَكُونُ الْإِمَامَةُ (6) فِي عَلِيٍّ ; وَلِأَنَّهُ (7) ادَّعَاهَا فِي عِدَّةٍ مِنْ أَقْوَالِهِ، كَقَوْلِهِ: وَاللَّهِ لَقَدْ تَقَمَّصَهَا (8) ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، وَهُوَ يَعْلَمُ (9) أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلَّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى. وَقَدْ ثَبَتَ نَفْيُ الرِّجْسِ عَنْهُ، فَيَكُونُ صَادِقًا، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامُ ". وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ (10) صَحِيحٌ فِي الْجُمْلَةِ ; فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ (11) وَحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ (12) : «اللَّهُمَّ إِنَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا» " (13) .

(1) ن، س، ب: فَكَرَّرَ.

(2)

ك: مَعَكُمْ.

(3)

ك: عَلَى.

(4)

ك: وَبِإِدْخَالِ.

(5)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ك) فَقَطْ وَسَقَطَ مِنْ جَمِيعِ النُّسَخِ، وَإِثْبَاتُهُ يَقْتَضِيهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ.

(6)

ن، س، ب: فَيَكُونُ الْإِمَامُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(7)

س، ب: وِلَايَةً، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(8)

ن، س: انْقَمَصَهَا.

(9)

ك: وَإِنَّهُ لِيَعْلَمُ.

(10)

) الْحَدِيثَ: لَيْسَتْ فِي (م) .

(11)

ن، س: أَوْ فَاطِمَةَ.

(12)

س: وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ.

(13)

سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/22

ص: 70

وَرَوَى ذَلِكَ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ (1) مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ، فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَأَدْخَلَهُ [مَعَهُ] (2) ، ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا [مَعَهُ] (3) ، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ قَالَ: " {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} » . وَهُوَ مَشْهُورٌ مِنْ رِوَايَةِ أُمِّ سَلَمَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ (4)، لَكِنْ لَيْسَ فِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى عِصْمَتِهِمْ وَلَا إِمَامَتِهِمْ. وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ فِي مَقَامَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ قَوْلَهُ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} ، كَقَوْلِهِ:{مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 6]، وَكَقَوْلِهِ:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 185]، وَكَقَوْلِهِ:{يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 26 - 27] . فَإِنَّ إِرَادَةَ اللَّهِ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ مُتَضَمِّنَةً لِمَحَبَّةِ اللَّهِ لِذَلِكَ (5) ، الْمُرَادِ وَرِضَاهُ بِهِ، وَأَنَّهُ شَرَعَهُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَأَمَرَهُمْ بِهِ، لَيْسَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ خَلَقَ هَذَا الْمُرَادَ، وَلَا أَنَّهُ قَضَاهُ وَقَدَّرَهُ، وَلَا أَنَّهُ يَكُونُ لَا مَحَالَةَ. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ

(1) س: مُرَجَّلٌ.

(2)

مَعَهُ: زِيَادَةٌ فِي (م) .

(3)

مَعَهُ: زِيَادَةٌ فِي (م) .

(4)

ذَكَرْتُ فِيمَا سَبَقَ 4/22 مَكَانَ الْحَدِيثِ فِي مُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالْمُسْنَدِ، فَارْجِعْ إِلَيْهِ.

(5)

ن، س: بِذَلِكَ.

ص: 71

قَالَ: " «اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا» ". فَطَلَبَ مِنَ اللَّهِ لَهُمْ إِذْهَابَ الرِّجْسِ وَالتَّطْهِيرِ. فَلَوْ كَانَتِ الْآيَةُ تَتَضَمَّنُ إِخْبَارَ اللَّهِ بِأَنَّهُ قَدْ أَذْهَبَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ، لَمْ يَحْتَجْ إِلَى الطَّلَبِ وَالدُّعَاءِ. وَهَذَا عَلَى قَوْلِ الْقَدَرِيَّةِ أَظْهَرُ، فَإِنَّ إِرَادَةَ اللَّهِ عِنْدَهُمْ لَا تَتَضَمَّنُ وُجُودَ الْمُرَادِ، بَلْ قَدْ يُرِيدُ مَا لَا يَكُونُ وَيَكُونُ مَا لَا يُرِيدُ، فَلَيْسَ فِي كَوْنِهِ تَعَالَى مُرِيدًا لِذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِهِ. وَهَذَا الرَّافِضِيُّ وَأَمْثَالُهُ قَدَرِيَّةٌ، فَكَيْفَ يَحْتَجُّونَ بِقَوْلِهِ:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} عَلَى وُقُوعِ الْمُرَادِ؟ وَعِنْدَهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَرَادَ إِيمَانَ مَنْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَلَمْ يَقَعْ مُرَادُهُ؟ . وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ، فَالتَّحْقِيقُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْإِرَادَةَ فِي كِتَابِ اللَّهِ نَوْعَانِ: إِرَادَةٌ شَرْعِيَّةٌ دِينِيَّةٌ تَتَضَمَّنُ مَحَبَّتَهُ وَرِضَاهُ، وَإِرَادَةٌ كَوْنِيَّةٌ قَدَرِيَّةٌ تَتَضَمَّنُ خَلْقَهُ وَتَقْدِيرَهُ. الْأُولَى مِثْلُ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ. وَالثَّانِيَةُ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى:{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 125] وَقَوْلُ نُوحٍ: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} [سُورَةُ هُودٍ: 34]

ص: 72

وَكَثِيرٌ مِنَ الْمُثْبِتَةِ (1) وَالْقَدَرِيَّةِ يَجْعَلُ الْإِرَادَةَ نَوْعًا وَاحِدًا، كَمَا يَجْعَلُونَ الْإِرَادَةَ وَالْمَحَبَّةَ شَيْئًا وَاحِدًا. ثُمَّ الْقَدَرِيَّةُ يَنْفُونَ إِرَادَتَهُ لِمَا بَيَّنَ (2) أَنَّهُ مُرَادٌ فِي آيَاتِ التَّقْدِيرِ (3) ، وَأُولَئِكَ يَنْفُونَ إِرَادَتَهُ لِمَا بَيَّنَ أَنَّهُ مُرَادٌ فِي آيَاتِ التَّشْرِيعِ (4)، فَإِنَّهُ عِنْدَهُمْ كُلُّ مَا قِيلَ:" إِنَّهُ مُرَادٌ " فَلَا بُدَّ (5) أَنْ يَكُونُ كَائِنًا. وَاللَّهُ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْ يُطَهِّرَهُمْ، وَفِيهِمْ مَنْ تَابَ، وَفِيهِمْ مَنْ لَمْ يَتُبْ، وَفِيهِمْ مَنْ تَطَهَّرَ، وَفِيهِمْ مَنْ لَمْ يَتَطَهَّرْ. وَإِذَا كَانَتِ الْآيَةُ دَالَّةً عَلَى وُقُوعِ مَا أَرَادَهُ مِنَ التَّطْهِيرِ وَإِذْهَابِ الرِّجْسِ، لَمْ يَلْزَمْ بِمُجَرَّدِ الْآيَةِ ثُبُوتُ مَا ادَّعَاهُ. وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَذْكُورَاتٍ فِي الْآيَةِ، وَالْكَلَامُ فِي الْأَمْرِ بِالتَّطْهِيرِ بِإِيجَابِهِ، وَوَعْدِ الثَّوَابِ عَلَى فِعْلِهِ، وَالْعِقَابِ عَلَى تَرْكِهِ. قَالَ تَعَالَى:{يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} . {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا} . {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: 30 - 32] إِلَى قَوْلِهِ: {

(1) م: مِنَ السُّنَّةِ.

(2)

ن، م: يُبَيِّنُ.

(3)

ن: فِي الْآيَاتِ التَّقْدِيرُ، س، ب: فِي الْآيَاتِ التَّشْرِيعُ.

(4)

فِي (ن) ، (م) فَقَطْ وَسَقَطَ مِنْ (س)، (ب) وَفِي (ن) فِي الْآيَاتِ التَّشْرِيعُ وَفِي (م) : فِي بَابِ التَّشْرِيعِ، وَأَرْجُوا أَنْ يَكُونَ الصَّوَابُ مَا أَثْبَتُّهُ.

(5)

ب (فَقَطْ) : فَلَا يَلْزَمُ.

ص: 73

وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: 33] . فَالْخِطَابُ كُلُّهُ لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَمَعَهُنَّ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ. لَكِنْ لَمَّا تَبَيَّنَ مَا فِي هَذَا مِنَ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي تَعُمُّهُنَّ وَتَعُمُّ غَيْرَهُنَّ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، جَاءَ التَّطْهِيرُ بِهَذَا الْخِطَابِ وَغَيْرِهِ، وَلَيْسَ (1) مُخْتَصًّا بِأَزْوَاجِهِ، بَلْ هُوَ مُتَنَاوِلٌ لِأَهْلِ الْبَيْتِ كُلِّهِمْ، وَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ أَخَصُّ مِنْ غَيْرِهِمْ بِذَلِكَ ; وَلِذَلِكَ خَصَّهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالدُّعَاءِ لَهُمْ. وَهَذَا كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ:{لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 108] نَزَلَتْ بِسَبَبِ مَسْجِدِ قُبَاءَ، لَكِنَّ الْحُكْمَ يَتَنَاوَلُهُ وَيَتَنَاوَلُ مَا هُوَ أَحَقُّ مِنْهُ بِذَلِكَ، وَهُوَ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ. وَهَذَا يُوَجِّهُ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ «عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، فَقَالَ: " هُوَ مَسْجِدِي هَذَا» " (2) . وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي قُبَاءَ كُلَّ سَبْتٍ مَاشِيًا وَرَاكِبًا، فَكَانَ يَقُومُ فِي مَسْجِدِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَأْتِي قُبَاءَ يَوْمَ

(1) ن، ب: وَغَيْرِهِ لَيْسَ، س: وَغَيْرِ لَيْسَ.

(2)

الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 4/344 (كِتَابُ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ، سُورَةُ التَّوْبَةِ حَدِيثٌ رَقْمُ 5097) وَنَصُّهُ: تَمَارَى رَجُلَانِ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: هُوَ مَسْجِدُ قُبَاءَ، وَقَالَ الْآخَرُ: هُوَ مَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(هُوَ مَسْجِدِي هَذَا) قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيٍّ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ. وَالْحَدِيثُ فِي سُنَنَ النَّسَائِيِّ 2/30 (كِتَابُ الْمَسَاجِدِ، بَابُ ذِكْرِ الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى) ، الْمُسْنَدُ ((ط. الْحَلَبِيِّ)) 3/8، 5/116، 331، 335

ص: 74

السَّبْتِ (1) . وَكِلَاهُمَا مُؤَسَّسٌ عَلَى التَّقْوَى. وَهَكَذَا أَزْوَاجُهُ وَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ (2) كُلُّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، لَكِنَّ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ، وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ (3) أَخَصُّ بِذَلِكَ مِنْ أَزْوَاجِهِ، وَلِهَذَا خَصَّهُمْ بِالدُّعَاءِ. وَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي آلِ مُحَمَّدٍ: مَنْ هُمْ؟ فَقِيلَ: هُمْ (4) أُمَّتُهُ. وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ (5) . وَقِيلَ: الْمُتَّقُونَ مِنْ أُمَّتِهِ. وَرَوَوْا حَدِيثًا: " «آلُ مُحَمَّدٍ كُلٌّ مُؤْمِنٍ تَقِيٍّ» " رَوَاهُ الْخَلَّالُ وَتَمَّامٌ فِي " الْفَوَائِدِ " لَهُ. وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ (6) . وَبَنَى عَلَى (7) ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنَ الصُّوفِيَّةِ أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ هُمْ خَوَاصُّ الْأَوْلِيَاءِ، كَمَا ذَكَرَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ هُمْ أَهْلُ بَيْتِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّرِيفِ أَبِي جَعْفَرَ وَغَيْرِهِمْ. لَكِنْ هَلْ أَزْوَاجُهُ مِنْ أَهْلِ

(1) الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما فِي الْبُخَارِيِّ 2/61 (كِتَابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، بَابُ مَنْ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءَ كُلَّ سَبْتٍ)، وَنَصُّهُ:(كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ كُلَّ سَبْتٍ مَاشِيًا وَرَاكِبًا، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه يَفْعَلُهُ) . وَجَاءَ ذَلِكَ ضِمْنَ حَدِيثٍ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ (بَابُ مَسْجِدِ قُبَاءَ) ، 2/60 - 61 وَالْحَدِيثُ فِي مُسْلِمٍ 2/1017 (كِتَابُ الْحَجِّ) ، بَابُ فَضْلِ مَسْجِدِ قُبَاءَ. . .)

(2)

سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب) .

