الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَمَا فِي الِانْتِصَارِ. وَالثَّانِي يَتَسَلَّطُ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لِهَذَا الْقَدْرِ مُتَعَيَّنٌ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَخْصِيصُ مَنْعِ الْوَارِثِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي ثُلُثِ الْحَاضِرِ فِي التَّصَرُّفِ النَّاقِلِ لِلْمِلْكِ كَالْبَيْعِ، فَإِنْ كَانَ بِاسْتِخْدَامٍ وَإِيجَارٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَلَهُ عَيْنٌ وَدَيْنٌ دُفِعَ لَهُ ثُلُثُ الْعَيْنِ، وَكُلَّمَا نَضَّ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ دُفِعَ لَهُ ثُلُثُهُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ حَاضِرَةٌ وَخَمْسُونَ غَائِبَةٌ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِخَمْسِينَ مِنْ الْحَاضِرَةِ وَمَاتَ وَقَبِلَ الْوَصِيَّةَ أُعْطِيَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَالْوَرَثَةُ خَمْسِينَ وَتُوقَفُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ أُعْطِيَ الْمُوصَى لَهُ الْمَوْقُوفَ، وَإِنْ تَلِفَ الْغَائِبُ قُسِّمَتْ الْخَمْسَةُ وَالْعِشْرُونَ أَثْلَاثًا فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُهَا وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَالْمُلْحَقِ بِهِ الْمُقْتَضِي كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْحَجَرِ عَلَيْهِ
فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَعَقَّبَهُ بِالصِّيغَةِ كَمَا يَأْتِي
(إذَا ظَنَنَّا الْمَرَضَ مَخُوفًا) لِتَوَلُّدِ الْمَوْتِ عَنْ جِنْسِهِ كَثِيرًا (لَمْ يَنْفُذْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَضَمٍّ فَمُعْجَمَةٍ (تَبَرُّعٌ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَةِ لِحَقِّ الْوَرَثَةَ، وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ عَدَمَ النُّفُوذِ بَاطِنًا لَمْ يُنْظَرْ لِظَنِّنَا بَلْ لِوُجُودِهِ وَإِنْ ظَنَنَّاهُ غَيْرَهُ أَوْ ظَاهِرًا خَالَفَ الْأَصَحَّ مِنْ جَوَازِ تَزْوِيجِ مَنْ أُعْتِقَتْ فِيهِ وَإِنْ لَمْ تُخْرَجْ مِنْ الثُّلُثِ ثُمَّ بَعْدَ مَوْتِهِ إنْ أُخْرِجَتْ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ اسْتَمَرَّتْ الصِّحَّةُ وَإِلَّا فَلَا.
أَجَابَ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ النُّفُوذِ الْوَقْفُ، وَأَنَّهُ وَقْفُ اسْتِمْرَارٍ وَلُزُومٍ لِيَنْتَظِمَ الْكَلَامَانِ، وَقَوْلُهُ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لَا يَلْتَئِمُ مَعَ قَوْلِهِمْ الَّذِي قَدَّمَهُ الْعِبْرَةُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ الْمُوصَى لَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الِانْتِصَارِ) لِابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ (قَوْلُهُ: تَخْصِيصُ مَنْعِ الْوَارِثِ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُهُ فَإِنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ مِنْ التَّصَرُّفِ احْتِمَالُ سَلَامَةِ الْمَالِ الْغَائِبِ فَيَكُونُ الْعَيْنُ كُلُّهَا لِلْمُوصَى لَهُ، وَبِفَرْضِ ذَلِكَ فَلَا حَقَّ لِلْوَرَثَةِ فِيهَا بِوَجْهٍ فَكَيْفَ سَاغَ تَصَرُّفُهُمْ فِيهَا بِالِاسْتِخْدَامِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ) أَيْ وَيَفُوزُ بِالْأُجْرَةِ إنْ تَبَيَّنَ اسْتِحْقَاقُهُ لِمَا آجَرَهُ وَإِلَّا بِأَنْ حَضَرَ الْغَائِبُ، فَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ صَحَّ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَنَّهَا لِلْمُوصَى لَهُ أَنَّهُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ مَلَكَ الْعَيْنَ بِمَوْتِ الْمُوصِي.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ (قَوْلُهُ وَالْمُلْحَقُ بِهِ) صِفَةٌ لَازِمَةٌ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ الْحِكْمَةُ فِي التَّعَرُّضِ لِبَيَانِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَعَقَّبَهُ بِالصِّيغَةِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَرَضِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ (قَوْلُهُ: لِتَوَلُّدِ الْمَوْتِ) سَبَبُ الظَّنِّ (قَوْلُهُ: عَنْ جِنْسِهِ كَثِيرًا) أَيْ بِأَنْ لَا يَنْدُرَ تَوَلُّدُ الْمَوْتِ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ الْمَوْتُ بِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ لِوُجُودِهِ) أَيْ بَلْ وَلَوْ كَانَتْ كُلَّ مَالِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَنَنَّاهُ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: مِنْ جَوَازِ تَزْوِيجِ إلَخْ) أَيْ وَالْمُزَوِّجُ الْوَلِيُّ إنْ كَانَ لَهَا وَلِيٌّ مِنْ النَّسَبِ أَوْ السَّيِّدُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ: مَنْ أُعْتِقَتْ فِيهِ) أَيْ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ وَطِئَ وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ إنْ وُجِدَ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ وَقْفُ اسْتِمْرَارٍ) أَيْ لَا وَقْفَ صِحَّةٍ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ وَأَنَّهُ إلَخْ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ الْعُقُودُ لَا تُوقَفُ (قَوْلُهُ لِيَنْتَظِمَ الْكَلَامَانِ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْل فِي بَيَان الْمَرَض الْمَخُوف والملحق بِهِ المقتضي كُلّ مِنْهُمَا للحجر عَلَيْهِ]
فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ
(قَوْلُهُ: لَمْ يَنْفُذْ) أَيْ إلَّا إنْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَأَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: يَنْفُذْ بِفَتْحٍ) احْتِرَازٌ عَنْ ضَمِّهِ (قَوْلُهُ: تَزْوِيجُ مَنْ أُعْتِقَتْ) أَيْ مِنْ الْوَلِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ كَغَيْرِهَا
بِالثُّلُثِ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا الْوَصِيَّةِ، فَإِنْ أُرِيدَ الثُّلُثُ عِنْدَهُ لَمْ يُنْظَرْ لِظَنِّنَا أَيْضًا، وَقَوْلُ الْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَمْ يَنْفُذْ تَبَرُّعٌ مُنَجَّزٌَ، فَإِنَّ التَّبَرُّعَ الْمُعَلَّقَ بِالْمَوْتِ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَوْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالثُّلُثِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ بَعْدَهُ، وَأَمَّا الْمُنَجَّزُ فَيَثْبُتُ حُكْمُهُ حَالًا فَيُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ عَجِيبٌ مَعَ مَا تَقَرَّرَ فِي الثُّلُثِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إلَّا عِنْدَ الْمَوْتِ مُطْلَقًا، وَفِي مَسْأَلَةِ الْعَتِيقَةِ أَنَّهَا تُزَوَّجُ حَالًا مَعَ كَوْنِهَا كُلَّ مَالِهِ اعْتِبَارًا بِالظَّاهِرِ مِنْ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ الْآنَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُنَجَّزِ وَالْمُعَلَّقِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا طَرَأَ عَلَى الْمَرَضِ قَاطِعٌ لَهُ مِنْ نَحْوِ غَرَقٍ أَوْ حَرْقٍ، فَحِينَئِذٍ وَإِنْ كُنَّا ظَنَنَّا الْمَرَضَ مَخُوفًا بِقَوْلِ خَبِيرَيْنِ لَمْ يَنْفُذْ تَبَرُّعٌ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ حِينَئِذٍ مُنَجَّزًا أَوْ مُعَلَّقًا بِالْمَوْتِ، وَإِنْ كُنَّا ظَنَنَّاهُ غَيْرَ الْمَخُوفِ وَحَمَلْنَا الْمَوْتَ عَلَى نَحْوِ فَجْأَةٍ لِكَوْنِهِ نَحْوَ جَرَبٍ أَوْ وَجَعِ ضِرْسٍ نَفَذَ الْمُنَجَّزُ وَإِنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ انْدَفَعَ الْإِيرَادُ (فَإِنْ بَرَأَ نَفَذَ) أَيْ بَانَ نُفُوذُهُ مِنْ حِينِ تَصَرُّفِهِ فِي الْكُلِّ لِتَبَيُّنِ انْتِفَاءِ الْخَوْفِ وَمَنْ صَارَ عَيْشُهُ عَيْشَ مَذْبُوحٍ لِمَرَضٍ أَوْ جِنَايَةٍ فِي حُكْمِ الْأَمْوَاتِ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ ظَنَنَّاهُ غَيْرَ مَخُوفٍ فَمَاتَ) أَيْ اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ (فَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْفَجْأَةِ) لِكَوْنِ ذَلِكَ الْمَرَضِ لَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ مَوْتٌ كَوَجَعِ عَيْنٍ أَوْ ضِرْسٍ أَوْ جَرَبٍ، وَهُوَ بِضَمِّ الْفَاءِ وَالْمَدِّ وَبِفَتْحٍ فَسُكُونٍ، وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ إلَّا تَنْكِيرُهَا مَرْدُودٌ بِخَبَرِ «مَوْتُ الْفَجْأَةِ أَخْذَةُ أَسَفٍ» أَيْ لِغَيْرِ الْمُسْتَعِدِّ، وَإِلَّا فَهُوَ رَاحَةٌ لِلْمُؤْمِنِ كَمَا فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى (نَفَذَ) جَمِيعُ تَبَرُّعِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى ذَلِكَ لِكَوْنِ الْمَرَضِ الَّذِي بِهِ غَيْرُ مَخُوفٍ لَكِنَّهُ قَدْ يَتَوَلَّدُ عَنْهُ الْمَوْتُ كَإِسْهَالٍ أَوْ حُمَّى يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَكَانَ التَّبَرُّعُ قَبْلَ عَرَقِهِ وَاتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ (فَمَخُوفٌ) فَلَا يَنْفُذُ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، وَفَائِدَةُ الْحُكْمِ فِي هَذَا بِأَنَّهُ إنْ اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ مَخُوفٌ وَإِلَّا فَلَا أَنَّهُ إذَا حَزَّ عُنُقَهُ أَوْ سَقَطَ مِنْ عَالٍ مَثَلًا كَانَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِخِلَافِ، الْمَخُوفِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ مُطْلَقًا كَمَا تَقَرَّرَ
