الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِلتَّمْيِيزِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ جُزْءٌ مِمَّنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ.
وَيَحْرُمُ مُضَاجَعَةُ رَجُلَيْنِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ عَارِيَّيْنِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَإِنْ لَمْ يَتَمَاسَّا وَلَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا إذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ الصَّبِيَّةُ عَشْرَ سِنِينَ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ لِعُمُومِ خَبَرِ «وَفَرِّقُوا بَيْنهمْ فِي الْمَضَاجِعِ» أَيْ عِنْدَ الْعُرْي كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُعْتَبَرٌ فِي الْأَجَانِبِ فَمَا بَالُك بِالْمَحَارِمِ لَا سِيَّمَا الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ، وَوَجْهُ التَّحْرِيمِ أَنَّ ضَعْفَ عَقْلِ الصَّغِيرِ مَعَ إمْكَانِ احْتِلَامِهِ قَدْ يُؤَدِّي إلَى مَحْظُورٍ وَلَوْ بِالْأُمِّ، وَيَجُوزُ نَوْمُهُمَا فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ مَعَ عَدَمِ التَّجَرُّدِ وَلَوْ مُتَلَاصِقَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُمْتَنَعُ مَعَ التَّجَرُّدِ فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ وَإِنْ تَبَاعَدَا، وَيُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ نَظَرُ فَرْجِ نَفْسِهِ عَبَثًا.
(فَصْلٌ) الْخِطْبَةُ
بِكَسْرِ الْخَاءِ وَهِيَ الْتِمَاسُ النِّكَاحِ (تَحِلُّ خِطْبَةُ خَلِيَّةٍ عَنْ نِكَاحٍ وَعِدَّةٍ) تَصْرِيحًا وَتَعْرِيضًا وَيَحْرُمُ خِطْبَةُ الْمَنْكُوحَةِ كَذَلِكَ إجْمَاعًا فِيهِمَا، وَسَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ اشْتِرَاطُ خُلُوِّهَا أَيْضًا مِنْ بَقِيَّةِ مَوَانِعِ النِّكَاحِ وَمِنْ خِطْبَةِ الْغَيْرِ، وَمَا أُورِدَ عَلَى مَفْهُومِهِ مِنْ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ حَيْثُ تَحِلُّ خِطْبَتُهَا مَعَ عَدَمِ خُلُوِّهَا مِنْ الْعِدَّةِ الْمَانِعَةِ لِلنِّكَاحِ لِأَنَّ ذَا الْعِدَّةِ لَا حَقَّ لَهُ فِي نِكَاحِهَا.
رُدَّ بِأَنَّ الْجَائِزَ إنَّمَا هُوَ التَّعْرِيضُ فَقَطْ، خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ جَوَازَ التَّصْرِيحِ لَهَا وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: لَا تَصْرِيحَ لِمُعْتَدَّةٍ فَسَاوَتْ غَيْرَهَا، وَعَلَى مَنْطُوقِهِ مِنْ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا حَيْثُ حَرُمَ عَلَى مُطَلِّقِهَا خِطْبَتُهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَتَعْتَدُّ مِنْهُ.
رُدَّ أَيْضًا بِأَنَّهَا قَامَ بِهَا مَانِعٌ فَأَشْبَهَتْ خَلِيَّةً مَحْرَمًا لَهُ، فَكَمَا لَا تُرَدُّ الْمَحْرَمُ لَا تُرَدُّ هَذِهِ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْخَلِيَّةُ مِنْ سَائِرِ الْمَوَانِعِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ إيهَامُهُ حِلَّ خِطْبَةِ الْأَمَةِ الْمُسْتَفْرَشَةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَالَ بَوْلُك طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ دُمُكِ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ مُضَاجَعَةُ رَجُلَيْنِ) وَكَالْمُضَاجَعَةِ مَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي مِصْرنَا مِنْ دُخُولِ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مَغْطِسِ الْحَمَّامِ فَيَحْرُمُ إنْ خِيفَ النَّظَرُ أَوْ الْمَسُّ مِنْ أَحَدِهِمَا لِعَوْرَةِ الْآخِرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ الْعُرْيَ (قَوْلُهُ: قَدْ يُؤَدِّي إلَى مَحْظُورٍ) وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَقْيِيدِ الْحُرْمَةِ بِالرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَتَيْنِ مَعَ أَنَّ مَا هُنَا شَامِلٌ لِلْأُمِّ مَعَ ابْنِهَا بَلْ ظَاهِرٌ فِيهِ؛ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ فِيمَا مَرَّ لِمُجَرَّدِ التَّصْوِيرِ لَا لِلِاحْتِرَازِ.
(فَصْلٌ) فِي الْخِطْبَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْخِطْبَةِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُهَا مِنْ حُكْمِ مَنْ اُسْتُشِيرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ شَرْعًا وَلُغَةً (قَوْلُهُ: الْتِمَاسٌ) أَيْ الْتِمَاسُ الْخَاطِبِ النِّكَاحَ مِنْ جِهَةِ الْمَخْطُوبَةِ (قَوْلُهُ: وَعِدَّةٍ) أَيْ وَتُسَرُّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَسَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ بِمَعُونَةِ مَا قَرَّرَهُ فِيهِ وَإِلَّا فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَسَاوَتْ غَيْرَهَا) أَيْ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ: حَرُمَ عَلَى مُطَلِّقِهَا خِطْبَتُهَا)
ــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ الْخِطْبَةُ]
فَصْلٌ) فِي الْخِطْبَةِ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ خِطْبَةُ الْمَنْكُوحَةِ) أَيْ وَأَمَّا الْمُعْتَدَّةُ فَسَتَأْتِي فِي الْمَتْنِ لَكِنَّهُ كَرَّرَ هَذَا أَيْضًا قُبَيْلَ الْمَتْنِ الْآتِي (قَوْلُهُ: مِنْ بَقِيَّةِ مَوَانِعِ النِّكَاحِ) أَيْ سَائِرِ الْمَوَانِعِ عَلَى مَا يَأْتِي بِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ تَحِلُّ خِطْبَتُهَا مَعَ عَدَمِ خُلُوِّهَا إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْمَرْدُودَ مِمَّنْ يَرَى الزَّعْمَ الْآتِيَ مِنْ جَوَازِ خِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ شُبْهَةٍ وَلَوْ بِالتَّصْرِيحِ، فَحَاصِلُ الرَّدِّ عَلَيْهِ تَضْعِيفُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا) أَيْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعُدَّةِ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى) عِبَارَةُ
وَإِنْ لَمْ يُعْرِضْ السَّيِّدُ عَنْهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إيذَائِهِ، إذْ هِيَ فِي مَعْنَى الزَّوْجَةِ انْتَهَى، وَالْأَوْجَهُ حُرْمَتُهُ مُطْلَقًا مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى إعْرَاضِ السَّيِّدِ عَنْهَا وَمَحَبَّتِهِ لِتَزْوِيجِهَا، وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّ هُنَا مَانِعًا هُوَ إفْسَادُهَا عَلَيْهِ، بَلْ مُجَرَّدُ عِلْمِهِ بِامْتِدَادِ نَظَرِ غَيْرِهِ لَهَا مَعَ سُؤَالِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ إيذَاءٌ لَهُ أَيُّ إيذَاءٍ وَإِنْ فُرِضَ الْأَمْنُ عَلَيْهَا مِنْ الْفَسَادِ وَقَدْ عُرِفَ أَنَّ انْتِفَاءَ سَائِرِ الْمَوَانِعِ مُرَادٌ وَهَذَا مِنْ جُمْلَتِهَا وَبِهَذَا يَتَّضِحُ أَيْضًا عَدَمُ وُرُودِ قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ عَلَيْهِ يَحْرُمُ عَلَى ذِي أَرْبَعٍ الْخِطْبَةُ: أَيْ لِقِيَامِ الْمَانِعِ مِنْهُ، وَقِيَاسُهُ تَحْرِيمُ نَحْوِ أُخْتِ زَوْجَتِهِ اهـ.
وَلَمْ يَرَ الْبُلْقِينِيُّ ذَلِكَ فَبَحَثَ الْحِلَّ إذَا كَانَ قَصْدُهُ أَنَّهَا إذَا أَجَابَتْ أَبَانَ وَاحِدَةً، وَكَذَا فِي نَحْوِ أُخْتِ زَوْجَتِهِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ، وَالْأَوْجَهُ حِلُّ خِطْبَةِ صَغِيرَةٍ ثَيِّبٍ، أَوْ بِكْرٍ لَا مُجْبِرَ لَهَا خِلَافًا لِمَنْ بَحَثَ خِلَافَهُ، إلَّا إنْ أَرَادَ إيقَاعَ عَقْدٍ فَاسِدٍ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: يُمْنَعُ كَوْنُ ذَلِكَ خِطْبَةً لِعَدَمِ الْمُجِيبِ لَهَا، وَيَحِلُّ خِطْبَةُ نَحْوِ مَجُوسِيَّةٍ لِيَنْكِحَهَا إذَا أَسْلَمَتْ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ تَحِلُّ عَدَمَ نَدْبِهَا وَهُوَ مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: تُسَنُّ: أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَاحْتَجَّا لَهُ بِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم، وَجَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ وَأَيَّدَهُ غَيْرُهُمَا بِأَنَّ لِلْوَسَائِلِ حُكْمَ الْمَقَاصِدِ، قَالَ: لَكِنْ يَلْزَمُ مِنْهُ وُجُوبُهَا إذَا أَوْجَبْنَا النِّكَاحَ وَهُوَ مُسْتَبْعَدٌ اهـ.
وَلَا بُعْدَ فِيهِ حَيْثُ تَوَقَّفَ عَلَيْهَا، وَلَا يَتَأَيَّدُ مَا نَقَلَاهُ بِتَصْرِيحِهِمْ بِكَرَاهَةِ خِطْبَةِ الْمُحْرِمِ مَعَ حُرْمَةِ نِكَاحِهِ، لِأَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يَخْطُبْهَا لِيَنْكِحَهَا مَعَ الْإِحْرَامِ وَإِلَّا حَرُمَتْ، وَكَذَا يُقَالُ فِي خِطْبَةِ الْحَلَالِ لِلْمُحْرِمَةِ وَفَارَقَتْ الْمُعْتَدَّةَ بِتَوَقُّفِ الِانْقِضَاءِ عَلَى إخْبَارِهَا الَّذِي قَدْ تَكُونُ كَاذِبَةً فِيهِ، بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ فَإِنَّ التَّحَلُّلَ مِنْهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إخْبَارِهَا، وَقَدْ يُقَالُ: إنْ أُرِيدَ بِهَا مُجَرَّدُ الِالْتِمَاسِ كَانَتْ حِينَئِذٍ وَسِيلَةً لِلنِّكَاحِ، فَلْيَكُنْ حُكْمُهَا حُكْمَهُ مِنْ نَدْبٍ وَغَيْرِهِ أَوْ الْكَيْفِيَّةِ الْمَخْصُوصَةِ مِنْ الْإِتْيَانِ لِأَوْلِيَائِهَا مَعَ الْخِطْبَةِ، فَهِيَ سُنَّةٌ مُطْلَقًا، فَادِّعَاءُ أَنَّهَا وَسِيلَةٌ لِلنِّكَاحِ وَأَنَّ لِلْوَسَائِلِ حُكْمَ الْمَقَاصِدِ مَمْنُوعٌ بِإِطْلَاقِهِ لِعَدَمِ صِدْقِ حَدِّ الْوَسِيلَةِ عَلَيْهَا، إذْ النِّكَاحُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا بِإِطْلَاقِهَا لِأَنَّ كَثِيرًا مَا يَقَعُ بِدُونِهَا، وَخَرَجَ بِالْخَلِيَّةِ الزَّوْجَةُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَمِنْهَا تَوَافُقُهُ مَعَهَا عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ لِتَحِلَّ لَهُ فَيَحْرُمَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُعْرِضْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ فِي الْحِلِّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ حُرْمَتُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ خِطْبَةِ الْمُسْتَفْرَشَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ) أَيْ بَحْثُ الْحِلِّ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ) قَدْ تُدْفَعُ هَذِهِ الْعِلَاوَةُ بِأَنَّ الْخِطْبَةَ هِيَ الْتِمَاسُ النِّكَاحِ وَقَدْ وُجِدَ وَإِنْ تَعَذَّرَتْ الْإِجَابَةُ لِمَانِعٍ، إلَّا أَنْ يُعْتَبَرَ فِي مُسَمَّى الْخِطْبَةِ أَنَمَّا الْتِمَاسُ النِّكَاحِ مِمَّنْ تُعْتَبَرُ إجَابَتُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَقَدْ يُقَالُ: يَكْفِي فِي مُسَمَّى الْخِطْبَةِ كَوْنُهُ مِمَّنْ تُعْتَبَرُ إجَابَتُهُ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ، وَفِيهِ بُعْدٌ، (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ) أَيْ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ قَالَ لَكِنْ يَلْزَمُ إلَخْ) أَيْ قَالَ الْمُؤَيَّدُ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَأَيَّدُ مَا نَقَلَاهُ) أَيْ عَنْ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: مَعَ حُرْمَةِ نِكَاحِهِ) أَيْ فَلَا يَتِمُّ أَنْ لِلْوَسَائِلِ حُكْمَ الْمَقَاصِدِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ) أَيْ الْمُحْرِمَةَ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ) مِنْ كَلَامِ م ر وَهُوَ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إنْ أُرِيدَ بِهَا)
ــ
[حاشية الرشيدي]
التُّحْفَةِ: قَوْلُ مَنْ قَالَ إلَخْ وَهِيَ الْأَصْوَبُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّ هُنَا مَانِعًا هُوَ إفْسَادُهَا إلَخْ) هَلَّا كَانَ الْمَانِعُ عَدَمَ اسْتِبْرَائِهَا الَّذِي هُوَ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِوُرُودٍ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ أَوْ بِهَذَا يَتَّضِحُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ تَحْرِيمُ نَحْوِ أُخْتِ زَوْجَتِهِ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ كَلَامُ ابْنِ النَّقِيبِ كَمَا عُلِمَ مِنْ حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ، فَلَعَلَّ الْكَتَبَةَ أَسْقَطَتْ مِنْ الشَّارِحِ. قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ قَبْلَ قَوْلِهِ وَقِيَاسُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ) قَالَ الشِّهَابُ سم: يُمْكِنُ تَقْيِيدُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ بِغَيْرِ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَلَا يَتَنَافَيَانِ (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ الْغَيْرُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: وَلَا بُعْدَ فِيهِ حَيْثُ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا) عَدَلَ عَنْ قَوْلِ التُّحْفَةِ وَلَا بُعْدَ فِيهِ إذَا سَلِمَ كَوْنُهَا وَسِيلَةً، فَقَدْ كَتَبَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم مَا لَفْظُهُ: هَذَا لَا يَظْهَرُ كِفَايَتُهُ فِي نَفْيِ الْبُعْدِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَوَقُّفِ النِّكَاحِ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِوُجُوبِهَا (قَوْلُهُ: مَعَ الْخُطْبَةِ) أَيْ بِضَمِّ الْخَاءِ، وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ الْخِطْبَةِ وَهُوَ تَحْرِيفٌ (قَوْلُهُ: إذْ النِّكَاحُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم:
فَتَحْرُمُ خِطْبَتُهَا تَصْرِيحًا وَتَعْرِيضًا كَمَا مَرَّ، وَالْمُعْتَدَّةُ عَنْ نِكَاحٍ لَكِنْ لَمَّا كَانَ فِيهَا تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (لَا تَصْرِيحٌ) مِنْ غَيْرِ ذِي الْعِدَّةِ لِمُسْتَبْرَأَةٍ (أَوْ لِمُعْتَدَّةٍ) عَنْ وَفَاةٍ، أَوْ شُبْهَةٍ، أَوْ فِرَاقٍ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ، أَوْ بِفَسْخٍ، أَوْ انْفِسَاخٍ فَلَا تَحِلُّ إجْمَاعًا لِأَنَّهَا قَدْ تَرْغَبُ فِيهِ فَتَكْذِبُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذِهِ حِكْمَةٌ فَلَا تُرَدُّ الْعِدَّةُ بِالْأَشْهُرِ وَإِنْ أُمِنَ كَذِبُهَا إذَا عُلِمَ وَقْتُ فِرَاقِهَا، أَمَّا ذُو الْعِدَّةِ فَتَحِلُّ لَهُ إنْ حَلَّ نِكَاحُهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَحِلَّ كَأَنْ وَطِئَ مُعْتَدَّةً بِشُبْهَةٍ فَحَمَلَتْ فَإِنَّ عِدَّتَهُ تُقَدَّمُ وَلَا تَحِلُّ لَهُ خِطْبَتُهَا إذْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا (وَلَا تَعْرِيضٌ لِرَجْعِيَّةٍ) وَمُعْتَدَّةٍ عَنْ رِدَّةٍ لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَى الزَّوْجَةِ لِعَوْدِهِمَا لِلنِّكَاحِ بِالرَّجْعَةِ وَالْإِسْلَامِ
(وَيَحِلُّ تَعْرِيضٌ) بِغَيْرِ جِمَاعٍ (فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ) وَلَوْ حَامِلًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: 235] وَخَشْيَةُ إلْقَائِهَا الْحَمْلَ لِيَتَعَجَّلَ الِانْقِضَاءُ نَادِرَةٌ فَلَا يُنْظَرُ إلَيْهَا (وَكَذَا) يَحِلُّ التَّعْرِيضُ (لِبَائِنٍ) مُعْتَدَّةٍ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِعُمُومِ الْآيَةِ وَلِانْقِطَاعِ سُلْطَةِ الزَّوْجِ عَنْهَا وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّ لِصَاحِبِ الْعِدَّةِ أَنْ يَنْكِحَهَا فَأَشْبَهَتْ الرَّجْعِيَّةَ وَأُورِدَ عَلَيْهِ بَائِنٌ بِثَلَاثٍ، أَوْ رَضَاعٍ، أَوْ لِعَانٍ فَإِنَّهُ يَحِلُّ التَّعْرِيضُ لَهَا قَطْعًا، وَرُدَّ بِأَنَّ بَعْضَهُمْ أَجْرَى فِيهِ الْخِلَافَ أَيْضًا فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ يَرْتَضِيهِ، وَالْعِدَّةُ عَنْ شُبْهَةٍ قِيلَ مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ وَقِيلَ مِمَّا فِيهِ الْخِلَافُ، وَلِجَوَابِهَا وَجَوَابِ وَلِيِّهَا حُكْمُ خِطْبَتِهِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ التَّصْرِيحُ مَا يَقْطَعُ بِهِ فِي الرَّغْبَةِ فِي النِّكَاحِ كَقَوْلِهِ: إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُك نَكَحْتُك، وَالتَّعْرِيضُ مَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ وَعَدَمَهُ كَأَنْتِ جَمِيلَةٌ وَمَنْ يَجِدُ مِثْلَك إنَّ اللَّهَ سَائِقٌ إلَيْك خَيْرًا لَا تَبْقَيْ أَيِّمًا، رُبَّ رَاغِبٍ فِيك وَكَذَا إنِّي رَاغِبٌ فِيك كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ حَاصِلِ كَلَامِ الْأُمِّ وَاعْتَمَدَهُ وَهُوَ بِالْجِمَاعِ كَعِنْدِي جِمَاعٌ يُرْضِي مَنْ جُومِعَتْ مُحَرَّمٌ، وَنَحْوِ الْكِنَايَةِ وَهِيَ الدَّلَالَةُ عَلَى الشَّيْءِ بِذِكْرِ لَازِمِهِ قَدْ يُفِيدُ مَا يُفِيدُهُ التَّصْرِيحُ، كَأُرِيدُ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْك نَفَقَةَ الزَّوْجَاتِ وَأَلْتَذَّ بِك فَيَحْرُمُ، وَقَدْ لَا فَيَكُونُ تَعْرِيضًا كَذِكْرِ ذَلِكَ مَا عَدَا وَأَلْتَذَّ بِك، وَكَوْنُ الْكِنَايَةِ أَبْلَغَ مِنْ التَّصْرِيحِ بِاتِّفَاقِ الْبُلَغَاءِ وَغَيْرِهِمْ إنَّمَا هُوَ لِمَلْحَظٍ يُنَاسِبُ تَدْقِيقَهُمْ الَّذِي لَا يُرَاعِيهِ الْفَقِيهُ وَإِنَّمَا يُرَاعِي مَا دَلَّ عَلَيْهِ التَّخَاطُبُ الْعُرْفِيُّ وَمِنْ ثَمَّ افْتَرَقَ الصَّرِيحُ هُنَا وَثَمَّ
(وَتَحْرُمُ) عَلَى عَالِمٍ بِالْخِطْبَةِ وَبِالْإِجَابَةِ وَبِصَرَاحَتِهَا وَبِحُرْمَةِ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ الْخِطْبَةِ (قَوْلُهُ كَأَنْ وَطِئَ) أَيْ الشَّخْصُ وَقَوْلُهُ بِشُبْهَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِوَطْءٍ وَقَوْلُهُ فَإِنَّ عِدَّتَهُ أَيْ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَحِلُّ لَهُ) أَيْ لِصَاحِبِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَحِلُّ لَهُ) أَيْ لِبَقَاءِ عِدَّةِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَعْرِيضَ لِلرَّجْعِيَّةِ) أَيْ وَلَوْ بِإِذْنِ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَالْإِسْلَامِ) أَمَّا فِي الرَّجْعَةِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي الْإِسْلَامِ فَهُوَ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بِإِسْلَامِهَا أَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ الزَّوْجِيَّةِ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ جِمَاعٍ) أَيْ أَمَّا بِهِ فَيَحْرُمُ كَأَنْ يَقُولَ عِنْدِي جِمَاعٌ يَرْضَى (قَوْلُهُ: فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ يَرْتَضِيهِ) أَيْ جَرَيَانَ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: وَالْعِدَّةُ عَنْ شُبْهَةٍ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ وَمَا أَوْرَدَ عَلَى مَفْهُومِهِ مِنْ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ إلَخْ، وَلَعَلَّ حِكْمَةَ ذِكْرِهِ هُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِيهِ (قَوْلُهُ: مَا يَقْطَعُ بِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِالْجِمَاعِ) أَيْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَدْ يُمْنَعُ اعْتِبَارُ التَّوَقُّفِ فِي الْوَسِيلَةِ بَلْ يَكْفِي فِيهَا الْإِفْضَاءُ وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَدَّةُ عَنْ نِكَاحٍ) الْأَصْوَبُ حَذْفُ قَوْلِهِ عَنْ نِكَاحٍ (قَوْلُهُ: بِشُبْهَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِوَطْءٍ (قَوْلُهُ: عَنْ رِدَّةٍ) أَيْ مِنْ الزَّوْجِ إذْ الْمُرْتَدَّةُ لَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا فَلَا تَحِلُّ خِطْبَتُهَا مِنْ حَيْثُ الرِّدَّةُ (قَوْلُهُ: مُعْتَدَّةٌ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنْ كَانَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ حَرُمَ قَطْعًا (قَوْلُهُ: أَبْلَغُ مِنْ التَّصْرِيحِ) لَا خَفَاءَ إنَّ الْأَبْلَغِيَّةَ فِيهَا لَيْسَتْ مِنْ حَيْثُ إفْهَامُ الْمَقْصُودِ، فَالصَّرِيحُ أَبْلَغُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ بِالِاتِّفَاقِ لِعَدَمِ احْتِيَاجِ الذِّهْنِ فِيهِ إلَى الِانْتِقَالِ مِنْ أَمْرٍ إلَى أَمْرٍ آخَرَ، وَالْأَبْلَغِيَّةُ فِي الْكِنَايَةِ لِلْمَلْحَظِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ
(خِطْبَةٌ عَلَى خِطْبَةِ مَنْ) جَازَتْ خِطْبَتُهُ وَإِنْ كُرِهَتْ وَ (قَدْ صَرَّحَ) لَفْظًا (بِإِجَابَتِهِ) وَلَوْ كَافِرًا مُحْتَرَمًا لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْ ذَلِكَ وَالتَّقْيِيدِ بِالْأَخِ فِيهِ لِلْغَالِبِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ وَالْقَطِيعَةِ وَيَحْصُلُ التَّصْرِيحُ بِالْإِجَابَةِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ الْمُجْبِرُ وَمِنْهُ السَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ وَالسُّلْطَانُ فِي مَجْنُونَةٍ بَالِغَةٍ لَا أَبَ لَهَا وَلَا جَدَّ، أَوْ هِيَ وَالْوَلِيُّ وَلَوْ مُجْبَرَةً فِي غَيْرِ الْكُفْءِ، أَوْ غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ وَحْدَهَا فِي الْكُفْءِ وَقَدْ عُيِّنَ، أَوْ وَلِيُّهَا وَقَدْ أَذِنَتْ فِي إجَابَتِهِ، أَوْ أَذِنَ فِي تَزْوِيجِهَا وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَزَوِّجْنِي مَنْ شِئْت، وَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ مُكَاتَبَةٍ كِتَابَةً صَحِيحَةً مَعَ سَيِّدِهَا وَكَذَا مُبَعَّضَةٌ لَمْ تُجْبَرْ وَإِلَّا فَمِنْهُ مَعَ وَلِيِّهَا أَجَبْتُك مَثَلًا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَصْدَ إجَابَةٌ لَا يَتَوَقَّفُ الْعَقْدُ بَعْدَهَا عَلَى أَمْرٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَيْهِ، وَلَا يَقُومُ سُكُوتُ بِكْرٍ غَيْرِ مُجْبَرَةٍ مَقَامَ تَصْرِيحِهَا خِلَافًا لِمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فَقَدْ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الدَّارَكِيِّ نَقْلَ الْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاكْتِفَاءِ بِهِ فِي اسْتِئْذَانِهَا فِي النِّكَاحِ أَنَّهُ يُسْتَحَى مِنْهُ مَا لَا يُسْتَحَى فِي إجَابَةِ الْخِطْبَةِ.
وَالْأَوْجَهُ فِي رَضِيتُك زَوْجًا أَنَّهُ صَرِيحٌ كَأَجَبْتُكَ خِلَافًا لِمَنْ رَجَّحَ كَوْنَهُ تَعْرِيضًا وَخَرَجَ بِمَنْ عُيِّنَ مَا لَوْ قَالَتْ لَهُ زَوِّجْنِي مِمَّنْ شِئْت فَإِنَّهُ يَحِلُّ لِكُلِّ أَحَدٍ خِطْبَتُهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ: أَيْ قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَهَا أَحَدٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ وَحَلَّ لِكُلِّ أَحَدٍ خِطْبَتُهَا عَلَى خِطْبَةِ غَيْرِهِ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِهَذِهِ (إلَّا بِإِذْنِهِ) أَيْ الْخَاطِبِ لَهُ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا حَيَاءٍ، أَوْ إلَّا أَنْ يَتْرُكَ، أَوْ يُعْرِضَ عَنْهُ الْمُجِيبُ، أَوْ يُعْرِضَ هُوَ كَأَنْ يَطُولَ الزَّمَنُ بَعْدَ إجَابَتِهِ حَتَّى تَشْهَدَ قَرَائِنُ أَحْوَالِهِ بِإِعْرَاضِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَمِنْهُ سَفَرُهُ الْبَعِيدُ الْمُنْقَطِعُ، وَقِيسَ بِالْإِذْنِ وَالتَّرْكِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْخَبَرِ مَا ذُكِرَ.
(فَإِنْ لَمْ يُجِبْ وَلَمْ يَرُدَّ) بِأَنْ لَمْ يُذْكَرْ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، أَوْ ذُكِرَ لَهُ مَا أَشْعَرَ بِأَحَدِهِمَا، أَوْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (لَمْ تَحْرُمْ فِي الْأَظْهَرِ) الْمَقْطُوعِ بِهِ فِي السُّكُوتِ إذْ لَمْ يَبْطُلْ بِهِ شَيْءٌ مُقَرَّرٌ، وَكَذَا إنْ أُجِيبَ تَعْرِيضًا مُطْلَقًا، أَوْ تَصْرِيحًا وَلَمْ يَعْلَمْ الثَّانِي بِالْخِطْبَةِ، أَوْ عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْإِجَابَةِ، أَوْ عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ كَوْنَهَا بِالصَّرِيحِ، أَوْ عَلِمَ كَوْنَهَا بِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْحُرْمَةِ، أَوْ عَلِمَ بِهَا وَحَصَلَ إعْرَاضٌ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، أَوْ حَرُمَتْ الْخِطْبَةُ، أَوْ نَكَحَ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُ الْمَخْطُوبَةِ مَعَهَا، أَوْ طَالَ الزَّمَنُ بَعْدَ الْإِجَابَةِ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُعْرِضًا، أَوْ كَانَ الْأَوَّلُ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا الْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ مَعَ سُقُوطِ حَقِّهِ بِنَحْوِ إذْنِهِ، أَوْ إعْرَاضِهِ، وَالْمُرْتَدُّ لَا يَنْكِحُ، وَطُرُوُّ رِدَّتِهِ قَبْلَ الْوَطْءِ يَفْسَخُ الْعَقْدَ فَالْخِطْبَةُ أَوْلَى.
وَالثَّانِي تَحْرُمُ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ وَقُطِعَ بِالْأَوَّلِ فِي السُّكُوتِ لِأَنَّهَا لَا تُبْطِلُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
التَّعْرِيضُ بِالْجِمَاعِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَرِهَتْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ فَاقِدَ الْأُهْبَةِ وَبِهِ عِلَّةٌ (قَوْلُهُ: كَزَوِّجْنِي مَنْ شِئْت) أَجَبْتُك مَثَلًا اهـ.
حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ تُجْبَرْ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ ثَيِّبًا (قَوْلُ وَإِلَّا فَمِنْهُ) أَيْ مِنْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: مَقَامَ تَصْرِيحِهَا) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِمَنْ عَيَّنَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَقَدْ عَيَّنَ، أَوْ وَلِيُّهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ إلَّا أَنْ يَتْرُكَ) بِأَنْ تُصَرِّحَ بِعَدَمِ الْأَخْذِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِي أَوْ يُعْرِضُ هُوَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ سَفَرُهُ الْبَعِيدُ) وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِانْقِطَاعِ انْقِطَاعُ الْمُرَاسَلَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَخْطُوبَةِ لَا انْقِطَاعُ خَبَرِهِ بِالْكُلِّيَّةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَطُرُوُّ رِدَّتِهِ) أَيْ حَتَّى لَوْ عَادَ لِلْإِسْلَامِ لَا يَعُودُ حَقُّهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تُبْطِلُ) أَيْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
بِمَعْنَى أَنَّ الْكَلَامَ الَّذِي اشْتَمَلَ عَلَيْهَا يُوصَفُ بِالْبَلَاغَةِ بِاصْطِلَاحِهِمْ
(قَوْلُهُ: وَقَدْ عَيَّنَ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَاهُ مَعَ أَنَّ الْإِجَابَةَ الْمُعْتَبَرَةَ لَا تَكُونُ إلَّا لِمُعَيَّنٍ، فَالتَّعْيِينُ مُعْتَبَرٌ فِي الْكُلِّ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ، وَقَدْ عَيَّنَ فِي الْإِذْنِ وَإِنْ اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَخَرَجَ بِمَنْ عَيَّنَ إلَخْ، إذْ لَا إذْنَ هُنَا؛ لِأَنَّهَا مُجِيبَةٌ بِنَفْسِهَا وَحْدَهَا، وَهَذَا الْقَيْدُ لَيْسَ فِي التُّحْفَةِ الَّتِي مَا هُنَا عِبَارَتُهَا حَرْفًا بِحَرْفٍ (قَوْلُهُ: أَجَبْتُك مَثَلًا) هَذَا مَقُولُ الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِمَنْ عَيَّنَ) قَدْ عَرَفْت مَا فِي الْمَخْرَجِ مِنْهُ مَا يُعَرِّفُك مَا فِي هَذَا الْمَخْرَجِ، عَلَى أَنَّهُ لَا يُلَاقِي مَوْضُوعَ الْمَخْرَجِ مِنْهُ كَمَا لَا يَخْفَى، عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِيهِ أَمْرٌ مَعْلُومٌ لَا تَوَقُّفَ فِيهِ، وَأَمَّا مَا تَوَهَّمَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ هَذَا النَّصِّ فَهُوَ مَدْفُوعٌ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَزَوِّجْنِي مَنْ شِئْت فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي حَذْفُ الْمُخْرَجِ وَالْمُخْرَجِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ إلَّا أَنْ يَتْرُكَ) أَيْ بِأَنْ
شَيْئًا، وَمَنْ خَطَبَ خَمْسًا مَعًا، أَوْ مُرَتِّبًا لَمْ تَجُزْ خِطْبَةُ إحْدَاهُنَّ حَتَّى يَحْصُلَ إعْرَاضٌ، أَوْ يَعْقِدَ عَلَى أَرْبَعٍ.
وَيُسْتَحَبُّ خِطْبَةُ أَهْلِ الْفَضْلِ مِنْ الرِّجَالِ، فَمَنْ خُطِبَ وَأَجَابَ وَالْخَاطِبَةُ مُكَمِّلَةٌ لِلْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ، أَوْ لَمْ يُرِدْ إلَّا وَاحِدَةً حَرُمَ عَلَى امْرَأَةٍ ثَانِيَةٍ خِطْبَتُهُ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكْمُلْ الْعَدَدُ وَلَا أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى وَاحِدَةٍ فَلَا حُرْمَةَ مُطْلَقًا لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ.
(وَمَنْ)(اُسْتُشِيرَ فِي خَاطِبٍ) ، أَوْ نَحْوَ عَالِمٍ يُرِيدُ الِاجْتِمَاعَ بِهِ، أَوْ مُعَامَلَتَهُ هَلْ تَصْلُحُ، أَوْ لَا، أَوْ لَمْ يَسْتَشِرْ فِي ذَلِكَ كَمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا أَنْ يُخْبِرَ بِهِ مَنْ يُرِيدُ شِرَاءَهُ مُطْلَقًا فَالِاسْتِشَارَةُ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ وَعُلِمَ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَعْرَاضِ وَالْأَمْوَالِ، خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْأَعْرَاضَ أَشَدُّ حُرْمَةً مِنْ الْأَمْوَالِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الضَّرَرَ هُنَا أَشَدُّ لِأَنَّ فِيهِ تَكَشُّفَ بُضْعٍ وَهَتْكَ سَوْأَةٍ وَذُو الْمُرُوءَةِ يَسْمَحُ فِي الْأَمْوَالِ بِمَا لَا يَسْمَحُ بِهِ هُنَا (ذَكَرَ) وُجُوبًا كَمَا فِي الْأَذْكَارِ وَالرِّيَاضِ وَشَرْحِ مُسْلِمٍ كَفَتَاوَى الْقَفَّالِ وَابْنِ الصَّلَاحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَتَعْبِيرُهُ فِي الرَّوْضَةِ بِالْجَوَازِ غَيْرُ مُنَافٍ لِلْوُجُوبِ (مَسَاوِيَهُ) الشَّرْعِيَّةَ، وَكَذَا الْعُرْفِيَّةُ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ الْخَبَرِ الْآتِي:«وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ» أَيْ عُيُوبَهُ.
سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُسِيءُ صَاحِبَهَا: أَيْ مَا يَنْزَجِرُ بِهِ مِنْهَا إنْ لَمْ يَنْزَجِرْ بِنَحْوِ مَا يَصْلُحُ لَك كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ كَالْغَزَالِيِّ، وَلَا يُنَافِيهِ الْخَبَرُ الْآتِي لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَلِمَ مِنْ مُسْتَشِيرَتِهِ أَنَّهَا وَإِنْ اكْتَفَتْ بِنَحْوٍ لَا يَصْلُحُ لَك تَظُنُّ وَصْفًا أَقْبَحَ مِمَّا هُوَ فِيهِ فَبَيَّنَ دَفْعًا لِهَذَا الْمَحْظُورِ، وَلَا يُقَاسُ بِهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ غَيْرُهُ فَيَلْزَمُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ تُوُهِّمَ نَقْصٌ أَفْحَشُ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَفْظٌ لَا يُتَعَبَّدُ بِهِ فَلَا مُبَالَاةَ بِإِيهَامِهِ (بِصِدْقٍ) لِيَحْذَرَ بَذْلًا لِلنَّصِيحَةِ الْوَاجِبَةِ، وَصَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اُسْتُشِيرَ فِي مُعَاوِيَةَ وَأَبِي جَهْمٍ فَقَالَ: أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ كَثْرَةِ الضَّرْبِ وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ» .
نَعَمْ إنْ عَلِمَ أَنَّ الذِّكْرَ لَا يُفِيدُ أَمْسَكَ كَالْمُضْطَرِّ لَا يُبَاحُ لَهُ إلَّا مَا اُضْطُرَّ إلَيْهِ.
وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ وُجُوبُ ذِكْرِ الْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ مِنْ الْعُيُوبِ، وَهَذَا أَحَدُ أَنْوَاعِ الْغَيْبَةِ الْجَائِزَةِ، وَهِيَ ذِكْرُ الْغَيْرِ بِمَا فِيهِ، أَوْ فِي نَحْوِ وَلَدِهِ، أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ مَالِهِ بِمَا يَكْرَهُ: أَيْ عُرْفًا، أَوْ شَرْعًا لَا بِنَحْوِ صَلَاحٍ وَإِنْ كَرِهَهُ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ بِإِشَارَةٍ، أَوْ إيمَاءٍ وَبِالْقَلْبِ بِأَنْ أَصَرَّ فِيهِ عَلَى اسْتِحْضَارِ ذَلِكَ.
وَمِنْ أَنْوَاعِهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْخِطْبَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ مُرَتَّبًا) أَيْ مَعَ قَصْدِ أَنْ يَنْكِحَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ فِيمَا لَوْ كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ وَخَطَبَ خَامِسَةً، أَوْ نَحْوَ أُخْتِ زَوْجَتِهِ. وَقَضِيَّتُهُ الْحُرْمَةُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ.
(قَوْلُهُ بَيْنَ الْأَعْرَاضِ وَالْأَمْوَالِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ مُعَامَلَتِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأَعْرَاضَ أَشَدُّ حُرْمَةً) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَنْ فَرَّقَ يَقُولُ الْأَعْرَاضُ أَشَدُّ حُرْمَةً: أَيْ احْتِرَامًا فَيَحْذَرُ مِنْ هَتْكِهَا بِخِلَافِ الْأَمْوَالِ (قَوْلُهُ: مُسَاوِيهِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِمَا يُرِيدُهُ كَأَنْ أَرَادَ الزَّوْجُ وَكَانَ فَاسِقًا وَحَسَنَ الْعِشْرَةِ مَعَ الزَّوْجَاتِ فَيَذْكُرُ لِلزَّوْجَةِ الْفِسْقَ وَإِنْ لَمْ تَسْأَلْ الزَّوْجَةُ عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَفْظٌ) أَيْ قَوْلُ الرَّسُولِ لَا يَصْلُحُ لَك إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ) هُوَ غَيْرُ ابْنِ أَبِي سُفْيَانَ (قَوْلُهُ: وَهِيَ ذِكْرُ الْغَيْرِ بِمَا فِيهِ) أَيْ أَمَّا بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ كَذِبٌ صَرِيحٌ (قَوْلُهُ: لَا بِنَحْوِ صَلَاحٍ) مِنْ الْأَوْصَافِ الْحَمِيدَةِ (قَوْلُهُ وَمِنْ أَنْوَاعِهَا إلَخْ) وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ، فَقَالَ:
الْقَدَحُ لَيْسَ بِغِيبَةٍ فِي سِتَّةٍ
…
مُتَظَلِّمٍ وَمُعَرِّفٍ وَمُحَذِّرِ
وَلِمُظْهِرٍ فِسْقًا وَمُسْتَفْتٍ وَمَنْ
…
طَلَبَ الْإِعَانَةَ فِي إزَالَةِ مُنْكَرِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
يُصَرِّحَ بِالتَّرْكِ حَتَّى لَا يَتَكَرَّرَ مَعَ الْإِعْرَاضِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ خِطْبَةِ أَهْلِ الْفَضْلِ) الْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الضَّرَرَ هُنَا) أَيْ فِي الْأَعْرَاضِ وَهَذَا مِنْ كَلَامِ الْفَارِقِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْ عُيُوبُهُ) تَفْسِيرٌ لِمُسَاوِيهِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ ذِكْرُ الْغَيْرِ بِمَا فِيهِ أَوْ فِي نَحْوِ وَلَدِهِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ فُلَانٌ الْفَاسِقُ أَوْ أَبُو الْفَاسِقِ أَوْ زَوْجُ الْفَاسِقَةِ مَثَلًا، وَخَرَجَ
الْمُبَاحَةِ أَيْضًا التَّظَلُّمُ لِذِي قُدْرَةٍ عَلَى إنْصَافِهِ أَوْ الِاسْتِعَانَةِ بِهِ عَلَى تَغْيِيرِ مُنْكَرٍ وَدَفْعِ مَعْصِيَةٍ، وَالِاسْتِفْتَاءُ بِأَنْ يَذْكُرَ وَحَالَ خَصْمِهِ مَعَ تَعْيِينِهِ لِلْمُفْتِي وَإِنْ أَغْنَى إجْمَالُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي التَّعْيِينِ فَائِدَةٌ، وَمُجَاهَرَةٌ بِفِسْقٍ، أَوْ بِدْعَةٍ بِأَنْ لَمْ يُبَالِ بِمَا يُقَالُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ ذَلِكَ لِخَلْعِهِ جِلْبَابَ الْحَيَاءِ فَسَقَطَتْ حُرْمَتُهُ لَكِنْ لَا يَذْكُرُ بِغَيْرِ مَا تَجَاهَرَ بِهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مُجَاهَرَتَهُ بِصَغِيرَةٍ كَذَلِكَ فَيَذْكُرُهَا فَقَطْ وَشُهْرَتُهُ بِوَصْفٍ يَكْرَهُهُ فَيُذْكَرُ لِلتَّعْرِيفِ وَإِنْ أَمْكَنَ تَعْرِيفُهُ بِغَيْرِهِ لَا عَلَى وَجْهِ التَّنْقِيصِ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ، وَلَوْ اُسْتُشِيرَ فِي نَفْسِهِ وَفِيهِ مُسَاوٍ فَالْأَوْجَهُ مَنْ تَرَدَّدَ فِيهِ، وَاقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمَا وُجُوبٌ نَحْوُ لَا أَصْلُحُ لَكُمْ إنْ لَمْ يَسْمَحْ بِالْإِعْرَاضِ فَإِنْ رَضَوْا بِهِ مَعَ ذَلِكَ وَإِلَّا لَزِمَهُ التَّرْكُ أَوْ الْإِخْبَارُ بِمَا فِيهِ مِنْ كُلِّ مَذْمُومٍ شَرْعًا أَوْ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ نَظِيرُ مَا مَرَّ.
وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ تَحْرِيمِ ذِكْرِ مَا فِيهِ حَرَجٌ كَزِنًا بَعِيدٍ وَإِنْ أَمْكَنَ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ لَهُ مَنْدُوحَةً عَنْهُ بِتَرْكِ الْخِطْبَةِ بَلْ يَرُدُّهُ قَوْلُهُمْ فِي بَابِ الزِّنَا بِاسْتِحْبَابِ سَتْرِهِ عَلَى نَفْسِهِ لَا وُجُوبِهِ.
وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لَوْ عَلِمَ رِضَاهُمْ بِعَيْبِهِ فَلَا فَائِدَةَ لِذِكْرِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ اسْتِشَارَتَهُمْ لَهُ فِي نَفْسِهِ دَالَّةٌ عَلَى عَدَمِ رِضَاهُمْ فَتَعَيَّنَ الْإِخْبَارُ، أَوْ التَّرْكُ كَمَا تَقَرَّرَ.
وَمُقْتَضَى مَا تَقَرَّرَ أَنَّ فَرْضَهُمْ التَّرَدُّدَ السَّابِقَ فِيمَا لَوْ اُسْتُشِيرَ فِي نَفْسِهِ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ فَيَلْزَمُهُ ذِكْرُ مَا فِيهِ بِتَرْتِيبِهِ السَّابِقِ وَإِنْ لَمْ يُسْتَشَرْ وَهُوَ قِيَاسُ مَنْ عَلِمَ بِمَبِيعِهِ عَيْبًا يَلْزَمُهُ ذِكْرُهُ مُطْلَقًا.
(وَيُسْتَحَبُّ) لِلْخَاطِبِ أَوْ نَائِبِهِ إنْ جَازَتْ الْخِطْبَةُ بِالتَّصْرِيحِ لَا بِالتَّعْرِيضِ كَمَا بَحَثَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَوْ سُنَّتْ فِيمَا فِيهِ تَعْرِيضٌ صَارَ تَصْرِيحًا (تَقْدِيمُ خُطْبَةٍ) بِضَمِّ الْخَاءِ (قَبْلَ الْخِطْبَةِ) بِكَسْرِهَا لِخَبَرِ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: لِذِي قُدْرَةٍ عَلَى إنْصَافِهِ) مَفْهُومُهُ الْحُرْمَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَمُجَاهِرَةٌ بِفِسْقٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ زَجْرَهُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ ذَلِكَ) أَيْ فَذَاكَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَهُ) أَيْ وَإِلَّا يَرْضَوْا بِالْأَصْلَحِ (قَوْلُهُ: مِنْ تَحْرِيمِ ذِكْرِ) أَيْ فِيمَا لَوْ اُسْتُشِيرَ فِي نَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ لِلْخَاطِبِ أَوْ نَائِبِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرَةِ: وَتَبَرَّكَ الْأَئِمَّةُ بِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا قَالَ «إذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَخْطُبَ لِحَاجَةٍ مِنْ نِكَاحٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَلْيَقُلْ: إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء: 1] إلَى قَوْلِهِ: رَقِيبًا، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70] ، إلَى قَوْلِهِ: عَظِيمًا» وَتُسَمَّى هَذِهِ الْخُطْبَةُ خُطْبَةَ الْحَاجَةِ، وَكَانَ الْقَفَّالُ يَقُولُ بَعْدَهَا: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الْأُمُورَ كُلَّهَا بِيَدِ اللَّهِ يَقْضِي فِيهَا مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ، لَا مُؤَخِّرَ لِمَا قَدَّمَ وَلَا مُقَدِّمَ لِمَا أَخَّرَ، وَلَا يَجْتَمِعُ اثْنَانِ وَلَا يَفْتَرِقَانِ إلَّا بِقَضَاءٍ وَقَدَرٍ وَكِتَابٍ قَدْ سَبَقَ، وَإِنَّ مِمَّا قَضَى اللَّهُ تَعَالَى وَقَدَّرَ أَنْ خَطَبَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ عَلَى صَدَاقِ كَذَا أَقُولُ: قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ أَجْمَعِينَ.
(قَوْلُهُ: إنْ جَازَتْ الْخِطْبَةُ بِالتَّصْرِيحِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الْمَخْطُوبَةُ خَلِيَّةً مِنْ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: فِيمَا فِيهِ تَعْرِيضٌ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الْمَخْطُوبَةُ فِي عِدَّتِهَا شُبْهَةٌ، أَوْ فِرَاقٌ بَائِنٌ (قَوْلُهُ: صَارَ تَصْرِيحًا)
ــ
[حاشية الرشيدي]
بِذَكَرِهِ ذِكْرُ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِذِكْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ غِيبَةً لَهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ: وَمُجَاهِرَةٌ بِفِسْقٍ) هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافَيْنِ لِيَصِحَّ الْعَطْفُ: أَيْ وَمِنْ أَنْوَاعِهَا الْمُبَاحَةِ غِيبَةُ ذِي مُجَاهِرَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَسْمَحْ بِالْإِعْرَاضِ) هُوَ بِكَسْرِ هَمْزَةِ الْإِعْرَاضِ: أَيْ مَحَلِّ وُجُوبِ الذِّكْرِ إنْ لَمْ يَسْمَحْ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ الْخِطْبَةِ: أَيْ أَمَّا إذَا سَمَحَ بِهِ فَيُعْرِضُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الذِّكْرُ
(قَوْلُهُ: إنْ جَازَتْ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الْمَخْطُوبَةُ خَالِيَةً مِنْ الْمَوَانِعِ
بَالٍ» السَّابِقِ، وَفِي رِوَايَةٍ «كُلُّ كَلَامٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَقْطَعُ» أَيْ عَنْ الْبَرَكَةِ، فَيُبْدَأُ بِالْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ بِالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يُوصِي بِالتَّقْوَى ثُمَّ يَقُولُ جِئْتُكُمْ خَاطِبًا كَرِيمَتَكُمْ، وَإِنْ كَانَ وَكِيلًا قَالَ: جَاءَكُمْ مُوَكِّلِي خَاطِبًا كَرِيمَتَكُمْ أَوْ فَتَاتَكُمْ، فَيَخْطُبُ الْوَلِيُّ، أَوْ نَائِبُهُ كَذَلِكَ ثُمَّ يَقُولُ: لَسْت بِمَرْغُوبٍ عَنْك، أَوْ نَحْوَهُ (وَ) يُسْتَحَبُّ خُطْبَةٌ (أُخْرَى) كَمَا ذُكِرَ (قَبْلَ الْعَقْدِ) عِنْدَ إرَادَةِ التَّلَفُّظِ بِهِ سَوَاءٌ الْوَلِيُّ، أَوْ نَائِبُهُ وَالزَّوْجُ، أَوْ نَائِبُهُ وَأَجْنَبِيٌّ قَالَ شَارِحٌ: وَهِيَ آكَدُ مِنْ الْأُولَى (وَلَوْ خَطَبَ الْوَلِيُّ) كَمَا ذُكِرَ ثُمَّ قَالَ زَوَّجْتُك إلَى آخِرِهِ (فَقَالَ الزَّوْجُ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ) وَالسَّلَامُ (عَلَى رَسُولِ اللَّهِ) صلى الله عليه وسلم (قَبِلْت) إلَى آخِرِهِ (صَحَّ النِّكَاحُ) مَعَ تَخَلُّلِ ذَلِكَ بَيْنَ لَفْظَيْهِمَا (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ مُقَدِّمَةُ الْقَبُولِ مَعَ قَصْرِهِ فَلَيْسَ أَجْنَبِيًّا عَنْهُ.
وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْفَاصِلَ لَيْسَ مِنْ الْعَقْدِ، وَصَحَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ أَقْوَى (بَلْ) عَلَى الصِّحَّةِ (يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ (قُلْت: الصَّحِيحُ) وَصَحَّحَهُ فِي الْأَذْكَارِ أَيْضًا (لَا يُسْتَحَبُّ) ذَلِكَ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بَلْ يُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَ بِهِ، وَمَا فِي الْكِتَابِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا نَدْبُهُ بِزِيَادَةِ الْوَصِيَّةِ بِالتَّقْوَى، وَأَطَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي تَصْوِيبِهِ نَقْلًا وَمَعْنًى، وَاسْتُبْعِدَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ عَدَمَ النَّدْبِ مَعَ عَدَمِ الْبُطْلَانِ خَارِجٌ عَنْ كَلَامِهِمْ.
قَالَ فِي الْأَذْكَارِ: وَيُسَنُّ كَوْنُ الَّتِي أَمَامَ الْعَقْدِ أَطْوَلَ مِنْ خُطْبَةِ الْخِطْبَةِ (فَإِنْ طَالَ الذِّكْرُ الْفَاصِلُ) بَيْنَهُمَا: أَيْ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِحَيْثُ يُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ الْقَبُولِ، وَضَبَطَهُ الْقَفَّالُ بِأَنْ يَكُونَ زَمَنُهُ لَوْ سَكَتَا فِيهِ لَخَرَجَ الْجَوَابُ عَنْ كَوْنِهِ جَوَابًا، وَالْأَوْلَى ضَبْطُهُ بِالْعُرْفِ (لَمْ يَصِحَّ) النِّكَاحُ جَزْمًا لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ، وَكَوْنُهُ مُقَدِّمَةً لِلْقَبُولِ لَا يَسْتَدْعِي اغْتِفَارَ طُولِهِ لِأَنَّ الْمُقَدِّمَةَ الَّتِي قَامَ الدَّلِيلُ عَلَيْهَا مَا ذُكِرَ فَقَطْ فَلَمْ يُغْتَفَرْ طُولُهُ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك فَاسْتَوْصِ بِهَا فَقَبِلَ لَمْ يَصِحَّ صَحِيحٌ، وَالْمُنَازَعَةُ فِيهِ بِأَنَّهُ وَهْمٌ مُفَرَّعَةٌ عَلَى أَنَّ الْكَلِمَةَ فِي الْبَيْعِ مِمَّنْ انْقَضَى كَلَامُهُ لَا تَضُرُّ وَقَدْ مَرَّ رَدُّهُ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ ثُمَّ اشْتِرَاطُ وُقُوعِ الْجَوَابِ مِمَّنْ خُوطِبَ دُونَ نَحْوِ وَكِيلِهِ وَأَنْ يَسْمَعَهُ مَنْ بِقُرْبِهِ وَأَنْ يُقْبَلَ عَلَى وَفْقِ الْإِيجَابِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَهْرِ وَأَنْ يُتِمَّ الْمُبْتَدِي كَلَامَهُ حَتَّى ذَكَرَ الْمَهْرَ وَصِفَاتِهِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي مَجِيئُهُ هُنَا.
نَعَمْ فِي اشْتِرَاطِ فَرَاغِهِ مِنْ ذِكْرِ الْمَهْرِ وَصِفَاتِهِ نَظَرٌ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ هَذَا ثُمَّ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّمَنِ لِأَنَّ ذِكْرَهُ مِنْ الْمُبْتَدِي شَرْطٌ فَهُوَ مِنْ تَمَامِ الصِّيغَةِ الْمُشْتَرَطَةِ فَاشْتُرِطَ الْفَرَاغُ مِنْهُ، وَلَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَمُقْتَضَاهُ حُرْمَتُهُمَا حِينَئِذٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ التَّصْرِيحَ حَيْثُ وَقَعَ حَرَامٌ (قَوْلُهُ: السَّابِقَ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ (قَوْلُهُ: جَاءَكُمْ مُوَكِّلِي) يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ جِئْتُكُمْ خَاطِبًا كَرِيمَتَكُمْ لِمُوَكِّلِي فِي الْخِطْبَةِ (قَوْلُهُ: فِي فَتَاتِكُمْ) الْفَتَى الشَّابُّ وَالْفَتَاةُ الشَّابَّةُ وَالْفَتَى أَيْضًا السَّخِيُّ الْكَرِيمُ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: فَيَخْطُبُ الْوَلِيُّ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ الْمَخْطُوبَةُ مُجْبَرَةً. أَمَّا غَيْرُهَا فَتَتَوَقَّفُ الْإِجَازَةُ مِنْ الْوَلِيِّ عَلَى إذْنِهَا لَهُ فِيهَا، فَلَوْ لَمْ تَأْذَنْ لَهُ فِي الْإِجَابَةِ لَمْ يَخْطُبْ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ خَطَبَ مِنْ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا وَأَجَابَتْ فَهَلْ تُخْطَبُ لِإِجَابَتِهَا، أَوْ لَا لِأَنَّ الْخِطْبَةَ لَا تَلِيقُ بِالنِّسَاءِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا مُجَرَّدُ الذِّكْرِ بَلْ هَذَا ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ (قَوْلُهُ: وَهِيَ آكَدُ مِنْ الْأُولَى) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَخْ مُقَدِّمَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الْكِتَابِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ قُلْت الصَّحِيحُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى ضَبْطُهُ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْقَفَّالِ بِمَا ذَكَرَهُ ضَبْطَ الْعُرْفِ فَلَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: فَقِيلَ لَمْ يَصِحَّ) أَيْ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْعَقْدِ: وَقَوْلُهُ صَحِيحٌ أَيْ خِلَافًا لحج.
(قَوْلُهُ: لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَهْرِ) أَيْ أَمَّا هُوَ فَالتَّخَالُفُ فِيهِ يُفْسِدُ الْمُسَمَّى فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ دُونَ مَا سَمَّاهُ الزَّوْجُ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ الشَّرْعِيُّ دُونَ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ فِي اشْتِرَاطِ فَرَاغِهِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ نَظَرٌ: أَيْ فَيَنْفُذُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى ضَبْطُهُ بِالْعُرْفِ) وَهُوَ مُرَادُ الْقَفَّالِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ حَيْثُ فَسَّرَهُ بِهِ.
كَذَلِكَ الْمَهْرُ فَالْأَوْجَهُ صِحَّةُ الشِّقِّ الْآخَرِ بَعْدَ تَمَامِ الصِّيغَةِ الْمُصَحَّحَةِ وَإِنْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ ذِكْرِ الْمَهْرِ وَصِفَاتِهِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي غُنْيَتِهِ بَعْدَ مَا حَكَى عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ: الِاشْتِرَاطَ وَهَذَا الِاشْتِرَاطُ: أَيْ عَدَمُهُ ظَاهِرٌ عَلَى طَرِيقَةِ الْعِرَاقِيِّينَ فِيمَا أَرَاهُ وَهِيَ الْمَذْهَبُ انْتَهَى.
لَكِنْ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ فِي بَابِ الْبَيْعِ بِمُسَاوَاةِ النِّكَاحِ لِلْبَيْعِ فِي ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَعَ تَكَلُّمِ الْمُبْتَدِي لَا يُسَمَّى جَوَابًا فَيَقَعُ لَغْوًا، وَفِيهِ مَا فِيهِ، وَيُسْتَحَبُّ قَوْلُ الْوَلِيِّ قَبْلَ الْعَقْدِ زَوَّجْتُك عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ إمْسَاكٍ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانٍ، وَالدُّعَاءُ لِلزَّوْجِ عَقِبَهُ بِبَارَكَ اللَّهُ لَك وَبَارَكَ عَلَيْك وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ بِهِ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا بَارَكَ اللَّهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا فِي صَاحِبِهِ وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَذْكَارِ اسْتِحْبَابُ قَوْلِهِ أَيْضًا كَيْفَ وَجَدْت أَهْلَك بَارَكَ اللَّهُ لَك لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا دَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ خَرَجَ فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَسَلَّمَ فَقَالَتْ: وَعَلَيْك السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، كَيْفَ وَجَدْت أَهْلَك بَارَكَ اللَّهُ لَك، ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ مَعَ كُلِّ نِسَائِهِ، وَكُلٌّ قَالَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ» ، فَإِنْ قِيلَ قَوْلُهُنَّ لَهُ كَيْفَ وَجَدْت أَهْلَك لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ نَدْبُهُ مُطْلَقًا لِمَا فِيهِ مِنْ نَوْعِ اسْتِهْجَانٍ مَعَ الْأَجَانِبِ خُصُوصًا الْعَامَّةَ.
قُلْنَا: هَذَا الِاسْتِفْهَامُ لَيْسَ عَلَى حَقِيقَتِهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُجِبْ عَنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ لِلتَّقْرِيرِ: أَيْ وَجَدْتهَا عَلَى مَا تُحِبُّ، وَمَعَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُنْدَبَ هَذَا إلَّا لِعَارِفٍ بِالسُّنَّةِ، وَهُوَ بِالرِّفَاءِ بِالْمَدِّ وَالْبَنِينَ مَكْرُوهٌ، وَالْأَخْذُ بِنَاصِيَتِهَا أَوَّلَ لُقْيَاهَا وَيَقُولُ بَارَكَ اللَّهُ لِكُلٍّ مِنَّا فِي صَاحِبِهِ ثُمَّ إذَا أَرَادَ الْجِمَاعَ تَغَطَّيَا بِثَوْبٍ وَقَدَّمَا قَبْلَهُ التَّنْظِيفَ وَالتَّطَيُّبَ وَالتَّقْبِيلَ وَنَحْوَهُ مِمَّا يُنَشِّطُ لَهُ لِلْأَمْرِ بِهِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ} [البقرة: 228] أَيْ أُحِبُّ أَنْ أَتَزَيَّنَ لِزَوْجَتِي كَمَا أُحِبُّ أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي لِهَذِهِ الْآيَةِ، وَقَوْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنْ أَيِسَ مِنْ الْوَلَدِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ: بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقَتْنَا، وَلْيَتَحَرَّ اسْتِحْضَارَ ذَلِكَ بِصِدْقٍ فِي قَلْبِهِ عِنْدَ الْإِنْزَالِ فَإِنَّ لَهُ أَثَرًا بَيِّنًا فِي صَلَاحِ الْوَلَدِ وَغَيْرِهِ، وَلَا يُكْرَهُ لِلْقِبْلَةِ وَلَوْ بِصَحْرَاءَ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ أَحَدُهُمَا فِي أَثْنَائِهِ بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَيَحْرُمُ ذِكْرُ تَفَاصِيلِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْقَبُولُ قَبْلَ ذِكْرِ الْمَهْرِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ إلَخْ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: فِي أَثْنَاءِ ذِكْرِ الْمَهْرِ وَصِفَاتِهِ) أَيْ أَوْ قَبْلَ ذِكْرِهِ بِالْمَرَّةِ (قَوْلُهُ: أَيْ عَدَمُهُ) أَيْ لِاشْتِرَاطٍ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ مَا فِيهِ) أَيْ فَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ نَعَمْ فِي اشْتِرَاطِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ قَوْلُ الْوَلِيِّ) أَيْ فَلَا يُطْلَبُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَتَى بِهِ أَجْنَبِيٌّ لَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ وَلَا يَكُونُ جَهْلُ الْوَلِيِّ بِذَلِكَ عُذْرًا فِي الِاكْتِفَاءِ بِهِ مِنْ الْغَيْرِ بَلْ يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ تَعْلِيمُهُ ذَلِكَ حَيْثُ جَهِلَهُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْعَقْدِ) أَيْ فَيَقُولُ ذَلِكَ أَوَّلًا ثُمَّ يَذْكُرُ الْإِيجَابَ ثَانِيًا بِالصِّفَةِ السَّابِقَةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْمَخْطُوبَةِ وَالْمَهْرِ مَعَ صِفَتِهِ مِنْ حُلُولٍ وَتَأْجِيلٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: زَوَّجْتُك) أَيْ أُرِيدُ أَنْ أُزَوِّجَك إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَبِلَ الزَّوْجُ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ (قَوْلُهُ: وَالدُّعَاءُ لِلزَّوْجِ) أَيْ مِمَّنْ حَضَرَ سَوَاءٌ الْوَلِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: عَقِبَهُ) أَيْ الْعَقْدِ فَيَطُولُ بِطُولِ الزَّمَنِ عُرْفًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ الْعَقْدَ يُنْدَبُ لَهُ ذَلِكَ إذَا لَقِيَ الزَّوْجَ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ لَمْ تَنْتَفِ نِسْبَةُ الْقَوْلِ إلَى التَّهْنِئَةِ عُرْفًا (قَوْلُهُ: اسْتِحْبَابُ قَوْلِهِ) أَيْ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَيَنْبَغِي لِلزَّوْجِ أَنْ يُجِيبَهُ بِالدُّعَاءِ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ، وَلَا يَنْبَغِي ذِكْرُ أَوْصَافِ الزَّوْجَةِ، بَلْ قَدْ يَحْرُمُ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْأَوْصَافُ مِمَّا يُسْتَحَى مِنْ ذِكْرِهَا.
(قَوْلُهُ: كَيْفَ وَجَدْت أَهْلَك) وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَقَرَّهَا عَلَى ذَلِكَ كَغَيْرِهَا. وَأَمَّا قَوْلُهَا ذَلِكَ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِاجْتِهَادٍ مِنْهَا، أَوْ أَنَّهَا كَانَتْ فَهِمَتْ اسْتِحْبَابَ ذَلِكَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم بِطَرِيقٍ مَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا هُوَ) أَيْ الِاسْتِفْهَامُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِالرِّفَاءِ) أَيْ الِالْتِئَامِ: أَيْ أَعْرَسْت بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ كُلٍّ) أَيْ وَيُسْتَحَبُّ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَيِسَ مِنْ الْوَلَدِ) أَيْ لِكِبَرٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ صِغَرِ السِّنِّ أَوْ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: وَلْيَتَحَرَّ اسْتِحْضَارَ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) هَلْ مِنْهُ مَا يُرَغِّبُ الزَّوْجَ فِي الْجِمَاعِ مِمَّا يَفْعَلُهُ النِّسَاءُ حَالَةَ الْوَطْءِ مِنْ الْغُنْجِ مَثَلًا، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْكَرَاهَةُ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .