الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تكريم جمعية الهداية الإسلامية لرجل من عظماء الإسلام
(1)
أقامت الجمعية مساء يوم الثلاثاء 11 جمادى الأولى 1353 هـ 21 أغسطس 1934 م حفلة تكريم لحضرة الهمام المفضال الأستاذ حافظ عامر قنصل مصر في الحجاز سابقاً، والقائم بأعمال المفوضية المصرية في العراق الآن، فأجاب حضرته الدعوة، واستقبله حضرات أعضاء الجمعية بترحيب وحفاوة، وكان الحديث في أثناء جلوسهم إلى مائدة الشاي وبعده يدور على شؤون العالم الإسلامي الحاضرة، وفيما ينبغي أن يكون عليه المسلمون من التمسك بأصول الدين وآدابه، وألقى بعض حضرات الأعضاء عبارات الثناء على حضرة الأستاذ المحتفل به، والشكر له على المساعي الجليلة التي كان يبذلها في الحجاز لمساعدة المسلمين، ولاسيما أهل العلم والفضل، على اختلاف شعوبهم.
وبهذه المناسبة أذكر أني عندما نزلت جدة سنة 1351 هـ قاصداً أداء فريضة الحج، قال لي بعض رفقائي: تعال بنا نزور قنصل الحكومة المصرية، فقلت: نزوره بعد العودة من مكة -إن شاء الله-، قلت ذلك، وفي ظني أن هذا القنصل ككثير من الولاة الذين يلاقون زائريهم بشيء من التعاظم وقلة الاحتفاء، ورحلت إلى مكة المكرمة، ويعد أن أقمت بها يومين، قال لي أحد الأصدقاء:
(1) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء الثاني عشر من المجلد السادس الصادر في شهر جمادى الثانية سنة 1353 هـ - القاهرة.
إن قنصل مصر نازل بالتكية المصرية، وهو يسأل عنكم، وراغب في لقائكم، فقلت له: سأزور التكية بعد قضاء المناسك، فقال: إنه يسأل عن محل إقامتكم، ويريد زيارتكم، وها هي هذه التكية على مقربة من أحد أبواب الحرم الشريف، فوافقته على أن نذهب إلى التكية بعد صلاة العشاء، وذهبنا حسب الوعد، فوجدت طائفة من فضلاء المصريين، من بينهم حضرة القنصل الأستاذ حافظ عامر، فجلس إلى جانبي، وأخذ يجاذبني أطراف الحديث في استنارة فكر، وصفاء سريرة، ورقة اشاس، حتى خيل إليّ أني أتحدث مع صديق حميم قضيت في صداقته سنين، وأبدى رغبته في أن نكون رفقة في أيام عرفة والمزدلفة ومنى حتى العودة إلى جدة، وكذلك قضينا تلك الأيام الزاهرة في قضاء المناسك، يتخللها مذكرات لذيذة، ولندع بقية الحديث عن تلك الأيام إلى ما سنكتبه -إن شاء الله تعالى- في مشاهد تلك الرحلة المباركة.
وملخص القول: أن الأستاذ حافظ عامر مثلٌ كامل لرجل دولة إسلامية يحق لها أن تكون زعيمة للعالم الإسلامي، فإنا في حاجة إلى أن يكون لنا رجال دولة يجمعون إلى بعد النظر في السياسة سماحة الأخلاق، واحتراماً للدين، واعتزازاً به أشدَّ من اعتزازهم بالإمارة والوزارة وغيرها من المناصب السامية. وذلك ما كان يتمثل لنا في روح الأستاذ المحتفل بتكريمه، جزاه الله عن الإسلام خيراً، وأكثر من أمثاله.