الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الثالثة والعشرون [الضمان بالشك]
أولاً: لفظ ورود القاعدة:
الضمان بالشك لا يجب (1).
وفي لفظ: "مع اشتباه السبب لا يجب الضمان"(2). وتأتي في حرف الميم إن شاء الله.
وفي لفظ: "الضمان الواجب لحق العباد غير مبني على الاحتياط فلا يجب في موضع الشك"(3).
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها
.
إذا وقع الشك في حصول الإتلاف أو الاستهلاك أو وقع الشك في المتلف أو المستهلك فلا يجب الضمان ولا الغرامة على من شك في إتلافه؛ لأن الضمان يستلزم يقين الفعل من الفاعل والشك ينافيه، سواء كان شكاً في الفاعل أو شكاً في سبب الهلاك.
وذلك في حقوق العباد حيث إن الواجب لحق العباد غير مبني على الاحتياط بخلاف الواجب لحق الله سبحانه وتعالى.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها
.
إذا ادعى الأمين أن الوديعة سرقت أو تلفت بآفة سماوية بغير تعدٍ أو
(1) المبسوط 26/ 87، 27/ 7، 20.
(2)
نفس المصدر 26/ 90.
(3)
أصول الكرخي ص 166 استنباطاً، والتحرير 3/ 292، عن القواعد والضوابط ص 489.
تقصير منه، وادعى صاحبها مسؤولية الأمين في إتلافها، فإن القول قول الأمين مع يمينه، ولا ضمان عليه، إلا إذا أقام صاحبها البينة على أن الأمين قصَّر في حفظها أو تعدى.
ومنها: إذا صدمت سيارة شخصاً فأصيب بجروح ثم عولج وشفي، ثم مات بعد ما ظهر شفاؤه، فهل يجب على سائق السيارة الضمان؟ بحسب هذه القواعد لا يجب؛ لأنه وقع الشك في سبب موته هل هو الصدمة أو سبب آخر.
ومنها: إذا ضرب محرم بطن ظبية فطرحت جنيناً ميتاً ثم ماتت فعليه جزاؤهما جميعاً، أخذاً بالاحتياط؛ لأن هذا من حق الله تعالى؛ لأن الضرب سبب صالح لموتهما وقد ظهر الموت عقيبه.
ولكن من ضرب بطن امرأة حامل فألقت جنيناً ميتاً وماتت فيجب هنا دية الأم، كما يجب في الجنين غرة عبد أو أمة قيمته خمسمائة بالحديث، وإلا فالقياس إما أن لا يجب فيه شيء؛ لأنه لم تعرف حياته، وفعل القتل لا يتحقق إلا في محل هو حي، والضمان بالشك لا يجب، وإما أن يجب فيه كمال الدية؛ لأن الضارب منع حدوث منفعة الحياة فيه، فيجعل كالحي في إيجاب الضمان بإتلافه. ولكن ترك القياس بالسنة، وهو حديث حمل بن مالك (1).
وهذا إذا ألقته قبل موتها، وأما إذا ماتت الأم أولاً ثم انفصل الجنين بعد موتها فلا ضمان فيه عند الحنفية؛ لأنه مع اشتباه السبب لا يوجب الضمان، وذلك لاحتمال أن الجنين لم يمت من الضربة وإنما مات لانحباس نفسه
(1) الحديث عن ابن عباس رواه أبو داود والنسائي، وفي الباب عن أبي هريرة والمغيرة بن شعبة متفق عليهما، ينظر: منتقى الأخبار 2/ 697، الأحاديث من 9387 - 3991.
بهلاك أمه.
وعند غير الحنفية يجب دية المرأة ودية الجنين على أي وجه سواء انفصل قبل موتها أم بعد موتها لأن موته يحال على الضربة على كل حال.