الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ فِي الِاسْتِثْنَاءِ (يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ) لِوُقُوعِهِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَكَلَامِ الْعَرَبِ، وَهُوَ الْإِخْرَاجُ بِإِلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا، وَالْأَوَّلُ الْمُتَّصِلُ، وَالثَّانِي الْمُنْقَطِعُ، وَلَا دَخْلَ لَهَا هُنَا بَلْ إطْلَاقُ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَيْهِ مَجَازٌ، وَمِثْلُ الِاسْتِثْنَاءِ بَلْ يُسَمَّى اسْتِثْنَاءً شَرْعِيًّا التَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ فَكُلُّ مَا يَأْتِي مِنْ الشُّرُوطِ مَا عَدَا الِاسْتِغْرَاقَ عَامٌّ فِي النَّوْعَيْنِ (بِشَرْطِ اتِّصَالِهِ) بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عُرْفًا بِحَيْثُ يُعَدُّ كَلَامًا وَاحِدًا، وَاحْتَجَّ لَهُ الْأُصُولِيُّونَ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَعْتَدُّوا بِخِلَافِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِشُذُوذِهِ بِفَرْضِ صِحَّتِهِ عَنْهُ (وَلَا يَضُرُّ) فِي الِاتِّصَالِ (سَكْتَةُ تَنَفُّسٍ وَعِيٍّ) وَنَحْوُهُمَا كَعُرُوضِ عُطَاسٍ أَوْ سُعَالٍ وَالسُّكُوتُ لِلتَّذَكُّرِ كَمَا قَالَاهُ فِي الْأَيْمَانِ وَلَا يُنَافِيهِ اشْتِرَاطُ قَصْدِهِ قَبْلَ الْفَرَاغِ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُهُ إجْمَالًا ثُمَّ يَتَذَكَّرُ الْعَدَدَ الَّذِي يَسْتَثْنِيهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ يَسِيرٌ لَا يُعَدُّ فَاصِلًا عُرْفًا، بِخِلَافِ الْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ قَلَّ لَا مَا لَهُ بِهِ تَعَلُّقٌ وَقَدْ قَلَّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: لَوْ قَالَ أَنْتَ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا زَانِيَةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَعُلِمَ بِذَلِكَ مَا صَرَّحُوا بِهِ، وَهُوَ أَنَّ الِاتِّصَالَ هُنَا أَبْلَغُ مِنْهُ بَيْنَ إيجَابِ نَحْوِ الْبَيْعِ وَقَبُولِهِ، وَدَعْوَى أَنَّ مَا تَقَرَّرَ يَقْتَضِي كَوْنَهُ مِثْلَهُ مَمْنُوعٌ بَلْ لَوْ سَكَتَ ثُمَّ عَبَثَ عَبَثًا يَسِيرًا عُرْفًا لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ زَادَ عَلَى نَحْوِ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ بِخِلَافِ هُنَا، لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ بَيْنَ كَلَامِ اثْنَيْنِ مَا لَا يُحْتَمَلُ بَيْنَ كَلَامِ وَاحِدٍ.
(قُلْت: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ الِاسْتِثْنَاءَ) وَأُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَأَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ مَوْتِي كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ (قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ فِي الْأَصَحِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ رَافِعٌ لِبَعْضِ مَا سَبَقَ فَاحْتِيجَ قَصْدُهُ لِلرَّفْعِ، بِخِلَافِهِ بَعْدَ فَرَاغِ لَفْظِ الْيَمِينِ إجْمَاعًا عَلَى مَا حَكَاهُ جَمْعٌ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَرَنَتْ بِكُلِّهِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ، أَوْ بِأَوَّلِهِ فَقَطْ أَوْ آخِرِهِ فَقَطْ أَوْ أَثْنَائِهِ فَقَطْ فَيَصِحُّ كَمَا شَمِلَ ذَلِكَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَيَتَّجِهُ أَنْ يَأْتِيَ فِي الِاقْتِرَانِ هُنَا بِأَنْتِ مِنْ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً أَوْ إنْ دَخَلْت مَا مَرَّ فِي اقْتِرَانِهَا بِأَنْتِ مِنْ أَنْتِ بَائِنٌ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجْرِ الْخِلَافُ الْمَارُّ فِي نِيَّةِ الْكِنَايَةِ هُنَا لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ صَرِيحٌ فِي الرَّفْعِ فَكَفَى فِيهِ أَدْنَى إشْعَارٍ، بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ فَإِنَّهَا لِضَعْفِ دَلَالَتِهَا عَلَى الْوُقُوعِ تَحْتَاجُ إلَى مُؤَكِّدٍ أَقْوَى وَهُوَ اقْتِرَانُ النِّيَّةِ بِكُلِّ اللَّفْظِ عَلَى مَا مَرَّ، لَكِنْ مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ فِيمَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنَّهُ إنْ نَوَى ذَلِكَ أَثْنَاءَ الْكَلِمَةِ فَوَجْهَانِ كَمَا فِي نِيَّةِ الْكِنَايَةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَصْلٌ) فِي الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ تَحْقِيقًا، وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ تَقْدِيرًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَدْخُلُ لَهُ) أَيْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: بَلْ يُسَمَّى) أَيْ التَّعْلِيقُ (قَوْلُهُ: وَاحْتَجَّ لَهُ) أَيْ لِصِحَّتِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ: أَيْ السُّكُوتَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا ذَكَرَ يَسِيرٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ طَالَ نَحْوَ السُّعَالِ وَلَوْ قَهْرًا ضَرَّ، وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِلشَّارِحِ: نَعَمْ أَطْلَقُوا أَنَّهُ لَا يَضُرُّ عُرُوضُ سُعَالٍ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِالْخَفِيفِ عُرْفًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: يَا زَانِيَةُ) اُنْظُرْ وَجْهَ أَنَّ هَذَا بِهِ تَعَلُّقًا إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيَانُ عُذْرِهِ فِي تَطْلِيقِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَأُلْحِقَ بِهِ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءَ (قَوْلُهُ: كَأَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ مَوْتِي) أَيْ إذَا نَوَى أَنْ يَأْتِيَ بِذَلِكَ قَبْلَ فَرَاغِ طَالِقٍ (قَوْلُهُ: قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: إنْ أَخَّرَهُ وَإِلَّا فَقَبْلَ التَّلَفُّظِ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ.
وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُهُ بَلْ التَّلَفُّظُ بِهِ، وَلَوْ اشْتَرَطَ أَنْ يَقْصِدَ حَالَ الْإِتْيَانِ بِهِ أَنَّهُ اسْتَثْنَاهُ مِمَّا يَأْتِي لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاق]
فَصْلٌ) فِي الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَرَنَتْ بِكُلِّهِ) هَذِهِ الْمُخَالَفَةُ بِالنَّظَرِ لِمَا تَضَمَّنَتْهُ الْمُخَالَفَةُ قَبْلَهَا مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ الَّتِي هِيَ
يَقْتَضِي مَجِيءَ مَا مَرَّ فِي الْكِنَايَةِ هُنَا، لَكِنَّهُ يُشْكِلُ عَلَى صَنِيعِ الْمِنْهَاجِ حَيْثُ صَرَّحَ ثَمَّ بِاقْتِرَانِ نِيَّتِهَا بِكُلِّ اللَّفْظِ وَهُنَا بِاكْتِفَاءِ مُقَارَنَةِ النِّيَّةِ لِبَعْضِهِ، وَلَا مُخَلِّصَ عَنْ ذَلِكَ إلَّا بِمَا فَرَّقْنَا بِهِ، وَإِنَّمَا أَلْحَقَ مَا ذَكَرَا بِالْكِنَايَةِ لِأَنَّ الرَّفْعَ فِيهِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ مِثْلُهَا بِخِلَافِ مَا هُنَا.
(وَيُشْتَرَطُ) أَيْضًا أَنْ يَعْرِفَ مَعْنَاهُ وَلَوْ بِوَجْهٍ، وَأَنْ يَتَلَفَّظَ بِهِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ إنْ اعْتَدَلَ سَمْعُهُ وَلَا عَارِضَ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ، وَأَنْ لَا يُجْمَعَ مُفَرَّقٌ وَلَا يُفَرَّقَ مُجْتَمِعٌ فِي مُسْتَثْنًى أَوْ مُسْتَثْنًى مِنْهُ أَوْ فِيهِمَا لِأَجْلِ الِاسْتِغْرَاقِ أَوْ عَدَمِهِ وَ (عَدَمُ اسْتِغْرَاقِهِ) فَالْمُسْتَغْرَقُ كَ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ فَيَقَعُ الثَّلَاثُ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ إلَّا ثُلُثَ إلَّا رُبْعَ إلَّا سُدُسَ إلَّا ثُمُنَ طَلْقَةٍ فَثَلَاثٌ وَإِنْ قَصَدَ الِاسْتِثْنَاءَ بِشَرْطِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَبَعَّضُ، إذْ الْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ فَلَا يَقَعُ إلَّا ثُلُثَ طَلْقَةٍ فَيَقَعُ إلَّا رُبُعَ طَلْقَةٍ فَلَا يَقَعُ إلَّا سُدُسَ طَلْقَةٍ فَيَقَعُ إلَّا ثُمُنَ طَلْقَةٍ فَلَا يَقَعُ.
(وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ وَوَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ) لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ الْمُفَرَّقُ لِأَجْلِ الِاسْتِغْرَاقِ بَلْ يُفْرَدُ كُلٌّ بِحُكْمِهِ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْمُتَعَاطِفَاتِ، وَمِنْ ثَمَّ طَلُقَتْ غَيْرُ مَوْطُوءَةٍ فِي طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَاحِدَةً وَفِي طَلْقَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ، وَإِذَا لَمْ يُجْمَعْ الْمُفَرَّقُ كَانَ الْمَعْنَى إلَّا ثِنْتَيْنِ لَا يَقَعَانِ فَتَقَعُ وَاحِدَةً فَيَصِيرُ قَوْلُهُ وَاحِدَةٌ مُسْتَغْرِقًا فَيَبْطُلُ وَتَقَعُ وَاحِدَةً (وَقِيلَ ثَلَاثٌ) بِنَاءً عَلَى الْجَمْعِ فَيَكُونُ مُسْتَغْرِقًا فَيَبْطُلُ مِنْ أَصْلِهِ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً)(فَثَلَاثٌ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُجْمَعْ لِأَجْلِ عَدَمِ الِاسْتِغْرَاقِ كَانَتْ الْوَاحِدَةُ مُسْتَثْنَاةً مِنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ سم إنْ أَخَّرَهُ: أَيْ الِاسْتِثْنَاءَ عَنْ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي مَجِيءَ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِمَا فَرَّقْنَا بِهِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا أَلْحَقَ مَا ذَكَرَاهُ: أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الرَّفْعَ فِيهِ: أَيْ مَا ذَكَرَاهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّعْلِيقِ الَّذِي سَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاسْتِثْنَاءِ فِيمَا عَدَا الِاسْتِغْرَاقِ مِنْ الشَّرْطِ عَدَمُ الْقَبُولِ ظَاهِرًا فِي نَحْوِ إنْ دَخَلْت أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ لِمَا يَأْتِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى إرَادَةَ ذَلِكَ دُيِّنَ وَذَلِكَ لِأَنَّ عَدَمَ الْإِسْمَاعِ الْمَذْكُورِ مَعَ الْإِرَادَةِ إذْ الْفَرْضُ وُجُودُهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْ مُجَرَّدِ الْإِرَادَةِ إذْ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ: أَيْ ظَاهِرًا وَيُدَيَّنُ، وَمِثْلُهُ فِي هَذَا الشَّرْطِ إسْمَاعُ الْغَيْرِ التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ، بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ بِصِفَةٍ أُخْرَى نَحْوَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إسْمَاعُ الْغَيْرِ، حَتَّى لَوْ قَالَ قُلْت إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْكَرَتْ صَدَقَ بِيَمِينِهِ. قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّعْلِيقِ بِالصِّفَةِ وَبَيْنَهُ بِالْمَشِيئَةِ وَبَيْنَ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالصِّفَةِ لَيْسَ رَافِعًا لِلطَّلَاقِ بَلْ مُخَصِّصٌ لَهُ، بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ وَالِاسْتِثْنَاءِ فَإِنَّ مَا ادَّعَاهُ فِيهِمَا رَافِعٌ لِلطَّلَاقِ مِنْ أَصْلِهِ، ثُمَّ مَحَلُّ عَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ فِي الْمَشِيئَةِ وَالِاسْتِثْنَاءِ إذَا أَنْكَرَتْهُمَا الْمَرْأَةُ وَحَلَفَتْ، بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى سَمَاعَهَا فَأَنْكَرَتْهُ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مُجَرَّدَ إنْكَارِ السَّمَاعِ لَا يَسْتَدْعِي عَدَمَ الْقَوْلِ مِنْ أَصْلِهِ وَمِثْلُ مَا قِيلَ فِي الْمَرْأَةِ يَأْتِي فِي الشُّهُودِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَجْمَعَ مُفَرَّقٍ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقِيلَ ثَلَاثٌ بِنَاءً
ــ
[حاشية الرشيدي]
مَفْهُومُ الْمَتْنِ فَهْده الْمُخَالَفَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ مَنْطُوقُ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا مُخَلِّصَ عَنْ ذَلِكَ إلَّا بِمَا فَرَّقْنَا بِهِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: قَدْ يُقَالُ عَنْهُ مُخَلِّصٌ أَيْضًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا أُلْحِقَ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ، عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ قَبْلَ فَرَاغٍ لَيْسَ صَرِيحًا فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْمُقَارَنَةِ لِلْبَعْضِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ قَبْلَ الْفَرَاغِ صَادِقَةٌ بِالْمُقَارَنَةِ لِلْجَمِيعِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهَا تَصْدُقُ أَيْضًا بِالْبَعْضِ فَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ الْمُقَارَنَةَ لِلْجَمِيعِ وَيَكُونُ التَّقْيِيدُ بِقَبْلِ الْفَرَاغِ لِمُجَرَّدِ الِاحْتِرَازِ عَمَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ لَا لِقَصْدِ شُمُولِهِ الْمُقَارَنَةَ لِلْبَعْضِ فَقَطْ، فَقَوْلُهُ وَهُنَا بِاكْتِفَاءٍ: أَيْ وَصَرَّحَ هُنَا بِاكْتِفَاءٍ إلَخْ مَمْنُوعٌ مَنْعًا لَا شُبْهَةَ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ) أَيْ ظَاهِرًا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِلَمْ يُقْبَلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ تَعَلُّقِ
الْوَاحِدَةِ وَهُوَ مُسْتَغْرِقٌ فَيَبْطُلُ وَتَقَعُ الثَّلَاثُ (وَقِيلَ ثِنْتَانِ) بِنَاءً عَلَى الْجَمْعِ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَمِنْ الْمُسْتَغْرِقِ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ غَيْرَك وَلَا امْرَأَةَ لَهُ سِوَاهَا كَمَا صَرَّحَ السُّبْكِيُّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَّرَ طَالِقٌ عَنْ غَيْرَ فَلَا يَقَعُ عِنْدَ قَصْدِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَمِثْلُهُ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي سِوَى الَّتِي فِي الْمَقَابِرِ طَالِقٌ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْحَالَيْنِ بَيْنَ نَصْبِ غَيْرَ أَوْ لَا وَلَا بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ وَلَا بَيْنَ غَيْرِ وَسِوَى، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَا تَطْلُقِي وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا لَا وَاحِدَةَ وَقَصَدَ بِذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءَ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وُقُوعُ طَلْقَتَيْنِ فَقَطْ، وَأَشْعَرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِصِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ.
وَلَا يَرِدُ عَلَى بُطْلَانِ الْمُسْتَغْرِقِ صِحَّةُ نَحْوِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ حَيْثُ رَفَعَتْ الْمَشِيئَةُ جَمِيعَ مَا أَوْقَعَهُ وَهُوَ مَعْنَى الِاسْتِغْرَاقِ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِالنَّصِّ فَبَقِيَ غَيْرُهُ عَلَى الْأَصْلِ، وَيَصِحُّ تَقْدِيمُ الْمُسْتَثْنَى عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَأَنْتِ إلَّا وَاحِدَةً طَالِقٌ ثَلَاثًا.
