الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ادَّعَى إذْنَهَا نُطْقًا، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَنْكُوحَةِ صُدِّقَ كُلٌّ فِيمَا نَفَاهُ بِيَمِينِهِ، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ تَزَوَّجْتُكُمَا بِأَلْفٍ فَقَالَتْ إحْدَاهُمَا: بَلْ أَنَا فَقَطْ بِأَلْفٍ تَحَالَفَا، وَأَمَّا الْأُخْرَى فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي نَفْيِ النِّكَاحِ وَإِنْ أَصْدَقَهَا جَارِيَةً ثُمَّ وَطِئَهَا عَالِمًا بِالْحَالِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يُحَدَّ لِشُبْهَةِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّهَا هَلْ تَمْلِكُ قَبْلَ الدُّخُولِ جَمِيعَ الصَّدَاقِ أَوْ نِصْفَهُ فَقَطْ، وَعَلَّلَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِذَلِكَ وَبِأَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَخْفَى مِثْلُ ذَلِكَ عَلَى الْعَوَامّ، ثُمَّ بَنَى عَلَيْهِمَا مَا لَوْ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهَا تَمْلِكُ جَمِيعَ الصَّدَاقِ بِالْعَقْدِ فَعَلَى الثَّانِي يُحَدُّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ، أَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ حُدَّ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى جَهْلِ مِلْكِهَا لِلْجَارِيَةِ بِالدُّخُولِ إلَّا مِنْ قَرِيبِ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ مِمَّنْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ.
مِنْ الْوَلْمِ وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ، وَهِيَ أَعْنِي الْوَلِيمَةَ اسْمٌ لِكُلِّ دَعْوَةٍ أَوْ طَعَامٍ يُتَّخَذُ لِحَادِثِ سُرُورٍ أَوْ غَيْرِهِ، لَكِنْ اسْتِعْمَالُهَا مُطْلَقَةً فِي الْعُرْسِ أَشْهَرُ وَفِي غَيْرِهِ مُقَيَّدَةٌ فَيُقَالُ وَلِيمَةُ خِتَانٍ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ رحمه الله: إنَّ مَحَلَّ نَدْبِ وَلِيمَةِ الْخِتَانِ فِي حَقِّ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ لِأَنَّهُ يُخْفَى وَيُسْتَحْيَا مِنْ إظْهَارِهِ، لَكِنْ الْأَوْجَهُ اسْتِحْبَابُهُ فِيمَا بَيْنَهُنَّ خَاصَّةً، وَأَطْلَقُوا نَدْبَهَا لِلْقُدُومِ مِنْ السَّفَرِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي السَّفَرِ الطَّوِيلِ لِقَضَاءِ الْعُرْفِ بِهِ، أَمَّا مَنْ غَابَ يَوْمًا أَوْ أَيَّامًا يَسِيرَةٍ إلَى بَعْضِ النَّوَاحِي الْقَرِيبَةِ فَكَالْحَاضِرِ (وَلِيمَةُ الْعُرْسِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ مَعَ ضَمِّ الرَّاءِ وَإِسْكَانِهَا (سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ بَلْ هِيَ آكَدُ الْوَلَائِمِ لِثُبُوتِهَا عَنْهُ صلى الله عليه وسلم قَوْلًا وَفِعْلًا فَفِي الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَوْلَمَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ» «وَأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ وَأَقِطٍ» «وَأَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْبَغَوِيّ لَوْ دَفَعَ لِغَيْرِهِ أَلْفًا فَهَلَكَ فَادَّعَى الدَّافِعُ الْقَرْضَ وَالْمَدْفُوعُ لَهُ الْوَدِيعَةَ صُدِّقَ الْمَدْفُوعُ لَهُ، وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِتَصْدِيقِ الْمَالِكِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْأَنْوَارِ عَنْ مِنْهَاجِ الْقُضَاةِ لَوْ قَالَ بَعْدَ تَلَفِهِ دَفَعْته قَرْضًا وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ وَكَالَةً صُدِّقَ الدَّافِعُ اهـ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ كُلٌّ فِيمَا نَفَاهُ) أَيْ وَلَا نِكَاحَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ وَطِئَهَا) أَيْ الْجَارِيَةَ (قَوْلُهُ: لَمْ يُحَدَّ) أَيْ وَوَلَدُهُ مِنْهَا حُرٌّ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ هَلْ تَمْلِكُ قَبْلَ الدُّخُولِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا هُوَ قَوْلُهُ وَبِأَنَّهُ لَا يَبْعُدُ، وَقَوْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى إلَخْ أَيْ وَعَلَيْهِ فَيُعَزَّرُ فَقَطْ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ
(فَصْلٌ) فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ) أَيْ لُغَةً، وَقَوْلُهُ وَهِيَ أَيْ شَرْعًا (قَوْلُهُ: لِحَادِثِ سُرُورٍ) .
[تَنْبِيهٌ] قَالَ الرَّاغِبُ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ أَنَّ السُّرُورَ انْشِرَاحُ الصَّدْرِ بِلَذَّةٍ فِيهَا طُمَأْنِينَةُ الصَّدْرِ عَاجِلًا وَآجِلًا، وَالْفَرَحُ انْشِرَاحُ الصَّدْرِ بِلَذَّةٍ عَاجِلَةٍ غَيْرِ آجِلَةٍ وَذَلِكَ فِي اللَّذَّاتِ الْبَدَنِيَّةِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَقَدْ يُسَمَّى الْفَرَحُ سُرُورًا وَعَكْسُهُ لَكِنْ عَلَى نَظَرِ مَنْ لَا يَعْتَبِرُ الْحَقَائِقَ وَيَتَصَوَّرُ أَحَدَهُمَا بِصُورَةِ الْآخَرِ اهـ مُنَاوِيٌ عِنْدَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّ فِي الْجَنَّةِ دَارًا يُقَالُ لَهَا دَارُ الْفَرَحِ» (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) يَشْمَلُ الْمَعْمُولَ لِلْحُزْنِ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي قَوْلِهِ وَلِيمَةُ مَوْتٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَضُمُّ إلَيْهِمَا شَيْئًا آخَرَ وَلَمْ يَعْلَمُ كَيْفِيَّةَ فِعْلِهِ فِيهِمَا.
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَبِأَنَّهُ لَا يَبْعُدُ إلَخْ) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْهُ أَلِفٌ قَبْلَ الْوَاوِ إذْ هُوَ فِي الرَّوْضَةِ عَلَّلَ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَرَتَّبَ عَلَيْهِمَا مَا يَأْتِي، وَانْظُرْ مَا وَجْهُ وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى الثَّانِي مَعَ أَنَّ شُبْهَةَ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ قَائِمَةٌ وَلَا بُدَّ.
[فَصْلٌ فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ]
وَقَدْ تَزَوَّجَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ»
وَأَقَلُّهَا لِلْمُتَمَكِّنِ شَاةٌ وَلِغَيْرِهِ مَا قَدِرَ عَلَيْهِ. قَالَ الثَّانِي رحمه الله: وَالْمُرَادُ أَقَلُّ الْكَمَالِ شَاةٌ لِقَوْلِ التَّنْبِيهِ: وَبِأَيِّ شَيْءٍ أَوْلَمَ مِنْ الطَّعَامِ جَازَ، وَهُوَ يَشْمَلُ الْمَأْكُولَ وَالْمَشْرُوبَ الَّذِي يُعْمَلُ فِي حَالِ الْعَقْدِ مِنْ سُكَّرٍ وَغَيْرِهِ وَلَوْ مُوسِرًا، وَسَكَتُوا عَنْ اسْتِحْبَابِ الْوَلِيمَةِ لِلتَّسَرِّي، وَقَدْ صَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ» قَالُوا: إنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ، وَإِنْ حَجَبَهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ. وَفِيهِ دَلِيلُ عَدَمِ اخْتِصَاصِ الْوَلِيمَةِ بِالزَّوْجَةِ وَنَدْبِهَا لِلتَّسَرِّي، إذْ لَوْ اخْتَصَّتْ بِالزَّوْجَةِ لَمْ يَتَرَدَّدُوا فِي كَوْنِهَا زَوْجَةً أَوْ سُرِّيَّةً، وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ ذَاتِ الْخَطَرِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا مَا مَرَّ وَهُوَ لَا يَتَقَيَّدُ بِذَاتِ الْخَطَرِ. وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِوَقْتِ الْوَلِيمَةِ، وَاسْتَنْبَطَ السُّبْكِيُّ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ أَنَّ وَقْتَهَا مُوَسَّعٌ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَلَا آخَرَ لِوَقْتِهَا فَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِهِ، وَالْأَفْضَلُ فِعْلُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ: أَيْ عَقِبَهُ «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُولِمْ عَلَى نِسَائِهِ إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ» فَتَجِبُ الْإِجَابَةُ إلَيْهَا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَإِنْ خَالَفَ الْأَفْضَلَ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ ابْنُ السُّبْكِيّ فِي التَّوْشِيحِ، وَلَا تَفُوتُ بِطَلَاقٍ وَلَا مَوْتٍ وَلَا بِطُولِ الزَّمَنِ فِيمَا يَظْهَرُ كَالْعَقِيقَةِ (وَفِي قَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ) وَصَوَّبَ جَمْعٌ أَنَّهُ قَوْلٌ، وَعَلَى الْقِيَاسِ لِأَنَّ مُثْبِتَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ (وَاجِبَةٌ) عَيْنًا لِلْخَبَرِ الْمَارِّ «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ» وَحَمَلُوهُ عَلَى النَّدْبِ لِخَبَرِ «هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا: أَيْ الزَّكَاةِ، قَالَ: لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» وَخَبَرِ «لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ» وَهُمَا صَحِيحَانِ، وَلِأَنَّهَا لَوْ وَجَبَتْ لَوَجَبَتْ الشَّاةُ وَلَا قَائِلَ بِهِ، وَصَرَّحَ الْجُرْجَانِيُّ بِنَدْبِ عَدَمِ كَسْرِ عَظْمِهَا كَالْعَقِيقَةِ، وَوَجْهُ مَا قَالُوهُ ثَمَّ أَنَّ فِيهِ تَفَاؤُلًا بِسَلَامَةِ أَخْلَاقِ الزَّوْجَةِ وَأَعْضَائِهَا كَالْوَلَدِ.
وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُسَنُّ هُنَا فِي الْمَذْبُوحِ مَا يُسَنُّ فِي الْعَقِيقَةِ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ رحمه الله أَنَّهَا لَوْ اتَّحَدَتْ وَتَعَدَّدَتْ الزَّوْجَاتُ وَقَصَدَهَا عَنْهُنَّ كَفَتْ، فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ اُسْتُحِبَّ التَّعَدُّدُ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ رحمه الله، وَمُنَازَعَةُ بَعْضِهِمْ فِيهِ بِأَنَّ الْمُتَّجَهَ أَنَّهَا كَالْعَقِيقَةِ فَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِنَّ مُطْلَقًا مَرْدُودَةٌ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بِأَنَّهَا جُعِلَتْ فِدَاءً لِلنَّفْسِ بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَنَقَلَ ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّ الْأَفْضَلَ فِعْلُهَا لَيْلًا لَا نَهَارًا لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ لَيْلِيَّةٍ وَلِقَوْلِهِ سبحانه وتعالى {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} [الأحزاب: 53] وَكَانَ ذَلِكَ لَيْلًا اهـ. مُتَّجَهٌ إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهَا لَيْلًا
(وَالْإِجَابَةُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: مِنْ سُكَّرٍ وَغَيْرِهِ) أَيْ فَيَكْفِي فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ مِثْلِ هَذَا التَّعْبِيرِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ وَلَا حَرَامٍ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ مِنْ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي السِّيرَةِ الشَّامِيَّةِ مَا نَصُّهُ: رَوَى التَّوَقَانِيُّ بِسَنَدٍ وَاهٍ عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَكَلَ بِطِّيخًا بِسُكَّرٍ» (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَحْجُبْهَا) أَيْ عَنْ الْخُرُوجِ (قَوْلُهُ: فَلَا فَرْقَ فِيهَا) أَيْ السُّرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: ذَاتِ الْخَطَرِ) أَيْ الشَّرَفِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا مَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَطَعَامٌ يُتَّخَذُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنَّ وَقْتَهَا مُوَسَّعٌ) أَيْ فِي حَقِّ الْحُرَّةِ. أَمَّا الْأَمَةُ فَوَقْتُهَا إرَادَتُهُ إعْدَادَهَا لِلْوَطْءِ، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ سم بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: فَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِهِ) أَيْ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: مِنْ حِينِ الْعَقْدِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَا يَقَعُ مِنْ الدَّعْوَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ لِفِعْلِ الْوَلِيمَةِ بَعْدَهُ لَا تَجِبُ فِيهِ الْإِجَابَةُ لِكَوْنِ الدَّعْوَةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا، وَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ لِأَنَّ الدَّعْوَةَ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ فَهِيَ لِفِعْلِ مَا تَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ، وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فَتَجِبُ الْإِجَابَةُ إلَخْ أَنَّ الْإِجَابَةَ تَجِبُ لَهَا حَيْثُ كَانَتْ تُفْعَلُ بَعْدَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَلَا بِطُولِ الزَّمَنِ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَلَا آخِرَ لِوَقْتِهَا (قَوْلُهُ: إنَّهَا لَوْ اتَّحَدَتْ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهَا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعَدُّدِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ) أَيْ بِأَنْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: وَمُنَازَعَةُ بَعْضِهِمْ) مُرَادُهُ حَجّ (قَوْلُهُ وَكَانَ ذَلِكَ) أَيْ الطَّعَامُ الَّذِي قِيلَ فِي شَأْنِهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَعَلَهَا لَيْلًا) أَيْ وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ فَلَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَال عَلَى سَنِّهَا لَيْلًا بِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا مَا مَرَّ) اُنْظُرْ مَا مُرَادُهُ بِمَا مَرَّ وَهُوَ تَابِعٌ فِيهِ لِحَجِّ لَكِنَّ ذَاكَ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي ضِمْنِ سُؤَالٍ وَجَوَابٍ مَا نَصُّهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ سِرَّهَا صَلَاحُ الزَّوْجَةِ وَبَرَكَتُهَا (قَوْلُهُ: لَوَجَبَتْ الشَّاةُ) هَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى مَعَ قَطْعِ
إلَيْهَا) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ (فَرْضُ عَيْنٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ، تُدْعَى إلَيْهَا الْأَغْنِيَاءُ وَتُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ» «وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ» أَيْ بِفَتْحِ الدَّالِ، وَقَوْلُ قُطْرُبٍ بِضَمِّهَا غَلَّطُوهُ فِيهِ، كَذَا قَالَهُ جَمْعٌ، وَيُنَافِيهِ قَوْلُ الْقَامُوسِ وَتُضَمُّ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ سَبَبَ التَّغْلِيطِ أَنَّ قُطْرُبَ يُوجِبُ الضَّمَّ «فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» وَالْمُرَادُ وَلِيمَةُ الْعُرْسِ لِأَنَّهَا الْمَعْهُودَةُ عِنْدَهُمْ، وَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى وَلِيمَةِ عُرْسٍ فَلْيُجِبْ» وَلَا تَجِبُ إجَابَةٌ لِغَيْرِ وَلِيمَةِ عُرْسٍ وَمِنْهُ وَلِيمَةُ التَّسَرِّي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَقِيلَ تَجِبُ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ رحمه الله عَلَيْهِ لِأَخْبَارٍ فِيهِ (وَقِيلَ) فَرْضُ (كِفَايَةٍ) وَيَصِحُّ الرَّفْعُ لِأَنَّ الْقَصْدَ إظْهَارُ الْحَلَالِ عَنْ السِّفَاحِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِحُصُولِ الْبَعْضِ، وَيُرَدُّ بِفَرْضِ تَسْلِيمِ مَا عَلَّلَ بِهِ بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى التَّوَاكُلِ (وَقِيلَ سُنَّةٌ) لِأَنَّهُ تَمْلِيكُ مَالٍ فَلَمْ يَجِبْ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْأَكْلَ سُنَّةٌ لَا وَاجِبٌ. أَمَّا عَلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فَتَجِبُ الْإِجَابَةُ إلَيْهَا قَطْعًا: أَيْ بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ كَمَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ (وَإِنَّمَا)(تَجِبُ) الْإِجَابَةُ عَلَى الصَّحِيحِ (أَوْ تُسَنُّ) عَلَى مُقَابِلِهِ أَوْ عِنْدَ فَقْدِ بَعْضِ شُرُوطِ الْوُجُوبِ أَوْ فِي بَقِيَّةِ الْوَلَائِمِ (بِشَرْطِ)(أَنْ) يَخُصَّهُ بِدَعْوَةٍ وَلَوْ بِكِتَابَةٍ أَوْ رِسَالَةٍ مَعَ ثِقَةٍ أَوْ مُمَيِّزٍ لَمْ يُجَرَّبْ عَلَيْهِ الْكَذِبُ جَازِمَةٍ لَا إنْ فَتَحَ بَابَهُ وَقَالَ لِيَحْضُرَ مَنْ شَاءَ أَوْ قَالَ لَهُ أَحْضُرُ إنْ شِئْت مَا لَمْ تَظْهَرْ قَرِينَةٌ عَلَى جَرَيَانِ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّأَدُّبِ أَوْ الِاسْتِعْطَافِ مَعَ ظُهُورِ رَغْبَتِهِ فِي حُضُورِهِ، وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ قَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ أَوْ قَالَ لَهُ إنْ شِئْت أَنْ تَحْمِلَنِي لَزِمَتْهُ الْإِجَابَةُ وَأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا فَلَا تَجِبُ إجَابَةُ ذِمِّيٍّ بَلْ تُسَنُّ إنْ رُجِيَ إسْلَامُهُ أَوْ كَانَ نَحْوُ قَرِيبٍ أَوْ جَارٍ، وَسَيَأْتِي فِي الْجِزْيَةِ حُرْمَةُ الْمَيْلِ إلَيْهِ بِالْقَلْبِ، وَلَا يَلْزَمُ ذِمِّيًّا إجَابَةُ مُسْلِمٍ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي مَالِ الدَّاعِي شُبْهَةٌ أَيْ قَوِيَّةٌ بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ فِي مَالِهِ حَرَامًا وَلَا يَعْلَمُ عَيْنَهُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامًا فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ بَعْضِهِمْ مِنْ التَّقْيِيدِ لَكِنْ يُؤَيِّدُهُ عَدَمُ كَرَاهَةِ مُعَامَلَتِهِ وَالْأَكْلِ مَعَهُ إلَّا حِينَئِذٍ، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لِلْوُجُوبِ مَا لَا يُحْتَاطُ لِلْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ الْآنَ مَالٌ يَنْفَكُّ عَنْ شُبْهَةٍ، وَأَنْ لَا تَدْعُوهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَعَلَهَا كَذَلِكَ
(قَوْلُهُ: وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ) لَيْسَ هَذَا مِنْ الْحَدِيثِ وَإِنَّمَا هُوَ مَدْرَجٌ مِنْ كَلَامِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعِبَارَةُ الْحَافِظِ السُّيُوطِيّ فِي شَرْحِ أَلْفِيَّتِهِ نَصُّهَا: قَالَ الْحَافِظُ حَجّ فِي النُّكَتِ: لَمْ يَتَعَرَّضْ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَى بَيَانِ مَا يَنْسُبُ الصَّحَابِيُّ فَاعِلَهُ إلَى الْكُفْرِ وَالْعِصْيَانِ كَقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا أَوْ سَاحِرًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ: وَفِي رِوَايَةٍ، بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَكَقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ: فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَقَوْلُهُ فِي الْخَارِجِ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ وَقَوْلُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ، فَهَذَا ظَاهِرٌ أَنَّ لَهُ حُكْمَ الْمَرْفُوعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا لِجَوَازِ إحَالَةِ الْإِثْمِ عَلَى مَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ الْقَوَاعِدِ. قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ بَلْ حَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ مُسْنَدٌ اهـ (قَوْلُهُ: كَذَا قَالَهُ) أَيْ التَّغْلِيظَ (قَوْلُهُ: أَوْ عِنْدَ فَقْدِ بَعْضِ شُرُوطٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ شُرُوطَ الْوُجُوبِ: أَيْ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ هِيَ الْمَذْكُورَةُ بِقَوْلِهِ بِشَرْطِ إلَخْ فَيَصِيرُ الْمَعْنَى إنَّمَا تُسَنُّ عِنْدَ فَقْدِ بَعْضِ الشُّرُوطِ تِلْكَ الشُّرُوطَ وَذَلِكَ فَاسِدٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ ذِمِّيًّا إجَابَةُ مُسْلِمٍ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّاعِي قَرَابَةٌ أَمْ صَدَاقَةٌ أَمْ لَا، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ عَدَمُ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِدَعْوَةِ الْآخَرِ إنْ طَلَبَهَا لِلتَّوَدُّدِ، وَهُوَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
النَّظَرِ عَمَّا فَسَّرَ بِهِ الْحَدِيثَ فِيمَا مَرَّ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَقَلُّ الْكَمَالِ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْهُ وَلِيمَةُ التَّسَرِّي) أَيْ مِنْ الْغَيْرِ لِيُوَافِقَ مَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ سم عَنْ الشَّارِحِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ لِوَلِيمَةِ التَّسَرِّي (قَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ) يَعْنِي وُجُوبَ الْإِجَابَةِ عَيْنًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ: أَيْ وَكِفَايَةً عَلَى مُقَابِلِهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ الْآنَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِتَقْيِيدِ الشُّبْهَةِ فِيمَا مَرَّ بِالْقَوِيَّةِ كَمَا
امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ
إلَّا إنْ كَانَ ثَمَّ نَحْوُ مَحْرَمٍ لَهُ أُنْثَى يَحْتَشِمُهَا أَوْ لَهَا وَأَذِنَ زَوْجُ الْمُزَوَّجَةِ وَسُنَّ لَهَا الْوَلِيمَةُ وَإِلَّا لَمْ تَجِبْ الْإِجَابَةُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ خَلْوَةٌ مُحَرَّمَةٌ خَشْيَةَ الْفِتْنَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ كَسُفْيَانَ وَهِيَ كَرَابِعَةَ وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ دَعْوَتَهَا أَكْثَرُ مِنْ رَجُلٍ كَذَلِكَ مَا لَمْ يَحْصُلْ جَمْعٌ تُحِيلُ الْعَادَةُ مَعَهُمْ أَدْنَى فِتْنَةٍ أَوْ رِيبَةٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي آخِرَ الْعَدَدِ. وَيُتَصَوَّرُ اتِّحَادُ الرَّجُلِ مَعَ اشْتِرَاطِ عُمُومِ الدَّعْوَةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ أَوَّلًا يَعْرِفُ ثَمَّ غَيْرَهُ، بَلْ يَأْتِي فِي هَذَا مَا يَعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ قَدْ يَتَّحِدُ لِقِلَّةِ مَا عِنْدَهُ وَمِنْ صُوَرِ وَلِيمَةِ الْمَرْأَةِ أَنْ تُولِمَ عَنْ الرَّجُلِ بِإِذْنِهِ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ الَّذِي يَظْهَرُ حِينَئِذٍ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِدَعْوَتِهِ لَا بِدَعْوَتِهَا لِأَنَّ الْوَلِيمَةَ صَارَتْ لَهُ بِإِذْنِهِ لَهَا الْمُقْتَضِي لِتَقْدِيرِ دُخُولِ ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ نَظِيرَ إخْرَاجِ فِطْرَةِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ، وَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ أَنْ يُزَادَ فِي التَّصْوِيرِ أَنَّهُ أَذِنَ لَهَا فِي الدَّعْوَةِ أَيْضًا، وَأَنْ لَا يُعْذَرَ بِمُرَخِّصِ جَمَاعَةٍ كَمَا فِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ تَوَقَّفَ الْأَذْرَعِيُّ فِي إطْلَاقِهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الدَّاعِي فَاسِقًا أَوْ شِرِّيرًا طَالِبًا لِلْمُبَاهَاةِ وَالْفَخْرِ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ، وَبِهِ يُعْلَمُ اتِّجَاهُ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ كُلُّ مَنْ جَازَ هَجْرُهُ لَا تَجِبُ إجَابَتُهُ، وَأَنْ لَا يُدْعَى قَبْلُ وَتَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ. أَمَّا عِنْدَ عَدَمِ لُزُومِهَا فَيَظْهَرُ أَنَّهَا كَالْعَدَمِ بَلْ يُجِيبُ الْأَسْبَقُ، فَإِنْ جَاءَا مَعًا أَجَابَ الْأَقْرَبُ رَحِمًا، فَإِنْ اسْتَوَيَا أُقْرِعَ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ أَجَابَ الْأَقْرَبُ وَقَوْلُهُ أُقْرِعَ وُجُوبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ، إذْ لَوْ قِيلَ بِالنَّدْبِ فَقَطْ لِلتَّعَارُضِ الْمُسْقِطِ لِلْوُجُوبِ لَمْ يَبْعُدْ، وَأَنْ يَكُونَ الدَّاعِي مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فَلَا يُجِيبُ غَيْرُهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ لِعِصْيَانِهِ بِذَلِكَ، ثُمَّ إنْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي أَنْ يُولِمَ كَانَ كَالْحُرِّ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الدَّعْوَةِ أَيْضًا نَظِيرَ مَا مَرَّ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ اتَّخَذَهَا الْوَلِيُّ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَهُوَ أَبٌ أَوْ جَدٌّ وَجَبَ الْحُضُورُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ. وَأَنْ يَكُونَ الْمَدْعُوُّ حُرًّا وَلَوْ سَفِيهًا أَوْ عَبْدًا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَلَوْ مُكَاتَبًا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ حُضُورُهُ بِكَسْبِهِ وَإِلَّا فَبِالْإِذْنِ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ مُبَعَّضًا فِي نَوْبَتِهِ، وَغَيْرَ قَاضٍ: أَيْ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لَهُ مَا لَمْ يَخُصَّ بِهَا بَعْضَ النَّاسِ إلَّا مَنْ كَانَ يَخُصُّهُمْ قَبْلَ الْوِلَايَةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مُنْتَفٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ. قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلدُّنْيَا وَإِلَّا فَهُوَ مُكَلَّفٌ بِالْفُرُوعِ (قَوْلُهُ وَسُنَّ لَهَا الْوَلِيمَةُ) يُتَأَمَّلُ صُورَةُ سَنِّهَا لَهَا فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي شُرُوطِ الْوُجُوبِ وَهُوَ خَاصٌّ بِوَلِيمَةِ الْعُرْسِ، وَلَا يَدْفَعُ هَذَا التَّوَقُّفُ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ لِأَنَّهُ إنَّمَا صَوَّرَ بِهِ مُجَرَّدَ كَوْنِ الْوَلِيمَةِ مِنْ الْمَرْأَةِ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي السَّنَّ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ فِي حَقِّهَا بِغَيْرِ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْإِجَابَةِ لِسَائِرِ الْوَلَائِمِ، أَوْ أَنَّهَا فَعَلَتْهَا عَنْ الزَّوْجِ لِإِعْسَارِهِ أَوْ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْفِعْلِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَيُتَصَوَّرُ اتِّحَادُ الرَّجُلِ) أَيْ انْفِرَادُهُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَكُونَ) أَيْ يُوجَدُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ صُوَرِ وَلِيمَةِ الْمَرْأَةِ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّصْوِيرِ أَنَّ الْوَلِيمَةَ سُنَّةٌ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ حِينَئِذٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ الدَّاعِي فَاسِقًا أَوْ شِرِّيرًا) عَطْفُهُ عَلَى الْفَاسِقِ يَقْتَضِي أَنَّ مُجَرَّدَ كَوْنِهِ شِرِّيرًا لَا يُوجِبُ الْفِسْقَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ قَدْ يُرَادُ بِالشِّرِّيرِ كَثِيرُ الْخُصُومَاتِ وَذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ مُحَرَّمًا فَضْلًا عَنْ الْكَبِيرَةِ (قَوْلُهُ أَجَابَ الْأَقْرَبُ رَحِمًا) وَهَذَا التَّرْتِيبُ جَارٍ فِي الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ (قَوْلُهُ: وُجُوبَ ذَلِكَ) مُعْتَمَدُ (قَوْلِهِ فَلَا يُجِيبُ غَيْرَهُ) أَيْ فَلَا تَجُوزُ لَهُ الْإِجَابَةُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَبٌ أَوْ جَدٌّ) يُفِيدُ أَنَّ الْأُمَّ لَوْ كَانَتْ وَصِيَّةً وَأَوْلَمَتْ مِنْ مَالِهَا لَهُ لَا يَجِبُ الْحُضُورُ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَبَ وَالْجَدَّ يَتَمَكَّنُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ إدْخَالِ مَالِهِ فِي مِلْكِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْأُمِّ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي تَصْوِيرِهِ وَلِيمَةَ الْمَرْأَةِ أَنَّ غَيْرَ الْأَبِ وَالْجَدِّ إذَا فَعَلَ الْوَلِيمَةَ بِإِذْنٍ مِمَّنْ طُلِبَتْ مِنْهُ وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ عَلَى مَنْ دُعِيَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَفِيهًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُفَوِّتْ عَلَيْهِ مَا يَقْصِدُ مِنْ عَمَلِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَخُصَّ) أَيْ الْقَاضِي، وَقَوْلُهُ بِهَا: أَيْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
يُصَرِّحُ بِذَلِكَ عِبَارَةُ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَأَذِنَ زَوْجُ الْمُزَوَّجَةِ) أَيْ فِي الْوَلِيمَةِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بَلْ يَأْتِي فِي هَذَا الشَّرْطِ) يَعْنِي الْمَذْكُورَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوَ لَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَخُصَّ) أَيْ الْقَاضِي، وَقَوْلُهُ بِهَا أَيْ بِالْإِجَابَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا مَنْ كَانَ يَخُصُّهُمْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: نَعَمْ لَوْ كَانَ يَخُصُّ قَوْمًا بِإِجَابَةٍ قَبْلَ الْوِلَايَةِ فَحَكَى ابْنُ كَجٍّ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ.
