المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في الإيصاء - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٦

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ التَّرِكَةَ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْفُرُوضِ الَّتِي فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَذَوِيهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَجْبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ إرْثِ الْأُصُولِ

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان إرْث الْأَوْلَاد وأولادهم انفرادا واجتماعا]

- ‌(فَصْلٌ) فِي إرْثِ الْحَوَاشِي

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَوَانِعِ الْإِرْثِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَمَا يَعُولُ مِنْهَا

- ‌(فَرْعٌ) فِي تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ

- ‌[فَرْعٌ فِي الْمُنَاسَخَاتِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا وَالْوَدِيعَة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْوَصِيَّةِ لِغَيْرِ الْوَارِثِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَالْمُلْحَقِ بِهِ الْمُقْتَضِي كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْحَجَرِ عَلَيْهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامٍ لَفْظِيَّةٍ لِلْمُوصَى بِهِ وَلَهُ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامٍ مَعْنَوِيَّةٍ لِلْمُوصَى بِهِ

- ‌فَصْلٌ) فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْإِيصَاءِ

- ‌كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْغَنِيمَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ مُسْتَنِدِ الْإِعْطَاءِ وَقَدْرِ الْمُعْطَى

- ‌(فَصْلٌ) فِي قِسْمَةِ الزَّكَاةِ بَيْنَ الْأَصْنَافِ

- ‌فَصْلٌ) فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌(فَصْلٌ) الْخِطْبَةُ

- ‌فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَتَوَابِعِهَا

- ‌فَصْلٌ فِيمَنْ يَعْقِدُ النِّكَاحَ وَمَا يَتْبَعُهُ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَوَانِعِ الْوِلَايَةِ لِلنِّكَاحِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْكَفَاءَةِ

- ‌فَصْلٌ) فِي تَزْوِيجِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ

- ‌(بَابٌ) مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي نِكَاحِ مَنْ فِيهَا رِقٌّ وَتَوَابِعِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حِلِّ نِكَاحِ الْكَافِرَةِ

- ‌(بَابٌ نِكَاحُ الْمُشْرِكِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ زَوْجَاتِ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مُبَاحَةٍ

- ‌[فَصْلٌ فِي مُؤْنَةِ الْمُسْلِمَةِ أَوْالْمُرْتَدَّةِ]

- ‌(بَابُ) (الْخِيَارِ) فِي النِّكَاحِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِعْفَافِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي نِكَاحِ الرَّقِيقِ

- ‌كِتَابُ الصَّدَاقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسَمَّى الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّفْوِيضِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَهْرِ الْمِثْلِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَشْطِيرِ الْمَهْرِ وَسُقُوطِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمُتْعَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْمَهْرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ

- ‌ كِتَابُ الْقَسْمِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ أَحْكَامِ النُّشُوزِ وَسَوَابِقِهِ وَلَوَاحِقِهِ

- ‌كِتَابُ الْخُلْعِ

- ‌[فَصْلٌ فِي صِيغَة الخلع وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُلْزِمَةِ لِلْعِوَضِ فِي الخلع]

- ‌فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْخُلْعِ أَوْ فِي عِوَضِهِ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ إلَيْهَا

- ‌[فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ صِيغَة الطَّلَاقِ وَالْمُطَلِّقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَالْوِلَايَةِ عَلَيْهِ]

- ‌(فَصْلٌ)فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ بِنِيَّةِ الْعَدَدِ فِيهِ

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاق]

- ‌فَصْلٌ فِي الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ

الفصل: ‌فصل في الإيصاء

‌فَصْلٌ فِي الْإِيصَاءِ

وَهُوَ كَالْوِصَايَةِ لُغَةً، يَرْجِعُ لِمَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ وَشَرْعًا: إثْبَاتُ تَصَرُّفٍ مُضَافٍ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا اصْطِلَاحٌ فِقْهِيٌّ (يُسَنُّ) لِكُلِّ أَحَدٍ (الْإِيصَاءُ) عَدَلَ إلَيْهِ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ الْوِصَايَةُ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ لَفْظِ الْوَصِيَّةِ الْمُوهِمِ تَرَادُفَهُمَا عِنْدَ الْمُبْتَدِي (بِقَضَاءِ الدَّيْنِ) سَوَاءٌ كَانَ لِلَّهِ كَزَكَاةٍ أَمْ لِآدَمِيٍّ وَرَدِّ الْمَظَالِمِ كَالْمَغْصُوبِ وَأَدَاءِ الْحُقُوقِ كَالْعَوَارِيِّ وَالْوَدَائِعِ إنْ كَانَتْ ثَابِتَةً بِفَرْضِ إنْكَارِ الْوَرَثَةِ وَلَمْ يَرُدَّهَا وَإِلَّا وَجَبَ أَنْ يَعْلَمَ بِهَا غَيْرُ وَارِثٍ تَثْبُتُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ وَاحِدًا ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْقِيَاسِ أَوْ يَرُدُّهَا حَالًا خَوْفًا مِنْ خِيَانَةِ الْوَارِثِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ نَحْوَ الْمَغْصُوبِ لِقَادِرٍ عَلَى رَدِّهِ فَوْرًا لَا تَخْيِيرَ فِيهِ بَلْ يَتَعَيَّنُ الرَّدُّ، وَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِخَطِّهِ إنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ مَنْ يُثْبِتُهُ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُمْ كَمَا اكْتَفَوْا بِالْوَاحِدِ مَعَ أَنَّهُ وَإِنْ انْضَمَّ إلَيْهِ يَمِينُ غَيْرِ حُجَّةٍ عِنْدَ بَعْضِ الْمَذَاهِبِ نَظَرًا لِمَنْ يَرَاهُ حُجَّةً فَكَذَلِكَ الْخَطُّ نَظَرًا لِذَلِكَ.

نَعَمْ مَنْ بِإِقْلِيمٍ يَتَعَذَّرُ فِيهِ مَنْ يُثْبِتُ بِالْخَطِّ أَوْ يَقْبَلُ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهِمَا (وَتَنْفِيذُ الْوَصَايَا) إنْ أَوْصَى بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا صَحَّتْ فِي نَحْوِ رَدِّ عَيْنٍ وَفِي دَفْعِهَا وَالْوَصِيَّةُ بِهَا لِمُعَيَّنٍ وَإِنْ كَانَ لِمُسْتَحِقِّهَا الِاسْتِقْلَالُ بِأَخْذِهَا مِنْ التَّرِكَةِ، بَلْ لَوْ أَخَذَهَا أَجْنَبِيٌّ مِنْ التَّرِكَةِ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَارِثَ قَدْ يُخْفِيهَا أَوْ يُتْلِفُهَا وَيُطَالِبُ الْوَصِيُّ الْوَارِثَ بِنَحْوِ رَدِّهَا لِيَبْرَأَ الْمَيِّتُ وَتَبْقَى تَحْتَ يَدِ الْوَصِيِّ لَا الْحَاكِمِ لَوْ غَابَ مُسْتَحِقًّا، وَكَذَا لَوْ تَعَذَّرَ قَوْلُ الْمُوصَى لَهُ بِهَا.

قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَحْثًا، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: هِيَ قَبْلَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَثُلُثُ مَالٍ يَضُمُّ الثُّلُثَ إلَى الْمَالِ ثُمَّ يُقَسَّمُ الْمَجْمُوعُ فَصَاحِبُ الثُّلُثِ لَهُ الرُّبْعُ لِأَنَّهُ رُبُعُ الْمَالِ وَثُلُثُهُ إذْ مَجْمُوعُهُمَا أَرْبَعَةُ أَثْلَاثٍ.

(فَصْلٌ) فِي الْإِيصَاءِ

(قَوْلُهُ: فِي الْإِيصَاءِ) أَيْ وَفِيمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَتَصْدِيقِ الْوَلِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: يَرْجِعُ لِمَا مَرّ) أَيْ مِنْ أَنَّهَا الْإِيصَالُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْإِيصَاءِ وَالْوَصِيَّةِ (وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَرُدَّهَا) أَيْ الْعَوَارِيّ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ يَتَعَيَّنُ الرَّدُّ) أَيْ عَلَى مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ إلَخْ) أَيْ وَمِثْلُ الْبَلَدِ مَا قَرُبَ مِنْهَا كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ نَعَمْ مَنْ بِإِقْلِيمٍ إلَخْ، فَالْمَدَارُ عَلَى كَوْنِهِ بِمَحَلٍّ يُمْكِنُ الْإِثْبَاتُ فِيهِ بِالْخَطِّ أَوْ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَقَوْلُهُ مَنْ يُثْبِتُهُ: أَيْ يُثْبِتُ الْحَقَّ بِخَطِّهِ كَالْمَالِكِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا صَحَّتْ فِي نَحْوِ رَدِّ عَيْنٍ) وَمِثْلُ الْعَيْنِ دَيْنٌ فِي التَّرِكَةِ جِنْسُهُ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَنْفَرِدْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةُ) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: وَدَفَعَهَا إلَيْهِ) أَيْ فَلَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ ضَمِنَهَا مُطْلَقًا، لَكِنْ يَأْتِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ إبَاحَةُ الْإِقْدَامِ خِلَافًا لِمَا بَحَثَاهُ وَهُوَ قَدْ يَقْتَضِي عَدَمَ الضَّمَانِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الْإِقْدَامِ عَدَمُ الضَّمَانِ لِجَوَازِ أَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ (قَوْلُهُ: وَيُطَالِبُ) مُسْتَأْنَفٌ، وَقَوْلُهُ وَيَبْقَى تَحْتَ يَدِ الْوَصِيِّ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ لَا الْحَاكِمِ) أَيْ فَلَوْ رَدَّهَا إلَيْهِ بِلَا طَلَبٍ مِنْ الْحَاكِمِ هَلْ يَضْمَنُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ تَعَذَّرَ قَبُولُ الْمُوصَى لَهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ يُطَالِبُ الْوَصِيُّ الْوَارِثَ بِالْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ قَبُولِ الْمُوصَى لَهُ عِنْدَ غَيْبَتِهِ فَيَأْخُذُهَا الْوَصِيُّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[فَصْلٌ فِي الْإِيصَاءِ]

(قَوْلُهُ: وَرَدُّ الْمَظَالِمِ) عَطْفٌ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا صَحَّتْ) أَيْ الْوَصَايَا (قَوْلُهُ: وَيُطَالِبُ الْوَصِيُّ الْوَارِثَ بِنَحْوِ رَدِّهَا لِيَبْرَأَ الْمَيِّتُ وَتَبْقَى إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُمَا مَعْطُوفَانِ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ إلَخْ فَهُمَا مِنْ فَوَائِدِ صِحَّتِهَا فِيمَا

ص: 98

الْقَبُولِ مِلْكٌ لِلْوَارِثِ فَلَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ دَفْعِهَا لِلْوَصِيِّ فَيَأْخُذُهَا الْحَاكِمُ إلَى أَنْ يَسْتَقِرَّ أَمْرُهَا

وَمَعْنَى قَوْلِهِ مِلْكٌ لِلْوَارِثِ: أَيْ بِفَرْضِ عَدَمِ الْقَبُولِ فَكَانَ لَهُ دَخْلٌ فِيمَنْ تَبْقَى تَحْتَ يَدِهِ، وَالْأَوْجَهُ فِيمَا لَوْ أَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ مَثَلًا أَنَّهُ إنْ عَيَّنَ لِذَلِكَ وَصِيًّا لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي دَخْلٌ فِيهِ إلَّا مِنْ حَيْثُ الْمُطَالَبَةُ بِالْحِسَابِ وَمَنْعُ إعْطَاءِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ، وَإِلَّا تَوَلَّى هُوَ أَوْ نَائِبُهُ الصَّرْفَ، وَلَوْ أَخْرَجَ الْوَصِيُّ الْوَصِيَّةَ مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ فِي التَّرِكَةِ رَجَعَ إنْ كَانَ وَارِثًا وَإِلَّا فَلَا: أَيْ إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُ حَاكِمٌ أَوْ جَاءَ وَقْتُ الصَّرْفِ الَّذِي عَيَّنَهُ الْحَاكِمُ وَفَقَدَ الْحَاكِمُ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ بَيْعُ التَّرِكَةِ فَأَشْهَدَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ، وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ.