(وَهُوَ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءُ بِنَحْوِ إلَّا (مِنْ نَفْيِ إثْبَاتٍ وَعَكْسِهِ) أَيْ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه فِيهِمَا، وَسَيَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ قَاعِدَةٌ مُهِمَّةٌ فِي نَحْوِ لَا أَطَؤُك سَنَةً إلَّا مَرَّةً وَلَا أَشْكُوهُ إلَّا مِنْ حَاكِمِ الشَّرْعِ وَلَا أَبِيتُ إلَّا لَيْلَةً حَاصِلُهَا عَدَمُ الْوُقُوعِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَلَى الْجَمْعِ
(قَوْلُهُ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ غَيْرَك) قَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ عَدَمُ الْقَبُولِ فِيمَا لَوْ أَخَّرَ غَيْرَ سَوَاءٌ أَقَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الصِّفَةِ أَمْ لَا، وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ خِلَافُهُ، وَفِي حَجّ هُنَا مَا نَصُّهُ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ: وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ تَرْجِيحُهُ أَنَّهُ يَقَعُ مَا لَمْ يُرِدْ أَنَّ غَيْرَك صِفَةٌ أُخِّرَتْ مِنْ تَقْدِيمٍ وَهُوَ مُرَادُ الْقَفَّالِ بِإِرَادَةِ الشَّرْطِ أَوْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَتِهَا كَأَنْ خَاطَبَتْهُ بِ تَزَوَّجْت عَلَيَّ فَقَالَ كُلٌّ إلَخْ، وَيُوَجَّهُ ذَلِكَ بِأَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ الِاسْتِثْنَاءُ فَأَوْقَعْنَا بِهِ قَصْدَ الِاسْتِثْنَاءِ أَوْ أَطْلَقَ لِأَنَّهُ حَيْثُ لَا قَصْدَ لِلصِّفَةِ وَلَا قَرِينَةَ لَمْ يُعَارِضْ ذَلِكَ الظَّاهِرَ شَيْءٌ اهـ (قَوْلُهُ: سِوَاهَا) أَيْ فَيَقَعُ عَلَيْهِ مَا تَلَفَّظَ بِهِ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ غَيْرُهَا لَمْ تَطْلُقْ الْمُخَاطَبَةُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ لَا وُقُوعَ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَسْتَغْرِقْ (قَوْلُهُ: سِوَى الَّتِي فِي الْمَقَابِرِ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَأَشْعَرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ) أَشَارَ بِهِ إلَى رَدِّ مَا قِيلَ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُخْرَجُ أَكْثَرَ مِنْ الْبَاقِي (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ تَقْدِيمُ الْمُسْتَثْنَى) أَيْ وَفِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِ سم قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ) لَمْ يَذْكُرْهَا ثَمَّ (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ لَا أَطَؤُك) أَيْ وَتَرَكَ الْوَطْءَ مُطْلَقًا، وَكَذَا الْبَاقِي اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ حَاصِلُهَا عَدَمُ الْوُقُوعِ) أَيْ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْمَنْعِ الْمُقَدَّرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَمْنَعُ نَفْسِي مِنْ وَطْئِك سَنَةً إلَّا مَرَّةً فَلَا أَمْنَعُ نَفْسِي مِنْهَا بَلْ أَكُونُ عَلَى الْخِيَارِ، وَهَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ فَلَا تَطْلُقُ) يَنْبَغِي مُرَاجَعَةُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُشْكَلٌ، لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ هَذَا التَّصْوِيرِ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ عَلَى انْتِفَاءِ مَا عَدَا الْعَشَرَةَ عَنْ الْكَيِّسِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ فَقَدْ تَحَقَّقَ هَذَا الِانْتِفَاءُ فَلْيَقَعْ الطَّلَاقُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
هَذِهِ بِمَا نَحْنُ فِيهِ
(قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمُسْتَغْرِقِ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ إلَخْ) النُّسَخُ هُنَا مُخْتَلِفَةٌ وَفِي كُلِّهَا خَلَلٌ.
وَحَاصِلُ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْعَلَّامَةُ حَجّ أَنَّهُ إنْ قَدِمَ غَيْرُكِ عَلَيَّ طَالِقٌ لَا يَقَعُ إلَّا إنْ قَصَدَ الِاسْتِثْنَاءَ سَوَاءٌ قَصَدَ الصِّفَةَ أَوْ أَطْلَقَ، وَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْهُ وَقَعَ إلَّا إنْ قَصَدَ أَنَّهُ صِفَةٌ أُخِّرَتْ مِنْ تَقْدِيمٍ سَوَاءٌ قَصَدَ الِاسْتِثْنَاءَ أَوْ أَطْلَقَ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: سِوَى الَّتِي فِي الْمَقَابِرِ) أَيْ وَهِيَ حَيَّةٌ، وَأَصْلُ ذَلِكَ كَلَامُ الْخُوَارِزْمِيَّ وَعِبَارَتُهُ: خَطَبَ امْرَأَةً فَامْتَنَعَتْ؛ لِأَنَّهُ مُتَزَوِّجٌ، فَوَضَعَ امْرَأَتَهُ فِي الْمَقَابِرِ ثُمَّ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي سِوَى الَّتِي فِي الْمَقَابِرِ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقُ
(قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ) تَبِعَ حَجّ فِي هَذِهِ الْإِحَالَةِ وَلَمْ يَتْبَعْهُ فِي ذِكْرِ الْقَاعِدَةِ فِي الْإِيلَاءِ (قَوْلُهُ: حَاصِلُهَا عَدَمُ الْوُقُوعِ) أَيْ بِتَرْكِ
وَمِنْهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكِيسِ إلَّا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ فَلَا تَطْلُقُ.
