الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهُمْ مِنْ أَعْظَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ دُخُولًا فِي ذَلِكَ، وَعَلِيٌّ مِنْهُمْ، وَمَا فِيهَا مِنْ ذَمٍّ فَالرَّافِضَةُ أَدْخَلُ النَّاسِ فِيهِ، فَهِيَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ مِنَ الطَّرَفَيْنِ (1) ، وَلَيْسَ فِيهَا حُجَّةٌ عَلَى اخْتِصَاصِ عَلِيٍّ دُونَ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ بِشَيْءٍ، فَهِيَ (2) حُجَّةٌ [عَلَيْهِمْ](3) مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهَا بِحَالٍ.
[فصل البرهان الثالث والعشرون " هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ " والجواب عليه]
فَصْلٌ
قَالَ الرَّافِضِيُّ (4) : الْبُرْهَانُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 62] مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَكْتُوبٌ عَلَى الْعَرْشِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ (5) ، مُحَمَّدٌ عَبْدِي وَرَسُولِي أَيَّدْتُهُ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (6)، وَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي كِتَابِهِ:( {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} ، يَعْنِي بِعَلِيٍّ (7) ، وَهَذِهِ مِنْ أَعْظَمِ الْفَضَائِلِ الَّتِي لَمْ تَحْصُلْ لِغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ (8) ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ ".
(1) ن: مِنَ الطَّرِيقَيْنِ.
(2)
م: فَهَذِهِ.
(3)
عَلَيْهِمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (س) .
(4)
فِي (ك) ص 160 (م) .
(5)
ك: أَنَا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لِي.
(6)
ك: وَأَيَّدْتُهُ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام.
(7)
ك: بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليهما السلام.
(8)
مِنَ الصَّحَابَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ك) .
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ النَّقْلِ. وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْعَزْوِ إِلَى رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ فَلَيْسَ (1) حُجَّةً بِالِاتِّفَاقِ. وَأَبُو نُعَيْمٍ لَهُ كِتَابٌ مَشْهُورٌ فِي " فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ "(2) ، وَقَدْ ذَكَرَ قِطْعَةً مِنَ الْفَضَائِلِ فِي أَوَّلِ " الْحِلْيَةِ "، فَإِنْ كَانُوا يَحْتَجُّونَ بِمَا رَوَاهُ، فَقَدْ رَوَى فِي فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ مَا يُنْقِضُ بُنْيَانَهُمْ وَيَهْدِمُ أَرْكَانَهُمْ، وَإِنْ كَانُوا [لَا](3) يَحْتَجُّونَ بِمَا رَوَاهُ فَلَا يَعْتَمِدُونَ عَلَى نَقْلِهِ، وَنَحْنُ نَرْجِعُ فِيمَا رَوَاهُ - هُوَ وَغَيْرُهُ - إِلَى أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَذَا الْفَنِّ وَالطُّرُقِ الَّتِي بِهَا يُعْلَمُ صِدْقُ الْحَدِيثِ وَكَذِبُهُ، مِنَ النَّظَرِ فِي إِسْنَادِهِ وَرِجَالِهِ، وَهَلْ هُمْ ثِقَاتٌ سَمِعَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ أَمْ لَا؟ وَنَنْظُرُ إِلَى شَوَاهِدِ الْحَدِيثِ وَمَا يَدُلُّ [عَلَيْهِ](4) عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ، لَا فَرْقَ عِنْدَنَا بَيْنَ مَا يُرْوَى فِي فَضَائِلِ عَلِيٍّ أَوْ فَضَائِلِ غَيْرِهِ، فَمَا ثَبَتَ أَنَّهُ صِدْقٌ صَدَّقْنَاهُ، وَمَا كَانَ كَذِبًا كَذَّبْنَاهُ.