(وَلَوْ شَكَكْنَا) قَبْلَ الْمَوْتِ (فِي كَوْنِهِ) أَيْ الْمَرَضِ (مَخُوفًا)(لَمْ يَثْبُتُ) كَوْنُهُ مَخُوفًا (إلَّا بِ) قَوْلِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ قَوْلُهُمْ بِعَدَمِ نُفُوذِ تَبَرُّعٍ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، وَقَوْلُهُمْ بِصِحَّةِ تَزْوِيجِ مَنْ أُعْتِقَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أُرِيدَ الثُّلُثُ عِنْدَهُ) أَيْ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: لَا حَجْرَ عَلَيْهِ) أَيْ الْآنَ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ زَادَ إلَخْ غَايَةٌ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ مُعَلَّقًا أَوْ مُنَجَّزًا (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: انْدَفَعَ الْإِيرَادُ) أَيْ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَرَأَ نَفَذَ) أَيْ بَرَأَ مِنْهُ وَمِنْ الدَّيْنِ وَالْعَيْبِ مِنْ بَابِ سَلِمَ، وَبَرِئَ مِنْ الْمَرَضِ بِالْكَسْرِ بُرْءًا بِالضَّمِّ، وَعِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ بَرَأَ مِنْ الْمَرَضِ مِنْ بَابِ قَطَعَ، وَبَرَأَ اللَّهُ الْخَلْقَ مِنْ بَابِ قَطَعَ فَهُوَ الْبَارِئُ انْتَهَى مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِقَوْلِهِ) أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِقِسْمَةِ تَرِكَتِهِ وَنِكَاحِ زَوْجَاتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمَوْتِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ وُصُولُهُ لِذَلِكَ بِجِنَايَةٍ الْتَحَقَ بِالْمَوْتَى وَإِنْ كَانَ بِمَرَضٍ فَكَالْأَصِحَّاءِ، ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ إلَخْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ عَقْلِهِ حَاضِرًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: أَيْ اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ) أَيْ وَإِنْ طَالَتْ مُدَّةُ الْمَرَضِ فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَوْتِ عَقِبَ الظَّنِّ (قَوْلُهُ: أَوْ حُمَّى يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ) أَيْ بِأَنْ انْقَطَعَتْ بَعْدَهُمَا (قَوْلُهُ: وَكَانَ التَّبَرُّعُ قَبْلَ عَرَقِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ التَّبَرُّعُ بَعْدَ الْعَرَقِ حُسِبَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا طَرَأَ عَلَى الْمَرَضِ قَاطِعٌ لَهُ) يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْمُصَنِّفَ سَكَتَ عَنْ حُكْمِ مَا إذَا مَاتَ بِهِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ وَقَدْ يُقَالُ مَا الْمَانِعُ مِنْ كَوْنِ مَعْنَى الْخَوْفِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وُقُوعَ الْمَوْتِ بِالْفِعْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْنَاهُ فِي كَلَامِهِمْ فَكَأَنَّهُ قَالَ إذَا ظَنَنَّا وُقُوعَ الْمَوْتِ بِالْفِعْلِ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ بِأَنْ تَرَجَّحَ عِنْدَنَا ذَلِكَ وَهُوَ ضَابِطُ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِمُسَاوَاتِهِ لِقَوْلِ غَيْرِهِ إذَا كَانَ الْمَرَضُ مَخُوفًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَإِسْهَالٍ أَوْ حُمَّى يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: كَأَنَّهُ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ لِإِضَافَتِهِ إلَى يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَيْضًا
(قَوْلُهُ: قَبْلَ الْمَوْتِ) قَالَ الشِّهَابُ
(طَبِيبَيْنِ حُرَّيْنِ عَدْلَيْنِ) مَقْبُولَيْ الشَّهَادَةِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُوصَى لَهُ وَالْوَرَثَةِ بِذَلِكَ فَسُمِعَتْ الشَّهَادَةُ وَلَوْ فِي حَيَاتِهِ كَأَنْ عَلَقَ شَيْءٌ بِكَوْنِهِ مَخُوفًا، وَفِي اعْتِبَارِهِ الْحُرِّيَّةِ تَلْوِيحٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ عَدْلُ الشَّهَادَةِ لَا الرِّوَايَةِ، فَاسْتَغْنَى بِذَلِكَ عَنْ التَّعَرُّضِ لِلْإِسْلَامِ وَالتَّكْلِيفِ وَكُلٌّ مَعْلُومٌ مِنْ الْعَدَالَةِ، وَأَفْهَمُ كَلَامُهُ عَدَمَ الثُّبُوتِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَبِمَحْضِ النِّسْوَةِ، لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ عِلَّةٍ بَاطِنَةٍ بِامْرَأَةٍ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الطَّبِيبَيْنِ فِي نَفْيِ كَوْنِهِ مَخُوفًا أَيْضًا خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي، وَقَدْ لَا تَرِدُ عَلَيْهِ لِإِرْجَاعِ ضَمِيرٍ يَثْبُتُ إلَى كُلٍّ مِنْ طَرَفَيْ الشَّكِّ، أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَرَضِ كَأَنْ قَالَ الْوَارِثُ كَانَ حُمَّى مُطْبِقَةً وَالْمُتَبَرَّعُ عَلَيْهِ كَانَ وَجَعَ ضِرْسٍ كَفَى غَيْرُ طَبِيبَيْنِ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الْأَطِبَّاءُ أَخَذَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَقَرَّهُ بِقَوْلِ الْأَعْلَمِ ثُمَّ بِالْأَكْثَرِ عَدَدًا ثُمَّ بِمَنْ يُخْبِرُ بِأَنَّهُ مَخُوفٌ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ مِنْ غَامِضِ الْعِلْمِ مَا خَفِيَ عَلَى غَيْرِهِ
(وَمِنْ) الْمَرَضِ (الْمَخُوفِ) قِيلَ هُوَ كُلُّ مَا يُسْتَعَدُّ بِسَبَبِهِ لِلْمَوْتِ بِالْإِقْبَالِ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَقِيلَ كُلُّ مَا اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ.
وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَتَبِعَاهُ كُلُّ مَا لَا يَتَطَاوَلُ بِصَاحِبِهِ مَعَهُ الْحَيَاةُ، وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ حَدَّهُ لِهَذَا الِاخْتِلَافِ، وَنَقَلَا عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّاهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي كَوْنِهِ مَخُوفًا غَلَبَةُ حُصُولِ الْمَوْتِ بَلْ عَدَمُ نُدْرَتِهِ كَالْبِرْسَامِ الَّذِي هُوَ وَرَمٌ فِي حِجَابِ الْقَلْبِ أَوْ الْكَبِدِ يَصْعَدُ أَثَرُهُ إلَى الدِّمَاغِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ مَا يَكْثُرُ فِيهِ الْمَوْتُ عَاجِلًا وَإِنْ خَالَفَ الْمَخُوفَ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ (قُولَنْجُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مَعَ اللَّامِ وَفَتْحِهَا، وَهُوَ أَنْ تَنْعَقِدَ أَخْلَاطُ الطَّعَامِ فِي بَعْضِ الْأَمْعَاءِ فَلَا تَنْزِلُ وَيَصْعَدُ بِسَبَبِهِ بُخَارٌ إلَى الدِّمَاغِ فَيَهْلِكُ، وَهُوَ أَقْسَامٌ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مُعْتَادِهِ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ مَحَلُّهُ إنْ أَصَابَ مَنْ لَمْ يَعْتَدْهُ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ، يُصِيبُهُ كَثِيرًا وَيُعَافَى مِنْهُ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ فَلَا، رَدَّهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
ــ
[حاشية الشبراملسي]
سَوَاءٌ حُزَّ عُنُقُهُ أَوْ سَقَطَ مِنْ عَالٍ
(قَوْلُهُ: طَبِيبَيْنِ حُرَّيْنِ عَدْلَيْنِ) أَيْ فَإِذَا لَمْ يُوجَدَا وَاخْتَلَفَ الْوَارِثُ وَالْمُتَبَرَّعُ عَلَيْهِ وَأُحِيلَ مَوْتُهُ عَلَى سَبَبٍ غَيْرِ الْمَرَضِ كَالْفَجْأَةِ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْمُتَبَرَّعِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّ التَّبَرُّعَ وَقَعَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ فَإِنَّ الْمُصَدَّقَ مِنْهُمَا الْمُتَبَرَّعُ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ مَقْبُولَيْ الشَّهَادَةِ) زَادَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْعَدَالَةِ قَبُولُ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ مَنْ لَا يَرْتَكِبُ كَبِيرَةً وَلَا يُصِرُّ عَلَى صَغِيرَةٍ، وَيُشْتَرَطُ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ لِقَبُولِ شَهَادَتِهِ مُحَافَظَتُهُ عَلَى مُرُوءَةِ أَمْثَالِهِ (قَوْلُهُ: فَسَمِعْت) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ لِتَعَلُّقِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَأَنْ عَلِقَ شَيْءٌ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَوْ تَبَرَّعَ وَأُرِيدَ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى صِفَةِ مَرَضِهِ الْآنَ لَا تُسْمَعُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ وَمِنْ الْأَرْبَعِ نِسْوَةٍ (قَوْلُهُ: يَثْبُتُ إلَى كُلٍّ مِنْ طَرَفَيْ الشَّكِّ) وَهُمَا كَوْنُهُ مَخُوفًا أَوْ غَيْرَ مَخُوفٍ (قَوْلُهُ: كَانَ وَجَعَ ضِرْسٍ كَفَى) أَيْ فِي أَصْلِ الْمَرَضِ (قَوْلُهُ: بِقَوْلِ الْأَعْلَمِ) أَيْ وَلَوْ نَفْيًا، وَقَوْلُهُ ثُمَّ بِمَنْ يُخْبِرُ بِأَنَّهُ مَخُوفٌ: أَيْ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ عَدَدًا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ عُلِمَ مِنْ إلَخْ لَكِنَّ مُقْتَضَى الْعَطْفِ بِثُمَّ أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْعَدَدِ
(قَوْلُهُ قِيلَ هُوَ كُلُّ مَا إلَخْ) هَذَا التَّعْرِيفُ لَازِمٌ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ الَّذِي يَتَوَلَّدُ الْمَوْتُ عَنْ جِنْسِهِ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: بِالْإِقْبَالِ عَلَى الْعَمَلِ) أَيْ عَادَةً (قَوْلُهُ وَقِيلَ كُلُّ مَا اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ) يَدْخُلُ فِيهِ وَجَعُ الضِّرْسِ وَيَخْرُجُ عَنْهُ مَا لَوْ ظَنَنَّاهُ مَخُوفًا وَمَاتَ بِسَبَبِ غَيْرِهِ كَحَزِّ الرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ: مَعَهُ الْحَيَاةُ) أَيْ عَادَةً (قَوْلُهُ: بِضَمِّ أَوَّلِهِ مَعَ اللَّامِ) أَيْ مَعَ ضَمِّهَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْمَذْكُورُ: كَأَنَّ وَجْهَ التَّقْيِيدِ أَنَّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِثْبَاتِ؛ لِأَنَّهُ إنْ حُمِلَ الْمَوْتُ عَلَى الْفَجْأَةِ لَمْ يَكُنْ مَخُوفًا وَإِلَّا فَمَخُوفٌ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ.
وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ حُمِلَ عَلَى الْفَجْأَةِ لَمْ يَكُنْ مَخُوفًا فِيهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَفِي اعْتِبَارِ الْحُرِّيَّةِ إلَخْ) فِي هَذَا الْكَلَامِ قَلَاقَةٌ لَا تَخْفَى.
وَحَاصِلُ الْمُرَادِ أَنَّهُ إنَّمَا نَصَّ عَلَى الْحُرِّيَّةِ لِلتَّلْوِيحِ الَّذِي ذَكَرَهُ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِهَا مَعَ ذِكْرِ الْعَدَالَةِ وَأَنَّهُ حَيْثُ ذَكَرَهَا فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ الْإِسْلَامَ وَالتَّكْلِيفَ أَيْضًا
(قَوْلُهُ: بَلْ عَدَمُ نُدْرَتِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالنُّدْرَةِ مَا يَصْدُقُ بِالْقِلَّةِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي فَعُلِمَ أَنَّ مَا يَكْثُرُ فِيهِ الْمَوْتُ إلَخْ
بِمَنْعِ كَوْنِهِ مِنْ الْقُولُنْجِ الْمَذْكُورِ حِينَئِذٍ وَإِنْ سَمَّاهُ الْعَوَامُّ بِهِ، وَبِتَقْدِيرِ تَسْمِيَتِهِ بِذَلِكَ فَهُوَ مَرَضٌ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا وَإِنْ تَكَرَّرَ لَهُ (وَذَاتُ جَنْبٍ) وَتُسَمَّى ذَاتُ الْخَاصِرَةِ، وَهِيَ قُرُوحٌ تَحْدُثُ دَاخِلَ الْجَنْبِ بِوَجَعٍ شَدِيدٍ ثُمَّ تَنْفَتِحُ فِي الْجَنْبِ وَيَسْكُنُ الْوَجَعُ وَذَلِكَ وَقْتَ الْهَلَاكِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ مَخُوفَةً لِقُرْبِهَا مِنْ الرَّئِيسَيْنِ الْقَلْبِ وَالْكَبِدِ وَمِنْ عَلَامَاتِهَا: الْحُمَّى اللَّازِمَةُ وَشِدَّةُ الْوَجَعِ تَحْتَ الْأَضْلَاعِ وَضِيقِ النَّفَسِ وَالسُّعَالِ (وَرُعَافٍ) بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ (دَائِمٍ) ؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ الْقُوَّةَ بِخِلَافِ غَيْرِ الدَّائِمِ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ بِالدَّائِمِ الْمُتَتَابِعِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي تَتَابُعِهِ أَنْ يَمْضِيَ فِيهِ زَمَنٌ يُفْضِي مِثْلُهُ فِيهِ عَادَةً كَثِيرًا إلَى الْمَوْتِ وَلَا يُضْبَطُ بِمَا يَأْتِي فِي الْإِسْهَالِ؛ لِأَنَّ الْقُوَّةَ تَتَمَاسَكُ مَعَهُ نَحْوَ الْيَوْمَيْنِ بِخِلَافِ الدَّمِ؛ لِأَنَّهُ قِوَامُ الرُّوحِ (وَإِسْهَالٌ مُتَوَاتِرٌ) أَيْ مُتَتَابِعٌ؛ لِأَنَّهُ يُنَشِّفُ رُطُوبَاتِ الْبَدَنِ (وَدِقٌّ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ، وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ الْقَلْبَ وَلَا تَمْتَدُّ مَعَهُ الْحَيَاةُ غَالِبًا (وَابْتِدَاءُ فَالِجٍ) بِخِلَافِ دَوَامِهِ سَوَاءً أَكَانَ مَعَهُ ارْتِعَاشٌ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا، وَهُوَ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ اسْتِرْخَاءُ أَحَدِ شِقَّيْ الْبَدَنِ طُولًا، وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ اسْتِرْخَاءُ أَيِّ عُضْوٍ كَانَ، وَسَبَبُهُ غَلَبَةُ الرُّطُوبَةِ وَالْبَلْغَمِ، وَوَجْهُ الْخَوْفِ فِي ابْتِدَائِهِ الْهَيَجَانُ حِينَئِذٍ فَرُبَّمَا أَطْفَأَ الْحَرَارَةَ الْغَرِيزِيَّةِ وَأَهْلَكَ لَا السِّلِّ بِكَسْرِ السِّينِ مُطْلَقًا، وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ الرِّئَةَ فَيَأْخُذُ مِنْهُ الْبَدَنُ فِي النُّقْصَانِ وَالِاصْفِرَارِ.
قَالَ الْبُسْتِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلْوَسِيطِ: وَلَعَلَّ وَجَعَ الِاسْتِسْقَاءِ مِثْلُهُ (وَخُرُوجُ الطَّعَامِ غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ) لِزَوَالِ الْقُوَّةِ الْمَاسِكَةِ، وَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا الْإِسْهَالُ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ تَوَاتُرُهُ وَلِهَذَا ذَكَرَهُ بَعْدُ (أَوْ كَانَ يَخْرُجُ بِشِدَّةِ وَوَجَعٍ) وَيُسَمَّى الزَّحِيرَ، وَإِفَادَةُ الْمُضَارِعِ فِي خَبَرِ كَانَ التَّكْرَارُ الْمُرَادُ هُنَا اخْتَلَفَ فِيهَا الْأُصُولِيُّونَ.
وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ يُفِيدُهُ عُرْفًا لَا وَضْعًا (أَوْ وَمَعَهُ دَمٌ) مِنْ عُضْوٍ شَرِيفٍ كَكَبِدٍ دُونَ الْبَوَاسِيرِ؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ الْقُوَّةَ.
قَالَ السُّبْكِيُّ: وَمَا بِأَصْلِهِ مِنْ أَنَّ خُرُوجَهُ بِشِدَّةٍ وَوَجَعٍ أَوْ وَمَعَهُ دَمٌ إنَّمَا يَكُونُ مَخُوفًا إنْ صَحِبَهُ إسْهَالٌ وَإِنْ لَمْ يَتَوَاتَرْ هُوَ الصَّوَابُ، ثُمَّ بَيَّنَ هُوَ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ أَصْلَ نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ مُوَافِقَةٌ لِأَصْلِهِ وَإِنَّمَا فِيهَا إلْحَاقٌ اشْتَبَهَ عَلَى الْكَتَبَةِ فَوَضَعُوهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ، فَكَلَامُ الْأَطِبَّاءِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الزَّحِيرِ وَحْدَهُ مَخُوفٌ وَكَذَا خُرُوجُ دَمِ الْعُضْوِ الشَّرِيفِ، فَالْوَجْهُ أَخْذًا مِمَّا أَشْعَرَتْ بِهِ كَأَنْ حَمَلَ مَا فِي الْكِتَابِ عَلَى مَا إذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ تَكْرَارًا يُفِيدُ سُقُوطَ الْقُوَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إسْهَالٌ، وَيُحْمَلُ كَلَامُ أَصْلِهِ وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى أَنَّهُ إذَا صَحِبَهُ إسْهَالٌ نَحْوَ يَوْمَيْنِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ التَّكْرَارُ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ (وَحُمَّى) شَدِيدَةٌ (مُطْبِقَةٌ) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا: أَيْ لَازِمَةٌ لَا تَبْرَحُ بِأَنْ جَاوَزَتْ يَوْمَيْنِ لِإِذْهَابِهَا حِينَئِذٍ لِلْقُوَّةِ الَّتِي هِيَ قِوَامُ الْحَيَاةِ. فَإِنْ لَمْ تُجَاوِزْهُمَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: ثُمَّ تَنْفَتِحُ فِي الْجَنْبِ) أَيْ مِنْ دَاخِلٍ (قَوْلُهُ: وَالسُّعَالُ) أَيْ اللَّازِمُ فِي الْجَمِيعِ: يَعْنِي أَنَّ كُلًّا مِنْ هَذِهِ بِانْفِرَادِهِ عَلَامَةٌ فَلَا يُشْتَرَطُ اجْتِمَاعُهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُضْبَطُ) أَيْ الزَّمَنُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ قِوَامُ) هُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ، قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: قِوَامُ الْأَمْرِ بِالْكَسْرِ نِظَامُهُ وَعِمَادُهُ.
