المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل البرهان السابع " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " والجواب عليه] - منهاج السنة النبوية - جـ ٧

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[المنهج الثاني عند الرافضي في الأدلة من القرآن على إمامة علي رضي الله عنه]

- ‌[البرهان الأول " إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الثاني " يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الثالث " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الرابع " وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الخامس " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان السادس " فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان السابع " قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الثامن " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان التاسع " فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان العاشر " فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الحادي عشر " إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الثاني عشر " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الثالث عشر " إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الرابع عشر " وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الخامس عشر " وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان السادس عشر " وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان السابع عشر " الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الثامن عشر " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان التاسع عشر " وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان العشرون " وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الحادي والعشرون " سورة هل أتى " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الثاني والعشرون " وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الثالث والعشرون " هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الرابع والعشرون " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الخامس والعشرون " فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان السادس والعشرون " وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان السابع والعشرون " الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الثامن والعشرون " لَيْسَ مِنْ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا عَلِيٌّ رَأْسُهَا وَأَمِيرُهَا. . . " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان التاسع والعشرون " إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الثلاثون " مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الحادي والثلاثون " وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الثاني والثلاثون " يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الثالث والثلاثون " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الرابع والثلاثون " وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الخامس والثلاثون " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان السادس والثلاثون " وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان السابع والثلاثون " وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الثامن والثلاثون " إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان التاسع والثلاثون " وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ " والجواب عليه]

- ‌[فصل البرهان الأربعون " فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ " والجواب عليه]

- ‌[المنهج الثالث عند الرافضي في الأدلة المستندة إلى السنة على إمامة علي رضي الله عنه]

- ‌[الأول لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ]

- ‌[الثاني حديث الغدير]

- ‌[الثالث قوله أنت مني بمنزلة هارون من موسى]

- ‌[الرابع أَنَّ النَبَّي صلى الله عليه وسلم اسْتَخْلَفَ عَليًّا عَلَى الْمَدِينَةِ مَعَ قِصَرِ مُدَّةِ الْغَيْبَةِ]

- ‌[الخامس حديث أنت أخي ووصيي وخليفتي من بعدي]

- ‌[السادس حديث الْمُؤَاخَاة]

- ‌[السابع حديث الراية]

- ‌[الثامن حديث الطائر]

- ‌[التاسع مَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ أَمَرَ الصَّحَابَةَ بِأَنْ يُسَلِّمُوا عَلَى عَلِيٍّ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ]

- ‌[العاشر حديث غدير خم وحديث أهل بيتي مثل سفينة نوح]

- ‌[الحادي عشر الأحاديث التي رواها الجمهور عن وحوب محبته وموالاته]

- ‌[الثاني عشر أحاديث أخرى يستدل بها على إمامة علي رضي الله عنه]

- ‌[قول الرافضي إنه يجب الأخذ بالأحاديث ويحرم العدول عنها]

- ‌[فصل لَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ خَبِيرًا بِالْمَنْقُولَاتِ وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَ صِدْقِهَا وَكَذِبِهَا وَصَوَابِهَا وَخَطَئِهَا]

- ‌[فصل الطُّرُقِ الَّتِي يُعْلَمُ بِهَا كَذِبُ الْمَنْقُولِ]

- ‌[توجد أحاديث أخرى لم يذكرها الرافضي وهي أدل على مقصوده من التي ذكرها]

- ‌[طُرُقٌ يُمْكِنُ سُلُوكُهَا لِمَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالْأَخْبَارِ]

- ‌[المنهج الرابع في الأدلة الدالة على إمامة علي المستنبطة من أحواله]

- ‌[الأول أنه كَانَ أَزْهَدَ النَّاسِ والرد عليه]

- ‌[قال الرافضي الثاني أن عليا رضي الله عنه كان أعبد الناس والرد عليه]

- ‌[قال الرافضي الثالث أنه كان أعلم الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم]

الفصل: ‌[فصل البرهان السابع " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " والجواب عليه]

مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، بَلْ يَكُونُ فِي الْمَفْضُولِ نَوْعٌ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي يَمْتَازُ بِهَا عَنِ الْفَاضِلِ، وَلَكِنَّ الِاعْتِبَارَ فِي التَّفْضِيلِ بِالْمَجْمُوعِ.

[فصل البرهان السابع " قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى " والجواب عليه]

فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ (1) : " الْبُرْهَانُ السَّابِعُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [سُورَةُ الشُّورَى: 23] رَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ قَرَابَتُكَ الَّذِينَ وَجَبَتْ عَلَيْنَا مَوَدَّتُهُمْ؟ قَالَ: " عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ [وَابْنَاهُمَا] » (2) . وَكَذَا (3) فِي تَفْسِيرِ الثَّعْلَبِيِّ، وَنَحْوِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَغَيْرُ عَلِيٍّ (4) مِنَ الصَّحَابَةِ وَالثَّلَاثَةِ لَا تَجِبُ مَوَدَّتُهُ (5) ، فَيَكُونُ عَلِيٌّ أَفْضَلَ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامُ، وَلِأَنَّ مُخَالَفَتَهُ تُنَافِي الْمَوَدَّةَ، وَبِامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ تَكُونُ مَوَدَّتُهُ (6) ، فَيَكُونُ وَاجِبُ الطَّاعَةِ، وَهُوَ مَعْنَى الْإِمَامَةِ " (7) . وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ هَذَا (8) الْحَدِيثِ. وَقَوْلُهُ:

(1) فِي (ك) ص 152 (م) 153 (م) .

(2)

وَابْنَاهُمَا: فِي (ك) فَقَطْ، وَسَقَطَتْ مِنْ (ن) ، (م) ، (ب) ، (س)

(3)

ب: وَكَذَلِكَ.

(4)

ك: عَلِيٍّ عليه السلام.

(5)

ك: مِنَ الصَّحَابَةِ الثَّلَاثَةِ لَا يَجِبُ مَوَدَّتُهُ.

(6)

ك: وَامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ يَكُونُ مَوَدُّةُ.

(7)

س: الْآيَةُ.

(8)

هَذَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .

ص: 95

" إِنْ أَحْمَدَ رَوَى هَذَا فِي مُسْنَدِهِ " كَذِبٌ بَيِّنٌ، فَإِنَّ [هَذَا](1) مُسْنَدُ أَحْمَدَ مَوْجُودٌ، بِهِ (2) مِنَ النُّسَخِ مَا شَاءَ اللَّهُ، وَلَيْسَ فِيهِ هَذَا الْحَدِيثُ. وَأَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ كَذِبًا قَوْلُهُ: إِنَّ نَحْوَ (3) هَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَلَيْسَ هُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، بَلْ فِيهِمَا وَفِي الْمُسْنَدِ مَا يُنَاقِضُ ذَلِكَ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ وَأَمْثَالَهُ جُهَّالٌ بِكُتُبِ أَهْلِ الْعِلْمِ، لَا يُطَالِعُونَهَا وَلَا يَعْلَمُونَ مَا فِيهَا. وَرَأَيْتُ بَعْضَهُمْ جَمَعَ لَهُمْ كِتَابًا (4) فِي أَحَادِيثَ مِنْ كُتُبٍ مُتَفَرِّقَةٍ، مَعْزُوَّةٌ تَارَةً إِلَى الصَّحِيحَيْنِ، وَتَارَةً إِلَى مُسْنَدِ أَحْمَدَ، وَتَارَةً إِلَى الْمَغَازِلِيِّ (5) وَالْمُوَفَّقِ خَطِيبِ خَوَارِزْمَ وَالثَّعْلَبِيِّ وَأَمْثَالِهِ، وَسَمَّاهُ " الطَّرَائِفُ فِي الرَّدِّ عَلَى الطَّوَائِفِ ". وَآخَرُ صَنَّفَ كِتَابًا لَهُمْ سَمَّاهُ " الْعُمْدَةُ " وَاسْمُ مُصَنِّفِهِ ابْنُ الْبِطْرِيقِ. وَهَؤُلَاءِ مَعَ كَثْرَةِ الْكَذِبِ فِيمَا يَرْوُونَهُ، فَهُمُ أَمْثَلُ حَالًا مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الَّذِي صَنَّفَ لَهُمْ وَأَمْثَالِهِ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يَرْوُونَ مِنَ الْأَكَاذِيبِ مَا لَا يَخْفَى إِلَّا عَلَى مَنْ هُوَ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ. وَرَأَيْتُ كَثِيرًا مِنْ ذَلِكَ الْمَعْزُوِّ الَّذِي عَزَاهُ أُولَئِكَ إِلَى الْمُسْنَدِ وَالصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا بَاطِلًا لَا حَقِيقَةَ لَهُ، يَعْزُونَ إِلَى مُسْنَدِ أَحْمَدَ مَا لَيْسَ فِيهِ أَصْلًا. لَكِنَّ أَحْمَدَ صَنَّفَ كِتَابًا فِي فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ [وَغَيْرِهِمْ](6) ، وَقَدْ يَرْوِي فِي هَذَا الْكِتَابِ مَا لَيْسَ فِي الْمُسْنَدِ. وَلَيْسَ كُلُّ

(1) هَذَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (ب) .

(2)

بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .

(3)

نَحْوَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (س)

(4)

م: جَمَعَ لَهُمْ كِتَابٌ ; ب، س: جَمَعَ لَهُمْ كُتُبًا

(5)

ب: الْمَغَازِيِّ.

(6)

وَغَيْرِهِمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (ب) ، (س)

ص: 96

مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ وَغَيْرِهِ يَكُونُ حُجَّةً عِنْدَهُ، بَلْ يَرْوِي مَا رَوَاهُ أَهْلُ الْعِلْمِ، وَشَرْطُهُ فِي الْمُسْنَدِ أَنْ لَا يَرْوِيَ عَنِ الْمَعْرُوفِينَ بِالْكَذِبِ عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ ضَعِيفٌ، وَشَرْطُهُ فِي الْمُسْنَدِ مِثْلُ شَرْطِ أَبِي دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ. وَأَمَّا كُتُبُ الْفَضَائِلِ فَيَرْوِي (1) مَا سَمِعَهُ مِنْ شُيُوخِهِ، سَوَاءٌ كَانَ صَحِيحًا أَوْ ضَعِيفًا، فَإِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ أَنْ لَا يَرْوِي فِي ذَلِكَ إِلَّا مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ. ثُمَّ زَادَ ابْنُ أَحْمَدَ زِيَادَاتٍ، وَزَادَ أَبُو بَكْرٍ الْقَطِيعِيُّ زِيَادَاتٍ. وَفِي زِيَادَاتِ الْقَطِيعِيِّ زِيَادَاتٌ كَثِيرَةٌ [كَذِبٌ](2) مَوْضُوعَةٌ، فَظَنَّ الْجَاهِلُ أَنَّ تِلْكَ مِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ، وَأَنَّهُ رَوَاهَا فِي الْمُسْنَدِ. وَهَذَا خَطَأٌ قَبِيحٌ ; فَإِنَّ الشُّيُوخَ الْمَذْكُورِينَ شُيُوخُ الْقَطِيعِيِّ، وَكُلُّهُمْ (3) مُتَأَخِّرٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَهُمْ مِمَّنْ يَرْوِي عَنْ أَحْمَدَ، لَا مِمَّنْ يَرْوِي أَحْمَدُ عَنْهُ. وَهَذَا مُسْنَدُ أَحْمَدَ وَكِتَابُ " الزُّهْدِ " لَهُ، وَكِتَابُ " النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ " وَكِتَابُ " التَّفْسِيرِ " وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ كُتُبِهِ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. فَهَذَا أَحْمَدُ. وَتَارَةً يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ الْقَطِيعِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، فَهَذَا عَبْدُ اللَّهِ. وَكِتَابُهُ فِي " فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ " لَهُ (4) فِيهِ هَذَا وَهَذَا، وَفِيهِ مِنْ زِيَادَاتِ الْقَطِيعِيِّ. يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ وَأَمْثَالُهُ، مِمَّنْ هُوَ مِثْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ فِي الطَّبَقَةِ، وَهُوَ مِمَّنْ غَايَتُهُ أَنْ يَرْوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، فَإِنَّ أَحْمَدَ تَرَكَ الرِّوَايَةَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ ; لَمَّا طَلَبَ الْخَلِيفَةُ أَنْ يُحَدِّثَهُ وَيُحَدِّثَ ابْنَهُ

(1) ن، م: فَرَوَى.