فَنَحْنُ نَجِيءُ بِالصِّدْقِ وَنُصَدِّقُ بِهِ، لَا نَكْذِبُ، وَلَا نُكَذِّبُ صَادِقًا. وَهَذَا مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ. وَأَمَّا مَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ (5) بِالْحَقِّ، فَعَلَيْنَا أَنْ نُكَذِّبَهُ فِي كَذِبِهِ وَتَكْذِيبِهِ لِلْحَقِّ، كَأَتْبَاعِ مُسَيْلِمَةَ
(1) ن، م، س: فَلَيْسَتْ.
(2)
سَبَقَتْ تَرْجَمَةُ أَبِي نُعَيْمٍ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِيِّ قَبْلَ صَفَحَاتٍ، وَذَكَرَ الزِّرِكْلِيُّ فِي " الْأَعْلَامِ " 1/150 أَنَّ لَهُ كِتَابَ " مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ " كَبِيرٌ، بَقِيَتْ مِنْهُ أَجْزَاءٌ فِي مُجَلَّدٍ وَاحِدٍ مَخْطُوطٍ. وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي " مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ " عَنْهُ:" قَالَ الْخَطِيبُ: رَأَيْتُ لِأَبِي نُعَيْمٍ أَشْيَاءَ يَتَسَاهَلُ فِيهَا، مِنْهَا أَنَّهُ يُطْلِقُ فِي الْإِجَازَةِ أَخْبَرَنَا وَلَا يُبَيِّنُ. قُلْتُ: هَذَا مَذْهَبٌ رَآهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ التَّدْلِيسِ، وَكَلَامُ ابْنِ مَنْدَهْ فِي أَبِي نُعَيْمٍ فَظِيعٌ لَا أُحِبُّ حِكَايَتَهُ، وَلَا أَقْبَلُ قَوْلَ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْآخَرِ، بَلْ هُمَا عِنْدِي مَقْبُولَانِ، لَا أَعْلَمُ لَهُمَا ذَنْبًا أَكْثَرَ مِنْ رِوَايَتِهِمَا الْمَوْضُوعَاتِ سَاكِتَيْنِ عَنْهَا ".
(3)
لَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) .
(4)
عَلَيْهِ: فِي (ب) فَقَطْ.
(5)
س، ب: وَكَذَّبَ.
الْكَذَّابِ وَالْمُكَذِّبِينَ بِالْحَقِّ الَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَاتَّبَعَهُ عَلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ: صِدِّيقُهُ الْأَكْبَرُ وَسَائِرُ الْمُؤْمِنِينَ.
وَلِهَذَا نَقُولُ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي: إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ (1) . وَهَذَا الْحَدِيثُ - وَأَمْثَالُهُ - مِمَّا جَزَمْنَا أَنَّهُ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ نَشْهَدُ أَنَّهُ (2) كَذِبٌ مَوْضُوعٌ، فَنَحْنُ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ - نَعْلَمُ عِلْمًا ضَرُورِيًّا فِي قُلُوبِنَا، لَا سَبِيلَ لَنَا إِلَى دَفْعِهِ، أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ [كَذِبٌ](3) مَا حَدَّثَ بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَهَكَذَا نَظَائِرُهُ (4) مِمَّا نَقُولُ فِيهِ مِثْلَ ذَلِكَ.
وَكُلُّ مَنْ كَانَ عَارِفًا بِعِلْمِ الْحَدِيثِ وَبِدِينِ الْإِسْلَامِ يَعْرِفُ، وَكُلُّ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِذَلِكَ عِلْمٌ لَا يَدْخُلُ مَعَنَا، كَمَا أَنَّ أَهْلَ الْخِبْرَةِ بِالصَّرْفِ يَحْلِفُونَ عَلَى مَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مَغْشُوشٌ، وَإِنْ كَانَ مَنْ لَا خِبْرَةَ لَهُ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْمَغْشُوشِ وَالصَّحِيحِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 62 - 63] . وَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ عَدَدٌ مُؤَلَّفٌ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَعَلِيٌّ وَاحِدٌ [مِنْهُمْ](5) لَيْسَ لَهُ قُلُوبٌ يُؤَلَّفُ بَيْنَهَا.