وَفِي الْقَامُوسِ: الْقِوَامُ كَسَحَابٍ الْعَدْلُ وَمَا يُعَاشُ بِهِ، وَبِالضَّمِّ دَاءٌ فِي قَوَائِمِ الشَّاةِ وَبِالْكَسْرِ نِظَامُ الْأَمْرِ وَعِمَادُهُ وَمِلَاكُهُ انْتَهَى (قَوْلُهُ أَيْ مُتَتَابِعٌ) لَمْ يُبَيِّنْ الْمُرَادَ بِالْمُتَتَابِعِ، وَفِي الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ: وَالْمُرَادُ بِالْمُتَوَاتِرِ مَا لَا يُقْدَرُ مَعَهُ عَلَى إتْيَانِ الْخَلَاءِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَابْتِدَاءُ فَالِجٍ) أَيْ إذَا لَمْ يُجَاوِزْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ دَوَامَهُ، وَقَوْلُهُ وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ هَذَا هُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي عِبَارَةِ الشَّيْخِ بِقَوْلِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا (قَوْلُهُ: لَا السِّلَّ) أَيْ فَلَيْسَ مِنْ الْمَخُوفِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ، وَعَلَّلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ مِنْهُ صَاحِبُهُ غَالِبًا لَا يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا وَلَا يُنَافِي قَوْلَ الشَّارِحِ السَّابِقِ لِتَوَلُّدِ الْمَوْتِ عَنْ جِنْسِهِ كَثِيرًا، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَثْرَتِهِ سُرْعَةُ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا، وَقَوْلُهُ وَلَعَلَّ وَجَعَ الِاسْتِسْقَاءِ ظَاهِرُهُ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ؛ لِأَنَّ الْأَطِبَّاءَ يَقُولُونَ إنَّهُ رِيحِيٌّ وَحَيَوَانِيٌّ وَزِقِّيٌّ، وَقَوْلُهُ مِثْلُهُ: أَيْ السِّلِّ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا ذَكَرَهُ) أَيْ خُرُوجَ، وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ: أَيْ إسْهَالٍ (قَوْلُهُ: لَا وَضْعًا) أَيْ لُغَةً، وَقَوْلُهُ أَوْ مَعَهُ دَمٌ.
وَكَذَا لَوْ كَانَ الْخَارِجُ دَمًا خَالِصًا حَيْثُ اسْتَغْرَقَ زَمَنًا يَغْلِبُ الْمَوْتُ بِسَبَبِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِشِدَّةٍ) أَيْ سُرْعَةِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَقَدْ مَرَّ حُكْمُهَا (أَوْ غَيْرُهَا) مِنْ وِرْدٍ تَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ وَغِبٍّ تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمًا وَثِلْثٍ تَأْتِي يَوْمَيْنِ وَتُقْلِعُ يَوْمًا وَحُمَّى الْأَخَوَيْنِ تَأْتِي يَوْمَيْنِ وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ بَيْنَ طُولِ زَمَنِهَا وَقِلَّتِهِ (إلَّا الرِّبِعَ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ كَالْبَقِيَّةِ وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَتَقَوَّى فِي يَوْمَيْ الْإِقْلَاعِ، وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا الْمَوْتُ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ فِيهَا تَفْصِيلٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ التَّصَرُّفُ قَبْلَ الْعَرَقِ وَبَعْدِهِ.
وَوَجْهُ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ أَنَّ مَجِيئَهَا ثَانِيًا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ فِي الرَّابِعِ أَوْ مِنْ رِبْعِ الْإِبِلِ، وَهُوَ وُرُودُ الْمَاءِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَتُسَمِّيهَا الْعَامَّةُ بِالْمُثَلَّثَةِ، وَبَقِيَ مِنْ الْمَخُوفِ أَشْيَاءُ.
مِنْهَا جُرْحٌ نَفَذَ بِجَوْفِهِ أَوْ عَلَى مَقْتَلٍ أَوْ مَحَلٍّ كَثِيرِ اللَّحْمِ أَوْ صَحِبَهُ ضَرَبَانٌ شَدِيدٌ أَوْ تَآكُلٌ أَوْ تَوَرُّمٌ وَقَيْءٌ دَائِمٌ أَوْ صَحِبَهُ خَلْطٌ، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي دَوَامِهِ بِمَا مَرَّ فِي الْإِسْهَالِ لَا الرُّعَافِ، وَيُلْحَقُ بِالْمَخُوفِ أَشْيَاءُ كَالْوَبَاءِ وَالطَّاعُونِ أَيْ زَمَنَهُمَا فَتَصَرُّفُ النَّاسِ كُلِّهِمْ فِيهِ مَحْسُوبٌ مِنْ الثُّلُثِ، لَكِنْ قَيَّدَهُ فِي الْكَافِي بِمَا إذَا وَقَعَ فِي أَمْثَالِهِ وَهُوَ حَسَنٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَهَلْ يُقَيَّدُ بِهِ إطْلَاقُهُمْ حُرْمَةَ دُخُولِ بَلَدِ الطَّاعُونِ أَوْ الْوَبَاءِ أَوْ الْخُرُوجِ مِنْهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَوْ يُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَعَدَمُ الْفَرْقِ أَقْرَبُ، وَعُمُومُ النَّهْيِ يَشْمَلُ التَّحْرِيمَ مُطْلَقًا (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُلْحَقُ بِالْمَخُوفِ أَسْرُ كُفَّارٍ) أَوْ مُسْلِمِينَ (اعْتَادُوا قَتَلَ الْأُسَرَاءِ وَالْتِحَامُ قِتَالٍ بَيْنَ) اثْنَيْنِ أَوْ حِزْبَيْنِ (مُتَكَافِئَيْنِ) أَوْ قَرِيبَيْ التَّكَافُؤِ اتَّحِدَا إسْلَامًا وَكُفْرًا أَمْ لَا (وَتَقْدِيمٌ لِ) قَتْلٍ بِنَحْوِ (قِصَاصٍ أَوْ رَجْمٍ) وَلَوْ بِإِقْرَارِهِ.
(وَاضْطِرَابُ رِيحٍ وَهَيَجَانُ مَوْجٍ) الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا تَأْكِيدٌ لِتَلَازُمِهِمَا عَادَةً (فِي) حَقِّ (رَاكِبِ سَفِينَةٍ) بِبَحْرٍ أَوْ نَهْرٍ عَظْمٍ كَالنِّيلِ وَالْفُرَاتِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ وَإِنْ أَحْسَنَ السِّبَاحَةَ وَقَرُبَ مِنْ الْبَرِّ حَيْثُ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ النَّجَاةُ مِنْهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَأَلْحَقَ الْمَاوَرْدِيُّ بِذَلِكَ مَنْ أَدْرَكَهُ سَيْلٌ أَوْ نَارٌ أَوْ أَفْعَى قَتَّالَةٌ أَوْ أَسَدٌ وَلَمْ يَتَّصِلْ ذَلِكَ بِهِ لَكِنَّهُ يُدْرِكُهُ لَا مَحَالَةَ، أَوْ كَانَ بِمَفَازَةٍ وَلَيْسَ ثَمَّ مَا يَأْكُلُهُ وَاشْتَدَّ جُوعُهُ وَعَطَشُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ كَثِيرًا، بَلْ هُوَ لِكَوْنِهِ لَا يَنْفَعُ فِيهِ دَوَاءٌ أَوْلَى مِنْ الْمَرَضِ، وَخَرَجَ بِاعْتَادُوا غَيْرُهُمْ كَالرُّومِ وَبِالِالْتِحَامِ الَّذِي هُوَ اتِّصَالُ الْأَسْلِحَةِ مَا قَبْلَهُ وَإِنَّ تَرَامَوْا بِالنُّشَّابِ وَالْحِرَابِ، وَبِمُتَكَافِئِينَ الْغَالِبَةُ بِخِلَافِ الْمَغْلُوبَةِ وَبِتَقْدِيمٍ لِذَلِكَ الْحَبْسُ لَهُ، وَإِنَّمَا جُعِلَ مِثْلُهُ فِي وُجُوبِ الْإِيصَاءِ الْوَدِيعَةِ وَنَحْوِهَا احْتِيَاطًا لِحِفْظِ مَالِ الْآدَمِيِّ عَنْ الضَّيَاعِ، وَظَاهِرُ تَعْبِيرِهِمْ بِالتَّقْدِيمِ لِلْقَتْلِ أَنَّ مَا قَبْلَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْحَبْسِ إلَيْهِ لَا يُعْتَبَرُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِبُعْدِ السَّبَبِ حِينَئِذٍ، وَأَنَّهُ بَعْدَ التَّقْدِيمِ لَوْ مَاتَ بِهَدْمٍ مَثَلًا كَانَ تَبَرُّعُهُ بَعْدَ التَّقْدِيمِ مَحْسُوبًا مِنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
خُرُوجٍ، وَقَوْلُهُ وَكُلُّ ذَلِكَ إلَخْ مِنْ م ر (قَوْلُهُ: فَقَدْ مَرَّ حُكْمُهَا) وَهُوَ أَنَّهَا غَيْرُ مَخُوفَةٍ (قَوْلُهُ: تَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ الزَّمَنُ (قَوْلُهُ: تَأْتِي يَوْمًا) أَيْ وَلَوْ فِي بَعْضِهِ، وَقَوْلُهُ وَتُقْلِعُ يَوْمًا أَيْ لَا تَأْتِي فِيهِ أَصْلًا (قَوْلُهُ: كَالْبَقِيَّةِ) أَيْ فِي كَسْرِ أَوَّلِهَا (قَوْلُهُ فَقَدْ مَرَّ فِيهَا تَفْصِيلٌ إلَخْ) الَّذِي تَقَدَّمَ فِيهِ التَّفْصِيلُ هُوَ مَا لَوْ كَانَتْ الْحُمَّى يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ وَاتَّصَلَ بِهَا الْمَوْتُ وَكَانَ قَبْلَ الْعَرَقِ.