وَلَوْ أَوْصَى بِبَيْعِ بَعْضِ التَّرِكَةِ وَإِخْرَاجِ كَفَنِهِ مِنْ ثَمَنِهِ فَاقْتَرَضَ الْوَصِيُّ دَرَاهِمَ وَصَرَفَهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لِيَحْفَظَهَا إلَى حُضُورِ الْمُوصَى لَهُ، فَإِنْ قَبِلَ سَلَّمَهَا لَهُ وَإِنْ رَدَّ دَفَعَهَا لِلْوَارِثِ (قَوْلُهُ: دَخَلَ فِيمَنْ تَبْقَى تَحْتَ يَدِهِ إلَخْ) أَيْ وَفِي مُدَّةِ الِانْتِظَارِ هَلْ تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى الْوَارِثِ أَوْ لَا، وَعَلَى وُجُوبِهَا عَلَيْهِ هَلْ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُوصَى لَهُ إذَا قَبِلَ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ رَفْعِ الْأَمْرِ إلَى الْحَاكِمِ وَلَمْ يَفْعَلْ لَا رُجُوعَ لَهُ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ طَلَبِ الْقَبُولِ مِنْ الْمُوصَى لَهُ لِيَعْلَمَ هَلْ يَقْبَلُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَوَلَّى هُوَ أَوْ نَائِبُهُ الصَّرْفَ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: ظَاهِرُهُ وَإِنْ وُجِدَ وَارِثٌ، لَكِنَّ قَوْلَ الْعُبَابِ الْآتِي مُطَالَبَةُ الْوَرَثَةِ بِالْفِعْلِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْوَارِثِ تَوَلِّيَ الصَّرْفِ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَلَوْ قَالَ اجْعَلْ كَفَنِي مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ فَلَهُ الشِّرَاءُ بِعَيْنِهَا أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَيَقْضِي مِنْهَا وَلَوْ أَوْصَى بِتَجْهِيزِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَالًا فَأَرَادَ الْوَارِثُ بَذْلَهُ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَمْنَعْهُ الْوَصِيُّ، وَإِنْ أَرَادَ بَيْعَ بَعْضٍ لِذَلِكَ وَأَرَادَ الْوَصِيُّ أَنْ يَتَعَاطَاهُ فَأَيُّهُمَا أَحَقُّ؟ وَجْهَانِ انْتَهَتْ.

فَانْظُرْ قَوْلَهُ فَأَيُّهُمَا أَحَقُّ هَلْ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ لِلْوَصِيِّ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ مُطَالَبَةُ الْوَرَثَةِ بِالْفِعْلِ أَوْ بِإِعْطَائِهِ التَّرِكَةَ لِيَفْعَلَ، فَإِنْ بَاعَ بِلَا مُرَاجَعَةٍ بَطَلَ، فَإِنْ غَابُوا اتَّجَهَ مُرَاجَعَتُهُ لِلْقَاضِي لِيَأْذَنَ لَهُ فِيهِ اهـ.

فَإِنَّهُ إذَا وَجَبَتْ الْمُرَاجَعَةُ فَكَيْفَ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْبَيْعِ مَعَ مُنَازَعَةِ مَنْ تَجِبُ مُرَاجَعَتُهُ حَتَّى يَكُونَ أَحَقَّ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ هَذَا أَوْ يَكُونَ ذَاكَ عَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ، وَلَعَلَّ الْأَوْجَهَ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَتْ مُرَاجَعَتُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ إمْسَاكَ التَّرِكَةِ وَالصَّرْفَ مِنْ مَالِهِ، وَعِنْدَ إرَادَةِ بَيْعِ الْبَعْضِ لِذَلِكَ انْدَفَعَ هَذَا الِاحْتِمَالُ فَجَازَ الِاخْتِلَافُ فِي الْأَحَقِّ مِنْهُمَا اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخْرَجَ الْوَصِيُّ إلَخْ) قَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِالْوَصِيِّ أَنَّ غَيْرَهُ إذَا أَخْرَجَ مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ بَدَلِ مَا صَرَفَهُ مِنْ التَّرِكَةِ، وَإِنْ كَانَ وَارِثًا فَطَرِيقُ مَنْ أَرَادَ التَّصَرُّفَ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَلَا وِصَايَةَ لَهُ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الْحَاكِمَ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: فَأَشْهَدَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ مَنْ هُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِصِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ.

(قَوْلُهُ: فَاقْتَرَضَ الْوَصِيُّ دَرَاهِمَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ وَارِثًا وَيَخْرُجُ بِهِ غَيْرُ الْوَصِيِّ مِنْ الْوَرَثَةِ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا بِأَنَّهُ هُنَا لَمَّا عَيَّنَ لِلْكَفَنِ عَيْنًا وَعَلَّقَهُ بِخُصُوصِهَا كَانَ ذَلِكَ آكَدُ مِمَّا لَوْ قَالَ أَعْطُوا زَيْدًا كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا فَغَلَّظَ عَلَى الْوَصِيِّ حَيْثُ خَالَفَ غَرَضَ الْمُوصِي فَأُلْزِمَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ وَارِثًا.

بِخِلَافِ تِلْكَ فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ فِيهَا جِهَةً كَانَ الْأَمْرُ أَوْسَعَ فَسُومِحَ لِلْوَارِثِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ مُوَرِّثِهِ فِي الْجُمْلَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

ذَكَرَ، وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ أَنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُ حَاكِمٌ إلَخْ) صَرِيحُ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّ إذْنَ الْحَاكِمِ يَكْفِيهِ فِي الرُّجُوعِ إذَا صَرَفَ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ مَا يَتَيَسَّرُ الصَّرْفُ مِنْهُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ إذْ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَيْسَ قِيَاسَ النَّظَائِرِ، وَيُصَرِّحُ بِهِ مَا سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِبَيْعِ بَعْضِ التَّرِكَةِ وَإِخْرَاجِ كَفَنِهِ مِنْ ثَمَنِهِ مِنْ أَنَّ إذْنَ الْحَاكِمِ إنَّمَا يُفِيدُ عِنْدَ التَّعَذُّرِ، ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ نَظِيرَ مَا مَرَّ آنِفًا، إذْ هَذَا هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ بِمَا مَرَّ آنِفًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَهُوَ لَا يَكُونُ نَظِيرَهُ إلَّا إنْ سَاوَاهُ فِيمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: الَّذِي عَيَّنَهُ الْحَاكِمُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمَيِّتُ انْتَهَتْ وَلَعَلَّهَا الصَّوَابُ

(قَوْلُهُ: بِبَيْعِ بَعْضِ التَّرِكَةِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ بِأَنْ

ص: 99

فِيهِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ وَلَزِمَهُ وَفَاءُ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ عَدَمِ اضْطِرَارِهِ إلَى الصَّرْفِ مِنْ مَالِهِ وَإِلَّا كَأَنْ لَمْ يَجِدْ مُشْتَرِيًا رَجَعَ إنْ أَذِنَ لَهُ حَاكِمٌ أَوْ فَقَدَهُ وَأَشْهَدَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ نَظِيرَ مَا مَرَّ آنِفًا، وَلَوْ أَوْصَى بِقَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْ عَيْنٍ بِتَعْوِيضِهَا فِيهِ وَهِيَ تُسَاوِيهِ أَوْ تَزِيدُ وَقَبِلَ الْوَصِيَّةَ بِالزَّائِدِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ أَوْ مِنْ ثَمَنِهَا تَعَيَّنَ فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ إمْسَاكُهَا، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْوَصِيَّ اسْتِئْذَانُهُمْ فِيهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ لَا يَتَصَرَّفُ حَتَّى يَسْتَأْذِنَهُمْ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُمْ، فَإِنْ غَابُوا اسْتَأْذَنَ الْحَاكِمُ، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ صِحَّةَ إذَا مِتُّ فَفَرِّقْ مَا أَسْتَحِقُّهُ عَلَيْك مِنْ الدَّيْنِ لِلْفُقَرَاءِ وَفِي آخِرِ الْوَكَالَةِ مَا يُؤَيِّدُهُ، وَلِلْمُشْتَرِي مِنْ نَحْوِ وَصِيٍّ وَقَيِّمٍ وَوَكِيلٍ وَعَامِلِ قِرَاضٍ أَنْ لَا يُسَلِّمَهُ الثَّمَنَ حَتَّى تَثْبُتَ وِلَايَتُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ.

قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَلَوْ قَالَ ضَعْ ثُلُثِي حَيْثُ شِئْت لَمْ يَجُزْ لَهُ الْأَخْذُ لِنَفْسِهِ: أَيْ وَإِنْ نَصَّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ وَلَا لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ: أَيْ إلَّا أَنْ يَنُصَّ لَهُ عَلَيْهِ بِمُسْتَقِلٍّ إذْ لَا اتِّحَادَ وَلَا تُهْمَةَ حِينَئِذٍ (وَالنَّظَرُ فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ) وَالْمَجَانِينِ وَالسُّفَهَاءِ، وَكَذَا الْحَمْلُ الْمَوْجُودُ عِنْدَ الْإِيصَاءِ وَلَوْ مُسْتَقِلًّا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ جَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ وَسَكَتَ عَلَيْهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَيَدْخُلُ مَنْ حَدَثَ بَعْدَ الْإِيصَاءِ عَلَى أَوْلَادِهِ تَبَعًا فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا فِي الْوَقْفِ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبَهُ فِي أَمْرِ نَحْوِ الْأَطْفَالِ إلَى ثِقَةٍ مَأْمُونٍ وَجِيهٍ كَافٍّ إذَا وَجَدَهُ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ تَرْكَهُ يُؤَدِّي إلَى اسْتِيلَاءِ خَائِنٍ مِنْ قَاضٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى أَمْوَالِهِمْ، وَفِي هَذَا ذَهَابٌ إلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ حِفْظُ مَالِهِمْ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا فِي حَيَاتِهِ.

وَلَهُ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ: مُوصٍ وَوَصِيٌّ وَمُوصَى فِيهِ وَصِيغَةٌ (وَشَرْطُ الْوَصِيِّ) تَعْيِينٌ وَ (تَكْلِيفٌ) أَيْ بُلُوغٌ وَعَقْلٌ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَلِي أَمْرَ نَفْسِهِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِفُلَانٍ إلَى بُلُوغِ ابْنِهِ أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ فَإِذَا بَلَغَ أَوْ قَدِمَ فَهُوَ الْوَصِيُّ جَازَ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى هَذَا؛ لِأَنَّهُ فِي الْإِيصَاءِ الْمُنَجَّزِ وَذَاكَ فِي الْإِيصَاءِ الْمُعَلَّقِ (وَحُرِّيَّةٌ) كَامِلَةٌ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَإِلَّا كَأَنْ لَمْ يَجِدْ مُشْتَرِيًا) أَيْ أَوْ خِيفَ تَغَيُّرُ الْمَيِّتِ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْبَيْعِ (قَوْلُهُ: بِتَعْوِيضِهَا فِيهِ) أَيْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ لَا يَتَصَرَّفُ حَتَّى يَسْتَأْذِنَهُمْ) أَيْ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْمُوصَى لَهُ الْعَيْنَ الَّتِي أَوْصَى بِتَعْوِيضِهَا لَهُ (قَوْلُهُ: وَفِي آخِرِ الْوَكَالَةِ مَا يُؤَيِّدُهُ) يُرَاجَعُ وَجْهُهُ فَإِنَّ الشَّخْصَ لَا يَكُونُ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ فِي إزَالَةِ مِلْكِهِ كَمَا قَالُوهُ، ثُمَّ ابْنُ حَجَرٍ قَالَ بَعْدَ اسْتِشْكَالِ مَا ذَكَرَ بِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ أَنَّهُ يُقَدَّرُ هُنَا أَنَّ الْفُقَرَاءَ وُكَلَاؤُهُ كَمَا قُدِّرَ أَنَّ الْمُعَمِّرِينَ وُكَلَاؤُهُ فِي إذْنِ الْأَجِيرِ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الْعِمَارَةِ، وَقَدْ يُقَالُ لَا يُحْتَاجُ لِهَذَا التَّقْدِيرِ هُنَا بَلْ سَبَبُهُ الْخَوْفُ مِنْ اسْتِيلَاءِ نَحْوِ قَاضٍ بِالْقَبْضِ مِنْهُ ثُمَّ إقْبَاضُهُ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْقُضَاةِ وَنَحْوِهِمْ الْخِيَانَةُ لَا سِيَّمَا فِي الصَّدَقَاتِ، وَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بِهِ فِي قُضَاةِ زَمَنِهِ وَهُمْ أَحْسَنُ حَالًا مِمَّنْ بَعْدَهُمْ أَنَّهُمْ كَقَرِيبِي عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لَهُ الْأَخْذُ لِنَفْسِهِ) وَمِثْلُ الْوَكِيلِ بِالصَّدَقَةِ وَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ عَيِّنْ لِي مَا آخُذُهُ بِأَنْ يُمَيِّزَهُ لَهُ وَيَدْفَعَهُ لَهُ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لَهُ الْأَخْذُ لِنَفْسِهِ أَيْ وَلَهُ الصَّرْفُ لِمَنْ شَاءَ مِنْ غَيْرِ مَنْ ذَكَرَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَالْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَالْوَارِثِ وَغَيْرِهِ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ زَيْدٍ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ أَقَارِبِهِ مِمَّنْ ذَكَرَ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا لَوْ أَوْصَى لِلْيَتَامَى أَوْ الزَّمْنَى أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّنْ مَرَّ حَيْثُ اُشْتُرِطَ فِي الْمَدْفُوعِ لَهُمْ الْفَقْرُ أَنَّ لَفْظَ الْيُتْمِ وَنَحْوَهُ يُشْعِرُ بِذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُدْفَعَ مِنْهُ شَيْءٌ لِوَرَثَةِ الْمُوصَى كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَصَّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ أَخْذِ نَفْسِهِ، وَقَوْلُهُ بِمُسْتَقِلٍّ، أَيْ بِقَدْرٍ مُسْتَقِلٍّ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُسْتَقِلًّا) أَيْ بِالْوَصِيَّةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ حِفْظُ مَالِهِمْ) أَيْ الْمَوْجُودِ بِأَنْ آلَ إلَيْهِمْ بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ وَمَا يَئُولُ إلَيْهِمْ مِنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ عَلَى هَذَا) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ الْوُرُودِ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى الْجَوَابِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَالَ بِيعُوا بَعْضَ تَرِكَتِي وَكَفِّنُونِي مِنْهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ تَرْكَهُ إلَخْ) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَالصَّوَابُ إسْقَاطُ الْأَلِفِ قَبْلَ قَوْلِهِ أَوْ غَلَبَ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ

(قَوْلُهُ وَلَا يَرِدُ عَلَى هَذَا) لَا يَخْفَى أَنَّ الْوَارِدَ إنَّمَا

ص: 100

وَلَوْ مَآلًا كَمُدَبَّرَةٍ وَمُسْتَوْلَدَةٍ فَلَا يَصِحُّ لِمَنْ فِيهِ رِقٌّ لِلْمُوصِي أَوْ لِغَيْرِهِ وَإِنْ أَذِنَ سَيِّدُهُ؛ لِأَنَّ الْوِصَايَةَ تَسْتَدْعِي فَرَاغًا وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ، وَمَا أَخَذَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْهُ مِنْ مَنْعِ الْإِيصَاءِ لِمَنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ لِعَمَلِ مُدَّةٍ لَا يُمْكِنُهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالْوِصَايَةِ فَلَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ لَهُ مَرْدُودٌ لِبَقَاءِ أَهْلِيَّتِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ اسْتِنَابَةِ ثِقَةٍ يَعْمَلُ عَنْهُ تِلْكَ الْمُدَّةِ (وَعَدَالَةٌ) وَلَوْ ظَاهِرَةً فَلَا يَصِحُّ لَفَاسِقٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْوِلَايَةِ، وَلَوْ وَقَعَ نِزَاعٌ فِي عَدَالَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْعَدَالَةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَهِدَايَةٌ إلَى التَّصَرُّفِ الْمُوصَى بِهِ) فَلَا تَجُوزُ لِمَنْ لَا يَهْتَدِي إلَيْهِ لِسَفَهٍ أَوْ هَرَمٍ أَوْ تَغَفُّلٍ إذْ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ، وَلَوْ فَرَّقَ فَاسِقٌ مَثَلًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَنْهُ فَإِنَّ مَا هُنَا شُرُوطٌ فِي الْوَصِيِّ وَمَا يَأْتِي مُتَعَلِّقٌ بِالصِّيغَةِ مَعَ أَنَّ الْوَصِيَّ فِيهَا مُكَلَّفٌ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: وَجْهُ الْإِيرَادِ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ إلَى بُلُوغِ ابْنِي فَإِذَا بَلَغَ فَهُوَ الْوَصِيُّ كَانَ الِابْنُ الَّذِي أَوْصَى إلَيْهِ صَبِيًّا وَقْتَهَا (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) جَرَى عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ حَجّ حَيْثُ نَقَلَهُ وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ وَعَدَالَةٌ) قَضِيَّةُ الِاكْتِفَاءِ بِالْعَدَالَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ سَلَامَتُهُ مِنْ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَدْلِ فِي عِبَارَتِهِمْ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ظَاهِرَةً) وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلُ وَلَوْ ظَاهِرَةً وَلَوْ بَاطِنَةً، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ قَوْلُهُ وَلَوْ ظَاهِرَةً تَبِعَ فِيهِ الْهَرَوِيَّ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ قُبَيْلَ كِتَابِ الصُّلْحِ اهـ.

وَقَوْلُ الزِّيَادِيِّ لَا بُدَّ مِنْ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ: أَيْ وَهِيَ الَّتِي تَثْبُتُ عِنْدَ الْقَاضِي بِقَوْلِ الْمُزَكِّينَ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا مُطْلَقًا: أَيْ وَقَعَ نِزَاعٌ فِي عَدَالَتِهِ أَوْ لَا، وَفِي نُسْخَةٍ أَيْضًا: وَعَدَالَةٌ بَاطِنَةٌ، وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِمَا فِي الزِّيَادِيِّ (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ لَفَاسِقٍ) قَالَ حَجّ: وَهَلْ يَحْرُمُ الْإِيصَاءُ لِنَحْوِ فَاسِقٍ عِنْدَهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ اسْتِمْرَارُ فِسْقِهِ إلَى الْمَوْتِ فَيَكُونُ مُتَعَاطِيًا لِعَقْدٍ فَاسِدٍ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ ظَاهِرًا، وَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ فَسَادُهُ لِاحْتِمَالِ عَدَالَتِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَلَا إثْمَ مَعَ الشَّكِّ، كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَمِمَّا يُرَجِّحُ الثَّانِيَ أَنَّ الْمُوصِيَ قَدْ يَتَرَجَّى صَلَاحَهُ لِوُثُوقِهِ بِهِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ جَعَلْته وَصِيًّا إنْ كَانَ عَدْلًا عِنْدَ الْمَوْتِ، وَوَاضِحٌ أَنَّهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لَا إثْمَ عَلَيْهِ، فَكَذَا هُنَا؛ لِأَنَّ هَذَا مُرَادٌ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ هُنَا، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي نَصْبِ غَيْرِ الْجَدِّ مَعَ وُجُودِهِ بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ لِاحْتِمَالِ تَغَيُّرِهَا عِنْدَ الْمَوْتِ فَيَكُونُ لِمَنْ عَيَّنَهُ الْأَبُ لِوُثُوقِهِ بِهِ اهـ.

أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ فَرَّقَ بَيْنَ مَا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لَهُ إذَا صَارَ عَدْلًا وَبَيْنَ مَا إذَا أَسْقَطَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ بِأَنَّهُ إذَا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ عَدْلًا وَقْتَ الْمَوْتِ أَشْعَرَ ذَلِكَ بِتَرَدُّدِهِ فِي حَالِهِ فَيَحْمِلُ الْقَاضِي عَلَى الْبَحْثِ فِي حَالِهِ وَقْتَ الْمَوْتِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ سَكَتَ فَإِنَّهُ يُظَنُّ مِنْ إيصَائِهِ لَهُ حُسْنُ حَالِهِ، وَرُبَّمَا خَفِيَتْ حَالُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ عَلَى الْقَاضِي فَيَغْتَرُّ بِتَفْوِيضِ الْمُوصَى لَهُ فَيُسَلِّمُهُ الْمَالَ عَلَى أَنَّ فِي إثْبَاتِ الْوَصِيَّةِ لَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْمُنَازَعَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَرُبَّمَا أَدَّى إلَى إفْسَادِ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَرَّقَ فَاسِقٌ) أَيْ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَالْمُوصِي كَذَلِكَ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّمَا صَحَّتْ إلَخْ مِنْ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ إذَا دَفَعَ لِلْمُعَيَّنِ وَقَعَ الْمَوْقِعَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ وَمَرَّ إلَخْ وَالْكَلَامُ فِي الْوَصِيَّةِ، أَمَّا لَوْ دَفَعَ شَخْصٌ فِي حَيَاتِهِ شَيْئًا لِفَاسِقٍ عَلِمَ فِسْقَهُ وَأَذِنَ لَهُ فِي تَفْرِيقِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

هُوَ الشِّقُّ الْأَوَّلُ: أَيْ لَا يَرِدُ عَلَى اشْتِرَاطِ التَّكْلِيفِ، وَوَجْهُ وُرُودِهِ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، وَهُوَ أَنَّهُ جَعَلَ ابْنَهُ وَصِيًّا قَبْلَ التَّكْلِيفِ. نَعَمْ إنَّمَا يَظْهَرُ الْوُرُودُ لَوْ كَانَ الْعِبْرَةُ بِالتَّكْلِيفِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ، لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ الشُّرُوطَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَحِينَئِذٍ فَالْوُرُودُ فِيهِ خَفَاءٌ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ لَا يَعْلَمُ وَقْتَ مَوْتِهِ وَلَعَلَّ ابْنَهُ عِنْدَهُ يَكُونُ مُكَلَّفًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَآلًا) أَيْ لَكِنْ بِحَيْثُ يَكُونُ عِنْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْقَبُولِ وَهُوَ الْمَوْتُ حُرًّا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَمْثِيلِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ الْمَالِيَّةِ الصَّادِقَةِ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ لَمَنْ فِيهِ رِقٌّ) أَيْ رِقٌّ لَا يَزُولُ بِمَوْتِ الْمُوصِي كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَبْلَهُ

ص: 101

مَا فُوِّضَ لَهُ تَفْرِقَتُهُ غَرِمَهُ، وَلَهُ اسْتِرْدَادُ بَدَلِ مَا دَفَعَهُ مِمَّنْ عَرَفَهُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ فَإِنْ بَقِيَتْ عَيْنُ الْمَدْفُوعِ اسْتَرَدَّهُ الْحَاكِمُ وَأَسْقَطَ عَنْهُ مِنْ الْغُرْمِ بِقَدْرِهِ كَمَا لَا يَخْفَى وَمَرَّ أَنَّ لِلْمُسْتَحِقِّ لِعَيْنِ الِاسْتِقْلَالِ بِأَخْذِهَا وَأَنَّ لِلْأَجْنَبِيِّ أَخْذُهَا وَدَفْعُهَا إلَيْهِ فَمَا هُنَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ (وَإِسْلَامٌ) فَلَا تَصِحُّ مِنْ مُسْلِمٍ لِكَافِرٍ لِتُهْمَتِهِ، وَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسْلِمُ وَصِيَّ ذِمِّيٍّ فَوَّضَ لَهُ وِصَايَةً عَلَى أَوْلَادِهِ الذِّمِّيِّينَ جَازَ لَهُ إيصَاءُ ذِمِّيٍّ مَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْوَصِيَّ يَلْزَمُهُ النَّظَرُ بِالْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ وَالتَّفْوِيضُ لِمُسْلِمٍ أَرْجَحُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ مِنْهُ لِذِمِّيٍّ، فَالْوَجْهُ تَعَيُّنُ الْمُسْلِمِ هُنَا أَيْضًا، وَأُخِذَ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِمُسْلِمٍ وَلَدٌ بَالِغٌ ذِمِّيٌّ سَفِيهٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُوصِيَ عَلَيْهِ ذِمِّيًّا وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالتَّنْظِيرُ فِيهِ بِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ مَرْدُودٌ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَلْزَمُهُ رِعَايَةُ الْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ، وَذَكَرَ الْإِسْلَامَ بَعْدَ الْعَدَالَةِ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ قَدْ يَكُونُ عَدْلًا فِي دِينِهِ وَبِفَرْضِ عِلْمِهِ مِنْ الْعَدَالَةِ يَكُونُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (لَكِنَّ الْأَصَحَّ جَوَازُ وَصِيَّةِ ذِمِّيٍّ) أَوْ نَحْوِهِ وَلَوْ حَرْبِيًّا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (إلَى) كَافِرٍ مَعْصُومٍ (ذِمِّيٍّ) أَوْ مُعَاهِدٍ أَوْ مُؤَمَّنٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِأَوْلَادِهِ الْكُفَّارِ بِشَرْطِ كَوْنِ الْوَصِيِّ عَدْلًا فِي دِينِهِ، كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا لِأَوْلَادِهِ وَتُعْرَفُ عَدَالَتُهُ بِتَوَاتُرِهَا مِنْ الْعَارِفِينَ بِدِينِهِ أَوْ بِإِسْلَامِ عَارِفَيْنِ وَشَهَادَتِهِمَا بِهَا.

وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَشَهَادَتِهِ، وَلَا بُدَّ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ عَدُوًّا لِلطِّفْلِ كَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَآخَرِينَ: أَيْ عَدَاوَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ، فَأَخَذَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْهُ عَدَمَ وِصَايَةِ نَصْرَانِيٍّ لِيَهُودِيٍّ وَعَكْسُهُ مَرْدُودٌ، وَيُتَصَوَّرُ وُقُوعُ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ لِكَوْنِ الْمُوصِي عَدُوًّا لِلْوَصِيِّ أَوْ لِلْعِلْمِ بِكَرَاهَتِهِ لَهُمَا مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ، وَالْعِبْرَةُ فِي هَذِهِ الشُّرُوطِ بِحَالَةِ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ زَمَنُ التَّسَلُّطِ عَلَى الْقَبُولِ فَلَا يَضُرُّ فَقْدُهَا قَبْلَهُ وَلَوْ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ (وَلَا يَضُرُّ الْعَمَى فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْأَعْمَى كَامِلٌ وَيُمْكِنُهُ التَّوْكِيلُ فِيمَا لَا يُمْكِنُهُ.

وَالثَّانِي يَضُرُّ لِعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ بِنَفْسِهِ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ امْتِنَاعِ الْوَصِيَّةِ بِالْأَخْرَسِ وَإِنْ كَانَ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ غَيْرَ وَاضِحٍ، وَالْأَقْرَبُ الصِّحَّةُ فِيمَنْ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ وَتَوَفَّرَتْ فِيهِ بَقِيَّةُ الشُّرُوطِ (وَلَا يُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ) إجْمَاعًا (وَأُمُّ الْأَطْفَالِ) الْمُسْتَجْمِعَةُ لِلشُّرُوطِ حَالَ الْوَصِيَّةِ لَا حَالَ الْمَوْتِ وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ؛ لِأَنَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَفَرَّقَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهِ فَلَا يَظْهَرُ إلَّا الِاعْتِدَادُ بِهِ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بَدَلَ مَا دَفَعَهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْعَيْنِ مَا دَامَتْ بَاقِيَةً وَأَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِاسْتِرْدَادِ الْبَدَلِ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْبَدَلَ لَيْسَ مِنْ مَالِ الْمُوصِي وَهُوَ مُخَاطَبٌ بِبَدَلِهِ لِلْقَاضِي فَجَازَ لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ، بِخِلَافِ عَيْنِ الْمَالِ فَإِنَّهَا مِنْ مَالِ الْمُوصِي وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا فَكَانَ قَبْضُهَا لِلْقَاضِي دُونَهُ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ بَقِيَتْ عَيْنُ الْمَدْفُوعِ) أَيْ فِي يَدِ مَنْ أَخَذَ مِمَّنْ فَرَّقَ (قَوْلُهُ: وَأَسْقَطَ عَنْهُ) أَيْ الْفَاسِقِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) أَيْ حَجّ (قَوْلُهُ: إلَى كَافِرٍ مَعْصُومٍ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ مَعْصُومٌ قَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ إيصَاءِ الْحَرْبِيِّ إلَى حَرْبِيٍّ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ لَا بَقَاءَ لَهُ (قَوْلُهُ: كَشَهَادَتِهِ) أَيْ الذِّمِّيِّ عَلَى مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَكُونَ) أَيْ الْوَصِيُّ (قَوْلُهُ بِحَالِ الْمَوْتِ) أَقُولُ: هَلْ يُعْتَبَرُ فِي الْفَاسِقِ إذَا تَابَ مُضِيُّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ يَكْفِي كَوْنُهُ عَدْلًا عِنْدَهُ وَإِنْ لَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالثَّانِي هُوَ الْأَقْرَبُ قِيَاسًا عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْوَلِيِّ إذَا أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ بَعْدَ التَّوْبَةِ (قَوْلُهُ: فِيمَنْ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اخْتَصَّ بِفَهْمِهِمَا الْفَطِنُونَ وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُهَا بِمَا إذَا فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ لِتَكُونَ صَرِيحَةً (قَوْلُهُ: وَأُمُّ الْأَطْفَالِ) وَهَلْ الْجَدَّةُ كَذَلِكَ وَلَوْ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا أَشْفَقُ مِنْ الْأَجَانِبِ، وَظَاهِرُهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ يَشْمَلُهَا فِي بَابِ الْفَرَائِضِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ فَمَا هُنَا) أَيْ مِنْ الْغُرْمِ وَالِاسْتِرْدَادِ (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ) يَعْنِي قَوْلَهُ بِأَنَّ الْوَصِيَّ يَلْزَمُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَبِ) أَيْ فِي هَذَا الْمَأْخُوذِ، وَقَوْلُهُ وَالْوَصِيِّ: أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْإِسْنَوِيِّ الْمُعَلَّلَةِ بِمَا ذُكِرَ.

ص: 102

الْأَوْلَوِيَّةَ إنَّمَا يُخَاطَبُ بِهَا الْمُوصِي وَهُوَ لَا عِلْمَ لَهُ بِمَا يَكُونُ حَالَ الْمَوْتِ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهَا إنْ جَمَعَتْ الشُّرُوطَ فِيهَا حَالَ الْوَصِيَّةِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُوصَى إلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا، وَدَعْوَى أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَصْلُحُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ لَا الْمَوْتِ مَرْدُودَةٌ بِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا هِيَ عَلَيْهِ (أَوْلَى) بِإِسْنَادِ الْوَصِيَّةِ إلَيْهَا (مِنْ غَيْرِهَا) ؛ لِأَنَّهَا أَشْفَقُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ كَوْنُهَا أَوْلَى كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ إنْ سَاوَتْ الرَّجُلَ فِي الِاسْتِرْبَاحِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمَصَالِحِ التَّامَّةِ، وَلِلْحَاكِمِ تَفْوِيضُ أَمْرِ الْأَطْفَالِ إلَى امْرَأَةٍ حَيْثُ لَا وَصِيَّ فَتَكُونُ قَيِّمَةً وَلَوْ كَانَتْ أُمُّ الْأَطْفَالِ فَهِيَ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ.

(وَيَنْعَزِلُ الْوَصِيُّ) وَقَيِّمُ الْحَاكِمِ بَلْ وَالْأَبُ وَالْجَدُّ (بِالْفِسْقِ) وَلَوْ لَمْ يَعْزِلْهُ الْحَاكِمُ لِزَوَالِ أَهْلِيَّتِهِ

نَعَمْ تَعُودُ وِلَايَةُ الْأَبِ وَالْجَدِّ بِعَوْدِ الْعَدَالَةِ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُمَا شَرْعِيَّةٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا لِتَوَقُّفِهَا عَلَى التَّفْوِيضِ، فَإِذَا زَالَتْ احْتَاجَتْ لِتَفْوِيضٍ جَدِيدٍ وَكَذَا يَنْعَزِلُونَ بِالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ لَا بِاخْتِلَالِ الْكِفَايَةِ بَلْ يَضُمُّ الْقَاضِي لَهُ مُعِينًا، بَلْ أَفْتَى السُّبْكِيُّ بَحْثًا بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ضَمُّ آخَرَ لِلْوَصِيِّ بِمُجَرَّدِ الرِّيبَةِ.

ثُمَّ قَالَ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ اهـ وَحَمَلَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَوَّلَ عَلَى قُوَّةِ الرِّيبَةِ وَالثَّانِي عَلَى ضَعْفِهَا وَأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي مُتَبَرِّعٍ، أَمَّا مَنْ يَتَوَقَّفُ ضَمُّهُ عَلَى جُعْلٍ فَلَا يُعْطَاهُ إلَّا عِنْدَ غَلَبَةِ الظَّنِّ لِئَلَّا يُضَيِّعَ مَالَ الْيَتِيمِ بِالتَّوَهُّمِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ ظَاهِرٍ، وَيَعْزِلُ الْقَاضِي قَيِّمَهُ بِمُجَرَّدِ اخْتِلَالِ كِفَايَتِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي وَلَّاهُ، وَيَظْهَرُ جَرَيَانُ مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ فِيمَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي زَمَنِنَا مِنْ نَصْبِ نَاظِرِ حِسْبَةٍ مُنْضَمًّا إلَى النَّاظِرِ الْأَصْلِيِّ (وَكَذَا الْقَاضِي) يَنْعَزِلُ بِمَا ذَكَرَ (فِي الْأَصَحِّ) لِزَوَالِ أَهْلِيَّتِهِ أَيْضًا

وَالثَّانِي لَا كَالْإِمَامِ، وَالْأَوْجَهُ فِي فَاسِقٍ وَلَّاهُ ذُو شَوْكَةٍ عَالِمًا بِفِسْقِهِ عَدَمُ انْعِزَالِهِ بِزِيَادَتِهِ أَوْ بِطُرُوِّ فِسْقٍ آخَرَ إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا بِهِ حَالَ تَوْلِيَتِهِ لَهُ لَوَلَّاهُ مَعَهُ وَإِلَّا انْعَزَلَ؛ لِأَنَّ مُوَلِّيَهُ حِينَئِذٍ لَا يَرْضَى بِهِ (لَا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ) لِتَعَلُّقِ الْمَصَالِحِ الْكُلِّيَّةِ بِوِلَايَتِهِ، وَخَالَفَ فِيهِ كَثِيرُونَ فَنَقَلَ الْقَاضِي الْإِجْمَاعَ فِيهِ مُرَادُهُ إجْمَاعُ الْأَكْثَرِ.

(وَيَصِحُّ)(الْإِيصَاءُ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ) وَرَدِّ الْحُقُوقِ (وَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ مِنْ كُلِّ حُرٍّ) سَكْرَانَ أَوْ (مُكَلَّفٍ) مُخْتَارٍ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْمُوصِي بِالْمَالِ وَمِنْ ثَمَّ يَأْتِي هُنَا نَظِيرُ مَا مَرَّ هُنَاكَ، فَلَوْ أَوْصَى السَّفِيهُ بِمَالٍ وَعَيَّنَ مَنْ يُنَفِّذُهُ تَعَيَّنَ فِيمَا يَظْهَرُ وَتَنْفِيذٌ بِالْيَاءِ مَصْدَرًا هُوَ مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ كَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَحُكِيَ عَنْ خَطِّهِ حَذْفُ الْيَاءِ مُضَارِعًا، وَادَّعَى كَثِيرٌ أَنَّ الْأُولَى أَوْلَى إذْ يَلْزَمُ الثَّانِيَةَ التَّكْرَارُ الْمَحْضُ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَ الْوَصِيَّةَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَحَذَفَ بَيَانَ مَا يُنَفِّذُ فِيهِ وَمُخَالَفَةَ أَصْلِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ مُتَعَلِّقٌ بِيَصِحُّ أَيْضًا فَلَا تَكْرَارَ، وَحَذْفُ ذَلِكَ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ مَا يُوصَى فِيهِ.

(وَيُشْتَرَطُ) فِي الْمُوصِي (فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ) وَالْمَجَانِينِ وَالسُّفَهَاءِ (مَعَ هَذَا) الْمَذْكُورِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالتَّكْلِيفِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا أَشَرْنَا إلَيْهِ (أَنْ يَكُونَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِمْ) مُبْتَدَأَةٌ مِنْ الشَّرْعِ وَهُوَ الْأَبُ وَالْجَدُّ الْمُسْتَجْمِعُ لِلشُّرُوطِ وَإِنْ عَلَا دُونَ سَائِرِ الْأَقَارِبِ وَالْوَصِيُّ وَالْحَاكِمُ وَقَيِّمُهُ وَمِنْهُ أَبٌ أَوْ جَدٌّ نَصَبَهُ الْحَاكِمُ عَلَى مَالِ مَنْ طَرَأَ سَفَهُهُ؛ لِأَنَّ وَلِيَّهُ الْآنَ الْحَاكِمُ دُونَهُمَا، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ عَدَمِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ نَعَمْ تَعُودُ وَلَايَةُ الْأَبِ وَالْجَدِّ) مِثْلُهُمَا فِي ذَلِكَ الْحَاضِنَةُ وَالنَّاظِرُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ، وَبَعْضُهُمْ زَادَ الْأُمَّ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً (قَوْلُهُ: وَكَذَا يَنْعَزِلُونَ بِالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ زَمَنُهُ فِيهِمَا فَيَنْعَزِلَانِ وَلَا تَعُودُ إلَيْهِمَا الْوَلَايَةُ بَعْدَ إفَاقَتِهِمَا إلَّا بِتَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ (قَوْلُهُ وَحَمَلَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَوَّلَ) أَيْ جَوَازَ الضَّمِّ بِمُجَرَّدِ الرِّيبَةِ وَالثَّانِيَةُ هُوَ قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ إلَخْ (قَوْلُهُ: يَجُوزُ ضَمُّ آخَرَ لِلْوَصِيِّ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ تَوَقَّفَ ضَمُّهُ عَلَى جُعْلٍ دُفِعَ لَهُ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَمَّا مَنْ يَتَوَقَّفُ ضَمُّهُ عَلَى جُعْلٍ فَإِنَّهُ لَا يُعْطَاهُ إلَّا عِنْدَ غَلَبَةِ الظَّنِّ لِئَلَّا يَضِيعَ مَالُ الْيَتِيمِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ جَرَيَانُ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ بَلْ أَفْتَى إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَعَيَّنَ مَنْ يُنْفِذُهُ تَعَيَّنَ) أَيْ مَنْ عَيَّنَهُ السَّفِيهُ.

(قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ وَحَذْفُ ذَلِكَ يُغْنِي عَنْهُ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: الْإِغْنَاءُ لَيْسَ عَنْ الْحَذْفِ بَلْ عَنْ الذِّكْرِ. اهـ. فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ

ص: 103

صِحَّةِ إيصَاءِ فَاسِقٍ فِيمَا تَرَكَهُ لِوَلَدِهِ مِنْ الْمَالِ لِسَلْبِ وِلَايَتِهِ عَلَى وَلَدِهِ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.

(وَلَيْسَ لِوَصِيٍّ) تَوْكِيلٌ إلَّا فِيمَا يَعْجِزُ عَنْهُ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ وَلَا (إيصَاءٌ) اسْتِقْلَالًا قَطْعًا (فَإِنْ أُذِنَ لَهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ بِخَطِّهِ (فِيهِ) مِنْ الْمُوصِي وَعَيَّنَ لَهُ شَخْصًا، أَوْ فَوَّضَ ذَلِكَ لِمَشِيئَتِهِ (جَازَ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتِنَابَةٌ لَهُ فِيهِ كَالْوَكِيلِ يُوَكَّلُ بِالْإِذْنِ.

وَالثَّانِي لَا لِبُطْلَانِ إذْنِهِ بِالْمَوْتِ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ عِنْدَ عَدَمِ التَّعْيِينِ بِأَنْ قَالَ: أَوْصِ لِمَنْ شِئْت، أَمَّا إذَا قَالَ أَوْصِ إلَى فُلَانٍ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَذَلِكَ.

وَقِيلَ يَصِحُّ قَطْعًا.

وَصُورَةُ الْإِذْنِ أَنْ يُضِيفَ إلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ أَوْصِ بِتَرِكَتِي، فَإِنْ قَالَ أَوْصِ لِمَنْ شِئْت أَوْ إلَى فُلَانٍ وَلَمْ يُضِفْ إلَى نَفْسِهِ لَمْ يُوصِ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْبَغَوِيّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْقَيِّمِ أَبٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَايَةٌ إلَخْ.

(قَوْلُهُ أَمَّا إذَا قَالَ أَوْصِ إلَخْ) الْغَرَضُ مِنْهُ إذَا فَوَّضَ لِمَشِيئَتِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ شَخْصًا فَفِيهِ قَوْلَانِ، وَإِنْ عَيَّنَ لَهُ شَخْصًا فَفِيهِ طَرِيقَانِ حَاكِيَةً لِلْقَوْلَيْنِ وَقَاطِعَةً بِالصِّحَّةِ وَإِلَّا فَبِالنَّظَرِ لِلرَّاجِحِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَذَلِكَ) أَيْ يَجُوزُ (قَوْلُهُ: لَمْ يُوصِ عَنْهُ) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

يَزِيدَ لَفْظَ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ قَوْلِهِ يُغْنِي

(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ عِنْدَ عَدَمِ التَّعْيِينِ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَكَانَ يَنْبَغِي حَذْفَ قَوْلِهِ فِي حَلِّ الْمَتْنِ وَعَيَّنَ شَخْصًا أَوْ فَوَّضَ ذَلِكَ لِمَشِيئَتِهِ (قَوْلُهُ: وَصُورَةُ الْإِذْنِ أَنْ يُضِيفَ إلَيْهِ) أَيْ يُضِيفَ إلَى نَفْسِهِ الْمُوصَى بِهِ كَالتَّرِكَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ يَقُولَ أُوصِي بِتَرِكَتِي أَيْ فُلَانًا أَوْ مَنْ شِئْت، فَإِنْ لَمْ يُضِفْ ذَلِكَ إلَى نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ الْإِيصَاءُ أَصْلًا، ثُمَّ إذَا صَحَّ الْإِيصَاءُ بِأَنْ أَضَافَ مَا ذُكِرَ لِنَفْسِهِ تَارَةً يَقُولُ الْمُوصِي أُوصِي بِكَذَا عَنِّي وَتَارَةً يَقُولُ عَنْك وَتَارَةً يُطْلِقُ، وَإِذَا أَطْلَقَ فَهَلْ يُوصِي الْوَصِيُّ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ الْمُوصَى فِيهِ خِلَافٌ هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَمَا فِي حَوَاشِي وَالِدِ الشَّارِحِ عَلَيْهِمَا وَإِنْ كَانَ مَا سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ بَعْدُ لَا يُوَافِقُ بَعْضَ ذَلِكَ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْمَقَامَ وَقَعَ فِيهِ اخْتِلَافُ فَهْمٍ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ، فَإِنَّ عِبَارَتَهُمَا لَوْ أَطْلَقَ فَقَالَ أُوصِي إلَى مَنْ شِئْت أَوْ إلَى فُلَانٍ وَلَمْ يُضِفْ إلَى نَفْسِهِ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْوِصَايَةِ عَنْهُ حَتَّى يَجِيءَ فِيهِ الْخِلَافُ أَوْ يُقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا يُوصِي عَنْهُ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْبَغَوِيّ وَقَالَ: أَصَحُّهُمَا الثَّانِي انْتَهَتْ. فَمِنْ النَّاسِ مَنْ فَهِمَ أَنَّ مَعْنَى الْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ مَا قَدَّمْنَاهُ. وَمِنْهُمْ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا نَقَلَهُ وَالِدُ الشَّارِحِ فِي حَوَاشِيهِمَا، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّيْخَيْنِ عَنْ الْبَغَوِيّ أَوْ يُقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا يُوصِي عَنْهُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُوصِي فِي تَرِكَةِ الْمُوصِي سَوَاءٌ أَضَافَ الْوَصِيَّةَ إلَى نَفْسِهِ أَوْ إلَى الْمُوصِي أَوْ أَطْلَقَ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْإِذْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَهِمَ أَنَّ مَعْنَى الْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ أَنْ يَقُولَ أَوْصِ عَنِّي، وَمِنْ أُولَئِكَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ. وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عُلِمَ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْآتِي وَأَنَّهُ مُلَفَّقٌ مِنْ الْفَهْمَيْنِ، وَسَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَى بَعْضِ ذَلِكَ، فَقَوْلُهُ وَصُورَةُ الْإِذْنِ: أَيْ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ الصِّحَّةِ أَنْ يُضِيفَ إلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ أَوْصِ بِتَرِكَتِي مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَهْمِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ الصَّوَابُ

وَقَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ أَوْصِ لِمَنْ شِئْت أَوْ إلَى فُلَانٍ وَلَمْ يُضِفْ إلَى نَفْسِهِ لَمْ يُوصِ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّاهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَهْمِ الثَّانِي بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي: وَقَوْلِ الشَّيْخِ إنَّهُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ إلَخْ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ مُقَابِلًا لِهَذَا مَعَ أَنَّ هَذَا لَا يَنْتَظِمُ مَعَ مَا قَدَّمَهُ مَنْ حَصَرَ صُورَةَ الْإِذْنِ الصَّحِيحَةَ فِيمَا إذَا أَضَافَ إلَى نَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ أَوْصِ بِتَرِكَتِي، وَقَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَالْحَاصِلُ إلَخْ مُلَفَّقٌ مِنْ الْفَهْمَيْنِ جَمِيعًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْته، وَقَوْلُهُ وَقَوْلُ الشَّيْخِ إنَّهُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ إنَّمَا يُوصِي عَنْ الْمُوصَى فِيهِ أَنَّ الْإِطْلَاقَ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ عَنِّي وَلَا عَنْك لَكِنْ بَعْدَ التَّقَيُّدِ بِإِضَافَةِ التَّرِكَةِ إلَى نَفْسِهِ الَّذِي هُوَ شَرْطُ الصِّحَّةِ وَعِبَارَتُهُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِيصَاءِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ الْوَصِيِّ أَوْ مُطْلَقًا صَحَّ، لَكِنَّهُ فِي الثَّالِثَةِ إنَّمَا يُوصِي عَنْ الْمُوصِي كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِمَا انْتَهَتْ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَالِدُ الشَّارِحِ مَا لَفْظُهُ: قَوْلُهُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِيصَاءِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ الْمُوصِي

ص: 104

وَأَقَرَّاهُ.

وَحِينَئِذٍ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ قَالَ لَهُ أَوْصِ عَنِّي أَوْ بِتَرِكَتِي أَوْ نَحْوِهِمَا وَصَّى عَنْهُ وَإِلَّا وَصَّى عَلَى نَفْسِهِ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ، وَقَوْلُ الشَّيْخِ إنَّهُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ إنَّمَا يُوصِي عَنْ الْمُوصِي وَأَنَّهُ أَوْجَهُ مِمَّا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَغَوِيّ مِنْ تَصْحِيحِ أَنَّهُ لَا يُوصِي أَصْلًا إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ أَنْ يُوصِيَ عَنْهُ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ بَنَاهُ تَبَعًا لِابْنِ الْمُقْرِي بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ مِنْ كَلَامِهِمَا، وَلَوْ قَالَ لِوَصِيِّهِ أَوْصَيْت إلَى مَنْ أَوْصَيْت إلَيْهِ إنْ مِتَّ أَنْتَ أَوْ إذَا مِتَّ أَنْتَ فَوَصِيُّك وَصِيِّي لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ إلَيْهِ مَجْهُولٌ، وَإِذَا عَيَّنَ لَهُ الْوَصِيُّ وَمَاتَ مِنْ غَيْرِ إيصَاءٍ لَهُ كَانَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُنَصِّبَ غَيْرَهُ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ رَجَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ.

(وَلَوْ)(قَالَ أَوْصَيْت) لِزَيْدٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِعَمْرٍو أَوْ (إلَيْك إلَى بُلُوغِ ابْنِي أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ، فَإِذَا بَلَغَ أَوْ قَدِمَ فَهُوَ الْوَصِيُّ)(جَازَ) وَاغْتُفِرَ فِيهِ التَّأْقِيتُ وَالتَّعْلِيقُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَحْتَمِلُ الْأَخْطَارَ وَالْجَهَالَاتِ، وَلَوْ بَلَغَ الِابْنُ أَوْ قَدِمَ زَيْدٌ غَيْرَ أَهْلٍ فَالْأَقْرَبُ انْتِقَالُ الْوِلَايَةِ لِلْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهَا مُغَيَّاةً بِذَلِكَ، وَقَوْلُ الْمُنَكِّتِ إنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُ هَذَا عَقِبَ قَوْلِهِ الْآتِي وَيَجُوزُ فِيهِ التَّوْقِيتُ وَالتَّعْلِيقُ فَإِنَّهُ مِثَالٌ لَهُ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُمَا ضِمْنِيَّانِ، فَلَوْ أَخَّرَ هَذَا إلَى هُنَاكَ لَرُبَّمَا تُوُهِّمَ قَصْرُ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا فَفَصَلَ بَيْنَهُمَا لِيَكُونَ هَذَا مُفِيدًا لِلضِّمْنِيِّ وَذَاكَ مُفِيدًا لِلصَّرِيحِ، وَكَوْنُ هَذَا مُغْنِيًا عَنْ ذَلِكَ لَا يُعْتَرَضُ بِمِثْلِهِ الْمِنْهَاجُ.

(وَلَا يَجُوزُ) لِلْأَبِ (نَصْبُ وَصِيٍّ) عَلَى الْأَوْلَادِ (وَالْجَدُّ حَيٌّ)(بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ) عَلَيْهِمْ حَالَ الْمَوْتِ: أَيْ لَا يُعْتَدُّ بِمَنْصُوبِهِ إذَا وُجِدَتْ وِلَايَةُ الْجَدِّ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ ثَابِتَةٌ بِالشَّرْعِ كَوِلَايَةِ التَّزْوِيجِ، أَمَّا لَوْ وُجِدَتْ حَالَ الْإِيصَاءِ ثُمَّ زَالَتْ عِنْدَ الْمَوْتِ فَيُعْتَدُّ بِمَنْصُوبِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ لِمَا مَرَّ مِنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَنْ الْمُوصِي، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ لِلْوَصِيِّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْإِيصَاءَ عَنْ نَفْسِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ بَعْدَ (قَوْلِهِ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ مِنْ كَلَامِهِمَا) أَيْ مِنْ قَوْلِهِمَا وَلَوْ قَالَ أَوْصِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِذَا عَيَّنَ) أَيْ الْمُوصِي.

