المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل) في أحكام معنوية للموصى به - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٦

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ التَّرِكَةَ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْفُرُوضِ الَّتِي فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَذَوِيهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَجْبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ إرْثِ الْأُصُولِ

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان إرْث الْأَوْلَاد وأولادهم انفرادا واجتماعا]

- ‌(فَصْلٌ) فِي إرْثِ الْحَوَاشِي

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَوَانِعِ الْإِرْثِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَمَا يَعُولُ مِنْهَا

- ‌(فَرْعٌ) فِي تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ

- ‌[فَرْعٌ فِي الْمُنَاسَخَاتِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا وَالْوَدِيعَة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْوَصِيَّةِ لِغَيْرِ الْوَارِثِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَالْمُلْحَقِ بِهِ الْمُقْتَضِي كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْحَجَرِ عَلَيْهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامٍ لَفْظِيَّةٍ لِلْمُوصَى بِهِ وَلَهُ

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامٍ مَعْنَوِيَّةٍ لِلْمُوصَى بِهِ

- ‌فَصْلٌ) فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْإِيصَاءِ

- ‌كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْغَنِيمَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ مُسْتَنِدِ الْإِعْطَاءِ وَقَدْرِ الْمُعْطَى

- ‌(فَصْلٌ) فِي قِسْمَةِ الزَّكَاةِ بَيْنَ الْأَصْنَافِ

- ‌فَصْلٌ) فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌(فَصْلٌ) الْخِطْبَةُ

- ‌فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَتَوَابِعِهَا

- ‌فَصْلٌ فِيمَنْ يَعْقِدُ النِّكَاحَ وَمَا يَتْبَعُهُ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَوَانِعِ الْوِلَايَةِ لِلنِّكَاحِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْكَفَاءَةِ

- ‌فَصْلٌ) فِي تَزْوِيجِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ

- ‌(بَابٌ) مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي نِكَاحِ مَنْ فِيهَا رِقٌّ وَتَوَابِعِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حِلِّ نِكَاحِ الْكَافِرَةِ

- ‌(بَابٌ نِكَاحُ الْمُشْرِكِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ زَوْجَاتِ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مُبَاحَةٍ

- ‌[فَصْلٌ فِي مُؤْنَةِ الْمُسْلِمَةِ أَوْالْمُرْتَدَّةِ]

- ‌(بَابُ) (الْخِيَارِ) فِي النِّكَاحِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِعْفَافِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي نِكَاحِ الرَّقِيقِ

- ‌كِتَابُ الصَّدَاقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسَمَّى الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّفْوِيضِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَهْرِ الْمِثْلِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَشْطِيرِ الْمَهْرِ وَسُقُوطِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمُتْعَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْمَهْرِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ

- ‌ كِتَابُ الْقَسْمِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ أَحْكَامِ النُّشُوزِ وَسَوَابِقِهِ وَلَوَاحِقِهِ

- ‌كِتَابُ الْخُلْعِ

- ‌[فَصْلٌ فِي صِيغَة الخلع وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُلْزِمَةِ لِلْعِوَضِ فِي الخلع]

- ‌فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْخُلْعِ أَوْ فِي عِوَضِهِ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ إلَيْهَا

- ‌[فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ صِيغَة الطَّلَاقِ وَالْمُطَلِّقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَالْوِلَايَةِ عَلَيْهِ]

- ‌(فَصْلٌ)فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ بِنِيَّةِ الْعَدَدِ فِيهِ

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاق]

- ‌فَصْلٌ فِي الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ

الفصل: ‌(فصل) في أحكام معنوية للموصى به

وَالْخَالَةِ عَلَى جَدِّ الْأُمِّ وَجَدَّتِهَا انْتَهَى.

قَالَ غَيْرُهُ: وَكَالْعَمِّ فِي ذَلِكَ ابْنُهُ كَمَا فِي الْوَلَاءِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عُلِمَ مِنْهُ تَقْدِيمُ (ابْنٍ) وَبِنْتٍ وَذُرِّيَّتِهِمَا (عَلَى أَبٍ وَأَخٍ) وَذُرِّيَّتِهِ مِنْ أَيِّ جِهَاتِهِ (عَلَى جَدٍّ) مِنْ أَيِّ جِهَاتِهِ، وَالثَّانِي يُسَوَّى بَيْنَهُمَا فِيهِمَا لِاسْتِوَاءِ الْأَوَّلَيْنِ فِي الرُّتْبَةِ وَالْآخِرَيْنِ فِي الدَّرَجَةِ لِإِدْلَائِهِمَا بِالْأَبِ (وَلَا يَرْجِعُ بِذُكُورَةٍ وَوِرَاثَةٍ بَلْ يَسْتَوِي الْأَبُ وَالْأُمُّ وَالِابْنُ وَالْبِنْتُ) وَالْأَخُ وَالْأُخْتُ لِاسْتِوَاءِ الْجِهَةِ مِنْ كُلٍّ.

نَعَمْ الشَّقِيقُ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ وَالْأَخُ لِلْأَبِ مَعَ الْأَخِ لِلْأُمِّ مُسْتَوِيَانِ (وَيُقَدَّمُ ابْنُ الْبِنْتِ عَلَى ابْنِ ابْنِ الِابْنِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْهُ فِي الدَّرَجَةِ (وَلَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ نَفْسِهِ لَمْ تَدْخُلْ وَرَثَتُهُ فِي الْأَصَحِّ) اعْتِبَارًا بِعُرْفِ الشَّرْعِ لَا بِعُمُومِ اللَّفْظِ، وَلِأَنَّ الْوَارِثَ لَا يُوصَى لَهُ غَالِبًا فَيَخْتَصُّ بِالْبَاقِينَ وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَقْوَى فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ يَدْخُلُونَ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُهُمْ ثُمَّ يَبْطُلُ نَصِيبُهُمْ وَيَصِحُّ الْبَاقِي لِغَيْرِ الْوَرَثَةِ.

(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامٍ مَعْنَوِيَّةٍ لِلْمُوصَى بِهِ

مَعَ بَيَانِ مَا يُفْعَلُ عَنْ الْمَيِّتِ وَمَا يَنْفَعُهُ (تَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِمَنَافِعَ) نَحْوِ (عَبْدٍ وَدَارٍ) كَمَا قَدَّمَهُ وَأَعَادَ ذَلِكَ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ (وَغَلَّةٍ) عَطْفٌ عَلَى مَنَافِعَ (حَانُوتٍ) وَدَارٍ مُؤَبَّدَةٍ وَمُؤَقَّتَةٍ وَمُطْلَقَةٍ وَهِيَ لِلتَّأْبِيدِ، وَمَا اقْتَضَاهُ عَطْفُ الْغَلَّةِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ مِنْ تَغَايُرِهِمَا صَحِيحٌ

(وَيَمْلِكُ الْمُوصَى لَهُ) بِالْمَنْفَعَةِ وَكَذَا بِالْغَلَّةِ إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مُطْلَقُ الْمَنْفَعَةِ أَوْ اطَّرَدَ الْعُرْفُ بِذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ نَظِيرُ مَا مَرَّ (مَنْفَعَةٌ) نَحْوُ (الْعَبْدِ) الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فَلَيْسَتْ إبَاحَةً وَلَا عَارِيَّةً لِلُزُومِهَا بِالْقَبُولِ، وَمِنْ ثَمَّ جَازَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ وَيُعِيرَ وَيُوصِيَ بِهَا وَيُسَافِرَ بِهَا عِنْدَ الْأَمْنِ وَيَدُهُ يَدُ أَمَانَةٍ وَتُورَثُ عَنْهُ، وَإِطْلَاقُهُ الْمَنْفَعَةَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُؤَبَّدَةِ وَالْمُؤَقَّتَةِ، لَكِنْ قَيَّدَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِالْمُؤَبَّدَةِ أَوْ الْمُطْلَقَةِ، أَمَّا إذَا قَالَ أَوْصَيْت لَك بِمَنَافِعِهِ حَيَاتَكَ فَالْمَجْزُومُ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا أَنَّهُ لَيْسَ تَمْلِيكًا وَإِنَّمَا هُوَ إبَاحَةٌ فَلَيْسَ لَهُ الْإِجَارَةُ، وَفِي الْإِعَارَةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ الْمَنْعُ، فَقَدْ جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوَقْفِ، لَكِنْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الْإِجَارَةِ بِجَوَازِهَا مِنْهُ وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَقَالَ: إنَّهُ نَظِيرُ الْوَقْفِ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَمْرٍو، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ مَعَ التَّقْيِيدِ بِحَيَاتِهِ، وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْمَنْعِ عَلَى مَا إذَا كَانَ فِي عِبَارَةِ الْمُوصِي مَا يُشْعِرُ بِقَصْرِ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ كَأَوْصَيْتُ لَهُ لِيَسْكُنَ أَوْ يَنْتَفِعَ وَالْجَوَازُ عَلَى خِلَافِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَبَّرَ بِالْفِعْلِ وَأَسْنَدَهُ إلَى الْمُخَاطَبِ اقْتَضَى قُصُورَهُ عَلَى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ نَعَمْ الشَّقِيقُ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ هُنَا وَفِي الْوَقْفِ. .

(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامٍ مَعْنَوِيَّةٍ لِلْمُوصَى بِهِ (قَوْلُهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمَنَافِعَ إلَخْ) قَالَ حَجّ فِي شَرْحِ هَذَا الْمَحَلِّ بَعْدَ كَلَامٍ قَرَّرَهُ مَا نَصُّهُ: وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ بِدَرَاهِمَ يَتَّجِرُ فِيهَا الْوَصِيُّ وَيَتَصَدَّقُ بِمَا يَحْصُلُ مِنْ رِبْحِهَا؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ بِالنِّسْبَةِ لَهَا لَا يُسَمَّى غَلَّةً وَلَا مَنْفَعَةً لِلْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِزَوَالِهَا، وَهَذَا وَاضِحٌ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: وَيُسَافِرُ بِهَا) أَيْ بِالْعَيْنِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: الْمُؤَبَّدَةُ) أَيْ بِأَنْ ذُكِرَ فِيهَا لَفْظُ تَأْبِيدٍ وَقَوْلُهُ أَوْ الْمُطْلَقَةُ وَفِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ أَقَّتَهَا بِنَحْوِ سَنَةٍ (قَوْلُهُ: حَيَاتُك) أَيْ أَوْ حَيَاةُ زَيْدٍ اهـ زِيَادِيُّ (قَوْلُهُ فَالْمَجْزُومُ بِهِ إلَخْ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

[فَصْلٌ فِي أَحْكَامٍ مَعْنَوِيَّةٍ لِلْمُوصَى بِهِ]

(قَوْلُهُ: وَيُسَافِرُ بِهَا) يَعْنِي بِمَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ

ص: 83

مُبَاشَرَتِهِ بِخِلَافِ مَنْفَعَتِهِ أَوْ خِدْمَتِهِ أَوْ سُكْنَاهَا أَوْ رُكُوبِهَا، وَالتَّعْبِيرُ بِالِاسْتِخْدَامِ كَقَوْلِهِ بِأَنْ يَخْدُمَهُ بِخِلَافِ الْخِدْمَةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَقَوْلُهُ لِنَحْوِ الْوَصِيِّ أَطْعَمُ زَيْدًا رِطْلَ خُبْزٍ مِنْ مَالٍ تَمْلِيكٌ لَهُ كَإِطْعَامِ الْكَفَّارَةِ، بِخِلَافِ اشْتَرِ خُبْزًا وَاصْرِفْهُ لِجِيرَانِي فَإِنَّهُ إبَاحَةٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْإِطْعَامَ وَرَدَ فِي الشَّرْعِ مُرَادًا بِهِ التَّمْلِيكُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89] فَحُمِلَ فِي لَفْظِ الْمُوصَى عَلَيْهِ وَلَا كَذَلِكَ الصَّرْفُ (وَ) يَمْلِكُ أَيْضًا (أَكْسَابَهُ الْمُعْتَادَةَ) كَاحْتِطَابٍ وَاحْتِشَاشٍ وَاصْطِيَادٍ وَأُجْرَةِ حِرْفَةٍ؛ لِأَنَّهَا أَبْدَالُ الْمَنَافِعِ الْمُوصَى بِهَا لَا النَّادِرَةَ كَهِبَةٍ وَلُقَطَةٍ إذْ لَا تُقْصَدُ بِالْوَصِيَّةِ (وَكَذَا مَهْرُهَا) أَيْ الْأَمَةِ الْمُوصَى بِهَا إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ يَمْلِكُهُ الْمُوصَى لَهُ بِمَنَافِعِهَا (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَمَاءِ الرَّقَبَةِ كَالْكَسْبِ وَكَمَا يَمْلِكُهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ، وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْبَغَوِيِّ وَجَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ

وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَشْبَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّهُ مِلْكٌ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي، وَفَرَّقَ الْأَذْرَعِيُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِأَنَّ مِلْكَ الثَّانِي أَقْوَى لِمِلْكِهِ النَّادِرِ، وَالْوَلَدُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، وَيَمْلِكُ الْوَارِثُ الرَّقَبَةَ هُنَا لَا ثَمَّ قَالَ غَيْرُهُ وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ عَلَى قَوْلٍ فَقَوِيَ الِاسْتِتْبَاعُ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ أَبَدًا قِيلَ فِيهِ إنَّهُ يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ أَيْضًا، وَيُرَدُّ الْأَوَّلَانِ بِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَمْلِكُ الْإِجَارَةَ وَالْإِعَارَةَ وَالسَّفَرَ بِهَا وَتُورَثُ عَنْهُ الْمَنْفَعَةُ، وَلَا كَذَلِكَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَكَانَ مِلْكُ الْمُوصَى لَهُ أَقْوَى وَعَدَمُ مِلْكِ النَّادِرِ إنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ تَبَادُرِ دُخُولِهِ وَالْوَلَدُ إنَّمَا هُوَ لِمَا يَأْتِي، وَلِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْأُمِّ وَهُوَ لَا يَمْلِكُهَا لَا أَنَّ ذَلِكَ لِضَعْفِ مِلْكِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُحَدَّ الْمُوصَى لَهُ لَوْ وَطِئَ الْمُوصَى بِهَا وَلَوْ مُؤَقَّتَةً بِمُدَّةٍ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، بِخِلَافِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ مِلْكَهُ أَضْعَفُ، وَأَيْضًا فَالْحَقُّ فِي الْمَوْقُوفَةِ لِلْبَطْنِ الثَّانِي وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ، وَلَا حَقَّ هُنَا فِي الْمَنْفَعَةِ لِغَيْرِ الْمُوصَى لَهُ، فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ: الْوَجْهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْخِدْمَةِ) أَيْ فَلَهُ إجَارَتُهُ فِيهَا دُونَ خِدْمَتِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إبَاحَةٌ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُمْ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الْأَكْلِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا أَبْدَالُ الْمَنَافِعِ) وَمِنْ ذَلِكَ لَبَنُ الْأَمَةِ فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ فَلَهُ مَنْعُ الْأَمَةِ مِنْ سَقْيِ وَلَدِهَا الْمُوصَى بِهِ لِآخَرَ لِغَيْرِ اللُّبَا، أَمَّا هُوَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَمْكِينُهَا مِنْ سَقْيِهِ لِلْوَلَدِ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ الْأَذْرَعِيُّ بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَبَيْنَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إلَخْ عَلَى هَذَا الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَرَدَّ الْأَوَّلَانِ) هُمَا قَوْلُهُ أَقْوَى لِمِلْكِهِ النَّادِرِ وَقَوْلُهُ وَيَمْلِكُ الْوَارِثُ الرَّقَبَةَ (قَوْلُهُ: وَلَا كَذَلِكَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهَا، وَالْمُرَادُ بِمَنْعِ الْإِجَارَةِ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُؤَجَّرُ إنْ لَمْ يَكُنْ نَاظِرًا، وَإِلَّا فَالْإِجَارَةُ مِنْ وَظِيفَتِهِ لَكِنْ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ لِمَا يَأْتِي) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا وَلَدَهَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِ الْمَوْقُوفَةِ بِأَنَّ مِلْكَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لَهُ لَمْ يُعَارِضْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) مِنْهُمْ حَجّ حَيْثُ قَيَّدَ بِالْمُؤَبَّدَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا حَقَّ هُنَا فِي الْمَنْفَعَةِ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمُؤَبَّدَةِ، أَمَّا الْمُؤَقَّتَةُ فَالْحَقُّ فِيهَا انْقِضَاءُ الْمُدَّةِ لِلْوَارِثِ وَمُقْتَضَاهُ الْحَدُّ وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ حَجّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْفَعَتِهِ أَوْ خِدْمَتِهِ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لَهُ بِمَنْفَعَتِهِ إلَخْ كَمَا تُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَةُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَالتَّعْبِيرُ بِالِاسْتِخْدَامِ كَقَوْلِهِ بِأَنْ يَخْدُمَهُ بِخِلَافِ الْخِدْمَةِ) أَيْ فَيُقْصَرُ الْأَوَّلُ عَلَى مُبَاشَرَةِ خِدْمَتِهِ بِخِلَافِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَكَذَا لَهُ الْمَهْرُ الْحَاصِلُ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ (قَوْلُهُ: وَبِمِلْكِ الْوَارِثِ) هُوَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ بِأَنَّ مِلْكَ الثَّانِيَ أَقْوَى (قَوْلُهُ: وَالْوَلَدِ إنَّمَا هُوَ لِمَا يَأْتِي) بِجَرِّ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا فَالْحَقُّ فِي الْمَوْقُوفَةِ لِلْبَطْنِ الثَّانِي إلَخْ) بِمَعْنَى أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ وَمِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا بَعْدَ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحَلِّهِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، وَكَانَ الْأَوْلَى فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ: وَأَيْضًا فَحَقُّ الْبَطْنِ الثَّانِي ثَابِتٌ فِي الْمَوْقُوفَةِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ

ص: 84

التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا أَوْ وُجُوبُ الْحَدِّ فِي الْوَصِيَّةِ دُونَ الْوَقْفِ وَلَوْ أَوْلَدَهَا الْوَارِثُ فَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَيُشْتَرَى بِهَا مِثْلُهُ لِتَكُونَ رَقَبَتُهُ لِلْوَارِثِ وَمَنْفَعَتُهُ لِلْمُوصَى لَهُ.

كَمَا لَوْ وَلَدَتْهُ رَقِيقًا وَتَصِيرُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْوَارِثِ تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ لِلْمُوصِي وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحْبَلُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحْبَلُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرْهُونَةِ حَيْثُ حَرُمَ وَطْؤُهَا مُطْلَقًا أَنَّ الرَّاهِنَ قَدْ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ رَفْعِ الْعَلَقَةِ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ بِخِلَافِ الْوَارِثِ فِيهِمَا، وَلَوْ أَحْبَلَهَا الْمُوصَى لَهُ لَمْ يَثْبُتْ اسْتِيلَادُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ أَرْشَ الْبَكَارَةِ لِلْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ جُزْءٍ مِنْ الْبَدَنِ الَّذِي هُوَ مِلْكٌ لَهُمْ، وَلَوْ عُيِّنَتْ الْمَنْفَعَةُ كَخِدْمَةِ قِنٍّ أَوْ كَسْبِهِ أَوْ غَلَّةِ دَارٍ أَوْ سُكْنَاهَا لَمْ يَسْتَحِقَّ غَيْرَهَا كَمَا مَرَّ، فَلَيْسَ لَهُ فِي الْأَخِيرَةِ عَمَلُ الْحَدَّادِينَ وَالْقَصَّارِينَ إلَّا إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُوصِي أَرَادَ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيَجُوزُ تَزْوِيجُ الْمُوصِي بِمَنْفَعَتِهِ وَالْمُزَوِّجُ لَهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى الْوَارِثُ بِإِذْنِ الْمُوصَى لَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِخَبَرِ «أَيُّمَا مَمْلُوكٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهِ فَهُوَ عَاهِرٌ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ» وَلِأَنَّ مَالِكَ رَقَبَتِهِ يَتَضَرَّرُ بِتَعَلُّقِ مُؤَنِ النِّكَاحِ بِأَكْسَابِ الزَّوْجِ النَّادِرَةِ وَهِيَ لِمَالِكِ رَقَبَتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، فَمَا فِي الْوَسِيطِ مِنْ اسْتِقْلَالِ الْمُوصَى لَهُ بِتَزْوِيجِ الْعَبْدِ مُفَرَّعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَهُوَ أَنَّ مُؤَنَ النِّكَاحِ لَا تَتَعَلَّقُ بِأَكْسَابِهِ النَّادِرَةِ أَوْ عَلَى رَأْيٍ مِنْ أَنَّ أَكْسَابَهُ الْمَذْكُورَةَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ (لَا وَلَدِهَا) أَيْ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا أَمَةً كَانَتْ، وَالْحَالُ أَنَّهُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا أَوْ غَيْرِهَا فَلَا يَمْلِكُهُ الْمُوصَى لَهُ.

وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِ الْمَوْقُوفَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا) أَيْ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ عَنْهُمَا أَوْ وُجُوبُهُ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَى بِهَا) أَيْ بِقِيمَتِهِ وَقْتَ الْوِلَادَةِ مِثْلُهُ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ لِلْمُوصَى لَهُ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مَنْفَعَتَهَا لَمَّا كَانَتْ لِلْمُوصَى لَهُ وَكَانَ الْمَهْرُ الْحَاصِلُ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ لَهُ نَزَلَ الْوَارِثُ مَنْزِلَةَ الْأَجْنَبِيِّ وَكَانَ مِلْكُهُ لِلرَّقَبَةِ شُبْهَةً فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ (قَوْلُهُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) أَيْ وَيُعَزَّرُ، وَقَوْلُهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ: أَيْ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ لَا تَحْبَلُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَقَضِيَّةُ الْجَوَازِ عَدَمُ وُجُوبِ الْمَهْرِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا أَوْلَدَهَا وَجَبَ الْمَهْرُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحْبَلُ وَوَطِئَهَا وَلَمْ تَصِرْ بِهِ مُسْتَوْلَدَةً فَهَلْ يَجِبُ بِهِ مَهْرٌ لِحُرْمَتِهِ عَلَيْهِ أَوْ لَا، وَفِي الْعُبَابِ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ) أَيْ وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنْ يُشْتَرَى بِهِ مِثْلُهُ لِتَكُونَ رَقَبَتُهُ لِلْوَارِثِ وَمَنْفَعَتُهُ لِلْمُوصَى لَهُ، فَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ شِرَاءُ مِثْلِهِ بِقِيمَتِهِ فَقِيَاسُ مَا لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ رَقَبَتِهِ رُجُوعُ الْقِيمَةِ لِلْوَارِثِ وَلَا يُشْتَرَى بِهَا شِقْصٌ، وَقِيَاسُ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ شِرَاءُ شِقْصٍ فَهُوَ أَقْرَبُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ رَقَبَتِهِ بِتَعَذُّرِ مُسَمَّى الرَّقَبَةِ فَيُصْرَفُ لِلْوَارِثِ لِانْتِفَاءِ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْمُوصِي، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ مِثْلُ مَا لَوْ قَالَ ثُلُثِي لِلْعِتْقِ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ شِرَاءُ رَقَبَةٍ فَيُشْتَرَى بِهِ شِقْصٌ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَخِدْمَةِ قِنٍّ) أَيْ وَيَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ عَلَى الْخِدْمَةِ الْمُعْتَادَةِ لِلْمُوصَى لَهُ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ يَكُونُ لِلْوَارِثِ اسْتِخْدَامُهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْتَحِقَّ غَيْرَهَا) وَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ مِلْكِهِ لِلْمَنْفَعَةِ الْمُوصَى بِهَا مِلْكُ هَذِهِ وَإِنْ كَانَتْ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى) هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْأُنْثَى بِأَنْ يَجْبُرَهَا عَلَيْهِ فَيَتَوَلَّى تَزْوِيجَهَا، أَمَّا الْعَبْدُ فَالْمُرَادُ بِتَزْوِيجِهِ الْإِذْنُ لَهُ فِيهِ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ: وَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ إلَّا بِإِذْنِ الْوَارِثِ وَالْمُوصَى لَهُ.