وَالْمُؤْمِنُونَ (6) صِيغَةُ (7) جَمْعٍ، فَهَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ لَا يَحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ وَاحِدًا
(1) لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ الْمَوْضُوعَ.
(2)
س، ب: يَشْهَدُ لَهُ، ن: نَسْهَدُ (غَيْرُ مَنْقُوطَةٍ) لَهُ.
(3)
كَذِبٌ: زِيَادَةٌ فِي (م) .
(4)
س، ب: نَظِيرُهُ.
(5)
مِنْهُمْ: فِي (م) فَقَطْ.
(6)
س، ب: وَالْمُؤْمِنِينَ.
(7)
ب: صِفَةُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
مُعَيَّنًا، وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِهَذَا عَلِيٌّ وَحْدَهُ؟
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنْ يُقَالَ: مِنَ الْمَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ وَالتَّوَاتُرِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَا كَانَ قِيَامُ دِينِهِ بِمُجَرَّدِ مُوَافَقَةِ عَلِيٍّ، فَإِنَّ عَلِيًّا كَانَ (1) مِنْ أَوَّلِ مَنْ أَسْلَمَ، فَكَانَ الْإِسْلَامُ ضَعِيفًا، فَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ هَدَى مَنْ هَدَاهُ إِلَى الْإِيمَانِ وَالْهِجْرَةِ وَالنُّصْرَةِ، لَمْ يَحْصُلْ بِعَلِيٍّ وَحْدَهُ شَيْءٌ مِنَ التَّأْيِيدِ، وَلَمْ يَكُنْ (2) إِيمَانُ النَّاسِ وَهِجْرَتُهُمْ وَلَا نُصْرَتُهُمْ عَلَى يَدِ عَلِيٍّ، وَلَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ مُنْتَصِبًا: لَا بِمَكَّةَ وَلَا بِالْمَدِينَةِ لِلدَّعْوَةِ إِلَى الْإِيمَانِ، كَمَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ مُنْتَصِبًا لِذَلِكَ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ عَلِيٍّ أَحَدٌ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، لَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَلَا مِنَ الْأَنْصَارِ، بَلْ لَا نَعْرِفُ أَنَّهُ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ عَلِيٍّ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، لَكِنْ لَمَّا بَعَثَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْيَمَنِ قَدْ يَكُونُ قَدْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ (3) مَنْ أَسْلَمَ، إِنْ كَانَ وَقَعَ ذَلِكَ وَلَيْسَ أُولَئِكَ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَإِنَّمَا أَسْلَمَ أَكَابِرُ الصَّحَابَةِ عَلَى يَدِ أَبِي بَكْرٍ، وَلَا كَانَ يَدْعُو الْمُشْرِكِينَ وَيُنَاظِرُهُمْ، كَمَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُوهُمْ وَيُنَاظِرُهُمْ، وَلَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَخَافُونَهُ، كَمَا يَخَافُونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ.
بَلْ قَدْ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ وَالْمَسَانِدِ وَالْمَغَازِي، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ النَّاسُ، أَنَّهُ «لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ، صَعِدَ أَبُو سُفْيَانَ عَلَى (4) الْجَبَلِ وَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ [أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟](5) فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:
(1) كَانَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(2)
س، ب: وَلَا يَكُونُ.
(3)
عَلَى يَدَيْهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س)، (ب) وَفِي (ن) : عَلَى يَدِهِ.
(4)
س، ب: إِلَى.
(5)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (م) فَقَطْ.