وَأَمَّا التَّفْصِيلُ بَيْنَ كَوْنِ التَّصَرُّفِ قَبْلَ الْعَرَقِ أَوْ بَعْدَهُ مَعَ عَدَمِ اتِّصَالِهَا بِالْمَوْتِ فَلَمْ يَتَقَدَّمْ إلَّا أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ السَّابِقُ وَاتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ: أَيْ بِأَنْ مَاتَ قَبْلَ الْعَرَقِ مِنْ تِلْكَ الْحُمَّى.
أَمَّا إذَا مَاتَ بَعْدَ الْعَرَقِ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَعَلَيْهِ فَلَا تَخَالُفَ (قَوْلُهُ: أَوْ تَأَكُّلُ) أَيْ اللَّحْمِ (قَوْلُهُ بِمَا مَرَّ فِي الْإِسْهَالِ) هُوَ قَوْلُهُ أَيَّامًا (قَوْلُهُ مَحْسُوبٌ مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ وَإِنْ مَاتَ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ الْفَرْقِ) أَيْ بَيْنَ تَقْيِيدِ حُرْمَةِ الْخُرُوجِ بِمَنْ وَقَعَ فِي أَمْثَالِهِ وَبَيْنَ تَقْيِيدِ إلْحَاقِ الْمَخُوفِ بِمَنْ وَقَعَ فِي أَمْثَالِهِ، وَقَوْلُهُ أَقْرَبُ: أَيْ فَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا وَقَعَ فِي أَمْثَالِهِ (قَوْلُهُ: يَشْمَلُ التَّحْرِيمَ مُطْلَقًا) أَيْ فَيَشْمَلُ أَمْثَالَهُ وَغَيْرَهُمْ لَكِنَّ التَّقْيِيدَ أَقْرَبُ كَمَا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوَهُمَا) أَيْ كَتَرْكِ صَلَاةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِقْرَارِهِ) إنَّمَا أَخْذُهُ غَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ جَوَازِ رُجُوعِهِ عَنْهُ عَدَمُ إلْحَاقِهِ بِالْمَخُوفِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ) أَيْ عَادَةً، فَلَا يُقَالُ إذَا هَلَكَ بِهِ كَيْفَ يُعْرَفُ أَنَّهُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: أَوْ أَفْعَى قَتَّالَةٌ) أَيْ حَالَتُهَا أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ الْمَوْتُ عَلَى لَدْغِ مِثْلِهَا كَثِيرًا وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا بِخُصُوصِهَا قَتْلٌ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا جُعِلَ) أَيْ الْحَبْسُ، وَقَوْلُهُ مِثْلُهُ: أَيْ التَّقْدِيمِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الثُّلُثِ كَالْمَوْتِ أَيَّامَ الطَّاعُونِ بِغَيْرِ الطَّاعُونِ (وَطَلْقُ حَامِلٍ) وَإِنْ تَكَرَّرَتْ وِلَادَتُهَا لِعَظْمِ خَطَرِهَا، وَلِهَذَا كَانَ مَوْتُهَا مِنْهُ شَهَادَةً وَخَرَجَ بِهِ نَفْسُ الْحَمْلِ فَلَيْسَ بِمَخُوفٍ، وَلَا أَثَرَ لِتَوَلُّدِ الطَّلْقِ الْمَخُوفِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَرَضٍ، وَبِهِ فَارَقَ قَوْلَهُمْ لَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ إنَّ هَذَا الْمَرَضَ غَيْرُ مَخُوفٍ لَكِنَّهُ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ مَخُوفٌ كَانَ كَالْمَخُوفِ.
(وَبَعْدَ الْوَضْعِ) لِوَلَدٍ مُخَلَّقٍ (مَا لَمْ تَنْفَصِلْ الْمَشِيمَةُ) وَهِيَ الَّتِي تُسَمِّيهَا النِّسَاءُ الْخَلَاصَ؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْجُرْحَ الْوَاصِلَ إلَى الْجَوْفِ وَلَا خَوْفَ فِي إلْقَاءِ عَلَقَةٍ وَمُضْغَةٍ، بِخِلَافِ مَوْتِ الْوَلَدِ فِي الْجَوْفِ. أَمَّا إذَا انْفَصَلَتْ الْمَشِيمَةُ فَلَا خَوْفَ، وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْوِلَادَةِ جُرْحٌ أَوْ ضَرَبَانٌ شَدِيدٌ أَوْ وَرَمٌ وَإِلَّا فَحَتَّى يَزُولَ.
الرُّكْنُ الرَّابِعُ: الصِّيغَةُ، وَفَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّالِثِ بِمَا فِي هَذَا الْفَصْلِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ لَهُمَا مُنَاسَبَةٌ بِمَا ذَكَرَهُ قَبْلَهُمَا مِنْ الْإِجَازَةِ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ، وَمِنْ كَوْنِ الْمُوصَى بِهِ قَدْ يَبْلُغُ الثُّلُثَ وَقَدْ لَا وَقَدْ يَكُونُ فِي الْمَرَضِ لَفْظٌ وَقَدْ لَا، وَذَيَّلَ بِهِمَا لِيَتَفَرَّغَ الذِّهْنُ لِلرَّابِعِ لِصُعُوبَتِهِ وَطُولِ الْكَلَامِ فَقَالَ (وَصِيغَتُهَا) أَيْ الْوَصِيَّةُ مَا أَشْعَرَ بِهَا مِنْ لَفْظٍ أَوْ نَحْوِهِ كَكِتَابَةٍ مَعَ نِيَّةٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَإِشَارَةِ أَخْرَسَ، فَمِنْ الصَّرِيحِ (أَوْصَيْت) فَمَا أَفْهَمَهُ تَعْرِيفُ الْجُزْأَيْنِ مِنْ الْحَصْرِ غَيْرُ مُرَادٍ (لَهُ بِكَذَا) وَلَوْ لَمْ يَقُلْ بَعْدَ مَوْتِي لَوَضَعَهَا شَرْعًا لِذَلِكَ (أَوْ ادْفَعُوا إلَيْهِ) كَذَا (أَوْ أَعْطُوهُ) كَذَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ مَالِي أَوْ وَهَبْته أَوْ حَبَوْته أَوْ مَلَّكْته كَذَا أَوْ تَصَدَّقْت عَلَيْهِ بِكَذَا (بَعْدَ مَوْتِي) أَوْ نَحْوِهِ الْآتِي رَاجِعٌ لَمَّا بَعْدَ أَوْصَيْت، وَلَمْ يُبَالِ بِإِيهَامِ رُجُوعِهِ لَهُ نَظَرًا لِمَا عُرِفَ مِنْ سِيَاقِهِ أَنَّ أَوْصَيْت وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ مَوْضُوعَةٌ لِذَلِكَ (أَوْ جَعَلْته لَهُ) بَعْدَ مَوْتِي (أَوْ هُوَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِي) أَوْ بَعْدَ عَيْنِي أَوْ إنْ قَضَى اللَّهُ عَلَيَّ وَأَرَادَ الْمَوْتَ وَإِلَّا فَهُمَا لَغْوٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ إضَافَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْمَوْتِ صَيَّرَتْهَا بِمَعْنَى الْوَصِيَّةِ، وَكَأَنَّ حِكْمَةَ تَكْرِيرِهِ بَعْدَ مَوْتِي اخْتِلَافُ مَا فِي السِّيَاقَيْنِ، إذْ الْأَوَّلُ مَحْضُ أَمْرٍ.
وَالثَّانِي لَفْظُهُ لَفْظُ الْخَبَرِ، وَمَعْنَاهُ الْإِنْشَاءُ، وَزَعَمَ أَنَّهَا لَوْ تَأَخَّرَتْ لَمْ تَعُدْ لِلْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ ضَعِيفٌ كَمَا مَرَّ فِي الْوَقْتِ (فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى) نَحْوِ وَهَبْتُهُ لَهُ فَهُوَ هِبَةٌ نَاجِزَةٌ، أَوْ عَلَى نَحْوِ ادْفَعُوا إلَيْهِ كَذَا مِنْ مَالِي فَتَوْكِيلٌ يَرْتَفِعُ بِنَحْوِ مَوْتِهِ وَفِي هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا لَا يَكُونُ كِنَايَةَ وَصِيَّةٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَلِهَذَا كَانَ مَوْتُهَا مِنْهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ زِنًا (قَوْلُهُ: الْمَخُوفُ مِنْهُ) أَيْ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ وَبِهِ فَارَقَ) أَيْ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَرَضٍ (قَوْلُهُ: لِوَلَدٍ مُخَلَّقٍ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ كَمَالُ الْوَلَدِ وَيَخْرُجُ بِهِ نَحْوُ الْعَلَقَةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَوْتِ الْوَلَدِ) أَيْ فَإِنَّهُ مَخُوفٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ مَاتَ فِي مَظِنَّةِ الْوِلَادَةِ بِحَيْثُ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ الْمَوْتُ كَثِيرًا.