(3)

سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب) .

(4)

هُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .

(5)

س، ب: مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ وَمَالِكٍ وَغَيْرِهِمْ.

(6)

ذَكَرَ الْحَدِيثَ السُّيُوطِيُّ فِي " الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " بِلَفْظِ: " آلُ مُحَمَّدٍ كُلُّ تَقِيٍّ "، وَقَالَ:" طس (الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ) ، عَنْ أَنَسٍ " وَقَالَ الْأَلْبَانِيُّ عَنْهُ فِي " ضَعِيفِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَزِيَادَتِهِ "، " ضَعِيفٌ جِدًّا ".

(7)

عَلَى: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .

ص: 75

بَيْتِهِ (1) ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُنَّ لَسْنَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ. وَيُرْوَى هَذَا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ. \ 5 (2) . وَالثَّانِي: - هُوَ الصَّحِيحُ - أَنَّ أَزْوَاجَهُ مِنْ آلِهِ. فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ عَلَّمَهُمُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ: " «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ» "(3) . وَلِأَنَّ امْرَأَةَ إِبْرَاهِيمَ مِنْ آلِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَامْرَأَةَ لُوطٍ مِنْ آلِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، بِدَلَالَةِ الْقُرْآنِ. فَكَيْفَ لَا يَكُونُ أَزْوَاجُ مُحَمَّدٍ مِنْ آلِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ؟ . وَلِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُنَّ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ مَعْنًى. وَأَمَّا الْأَتْقِيَاءُ مِنْ أُمَّتِهِ فَهُمْ أَوْلِيَاؤُهُ. كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ:«إِنَّ آلَ بَنِي فُلَانٍ (4) لَيْسُوا لِي بِأَوْلِيَاءَ، وَإِنَّمَا وَلِيِّيَ اللَّهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ» (5) . فَبَيَّنَ أَنَّ أَوْلِيَاءَهُ صَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ. وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: " «إِنَّ أَوْلِيَائِيَ الْمُتَّقُونَ حَيْثُ كَانُوا وَأَيْنَ كَانُوا» "(6) .

(1) م: مِنْ آلِهِ.

(2)

ن: بْنِ بَاقَمَ، س: بْنِ بَارَقَمَ، وَكِلَاهُمَا تَحْرِيفٌ.

(3)

سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/24

(4)

م: أَنَّهُ قَالَ: آلَ أَبِي فُلَانٍ.

(5)

الْحَدِيثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه فِي الْبُخَارِيِّ 8 - 6 (كِتَابُ الْأَدَبِ، بَابُ يَبُلُّ الرَّحِمُ بِبِلَاهَا)، وَنَصُّهُ: أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جِهَارًا غَيْرَ سِرٍّ يَقُولُ: " إِنَّ آلَ أَبِي - قَالَ عَمْرٌو (وَهُوَ عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ) : وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرَ (الَّذِي رَوَى عَنْهُ عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ) بِبَيَاضٍ - لَيْسُوا بِأَوْلِيَائِي، إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللَّهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ " وَالْحَدِيثُ فِي: مُسْلِمٍ 1/197 (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ مُوَالَاةِ الْمُؤْمِنِينَ وَمُقَاطَعَةِ غَيْرِهِمْ. . .) الْمُسْنَدُ ((ط. الْحَلَبِيِّ)) 4/203

(6)

لَمْ أَجِدِ الْحَدِيثَ بِهَذَا اللَّفْظِ، لَكِنْ جَاءَ الْحَدِيثُ مُطَوَّلًا عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه فِي: الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 5/235 وَنَصُّهُ: عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: لَمَّا بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْيَمَنِ خَرَجَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُوصِيهِ، وَمُعَاذٌ رَاكِبٌ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْشِي تَحْتَ رَاحِلَتِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ:" يَا مُعَاذُ إِنَّكَ عَسَى أَنْ لَا تَلْقَانِي بَعْدَ عَامِي هَذَا، أَوْ لَعَلَّكَ أَنْ تَمُرَّ بِمَسْجِدِي هَذَا أَوْ قَبْرِي " فَبَكَى مُعَاذٌ جَشَعًا لِفِرَاقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ الْتَفَتَ فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ نَحْوَ الْمَدِينَةِ فَقَالَ: " إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي الْمُتَّقُونَ مَنْ كَانُوا وَحَيْثُ كَانُوا "، وَصَحَّحَ الْأَلْبَانِيُّ الْحَدِيثَ فِي " صَحِيحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " 2/181 - 182 وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي " النِّهَايَةِ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ " وَالْجَشِعُ الْجَزِعُ لِفِرَاقِ الْإِلْفِ ".

ص: 76

(1) س، ب: بَلْ أَنْتُمْ إِخْوَانِي، وَأَصْحَابِي. .، وَهُوَ خَطَأٌ.

(2)

ن: قَوْمٌ آخَرِينَ يَأْتُونَ.

(3)

الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي: مُسْلِمٍ 1/218 كِتَابُ الطَّهَارَةِ بَابُ اسْتِحْبَابِ إِطَالَةِ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ فِي الْوُضُوءِ. وَنَصُّهُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى الْمَقْبَرَةَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا، قَالُوا: أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: أَنْتُمْ أَصْحَابِي، وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ. فَقَالُوا: كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ، أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ، أَلَا لَيُذَادَنَّ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ. أُنَادِيهِمْ: أَلَا هَلُمَّ، فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا. وَالْحَدِيثُ فِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ 1/79 (كِتَابِ الطَّهَارَةِ، بَابِ حِلْيَةِ الْوُضُوءِ) ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/1439 - 1440 (كِتَابِ الزُّهْدِ، بَابِ ذِكْرِ الْحَوْضِ) ، الْمُوَطَّأِ 1/28 - 29 كِتَابِ الطَّهَارَةِ، بَابِ جَامِعِ الْوُضُوءِ، الْمُسْنَدِ. ط. الْمَعَارِفِ 15/152، 18/56 - 57 وَجَاءَ الْحَدِيثُ فِي صَحِيحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ 6/107 وَقَالَ السُّيُوطِيُّ إِنَّ الْحَدِيثَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه.