(2)

كَذِبٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (ب) ، (س)

(3)

ن، ب، س: كُلُّهُمْ.

(4)

لَهُ: لَيْسَتْ فِي (م) .

ص: 97

وَيُقِيمَ عِنْدَهُ، فَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، فَامْتَنَعَ مِنَ الْحَدِيثِ مُطْلَقًا لِيَسْلَمَ مِنْ ذَلِكَ ; وَلِأَنَّهُ (1) كَانَ قَدْ حَدَّثَ بِمَا كَانَ عِنْدَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَكَانَ يَذْكُرُ الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ بَعْدَ شُيُوخِهِ، وَلَا يَقُولُ: حَدَّثَنَا فُلَانٌ، فَكَانَ مَنْ يَسْمَعُونَ مِنْهُ ذَلِكَ يَفْرَحُونَ بِرِوَايَتِهِ عَنْهُ. فَهَذَا الْقَطِيعِيُّ يَرْوِي عَنْ شُيُوخِهِ زِيَادَاتٍ، وَكَثِيرٌ مِنْهَا (2) كَذِبٌ مَوْضُوعٌ. وَهَؤُلَاءِ قَدْ وَقَعَ لَهُمْ هَذَا الْكِتَابُ وَلَمْ يَنْظُرُوا مَا فِيهِ مِنْ فَضَائِلِ سَائِرِ (3) الصَّحَابَةِ، بَلِ اقْتَصَرُوا عَلَى مَا فِيهِ مِنْ فَضَائِلِ عَلِيٍّ، (4) ، وَكُلَّمَا زَادَ حَدِيثًا ظَنُّوا أَنَّ الْقَائِلَ ذَلِكَ هُوَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، فَإِنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ الرِّجَالَ وَطَبَقَاتِهِمْ، وَأَنَّ شُيُوخَ الْقَطِيعِيِّ يَمْتَنِعُ أَنْ يَرْوِيَ أَحْمَدُ (5) عَنْهُمْ شَيْئًا، ثُمَّ إِنَّهُمْ (6) لِفَرْطِ جَهْلِهِمْ مَا سَمِعُوا كِتَابًا إِلَّا الْمُسْنَدَ، فَلَمَّا ظَنُّوا أَنَّ أَحْمَدَ رَوَاهُ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا يَرْوِي فِي (7) الْمُسْنَدِ، صَارُوا يَقُولُونَ لِمَا رَوَاهُ الْقَطِيعِيُّ: رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ. هَذَا إِنْ لَمْ يَزِيدُوا عَلَى الْقَطِيعِيِّ مَا لَمْ يَرْوِهِ، فَإِنَّ الْكَذِبَ عِنْدَهُمْ (8) غَيْرُ مَأْمُونٍ، وَلِهَذَا يَعْزُو صَاحِبُ " الطَّرَائِفِ " وَصَاحِبُ " الْعُمْدَةِ " أَحَادِيثَ يَعْزُوهَا (9) إِلَى أَحْمَدَ، لَمْ يَرْوِهَا أَحْمَدُ لَا فِي هَذَا وَلَا فِي هَذَا، وَلَا سَمِعِهَا أَحَدٌ (10)

(1) ن، ب، س: لِأَنَّهُ.

(2)

م: زِيَادَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا.

(3)

سَائِرِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .

(4)

ن، ب، س: بَلْ عَرَضَ ذَلِكَ عَلَى، م: بَلْ عَزَّ مِنْ ذَلِكَ عَلَى، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. وَلَعَلَّ مَا أَثْبَتُّهُ يَسْتَقِيمُ بِهِ الْكَلَامُ.

(5)

ن، س: أَحَدٌ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(6)

م: فَإِنَّهُمْ.

(7)

فِي: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .

(8)

م: مِنْهُمْ.

(9)

يَعْزُوهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) .

(10)

) ب: أَحْمَدُ.

ص: 98

قَطُّ. وَأَحْسَنُ حَالِ هَؤُلَاءِ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ مِمَّا رَوَاهُ الْقَطِيعِيُّ، وَمَا رَوَاهُ الْقَطِيعِيُّ فِيهِ مِنَ الْمَوْضُوعَاتِ الْقَبِيحَةِ الْوَضْعِ مَا لَا يَخْفَى عَلَى عَالِمٍ. وَنَقْلُ هَذَا الرَّافِضِيِّ مِنْ جِنْسِ صَاحِبِ كِتَابِ " الْعُمْدَةُ " وَ " الطَّرَائِفُ " فَمَا أَدْرِي نَقَلَ مِنْهُ (1) أَوْ عَمَّنْ (2) يَنْقُلُ عَنْهُ، وَإِلَّا فَمَنْ لَهُ بِالنَّقْلِ أَدْنَى مَعْرِفَةٍ يَسْتَحْيِي أَنْ يَعْزُوَ مِثْلَ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَالصَّحِيحَيْنِ، وَالصَّحِيحَانِ وَالْمُسْنَدُ نُسَخُهُمَا مِلْؤُ الْأَرْضِ، وَلَيْسَ هَذَا فِي شَيْءٍ مِنْهَا. وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يُرْوَ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْعِلْمِ الْمُعْتَمَدَةِ أَصْلًا، وَإِنَّمَا يَرْوِي مِثْلَ هَذَا مِنْ يَحْطِبُ بِاللَّيْلِ، كَالثَّعْلَبِيِّ وَأَمْثَالِهِ، الَّذِينَ يَرْوُونَ الْغَثَّ وَالسَّمِينَ بِلَا تَمْيِيزٍ. الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ، وَهُمُ الْمَرْجُوعُ إِلَيْهِمْ فِي هَذَا. وَهَذَا (3) لَا يُوجَدُ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ الَّتِي يَرْجِعُ إِلَيْهَا (4) . الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي سُورَةِ الشُّورَى وَهِيَ مَكِّيَّةٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ السُّنَّةِ، بَلْ جَمِيعُ آلِ حم مَكِّيَّاتٌ، وَكَذَلِكَ آلِ طس. وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ عَلِيَّا إِنَّمَا تَزَوَّجَ فَاطِمَةَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَالْحَسَنُ وُلِدَ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَالْحُسَيْنُ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ، فَتَكُونُ هَذِهِ الْآيَةُ قَدْ نَزَلَتْ قَبْلَ وُجُودِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ بِسِنِينَ مُتَعَدِّدَةٍ، فَكَيْفَ يُفَسِّرُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْآيَةَ بِوُجُوبِ مَوَدَّةِ قَرَابَةٍ لَا تُعْرَفُ وَلَمْ تُخْلَقْ [بَعْدُ](5) ؟ ! .