أَمَّا لَوْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَظْهَرْ بَعْدَ مَوْتِهِ تَأَلُّمٌ لِلْمَرْأَةِ بِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مَخُوفًا كَدَوَامِ الْفَالِجِ
(قَوْلُهُ: وَفَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّالِثِ) هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَبْلُ بِقَوْلِهِ وَتَصِحُّ بِالْحَمْلِ وَيُشْتَرَطُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَكُونُ فِي الْمَرَضِ لَفْظٌ) أَيْ ثَمَّ إنْ كَانَ الْإِشْعَارُ بِهَا قَوِيًّا فَصَرِيحَةٌ وَإِلَّا فَكِنَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِشَارَةُ أَخْرَسَ) خَرَجَ بِهِ إشَارَةُ النَّاطِقِ فَلَغْوٌ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ جَوَابًا لِمَنْ قَالَ لَهُ أَوْصَيْت بِكَذَا فَأَشَارَ: أَيْ نَعَمْ (قَوْلُهُ: فَمَا أَفْهَمَهُ تَعْرِيفُ الْجُزْأَيْنِ) هُمَا صِيغَتُهَا وَأَوْصَيْت، وَتَعْرِيفُ الْأَوَّلِ بِالْإِضَافَةِ وَالثَّانِي بِالْعَلَمِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْكَلِمَةَ إذَا أُرِيدَ بِهَا لَفْظُهَا صَارَتْ عَلَمًا عَلَى مَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِ الْآتِي) مِنْ قَوْلِهِ أَوْ بَعْدَ عَيْنِي إلَخْ، وَقَوْلُهُ رَاجِعٌ: أَيْ قَوْلُهُ بَعْدَ مَوْتِي (قَوْلُهُ: بِإِيهَامِ رُجُوعِهِ لَهُ) أَيْ بِقَوْلِهِ أَوْصَيْت، وَقَوْلُهُ مَوْضُوعَةٌ لِذَلِكَ: أَيْ لِلتَّمْلِيكِ بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُضَمَّ إلَى قَوْلِهِ جَعَلْتُهُ لَهُ أَوْ هُوَ لَهُ، وَقَوْلُهُ فَهُمَا لَغْوٌ: أَيْ قَوْلُهُ جَعَلْتُهُ لَهُ وَهُوَ لَهُ، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ إضَافَةَ كُلٍّ مِنْهَا: أَيْ مِنْ قَوْلِهِ أَعْطُوهُ كَذَا وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: إذْ الْأَوَّلُ مَحْضُ أَمْرٍ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ وَهَبْته وَحَبَوْته وَمَلَّكْته وَتَصَدَّقْتُ عَلَيْهِ عَلَى قَوْلِهِ وَجَعَلْته لَهُ كَانَ أَقْيَسَ (قَوْلُهُ: وَفِي هَذِهِ) أَيْ قَوْلُهُ ادْفَعُوا إلَيْهِ، وَقَوْلُهُ وَمَا قَبْلَهَا هِيَ قَوْلُهُ نَحْوُ وَهَبْته لَهُ، وَقَوْلُهُ لَا تَكُونُ كِنَايَةَ وَصِيَّةٍ: أَيْ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لِمَا عُرِفَ مِنْ سِيَاقِهِ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ مَعْرِفَتِهِ مِنْ سِيَاقِهِ (قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ كَمَا مَرَّ فِي الْوَقْفِ) وَأَيْضًا لَوْ الْتَزَمْنَاهُ لَزِمَ
أَوْ عَلَى جَعَلْته لَهُ احْتَمَلَ الْوَصِيَّةَ وَالْهِبَةَ، فَإِنْ عُلِمَتْ نِيَّتُهُ لِأَحَدِهِمَا وَإِلَّا بَطَلَ، أَوْ عَلَى ثُلُثِ مَالِي لِلْفُقَرَاءِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بَلْ كِنَايَةَ وَصِيَّةٍ عَلَى الرَّاجِحِ أَوْ عَلَى (هُوَ لَهُ فَإِقْرَارٌ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ صَرَائِحِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ فَلَا يُجْعَلُ كِنَايَةَ وَصِيَّةٍ، وَكَذَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ هُوَ صَدَقَةٌ أَوْ وَقْفٌ عَلَى كَذَا فَيُنَجَّزُ مِنْ حِينَئِذٍ وَإِنْ وَقَعَ جَوَابًا مِمَّنْ قِيلَ لَهُ أَوْصِ؛ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُفِيدُ (إلَّا أَنْ يَقُولَ هُوَ لَهُ مِنْ مَالِي فَيَكُونُ وَصِيَّةً) أَيْ كِنَايَةً عَنْهَا لِاحْتِمَالِهِ لَهَا وَلِلْهِبَةِ النَّاجِزَةِ فَافْتَقَرَ لِلنِّيَّةِ، وَبِهِ يُرَدُّ مَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ صَرِيحٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ مَاتَ وَلَمْ تُعْلَمْ نِيَّتُهُ بَطَلَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا، وَالْإِقْرَارُ هُنَا غَيْرُ مُتَأَتٍّ لِأَجْلِ قَوْلِهِ مَالِي نَظِيرُ مَا يَأْتِي (وَتَنْعَقِدُ بِكِنَايَةٍ) وَهِيَ مَا احْتَمَلَ الْوَصِيَّةَ وَغَيْرَهَا كَقَوْلِهِ عَيَّنْت لَهُ هَذَا أَوْ عَبْدِي هَذَا لَهُ كَالْبَيْعِ بَلْ أَوْلَى (وَالْكِتَابَةُ) بِالتَّاءِ (كِنَايَةٌ) فَتَنْعَقِدُ بِهَا مَعَ النِّيَّةِ وَلَوْ مِنْ نَاطِقٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ الِاعْتِرَافِ بِهَا نُطْقًا مِنْهُ أَوْ مِنْ وَارِثِهِ وَإِنْ قَالَ هَذَا خَطِّي أَوْ مَا فِيهِ وَصِيَّتِي.
وَلَا يَسُوغُ لِلشَّاهِدِ التَّحَمُّلُ حَتَّى يَقْرَأَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ أَوْ يَقُولَ أَنَا عَالِمٌ بِمَا فِيهِ وَقَدْ أَوْصَيْت بِهِ، وَإِشَارَةُ مِنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ يَجْرِي فِيهَا تَفْصِيلُ الْأَخْرَسُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَمَرَّ أَنَّ كِتَابَتَهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ نِيَّةٍ وَأَنَّهُ يَكْفِي الْإِعْلَامُ بِهَا بِإِشَارَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ، وَلَوْ قَالَ مَنْ ادَّعَى عَلَيَّ شَيْئًا أَوْ أَنَّهُ وَفَّى مَالِي عِنْدَهُ فَصَدِّقُوهُ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ وَصِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْمَحُ لَهُ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا قَنَعَ مِنْهُ بِحُجَّةٍ بَدَلَ حُجَّتِهِ أَوْ مَا فِي جَرِيدَتِي قَبَضْته كُلَّهُ فَهُوَ إقْرَارٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا عُلِمَ أَنَّهُ فِيهَا وَقْتَهُ
(وَإِنْ أَوْصَى لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ) يَعْنِي لِغَيْرِ مَحْضُورٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مِنْ صَرَائِحِهِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ عُلِمَتْ نِيَّتُهُ يَنْبَغِي أَنَّ مِنْ صُوَرِ الْعِلْمِ مَا لَوْ أَخْبَرَ الْوَارِثُ بِأَنَّهُ نَوَى حَيْثُ كَانَ الْوَارِثُ رَشِيدًا.
أَمَّا غَيْرُهُ كَالصَّبِيِّ فَإِخْبَارُهُ لَغْوٌ، لَكِنْ لَوْ أَخْبَرَ وَلِيُّ الطِّفْلِ بِأَنَّ مُوَرِّثَهُ نَوَى هَلْ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْقَبُولِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْوِيتِ عَلَى الطِّفْلِ (قَوْلُهُ: هُوَ صَدَقَةٌ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى نَحْوِ وَهَبْته إلَخْ لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ وَإِنْ وَقَعَ جَوَابًا إلَخْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ) أَيْ وُقُوعُهُ جَوَابًا (قَوْلُهُ: لَا يُفِيدُ) أَيْ فِي صَرْفِهِ عَنْ كَوْنِهِ صَدَقَةً أَوْ وَقْفًا (قَوْلُهُ: كَالْبَيْعِ) أَيْ فِي انْعِقَادِهَا هُنَا بِالْكِنَايَةِ، وَهَلْ يُكْتَفَى فِي النِّيَّةِ بِاقْتِرَانِهَا بِجُزْءٍ مِنْ اللَّفْظِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ اقْتِرَانِهَا بِجَمِيعِ اللَّفْظِ كَمَا فِي الْبَيْعِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ.
وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْبَيْعَ لَمَّا كَانَ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ اُحْتِيطَ لَهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ الِاعْتِرَافِ بِهَا) أَيْ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ وَارِثِهِ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ قَبُولِهَا وَلَوْ مِنْ وَلِيِّ الْوَارِثِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ) غَايَةٌ، وَقَوْلُهُ هَذَا خَطِّي إلَى آخَرِ مَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ قَالَ هَذَا خَطِّي، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ مُجَرَّدِ كِتَابَتِهِ نِيَّةُ الْوَصِيَّةِ.