وَوَقَعَ السُّؤَالُ كَثِيرًا عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا إلَّا فِي شَرٍّ ثُمَّ تَخَاصَمَا وَكَلَّمَهُ فِي شَرٍّ هَلْ يَحْنَثُ إذَا كَلَّمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي خَيْرٍ؟ وَاَلَّذِي أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَدَمُ الْحِنْثِ بِكَلَامِهِ فِي الْخَيْرِ بَعْدَ كَلَامِهِ لَهُ فِي الشَّرِّ لِانْحِلَالِ يَمِينِهِ بِكَلَامِهِ الْأَوَّلِ، إذْ لَيْسَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَيَّدَهَا بِكَلَامٍ وَاحِدٍ، وَلِأَنَّ لِهَذِهِ الْيَمِينِ جِهَةُ بِرٍّ وَهِيَ كَلَامُهُ فِي الشَّرِّ وَجِهَةُ حِنْثٍ وَهِيَ كَلَامُهُ فِي غَيْرِهِ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَقْتَضِي النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ جَمِيعًا، وَإِذَا كَانَ لَهَا جِهَتَانِ وَوُجِدَتْ إحْدَاهُمَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِدَلِيلِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الْيَوْمَ الدَّارَ أَوْ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ الدَّارَ فِي الْيَوْمِ بَرَّ، وَإِنْ تَرَكَ أَكْلَ الرَّغِيفِ وَإِنْ أَكَلَهُ بَرَّ وَإِنْ دَخَلَ الدَّارَ، وَلَيْسَ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت لَابِسَةً حَرِيرٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَخَرَجَتْ غَيْرَ لَابِسَةٍ لَهُ لَا تَنْحَلُّ حَتَّى يَحْنَثَ بِالْخُرُوجِ ثَانِيًا لَابِسَةً لَهُ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَى جِهَتَيْنِ، وَإِنَّمَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِخُرُوجٍ مُقَيَّدٍ، فَإِذَا وُجِدَ وَقَعَ.
(فَلَوْ قَالَ ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ إلَّا طَلْقَةً فَثِنْتَانِ) لِأَنَّ الْمَعْنَى ثَلَاثًا يَقَعْنَ إلَّا ثِنْتَيْنِ لَا تَقَعَانِ إلَّا وَاحِدَةً فَتَقَعُ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ)(فَثِنْتَانِ) لِأَنَّهُ لَمَّا عَقَّبَ الْمُسْتَغْرِقَ بِغَيْرِهِ خَرَجَ عَنْ الِاسْتِغْرَاقِ، نَظَرًا لِلْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ: أَيْ ثَلَاثًا تَقَعُ إلَّا ثَلَاثًا لَا تَقَعُ إلَّا ثِنْتَيْنِ تَقَعَانِ (وَقِيلَ ثَلَاثٌ) لِأَنَّ الْمُسْتَغْرَقَ لَغْوٌ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَوَقَعَ السُّؤَالُ كَثِيرًا عَمَّنْ حَلَفَ إلَخْ) وَفِي لَا أَفْعَلُهُ إلَّا إنْ جَاءَ وَلَدِي مِنْ سَفَرِهِ فَمَاتَ وَلَدُهُ قَبْلَ مَجِيئِهِ ثُمَّ فَعَلَهُ تَرَدُّدٌ، وَسَيَأْتِي فِي تِلْكَ الْقَاعِدَةِ أَنَّ الثَّابِتَ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ هُوَ نَقِيضُ الْمَلْفُوظِ بِهِ قَبْلَهُ، وَاَلَّذِي قَبْلَهُ هُنَا الِامْتِنَاعُ مُطْلَقًا وَنَقِيضُهُ التَّخْيِيرُ بَعْدَ مَجِيءِ الْوَلَدِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَعَدَمِهِ، فَإِذَا انْتَفَى مَجِيئُهُ بَقِيَ الِامْتِنَاعُ عَلَى حَالِهِ، وَقَضِيَّتُهُ حِنْثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ مُطْلَقًا.
وَأَمَّا إفْتَاءُ بَعْضِهِمْ فِي هَذِهِ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ أَعْلَمَ وَلَدَهُ بِالْيَمِينِ وَمَاتَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْمَجِيءِ لَمْ يَقَعْ وَإِلَّا وَقَعَ فَبَعِيدٌ جِدًّا بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ اهـ حَجّ.
وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ فِي شَخْصٍ حَلَفَ لَا يُسَافِرُ إلَّا مَعَ زَيْدٍ فَمَاتَ زَيْدٌ وَآخَرُ حَلَفَ أَنْ لَا يُسَافِرَ إلَّا فِي مَرْكَبِ فُلَانٍ فَانْكَسَرَتْ مَرْكَبُهُ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا فَقَضِيَّتُهُ الْحِنْثُ إذَا سَافَرَ بَعْدَ مَوْتِ زَيْدٍ أَوْ فِي غَيْرِ الْمَرْكَبِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ) بِأَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ مَعَ الْعَطْفِ بِأَوْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَرَكَ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ فَإِذَا وُجِدَ وَقَعَ) وَأَمَّا إنْ خَرَجَتْ غَيْرَ لَابِسَةٍ حَرِيرٍ فَخَرَجَتْ لَابِسَةً لَهُ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ الِانْحِلَالُ لِاشْتِمَالِ يَمِينِهِ عَلَى جِهَتَيْنِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ، وَفِي حَجّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي فَخَرَجَتْ بِإِذْنِهِ ثُمَّ بِغَيْرِ إذْنِهِ انْحَلَّتْ بِالْخُرُوجِ الْأَوَّلِ فَلَا يَحْنَثُ بِخُرُوجِهَا ثَانِيًا بِغَيْرِ إذْنِهِ اهـ.
وَهِيَ تُؤَيِّدُ الِانْحِلَالَ.
[فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: تَكُونِي طَالِقًا ثَلَاثًا لَوْلَا أَخْشَى اللَّهَ لَكَسَرْت رَقَبَتَك، هَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ الْوُقُوعِ لِأَنَّ تَكُونِي طَالِقًا لَيْسَتْ صِيغَةَ طَلَاقٍ بَلْ هِيَ إخْبَارٌ بِأَنَّهَا تَكُونُ طَالِقًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَالْقَائِلُ ذَلِكَ لَمْ يُرِدْ هَذَا الْمَعْنَى وَإِنَّمَا يُرَادُ بِمِثْلِهِ عِنْدَهُمْ مَعْنَى الْحَلِفِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا لَوْلَا أَخْشَى اللَّهَ إلَخْ، فَالْمَعْنَى أَنَّهُ إنَّمَا مَنَعَهُ مِنْ كَسْرِ رَقَبَتِهَا خَشْيَةُ اللَّهِ عز وجل وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فَلَا وُقُوعَ.
(قَوْلُهُ: إلَّا وَاحِدَةً فَتَقَعُ) أَيْ لِأَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْمُسْتَثْنَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: نَظَرًا لِلْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْوَطْءِ أَوْ الشِّكَايَةِ أَوْ الْمَبِيتِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكِيسِ إلَّا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: يَنْبَغِي مُرَاجَعَةُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ هَذَا التَّصْوِيرِ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ عَلَى انْتِفَاءِ مَا عَدَا الْعَشَرَةَ عَنْ الْكِيسِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ فَقَدْ تَحَقَّقَ هَذَا الِانْتِفَاءُ فَلْيَقَعْ الطَّلَاقُ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.
وَمَا بَعْدَهُ (وَقِيلَ طَلْقَةٌ) إلْغَاءٌ لِلْمُسْتَغْرَقِ وَحْدَهُ، أَوْ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ وَوَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ، أَوْ إلَّا وَاحِدَةً وَاثْنَتَيْنِ فَثِنْتَانِ، أَوْ طَلْقَتَيْنِ وَطَلْقَةً إلَّا طَلْقَةً فَثَلَاثٌ، أَوْ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ، وَكَذَا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ حُرُوفُ الْعَطْفِ كَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً ثُمَّ وَاحِدَةً بَلْ وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً فَثَلَاثٌ، أَوْ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً فَثَلَاثٌ، أَوْ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا اثْنَتَيْنِ فَوَاحِدَةٌ، أَوْ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً ثِنْتَانِ عَلَى الْأَصَحِّ إلْغَاءٌ لِلِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي فَقَطْ لِحُصُولِ الِاسْتِغْرَاقِ بِهِ، وَقِيلَ ثَلَاثٍ أَوْ ثِنْتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ كَمَا اسْتَوْجَهَهُ الشَّيْخُ، وَقِيلَ ثِنْتَانِ أَوْ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً فَوَاحِدَةً فِيمَا يَظْهَرُ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (خَمْسًا إلَّا ثَلَاثًا)(فَثِنْتَانِ) اعْتِبَارًا لِلِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْمَلْفُوظِ لِأَنَّهُ لَفْظٌ فَأُتْبِعَ بِهِ مُوجِبُ اللَّفْظِ (وَقِيلَ ثَلَاثٌ) اعْتِبَارًا لَهُ بِالْمَمْلُوكِ فَيَكُونُ مُسْتَغْرَقًا فَيَبْطُلُ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ) أَوْ إلَّا أَقَلَّ الطَّلَاقِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ كَمَا فِي الِاسْتِقْصَاءِ (فَثَلَاثٌ عَلَى الصَّحِيحِ) تَكْمِيلًا لِلنِّصْفِ الْبَاقِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَلَمْ يَعْكِسْ، لِأَنَّ التَّكْمِيلَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْإِيقَاعِ تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ.
وَالثَّانِي يَقَعُ ثِنْتَانِ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَالْقِيَاسُ وُقُوعُ طَلْقَةٍ أَوْ طَلْقَةً وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً وَنِصْفًا، قَالَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْعَصْرِ: الْقِيَاسُ وُقُوعُ طَلْقَةٍ لِأَنَّا نُكْمِلُ النِّصْفَ فِي طَرَفِ الْإِيقَاعِ فَتَصِيرُ طَلْقَتَيْنِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْهُمَا طَلْقَةً وَنِصْفًا فَبَقِيَ نِصْفُ طَلْقَةٍ، ثُمَّ يَكْمُلُ الْإِيقَاعُ فَبَقِيَ طَلْقَةٌ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَأَوْقَعَ ثِنْتَيْنِ، لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ عِنْدَهُ يَصِيرُ مُسْتَغْرِقًا فَإِنَّهُ أَوْقَعَ طَلْقَةً وَنِصْفًا كَمَّلْنَا ذَلِكَ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ رَفَعَ طَلْقَةً وَنِصْفًا ثُمَّ كَمَّلْنَا ذَلِكَ طَلْقَتَيْنِ فِي الرَّفْعِ فَقَدْ اسْتَثْنَى ثِنْتَيْنِ مِنْ مِثْلِهِمَا وَهُوَ بَاطِلٌ فَوَقَعَ ثِنْتَانِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي لَفْظِهِ صُورَتُهُ صُورَةُ الْمُسْتَغْرِقِ فَقَوَّى فِيهِ جَانِبَ الِاسْتِغْرَاقِ، هَذَا وَالْأَوْجَهُ وُقُوعُ وَاحِدَةٍ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَا، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ لَا، بِإِسْكَانِ الْوَاوِ فِيهِمَا لَمْ يَقَعْ بِهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ اسْتِفْهَامٌ لَا إيقَاعٌ فَأَشْبَهَ هَلْ أَنْتِ طَالِقٌ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِأَنْتِ طَالِقٌ إنْشَاءَ الطَّلَاقِ فَتَطْلُقُ، وَلَا يُؤَثِّرُ قَوْلُهُ حِينَئِذٍ أَوْ لَا، فَإِنْ شَدَّدَ الْوَاوَ وَهُوَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ طَلُقَتْ، لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ فِي أَوَّلِ الطَّلَاقِ، أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً لَا تَقَعُ عَلَيْك، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لَا فَوَاحِدَةٌ أَوْ أَنْتِ بَائِنٌ إلَّا بَائِنًا، أَوْ إلَّا طَالِقًا وَنَوَى بِبَائِنٍ الثَّلَاثَ وَقَعَ طَلْقَتَانِ.
(وَلَوْ)(قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ) أَوْ إذَا أَوْ مَتَى مَثَلًا (شَاءَ اللَّهُ) أَوْ أَرَادَ أَوْ رَضِيَ أَوْ أَحَبَّ أَوْ اخْتَارَ (أَوْ) أَنْتِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مِنْ نَفْيِ إثْبَاتٍ وَعَكْسِهِ (قَوْلُهُ: فَثَلَاثٌ عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ فَإِنْ نَوَى بِأَقَلِّ الطَّلَاقِ فِي إلَّا أَقَلَّ الطَّلَاقِ وَاحِدَةٌ فَثِنْتَانِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ وُقُوعُ وَاحِدَةٍ) لَكِنْ يُشْكِلُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يَجْمَعُ الْفَرْقُ فِي الْمُسْتَثْنَى وَلَا فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَلَا فِيهِمَا، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدَةٍ يَقْتَضِي الْجَمْعَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ دُونَ الْمُسْتَثْنَى.
وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مَحَلَّ امْتِنَاعِ الْجَمْعِ إذَا أَدَّى جَمْعُ الْمُفَرَّقِ إلَى اسْتِغْرَاقٍ وَهَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً وَاحِدَةً وَقَعَ كَمَا أَوْقَعَ وَجُبِرَ الْكَسْرُ عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ التَّكْمِيلِ فِي جَانِبِ الْإِيقَاعِ، وَعِنْدَ الِاسْتِثْنَاءِ صَحَّحَ اسْتِثْنَاءَ الْوَاحِدَةِ وَأَلْغَى اسْتِثْنَاءَ النِّصْفِ فَوَقَعَتْ وَاحِدَةً لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى اسْتَثْنَى طَلْقَةً مِنْ اثْنَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَهُوَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ طَلُقَتْ) أَيْ وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: أَوْ إلَّا طَالِقًا وَنَوَى) أَيْ فِي بَائِنًا أَصْلَ الطَّلَاقِ، فَإِنْ نَوَى عَدَدًا وَاسْتَثْنَى مِنْهُ فَالظَّاهِرُ صِحَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ، فَلَوْ قَالَ أَنْت بَائِنٌ وَنَوَى ثَلَاثًا إلَّا بَائِنًا وَنَوَى وَاحِدَةً أَوْ قَالَ إلَّا طَالِقًا وَقَعَ ثِنْتَانِ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى وَاحِدَةً
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَوْ ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَخْ) إلَى قَوْلِهِ أَوْ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ فُرُوعِ قَاعِدَةِ الِاسْتِغْرَاقِ وَعَدَمِهِ الْمَارَّةِ، عَلَى أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ الْأُولَى تَقَدَّمَتْ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ) اُنْظُرْ مَفْهُومَ
طَالِقٌ (إنْ) أَوْ إذَا مَثَلًا (لَمْ يَشَأْ اللَّهُ وَقَصَدَ التَّعْلِيقَ) بِالْمَشِيئَةِ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُمَا وَأَسْمَعَ نَفْسَهُ كَمَا مَرَّ (لَمْ يَقَعْ) أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «مَنْ حَلَفَ ثُمَّ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدْ اسْتَثْنَى» وَهُوَ عَامٌّ لِلطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ، وَخَرَجَ بِقَصْدِ التَّعْلِيقِ مَا إذَا سَبَقَ لِسَانُهُ أَوْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ، أَوْ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَمْ لَا، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَكَوْنُ اللَّفْظِ لِلتَّعْلِيقِ لَا يُنَافِي اشْتِرَاطَ قَصْدِهِ كَمَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لِلْإِخْرَاجِ فَاشْتَرَطَ فِيهِ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِنْ لَمْ يَشَأْ أَوْ شَاءَ أَوْ لَمْ يَشَأْ أَوْ إنْ شَاءَ أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ طَلُقَتْ (وَكَذَا يَمْنَعُ) التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ (انْعِقَادُ تَعْلِيقٍ) كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ لِعُمُومِ الْخَبَرِ السَّابِقِ وَكَالتَّنْجِيزِ بَلْ أَوْلَى (وَعِتْقٌ) تَنْجِيزًا أَوْ تَعْلِيقًا (وَيَمِينٌ) كَ وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ (وَنَذْرٌ) كَعَلَيَّ كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ (وَكُلُّ تَصَرُّفٍ) غَيْرُ مَا ذُكِرَ مِنْ حَلٍّ وَعَقْدٍ وَإِقْرَارٍ وَنِيَّةِ عِبَادَةٍ، وَلَوْ قَدَّمَ التَّعْلِيقَ عَلَى الْمُعَلَّقَ بِهِ كَانَ كَتَأْخِيرِهِ عَنْهَا كَإِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْتِ طَالِقٌ، وَلَوْ فَتَحَ هَمْزَةَ إنْ أَوْ أَبْدَلَهَا بِ إذْ أَوْ بِمَا كَأَنْتِ طَالِقٌ أَنْ شَاءَ اللَّهُ طَلُقَتْ طَلْقَةً وَاحِدَةً سَوَاءٌ النَّحْوِيُّ فِي الْأَوَّلِ وَغَيْرُهُ.