(1) 1) ب: عَنْهُ.

(2)

2) م: نَقَلَ.

(3)

3) س، ب: وَلِهَذَا.

(4)

4) لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ.

(5)

بَعْدُ: زِيَادَةٌ فِي (م) .

ص: 99

الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ تَفْسِيرَ الْآيَةِ الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يُنَاقِضُ ذَلِكَ. فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [سُورَةُ الشُّورَى: 23]، فَقُلْتُ: أَنْ لَا تُؤْذُوا (1) مُحَمَّدًا فِي قَرَابَتِهِ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَجِلْتَ، إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَّا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِمْ قَرَابَةٌ، فَقَالَ: لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا، لَكِنْ [أَسْأَلُكُمْ] أَنْ تَصِلُوا (2) الْقَرَابَةَ الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ (3) . فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ، وَأَعْلَمُ أَهْلِ الْبَيْتِ بَعْدَ عَلِيٍّ، يَقُولُ: لَيْسَ مَعْنَاهَا مَوَدَّةَ ذَوِي الْقُرْبَى، لَكِنْ مَعْنَاهَا: لَا أَسْأَلُكُمْ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ وَيَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ عَلَيْهِ أَجْرًا، لَكِنْ أَسْأَلُكُمْ أَنْ تَصِلُوا الْقَرَابَةَ الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، فَهُوَ سَأَلَ النَّاسَ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ أَوَّلًا أَنْ يَصِلُوا رَحِمَهُ، فَلَا يَعْتَدُوا عَلَيْهِ حَتَّى يُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ (4) .

(1) ن: أَلَّا تُؤْذُوا، م: إِلَّا أَنْ تُؤْذُوا.

(2)

ن، س: لَكِنْ تَصِلُوا، ب: لَكِنْ أَنْ تَصِلُوا.

(3)

سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/25 - 26

(4)

قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي (زَادِ الْمَسِيرِ) 7/284 - 285: ثُمَّ فِي الْمُرَادِ بِقَرَابَتِهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَوَلَدَاهَا، وَقَدْ رَوَوْهُ مَرْفُوعًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " وَقَالَ مُحَقَّقُ الْكِتَابِ تَعْلِيقًا عَلَى ذَلِكَ:" قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي (الدُّرِّ) 6/7: أَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: " قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ قَرَابَتُكَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَجَبَتْ مَوَدَّتُهُمْ؟ قَالَ: عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَوَلَدَاهَا. وَقَدْ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي (تَخْرِيجِ الْكَشَّافِ) وَقَالَ: فِي سَنَدِهِ حُسَيْنُ الْأَشْقَرِ ضَعِيفٌ سَاقِطٌ. قَالَ: وَقَدْ عَارَضَهُ مَا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ ; فَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ رِوَايَةِ طَاوُسَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ: سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: قُرْبَى لِآلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَجِلْتَ، إِنِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَّا كَانَ لَهُ فِيهِمْ قَرَابَةٌ. . . الْحَدِيثَ.

ص: 100

الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّهُ قَالَ: {لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} ، لَمْ يَقُلْ: إِلَّا الْمَوَدَّةَ لِلْقُرْبَى، وَلَا الْمَوَدَّةَ لِذَوِي الْقُرْبَى. فَلَوْ أَرَادَ الْمَوَدَّةَ لِذَوِي الْقُرْبَى لَقَالَ: الْمَوَدَّةُ لِذَوِي الْقُرْبَى، كَمَا قَالَ:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 41] وَقَالَ: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [سُورَةُ الْحَشْرِ: 7] . وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} [سُورَةُ الرُّومِ: 38]، وَقَوْلُهُ:{وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 177] وَهَكَذَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. فَجَمِيعُ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنَ التَّوْصِيَةِ بِحُقُوقِ ذَوِي قُرْبَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَذَوِي قُرْبَى الْإِنْسَانِ إِنَّمَا قِيلَ فِيهَا: ذَوِي الْقُرْبَى، لَمْ يَقُلْ:[فِي] الْقُرْبَى (1) . فَلَمَّا ذَكَرَ هُنَا الْمَصْدَرَ دُونَ الِاسْمِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ ذَوِي الْقُرْبَى. الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ الْمَوَدَّةُ لَهُمْ ; لَقَالَ: الْمَوَدَّةُ لِذَوِي الْقُرْبَى، وَلَمْ يَقُلْ: فِي الْقُرْبَى. فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ مِنْ طَلَبِ الْمَوَدَّةِ لِغَيْرِهِ: أَسْأَلُكَ الْمَوَدَّةَ فِي فُلَانٍ، وَلَا فِي قُرْبَى فُلَانٍ، وَلَكِنْ أَسْأَلُكَ الْمَوَدَّةَ لِفُلَانٍ وَالْمَحَبَّةَ لِفُلَانٍ. فَلَمَّا قَالَ: الْمَوَدَّةُ فِي الْقُرْبَى، عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ (2) لِذَوِي الْقُرْبَى.

الْوَجْهُ السَّابِعُ: أَنْ يُقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَا يَسْأَلُ عَلَى

(1) ن، س: لَمْ يَقُلِ الْقُرْبَى، م: لَمْ يَقُلْ لِذَوِي الْقُرْبَى، وَهُوَ خَطَأٌ.

(2)

ن: الْمَوَدَّةُ، م: بِالْمَوَدَّةِ.