ص: 77

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَوْلِيَاؤُهُ الْمُتَّقُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ قَرَابَةُ الدِّينِ وَالْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى. وَهَذِهِ الْقَرَابَةُ الدِّينِيَّةُ أَعْظَمُ مِنَ الْقَرَابَةِ الطِّينِيَّةِ (1) ، وَالْقُرْبُ بَيْنَ الْقُلُوبِ وَالْأَرْوَاحِ أَعْظَمُ مِنَ الْقُرْبِ بَيْنَ الْأَبْدَانِ. وَلِهَذَا كَانَ أَفْضَلَ الْخَلْقِ أَوْلِيَاؤُهُ الْمُتَّقُونَ. وَأَمَّا أَقَارِبُهُ فَفِيهِمُ الْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ، وَالْبَرُّ وَالْفَاجِرُ. فَإِنْ كَانَ فَاضِلًا (2) مِنْهُمْ كَعَلِيٍّ رضي الله عنه وَجَعْفَرٍ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، فَتَفْضِيلُهُمْ (3) بِمَا فِيهِمْ مِنَ الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى، وَهُمْ أَوْلِيَاؤُهُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، لَا بِمُجَرَّدِ النَّسَبِ، فَأَوْلِيَاؤُهُ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ آلِهِ، وَإِنْ صَلَّى عَلَى آلِهِ تَبَعًا لَهُ (4) لَمْ يَقْتَضِ (5) ذَلِكَ أَنْ يَكُونُوا أَفْضَلَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ الَّذِينَ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ وَالْمُرْسَلِينَ هُمْ مِنْ أَوْلِيَائِهِ، وَهُمْ أَفْضَلُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلُوا فِي الصَّلَاةِ مَعَهُ تَبَعًا، فَالْمَفْضُولُ قَدْ يَخْتَصُّ بِأَمْرٍ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مِنَ الْفَاضِلِ. وَدَلِيلُ ذَلِكَ أَنَّ أَزْوَاجَهُ هُمْ مِمَّنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، فَقَدْ (6) ثَبَتَ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ كُلِّهِمْ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ أَفْضَلُ (7) مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ.

(1) س، ب: الطَّبِيعِيَّةِ.

(2)

ب (فَقَطْ) : فَاضِلًا.

(3)

ن: فَيُفَضِّلُهُمْ، س، ب: فَفَضَّلَهُمْ.

(4)

لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .

(5)

س: لَمْ يَنْقُصْ.

(6)

ن، س: قَدْ، ب: وَقَدْ.

(7)

ن: أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ وَالْمُرْسَلِينَ هُمْ مِنْ أَفْضَلِ. .، س: أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ هُمْ مِنْ أَفْضَلِ. .

ص: 78

فَإِنْ قِيلَ: فَهَبْ أَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِ مَا أُرِيدَ مِنَ التَّطْهِيرِ وَإِذْهَابِ الرِّجْسِ، لَكِنَّ دُعَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُمْ (1) بِذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِهِ، فَإِنَّ دُعَاءَهُ مُسْتَجَابٌ (2) . قِيلَ: الْمَقْصُودُ أَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَدُلُّ مَا ادَّعَاهُ مِنْ ثُبُوتِ (3) الطَّهَارَةِ وَإِذْهَابِ الرِّجْسِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَدُلَّ عَلَى الْعِصْمَةِ وَالْإِمَامَةِ. وَأَمَّا الِاسْتِدْلَالُ بِالْحَدِيثِ فَذَاكَ مَقَامٌ آخَرُ. ثُمَّ نَقُولُ فِي الْمَقَامِ الثَّانِي: هَبْ أَنَّ الْقُرْآنَ دَلَّ عَلَى طَهَارَتِهِمْ وَإِذْهَابِ الرِّجْسِ عَنْهُمْ (4) ، كَمَا أَنَّ الدُّعَاءَ الْمُسْتَجَابَ (5) لَا بُدَّ أَنْ يَتَحَقَّقَ (6) مَعَهُ طَهَارَةُ الْمَدْعُوِّ لَهُمْ وَإِذْهَابُ الرِّجْسِ عَنْهُمْ، لَكِنْ لَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْعِصْمَةِ مِنَ الْخَطَأِ. وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُرِدْ بِمَا أَمَرَ بِهِ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا يَصْدُرَ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ خَطَأٌ، فَإِنَّ الْخَطَأَ مَغْفُورٌ لَهُنَّ وَلِغَيْرِهِنَّ، وَسِيَاقُ الْآيَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُرِيدُ لِيُذْهِبَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ - الَّذِي هُوَ الْخُبْثُ كَالْفَوَاحِشِ - وَيُطَهِّرَهُمْ تَطْهِيرًا مِنَ الْفَوَاحِشِ وَغَيْرِهَا مِنَ الذُّنُوبِ. وَالتَّطْهِيرُ مِنَ الذَّنْبِ عَلَى وَجْهَيْنِ: كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [سُورَةُ الْمُدَّثِّرِ: 4]، وَقَوْلِهِ:{إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [سُورَةُ الْأَعْرَافِ: 82] ، فَإِنَّهُ قَالَ

(1) لَهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .

(2)

ن، م: مُجَابٌ.

(3)

س، ب: بِثُبُوتِ.

(4)

ن، س، ب: وَعَلَى ذَهَابِ رِجْسِهِمْ.

(5)

ن، م: الْمُجَابَ.

(6)

س، ب: يَسْتَحِقُّ.

ص: 79

فِيهَا: {مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: 30] وَالتَّطْهِيرُ عَنِ الذَّنْبِ إِمَّا بِأَنْ لَا يَفْعَلَهُ الْعَبْدُ، وَإِمَّا بِأَنْ يَتُوبَ مِنْهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 103]

[لَكِنْ](1) مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الطَّهَارَةِ ابْتِدَاءً وَإِرَادَةً فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ نَهْيَهُ عَنِ الْفَاحِشَةِ، لَا يَتَضَمَّنُ الْإِذْنَ فِيهَا بِحَالٍ، لَكِنْ هُوَ سُبْحَانَهُ يَنْهَى عَنْهَا، وَيَأْمُرُ مَنْ فَعَلَهَا بِأَنْ يَتُوبَ مِنْهَا. وَفِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:«اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ (2) كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَاغْسِلْنِي بِالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَالْمَاءِ الْبَارِدِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ» (3) . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ قَالَ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ النَّبِيُّ بَرَاءَتَهَا، وَكَانَ قَدِ ارْتَابَ فِي أَمْرِهَا، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ، إِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ [بِذَنْبٍ](4)

(1) لَكِنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب) .

(2)

م: خَطَايَ.