(قَوْلُهُ: أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لَك سَنَةً إلَى قُدُومِ ابْنِي، ثُمَّ إنَّ الِابْنَ قَدِمَ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ هَلْ يَنْعَزِلُ الْوَصِيُّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.

وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَوْصَيْت لَك سَنَةً مَا لَمْ يَقْدَمْ ابْنِي قَبْلَهَا فَإِنْ قَدِمَ فَهُوَ الْوَصِيُّ، فَيَنْعَزِلُ بِحُضُورِ الِابْنِ وَيَصِيرُ الْحَقُّ لَهُ، وَإِنَّمَا مَضَتْ السَّنَةُ وَلَمْ يَحْضُرْ الِابْنُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّصَرُّفُ فِيمَا بَعْدَ السَّنَةِ إلَى قُدُومِ الِابْنِ لِلْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ السَّنَةَ الَّتِي قَدَّرَهَا لِوِصَايَتِهِ لَا تَشْمَلُ مَا زَادَ.

(قَوْلُهُ لَا يُعْتَدُّ بِمَنْصُوبِهِ) أَيْ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ فَسَادَ الْوَصِيَّةِ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَكُونَ بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ قَبْلَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: فَيُعْتَدُّ بِمَنْصُوبِهِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَوْ مُطْلَقًا بِأَنْ قَالَ أَوْصِ بِتَرِكَتِي عَنِّي أَوْ عَنْ نَفْسِك أَوْ أَوْصِ بِتَرِكَتِي انْتَهَتْ.

وَقَوْلُهُ وَأَنَّهُ أَوْجَهُ مِمَّا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّ هَذَا مِنْ قَوْلِ الشَّيْخِ، وَهُوَ عَجِيبٌ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ كَلَامِهِ، وَإِنَّمَا كَتَبَهُ عَلَيْهِ وَالِدُ الشَّارِحِ فِي حَوَاشِيهِ عَقِبَ مَا قَدَّمْته عَنْهُ. وَعِبَارَتُهُ أَعْنِي وَالِدَ الشَّارِحِ فِي قَوْلِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ إلَخْ: وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَغَوِيّ مِنْ تَصْحِيحِ أَنَّهُ لَا يُوصِي أَصْلًا إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ أَنْ يُوصِيَ عَنْهُ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ بَنَاهُ تَبَعًا لِابْنِ الْمُقْرِي إلَخْ فِيهِ أَنَّهُ كَابْنِ الْمُقْرِي فِي الرَّوْضِ لَمْ يَفْهَمَا مِنْ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ إلَّا الصَّوَابَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي هَذِهِ السَّوَادَةِ يَحْتَاجُ إلَى التَّحْرِيرِ وَالْإِصْلَاحِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ مَعَ مَتْنِ الْمِنْهَاجِ نَصُّهَا: فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ مِنْ الْمُوصِي وَعَيَّنَ لَهُ شَخْصًا أَوْ فَوَّضَهُ لِمَشِيئَتِهِ بِأَنْ قَالَ أَوْصِ بِتَرِكَتِي فُلَانًا أَوْ مَنْ شِئْت، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِتَرِكَتِي لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَظْهَرِ، ثُمَّ إنْ قَالَ لَهُ أَوْصِ عَنِّي أَوْ عَنْك فَوَاضِحٌ وَإِلَّا أَوْصَى عَنْ الْمُوصِي لَا عَنْ نَفْسِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ انْتَهَتْ. وَهِيَ مُسَاوِيَةٌ لِمَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلِمَا قَدَّمْته أَوَّلَ الْقَوْلَةِ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُمَا ضِمْنِيَّانِ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: إنْ أَرَادَ بِالضِّمْنِيِّ مَا لَا تَصْرِيحَ فِي صِيغَتِهِ بِالتَّوْقِيتِ وَالتَّعْلِيقِ فَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ، أَوْ مَا لَا يُصَرِّحُ الْمُوصِي بِوَصْفِهِ بِهِمَا فِيمَا يَأْتِي لَمْ يَرِدْ مِنْهُ مَا صَرَّحَ فِيهِ الْمُوصِي بِذَلِكَ، أَوْ مَا لَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ الْمُصَنِّفُ

ص: 105

أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالشُّرُوطِ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ جَوَازِهِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْجَدِّ إلَى حُضُورِهِ لِلضَّرُورَةِ مَحَلُّ تَوَقُّفٍ، وَالْأَوْجَهُ الْمَنْعُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ احْتِمَالًا فَإِنَّ الْغَيْبَةَ لَا تَمْنَعُ حَقَّ الْوِلَايَةِ، وَيُمْكِنُ الْحَاكِمُ أَنْ يَنُوبَ عَنْهُ نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ بَحْثِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ ثَمَّ ظَالِمٌ لَوْ اسْتَوْلَى عَلَى الْمَالِ أَكَلَهُ لِتَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ حِينَئِذٍ، إذْ الْمُتَّجِهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جَوَازُهُ وَخَرَجَ بِحَالِ الْمَوْتِ حَالُ الْوَصِيَّةِ فَلَا عِبْرَةَ بِهَا، بَلْ يَجُوزُ عَلَى مَا مَرَّ نَصْبُ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ حِينَئِذٍ ثُمَّ يُنْظَرُ عِنْدَ الْمَوْتِ لِتَأَهُّلِ الْجَدِّ وَعَدَمِهِ كَمَا عُلِمَ بِمَا مَرَّ، وَأَمَّا عَلَى الدُّيُونِ وَالْوَصَايَا فَتَجُوزُ مَعَ وُجُودِ الْجَدِّ فَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا فَالْجَدُّ أَوْلَى بِأَمْرِ الْأَطْفَالِ وَرَدِّ الدُّيُونِ وَنَحْوِهِمَا، وَالْحَاكِمُ أَوْلَى بِتَنْفِيذِ الْوَصَايَا كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي.

(وَلَا) يَجُوزُ (الْإِيصَاءُ بِتَزْوِيجِ طِفْلٍ وَبِنْتٍ) وَلَوْ مَعَ عَدَمِ وَلِيٍّ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَعْتَنِي بِدَفْعِ الْعَارِ عَنْ النَّسَبِ، وَسَيَأْتِي تَوَقُّفُ نِكَاحِ السَّفِيهِ عَلَى إذْنِ الْوَلِيِّ وَمِنْهُ الْوَصِيُّ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.

(وَلَفْظُهُ) أَيْ الْإِيصَاءِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ: أَيْ وَصِيغَتُهُ (أَوْصَيْت إلَيْك أَوْ فَوَّضْت) إلَيْك (وَنَحْوُهُمَا) كَأَقَمْتُكَ مَقَامِي وَوَلَّيْتُك كَذَا بَعْدَ مَوْتِي فَهُوَ صَرِيحٌ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ حَيْثُ بَحَثَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى مَدْلُولِ فَوَّضْت إلَيْك الصَّرِيحِ مَنْ وَكَّلْت، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي مِنْ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِالْإِمَامَةِ لِوَاحِدٍ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَظَاهِرُهُ صِحَّتُهَا بِلَفْظِ أَوْصَيْت أَوْ فَوَّضْت، وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي فَوَّضْت ثَبَتَ فِي وَلَّيْت، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ قَاعِدَةِ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ؛ لِأَنَّا إذَا جَوَّزْنَا الْوَصِيَّةَ بِالْإِمَامَةِ كَانَ الْبَابُ وَاحِدًا، فَمَا كَانَ صَرِيحًا هُنَاكَ يَكُونُ صَرِيحًا هُنَا، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْمُوصَى فِيهِ إمَامَةٌ وَغَيْرُهَا، وَهَذَا لَا يُؤَثِّرُ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ اشْتِرَاطٌ بَعْدَ مَوْتِي فِيمَا عَدَا أَوْصَيْت، وَالْأَوْجَهُ أَنْ وَكَّلْتُك بَعْدَ مَوْتِي فِي أَمْرِ أَطْفَالِي كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِمَوْضُوعِهِ فَيَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ، وَتَكْفِي إشَارَةُ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةُ وَكِتَابَتُهُ، وَيَلْحَقُ بِهِ نَاطِقٌ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ وَأَشَارَ بِالْوَصِيَّةِ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ لِقِرَاءَةِ كِتَابِهَا عَلَيْهِ لِعَجْزِهِ

(وَيَجُوزُ فِيهِ) أَيْ الْإِيصَاءِ (التَّوْقِيتُ) كَأَوْصَيْتُ إلَيْك سَنَةً أَوْ إلَى بُلُوغِ ابْنِي (وَالتَّعْلِيقُ) كَإِذَا مِتَّ أَوْ إذَا مَاتَ وَصِيٌّ فَقَدْ أَوْصَيْت إلَيْك كَمَا مَرَّ (وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ مَا يُوصِي فِيهِ) وَكَوْنُهُ تَصَرُّفًا مَالِيًّا مُبَاحًا كَأَوْصَيْتُ إلَيْك فِي قَضَاءِ دُيُونِي أَوْ فِي التَّصَرُّفِ فِي أَمْرِ أَطْفَالِي أَوْ فِي وَدَائِعِي أَوْ فِي تَنْفِيذِ وَصَايَايَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ الْأَبِ (قَوْلُهُ: لَوْ اسْتَوْلَى عَلَى الْمَالِ أَكَلَهُ) أَيْ بِاسْتِيلَائِهِ عَلَى مَا يُعَدُّ بِهِ إتْلَافًا لَهَا (قَوْلُهُ فَالْجَدُّ أَوْلَى) يَعْنِي بِمَعْنَى الِاسْتِحْقَاقِ.

(قَوْلُهُ وَوَلَّيْتُك كَذَا بَعْدَ مَوْتِي) سَيَأْتِي عَنْ الْأَنْوَارِ قَرِيبًا أَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي وَلَّيْتُك مَالَ فُلَانٍ لِلْحِفْظِ فَقَطْ اهـ.

فَهَلْ يَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا أَوْ يُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ الْفَرْقُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَالَ ذَلِكَ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ أَخْرَجَ بَعْضَ مَا لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَأَبْقَى غَيْرَهُ، وَأَمَّا الْمُوصِي فَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ إذَا فَوَّضَ إلَى غَيْرِهِ فَقَدْ جُعِلَ لَهُ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ وَكَلَامُ الشَّارِحِ الْآتِي يُشِيرُ إلَى الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ صَرِيحٌ) أَيْ قَوْلُهُ وَلَّيْتُك إلَخْ (قَوْلُهُ: بِالْإِمَامَةِ) أَيْ الْعُظْمَى (قَوْلُهُ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ) أَيْ فِي الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: فِي أَمْرِ أَطْفَالِي) أَيْ أَوْ فِي قَضَاءِ دِينِي أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ لِقِرَاءَةِ كِتَابِهَا) أَيْ عِنْدَ قِرَاءَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

بِوَصْفِهِ بِهِمَا فَهَذَا لَا فَائِدَةَ فِي إيرَادِهِ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: أَيْ الْإِيصَاءُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ) أَيْ لَا كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ رُجُوعِ الضَّمِيرِ إلَى الْمُوصِي (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ حَيْثُ بَحَثَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ) لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا نَسَبَهُ لِلْأَذْرَعِيِّ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ صَرِيحٌ وَلَيْسَ لَهُ فِيهِ بَحْثٌ، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَخْ تَعْلِيلٌ لِلصَّرَاحَةِ، وَقَوْلُهُ الصَّرِيحِ بِالْجَرِّ وَصْفٌ لِقَوْلِهِ فَوَّضْت إلَيْك، وَقَوْلُهُ مِنْ وَكَّلْتُك: أَيْ الْآتِي فِي كَلَامِهِ قَرِيبًا مُتَعَلِّقٌ بِأَقْرَبَ: أَيْ لَمَّا كَانَ وَلَّيْتُك إلَخْ أَقْرَبَ إلَى مَدْلُولِ فَوَّضْت إلَيْك الَّذِي هُوَ صَرِيحٌ مِنْ وَكَّلْتُك، قُلْنَا إنَّ وَكَّلْتُك صَرِيحٌ لِهَذِهِ الْأَقْرَبِيَّةِ. وَإِنْ قُلْنَا إنَّ وَكَّلْتُك كِنَايَةٌ كَمَا يَأْتِي، وَالشِّهَابُ حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَدَّمَ مَسْأَلَةَ وَكَّلْتُك وَأَنَّهُ كِنَايَةٌ. ثُمَّ قَالَ عَقِبَ ذَلِكَ: وَقِيَاسُهُ أَنَّ وَلَّيْتُك كَذَلِكَ وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ شَيْخُنَا، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ صَرِيحٌ. وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى مَدْلُولِ