ص: 101

تَبْلِيغِ رِسَالَةِ رَبِّهِ أَجْرًا أَلْبَتَّةَ، بَلْ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، كَمَا قَالَ:{قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [سُورَةُ ص: 86]، وَقَوْلُهُ:{أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ} [سُورَةُ الطُّورِ: 40]، وَقَوْلُهُ {قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ} [سُورَةُ سَبَأٍ: 47] . وَلَكِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ هُنَا (1) مُنْقَطِعٌ، كَمَا قَالَ:{قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} [سُورَةُ الْفُرْقَانِ: 57] . وَلَا رَيْبَ أَنَّ مَحَبَّةَ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَاجِبَةٌ، لَكِنْ لَمْ يَثْبُتْ وُجُوبُهَا بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَلَا مَحَبَّتُهُمْ أَجْرٌ لِلنَّبِيِّ (2) صلى الله عليه وسلم، بَلْ هُوَ مِمَّا أَمَرَنَا (3) اللَّهُ بِهِ، كَمَا أَمَرَنَا بِسَائِرِ الْعِبَادَاتِ. وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ خَطَبَ أَصْحَابَهُ بِغَدِيرٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ، فَقَالَ:«أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، (4) أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي» (5)". وَفِي السُّنَنِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يُحِبُّوكُمْ (6) لِلَّهِ وَلِقَرَابَتِي» (7) " فَمَنْ جَعَلَ

(1) م: هَذَا.

(2)

س، ب: النَّبِيِّ.

(3)

م: أَمَرَ.

(4)

سَاقِطٌ مِنْ (س)(ب) وَسَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/240 - 241 وَانْظُرِ الْحَدِيثَ أَيْضًا فِي الْمُسْنَدِ ((ط. الْحَلَبِيِّ)) 4/366 - 367 مُسْنَدِ الدَّارَمِيِّ 2/431 - 432 (كِتَابُ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ بَابُ فَضْلِ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ) .

(5)

سَاقِطٌ مَنْ (س)(ب) وَسَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/240 - 241 وَانْظُرِ الْحَدِيثَ أَيْضًا فِي الْمُسْنَدِ ((ط. الْحَلَبِيِّ)) 4/366 - 367 مَسْنَدِ الدَّارَمِيِّ 2/431 - 432 (كِتَابُ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ بَابُ فَضْلِ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ) .

(6)

ن، س: يُحِبُّونَكُمْ.

(7)

لَمْ أَجِدِ الْحَدِيثَ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَلَكِنْ جَاءَ الْحَدِيثُ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه فِي: سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/317 - 318 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ مَنَاقِبِ أَبِي الْفَضْلِ. . وَهُوَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ) ، وَلَفْظُ الْحَدِيثِ فِي التِّرْمِذِيِّ (. . أَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ مُغْضَبًا وَأَنَا عِنْدَهُ، فَقَالَ: " مَا أَغْضَبَكَ؟ " قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَنَا وَلِقُرَيْشٍ إِذَا تَلَاقَوْا بَيْنَهُمْ تَلَاقَوْا بِوُجُوهٍ مُبَشِّرَةٍ، وَإِذَا لَقُونَا لَقُونَا بِغَيْرِ ذَلِكَ. قَالَ: فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى احْمَرَّ وَجْهُهُ، ثُمَّ قَالَ: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَدْخُلُ قَلْبَ رَجُلٍ الْإِيمَانُ حَتَّى يُحِبَّكُمْ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ". ثُمَّ قَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ آذَى عَمِّي فَقَدْ آذَانِي، فَإِنَّمَا عَمُّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ ". قَالَ التِّرْمِذِيُّ: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ". وَجَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُسْنَدِ " ط. الْمَعَارِفِ " 3/206، 207، 210 " (ط. الْحَلَبِيِّ)" 4/165 وَجَاءَ الْحَدِيثُ بِأَلْفَاظٍ مُقَارِبَةٍ فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/50 (الْمُقَدِّمَةُ، بَابٌ فِي فَضَائِلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ. . .، فَضْلُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ) . وَضَعَّفَ الْأَلْبَانِيُّ فِي " ضَعِيفِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " 6/46 حَدِيثَ التِّرْمِذِيِّ وَأَحْمَدَ وَلَكِنْ قَالَ: إِنَّ الطَّرَفَ الْآخَرَ مِنْهُ صَحِيحٌ) .

ص: 102

[مَحَبَّةَ](1) أَهْلِ بَيْتِهِ أَجْرًا لَهُ يُوَفِّيهِ إِيَّاهُ فَقَدَ أَخْطَأَ خَطَأً عَظِيمًا، وَلَوْ كَانَ أَجْرًا لَهُ لَمْ نُثَبْ عَلَيْهِ نَحْنُ، لِأَنَّا أَعْطَيْنَاهُ أَجْرَهُ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ بِالرِّسَالَةِ، فَهَلْ يَقُولُ مُسْلِمٌ مِثْلَ هَذَا؟ ! . الْوَجْهُ الثَّامِنُ: أَنَّ الْقُرْبَى مُعَرَّفَةُ بِاللَّامِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْمُخَاطَبِينَ الَّذِينَ أُمِرَ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ:{قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا} وَقَدْ ذَكَرْنَا (2) أَنَّهَا لَمَّا نَزَلَتْ لَمْ يَكُنْ قَدْ خُلِقَ الْحَسَنُ وَلَا الْحُسَيْنُ (3) ، وَلَا تَزَوَّجَ عَلِيٌّ بِفَاطِمَةَ. فَالْقُرْبَى الَّتِي كَانَ الْمُخَاطَبُونَ يَعْرِفُونَهَا يَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ، بِخِلَافِ الْقُرْبَى الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، فَإِنَّهَا مَعْرُوفَةٌ عِنْدَهُمْ. كَمَا تَقُولُ: لَا أَسْأَلُكَ إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الرَّحِمِ الَّتِي بَيْنَنَا، وَكَمَا تَقُولُ: لَا أَسْأَلُكَ إِلَّا الْعَدْلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ (4)، وَلَا أَسْأَلُكَ إِلَّا أَنْ تَتَّقِيَ اللَّهَ فِي هَذَا الْأَمْرِ. الْوَجْهُ التَّاسِعُ: أَنَّا نُسَلِّمُ (5) أَنَّ عَلِيًّا تَجِبُ مَوَدَّتُهُ وَمُوَالَاتُهُ بِدُونِ

(1) مَحَبَّةَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (س)

(2)

س، ب: وَقَدْ ذَكَرَ.

(3)

ب: وَالْحُسَيْنُ.

(4)

م: وَبَيْنَكَ.

(5)

م: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ، وَهُوَ خَطَأٌ.