(وَلَوْ قَالَ يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَعَ الْأَصَحُّ) لِأَنَّ النِّدَاءَ يَقْتَضِي تَحَقُّقَ الِاسْمِ أَوْ الصِّفَةِ حَالَ النِّدَاءِ، وَلَا يُقَالُ فِي الْحَاصِلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِذْ وَمَا شَاءَ اللَّهُ بِخِلَافِ أَنْتِ كَذَا فَإِنَّهُ قَدْ يُسْتَعْمَلُ لِلْقُرْبِ مِنْ الشَّيْءِ وَتَوَقُّعِ الْحُصُولِ، كَمَا يُقَالُ لِلْقَرِيبِ مِنْ الْوُصُولِ أَنْتَ وَاصِلٌ وَلِلْمَرِيضِ الْمُتَوَقَّعِ شِفَاؤُهُ قَرِيبًا أَنْتَ صَحِيحٌ فَيَنْتَظِمُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي مِثْلِهِ وَفِي يَا طَالِقُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ يَرْجِعُ الِاسْتِثْنَاءُ لِغَيْرِ النِّدَاءِ فَتَقَعُ وَاحِدَةً.
قَالَ الْقَاضِي: وَمَحَلُّ ذَلِكَ كُلِّهِ فِيمَنْ لَيْسَ اسْمُهَا طَالِقًا وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَيْ مَا لَمْ يَقْصِدْ الطَّلَاقَ.
(أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فَلَا) يَقَعُ شَيْءٌ (فِي الْأَصَحِّ) إذْ الْمَعْنَى إلَّا أَنْ يَشَاءَ عَدَمَ تَطْلِيقِك وَلَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَى ذَلِكَ نَظِيرُ مَا مَرَّ. وَالثَّانِي يَقَعُ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ وَجَعَلَ الْمُخَلِّصَ عَنْهُ الْمَشِيئَةَ وَهِيَ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ فَلَا يَحْصُلُ الْخَلَاصُ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا أَطْلَقَ، فَإِنْ ذَكَرَ شَيْئًا اُعْتُمِدَ قَوْلُهُ، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مِنْ ثَلَاثٍ
(قَوْلُهُ: أَمَّا فِي الْأَوَّلِ إلَخْ) قَالَ حَجّ: وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِاسْتِحَالَةِ الْوُقُوعِ بِخِلَافِ مَشِيئَةِ اللَّهِ، وَلِأَنَّ عَدَمَ الْمَشِيئَةِ غَيْرُ مَعْلُومٍ أَيْضًا اهـ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَامٌّ لِلطَّلَاقِ) أَيْ شَامِلٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ طَلَّقَ) أَيْ فَيَقَعُ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَاشْتَرَطَ فِيهِ ذَلِكَ) أَيْ نِيَّةُ الْإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ: فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ طَلُقَتْ) أَيْ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ وُجِدَتْ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ النَّحْوِيُّ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمَتْنِ فِي فَصْلِ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا قُلْت إلَّا فِي غَيْرِ نَحْوِيٍّ فَتَعْلِيقٌ إلَخْ، ثُمَّ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ هُنَا سَوَاءٌ النَّحْوِيُّ فِي الْأَوَّلِ وَغَيْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُفَرَّقُ فِي غَيْرِ الْأَوَّلِ بَيْنَهُمَا فَلْيُرَاجَعْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا قُيِّدَ بِالْأَوَّلِ لِأَنَّ تَوَهُّمَ الْفَرْقِ فِيهِ قَرِيبٌ لِاتِّحَادِ حَرْفَيْ الْمَفْتُوحَةِ وَالْمَكْسُورَةِ فَنَصَّ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْأَخِيرَيْنِ فَإِنَّ عَدَمَ تَوَهُّمِ الْفَرْقِ بَعِيدٌ فَلَمْ يَحْتَجْ لِلتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ ذَكَرَ شَيْئًا اُعْتُمِدَ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالشَّيْءِ الَّذِي إذَا ذَكَرَهُ اُعْتُمِدَ قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ فَرْقٌ بَيْنَ تَوْجِيهِي الْأَصَحَّ وَمُقَابِلِهِ فِي أَنَّ الْمَعْنَى إلَّا أَنْ يَشَاءَ عَدَمَ طَلَاقِك، وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْأَصَحَّ يَقُولُ: لَمَّا كَانَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا عَلَى عَدَمِ الْمَشِيئَةِ وَلَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهَا مَنَعْنَا الْوُقُوعَ لِلشَّكِّ فِيهِ، وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ صَرِيحٌ فِي الْوُقُوعِ، وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَفْعٌ لَهُ وَلَمْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
هَذَا الْقَيْدِ
(قَوْلُهُ: أَمَّا فِي الْأَوَّلِ إلَخْ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِلشِّهَابِ حَجّ لَكِنَّهُ أَغْفَلَ الثَّانِيَ، وَالشِّهَابُ الْمَذْكُورُ ذَكَرَهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِاسْتِحَالَةِ الْوُقُوعِ بِخِلَافِ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِأَنَّ عَدَمَ الْمَشِيئَةِ غَيْرُ مَعْلُومٍ أَيْضًا
(قَوْلُهُ: نَظِيرَ مَا مَرَّ) هُوَ إحَالَةٌ عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ.