الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الثانية والعشرون [الصلح عن الحدود]
أولاً: لفظ ورود القاعدة:
الصلح عن الحدود باطل (1).
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها
.
الحدود: جمع حد، وهى العقوبات المقدرة شرعاً، كحد الزنا والسرقة والسكر.
فمفاد القاعدة: أن الصلح عن عقوبة مقدرة شرعاً يعتبر صلحاً باطلاً ولا يسقط الحد.
وفي المسألة تفصيل لا بد منه: إن الحدود منها ما هو حق خالص لله تعالى كحد الزنا والسكر، فهذا لا يجوز الصلح فيه عنه بحال، لا قبل أن يرفع إلي الحاكم ولا بعد أن يرفع.
ومنها ما فيه حق العباد كالسرقة والقذف، فهذه يجوز الصلح فيها والعفو عنه قبل رفعه إلى الحاكم، وأما بعد الرفع فلا يجوز.
ودليل هذه القاعدة وأصلها حديث العسيف (2) - هو الأجير الذي زنا بامرأة مخدومه -.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها
.
صالح عن جريمة سرقة بعد رفعها إلي الحاكم، فالصلح باطل ويجب الحد
(1) الفرائد ص 107 عن صلح الخانية 3/ 94، المقنع مع الحاشية جـ 2.
(2)
حديث العسيف رواه الجماعة.
على السارق بشروطه كما في حديث عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب"(1). وحديث المرأة المخزومية (2).
ومنها: إذا صالح القاضي أو الحاكم شارب الخمر على أن يأخذ منه مالاً ويعفو عنه، لا يصح الصلح، ويُرد المال على شارب الخمر سواء قبل الرفع أو بعده، والحد يجب ولا يسقط لأنه حق الله تعالى.
ومنها: إذا صالح السارق صاحب المال حتى لا يرفعه إلى الحاكم - على مال يدفعه - فالصلح باطل؛ لأنه يعتبر رشوة، ويجب رد المال إلى السارق. ولكن لصاحب المال أخذ المسروق أو تركه للسارق والعفو عنه بدون شيء وذلك قبل الرفع للحاكم. وأما بعد الرفع فلا يجوز عفوه.
وأما إذا صالح السارق صاحب المال على المال المسروق لاستهلاكه أو تلفه فذلك جائز.
ومنها: إذا صالح عن حق القصاص، جاز وسقط القصاص، فهو هنا صلح صحيح؛ حيث انتقل الحق من القصاص إلى الدية، ويعتبر ما صالح عليه بدلاً من الدية، والصلح عن الجنايات التي يجب فيها المال صلح صحيح.
ومنها: إذا عفا المقذوف قبل أن يرفع إلى الحاكم سقط الحد، وأما بعد الرفع فلا يسقط، وذلك بدون مال، وإلا هو رشوة لا صلحاً، فلا يجب المال ولكن يسقط الحد إن كان قبل الرفع للحاكم، إلا عند من يعتبرون إن القذف
(1) رواه النسائي وأبو داود، منتقى الأخبار 2/ 725 حديث 4094.
(2)
متفق عليه.
من حقوق العباد فيسقط الحد.
ومنها: إذا قذف رجل امرأته المحصنة، حتى وجب اللعان بينهما، ثم أراد مصالحتها على مال حتى لا تطلب اللعان، كان الصلح باطلاً ولا يجب المال. وأما إذا عفت قبل الرفع للحاكم فالعفو جائز.