ص: 103

الِاسْتِدْلَالِ بِهَذِهِ الْآيَةِ، لَكِنْ لَيْسَ فِي وُجُوبِ مُوَالَاتِهِ وَمَوَدَّتِهِ مَا يُوجِبُ اخْتِصَاصَهُ بِالْإِمَامَةِ وَلَا الْفَضِيلَةِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ:" وَالثَّلَاثَةُ لَا تَجِبُ مُوَالَاتُهُمْ " فَمَمْنُوعٌ (1) ، بَلْ يَجِبُ أَيْضًا مَوَدَّتُهُمْ وَمُوَالَاتُهُمْ، فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُمْ، وَمَنْ كَانَ اللَّهُ يُحِبُّهُ وَجَبَ عَلَيْنَا أَنْ نُحِبَّهُ، فَإِنَّ الْحُبَّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضَ فِي اللَّهِ وَاجِبٌ، وَهُوَ أَوْثَقُ عُرَى الْإِيمَانِ. وَكَذَلِكَ هُمْ مِنْ أَكَابِرِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ، وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ مُوَالَاتِهِمْ، بَلْ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ اللَّهَ رَضِيَ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَكُلُّ مَنْ رضي الله عنه فَإِنَّهُ يُحِبُّهُ، وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ وَالْمُحْسِنِينَ وَالْمُقْسِطِينَ وَالصَّابِرِينَ، وَهَؤُلَاءِ أَفْضَلُ مَنْ دَخَلَ فِي هَذِهِ (2) النُّصُوصِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ، إِنِ اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ» (3) فَهُوَ أَخْبَرَنَا أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَتَوَادُّونَ وَيَتَعَاطَفُونَ وَيَتَرَاحَمُونَ، وَأَنَّهُمْ فِي ذَلِكَ كَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ. وَهَؤُلَاءِ قَدْ ثَبَتَ إِيمَانُهُمْ بِالنُّصُوصِ وَالْإِجْمَاعِ، كَمَا قَدْ ثَبَتَ إِيمَانُ عَلِيٍّ، وَلَا يُمْكِنُ مَنْ قُدِحَ (4) فِي إِيمَانِهِمْ أَنْ يُثْبِتَ إِيمَانَ عَلِيٍّ، بَلْ كُلُّ (5) طَرِيقٍ دَلَّ

(1) ن، س: مُوَالَاتُهُمْ مَمْنُوعٌ فَمَمْنُوعٌ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(2)

ن، س: فِي هَؤُلَاءِ.

(3)

الْحَدِيثُ بِلَفْظٍ مُقَارِبٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه فِي: مُسْلِمٍ 4/1999 - 2000 (كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ، بَابُ تَرَاحُمِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَعَاطُفِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ) ، وَجَاءَ الْحَدِيثُ عَنْهُ بِأَلْفَاظٍ أُخْرَى فِيهِ، وَفِي الْبُخَارِيِّ 8/10 (كِتَابُ الْأَدَبِ، بَابُ رَحْمَةِ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ)، وَأَوَّلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ: تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ. . . وَالْحَدِيثُ فِي الْمُسْنَدِ ((ط. الْحَلَبِيِّ)) 4/270. وَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ الْأَلْبَانِيُّ فِي " سِلْسِلَةِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ " 3/71 (حَدِيثٌ رَقْمُ 1083

(4)

ب: يَقْدَحُ.

(5)

م: فَكَلُّ.

ص: 104

عَلَى إِيمَانِ عَلِيٍّ فَإِنَّهَا عَلَى إِيمَانِهِمْ أَدَلُّ، وَالطَّرِيقُ الَّتِي (1) يُقْدَحُ بِهَا فِيهِمْ يُجَابُ عَنْهَا (2) كَمَا يُجَابُ عَنِ الْقَدْحِ فِي عَلِيٍّ وَأَوْلَى، فَإِنَّ الرَّافِضِيُّ الَّذِي يَقْدَحُ فِيهِمْ وَيَتَعَصَّبُ لِعَلِيٍّ فَهُوَ مُنْقَطِعُ الْحُجَّةِ، كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الَّذِينَ يُرِيدُونَ (3) إِثْبَاتَ نُبُوَّةِ مُوسَى وَعِيسَى وَالْقَدْحِ فِي نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. وَلِهَذَا لَا يُمْكِنُ الرَّافِضِيُّ أَنْ يُقِيمَ الْحُجَّةَ عَلَى النَّوَاصِبِ الَّذِينَ يُبْغِضُونَ عَلِيًّا، أَوْ يَقْدَحُونَ فِي إِيمَانِهِ، مِنَ الْخَوَارِجِ وَغَيْرِهِمْ. فَإِنَّهُمْ إِذَا قَالُوا لَهُ: بِأَيِّ شَيْءٍ عَلِمْتَ أَنَّ عَلِيًّا مُؤْمِنٌ أَوْ وَلِيٌّ لِلَّهِ تَعَالَى (4) ؟ . فَإِنْ قَالَ: بِالنَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ بِإِسْلَامِهِ وَحَسَنَاتِهِ. قِيلَ لَهُ: هَذَا النَّقْلُ مَوْجُودٌ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. بَلِ النَّقْلُ الْمُتَوَاتِرُ بِحَسَنَاتِ هَؤُلَاءِ، السَّلِيمَةُ عَنِ الْمُعَارِضِ، أَعْظَمُ مِنَ النَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِعَلِيٍّ. وَإِنْ قَالَ:" بِالْقِرَآنِ الدَّالِّ عَلَى إِيمَانِ عَلِيٍّ ". قِيلَ لَهُ: الْقُرْآنُ إِنَّمَا دَلَّ بِأَسْمَاءٍ عَامَّةٍ، كَقَوْلِهِ:{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ} [سُورَةُ الْفَتْحِ: 18] وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَأَنْتَ تُخْرِجُ [مِنْ ذَلِكَ](5) أَكَابِرَ الصَّحَابَةِ، فَإِخْرَاجُ وَاحِدٍ أَسْهَلُ. وَإِنْ قَالَ: بِالْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى فَضَائِلِهِ، أَوْ نُزُولِ (6) الْقُرْآنِ فِيهِ. قِيلَ: أَحَادِيثُ أُولَئِكَ أَكْثَرُ وَأَصَحُّ، وَقَدْ قَدَحْتَ فِيهِمْ (7) .