فَلَا بَأْسَ بِاسْتِمْرَارِهِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَالْأَوْلَى فِي زَمَانِنَا أَنْ لَا يُجِيبَ أَحَدٌ الْخُبْثَ النِّيَّاتِ وَأَلْحَقَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كُلَّ ذِي وِلَايَةٍ عَامَّةٍ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَالْأَوْجَهُ اسْتِثْنَاءُ أَبْعَاضِهِ وَنَحْوِهِمْ فَيَلْزَمُهُ إجَابَتُهُمْ لِعَدَمِ نُفُوذِ حُكْمِهِ لَهُمْ وَأَنْ لَا يَعْتَذِرَ لِلدَّاعِي فَيَعْذِرُهُ أَيْ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ لَا حَيَاءً بِحَسَبِ الْقَرَائِنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
وَأَنْ (لَا يَخُصَّ الْأَغْنِيَاءَ) بِالدَّعْوَةِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُمْ أَغْنِيَاءَ فَلَا يَظْهَرُ مِنْهُ قَصْدُ التَّخْصِيصِ بِهِمْ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ لِغَيْرِ عُذْرٍ لِقِلَّةِ مَا عِنْدَهُ، فَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِمْ. أَمَّا إذَا خَصَّهُمْ لَا لِغِنَاهُمْ مَثَلًا بَلْ لِجِوَارٍ أَوْ اجْتِمَاعِ حِرْفَةٍ أَوْ قِلَّةِ مَا عِنْدَهُ فَيَلْزَمُهُمْ كَغَيْرِهِمْ الْإِجَابَةُ، وَمَا تَقَرَّرَ هُوَ مُرَادُ الْمُحَرَّرِ بِقَوْلِهِ مِنْهَا أَنْ يَدْعُوَ جَمِيعَ عَشِيرَتِهِ وَجِيرَانِهِ أَغْنِيَائِهِمْ وَفُقَرَائِهِمْ دُونَ أَنْ يَخُصَّ الْأَغْنِيَاءَ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ فِي اشْتِرَاطِ التَّعْمِيمِ مَعَ فَقْرِهِ نَظَرٌ. قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجِيرَانِ هُنَا أَهْلُ مَحَلَّتِهِ وَمَسْجِدِهِ دُونَ أَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَأَنْ لَا يَتَعَيَّنَ عَلَى الْمَدْعُوِّ حَقٌّ كَأَدَاءِ شَهَادَةٍ وَصَلَاةِ جِنَازَةٍ (وَأَنْ يَدْعُوَهُ) بِخُصُوصِهِ كَمَا مَرَّ (فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ)(فَإِنْ أَوْلَمَ ثَلَاثَةً) مِنْ الْأَيَّامِ (لَمْ تَجِبْ فِي) الْيَوْمِ (الثَّانِي) بَلْ تُسْتَحَبُّ، وَهُوَ دُونَ سُنَّتِهَا فِي الْأَوَّلِ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ، وَقِيلَ تَجِبُ إنْ لَمْ يُدْعَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، أَوْ دُعِيَ وَامْتَنَعَ لِعُذْرٍ وَدُعِيَ فِي الثَّانِي وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَتُكْرَهُ) فِي الْيَوْمِ (الثَّالِثِ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «الْوَلِيمَةُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حَقٌّ، وَفِي الثَّانِي مَعْرُوفٌ، وَفِي الثَّالِثِ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ» وَالْأَوْجَهُ أَنَّ تَعَدُّدَ الْأَوْقَاتِ كَتَعَدُّدِ الْأَيَّامِ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِعُذْرٍ كَضِيقِ مَنْزِلٍ وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ مُطْلَقًا
(وَأَنْ لَا يُحْضِرَهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (لِخَوْفٍ) مِنْهُ (أَوْ طَمَعٍ فِي جَاهِهِ) أَوْ لِيُعَاوِنَهُ عَلَى بَاطِلٍ بَلْ لِلتَّقَرُّبِ وَالتَّوَدُّدِ الْمَطْلُوبِ أَوْ لِنَحْوِ عِلْمِهِ أَوْ صَلَاحِهِ وَوَرَعِهِ أَوَّلًا بِقَصْدِ شَيْءٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ فِي الْإِحْيَاءِ أَنْ يَقْصِدَ بِإِجَابَتِهِ الِاقْتِدَاءَ بِالسُّنَّةِ حَتَّى يُنَابَ وَزِيَارَةَ أَخِيهِ وَإِكْرَامَهُ حَتَّى يَكُونَ مِنْ الْمُتَحَابِّينَ الْمُتَزَاوِرِينَ فِي اللَّهِ سبحانه وتعالى أَوْ صِيَانَةَ نَفْسِهِ عَنْ أَنْ يَظُنَّ بِهِ كِبْرًا وَاحْتِقَارَ مُسْلِمٍ (وَأَنْ لَا يَكُونَ ثُمَّ) أَيْ بِالْمَحَلِّ الَّذِي يَحْضُرُ فِيهِ (مَنْ يَتَأَذَّى) الْمَدْعُوُّ (بِهِ) لِعَدَاوَةٍ ظَاهِرَةٍ بَيْنَهُمَا كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَا أَثَرَ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّاعِي (أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ مُجَالَسَتُهُ) كَالْأَرْذَالِ لِلضَّرَرِ، وَأَمَّا قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ: لَوْ كَانَ هُنَاكَ عَدُوٌّ لَهُ أَوْ دَعَاهُ عَدُوُّهُ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي إسْقَاطِ الْوُجُوبِ فَمَحْمُولٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَا يَتَأَذَّى بِهِ وَلَا تَكُونُ كَثْرَةُ الزَّحْمَةِ عُذْرًا إنْ وَجَدَ سَعَةً: أَيْ لِمَدْخَلِهِ وَمَجْلِسِهِ وَأَمِنَ عَلَى نَحْوِ عِرْضِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ عَنْ الْبَيَانِ وَإِلَّا عُذِرَ (وَ) أَنْ (لَا) يَكُونَ بِمَحَلِّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِالْإِجَابَةِ اهـ سم (قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ بِاسْتِمْرَارِهِ) أَيْ الطَّلَبِ فِي حَقِّهِ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يُجِيبَ) أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: كُلَّ ذِي وِلَايَةٍ عَامَّةٍ) وَمِنْهُ مَشَايِخُ الْبُلْدَانِ وَالْأَسْوَاقِ
(قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَخُصَّ الْأَغْنِيَاءَ) وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا مَنْ يَتَجَمَّلُ بِهِ عَادَةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَنِيًّا (قَوْلُهُ: أَوْ قِلَّةِ مَا عِنْدَهُ) أَيْ وَاتَّفَقَ أَنَّ الَّذِينَ دَعَاهُمْ لِذَلِكَ هُمْ الْأَغْنِيَاءُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْصِدَ تَخْصِيصَهُمْ بِالدَّعْوَةِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: لَمْ تَجِبْ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي) وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ أَنَّ الشَّخْصَ يَدْعُو جَمَاعَةً وَيَعْقِدُ الْعَقْدَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُهَيِّئُ طَعَامًا وَيَدْعُو النَّاسَ ثَانِيًا فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ ثَانِيًا (قَوْلُهُ: وَسُمْعَةٌ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: كَضَيِّقِ مَنْزِلٍ) أَوْ قَصْدِ جَمْعِ الْمُتَنَاسِبَيْنِ فِي وَقْتٍ كَالْعُلَمَاءِ وَالتُّجَّارِ وَنَحْوِهِمْ
(قَوْلُهُ أَنْ يَقْصِدَ) أَيْ الْمَدْعُوُّ بِإِجَابَتِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا أَثَرَ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُ) أَيْ الْمَدْعُوِّ لِأَنَّ الْحُضُورَ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِزَوَالِ الْعَدَاوَةِ (قَوْلُهُ فَمَحْمُولٌ) هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْعَدَاوَةُ بَيْنَهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
بِالِاسْتِمْرَارِ
(قَوْلُهُ: لِغَيْرِ عُذْرٍ كَقِلَّةِ مَا عِنْدَهُ) اُنْظُرْ مَا صُورَةُ كَوْنِهِ يَخُصُّهُمْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُمْ أَغْنِيَاءَ لِنَحْوِ هَذَا الْعُذْرِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا كَانَ لَا يَتَأَذَّى بِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ حَمْلٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَالْحَمْلُ فِي الثَّانِيَةِ يُنَافِي إطْلَاقَ قَوْلِهِ الْمَارِّ وَلَا أَثَرَ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّاعِي فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ عَنْ الْبَيَانِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ الْمَارِّ وَأَنْ لَا يُعْذَرَ بِمُرَخِّصِ جَمَاعَةٍ كَمَا فِي الْبَيَانِ، وَانْظُرْ مَا وَجْهُ عِلْمِ مَا ذَكَرَهُ مِمَّا مَرَّ عَنْ الْبَيَانِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْخَوْفَ عَلَى الْعِرْضِ لَيْسَ عُذْرًا بِرَأْسِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، عَلَى أَنَّهُ أَوْلَى مِنْ مُجَالَسَةِ مَنْ لَا تَلِيقُ بِهِ مُجَالَسَتُهُ، بَلْ يَظْهَرُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي كَوْنِ الْمُجَالَسَةِ الْمَذْكُورَةِ
حُضُورِهِ (مُنْكَرٌ)