وَفِي سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ: الْوَجْهُ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي حُرْمَةِ الْخَلْوَةِ وَالنَّظَرِ اهـ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي النَّظَرِ بَيْنَ كَوْنِهِ بِشَهْوَةٍ أَوْ لَا، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّظَرِ لِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ عَاهِرٌ) أَيْ زَانٍ (قَوْلُهُ: وَالْحَالُ أَنَّهُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا) بِخِلَافِهِ مِنْ الْمُوصَى لَهُ أَوْ الْوَارِثِ فَإِنَّهُ حُرٌّ كَمَا مَرَّ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِشُبْهَةٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَالْحَالُ أَنَّهُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا) فَإِنْ كَانَ مِنْ شُبْهَةٍ لَحِقَ الْوَاطِئَ وَيَكُونُ حُرًّا وَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ يَشْتَرِي بِهَا مِثْلَهُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ

ص: 85

بِأَنَّ مِلْكَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لَهُ لَمْ يُعَارِضْهُ أَقْوَى مِنْهُ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ إبْقَاءَ مِلْكِ الْأَصْلِ لِلْوَارِثِ الْمُسْتَتْبِعِ لَهُ مُعَارِضٌ أَقْوَى لِمِلْكِ الْمُوصَى لَهُ فَقُدِّمَ عَلَيْهِ (فِي الْأَصَحِّ بَلْ هُوَ) إنْ كَانَتْ حَامِلًا بِهِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهَا، أَوْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّهُ الْآنَ مِنْ فَوَائِدِ مَا اُسْتُحِقَّ مَنْفَعَتُهُ، بِخِلَافِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَقَبْلَ الْمَوْتِ وَإِنْ وُجِدَ عِنْدَهُ لِحُدُوثِهِ فِيمَا لَمْ يَسْتَحِقَّهُ إلَى الْآنَ (كَالْأُمِّ) فِي حُكْمِهَا فَتَكُونُ (مَنْفَعَتُهُ لَهُ وَرَقَبَتُهُ لِلْوَارِثِ) ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا فَجَرَى مَجْرَاهَا.

وَالثَّانِي يَمْلِكُهُ الْمُوصَى لَهُ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ، وَلَوْ نَصَّ عَلَى الْوَلَدِ فِي الْوَصِيَّةِ دَخَلَ قَطْعًا، وَلَوْ قُتِلَ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فَوَجَبَ مَالٌ وَجَبَ شِرَاءُ مِثْلِهِ رِعَايَةً لِغَرَضِ الْمُوصِي، فَإِنْ لَمْ يَفِ بِكَامِلٍ فَشِقْصٌ وَالْمُشْتَرِي لَهُ الْوَارِثُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَقْفِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِي فِيهِ الْحَاكِمُ بِأَنَّ الْوَارِثَ هُنَا مَالِكٌ لِلْأَصْلِ فَكَذَا بَدَلِهِ وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَيْسَ مَالِكًا لَهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ نَظَرٌ فِي الْبَدَلِ فَتَعَيَّنَ الْحَاكِمُ وَيُبَاعُ فِي الْجِنَايَةِ وَحِينَئِذٍ يَبْطُلُ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا فَدَى

وَ (لَهُ) أَيْ الْوَارِثِ وَمِثْلُهُ مُوصًى لَهُ بِرَقَبَتِهِ دُونَ مَنْفَعَتِهِ (إعْتَاقُهُ) يَعْنِي الْقِنَّ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ كَمَا بِأَصْلِهِ وَلَوْ مُؤَبَّدًا؛ لِأَنَّهُ خَالِصُ مِلْكِهِ.

نَعَمْ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ مُمْتَنِعٌ، وَمِثْلُ ذَلِكَ إعْتَاقُهُ عَنْ النَّذْرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَكَانَتْ الْوَصِيَّةُ مُوَقَّتَةً بِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ أَمْ لَا كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَكَذَا كِتَابَتُهُ لِعَجْزِهِ عَنْ الْكَسْبِ وَالْوَصِيَّةُ بِحَالِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَمُؤْنَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا فَعَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْوَارِثِ وَمِثْلُهُ الْمُوصَى لَهُ بِرَقَبَتِهِ (نَفَقَتُهُ) يَعْنِي مُؤْنَةَ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ قِنًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَمِنْهَا فِطْرَةُ الْقِنِّ (إنْ أُوصِيَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَهُوَ الْأَحْسَنُ وَيَصِحُّ لِلْفَاعِلِ وَحُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ أَيْ إنْ أَوْصَى الْمُوصِي (بِمَنْفَعَتِهِ مُدَّةً) ؛ لِأَنَّهُ مَالِكُ الرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ فِيمَا عَدَا تِلْكَ الْمُدَّةِ وَفِيمَا إذَا أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ أَوْ دَارٍ سَنَةً تُحْمَلُ عَلَى السَّنَةِ الْأُولَى لِقَوْلِهِمْ لَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَأَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ أَمَتُهُ أَوْ زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ فَإِنَّهُ يَكُونُ حَرَامٌ وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْوِلَادَةِ يُشْتَرَى بِهَا مِثْلُهُ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَوَلَدَهَا الْوَارِثُ وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرَهَا كَبَهِيمَةٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْحَادِثِ) أَيْ فَهُوَ مِلْكٌ لِلْوَارِثِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْوَصِيَّةِ) وَيَتَنَازَعُ الْمَفْهُومَانِ فِيمَا لَوْ قَارَنَ الْحَمْلَ خُرُوجُ الرُّوحِ فَهَلْ يَلْحَقُ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ بِمَا قَبْلَهُ، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِحُصُولِ الْعُلُوقِ قَبْلَ انْتِقَالِهِ لِمِلْكِ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وُجِدَ عِنْدَهُ) أَيْ الْمَوْتُ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ نَصَّ: أَيْ الْمُوصِي، وَقَوْلُهُ عَلَى الْوَلَدِ: أَيْ الْحَادِثِ بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: فَوَجَبَ مَالٌ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ عُفِيَ عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى مَالٍ، فَإِنْ أَوْجَبَتْ الْجِنَايَةُ قِصَاصًا وَاقْتَصَّ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ (قَوْلُهُ وَجَبَ شِرَاءُ مِثْلِهِ) أَيْ أَمَّا إذَا قَطَعَ بَعْضَ أَعْضَائِهِ مَثَلًا فَأَرْشُهُ لِلْوَارِثِ كَمَا مَرَّ فِي أَرْشِ الْبَكَارَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمُشْتَرِي لَهُ الْوَارِثُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ وَصَّى وَإِلَّا قُدِّمَ عَلَى الْوَارِثِ اهـ سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ مُمْتَنِعٌ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ فَعَلَ عَتَقَ مَجَّانًا فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ) أَيْ خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهَا لَوْ أُقِّتَتْ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ لِنَفَقَةٍ أَوْ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مَا لَا يُحْتَاجُ فِيهِ لِذَلِكَ صَحَّ إعْتَاقُهُ عَنْهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا كِتَابَتُهُ) أَيْ مُمْتَنِعَةٌ، وَقَوْلُهُ لِعَجْزِهِ يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ وَقْفِهِ لِعَدَمِ مَنْفَعَةٍ تَتَرَتَّبُ عَلَى الْوَقْفِ فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ مَنَافِعِهِ فَلَمْ تَبْقَ مَنْفَعَةٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةُ بِحَالِهَا) أَيْ بَاقِيَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: تُحْمَلُ عَلَى السَّنَةِ الْأُولَى) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ، فَإِنَّ تَعْيِينَهَا لِلْوَارِثِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا أَبْقَى لِلْوَارِثِ شَرِكَةً فِي الْمَنَافِعِ، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِثَمَرِ نَخْلِهِ سَنَةً اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى.

أَقُولُ: يَشْكُلُ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ فِيمَا ذَكَرَ مَنْعُ بَيْعِ دَارٍ اسْتَحَقَّتْ الْمُعْتَدَّةُ بِالْأَقْرَاءِ سُكْنَاهَا لِلْجَهْلِ بِمُدَّةِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ كَانَ الْمُوصَى بِهِ غَيْرَ مَعْلُومٍ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ يَنْتَفِعُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: بِأَنَّ مِلْكَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لَهُ) أَيْ الْوَالِدِ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمِلْكٍ

(قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا مَحَلُّ هَذَا وَكَانَ

ص: 86

سَنَةً ثُمَّ أَجَّرَهُ سَنَةً وَمَاتَ فَوْرًا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ مَنْفَعَةَ السَّنَةِ الْأُولَى وَقَدْ فَوَّتَهَا، وَعَلَى تَعَيُّنِ الْأُولَى لَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ غَائِبًا عِنْدَ الْمَوْتِ وَجَبَ لَهُ إذَا قَبِلَ تِلْكَ الْوَصِيَّةَ بَدَلُ مَنْفَعَةِ تِلْكَ السَّنَةِ الَّتِي تَلِي الْمَوْتَ وَإِنْ تَرَاخَى فِي الْقَبُولِ عَنْهَا؛ لِأَنَّ بِهِ يَتَبَيَّنُ اسْتِحْقَاقُهُ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ عَلَى مَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا مِنْ وَارِثٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ قِيلَ بِفَوَاتِ حَقِّهِ بِغِيبَتِهِ وَإِنَّ لَهُ سَنَةً مِنْ حِينِ الْمُطَالَبَةِ (وَكَذَا أَبَدًا فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ بِإِعْتَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَالثَّانِي أَنَّهَا عَلَى الْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَوْفًى الْمَنْفَعَةَ فَهُوَ كَالزَّوْجِ وَعَلَفُ الدَّابَّةِ كَنَفَقَةِ الرَّقِيقِ، وَأَمَّا سَقْيُ الْبُسْتَانِ الْمُوصَى بِثَمَرِهِ فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ أَوْ تَبَرَّعَ بِهِ أَحَدُهُمَا فَظَاهِرٌ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ مَنْعُهُ، وَإِنْ تَنَازَعَا لَمْ يُجْبَرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ، وَأَفْتَى صَاحِبُ الْبَيَانِ بِأَنَّهُ وَإِنْ عَتَقَ يَنْسَحِبُ عَلَيْهِ حُكْمُ الْأَرِقَّاءِ لِاسْتِغْرَاقِ مَنَافِعِهِ عَلَى الْأَبَدِ، بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجَرِ لِانْتِهَاءِ مِلْكِ مَنَافِعِهِ، وَاعْتَمَدَهُ الْأَصْبَحِيُّ وَخَالَفَهُمَا أَبُو شُكَيْلٍ وَالْبُسْتِيُّ فَقَالَا لَهُ حُكْمُ الْأَحْرَارِ، وَرَجَّحَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الثَّانِي بِأَنَّهُ أَوْفَقُ لِإِطْلَاقِ الْأَئِمَّةِ إذْ لَمْ يَعُدَّ أَحَدٌ مِنْ مَوَانِعِ نَحْوِ الْإِرْثِ وَالشَّهَادَةِ اسْتِغْرَاقُ الْمَنَافِعِ اهـ.

فَقَوْلُ الْهَرَوِيِّ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ يَحْتَمِلُ كُلًّا مِنْ الرَّأْيَيْنِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَوَاضِحٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ لِاسْتِغْرَاقِ مَنَافِعِهِ إنْ كَانَ حُرًّا، وَمَحَلُّهُ إنْ زَادَ اشْتِغَالُهُ بِهَا عَلَى قَدْرِ الظُّهْرِ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ وَلَمْ يَكُنْ لِمَالِكِ مَنَافِعِهِ مَنْعُهُ مِنْهَا كَالسَّيِّدِ مَعَ قِنِّهِ (وَبَيْعُهُ) أَيْ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فَهُوَ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ وَحُذِفَ فَاعِلُهُ وَهُوَ الْوَارِثُ لِلْعِلْمِ بِهِ، وَيَصِحُّ عُودُ الضَّمِيرِ لِلْوَارِثِ السَّابِقِ فَهُوَ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ (إنْ لَمْ يُؤَبِّدْ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَحُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ: أَيْ الْمُوصِي الْمَنْفَعَةَ، وَلِلْمَفْعُولِ: أَيْ إنْ لَمْ تُؤَبَّدْ الْوَصِيَّةُ بِمَنْفَعَتِهِ (كَ) بَيْعِ الشَّيْءِ (الْمُسْتَأْجَرِ) فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَلَوْ لِغَيْرِ الْمُوصَى لَهُ، وَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مَجْهُولَةً وَطَرِيقُ الصِّحَّةِ حِينَئِذٍ مَا ذَكَرَهُ فِي اخْتِلَاطِ حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ مَعَ الْجَهْلِ (وَإِنْ أَبَّدَ) الْمَنْفَعَةَ وَلَوْ بِإِطْلَاقِهَا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِلْمُوصَى لَهُ دُونَ غَيْرِهِ) إذْ لَا فَائِدَةَ لِغَيْرِهِ فِيهِ أَيْ فَائِدَةً ظَاهِرَةً، وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِهِمَا، فَإِنْ اجْتَمَعَا فَالْقِيَاسُ الصِّحَّةُ لِوُجُودِ الْفَائِدَةِ حِينَئِذٍ، وَلَمْ يَنْظُرُوا هُنَا لِفَائِدَةِ الْإِعْتَاقِ كَالزَّمِنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحُلْ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَ مَنَافِعِهِ، وَهُنَا الْمُوصَى لَهُ لِمَا اسْتَحَقَّ جَمِيعَ مَنَافِعِهِ عَلَى التَّأْبِيدِ صَارَ حَائِلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُرِيدِ شِرَائِهِ فَلَمْ يَصِحَّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي ثَالِثِ شُرُوطِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِهِ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْخِدْمَةِ وَكَذَلِكَ مَالِكُ الدَّارِ يَنْتَفِعُ بِهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يُؤَدِّي إلَى مَنْعِ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ السُّكْنَى كَوَضْعِ أَمْتِعَةٍ فِي الدَّارِ لَا تَمْنَعُ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ السُّكْنَى وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا خَلْوَةٌ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ) أَيْ بِالْوَصِيَّةِ وَقَوْلُهُ وَقَدْ فَوَّتَهَا: أَيْ بِالْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهَا أَحَدٌ فَاتَتْ عَلَى الْمُوصَى لَهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ بَدَلَهَا (قَوْلُهُ: لَهُ حُكْمُ الْأَحْرَارِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ يَنْسَحِبُ عَلَيْهِ حُكْمُ الْأَرِقَّاءِ، وَقَوْلُهُ وَأَمَّا الثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ لَهُ حُكْمُ الْأَحْرَارِ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مَجْهُولَةً) أَيْ مُدَّةُ الْوَصِيَّةِ كَأَنْ قَالَ إلَى مَجِيءِ ابْنِي مَثَلًا مِنْ السَّفَرِ (قَوْلُهُ: وَطَرِيقُ الصِّحَّةِ) أَيْ مِنْ الْبَيْعِ لِثَالِثٍ، وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ مَسْلُوبِ الْمَنْفَعَةِ وَقِيمَتُهُ مُنْتَفَعًا بِهِ، وَيَدْفَعُ مَا يَخُصُّ الْمَنْفَعَةَ لِلْمُوصَى لَهُ وَمَا بَقِيَ لِلْوَارِثِ، وَقَوْلُهُ أَنَّهُ: أَيْ الْإِطْلَاقُ (قَوْلُهُ: إذْ لَا فَائِدَةَ لِغَيْرِهِ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ خَصَّصَ الْمَنْفَعَةَ الْمُوصَى بِهَا كَأَنْ أَوْصَى بِكَسْبِهِ دُونَ غَيْرِهِ صَحَّ بَيْعُهُ لِغَيْرِ الْمُوصَى لَهُ لِبَقَاءِ بَعْضِ الْمَنْفَعَةِ لِلْوَارِثِ فَتَتْبَعُ الرَّقَبَةَ فِي الْبَيْعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: أَيُّ فَائِدَةٍ ظَاهِرَةٍ) أَيْ وَإِلَّا فَالْأَكْسَابُ النَّادِرَةُ لَهُ وَهِيَ فَائِدَةٌ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ الصِّحَّةُ) أَيْ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ بِالنِّسْبَةِ عَلَى قِيمَتَيْ الرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ بِمَنَافِعِهِ مِائَةً وَبِدُونِهَا عِشْرِينَ فَلِلْمَالِكِ الرَّقَبَةِ خُمُسُ الثَّمَنِ وَلِمَالِكِ الْمَنْفَعَةِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ أَوَّلَ الْفَصْلِ أَوْ تَأْخِيرَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بَدَلُ (قَوْلُهُ: وَعَلَفُ الدَّابَّةِ إلَخْ) أَيْ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ قِنًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَطَرِيقُ الصِّحَّةِ حِينَئِذٍ مَا ذَكَرُوهُ فِي اخْتِلَاطِ حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ)

ص: 87

الْبَيْعِ وَالثَّانِي يَصِحُّ مُطْلَقًا لِكَمَالِ الرَّقَبَةِ فِيهِ.

وَالثَّالِثُ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا لِاسْتِغْرَاقِ الْمَنْفَعَةِ بِحَقِّ الْغَيْرِ، وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الْمَنْفَعَةِ بَيْعَهَا فَالظَّاهِرُ صِحَّتُهَا مِنْ غَيْرِ الْوَارِثِ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ خِلَافًا لِلدَّارِمِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ إلَّا لِلْمُوصَى لَهُ فَأَسْلَمَ الْقِنُّ وَالْمُوصَى لَهُ وَالْوَارِثُ كَافِرَانِ، فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يُحَالُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ وَيُسْتَكْسَبُ عِنْدَ مُسْلِمٍ ثِقَةٍ لِلْمُوصَى لَهُ، وَلَا يُجْبَرَانِ عَلَى بَيْعِهِ لِثَالِثٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْ الثَّمَنِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِهِمَا لِثَالِثٍ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُمَا لَوْ بَاعَ عَبْدَيْهِمَا لِثَالِثٍ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ تَرَاضَيَا لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقِنَّيْنِ مَثَلًا مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ، فَقَدْ يَقَعُ النِّزَاعُ بَيْنَهُمَا فِي التَّقْوِيمِ لَا إلَى غَايَةٍ، بِخِلَافِ أَحَدِ الْمَبِيعَيْنِ هُنَا فَإِنَّهُ تَابِعٌ فَسُومِحَ فِيهِ، وَلَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ مُسْلِمٍ لِكَافِرِ فَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ، وَعَلَيْهِ فَيُجْبَرُ عَلَى نَقْلِهَا الْمُسْلِمُ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ كَافِرٌ مُسْلِمًا عَيْنًا، وَقَدْ يُفْهِمُ كَلَامُهُ عَدَمَ صِحَّةِ بَيْعِ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ الْمُؤَبَّدَةِ لِلْوَارِثِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَنَظِيرِهِ الْمَارِّ فِي بَيْعِ حَقٍّ نَحْوِ الْبِنَاءِ أَوْ الْمُرُورِ، وَلَوْ أَوْصَى بِأَمَةٍ لِرَجُلٍ وَبِحَمْلِهَا لِآخَرَ فَأَعْتَقَهَا مَالِكُهَا لَمْ يُعْتَقْ الْحَمْلُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا انْفَرَدَ بِالْمِلْكِ صَارَ كَالْمُسْتَقِلِّ أَوْ بِمَا تَحْمِلُهُ فَأَعْتَقَهَا الْوَارِثُ وَتَزَوَّجَتْ وَلَوْ بِحُرٍّ فَأَوْلَادُهَا أَرِقَّاءُ.

كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّ الْمُوصَى لَهُ بِالْحَمْلِ يَمْنَعُ سَرَيَانَ الْعِتْقِ إلَيْهِ فَيَبْقَى عَلَى مِلْكِهِ، وَإِنْ ادَّعَى الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الصَّوَابَ انْعِقَادُهُمْ أَحْرَارًا، وَيَغْرَمُ الْوَارِثُ قِيمَتَهُمْ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِعْتَاقِ فَوَّتَهُمْ عَلَى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَرْعٌ] فِي سم عَلَى حَجّ: وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُدْفَعَ مِنْ غَلَّةِ أَرْضِهِ كُلُّ سَنَةٍ كَذَا لِمَسْجِدِ كَذَا مَثَلًا وَخَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ بَعْضِهَا وَتَرْكُ مَا يَحْصُلُ مِنْهُ الْمُعَيَّنُ لِاخْتِلَافِ الْأُجْرَةِ فَقَدْ يَسْتَغْرِقُهَا وَيَكُونُ الْجَمِيعُ لِلْمُوصَى لَهُ اهـ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يَخُصُّ كُلًّا إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا مَعَ صِحَّةِ الْبَيْعِ مِنْهُمَا مَعَ جَهْلِ كُلٍّ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ اجْتِمَاعَهُمَا رِضًا مِنْهُمَا بِالضَّرَرِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ مِنْ التَّنَازُعِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِهِ بِالِاخْتِيَارِ الْإِجْبَارُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ) وَعَلَى هَذَا فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ وَصَّى مُسْلِمٌ لِكَافِرٍ وَمَاتَ الْمُوصِي وَالْمُوصَى لَهُ بَاقٍ عَلَى كُفْرِهِ حَيْثُ قَالَ الشَّارِحُ: يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ بِأَنَّ إذْلَالَ الْمُسْلِمِ بِمِلْكِ الْكَافِرِ لَهُ أَقْوَى مِنْ مُجَرَّدِ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْإِجَارَةِ أَنْ يُكَلَّفَ رَفْعَ يَدِهِ عَنْهُ بِإِيجَارِهِ لِمُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الْمَنْفَعَةِ بَيْعَهَا إلَخْ، وَلَمْ يَذْكُرْ حَجّ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى، وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى الْمُؤَبَّدَةِ وَمَا تَقَدَّمَ عَلَى خِلَافِهِ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَمَّا انْفَرَدَ بِالْمِلْكِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي عَدَمِ عِتْقِ الْحَمْلِ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّصْوِيرِ حَتَّى لَوْ أَوْصَى بِحَمْلِ أَمَةٍ دُونَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا لَمْ يَعْتِقْ الْحَمْلُ وَيَبْقَى فِيهِ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ انْفَرَدَ بِالْمِلْكِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِانْفِرَادِهِ بِالْمِلْكِ انْفِرَادُهُ بِشِبْهِهِ، أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ انْفَرَدَ بِالْمِلْكِ عَلَى تَقْدِيرِ تَمَامِ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّ الْمُوصَى لَهُ) قِيَاسُ ذَلِكَ أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَى الْحُرِّ تَزْوِيجُهَا إلَّا بِشَرْطِ نِكَاحِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ مَنْعِ نِكَاحِ الْأَمَةِ خَوْفُ رِقِّ الْوَلَدِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَيْ فَيُبَاعَانِ لِثَالِثٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) يُنَاقِضُ مَا قَدَّمَهُ قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الْمَنْفَعَةِ بَيْعَهَا فَالظَّاهِرُ صِحَّتُهَا مِنْ غَيْرِ الْوَارِثِ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ خِلَافًا لِلدَّارِمِيِّ، وَهُوَ تَابِعٌ فِيمَا ذَكَرَهُ هُنَا لِلشِّهَابِ حَجّ الْمُوَافِقُ لِلدَّارِمِيِّ بَعْدَ مَا صَرَّحَ بِمُخَالَفَتِهِ فِيمَا مَرَّ، وَكَتَبَ الشِّهَابُ سم عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ حَجّ مَا لَفْظُهُ: نُقِلَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ حِكَايَةِ الزَّرْكَشِيّ لَهُ عَنْ جَزْمِ الدَّارِمِيِّ، وَلَك أَنْ تَقُولَ: إنَّمَا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ الرَّقَبَةِ مِنْ غَيْرِ الْمُوصَى لَهُ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهَا وَحْدَهَا وَالْمَنْفَعَةُ يُنْتَفَعُ بِهَا بِاسْتِيفَائِهَا، فَالْمُتَّجِهُ صِحَّةُ بَيْعِهَا مِنْ غَيْرِ الْوَارِثِ أَيْضًا.

فَإِنْ قُلْت: هِيَ مَجْهُولَةٌ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِقَدْرِ مُدَّتِهَا.

قُلْت: لَوْ أَثَّرَ هَذَا لَامْتَنَعَ بَيْعُ رَأْسِ الْجِدَارِ أَبَدًا مَعَ أَنَّهُ صَحِيحٌ وَلَا يُمْلَكُ بِهِ عَيْنُ إلَخْ مَا ذَكَرَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

ص: 88

الْمُوصَى لَهُ إذْ مُدَّعَاهُ عَجِيبٌ مَعَ قَوْلِهِمْ الْآتِي بِالْعِتْقِ إنَّهُ لَوْ كَانَ الْحَمْلُ لِغَيْرِ الْمُعْتِقِ بِوَصِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَمْ يَعْتِقْ بِعِتْقِ الْأُمِّ وَلَوْ قُتِلَ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ قَتْلًا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فَاقْتَصَّ الْوَارِثُ مِنْ قَاتِلِهِ انْتَهَتْ الْوَصِيَّةُ كَمَا لَوْ مَاتَ أَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ وَبَطَلَتْ مَنْفَعَتُهَا، فَإِنْ وَجَبَ مَالٌ بِعَفْوٍ أَوْ بِجِنَايَةٍ تُوجِبُهُ اشْتَرَى بِهِ مِثْلَ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ، وَلَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ الْوَارِثِ أَوْ الْمُوصَى لَهُ وَلَوْ قُطِعَ طَرَفُهُ فَالْأَرْشُ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى بِهِ بَاقٍ مُنْتَفَعٌ بِهِ وَمَقَادِيرُ الْمَنْفَعَةِ لَا تَنْضَبِطُ؛ وَلِأَنَّ الْأَرْشَ بَدَلَ بَعْضِ الْعَيْنِ، وَإِنْ جَنَى عَمْدًا اُقْتُصَّ مِنْهُ، أَوْ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ عَفَا عَلَى مَالٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ وَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ إنْ لَمْ يَفْدِيَاهُ، فَإِنْ زَادَ الثَّمَنُ عَلَى الْأَرْشِ اُشْتُرِيَ بِالزَّائِدِ مِثْلُهُ، وَإِنْ فَدَيَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ غَيْرُهُمَا عَادَ كَمَا كَانَ، وَإِنْ فَدَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَقَطْ بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ نَصِيبُ الْآخَرِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْعَبْدِ) مَثَلًا (كُلُّهَا) أَيْ مَعَ مَنْفَعَتِهِ (مِنْ الثُّلُثِ إنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا) أَوْ مُدَّةً مَجْهُولَةً؛ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَارِثِ.

وَلِتَعَذُّرِ تَقْوِيمِ الْمَنْفَعَةِ بِتَعَذُّرِ الْوُقُوفِ عَلَى آخِرِ عُمْرِهِ فَيَتَعَيَّنُ تَقْوِيمُ الرَّقَبَةِ مَعَ مَنْفَعَتِهَا، فَإِنْ احْتَمَلَهَا الثُّلُثُ لَزِمَتْ الْوَصِيَّةُ فِي الْجَمِيعِ وَإِلَّا فَفِيمَا يَحْتَمِلُهُ، فَلَوْ سَاوَى الْعَبْدُ بِمَنَافِعِهِ مِائَةً وَبِدُونِهَا عَشَرَةً اُعْتُبِرَتْ الْمِائَةُ كُلُّهَا مِنْ الثُّلُثِ، فَإِنْ وَفَّى بِهَا فَوَاضِحٌ وَإِلَّا كَأَنْ لَمْ يَفِ إلَّا بِنِصْفِهَا صَارَ نِصْفُ الْمَنْفَعَةِ لِلْوَارِثِ، وَالْأَوْجَهُ فِي كَيْفِيَّةِ اسْتِيفَائِهِمَا أَنَّهُمَا يَتَهَايَآنِهَا وَالثَّانِي وَخَرَّجَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ إذْ لَا بُدَّ أَنْ يَبْقَى لَهُ قِيمَةٌ طَمَعًا فِي إعْتَاقِهِ (وَإِنْ أَوْصَى بِهَا مُدَّةً) مَعْلُومَةً (قُوِّمَ بِمَنْفَعَةٍ ثُمَّ) قُوِّمَ (مَسْلُوبُهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ وَيُحْسَبُ النَّاقِصُ مِنْ الثُّلُثِ) ؛ لِأَنَّ الْحَيْلُولَةَ بِصَدَدِ الزَّوَالِ، فَإِذَا سَاوَى بِالْمَنْفَعَةِ مِائَةً وَبِدُونِهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ تِسْعِينَ فَالْوَصِيَّةُ بِعَشَرَةٍ، فَإِنْ وَفَّى بِهَا الثُّلُثَ فَظَاهِرٌ وَإِلَّا كَأَنْ وَفَّى بِنِصْفِهَا فَكَمَا مَرَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ أَوْصَى بِالْمَنْفَعَةِ لِوَاحِدٍ وَبِالرَّقَبَةِ لِآخَرَ فَرَدَّ الْأَوَّلُ رَجَعَتْ الْمَنْفَعَةُ لِلْوَارِثِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ أَعَادَ الدَّارَ بِآلَتِهَا عَادَ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِمَنَافِعِهَا.

(وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِحَجِّ تَطَوُّعٍ) أَوْ عُمْرَتِهِ أَوْ هُمَا (فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى جَوَازِ النِّيَابَةِ فِيهِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَيُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ.

وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ النِّيَابَةَ إنَّمَا دَخَلَتْ فِي الْفَرْضِ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ إلَى التَّطَوُّعِ (وَيَحُجُّ مِنْ بَلَدِهِ أَوْ الْمِيقَاتِ) أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا إنْ كَانَ أَبْعَدَ مِنْ الْمِيقَاتِ (كَمَا قُيِّدَ) عَمَلًا بِوَصِيَّتِهِ هَذَا إنْ وَسِعَهُ الثُّلُثُ وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ أَمْكَنَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ.

نَعَمْ لَوْ لَمْ يَفِ بِمَا يُمْكِنُ الْحَجُّ بِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ: أَيْ مِيقَاتِ الْمَيِّتِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْحَجِّ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَعَادَ لِلْوَرَثَةِ قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْحَجَّ لَا يَتَبَعَّضُ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْعِتْقِ، قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ (وَإِنْ أَطْلَقَ) الْوَصِيَّةَ (فَمِنْ الْمِيقَاتِ) يُحَجُّ عَنْهُ (فِي الْأَصَحِّ) حَمْلًا عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ.

وَالثَّانِي مِنْ بَلَدِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ التَّجْهِيزُ لِلْحَجِّ مِنْهُ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِغَالِبٍ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ إذَا قَالَ حُجُّوا عَنِّي مِنْ ثُلُثِي، فَإِنْ قَالَ بِثُلُثِي فُعِلَ مَا يُمْكِنُ بِهِ ذَلِكَ مِنْ حَجَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ، فَإِنْ فَضَلَ مَا لَا يُمْكِنْ الْحَجُّ بِهِ فَهُوَ لِلْوَارِثِ كَمَا مَرَّ (وَحَجَّةُ الْإِسْلَامِ) وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا تُحْسَبُ عَلَى الْمَشْهُورِ (مِنْ رَأْسِ الْمَالِ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَهِيَ مَوْجُودَةٌ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: وَهُوَ كَذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ لَنَا حُرَّةٌ لَا تُنْكَحُ إلَّا بِشُرُوطِ الْأَمَةِ وَهِيَ الْمُوصَى بِأَوْلَادِهَا إذَا أَعْتَقَهَا الْوَارِثُ (قَوْلُهُ: قُوِّمَ بِمَنْفَعَتِهِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ أَوْصَى بِبَعْضِ مَنَافِعِهِ فَيُقَوَّمُ بِجَمِيعِهَا ثُمَّ يُقَوَّمُ مَسْلُوبَ الْبَعْضِ الَّذِي أَوْصَى بِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَعَادَ الدَّارَ بِآلَتِهَا) أَيْ وَلَوْ بِمَشَقَّةٍ فِي إعَادَتِهَا، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِآلَتِهَا أَنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا بِغَيْرِ آلَتِهَا لَا تَعُودُ مَنْفَعَةُ الْمُوصَى لَهُ، وَأَنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا بِآلَتِهَا وَغَيْرِهَا لَا تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ لِلْمُوصَى لَهُ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ تُقَسَّمَ الْمَنْفَعَةُ بَيْنَهُمَا بِالْمُحَاصَّةِ فِي هَذِهِ. وَفِي حَجّ: فَرْعٌ: لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُعْطَى خَادِمُ تُرْبَتِهِ أَوْ أَوْلَادِهِ مَثَلًا كُلَّ يَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ كَذَا أُعْطِيَهُ كَذَلِكَ إنْ عَيَّنَ إعْطَاءَهُ مِنْ رِيعِ مِلْكِهِ، وَإِلَّا أُعْطِيَهُ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ، وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِيمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُعْرَفُ قَدْرُ الْمُوصَى بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ حَتَّى يُعْلَمَ أَيَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ لَا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أَوْصَى لِوَصِيَّةِ كُلِّ سَنَةٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ مَا دَامَ وَصِيًّا فَيَصِحُّ بِالْمِائَةِ الْأُولَى إنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ لَا غَيْرَ خِلَافًا لِمَنْ غَلِطَ فِيهِ اهـ.

وَقَوْلُهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَيْ النَّشَائِيُّ.

(قَوْلُهُ: مِنْ حَجَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ) وَيَنْبَغِي جَوَازُ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ إذَا قَالَ حُجُّوا عَنِّي إلَخْ) اُنْظُرْ مَا مُرَادُهُ بِمَا تَقَرَّرَ حَتَّى يَكُونَ هَذَا قَيْدًا فِيهِ

ص: 89

كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَمِثْلُهَا حَجَّةُ النَّذْرِ إنْ وَقَعَ فِي الصِّحَّةِ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ وَإِلَّا فَمِنْ الثُّلُثِ وَيُحَجُّ عَنْهُ مِنْ الْمِيقَاتِ، فَإِنْ قَيَّدَ بِأَبْعَدَ مِنْهُ وَوَفَّى بِهِ الثُّلُثُ فُعِلَ، وَلَوْ عَيَّنَّ شَيْئًا لِيَحُجَّ بِهِ عَنْهُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ لَمْ يَكْفِ إذْنُ الْوَرَثَةِ: أَيْ وَلَا الْوَصِيُّ لِمَنْ يَحُجُّ عَنْهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِئْجَارِ؛ لِأَنَّ هَذَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ لَا مَحْضُ وَصِيَّةٍ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْجَعَالَةَ كَالْإِجَارَةِ نَعَمْ لَوْ قَالَ إذَا أَحْجَجْتَ لَهُ غَيْرَك فَلَكَ كَذَا لَمْ يَسْتَحِقَّ مَا عَيَّنَهُ الْمَيِّتُ وَلَا أُجْرَةَ لِلْمُبَاشِرِ بِإِذْنِهِ عَلَى التَّرِكَةِ كَمَا لَوْ حَجَّ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ عَقْدٍ (فَإِنْ)(أَوْصَى بِهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ) مِنْ (الثُّلُثِ)(عُمِلَ بِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَيَكُونُ فِي الْأَوَّلِ لِلتَّأْكِيدِ وَفِي الثَّانِي بِقَصْدِ الرِّفْقِ بِوَرَثَتِهِ إذَا كَانَ هُنَاكَ وَصَايَا أُخَرُ؛ لِأَنَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ تُزَاحِمُهَا حِينَئِذٍ، فَإِنْ وَفَّى بِهَا مَا خَصَّهَا وَإِلَّا كُمِّلَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصَايَا فَلَا فَائِدَةَ فِي نَصِّهِ عَلَى الثُّلُثِ، وَلَوْ أَضَافَ الْوَصِيَّةَ الزَّائِدَةَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ إلَى رَأْسِ الْمَالِ كَأَحِجُّوا عَنِّي مِنْ رَأْسِ مَالِي بِخَمْسِمِائَةٍ وَالْأُجْرَةُ مِنْ الْمِيقَاتِ مِائَتَانِ فَهُمَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالثَّلَثُمِائَةِ مِنْ الثُّلُثِ

(وَإِنْ أَطْلَقَ الْوَصِيَّةَ بِهَا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَقِيلَ مِنْ الثُّلُثِ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَصَالَةً فَذَكَرَهَا قَرِينَةً عَلَى إرَادَتِهِ الثُّلُثَ، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ كَمَا احْتَمَلَ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ التَّأْكِيدَ وَإِذَا وَقَعَ التَّرَدُّدُ وَجَبَ الرُّجُوعُ لِلْأَصْلِ (وَيُحَجُّ) عَنْهُ (مِنْ الْمِيقَاتِ) ؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ وَلَوْ قَالَ أَحِجُّوا عَنِّي زَيْدًا بِكَذَا لَمْ يَجُزْ نَقْصُهُ عَنْهُ حَيْثُ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ الْوَصِيُّ بِدُونِهِ أَوْ وَجَدَ مَنْ يَحُجُّ بِدُونِهِ وَمَحَلُّهُ كَمَا لَا يَخْفَى إنْ كَانَ الْمُعَيَّنُ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِظُهُورِ إرَادَةِ الْوَصِيَّةِ لَهُ وَالتَّبَرُّعُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَإِلَّا جَازَ نَقْصُهُ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ الْمُعَيَّنُ وَارِثًا فَالزِّيَادَةُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ، فَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ قَالَ أَحِجُّوا عَنِّي زَيْدًا بِأَلْفٍ يُصْرَفُ إلَيْهِ الْأَلْفُ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ حَيْثُ وَسِعَهَا الثُّلُثُ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا وَإِلَّا يُوقَفُ الزَّائِدُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ عَلَى الْإِجَازَةِ، وَلَوْ حَجَّ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ أَوْ اسْتَأْجَرَ الْوَصِيُّ الْمُعَيَّنَ بِمَالِ نَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِ الْمُوصَى بِهِ أَوْ صِفَتِهِ رَجَعَ الْقَدْرُ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمُوصِي لِوَرَثَتِهِ، وَعَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ بِأَقْسَامِهَا أُجْرَةُ الْأَجِيرِ مِنْ مَالِهِ، وَلَوْ عَيَّنَ قَدْرًا فَقَطْ فَوَجَدَ مَنْ يَرْضَى بِدُونِهِ جَازَ إحْجَاجُهُ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ.

قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَخَالَفَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ: الصَّحِيحُ وُجُوبُ صَرْفِ الْجَمِيعِ لَهُ، وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِمَا ذُكِرَ سَابِقًا مِنْ حَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا لَوْ كَانَ الْمُعَيَّنُ قَدْرَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ عَادَةً، وَالثَّانِي عَلَى مَا لَوْ زَادَ عَلَيْهَا، وَلَوْ عَيَّنَ الْأَجِيرَ فَقَطْ أُحِجَّ عَنْهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ إنْ رَضِيَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ شَخْصًا فِي سَنَةٍ فَأَرَادَ التَّأْخِيرَ إلَى قَابِلٍ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ، وَالْأَوْجَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي سَنَةٍ، بَلْ قَدْ يُقَالُ بِوُجُوبِهِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَصِيِّ الْمُبَادَرَةُ إلَى تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ مَا أَمْكَنَ لَا يُقَالُ: إنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُ حَجَّتَيْنِ عَنْ شَخْصٍ فِي سَنَةٍ.

لِأَنَّا نَقُولُ: ذَلِكَ مَحَلُّهُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْفَاعِلِ وَمَا هُنَا لَا اتِّحَادَ فِيهِ لِإِيقَاعِهِ مِنْ اثْنَيْنِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: إنْ وَقَعَ) أَيْ النَّذْرُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ هَذَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَا يَحُجُّ بِهِ وَلَا كَانَتْ الْحَجَّةُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فَلْيُرَاجَعْ سم عَلَى حَجّ.

وَقَوْلُهُ نَعَمْ إلَخْ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْجَعَالَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَالَ) أَيْ الْوَارِثُ وَقَوْلُهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ مَا عَيَّنَهُ: أَيْ الْوَاسِطَةُ وَقَوْلُهُ عَلَى التَّرِكَةِ أَيْ وَلَا غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ وَجَدَ مَنْ يَحُجُّ بِدُونِهِ) أَيْ بِدُونِ مَا عَيَّنَهُ الْمُوصِي، وَيَدْفَعُ لَهُ جَمِيعَ الْمُوصَى بِهِ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِإِنْسَانٍ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ (قَوْلُهُ: فَفِي الْجَوَاهِرِ) أَيْ لِلْقَمُولِيِّ وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ عَلَى مَا قَالَهُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ الْوَصِيِّ وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ هِيَ قَوْلُهُ أَوْ اسْتَأْجَرَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَيَّنَ قَدْرًا فَقَطْ) أَيْ دُونَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: فَأَرَادَ) أَيْ الشَّخْصُ وَقَوْلُهُ إنْ مَاتَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ هَذَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ) اُنْظُرْ مَا مَرْجِعُ الْإِشَارَةِ فَإِنْ كَانَ هُوَ مَا صَدَرَ مِنْ الْمُوصِي فَلَا خَفَاءَ فِي عَدَمِ صِحَّتِهِ إذْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ هُوَ مَا يَفْعَلُهُ الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ كَانَ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُتَصَدِّقُ هُوَ أَوْ غَيْرَهُ، فَقَوْلُهُ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ عَنْهُ إلَخْ رَاجِعٌ لِهَذَا وَمَا بَعْدَهُ.

ص: 90

كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ إنْ مَاتَ عَاصِيًا لِتَأْخِيرِهِ مُتَهَاوِنًا حَتَّى مَاتَ أُنِيبَ غَيْرُهُ رَفَعَا لِعِصْيَانِ الْمَيِّتِ وَلِوُجُوبِ الْفَوْرِيَّةِ فِي الْإِنَابَةِ عَنْهُ، وَإِلَّا أُخِّرَتْ إلَى الْيَأْسِ مِنْ حَجِّهِ؛ لِأَنَّهَا كَالتَّطَوُّعِ، وَلَوْ امْتَنَعَ أَصْلًا وَقَدْ عَيَّنَ لَهُ قَدْرًا أُحِجَّ غَيْرُهُ بِأَقَلِّ مَا يُوجَدُ وَلَوْ فِي التَّطَوُّعِ، وَفِيمَا إذَا عَيَّنَ قَدْرًا إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا فَمِقْدَارُ أَقَلَّ مَا يُوجَدُ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِ حَجِّهِ مِنْ الْمِيقَاتِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالزَّائِدُ مِنْ الثُّلُثِ، وَحَيْثُ اسْتَأْجَرَ وَصِيٌّ أَوْ وَارِثٌ أَوْ أَجْنَبِيٌّ مَنْ يَحُجُّ عَنْ الْمَيِّتِ امْتَنَعَتْ الْإِقَالَةُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ لِلْمَيِّتِ فَلَمْ يَمْلِكْ أَحَدٌ إبْطَالَهُ، وَحَمَلَهُ كَثِيرٌ عَلَى مَا إذَا انْتَفَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْإِقَالَةِ وَإِلَّا كَأَنْ عَجَزَ الْأَجِيرُ أَوْ خِيفَ حَبْسُهُ أَوْ فَلَسُهُ أَوْ قِلَّةُ دِبيَانَتِهِ جَازَتْ.

قَالَ الزَّبِيلِيُّ: وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْأَجِيرِ إلَّا إنْ رُئِيَ يَوْمَ عَرَفَةَ بِالْبَصْرَةِ مَثَلًا وَقَالَ حَجَجْت أَوْ اعْتَمَرْت (وَلِلْأَجْنَبِيِّ) فَضْلًا عَنْ الْوَارِثِ الَّذِي بِأَصْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَصَّ الْخِلَافُ بِالْأَجْنَبِيِّ الشَّامِلِ هُنَا لِقَرِيبٍ غَيْرِ وَارِثٍ (أَنْ يَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ) الْحَجَّ الْوَاجِبَ كَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْهَا الْمَيِّتُ فِي حَيَاتِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقَعُ عَنْهُ إلَّا وَاجِبَةٌ فَأُلْحِقَتْ بِالْوَاجِبِ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) يَعْنِي الْوَارِثَ (فِي الْأَصَحِّ) كَقَضَاءِ دَيْنِهِ، بِخِلَافِ حَجِّ التَّطَوُّعِ لَا يَجُوزُ عَنْهُ مِنْ وَارِثٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ إلَّا بِإِيصَائِهِ وَإِنْ أَوْهَمَتْ عِبَارَةُ الشَّارِحِ خِلَافَهُ.

وَالثَّانِي لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ لِلِافْتِقَارِ إلَى النِّيَّةِ، وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الصَّوْمِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ لِلصَّوْمِ بَدَلًا وَهُوَ الْإِمْدَادُ، وَإِنَّمَا جَعَلْنَا الضَّمِيرَ لِلْوَارِثِ عَلَى خِلَافِ السِّيَاقِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ الْوَارِثُ وَإِلَّا صَحَّ وَإِنْ لَمْ يُوصِ الْمَيِّتُ قَطْعًا، وَيَصِحُّ بَقَاءُ السِّيَاقِ بِحَالِهِ مِنْ عَوْدِهِ لِلْمَيِّتِ، وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ إذْنَ وَارِثِهِ أَوْ لِلْوَصِيِّ أَوْ الْحَاكِمِ فِي نَحْوِ الْقَاصِرِ قَائِمٌ مَقَامَ إذْنِهِ، وَيَجُوزُ كَوْنُ أَجِيرِ التَّطَوُّعِ لَا الْفَرْضِ وَلَوْ نَذْرًا قِنًّا وَمُمَيِّزًا، وَنَازَعَ فِيهِ الْأَذْرَعِيَّ فَقَالَ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَأْجَرَ لِتَطَوُّعٍ أَوْصَى بِهِ إلَّا كَامِلًا وَهُوَ يَقَعُ فَرْضَ كِفَايَةٍ، وَكَالْحَجِّ زَكَاةُ الْمَالِ وَالْفِطْرِ، ثُمَّ مَا فُعِلَ عَنْهُ بِلَا وَصِيَّةٍ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ إلَّا إنْ عُذِرَ فِي التَّأْخِيرِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ (وَيُؤَدِّي الْوَارِثُ) وَلَوْ عَامًا (عَنْهُ) أَيْ الْمَيِّتِ مِنْ التَّرِكَةِ (الْوَاجِبَ الْمَالِيَّ) كَعِتْقٍ وَإِطْعَامٍ وَكِسْوَةٍ (فِي كَفَّارَةٍ مُرَتَّبَةٍ) كَكَفَّارَةِ قَتْلٍ وَظِهَارٍ وَدَمِ نَحْوِ تَمَتُّعٍ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ فِي الْعِتْقِ لِلْمَيِّتِ وَكَذَا الْبَدَنِيُّ إنْ كَانَ صَوْمًا كَمَا قَدَّمَهُ فِيهِ (وَيُطْعِمُ وَيَكْسُو) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (فِي الْمُخَيَّرَةِ) كَكَفَّارَةِ يَمِينٍ وَنَحْوِ حَلْقِ مُحْرِمٍ وَنَذْرِ لَجَاج (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُعْتَقُ) عَنْهُ مِنْ التَّرِكَةِ (أَيْضًا) كَالْمُرَتَّبَةِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ شَرْعًا فَجَازَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ مِنْ الْخِصَالِ فِي حَقِّهِ أَقَلُّهَا.

وَالثَّانِي قَالَ لَا ضَرُورَةَ هُنَا إلَى الْعِتْقِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ لَهُ) أَيْ الْوَارِثِ (الْأَدَاءُ مِنْ مَالِهِ) فِي الْمُرَتَّبَةِ وَالْمُخَيَّرَةِ (إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ) سَوَاءٌ الْعِتْقُ وَغَيْرُهُ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ وَكَذَا مَعَ وُجُودِ التَّرِكَةِ أَيْضًا كَمَا اعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْبُلْقِينِيُّ، وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ لَهُ إمْسَاكُ عَيْنِ التَّرِكَةِ وَقَضَاءُ دَيْنِ الْآدَمِيِّ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْمُضَايَقَةِ مِنْ مَالِهِ فَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْلَى وَالتَّعَلُّقُ بِالْعَيْنِ مَوْجُودٌ فِيهِمَا وَتَعَلُّقُ الْعِتْقِ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ كَمَا لَا يَمْنَعُ الْوَارِثَ مِنْ شِرَاءِ عَبْدِهَا وَيُعْتِقُهُ كَذَلِكَ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ شِرَاءِ ذَلِكَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَعَلَّقْ الْعِتْقُ بِعَيْنِ الْعَبْدِ، وَلَعَلَّ تَقْيِيدَ الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ التَّرِكَةِ لِإِثْبَاتِ الْخِلَافِ لَا لِلْمَنْعِ، وَالثَّانِي لَا لِبُعْدِ الْعِبَادَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ الْمُوصِي (قَوْلُهُ وَحَمَلَهُ كَثِيرٌ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْأَجِيرِ: أَيْ فِي الْإِتْيَانِ بِالْحَجِّ، وَقَوْلُهُ يَوْمَ عَرَفَةَ: أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَقَالَ حَجَجْت أَوْ اعْتَمَرْت) أَيْ وَإِنْ كَانَ وَلِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِخَوَارِقِ الْعَادَاتِ (قَوْلُهُ: وَلِلْأَجْنَبِيِّ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ (قَوْلُهُ: أَنْ يَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ إلَخْ) وَهَلْ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَحُجَّ التَّطَوُّعَ الَّذِي أَفْسَدَهُ الْمَيِّتُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ الْفَرْضَ صِحَّةُ حَجِّهِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ أَفْسَدَهُ وَجَبَ الْقَضَاءُ، وَلَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَنْبَغِي عَلَى فِعْلِ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ كَوْنُ أَجِيرِ التَّطَوُّعِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَذْرًا قِنًّا وَمُمَيِّزًا) وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعَاقِدَ فِي الْأَوَّلِ السَّيِّدُ وَفِي الثَّانِي الْوَلِيُّ (قَوْلُهُ وَكَالْحَجِّ زَكَاةُ الْمَالِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَصِحَّةِ فِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ لَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَامًّا) أَيْ كَبَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ مَوْجُودٌ فِيهِمَا) أَيْ دَيْنُ الْآدَمِيِّ وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى.

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 91

عَنْ النِّيَابَةِ.

وَالثَّالِثُ يُمْنَعُ الْإِعْتَاقُ فَقَطْ لِتَعَذُّرِ إثْبَاتِ الْوَلَاءِ لِلْمَيِّتِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ) أَيْ مَا فَعَلَ عَنْهُ مِنْ طَعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ (يَقَعُ عَنْهُ لَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ) وَهُوَ هُنَا غَيْرُ الْوَارِثِ كَمَا مَرَّ (بِطَعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ) كَقَضَاءِ دَيْنِهِ، وَالثَّانِي لَا لِبُعْدِ الْعِبَادَةِ عَنْ النِّيَابَةِ (لَا إعْتَاقَ) فِي مُرَتَّبَةٍ أَوْ مُخَيَّرَةٍ (فِي الْأَصَحِّ) لِاجْتِمَاعِ بُعْدِ الْعِبَادَةِ عَنْ النِّيَابَةِ وَبُعْدِ إثْبَاتِ الْوَلَاءِ لِلْمَيِّتِ، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ جَوَازِهِ فِي الْمُرَتَّبَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَالثَّانِي يَقَعُ عَنْهُ كَغَيْرِهِ.

(وَيَنْفَعُ الْمَيِّتَ صَدَقَةٌ) عَنْهُ وَمِنْهَا وَقْفٌ لِمُصْحَفٍ وَغَيْرِهِ وَحَفْرُ بِئْرٍ وَغَرْسُ شَجَرَةٍ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ (وَدُعَاءٌ) لَهُ (مِنْ وَارِثٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ) إجْمَاعًا وَقَدْ صَحَّ خَبَرُ «إنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ دَرَجَةَ الْعَبْدِ فِي الْجَنَّةِ بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِهِ لَهُ» وَهُوَ مُخَصِّصُ وَقِيلَ نَاسِخُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] إنْ أُرِيدَ ظَاهِرُهُ وَإِلَّا فَقَدْ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِهِ وَمِنْهُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَافِرِ، أَوْ أَنَّ مَعْنَاهُ لَا حَقَّ لَهُ إلَّا فِيمَا سَعَى، وَأَنَّ مَا فَعَلَ عَنْهُ فَهُوَ مَحْضُ فَضْلٍ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ، وَظَاهِرٌ مِمَّا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَقِّ هُنَا نَوْعُ تَعَلُّقٍ وَنِسْبَةٍ، إذْ لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ثَوَابًا خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ، وَمَعْنَى نَفْعِهِ بِالصَّدَقَةِ تَنْزِيلُهُ مَنْزِلَةَ الْمُتَصَدِّقِ وَاسْتِبْعَادُ الْإِمَامِ لَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ ثُمَّ تَأْوِيلُهُ بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْمُتَصَدِّقِ وَيَنَالُ الْمَيِّتَ بَرَكَتُهُ، رَدَّهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ وُقُوعِ الصَّدَقَةِ نَفْسِهَا عَنْ الْمَيِّتِ حَتَّى يُكْتَبَ لَهُ ثَوَابُهَا وَهُوَ ظَاهِرُ السُّنَّةِ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: وَوَاسِعُ فَضْلِهِ تَعَالَى أَنْ يُثِيبَ الْمُتَصَدِّقَ أَيْضًا، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْأَصْحَابُ: يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ الصَّدَقَةَ عَنْ أَبَوَيْهِ مَثَلًا فَإِنَّهُ تَعَالَى يُثِيبُهُمَا وَلَا يَنْقُصُ أَجْرَهُ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ مَا ذُكِرَ فِي الْوَقْفِ يَلْزَمُهُ تَقْدِيرُ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ وَتَمْلِيكِهِ الْغَيْرَ وَلَا نَظِيرَ لَهُ: رُدَّ بِأَنَّ هَذَا يَلْزَمُ فِي الصَّدَقَةِ أَيْضًا وَإِنَّمَا لَمْ يَنْظُرْ لَهُ؛ لِأَنَّ جَعْلَهُ كَالْمُتَصَدِّقِ مَحْضُ فَضْلٍ فَلَا يَضُرُّ خُرُوجُهُ عَنْ الْقَوَاعِدِ لَوْ اُحْتِيجَ لِذَلِكَ التَّقْدِيرِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ بَلْ يَصِحُّ نَحْوُ الْوَقْفِ عَنْ الْمَيِّتِ، وَلِلْفَاعِلِ ثَوَابُ الْبِرِّ، وَلِلْمَيِّتِ ثَوَابُ الصَّدَقَةِ الْمُرَتَّبَةِ عَلَيْهِ، وَمَعْنَى نَفْعِهِ بِالدُّعَاءِ حُصُولُ الْمَدْعُوِّ بِهِ لَهُ إذَا اُسْتُجِيبَ وَاسْتِجَابَتُهُ مَحْضُ فَضْلٍ مِنْهُ تَعَالَى، وَلَا تُسَمَّى فِي الْعُرْفِ ثَوَابًا.

أَمَّا نَفْسُ الدُّعَاءِ وَثَوَابُهُ فَلِلدَّاعِي؛ لِأَنَّهُ شَفَاعَةٌ أَجْرُهَا لِلشَّافِعِ وَمَقْصُودُهَا لِلْمَشْفُوعِ لَهُ، وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الصَّدَقَةِ، نَعَمْ دُعَاءُ الْوَلَدِ يَحْصُلْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَغَرْسُ شَجَرَةٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُثْمِرْ (قَوْلُهُ بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِهِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِوَالِدِي أَوْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ مُخَصِّصُ عِبَارَةِ حَجّ وَهُمَا مُخَصِّصَانِ وَقِيلَ نَاسِخَانِ.

[فَرْعٌ] قَالَ حَجّ: وَلَوْ أَوْصَى بِكَذَا لِمَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءَ قُرْآنٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُدَّةَ صَحَّ، ثُمَّ مَنْ قَرَأَ عَلَى قَبْرِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ اسْتَحَقَّ الْوَصِيَّةَ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ، وَفِي فَتَاوَى الْأَصْبَحِيِّ: لَوْ أَوْصَى بِوَقْفِ أَرْضٍ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهِ حُكِّمَ الْعُرْفِ فِي غَلَّةِ كُلِّ سَنَةٍ بِسَنَتِهَا فَمَنْ قَرَأَ بَعْضَهَا اسْتَحَقَّ بِالْقِسْطِ أَوْ كُلَّهَا اسْتَحَقَّ غَلَّةَ السَّنَةِ كُلِّهَا أَوْ بِنَفْسِ الْأَرْضِ، فَإِنْ عَيَّنَ مُدَّةً لَمْ يَسْتَحِقَّ الْأَرْضَ إلَّا مَنْ قَرَأَ جَمِيعَ الْمُدَّةِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مُدَّةً فَالِاسْتِحْقَاقُ تَعَلَّقَ بِشَرْطٍ مَجْهُولٍ لَا آخَرَ لِوَقْتِهِ فَيُشْبِهُ مَسْأَلَةَ الدِّينَارِ الْمَجْهُولَةِ اهـ.

وَمُرَادُهُ بِمَسْأَلَةِ الدِّينَارِ مَا مَرَّ فِي الْفَرْعِ قَبْلَ قَوْلِهِ وَتَصِحُّ بِحَجِّ تَطَوُّعٍ.

وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ لَا يُشْبِهُهَا لِإِمْكَانِ حَمْلِ هَذَا عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْوَصِيَّةِ قِرَاءَتُهُ عَلَى قَبْرِهِ جَمِيعَ حَيَاتِهِ فَلْيُحْمَلْ عَلَيْهِ تَصْحِيحًا لِلَّفْظِ مَا أَمْكَنَ، وَمَرَّ فِي الْوَقْفِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ وَمَعْنَى نَفْعِهِ بِالدُّعَاءِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا نَوَى ثَوَابَ قِرَاءَةٍ لَهُ أَوْ دُعَاءٍ عَقِبَهَا بِحُصُولِ ثَوَابِهَا لَهُ أَوْ قَرَأَ عِنْدَ قَبْرِهِ حَصَلَ لَهُ مِثْلُ ثَوَابِ قِرَاءَتِهِ وَحَصَلَ لِلْقَارِئِ أَيْضًا الثَّوَابُ، فَلَوْ سَقَطَ ثَوَابُ الْقَارِئِ لِمُسْقِطٍ كَأَنْ غَلَبَ الْبَاعِثُ الدُّنْيَوِيُّ كَقِرَاءَتِهِ بِأُجْرَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ مِثْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَيِّتِ وَلَوْ اُسْتُؤْجِرَ لِلْقِرَاءَةِ لِلْمَيِّتِ وَلَمْ يَنْوِهِ بِهَا وَلَا دَعَا لَهُ بَعْدَهَا وَلَا قَرَأَ عِنْدَ قَبْرِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: بَلْ يَصِحُّ نَحْوُ الْوَقْفِ عَنْ الْمَيِّتِ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ الْمَذْكُورُ

ص: 92

ثَوَابُهُ نَفْسُهُ لِلْوَالِدِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ عَمَلَ وَلَدِهِ لِتَسَبُّبِهِ فِي وُجُودِهِ مِنْ جُمْلَةِ عَمَلِهِ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي خَبَرِ «يَنْقَطِعُ عَمَلُ ابْنِ آدَمَ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ» ثُمَّ قَالَ «أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» جَعَلَ دُعَاءَهُ مِنْ جُمْلَةِ عَمَلِ الْوَالِدِ وَإِنَّمَا يَكُونُ مِنْهُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ انْقِطَاعِ الْعَمَلِ إنْ أُرِيدَ نَفْسُ الدُّعَاءِ لَا الْمَدْعُوِّ بِهِ، وَأَفْهَمُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ سِوَى ذَلِكَ مِنْ بَقِيَّةِ الْعِبَادَاتِ وَلَوْ قِرَاءَةً.

نَعَمْ يَنْفَعُهُ نَحْوُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ تَبَعًا لِلنُّسُكِ وَالصَّوْمِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ، وَفِي الْقِرَاءَةِ وَجْهٌ وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ بِوُصُولِ ثَوَابِهَا لِلْمَيِّتِ بِمُجَرَّدِ قَصْدِهِ بِهَا، وَاخْتَارَهُ كَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّتِنَا، وَحَمَلَ جَمْعٌ الْأَوَّلَ عَلَى قِرَاءَتِهِ لَا بِحَضْرَةِ الْمَيِّتِ وَلَا بِنِيَّةِ الْقَارِئِ ثَوَابَ قِرَاءَتِهِ لَهُ أَوْ نَوَاهُ وَلَمْ يَدْعُ.

قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِنَفْعِ اللَّهُمَّ أَوْصِلْ ثَوَابَ مَا قَرَأْنَاهُ: أَيْ مِثْلَهُ فَهُوَ الْمُرَادُ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ لِفُلَانٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا نَفَعَهُ الدُّعَاءُ بِمَا لَيْسَ لِلدَّاعِي فَمَا لَهُ أَوْلَى، وَيَجْرِي هَذَا فِي سَائِرِ الْأَعْمَالِ، وَبِمَا ذَكَرَهُ فِي أَوْصِلْ ثَوَابَ مَا قَرَأْنَاهُ إلَى آخِرِهِ يَنْدَفِعُ إنْكَارُ الْبُرْهَانِ الْفَزَارِيِّ قَوْلَهُمْ اللَّهُمَّ أَوْصِلْ ثَوَابَ مَا تَلَوْتُهُ إلَى فُلَانٍ خَاصَّةً وَإِلَى الْمُسْلِمِينَ عَامَّةً؛ لِأَنَّ مَا اخْتَصَّ بِشَخْصٍ لَا يُتَصَوَّرُ التَّعْمِيمُ فِيهِ، فَقَدْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الظَّاهِرُ خِلَافُ مَا قَالَهُ، فَإِنَّ الثَّوَابَ يَتَفَاوَتُ، فَأَعْلَاهُ مَا خَصَّهُ وَأَدْنَاهُ مَا عَمَّهُ وَغَيْرَهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَتَصَرَّفُ فِيمَا يُعْطِيهِ مِنْ الثَّوَابِ بِمَا يَشَاءُ، وَمَنَعَ التَّاجُ الْفَزَارِيّ مِنْ إهْدَاءِ الْقُرَبِ لِنَبِيِّنَا عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامُ مُعَلِّلًا لَهُ بِأَنَّهُ لَا يَتَجَرَّأُ عَلَى جَنَابِهِ الرَّفِيعِ بِمَا لَمْ يُؤْذَنْ فِيهِ، شَيْءٌ انْفَرَدَ بِهِ، وَمِنْ ثَمَّ خَالَفَهُ غَيْرُهُ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ، وَقَدْ أَوْضَحْتُ ذَلِكَ أَتَمَّ إيضَاحٍ فِي الْفَتَاوَى.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَمْ يَبْرَأَ مِنْ وَاجِبِ الْإِجَارَةِ وَهَلْ تَكْفِي نِيَّةُ الْقِرَاءَةِ فِي أَوَّلِهَا وَإِنْ تَخَلَّلَ فِيهَا سُكُوتٌ يَنْبَغِي؟ نَعَمْ إذَا عَدَّ مَا بَعْدَ الْأَوَّلِ مِنْ تَوَابِعَهُ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِلْوَالِدِ الْمَيِّتِ) أَيْ وَمِثْلُهُ الْحَيُّ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَوْلُهُ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ: أَيْ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: وَذَهَبَ جَمْعٌ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَحُمِلَ جَمْعُ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ وَلَوْ قِرَاءَةً، وَقَوْلُهُ أَوْ نَوَاهُ ضَعِيفٌ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ سم الْمَذْكُورِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ سِوَى ذَلِكَ) يَعْنِي الْحَجَّ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَحَمَلَ جَمْعٌ الْأَوَّلَ عَلَى قِرَاءَتِهِ لَا بِحَضْرَةِ الْمَيِّتِ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ مُجَرَّدَ الْقِرَاءَةِ بِحَضْرَةِ الْمَيِّتِ وَلَوْ اتِّفَاقًا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ يَحْصُلُ ثَوَابُهَا لِلْمَيِّتِ وَفِيهِ بُعْدٌ وَإِنْ كَانَ فَضْلُ اللَّهِ وَاسِعًا فَتَأَمَّلْ وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي التُّحْفَةِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم مَا نَصُّهُ اعْتَمَدَ مَرَّ قَوْلَ هَذَا الْجَمْعِ، وَرَدَّ الِاكْتِفَاءَ بِنِيَّةِ جَعْلِ الثَّوَابِ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ.

قَالَ: فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا نَوَى ثَوَابَ قِرَاءَتِهِ لَهُ أَوْ دَعَا لَهُ عَقِبَهَا بِحُصُولِ ثَوَابِهَا لَهُ أَوْ قَرَأَ عِنْدَ قَبْرِهِ حَصَلَ مِثْلُ ثَوَابِ قِرَاءَتِهِ وَحَصَلَ لِلْقَارِئِ أَيْضًا الثَّوَابُ، فَلَوْ سَقَطَ ثَوَابُ الْقَارِئِ لِمُسْقِطٍ كَأَنْ غَلَبَ الْبَاعِثُ الدُّنْيَوِيُّ كَقِرَاءَتِهِ بِأُجْرَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ مِثْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي هَذَا فِي سَائِرِ الْأَعْمَالِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِشَارَةَ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِ ابْنِ الصَّلَاحِ وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ إلَخْ، بَلْ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ أَيْضًا، وَحِينَئِذٍ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا صَلَّى أَوْ صَامَ مَثَلًا وَقَالَ اللَّهُمَّ أَوْصِلْ ثَوَابَ هَذَا لِفُلَانٍ يَصِلُ إلَيْهِ ثَوَابُ مَا فَعَلَهُ مِنْ الصَّلَاةِ أَوْ الصَّوْمِ مَثَلًا فَتَنَبَّهْ وَرَاجِعْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) اُنْظُرْ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ اسْتَنْتَجَ هَذَا، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ قَبْلَهُ تَعْلِيلُ الْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِعَدَمِ التَّمَامِ وَيَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْته عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فَلْتُرَاجَعْ.

ص: 93