(1) ن، م، س: الَّذِي.

(2)

م: عَنْهُمْ.

(3)

م: يَدَّعُونَ.

(4)

ن: أَوْ وَلِيٌّ لِلَّهِ، م: أَوْ وَلِيُّ اللَّهِ.

(5)

مِنْ ذَلِكَ: زِيَادَةٌ فِي (م) .

(6)

م: أَوْ إِنْزَالِ.

(7)

م: وَقَدْ قَدَحَ فِيهَا.

ص: 105

وَقِيلَ لَهُ: تِلْكَ الْأَحَادِيثُ الَّتِي فِي فَضَائِلِ عَلِيٍّ إِنَّمَا رَوَاهَا (1) الصَّحَابَةُ الَّذِينَ قَدَحْتَ فِيهِمْ، فَإِنْ كَانَ الْقَدْحُ صَحِيحًا بَطَلَ النَّقْلُ، وَإِنْ كَانَ النَّقْلُ صَحِيحًا بَطَلَ الْقَدْحُ. وَإِنْ قَالَ: بِنَقْلِ الشِّيعَةِ أَوْ تَوَاتُرِهِمْ. قِيلَ لَهُ: الصَّحَابَةُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مِنَ الرَّافِضَةِ أَحَدٌ. وَالرَّافِضَةُ تَطْعَنُ فِي جَمِيعِ الصَّحَابَةِ إِلَّا نَفَرًا قَلِيلًا: بِضْعَةَ عَشَرَ. وَمِثْلُ هَذَا قَدْ يُقَالُ: إِنَّهُمْ قَدْ (2) تَوَاطَئُوا عَلَى مَا نَقَلُوهُ، فَمَنْ قَدَحَ فِي نَقْلِ الْجُمْهُورِ كَيْفَ يُمْكِنُهُ إِثْبَاتُ نَقْلِ نَفَرٍ قَلِيلٍ وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ قَوْلَهُ:" وَغَيْرُ عَلِيٍّ مِنَ الثَّلَاثَةِ لَا تَجِبُ مَوَدَّتُهُ " كَلَامٌ بَاطِلٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، بَلْ مَوَدَّةُ هَؤُلَاءِ أَوْجَبُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ مَوَدَّةِ عَلِيٍّ، لِأَنَّ وُجُوبَ الْمَوَدَّةِ عَلَى مِقْدَارِ الْفَضْلِ، فَكُلُّ مَنْ كَانَ أَفْضَلَ كَانَتْ مَوَدَّتُهُ أَكْمَلَ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [سُورَةُ مَرْيَمَ: 96] . قَالُوا: يُحِبُّهُمْ وَيُحَبِّبُهُمْ إِلَى عِبَادِهِ. وَهَؤُلَاءِ أَفْضَلُ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [سُورَةُ الْفَتْحِ: 29] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سُئِلَ: «أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: " عَائِشَةُ ". قِيلَ (3) : فَمِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: " أَبُوهَا» (4) .

(1) م: رَدَّهَا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(2)

قَدْ: زِيَادَةٌ فِي (ن) .

(3)

س، ب: قَالَ.

(4)

سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/356

ص: 106

وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما يَوْمَ السَّقِيفَةِ: «بَلْ أَنْتَ سَيِّدُنَا وَخَيْرُنَا وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» - (1) . وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ مَا اسْتَفَاضَ فِي الصِّحَاحِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ مَوَدَّةُ الْإِسْلَامِ» "(2) . فَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ أَحَقُّ بِمَحَبَّتِهِ وَمَوَدَّتِهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَمَا كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ، وَمَا كَانَ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهُوَ أَحَقُّ أَنْ يَكُونَ أَحَبَّ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ، الَّذِينَ يُحِبُّونَ مَا أِحَبَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ [كَمَا أَحَبَّ اللَّهُ وَرَسُولُهُ](3) . وَالدَّلَائِلُ الدَّالَّةُ عَلَى أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْمَوَدَّةِ كَثِيرَةٌ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْمَفْضُولَ تَجِبُ مَوَدَّتُهُ، وَإِنَّ الْفَاضِلَ لَا تَجِبُ مَوَدَّتُهُ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: " إِنَّ مُخَالَفَتَهُ تُنَافِي الْمَوَدَّةَ، وَامْتِثَالُ (4) أَوَامِرِهِ هُوَ مَوَدَّتُهُ (5) ، فَيَكُونُ وَاجِبَ الطَّاعَةِ، وَهُوَ مَعْنَى (6) الْإِمَامَةِ ". فَجَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: إِنْ كَانَ الْمَوَدَّةُ تُوجِبُ الطَّاعَةَ فَقَدْ وَجَبَتْ مَوَدَّةُ ذَوِي الْقُرْبَى فَتَجِبُ طَاعَتُهُمْ، فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ فَاطِمَةُ أَيْضًا إِمَامًا، وَإِنْ كَانَ هَذَا بَاطِلًا فَهَذَا (7) مِثْلُهُ. الثَّانِي: أَنَّ الْمَوَدَّةَ لَيْسَتْ مُسْتَلْزِمَةً لِلْإِمَامَةِ فِي حَالِ وُجُوبِ الْمَوَدَّةِ، فَلَيْسَ

(1) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/518

(2)

سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/512

(3)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (م) فَقَطْ.

(4)

ب: وَبِامْتِثَالِ.

(5)

م: بِمَوَدَّتِهِ ; ب: تَكُونُ مَوَدَّتُهُ

(6)

م: وَمَعْنَى.

(7)

ن، م: وَإِذَا كَانَ هَذَا بَاطِلًا فَذَاكَ.