(3)

الْحَدِيثَ - مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ -، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ 1/145 (كِتَابُ الْأَذَانِ بَابُ مَا يَقُولُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ) ، مُسْلِمٍ 1/419 (كِتَابُ الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةِ، بَابُ مَا يُقَالُ بَيْنَ تَكْبِيرِ الْإِحْرَامِ وَالْقِرَاءَةِ، سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 1/288 - 289 كِتَابُ الصَّلَاةِ، بَابُ السَّكْتَةِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ، سُنَنِ النَّسَائِيِّ 1/45 كِتَابُ الطَّهَارَةِ، بَابُ الْوُضُوءِ بِالثَّلْجِ، وَالْحَدِيثُ فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيِّ وَمُسْنَدِ أَحْمَدَ.

(4)

بِذَنْبٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب) .

ص: 80

فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ» (1) . وَبِالْجُمْلَةِ لَفْظُ " الرِّجْسِ " أَصْلُهُ الْقَذَرُ، وَيُرَادُ بِهِ الشِّرْكُ، كَقَوْلِهِ:{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [سُورَةُ الْحَجِّ: 30] . وَيُرَادُ بِهِ الْخَبَائِثُ الْمُحَرَّمَةُ كَالْمَطْعُومَاتِ وَالْمَشْرُوبَاتِ، كَقَوْلِهِ:{لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 145]، وَقَوْلِهِ:{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 90] وَإِذْهَابُ ذَلِكَ إِذْهَابٌ لِكُلِّهِ. وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ أَذْهَبَ عَنْ أُولَئِكَ السَّادَةِ الشِّرْكَ وَالْخَبَائِثَ. وَلَفْظُ " الرِّجْسِ " عَامٌّ يَقْتَضِي أَنَّ اللَّهَ [يُرِيدُ] أَنْ (2) يُذْهِبَ جَمِيعَ الرِّجْسِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَعَا بِذَلِكَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ:" وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا " فَهُوَ سُؤَالٌ مُطْلَقٌ بِمَا يُسَمَّى طَهَارَةً. وَبَعْضُ النَّاسِ يَزْعُمُ أَنَّ هَذَا مُطْلَقٌ، فَيَكْتَفِي فِيهِ (3) بِفَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الطَّهَارَةِ، وَيَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ:{فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ} [سُورَةُ الْحَشْرِ: 2] وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ أَمْرٌ بِمُسَمَّى (4) الِاعْتِبَارِ الَّذِي يُقَالُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، كَمَا إِذَا قِيلَ: أَكْرِمْ هَذَا ; أَيِ: افْعَلْ مَعَهُ مَا يُسَمَّى عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إِكْرَامًا. وَكَذَلِكَ

(1) سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ الْإِفْكِ فِيمَا مَضَى 4/33

(2)

يُرِيدُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س)، يُرِيدُ أَنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) .

(3)

ن، م: فَيَنْتَفِي (غَيْرُ مَنْقُوطَةٍ) فِيهِ.

(4)

ن، م، س: يُسَمَّى.

ص: 81

مَا يُسَمَّى عِنْدَ الْإِطْلَاقِ اعْتِبَارًا. وَالْإِنْسَانُ لَا يُسَمَّى مُعْتَبِرًا إِذَا اعْتَبَرَ فِي قِصَّةٍ وَتَرَكَ ذَلِكَ فِي نَظِيرِهَا، وَكَذَلِكَ لَا يُقَالُ: هُوَ طَاهِرٌ، أَوْ مُتَطَهِّرٌ، أَوْ مُطَهَّرٌ، إِذَا كَانَ مُتَطَهِّرًا مِنْ شَيْءٍ مُتَنَجِّسًا بِنَظِيرِهِ. وَلَفْظُ " الطَّاهِرِ " كَلَفْظِ الطَّيِّبِ. قَالَ تَعَالَى:{وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} [سُورَةُ النُّورِ: 26]، كَمَا قَالَ:{الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ} [سُورَةُ النُّورِ: 26] وَقَدْ رَوَى أَنَّهُ قَالَ لِعَمَّارٍ: «ائْذَنُوا لَهُ مَرْحَبًا بِالطَّيِّبِ الْمُطَيَّبِ» (1) . وَهَذَا أَيْضًا كَلَفْظِ " الْمُتَّقِي " وَلَفْظِ " الْمُزَكِّي ". قَالَ تَعَالَى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا - وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [سُورَةُ الشَّمْسِ: 9 - 10] . وَقَالَ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 103] . وَقَالَ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [سُورَةُ الْأَعْلَى: 104] . وَقَالَ: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ} [سُورَةُ النُّورِ: 21] . وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْمُتَّقِينَ وَنَحْوِهِمْ أَنْ لَا يَقَعَ مِنْهُمْ ذَنْبٌ، وَلَا أَنْ يَكُونُوا مَعْصُومِينَ مِنَ الْخَطَأِ وَالذُّنُوبِ. فَإِنَّ هَذَا لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي الْأُمَّةِ مُتَّقٍ، بَلْ مَنْ تَابَ مِنْ ذُنُوبِهِ دَخَلَ فِي الْمُتَّقِينَ (2) ، وَمَنْ فَعَلَ مَا يُكَفِّرُ سَيِّئَاتِهِ دَخَلَ فِي الْمُتَّقِينَ، (3) كَمَا قَالَ:{إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 31] .

(1) الْحَدِيثُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فِي: سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/52 (الْمُقَدِّمَةُ، بَابٌ فِي فَضَائِلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَضْلُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ) ، الْمُسْتَدْرَكِ لِلْحَاكِمِ، 3/188 وَقَالَ:" هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ "، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ:" صَحِيحٌ "، وَالْحَدِيثُ أَيْضًا فِي: مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ 12/118 وَانْظُرْ تَعْلِيقَ الْمُحَقِّقِ.

(2)

سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب) .

(3)

سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب) .

ص: 82

فَدُعَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَنْ يُطَهِّرَهُمْ تَطْهِيرًا، كَدُعَائِهِ بِأَنْ يُزَكِّيَهُمْ وَيُطَيِّبَهُمْ وَيَجْعَلَهُمْ مُتَّقِينَ وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنِ اسْتَقَرَّ أَمْرُهُ عَلَى ذَلِكَ، فَهُوَ دَاخِلٌ فِي هَذَا، لَا تَكُونُ الطَّهَارَةُ الَّتِي دَعَا بِهَا بِأَعْظَمَ مِمَّا دَعَا بِهِ لِنَفْسِهِ. وَقَدْ قَالَ:«اللَّهُمَّ طَهِّرْنِي مِنْ خَطَايَايَ (1) بِالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَالْمَاءِ الْبَارِدِ» . فَمَنْ وَقَعَ ذَنْبُهُ مَغْفُورًا أَوْ مُكَفَّرًا فَقَدْ طَهَّرَهُ اللَّهُ مِنْهُ تَطْهِيرًا، وَلَكِنْ مَنْ مَاتَ (2) مُتَوَسِّخًا بِذُنُوبِهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُطَهَّرْ مِنْهَا فِي حَيَاتِهِ. وَقَدْ يَكُونُ مِنْ تَمَامِ تَطْهِيرِهِمْ صِيَانَتُهُمْ عَنِ الصَّدَقَةِ الَّتِي هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ. وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَعَا بِدُعَاءٍ أَجَابَهُ اللَّهُ بِحَسَبِ اسْتِعْدَادِ الْمَحَلِّ، فَإِذَا اسْتَغْفَرَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ (3) ، لَمْ يَلْزَمْ أَنْ لَا يُوجَدَ مُؤْمِنٌ مُذْنِبٌ، فَإِنَّ هَذَا لَوْ كَانَ وَاقِعًا لَمَا عُذِّبَ مُؤْمِنٌ، لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ، بَلْ يَغْفِرُ اللَّهُ لِهَذَا بِالتَّوْبَةِ، وَلِهَذَا بِالْحَسَنَاتِ الْمَاحِيَةِ، وَيَغْفِرُ اللَّهُ لِهَذَا ذُنُوبًا (4) كَثِيرَةً، وَإِنَّ وَاحِدَةً بِأُخْرَى. وَبِالْجُمْلَةِ فَالتَّطْهِيرُ الَّذِي أَرَادَهُ اللَّهُ، وَالَّذِي دَعَا بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، لَيْسَ هُوَ الْعِصْمَةُ بِالِاتِّفَاقِ، فَإِنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ عِنْدَهُمْ لَا مَعْصُومَ إِلَّا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. وَالشِّيعَةُ يَقُولُونَ: لَا مَعْصُومَ غَيْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْإِمَامِ. فَقَدْ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ (5) عَلَى انْتِفَاءِ الْعِصْمَةِ الْمُخْتَصَّةِ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْإِمَامِ عَنْ أَزْوَاجِهِ وَبَنَاتِهِ وَغَيْرِهِنَّ مِنَ النِّسَاءِ

(1) م: خَطَايَ.

(2)

س، تَابَ، وَهُوَ خَطَأٌ.

(3)

ب: وَلِلْمُؤْمِنَاتِ.

(4)

م: وَيَغْفِرُ لَهُمْ ذُنُوبًا.

(5)

س: بِالِاتِّفَاقِ.

ص: 83

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ التَّطْهِيرُ الْمَدْعُوُّ بِهِ (1) لِلْأَرْبَعَةٍ مُتَضَمِّنًا لِلْعِصْمَةِ الَّتِي يَخْتَصُّ بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالْإِمَامُ عِنْدَهُمْ (2)، فَلَا يَكُونُ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ (3) بِهَذِهِ (4) الْعِصْمَةِ: لَا لِعَلِيٍّ (5) وَلَا لِغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ دَعَا بِالطَّهَارَةِ لِأَرْبَعَةٍ مُشْتَرِكِينَ لَمْ يَخْتَصَّ (6) بَعْضَهُمْ بِدَعْوَةٍ. وَأَيْضًا فَالدُّعَاءُ بِالْعِصْمَةِ مِنَ الذُّنُوبِ مُمْتَنِعٌ عَلَى أَصْلِ الْقَدَرِيَّةِ، بَلْ وَبِالتَّطْهِيرِ أَيْضًا ; فَإِنَّ الْأَفْعَالَ الِاخْتِيَارِيَّةَ - الَّتِي هِيَ فِعْلُ الْوَاجِبَاتِ (7) وَتَرْكُ الْمُحَرَّمَاتِ - عِنْدَهُمْ غَيْرُ مَقْدُورَةٍ لِلرَّبِّ، وَلَا يُمْكِنُهُ (8) أَنْ يَجْعَلَ الْعَبْدَ مُطِيعًا وَلَا عَاصِيًا، وَلَا مُتَطَهِّرًا مِنَ الذُّنُوبِ وَلَا غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ، فَامْتَنَعَ عَلَى أَصْلِهِمْ أَنْ يَدْعُوَ لِأَحَدٍ بِأَنْ يَجْعَلَهُ فَاعِلًا لِلْوَاجِبَاتِ تَارِكًا لِلْمُحَرَّمَاتِ، وَإِنَّمَا الْمَقْدُورُ عِنْدَهُمْ قُدْرَةٌ تَصْلُحُ لِلْخَيْرِ وَالشَّرِّ، كَالسَّيْفِ الَّذِي يَصْلُحُ لِقَتْلِ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، وَالْمَالِ الَّذِي يُمْكِنُ إِنْفَاقُهُ فِي الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ، ثُمَّ الْعَبْدُ يَفْعَلُ بِاخْتِيَارِهِ: إِمَّا الْخَيْرَ وَإِمَّا الشَّرَّ بِتِلْكَ الْقُدْرَةِ. وَهَذَا الْأَصْلُ يُبْطِلُ حُجَّتَهُمْ. وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ فِي إِبْطَالِ هَذَا الْأَصْلِ، حَيْثُ دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَهُمْ (9) بِالتَّطْهِيرِ. فَإِنْ قَالُوا: الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّهُ يَغْفِرُ لَهُمْ وَلَا يُؤَاخِذُهُمْ.

(1) م: الْمُطَهَّرُ الْمَدْعُوُّ لَهُ.

(2)

ن، م، س: وَعِنْدَهُمْ.

(3)

لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .

(4)

ب: بِهَذَا.

(5)

م: إِلَّا لِعَلِيٍّ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(6)

ن، م: مُشْرِكِينَ لَمْ يَخُصَّ.

(7)

م: الْمُوجِبَاتِ.

(8)

ن، م، س: وَلَا يُمْكِنُ.

(9)

لَهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .

ص: 84

كَانَ ذَلِكَ أَدَلَّ عَلَى الْبُطْلَانِ مِنْ دَلَالَتِهِ عَلَى الْعِصْمَةِ (1) . فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْحَدِيثَ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ بِحَالٍ [عَلَى](2) ثُبُوتِ الْعِصْمَةِ. وَالْعِصْمَةُ مُطْلَقًا - الَّتِي هِيَ فِعْلُ الْمَأْمُورِ وَتَرْكُ الْمَحْظُورِ - لَيْسَتْ مَقْدُورَةً عِنْدَهُمْ لِلَّهِ، وَلَا (3) يُمْكِنُهُ أَنْ يَجْعَلَ أَحَدًا فَاعِلًا لِطَاعَةٍ وَلَا تَارِكًا لِمَعْصِيَةٍ، لَا لِنَبِيٍّ وَلَا لِغَيْرِهِ، فَيَمْتَنِعُ عِنْدَهُمْ أَنَّ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا عَاشَ يُطِيعُهُ بِاخْتِيَارِ نَفْسِهِ لَا بِإِعَانَةِ اللَّهِ وَهِدَايَتِهِ (4) . وَهَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ تَنَاقُضَ قَوْلِهِمْ فِي مَسَائِلِ الْعِصْمَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَلَوْ قُدِّرَ ثُبُوتُ الْعِصْمَةِ فَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِمَامِ الْعِصْمَةُ وَلَا إِجْمَاعٌ (5) عَلَى انْتِفَاءِ الْعِصْمَةِ فِي غَيْرِهِمْ، وَحِينَئِذٍ فَتَبْطُلُ حُجَّتُهُمْ بِكُلِّ طَرِيقٍ. وَأَمَّا قَوْلُهُ:" إِنَّ عَلِيًّا ادَّعَاهَا (6) ، وَقَدْ (7) ثَبَتَ نَفْيُ الرِّجْسِ عَنْهُ فَيَكُونُ صَادِقًا ". فَجَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ عَلِيًّا ادَّعَاهَا، بَلْ نَحْنُ نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ [عِلْمًا مُتَيَقِّنًا](8) أَنَّ عَلِيًّا مَا ادَّعَاهَا قَطُّ حَتَّى قُتِلَ عُثْمَانُ، وَإِنْ (9)

(1) ن، م: أَدَلَّ عَلَى بُطْلَانِ دَلَالَتِهِ عَلَى الْعِصْمَةِ.

(2)

عَلَى: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) .

(3)

م: فَلَا.

(4)

فَيَمْتَنِعُ عِنْدَهُمْ أَنْ. . . لَا بِإِعَانَةِ اللَّهِ وَهِدَايَتِهِ، كَذَا فِي النُّسَخِ الْأَرْبَعَةِ، وَالْكَلَامُ فِيهِ نَقْصٌ وَتَحْرِيفٌ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّ مَنْ يَكُونُ مَعْصُومًا عِنْدَهُمْ لَا يَكُونُ مُطِيعًا لِلَّهِ بِإِعَانَةِ اللَّهِ وَهِدَايَتِهِ بَلْ بِاخْتِيَارِ نَفْسِهِ.

(5)

ب (فَقَطْ) : وَالْإِجْمَاعُ، وَهُوَ خَطَأٌ.

(6)

م: ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ.

(7)

ن، م، س: فَقَدْ.

(8)

عِلْمًا مُتَيَقِّنًا: زِيَادَةٌ فِي (م) فَقَطْ.

(9)

م: فَإِنْ.

ص: 85

كَانَ قَدْ (1) يَمِيلُ بِقَلْبِهِ إِلَى أَنْ يُوَلَّى، لَكِنْ مَا قَالَ: إِنِّي أَنَا الْإِمَامُ، وَلَا: إِنَّى مَعْصُومٌ، وَلَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (2) جَعَلَنِي الْإِمَامَ بَعْدَهُ، وَلَا أَنَّهُ أَوْجَبَ عَلَى النَّاسِ مُتَابَعَتِي، وَلَا نَحْوَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ. بَلْ نَحْنُ نَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ مَنْ نَقَلَ هَذَا وَنَحْوَهُ عَنْهُ فَهُوَ كَاذِبٌ عَلَيْهِ. وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ أَتْقَى لِلَّهِ مِنْ أَنْ يَدَّعِيَ الْكَذِبَ الظَّاهِرَ، الَّذِي تَعْلَمُ الصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ أَنَّهُ كَذِبٌ. وَأَمَّا نَقْلُ النَّاقِلِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ:" لَقَدْ تَقَمَّصَهَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلَّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى ". فَنَقُولُ: أَوَّلًا: أَيْنَ إِسْنَادُ هَذَا النَّقْلِ (3) ، بِحَيْثُ يَنْقُلُهُ ثِقَةٌ عَنْ ثِقَةٍ مُتَّصِلًا إِلَيْهِ؟ وَهَذَا لَا يُوجَدُ قَطُّ، وَإِنَّمَا يُوجَدُ مِثْلُ هَذَا فِي كِتَابِ " نَهْجِ الْبَلَاغَةِ " وَأَمْثَالِهِ، وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَعْلَمُونَ أَنَّ أَكْثَرَ خُطَبِ هَذَا الْكِتَابِ مُفْتَرَاةٌ عَلَى عَلِيٍّ، وَلِهَذَا لَا يُوجَدُ غَالِبُهَا فِي كِتَابٍ مُتَقَدِّمٍ، وَلَا لَهَا إِسْنَادٌ مَعْرُوفٌ. فَهَذَا الَّذِي نَقَلَهَا مِنْ أَيْنَ نَقَلَهَا؟ . وَلَكِنَّ هَذِهِ الْخُطَبَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ عَلَوِيٌّ أَوْ عَبَّاسِيٌّ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ سَلَفِهِ ادَّعَى ذَلِكَ قَطُّ، وَلَا ادَّعَى ذَلِكَ لَهُ، فَيُعْلَمُ كَذِبُهُ. فَإِنَّ النَّسَبَ يَكُونُ مَعْرُوفًا مِنْ أَصْلِهِ حَتَّى يَتَّصِلَ بِفَرْعِهِ، وَكَذَلِكَ الْمَنْقُولَاتِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ ثَابِتَةً مَعْرُوفَةً عَمَّنْ نُقِلَ عَنْهُ حَتَّى تَتَّصِلَ بِنَا. فَإِذَا صَنَّفَ وَاحِدٌ كِتَابًا ذَكَرَ فِيهِ خُطَبًا كَثِيرَةً لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ

(1) قَدْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .

(2)

س: إِنَّ الرَسُولَ صلى الله عليه وسلم، ب: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ خَطَأٌ.