أَمَّا قَوْلُهُ هَذَا مَا فِيهِ وَصِيَّتِي فَقَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ مَا فِيهَا لَا يَكُونُ وَصِيَّةً إلَّا إذَا نَوَى، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ مَا فِيهِ وَصِيَّتِي مُحْتَمِلًا لَأَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى هَذَا مَا كَتَبْت فِيهِ لَفْظَ الْوَصِيَّةِ لَمْ يُغْنِ ذَلِكَ عَنْ الِاعْتِرَافِ بِالنِّيَّةِ نُطْقًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَسُوغُ لِلشَّاهِدِ) أَيْ عَلَى الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَقْرَأَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُوصِي الْكِتَابَ أَيْ وَيَعْتَرِفُونَ بِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ: يَجْرِي فِيهَا تَفْصِيلُ الْأَخْرَسِ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ فَصَرِيحَةٌ أَوْ الْفَطِنُ فَكِنَايَةٌ وَإِلَّا فَلَغْوٌ (قَوْلُهُ وَمَرَّ أَنَّ كِتَابَتَهُ) أَيْ مِنْ خَرَسٍ (قَوْلُهُ: أَوْ كِتَابَتَهُ) أَيْ ثَانِيَةً (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ وَصِيَّةٌ) فَإِنْ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ صَدِّقُوهُ بِيَمِينِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةً عَلَى الْأَوْجَهِ اهـ حَجّ: أَيْ وَيَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قَنَعَ مِنْهُ) أَيْ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَقَوْلُهُ بِحُجَّةٍ هِيَ قَوْلُهُ وَفَّيْت مَثَلًا بَدَلَ حُجَّتِهِ أَيْ الَّتِي تُطْلَبُ مِنْهُ وَهِيَ الْبَيِّنَةُ (قَوْلُهُ: لِمَا عُلِمَ أَنَّهُ فِيهَا وَقْتُهُ) أَمَّا مَا جُهِلَ حَالُهُ أَوْ عُلِمَ أَنَّهُ حَدَثَ بَعْدُ فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا بِهِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ أَوْصَى) مُسْتَأْنَفٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ اللَّفْظَيْنِ رَاجِعًا إلَى مَا وَلِيَهُ فَقَطْ دُونَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَقْرَأَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ) اُنْظُرْ هَلْ يُكْفَى الشَّاهِدُ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ هُنَا أَنْ يَحْكِيَ مَا وَقَعَ مِنْ الْمُوصِي وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَكْتُوبَ.
(كَالْفُقَرَاءِ لَزِمَتْ بِالْمَوْتِ بِلَا) اشْتِرَاطِ (قَبُولٍ) لِتَعَذُّرِهِ مِنْهُمْ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ لِفُقَرَاءِ مَحَلِّ كَذَا وَانْحَصَرُوا بِأَنْ سَهُلَ عَادَةً عَدُّهُمْ تَعَيَّنَ قَبُولُهُمْ وَوَجَبَتْ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ، وَلَوْ رَدَّ غَيْرَ الْمَحْصُورِينَ لَمْ يَرْتَدَّ بِرَدِّهِمْ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ لَزِمَتْ بِالْمَوْتِ، وَدَعْوَى أَنَّ عَدَمَ حَصْرِهِمْ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ تَصَوُّرِ رَدِّهِمْ مَرْدُودَةٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الْحَصْرِ كَثْرَتُهُمْ بِحَيْثُ يَشُقُّ عَادَةً اسْتِيعَابُهُمْ فَاسْتِيعَابُهُمْ مُمْكِنٌ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ تَصَوُّرُ رَدِّهِمْ، وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِتَعَذُّرِ قَبُولِهِمْ تَعَذُّرُهُ غَالِبًا أَوْ بِاعْتِبَارِ مَا مِنْ شَأْنِهِ، وَيَجُوزُ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ غَيْرِ الْمَحْصُورِينَ وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ
(أَوْ) أَوْصَى (لِمُعَيِّنٍ) لَا كَالْعَلَوِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ كَالْفُقَرَاءِ (اُشْتُرِطَ الْقَبُولُ) مِنْهُ إنْ تَأَهَّلَ وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ لِغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقِنِّ وَإِلَّا فَمِنْ وَلِيِّهِ أَوْ سَيِّدِهِ أَوْ نَاظِرِ الْمَسْجِدِ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْخَيْلِ الْمُسَبَّلَةِ فِي الثُّغُورِ لَا تَحْتَاجُ لِقَبُولٍ؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْجِهَةَ الْعَامَّةَ، وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْمُعَيَّنِ بِالْعِتْقِ كَأَعْتِقُوا هَذَا بَعْدَ مَوْتِي لَمْ يُشْتَرَطْ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ حَقًّا مُؤَكَّدًا لِلَّهِ فَكَانَ كَالْجِهَةِ الْعَامَّةِ، وَكَذَا الْمُدَبَّرُ بِخِلَافِ أَوْصَيْت لَهُ بِرَقَبَتِهِ لِاقْتِضَاءِ هَذِهِ الصِّيغَةِ الْقَبُولَ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ قَبُولَ اللَّفْظِيِّ، وَيُشْبِهُ الِاكْتِفَاءَ بِالْفِعْلِ وَهُوَ الْأَخْذُ كَالْهَدِيَّةِ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ
(وَلَا يَصِحُّ قَبُولٌ وَلَا رَدٌّ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي) وَلَا مَعَ مَوْتِهِ، إذْ لَا حَقَّ لَهُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ فَلِمَنْ رَدَّ حِينَئِذٍ الْقَبُولَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَعَكْسَهُ بِخِلَافِهِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ نَعَمْ الْقَبُولُ بَعْدَ الرَّدِّ لَا اعْتِبَارَ بِهِ كَالرَّدِّ بَعْدَ قَبُولٍ، سَوَاءً أَقَبَضَ أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَمِنْ صَرِيحِ الرَّدِّ رَدَدْتهَا أَوْ لَا أَقْبَلُهَا أَوْ أَبْطَلْتهَا أَوْ أَلْغَيْتهَا، وَمِنْ كِنَايَاتِهِ نَحْوُ لَا حَاجَةَ لِي بِهَا وَأَنَا غَنِيٌّ عَنْهَا، وَهَذِهِ لَا تَلِيقُ بِي فِيمَا يَظْهَرُ (وَلَا يُشْتَرَطُ بَعْدَ مَوْتِهِ الْفَوْرُ) فِي الْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي عَقْدٍ نَاجِزٍ يَتَّصِلُ قَبُولُهُ بِإِيجَابِهِ نَعَمْ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ الْقَبُولُ أَوَ الرَّدُّ فَوْرًا بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِمَّا اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ عِنَادًا انْعَزَلَ أَوْ مُتَأَوِّلًا قَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ.
وَالْأَوْجَهُ صِحَّةُ اقْتِصَارِهِ عَلَى قَبُولِ الْبَعْضِ فِيهَا وَفِي الْهِبَةِ، إذْ اشْتِرَاطُ الْمُطَابَقَةِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ إنَّمَا هِيَ فِي الْبَيْعِ، وَالْوَصِيَّةُ وَالْهِبَةُ لَيْسَتَا كَذَلِكَ.
(فَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَكَذَا لَوْ مَاتَ مَعَهُ (بَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ لِعَدَمِ لُزُومِهَا وَأَيْلُولَتِهَا لِلُّزُومِ حِينَئِذٍ (أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْلَ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ لَمْ تَبْطُلْ (فَيَقْبَلُ وَارِثُهُ) وَلَوْ الْإِمَامَ فِيمَنْ يَرِثُهُ بَيْتُ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ خَلِيفَتُهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَبِلَ قُضِيَ دَيْنُ مُوَرِّثِهِ مِنْهُ، نَعَمْ قَبُولُ الْوَارِثِ يُخَالِفُ قَبُولَ الْمُوصَى لَهُ فِيمَا إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِوَلَدِهِ فَقِبَلَ عَتَقَ عَلَيْهِ الْوَلَدُ وَوَرِثَ، فَإِذَا قَبِلَ وَارِثُهُ عِتْقَ الْوَلَدِ وَلَمْ يَرِثْ؛ لِأَنَّا لَوْ وَرَّثْنَاهُ لَاعْتُبِرَ قَبُولُهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتَبَرَ لِبَقَاءِ رِقِّهِ، وَلَا يَصِحُّ قَبُولُهُ فَلَا يُعْتَبَرُ كَذَا حَكَاهُ فِي الشَّامِلِ عَنْ الْأَصْحَابِ (وَهَلْ) جَرَى عَلَى الْعُرْفِ فِي اسْتِعْمَالِ هَلْ فِي مَقَامِ طَلَبِ التَّصَوُّرِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْهَمْزَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ وَلِذَا أَتَى فِي حَيِّزِهَا بِأَمْ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي، وَجَرَى عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ الْمَحْصُورِينَ) أَمَّا الْمَحْصُورُونَ فَيَجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ، وَمِنْهُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ فِي الْوَصِيَّةِ لِمُجَاوِرِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ فَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ لِانْحِصَارِهِمْ لِسُهُولَةِ عَدِّهِمْ؛ لِأَنَّ أَسْمَاءَهُمْ مَكْتُوبَةٌ مَضْبُوطَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ بِحَيْثُ يَشُقُّ عَادَةً اسْتِيعَابُهُمْ وَهُوَ الْأَقْرَبُ عَمَلًا بِمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يُشْتَرَطْ قَبُولُهُ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَعْتِقُ إلَّا بِالْإِعْتَاقِ مِنْ الْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ فَلَوْ امْتَنَعَ الْوَارِثُ مِنْ إعْتَاقِهِ أُجْبِرَ عَلَيْهِ لِلُزُومِهِ (قَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ الِاكْتِفَاءَ بِالْفِعْلِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَبُولِ اللَّفْظِيِّ إلَخْ أَيْ خِلَافًا لحج.
(قَوْلُهُ وَهَذِهِ لَا تَلِيقُ بِي فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ لَائِقَةً بِهِ فِي الْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ هَذَا قَدْ يُذْكَرُ لِإِظْهَارِ التَّعَفُّفِ (قَوْلُهُ انْعَزَلَ) وَقَضِيَّةُ الِانْعِزَالِ بِذَلِكَ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ صِحَّةُ اقْتِصَارِهِ إلَخْ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ وَكَذَا وَلِيُّهُ إنْ اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ عِنَادًا انْعَزَلَ فَلَا يَصِحُّ قَبُولُهُ أَوْ مُتَأَوِّلًا صَحَّ فِيمَا قَبْلَهُ وَقَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ فِي الْبَاقِي.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَبِلَ) أَيْ الْوَارِثُ وَلَوْ إمَامًا (قَوْلُهُ: قَضَى دَيْنَ مُوَرِّثِهِ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ، وَقَوْلُهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
صَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَشَارِحُو كَلَامِهِ أَنَّ الْهَمْزَةَ فِي نَحْو أَزِيدُ فِي الدَّارِ أَمْ عَمْرٌو وَأَزَيْدٌ فِي الدَّارِ أَمْ فِي الْمَسْجِدِ لِطَلَبِ التَّصَوُّرِ، أَمَّا عَلَى مَا حَقَّقَهُ السَّيِّدُ أَنَّ الْهَمْزَةَ فِي نَحْوِ هَذَيْنِ لِطَلَبِ التَّصْدِيقِ؛ لِأَنَّ السَّائِلَ مُتَصَوِّرٌ لِكُلٍّ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَلِلدَّارِ وَلِلْمَسْجِدِ قَبْلَ جَوَابِ سُؤَالِهِ وَبَعْدَ الْجَوَابِ لَمْ يَزِدْ لَهُ شَيْءٌ فِي تَصَوُّرِهَا أَصْلًا بَلْ بَقِيَ تَصَوُّرُهَا عَلَى مَا كَانَ وَالْحَاصِلُ بِالْجَوَابِ هُوَ التَّصْدِيقُ أَيْ الْحُكْمُ الَّذِي هُوَ إدْرَاكُ النِّسْبَةِ إلَى أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ وَاقِعَةٌ أَوْ لَا؟
فَهَلْ فِي كَلَامِهِ بَاقِيَةٌ عَلَى وَضْعِهَا مِنْ طَلَبِ إيجَابِيٍّ أَوْ سَلْبِيٍّ، وَأَمْ فِي كَلَامِهِ مُنْقَطِعَةٌ لَا مُتَّصِلَةٌ، لَا مَانِعَ مِنْ وُقُوعِهَا فِي حَيِّزِ هَلْ تَشْبِيهًا لَهُ بِوُقُوعِهَا فِي حَيِّزِ الْهَمْزَةِ الَّتِي بِمَعْنَاهَا (يَمْلِكُ الْمُوصَى لَهُ) الْمُعَيَّنُ الْمُوصَى بِهِ الَّذِي لَيْسَ إعْتَاقًا (بِمَوْتِ الْمُوصِي أَمْ بِقَبُولِهِ أَمْ) الْمِلْكُ (مَوْقُوفٌ) وَمَعْنَى الْوَقْفِ هُنَا عَدَمُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ عَقِبَ الْمَوْتَ بِشَيْءٍ (فَإِنْ قَبِلَ بَانَ أَنَّهُ مِلْكٌ بِالْمَوْتِ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْبَلْ بِأَنْ رَدَّ (بَانَ) أَنَّهُ مِلْكٌ (لِلْوَارِثِ) مِنْ حِينِ الْمَوْتِ (أَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا الثَّالِثُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ لِلْمَيِّتِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ، وَلَا لِلْوَارِثِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَالدَّيْنِ، وَلَا لِلْمُوصَى لَهُ وَإِلَّا لَمَا صَحَّ رَدُّهُ كَالْإِرْثِ فَتَعَيَّنَ وَقْفُهُ (وَعَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ (تُبْنَى الثَّمَرَةُ وَكَسْبُ عَبْدٍ حَصَلَا) لَا قَلَاقَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ تَعْرِيفَ ثَمَرَةَ جِنْسِيٌّ فَسَاوَى التَّنْكِيرَ فِي كَسْبٍ وَوَقَعَ حِينَئِذٍ حَصَلَا صِفَةً لَهُمَا مِنْ غَيْرِ إشْكَالٍ فِيهِ كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ (بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْقَبُولِ) وَكَذَا بَقِيَّةُ الْفَوَائِدِ الْحَاصِلَةِ حِينَئِذٍ (وَنَفَقَتُهُ وَفِطْرَتُهُ) وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْمُؤَنِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَهُ الْأَوَّلَانِ وَعَلَيْهِ الْآخَرَانِ وَعَلَى الثَّانِي لَا، وَلَا قَبْلَ الْقَبُولِ بَلْ لِلْوَارِثِ، وَعَلَيْهِ وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ هِيَ مَوْقُوفَةٌ.
فَإِنْ قَبِلَ فَلَهُ الْأَوَّلَانِ وَعَلَيْهِ الْآخَرَانِ وَإِلَّا فَلَا، وَإِذَا رَدَّ فَالزَّائِدُ بَعْدَ الْمَوْتِ لِلْوَارِثِ وَلَيْسَتْ مِنْ التَّرِكَةِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا دَيْنٌ (وَيُطَالَبُ) يَصِحُّ بِنَاؤُهُ لِلْفَاعِلِ فَالضَّمِيرُ لِلْعَبْدِ وَلِلْمَفْعُولِ فَهُوَ لِكُلِّ مَنْ صَلُحَتْ مِنْهُ الْمُطَالَبَةُ كَالْوَارِثِ أَوْ وَلِيِّهِ وَالْمُوصِي (وَالْمُوصَى لَهُ بِالنَّفَقَةِ إنْ تَوَقَّفَ فِي قَبُولِهِ وَرَدِّهِ) فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ وَلَمْ يَرُدَّ خَيَّرَهُ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ أَبَى حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْإِبْطَالِ كَمُتَحَجِّرٍ امْتَنَعَ مِنْ الْإِحْيَاءِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ جَرَيَانُ ذَلِكَ عَلَى الْأَقْوَالِ كُلِّهَا، وَاسْتَشْكَلَ جَرَيَانُهُ عَلَى الثَّانِي بِأَنَّ الْمِلْكَ لِغَيْرِهِ فَكَيْفَ يُطَالَبُ بِالنَّفَقَةِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مُطَالَبَتَهُ بِهَا وَسِيلَةٌ لِفَصْلِ الْأَمْرِ بِالْقَبُولِ أَوْ الرَّدِّ فَجَازَ لِذَلِكَ، وَبِهَذَا يُجَابُ أَيْضًا عَنْ تَرْجِيحِ ابْنِ الرِّفْعَةِ عَلَى قَوْلِ الْوَقْفُ وُجُوبُ التَّفَقُّهِ عَلَيْهِمَا كَاثْنَيْنِ عَقَدَا عَلَى امْرَأَةٍ وَجُهِلَ السَّابِقُ، وَفَرَّقَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُعْتَرِفٌ بِوُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ مُتَمَكِّنًا مِنْ دَفْعِ الْآخَرَ، بِخِلَافِهِمَا هُنَا مَرْدُودٌ بِمَا مَرَّ فِي خِيَارِ الْبَيْعِ مِنْ أَنَّهُمَا يُطَالَبَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوَقْفِ مَعَ فَقْدِ نَظِيرِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الِاعْتِرَافِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ السَّبَبُ فِي مُطَالَبَتِهِمَا وَالْكَلَامُ فِي الْمُطَالَبَةِ حَالًا.
أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِقْرَارِ فَهِيَ عَلَى الْمُوصَى لَهُ إنْ قَبِلَ وَإِلَّا فَعَلَى الْوَارِثِ وَفِي وَصِيَّةِ التَّمَلُّكِ.
أَمَّا لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ قِنٍّ مُعَيَّنٍ بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْمِلْكُ فِيهِ لِلْوَارِثِ إلَى عِتْقِهِ قَطْعًا كَمَا قَالَاهُ فَبَدَلُهُ لَوْ قُتِلَ لَهُ وَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا.
نَعَمْ كَسْبُهُ لَهُ لَا لِلْوَارِثِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْبَحْرِ لِتَقَرُّرِ اسْتِحْقَاقِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مِنْهُ: أَيْ الْمُوصَى بِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَرِثْ: أَيْ الْوَلَدُ، وَقَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ قَبُولُهُ: أَيْ إيَّاهُ (قَوْلُهُ: لَا قَلَاقَةَ فِيهِ) وَلَعَلَّ وَجْهَهَا عِنْدَ مَنْ ادَّعَاهَا أَنَّ الثَّمَرَةَ مَعْرِفَةٌ وَكَسْبَ الْعَبْدِ نَكِرَةٌ لِإِضَافَتِهِ إلَى نَكِرَةٍ، فَجُمْلَةُ حَصَلَا لَا يَحْسُنُ إعْرَابُهَا حَالًا مِنْهُمَا لِتَنْكِيرِ الْكَسْبِ، وَلَا صِفَةً لَهُمَا لِتَعْرِيفِ الثَّمَرَةِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجُمَلَ الْوَاقِعَةَ بَعْدَ الْمَعَارِفِ أَحْوَالٌ وَبَعْدَ النَّكِرَاتِ صِفَاتٌ وَهِيَ هُنَا بَعْدَ مَعْرِفَةٍ وَنَكِرَةٍ، فَمُرَاعَاةُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ تَحَكَّمْ.
هَذَا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ عَطْفَ النَّكِرَةِ عَلَى الْمَعْرِفَةِ كَعَكْسِهِ مُسَوِّغٌ لِمَجِيءِ الْحَالِ مِنْهُمَا فَالتَّعْبِيرُ صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ التَّنْكِيرُ فِي الثَّمَرَةِ (قَوْلُهُ: وَاسْتُشْكِلَ جَرَيَانُهُ عَلَى الثَّانِي) هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَمْ بِقَبُولِهِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ هُوَ) أَيْ الِاعْتِرَافُ (قَوْلُهُ وَفِي وَصِيَّةِ التَّمَلُّكِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْمُطَالَبَةِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ قِنٍّ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ الَّذِي لَيْسَ بِإِعْتَاقٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ كَسْبُهُ) أَيْ الْحَاصِلُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلِلْمَفْعُولِ فَهُوَ) يَعْنِي الطَّلَبَ الْمَفْهُومَ مِنْ يُطَالِبُ