ص: 107

مَنْ وَجَبَتْ مَوَدَّتُهُ كَانَ إِمَامًا حِينَئِذٍ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ تَجِبُ مَوَدَّتُهُمَا قَبْلَ مَصِيرِهِمَا إِمَامَيْنِ، وَعَلِيٌّ تَجِبُ مَوَدَّتُهُ (1) فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَكُنْ إِمَامًا، بَلْ تَجِبُ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ إِمَامَتُهُ إِلَى مَقْتَلِ عُثْمَانَ. الثَّالِثُ: أَنَّ وُجُوبَ الْمَوَدَّةِ إِنْ كَانَ مَلْزُومَ الْإِمَامَةِ، [وَانْتِفَاءُ الْمَلْزُومِ](2) يَقْتَضِي انْتِفَاءَ اللَّازِمِ، فَلَا تَجِبُ الْمَوَدَّةُ إِلَّا مَنْ يَكُونُ إِمَامًا مَعْصُومًا. فَحِينَئِذٍ لَا يَوَدُّ أَحَدًا (3) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا يُحِبُّهُمْ، فَلَا تَجِبُ مَوَدَّةُ أَحَدٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا مَحَبَّتِهِ إِذَا لَمْ يَكُونُوا أَئِمَّةً: لَا شِيعَةَ عَلِيٍّ وَلَا غَيْرَهُمْ. وَهَذَا خِلَافُ الْإِجْمَاعِ، وَخِلَافُ مَا عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ. الرَّابِعُ: أَنَّ قَوْلَهُ: " وَالْمُخَالَفَةُ تُنَافِي الْمَوَدَّةَ ". يُقَالُ: مَتَى؟ إِذَا كَانَ ذَلِكَ وَاجِبَ الطَّاعَةِ أَوْ مُطْلَقًا؟ الثَّانِي مَمْنُوعٌ، وَإِلَّا لَكَانَ (4) مَنْ أَوْجَبَ عَلَى غَيْرِهِ شَيْئًا لَمْ يُوجِبْهُ اللَّهُ عَلَيْهِ إِنْ خَالَفَهُ فَلَا يَكُونُ مُحِبًّا لَهُ، فَلَا يَكُونُ مُؤْمِنٌ (5) مُحِبًّا لِمُؤْمِنٍ حَتَّى يَعْتَقِدَ وُجُوبَ طَاعَتِهِ، وَهَذَا مَعْلُومُ الْفَسَادِ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَيُقَالُ (6) : إِذَا لَمْ تَكُنِ الْمُخَالَفَةُ قَادِحَةً فِي الْمَوَدَّةِ إِلَّا إِذَا كَانَ وَاجِبَ الطَّاعَةِ، فَحِينَئِذٍ يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَوَّلًا وُجُوبُ الطَّاعَةِ، حَتَّى تَكُونَ مُخَالَفَتُهُ قَادِحَةً فِي مَوَدَّتِهِ. فَإِذَا ثَبَتَ (7) وُجُوبُ الطَّاعَةِ بِمُجَرَّدِ وُجُوبِ الْمَوَدَّةِ

(1) ن، م، س: إِمَامَتُهُ وَهُوَ خَطَأٌ.

(2)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب) .

(3)

م: أَحَدٌ.

(4)

م: كَانَ.

(5)

ن، م، س: مُؤْمِنًا.

(6)

ن، س: أَنْ يُقَالَ.

(7)

ن، س، ب: أَثْبَتَ.

ص: 108

بَاطِلًا، وَكَانَ ذَلِكَ دَوْرًا مُمْتَنِعًا، فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمُخَالَفَةَ تَقْدَحُ فِي الْمَوَدَّةِ حَتَّى يَعْلَمَ وُجُوبَ الطَّاعَةِ، وَلَا يَعْلَمُ وُجُوبَ الطَّاعَةِ إِلَّا إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ إِمَامٌ، وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ إِمَامٌ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مُخَالَفَتَهُ تَقْدَحُ فِي مَوَدَّتِهِ (1) . الْخَامِسُ: أَنْ يُقَالَ: الْمُخَالَفَةُ تَقْدَحُ فِي الْمَوَدَّةِ إِذَا أُمِرَ بِطَاعَتِهِ أَمْ لَمْ يُؤْمَرْ (2) ؟ وَالثَّانِي مُنْتَفٍ ضَرُورَةً. وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَأْمُرِ النَّاسَ بِطَاعَتِهِ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ. السَّادِسُ: يُقَالُ: هَذَا بِعَيْنِهِ يُقَالُ: " فِي حَقِّ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، فَإِنَّ مَوَدَّتَهُمْ وَمَحَبَّتَهُمْ وَمُوَالَاتَهُمْ وَاجِبَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمُخَالَفَتُهُمْ تَقْدَحُ فِي ذَلِكَ. السَّابِعُ: التَّرْجِيحُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، لِأَنَّ الْقَوْمَ دَعُوا النَّاسَ إِلَى وَلَايَتِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ وَادَّعَوُا الْإِمَامَةَ، وَاللَّهُ أَوْجَبَ طَاعَتَهُمْ، فَمُخَالَفَتُهُمْ (3)(4) تَقْدَحُ فِي مَوَدَّتِهِمْ، بَلْ تَقْدَحُ فِي مَحَبَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ الَّذِي ابْتَدَعَ الرَّفْضَ لَمْ يَكُنْ مُحِبًّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، بَلْ كَانَ (5) عَدُوًّا (6) لِلَّهِ. وَهَؤُلَاءِ الْقَوْمُ مَعَ أَهْلِ السُّنَّةِ بِمَنْزِلَةِ النَّصَارَى مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَالنَّصَارَى يَجْعَلُونَ الْمَسِيحَ إِلَهًا، وَيَجْعَلُونَ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَمُحَمَّدًا أَقَلَّ مِنَ الْحَوَارِيِّينَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ عِيسَى. وَهَؤُلَاءِ يَجْعَلُونَ عَلِيًّا هُوَ الْإِمَامُ الْمَعْصُومُ، أَوْ هُوَ (7) النَّبِيُّ أَوْ إِلَهٌ (8) ، وَالْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ (9)

(1) م: الْمُخَالِفَةُ تَقْدَحُ فِي الْمَوَدَّةِ.

(2)

ن، س: وَلَمْ يُؤْمَرْ، م: وَإِذَا لَمْ يُؤْمِنْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(3)

ب: فَمُخَالِفُهُمْ.

(4)

سَاقِطٌ مِنْ (س)(ب) .

(5)

سَاقِطٌ مِنْ (س)(ب) .

(6)

س، ب: عَدُوٌّ، وَهُوَ خَطَأٌ.

(7)

س، ب: وَهُوَ.

(8)

م: أَوِ الْإِلَهُ.

(9)

الْأَرْبَعَةُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .

ص: 109