ص: 106

فَإِنْ جَمَعَ الْكُلَّ ثَبَتَ لَهُ أَوْ خَصَّصَهُ بِأَحَدِهَا لَمْ يَتَجَاوَزْهُ، وَلَوْ أَطْلَقَ كَأَوْصَيْتُ إلَيْك فِي أَمْرِي أَوْ فِي أُمُورِي أَوْ فِي أَمْرِ أَطْفَالِي وَلَمْ يَذْكُرْ التَّصَرُّفَ صَحَّ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْأَوَّلَ عَامٌّ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَفَسَادِ نَظِيرِهِ السَّابِقِ فِي الْوَكَالَةِ بِأَنَّ ذَاكَ لَوْ صَحَّ لَحِقَ الْمُوَكِّلَ بِهِ ضَرَرٌ لَا يُسْتَدْرَكُ كَعِتْقٍ وَوَقْفٍ وَطَلَاقٍ، بِخِلَافِهِ هُنَا لِتَقْيِيدِ تَصَرُّفِهِ بِالْمَصْلَحَةِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى الْغَيْرِ الَّذِي لَمْ يَأْذَنْ فِي خِلَافِهِ، وَالْمُعْتَمَدُ فِي الثَّانِي أَنَّهُ لِلْحِفْظِ وَالتَّصَرُّفِ فِي مَالِهِمْ لِلْعُرْفِ، وَفِي الْأَنْوَارِ أَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي وَلَّيْتُك مَالَ فُلَانٍ لِلْحِفْظِ فَقَطْ وَمَرَّ آخِرَ الْحَجْرِ بَيَانُ أَنَّ قَاضِيَ بَلَدِ الْمَالِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْحِفْظِ وَنَحْوِهِ وَقَاضِي بَلَدِ الْمَحْجُورِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ فِي الْحَجْرِ أَنَّ نَظَرَ وَصَايَاهُ لِقَاضِي بَلَدِ الْمَالِكِ لَا الْمَالِ، وَسَيَأْتِي جَوَازُ النَّقْلِ فِي الْوَصِيَّةِ فَلَيْسَتْ كَالزَّكَاةِ حَتَّى يُعْتَبَرَ فِيهَا بَلَدُ الْمَالِ (فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَوْصَيْت إلَيْك لَغَا) كَوَكَّلْتُك وَلِعَدَمِ عُرْفٍ لَهُ يُحْمَلُ عَلَيْهِ، وَمُنَازَعَةُ السُّبْكِيّ فِيهِ بِأَنَّ الْعُرْفَ يَقْتَضِي أَنَّهُ تَثْبُتُ لَهُ جَمِيعُ التَّصَرُّفَاتِ مَرْدُودَةٌ، إذْ ذَلِكَ غَيْرُ مُطَّرِدٍ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْبَيَانِيِّينَ إنَّ حَذْفَ الْمَعْمُولِ يُؤْذِنُ بِالْعُمُومِ وَجَزَمَ الزَّبِيلِيُّ بِصِحَّةِ فُلَانٌ وَصِيِّي اهـ.

لِأَنَّ كَلَامَ الْبَيَانِيِّينَ لَيْسَ فِي مِثْلِ مَا نَحْنُ فِيهِ، وَكَلَامُ الزَّبِيلِيِّ إمَّا ضَعِيفٌ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا بِأَنَّ مَا قَالَهُ مُحْتَمِلٌ لِلْإِقْرَارِ وَهُوَ يَقْبَلُ الْمَجْهُولَ وَصَحَّ فِيهِ مَا يَحْتَمِلُهُ وَحُمِلَ عَلَى الْعُمُومِ إذْ لَا مُرَجِّحَ، وَمَا هُنَا مَحْضُ إنْشَاءٍ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ الْجَهْلَ بِوَجْهٍ.

(وَ) يُشْتَرَطُ (الْقَبُولُ) مِنْ الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ تَصَرُّفٍ كَالْوَكَالَةِ وَمِنْ ثَمَّ اُكْتُفِيَ هُنَا بِالْعَمَلِ كَهُوَ ثُمَّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا وَجَزَمَ بِهِ الْقَفَّالُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ اعْتَمَدَ السُّبْكِيُّ اشْتِرَاطَ اللَّفْظِ.

نَعَمْ تَبْطُلُ بِالرَّدِّ وَيُسَنُّ قَبُولُهَا لِمَنْ عَلِمَ الْأَمَانَةَ مِنْ نَفْسِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى لَهُ عَدَمُهُ، فَإِنْ عَلِمَ مِنْ حَالِهِ الضَّعْفَ فَالظَّاهِرُ حُرْمَةُ الْقَبُولِ حِينَئِذٍ (وَلَا يَصِحُّ) قَبُولٌ وَلَا رَدٌّ (فِي حَيَاتِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ دُخُولِ وَقْتِ تَصَرُّفِهِ كَالْمُوصَى لَهُ بِالْمَالِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ.

وَالثَّانِي يَصِحُّ الْقَبُولُ وَالرَّدُّ فِي حَيَاتِهِ كَالْوَكَالَةِ وَالْقَبُولِ عَلَى التَّرَاخِي مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ تَنْفِيذُ الْوَصَايَا

قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، أَوْ يَكُونُ هُنَاكَ مَا تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ إلَيْهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، أَوْ يَعْرِضُهَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ بَعْدَ ثُبُوتِهَا عِنْدَهُ.

(وَلَوْ)(وَصَّى اثْنَيْنِ) وَشَرَطَ عَلَيْهِمَا الِاجْتِمَاعَ، أَوْ أَطْلَقَ بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْت إلَيْكُمَا أَوْ إلَى فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ أَوْصَيْت إلَى فُلَانٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ عِلْمِهِ بِالْأَوَّلِ وَعَدَمِهِ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَنَظِيرِهِ السَّابِقِ قَبْلَ الْفَصْلِ بِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ هُنَا مُمْكِنٌ مَقْصُودٌ لِلْمُوصِي؛ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لَهُ، وَثَمَّ اجْتِمَاعُ الْمِلْكَيْنِ عَلَى الْمُوصَى بِهِ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ، وَالتَّشْرِيكُ خِلَافُ مَدْلُولِ اللَّفْظِ فَتَعَيَّنَ النَّظَرُ لِلْقَرِينَةِ وَهِيَ وُجُودُ عِلْمِهِ وَعَدَمِهِ، وَلَوْ قَالَ أَوْصَيْت إلَيْهِ فِيمَا أَوْصَيْت فِيهِ لِزَيْدٍ كَانَ رُجُوعًا (لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا) فِيمَا إذَا قَبِلَا بِالتَّصَرُّفِ عَمَلًا بِالشَّرْطِ فِي الْأَوَّلِ وَاحْتِيَاطًا فِي الثَّانِي فَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ بِأَنْ يَصْدُرَ عَنْ رَأْيِهِمَا أَوْ يَأْذَنَا لِثَالِثٍ فِيهِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالطِّفْلِ وَمَالِهِ وَتَفْرِقَةِ وَصِيَّةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَقَضَاءِ دَيْنٍ لَيْسَ فِي التَّرِكَةِ جِنْسُهُ، بِخِلَافِ رَدِّ وَدِيعَةٍ وَعَارِيَّةٍ وَمَغْصُوبٍ وَقَضَاءِ دَيْنٍ فِي التَّرِكَةِ جِنْسُهُ فَلِكُلٍّ الِانْفِرَادُ بِهِ؛ لِأَنَّ لِصَاحِبِهِ الِاسْتِقْلَالَ بِأَخْذِهِ، وَقَضِيَّةُ الِاعْتِدَادِ بِهِ وَوُقُوعِهِ مَوْقِعَهُ إبَاحَةُ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ بَحَثَا خِلَافَهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَ وَصِيَّا التَّصَرُّفِ الْمُسْتَقِلَّانِ فِيهِ نَفَذَ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْأَوَّلَ) أَيْ قَوْلُهُ وَلَوْ أَطْلَقَ كَأَوْصَيْتُ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ فِي الثَّانِي) أَيْ قَوْلُهُ أَوْ فِي أَمْرِ أَطْفَالِي (قَوْلُهُ لِقَاضِي بَلَدِ الْمَالِكِ) أَيْ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْحِفْظِ وَغَيْرِهِ فَيُخَالِفُ مَالُهُ مَالَ الْمَحْجُورِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ مَا قَالَهُ مُحْتَمَلٌ) بِأَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَوْصَيْت لَهُ بِشَيْءٍ لَهُ عِنْدِي كَوَدِيعَةٍ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ عُلِمَ مِنْ حَالِهِ الضَّعْفُ) أَيْ أَوْ الْخِيَانَةُ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ بِالتَّأْخِيرِ وَإِنْ أَثِمَ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى مَا يَفْسُقُ بِسَبَبِهِ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ لِصَاحِبِهِ) وَهُوَ رَبُّ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ الِاعْتِدَادِ بِهِ) أَيْ بِرَدِّ مَا ذَكَرَ لِلْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ: إبَاحَةُ الْإِقْدَامِ) وَمَعَ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فَوَّضْت إلَيْك الصَّرِيحِ إلَخْ

ص: 107

تَصَرُّفُ السَّابِقِ أَوْ غَيْرُ الْمُسْتَقِلَّيْنِ فِيهِ أُلْزِمَا الْعَمَلَ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ الَّتِي رَآهَا الْحَاكِمُ، فَإِنْ امْتَنَعَ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ خَرَجَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ أَنَابَ عَنْهُمَا أَمِينَيْنِ أَوْ أَمِينًا أَوْ فِي التَّصَرُّفِ أَوْ فِي الْحِفْظِ وَالْمَالُ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ اسْتَقَلَّا أَوْ لَا تَوَلَّاهُ الْحَاكِمُ، فَإِنْ انْقَسَمَ قَسَمَهُ بَيْنَهُمَا وَلِكُلٍّ التَّصَرُّفُ بِحَسَبِ الْإِذْنِ، فَإِنْ تَنَازَعَا فِي عَيْنِ النِّصْفِ الْمَحْفُوظِ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ نَصَّ عَلَى اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْحِفْظِ لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا بِحَالٍ (إلَّا إنْ صَرَّحَ بِهِ) أَيْ الِانْفِرَادِ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ كَالْوَكَالَةِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ إلَى كُلٍّ مِنْكُمَا أَوْ كُلٌّ مِنْكُمَا وَصِيٌّ فِي كَذَا أَوْ أَنْتُمَا وَصِيَّايَ فِي كَذَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَأَوْصَيْت إلَيْكُمَا بِأَنَّهُ هُنَا أَثْبَتُ لِكُلِّ وَصْفِ الْوَصَايَا فَدَلَّ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ، بِخِلَافِهِ ثُمَّ لَوْ جَعَلَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهِمَا مُشْرِفًا أَوْ نَاظِرًا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ تَصَرُّفٌ، وَإِنَّمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مُرَاجَعَتِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إلَّا فِي نَحْوِ شِرَاءِ بَقْلٍ مِمَّا لَا يَحْتَاجُ لِنَظَرٍ.

(وَلِلْمُوصِي وَالْوَصِيُّ الْعَزْلُ) أَيْ لِلْمُوصِي عَزْلُ الْوَصِيِّ وَلِلْوَصِيِّ عَزْلُ نَفْسِهِ (مَتَى شَاءَ) لِجَوَازِهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَالْوَكَالَةِ، نَعَمْ لَوْ تَعَيَّنَ عَلَى الْوَصِيِّ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ كَافٍ غَيْرَهُ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ تَلَفُ الْمَالِ بِاسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ أَوْ قَاضِي سُوءٍ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ لَمْ يَجُزْ لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ يَنْفُذْ حِينَئِذٍ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ مَجَّانًا بَلْ بِالْأُجْرَةِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْقَبُولُ، وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَزْلُ الْمُوصَى لَهُ حِينَئِذٍ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَيَاعِ نَحْوِ وَدِيعَةٍ أَوْ مَالِ أَوْلَادِهِ، وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ عَزْلُ نَفْسِهِ أَيْضًا إذَا كَانَتْ إجَارَةً بِعِوَضٍ، فَإِنْ كَانَتْ بِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ فَهِيَ جَعَالَةٌ

قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ إمْكَانُ الشُّرُوعِ فِي الْمُسْتَأْجَرِ لَهُ عَقِبَ الْعَقْدِ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّ شَرْطَهَا الْعِلْمُ بِأَعْمَالِهَا وَأَعْمَالِ الْوِصَايَةِ مَجْهُولَةٌ.

أَجَابَ السُّبْكِيُّ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ الْمُوصِي عَلَى أَعْمَالٍ لِنَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ وَلِطِفْلِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، أَوْ يَسْتَأْجِرَ الْحَاكِمُ عَلَى الِاسْتِمْرَارِ عَلَى الْوَصِيَّةِ لِمَصْلَحَةٍ رَآهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي.

وَأَمَّا الثَّانِي فَجَوَابُهُ كَوْنُ الْغَالِبِ عِلْمَهَا وَبِأَنَّ مَسِيسَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا اقْتَضَى الْمُسَامَحَةَ بِالْجَهْلِ بِهَا، وَقَوْلُ الْكَافِي لَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِذَلِكَ ضَعِيفٌ، وَإِذَا لَزِمَتْ الْوِصَايَةُ بِالْإِجَارَةِ وَعَجَزَ عَنْهَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ مَنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

هَلْ يَضْمَنُ لَوْ تَلْفِت فِي يَدِهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ تَقْتَضِي الْإِبَاحَةُ عَدَمَ الضَّمَانِ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَيْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: أَنَابَ عَنْهُمَا) يُشْعِرُ بِبَقَائِهِمَا وَمَرَّ فِي قَوْلِهِ وَيَنْعَزِلُ الْوَصِيُّ إلَخْ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ.

وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: أَنَابَ عَنْهُمَا: أَيْ وَلَا يَنْعَزِلَانِ فِي صُورَةِ الِامْتِنَاعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضِ اهـ.

أَقُولُ: وَقَضِيَّتُهُ الِانْعِزَالُ فِي غَيْرِهِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ مِنْ عَدَمِ الِانْعِزَالِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمَا خَرَجَا عَنْ كَمَالِ الْأَهْلِيَّةِ بِاخْتِلَالِهَا مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهَا كَمَرَضٍ يَمْنَعُهُمَا كَمَالَ النَّظَرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مُجَرَّدَ الِاخْتِلَالِ لَا يَقْتَضِي الْعَزْلَ (قَوْلُهُ: مُشْرِفًا أَوْ نَاظِرًا) قَضِيَّةُ الْعَطْفِ مُغَايَرَتُهُمَا فَلْيُنْظَرْ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ هُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَكُونُ بِأَوْ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ مَجَازًا عَنْ الْوَاوِ.

(قَوْلُهُ بِاسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ أَوْ قَاضِي سُوءٍ) قَضِيَّةُ الْعَطْفِ مُغَايَرَتُهُمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ بِحَمْلِ الظَّالِمِ عَلَى مُتَغَلِّبٍ لَا وَلَايَةَ لَهُ، وَحَمْلِ الْقَاضِي عَلَى مُتَوَلٍّ يَفْصِلُ الْأَحْكَامَ وَالْخُصُومَاتِ لَكِنَّهُ يَجُوزُ فِي حُكْمِهِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَزْلُ الْمُوصَى لَهُ) أَيْ لِلْوَصِيِّ (قَوْلُهُ: فَهُوَ جَعَالَةٌ) أَيْ وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ (قَوْلُهُ: أَجَابَ السُّبْكِيُّ عَنْ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ إمْكَانُ الشُّرُوعِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ وَإِنَّ شَرْطَهَا الْعِلْمُ (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ مَسِيسَ الْحَاجَةِ) أَيْ قُوَّةَ الْحَاجَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَوْ فِي التَّصَرُّفِ أَوْ الْحِفْظِ وَالْمَالُ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ إلَخْ) الصَّوَابُ حَذْفُ أَوْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ فِي التَّصَرُّفِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقَانِ بِأَنَابَ، وَقَوْلُهُ أَوْ الْحِفْظُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ فِيهِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ اخْتَلَفَ وَصِيَّا التَّصَرُّفِ الْمُسْتَقِلَّانِ فِيهِ: أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْحِفْظِ فَقَطْ دُونَ التَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ: اسْتَقَلَّا أَوْ لَا) أَيْ سَوَاءٌ اسْتَقَلَّا أَمْ لَمْ يَسْتَقِلَّا، فَجَوَابُ الشَّرْطِ قَوْلُهُ تَوَلَّاهُ الْحَاكِمُ

(قَوْلُهُ: فَجَوَابُهُ كَوْنُ الْغَالِبِ عِلْمَهَا) يُتَأَمَّلُ

ص: 108

يَقُومُ مَقَامَهُ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ وَجَازَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهَا إجَارَةُ عَيْنٍ وَهِيَ لَا يُسْتَوْفَى فِيهَا مِنْ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ لِمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّ ضَعْفَهُ بِمَنْزِلَةِ عَيْبٍ حَادِثٍ فَيَعْمَلُ الْحَاكِمُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةَ مِنْ الِاسْتِبْدَالِ بِهِ وَالضَّمِّ إلَيْهِ، وَتَسْمِيَةُ رُجُوعِ الْمُوصِي عَنْ الْإِيصَاءِ إلَيْهِ عَزْلًا مَعَ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالْقَبُولِ فِي الْحَيَاةِ كَمَا مَرَّ مَجَازٌ، وَكَذَا تَسْمِيَةُ رُجُوعِ الْوَصِيِّ عَنْ الْقَبُولِ إذْ قَطْعُ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الْإِيصَاءُ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ أَوْ بِعَدَمِ قَبُولِهِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ قَطْعِ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ التَّصَرُّفُ لَوْ ثَبَتَ لَهُ، وَبِمَا تَقَرَّرَ انْدَفَعَ بِنَاءُ السُّبْكِيّ لِذَلِكَ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْقَبُولِ فِي الْحَيَاةِ.

(وَإِذَا)(بَلَغَ الطِّفْلُ) أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ أَوْ رَشَدَ السَّفِيهُ (وَنَازَعَهُ) أَيْ الْوَصِيُّ (فِي) أَصْلٍ أَوْ قَدْرٍ نَحْوُ (الْإِنْفَاقِ) اللَّائِقِ بِحَالِهِ (عَلَيْهِ) أَوْ عَلَى مَمُونِهِ (صُدِّقَ الْوَصِيُّ) بِيَمِينِهِ، وَكَذَا قَيِّمُ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَمِينٌ، وَيَتَعَذَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِلْمَصْلَحَةِ، أَمَّا غَيْرُ اللَّائِقِ فَيُصَدَّقُ الْوَلَدُ فِيهِ قَطْعًا بِيَمِينِهِ لِتَعَدِّي الْوَصِيِّ بِفَرْضِ الْجُمُعَةِ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ حَلِفِ الْوَلَدِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَلْ إنْ كَانَ مِنْ مَالِ الْوَلِيِّ فَلَغْوٌ أَوْ الْوَلَدِ ضَمِنَهُ، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي الْإِسْرَافِ وَعَيَّنَ الْقَدْرَ نُظِرَ فِيهِ وَصُدِّقَ مَنْ يَقْتَضِي الْحَالُ تَصْدِيقَهُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ صُدِّقَ الْوَصِيُّ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ أَهُوَ لَائِقٌ أَوْ لَا وَلَا بَيِّنَةَ صُدِّقَ الْوَصِيُّ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ خِيَانَتِهِ، أَوْ فِي تَارِيخِ مَوْتِ الْأَبِ أَوْ أَوَّلِ مِلْكِهِ لِلْمَالِ الْمُنْفَقِ مِنْهُ عَلَيْهِ صُدِّقَ الْوَلَدُ بِيَمِينِهِ وَكَالْوَصِيِّ فِي ذَلِكَ وَارِثُهُ (أَوْ) تَنَازَعَا (فِي دَفْعٍ) لِلْمَالِ (إلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ) أَوْ الْإِفَاقَةِ أَوْ الرُّشْدِ أَوْ فِي إخْرَاجِهِ الزَّكَاةَ مِنْ مَالِهِ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ، لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ (صُدِّقَ الْوَلَدُ) بِيَمِينِهِ وَلَوْ عَلَى الْأَبِ لِعَدَمِ عُسْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَهَذِهِ لَمْ تَتَقَدَّمْ فِي الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ فِي الْقَيِّمِ، وَهَذِهِ فِي الْوَصِيِّ وَلَيْسَ مُسَاوِيًا لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ

نَعَمْ حِكَايَتُهُ الْخِلَافَ فِي الْقَيِّمِ وَجَزْمُهُ فِي الْوَصِيِّ مُعْتَرَضٌ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهِمَا وَيُصَدَّقُ فِي عَدَمِ الْخِيَانَةِ وَتَلَفٍ بِنَحْوِ غَصْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ كَالْمُودَعِ لَا فِي نَحْوِ بَيْعٍ لِحَاجَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ أَوْ تَرْكِ أَخْذٍ بِشُفْعَةٍ لِمَصْلَحَةٍ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْجَدِّ فَإِنَّهُمَا يُصَدَّقَانِ بِيَمِينِهِمَا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْحَاكِمَ الثِّقَةَ كَالْوَصِيِّ لَا كَالْأَبِ وَالْجَدِّ وَلَا يُطَالَبُ أَمِينٌ كَوَصِيٍّ وَمُقَارِضٍ وَشَرِيكٍ وَوَكِيلٍ بِحِسَابٍ بَلْ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ خِيَانَةً حَلَفَ ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي الْوَصِيِّ وَالْهَرَوِيُّ فِي أُمَنَاءِ الْقَاضِي وَمِثْلُهُمْ بَقِيَّةُ الْأُمَنَاءِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْقَاضِي أَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ رَاجِعٌ إلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَوْ لَمْ يَنْدَفِعْ نَحْوُ ظَالِمٍ إلَّا بِدَفْعِ مَالٍ لَزِمَ الْوَلِيُّ دَفْعُهُ وَيَجْتَهِدُ فِي قَدْرِهِ وَيُصَدَّقُ فِيهِ بِيَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ إلَّا بِتَعْيِيبِهِ جَازَ لَهُ بَلْ لَزِمَهُ أَيْضًا لَكِنْ لَا يُصَدَّقُ فِيهِ لِسُهُولَةِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَرَادَ وَصِيٌّ شِرَاءَ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ رَفَعَ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ لِيَبِيعَهُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مِمَّنْ لَا يَبِيعُ لَهُ الْوَكِيلُ وَيَنْعَزِلُ بِمَا يَنْعَزِلُ بِهِ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِمُوَلِّيهِ فِيمَا هُوَ وَصِيٌّ فِيهِ إنْ قَبِلَ الْوِصَايَةَ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا قُبِلَتْ وَإِنْ صَرَّحَ بِكَوْنِهِ وَصِيًّا فِي ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ، وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ وَصِيٍّ وَسَلَّمَهُ الثَّمَنَ فَكَمَّلَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَأَنْكَرَ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) هِيَ قَوْلُهُ أَمَّا غَيْرُ اللَّائِقِ.

(قَوْلُهُ وَصُدِّقَ) أَيْ بِلَا يَمِينٍ (قَوْلُهُ وَوَكِيلٌ بِحِسَابٍ) أَيْ فِي الْكُلِّ (قَوْلُهُ: بَلْ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ) وَمِثْلُهُ وَارِثُهُ (قَوْلُهُ: حَلَفَ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَوْ بِجُعْلٍ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْوَصِيِّ وَمِثْلُهُ الْقَاضِي بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَالْمُقَارَضِ وَالشَّرِيكِ فَالْأَمْرُ فِيهِ لِلْمَالِكِ فَإِنْ طَلَبَ حِسَابَهُ أُجِيبَ وَإِلَّا فَلَا وَمَا وَقَعَ فِيهِ النِّزَاعُ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْأَمِينِ (قَوْلُهُ: بِمَا يَنْعَزِلُ بِهِ) أَيْ الْوَكِيلُ (قَوْلُهُ: وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) أَيْ الْوَصِيُّ (قَوْلُهُ وَصِيٌّ فِيهِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْجَوَابِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا تَسْمِيَةُ رُجُوعِ الْوَصِيِّ عَنْ الْقَبُولِ) بِمَعْنَى عَدَمِ قَبُولِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي، وَإِلَّا فَهُوَ بَعْدَ الْقَبُولِ رُجُوعٌ حَقِيقَةً

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ صُدِّقَ الْوَصِيُّ) لَيْسَتْ هَذِهِ هِيَ الْمُتَقَدِّمَةَ فِي مَزْجِ الْمَتْنِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ (قَوْلُهُ: أَوْ تَرْكِ أَخْذٍ بِشُفْعَةٍ) لَعَلَّ فَائِدَةَ هَذَا أَنَّا إذَا صَدَّقْنَا الْوَلَدَ بَقِيَتْ شُفْعَتُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَى) أَيْ شَخْصٌ

ص: 109