الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَرَادَهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ زَوَّجَهُ خَلِيفَتُهُ (وَكَمَا لَا يَجُوزُ لِوَاحِدٍ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ) غَيْرُ الْجَدِّ كَمَا مَرَّ (لَا يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا فِي أَحَدِهِمَا) وَيَتَوَلَّى هُوَ الْآخَرَ (أَوْ وَكِيلَيْنِ فِيهِمَا) أَيْ وَاحِدًا فِي الْإِيجَابِ وَوَاحِدًا فِي الْقَبُولِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ فِعْلَ وَكِيلِهِ كَفِعْلِهِ بِخِلَافِ الْقَاضِي وَخَلِيفَتِهِ فَإِنَّ تَصَرُّفَهُمَا بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ.
وَالثَّانِي يَجُوزُ لِانْعِقَادِهِ بِأَرْبَعَةٍ.
(فَصْلٌ) فِي الْكَفَاءَةِ
وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ فِي النِّكَاحِ دَفْعًا لِلْعَارِ لَا لِصِحَّتِهِ مُطْلَقًا وَإِلَّا لَمَا سَقَطَتْ بِالْإِسْقَاطِ كَبَقِيَّةِ الشُّرُوطِ بَلْ حَيْثُ لَا رِضَا مِنْ الْمَرْأَةِ وَحْدَهَا فِي جَبٍّ وَعُنَّةٍ وَمَعَ وَلِيِّهَا الْأَقْرَبِ فِيمَا سِوَاهُمَا عَلَى مَا يَأْتِي (زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ) الْمُنْفَرِدُ كَأَبٍ، أَوْ أَخٍ مُسْلِمًا، أَوْ ذِمِّيًّا فِي ذِمِّيَّةٍ كَمَا يَأْتِي فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ (غَيْرَ كُفْءٍ بِرِضَاهَا، أَوْ) زَوَّجَهَا (بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ الْمُسْتَوِينَ) فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ كَإِخْوَةِ غَيْرَ كُفْءٍ (بِرِضَاهَا) وَلَوْ سَفِيهَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْوَسِيطِ وَإِنْ سَكَتَتْ الْبِكْرُ بَعْدَ اسْتِئْذَانِهَا فِيهِ مُعَيَّنًا، أَوْ بِوَصْفِ كَوْنِهِ غَيْرَ كُفْءٍ (وَرِضَا الْبَاقِينَ) صَرِيحًا (صَحَّ) التَّزْوِيجُ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يُكْرَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً مِنْ فَاسِقٍ إلَّا لِرِيبَةٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكَفَاءَةَ حَقُّهَا وَحَقُّهُمْ وَقَدْ رَضُوا بِإِسْقَاطِهَا، وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ وَهِيَ قُرَشِيَّةٌ بِنِكَاحِ أُسَامَةَ حِبِّهِ وَهُوَ مَوْلًى، وَزَوَّجَ أَبُو حُذَيْفَةَ سَالِمًا مَوْلَاهُ بِنْتَ أَخِيهِ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَالْجُمْهُورُ أَنَّ مَوَالِيَ قُرَيْشٍ لَيْسُوا أَكْفَاءً لَهُمْ وَزَوَّجَ بَنَاتِهِ مِنْ غَيْرِ أَكْفَاءٍ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ لِأَجْلِ ضَرُورَةِ بَقَاءِ نَسْلِهِنَّ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ الْمُسْتَوِينَ الْأَبْعَدُ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَاحِدًا فِي الْإِيجَابِ وَوَاحِدًا فِي الْقَبُولِ) طَرِيقُهُ أَنْ يَتَوَلَّى هُوَ طَرَفًا وَالْقَاضِي آخَرَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَعَلَيْهِ فَالْأَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمُ تَعَيُّنِ الصَّبْرِ إلَخْ
[فَصْلٌ فِي الْكَفَاءَةِ]
(فَصْلٌ) فِي الْكَفَاءَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ حَيْثُ لَا رِضَا مِنْهُ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ لَا لِصِحَّتِهِ مُطْلَقًا فَكَأَنَّهُ قِيلَ لَا تُعْتَبَرُ الصِّحَّةُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ لَهَا حَيْثُ لَا رِضَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فِيمَا سِوَاهُمَا) أَيْ الْجَبُّ وَالْعُنَّةُ (قَوْلُهُ، أَوْ أَخٍ مُسْلِمًا) أَيْ الْوَلِيُّ (قَوْلُهُ:، أَوْ ذِمِّيًّا فِي ذِمِّيَّةٍ) أَيْ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا عِنْدَ الْعَقْدِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَنَا التَّعَرُّضُ لَهُمْ عَلَى مَا يَأْتِي فِي نِكَاحِ الْكُفَّارِ (قَوْلُهُ: مُعَيَّنًا) أَيْ بِشَخْصِهِ، أَوْ وَصْفِهِ كَابْنِ فُلَانٍ مَثَلًا لِأَنَّهَا مُتَمَكِّنَةٌ مِنْ السُّؤَالِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَرِضَا الْبَاقِينَ صَرِيحًا صَحَّ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ الْكَفَاءَةَ لَا هِيَ وَلَا وَلِيُّهَا مُقَصِّرُونَ بِتَرْكِ الْبَحْثِ عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إلَّا لِرِيبَةٍ) أَيْ تَنْشَأُ مِنْ عَدَمِ تَزْوِيجِهَا لَهُ كَأَنْ خِيفَ زِنَاهُ بِهَا لَوْ لَمْ يَنْكِحْهَا، أَوْ تَسَلُّطُ فَاجِرٍ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ وَجْهُ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ وَالْجُمْهُورُ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ لَا دَلَالَةَ فِي تَزْوِيجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِفَاطِمَةَ وَلَا تَزْوِيجِ أَبِي حُذَيْفَةَ لِبِنْتِ أَخِيهِ لِأَنَّ مَوَالِيَ قُرَيْشٍ أَكْفَاءٌ لَهُمْ (قَوْلُهُ: وَزَوَّجَ بَنَاتِهِ إلَخْ) وَلَا يُشْكِلُ أَنَّهُ زَوَّجَهُنَّ بِالْإِجْبَارِ لِأَنَّا نَقُولُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْتَأْذَنَهُنَّ فَلَا إجْبَارَ، أَوْ فَاطِمَةُ حِينَ زَوَّجَهَا عَلِيًّا كَانَتْ بَالِغَةً لِأَنَّهَا وُلِدَتْ وَقُرَيْشٌ تَبْنِي الْبَيْتَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ بِخَمْسِ سِنِينَ وَتَزَوَّجَهَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
فَصْلٌ) فِي الْكَفَاءَةِ (قَوْلُهُ:: فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ وَرُتْبَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: كَأُخْوَةٍ) أَيْ أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ عِنْدَ فَقْدِهِمْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَكَتَتْ) غَايَةٌ أُخْرَى (قَوْلُهُ: إلَّا لِرِيبَةٍ) أَيْ تَنْشَأُ مِنْ عَدَمِ تَزْوِيجِهَا كَفُجُورِهَا بِهِ
وَلِيًّا وَتَقَدَّمَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ لَا يَسْلِبُ كَوْنَهُ وَلِيًّا.
(وَلَوْ)(زَوَّجَهَا الْأَقْرَبُ) غَيْرَ كُفْءٍ (بِرِضَاهَا)(فَلَيْسَ لِلْأَبْعَدِ اعْتِرَاضٌ) إذْ لَا حَقَّ لَهُ الْآنَ فِي الْوِلَايَةِ، وَلَا نَظَرَ لِتَضَرُّرِهِ بِلُحُوقِ الْعَارِ لِنَسَبِهِ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ يَكْثُرُ انْتِشَارُهَا فَيَشُقُّ اعْتِبَارُ رِضَا الْكُلِّ وَلَا ضَابِطَ لِدُونِهِ فَيُقَيَّدُ الْأَمْرُ بِالْأَقْرَبِ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ كَانَ الْأَقْرَبُ نَحْوَ صَغِيرٍ، أَوْ مَجْنُونٍ، فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ حِينَئِذٍ رِضَا الْأَبْعَدِ لِأَنَّهُ الْوَلِيُّ وَالْأَقْرَبُ كَالْعَدَمِ (وَلَوْ)(زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ) أَيْ الْمُسْتَوِينَ (بِهِ) أَيْ غَيْرِ الْكُفْءِ لِغَيْرِ جَبٍّ، أَوْ عُنَّةٍ (بِرِضَاهَا دُونَ رِضَاهُمْ) أَيْ الْبَاقِينَ وَلَمْ يَرْضَوْا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ (لَمْ يَصِحَّ) وَإِنْ جَهِلَ الْعَاقِدُ عَدَمَ كَفَاءَتِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ لِجَمِيعِهِمْ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ التَّنَقِّي مِنْ الْعُيُوبِ شَرْطٌ لِلْكَفَاءَةِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَوْ بِجَبٍّ، أَوْ عُنَّةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهَا وَيُكْتَفَى بِهِ إذَا رَضِيَتْ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْأَوْلِيَاءُ (وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ وَلَهُمْ الْفَسْخُ) لِأَنَّ النَّقْصَ يَقْتَضِي الْخِيَارَ فَقَطْ كَعَيْبِ الْمَبِيعِ وَيُرَدُّ بِوُضُوحِ الْفَرْقِ، نَعَمْ لَوْ رَضُوا بِتَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ ثُمَّ خَالَعَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ مِنْ الْمُطَلِّقِ بِرِضَاهَا دُونَ رِضَا الْبَاقِينَ صَحَّ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِرِضَاهُمْ بِهِ أَوَّلًا وَإِنْ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ بِمُقَابِلِهِ وَفِي مَعْنَى الْمُخْتَلِعِ الْفَاسِخُ وَالْمُطَلِّقُ رَجْعِيًّا إذَا أَعَادَهَا بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا وَالْمُطَلِّقُ قَبْلَ الدُّخُولِ.
(وَيُجْرَى الْقَوْلَانِ فِي)(تَزْوِيجِ الْأَبِ) ، أَوْ الْجَدِّ (بِكْرًا صَغِيرَةً، أَوْ بَالِغَةً غَيْرَ كُفْءٍ بِغَيْرِ رِضَاهَا) أَيْ الْبَالِغَةِ الْمُجْبَرَةِ بِالنِّكَاحِ (فَفِي الْأَظْهَرِ) التَّزْوِيجُ (بَاطِلٌ) لِوُقُوعِهِ عَلَى خِلَافِ الْغِبْطَةِ (وَفِي الْآخَرِ يَصِحُّ وَلِلْبَالِغَةِ الْخِيَارُ) حَالًا (وَلِلصَّغِيرَةِ) الْخِيَارُ (إذَا بَلَغَتْ) لِمَا مَرَّ أَنَّ النَّقْصَ إنَّمَا يَقْتَضِي الْخِيَارَ وَيَجْرِي الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي تَزْوِيجِ غَيْرِ الْمُجْبِرِ إذَا أَذِنَتْ فِي التَّزْوِيجِ مُطْلَقًا، وَقِيلَ لَا خِيَارَ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْخِيَارِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ هُنَاكَ إذْنٌ فِي مُعَيَّنٍ مِنْهَا، أَوْ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ كَفَى ذَلِكَ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ كُفْءٍ، ثُمَّ قَدْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ وَقَدْ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَلِيٌّ رضي الله عنهما فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ فِي رَمَضَانَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ سِنَّهَا حِينَئِذٍ يَزِيدُ عَلَى مُدَّةِ الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ، وَلَكِنْ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّهَا وُلِدَتْ سَنَةَ إحْدَى وَأَرْبَعِينَ مِنْ مَوْلِدِهِ صلى الله عليه وسلم فَتَكُونُ وِلَادَتُهَا حِينَئِذٍ سَنَةَ الْمَبْعَثِ النَّبَوِيِّ، وَعَلَيْهِ فَلَا يُقَالُ إنَّهَا زُوِّجَتْ دُونَ الْبُلُوغِ فَلَا يُعْتَدُّ بِإِذْنِهَا لِجَوَازِ أَنَّهَا بَلَغَتْ بِالسِّنِّ أَيْضًا، أَوْ بِالْحَيْضِ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ غَيْرُهُ) جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ وَقَوْلُهُ لَا يُسْلَبُ كَوْنَهُ وَلِيًّا: أَيْ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا اهـ حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَلَا ضَابِطَ لِدُونِهِ) أَيْ الْأَقْرَبِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ الْأَبْعَدُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا اسْتَثْنَاهُ الْبَغَوِيّ) كَذَا فِي نُسْخَةٍ، وَالْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ إلَخْ عَلَى أَنَّ هَذِهِ النُّسْخَةَ مَضْرُوبٌ عَلَيْهَا بِخَطِّ الْمُؤَلِّفِ (قَوْلُهُ: وَيُكْتَفَى بِهِ إذَا رَضِيَتْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ رَضُوا بِتَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَكَانَ الْأَوْلَى عَدَمُ الِاسْتِدْرَاكِ.
وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ رَضُوا إلَخْ مِنْهُ مَا لَوْ جَهِلُوا الْكَفَاءَةَ حَالَةَ الْعَقْدِ ثُمَّ عَلِمُوا بِعَدَمِهَا وَلَمْ يَفْسَخُوا (قَوْلُهُ: دُونَ رِضَا الْبَاقِينَ صَحَّ) أَيْ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَالْمُطَلِّقُ قَبْلَ الدُّخُولِ) بَقِيَ مَا لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْهُ لِرِضَا الْبَاقِينَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: إذْ لَا حَقَّ لَهُ الْآنَ فِي الْوِلَايَةِ) أَيْ فِي التَّصَرُّفِ بِهَا وَلَا يُزَوِّجُ وَإِلَّا لَنَا فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ وَلِيًّا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا ضَابِطَ لِدُونِهِ) أَيْ دُونَ رِضَا الْكُلِّ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ إلَخْ) اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ عُلِمَ وَمَا الدَّاعِي إلَى هَذَا هُنَا مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ وَهُوَ سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ: وَتَكْتَفِي بِهِ) أَيْ بِرِضَاهَا فِي الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) هُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَلَمْ يَرْضَوْا بِهِ أَوَّلَ مُرَّةٍ
(قَوْلُهُ بِالنِّكَاحِ) مُتَعَلِّقٌ بِرِضَاهَا (قَوْلُهُ: مِنْهَا)
وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا مَتَى ظَنَّتْ كَفَاءَتَهُ فَلَا خِيَارَ إلَّا إنْ بَانَ مَعِيبًا أَوْ رَقِيقًا، وَهَذَا مُجْمَلُ قَوْلِ الْبَغَوِيّ لَوْ أَطْلَقَتْ الْإِذْنَ لِوَلِيِّهَا: أَيْ فِي مُعَيَّنٍ فَبَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ كُفْءٍ تَخَيَّرَتْ، وَلَوْ زَوَّجَهَا الْمُجْبِرُ غَيْرَ كُفْءٍ ثُمَّ ادَّعَى صِغَرَهَا الْمُمْكِنَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَبَانَ بُطْلَانُ النِّكَاحِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ لِلصِّحَّةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ الصِّغَرِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ، وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ انْتِفَاءِ الْمَانِعِ لَا يُؤَثِّرُ مُبَاشَرَةُ الْوَلِيِّ لِلْعَقْدِ الْفَاسِدِ فِي تَصْدِيقِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ لِغَيْرِهِ مَعَ عَدَمِ انْعِزَالِهِ عَنْ الْوِلَايَةِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ سَفِيرٌ وَكَذَا تُصَدَّقُ الزَّوْجَةُ إذَا بَلَغَتْ ثُمَّ ادَّعَتْ صِغَرَهَا حَالَ عَقْدِ الْمُجْبِرِ عَلَيْهَا بِغَيْرِ الْكُفْءِ.
(وَلَوْ)(طَلَبَتْ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا) سِوَى الْحَاكِمِ لِعَدَمِ غَيْرِهِ أَوْ لِفَقْدِ شَرْطِهِ النَّاقِلِ لَهُ (أَنْ يُزَوِّجَهَا السُّلْطَانُ) الشَّامِلُ لِلْقَاضِي وَنَائِبِهِ وَلَوْ فِي مُعَيَّنٍ كَمَا مَرَّ حَيْثُ أَطْلَقَ (بِغَيْرِ كُفْءٍ فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ) التَّزْوِيجُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الِاحْتِيَاطِ مِمَّنْ هُوَ كَالنَّائِبِ عَنْ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ بَلْ وَعَنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَهُمْ حَظٌّ فِي الْكَفَاءَةِ.
وَالثَّانِي يَصِحُّ كَالْوَلِيِّ الْخَاصِّ، وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَزَعَمَ أَنَّ مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ، وَلَيْسَ لِلشَّافِعِيِّ نَصٌّ شَاهِدٌ لَهُ وَلَا وَجْهَ لَهُ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، وَخَبَرُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ لَا يُنَافِيهِ إذْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم زَوَّجَهَا أُسَامَةَ بَلْ أَشَارَ عَلَيْهَا بِهِ وَلَا يُدْرَى مَنْ زَوَّجَهَا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ زَوَّجَهَا وَلِيٌّ خَاصٌّ بِرِضَاهُمَا وَخَصَّ جَمْعٌ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ تَزْوِيجُهُ لِنَحْوِ غَيْبَةِ الْوَلِيِّ، أَوْ عَقْلِهِ أَوْ إحْرَامِهِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا لِبَقَاءِ حَقِّهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ طَلَبَتْ وَلَمْ يُجِبْهَا الْقَاضِي فَهَلْ لَهَا تَحْكِيمُ عَدْلٍ لِيُزَوِّجَهَا مِنْهُ لِلضَّرُورَةِ، أَوْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ كَالْقَاضِي؟ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ ذَلِكَ إلَى فَسَادِهَا وَلِأَنَّهُ لَيْسَ كَالنَّائِبِ بِاعْتِبَارَيْهِ السَّابِقَيْنِ.
(وَخِصَالُ الْكَفَاءَةِ) أَيْ الصِّفَاتُ الْمُعْتَبَرَةُ فِيهَا لِيُعْتَبَرَ مِثْلُهَا فِي الزَّوْجِ خَمْسٌ وَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِحَالَةِ الْعَقْدِ، نَعَمْ تَرْكُ الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ قَبْلَهُ لَا يُؤَثِّرُ إلَّا إنْ مَضَتْ سَنَةٌ كَمَا أَطْلَقَهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ.
(قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا مَتَى ظَنَّتْ إلَخْ) وَبِهِ يُجَابُ عَمَّا اُعْتُرِضَ بِهِ بِأَنَّ مَا هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي بَابِ الْخِيَارِ مِنْ أَنَّهُ إذَا زَوَّجَهَا بِمَعِيبٍ فَإِنْ عَلِمَتْ عَيْبَهُ قَبْلَ النِّكَاحِ فَلَا خِيَارَ لَهَا وَإِنْ جَهِلَتْ ثَبَتَ الْخِيَارُ وَثُبُوتُهُ فَرْعُ صِحَّةِ النِّكَاحِ، وَمَا هُنَا يَقْتَضِي بُطْلَانَهُ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ بَانَ مَعِيبًا) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَانَ فَاسِقًا، أَوْ دَنِيءَ النَّسَبِ أَوْ الْحِرْفَةِ مَثَلًا فَلَا خِيَارَ لَهَا حَيْثُ أَذِنَتْ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ زُوِّجَتْ مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهَا فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ ادَّعَى صِغَرَهَا) أَيْ الْمُجْبِرُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ الصِّغَرِ) وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الزَّوْجُ وَادَّعَى وَارِثُهُ صِغَرَهَا حَتَّى لَا تَرِثَ لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ صُدِّقَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ سَفِيرٌ) وَفِي نُسْخَةٍ لِأَنَّهَا صَغِيرَةٌ وَهُوَ أَصْوَبُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مُبَاشَرَتِهِ لِلْعَقْدِ الْفَاسِدِ عِلْمُهُ بِفَسَادِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا تُصَدَّقُ الزَّوْجَةُ) قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي السَّفِيهَةِ وَنَحْوِهَا أَنَّ مَحَلَّ مَا ذُكِرَ إذَا لَمْ تُمَكِّنْهُ بَعْدَ بُلُوغِهَا مُخْتَارَةً.
(قَوْلُهُ حَيْثُ أَطْلَقَ) أَيْ السُّلْطَانُ وَقَوْلُهُ وَلَهُمْ حَظٌّ أَيْ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: بِرِضَاهُمَا) أَيْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ قَوْلُهُ وَخَصَّ جَمْعٌ ذَلِكَ: أَيْ الثَّانِيَ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ طَلَبَتْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَطْلُبْ وَحَكَمَتْ ابْتِدَاءً لَا يَصِحُّ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ يَكْفِي عِلْمُهَا بِامْتِنَاعِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُجِبْهَا الْقَاضِي) أَيْ وَلَيْسَ ثَمَّ قَاضٍ يَرَى تَزْوِيجَهَا مِنْ غَيْرِ الْكُفْءِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لِيُزَوِّجَهَا مِنْهُ) أَيْ غَيْرِ الْكُفْءِ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارَيْهِ السَّابِقَيْنِ) وَهُمَا النِّيَابَةُ عَنْ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ بَلْ وَعَنْ الْمُسْلِمِينَ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرَةُ فِيهَا) أَيْ فِي الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ وَالْعِبْرَةُ فِيهَا) أَيْ الصِّفَاتِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ مَضَتْ سَنَةٌ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْحِرْفَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْخِصَالِ حَيْثُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا ذَلِكَ عَلَى مَا يَأْتِي
ــ
[حاشية الرشيدي]
تَقَدَّمَ هَذَا قَرِيبًا (قَوْلُهُ: مَتَى ظَنَّتْ كَفَاءَتَهُ) أَيْ وَهُوَ مُعَيَّنٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التَّفْسِيرِ الْآتِي
(قَوْلُهُ: أَوْ لِفَقْدِ شَرْطِهِ) أَيْ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: النَّاقِلِ) وَصْفٌ لِلْفَقْدِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي مُعَيَّنٍ) غَايَةٌ فِي النَّائِبِ: أَيْ وَإِنْ كَانَ النَّائِبُ نَائِبَهُ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ: أَيْ شَامِلٍ لِلْأَنْكِحَةِ، وَقَوْلُهُ حَيْثُ أُطْلِقَ مُتَعَلِّقٌ بِالشَّامِلِ
(قَوْلُهُ: الْمُعْتَبَرَةُ فِيهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: لِيُعْتَبَرَ مِثْلُهَا فِي الزَّوْجِ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا سَيَأْتِي فِي التَّخْيِيرِ بِنَحْوِ الْبَرَصِ وَإِنْ كَانَ الْآخِرُ أَبْرَصَ
جَمْعٌ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ تَلَبَّسَ بِغَيْرِهَا بِحَيْثُ زَالَ عَنْهُ اسْمُهَا وَلَمْ يُنْسَبْ إلَيْهَا أَصْلًا، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ زَمَنٍ يَقْطَعُ نِسْبَتَهَا عَنْهُ بِحَيْثُ صَارَ لَا يُعَيَّرُ بِهَا، وَقَدْ بَحَثَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْفَاسِقَ إذَا تَابَ لَا يُكَافِئُ الْعَفِيفَةَ، وَصَرَّحَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِأَنَّ الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ وَإِنْ تَابَ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ لَا يَعُودُ كُفْءً كَمَا لَا تَعُودُ عِفَّتُهُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِأَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ لَيْسَ بِكُفْءٍ لِلرَّشِيدَةِ وَبِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالَةِ الْعَقْدِ عُلِمَ أَنَّ طُرُوءَ الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِأَنَّ الْخِيَارَ فِي النِّكَاحِ بَعْدَ صِحَّتِهِ لَا يُوجَدُ إلَّا بِالْأَسْبَابِ الْخَمْسَةِ الْآتِيَةِ فِي بَابِهِ وَبِالْعِتْقِ تَحْتَ رَقِيقٍ وَلَيْسَ طُرُوءُ ذَلِكَ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ وَلَا فِي مَعْنَاهَا وَأَمَّا قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ يَنْبَغِي الْخِيَارُ إذَا تَجَدَّدَ الْفِسْقُ فَمَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُمَا نَعَمْ طُرُوءُ الرِّقِّ يُبْطِلُ النِّكَاحَ وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ تَتَخَيَّرُ بِهِ وَهُمْ أَحَدُهَا (سَلَامَةٌ) لِلزَّوْجِ (مِنْ الْعُيُوبِ الْمُثْبِتَةِ لِلْخِيَارِ) فَمَنْ بِهِ جُنُونٌ، أَوْ جُذَامٌ، أَوْ بَرَصٌ لَا يُكَافِئُ وَلَوْ مَنْ بِهَا ذَلِكَ وَإِنْ اتَّحَدَ النَّوْعُ وَكَانَ مَا بِهَا أَقْبَحَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَعَافُ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا يَعَافُهُ مِنْ نَفْسِهِ، أَوْ جَبٌّ أَوْ عُنَّةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا يُكَافِئُ وَلَوْ رَتْقَاءَ، أَوْ قَرْنَاءَ.
أَمَّا الْعُيُوبُ الَّتِي لَا تُثْبِتُ الْخِيَارَ فَلَا تُؤَثِّرُ كَعَمًى وَقَطْعِ أَطْرَافٍ وَتَشَوُّهِ صُورَةٍ خِلَافًا لِجَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ، بَلْ قَالَ الْقَاضِي يُؤَثِّرُ كُلُّ مَا يَكْسِرُ سَوْرَةَ التَّوَقَانِ وَالرُّويَانِيُّ لَيْسَ الشَّيْخُ كُفْءً لِلشَّابَّةِ وَاخْتِيرَ وَكُلُّ ذَلِكَ ضَعِيفٌ لَكِنْ يَنْبَغِي مُرَاعَاتُهُ، بِخِلَافِ زَعْمِ قَوْمٍ رِعَايَةَ الْبَلَدِ فَلَا يُكَافِئُ جَبَلِيٌّ بَلَدِيًّا فَلَا يُرَاعَى لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَظَاهِرُ مَا مَرَّ أَنَّ التَّنَقِّي مِنْ الْعُيُوبِ مُعْتَبَرٌ فِي الزَّوْجَيْنِ خَاصَّةً دُونَ آبَائِهِمَا فَابْنُ الْأَبْرَصِ كُفْءٌ لِمَنْ أَبُوهَا سَلِيمٌ ذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْإِشْرَافِ وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ فَلَا يَكُونُ كُفْءً لَهَا لِأَنَّهَا تُعَيَّرُ بِهِ (وَ) ثَانِيهَا (حُرِّيَّةٌ، فَالرَّقِيقُ) أَيْ مَنْ بِهِ رِقٌّ وَإِنْ قَلَّ (لَيْسَ كُفُؤًا لِحُرَّةٍ) وَلَوْ عَتِيقَةٍ وَلَا لِمُبَعَّضَةِ لِأَنَّهَا مَعَ تَعَيُّرِهَا بِهِ تَتَضَرَّرُ بِإِنْفَاقِهِ نَفَقَةَ الْمُعْسِرِينَ (وَالْعَتِيقُ لَيْسَ كُفُؤًا لِحُرَّةٍ أَصْلِيَّةٍ) لِنَقْصِهِ عَنْهَا، وَوُجُودُ نَحْوِ امْرَأَةٍ، أَوْ مِلْكٍ فِيهِ لَا يَنْفِي عَنْهُ وَصْمَةَ الرِّقِّ فَانْدَفَعَ مَا لِكَثِيرٍ مِنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فِي الْفَاسِقِ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ تَارِكًا لِحِرْفَتِهِ عُرْفًا إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ إذَا تَابَ لَا يُكَافِئُ الْعَفِيفَةَ) خِلَافًا لحج ظَاهِرُهُ وَإِنْ مَضَى مِنْ تَوْبَتِهِ سُنُونَ، وَفِي حَجّ أَنَّ مَا أَطْلَقَهُ ابْنُ الْعِمَادِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَمْضِ لَهُ سَنَةٌ اهـ.
وَيُوَجَّهُ إطْلَاقُ الشَّارِحِ بِأَنَّ ثُلْمَةَ الْعِرْضِ الْحَاصِلَةِ بِالزِّنَا لَا تَنْسَدُّ بِالتَّوْبَةِ، وَلِذَا لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْهُ بِالتَّوْبَةِ وَإِنْ طَالَتْ مُدَّتُهَا، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ حَجّ عَلَى غَيْرِ الزِّنَا فَيَكُونُ مُقَيِّدًا لِإِطْلَاقِ الشَّارِحِ، وَعَلَيْهِ فَالزَّانِي لَا يَكُونُ كُفْءً لِلْعَفِيفَةِ وَإِنْ تَابَ وَإِنْ كَانَ بِكْرًا، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ ابْنِ الْعِمَادِ: الزَّانِي الْمُحْصَنُ لَا يَكُونُ كُفْءً وَإِنْ تَابَ فِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ أَنَّ غَيْرَ الزَّانِي إذَا تَابَ وَمَضَتْ مُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ كَافَأَ الْعَفِيفَةَ، وَأَنَّ غَيْرَ الْمُحْصَنِ لَا يُكَافِئُ الْعَفِيفَةَ وَإِنْ تَابَ كَالْمُحْصَنِ، وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ إلَخْ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا وَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِحَالَةِ الْعَقْدِ.
[فَرْعٌ] وَقَعَ فِي الدَّرْسِ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ مَجْهُولَةُ النَّسَبِ إلَى الْحَاكِمِ وَطَلَبَتْ مِنْهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ ذِي الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ وَنَحْوِهَا فَهَلْ يُجِيبُهَا أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الثَّانِي لِلِاحْتِيَاطِ لِأَمْرِ النِّكَاحِ فَلَعَلَّهَا تُنْسَبُ إلَى ذِي حِرْفَةٍ شَرِيفَةٍ، وَبِفَرْضِ ذَلِكَ فَتَزْوِيجُهَا مِنْ ذِي الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ بَاطِلٌ وَالنِّكَاحُ يُحْتَاطُ لَهُ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ) وَمِثْلُهُ الْبِكْرُ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الزِّنَا اللِّوَاطُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ طُرُوُّ ذَلِكَ) أَيْ الْحِرْفَةُ الدَّنِيئَةُ (قَوْلُهُ: تَتَخَيَّرُ بِهِ) أَيْ طُرُوُّ الرِّقِّ (قَوْلُهُ: قَالَ الْقَاضِي يُؤَثِّرُ) أَيْ فِي الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَلَا لِمُبَعَّضَةٍ) أَيْ إذَا نَقَصَتْ حُرِّيَّتُهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا سَاوَتْ، أَوْ زَادَتْ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ كَذَا بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَنَّ الْفَاسِقَ إذَا تَابَ لَا يُكَافِئُ الْعَفِيفَةَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْفِسْقُ بِغَيْرِ الزِّنَا كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ الشَّارِحِ خِلَافًا لِحَجِّ وَإِنْ تَبِعَهُ الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي هَذِهِ الْأَقْرَبِيَّةِ خُصُوصًا فِي نَحْوِ الْعُنَّةِ لَا سِيَّمَا
الْمُتَأَخِّرِينَ هُنَا، وَكَذَا لَا يُكَافِئُ مَنْ عَتَقَ بِنَفْسِهِ مَنْ عَتَقَ أَبُوهَا وَلَا مَنْ مَسَّ الرِّقُّ أَحَدَ آبَائِهِ، أَوْ أَبًا لَهُ أَقْرَبُ مِنْ لَمْ يَمَسَّ أَحَدَ آبَائِهَا، أَوْ مَسَّ لَهَا أَبًا أَبْعَدَ وَلَا أَثَرَ لِمَسِّهِ الْأُمَّ (وَ) ثَالِثُهَا (نَسَبٌ) وَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِالْآبَاءِ كَالْإِسْلَامِ فَلَا يُكَافِئُ مَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ، أَوْ لَهُ أَبَوَانِ فِي الْإِسْلَامِ مَنْ أَسْلَمَتْ بِأَبِيهَا، أَوْ كَانَ لَهَا ثَلَاثَةُ آبَاءٍ فِيهِ، وَمَا لَزِمَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الصَّحَابِيَّ لَا يَكُونُ كُفْءً لِابْنَةِ التَّابِعِيِّ صَحِيحٌ لَا زَلَلَ فِيهِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ بَعْضَ خِصَالٍ لَا يُقَابَلُ بِبَعْضٍ فَانْدَفَعَ مَا لِلْأَذْرَعِيِّ هُنَا وَاعْتُبِرَ النَّسَبُ فِي الْآبَاءِ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَفْتَخِرُ بِهِ فِيهِمْ دُونَ الْأُمَّهَاتِ
فَمَنْ انْتَسَبَتْ لِمَنْ تَشْرُفُ بِهِ لَا يُكَافِئُهَا مَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَحِينَئِذٍ (فَالْعَجَمِيُّ) أَبًا وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ عَرَبِيَّةً (لَيْسَ كُفْءَ عَرَبِيَّةٍ) وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهَا عَجَمِيَّةً لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اصْطَفَى الْعَرَبَ عَلَى غَيْرِهِمْ وَمَيَّزَهُمْ عَنْهُمْ بِفَضَائِلَ جَمَّةٍ كَمَا صَحَّتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ (وَلَا غَيْرُ قُرَشِيٍّ) مِنْ الْعَرَبِ (قُرَشِيَّةٍ) أَيْ كُفْءَ قُرَشِيَّةٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ الْمُصْطَفَيْنَ مِنْ الْعَرَبِ كَمَا يَأْتِي (وَلَا غَيْرُ هَاشِمِيٍّ وَمُطَّلِبِيٍّ) كُفْءً (لَهُمَا) لِخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى مِنْ الْعَرَبِ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ كِنَانَةَ قُرَيْشًا، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ» وَصَحَّ خَبَرُ «نَحْنُ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ» فَهُمَا مُتَكَافِئَانِ، نَعَمْ أَوْلَادُ فَاطِمَةَ مِنْهُمْ لَا يُكَافِئُهُمْ غَيْرُهُمْ مِنْ بَقِيَّةِ بَنِي هَاشِمٍ لِأَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ أَوْلَادَ بَنَاتِهِ يَنْتَسِبُونَ إلَيْهِ فِي الْكَفَاءَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَبِهِ يُرَدُّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّهُمْ أَكْفَاءُ لَهُمْ كَمَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ، وَقَدْ يُتَصَوَّرُ تَزْوِيجُ هَاشِمِيَّةٍ بِرَقِيقٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ بِأَنْ يَتَزَوَّجَ هَاشِمِيٌّ أَمَةً بِشَرْطِهِ فَتَلِدَ بِنْتًا فَهِيَ مِلْكٌ لِمَالِكِ أُمِّهَا فَيُزَوِّجُهَا مِنْ رَقِيقٍ وَدَنِيء نَسَبٍ لِأَنَّ وَصْمَةَ الرِّقِّ الثَّابِتِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ أَلْغَتْ اعْتِبَارَ كُلِّ كَمَالٍ مَعَهُ مَعَ كَوْنِ الْحَقِّ فِي الْكَفَاءَةِ فِي النَّسَبِ لِسَيِّدِهَا لَا لَهَا عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ حَتَّى لَا يُنَافِيَهُ قَوْلُهُمَا فِي تَزْوِيجِ أَمَةٍ عَرَبِيَّةٍ نَحْوَ عَجَمِيٍّ، الْخِلَافُ فِي مُقَابَلَةِ بَعْضِ الْخِصَالِ بِبَعْضٍ الظَّاهِرُ فِي امْتِنَاعِ نِكَاحِهَا، وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِأَنَّ مَحَلَّ الْأَوَّلِ فِي تَزْوِيجِ الْمَالِكِ وَالثَّانِي فِي تَزْوِيجِ الْحَاكِمِ
(وَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ النَّسَبِ فِي الْعَجَمِ كَالْعَرَبِ) قِيَاسًا عَلَيْهِمْ فَالْفُرْسُ أَفْضَلُ مِنْ النَّبَطِ وَبَنُو إسْرَائِيلَ أَفْضَلُ مِنْ الْقِبْطِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَا عِبْرَةَ بِالِانْتِسَابِ لِلظَّلَمَةِ، بِخِلَافِ الرُّؤَسَاءِ بِإِمْرَةٍ جَائِزَةٍ وَنَحْوِهَا لِأَنَّ أَقَلَّ مَرَاتِبِهَا أَنْ تَكُونَ كَالْحِرَفِ، وَقَوْلُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَهُوَ قَرِيبٌ، ثُمَّ رَأَيْته فِي الْخَطِيبِ وَحَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِلرَّمْلِيِّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ أَوْلَادُ فَاطِمَةَ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُتَصَوَّرُ) هُوَ فِي مَعْنَى الِاسْتِدْرَاكِ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَا يُنَافِيَهُ) حَتَّى هُنَا تَعْلِيلِيَّةٌ، وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِمْ لِأَنَّ وَصْمَةَ الرِّقِّ الثَّابِتِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِبَعْضِ الظَّاهِرِ) صِفَةٌ لِلْخِلَافِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَحَلَّ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ تَزْوِيجُ هَاشِمِيَّةٍ بِرَقِيقٍ.
وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ فِي تَزْوِيجِ أَمَةٍ عَرَبِيَّةٍ بِحُرٍّ عَجَمِيٍّ، وَيُصَوَّرُ تَزْوِيجُ الْحَاكِمِ لِلْأُمَّةِ بِمَا إذَا كَانَ مَالِكُ الْأَمَةِ امْرَأَةً وَوَلِيُّهَا الْحَاكِمُ فَإِنَّهُ يُزَوِّجُ أَمَتَهَا بِإِذْنٍ مِنْهَا، وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِالْحَاكِمِ أَنَّ وَلِيَّ الْمَرْأَةِ لَوْ كَانَ غَيْرَ الْحَاكِمِ يُزَوِّجُهَا مِنْ رَقِيقٍ بِإِذْنٍ مِنْ سَيِّدَتِهَا وَإِنْ كَانَتْ عَرَبِيَّةً، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: جَوَابًا عَنْ الْإِشْكَالِ: وَقَدْ يُعْتَذَرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بَيَانُ عَدَمِ الْكَفَاءَةِ لِيَجْتَنِبَ ذَلِكَ غَيْرُ السَّيِّدِ كَوَكِيلِهِ فِي تَزْوِيجِ أَمَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ يَقَعُ وَكَمَا فِي تَزْوِيجِ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ أَمَتَهَا اهـ.
أَيْ وَتَوَلَّى السَّيِّدُ، وَمَا فِي آخِرِ الْفَصْلِ: أَيْ مِنْ صِحَّةِ تَزْوِيجِهَا لِلرَّقِيقِ مَحْمُولٌ عَلَى السَّيِّدِ، وَهَذَا الِاعْتِذَارُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ النَّبَطِ) طَائِفَةٌ مَنْزِلُهُمْ شَاطِئُ الْفُرَاتِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْقِبْطِ) بِكَسْرِ الْقَافِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ بِامْرَأَةٍ جَائِزَةٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ أَهْلًا لَهَا (قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا)
ــ
[حاشية الرشيدي]
إذَا كَانَ حُصُولُهَا فِي الْأَبِ لِطَعْنِهِ فِي السِّنِّ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَا يُنَافِيَهُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ مَعَ كَوْنِ إلَخْ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا، فَالضَّمِيرُ فِي يُنَافِيَهُ يَرْجِعُ لِأَصْلِ الْحُكْمِ فِي هَذِهِ الَّذِي هُوَ جَوَازُ تَزْوِيجِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ إلَخْ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنَّمَا أَتَيْنَا بِهَذِهِ الْمَعِيَّةِ حَتَّى لَا يُنَافِيَ مَا جَزَمَا بِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا قَالَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُخْرَى، وَهَذَا أَصْوَبُ مِمَّا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: فِي تَزْوِيجِ أَمَةٍ إلَخْ) هُوَ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ لِلْخِلَافِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَقُولِ الْقَوْلِ، وَقَوْلُهُ الظَّاهِرُ وَصْفٌ لِقَوْلِهِمَا وَهَذَا أَصْوَبُ مِمَّا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الرُّؤَسَاءِ بِإِمْرَةٍ جَائِزَةٍ) قَالَ الشَّيْخُ: بِأَنْ
التَّتِمَّةِ وَلِلْعَجَمِ عُرْفٌ فِي النَّسَبِ فَيُعْتَبَرُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ مَا ذَكَرُوهُ مِمَّا مَرَّ كَتَقْدِيمِ بَنِي إسْرَائِيلَ، وَكَذَا مَا قِيسَ بِذَلِكَ مِنْ اعْتِبَارِ عُرْفِهِمْ فِي الْحِرَفِ أَيْضًا يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ مَا يَأْتِي عَنْهُمْ مِنْ أَنَّهُ رَفِيعٌ، أَوْ دَنِيءٌ وَإِلَّا لَمْ يُعْتَبَرْ بِعُرْفٍ لَهُمْ وَلَا لِغَيْرِهِمْ، خَالَفَ مَا ذَكَرَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّهُمْ أَعْلَمُ بِالْعُرْفِ وَهُوَ بَعْدَ أَنْ عَرَفُوهُ وَقَرَّرُوهُ لَا نَسْخَ فِيهِ.
وَالثَّانِي لَا يُعْتَبَرُ فِيهِمْ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَنُونَ بِحِفْظِ الْأَنْسَابِ وَلَا يُدَوِّنُونَهَا بِخِلَافِ الْعَرَبِ (وَ) رَابِعُهَا (عِفَّةٌ) عَنْ الْفِسْقِ فِيهِ وَفِي آبَائِهِ (فَلَيْسَ فَاسِقٌ) وَلَوْ ذِمِّيًّا فَاسِقًا فِي دِينِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ، أَوْ مُبْتَدِعٌ وَلَا ابْنُ أَحَدِهِمَا وَإِنْ سَفَلَ (كُفْءَ عَفِيفَةٍ) أَوْ سُنِّيَّةٍ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الرُّويَانِيُّ وَأَقَرَّاهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ} [السجدة: 18] وَغَيْرُ الْفَاسِقِ وَلَوْ مَسْتُورًا كُفْءٌ لَهُمَا وَغَيْرُ مَشْهُورٍ بِالصَّلَاحِ كُفْءٌ لِلْمَشْهُورَةِ بِهِ وَفَاسِقٌ كُفْءٌ لِفَاسِقَةٍ مُطْلَقًا إلَّا إنْ زَادَ فِسْقُهُ، أَوْ اخْتَلَفَ نَوْعُهُمَا كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَمُنَازَعَةُ الزَّرْكَشِيّ مَرْدُودَةٌ بِظُهُورِ الْفَرْقِ وَيُجْرَى ذَلِكَ فِي كُلِّ مُبْتَدِعٍ وَمُبْتَدِعَةٍ
(وَ) خَامِسُهَا (حِرْفَةٌ) فِيهِ، أَوْ فِي أَحَدٍ مِنْ آبَائِهِ وَهِيَ مَا يُتَحَرَّفُ بِهِ لِطَلَبِ الرِّزْقِ مِنْ الصَّنَائِعِ وَغَيْرِهَا، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ بَاشَرَ صَنْعَةً دَنِيئَةً لَا عَلَى جِهَةِ الْحِرْفَةِ بَلْ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ مُقَابِلٍ لَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ فِيهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي أَنَّ مَنْ بَاشَرَ نَحْوَ ذَلِكَ اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ لَا تَنْخَرِمُ بِهِ مُرُوءَتُهُ (فَصَاحِبُ حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ) بِالْهَمْزِ وَالْمَدِّ وَهِيَ مَا دَلَّتْ مُلَابَسَتُهُ عَلَى انْحِطَاطِ الْمُرُوءَةِ وَسُقُوطِ النَّفْسِ.
قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَلَيْسَ مِنْهَا نِجَارَةٌ بِالنُّونِ وَتِجَارَةٌ بِالتَّاءِ.
وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: تُرَاعَى فِيهَا عَادَةُ الْبَلَدِ، فَإِنَّ الزِّرَاعَةَ قَدْ تَفْضُلُ التِّجَارَةَ فِي بَلَدٍ وَفِي بَلَدٍ أُخْرَى بِالْعَكْسِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي ذَلِكَ بِالْعُرْفِ الْعَامِّ وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ بَلَدُ الزَّوْجَةِ لَا بَلَدُ الْعَقْدِ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عَارِهَا وَعَدَمِهِ وَذَلِكَ إنَّمَا يُعْرَفُ بِالنِّسْبَةِ لِعُرْفِ بَلَدِهَا: أَيْ الَّتِي هِيَ بِهَا حَالَةَ الْعَقْدِ، وَذَكَرَ فِي الْأَنْوَارِ تَفَاضُلًا بَيْنَ كَثِيرٍ مِنْ الْحِرَفِ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ فَبِنْتُ مَنْ اتَّصَفَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَا يُكَافِئُهَا ابْنُ مَنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِهَا مَعَ مُشَارَكَتِهَا لِأَبِيهَا فِي بَقِيَّةِ الْخِصَالِ الْمُعْتَبَرَةِ (قَوْلُهُ: خَالَفَ) أَيْ قَوْلُهُ يُعْرَفُ لَهُمْ (قَوْلُهُ: وَفِي آبَائِهِ) الْمُتَبَادِرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْفِسْقَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْأُمَّهَاتِ وَلَيْسَ مُرَادًا لِمَا سَيَأْتِي لَهُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ فَسَقَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ذِمِّيًّا فَاسِقًا) أَيْ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا عِنْدَ الْعَقْدِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ أَوْ مُبْتَدِعٌ) أَيْ لَا نُكَفِّرُهُ بِبِدْعَتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ كَالشِّيعَةِ وَالرَّافِضَةِ (قَوْلُهُ:، أَوْ سُنِّيَّةٌ) ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَا ابْنُ أَحَدِهِمَا وَإِنْ كَانَ أَبُوهَا فَاسِقًا، أَوْ مُبْتَدِعًا وَالزَّوْجُ عَفِيفًا سُنِّيًّا (قَوْلُهُ: كُفْءٌ لَهُمَا) أَيْ الْعَفِيفَةِ وَالسُّنِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَفَاسِقٌ كُفْءٌ لِفَاسِقَةٍ مُطْلَقًا) أَيْ بِالزِّنَا، أَوْ شُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ:، أَوْ اخْتَلَفَ نَوْعُهُمَا) أَيْ نَوْعُ الْفِسْقَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ إلَّا إنْ زَادَ فِسْقُهُ (قَوْلُهُ: بَلْ لَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَنْ بَاشَرَ نَحْوَ ذَلِكَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ بِعِوَضٍ (قَوْلُهُ: وَسُقُوطُ النَّفْسِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الرُّويَانِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ بَلَدُ الزَّوْجَةِ) أَيْ فَلَوْ أَوْجَبَ الْوَلِيُّ فِي بَلَدٍ وَمُوَلِّيَتُهُ فِي بَلَدٍ أُخْرَى فَالْعِبْرَةُ بِبَلَدِ الزَّوْجَةِ لَا بَلَدِ الْعَقْدِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ: أَيْ الَّتِي بِهَا حَالَةَ الْعَقْدِ
(قَوْلُهُ: الَّتِي هِيَ بِهَا) قَضِيَّتُهُ اعْتِبَارُ بَلَدِ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ مَجِيئُهَا لَهَا لِعَارِضٍ كَزِيَارَةٍ وَفِي نِيَّتِهَا الْعَوْدُ إلَى وَطَنِهَا وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ أَيْ الَّتِي هِيَ بِهَا إلَخْ إنْ كَانَ الْمُرَادُ الَّتِي بِهَا عَلَى وَجْهِ التَّوَطُّنِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
كَانَ أَهْلًا لَهَا. اهـ.
وَيَدُلُّ لَهُ مَا سَيَأْتِي عَنْ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: خَالَفَ إلَخْ) وَصْفٌ لِعُرْفٍ (قَوْلُهُ: وَعِفَّةٌ عَنْ الْفِسْقِ فِيهِ وَفِي آبَائِهِ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ ابْنَ الْفَاسِقِ مَثَلًا وَإِنْ كَانَ عَفِيفًا لَا يُكَافِئُ الْعَفِيفَةَ وَإِنْ كَانَتْ بِنْتَ فَاسِقٍ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا قَدْ يُخَالِفُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: كُفْءٌ لَهَا) هُوَ بِضَمِيرِ الْمُؤَنَّثَةِ الرَّاجِعِ إلَى الْعَفِيفَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَتْنِ وَوَقَعَ فِي نُسْخَةِ الشَّيْخِ كُفْءٌ لَهُمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ، فَجَعَلَ الشَّيْخُ الضَّمِيرَ لِلْعَفِيفَةِ وَالسُّنِّيَّةِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُبْتَدِعَ كُفْءٌ لَهُمَا إذْ هُوَ مِنْ غَيْرِ الْفَاسِقِ بِدَلِيلِ عَطْفِهِ عَلَيْهِ فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) هَذَا الْإِطْلَاقُ بِالنِّسْبَةِ لِأَنْوَاعِ الْفِسْقِ: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِسْقُهُمَا بِزِنًا أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا بِشَرْطِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ إلَخْ) هَذَا مِنْهُ مَصِيرٌ إلَى
وَلَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ عُرْفِ بَلَدِهِ (لَيْسَ) هُوَ، أَوْ ابْنُهُ وَإِنْ سَفَلَ (كُفْءَ أَرْفَعَ مِنْهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} [النحل: 71] أَيْ سَبَبِهِ فَبَعْضُهُمْ يَصِلُهُ بِعِزٍّ وَسُهُولَةٍ وَبَعْضُهُمْ بِضِدِّهِمَا (فَكَنَّاسٌ وَحَجَّامٌ وَحَارِسٌ) وَبَيْطَارٌ وَدَبَّاغٌ (وَرَاعٍ) وَلَا يُنَافِي عَدُّهُ هُنَا مَا وَرَدَ «مَا مِنْ نَبِيٍّ إلَّا رَعَى الْغَنَمَ» لِأَنَّ مَا هُنَا بِاعْتِبَارِ مَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ وَغَلَبَ عَلَى الرِّعَاءِ بَعْدَ تِلْكَ الْأَزْمِنَةِ مِنْ التَّسَاهُلِ فِي الدِّينِ وَقِلَّةِ الْمُرُوءَةِ (وَقَيِّمُ حَمَّامٍ) هُوَ وَأَبُوهُ (لَيْسَ كُفْءَ بِنْتِ خَيَّاطٍ) وَالْأَوْجَهُ أَنَّ كُلَّ ذِي حِرْفَةٍ فِيهَا مُبَاشَرَةُ نَجَاسَةٍ كَالْجِزَارَةِ عَلَى الْأَصَحِّ لَيْسَ كُفْءَ الَّذِي حِرْفَتُهُ لَا مُبَاشَرَةَ فِيهَا لَهَا، وَأَنَّ بَقِيَّةَ الْحِرَفِ الَّتِي لَمْ يَذْكُرُوا فِيهَا تَفَاضُلًا مُتَسَاوِيَةٌ إلَّا إنْ اطَّرَدَ الْعُرْفُ بِتَفَاوُتِهَا كَمَا مَرَّ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ الْقَصَّابَ لَيْسَ كُفْءً لِبِنْتِ السَّمَّاكِ خِلَافًا لِلْقَمُولِيِّ (وَلَا خَيَّاطٌ) كُفْءَ (بِنْتِ تَاجِرٍ) وَهُوَ مَنْ يَجْلِبُ الْبَضَائِعَ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِجِنْسٍ مِنْهَا لِلْبَيْعِ
وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَعْبِيرَهُمْ بِالْجَلْبِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْرِيفُهُمْ لِلتِّجَارَةِ بِأَنَّهَا تَقْلِيبُ الْمَالِ لِغَرَضِ الرِّبْحِ، وَأَنَّ مَنْ لَهُ حِرْفَتَانِ دَنِيَّةٌ وَرَفِيعَةٌ اُعْتُبِرَ مَا اُشْتُهِرَ بِهِ وَالْأَغْلَبُ الدَّنِيَّةُ، بَلْ لَوْ قِيلَ بِتَغْلِيبِهَا مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ تَعْبِيرِهِ بِهَا لَمْ يَبْعُدْ (أَوْ بَزَّازٌ) وَهُوَ بَائِعُ الْبَزِّ (وَلَا هُمَا) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (بِنْتَ عَالَمٍ، أَوْ قَاضٍ) لِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ ذَلِكَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِبِنْتِ الْعَالِمِ وَالْقَاضِي مَنْ فِي آبَائِهَا الْمَنْسُوبَةِ إلَيْهِ أَحَدُهُمَا وَإِنْ عَلَا لِأَنَّهَا مَعَ ذَلِكَ تَفْتَخِرُ بِهِ، وَالْجَاهِلُ لَا يَكُونُ كُفْءً لِلْعَالِمَةِ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ، وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الرَّوْضَةِ خِلَافَهُ لِأَنَّ الْعِلْمَ إذَا اُعْتُبِرَ فِي آبَائِهَا فَلَأَنْ يُعْتَبَرَ فِيهَا بِالْأَوْلَى إذْ أَقَلُّ مَرَاتِبِ الْعِلْمِ أَنْ يَكُونَ كَالْحِرْفَةِ وَصَاحِبُ الدَّنِيئَةِ لَا يُكَافِئُ صَاحِبَ الشَّرِيفَةِ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الْعِلْمَ مَعَ الْفِسْقِ لَا أَثَرَ لَهُ إذْ لَا فَخْرَ لَهُ حِينَئِذٍ فِي الْعُرْفِ فَضْلًا عَنْ الشَّرْعِ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْقَضَاءِ فَقَالَ: إنْ كَانَ الْقَاضِي أَهْلًا فَعَالِمٌ وَزِيَادَةٌ، أَوْ غَيْرَ أَهْلٍ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فِي قُضَاةِ زَمَنِنَا نَجِدُ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ كَقَرِيبِ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ فَفِي النَّظَرِ إلَيْهِ نَظَرٌ، وَيَجِيءُ فِيهِ مَا سَبَقَ فِي الظَّلَمَةِ الْمُسْتَوْلِينَ عَلَى الرِّقَابِ، بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُمْ بِعَدَمِ الِاعْتِبَارِ لِأَنَّ النِّسْبَةَ إلَيْهِ عَارٌ بِخِلَافِ الْمُلُوكِ وَنَحْوِهَا اهـ.
وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْعِلْمَ مَعَ الْفِسْقِ بِمَنْزِلَةِ الْحِرْفَةِ الشَّرِيفَةِ فَيُعْتَبَرُ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ أَيْضًا وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّ فِسْقَ أُمِّهِ وَحِرْفَتَهَا الدَّنِيئَةَ تُؤَثِّرُ هُنَا أَيْضًا لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الْعُرْفِ وَهُوَ قَاضٍ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافَهُ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَوَاضِحٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ عَلَى عَزْمِ الْعَوْدِ لِبَلَدِهَا فَمُشْكِلٌ مُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ} [النحل: 71] إلَخْ) وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ فِي الْآيَةِ مَا يُفْهَمُ مِنْ أَنَّ أَسْبَابَ الرِّزْقِ مُخْتَلِفَةٌ وَبَعْضَهَا أَشْرَفُ مِنْ بَعْضٍ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِي عَدُّهُ هُنَا) أَيْ مِنْ الْحِرَفِ الدَّنِيئَةِ (قَوْلُهُ أَنَّ الْقَصَّابَ) أَيْ الْجَزَّارَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ يَجْلِبُ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَيَجْلُبُ جَلَبًا أَيْضًا بِوَزْنِ يَطْلُبُ طَلَبًا مِثْلُهُ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ مَا اُشْتُهِرَ بِهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مَنْ فِي آبَائِهَا الْمَنْسُوبَةِ إلَيْهِمْ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ الْعَالِمُ فِي آبَائِهَا أَقْرَبَ مِنْ الْعَالِمِ فِي آبَائِهِ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْمَنْسُوبَيْنِ إلَى مَنْ أَسْلَمَ، أَوْ إلَى الْعَتِيقِ أَنَّهُ لَا يُكَافِئُهَا، وَيُحْتَمَل الْفَرْقُ فَيَكُونُ كُفُؤًا لَهَا كَمَا أَنَّ الْمُشْتَرِكَيْنِ فِي الصَّلَاحِ الْمُخْتَلِفَيْنِ فِي مَرَاتِبِهِ أَكْفَاءٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقَلَ مَا اسْتَقَرَّ بَنَاهُ عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ حَجّ تَنْبِيهٌ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْعَالِمِ هُنَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
رَأْيِ الرُّويَانِيِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا هُنَا بِاعْتِبَارِ مَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: قَدْ يُقَالُ الْكَلَامُ فِيمَنْ اتَّخَذَ الرَّعْيَ حِرْفَةً (قَوْلُهُ: كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْرِيفُهُمْ إلَخْ) وَيَدُلُّ التَّعْرِيفُ أَيْضًا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِجِنْسٍ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ أَيْضًا فَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ) أَيْ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهِ مُخَالَفَةُ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: فَيُعْتَبَرُ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ) أَيْ فَلَوْ كَانَتْ عَالِمَةً فَاسِقَةً لَا يُكَافِئُهَا فَاسِقٌ غَيْرُ عَالِمٍ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ
وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ حَافِظَ الْقُرْآنِ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ مَعَ عَدَمِ مَعْرِفَةِ مَعْنَاهُ لَا يُكَافِئُ ابْنَةَ مَنْ لَا يَحْفَظُهُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْيَسَارَ) عُرْفًا (لَا يُعْتَبَرُ) فِي بَدْوٍ وَلَا حَضَرٍ وَلَا عَرَبٍ وَلَا عَجَمٍ لِأَنَّ الْمَالَ ظِلٌّ زَائِلٌ وَحَالٌ حَائِلٌ وَطَوْدٌ مَائِلٌ وَلَا يَفْتَخِرُ بِهِ أَهْلُ الْمُرُوءَاتِ وَالْبَصَائِرِ، وَأَمَّا خَبَرُ «الْحَسَبُ الْمَالُ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ» فَمَحْمُولٌ أَوَّلُهُمَا عَلَى أَنَّ حِكْمَتَهُ مُطَابَقَةُ الْخَبَرِ الْآخَرِ «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِحَسَبِهَا وَمَالِهَا» الْحَدِيثَ: أَيْ أَنَّ الْغَالِبَ فِي الْأَغْرَاضِ ذَلِكَ، وَوُكِلَ صلى الله عليه وسلم شَأْنُ ذَمِّ الْمَالِ إلَى مَا عُرِفَ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي ذَمِّهِ، لَا سِيَّمَا قَوْله تَعَالَى {وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ} [الزخرف: 33] إلَى قَوْلِهِ {وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الزخرف: 35] وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «إنَّ اللَّهَ يَحْمِي عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ مِنْ الدُّنْيَا كَمَا يَحْمِي أَحَدُكُمْ مَرِيضَهُ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَلَوْ سَوِيَتْ الدُّنْيَا عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ» وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْأَئِمَّةُ: لَا يَكْفِي فِي الْخُطْبَةِ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذَمِّ الدُّنْيَا لِأَنَّهُ مِمَّا تَوَاصَى بِهِ مُنْكِرُو الْمَعَادِ أَيْضًا.
وَثَانِيهمَا عَلَى أَنَّهُ تَصِحُّ بِمَا يُعَدُّ عُرْفًا مُنَفِّرًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنَفِّرًا شَرْعًا فَانْدَفَعَ مَا لِلْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ هُنَا.
وَالثَّانِي لَا يُعْتَبَرُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يُنْفِقْ عَلَى الْوَلَدِ وَتَتَضَرَّرُ هِيَ بِنَفَقَتِهِ عَلَيْهَا نَفَقَةَ الْمُعْسِرِينَ بِلُزُومِ نَفَقَتِهِ لَهَا عِنْدَ فَقْدِ مَا يَقُومُ بِهِ غَيْرُهَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا بِالْإِجْبَارِ بِمُعْسِرٍ بِحَالِ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ، لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ كَمَا مَرَّ، وَلَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى اعْتِبَارِ الْيَسَارِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ لِأَنَّهُ بَخَسَهَا حَقَّهَا، فَهُوَ كَمَا لَوْ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ، وَلَا يُعْتَبَرُ الْجَمَالُ وَالْبَلَدُ.
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَيْسَ الْبُخْلُ وَالْكَرَمُ وَالطُّولُ وَالْقِصَرُ مُعْتَبَرًا.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِيمَا إذَا أَفْرَطَ الْقِصَرُ فِي الرَّجُلِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ لِلْأَبِ تَزْوِيجُ ابْنَتِهِ مِمَّنْ هُوَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ مِمَّا تَتَعَيَّرُ بِهِ الْمَرْأَةُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ بَعْضَ الْخِصَالِ) الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْكَفَاءَةِ (لَا يُقَابَلُ بِبَعْضٍ) أَيْ إذْ لَا تُجْبَرُ نَقِيصَةٌ بِفَضِيلَةٍ، فَلَا تُزَوَّجُ حُرَّةٌ عَجَمِيَّةٌ بِرَقِيقٍ عَرَبِيٍّ، وَلَا سَلِيمَةٌ مِنْ الْعُيُوبِ دَنِيئَةٌ بِمَعِيبٍ نَسِيبٍ، وَلَا حُرَّةٌ فَاسِقَةٌ بِعَبْدٍ عَفِيفٍ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّ دَنَاءَةَ نَسَبِهِ تَنْجَبِرُ بِعِفَّتِهِ الظَّاهِرَةِ، وَأَنَّ الْأَمَةَ الْعَرَبِيَّةَ يُقَابِلُهَا الْحُرُّ الْعَجَمِيُّ وَمَا حَكَاهُ الشَّارِحُ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ أَنَّ التَّنَقِّي مِنْ الْحِرَفِ الدَّنِيئَةِ يُعَارِضُهُ الصَّلَاحُ وِفَاقًا وَالْيَسَارُ إنْ اُعْتُبِرَ يُعَارِضُ بِكُلِّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَنْ يُسَمَّى عَالِمًا فِي الْعُرْفِ وَهُوَ الْفَقِيهُ وَالْمُحَدِّثُ وَالْمُفَسِّرُ لَا غَيْرُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: لَا يُكَافِئُ ابْنَةَ إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ يَحْفَظُ نِصْفَهُ بِالْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ لَا يُكَافِئُ ابْنَةَ مَنْ يَحْفَظُهُ كُلَّهُ لِوَاحِدٍ أَوْ يَحْفَظُهُ بِقِرَاءَةٍ مُلَفَّقَةٍ (قَوْلُهُ: مَنْ لَا يَحْفَظُهُ) وَكَمَا اُعْتُبِرَ حِفْظُ الْقُرْآنِ فِي نَفْسِ الْأَبِ كَذَا يُعْتَبَرُ فِي بَقِيَّةِ أُصُولِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْعَالِمِ وَالْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَحَالَ حَائِلٌ إلَخْ) هَذِهِ الْمَعَاطِيفُ مَعَانِيهَا مُخْتَلِفَةٌ لَكِنْ الْمُرَادُ مِنْهَا وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: وَطَوْدٌ مَائِلٌ) أَيْ جَبَلٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنَّ اللَّهَ يَحْمِي عَبْدَهُ مِنْ الدُّنْيَا) أَيْ الزَّائِدَةِ عَلَى الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ) أَيْ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ: بِحَالِ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ) وَمِنْهُ مَا لَوْ زَوَّجَ الْوَلِيُّ مَحْجُورَهُ الْمُعْسِرَ بِنْتًا بِإِجْبَارِ وَلِيِّهَا لَهَا ثُمَّ يَدْفَعُ أَبُو الزَّوْجِ الصَّدَاقَ عَنْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ كَانَ حَالَ الْعَقْدِ مُعْسِرًا، فَالطَّرِيقُ أَنْ يَهَبَ الْأَبُ لِابْنِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ مُقَدَّرَ الصَّدَاقِ وَيُقْبِضَهُ لَهُ ثُمَّ يُزَوِّجَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَنَّ الْأَبَ يَدْفَعُ عَنْ ابْنِهِ مُقَدَّمَ الصَّدَاقِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هِبَةً لَكِنَّهُ يُنَزَّلُ مَنْزِلَتَهَا بَلْ قَدْ يَدَّعِي أَنَّهُ هِبَةٌ ضِمْنِيَّةٌ لِلْوَلَدِ، فَإِنْ دَفَعَهُ لِوَلِيِّ الزَّوْجَةِ فِي قُوَّةِ أَنْ يَقُولَ: مَلَّكْت هَذَا لِابْنِي وَدَفَعْته لَك عَنْ صَدَاقِ بِنْتِك الَّذِي قُدِّرَ لَهَا (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْبُخْلُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مِمَّا تُعَيَّرُ بِهِ الْمَرْأَةُ) أَيْ وَمَعَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: بِلُزُومِ نَفَقَتِهِ لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ عِنْدَ فَقْدِ مَا يَقُومُ بِهِ غَيْرُهَا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مُوسِرٌ غَيْرُهَا، وَالْبَاءُ فِي بِلُزُومِ بِمَعْنَى مَعَ، فَلَا
خَصْلَةٍ غَيْرَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ.
وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَبُوهَا سَالِمًا مِنْ الْحِرَفِ الدَّنِيئَةِ وَأَبُوهُ غَيْرَ سَالِمٍ مِنْهَا لَكِنَّهُ صَالِحٌ جَبَرَ الصَّلَاحُ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ وَكَانَ كُفْءً لَهَا (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْأَبِ (تَزْوِيجُ ابْنِهِ الصَّغِيرِ أَمَةً) لِأَنَّهُ مَأْمُونُ الْعَنَتِ، بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ يَجُوزُ تَزْوِيجُهُ بِهَا بِشَرْطٍ (وَكَذَا مَعِيبَةٌ) بِعَيْبٍ يُثْبِتُ الْخِيَارَ فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ خِلَافُ الْغِبْطَةِ، وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إذَا بَلَغَ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْبُطْلَانِ فِي تَزْوِيجِهِ الرَّتْقَاءَ وَالْقَرْنَاءَ لِأَنَّهُ بَذْلُ مَالٍ فِي بُضْعٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ، بِخِلَافِ تَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ مَجْبُوبًا، وَإِنْ زَوَّجَ الْمَجْنُونَ، أَوْ الصَّغِيرَ عَجُوزًا، أَوْ عَمْيَاءَ، أَوْ قَطْعَاءَ، أَوْ الصَّغِيرَةَ بِهَرِمٍ، أَوْ أَعْمَى، أَوْ أَقْطَعَ فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي صُورَةِ الْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ، وَنَقَلُوهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُزَوِّجُهُمَا بِالْمَصْلَحَةِ، وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ فِي ذَلِكَ بَلْ عَلَيْهِمَا ضَرَرٌ فِيهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْكَفَاءَةِ تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ فِي صُوَرِ الصَّغِيرَةِ لِأَنَّ وَلِيَّهَا إنَّمَا يُزَوِّجُهَا بِالْإِجْبَارِ مِنْ الْكُفْءِ وَكُلٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ كُفْءٌ، فَالْمَأْخَذُ فِي هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا مُخْتَلَفٌ، إذْ الْمَلْحَظُ ثَمَّ الْعَارُ وَهُنَا الْمَصْلَحَةُ، وَلِأَنَّ تَزْوِيجَهَا يُفِيدُهَا وَتَزْوِيجُهُ يُغْرِمُهُ فَاحْتِيطَ لَهُ أَكْثَرُ وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ، لَكِنْ يَظْهَرُ حُرْمَةُ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي شُرُوطِ الْإِجْبَارِ (وَيَجُوزُ) تَزْوِيجُهُ (مَنْ لَا يُكَافِئُهُ بِبَاقِي الْخِصَالِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الرَّجُلَ لَا يَتَعَيَّرُ بِاسْتِفْرَاشِ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ، نَعَمْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إذَا بَلَغَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَالرَّوْضَةِ وَإِنْ نَازَعَ فِي ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ فَقَدْ صَرَّحَا بِهِ فِي أَوَّلِ الْخِيَارِ وَحَيْثُ قَالَا لَوْ زَوَّجَ الصَّغِيرَ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ وَصَحَّحْنَاهُ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا بَلَغَ.
وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ لَا تَكُونُ لَهُ فِيهِ غِبْطَةٌ. . .
ــ
[حاشية الشبراملسي]
ذَلِكَ لَوْ وَقَعَ صَحَّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ خِصَالِ الْكَفَاءَةِ (قَوْلُهُ: وَصُورَةُ ذَلِكَ) أَيْ الْمُقَابِلِ (قَوْلُهُ: يَجُوزُ تَزْوِيجُهُ) أَيْ بِالْأَمَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ تَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ مَجْبُوبًا) لَعَلَّهُ مَرْجُوحٌ وَإِلَّا فَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الصِّحَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ) وَفِي نُسْخَةِ الْبُلْقِينِيِّ: وَلَعَلَّ مَا فِي الْأَصْلِ هُوَ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ الْأَوْفَقُ بِمَا مَرَّ عَنْ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ مِنْ تَلَامِذَتِهِ (قَوْلُهُ: فِي صُورَةِ الصَّغِيرَةِ) أَيْ دُونَ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ إلَخْ) فِي أَخْذِهِ مِمَّا مَرَّ نَظَرٌ بَلْ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَوَازُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ) أَيْ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَضَرَّرُ بِهَا لِمَا خَفِيَ عَلَى الْوَلِيِّ مِنْ لُحُوقِ الضَّرَرِ لَهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَزَوَّجَ الْبَالِغُ بِمَعِيبَةٍ يَجْهَلُ عَيْبَهَا.
ــ
[حاشية الرشيدي]
يَرِدُ أَنَّ نَفَقَتَهُ حِينَئِذٍ لَازِمَةٌ لَهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ زَوْجَتَهُ (قَوْلُهُ: مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ) اُنْظُرْهُ مَعَ حِكَايَةِ الْوِفَاقِ، وَلَعَلَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ يَنْبَنِي عَلَيْهِ خِلَافٌ فِي صُوَرِ هَلْ يَحْصُلُ بَيْنَهَا مُعَارِضَةٌ أَوْ لَا، وَاتَّفَقَ الْقَائِلُونَ بِهِ عَلَى الْمُعَارَضَةِ فِي صُورَةِ الْإِمَامِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: بِعَيْبٍ يُثْبِتُ الْخِيَارَ) شَمِلَ الْجُنُونَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ تَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ مَجْبُوبًا) كَانَ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِقَطْعِ بَعْضِهِمْ: أَيْ فَالْبَعْضُ الْمَذْكُورُ قَطَعَ بِالْبُطْلَانِ فِي تَزْوِيجِ الصَّغِيرِ بِالرَّتْقَاءِ وَالْقَرْنَاءِ، بِخِلَافِ تَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ بِالْمَجْبُوبِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ بِالْبُطْلَانِ فِيهِ، بَلْ حَكَى فِيهِ خِلَافًا: أَيْ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ الْبُطْلَانَ أَيْضًا لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي شُرُوطِ الْإِجْبَارِ) أَيْ مِمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ شَرْطٌ لِجَوَازِ الْمُبَاشَرَةِ.