الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُوَاسَاةُ بِمَا زَادَ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ، وَيُسَنُّ التَّصَدُّقُ عَقِبَ كُلِّ مَعْصِيَةٍ كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ، وَمِنْهُ التَّصَدُّقُ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِهِ، وَيُسَنُّ لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا التَّصَدُّقُ بِالْقَدِيمِ وَهَلْ قَبُولُ الزَّكَاةِ لِلْمُحْتَاجِ أَفْضَلُ مِنْ قَبُولِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ، رَجَّحَ الْأَوَّلَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ الْمُقْرِي؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى وَاجِبٍ؛ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا مِنَّةَ فِيهَا، وَرَجَّحَ الثَّانِيَ آخَرُونَ، وَلَمْ يُرَجِّحْ فِي الرَّوْضَةِ وَاحِدًا مِنْهُمَا، ثُمَّ قَالَ عَقِبَ ذَلِكَ: قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِالْأَشْخَاصِ فَإِنْ عَرَضَ لَهُ شُبْهَةٌ فِي اسْتِحْقَاقِهِ لَمْ يَأْخُذْ الزَّكَاةَ وَإِنْ قَطَعَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُتَصَدِّقُ إنْ لَمْ يَأْخُذْ هَذَا مِنْهُ لَا يَتَصَدَّقُ فَلْيَأْخُذْهَا فَإِنَّ إخْرَاجَ الزَّكَاةَ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهَا وَلَمْ يَضِقْ بِالزَّكَاةِ تَخَيَّرَ وَأَخْذُهَا أَشَدُّ فِي كَسِرِّ النَّفْسِ اهـ: أَيْ فَهُوَ حِينَئِذٍ أَفْضَلُ.
كِتَابُ النِّكَاحِ
هُوَ لُغَةً: الضَّمُّ وَالْوَطْءُ، وَشَرْعًا: عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ إبَاحَةَ وَطْءٍ بِاللَّفْظِ الْآتِي، وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ لِصِحَّةِ نَفْيِهِ عَنْهُ وَلِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً فِيهِ، وَيُكَنَّى بِهِ عَنْ الْعَقْدِ لِاسْتِقْبَاحِ ذِكْرِهِ كَفِعْلِهِ وَإِرَادَتِهِ فِي {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] دَلَّ عَلَيْهَا خَبَرُ «حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ» وَقِيلَ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا فَلَوْ حَلَفَ لَا يَنْكِحُ حَنِثَ بِالْعَقْدِ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَطَعَ بِهِ) أَيْ الِاسْتِحْقَاقِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَضِقْ بِالزَّكَاةِ) أَيْ لَمْ يَضِقْ بِأَخْذِهِ مِنْهَا عَلَى أَهْلِ الزَّكَاةِ.
كِتَابُ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: بِاللَّفْظِ الْآتِي) أَيْ وَهُوَ الْإِنْكَاحُ وَالتَّزْوِيجُ، وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ لِصِحَّةِ إلَخْ) أَيْ وَذَلِكَ عَلَامَةُ الْمَجَازِ كَقَوْلِك فِي الْبَلِيدِ لَيْسَ حِمَارًا وَقَوْلُهُ: نَفْيُهُ أَيْ النِّكَاحِ وَقَوْلُهُ: عَنْهُ أَيْ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: وَلِاسْتِحَالَةِ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ.
أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا فَلَا؛ لِأَنَّهُ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي الْعَقْدِ عَلَى هَذَا يَكُونُ مُسْتَعْمَلًا فِي حَقِيقَتِهِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً فِيهِ) أَيْ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: وَيُكَنَّى بِهِ) الْوَاوُ لِلْحَالِ، وَقَوْلُهُ: لِاسْتِقْبَاحِ ذِكْرِهِ: أَيْ النِّكَاحِ: وَقَوْلُهُ: كَفِعْلِهِ وَالْأَقْبَحُ لَا يُكَنَّى بِهِ عَنْ غَيْرِهِ اهـ حَجّ.
وَقَوْلُهُ: وَإِرَادَتِهِ: أَيْ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَلَفَ) مُفَرَّعٌ عَلَى كَوْنِهِ حَقِيقَةً فِي الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: حَنِثَ بِالْعَقْدِ) لَا الْوَطْءِ إلَّا إذَا نَوَاهُ. ا. هـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ ظَاهِرًا، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ شُهْرَتُهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مَجَازًا فَلْيُرَاجَعْ ثُمَّ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ إنْ نَوَاهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِهِ حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَإِنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى إرَادَتِهِ كَأَنْ حَلَفَ لَا يَنْكِحُ زَوْجَتَهُ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ عَمَلًا بِالْقَرِينَةِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
[كِتَابُ النِّكَاحِ]
ِ (قَوْلُهُ: إبَاحَةُ وَطْءٍ) فِيهِ ذَهَابٌ إلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ الْآتِيَيْنِ أَنَّ النِّكَاحَ عَقْدُ إبَاحَةٍ أَوْ تَمْلِيكٍ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: لِصِحَّةِ نَفْيِهِ عَنْهُ) أَيْ وَصِحَّةُ النَّفْيِ دَلِيلُ الْمَجَازِ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا لَا يُسَلِّمُهُ الْخَصْمُ (قَوْلُهُ: وَلِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَيْ عُرْفًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لِاسْتِقْبَاحِ ذِكْرِهِ كَفِعْلِهِ) أَيْ وَالْأَقْبَحُ لَا يُكَنَّى بِهِ عَنْ غَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ لِاسْتِقْبَاحِ أَنَّ إلَخْ عِلَّةٌ لِلِاسْتِحَالَةِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا) وَقِيلَ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ، وَلَعَلَّ، الْكَتَبَةَ أَسْقَطَتْهُ مِنْ الشَّارِحِ إذْ هُوَ فِي التُّحْفَةِ الَّتِي مَا هُنَا مَنْقُولٌ مِنْهَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَلَفَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْأَوَّلِ
وَلَوْ زَنَى بِامْرَأَةٍ لَمْ تَثْبُتْ مُصَاهَرَةٌ، وَقَدْ بَلَّغَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ أَسْمَاءَهُ أَلْفًا وَأَرْبَعِينَ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْآيَاتُ وَالْأَخْبَارُ الْكَثِيرَةُ، وَفَائِدَتُهُ حِفْظُ النَّسْلِ وَتَفْرِيغُ مَا يَضُرُّ حَبْسُهُ وَاسْتِيفَاءُ اللَّذَّةِ وَالتَّمَتُّعِ، وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي فِي الْجَنَّةِ، وَهَلْ هُوَ عَقْدُ تَمْلِيكٍ أَوْ إبَاحَةٍ؟ وَجْهَانِ يَظْهَرُ أَثَرُهُمَا فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَلَهُ زَوْجَةٌ وَالْأَصَحُّ لَا حِنْثَ حَيْثُ لَا نِيَّةَ، وَعَلَى الْأَصَحِّ الْأَوَّلُ فَهُوَ مَالِكٌ؛ لَأَنْ يَنْتَفِعَ لَا لِلْمَنْفَعَةِ، فَلَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَالْمَهْرُ لَهَا اتِّفَاقًا، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ، وَقَدْ افْتَتَحَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ بِذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم إذْ ذِكْرُهَا مُسْتَحَبٌّ لِئَلَّا يَرَاهَا جَاهِلٌ فَيَعْمَلُ بِهَا.
وَلِنَذْكُرْ طَرَفًا مِنْهَا عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّكِ فَنَقُولُ: هِيَ أَنْوَاعٌ: أَحَدُهَا الْوَاجِبَاتُ كَالضُّحَى وَالْوِتْرِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَلَوْ زَنَى بِامْرَأَةٍ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَطْءَ لَا يُسَمَّى نِكَاحًا وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ حَيْثُ أُطْلِقَ حُمِلَ عَلَى الْعَقْد إلَّا بِقَرِينَةٍ فَنَحْوَ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: 22] مَعْنَاهُ: لَا تَنْكِحُوا مَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا آبَاؤُكُمْ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ مَنْ زَنَى بِهَا أَبُوهُ لَا تَحْرُمُ (قَوْلُهُ: وَالْأَخْبَارُ الْكَثِيرَةُ) قَالَ حَجّ: وَقَدْ جَمَعْتهَا فَزَادَتْ عَلَى الْمِائَةِ بِكَثِيرٍ فِي تَصْنِيفٍ سَمَّيْته الْإِفْصَاحَ عَنْ أَحَادِيثِ النِّكَاحِ اهـ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ) أَيْ اسْتِيفَاءُ اللَّذَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ إبَاحَةٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ) مُسْتَأْنَفٌ، وَقَوْلُهُ: وَطْؤُهَا: أَيْ وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا، فَلَوْ عَلِمَ زِنَاهَا لَوْ لَمْ يَطَأْ فَالْقِيَاسُ وُجُوبُ الْوَطْءِ دَفْعًا لِهَذِهِ الْمَفْسَدَةِ لَا لِكَوْنِهِ حَقًّا لَهَا (قَوْلُهُ: مِنْ خَصَائِصِهِ) وَخَصَائِصُهُ صلى الله عليه وسلم قِسْمَانِ: مِنْهَا مَا اخْتَصَّ بِهِ عَلَى أُمَّتِهِ وَإِنْ شَارَكَهُ غَيْرُ أُمَّتِهِ فِيهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَنْبِيَاءِ، وَمِنْهَا مَا اخْتَصَّ بِهِ عَنْ سَائِرِ الْخَلْقِ فَلَا يَنْتَقِضُ عَدُّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْخَصَائِصِ بِأَنَّ فِيهَا مَا شَارَكَ فِيهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَرَاهَا) عِلَّةً لِاسْتِحْبَابِ ذِكْرِهَا، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ نَفَى الْفَائِدَةَ فِي ذِكْرِهَا الْآنَ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ ذِكْرُهَا مَعَ التَّوَهُّمِ الْمَذْكُورِ.
لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقَ الْوُقُوعَ فِيهِ سِيَّمَا وَالْجَاهِلُ لَا يَسْتَقِلُّ بِأَخْذِ الْحُكْمِ مِنْ الْكُتُبِ بَلْ يَبْحَثُ عَنْهَا، وَيَسْأَلُ الْعَالِمَ بِهَا (قَوْلُهُ: كَالضُّحَى) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ أَقَلُّ الضُّحَى لَا أَكْثَرُهُ، وَقِيَاسُهُ فِي الْوِتْرِ كَذَلِكَ اهـ خَطِيبٌ عَلَى الْبَهْجَةِ.
أَقُولُ: قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ رَكْعَةً وَاحِدَةً، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ ثَلَاثَةٌ، وَيُحْمَلُ الْأَقَلُّ فِي حَقِّهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوِتْرِ عَلَى أَدْنَى الْكَمَالِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الضُّحَى
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَقَوْلُهُ وَلَوْ زَنَى إلَخْ تَفْرِيعٌ ثَانٍ (وَقَوْلُهُ هَذِهِ) يَعْنِي اسْتِيفَاءَ اللَّذَّةِ وَالتَّمَتُّعِ إذْ الْعَطْفُ لِلتَّفْسِيرِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ لَا حِنْثَ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إبَاحَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الشِّهَابِ حَجّ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ سِيَاقُهُ، وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ فِي تَصْحِيحِهِ كَانَهُ اسْتِرْوَاحٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَعَلَى الْأَصَحِّ الْأَوَّلُ فَهُوَ مَالِكٌ لَأَنْ يَنْتَفِعَ إلَخْ، إذْ هَذَا تَفْسِيرٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْمِلْكِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ، وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا التَّصْحِيحِ لِوَالِدِهِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ: وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهُوَ مَالِكٌ إلَخْ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ صَحَّحَ مُقَابِلَهُ كَمَا سَبَقَ (قَوْلُهُ: إذْ ذِكْرُهَا مُسْتَحَبٌّ) يُقَالُ عَلَيْهِ السُّؤَالُ بَاقٍ عَنْ حِكْمَةِ ذِكْرِهَا هُنَا بِالْخُصُوصِ الَّذِي هُوَ الْمُدَّعَى، وَقَوْلُهُ لِئَلَّا يَرَاهَا جَاهِلٌ إلَخْ هَذَا فِي الرَّوْضَةِ عِلَّةٌ لِوُجُوبِ ذِكْرِهَا لَا لِاسْتِحْبَابِهِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ: وَابْتَدَأَ النَّاظِمُ كَجَمَاعَةِ الْبَابِ بِذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّهَا فِي النِّكَاحِ أَكْثَرُ مِنْهَا فِي غَيْرِهِ.
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: مَنَعَ ابْنُ خَيْرَانَ الْكَلَامَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ انْقَضَى فَلَا مَعْنَى لِلْكَلَامِ فِيهِ.
وَقَالَ سَائِرُ الْأَصْحَابِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْعِلْمِ.
قَالَ: وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِجَوَازِهِ بَلْ اسْتِحْبَابِهِ، بَلْ لَا يَبْعُدُ وُجُوبُهُ لِئَلَّا يَرَى جَاهِلٌ بَعْضَ الْخَصَائِصِ فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ فَيَعْمَلُ بِهَا أَخْذًا بِأَصْلِ التَّأَسِّي فَوَجَبَ بَيَانُهَا لِتُعْرَفَ، فَأَيُّ فَائِدَةٍ أَهَمُّ مِنْ هَذِهِ؟ وَأَمَّا مَا يَقَعُ فِي ضِمْنِ الْخَصَائِصِ مِمَّا لَا فَائِدَةَ فِيهِ الْيَوْمَ فَقَلِيلٌ لَا تَخْلُو أَبْوَابُ الْفِقْهِ عَنْ مِثْلِهِ لِلتَّدَرُّبِ وَمَعْرِفَةِ الْأَدِلَّةِ وَتَحْقِيقِ الشَّيْءِ
وَالْأُضْحِيَّةِ وَالسِّوَاكِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَالْمُشَاوَرَةِ وَتَغْيِيرِ مُنْكَرٍ رَآهُ وَإِنْ خَافَ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ فَاعِلَهُ يَزِيدُ فِيهِ عِنَادًا خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ وَمُصَابَرَةِ الْعَدُوِّ وَإِنْ كَثُرَ وَقَضَاءِ دَيْنِ مُسْلِمٍ مَاتَ مُعْسِرًا، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ الْقَضَاءُ مِنْ الْمَصَالِحِ وَتَخْيِيرُ نِسَائِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْجَوَابُ فَوْرًا فَلَوْ اخْتَارَتْهُ وَاحِدَةٌ لَمْ يَحْرُمْ طَلَاقُهَا أَوْ كَرِهَتْهُ تَوَقَّفَتْ الْفُرْقَةُ عَلَى الطَّلَاقِ، وَقَوْلُهَا اخْتَرْت نَفْسِي لَيْسَ طَلَاقًا فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ تَزَوُّجِهِ بِهَا بَعْدَ فِرَاقِهَا وَنُسِخَ وُجُوبُ التَّهَجُّدِ عَلَيْهِ لَا الْوِتْرَ.
الثَّانِي الْمُحَرَّمَاتُ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم كَصَدَقَةٍ وَتَعَلُّمِ خَطٍّ وَشِعْرٍ لَا أَكْلِ نَحْوِ ثُومٍ أَوْ مُتَّكِئًا، وَيَحْرُمُ نَزْعُ لَأْمَتِهِ قَبْلَ قِتَالِ عَدُوٍّ دَعَتْ لَهُ حَاجَةٌ وَمَدُّ الْعَيْنِ إلَى مَتَاعِ النَّاسِ، وَخَائِنَةُ الْأَعْيُنِ، وَهِيَ الْإِيمَاءُ بِمَا يُظْهِرُ خِلَافَهُ مِنْ مُبَاحٍ دُونَ الْخَدِيعَةِ فِي الْحَرْبِ، وَإِمْسَاكُ مَنْ كَرِهَتْ نِكَاحَهُ وَلَوْ أَمَةً فَيَجِبُ إخْرَاجُهَا عَنْ مِلْكٍ، وَنِكَاحُ كِتَابِيَّةٍ لَا التَّسَرِّي بِهَا، وَنِكَاحُ الْأَمَةِ، وَلَوْ مُسْلِمَةً، وَالْمَنُّ لِيَسْتَكْثِرَ.
الثَّالِثُ التَّخْفِيفَاتُ وَالْمُبَاحَاتُ لَهُ وَهِيَ نِكَاحُ تِسْعٍ وَحَرُمَ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِنَّ ثُمَّ نُسِخَ، وَيَنْعَقِدُ نِكَاحُهُ مُحْرِمًا وَعَلَى مُحْرِمَةٍ وَبِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ وَبِلَفْظِ الْهِبَةِ إيجَابًا وَقَبُولًا، وَلَا مَهْرَ لِلْوَاهِبَةِ لَهُ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا، وَيَجِبُ إجَابَتُهُ عَلَى امْرَأَةٍ رَغِبَ فِيهَا وَعَلَى زَوْجِهَا طَلَاقُهَا، وَلَهُ تَزْوِيجُ مَنْ شَاءَ لِمَنْ شَاءَ وَلَوْ لِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ مُتَوَلِّيًا لِلطَّرَفَيْنِ، وَيُزَوِّجُهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَأُبِيحَ لَهُ الْوِصَالُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الرَّكْعَةِ فِي الْوِتْرِ خِلَافُ الْأَوْلَى أَوْ مَكْرُوهٌ، وَلَا كَذَلِكَ رَكْعَتَا الضُّحَى (قَوْلُهُ: وَالسِّوَاكُ لِكُلِّ صَلَاةٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ نَفْلًا (قَوْلُهُ: وَالْمُشَاوَرَةِ) أَيْ لِأَصْحَابِهِ فِي الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ) صَرَّحَ بِهِ رَدًّا عَلَى مَنْ ذَهَبَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَتَخْيِيرُ نِسَائِهِ) أَيْ، وَذَلِكَ وَقْتَ نُزُولِ الْأَمْرِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ الْجَوَابُ) أَيْ مِنْ الْمَرْأَةِ لِحُصُولِ الْفُرْقَةِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ اخْتَارَتْهُ) أَيْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْرُمْ طَلَاقُهَا) أَيْ بَعْدَ اخْتِيَارِهَا لَهُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ فِرَاقِهَا) أَيْ حَيْثُ كَانَ دُونَ الثَّلَاثِ، أَمَّا لَوْ كَانَ بِهَا فَلَا يُتَصَوَّرُ نِكَاحُهُ لَهَا لِانْتِفَاءِ الْمُحَلَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ نِكَاحُ زَوْجَاتِهِ صلى الله عليه وسلم بِحَالٍ، وَإِبَاحَةُ نِكَاحِهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الثَّلَاثِ لَمْ يَثْبُتْ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْخُصُوصِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: كَصَدَقَةٍ) أَيْ لِمَا فِيهَا مِنْ الذُّلِّ وَمِنْ الصَّدَقَةِ الْوَقْفُ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا وُقِفَ عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ فَلَا يَصِحُّ، وَمَا وُقِفَ عَلَى عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ، وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْمُسَامَحَةِ مِنْهُ كَالشُّرْبِ مِنْ السِّقَايَاتِ وَالْوُضُوءِ مِنْ الْمَاءِ الْمُسَبَّلِ لَهُ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمَدَارِسَ الْمَوْقُوفَةَ عَلَى مَدَارِسَ خَاصَّةٍ يَجُوزُ لِغَيْرِ مَنْ وُقِفَتْ عَلَيْهِ دُخُولُهَا وَالشُّرْبُ وَالطَّهَارَةُ مِنْ مَائِهَا وَالْجُلُوسُ فِيهَا وَالنَّوْمُ حَيْثُ لَمْ يُضَيِّقْ عَلَى أَهْلِهَا لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي ذَلِكَ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَتَعَلُّمِ خَطٍّ) لِجَرِّهِ لِقُوَّةِ شُبْهَةِ الْمُشْرِكِينَ فِيمَا افْتَرَوْهُ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَنَّهُ يَنْقُلُ الْأَخْبَارَ مِنْ الْكُتُبِ الْقَدِيمَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُتَّكِئًا) أَيْ أَوْ أَكْلُهُ مُتَّكِئًا (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ نَزْعُ لَأْمَتِهِ) أَيْ سِلَاحِهِ عَنْ بَدَنِهِ (قَوْلُهُ: وَمَدِّ الْعَيْنِ) أَيْ بِأَنْ يَوَدُّ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَنِكَاحِ كِتَابِيَّةٍ) أَيْ بِعَقْدٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ نُسِخَ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُتَّفَقْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم زَادَ عَلَيْهِنَّ، وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي النَّسْخِ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَفْعَلْ أَنْ تَكُونَ لَهُ الْمِنَّةُ عَلَى زَوْجَاتِهِ بِعَدَمِ التَّزَوُّجِ عَلَيْهِنَّ مَعَ إبَاحَتِهِ لَهُ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ: إيجَابًا وَقَبُولًا) وَفِي نُسْخَةٍ: لَا قَبُولًا، وَمَا فِي الْأَصْلِ هُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: وَعَلَى زَوْجِهَا) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَأُبِيحَ لَهُ الْوِصَالُ) أَيْ التَّوَالِي بَيْنَ الصَّوْمَيْنِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَإِمْسَاكُ مَنْ كَرِهَتْ نِكَاحَهُ) الظَّاهِرُ مَا دَامَتْ كَارِهَةً أَخْذًا مِمَّا مَرَّ مِنْ جَوَازِ تَزَوُّجِهِ لَهَا بَعْدَ فِرَاقِهَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَهِيَ نِكَاحُ تِسْعٍ) اُنْظُرْ هَلْ الْحَصْرُ فِي هَذَا كَاَلَّذِي بَعْدَهُ دُونَ مَا قَبْلَهَا مُرَادٌ أَمْ لَا.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا فِي الْخَصَائِصِ هُوَ عِبَارَةُ مَتْنِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: إيجَابًا) أَيْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً} [الأحزاب: 50] الْآيَةَ، وَقَوْلُهُ لَا قَبُولًا: أَيْ بَلْ يَجِبُ لَفْظُ النِّكَاحِ أَوْ التَّزَوُّجِ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا} [الأحزاب: 50] كَذَا
وَصَفِيُّ الْمَغْنَمِ وَخُمُسُ الْخُمُسِ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ، وَيَقْضِي بِعِلْمِهِ وَيَحْكُمُ وَيَشْهَدُ لِنَفْسِهِ وَفَرْعِهِ وَعَلَى عَدُوِّهِ وَيَحْمِي لِنَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ لَهُ، وَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِمَا ادَّعَاهُ، وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ مِنْ شَهِدَ لَهُ، وَلَهُ أَخْذُ طَعَامِ غَيْرِهِ إنْ احْتَاجَهُ، وَيَجِبُ إعْطَاؤُهُ لَهُ وَبَذْلُ النَّفْسِ دُونَهُ، وَلَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ بِالنَّوْمِ، وَمَنْ شَتَمَهُ صلى الله عليه وسلم أَوْ لَعَنَهُ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ قُرْبَةً وَمُعْظَمُ هَذِهِ الْمُبَاحَاتِ لَمْ يَفْعَلْهُ، الرَّابِعُ: الْفَضَائِلُ وَالْإِكْرَامُ، وَهِيَ تَحْرِيمُ زَوْجَاتِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ مُطَلَّقَاتٍ وَمُخْتَارَاتٍ فِرَاقَهُ وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَسَرَارِي، وَتَفْضِيلُ نِسَائِهِ عَلَى سَائِرِ النِّسَاءِ وَثَوَابُهُنَّ وَعِقَابُهُنَّ مُضَاعَفٌ وَهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ إكْرَامًا فَقَطْ كَهُوَ فِي الْأُبُوَّةِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَتَحْرِيمُ سُؤَالِهِنَّ إلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَأَفْضَلُ نِسَاءِ الْعَالَمِ مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ ثُمَّ فَاطِمَةُ ابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ خَدِيجَةُ، وَمَنْ فَضَّلَهَا عَلَى ابْنَتِهَا فَمِنْ حَيْثُ الْأُمُومَةُ ثُمَّ عَائِشَةُ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَسَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقَّ عَنْهُ الْأَرْضُ، وَأَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ، وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ، وَأُمَّتُهُ خَيْرُ الْأُمَمِ مَعْصُومَةٌ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ، وَصُفُوفُهُمْ كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ وَشَرِيعَتُهُ مُؤَيِّدَةٌ نَاسِخَةٌ لِغَيْرِهَا، وَمُعْجِزَتُهُ بَاقِيَةٌ وَهِيَ الْقُرْآنُ، وَنُصِرَ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لَهُ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَتُرَابُهَا طَهُورًا، وَأُحِلَّتْ لَهُ الْغَنَائِمُ وَلَمْ يُورَثْ، وَتَرِكَتُهُ صَدَقَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَأُكْرِمَ بِالشَّفَاعَاتِ الْخَمْسِ، وَخُصَّ بِالْعُظْمَى، وَدُخُولِ خَلْقٍ مِنْ أُمَّتِهِ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَأُرْسِلَ إلَى الْإِنْسِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِلَا مُفْطِرٍ.
(قَوْلُهُ: وَصَفِيُّ الْمَغْنَمِ) أَيْ بِأَنْ يَخْتَارَ لِنَفْسِهِ مَا شَاءَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَيَقْضِي بِعِلْمِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْقَضَاءَ بِالْعِلْمِ مِنْ خَصَائِصِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، أَوْ أَنَّهُ ثَابِتٌ بِلَا شَرْطٍ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَلَهُ شُرُوطٌ عِنْدَ مَنْ جَوَّزَهُ (قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ لَهُ الشَّهَادَةُ) أَيْ مِنْ الْغَيْرِ لَهُ: أَيْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَا ادَّعَاهُ، وَقَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ: أَيْ مِنْ غَيْرِ تَزْكِيَةٍ وَمِنْ غَيْرِ ضَمِّ شَاهِدٍ آخَرَ لَهُ (قَوْلُهُ: إنْ احْتَاجَهُ) أَيْ ذَلِكَ الْغَيْرُ، وَلَوْ قَالَ وَإِنْ احْتَاجَهُ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ هَذِهِ هِيَ الْحَالَةُ الَّتِي يُفَارِقُ فِيهَا غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ لَعَنَهُ) أَيْ بِأَنْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَعَنَ اللَّهُ فُلَانًا إلَخْ (قَوْلُهُ: جَعَلَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ الْمَشْتُومِ وَالْمَلْعُونِ وَلَعَلَّهُ مَفْرُوضٌ فِي الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: وَهِيَ تَحْرِيمُ زَوْجَاتِهِ عَلَى غَيْرِهِ) نَقَلَ الْقُضَاعِيُّ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ تَزْوِيجُ نِسَاءِ أَنْبِيَائِهِمْ اهـ ابْنُ شَرَفٍ عَلَى التَّحْرِيرِ، وَلَا يُرَدُّ ذَلِكَ عَلَى الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي فِي غَيْرِهَا مِنْ الْخَصَائِص امْتِيَازُهُ بِذَلِكَ عَنْ أُمَّتِهِ عليه الصلاة والسلام كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ) فِي إدْخَالِهِنَّ فِي الزَّوْجَاتِ تَسَمُّحٌ (قَوْلُهُ: إكْرَامًا فَقَطْ) أَيْ دُونَ جَوَازِ النَّظَرِ لَهُنَّ وَعَدَمِ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِلَمْسِهِنَّ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَتَحْرِيمُ سُؤَالِهِنَّ) أَيْ عَنْ شَيْءٍ مَا (قَوْلُهُ: إلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) أَيْ كَكَوْنِهِنَّ وَرَاءَ بَابٍ أَوْ سِتَارَةٍ أَوْ جِدَارٍ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ فَاطِمَةُ) وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ:
فُضْلَى النِّسَا بِنْتُ عِمْرَانَ فَفَاطِمَةُ
…
فَأُمُّهَا ثُمَّ مَنْ قَدْ بَرَّأَ اللَّهُ
وَقَوْلُ النَّاظِمِ: فَأُمُّهَا: أَيْ خَدِيجَةُ، وَقَوْلُهُ: أَيْضًا: مَنْ قَدْ بَرَّأَ اللَّهُ: أَيْ عَائِشَةَ (قَوْلُهُ: لَا تَجْتَمِعُ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ لِلْعِصْمَةِ (قَوْلُهُ: وَصُفُوفُهُمْ) أَيْ فِي صَلَاتِهِمْ حَيْثُ فُعِلَتْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: وَشَرِيعَتُهُ مُؤَيَّدَةٌ) أَيْ بِالْمُعْجِزَاتِ الظَّاهِرَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُورَثْ) وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَعَدَّهَا مِنْ الْخُصُوصِيَّاتِ بِالنَّظَرِ لِأُمَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَخُصَّ بِالْعُظْمَى) وَهِيَ الشَّفَاعَةُ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ: أَيْ الْحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ حَتَّى يُذْهَبَ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ إلَيْهَا وَبِأَهْلِ النَّارِ إلَيْهَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، فَسَقَطَ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ تَصْوِيبِ مَا وَقَعَ فِي نُسْخَةٍ مِنْ قَوْلِهِ إيجَابًا وَقَبُولًا بِالْوَاوِ لَا بِالنَّفْيِ، وَلَمْ أَدْرِ مِنْ أَيْنَ هَذَا التَّصْوِيبُ (قَوْلُهُ: وَيَقْضِي بِعِلْمِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى بِلَا خِلَافٍ. اهـ. أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّ فِي قَضَائِهِ بِهِ خِلَافًا، وَعَلَى جَوَازِهِ فَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ حُدُودِهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: إلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) أَيْ سَاتِرٍ لِشَخْصِهِنَّ كَجِدَارٍ (قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُ نِسَاءِ الْعَالِمِينَ مَرْيَمُ) هَذَا لَا دَخْلَ لَهُ
وَالْجِنِّ لَا الْمَلَائِكَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ أَتْبَاعًا، وَكَانَ لَا يَنَامُ قَلْبُهُ، وَيَرَى مِنْ خَلْفِهِ وَتَطَوُّعُهُ قَاعِدًا كَقَائِمٍ، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ خَاطَبَهُ بِالسَّلَامِ
وَيَحْرُمُ رَفْعُ الصَّوْتِ فَوْقَ صَوْتِهِ، وَنِدَاؤُهُ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ وَبِاسْمِهِ، وَالتَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ مُطْلَقًا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَتَجِبُ إجَابَتُهُ فِي الصَّلَاةِ وَلَا تَبْطُلُ بِهَا وَلَوْ فِعْلًا كَثِيرًا كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَشَمِلَهُ كَلَامُهُمَا، وَكَانَ يُتَبَرَّكُ وَيُسْتَشْفَى بِبَوْلِهِ وَدَمِهِ، وَمَنْ زَنَى بِحَضْرَتِهِ أَوْ اسْتَخَفَّ بِهِ كَفَرَ، وَإِنْ نَظَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الزِّنَا، وَأَوْلَادُ بَنَاتِهِ يُنْسَبُونَ إلَيْهِ، وَتَحِلُّ لَهُ الْهَدِيَّةُ مُطْلَقًا، وَأُعْطِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَكَانَ يُؤْخَذُ عَنْ الدُّنْيَا عِنْدَ الْوَحْيِ مَعَ بَقَاءِ التَّكْلِيفِ، وَلَا يَجُوزُ الْجُنُونُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ وَلَا الِاحْتِلَامُ، وَرُؤْيَتُهُ فِي النَّوْمِ حَقٌّ وَلَا يُعْمَلُ بِهَا فِي الْأَحْكَامِ لِعَدَمِ ضَبْطِ النَّائِمِ، وَلَا تَأْكُلُ الْأَرْضُ لُحُومَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْكَذِبُ عَلَيْهِ عَمْدًا كَبِيرَةٌ، وَنَبَعَ الْمَاءُ الطَّهُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، وَصَلَّ بِالْأَنْبِيَاءِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ، وَكَانَ أَبْيَضَ الْإِبْطِ، وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ، وَيَبْلُغُهُ سَلَامُ النَّاسِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَيَشْهَدُ لِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ بِالْأَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَكَانَ إذَا مَشَى فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لَا يَظْهَرُ لَهُ ظِلٌّ، وَلَا يَقَعُ مِنْهُ إيلَاءٌ وَلَا ظِهَارٌ، وَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ لِعَانٌ.
وَنَقَلَ الْفَخْرُ الرَّازِيّ أَنَّهُ كَانَ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الذُّبَابُ وَلَا يَمْتَصُّ دَمَهُ الْبَعُوضُ، وَكُلُّ مَوْضِعٍ صَلَّى فِيهِ وَضُبِطَ مَوْقِفُهُ امْتَنَعَ فِيهِ الِاجْتِهَادُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً، وَوُجُوبُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، وَعُرِضَ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْخَلْقِ مِنْ آدَمَ إلَى مَنْ بَعْدَهُ كَمَا قَالَهُ فِي الذَّخَائِرِ، وَكَانَ لَا يَتَثَاءَبُ وَلَا يَظْهَرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ مِنْ الْغَائِطِ بَلْ تَبْتَلِعُهُ الْأَرْضُ كَمَا قَالَهُ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ، وَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ حَرَجٌ فِي حُكْمِهِ عَلَيْهِ يَكْفُرُ بِهِ.
قَالَهُ الْإِصْطَخْرِيُّ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ بَلْ صَلَّى النَّاسُ أَفْرَادًا (هُوَ) أَيْ النِّكَاحُ بِمَعْنَى التَّزَوُّجِ: أَيْ تَأَهُّلُهُ بِزَوْجَةٍ (مُسْتَحَبٌّ لِمُحْتَاجٍ إلَيْهِ) أَيْ تَائِقٌ لَهُ بِتَوَقَانِهِ لِلْوَطْءِ (يَجِدُ أُهْبَتَهُ) مِنْ مَهْرٍ وَكِسْوَةٍ فَصْلُ التَّمْكِينِ وَنَفَقَةِ يَوْمِهِ وَلَوْ خَصِيًّا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْإِحْيَاءِ أَوْ مُشْتَغِلًا بِالْعِبَادَةِ لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: لَا الْمَلَائِكَةِ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ أَتْبَاعًا) أَيْ وَهُمْ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ (قَوْلُهُ: وَيَرَى مِنْ خَلْفِهِ) أَيْ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ: وَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ خَاطَبَهُ) أَيْ بِالسَّلَامِ وَلَا غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَبِاسْمِهِ) أَيْ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدِهَا (قَوْلُهُ: وَالتَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ) أَيْ وَلَوْ سُمِّيَ بِهَا شَخْصُ ابْتِدَاءً كَأَبِي الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ فِي زَمَنِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَمَنْ زَنَى بِحَضْرَتِهِ) أَيْ فِي حَيَاتِهِ (قَوْلُهُ: وَتَحِلُّ لَهُ الْهَدِيَّةُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُهْدَى لَهُ فِي خُصُومَةٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَا الِاحْتِلَامِ) أَيْ النَّاشِئِ عَنْ رُؤْيَا مَنَامِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الشَّيْطَانِ، أَمَّا مُجَرَّدُ خُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ فَلَا يُمْتَنَعُ لِجَوَازِ كَوْنِهِ مِنْ امْتِلَاءِ أَوْعِيَةِ الْمَنِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَصَلَّى بِالْأَنْبِيَاءِ) أَيْ كَالصَّلَاةِ الَّتِي كَانَ يُصَلِّيهَا قَبْلَ الْإِسْرَاءِ فَلَا يُقَالُ الصَّلَاةُ لَمْ تَكُنْ فُرِضَتْ حِينَ صَلَّى بِالْأَنْبِيَاءِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ أَبْيَضَ الْإِبْطِ) أَيْ بِلَا شَعْرٍ (قَوْلُهُ: وَيَبْلُغُهُ سَلَامُ النَّاسِ) أَيْ بِتَبْلِيغِ الْمَلَائِكَةِ وَلَوْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَّا مَنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ عليه الصلاة والسلام فَإِنَّهُ يَسْمَعُ صَلَاةَ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ بِلَا وَاسِطَةِ مَلَكٍ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ) أَيْ بَعْدَ وَفَاتِهِ، قِيلَ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِغَيْرِهِ التَّقَدُّمُ لِلْإِمَامَةِ بِحَضْرَتِهِ تَعْظِيمًا لَهُ صلى الله عليه وسلم وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَقَدُّمًا عَلَيْهِ لَكِنْ مُجَرَّدُ صُورَةِ تَقَدُّمٍ فَلَمْ يَفْعَلْهُ أَحَدٌ، وَقِيلَ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْخِلَافَةِ وَاسْتِقْرَارِهَا لِأَحَدٍ وَالْإِمَامَةُ إنَّمَا كَانَتْ لَهُ وَلِلْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَنَفَقَةِ يَوْمِهِ) أَيْ وَلَيْلَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَصِيًّا) أَخْذُهُ غَايَةً لِاحْتِمَالِ أَنَّ هُنَاكَ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَيْهِ لِقَطْعِ أَوْعِيَةِ الْمَنِيِّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
فِي الْخَصَائِصِ وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ تَتْمِيمًا (قَوْلُهُ: وَتَطَوُّعُهُ قَاعِدًا كَقَائِمٍ) أَيْ كَتَطَوُّعِهِ قَائِمًا (قَوْلُهُ: وَلَا تَبْطُلُ صَلَاةٌ مَنْ خَاطِبِهِ بِالسَّلَامِ) أَيْ بِلَا طَلَبٍ مِنْهُ: أَيْ بِقَوْلِهِ فِي التَّشَهُّدِ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِعْلًا) أَيْ إذَا كَانَتْ الْإِجَابَةُ مُتَوَقِّفَةً عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَتَحِلُّ لَهُ الْهَدِيَّةُ مُطْلَقًا) أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ وُلَاةِ الْأُمُورِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَقَعُ مِنْهُ إيلَاءٌ وَلَا ظِهَارٌ) أَيْ وَلَا يَصْدُرُ مِنْهُ ذَلِكَ لِحُرْمَتِهِ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِتَخْصِيصِهِمَا بِالذِّكْرِ إذْ كُلُّ الْمُحَرَّمَاتِ
«يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ» وَالْبَاءَةُ بِالْمَدِّ لُغَةً: الْجِمَاعُ، وَالْمُرَادُ هُوَ مَعَ الْمُؤْنَةِ لِرِوَايَةِ «مِنْ كَانَ مِنْكُمْ ذَا طَوْلٍ فَلْيَتَزَوَّجْ» وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْجِمَاعُ يُنَافِيهِ (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ) ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا شَهْوَةَ لَهُ لَا يَحْتَاجُ لِلصَّوْمِ، وَتَأْوِيلُهُ بِأَنَّ الْمَعْنَى مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَ بِقُدْرَتِهِ عَلَى الْمُؤَنِ إلَخْ بَعِيدٌ لَا ضَرُورَةَ بَلْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى وَلَمْ يَجِبْ مَعَ هَذَا الْأَمْرِ لِآيَةِ {مَا طَابَ لَكُمْ} [النساء: 3] وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْحَلَالُ مِنْ النِّسَاءِ، وَأَيْضًا فَلَمْ يَأْخُذْ بِظَاهِرِهِ أَحَدٌ فَإِنَّ الَّذِي حَكَوْهُ قَوْلًا إنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ لِبَقَاءِ النَّسْلِ.
نَعَمْ لَوْ خَافَ الْعَنَتَ وَتَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ وَجَبَ، وَلَا يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ مُطْلَقًا وَإِنْ اُسْتُحِبَّ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ وُجُوبِهِ أَيْضًا فِيمَا لَوْ طَلَّقَ مَظْلُومَةً فِي الْقَسْمِ لِيُوَفِّيَهَا حَقَّهَا مِنْ نَوْبَةِ الْمَظْلُومِ لَهَا ظَاهِرٌ، وَإِنْ رُدَّ بِأَنَّ الطَّلَاقَ بِدْعِيٌّ، وَقَدْ صَرَّحُوا فِي الْبِدَعِ بِنَدْبِ الرَّجْعَةِ فِيهِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بِأَنَّ الذِّمَّةَ اُشْتُغِلَتْ فِيهَا بِحَقٍّ لَهَا فَوَجَبَ رَدُّهُ، وَيَجِبُ مَا يَكُونُ طَرِيقًا مُتَعَيِّنًا لَهُ، وَلَا كَذَلِكَ طَلَاقُ الْبِدْعَةِ إذْ لَمْ يَسْتَقِرُّ لَهَا فِي ذِمَّتِهِ حَقٌّ تُطَالِبُهُ بِرَدِّهِ، وَمَنَعَ جَمْعٌ التَّسَرِّي فِي هَذَا الزَّمَنِ لِعَدَمِ التَّخْمِيسِ مَرْدُودٌ، كَمَا يَأْتِي بِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَّجِهُ فِيمَنْ تَحَقَّقَ أَنَّ سَابِيهَا مُسْلِمٌ لَا فِيمَنْ شَكَّ فِي سَابِيهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحِلُّ، وَلَا فِيمَنْ تَحَقَّقَ أَنَّ سَابِيهَا كَافِرٌ مِنْ كَافِرٍ أَوْ اشْتَرَى خُمُسَ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ نَاظِرِهِ لِحِلِّهَا يَقِينًا، وَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ مِنْ عَدَمِ اسْتِحْبَابِ النِّكَاحِ مُطْلَقًا لِمَنْ فِي دَارِ الْحَرْبِ خَوْفًا عَلَى وَلَدِهِ مِنْ التَّدَيُّنِ بِدِينِهِمْ، وَالِاسْتِرْقَاقِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ الزِّنَا لَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ، إذْ الْمَصْلَحَةُ الْمُحَقَّقَةُ النَّاجِزَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمَفْسَدَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ الْمُتَوَهَّمَةِ.
وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ التَّسَرِّي بِالنِّكَاحِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا عَلَّلَ بِهِ يَأْتِي فِيهِ وَالضَّمَائِرُ الثَّلَاثَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَاجِعَةٌ كُلُّهَا لِلْعَقْدِ الْمُرَادِ بِهِ أَحَدُ طَرَفَيْهِ، وَهُوَ التَّزَوُّجُ: أَيْ قَبُولُ التَّزْوِيجِ وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ، وَمَا يُوهِمُهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ) خَصَّهُمْ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ تَغْلِبُ عَلَيْهِمْ الشَّهْوَةُ وَإِلَّا فَمِثْلُهُمْ غَيْرُهُمْ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ هُوَ) أَيْ الْجِمَاعُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِبْ) أَيْ التَّزَوُّجُ، وَقَوْلُهُ: مَعَ هَذَا الْأَمْرِ هُوَ قَوْلُهُ: فَلْيَتَزَوَّجْ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ) أَيْ قَوْلُهُ: مَا طَابَ لَكُمْ (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا فَلَمْ يَأْخُذْ إلَخْ) أَيْ فَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ، نَعَمْ دَلَّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ عَيْنًا الْإِجْمَاعُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَأَيْضًا إلَخْ.
وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فُرُوعِ الرَّدِّ بَلْ تَوْجِيهٌ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الَّذِي حَكَوْهُ) أَيْ الْمَعْنَى الَّذِي حَكَوْهُ قَوْلًا أَوْ الْوُجُوبَ الَّذِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ احْتَاجَ إلَيْهِ أَمْ لَا تَاقَتْ نَفْسُهُ إلَيْهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) أَيْ ابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ إلْحَاقُ التَّسَرِّي بِالنِّكَاحِ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي كَوْنِهِ لَا يُسَنُّ، وَقَضَيْتُهُ إبَاحَةُ كُلٍّ مِنْ النِّكَاحِ وَالتَّسَرِّي.
(قَوْلُهُ: وَمَا يُوهِمُهُ) أَيْ وَالْمَحْذُورُ الَّذِي
ــ
[حاشية الرشيدي]
كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: بَعِيدٌ لَا ضَرُورَةَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا بُعْدَ فِيهِ مَعَ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى السَّابِقَةِ وَالرِّوَايَاتُ يُفَسِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَأَمَّا الْقُدْرَةُ عَلَى الْجِمَاعِ فَهِيَ مَفْهُومَةٌ مِنْ لَفْظِ الشَّبَابِ (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا فَلَمْ يَأْخُذْ بِظَاهِرِهِ أَحَدٌ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِآيَةِ {مَا طَابَ لَكُمْ} [النساء: 3] فَهُوَ جَوَابٌ ثَانٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ رُدَّ بِأَنَّ الطَّلَاقَ بِدْعِيٌّ إلَخْ) الرَّدُّ أَقَرَّهُ حَجّ لَكِنَّ عِبَارَتَهُ: وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا الطَّلَاقَ بِدْعِيٌّ، وَقَدْ صَرَّحُوا فِي الْبِدْعِيِّ بِأَنَّهُ لَا تَجِبُ فِيهِ الرَّجْعَةُ إلَّا أَنْ يُسْتَثْنَى هَذَا لِمَا فِيهِ مِنْ اسْتِدْرَاكِ ظُلَامَةِ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ: أَوْ اشْتَرَى خُمُسَ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ نَاظِرِهِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَ وَأَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْخُمُسِ الْبَاقِيَةَ مِنْ مُسْتَحِقِّيهَا أَوْ أَوْلِيَائِهِمْ. اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِخُمُسِ بَيْتِ الْمَالِ مَا قَابَلَ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْغَانِمِينَ الَّذِي يُخَمَّسُ خَمْسَةَ أَخْمَاسٍ لَا خُمُسُ الْخُمُسِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْعِبَارَةِ، وَأُضِيفَ لِبَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي جَمِيعِهِ لِلْإِمَامِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَبَقَ فِي بَابِهِ، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ مُسْتَحِقِّيهَا أَوْ أَوْلِيَائِهِمْ لَا يَصِحُّ إذْ لَا مُسْتَحِقَّ لَهَا مُعَيَّنٌ حَتَّى يَصِحَّ مِنْهُ التَّصَرُّفُ وَإِنَّمَا التَّصَرُّفُ لِلْإِمَامِ كَمَا سَبَقَ (قَوْلُهُ: وَمَا يُوهِمُهُ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ لِحَجِّ، لَكِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلضَّمِيرِ
فِي إلَيْهِ يَرُدُّهُ قَوْلُنَا: أَيْ تَائِقٌ إلَيْهِ بِتَوَقَانِهِ لِلْوَطْءِ وَهَذَا مَجَازٌ مَشْهُورٌ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِهَا الْعَقْدَ أَوْ الْوَطْءَ لَمْ يَصِحَّ أَوْ بِهُوَ وَأَهُبَّتَهُ الْعَقْدَ وَبِإِلَيْهِ الْوَطْءَ صَحَّ لَكِنْ فِيهِ تَعَسُّفٌ (فَإِنْ فَقَدَهَا اُسْتُحِبَّ تَرْكُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا} [النور: 33] الْآيَةَ وَعَبَّرَ الرَّافِعِيُّ وَالْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّ الْأُولَى أَنْ لَا يَنْكِحَ، وَدَعْوَى أَنَّهَا دُونَ الْأُولَى فِي الطَّلَبِ مَرْدُودَةٌ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يُكْرَهُ فِعْلُهُ، وَرُدَّ بِأَنَّ مُقْتَضَى الْخَبَرِ عَدَمُ طَلَبِ الْفِعْلِ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ النَّهْيِ عَنْ الْفِعْلِ بَلْ وَمِنْ طَلَبِ التَّرْكِ، وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ وَعَلَيْهِ كَثِيرُونَ لِآيَةِ {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ} [النور: 32] مَعَ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ «تَزَوَّجُوا النِّسَاءَ فَإِنَّهُنَّ يَأْتِينَكُمْ بِالْمَالِ» وَصَحَّ أَيْضًا «ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُعِينَهُمْ مِنْهُمْ النَّاكِحُ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَعْفِفَ» وَفِي مُرْسَلٍ «مَنْ تَرَكَ التَّزَوُّجَ مَخَافَةَ الْعَيْلَةِ فَلَيْسَ مِنَّا» وَحَمَلُوا الْأَمْرَ بِالِاسْتِعْفَافِ فِي الْآيَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَجِدْ زَوْجَةً وَلَا دَلَالَةَ لَهُمْ عِنْدَ التَّأَمُّلِ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْفَقْرِ وَإِتْيَانِهِنَّ بِالْمَالِ وَالْإِعَانَةِ وَخَوْفِ الْعَيْلَةِ عَدَمُ وُجْدَانِ الْأُهْبَةِ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ لَا سِيَّمَا.
وَدَلِيلُنَا «وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» أَيْ قَاطِعٌ أَصَحُّ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذُكِرَ لَا يَقْبَلُ تَأْوِيلًا (وَيَكْسِرُ) إرْشَادًا (شَهْوَتَهُ بِالصَّوْمِ) لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَكَوْنُهُ يُثِيرُ الْحَرَارَةَ وَالشَّهْوَةَ إنَّمَا هُوَ فِي ابْتِدَائِهِ، فَإِنْ لَمْ تَنْكَسِرْ بِهِ تَزَوَّجَ، وَلَا يَكْسِرُهَا بِنَحْرِ كَافِرٍ بَلْ يُكْرَه لَهُ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَنَقَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْخِصَاءِ إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ الشَّهْوَةَ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ يُفَتِّرُهَا فِي الْحَالِ، وَلَوْ أَرَادَ إعَادَتَهَا بِاسْتِعْمَالِ ضِدِّ الْأَدْوِيَةِ لَأَمْكَنَهُ ذَلِكَ، وَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ مِنْ الْحُرْمَةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يُوهِمُهُ (قَوْلُهُ: صَحَّ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ اسْتِخْدَامًا (قَوْلُهُ: وَدَعْوَى أَنَّهَا) أَيْ قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَنْكِحَ وَقَوْلُهُ: دُونُ الْأَوْلَى أَيْ قَوْلُهُ: اُسْتُحِبَّ تَرْكُهُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا) وَهُوَ مُتَّجِهٌ إذْ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُمَا وَاحِدٌ هُوَ الطَّلَبُ الْغَيْرُ الْجَازِمِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ تَأَكُّدٍ وَعَدَمِهِ. ا. هـ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَحَمَلُوا الْأَمْرَ) أَيْ الْأَكْثَرُونَ (قَوْلُهُ: أَصَحُّ) أَصَحُّ خَبَرٍ قَوْلُهُ: وَدَلِيلُنَا (قَوْلُهُ: وَيَكْسِرُ إرْشَادًا) وَمَعَ ذَلِكَ يُثَابُ؛ لِأَنَّ الْإِرْشَادَ الرَّاجِعَ إلَى تَكْمِيلٍ شَرْعِيٍّ كَالْعِفَّةِ هُنَا كَالشَّرْعِيِّ خِلَافًا لِمَنْ أَخَذَ بِإِطْلَاقِ أَنَّ الْإِرْشَادَ نَحْوَ {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] لَا ثَوَابَ فِيهِ اهـ حَجّ.
وَهُوَ يُفِيدُ حَيْثُ رَجَعَ لِتَكْمِيلٍ شَرْعِيٍّ لَا يَحْتَاجُ لِقَصْدِ الِامْتِثَالِ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ لِذَلِكَ فَلَا ثَوَابَ فِيهِ، وَإِنْ قَصَدَ الِامْتِثَالَ، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي بَابِ الْمِيَاهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُكْرَهُ الْمُشَمَّسُ مَا نَصُّهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ: التَّحْقِيقُ أَنَّ فَاعِلَ الْإِرْشَادِ لِمُجَرَّدِ غَرَضِهِ لَا يُثَابُ، وَمُجَرَّدُ الِامْتِثَالِ يُثَابُ، وَلَهُمَا يُثَابُ ثَوَابًا أَنْقَصُ مِنْ ثَوَابِ مَنْ مَحَّضَ قَصْدَ الِامْتِثَالِ. ا. هـ (قَوْلُهُ: بِالصَّوْمِ) وَلَا دَخْلَ لِلصَّوْمِ فِي الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: تَزَوَّجَ) أَيْ مَعَ الِاحْتِيَاجِ وَعَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ تَرْضَ الْمَرْأَةُ بِذِمَّتِهِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَهْرِ تُكَلَّفَهُ بِالِاقْتِرَاضِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْسِرُهَا بِنَحْوِ كَافُورٍ إلَخْ) وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ التَّسَبُّبِ فِي إلْقَاءِ النُّطْفَةِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهَا فِي الرَّحِمِ فَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْزَدِيُّ يَجُوزُ إلْقَاءُ النُّطْفَةِ وَالْعَلَقَةِ، وَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي الْإِحْيَاءِ فِي مَبْحَثِ الْعَزْلِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ الِاسْتِقْرَارِ آيِلَةٌ إلَى التَّخَلُّقِ الْمُهَيَّأِ لِنَفْخِ الرُّوحِ وَلَا كَذَلِكَ الْعَزْلُ اهـ حَجّ.
وَحَكَى الشَّارِحُ خِلَافًا فِي كِتَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَأَطَالَ فِيهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ ثَمَّ اعْتِمَادُ عَدَمِ الْحُرْمَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: إنْ غَلَبَ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
فِي كَلَامِهِ مَرْجِعٌ، بِخِلَافِ حَجّ فَإِنَّهُ قَدَّمَ الْمَدْفُوعَ الْآتِيَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ حَاكِيًا لَهُ بِقِيلَ فَصَحَّ رُجُوعُ الضَّمِيرِ فِيهِ إلَى الْقَائِلِ الْمَفْهُومِ مِنْ قِيلَ (قَوْلُهُ: يَرُدُّهُ قَوْلُنَا: أَيْ تَائِقٌ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: بَلْ لَا حَاجَةَ لِلتَّفْسِيرِ بِقَوْلِهِ: أَيْ تَائِقٌ إلَخْ لِصِحَّةِ التَّفْسِيرِ: أَيْ إلَى النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ الْعَقْدُ لِكَوْنِهِ طَرِيقًا لِلْوَطْءِ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْحَاجَةَ لِلشَّيْءِ حَاجَةٌ لِطَرِيقِهِ (قَوْلُهُ: نَوْعٌ مِنْ الْخِصَاءِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ نَوْعٌ مِنْ الِاخْتِصَاءِ. اهـ.
وَلَعَلَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ مُحَرَّفَةٌ عَنْهَا مِنْ الْكَتَبَةِ.
مَحْمُولٌ عَلَى الْقَطْعِ لَهَا مُطْلَقًا (فَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ) أَيْ يَتَّقِ (لَهُ) أَيْ لِلنِّكَاحِ بِعَدَمِ تَوَقَانِهِ لِلْوَطْءِ خِلْقَةً أَوْ لِعَارِضٍ وَلَا عِلَّةَ بِهِ (كُرِهَ) لَهُ (إنْ فَقَدَ الْأُهْبَةَ) لَا الْتِزَامُهُ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ بِلَا حَاجَةٍ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ نِكَاحِ السَّفِيهِ الْحَاجَةُ فَلَا يُرَدُّ هُنَا (وَإِلَّا) بِأَنْ وَجَدَ الْأُهْبَةَ مَعَ عَدَمِ حَاجَتِهِ لِلنِّكَاحِ (فَلَا) يُكْرَهُ لَهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، وَمَقَاصِدُهُ لَا تَنْحَصِرُ فِي الْوَطْءِ، بَلْ بَحَثَ جَمْعٌ نَدْبَهُ لِحَاجَةِ تَأَنُّسٍ وَخِدْمَةٍ.
وَكَلَامُهُمْ يَأْبَاهُ (لَكِنَّ الْعِبَادَةَ) أَيْ التَّخَلِّي لَهَا مِنْ الْمُتَعَبِّدِ (أَفْضَلُ) مِنْهُ اهْتِمَامًا بِشَأْنِهَا، وَقَدَّرْنَا مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ ذَاتَ الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ مِنْ ذَاتِ النِّكَاحِ قَطْعًا، وَيَصِحُّ عَدَمُ التَّقْدِيرِ، وَيَكُونُ " أَفْضَلُ " بِمَعْنَى فَاضِلٍ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَمَا اقْتَضَاهُ ذَلِكَ مِنْ أَنَّ النِّكَاحَ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ، وَلَوْ لِابْتِغَاءِ النَّسْلِ صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ مُسْتَدِلًّا عَلَى ذَلِكَ بِصِحَّتِهِ مِنْ الْكَافِرِ مَمْنُوعٌ، إذْ صِحَّتُهُ مِنْهُ لَا تَنْفِي كَوْنَهُ عِبَادَةً كَعِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ وَالْعِتْقِ؛ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِهِ، وَالْعِبَادَةُ إنَّمَا تُتَلَقَّى مِنْ الشَّارِعِ، وَأَفْتَى الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ إنْ قُصِدَ بِهِ طَاعَةٌ مِنْ وَلَدٍ صَالِحٍ أَوْ إعْفَافٌ كَانَ مِنْ عَمَلِ الْآخِرَةِ وَيُثَابُ عَلَيْهِ وَإِلَّا كَانَ مُبَاحًا وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْكَلَامَانِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ نِكَاحِهِ صلى الله عليه وسلم.
أَمَّا هُوَ فَقُرْبَةٌ قَطْعًا؛ لِأَنَّ فِيهِ نَشْرُ الشَّرِيعَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَحَاسِنِهِ الْبَاطِنَةِ الَّتِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا الرِّجَالُ، وَمِنْ ثَمَّ وَسَّعَ لَهُ فِي عَدَدِ الزَّوْجَاتِ مَا لَمْ يُوَسِّعْ لِغَيْرِهِ لِيَحْفَظَ كُلَّ مَا لَمْ يَحْفَظْهُ غَيْرُهُ لِتَعَذُّرِ إحَاطَةِ الْعَدَدِ الْقَلِيلِ بِهَا لِكَثْرَتِهَا بَلْ خُرُوجِهَا عَنْ الْحَصْرِ.
(قُلْت: فَإِنْ لَمْ يَتَعَبَّدْ فَالنِّكَاحُ أَفْضَلُ فِي الْأَصَحِّ) مِنْ الْبَطَالَةِ لِئَلَّا تُفْضِيَ بِهِ إلَى الْفَوَاحِشِ، فَأَفْضَلُ هُنَا بِمَعْنَى فَاضِلٍ مُطْلَقًا، وَالثَّانِي تَرْكُهُ أَفْضَلَ مِنْهُ لِلْخَطَرِ فِي الْقِيَامِ بِوَاجِبِهِ، وَفِي الصَّحِيحِ «اتَّقُوا اللَّهَ وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إسْرَائِيلَ كَانَتْ مِنْ النِّسَاءِ» (فَإِنْ وَجَدَ الْأُهْبَةَ وَبِهِ عِلَّةٌ كَهَرَمٍ أَوْ مَرَضٍ دَائِمٍ أَوْ تَعْنِينٍ) كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَنْ يَعِنُّ وَقْتًا دُونَ وَقْتٍ (كُرِهَ) لَهُ النِّكَاحُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِعَدَمِ حَاجَتِهِ مَعَ عَدَمِ تَحْصِينِ الْمَرْأَةِ الْمُؤَدِّي غَالِبًا إلَى فَسَادِهَا، وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ الْإِحْيَاءِ يُسَنُّ لِنَحْوِ مَمْسُوحٍ تَشَبُّهًا بِالصَّالِحِينَ كَمَا يُسَنُّ إمْرَارِ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِ الْأَصْلَعِ، وَقَوْلُ الْفَزَارِيِّ: أَيْ نَهْيٌ وَرَدَ فِي نَحْوِ الْمَجْبُوبِ وَالْحَاجَةُ غَيْرُ مُنْحَصِرَةٍ فِي الْجِمَاعِ، وَمَا اقْتَضَاهُ سِيَاقُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ عَدَمِ مَجِيءِ تِلْكَ الْأَحْكَامِ فِي الْمَرْأَةِ غَيْرُ مُرَادٍ، فَفِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا نَدَبَهُ لِلتَّائِقَةِ وَأَلْحَقَ بِهَا مُحْتَاجَةً لِلنَّفَقَةِ وَخَائِفَةً مِنْ اقْتِحَامِ فَجَرَةٍ، وَفِي التَّنْبِيهِ مَنْ جَازَ لَهَا النِّكَاحُ إنْ احْتَاجَتْهُ نُدِبَ لَهَا وَإِلَّا كُرِهَ، وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ، ثُمَّ نَقَلَ وُجُوبَهُ عَلَيْهَا.
إذَا لَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهَا الْفَجَرَةُ إلَّا بِهِ، وَبِمَا ذَكَرَ عُلِمَ ضَعْفُ قَوْلِ الزَّنْجَانِيِّ يُسَنُّ لَهَا مُطْلَقًا، إذْ لَا شَيْءَ عَلَيْهَا مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْقِيَام بِأَمْرِهَا وَسِتْرِهَا، وَقَوْلُ غَيْرِهِ لَا يُسَنُّ لَهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ عَلَيْهَا حُقُوقًا خَطِيرَةً لِلزَّوْجِ لَا يَتَيَسَّرُ لَهَا الْقِيَامُ بِهَا، وَمِنْ ثَمَّ وَرَدَ الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ عَلِمَتْ مِنْ نَفْسِهَا عَدَمَ الْقِيَامِ بِهَا وَلَمْ تَحْتَجْ إلَيْهِ حُرُمَ عَلَيْهَا اهـ.
وَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا ظَاهِرٌ. .
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ الصَّوْمُ عَلَى الظَّنِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُمْ يَأْبَاهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَقَدَّرْنَا مَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ التَّخَلِّي لَهَا (قَوْلُهُ: وَمَا اقْتَضَاهُ ذَلِكَ) أَيْ التَّقْدِيرُ؟ (قَوْلُهُ: مَمْنُوعٌ) أَيْ مَا اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عِبَادَةً مُطْلَقًا، وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ جَمْعٌ قَالَ بَعْضُهُمْ لِصِحَّتِهِ مِنْ الْكَافِرِ مَمْنُوعٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذْ صِحَّتُهُ مِنْهُ) أَيْ الْكَافِرِ (قَوْلُهُ: وَيُثَابُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَصْدِ وَالنِّكَاحُ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَصَرِيحُ الشَّارِحِ هُنَا خِلَافُهُ، وَهُوَ أَنَّهُ مَعَ قَصْدِ الطَّاعَةِ يُصَيِّرُ نَفْسَهُ طَاعَةً وَعِنْدِ عَدَمِ قَصْدِهَا هُوَ مُبَاحٌ لَكِنَّ قَوْلَهُ: فِيمَا مَرَّ بِعَدَمِ انْعِقَادِهِ يَقْتَضِي بَقَاءَهُ عَلَى إبَاحَتِهِ (قَوْلُهُ: كُرِهَ لَهُ النِّكَاحُ) لَوْ طَرَأَتْ هَذِهِ الْأَحْوَالُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَهَلْ يَلْحَقُ بِالِابْتِدَاءِ أَوْ لَا لِقُوَّةِ الدَّوَامِ؟ تَرَدَّدَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ، وَالثَّانِي هُوَ الْوَجْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَرَدَ فِي نَحْوِ الْمَجْبُوبِ) أَيْ فِي تَزَوُّجِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ نَقَلَ وُجُوبَهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْقِيَامِ بِهَا) أَيْ بِحَاجَتِهِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالنِّكَاحِ كَاسْتِعْمَالِهَا الطِّيبَ إذَا أَمَرَهَا بِهِ وَالتَّزَيُّنِ بِأَنْوَاعِ الزِّينَةِ عِنْدَ أَمْرِهِ وَإِحْضَارِ مَا يُتَزَيَّنُ بِهِ لَهَا، وَلَيْسَ مِنْ الْحَاجَةِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ تَهْيِئَةِ الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ لِلزَّوْجِ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: حَرُمَ عَلَيْهَا)
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(وَيُسْتَحَبُّ دَيِّنَةٌ) بِحَيْثُ يُوجَدُ فِيهَا صِفَةُ الْعَدَالَةِ لَا الْعِفَّةُ عَنْ الزِّنَا فَقَطْ لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك» أَيْ اسْتَغْنَيْت إنْ فَعَلْت أَوْ افْتَقَرْت إنْ لَمْ تَفْعَلْ، وَفِي مُسْلِمَةٍ تَارِكَةٍ لِلصَّلَاةِ وَكِتَابِيَّةٍ تَرَدُّدٌ، فَيَحْتَمِلُ أَنَّ هَذِهِ أَوْلَى لِلْإِجْمَاعِ عَلَى صِحَّةِ نِكَاحِهَا وَبَطَلَانِ نِكَاحِ تِلْكَ لِرِدَّتِهَا عِنْدَ قَوْمٍ، وَيُحْتَمَلُ تِلْكَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ نِكَاحِ هَذِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْإِسْرَائِيلِيَّة؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ الْقَوِيَّ إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْأُولَى لِقَوِيِّ الْإِيمَانِ وَالْعِلْمِ هَذِهِ لِأَمْنِهِ مِنْ فِتْنَتِهَا وَقُرْبِ سِيَاسَتِهِ لَهَا إلَى أَنْ تُسْلِمَ وَلِغَيْرِهِ تِلْكَ لِئَلَّا تَفْتِنَهُ هَذِهِ (بِكْرًا) لِلْأَمْرِ بِهِ مَعَ تَعْلِيلِهِ بِأَنَّهُنَّ أَعْذَبُ أَفْوَاهًا: أَيْ أَلْيَنُ كَلَامًا، أَوْ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ أَطْيَبِيَّتِهِ وَحَلَاوَتِهِ، وَأَنْتَقُ أَرْحَامًا: أَيْ أَكْثَرُ أَوْلَادًا وَأَرْضَى بِالْيَسِيرِ مِنْ الْعَمَلِ: أَيْ الْجِمَاعِ، وَأَغَرَّ غِرَّةً بِالْكَسْرِ: أَيْ أَبْعَدُ مِنْ مَعْرِفَةِ الشَّرِّ وَالتَّفَطُّنِ لَهُ، وَبِالضَّمِّ: أَيْ غُرَّةُ الْبَيَاضِ أَوْ حُسْنُ الْخَلْقِ وَإِرَادَتُهُمَا مَعًا أَجْوَدُ.
نَعَمْ الثَّيِّبُ أَوْلَى لِلْعَاجِزِ عَنْ الِافْتِضَاضِ، وَلِمَنْ عِنْدَهُ عِيَالٌ يَحْتَاجُ إلَى كَامِلَةٍ تَقُومُ عَلَيْهِنَّ كَمَا اسْتَصْوَبَهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ جَابِرٍ لِهَذَا، وَيُنْدَبُ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ أَنْ لَا يُزَوِّجْ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ إلَّا مِنْ بِكْرٍ لَمْ يَتَزَوَّجْ قَطُّ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ عَنْ الْإِينَاسِ بِأَوَّلِ مَأْلُوفٍ مَجْبُولَةٌ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا تَقَرَّرَ مِنْ نَدْبِ الْبِكْرِ وَلَوْ لِلثَّيِّبِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا يُسَنُّ لِلزَّوْجِ وَهَذَا فِيمَا يُسَنُّ لِلْوَلِيِّ (نَسِيبَةٌ) أَيْ مَعْرُوفَةُ الْأَصْلِ طَيِّبَةٌ لِنِسْبَتِهَا إلَى الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ وَتُكْرَهُ بِنْتُ الزِّنَا وَالْفَاسِقِ، وَأَلْحَقَ بِهَا اللَّقِيطَةَ وَمِنْ لَا يُعْرَفْ أَبُوهَا لِخَبَرِ «تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ وَلَا تَضَعُوهَا فِي غَيْرِ الْأَكْفَاءِ» صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَاعْتَرَضَ (لَيْسَتْ قَرَابَةً قَرِيبَةً) لِخَبَرٍ فِيهِ النَّهْيُ عَنْهُ وَتَعْلِيلُهُ بِأَنَّ الْوَلَدَ يَجِيءُ نَحِيفًا لَكِنْ لَا أَصْلَ لَهُ، وَمِنْ ثَمَّ نَازَعَ جَمْعٌ فِي هَذَا الْحُكْمِ بِأَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ وَبِإِنْكَاحِهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَيُرَدُّ بِأَنَّ نَحَافَةَ الْوَلَدِ النَّاشِئَةِ غَالِبًا عَنْ الِاسْتِحْيَاءِ مِنْ الْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ مَعْنًى ظَاهِرٌ يَصْلُحُ أَصْلًا لِذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِالْقَرِيبَةِ مَنْ هِيَ فِي أَوَّلِ دَرَجَاتِ الْخُؤُولَةِ وَالْعُمُومَةِ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ ابْنِ عَمٍّ فَهِيَ بَعِيدَةٌ وَنِكَاحُهَا أَوْلَى مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ لِانْتِفَاءِ ذَلِكَ الْمَعْنَى مَعَ حُنُوِّ الرَّحِمِ، وَتَزَوُّجُهُ صلى الله عليه وسلم لِزَيْنَبِ بِنْتِ جَحْشٍ مَعَ كَوْنِهَا بِنْتَ عَمَّتِهِ لِمَصْلَحَةِ حِلِّ نِكَاحِ زَوْجَةِ الْمُتَبَنَّى، وَتَزْوِيجُهُ زَيْنَبَ بِنْتَهُ لِأَبِي الْعَاصِ مَعَ أَنَّهَا بِنْتُ خَالَتِهِ بِتَقْدِيرِ وُقُوعِهِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ وَاقِعَةُ حَالٍ فِعْلِيَّةٍ فَاحْتِمَالُ كَوْنِهِ لِمَصْلَحَةٍ يُسْقِطهَا، وَكُلٌّ مِمَّا ذُكِرَ مُسْتَقِلٌّ بِالنَّدْبِ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الرَّجُلُ
(قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذِهِ) أَيْ الْكِتَابِيَّةَ (قَوْلُهُ: وَبُطْلَانُ نِكَاحِ تِلْكَ) أَيْ تَارِكَةِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: كَرِدَّتِهَا عِنْدَ قَوْمٍ) نَسَبَ غَيْرُ الشَّارِحِ هَذَا الْقَوْلَ إلَى أَحْمَدَ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مُجَرَّدَ التَّرْكِ رِدَّةٌ.
وَالْمَنْقُولُ فِي مَذْهَبِهِمْ خِلَافُهُ. قَالَ فِي مُنْتَهَى الْإِرَادَاتِ: وَمَنْ تَرَكَهَا وَلَوْ جَهْلًا وَعُرِّفَ فَعَلِمَ وَأَصَرَّ كَفَرَ وَكَذَا تَهَاوُنًا وَكَسَلًا إذَا دَعَاهُ إمَامٌ أَوْ نَائِبُهُ لِفِعْلِهَا وَأَبَى حَتَّى تَضَايَقَ وَقْتُ الَّتِي بَعْدَهَا وَيُسْتَتَابُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ تَابَ بِفِعْلِهَا وَإِلَّا ضُرِبَ عُنُقُهُ.
قَالَ شَارِحُهُ: وَلَا قَتْلَ وَلَا تَكْفِيرَ قَبْلَ الدُّعَاءِ، وَكَذَا قَالَ صَاحِبُ الْإِقْنَاعِ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَنَابِلَةِ أَيْضًا، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ النِّسَاءَ الْمَوْجُودَاتِ فِي زَمَنِنَا أَنْكِحَتُهَا صَحِيحَةٌ حَتَّى عِنْدَ أَحْمَدَ رضي الله عنه (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ تِلْكَ) أَيْ تَارِكَةُ الصَّلَاةِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: هَذِهِ) أَيْ الْكِتَابِيَّةُ وَلِغَيْرِهِ تِلْكَ: أَيْ تَارِكَةُ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: أَكْثَرُ أَوْلَادًا) قَالَ حَجّ: وَأَسْخَنُ أَقْبَالًا اهـ (قَوْلُهُ: أَيْ غُرَّةُ الْبَيَاضِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ بِنْتُ الزِّنَا وَالْفَاسِقِ) أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُعَيَّرُ بِهَا لِدَنَاءَةِ أَصْلِهَا وَرُبَّمَا اكْتَسَبَتْ مِنْ طِبَاعِ أَبِيهَا (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا أَصْلَ لَهُ) أَيْ لِلْخَبَرِ (قَوْلُهُ: يَصْلُحُ أَصْلًا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ، وَقَوْلُهُ: لِذَلِكَ: أَيْ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: يُسْقِطُهَا) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَاحْتِمَالُ كَوْنِهِ (قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِمَّا ذُكِرَ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَيْ غُرَّةُ الْبَيَاضِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: اُنْظُرْ الْمُرَادَ فَإِنَّ الْأَلْوَانَ لَا تَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِ الْبَكَارَةِ وَالثُّيُوبَةِ انْتَهَى.
وَقَدْ يُقَالُ: لَا مَانِعَ مِنْ نَقْصِ بِهَائِهَا وَإِشْرَاقِهَا بِزَوَالِ الْبَكَارَةِ وَإِنْ لَمْ يُدْرَكْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: يَصْلُحُ أَصْلًا لِذَلِكَ) نَظَرَ فِيهِ
وَيُنْدَبُ كَوْنُهَا وَدُودًا وَلُودًا وَيُعْرَفُ فِي الْبِكْرِ بِأَقَارِبِهَا، وَوَافِرَةُ الْعَقْلِ وَحَسَنَةُ الْخُلُقِ وَكَذَا بَالِغَةٌ وَفَاقِدَةُ وَلَدٍ مِنْ غَيْرِهِ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ، وَحَسْنَاءُ وَالْمُرَادُ بِالْجَمَالِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْوَصْفُ الْقَائِمُ بِالذَّاتِ الْمُسْتَحْسَنُ عِنْدَ ذَوِي الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ نَعَمْ تُكْرَهُ ذَاتُ الْجَمَالِ الْمُفْرِطِ؛ لِأَنَّهَا تَزْهُو بِهِ وَتَتَطَلَّعُ إلَيْهَا أَعْيُنُ الْفَجَرَةِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَحْمَدُ: مَا سَلِمَتْ ذَاتُ جَمَالٍ قَطُّ وَخَفِيفَةُ الْمَهْرِ، وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ ظَاهِرَةٍ، وَيُقَاسُ بِالزَّوْجَةِ السُّرِّيَّةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ، وَأَنْ لَا تَكُونَ شَقْرَاءَ، قِيلَ الشُّقْرَةُ بَيَاضٌ نَاصِعٌ يُخَالِطُهُ نُقَطٌ فِي الْوَجْهِ لَوْنُهَا غَيْرُ لَوْنِهِ، وَلَا ذَاتَ مُطَلَّقٍ لَهَا إلَيْهِ رَغْبَةٌ أَوْ عَكْسُهُ وَلَا فِي حِلِّهَا لَهُ خِلَافٌ كَأَنْ زَنَى أَوْ تَمَتَّعَ بِأُمِّهَا أَوْ بِهَا فَرْعُهُ أَوْ أَصْلُهُ أَوْ شَكٌّ بِنَحْوِ رِضَاعٍ.
وَفِي حَدِيثٍ عِنْدَ الدَّيْلَمِيِّ وَالْخَطَّابِيِّ «النَّهْيُ عَنْ نِكَاحِ الشَّهْبَرَةِ الزَّرْقَاءِ الْبَذِيَّةِ، وَاللَّهْبَرَةِ الطَّوِيلَةِ الْمَهْزُولَةِ، وَالنَّهْبَرَةِ الْقَصِيرَةِ الذَّمِيمَةِ، أَوْ الْعَجُوزِ الْمُدْبِرَةِ» .
وَالْهَنْدَرَةِ: الْعَجُوزُ الْمُدَبَّرَةِ أَوْ الْمُكْثِرَةِ لِلْهَذْرِ: أَيْ الْكَلَامِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، أَوْ الْقَصِيرَةِ الذَّمِيمَةِ، وَلَوْ تَعَارَضَتْ تِلْكَ الصِّفَاتُ فَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ ذَاتِ الدِّينِ مُطْلَقًا ثُمَّ الْعَقْلُ وَحُسْنُ الْخُلُقِ ثُمَّ النَّسَبُ ثُمَّ الْبَكَارَةُ ثُمَّ الْوِلَادَةُ ثُمَّ الْجَمَالُ ثُمَّ مَا الْمَصْلَحَةُ فِيهِ أَظْهَرُ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ.
وَيُسَنُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِي شَوَّالٍ، وَأَنْ يَدْخُلَ فِيهِ، وَأَنْ يَعْقِدَ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَنْ يَكُونَ مَعَ جَمْعٍ وَأَوَّلَ النَّهَارِ.
(وَإِذَا)(قَصَدَ نِكَاحَهَا) وَرَجَا الْإِجَابَةَ رَجَاءً ظَاهِرًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ لَا يَجُوزُ إلَّا عِنْدَ غَلَبَةِ الظَّنِّ الْمُجَوِّزِ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِخُلُوِّهَا عَنْ نِكَاحٍ وَعِدَّةٍ تُحَرِّمُ التَّعْرِيضَ وَإِلَّا فَغَايَةُ النَّظَرِ مَعَ عِلْمِهَا بِهِ كَوْنُهُ كَالتَّعْرِيضِ، فَإِطْلَاقُ الْحُرْمَةِ حَيْثُ كَانَ بِإِذْنِهَا أَوْ مَعَ عِلْمِهَا بِأَنَّهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ مِنْ دَيِّنَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ كَوْنُهَا وَدُودًا) أَيْ مُتَحَبِّبَةٌ لِلزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَحَسْنَاءَ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ: أَيْ بِحَسَبِ طَبْعِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْعِفَّةُ، وَهِيَ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: مَا سَلِمَتْ ذَاتُ جَمَالٍ قَطُّ) أَيْ مِنْ فِتْنَةٍ أَوْ تَطَلُّعِ فَاجِرٍ إلَيْهَا أَوْ تَقَوُّلِهِ عَلَيْهَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى امْرَأَةٍ) أَيْ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ) وَمِنْهَا تَوَهُّمُ حُصُولِ وَلَدٍ مِنْهَا وَاحْتِيَاجُهُ لِلْخِدْمَةِ (قَوْلُهُ: وَيُقَاسُ بِالزَّوْجَةِ السُّرِّيَّةِ) أَيْ حَتَّى فِي النَّسَبِ فَتُقَدَّمُ الْإِسْرَائِيلِيَّة عَلَى غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ الْعَجُوزُ الْمُدَبَّرَةُ) أَيْ الَّتِي تَغَيَّرَتْ أَحْوَالُهَا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ ذَاتِ الدِّينِ مُطْلَقًا) أَيْ جَمِيلَةٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْوِلَادَةِ) فِي حَجّ تَقْدِيمُ الْوِلَادَةِ عَلَى شَرَفِ النِّسَاءِ (قَوْلُهُ: بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ) قَالَ حَجّ: تَنْبِيهٌ كَمَا يُسَنُّ تَحَرِّي هَذِهِ الصِّفَاتِ فِيهَا يُسَنُّ لَهَا وَلِوَلِيِّهَا تَحَرِّيهَا فِيهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ ا. هـ. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِي شَوَّالٍ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ «لِقَوْلِ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَوَّالٍ وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ» وَبِهَذَا الْحَدِيثِ رُدَّ مَا كَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ عَلَيْهِ وَمَا تَحْكِيهِ بَعْضُ الْعَوَامّ الْيَوْمَ مِنْ كَرَاهَةِ التَّزَوُّجِ، وَالتَّزْوِيجِ وَالدُّخُولِ فِي شَوَّالٍ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ، وَهُوَ مِنْ آثَارِ الْجَاهِلِيَّةِ، كَانُوا يَتَطَيَّرُونَ بِذَلِكَ لِمَا فِي اسْمِ شَوَّالٍ مِنْ الْإِشَالَةِ وَالرَّفْعِ اهـ.
وَصَحَّ التَّرْغِيبُ فِي صَفَرٍ أَيْضًا.
رَوَى الزُّهْرِيُّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَوَّجَ ابْنَتَهُ فَاطِمَةَ عَلِيًّا فِي شَهْرِ صَفَرٍ عَلَى رَأْسِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ الْهِجْرَةِ» اهـ بَهْنَسِيٌّ.
وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلَهُ: وَيُسَنُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِي شَوَّالٍ: أَيْ حَيْثُ كَانَ يُمْكِنُهُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ عَلَى السَّوَاءِ، فَإِنْ وُجِدَ سَبَبٌ لِلنِّكَاحِ فِي غَيْرٍ فَعَلَهُ
(قَوْلُهُ: تُحَرِّمُ التَّعْرِيضِ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
الشِّهَابُ سم بِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْحُكْمِ مِنْ أَصْلِ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ (قَوْلُهُ: إلَّا لِمَصْلَحَةٍ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ شَكٌّ) عَطْفٌ عَلَى خِلَافٍ
(قَوْلُهُ: وَعِدَّةٍ تُحَرِّمُ التَّعْرِيضَ وَإِلَّا فَغَايَةُ النَّظَرِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَعِدَّةٌ تُحَرِّمُ التَّعْرِيضَ كَالرَّجْعِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ تُحَرِّمْهُ جَازَ النَّظَرُ وَإِنْ عُلِمَتْ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ كَالتَّعْرِيضِ قَالَ الشِّهَابُ سم: فِيهِ
لِرَغْبَتِهِ فِي نِكَاحِهَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذُكِرَ (سُنَّ نَظَرُهُ إلَيْهَا) لِلْأَمْرِ بِهِ فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ مَعَ تَعْلِيلِهِ بِأَنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَهُمَا: أَيْ تَدُومَ الْمَوَدَّةُ وَالْأُلْفَةُ، وَقِيلَ مِنْ الْأُدْمِ؛ لِأَنَّهُ يُطَيِّبُ الطَّعَامَ وَنَظَرُهَا إلَيْهِ كَذَلِكَ وَوَقْتُهُ (قَبْلَ الْخِطْبَةِ) لَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرُدُّ أَوْ يُعْرِضْ فَحَصَلَ التَّأَذِّي وَالْكَسْرُ، وَمَعْنَى خَطَبَ فِي رِوَايَةٍ أَرَادَ لِلْخَبَرِ الْآخَرِ «إذَا أَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا» .
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ بَقَاءُ نَدْبِ النَّظَرِ وَإِنْ خَطَبَ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَدَعْوَى الْإِبَاحَةِ بَعْدهَا فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ، إلَّا مَا أَذِنَ فِيهِ الشَّارِعُ، وَهُوَ لَمْ يَأْذَنْ إلَّا قَبْلَ الْخِطْبَةِ مَمْنُوعٌ ذَلِكَ الْحَصْرُ، بَلْ يُؤْخَذُ مِنْ مَجْمُوعِ الْخَبَرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ إذْنُهُ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَوْلَى (وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ) هِيَ وَلَا وَلِيُّهَا اكْتِفَاءً بِإِذْنِهِ صلى الله عليه وسلم، فَفِي رِوَايَةٍ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَعْلَمُ، بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الْأَوْلَى عَدَمُ عِلْمِهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَتَزَيَّنْ لَهُ بِمَا يَغُرُّهُ وَلَمْ يَنْظُرْ لِاشْتِرَاطِ مَالِكٍ إذْنِهَا كَأَنَّهُ لِمُخَالَفَتِهِ لِلرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ (وَلَهُ تَكْرِيرُ نَظَرِهِ) وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ فِيمَا يَظْهَرُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ هَيْئَتُهَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اكْتَفَى بِنَظْرَةٍ حَرُمَ مَا زَادَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ نَظَرٌ أُبِيحَ لِضَرُورَةٍ فَلْيَتَقَيَّدْ بِهَا، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَخَافَ الْفِتْنَةِ أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالرُّويَانِيُّ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ فِي حَالَةِ الشَّهْوَةِ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَا يَنْظُرُ) مِنْ الْحُرَّةِ (غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ) ظَهْرًا وَبَطْنًا مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إلَى الْكُوعِ بِلَا مَسِّ شَيْءٍ مِنْهُمَا لِدَلَالَةِ الْوَجْهِ عَلَى الْجَمَالِ وَالْكَفَّيْنِ عَلَى خِصْبِ الْبَدَنِ، وَاشْتِرَاطُ النَّصِّ وَكَثِيرِينَ سِتْرُ مَا عَدَاهُمَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَنْعُ نَظَرِ غَيْرِهِمَا أَوْ نَظَرِهِمَا إنْ أَدَّى إلَى نَظَرِ غَيْرِهِمَا وَرُؤْيَتُهُمَا مَعَ عَدَمِ عِلْمِهَا لَا تَسْتَلْزِمُ تَعَمُّدَ رُؤْيَةِ مَا عَدَاهُمَا، فَانْدَفَعَ مَا مَالَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْجُمْهُورِ الْجَوَازُ مُطْلَقًا سَتَرَتْ أَوْ لَا، وَتَوْجِيهُهُ بِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهَا مَعَ عَدَمِ عِلْمِهَا لَا تَسْتُرُ مَا عَدَاهُمَا وَبِأَنَّ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ يَسُدُّ بَابَ النَّظَرِ.
أَمَّا مَنْ فِيهَا رِقٌّ فَيَنْظُرُ مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَالَ إنَّهُ مَفْهُومُ كَلَامِهِمْ: أَيْ تَعْلِيلُهُمْ عَدَمِ حِلِّ مَا عَدَا الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ بِأَنَّهُ عَوْرَةٌ وَسَبَقَهُ لِذَلِكَ الرُّويَانِيُّ، وَلَا يُعَارِضُهُ مَا يَأْتِي أَنَّهَا كَالْحُرَّةِ فِي نَظَرِ الْأَجْنَبِيِّ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ النَّظَرَ هُنَا مَأْمُورٌ بِهِ، وَلَوْ مَعَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ فَأُنِيطَ بِمَا عَدَا عَوْرَةِ الصَّلَاةِ، وَفِيمَا يَأْتِي مَنُوطٌ بِخَوْفِ الْفِتْنَةِ، وَهُوَ جَارٍ فِيمَا عَدَاهُمَا مُطْلَقًا وَإِذَا لَمْ تُعْجِبْهُ يَسْكُتُ وَلَا يَقُولُ لَا أُرِيدُهَا وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَنْعُ خِطْبَتِهَا؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ إذَا طَالَ وَأَشْعَرَ بِالْإِعْرَاضِ جَازَتْ كَمَا يَأْتِي، وَضَرَرُ الطُّولِ دُونَ ضَرَرِ قَوْلِهِ لَا أُرِيدُهَا فَاحْتُمِلَ، وَمَنْ لَا يَتَيَسَّرُ لَهُ النَّظَرُ أَوْ لَا يُرِيدُهُ بِنَفْسِهِ كَمَا أَطْلَقَهُ جَمْعٌ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُرْسِلَ مَنْ يَحِلُّ لَهُ نَظَرُهَا لِيَتَأَمَّلَهَا وَيَصِفَهَا لَهُ وَلَوْ بِمَا لَا يَحِلُّ لَهُ نَظَرُهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْخَبَرِ فَيَسْتَفِيدُ بِالْبَعْثِ مَا لَا يَسْتَفِيدُ بِالنَّظَرِ، وَهَذَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ بِأَنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً (قَوْلُهُ: وَالْأُلْفَةُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: سَنَّ نَظَرُهُ إلَيْهَا إلَخْ) وَخَرَجَ بِإِلَيْهَا نَحْوُ وَلَدِهَا الْأَمْرَدِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ نَظَرُهُ وَإِنْ بَلَغَهُ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الْحُسْنِ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ اهـ حَجّ.
وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْجَوَازُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: الْخَبَرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ) هُمَا قَوْلُهُ: خَطَبَ، وَقَوْلُهُ: إذَا أَلْقَى اللَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَخَافَ الْفِتْنَةَ) أَيْ وَلَوْ مَعَ الشَّهْوَةِ (قَوْلُهُ: لَا تَسْتَلْزِمُ تَعَمُّدَ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ اتَّفَقَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِلنَّظَرِ وَجَبَ الْغَضُّ سَرِيعًا، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَتَى نَظَرَ إلَيْهَا أَدَّى ذَلِكَ إلَى نَظَرِ غَيْرِهِمَا حَرُمَ النَّظَرُ وَبَعَثَ إلَيْهَا مَنْ يَصِفُهَا لَهُ إنْ أَرَادَ (قَوْلُهُ: مَنْ يَحِلُّ لَهُ) أَيْ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً كَأَخِيهَا أَوْ مَمْسُوحٍ يُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَا لَا يَحِلُّ لَهُ نَظَرُهُ) كَالصَّدْرِ وَبَقِيَ مَا لَوْ ارْتَكَبَتْ الْحُرْمَةَ وَرَأَتْ الْعَوْرَةَ هَلْ يَجُوزُ لَهَا وَصَفُّهَا لِلْخَاطِبِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ،
ــ
[حاشية الرشيدي]
تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ: وَنَظَرُهَا إلَيْهِ كَذَلِكَ) أَيْ فَتَنْظُرُ مِنْهُ مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: لَا بَعْدَهَا) يُنَاقِضُهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ بَقَاءُ نَدْبِ النَّظَرِ وَإِنْ خَطَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا الْأَصْلُ) لَعَلَّ هَذَا الْمُدَّعِي مِمَّنْ يَرَى إبَاحَةَ النَّظَرِ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ الْآتِي فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَنْعُ خِطْبَتِهَا) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ نَظَرُهُ بَعْدَ الْخُطْبَةِ، أَمَّا إذَا كَانَ قَبْلَهَا فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ تَرَتُّبُ مَا ذَكَرَ كَمَا لَا يَخْفَى
لِمَزِيدِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ مُسْتَثْنًى مِنْ حُرْمَةِ وَصْفِ امْرَأَةِ امْرَأَةً لِرَجُلٍ.
(وَيَحْرُمُ نَظَرُ فَحْلٍ) وَمَجْبُوبٍ وَخَصِيٍّ وَخُنْثَى إذْ هُوَ مَعَ النِّسَاءِ كَرَجُلٍ وَعَكْسُهُ فَيَحْرُمْ نَظَرُهُ لَهُمَا وَنَظَرُهُمَا لَهُ احْتِيَاطًا، وَإِنَّمَا غَسَّلَاهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِانْقِطَاعِ الشَّهْوَةِ بِالْمَوْتِ فَلَمْ يَبْقَ لِلِاحْتِيَاطِ حِينَئِذٍ مَعْنًى لَا مَمْسُوحٌ كَمَا يَأْتِي (بَالِغٍ) وَلَوْ شَيْخًا هَرِمًا وَمُخَنَّثًا وَهُوَ الْمُتَشَبِّهُ بِالنِّسَاءِ عَاقِلٍ مُخْتَارٍ (إلَى عَوْرَةِ حُرَّةٍ) خَرَجَ مِثَالُهَا فَلَا يَحْرُمُ نَظَرُهُ فِي نَحْوِ مِرْآةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمْعٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَهَا وَلَيْسَ الصَّوْتُ مِنْهَا فَلَا يَحْرُمُ سَمَاعُهُ مَا لَمْ يَخَفْ مِنْهُ فِتْنَةً، وَكَذَا لَوْ الْتَذَّ بِهِ عَلَى مَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الْأَمْرَدُ (كَبِيرَةٍ) بِأَنْ بَلَغَتْ حَدًّا تُشْتَهَى فِيهِ لِذَوِي الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ (أَجْنَبِيَّةٍ) وَهِيَ مَا عَدَا وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا بِلَا خِلَافٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30] ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا حَرُمَ نَظَرُ الْمَرْأَةِ إلَى عَوْرَةِ مِثْلِهَا فَأَوْلَى الرَّجُلُ (وَكَذَا وَجْهُهَا) أَوْ بَعْضُهُ وَلَوْ بَعْضَ عَيْنِهَا (وَكَفِّهَا) أَيْ كُلُّ كَفٍّ مِنْهَا، وَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْأَصَابِعِ إلَى الْمِعْصَمِ (عِنْدَ خَوْفِ فِتْنَةٍ) إجْمَاعًا مِنْ دَاعِيَةٍ نَحْوَ مَسٍّ لَهَا أَوْ خَلْوَةٍ بِهَا وَكَذَا عِنْدَ النَّظَرِ بِشَهْوَةٍ بِأَنْ يَلْتَذَّ بِهِ وَإِنْ أَمِنَ الْفِتْنَةَ قَطْعًا (وَكَذَا عِنْدَ الْأَمْنِ) مِنْ الْفِتْنَةِ فِيمَا يَظُنُّهُ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَوَجَّهَهُ الْإِمَامُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَنْعِ النِّسَاءِ أَنْ يَخْرُجْنَ سَافِرَاتِ الْوُجُوهِ وَبِأَنَّ النَّظَرَ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ وَمُحَرِّكٌ لِلشَّهْوَةِ، فَاللَّائِقُ بِمَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ سَدُّ الْبَابِ وَالْإِعْرَاضُ عَنْ تَفَاصِيلِ الْأَحْوَالِ كَالْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ، وَبِهِ انْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ غَيْرُ عَوْرَةٍ فَكَيْفَ حَرُمَ نَظَرُهُ؛ لِأَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرُ عَوْرَةٍ نَظَرُهُ مَظِنَّةٌ لِلْفِتْنَةِ أَوْ الشَّهْوَةِ فَفَطَمَ النَّاسُ عَنْهُ احْتِيَاطًا، عَلَى أَنَّ السُّبْكِيَّ قَالَ: الْأَقْرَبُ إلَى صَنِيعِ الْأَصْحَابِ أَنَّ وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا عَوْرَةٌ فِي النَّظَرِ
وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ وَنَسَبَهُ الْإِمَامُ لِلْجُمْهُورِ وَالشَّيْخَانِ لِلْأَكْثَرِينَ، وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّهُ الصَّوَابُ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: التَّرْجِيحُ بِقُوَّةِ الْمُدْرِكِ، وَالْفَتْوَى عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ، وَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى مَنْعِ النِّسَاءِ:
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا غَسَّلَاهُ) أَيْ بِشَرْطِ عَدَمِ وُجُودِ مَحْرَمٍ لَهُ (قَوْلُهُ: لِانْقِطَاعِ الشَّهْوَةِ) أَيْ مَعَ احْتِمَالِ كَوْنِهِ كَالْمُغَسَّلِ ذُكُورَةً أَوْ أُنُوثَةً.
فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ تَغْسِيلُ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَبِالْعَكْسِ مَعَ انْقِطَاعِ الشَّهْوَةِ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ: لَا مَمْسُوحَ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَحْلِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْخِصِيَّ وَالْمَجْبُوبَ، وَيَدُلُّ لَهُ مُقَابَلَتُهُ بِالْمَمْسُوحِ الْآتِيَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: عَاقِلٌ مُخْتَارٌ) أَمَّا الْمَجْنُونُ فَلَيْسَ مُخَاطَبًا وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهَا الِاحْتِجَابُ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي وَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّهِ مَنْعُهُ (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ مِرْآةٍ) وَمِنْهُ الْمَاءُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الصَّوْتُ) وَمِنْهُ الزَّغَارِيتُ (قَوْلُهُ: مِنْهَا) أَيْ الْعَوْرَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ الْتَذَّ بِهِ) أَيْ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّ اللَّذَّةَ لَيْسَتْ بِاخْتِيَارٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ مَا لَمْ يَخَفْ مِنْهُ فِتْنَةً (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْعَوْرَةُ (قَوْلُهُ: إلَى الْمِعْصَمِ) فِي نُسْخَةٍ إلَى الْكُوعِ، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: الْمِعْصَمُ وَزَّانُ مِقْوَدِ مَوْضِعُ السِّوَارِ مِنْ السَّاعِدِ اهـ.
وَلَعَلَّ التَّعْبِيرَ بِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمِعْصَمَ شَامِلٌ لِرَأْسِ السَّاعِدِ مِنْ جِهَةِ الْإِبْهَامِ وَالْخِنْصَرِ وَمَا بَيْنَهُمَا، بِخِلَافِ الْكُوعِ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالطَّرَفِ الَّذِي يَلِي الْإِبْهَامَ (قَوْلُهُ: مِنْ دَاعِيَةٍ نَحْوَ مَسٍّ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ ضَابِطَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ أَنْ يَخَافَ أَنْ تَدْعُوهُ نَفْسُهُ إلَى مَسٍّ لَهَا أَوْ خَلْوَةٍ بِهَا (قَوْلُهُ: وَمُحَرِّكٌ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ (قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ بِمَا وَجَّهَ بِهِ الْإِمَامُ، وَقَوْلُهُ: انْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ: أَيْ الْوَجْهَ (قَوْلُهُ: وَالْفَتْوَى عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ) مُعْتَمَدٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: عَاقِلٍ) أَيْ أَمَّا الْمَجْنُونُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لِسُقُوطِ تَكْلِيفِهِ، وَسَيَأْتِي وُجُوبُ الِاحْتِجَابِ عَلَيْهَا مِنْهُ وَمَنْعُ الْوَلِيِّ لَهُ مِنْ النَّظَرِ (قَوْلُهُ: وَ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَرُمَ نَظَرُ الْمَرْأَةِ إلَى عَوْرَةِ مِثْلِهَا فَأَوْلَى الرَّجُلُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: لَكِنَّ الْمُرَادَ بِعَوْرَةِ مِثْلِهَا غَيْرُ الْمُرَادِ بِعَوْرَتِهَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ (قَوْلُهُ: مِنْ دَاعِيَةٍ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْفِتْنَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا عِنْدَ النَّظَرِ بِشَهْوَةٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ التَّرْجِيحُ بِقُوَّةِ الْمُدْرَكِ) قَالَ الشَّارِحُ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ مُرَادُهُ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُدْرَكَ مَعَ مَا فِي الْمِنْهَاجِ كَمَا أَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ. اهـ.
وَأَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ خَبَرُ التَّرْجِيحِ، وَالْمَعْنَى وَالتَّرْجِيحُ عَلَى طِبْقِ مَا فِي الْمِنْهَاجِ مِنْ جِهَةِ قُوَّةِ الْمُدْرَكِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَذْهَبِ فَهُوَ رَاجِحٌ دَلِيلًا وَمَذْهَبًا فَتَأَمَّلْ
أَيْ مَنْعِ الْوُلَاةِ لَهُنَّ مُعَارِضٌ لِمَا حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ سَتْرُ وَجْهِهَا فِي طَرِيقِهَا، وَإِنَّمَا ذَلِكَ سُنَّةٌ، وَعَلَى الرِّجَالِ غَضُّ الْبَصَرِ عَنْهُنَّ لِلْآيَةِ، وَحَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ، وَدَعْوَى بَعْضِهِمْ عَدَمُ التَّعَارُضِ فِي ذَلِكَ إذْ مَنْعُهُنَّ مِنْ ذَلِكَ لَيْسَ لِكَوْنِ السِّتْرِ وَاجِبًا عَلَيْهِنَّ فِي ذَاتِهِ بَلْ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً عَامَّةً وَفِي تَرْكِهِ إخْلَالٌ بِالْمُرُوءَةِ مَرْدُودَةٌ، إذْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَنَّ السِّتْرَ وَاجِبٌ لِذَاتِهِ فَلَا يَتَأَتَّى هَذَا الْجَمْعُ، وَكَلَامُ الْقَاضِي ضَعِيفٌ، وَحَيْثُ قِيلَ بِالْجَوَازِ كُرِهَ، وَقِيلَ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَحَيْثُ قِيلَ بِالتَّحْرِيمِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ حَرُمَ النَّظَرُ إلَى الْمُنْتَقِبَةِ الَّتِي لَا يَبِينُ مِنْهَا غَيْرُ عَيْنَيْهَا وَمَحَاجِرِهَا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ جَمِيلَةً فَكَمْ فِي الْمَحَاجِرِ مِنْ خَنَاجِرِ، وَأَفْهَمَ تَخْصِيصُ الْكَلَامِ بِالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ حُرْمَةَ كَشْفِ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْبَدَنِ، وَمَا اخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ تَبَعًا لِجَمْعٍ مِنْ حِلِّ نَظَرِ وَجْهِ وَكَفٍّ عَجُوزٍ تُؤْمَنُ الْفِتْنَةُ مِنْ نَظَرِهَا لِآيَةِ {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ} [النور: 60] ضَعِيفٌ مَرْدُودٌ بِمَا مَرَّ مِنْ سَدِّ الْبَابِ وَأَنَّ لِكُلِّ سَاقِطَةٍ لَاقِطَةٌ، وَلَا دَلِيلَ فِي الْآيَةِ كَمَا هُوَ جَلِيٌّ بَلْ فِيهَا إشَارَةٌ لِلْحُرْمَةِ بِالتَّقْيِيدِ بِغَيْرِ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ، وَاجْتِمَاعُ أَبِي بَكْرٍ وَأَنَسٍ بِأُمِّ أَيْمَنَ وَسُفْيَانَ وَأَضْرَابِهِ بِرَابِعَةَ رضي الله عنهم لَا يَسْتَلْزِمُ النَّظَرَ، عَلَى أَنَّ مِثْلَ هَؤُلَاءِ لَا يُقَاسُ بِهِمْ غَيْرُهُمْ، وَمِنْ ثَمَّ جَوَّزُوا لِمِثْلِهِمْ الْخَلْوَةَ كَمَا يَأْتِي قُبَيْلَ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(وَلَا يَنْظُرُ مِنْ مَحْرَمِهِ) بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ (بَيْنَ) فِيهِ تَجَوُّزٌ أَوْضَحَهُ قَوْلُهُ الْآتِي إلَّا مَا بَيْنَ (السُّرَّةِ وَرُكْبَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ فَيَحْرُمُ نَظَرُ ذَلِكَ إجْمَاعًا (وَيَحِلُّ) نَظَرُ (مَا سِوَاهُ) حَيْثُ لَا شَهْوَةَ وَلَوْ كَافِرًا؛ لِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ تُحَرِّمُ الْمُنَاكَحَةَ فَكَانَا كَرَجُلَيْنِ وَامْرَأَتَيْنِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ الْكَافِرُ مِنْ قَوْمٍ يَعْتَقِدُونَ حِلَّ الْمَحَارِمِ كَالْمَجُوسِ امْتَنَعَ نَظَرُهُ وَخَلَوْتُهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَأَفَادَ تَعْبِيرُهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: فَكَمْ فِي الْمَحَاجِرِ) جَمْعُ مَحْجِرٍ كَمَجْلِسٍ وَهُوَ مَا يَبْدُو مِنْ النِّقَابِ ا. هـ. مُخْتَارُ.
وَفِي الْقَامُوسِ: الْمَحْجِرُ كَمَجْلِسِ وَمِنْبَرِ الْحَدِيقَةُ وَمِنْ الْعَيْنِ مَا دَارَ بِهَا وَبَدَا مِنْ الْبُرْقُعِ أَوْ مَا يَظْهَرُ مِنْ نِقَابِهَا (قَوْلُهُ: وَمَا اخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ لِكُلِّ سَاقِطَةٍ إلَخْ) أَيْ وَمِنْ أَنَّ لِكُلِّ إلَخْ، فَالْعَجُوزُ الَّتِي لَا تَشْتَهِي قَدْ يُوجَدُ لَهَا مَنْ يُرِيدُهَا وَيَشْتَهِيهَا (قَوْلُهُ: بَلْ فِيهَا إشَارَةٌ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ الْإِشَارَةِ فَإِنَّ ظَاهِرَهَا جَوَازُ النَّظَرِ إنْ لَمْ تَتَبَرَّجْ بِالزِّينَةِ وَمَفْهُومُهَا الْحُرْمَةُ إذَا تَزَيَّنَتْ وَهُوَ عَيْنُ مَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ
(قَوْلُهُ: إلَّا مَا بَيْنَ سُرَّةٍ) فَإِنَّهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُحَرَّمَ نَظَرُ مَا بَيْنَهُمَا لَا نَفْسُ مَعْنَى بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ مَعْنًى لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَدَعْوَى بَعْضِهِمْ) هُوَ حَجّ (قَوْلُهُ: مَرْدُودَةٌ إذْ الظَّاهِرُ كَلَامُهُمَا إلَخْ) هَذَا لَا يُلَاقِي مَا ادَّعَاهُ هَذَا الْبَعْضُ،؛ لِأَنَّ حَاصِلَ دَعْوَاهُ أَنَّ مَا حَكَاهُ الْإِمَامُ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى مَنْعِ النِّسَاءِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ لِوُجُوبِ سَتْرِهَا وَجْهَهَا فِي طَرِيقِهَا وَإِنْ فَهِمَهُ مِنْهُ الْإِمَامُ حَتَّى وَجَّهَهُ بِهِ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلْمَصْلَحَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَهَذَا لَا مَحِيدَ عَنْهُ، وَلَا يَصِحُّ رَدُّهُ بِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمَا مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْمُعَارَضَةَ الَّتِي دَفَعَهَا لَيْسَتْ بَيْنَ الْجَوَازِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَالْحُرْمَةِ وَإِنَّمَا هِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاتِّفَاقِ عَلَى مَنْعِ النِّسَاءِ كَمَا سَبَقَ (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ تَخْصِيصُ الْكَلَامِ بِالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَأَفْهَمَ تَخْصِيصُ حِلِّ الْكَشْفِ بِالْوَجْهِ حُرْمَةَ كَشْفِ مَا عَدَاهُ مِنْ الْبَدَنِ حَتَّى الْيَدِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الْيَدِ؛ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ، وَمُحْتَمَلٌ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَكَشَفَهَا بِخِلَافِ الْوَجْهِ انْتَهَتْ.
وَقَوْلُهُ تَخْصِيصَ حِلِّ الْكَشْفِ بِالْوَجْهِ: أَيْ فِيمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَمَالَ فِي التُّحْفَةِ إلَى تَرْجِيحِهِ، فَكَأَنَّ الشَّارِحَ فَهِمَ أَنَّ مُرَادَهُمْ مَا فِي الْمَتْنِ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِمَا ذَكَرَهُ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ عَلَيْهِ إنَّ مَا فِي الْمَتْنِ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ حِلٍّ وَلَا كَشْفٍ
(قَوْلُهُ: فِيهِ تَجَوُّزٌ) أَيْ حَيْثُ جَعَلَ بَيْنَ مَفْعُولًا بِهِ وَأَخْرَجَهَا عَنْ الظَّرْفِيَّةِ وَهِيَ مِنْ الظُّرُوفِ الْغَيْرِ الْمُتَصَرِّفَةِ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ مَا الْمَانِعُ مِنْ جَعْلِ الْمَفْعُولِ بِهِ مَحْذُوفًا وَالتَّقْدِيرُ وَلَا يَنْظُرُ مِنْ مَحْرَمِهِ شَيْئًا بَيْنَ إلَخْ (قَوْلُهُ امْتَنَعَ نَظَرُهُ وَخَلْوَتُهُ) بِمَعْنَى أَنْ نَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ
كَالرَّوْضَةِ حِلُّ نَظَرِ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ؛ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ عَوْرَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِنَظَرِ الْمَحْرَمِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ اقْتَضَتْ عِبَارَةُ ابْنِ الْمُقْرِي تَبَعًا لِغَيْرِهِ حُرْمَةِ ذَلِكَ (وَقِيلَ) يَحِلُّ نَظَرُ (مَا يَبْدُو فِي الْمِهْنَةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا: أَيْ الْخِدْمَةِ، وَهُوَ الرَّأْسُ وَالْعُنُقُ وَالْيَدَانِ إلَى الْعَضُدَيْنِ وَالرِّجْلَانِ إلَى الرُّكْبَتَيْنِ (فَقَطْ) إذْ لَا ضَرُورَةَ لِنَظَرِ مَا سِوَاهُ.
(وَالْأَصَحُّ حِلُّ)(النَّظَرِ بِلَا شَهْوَةٍ) وَلَا خَوْفِ فِتْنَةٍ (إلَى الْأَمَةِ) وَلَوْ أُمَّ وَلَدٍ وَخَرَجَ بِهَا الْمُبَعَّضَةُ فَكَالْحُرَّةِ قَطْعًا وَقِيلَ عَلَى الْأَصَحِّ: وَالثَّانِي يَحْرُمُ إلَّا مَا يَبْدُو فِي الْمِهْنَةِ إذْ لَا حَاجَةَ، وَالثَّالِثُ يَحْرُمُ نَظَرُهَا كُلُّهَا كَالْحُرَّةِ وَسَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ (إلَّا مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ) فَلَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ عَوْرَتُهَا فِي الصَّلَاةِ فَأَشْبَهَتْ الرَّجُلَ وَالنَّظَرُ بِشَهْوَةٍ حَرَامٌ قَطْعًا لِكُلِّ مَنْظُورٍ إلَيْهِ مِنْ مَحْرَمٍ وَغَيْرِهِ غَيْرُ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ وَالتَّعَرُّضُ لَهُ هُنَا فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ لَيْسَ لِلِاخْتِصَاصِ بَلْ لِحِكْمَةٍ تَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ قَالَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَالْبَعْضُ الَّذِي تَعَرَّضَ لَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَسْأَلَةُ الْأَمَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَالْأَمْرَدِ، وَأَفَادَ بِمَفْهُومِ تَعَرُّضِهِ أَنَّ تَحْرِيمَ نَظَرِ الْأَمَةِ وَالصَّغِيرَةِ بِشَهْوَةٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الرَّافِعِيِّ وَالْمُصَنِّفِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَأَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا فِي الْأَمَةِ وَالْأَمْرَدِ عِنْدَ انْتِفَائِهَا، وَالْحِكْمَةُ مَعَ مَا ذَكَرْته أَنَّ الْأَمَةَ لَمَّا أَنْ كَانَتْ فِي مَظِنَّةِ الِامْتِهَانِ وَالِابْتِذَالِ فِي الْخِدْمَةِ وَمُخَالَطَةِ الرِّجَالِ وَكَانَتْ عَوْرَتُهَا فِي الصَّلَاةِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتهَا فَقَطْ كَالرَّجُلِ رُبَّمَا تَوَهَّمَ جَوَازُ النَّظَرِ إلَيْهَا وَلَوْ بِشَهْوَةٍ لِلْحَاجَةِ، وَأَنَّ الصَّغِيرَةَ لَمَّا أَنْ كَانَتْ لَيْسَتْ مَظِنَّةً لِلشَّهْوَةِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ عَدَمِ تَمْيِيزِهَا رُبَّمَا تُوُهِّمَ جَوَازُ النَّظَرِ إلَيْهَا وَلَوْ بِشَهْوَةٍ، وَأَنَّ الْأَمْرَدَ لَمَّا أَنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الرِّجَالِ وَكَانَتْ الْحَاجَةُ دَاعِيَةً إلَى مُخَالَطَتِهِمْ فِي أَغْلَبِ الْأَحْوَالِ رُبَّمَا تُوُهِّمَ جَوَازُ نَظَرِهِمْ إلَيْهِ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ لِلْحَاجَةِ بَلْ لِلضَّرُورَةِ، فَدَفَعَ تِلْكَ التَّوَهُّمَاتِ بِتَعَرُّضِهِ الْمَذْكُورِ، وَأَفَادَ بِهِ تَحْرِيمَ نَظَرِ كُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إلَى الْآخِرِ بِشَهْوَةٍ إذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا زَوْجِيَّةٌ وَلَا مَحْرَمِيَّةٌ وَلَا سَيِّدِيَّةٌ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَتَحْرِيمُ نَظَرِ كُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ إلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إلَى الْمَرْأَةِ وَالْمَحْرَمِ إلَى مَحْرَمِهِ بِشَهْوَةٍ بِطَرِيقِ الْمُسَاوَاةِ وَنَاهِيَك بِحُسْنِ تَعَرُّضِهِ الْمَذْكُورِ (وَ) الْأَصَحُّ حِلُّ النَّظَرِ (إلَى صَغِيرَةٍ) لَا تُشْتَهَيْ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَظِنَّةٍ لِلشَّهْوَةِ لِجَرَيَانِ النَّاسِ عَلَيْهِ فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ حِكَايَةُ الْخِلَافِ فِيهَا: أَيْ فَضْلًا عَنْ الْإِشَارَةِ لِقُوَّتِهِ يَكَادُ أَنْ يَكُونَ خَرْقًا لِلْإِجْمَاعِ، وَتَجْوِيزُ الْمَاوَرْدِيِّ النَّظَرَ لِمَنْ لَا تُشْتَهَيْ، وَإِنْ بَلَغَتْ تِسْعَ سِنِينَ غَيْرُ حَاصِرٍ، إذْ الْوَجْهُ ضَبْطُهُ بِمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الِاشْتِهَاءِ وَعَدَمُهُ عِنْدَ أَهْلِ الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ فَإِنْ لَمْ تُشْتَهَ لَهُمْ لِتَشَوُّهٍ بِمَا قَدَّرَ فِيمَا يَظْهَرُ زَوَالَ تَشَوُّهِهَا، فَإِنْ كَانَتْ مُشْتَهَاةٌ لَهُمْ حِينَئِذٍ حُرِّمَ نَظَرُهَا وَإِلَّا فَلَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
النَّظَرُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَكَسْرِهَا) أَيْ وَفَتْحِهَا أَيْضًا اهـ دَمِيرِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِكُلِّ مَنْظُورٍ إلَيْهِ) يَشْمَلُ عُمُومُهُ الْجَمَادَاتِ فَيَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهَا بِشَهْوَةٍ (قَوْلُهُ: وَالتَّعَرُّضُ لَهُ) أَيْ النَّظَرُ بِشَهْوَةٍ (قَوْلُهُ: ضَبْطُهُ بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ بَلَغَتْ حَدًّا تَشْتَهِي فِيهِ إلَخْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يَحْرُمُ إلَّا مَا يَبْدُو فِي الْمَهْنَةِ إلَخْ) مَحَلُّ ذِكْرِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الَّذِي هُوَ جُزْءٌ مِنْ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: فَدَفَعَ تِلْكَ التَّوَهُّمَاتِ بِتَعَرُّضِهِ الْمَذْكُورِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: وَأَقُولُ: قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي تَوْجِيهِ التَّقْيِيدِ فِي النَّظَرِ إلَى الْأَمْرَدِ مُقْتَضَاهُ أَنَّ التَّعَرُّضَ لَهُ فِي نَظَرِ الرَّجُلِ إلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إلَى الْمَرْأَةِ أَوْلَى مِنْ التَّعَرُّضِ لَهُ فِي نَظَرِ الْأَمْرَدِ كَمَا لَا يَخْفَى، فَكَانَ يَنْبَغِي التَّعَرُّضُ لَهُ فِيمَا ذُكِرَ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ حُكْمُ نَظَرِ الْأَمْرَدِ بِالْأَوْلَى فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.
وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَالْبَعْضُ الَّذِي تَعَرَّضَ لَهُ الْمُصَنِّفُ إلَى آخِرِ السَّوَادَةِ هُوَ عِبَارَةُ فَتَاوَى وَالِدِهِ بِالْحَرْفِ، لَكِنْ فِي الشَّارِحِ إسْقَاطُ بَعْضِ أَلْفَاظٍ مِنْ الْفَتَاوَى لَا بُدَّ مِنْهَا لَعَلَّهُ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا مَحْرَمِيَّةَ)
وَفَارَقَتْ الْعَجُوزَ بِسَبْقِ اشْتِهَائِهَا وَلَوْ تَقْدِيرًا فَاسْتُصْحِبَ وَلَا كَذَلِكَ الصَّغِيرَةُ (إلَّا)(لِلْفَرْجِ) فَلَا يَحِلُّ نَظَرُهُ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: كَصَاحِبِ الْعِدَّةِ اتِّفَاقًا، وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ دَعْوَى الِاتِّفَاقِ بِأَنَّ الْقَاضِيَ جَوَّزَهُ جَزْمًا فَلَيْسَ ذَلِكَ اتِّفَاقًا بَلْ فِيهِ خِلَافٌ لَا أَنَّهُ رَدٌّ لِلْحُكْمِ كَمَا فَهِمَهُ ابْنُ الْمُقِرِّي كَكَثِيرٍ فَصَرَّحَ بِالْجَوَازِ.
وَأَمَّا فَرْجُ الصَّغِيرِ فَكَفَرْجِ الصَّغِيرَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدَةِ، وَإِنْ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ بِجَوَازِ النَّظَرِ إلَيْهِ إلَى التَّمْيِيزِ، فَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ «أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عِيَاضٍ قَالَ: رُفِعْت إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي صِغَرِي وَعَلَيَّ خِرْقَةٌ وَقَدْ كُشِفَتْ عَوْرَتِي فَقَالَ: غَطُّوا عَوْرَتَهُ فَإِنَّ حُرْمَةَ عَوْرَةِ الصَّغِيرِ كَحُرْمَةِ عَوْرَةِ الْكَبِيرِ، وَلَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَى كَاشِفِ عَوْرَتِهِ» وَاسْتَثْنَى ابْنُ الْقَطَّانِ الْأُمَّ زَمَنَ الرَّضَاعِ وَالتَّرْبِيَةِ لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُلْحَقُ غَيْرُ الْأُمِّ مِمَّنْ يَرْضَعُ بِهَا فِيمَا يَظْهَرُ.
(وَأَنَّ نَظَرَ الْعَبْدِ) الْعَدْلِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ، وَلَا تَكْفِي الْعِفَّةُ عَنْ الزِّنَا فَقَطْ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ غَيْرِ الْمُشْتَرَكِ وَالْمُبَعَّضِ وَغَيْرُ الْمُكَاتَبِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَاضِي وَأَقَرَّهُ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَفَاءٌ خِلَافًا لِلْقَاضِي (إلَى سَيِّدَتِهِ) الْعَفِيفَةِ كَمَا قَالَهُ الْوَاحِدِيُّ وَغَيْرُهُ (وَنَظَرٌ مَسْمُوحٍ) ذَكَرَهُ كُلُّهُ وَأُنْثَيَاهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبْقَى فِيهِ مَيْلٌ لِلنِّسَاءِ أَصْلًا وَإِسْلَامُهُ فِي الْمُسْلِمَةِ وَعَدَالَتُهُ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا لِأَجْنَبِيَّةٍ مُتَّصِفَةٌ بِالْعَدَالَةِ أَيْضًا (كَالنَّظَرِ إلَى مَحْرَمٍ) فَيَنْظُرَانِ مِنْهَا مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَتَنْظُرُ مِنْهُمَا ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ} [النور: 31] وَيَلْحَقَانِ بِالْمَحْرَمِ أَيْضًا فِي الْخَلْوَةِ وَالسَّفَرِ، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: لَا أَحْسَبُ فِي تَحْرِيمِ سَفَرِ الْمَمْسُوحِ مَعَهَا خِلَافًا مَمْنُوعٌ.
قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ دُخُولِهِ عَلَيْهِنَّ بِغَيْرِ حِجَابٍ لَا فِي نَحْوِ حِلِّ الْمَسِّ وَعَدَمِ نَقْضِ الْوُضُوءِ، بِهِ وَإِنَّمَا حَلَّ نَظَرُهُ لِأَمَتِهِ الْمُشْتَرَكَةِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكِيَّةَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ الْعَجُوزَ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ مَا قَدْ يُقَالُ قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْعَجُوزَ لَوْ كَانَتْ شَوْهَاءَ مِنْ صِغَرِهَا وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ بِهَا إلَى أَنْ صَارَتْ عَجُوزًا أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ نَظَرُهَا لِعَدَمِ سَبْقِ الشَّهْوَةِ لَهَا، وَوَجْهُ الدَّفْعِ مَا سَبَقَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي كَلَامِهِ مِنْ أَنَّ الشَّوْهَاءَ إذَا بَلَغَتْ سِنًّا تَشْتَهِي فِيهِ يُفْرَضُ زَوَالُ الشَّهْوَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا الْفَرْجَ) أَيْ قُبُلًا أَوْ دُبْرًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْفَرْجِ مَحَلُّهُ إذَا خُلِقَ بِلَا فَرْجٍ أَوْ قُطِعَ ذَكَرُهُ فَيَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ إعْطَاءً لَهُ حُكْمَ الْفَرْجِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ) إضَافَةٌ بَيَانِيَّةٌ: أَيْ لِلضَّرُورَةِ، وَالتَّعْبِيرُ بِهِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ كَغَيْرِهَا عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ وَلَيْسَ مِنْ الْحَاجَةِ مُجَرَّدُ مُلَاعَبَةِ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ يَرْضَعُ بِهَا) التَّعْبِيرُ بِالْإِرْضَاعِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَالْمَدَارُ عَلَى مَنْ يَتَعَهَّدُ الصَّبِيَّ بِالْإِصْلَاحِ وَلَوْ ذَكَرًا كَإِزَالَةِ مَا عَلَى فَرْجِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ مَثَلًا وَكَدَهْنِ الْفَرْجِ بِمَا يُزِيلُ ضَرَرَهُ، ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يَتَعَاطَى إصْلَاحَهُ بَيْنَ كَوْنِ الْأُمِّ قَادِرَةً عَلَى كَفَالَتِهِ وَاسْتِغْنَائِهَا عَنْ مُبَاشَرَةِ غَيْرِهَا وَعَدَمِهِ
(قَوْلُهُ: الْعَفِيفَةِ) أَيْ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي الْعَبْدِ وَهُوَ الْعَدَالَةُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ أُولِي الْإِرْبَةِ) أَيْ الشَّهْوَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا حَلَّ نَظَرُهُ) أَيْ السَّيِّدِ لِأَمَتِهِ: أَيْ كَمَا تَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي كَلَامِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِلزَّوْجِ النَّظَرُ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَنَحْوَ أَمَةٍ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الصَّوَابُ حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: لِجَرَيَانِ النَّاسِ عَلَيْهِ إلَخْ) يَنْبَغِي ذِكْرُ الْوَاوِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ) أَيْ الصَّغِيرَةُ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لَا أَنَّهُ رَدٌّ لِلْحُكْمِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ اتِّفَاقًا إذْ هُوَ تَفْسِيرٌ لِمَا أَرَادَهُ الْمُصَنِّفُ بِالرَّدِّ، فَكَأَنَّهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ الْمَذْكُورُ: إنَّمَا هُوَ رَدٌّ لِدَعْوَى الِاتِّفَاق فَقَطْ لَا أَنَّهُ رَدٌّ لِلْحُكْمِ
(قَوْلُهُ: الْعَفِيفَةِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهَذَا هُنَا وَبِالْعَدَالَةِ فِيهَا فِيمَا يَأْتِي نَظَرًا إلَى حِلِّ نَظَرِهَا إلَيْهِ الْآتِي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِلتَّقْيِيدِ بِذَلِكَ بِالنَّظَرِ لِمُجَرَّدِ نَظَرِهِ إلَيْهَا حَيْثُ لَمْ تَنْظُرْ إلَيْهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِسْلَامِهِ) مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ أَنْ لَا يَبْقَى (قَوْلُهُ: لَا فِي نَحْوِ حِلِّ الْمَسِّ) كَأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَالنَّظَرِ إلَى مَحْرَمٍ لَكِنْ فِي صِحَّةِ هَذَا الْعَطْفِ وَقْفَةٌ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الْعَبْدَ وَالْمَمْسُوحَ كَالْمَحْرَمِ فِي حِلِّ النَّظَرِ فَقَطْ لَا فِي نَحْوِ الْمَسِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا حَلَّ نَظَرُهُ لِأَمَتِهِ الْمُشْتَرَكَةِ) جَوَابٌ عَمَّا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ
أَقْوَى مِنْ الْمَمْلُوكِيَّةِ فَأُبِيحَ لِلْمَالِكِ مَا لَا يُبَاحُ لِلْمَمْلُوكِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ حِلُّ نَظَرِهَا لِمُكَاتَبِهَا وَلِلْمُشْتَرَكِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا، وَقَدْ صَرَّحُوا بِخِلَافِهِ، فَالْأَوْجَهُ فِي الْفَرْقِ أَنَّ مَلْحَظِ نَظَرِ السَّيِّدَةِ الْحَاجَةُ وَهِيَ مَنْفِيَّةٌ مَعَ الْكِتَابَةِ أَوْ الِاشْتِرَاكِ وَلَا كَذَلِكَ فِي السَّيِّدِ، وَيُؤَيِّدُهُ نَقْلُ الْمَاوَرْدِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْذَانُ إلَّا فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ، وَعَلَّلُوهُ بِكَثْرَةِ حَاجَتِهِ إلَى الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالْمُخَالَطَةِ وَالْمَحْرَمُ الْبَالِغُ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْذَانُ إلَّا فِيهَا فِيمَا يَظْهَرُ كَالْمُرَاهِقِ الْأَجْنَبِيِّ بَلْ أَوْلَى، وَأَطَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مُسَوَّدَةِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَكَثِيرُونَ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ فِي الِانْتِصَارِ لِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ فِي الْعَبْدِ، وَأَجَابُوا عَنْ الْآيَةِ بِأَنَّهَا فِي الْإِمَاءِ الْمُشْرِكَاتِ، وَعَنْ خَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنها اسْتَتَرَتْ مِنْ عَبْدٍ وَهَبَهُ صلى الله عليه وسلم لَهَا وَقَدْ أَتَاهَا بِهِ فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْك بَأْسٌ إنَّمَا هُوَ أَبُوك وَغُلَامُك» بِأَنَّهُ كَانَ صَبِيًّا إذْ الْغُلَامُ يَخْتَصُّ حَقِيقَةً بِهِ، وَبِأَنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ مُحْتَمَلَةٍ وَبِعِزَّةِ الْعَدَالَةِ فِي الْأَحْرَارِ فَبِالْمَمَالِيكِ أَوْلَى مَعَ مَا غَلَبَ بَلْ اطَّرَدَ فِيهِمْ مِنْ الْفِسْقِ وَالْفُجُورِ لَكِنْ بِتَأَمُّلِ مَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ عَدَالَتِهِمَا يَنْدَفِعُ كُلُّ ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْمُرَاهِقَ) بِكَسْرِ الْهَاءِ مَنْ قَارَبَ الِاحْتِلَامَ: أَيْ بِاعْتِبَارِ غَالِبِ سِنِّهِ وَهُوَ قُرْبُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فِيمَا يَظْهَرُ (كَالْبَالِغِ) فَيَلْزَمُهَا الِاحْتِجَابُ مِنْهُ كَالْمَجْنُونِ لِظُهُورِهِ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ.
وَالثَّانِي لَهُ النَّظَرُ كَالْمَحْرَمِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُ وَلِيَّهُ مَنْعُهُ النَّظَرَ كَمَا يَلْزَمُهُ مَنْعُهُ سَائِرَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَلَوْ ظَهَرَ مِنْهُ تَشَوُّفٌ لِلنِّسَاءِ فَكَالْبَالِغِ قَطْعًا، وَالْمُرَاهِقَةُ كَالْبَالِغَةِ، أَمَّا الْمُرَاهِقُ الْمَجْنُونُ فَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ إلْحَاقُ الْمُرَاهِقِ بِالْبَالِغِ بِظُهُورِهِ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَحِكَايَتُهُ لَهَا أَنَّهُ لَيْسَ مِثْلَهُ وَخَرَجَ بِالْمُرَاهِقِ غَيْرُهُ، فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُحْسِنُ حِكَايَةَ مَا يَرَاهُ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ فَكَالْمَحْرَمِ أَوْ بِشَهْوَةٍ فَكَالْبَالِغِ أَوْ لَا يُحْسِنُ ذَلِكَ فَكَالْعَدِمِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ (وَيَحِلُّ نَظَرُ رَجُلٍ إلَى رَجُلٍ) مَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ بِلَا شَهْوَةٍ اتِّفَاقًا (إلَّا مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ) فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ مُطْلَقًا وَلَوْ مِنْ مَحْرَمٍ؛ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ، وَالْمُرَاهِقُ كَالْبَالِغِ نَاظِرًا كَانَ أَوْ مَنْظُورًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ دَلْكُ فَخْذِ الرَّجُلِ بِشَرْطِ حَائِلٍ وَأَمْنِ فِتْنَةٍ وَأُخِذَ مِنْهُ حِلُّ مُصَافَحَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ مَعَ ذَيْنِك؛ وَأَفْهَمَ تَخْصِيصُهُ الْحِلَّ مَعَهُمَا بِالْمُصَافَحَةِ حُرْمَةُ مَسِّ غَيْرِ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ وَلَوْ مَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ وَعَدَمِ الشَّهْوَةِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِأَحَدِهِمَا كَالنَّظَرِ وَحِينَئِذٍ فَيُلْحَقُ بِهَا الْأَمْرَدُ فِي ذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُهُ إطْلَاقُهُمْ حُرْمَةَ مُعَانَقَتِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ الِاشْتِرَاكُ) هُوَ وَاضِحٌ فِيمَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ وَنَظَرَتْ فِي غَيْرِ نَوْبَتِهَا، أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ أَوْ كَانَتْ فَنَظَرَتْ فِي نَوْبَتِهَا فَالْحَاجَةُ مَوْجُودَةٌ، ثُمَّ مَا ذُكِرَ فِي الْمُشْتَرَكِ يَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْمُبَعَّضِ (قَوْلُهُ: إلَّا فِيهَا) أَيْ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ، وَقَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ أَبُوك: أَيْ الدَّاخِلُ، وَقَوْلُهُ: كَالْمَجْنُونِ: أَيْ الْبَالِغِ كَمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ أَمَّا الْمُرَاهِقُ الْمَجْنُونُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ظَهَرَ مِنْهُ) أَيْ الْمُرَاهِقِ بِقَرِينَةٍ دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: دَلْكُ فَخْذِ الرَّجُلِ) أَيْ وَمِثْلُهُ بَقِيَّةُ الْعَوْرَةِ حَتَّى الْفَرْجَ (قَوْلُهُ: مَعَ ذَيْنِك) أَيْ الْحَائِلِ وَأَمْنِ الْفِتْنَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَتِفٍ، لَكِنْ قَالَ سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: لَا يَبْعُدُ تَقْيِيدُهُ بِالْحَائِلِ الرَّقِيقِ بِخِلَافِ الْغَلِيظِ م ر اهـ (قَوْلُهُ: فَيُلْحَقُ بِهَا) أَيْ فِي حُرْمَةِ مَسِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ إطْلَاقُهُمْ حُرْمَةَ إلَخْ) قَدْ يُمْنَعُ التَّأْيِيدُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمُعَانَقَةَ كَالْمُحَقِّقَةِ لِلشَّهْوَةِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ اللَّمْسِ بِالْيَدِ مَعَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
تَقْيِيدِهِ الْعَبْدَ بِغَيْرِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ مُنَافَاتِهِ لِحِلِّ نَظَرِ السَّيِّدِ لِأَمَتِهِ الْمُشْتَرَكَةِ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَلْحَظَ نَظَرِ السَّيِّدَةِ) الْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَا كَذَلِكَ السَّيِّدُ: أَيْ فِي نَظَرِهِ إلَى مَمْلُوكَتِهِ (قَوْلُهُ: وَأُخِذَ مِنْهُ حِلُّ مُصَافَحَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ) الظَّاهِرُ أَنَّ ذِكْرَ الْمُصَافَحَةِ مِثَالٌ وَآثَرَهُ؛ لِأَنَّ الِابْتِلَاءَ بِهِ غَالِبٌ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى قَوْلُ الشَّارِحِ وَأَفْهَمَ تَخْصِيصُهُ إلَخْ وَقَدْ نَقَلَ الشِّهَابُ سم عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ كُلٍّ مِنْ الْمَأْخُوذِ وَالْمَأْخُوذِ مِنْهُ بِالْحَاجَةِ، ثُمَّ قَالَ: قُلْت وَحِينَئِذٍ يُحْتَمَلُ أَنَّ غَيْرَ الْمُصَافَحَةِ كَالْمُصَافَحَةِ (قَوْلُهُ: غَيْرِ وَجْهِهَا) اُنْظُرْ مَا وَجْهُهُ وَاَلَّذِي أَفْهَمَهُ التَّخْصِيصُ حُرْمَةُ مَسِّ الْوَجْهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَيُلْحَقُ بِهَا الْأَمْرَدُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي حُرْمَةِ مَسِّ مَا سِوَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَلَوْ بِحَائِلٍ (قَوْله مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ) بَحَثَ الشِّهَابُ سم
الشَّامِلَةِ لِكَوْنِهَا مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ.
(وَيَحْرُمُ نَظَرُ أَمْرَدَ) وَهُوَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ أَوَانَ طُلُوعِ اللِّحْيَةِ غَالِبًا، وَيَنْبَغِي ضَبْطُ ابْتِدَائِهِ بِحَيْثُ لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَاشْتُهِيَتْ لِلرِّجَالِ مَعَ خَوْفِ فِتْنَةٍ بِأَنْ لَمْ يَنْدُرْ وُقُوعُهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ أَوْ (بِشَهْوَةٍ) إجْمَاعًا وَكَذَا كُلُّ مَنْظُورٍ إلَيْهِ، فَفَائِدَةُ ذِكْرِهَا فِيهِ تَمْيِيزُ طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ، وَضَبَطَ فِي الْإِحْيَاءِ الشَّهْوَةَ بِأَنْ يَتَأَثَّرَ بِجَمَالِ صُورَتِهِ بِحَيْثُ يُدْرِكُ مِنْ نَفْسِهِ فَرْقًا بَيْنَ الْمُلْتَحِي وَبَيْنَهُ، وَقَرِيبٌ مِنْهُ قَوْلُ السُّبْكِيّ هِيَ أَنْ يَنْظُرَ فَيَلْتَذَّ وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِ زِيَادَةَ وَقَاعٍ أَوْ مُقَدِّمَةٍ لَهُ فَذَاكَ زِيَادَةٌ فِي الْفِسْقِ، وَكَثِيرُونَ يَقْتَصِرُونَ عَلَى مُجَرَّدِ النَّظَرِ وَالْمَحَبَّةِ ظَانِّينَ سَلَامَتَهُمْ مِنْ الْإِثْمِ وَلَيْسُوا سَالِمِينَ مِنْهُ (قُلْت وَكَذَا) يَحْرُمُ نَظَرُهُ (بِغَيْرِهَا) أَيْ الشَّهْوَةِ وَلَوْ مَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ (فِي الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ) ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ فَهُوَ كَالْمَرْأَةِ فِي الْكَلَامِ فِي الْجَمِيلِ الْوَجْهِ النَّقِيِّ الْبَدَنِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي التِّبْيَانِ وَغَيْرِهِ بَلْ هُوَ أَشَدُّ إثْمًا مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ لِعَدَمِ حِلِّهِ بِحَالٍ، وَقَدْ حُكِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَلَاءِ قَالَ: كُنْت أَمْشِي مَعَ أُسْتَاذِي يَوْمًا فَرَأَيْت حَدَثًا جَمِيلًا فَقُلْت: يَا أُسْتَاذِي تَرَى يُعَذِّبُ اللَّهُ هَذِهِ الصُّورَةَ؟ فَقَالَ: سَتَرَى غِبَّهُ، فَنَسِيَ الْقُرْآنَ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً. وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ وَإِلَّا لَأَمَرَ الْأَمْرَدَ بِالِاحْتِجَابِ كَالنِّسَاءِ، وَرُدَّ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَشَقَّةِ الصَّعْبَةِ عَلَيْهِمْ وَتَرْكِ الْأَسْبَابِ اللَّازِمِ لَهُ وَعَلَى غَيْرِهِمْ غَضُّ الْبَصَرِ عِنْدَ تَوَقُّعِ الْفِتْنَةِ لَا سِيَّمَا مَعَ مُخَالَطَةِ النَّاسِ لَهُمْ مِنْ عَصْرِ الصَّحَابَةِ إلَى الْآنَ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُمْ لَمْ يُؤْمَرُوا بِغَضِّ الْبَصَرِ عَنْهُمْ فِي كُلِّ حَالٍ كَالنِّسَاءِ بَلْ عِنْدَ تَوَقُّعِ الْفِتْنَةِ.
وَنَازَعَ فِي الْمُهِمَّاتِ فِي الْعَزْوِ لِلنَّصِّ وَقَالَ: الصَّادِرُ مِنْ الشَّافِعِيِّ عَلَى مَا بَيَّنَهُ فِي الرَّوْضَةِ إنَّمَا هُوَ إطْلَاقٌ يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى حَالَةِ الشَّهْوَةِ اهـ.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: لَا أَعْرِفُ هَذَا النَّصَّ لِلشَّافِعِيِّ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي مَعْرِفَتِهِ وَلَا سُنَنِهِ وَلَا مَبْسُوطِهِ، وَتَبِعَهُ الْمَحَامِلِيُّ عَلَى عَدَمِ مَعْرِفَتِهِ لِلنَّصِّ.
وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ أَحَدٌ وَلَيْسَ وَجْهًا ثَانِيًا، فَإِنَّ الْمَوْجُودَ فِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً لَا يَحْرُمُ قَطْعًا، فَإِنْ خَافَ فَوَجْهَانِ، وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ النَّصِّ مَطْعُونٌ فِيهِ. وَلَعَلَّهُ وَقَعَ لِلشَّافِعِيِّ ذَلِكَ عِنْدَ حُصُولِ شَهْوَةٍ أَوْ خَوْفٍ فِتْنَةٍ.
وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِ الشَّهْوَةِ وَعَدَمِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْحَائِلِ
(قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ نَظَرُ أَمْرُدَ) أَيْ وَلَوْ عَلَى أَمْرَدَ مِثْلِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ لِلنَّاسِ لَا جِنْسِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَنْدُرْ وُقُوعُهَا) نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ الْخَوْفِ لَا يَكْفِي فِي الْحُرْمَةِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ الْخَوْفِ، فَإِنَّ الْخَوْفَ يَصْدُقُ بِمُجَرَّدِ احْتِمَالِهِ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ فَلَا بُدَّ مِنْ ظَنِّ الْفِتْنَةِ بِأَنْ كَثُرَ وُقُوعُهَا (قَوْلُهُ: أَوْ بِشَهْوَةٍ) ع وَالظَّاهِرُ أَنَّ شَعْرَ رَأْسِهِ كَبَاقِي بَدَنِهِ فَيَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى شَعْرِهِ الْمُنْفَصِلِ كَالْمُتَّصِلِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَفَائِدَةُ ذِكْرِهَا) أَيْ الشَّهْوَةِ وَقَوْلُهُ: فِيهِ أَيْ الْأَمْرَدِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يُدْرِكُ) أَيْ بِاللَّذَّةِ (قَوْلُهُ: فَرْقًا بَيْن الْمُلْتَحِي) أَيْ بِحَيْثُ تَسْكُنُ نَفْسُهُ إلَيْهِ مَا لَا تَسْكُنُهُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْمُلْتَحِي وَيُوَضِّحُهُ قَوْلُهُ: وَقَرِيبٌ مِنْهُ قَوْلُ السُّبْكِيّ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: زِيَادَةُ وَقَاعٍ هُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِ وِقَاعًا زَائِدًا عَلَى مُجَرَّدِ اللَّذَّةِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ حِلِّهِ بِحَالٍ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَالزِّنَا بِالْمَرْأَةِ أَشَدُّ إثْمًا مِنْ اللِّوَاطِ بِهِ عَلَى الرَّاجِحِ لِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ الزِّنَا مِنْ اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ (قَوْلُهُ: سَتَرَى غِبَّهُ) أَيْ عَاقِبَةَ هَذَا الْكَلَامِ (قَوْلُهُ: وَنَازَعَ فِي الْمُهِمَّاتِ) أَيْ لِلْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ) مُرَادُهُمْ بِهِ الْإسْفَرايِينِيّ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: وَلَا مَبْسُوطِهِ) أَيْ مَعَ اسْتِقْصَائِهِ النُّصُوصَ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ وَقَعَ لِلشَّافِعِيِّ) أَيْ التَّعْبِيرُ بِهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
تَقْيِيدَهُ بِالرَّقِيقِ
(قَوْلُهُ: تَمْيِيزُ طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ) أَيْ مَعَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ الْحِكْمَةِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ) أَيْ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِ (قَوْلُهُ: لَا سِيَّمَا مَعَ مُخَالَطَةِ النَّاسِ لَهُمْ إلَخْ) هَذَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ كَمَا يُدْرَكُ بِالتَّأَمُّلِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُرَدُّ بِهِ اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ) فِي التُّحْفَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَانْظُرْ مَا مُرَادُهُ الَّذِي نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ نَبَّهَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَامِدٍ لَا أَعْرِفُ هَذَا النَّصَّ لِلشَّافِعِيِّ لَكِنْ كَانَ اللَّائِقُ أَنْ يَقُولَ كَمَا
الْفِتْنَةِ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ النَّظَرُ بِلَا خِلَافٍ، وَهَذَا إجْمَاعٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ لِلشَّافِعِيِّ مَا يَخْرِقُ الْإِجْمَاعَ اهـ.
وَقَالَ الشَّارِحُ: لَمْ يُصَرِّحْ هُوَ أَعْنِي الْمُصَنِّفَ وَلَا غَيْرَهُ بِحِكَايَتِهَا فِي الْمَذْهَبِ اهـ.
فَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ اخْتِيَارَاتِهِ لَا مِنْ حَيْثُ الْمَذْهَبُ، وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَشَرْطُ الْحُرْمَةِ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنْ لَا يَكُونَ النَّاظِرُ مَحْرَمًا بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ وَلَا سَيِّدًا، وَأَنْ لَا تَدْعُوَ إلَى نَظَرِهِ حَاجَةٌ، فَإِنْ دَعَتْ كَمَا لَوْ كَانَ لِلْمَخْطُوبَةِ نَحْوَ وَلَدٍ أَمْرَدَ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ رُؤْيَتُهَا وَسَمَاعُ وَصْفِهَا جَازَ لَهُ نَظَرُهُ إنْ بَلَغَهُ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الْحُسْنِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الشَّهْوَةِ وَعَدَمِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ، وَالْأَوْجَهُ حِلُّ نَظَرِ مَمْلُوكِهِ وَمَمْسُوحٍ بِشَرْطِهِمَا الْمَارِّ وَخَرَجَ بِالنَّظَرِ الْمَسُّ فَيَحْرُمُ وَإِنْ حَلَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ أَفْحَشُ وَغَيْرُ مُحْتَاجٍ لَهُ وَالْخَلْوَةُ بِهِ فَتَحْرُمُ لَكِنْ إنْ حَرُمَ النَّظَرُ فِيمَا يَظْهَرُ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَسِّ ظَاهِرٌ (وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْأَمَةَ كَالْحُرَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْأُنُوثَةِ وَخَوْفِ الْفِتْنَةِ، بَلْ جَمَالٌ كَثِيرٍ مِنْ الْإِمَاءِ أَكْثَرُ مِنْ جَمَالِ كَثِيرٍ مِنْ الْحَرَائِرِ فَخَوْفُهَا فِيهِنَّ أَعْظَمُ.
وَأَمَّا ضَرْبُ عُمَرَ رضي الله عنه أَمَةً اسْتَتَرَتْ كَالْحُرَّةِ وَقَوْلُهُ لَهَا أَتَتَشَبَّهِينَ بِالْحَرَائِرِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عِنْدَ حُصُولِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) خِلَافًا لحج.
وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْجَوَازِ بِعَدَالَةِ النَّاظِرِ وَالْمَنْظُورِ إلَيْهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ لَهُ فِي نَظَرِ عَبْدِ الْمَرْأَةِ لَهَا وَنَظَرِ الْمَمْسُوحِ وَمِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَالْأَوْجَهُ حِلُّ نَظَرِ مَمْلُوكِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَحْوَ وَلَدٍ أَمْرَدَ) لَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُشَابَهَةَ فِي الْغَالِبِ إنَّمَا تَقَعُ بَيْنَ نَحْوِ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا، وَإِلَّا فَلَوْ بَلَغَهُ اسْتِوَاءُ الْمَرْأَةِ وَشَخْصٍ أَجْنَبِيٍّ عَنْهَا وَتَعَذَّرَتْ رُؤْيَتُهَا فَيَنْبَغِي جَوَازُ النَّظَرِ إلَيْهِ، وَفِي سم عَلَى حَجّ: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ يَجُوزُ نَظَرُ نَحْوِ أُخْتِهَا لَكِنْ إنْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً فَيَنْبَغِي امْتِنَاعُ نَظَرِهَا بِغَيْرِ رِضَا زَوْجِهَا أَوْ ظَنِّ رِضَاهُ، وَكَذَا بِغَيْرِ رِضَاهَا إذَا كَانَتْ عَزَبًا؛ لِأَنَّ مَصْلَحَتَهَا وَمَصْلَحَةَ زَوْجِهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَصْلَحَةِ هَذَا الْخَاطِبِ اهـ.
وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِأَمْنِ الْفِتْنَةِ وَعَدَمِ الشَّهْوَةِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ فِي الْمَخْطُوبَةِ نَفْسِهَا (قَوْلُهُ: وَسَمَاعُ وَصْفِهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ إرْسَالُ امْرَأَةٍ تَنْظُرُهَا لَهُ وَتَصِفُهَا لَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ.
وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فَإِنَّ الْخَبَرَ لَيْسَ كَالْمُعَايَنَةِ، فَقَدْ يُدْرِكُ النَّاظِرُ مِنْ نَفْسِهِ عِنْدَ الْمُعَايَنَةِ مَا تَقْصُرُ الْعِبَارَةُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ نَظَرُهُ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ رُؤْيَةِ الْأَمْرَدِ رِضَاهُ وَلَا رِضَا وَلِيِّهِ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظَرِ أُخْت الزَّوْجَةِ بِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ بِهِ فِي نَظَرِ الْأَمْرَدِ مَا لَا يُتَسَامَحُ بِهِ فِي نَظَرِ الْمَرْأَةِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْمُعْتَمَدُ جَوَازَ نَظَرِ الْأَمْرَدِ الْجَمِيلِ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ (قَوْلُهُ: وَعَدَمِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ) وَلَا يُقَالُ إنَّ ذَلِكَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةِ النَّظَرِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمَخْطُوبَةَ مَحَلُّ التَّمَتُّعِ فِي الْجُمْلَةِ اهـ خَطِيبٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ حِلُّ نَظَرِ مَمْلُوكِهِ) أَيْ مَمْلُوكِ الْأَمْرَدِ لَهُ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالنَّظَرِ الْمَسُّ) أَيْ وَلَوْ بِحَائِلٍ عَلَى مَا مَرَّ لَهُ فِي قَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ فَيُلْحَقُ بِهَا الْأَمْرَدُ فِي ذَلِكَ، وَقَدَّمْنَا عَنْ سم تَقْيِيدُ الْحَائِلِ بِالرَّقِيقِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ فِي السِّيَرِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُسَنُّ ابْتِدَاؤُهُ: أَيْ السَّلَامِ مَا نَصُّهُ: وَيَحْرُمُ تَقْبِيلُ أَمْرَدَ حَسَنٍ لَا مَحْرَمِيَّةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَنَحْوَهَا وَمَسُّ شَيْءٍ بَدَنَهُ بِلَا حَائِلٍ كَمَا مَرَّ اهـ.
فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ بِمَا مَرَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا فَغَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا سَوَّى فِيهِ بَيْنَ الْحَائِلِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ أَرَادَ غَيْرَهُ فَلْيَنْظُرْ (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ وَإِنْ حَلَّ) أَيْ النَّظَرُ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَالْخَلْوَةُ بِهِ أَوْ مَسُّ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ حَرَامٌ حَتَّى عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُمَا أَفْحَشُ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَسِّ ظَاهِرٌ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِحِكَايَتِهَا) يَعْنِي الْحُرْمَةَ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ لَكِنَّ الشَّارِحَ: أَعْنِي الْمَحَلِّيَّ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي مَقَامِ الرَّدِّ عَلَى الْمُصَنِّفِ كَمَا يُوهِمُهُ سِبَاقُ الشَّارِحِ هُنَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي مَقَامِ الِاعْتِذَارِ عَمَّنْ نَسَبَ إلَى الْمُصَنِّفِ الْحُرْمَةَ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ حِلُّ نَظَرِ مَمْلُوكِهِ إلَخْ) أَيْ إذَا قُلْنَا بِطَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ، وَقَوْلُهُ نَظَرِ مَمْلُوكِهِ: أَيْ إلَيْهِ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ إنْ حَرُمَ النَّظَرُ) نَظَرَ فِيهِ الشِّهَابُ سم، وَفِي
يَا لَكَاعِ، فَغَيْرُ دَالٍّ عَلَى الْحِلِّ لِاحْتِمَالِ قَصْدِهِ بِذَلِكَ نَفْيَ الْأَذَى عَنْ الْحَرَائِرِ؛ لِأَنَّ الْإِمَاءَ كُنَّ يُقْصَدْنَ لِلزِّنَا، قَالَ تَعَالَى {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: 59] وَكَانَتْ الْحَرَائِرُ تُعْرَفُ بِالسِّتْرِ فَخَشِيَ أَنَّهُ إذَا اسْتَتَرَتْ الْإِمَاءُ حَصَلَ الْأَذَى لِلْحَرَائِرِ فَأَمَرَ الْإِمَاءَ بِالتَّكَشُّفِ وَيَحْتَرِزْنَ فِي الصِّيَانَةِ مِنْ أَهْلِ الْفُجُورِ.
(وَالْمَرْأَةُ مَعَ الْمَرْأَةِ كَرَجُلٍ وَرَجُلٍ) فِيمَا مَرَّ فَيَحِلُّ عِنْدَ انْتِفَاءِ الشَّهْوَةِ وَخَوْفِ الْفِتْنَةِ سِوَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ؛ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ (وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ)(نَظَرِ) كَافِرَةٍ (ذِمِّيَّةٍ) أَوْ غَيْرِهَا، وَلَوْ حَرْبِيَّةً (إلَى مُسْلِمَةٍ) فَيَلْزَمُ الْمُسْلِمَةَ الِاحْتِجَابُ مِنْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: 31] فَلَوْ جَازَ لَهَا النَّظَرُ لَمْ يَبْقَ لِلتَّخْصِيصِ فَائِدَةٌ.
وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه مَنْعُهُ الْكِتَابِيَّاتِ دُخُولَ الْحَمَّامِ مَعَ الْمُسْلِمَاتِ؛ وَلِأَنَّهَا رُبَّمَا تَحْكِيهَا لِلْكَافِرِ.
وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ نَظَرًا إلَى اتِّحَادِ الْجِنْسِ كَالرِّجَالِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا فِيهِمْ بَيْنَ نَظَرِ الْكَافِرِ إلَى الْمُسْلِمِ وَعَكْسِهِ.
نَعَمْ يَجُوزُ عَلَى الْأَوَّلِ نَظَرُهَا لِمَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ عَلَى الْأَشْبَهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
وَقِيلَ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَقَطْ، وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهَا مَعَهَا كَالْأَجْنَبِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، ثُمَّ مَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الْكَافِرَةُ مَحْرَمًا أَوْ مَمْلُوكَةً لِلْمُسْلِمَةِ وَإِلَّا جَازَ لَهُمَا النَّظَرُ إلَيْهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الثَّانِيَةِ وَبَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْأُولَى، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَظَاهِرُ إيرَادِ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّ التَّحْرِيمَ عَلَى الذِّمِّيَّةِ وَهُوَ صَحِيحٌ إنْ قُلْنَا بِتَكْلِيفِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَإِذَا كَانَ حَرَامًا عَلَى الْكَافِرَةِ حَرُمَ عَلَى الْمُسْلِمَةِ التَّمْكِينُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا تُعِينُهَا بِهِ عَلَى مُحَرَّمٍ.
وَأَمَّا نَظَرُ الْمُسْلِمَةِ إلَيْهَا فَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ جَوَازُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِانْتِقَاءِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْكَافِرَةِ وَإِنْ تَوَقَّفَ الزَّرْكَشِيُّ فِي ذَلِكَ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْفَاسِقَةُ مَعَ الْعَفِيفَةِ كَالْكَافِرَةِ مَعَ الْمُسْلِمَةِ مَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَإِنْ جَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ.
(وَ) الْأَصَحُّ (جَوَازُ)(نَظَرِ الْمَرْأَةِ) الْبَالِغَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ (إلَى بَدَنِ) رَجُلٍ (أَجْنَبِيٍّ)(سِوَى مَا بَيْنَ سِرْته وَرَكِبْتِهِ إنْ لَمْ تَخَفْ فِتْنَةً) وَلَا نَظَرَتْ بِشَهْوَةٍ «لِنَظَرِ عَائِشَةَ رضي الله عنها الْحَبَشَةَ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَرَاهَا» وَفَارَقَ نَظَرَهُ إلَيْهَا بِأَنَّ بَدَنَهَا عَوْرَةٌ وَلِذَا وَجَبَ سَتْرُهُ بِخِلَافِ بَدَنِهِ (قُلْت: الْأَصَحُّ التَّحْرِيمُ كَهُوَ) أَيْ كَنَظَرِهِ (إلَيْهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: 31] وَخَبَرُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ مَيْمُونَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ وَقَدْ رَآهُمَا يَنْظُرَانِ لِابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ بِالِاحْتِجَابِ مِنْهُ فَقَالَتْ لَهُ أُمُّ سَلَمَةَ: أَلَيْسَ هُوَ أَعْمَى لَا يُبْصِرُ؟ فَقَالَ: أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ» وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهَا نَظَرَتْ وُجُوهَهُمْ وَأَبْدَانَهُمْ وَإِنَّمَا نَظَرَتْ لِعْبَهُمْ وَحِرَابَهُمْ، وَلَا يَلْزَمُهُ تَعَمُّدُ نَظَرِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ وَهُوَ أَنَّ الْمَسَّ مَظِنَّةٌ لِتَحْرِيكِ الشَّهْوَةِ (قَوْلُهُ: يَا لَكَاعِ) أَيْ يَا لَئِيمَةُ (قَوْلُهُ: ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ) أَيْ يُمَيَّزْنَ عَنْ الْإِمَاءِ وَالْقَيْنَاتِ اهـ بَيْضَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيَحْتَرِزْنَ فِي الصِّيَانَةِ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَشْفِ رَأْسِهَا النَّظَرُ إلَيْهَا وَبِفَرْضِهِ فَلَعَلَّ الْأَمْرَ بِهِ أَنَّ الْمَفْسَدَةَ فِيهِ أَخَفُّ مِنْ الْمَفْسَدَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى السَّتْرِ مِنْ قَصْدِ الْحَرَائِرِ بِالزِّنَا
(قَوْلُهُ: سِوَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ) أَيْ نَظَرٌ سِوَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَرْبِيَّةً) أَيْ أَوْ مُرْتَدَّةً (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ لَهُمَا النَّظَرُ إلَيْهَا) أَيْ فِيمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ: أَوْ مَمْلُوكَةً، وَقَوْلُهُ: فِي الْأُولَى هِيَ قَوْلُهُ: لَمْ تَكُنْ الْكَافِرَةُ مَحْرَمًا (قَوْلُهُ: حَرُمَ عَلَى الْمُسْلِمَةِ) لَعَلَّ الْغَرَضَ مِنْ ذِكْرِهِ هُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى اسْتِفَادَتِهِ مِنْ الْمَتْنِ، وَإِلَّا فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ قَبْلُ فَيَلْزَمُ الْمُسْلِمَةَ الِاحْتِجَابُ (قَوْلُهُ: فَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ جَوَازُهُ) أَيْ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ أَنَّ الْخَلْوَةَ بِهِ حَرَامٌ حَتَّى عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ
(قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَ حَرَامًا عَلَى الْكَافِرَةِ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا الشَّرْطِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمَةِ التَّمْكِينُ لِلذِّمِّيَّةِ مِنْ النَّظَرِ إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْحُرْمَةِ عَلَى الْكَافِرَةِ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ لَا تَخْفَى، وَانْظُرْهُ مَعَ إطْلَاقِ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ عَقِبَ قَوْلِ الْمَتْنِ فَيَلْزَمُ الْمُسْلِمَةَ الِاحْتِجَابُ مِنْهَا
الْبَدَنِ وَإِنْ وَقَعَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ صَرَفَتْهُ حَالًا، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ الْحِجَابِ، أَوْ أَنَّ عَائِشَةَ لَمْ تَبْلُغْ مَبْلَغَ النِّسَاءِ، وَقَوْلُ الْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ إنَّ مَا اقْتَضَاهُ الْمَتْنُ مِنْ حُرْمَةِ نَظَرِهَا لِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ بِلَا شَهْوَةٍ وَعِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ رُدَّ بِأَنَّ اسْتِدْلَالَهُمْ بِمَا مَرَّ فِي قَضِيَّةِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ.
وَالْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَيَرُدُّهُ أَيْضًا قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ جَازِمًا بِهِ جَزَمَ الْمَذْهَبُ يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ سَدُّ طَاقَةٍ تُشْرِفُ الْمَرْأَةُ مِنْهَا عَلَى الرِّجَالِ إنْ لَمْ تَنْتَهِ بِنَهْيِهِ وَقَدْ عَلِمَ مِنْهَا تَعَمُّدَ النَّظَرِ إلَيْهِمْ، وَمَرَّ نَدْبُ نَظَرِهَا إلَيْهِ لِلْخِطْبَةِ كَهُوَ إلَيْهَا (وَنَظَرُهَا إلَى مَحْرَمِهَا كَعَكْسِهِ) أَيْ كَنَظَرِهِ إلَيْهَا فَتَنْظُرُ مِنْهُ بِلَا شَهْوَةٍ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُمَا مُلْحَقَانِ بِمَا يَحِلُّ نَظَرُهُ.
أَمَّا الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ فَيُعَامَلُ بِالْأَشَدِّ فَيَكُونُ مَعَ النِّسَاءِ رَجُلًا وَمَعَ الرِّجَالِ امْرَأَةً إذَا كَانَ فِي سِنٍّ يَحْرُمُ فِيهِ نَظَرُ الْوَاضِحِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ مِنْ الْمَجْمُوعِ، وَلَا يَحِلُّ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَا أَجْنَبِيَّةٍ الْخَلْوَةُ بِهِ، فَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لِامْرَأَةٍ فَهُوَ مَعَهَا كَعَبْدِهَا، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ مَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يُغَسِّلُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ لِضَعْفِ الشَّهْوَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِهَا قَبْلَهُ.
(وَمَتَى حَرُمَ النَّظَرُ حَرُمَ الْمَسُّ) ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي إثَارَةِ الشَّهْوَةِ إذْ لَوْ أَنْزَلَ بِهِ أَفْطَرَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَظَرَ فَأَنْزَلَ فَإِنَّهُ لَا يُفْطِرُ، فَيَحْرُمُ مَسُّ الْأَمْرَدِ كَمَا يَحْرُمُ نَظَرُهُ وَدَلْكُ فَخْذِ الرَّجُلِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ، وَيَجُوزُ بِهِ إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً وَلَمْ تَكُنْ شَهْوَةً، وَقَدْ يَحْرُمُ النَّظَرُ دُونَ الْمَسِّ كَأَنْ أَمْكَنَ الطَّبِيبَ مَعْرِفَةُ الْعِلَّةِ بِالْمَسِّ فَقَطْ، وَكَعُضْوِ أَجْنَبِيَّةٍ مَبَانٍ فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ فَقَطْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْخَادِمِ وَالْأَصَحُّ حُرْمَةُ مَسِّهِ أَيْضًا، أَمَّا دُبْرُ الْحَلِيلَةِ فَيَحِلُّ نَظَرُهُ وَمَسُّهُ خِلَافًا لِلدَّارِمِيِّ، وَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ حَيْثُ حَلَّ النَّظَرُ حَلَّ الْمَسُّ أَغْلَبِيٌّ أَيْضًا فَلَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ مَسُّ وَجْهِ أَجْنَبِيَّةٍ وَإِنْ حَلَّ نَظَرُهُ بِنَحْوِ خِطْبَةٍ أَوْ شَهَادَةٍ أَوْ تَعْلِيمٍ، وَلَا لِسَيِّدَةٍ مَسُّ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِ عَبْدِهَا وَعَكْسِهِ وَإِنْ حَلَّ النَّظَرُ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ وَمِثْلُهَا: أَيْ الْكَافِرَةِ فَاسِقَةٌ بِسِحَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ كَزِنًا أَوْ قِيَادَةٍ فَيَحْرُمُ التَّكَشُّفُ لَهَا اهـ.
وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ مَا عَلَّلُوا بِهِ حُرْمَةَ نَظَرِ الْكَافِرَةِ مَوْجُودٌ فِيهَا، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْأَمْرَدِ التَّكَشُّفُ لِمَنْ هَذِهِ حَالَتُهُ لِمَا ذُكِرَ
(قَوْلُهُ: مِنْ حُرْمَةِ نَظَرِهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ) أَيْ بَيْنَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: تَعَمُّدَ النَّظَرِ إلَيْهِمْ) قَدْ يُقَالُ: يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا تَنْظُرُ مِنْهُمْ غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُمَا) أَيْ السُّرَّةُ وَالرُّكْبَةُ (قَوْلُهُ: مُلْحَقَانِ) أَيْ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: أَمَّا الْخُنْثَى) تَقَدَّمَ لَهُ ذِكْرُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَحْرُمُ نَظَرُ فَحْلٍ فَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ هُنَا لِلتَّصْرِيحِ بِالتَّقْيِيدِ بِبُلُوغِ السِّنِّ الْمَذْكُورِ وَعَزُّوهُ لِلْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: الْخَلْوَةُ بِهِ) أَيْ الْخُنْثَى (قَوْلُهُ: الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ) أَيْ حَيْثُ لَا يُوجَدُ لَهُ مَحْرَمٌ يُغَسِّلُهُ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَبْلُغُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ يَلْتَذُّ بِنَظَرِ الشَّعْرِ كَمَسِّهِ غَايَتُهُ أَنَّ الْمَسَّ أَبْلَغُ فِي اللَّذَّةِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ عَلَّلُوا عَدَمَ انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَالسِّنِّ بِأَنَّهُ لَا لَذَّةَ فِيهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا.
وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَنْفِيَّ ثُمَّ اللَّذَّةَ الْقَوِيَّةَ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا تَحْرِيكُ الشَّهْوَةِ وَالْمُثْبَتُ هُنَا مُطْلَقُ اللَّذَّةِ، وَهِيَ كَافِيَةٌ فِي التَّحْرِيمِ احْتِيَاطًا (قَوْلُهُ: كَمَا يَحْرُمُ نَظَرُهُ) أَيْ بَلْ يَحْرُمُ، وَإِنْ جَازَ النَّظَرُ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْمَسَّ أَبْلَغُ مِنْ النَّظَرِ فِي إثَارَةِ الشَّهْوَةِ (قَوْلُهُ: فَخْذِ رَجُلٍ) أَيْ غَيْرٍ الْأَمْرَدِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَحْرُمُ مَسُّهُ وَلَوْ بِحَائِلٍ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ عَائِشَةَ لَمْ تَبْلُغْ مَبْلَغَ النِّسَاءِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ تُرَاهِقْ (قَوْلُهُ: رُدَّ بِأَنَّ اسْتِدْلَالَهُمْ إلَخْ) فِي هَذَا الرَّدِّ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِاحْتِمَالِ إنْكَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَيْمُونَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ لِنَظَرِهِمَا غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، وَأَنَّ الْوُجُوبَ الَّذِي قَالَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِمَنْعِ النِّسَاءِ مِنْ رُؤْيَةِ غَيْرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مَعَهَا كَعَبْدِهَا) أَيْ فَيَنْظُرُ إلَيْهَا بِشَرْطِ الْعَدَالَةِ، فَالْمُرَادُ كَعَبْدِهَا الَّذِي تَقَرَّرَ حُكْمُهُ فِيمَا مَرَّ، فَلَا يُقَالُ إنَّ فِي الْعِبَارَةِ تَشْبِيهَ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ مَا عَبَّرَ بِهِ أَصْوَبُ مِنْ قَوْلِهِ جَازَ لَهُ نَظَرُهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: وَدَلْكُ فَخِذِ رَجُلٍ إلَخْ) قَدْ مَرَّ هَذَا
وَكَذَا الْمَمْسُوحُ كَمَا مَرَّ، وَمَا ذَكَرَ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ مِنْ مُمَيِّزٍ لَمْ يُرَاهِقْ فَيَحِلُّ نَظَرُهُ لَا مَسُّهُ مَرْدُودٌ، وَقَدْ يَحْرُمُ مَسُّ مَا حَلَّ نَظَرُهُ مِنْ الْمَحْرَمِ كَبَطْنِهَا وَرِجْلِهَا وَتَقْبِيلِهَا بِلَا حَائِلٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا شَفَقَةٍ بَلْ وَكَيْدِهَا عَلَى مُقْتَضَى عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ، لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ خِلَافُ إجْمَاعِ الْأُمَّةِ، وَسَبَبُهُ أَنَّ الرَّافِعِيَّ عَبَّرَ بِسَلْبِ الْعُمُومِ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ تَقْدِيمُ النَّفْيِ عَلَى كُلٍّ وَهُوَ وَلَا مَسَّ كُلَّ مَا يَحِلُّ نَظَرُهُ مِنْ الْمَحَارِمِ: أَيْ بَلْ بَعْضُهُ كَمَا تَقُولُ لَا يَحِلُّ لِزَيْدٍ أَنْ يَتَزَوَّجَ كُلَّ امْرَأَةٍ، فَعَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِعُمُومِ السَّلْبِ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ تَقَدُّمِ الْإِثْبَاتِ عَلَى كُلٍّ فَقَالَ: يَحْرُمُ مَسُّ كُلِّ مَا حَلَّ نَظَرُهُ مِنْ الْمَحْرَمِ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يَحِلُّ مَسُّ رَأْسِ الْمَحْرَمِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ إجْمَاعًا: أَيْ حَيْثُ لَا شَهْوَةَ وَلَا خَوْفَ فِتْنَةٍ بِوَجْهٍ سَوَاءٌ أَمَسَّ لِحَاجَةٍ أَمْ شَفَقَةٍ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ عَدَمُ جَوَازِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْقَصْدِ مَعَ انْتِفَائِهِمَا، وَيُحْتَمَلُ جَوَازُهُ حِينَئِذٍ «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَبَّلَ فَاطِمَةَ وَقَبَّلَ الصِّدِّيقُ الصِّدِّيقَةَ» .