" لَا تُجِيبُوهُ ". فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لَا تُجِيبُوهُ " فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لَا تُجِيبُوهُ ". فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: أَمَّا هَؤُلَاءِ فَقَدْ كُفِيتُمُوهُمْ. فَلَمْ يَمْلِكْ عُمَرُ (1) رضي الله عنه نَفْسَهُ أَنْ قَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، إِنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ (2) لَأَحْيَاءٌ، وَقَدْ بَقِيَ لَكَ مَا يَسُوءُكَ. فَقَالَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ. فَقَالَ عُمَرُ: لَا سَوَاءٌ، قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ. ثُمَّ أَخَذَ أَبُو سُفْيَانَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ:
اعْلُ هُبَلْ. . اعْلُ هُبُلْ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " أَلَا تُجِيبُوهُ (3) ؟ " فَقَالُوا: وَمَا نَقُولُ؟ قَالَ: " قُولُوا: اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ " فَقَالَ: إِنَّ لَنَا الْعُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " أَلَا تُجِيبُوهُ (4) " فَقَالُوا: وَمَا نَقُولُ؟ قَالَ: " قُولُوا: اللَّهُ مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ " فَقَالَ: سَتَجِدُونَ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةً لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي» (5) .
فَهَذَا جَيْشُ الْمُشْرِكِينَ إِذْ ذَاكَ لَا يَسْأَلُ إِلَّا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَلَوْ كَانَ الْقَوْمُ خَائِفِينَ مِنْ عَلِيٍّ أَوْ عُثْمَانَ أَوْ طَلْحَةَ أَوِ الزُّبَيْرِ أَوْ نَحْوِهِمْ، أَوْ كَانَ لِلرَّسُولِ تَأْيِيدٌ بِهَؤُلَاءِ، كَتَأْيِيدِهِ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، لَكَانَ يُسْأَلُ عَنْهُمْ كَمَا يُسْأَلُ عَنْ هَؤُلَاءِ، فَإِنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلسُّؤَالِ (6) قَائِمٌ، وَالْمَانِعُ
(1) م حَمْزَةُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(2)
م: ذَكَرْتَ.
(3)
ب: أَجِيبُوهُ.
(4)
ب: أَجِيبُوهُ.
(5)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ 1/523
(6)
ن، س: لِلرَّسُولِ، وَهُوَ خَطَأٌ.
مُنْتَفٍ، وَمَعَ وُجُودِ الْقُدْرَةِ وَالدَّاعِي وَانْتِفَاءِ الصَّارِفِ (1) يَجِبُ مَعَهُ (2) وُجُودُ الْفِعْلِ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِعَلِيٍّ فِي الْإِسْلَامِ أَثَرٌ حَسَنٌ، إِلَّا وَلِغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ مِثْلُهُ، وَلِبَعْضِهِمْ آثَارٌ أَعْظَمُ مِنْ آثَارِهِ. وَهَذَا مَعْلُومٌ لِمَنْ عَرَفَ السِّيرَةَ الصَّحِيحَةَ الثَّابِتَةَ بِالنَّقْلِ. وَأَمَّا مَنْ يَأْخُذُ بِنَقْلِ الْكَذَّابِينَ وَأَحَادِيثِ الطُّرُقِيَّةِ، فَبَابُ الْكَذِبِ مَفْتُوحٌ، وَهَذَا الْكَذِبُ (3) يَتَعَلَّقُ بِالْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ، {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ} [سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ: 68] .
وَمَجْمُوعُ الْمَغَازِي الَّتِي كَانَ فِيهَا الْقِتَالُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تِسْعُ مَغَازٍ، وَالْمَغَازِي كُلُّهَا بِضْعٌ وَعِشْرُونَ غَزَاةً (4)، وَأَمَّا السَّرَايَا فَقَدْ قِيلَ: إِنَّهَا تَبْلُغُ سَبْعِينَ (5) .
وَمَجْمُوعُ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْكُفَّارِ فِي غَزَوَاتِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم يَبْلُغُونَ أَلْفًا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ، وَلَمْ يَقْتُلْ [عَلِيٌّ](6) مِنْهُمْ عُشْرَهُمْ وَلَا نِصْفَ عُشْرِهِمِ، وَأَكْثَرُ السَّرَايَا لَمْ يَكُنْ يَخْرُجُ فِيهَا. وَأَمَّا بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَشْهَدْ شَيْئًا مِنَ الْفُتُوحَاتِ: لَا هُوَ وَلَا عُثْمَانُ وَلَا طَلْحَةُ،
(1) س: الصِّدْقِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ، ب: الضِّدِّ.
(2)
مَعَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) .
(3)
م: الْمُكَذِّبُ.
(4)
م: غَزِيَّةً.
(5)
م: تِسْعِينَ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَانْظُرْ عَنْ عَدَدِ غَزَوَاتِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَسَرَايَاهُ وَبُعُوثَهُ، زَادَ الْمَعَادِ 1/129 - 130، جَوَامِعَ السِّيرَةِ، ص 16 - 21، صَحِيحَ مُسْلِمٍ 3/1447 - 1448 (كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيرَةِ، بَابُ عَدَدِ غَزَوَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم .
(6)
عَلِيٌّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س)
وَلَا الزُّبَيْرُ، إِلَّا أَنْ يَخْرُجُوا مَعَ عُمَرَ حِينَ خَرَجَ (1) إِلَى الشَّامِ. وَأَمَّا الزُّبَيْرُ فَقَدْ شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ، وَسَعْدٌ شَهِدَ فَتْحَ الْقَادِسِيَّةِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ فَتْحَ الشَّامِ.
فَكَيْفَ يَكُونُ تَأْيِيدُ الرَّسُولِ بِوَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ (2) دُونَ سَائِرِهِمْ وَالْحَالُ هَذِهِ؟ وَأَيْنَ تَأْيِيدُهُ بِالْمُؤْمِنِينَ كُلِّهِمْ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ بَايَعُوهُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ؟
وَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ بَدْرٍ ثَلَاثَمِائَةٍ وَثَلَاثَ عَشَرَ، وَيَوْمَ أُحُدٍ نَحْوَ (3) سَبْعِمِائَةٍ، وَيَوْمَ الْخَنْدَقِ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، وَيَوْمَ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ، وَهُمُ الَّذِينَ شَهِدُوا فَتْحَ خَيْبَرَ، وَيَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ كَانُوا عَشَرَةَ آلَافٍ، وَيَوْمَ حُنَيْنٍ كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا: تِلْكَ الْعَشَرَةُ (4) ، وَالطُّلَقَاءُ أَلْفَانِ.
وَأَمَّا تَبُوكُ فَلَا يُحْصَى مَنْ شَهِدَهَا، بَلْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ [أَلْفًا](5) . وَأَمَّا حَجَّةُ الْوَدَاعِ فَلَا يُحْصَى مَنْ شَهِدَهَا مَعَهُ، وَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ عَلَى عَهْدِهِ (6) أَضْعَافُ (7) مَنْ رَآهُ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَأَيَّدَهُ اللَّهُ بِهِمْ فِي حَيَاتِهِ بِالْيَمَنِ وَغَيْرِهَا. وَكُلُّ هَؤُلَاءِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ أَيَّدَهُ اللَّهُ بِهِمْ، بَلْ كُلُّ مَنْ آمَنَ وَجَاهَدَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ دَخَلَ فِي هَذَا الْمَعْنَى (8) .
(1) س، ب: يَخْرُجُ.
(2)
س، ب: مِنَ الصَّحَابَةِ.
(3)
نَحْوَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(4)
ن، س: عَشَرَةٌ.
(5)
أَلْفًا: فِي (م) فَقَطْ.
(6)
س، ب: عَلَى عَهْدِهَا.
(7)
ب: أَصْنَافُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(8)
س، ب:. . الْمَعْنَى: وَاللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.