أَيْ مُحَرَّمٌ وَلَوْ صَغِيرَةً كَآنِيَةِ نَقْدٍ كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: أَيْ يُبَاشِرُ الْأَكْلَ مِنْهَا بِلَا حِيلَةٍ تُجَوِّزُهُ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ حُضُورِهَا بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي فِي صُوَرٍ غَيْرِ مُمْتَهَنَةٍ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ دُخُولُ مَحَلِّهَا، وَكَنَظَرِ رَجُلٍ لِامْرَأَةٍ أَوْ عَكْسِهِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ إشْرَافَ النِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ عُذْرٌ، وَكَآلَةٍ مُطْرِبَةٍ مُحَرَّمَةٍ كَذِي وَتَرٍ وَزَمْرٍ وَلَوْ شَبَّابَةً وَطَبْلِ كُوبَةٍ، وَكَمَنْ يَضْحَكُ بِفُحْشٍ وَكَذِبٍ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ، أَمَّا مُحَرَّمٌ وَنَحْوُهُ مِمَّا مَرَّ بِغَيْرِ مَحَلِّ حُضُورِهِ كَبَيْتٍ آخَرَ مِنْ الدَّارِ فَلَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْحَاوِي إذَا لَمْ يُشَاهِدْ الْمَلَاهِيَ لَمْ يَضُرَّ سَمَاعُهَا كَاَلَّتِي بِجِوَارِهِ، وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِ كَثِيرِينَ مِنْهُمْ الشَّيْخَانِ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِ آخَرِينَ عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ مَحَلِّ الْحُضُورِ وَسَائِرِ بُيُوتِ الدَّارِ وَاعْتَمَدَهُ فَقَالَ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ بَلْ لَا تَجُوزُ لِمَا فِي الْحُضُورِ مِنْ سُوءِ الظَّنِّ بِالْمَدْعُوِّ وَبِهِ يُفَارِقُ الْجَارُ، وَفَرَّقَ السُّبْكِيُّ أَيْضًا بِأَنَّ فِي مُفَارَقَةِ دَارِهِ ضَرَرًا عَلَيْهِ وَلَا فِعْلَ مِنْهُ، بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّهُ تَعَمَّدَ الْحُضُورَ لِمَحَلِّ الْمَعْصِيَةِ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَمِمَّا قَالَاهُ هُوَ الْوَجْهُ، وَبِتَسْلِيمٍ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْأَوَّلِينَ الْحِلُّ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ ثَمَّ عُذْرٌ يَمْنَعُ مِنْ كَوْنِهِ مُقِرًّا عَلَى الْمَعْصِيَةِ بِلَا ضَرُورَةٍ (فَإِنْ كَانَ) الْمُنْكَرُ (يَزُولُ بِحُضُورِهِ) لِنَحْوِ عِلْمٍ أَوْ جَاهٍ (فَلْيَحْضُرْ) وُجُوبًا إجَابَةً لِلدَّعْوَةِ وَإِزَالَةً لِلْمُنْكَرِ، وَلَا يَمْنَعُ الْوُجُوبُ وُجُودَ مَنْ يُزِيلُهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْإِزَالَةِ فَقَطْ كَمَا تَقَرَّرَ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ حُضُورِهِ نَهَاهُمْ، فَإِنْ عَجَزَ خَرَجَ، فَإِنْ عَجَزَ لِنَحْوِ خَوْفٍ قَعَدَ كَارِهًا، وَلَا يَجْلِسُ مَعَهُمْ إنْ أَمْكَنَ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ وَإِزَالَةِ الْمُنْكَرِ بِشَرْطِهِ الْآتِي فِي السِّيَرِ وَعَدَمِ وُجُوبِ إزَالَةِ الرَّصَدِيِّ فِي الْحَجِّ وَإِنْ قَدِرَ عَلَيْهَا بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْحَجِيجِ أَنْ لَا تَجْتَمِعَ كَلِمَتُهُمْ وَمَانِعِيهِمْ أَنْ تَشْتَدَّ شَوْكَتُهُمْ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْوُجُوبِ ثَمَّ التَّرَاخِي وَهُنَا الْفَوْرُ فَاحْتِيطَ لِلْوُجُوبِ هُنَا أَكْثَرَ (وَمِنْ الْمُنْكَرِ فِرَاشُ حَرِيرٍ) فِي دَعْوَةٍ اُتُّخِذَتْ لِرِجَالٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الَّذِي يُنْكِرُ بِاعْتِقَادِ الْمَدْعُوِّ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي السِّيَرِ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الَّذِي يُنْكِرُ بِاعْتِقَادِ الْفَاعِلِ تَحْرِيمَهُ لِأَنَّ مَا هُنَا فَبِوُجُوبِ الْحُضُورِ وَوُجُوبُهُ مَعَ وُجُودِ مُحَرَّمٍ فِي اعْتِقَادِهِ فِيهِ مَشَقَّةٌ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَبَيْنَ غَيْرِ الدَّاعِي. أَمَّا إذَا كَانَ الْعَدُوُّ هُوَ الدَّاعِي فَقَضِيَّةُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَلَا أَثَرَ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّاعِي أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لِلْوُجُوبِ حِينَئِذٍ وَيُمْكِنُ تَقْيِيدُ مَا مَرَّ بِمَا ذُكِرَ هُنَا (قَوْلُهُ: إنَّ إشْرَافَ النِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ عُذْرٌ) أَيْ وَلَوْ أَمْكَنَهُ التَّحَرُّزُ عَنْ رُؤْيَتِهِنَّ لَهُ كَتَغْطِيَةِ رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ بِحَيْثُ لَا يُرَى شَيْءٌ مِنْ بَدَنِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ تَعَمَّدَ الْحُضُورَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ عَلَى ظَنِّ أَنْ لَا مَعْصِيَةَ بِالْمَكَانِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ كَأَنْ حَضَرَ مَعَ الْمُجْتَمَعِينَ فِي مَحَلِّ الدَّعْوَةِ ثُمَّ سَمِعَ الْآلَاتِ فِي غَيْرِ الْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَوْ حَضَرَ أَصْحَابُ الْآلَاتِ بَعْدَ حُضُورِهِ لِمَحَلِّ الدَّعْوَةِ عَدَمُ وُجُوبِ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ أَخْذًا بِقَوْلِهِ مِنْ سُوءِ الظَّنِّ بِالْمَدْعُوِّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمَا قَالَاهُ) أَيْ الْأَذْرَعِيُّ وَالسُّبْكِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ آلَاتِ اللَّهْوِ فِي مَحَلِّ الْحُضُورِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: ثَمَّ عُذْرٌ) اُنْظُرْ مَا الْعُذْرُ؟ وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا لَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ ضَرَرًا يَلْحَقُهُ إنْ لَمْ يَحْضُرْ (قَوْلُهُ: مَنْ يُزِيلُهُ غَيْرُهُ) غَيْرُهُ نَعْتٌ لِمَنْ أَوْ حَالٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
مِنْ الْأَعْذَارِ انْخِرَامُ الْعِرْضِ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِي ذَلِكَ لَيْسَ رَاجِعًا إلَّا لِلْعِرْضِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الْبِنَاءِ مَعَ أَنَّ الْآتِيَ أَنَّهُ يَحْرُمُ حُضُورُ الْمَحَلِّ الَّذِي فِيهِ الْمُحَرَّمُ، بِخِلَافِ مُجَرَّدِ دُخُولِهِ. نَعَمْ الْفَرْقُ لَائِحٌ بَيْنَ حُضُورِ الْآنِيَةِ وَحُضُورِ الصُّوَرِ، وَهُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الصُّوَرِ نَصُّهَا فِي الْمَحَلِّ وَهُوَ حَاصِلٌ فَحَرُمَ مُجَرَّدُ الْحُضُورِ بِمَحَلٍّ هِيَ فِيهِ وَأَمَّا الْآنِيَةُ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الِاسْتِعْمَالُ وَهُوَ غَيْرُ حَاصِلٍ بِمُجَرَّدِ حُضُورِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُفَارِقُ الْجَارُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: هَذَا الْكَلَامُ قَدْ يُفِيدُ وُجُوبَ الْإِجَابَةِ لِدَارٍ بِجِوَارِهَا مُنْكَرٌ. نَعَمْ فَرْقُ السُّبْكِيّ قَدْ يُفِيدُ الْمَنْعَ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَا قَالَاهُ) أَيْ الْأَذْرَعِيُّ وَالسُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ: وَمَانِعِيهِمْ) أَيْ مِنْ شَأْنِ مَانِعِيهِمْ
عَلَيْهِ فَسَقَطَ وُجُوبُ الْحُضُورِ. وَأَمَّا الْإِنْكَارُ فَفِيهِ إضْرَارٌ بِالْفَاعِلِ، وَلَا يَجُوزُ إضْرَارُهُ إلَّا إنْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا اعْتَقَدَهُ الْمُنْكِرُ فَقَطْ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يُعَامَلُ بِمُقْتَضَى اعْتِقَادِ غَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ، وَإِذَا سَقَطَ الْوُجُوبُ وَأَرَادَ الْحُضُورَ اُعْتُبِرَ حِينَئِذٍ اعْتِقَادُ الْفَاعِلِ، فَإِنْ ارْتَكَبَ أَحَدٌ مُحَرَّمًا فِي اعْتِقَادِهِ لَزِمَ هَذَا الْمُتَبَرِّعَ بِالْحُضُورِ الْإِنْكَارُ، فَإِنْ عَجَزَ لَزِمَهُ الْخُرُوجُ إنْ أَمْكَنَهُ عَمَلًا بِكَلَامِهِمْ فِي السِّيَرِ حِينَئِذٍ، فَقَدْ قَالُوا: الْمَنْقُولُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْحُضُورُ إلَّا إنْ اعْتَقَدَ الْفَاعِلُ التَّحْرِيمَ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا تَقَرَّرَ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ النَّبِيذُ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه فِي شَارِبِهِ الْحَنَفِيِّ: أَحُدُّهُ وَأَقْبَلُ شَهَادَتَهُ. لِأَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ فِي تَعْلِيلِهِ أَنَّ الْحَاكِمَ يَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَةُ اعْتِقَادِهِ دُونَ اعْتِقَادِ الْمَرْفُوعِ إلَيْهِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا وَلَوْ كَانَ الْمُنْكَرُ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَشُرْبِ النَّبِيذِ وَالْجُلُوسِ عَلَى الْحَرِيرِ حَرُمَ الْحُضُورُ عَلَى مُعْتَقَدِ تَحْرِيمِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُتَعَاطِي لَهُ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ أَيْضًا، وَكَفُرُشِ الْحَرِيرِ سَتْرُ الْجِدَارَ بِهِ بَلْ أَوْلَى لِحُرْمَةِ هَذَا حَتَّى عَلَى النِّسَاءِ، وَفُرُشِ جُلُودِ نُمُورٍ بَقِيَ وَبَرُهَا كَمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ وَغَيْرُهُ، وَأَلْحَقَ بِهِ فِي الْعُبَابِ جِلْدَ فَهْدٍ فِي حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِهِ، وَكَذَا مَغْصُوبٌ وَمَسْرُوقٌ وَكَلْبٌ لَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ وَلَوْ كَانَ الدَّاخِلُ أَعْمَى.
وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِفُرُشِ الْحَرِيرِ لِأَنَّهُ الْمُحَرَّمُ دُونَ الْفِرَاشِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَطْوِيًّا مَرْدُودٌ إذْ فُرُشُ الْحَرِيرِ لَا يَحْرُمُ مُطْلَقًا، بَلْ لِمَنْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَجْلِسُ عَلَيْهِ جُلُوسًا مُحَرَّمًا عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ فِي مُنْكَرٍ حَاضِرٍ بِمَحَلِّ الدَّعْوَةِ وَالْفُرُشُ لَا يُوصَفُ بِذَلِكَ فَتَعَيَّنَ التَّعْبِيرُ بِالْفِرَاشِ وَاحْتِمَالُ طَيِّهِ يَرُدُّهُ قَرِينَةُ السِّيَاقِ أَنَّهُ جَلَسَ عَلَيْهِ (وَصُورَةِ حَيَوَانٍ) مُشْتَمِلَةٍ عَلَى مَا لَمْ يُمْكِنْ بَقَاؤُهُ بِدُونِهِ دُونَ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا نَظِيرٌ كَفَرَسٍ بِأَجْنِحَةٍ، هَذَا إنْ كَانَتْ بِمَحَلِّ حُضُورِهِ لَا نَحْوَ بَابٍ وَمَمَرٍّ كَمَا قَالَاهُ قَدِرَ عَلَى إزَالَتِهَا أَمْ لَا. وَلُزُومُ الْإِجَابَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ مَعْلُومٌ فَلَا يُرَدُّ هُنَا، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ بِطَرِيقِهِ مُحَرَّمٌ تَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ، ثُمَّ إنْ قَدِرَ عَلَى إزَالَتِهِ لَزِمَتْهُ وَإِلَّا فَلَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُحَرَّمَ إنْ كَانَ بِمَحَلِّ الْحُضُورِ لَمْ تَجِبْ الْإِجَابَةُ وَحَرُمَ الْحُضُورُ أَوْ بِنَحْوِ مَمَرِّهِ وَجَبَتْ إذْ لَا يُكْرَهُ الدُّخُولُ إلَى مَحَلٍّ هِيَ بِمَمَرِّهِ. أَمَّا مُجَرَّدُ الدُّخُولِ لِمَحَلٍّ فِيهِ ذَلِكَ فَلَا يَحْرُمُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْحُضُورِ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الدُّخُولِ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَسَوَاءٌ فِي الصُّورَةِ الْمُحَرَّمَةِ أَكَانَتْ (عَلَى سَقْفٍ أَوْ جِدَارٍ أَوْ وِسَادَةٍ) مَنْصُوبَةً لِمَا نَذْكُرُهُ فِي الْمِخَدَّةِ لِتَرَادُفِهِمَا (أَوْ سِتْرٍ) عُلِّقَ لِزِينَةٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ (أَوْ ثَوْبٍ مَلْبُوسٍ) وَلَوْ بِالْقُوَّةِ فَيَدْخُلُ الْمَوْضُوعُ بِالْأَرْضِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ
(وَيَجُوزُ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَفُرُشِ جُلُودِ نُمُورٍ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخُيَلَاءِ وَالْكِبْرِ (قَوْلُهُ: وَصُورَةِ حَيَوَانٍ) الَّذِي أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ مَلَائِكَةَ الرَّحْمَةِ لَا تَمْتَنِعُ مِنْ دُخُولِ بَيْتٍ فِيهِ صُورَةٌ وَلَوْ عَلَى نَقْدٍ، وَخَالَفَهُ حَجّ فِي الزَّوَاجِرِ، وَالْأَقْرَبُ مَا فِي الزَّوَاجِرِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ حَمْلَ النَّقْدِ وَالتَّعَامُلِ بِهِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ صُورَةُ إنَّمَا هُوَ لِلْعُذْرِ فِي الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ وَعَدَمِ إرَادَةِ تَعْظِيمِهِ وَالْعُذْرُ فِي الِاحْتِيَاجِ وَالضَّرُورَةِ لَا تَزِيدُ عَلَى مُلَازَمَةِ الْحَيْضِ لِلْحَائِضِ، وَمَعَ ذَلِكَ وَرَدَ النَّصُّ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ حَائِضٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ بِهِ صَاحِبُ الْعُبَابِ جِلْدَ فَهْدٍ) صَرِيحُ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ مِنْ جُلُودِ السِّبَاعِ إلَّا جِلْدُ النَّمِرِ: أَيْ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْهُ كَمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ، وَأَنَّ الْفَهْدَ مُلْحَقٌ بِهِ عَلَى مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْعُبَابِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُمَا هُمَا اللَّذَانِ تُوجَدُ فِيهِمَا الْعِلَّةُ، وَهِيَ أَنَّ اسْتِعْمَالَ ذَلِكَ شَأْنُ الْمُتَكَبِّرِينَ لِظُهُورِ وَبَرِهِمَا وَتَمْيِيزِهِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ ابْنِ حَجَرٍ: وَفُرُشُ جُلُودِ السِّبَاعِ وَعَلَيْهَا الْوَبَرُ؛ لِأَنَّهُ شَأْنُ الْمُتَكَبِّرِينَ انْتَهَتْ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: إذْ فُرُشُ الْحَرِيرِ لَا يَحْرُمُ مُطْلَقًا) أَيْ خِلَافًا لِقَوْلِ الْمُعْتَرِضِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَرَّمُ (قَوْلُهُ دُونَ غَيْرِهِ) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إلَى مَا وَفِي الْعِبَارَةِ مُشَاحَّةٌ لَا تَخْفَى (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُحَرَّمَ) أَيْ الْمُجْمَعَ عَلَى تَحْرِيمِهِ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ الْحُضُورُ) أَيْ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إزَالَتِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ.
حُضُورُ مَحَلٍّ فِيهِ (مَا) أَيْ صُورَةٌ (عَلَى أَرْضٍ وَبِسَاطٍ) يُدَاسُ (وَمِخَدَّةٍ) يُنَامُ أَوْ يُتَّكَأُ عَلَيْهَا، وَمَا عَلَى طَبَقٍ وَخِوَانٍ وَقَصْعَةٍ لِأَنَّ مَا يُوطَأُ وَيُطْرَحُ مُهَانٌ مُبْتَذَلٌ لَا عَلَى نَحْوِ إبْرِيقٍ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِارْتِفَاعِهِ، قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّ الدَّنَانِيرَ الرُّومِيَّةَ الَّتِي عَلَيْهَا الصُّوَرُ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا يُنْكَرُ لِامْتِهَانِهَا بِالْإِنْفَاقِ وَالْمُعَامَلَةِ، وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ رضي الله عنهم يَتَعَامَلُونَ بِهَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَلَمْ تَحْدُثْ الدَّرَاهِمُ الْإِسْلَامِيَّةُ إلَّا فِي زَمَنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ (وَمَقْطُوعِ الرَّأْسِ) لِزَوَالِ مَا بِهِ مِنْ الْحَيَاةِ فَصَارَ كَمَا فِي قَوْلِهِ (وَصُوَرِ شَجَرٍ) وَكُلُّ مَا لَا رُوحَ لَهُ كَالْقَمَرَيْنِ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَذِنَ لِمُصَوِّرٍ فِي ذَلِكَ
(وَيَحْرُمُ) وَلَوْ عَلَى نَحْوِ أَرْضٍ وَبِلَا رَأْسٍ إذْ مَا مَرَّ بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِدَامَةِ وَمَا هُنَا فِي الْفِعْلِ (تَصْوِيرُ حَيَوَانٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَظِيرٌ كَمَا مَرَّ لِلْوَعِيدِ الشَّدِيدِ عَلَى ذَلِكَ، نَعَمْ يَجُوزُ تَصْوِيرُ لَعِبِ الْبَنَاتِ «لِأَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها كَانَتْ تَلْعَبُ بِهَا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» ، وَحِكْمَتُهُ تَدْرِيبُهُنَّ أَمْرَ التَّرْبِيَةِ وَلَا أُجْرَةَ لِمُصَوِّرٍ كَمَا لَا أَرْشَ عَلَى كَاسِرِ صُورَةٍ.
(وَلَا تَسْقُطُ إجَابَةٌ بِصَوْمٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ، فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ، وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ» أَيْ فَلْيَدْعُ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ «فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ» وَإِذَا دُعِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ إنِّي صَائِمٌ، حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ: أَيْ إنْ أَمِنَ الرِّيَاءَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ مَا لَوْ دَعَاهُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَالْمَدْعُوُّونَ كُلُّهُمْ مُكَلَّفُونَ صَائِمُونَ فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهَا إلَّا مُجَرَّدُ نَظَرِ الطَّعَامِ وَالْجُلُوسُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى آخِرِهِ مُشِقٌّ، فَإِنْ أَرَادَ هَذَا فَلْيَدْعُهُمْ عِنْدَ الْغُرُوبِ، قَالَ: وَهَذَا وَاضِحٌ. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ عَدَمُ وُجُوبِ الْأَكْلِ وَلَوْ فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ وَالْأَمْرُ بِهِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ وَيَحْصُلُ بِلُقْمَةٍ (فَإِنْ شَقَّ عَلَى الدَّاعِي صَوْمُ نَفْلٍ) وَلَوْ مُؤَكَّدًا (فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ) لِإِمْكَانِ تَدَارُكِ الصَّوْمِ بِنَدْبِ قَضَائِهِ وَلِخَبَرٍ فِيهِ لَكِنْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ إسْنَادُهُ مُظْلِمٌ، وَيُنْدَبُ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ أَنْ يَنْوِيَ بِفِطْرِهِ إدْخَالَ السُّرُورِ عَلَيْهِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ فَالْإِمْسَاكُ أَفْضَلُ. وَأَمَّا الْفَرْضُ وَلَوْ مُوَسَّعًا فَيَحْرُمُ الْخُرُوجُ مِنْهُ مُطْلَقًا (وَيَأْكُلُ الضَّيْفُ) جَوَازًا كَمَا مَرَّ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا كُلُّ مَنْ حَضَرَ طَعَامَ غَيْرِهِ وَحَقِيقَتُهُ الْغَرِيبُ وَمِنْ ثَمَّ تَأَكَّدَتْ ضِيَافَتُهُ وَإِكْرَامُهُ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهَا (مِمَّا قَدَّمَ لَهُ بِلَا لَفْظٍ) دَعَاهُ أَوْ لَمْ يَدْعُهُ اكْتِفَاءَ بِالْقَرِينَةِ، نَعَمْ إنْ انْتَظَرَ غَيْرَهُ لَمْ يَجُزْ قَبْلَ حُضُورِهِ إلَّا بِلَفْظٍ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ مِمَّا حُرْمَةَ أَكْلِ جَمِيعِ مَا قُدِّمَ لَهُ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَنُظِرَ فِيهِ إذَا قَلَّ وَاقْتَضَى الْعُرْفُ أَكْلَ جَمِيعِهِ، وَالْأَوْجَهُ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ لِلْقَرِينَةِ الْقَوِيَّةِ، فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى أَكْلِ الْجَمِيعِ حَلَّ وَإِلَّا امْتَنَعَ، وَصَرَّحَ الشَّيْخَانِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا بِكَرَاهَةِ الْأَكْلِ فَوْقَ الشِّبَعِ وَآخَرُونَ بِحُرْمَتِهِ، وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَالِ نَفْسِهِ الَّذِي لَا يَضُرُّهُ. وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ وَيَضْمَنُهُ لِصَاحِبِهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ رِضَاهُ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَإِطْلَاقُ جَمْعٍ عَدَمَ ضَمَانِهِ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى عِلْمِ رِضَا الْمَالِكِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَمَالِ نَفْسِهِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ: وَلَوْ كَانَ يَأْكُلُ قَدْرَ عَشَرَةٍ وَالْمُضِيفُ جَاهِلٌ بِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْكُلَ فَوْقَ مَا يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ فِي مِقْدَارِ الْأَكْلِ لِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ اللَّفْظِيِّ وَالْعُرْفِيِّ فِيمَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ وَمَا عَلَى طَبَقٍ وَخِوَانٍ) بِالْكَسْرِ، وَالضَّمُّ لُغَةٌ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى نَحْوِ إبْرِيقٍ) خِلَافًا لحج
(قَوْلُهُ: إسْنَادُهُ مُظْلِمٌ) أَيْ وَهُوَ عَلَامَةُ عَدَمِ الْقَبُولِ وَهَذَا فِي التَّجْرِيحِ دُونَ قَوْلِهِمْ فِيهِ كَذَّابٌ (قَوْلُهُ: إلَّا بِلَفْظٍ) أَيْ لَمْ تَدُلَّ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّهُ قَالَهُ حَيَاءً أَوْ نَحْوَهُ (قَوْلُهُ: فَوْقَ الشِّبَعِ) أَيْ التَّعَارُفِ لَا الْمَطْلُوبِ شَرْعًا وَهُوَ أَكْلُ نَحْوِ ثُلُثِ الْبَطْنِ (قَوْلُهُ: بِحَمْلِ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ بِكَرَاهَةِ الْأَكْلِ، وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي: أَيْ قَوْلُهُ بِحُرْمَتِهِ،
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَمَقْطُوعُ الرَّأْسِ) أَيْ مَثَلًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الشَّارِحِ. قَالَ الشِّهَابُ سم وَيَظْهَرُ أَنَّ خَرْقَ نَحْوِ بَطْنِهِ لَا يَجُوزُ اسْتِدَامَتُهُ وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا تَبْقَى مَعَ الْحَيَاةِ فِي الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْمُحَاكَاةِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَظِيرٌ) أَيْ كَفَرَسٍ بِأَجْنِحَةٍ
وَرَاءَهُ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُ لُقَمٍ كِبَارٍ مُسْرِعًا فِي مَضْغِهَا وَابْتِلَاعِهَا إذَا قَلَّ الطَّعَامُ لِأَنَّهُ يَأْكُلُ أَكْثَرَهُ وَيَحْرِمُ غَيْرَهُ، وَلَا لِرَذِيلٍ أَكَلَ مِنْ نَفِيسٍ بَيْنَ يَدَيْ كَبِيرٍ خُصَّ بِهِ إذْ لَا دَلَالَةَ عَلَى الْإِذْنِ لَهُ بَلْ الْعُرْفُ زَاجِرٌ لَهُ اهـ. وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ الْقَرَائِنِ الْقَوِيَّةِ وَالْعُرْفُ الْمُطَّرِدُ وَلَوْ بِنَحْوِ لُقْمَةٍ، فَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَالنَّصَفَةُ مَعَ الرُّفْقَةِ فَلَا يَأْخُذُ إلَّا مَا يَخُصُّهُ أَوْ يَرْضَوْنَ بِهِ بِلَا حَيَاءٍ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قِرَانِ نَحْوِ تَمْرَتَيْنِ بَلْ قِيلَ أَوْ سِمْسِمَتَيْنِ (وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ) أَيْ مَا قُدِّمَ لَهُ (إلَّا بِأَكْلٍ) لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِيهِ دُونَ مَا عَدَاهُ كَإِطْعَامِ سَائِلٍ أَوْ هِرَّةٍ وَكَتَصَرُّفِهِ فِيهِ بِنَقْلٍ لَهُ إلَى مَحَلِّهِ أَوْ بِنَحْوِ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ. نَعَمْ لَهُ تَقْلِيمُ مَنْ مَعَهُ مَا لَمْ يُفَاوِتْ بَيْنَهُمْ فَيَحْرُمُ عَلَى ذِي النَّفِيسِ تَلْقِيمُ ذِي الْخَسِيسِ دُونَ عَكْسِهِ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَالْمُفَاوَتَةُ بَيْنَهُمْ مَكْرُوهَةٌ: أَيْ إنْ خُشِيَ مِنْهَا حُصُولُ ضَغِينَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ مِلْكِهِ قَبْلَ الِازْدِرَادِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ مَا لَمْ يَبْتَلِعْهُ، لَكِنَّ الْمُرَجَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِوَضْعِهِ فِي فَمِهِ، وَصَرَّحَ بِتَرْجِيحِهِ الْقَاضِي وَالْإِسْنَوِيُّ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ نُسِبَ فِي ذَلِكَ لِلسَّهْوِ، وَالْمُرَادُ بِمِلْكِهِ ذَلِكَ مِلْكُهُ لِعَيْنِهِ مِلْكًا مُقَيَّدًا فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ نَحْوُ بَيْعِهِ، نَعَمْ ضِيَافَةُ الذِّمِّيِّ الْمَشْرُوطَةُ عَلَيْهِ تُمْلَكُ بِتَقْدِيمِهَا لِلضَّيْفِ اتِّفَاقًا فَلَهُ الِارْتِحَالُ بِهِ (وَلَهُ) أَيْ الضَّيْفِ مَثَلًا (أَخْذُ مَا) يَشْمَلُ الطَّعَامَ وَالنَّقْدَ وَغَيْرَهُمَا وَتَخْصِيصُهُ بِالطَّعَامِ رَدَّهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَتَفَطَّنْ لَهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَنْ وَهَمَ فِيهِ (يَعْلَمُ) أَوْ يَظُنُّ بِقَرِينَةٍ: قَوِيَّةٍ بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّفُ الرِّضَا عَنْهَا عَادَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (رِضَاهُ بِهِ) لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى طِيبِ نَفْسِ الْمَالِكِ، فَإِذَا قَضَتْ الْقَرِينَةُ الْقَوِيَّةُ بِهِ حَلَّ، وَتَخْتَلِفُ قَرَائِنُ الرِّضَا فِي ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَمَقَادِيرِ الْأَمْوَالِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ حُرْمَةُ التَّطَفُّلِ وَهُوَ الدُّخُولُ لِمَحَلِّ غَيْرِهِ لِتَنَاوُلِ طَعَامِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا عُلِمَ رِضَاهُ أَوْ ظَنُّهُ بِقَرِينَةٍ مُعْتَبَرَةٍ، بَلْ يَفْسُقُ بِهِ إنْ تَكَرَّرَ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ لِلْخَبَرِ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ يَدْخُلُ سَارِقًا وَيَخْرُجُ مُغِيرًا وَإِنَّمَا لَمْ يَفْسُقْ بِأَوَّلِ مَرَّةٍ لِلشُّبْهَةِ، وَمِنْهُ أَنْ يَدَّعِيَ وَلَوْ عَالِمًا مُدَرِّسًا أَوْ صُوفِيًّا فَيَسْتَصْحِبَ جَمَاعَتَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الدَّاعِي وَلَا ظَنِّ رِضَاهُ بِذَلِكَ، وَإِطْلَاقُ بَعْضِهِمْ أَنَّ دَعْوَتَهُ تَتَضَمَّنُ دَعْوَةَ جَمَاعَتِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَالصَّوَابُ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ (وَيَحِلُّ) لَكِنْ الْأَوْلَى تَرْكُهُ (نَثْرُ سُكَّرٍ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَقَوْلُهُ وَيَضْمَنُهُ: أَيْ ضَمَانَ الْغُصُوبِ (قَوْلُهُ مَعَ الرُّفْقَةِ) أَيْ بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: فِي قِرَانٍ) أَيْ جَمْعٍ وَقَوْلُهُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ: أَيْ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ بِتَرْجِيحِهِ) وَقِيَاسِ مِلْكِهِ بِوَضْعِهِ فِي فِيهِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ ابْتِلَاعِهِ، مَلَكَهُ وَارِثُهُ: أَيْ مِلْكًا مُطْلَقًا حَتَّى يَجُوزَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِنَحْوِ بَيْعِهِ، وَلَوْ خَرَجَ مِنْ فِيهِ قَهْرًا أَوْ اخْتِيَارًا فَهَلْ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الزَّوَالِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهِ لَكِنْ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الْأَكْلِ اهـ سم (قَوْلُهُ وَهُوَ الدُّخُولُ لِمَحَلٍّ غَيْرِهِ) وَكَحِرْمَةِ الدُّخُولِ لِأَكْلِ طَعَامِ الْغَيْرِ دُخُولُهُ مِلْكَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى مَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ مُسَمَّى التَّطَفُّلِ ثُمَّ الْمُرَادُ بِمَحَلِّهِ مَا يَخْتَصُّ بِهِ بِمِلْكٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ وَضَعَهُ فِي مَحَلٍّ مُبَاحٍ كَمَسْجِدٍ فَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ مَنْ دَعَاهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إنَّهُ يَدْخُلُ سَارِقًا) وَعَلَيْهِ فَلَوْ دَخَلَ وَأَخَذَ مَا يُسَاوِي رُبْعَ دِينَارٍ قُطِعَ إنْ دَخَلَ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّوْبَرِيِّ وَفِيهِ وَقْفَةٌ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الدُّخُولِ، بِخِلَافِ نَحْوِ دَاخِلِ الْحَمَّامِ فَإِنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي الدُّخُولِ لِلْغُسْلِ، فَإِنْ صَرَفَهُ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ قُطِعَ لِعَدَمِ الْإِذْنِ لَهُ فِي الدُّخُولِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ (قَوْلُهُ: وَيَخْرُجُ مُغِيرًا) أَيْ مُنْتَهِبًا، وَقَوْلُهُ وَمِنْهُ: أَيْ التَّطَفُّلِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُفَاوِتْ) أَيْ الْمَالِكُ (قَوْلُهُ مُغَيِّرًا) قَالَ الشَّيْخُ أَيْ مُنْتَهِبًا (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ التَّطَفُّلِ، وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُتَّصِفَ بِالتَّطَفُّلِ هُوَ الْمُدَّعُو الْمَذْكُورُ فَلْيُنْظَرْ هَلْ هُوَ الْمُرَادُ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمُتَّصِفَ بِذَلِكَ مَنْ دَخَلَ مَعَهُ مِنْ جَمَاعَتِهِ
وَهُوَ رَمْيُهُ مُفَرَّقًا (وَغَيْرِهِ) كَلَوْزٍ وَدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ (فِي الْأَمْلَاكِ) أَيْ عَقْدِ النِّكَاحِ وَكَذَا سَائِرُ الْوَلَائِمِ كَالْخِتَانِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ (وَلَا يُكْرَهُ فِي الْأَصَحِّ) لِخَبَرِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حَضَرَ إمْلَاكًا فِيهِ أَطْبَاقُ اللَّوْزِ وَالسُّكَّرِ فَأَمْسَكُوا، فَقَالَ: أَلَا تَنْهَبُونَ، فَقَالُوا: نَهَيْتنَا عَنْ النُّهْبَى، فَقَالَ: إنَّمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ نُهْبَةِ الْعَسَاكِرِ، أَمَّا الْفُرْسَانُ فَلَا، خُذُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ، فَجَاذَبَنَا وَجَاذَبْنَاهُ» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ مَوْضُوعٌ، لَكِنْ بَيَّنَ الْحَافِظُ الْهَيْتَمِيُّ فِي مَجْمَعِهِ أَنَّ الطَّبَرَانِيَّ رَوَاهُ فِي الْكَبِيرِ بِسَنَدِ رِجَالِهِ ثِقَاتٍ إلَّا اثْنَيْنِ فَإِنَّهُ لَمْ يَجِدْ مَنْ تَرْجَمَهُمَا وَحِينَئِذٍ فَلَا وَضْعَ وَلَا انْقِطَاعَ، وَالثَّانِي يُكْرَهُ لِلدَّنَاءَةِ فِي الْتِقَاطِهِ، وَقَدْ يَأْخُذُهُ مِنْ غَيْرِهِ أَحَبُّ إلَى صَاحِبِ النِّثَارِ (وَيَحِلُّ الْتِقَاطُهُ) لِلْعِلْمِ بِرِضَا مَالِكِهِ (وَتَرْكُهُ أَوْلَى) وَقِيلَ أَخْذُهُ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ دَنَاءَةٌ، نَعَمْ إنْ عُلِمَ أَنَّ النَّاثِرَ لَا يُؤْثِرْ بِهِ وَلَمْ يَقْدَحْ أَخْذُهُ فِي مُرُوءَتِهِ لَمْ يَكُنْ تَرْكُهُ أَوْلَى، وَيُكْرَهُ أَخْذُهُ مِنْ الْهَوَاءِ بِإِزَارٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ أَوْ الْتَقَطَهُ وَبَسَطَ ثَوْبَهُ لِأَجْلِهِ فَوَقَعَ فِيهِ مَلَكَهُ كَالْأَخْذِ وَلَوْ صَبِيًّا وَإِنْ سَقَطَ مِنْهُ بَعْدَ أَخْذِهِ فَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَحَيْثُ كَانَ أَوْلَى بِهِ وَأَخَذَهُ غَيْرُهُ فَفِي مِلْكِهِ وَجْهَانِ جَارِيَانِ فِيمَا لَوْ عَشَّشَ طَائِرٌ فِي مِلْكِهِ فَأَخَذَ فَرْخَهُ غَيْرُهُ وَفِيمَا إذَا دَخَلَ السَّمَكُ مَعَ الْمَاءِ فِي حَوْضِهِ وَفِيمَا إذَا وَقَعَ الثَّلْجُ فِي مِلْكِهِ فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ وَفِيمَا إذَا أَحْيَا مَا تَحَجَّرَهُ غَيْرُهُ، لَكِنْ الْأَصَحُّ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا الْمِلْكُ كَالْإِحْيَاءِ مَا عَدَا صُورَةَ النِّثَارِ لِقُوَّةِ الِاسْتِيلَاءِ فِيهَا، أَمَّا الْعَبْدُ فَيَمْلِكُهُ سَيِّدُهُ، فَإِنْ وَقَعَ فِي حِجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبْسُطَهُ لَهُ فَسَقَطَ مِنْهُ قَبْلَ قَصْدِ أَخْذِهِ لَمْ يَمْلِكْهُ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: فِي الْإِمْلَاكِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ (قَوْلُهُ: وَابْنُ الْجَوْزِيِّ مَوْضُوعٌ) فِيهِ أَنَّ ابْنَ الْجَوْزِيِّ لَمْ يَقُلْ فِيهِ مَوْضُوعٌ، إنَّمَا قَالَ لَا يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْوَضْعُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: بَيْنَ قَوْلِنَا مَوْضُوعٌ وَقَوْلِنَا لَا يَصِحُّ بَوْنٌ كَبِيرٌ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ إثْبَاتٌ لِلْكَذِبِ وَالِاخْتِلَاقِ وَالثَّانِيَ إخْبَارٌ عَنْ عَدَمِ الثُّبُوتِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ إثْبَاتُ الْعُدْمِ وَهَذَا يَجِيءُ فِي كُلِّ حَدِيثٍ قَالَ فِيهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ لَا يَصِحُّ أَوْ نَحْوُهُ. قَالَ ابْنُ عِرَاقٍ: وَكَأَنَّ نُكْتَةَ تَعْبِيرِهِ بِذَلِكَ حَيْثُ عَبَّرَ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يُلِحَّ لَهُ فِي الْحَدِيثِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَوْضُوعٌ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ احْتَمَلَ عِنْدَهُ أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا لِأَنَّهُ مِنْ طَرِيقِ مَتْرُوكٍ وَكَذَّابٍ فَأُدْخِلَ فِي الْمَوْضُوعَاتِ لِهَذَا الِاحْتِمَالِ، وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ عِنْدَ تَفَرُّدِ الْكَذَّابِ أَوْ الْمُتَّهَمِ، عَلَى أَنَّ الْحَافِظَ حَجّ فِي النُّخْبَةِ خَصَّ هَذَا بِاسْمِ الْمَتْرُوكِ وَلَمْ يُنَظِّمْهُ فِي سِلْكِ الْمَوْضُوعِ اهـ (قَوْلُهُ: فَفِي مِلْكِهِ) أَيْ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ فِي حَجْرِهِ) أَيْ الشَّخْصِ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: الْخَبَرُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حَضَرَ إمْلَاكًا إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ لَا نَثْرَ فِيهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ عَلِمَ أَنَّ النَّاثِرَ لَا يُؤْثِرُ بِهِ) أَيْ لَا يَخُصُّ بِهِ بَعْضَهُمْ دُونَ بَعْضٍ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ كَانَ أَوْلَى بِهِ إلَخْ) لَمْ يُقَدِّمْ قَبْلَهُ مَا يَتَنَزَّلُ هَذَا عَلَيْهِ وَهُوَ مَا إذَا سَقَطَ فِي حِجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبْسُطَ لَهُ، لَكِنَّهُ إنَّمَا يَصِيرُ أَوْلَى بِهِ مَا دَامَ فِي حِجْرِهِ، فَإِنْ سَقَطَ مِنْ حِجْرِهِ زَالَ اخْتِصَاصُهُ بِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الشَّرْحِ، وَحَيْثُ قُلْنَا هُوَ أَوْلَى بِهِ فَسَقَطَ فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَمْلِكْهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْأَصَحَّ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا الْمِلْكُ) أَيْ لِلْآخِذِ الثَّانِي.