الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ يُؤَهَّلُ لِلْخِطَابِ؟ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ فِي تَفْسِيقِ خِيَارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَتَضْلِيلِهِمْ وَتَكْفِيرِهِمْ وَتَجْهِيلِهِمْ؟ .
وَلَوْلَا أَنَّ هَذَا الْمُعْتَدِيَ الظَّالِمَ قَدِ اعْتَدَى عَلَى خِيَارِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ، وَسَادَاتِ أَهْلِ الْأَرْضِ، خَيْرِ خَلْقِ اللَّهِ بَعْدَ النَّبِيِّينَ اعْتِدَاءً يَقْدَحُ فِي الدِّينِ، وَيُسَلِّطُ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ، وَيُورِثُ الشُّبَهَ وَالضَّعْفَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ - لَمْ يَكُنْ بِنَا حَاجَةٌ إِلَى كَشْفِ أَسْرَارِهِ، وَهَتْكِ أَسْتَارِهِ، وَاللَّهُ حَسِيبُهُ وَحَسِيبُ أَمْثَالِهِ.
[فصل البرهان الأربعون " فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ " والجواب عليه]
فَصْلٌ
قَالَ الرَّافِضِيُّ (1) .: " الْبُرْهَانُ الْأَرْبَعُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [سُورَةُ التَّحْرِيمِ: 4] أَجْمَعَ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّ صَالِحَ الْمُؤْمِنِينَ هُوَ عَلِيٌّ (2) . . رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، قَالَتْ:«سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} [قَالَ: صَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ] (3) . عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ» ، وَاخْتِصَاصُهُ
(1) فِي (ك) ص 166 - 167 (م)
(2)
ك: عَلَى أَنَّ صَالِحَ الْمُؤْمِنِينَ هُوَ عَلِيٌّ عليه السلام
(3)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ زِدْتُهُ مِنْ (ك) لِتَتَّضِحَ الْعِبَارَةُ
بِذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهِ (1) .، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ. وَالْآيَاتُ فِي هَذَا (2) . الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ، اقْتَصَرْنَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا (3) . لِلِاخْتِصَارِ ".
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: قَوْلُهُ: " أَجْمَعَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّ صَالِحَ الْمُؤْمِنِينَ هُوَ عَلِيٌّ " كَذِبٌ مُبِينٌ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يُجْمِعُوا عَلَى هَذَا، وَلَا نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى هَذَا أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ التَّفْسِيرِ، وَلَا عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ وَنَحْوِهِمْ. وَنَحْنُ نُطَالِبُهُمْ بِهَذَا النَّقْلِ، وَمَنْ نَقَلَ هَذَا الْإِجْمَاعَ؟ .
الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ: كُتُبُ التَّفْسِيرِ مَمْلُوءَةٌ بِنَقِيضِ هَذَا. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ وَغَيْرُهُمْ: هُوَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. وَذَكَرَ هَذَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ، كَابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِ.
وَقِيلَ: هُوَ أَبُو بَكْرٍ، رَوَاهُ مَكْحُولٌ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ.
وَقِيلَ: عُمَرُ، قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ.
وَقِيلَ: خِيَارُ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَهُ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ.
وَقِيلَ: هُمُ الْأَنْبِيَاءُ، قَالَهُ قَتَادَةُ وَالْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ وَسُفْيَانُ.
وَقِيلَ: هُوَ عَلِيٌّ، حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَمْ يُسَمِّ قَائِلَهُ، فَلَعَلَّهُ بَعْضُ الشِّيعَةِ (4) . .
(1) م: أَفْضَلِيَّةٍ
(2)
ك. . . الْإِمَامَ عليه السلام، وَالْآيَاتُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا
(3)
ن، س، ب: عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ
(4)
ذَكَرَ هَذِهِ الْأَقْوَالَ السِّتَّةَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " زَادِ الْمَسِيرِ " 8: 310 - 311 وَفِي تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ 28/105 " ط. بُولَاقَ "، ذَكَرَ بَعْضَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ، وَفِي تَفْسِيرِ ابْنِ كَثِيرٍ 8/192 وَكَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةُ، وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، وَالضَّحَّاكُ وَغَيْرُهُمْ:(وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) : أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، زَادَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: وَعُثْمَانُ، وَقَالَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ:(وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) قَالَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ ثِقَةٌ يَرْفَعُهُ إِلَى عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قَوْلُهُ: " وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ " قَالَ: " هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ " إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَهُوَ مُنْكَرٌ جِدًّا
الثَّالِثُ: أَنْ يُقَالَ: لَمْ يَثْبُتْ [هَذَا](1) . الْقَوْلُ بِتَخْصِيصِ عَلِيٍّ بِهِ عَمَّنْ قَوْلُهُ حُجَّةٌ. وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ، وَهُوَ لَمْ يَذْكُرْ دَلَالَةً عَلَى صِحَّتِهِ (2) . . وَمُجَرَّدُ رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ لَهُ لَا تَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ.
الرَّابِعُ: أَنْ يُقَالَ: قَوْلُهُ: {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} اسْمٌ يَعُمُّ كُلَّ صَالِحٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«إِنَّ آلَ أَبِي فُلَانٍ لَيْسُوا لِي بِأَوْلِيَاءَ، إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللَّهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ» " (3) .
الْخَامِسُ: أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ صَالِحَ الْمُؤْمِنِينَ مَوْلَى (4) . رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا أَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاهُ، وَالْمَوْلَى يُمْنَعُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمُوَالَى عَلَيْهِ (5) .، فَلَمْ يَبْقَ الْمُرَادُ بِهِ إِلَّا الْمُوَالِي.
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ صَالِحًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ كَانَ مُوَالِيًا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَطْعًا، فَإِنَّهُ [لَوْ] لَمْ يُوَالِهِ (6) . لَمْ يَكُنْ مِنْ صَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ، بَلْ قَدْ يُوَالِيهِ الْمُؤْمِنُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَالِحًا، لَكِنْ لَا تَكُونُ مُوَالَاةً كَامِلَةً. وَأَمَّا الصَّالِحُ فَيُوَالِيهِ مُوَالَاةً كَامِلَةً، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ صَالِحًا أَحَبَّ مَا أَحَبَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَأَبْغَضَ مَا أَبْغَضَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَأَمَرَ بِمَا أَمَرَ بِهِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَنَهَى عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ. وَهَذَا يَتَضَمَّنُ الْمُوَالَاةَ.
(1) هَذَا: زِيَادَةٌ فِي (م)
(2)
لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ
(3)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي هَذَا الْجُزْءِ، ص 76
(4)
م: وَلِيَّ
(5)
س، ب: الْمَوْلَى عَلَيْهِ
(6)
ن، س: فَإِنَّهُ لَمْ يُوَالِهِ، ب: فَإِنْ لَمْ يُوَالِهِ
وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِابْنِ عُمَرَ: " «إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ» " فَمَا نَامَ بَعْدَهَا (1) . .
وَقَالَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ: " «إِنَّهُ مِنْ صَالِحِيكُمْ، فَاسْتَوْصُوا بِهِ خَيْرًا» "(2) .
وَأَمَّا قَوْلُهُ: " وَالْآيَاتُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ "(3) . فَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ الْمَتْرُوكُ مِنْ جِنْسِ الْمَذْكُورِ، وَالَّذِي ذَكَرَهُ خُلَاصَةُ مَا عِنْدَهُمْ، وَبَابُ الْكَذِبِ لَا يَنْسَدُّ. وَلِهَذَا كَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُقَابِلُ كَذِبَهُمْ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنَ الْكَذِبِ (4) .، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ، وَلِلْكَذَّابِينَ الْوَيْلُ مِمَّا يَصِفُونَ
(1) هَذَا جُزْءٌ مِنْ حَدِيثِ طَوِيلٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه جَاءَ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْهَا 9/40، 40 - 41، (كِتَابُ التَّعْبِيرِ، بَابُ الْأَمْنِ وَذَهَابِ الرَّوْعِ، بَابُ الْأَخْذِ عَلَى الْيَمِينِ فِي النَّوْمِ) وَأَوَّلُهُ فِي الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ، (إِنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانُوا يَرَوْنَ الرُّؤْيَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَقُصُّونَهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. .، الْحَدِيثَ، وَجَاءَ الْحَدِيثُ فِي الْبُخَارِيِّ بِأَلْفَاظٍ أُخْرَى وَسِيَاقٍ آخَرَ 2/69 (كِتَابُ التَّهَجُّدِ، بَابُ: فَضْلِ مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى) ، وَهُوَ فِي مُسْلِمٍ 4/1927 - 1928 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابٌ: مِنْ فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ)، وَأَوَّلُهُ فِيهِ:" نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ "، سُنَنُ ابْنِ مَاجَهْ 2/1291 (كِتَابُ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا) ، الْمُسْنَدِ " ط. الْمَعَارِفِ " 9/148 - 150 رَقْمُ 6330
(2)
الْحَدِيثُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما فِي: مُسْلِمٍ 4/1884 - 1885 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ بَابُ فَضَائِلِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. .)، وَنَصُّهُ:" إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ - يُرِيدُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ - فَقَدْ طَعَنْتُمْ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لَهَا، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَأَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَايْمُ اللَّهِ إِنَّ هَذَا لَهَا لَخَلِيقٌ يُرِيدُ - أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ - وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَأَحَبَّهُمْ إِلَيَّ مِنْ بَعْدِهِ، فَأُوصِيكُمْ بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ صَالِحِيكُمْ ".
(3)
ن، م: الْآيَاتُ فِيمَا ذَكَرْنَا كَثِيرَةٌ، س: وَالْآيَاتُ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ كَثِيرَةٌ
(4)
ن، س: وَلِهَذَا كَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُقَاتِلُ لَدَيْهِمْ مَا يَقْدِرُوهُ مِنَ الْكَذِبِ، م: وَلِهَذَا كَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُقَاتِلُ مَا لَدَيْهِمْ بِمَا يَقْدِرُوهُ مِنَ الْكَذِبِ، وَكُلُّهُ تَحْرِيفٌ
وَمَا ذَكَرَ وَقَالَ: " أُرِيدَ بِهِ عَلِيٌّ " إِذَا ذُكِرَ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ أَوْ عُمَرُ أَوْ عُثْمَانُ، لَمْ يَكُنْ هَذَا الْقَوْلُ بِأَبْعَدَ مِنْ قَوْلِهِمْ، بَلْ يُرَجَّحُ عَلَى قَوْلِهِ، لَا سِيَّمَا فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ.
وَإِذَا (1) . قَالَ: فَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ، بِخِلَافِ قَوْلِنَا.
كَانَ الْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا مَمْنُوعٌ، بَلْ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَخُصُّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ بِبَعْضِ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْآيَاتِ وَغَيْرِهِمَا.
الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: خَصَّ هَذَا بِوَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، إِذَا أَمْكَنَ غَيْرَهُ أَنْ يَخُصَّهُ بِآخِرَ، تَكُونُ حُجَّتُهُ مِنْ جِنْسِ حُجَّتِهِ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ قَوْلِهِ. وَإِنْ كَانَ لَمْ يَقُلْهُ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا كَذَبَ كِذْبَةً [لَمْ](2) يُمْكِنْ مُقَابَلَتُهَا بِمِثْلِهَا (3) .، وَلَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُ هَذَا إِلَّا بِمَا يَدْفَعُ بِهِ قَوْلَهَ، وَوَجَبَ: إِمَّا تَصْدِيقُ الِاثْنَيْنِ، وَإِمَّا كَذِبُ الِاثْنَيْنِ.
كَالْحِكَايَةِ الْمَشْهُورَةِ عَنْ قَاسِمِ بْنِ زَكَرِيَّا الْمُطَرِّزِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى بَعْضِ الشِّيعَةِ - وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ - فَقَالَ لِي: مَنْ حَفَرَ الْبَحْرَ؟ فَقُلْتُ: اللَّهُ تَعَالَى. فَقَالَ: تَقُولُ مَنْ حَفَرَهُ؟ قُلْتُ: مَنْ حَفَرَهُ؟ قَالَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. قَالَ: مَنْ جَعَلَ فِيهِ الْمَاءَ؟ قُلْتُ: اللَّهُ. قَالَ: تَقُولُ مَنْ هُوَ الَّذِي جَعَلَ فِيهِ الْمَاءَ؟ قُلْتُ: مَنْ هُوَ؟ قَالَ: الْحَسَنُ. قَالَ: فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَقُومَ، قَالَ: " مَنْ حَفَرَ الْبَحْرَ؟ قُلْتُ: مُعَاوِيَةُ، قَالَ: وَمَنْ [الَّذِي](4) . جَعَلَ فِيهِ الْمَاءَ؟ قُلْتُ: يَزِيدُ. فَغَضِبَ مِنْ ذَلِكَ وَقَامَ.
(1) س، ب: فَإِذَا
(2)
لَمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3)
بِمِثْلِهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (م)
(4)
الَّذِي: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م)