(3)

س: هَذَا الْحَدِيثُ النَّقْلُ.

ص: 86

وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَلَمْ يَرْوِ أَحَدٌ مِنْهُمْ تِلْكَ الْخُطَبَ قَبْلَهُ بِإِسْنَادٍ مَعْرُوفٍ، عَلِمْنَا قَطْعًا أَنَّ ذَلِكَ كَذِبٌ. وَفِي هَذِهِ الْخُطَبِ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ قَدْ عَلِمْنَا (1) يَقِينًا مِنْ عَلِيٍّ مَا يُنَاقِضُهَا. وَنَحْنُ فِي هَذَا الْمَقَامِ لَيْسَ عَلَيْنَا أَنْ نُبَيِّنَ أَنَّ هَذَا كَذِبٌ، بَلْ يَكْفِينَا الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ النَّقْلِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُوجِبْ عَلَى الْخَلْقِ أَنْ يُصَدِّقُوا بِمَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ (2) عَلَى صِدْقِهِ، بَلْ هَذَا مُمْتَنِعٌ بِالِاتِّفَاقِ، لَا سِيَّمَا عَلَى الْقَوْلِ بِامْتِنَاعِ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ، فَإِنَّ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ، فَكَيْفَ يُمْكِنُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُثْبِتَ ادِّعَاءَ عَلِيٍّ لِلْخِلَافَةِ بِمِثْلِ حِكَايَةٍ (3) ذُكِرَتْ عَنْهُ فِي أَثْنَاءِ الْمِائَةِ الرَّابِعَةِ ; لَمَّا كَثُرَ الْكَذَّابُونَ (4) عَلَيْهِ، وَصَارَ لَهُمْ دَوْلَةٌ تَقْبَلُ مِنْهُمْ (5) مَا يَقُولُونَ، سَوَاءً كَانَ صِدْقًا أَوْ كَذِبًا، وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ مَنْ يُطَالِبُهُمْ بِصِحَّةِ النَّقْلِ. وَهَذَا الْجَوَابُ عُمْدَتُنَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَفِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى. ثُمَّ نَقُولُ (6) : هَبْ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ ذَلِكَ، فَلِمَ قُلْتَ (7) : إِنَّهُ أَرَادَ إِنِّي إِمَامٌ [مَعْصُومٌ](8) مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ، وَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنِّي كُنْتُ أَحَقَّ بِهَا مِنْ غَيْرِي. لِاعْتِقَادِهِ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ أَفْضَلُ وَأَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا (9) يَكُونُ مُخْبِرًا عَنْ أَمْرٍ تَعَمَّدَ فِيهِ الْكَذِبَ، وَلَكِنْ يَكُونُ مُتَكَلِّمًا بِاجْتِهَادِهِ، وَالِاجْتِهَادُ يُصِيبُ وَيُخْطِئُ.

(1) ن، م: قَدْ عُلِمَ.

(2)

ن، س: بِمَا لَمْ يَقُمْ بِهِ دَلِيلٌ، ب: بِمَا لَمْ يَقُمْ لَهُ دَلِيلٌ. . .

(3)

م: بِمِثْلِ هَذِهِ الْحِكَايَةِ.

(4)

س، ب: الْكَاذِبُونَ.

(5)

م: عَنْهُمْ.

(6)

ن، م: ثُمَّ يُقَالُ.

(7)

ن، م: فَلِمَ قُلْتُمْ.

(8)

مَعْصُومٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(9)

ن، س، ب: لَا.

ص: 87

وَنَفْيُ (1) الرِّجْسِ لَا [يُوجِبُ أَنْ] يَكُونَ (2) مَعْصُومًا مِنَ الْخَطَأِ بِالِاتِّفَاقِ، بِدَلِيلِ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُرِدْ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ أَنْ يُذْهِبَ عَنْهُمُ الْخَطَأَ، فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ، وَالْخَطَأُ مَغْفُورٌ، فَلَا يَضُرُّ وُجُودُهُ. وَأَيْضًا [فَالْخَطَأُ لَا يَدْخُلُ](3) فِيهِ عُمُومُ الرِّجْسِ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَا مَعْصُومَ مِنْ أَنْ يُقِرَّ عَلَى خَطَأٍ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُمْ يَخُصُّونَ ذَلِكَ بِالْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ، وَإِذْهَابُ الرِّجْسِ قَدِ اشْتَرَكَ فِيهِ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ. وَأَيْضًا فَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ أَتْقَى لِلَّهِ مِنْ أَنْ يَتَعَمَّدَ الْكَذِبَ، كَمَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَغَيْرَهُمْ كَانُوا أَتْقَى لِلَّهِ مِنْ أَنْ يَتَعَمَّدُوا لِلْكَذِبِ. لَكِنْ لَوْ قِيلَ لِهَذَا الْمُحْتَجِّ بِالْآيَةِ: أَنْتَ لَمْ تَذْكُرْ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْكَذِبَ مِنَ الرِّجْسِ، وَإِذَا لَمْ تَذْكُرْ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلًا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ إِذْهَابِ الرِّجْسِ إِذْهَابُ الْكِذْبَةِ الْوَاحِدَةِ، إِذَا (4) قُدِّرَ أَنَّ الرِّجْسَ ذَاهِبٌ، فَهُوَ فِيمَنْ (5) يَحْتَجُّ بِالْقُرْآنِ، وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ مَا يَدُلُّ عَلَى إِذْهَابِ (6) الرِّجْسِ، وَلَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَذِبَ وَالْخَطَأَ مِنَ الرِّجْسِ، وَلَا أَنَّ عَلِيًّا قَالَ ذَلِكَ. وَلَكِنَّ هَذَا كُلَّهُ لَوْ صَحَّ شَيْءٌ مِنْهُ لَمْ يَصِحَّ إِلَّا بِمُقَدِّمَاتٍ لَيْسَتْ فِي الْقُرْآنِ، فَأَيْنَ الْبَرَاهِينُ الَّتِي فِي الْقُرْآنِ عَلَى الْإِمَامَةِ؟ وَهَلْ يَدَّعِي هَذَا إِلَّا مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْخِزْيِ وَالنَّدَامَةِ؟ .

(1) ب: وَبِنَفْيِ.

(2)

ن، س، ب: لَا يَكُونَ. . .

(3)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب) .

(4)

س، ب: إِنْ.

(5)

ن، س، ب: فَهُوَ ضَمِنَ أَنْ.

(6)

م: ذَهَابِ.

ص: 88