لَا يُقَالُ: إنَّ ذَلِكَ كَانَ لِلشَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ إنَّمَا هُوَ انْتِفَاءُ الشَّهْوَةِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ صَادِقٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَعَبَّرَ أَصْلُهُ وَغَيْرُهُ بِحَيْثُ بَدَلَ مَتَى، وَاسْتَحْسَنَهُ السُّبْكِيُّ؛ لِأَنَّ حَيْثُ اسْمُ مَكَان، وَالْقَصْدُ أَنَّ كُلَّ مَكَان حَرُمَ نَظَرُهُ حَرُمَ مَسُّهُ، وَمَتَى اسْمُ زَمَانٍ وَلَيْسَ مَقْصُودًا هُنَا، وَرُدَّ بِمَنْعِ عَدَمِ قَصْدِهِ بَلْ قَدْ يَكُونُ مَقْصُودًا، إذْ الْأَجْنَبِيَّةُ يَحْرُمُ مَسُّهَا وَيَحِلُّ بَعْدَ نِكَاحِهَا وَيَحْرُمُ بَعْدَ طَلَاقِهَا وَقَبْلَ زَمَنٍ نَحْوَ مُعَامَلَةٍ يَحْرُمُ وَمَعَهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) أَيْ فَيَحِلُّ نَظَرُهُ وَمَسُّهُ أَيْضًا، لَكِنْ قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَضِيَّةُ كَوْنِهِ كَالْمَحْرَمِ أَنْ يَأْتِيَ فِي مَسِّهِ تَفْصِيلُ الْمَحْرَمِ إلَى آخَرِ مَا ذَكَرَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَحْرُمُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مَا حَلَّ نَظَرُهُ مِنْ الْمَحْرَمِ) وَكَذَا مِنْ غَيْرِهَا عَلَى مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَأَفْهَمَ تَخْصِيصُهَا الْحِلَّ مَعَهُمَا بِالْمُصَافَحَةِ حُرْمَةَ مَسِّ غَيْرِ وَجْهِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ حَاجَةٍ) وَمِنْ الْحَاجَةِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ حَكِّ رِجْلَيْ الْمَحْرَمِ وَنَحْوُ الْحَكِّ كَغَسْلِهِمَا وَتَكْبِيسِ ظَهْرِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَسَبَبُهُ) أَيْ مُقْتَضَى عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا مَسَّ) أَيْ وَلَا يَحِلُّ (قَوْلُهُ: الْمُشْتَرَطُ فِيهِ تَقَدُّمُ الْإِثْبَاتِ عَلَى كُلٍّ إلَخْ) يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُشْتَرَطَ فِي عُمُومِ السَّلْبِ تَقَدُّمِ كُلٍّ عَلَى النَّفْيِ لَا تَقَدُّمِ الْإِثْبَاتِ عَلَيْهَا، وَقَوْلُهُ: فَقَالَ يَحْرُمُ مَسُّ كُلِّ مَا حَلَّ نَظَرُهُ مِنْ الْمَحْرَمِ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا التَّرْكِيبَ لَيْسَ فِيهِ نَفْيٌ.
وَأَجَابَ حَجّ عَنْ الْإِيرَادَيْنِ بِقَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الرَّوْضَةِ مِنْ الْمَحْرَمِ أَيْ كُلِّ مَا لَا يَحْرُمُ نَظَرُهُ مِنْهُ حَتَّى يُطَابِقَ مَا ذَكَرَ أَوَّلًا مِنْ شَرْطِ سَلْبِ الْعُمُومِ، فَقَوْلُهُ: الْمُشْتَرَطُ فِيهِ إلَخْ يَتَعَيَّنُ تَأْوِيلُهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِتَقَدُّمِ الْإِثْبَاتِ عَلَى كُلٍّ تَأْخِيرُ النَّفْيِ عَنْهَا اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يَحِلُّ مَسُّ) أَيْ بِحَائِلٍ وَبِدُونِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ عَدَمِ الْقَصْدِ) أَيْ لِلْمَشَقَّةِ وَالْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ انْتِفَائِهِمَا) أَيْ الشَّهْوَةِ وَخَوْفِ الْفِتْنَةِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ جَوَازُهُ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْمُعْتَمَدُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ الْحُرْمَةِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْحَاجَةِ وَالشَّفَقَةِ، وَمَا وَقَعَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم وَمِنْ الصِّدِّيقِ مَحْمُولٌ عَلَى الشَّفَقَةِ (قَوْلُهُ: صَادِقٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ) أَيْ مِنْ قَصْدِ الشَّفَقَةِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِمَنْعِ عَدَمِ قَصْدِهِ إلَخْ) وَانْظُرْ مَا لَوْ انْفَصَلَ مِنْهَا شَعْرٌ قَبْلَ نِكَاحِهَا هَلْ يَحِلُّ لِزَوْجِهَا نَظَرُهُ الْآنَ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ النَّظَرِ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ اتِّصَالِهِ كَانَ يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ أَوْ يَحْرُمُ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ انْفِصَالِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ انْفَصَلَ مِنْهَا حَالَ الزَّوْجِيَّةِ هَلْ يَجُوزُ نَظَرُهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الِانْفِصَالِ أَوْ لَا اعْتِبَارًا بِوَقْتِ النَّظَرِ، وَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي شَعْرِ الزَّوْجِ بِالنِّسْبَةِ لِنَظَرِهَا، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِوَقْتِ النَّظَرِ، وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الْحَلَبِيِّ مَا يُوَافِقُ مَا قُلْنَاهُ وَعَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافُهُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ.
ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ التَّرَدُّدِ فِيمَا انْفَصَلَ مِنْهَا بَعْدَ بُلُوغِ حَدِّ الشَّهْوَةِ.
أَمَّا مَا انْفَصَلَ مِنْ صَغِيرَةٍ لَا تُشْتَهَيْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَرَدُّدَ فِي حِلِّ نَظَرِهِ، وَإِنْ بَلَغَتْ حَدَّ الشَّهْوَةِ (قَوْلُهُ: يَحْرُمُ) أَيْ النَّظَرُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَقَدْ يَحْرُمُ مَسُّ مَا حَلَّ نَظَرُهُ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ قَطْعِ هَذَا عَمَّا يُنَاسِبُهُ فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إلَخْ) أَيْ وَمَا اقْتَضَاهُ عُمُومُ قَوْلِهِ مِمَّا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ مُقَيَّدٌ بِمَا قَدَّمَهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِتَقْيِيدِهِ بِهِ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: وَقَبْلَ زَمَنِ نَحْوِ مُعَامَلَةٍ يَحْرُمُ)
يَحِلُّ.
(وَيُبَاحَانِ) أَيْ النَّظَرُ وَالْمَسُّ (لِفَصْدٍ وَحِجَامَةٍ وَعِلَاجٍ) لِلْحَاجَةِ لَكِنْ بِحَضْرَةِ مَانِعِ خَلْوَةٍ كَمَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ لِحِلِّ خَلْوَةِ رَجُلٍ بِامْرَأَتَيْنِ ثِقَتَيْنِ، وَلَيْسَ الْأَمْرَدَانِ كَالْمَرْأَتَيْنِ عَلَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ مَا عَلَّلُوا بِهِ فِيهِمَا مِنْ اسْتِحْيَاءِ كُلٍّ بِحَضْرَةِ الْأُخْرَى غَيْرُ مُتَأَتٍّ فِي الْأَمْرَدَيْنِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الرَّجُلَيْنِ.
وَيُشْتَرَطُ فَقْدُ امْرَأَةٍ تُحْسِنُ ذَلِكَ كَعَكْسِهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ غَيْرُ أَمِينٍ مَعَ وُجُودِ أَمِينٍ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْكَافِي، وَشَرَطَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنْ يَأْمَنَ الِافْتِتَانَ وَلَا يَكْشِفُ إلَّا قَدْرَ الْحَاجَةِ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ، وَلَا ذِمِّيًّا مَعَ وُجُودِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيَّةٍ مَعَ وُجُودِ مُسْلِمَةٍ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ تَقْدِيمَ مُسْلِمَةٍ فَصَبِيٍّ مُسْلِمٍ غَيْرِ مُرَاهِقٍ فَمُرَاهِقٍ فَكَافِرٍ غَيْرِ مُرَاهِقٍ فَمُرَاهِقٍ فَامْرَأَةٍ كَافِرَةٍ فَمَحْرَمٍ مُسْلِمٍ فَمَحْرَمٍ كَافِرٍ فَأَجْنَبِيٍّ مُسْلِمٍ فَكَافِرٍ اهـ.
وَوَافَقَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى تَقْدِيمِ الْكَافِرَةِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَفِي تَقْدِيمِهِ لَهَا عَلَى الْمَحْرَمِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ نَحْوِ مَحْرَمٍ مُطْلَقًا عَلَى كَافِرَةٍ لِنَظَرِهِ مَا لَا تَنْظُرُ هِيَ، وَمَمْسُوحٍ عَلَى مُرَاهِقٍ وَأُنْثَى وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ وَالدِّينِ عَلَى غَيْرِهِ وَوُجُودِ مَنْ لَا يَرْضَى إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ كَالْعَدَمِ فِيمَا يَظْهَرُ، بَلْ لَوْ وُجِدَ كَافِرٌ يَرْضَى بِدُونِهَا وَمُسْلِمٌ لَا يَرْضَى إلَّا بِهَا اُحْتُمِلَ أَنَّ الْمُسْلِمَ كَالْعَدَمِ أَيْضًا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي أَنَّ الْأُمَّ لَوْ طَلَبَتْ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَوَجَدَ الْأَبُ مَنْ يَرْضَى بِدُونِهَا سَقَطَتْ حَضَانَةُ الْأُمِّ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ، وَالْأَوْجَهُ فِي الْأَمْرَدِ مَجِيءُ نَظِيرِ ذَلِكَ التَّرْتِيبِ فِيهِ فَيُقَدِّمُ مَنْ يَحِلُّ نَظَرُهُ إلَيْهِ فَغَيْرُ مُرَاهِقٍ فَمُرَاهِقٍ فَمُسْلِمٍ بَالِغٍ فَكَافِرٍ، وَيُعْتَبَرُ فِي الْوَجْهِ وَالْكَفِّ أَدْنَى حَاجَةٍ وَفِيمَا عَدَاهُمَا مُبِيحُ تَيَمُّمٍ إلَّا الْفَرْجَ وَقَرِيبَهُ، فَيُعْتَبَرُ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ، وَهِيَ اشْتِدَادُ الضَّرُورَةِ حَتَّى لَا يُعَدُّ الْكَشْفُ لِذَلِكَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: بِامْرَأَتَيْنِ ثِقَتَيْنِ) وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَحَلَّ الِاكْتِفَاءِ بِامْرَأَةٍ ثِقَةٍ أَنْ تَكُونَ الْمُعَالِجَةُ ثِقَةٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْأَمْرَدَانِ) أَيْ وَالْأَكْثَرُ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: يَأْمَنَ الِافْتِتَانَ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ أَيْضًا، فَإِنْ تَعَيَّنَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَالِجَ وَيَكُفَّ نَفْسَهُ مَا أَمْكَنَ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي الشَّاهِدِ عِنْدَ تَعَيُّنِهِ (قَوْلُهُ: نَحْوَ مَحْرَمٍ مُطْلَقًا) أَيْ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا (قَوْلُهُ: عَلَى مُرَاهِقٍ وَأُنْثَى) عِبَارَةُ حَجّ، وَأَمْهَرُ: أَيْ وَيُقَدَّمُ الْأَمْهَرُ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ إلَخْ، وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّ الْكَافِرَ حَيْثُ كَانَ أَعْرَفَ مِنْ الْمُسْلِمِ يُقَدَّمُ حَتَّى عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ، وَبِهَا يُقَيَّدُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ تَقْدِيمِ الْأُنْثَى عَلَى غَيْرِهَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَعْرَفَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ) أَيْ إلَّا الْمَحْرَمَ بِالنِّسْبَةِ لِلْكَافِرَةِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَالدَّيْنُ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ الْجِنْسِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ صَبِيًّا غَيْرَ مُرَاهِقٍ فَيُوَافِقُ مَا مَرَّ عَنْ سم (قَوْلُهُ: مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ) أَيْ وَإِنْ قَلَّتْ الزِّيَادَةُ (قَوْلُهُ: اُحْتُمِلَ أَنَّ الْمُسْلِمَ كَالْعَدَمِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ فِي الْوَجْهِ) أَيْ مِنْ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: وَفِيمَا عَدَاهُمَا مُبِيحُ تَيَمُّمٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ:
ــ
[حاشية الرشيدي]
يَعْنِي النَّظَرَ إذْ الْمَسُّ لَا تُبِيحُهُ الْمُعَامَلَةُ كَمَا مَرَّ
(قَوْلُهُ: لَكِنْ بِحَضْرَةِ مَانِعِ خَلْوَةٍ إلَخْ) قَضِيَّةُ جَعْلِ هَذَا قَيْدًا لِحِلِّ النَّظَرِ وَالْمَسِّ أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَى بِهَا مُرْتَكِبًا لِلْحُرْمَةِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّظَرُ وَالْمَسُّ لِانْتِفَاءِ شَرْطِ الْحِلِّ الَّذِي هُوَ حُضُورُ مَنْ ذُكِرَ، وَظَاهِرُ الْعِلَّةِ خِلَافُهُ، وَأَنَّ الْحُرْمَةَ إنَّمَا هِيَ مِنْ حَيْثُ الْخَلْوَةُ وَرُبَّمَا يَأْتِي قَرِيبًا مَا يُؤَيِّدُ الثَّانِيَ فَلْيُرَاجَعْ " قَوْلُهُ وَلَا ذِمِّيًّا " مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ غَيْرَ أَمِينٍ (قَوْلُهُ: وَأُنْثَى وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ إلَخْ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ وَأُنْثَى حَرَّفَتْهُ الْكَتَبَةُ عَنْ قَوْلِهِ وَأَمْهَرُ: أَيْ وَيُقَدَّمُ أَمْهَرُ: أَيْ أَكْثَرُ مَهَارَةً عَلَى غَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَ الْأَمْهَرُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ وَغَيْرِ الدِّينِ كَرَجُلٍ كَافِرٍ إذْ الْعِبَارَةُ لِلتُّحْفَةِ وَهُوَ فِيهَا كَمَا ذَكَرْته، وَمَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا يُدْرَكُ بِالتَّأَمُّلِ وَإِنْ أَبْقَاهُ الشَّيْخُ عَلَى ظَاهِرِهِ (قَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقَ) لَعَلَّهُ الِاحْتِيَاطُ لِلْحُرْمَةِ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ هُنَا (قَوْلُهُ: فَيُقَدَّمُ مَنْ يَحِلُّ نَظَرُهُ إلَيْهِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِمَنْ يَحِلُّ نَظَرُهُ إلَيْهِ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ الرَّاجِحَةِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَنْ يَحِلُّ نَظَرُهُ لِلْمَحَلِّ الَّذِي بِهِ الْعِلَّةُ وَعَلَيْهِ فَمَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ إلَّا الْمَرْأَةُ الْأَجْنَبِيَّةُ، وَمَا بَيْنَهُمَا يُقَدَّمُ فِيهِ زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ خَاصَّةً ثُمَّ مَنْ ذَكَرَهُ بَعْدُ، لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلشِّقِّ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ فَغَيْرُ مُرَاهِقٍ إلَخْ إذْ هُمْ فِيمَنْ يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ فَلْيُحَرَّرْ الْمُرَادُ
هَتْكًا لِلْمُرُوءَةِ.
(قُلْت: وَيُبَاحُ)(النَّظَرُ) لِلْوَجْهِ فَقَطْ (لِمُعَامَلَةٍ) كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ لِيَرْجِعَ بِالْعُهْدَةِ وَيُطَالِبَ بِالثَّمَنِ مَثَلًا (أَوْ شَهَادَةٍ) تَحَمُّلًا وَأَدَاءً لَهَا وَعَلَيْهَا كَنَظَرِهِ لِلْفَرْجِ لِيَشْهَدَ بِوِلَادَةٍ أَوْ زِنًا أَوْ عَبَالَةٍ أَوْ الْتِحَامِ إفْضَاءٍ وَالثَّدْيِ لِلرَّضَاعِ لِلْحَاجَةِ، وَتَعَمُّدِ النَّظَرِ لِلشَّهَادَةِ غَيْرُ ضَارٍّ وَإِنْ تَيَسَّرَ وُجُودُ نِسَاءٍ أَوْ مَحَارِمَ يَشْهَدُونَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الْمُعَالَجَةِ بِأَنَّ النِّسَاءَ نَاقِصَاتٍ وَقَدْ لَا يَقْبَلْنَ وَالْمَحَارِمُ قَدْ لَا يَشْهَدُونَ، وَأَيْضًا فَقَدْ وَسَّعُوا هُنَا اعْتِنَاءً بِالشَّهَادَةِ وَالنَّظَرُ لِغَيْرِ ذَلِكَ عَمْدًا غَيْرُ مُفَسِّقٍ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ؛ لِأَنَّهُ صَغِيرَةٌ وَتَكَلَّفَ الْكَشْفَ لِلتَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ، فَإِنْ امْتَنَعَتْ أُمِرَتْ امْرَأَةٌ أَوْ نَحْوُهَا بِكَشْفِهَا، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَعِنْدَ نِكَاحِهَا لَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفَهَا الشَّاهِدَانِ بِالنَّسَبِ أَوْ بِكَشْفِ وَجْهِهَا؛ لِأَنَّ التَّحَمُّلَ عِنْدَ النِّكَاحِ مَنْزِلٌ مَنْزِلَةِ الْأَدَاءِ اهـ.
وَلَوْ عَرَفَهَا الشَّاهِدُ فِي النِّقَابِ لَمْ يَحْتَجْ لِلْكَشْفِ فَعَلَيْهِ يَحْرُمُ الْكَشْفُ حِينَئِذٍ إذْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَمَتَى خَشِيَ فِتْنَةً أَوْ شَهْوَةً لَمْ يَنْظُرْ إلَّا إنْ تَعَيَّنَ.
قَالَ السُّبْكِيُّ: وَمَعَ ذَلِكَ يَأْثَمُ بِالشَّهْوَةِ وَإِنْ أُثِيبَ عَلَى التَّحَمُّلِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ ذُو وَجْهَيْنِ، لَكِنْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ فَبَحَثَ الْحِلَّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الشَّهْوَةَ أَمْرٌ طَبَعِيٌّ لَا يَنْفَكُّ عَنْ النَّظَرِ فَلَا يُكَلَّفُ الشَّاهِدُ بِإِزَالَتِهَا وَلَا يُؤَاخَذُ بِهَا كَمَا لَا يُؤَاخَذُ الزَّوْجُ بِمَيْلِ قَلْبِهِ لِبَعْضِ نِسْوَتِهِ وَالْحَاكِمُ بِمَيْلِ قَلْبِهِ لِبَعْضِ الْخُصُومِ، وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا هُوَ بِاخْتِيَارِهِ، وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ، وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ كَوْنِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ لَوْ خَافَ شَيْئًا فَاحِشًا فِي عُضْوٍ بَاطِنٍ امْتَنَعَ النَّظَرُ بِسَبَبِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: أَوْ عَبَالَةٍ) هِيَ كِبَرُ الذَّكَرِ (قَوْلُهُ: وَالنَّظَرُ لِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ لِغَيْرِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأُمُور الْمُجَرَّدَةِ لَهُ (قَوْلُهُ: أُمِرَتْ امْرَأَةٌ إلَخْ) أَيْ قَهْرًا عَلَيْهَا وَيَتَلَطَّفُ مَرِيدُ الْكَشْفِ بِهَا بِحَيْثُ لَا يُؤْذِيهَا وَلَا يُتْلِفُ شَيْئًا مِنْ أَسْبَابِهَا، فَلَوْ امْتَنَعَتْ وَأَدَّتْ مُحَاوَلَةُ كَشْفِهَا لِإِتْلَافِ شَيْءٍ مِنْ أَسْبَابِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمَانَ لِنِسْبَةِ التَّلَفِ إلَيْهَا.
لَا يُقَالُ: هِيَ مَأْذُونٌ لَهَا فِي الْفِعْلِ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ، وَذَلِكَ مُسْقِطٌ لِلضَّمَانِ.
لِأَنَّا نَقُولُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ مُجَرَّدِ الْإِذْنِ عَدَمُ الضَّمَانِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِيمَا لَوْ بَعَثَ سُلْطَانٌ إلَى مَنْ ذُكِرَتْ بِسُوءٍ عِنْدَهُ فَأُجْهِضَتْ حَيْثُ قِيلَ فِيهِ بِالضَّمَانِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الرَّسُولِ وَمُرْسِلِهِ مَأْذُونٌ لَهُ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ امْتِنَاعَهَا مِنْ التَّمْكِينِ مِنْ الْكَشْفِ وَمُعَالَجَتِهَا مُقْتَضٍ لِإِحَالَةِ التَّلَفِ عَلَيْهَا وَمُسْقِطٌ لِلضَّمَانِ، وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ الضَّرَرُ بِمَرِيدَةِ الْكَشْفِ بِامْتِنَاعِ مَنْ أُرِيدَ كَشْفُ وَجْهِهَا لِلشَّهَادَةِ عَلَيْهَا مَثَلًا فَالْأَقْرَبُ ضَمَانُ الْمُمْتَنِعَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَشَأَ مِنْ امْتِنَاعِهَا فَنُسِبَ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ) أَيْ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ، حَتَّى لَوْ شَهِدَا عَلَى شَخْصٍ بِأَنَّهُ تَزَوَّجَ أَوْ يَتَزَوَّجُ امْرَأَةً مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ نَسَبِهَا وَلَا صُورَتِهَا لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ عَلَى مَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ بَعْدَ الْكَلَامِ عَلَى نِكَاحِ الشِّغَارِ مَا يُصَرِّحُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الشُّهُودِ لَهَا حَيْثُ قَالَ مَا نَصُّهُ: وَتَرَدَّدَ الْأَذْرَعِيُّ فِي أَنَّ الشُّهُودَ هَلْ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُمْ لَهَا كَالزَّوْجِ وَاَلَّذِي أَفْهَمَهُ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي لِتَعَذُّرِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا أَنَّهُمْ مِثْلُهُ، لَكِنْ رَجَّحَ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُمْ لَهَا بَلْ الْوَاجِبُ حُضُورُهُمْ وَضَبْطُ صِيغَةِ الْعَقْدِ لَا غَيْرَ حَتَّى لَوْ دُعُوا لِلْأَدَاءِ لَمْ يَشْهَدُوا إلَّا بِصُورَةِ الْعَقْدِ الَّتِي سَمِعُوهَا كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ ا. هـ.
ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامًا أَيَّدَ بِهِ كَلَامَ ابْنِ الْعِمَادِ فَرَاجِعْهُ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: لَكِنْ رَجَّحَ ابْنُ الْعِمَادِ وَاعْتَمَدَهُ م ر اهـ (قَوْلُهُ: مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْأَدَاءِ) أَيْ وَأَدَاءُ الشَّهَادَةِ لَا بُدَّ لِلِاعْتِدَادِ بِهِ مِنْ مَعْرِفَةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِنَسَبِهِ أَوْ عَيْنِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ تَعَيَّنَ) أَيْ وَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا النَّظَرُ مَا عَدَا الْخِطْبَةِ عَلَى مَا مَرَّ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَبَحَثَ الْحِلَّ مُطْلَقًا) أَحَلَّ النَّظَرَ لِلشَّهَادَةِ بِشَهْوَةٍ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ: يَأْثَمُ بِالشَّهْوَةِ، وَقَوْلُهُ: وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ: فَبَحَثَ الْحِلَّ مُطْلَقًا، وَقَوْلُهُ: عَلَى خِلَافِهِ: أَيْ كَمَا يَقْتَضِيهِ مَا نَظَرَ بِهِ حَجّ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْقَاضِي، أَمَّا الزَّوْجُ فَقَدْ يَمْنَعُ أَنَّ تَعَاطِيَهُ لِمَا يُوجِبُ مَيْلَهُ لِبَعْضِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَالنَّظَرُ لِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ الْقَصْدِ وَمَا بَعْدَهُ
حِلِّ نَظَرِ الشَّاهِدِ مُفَرَّعًا عَلَى الْمَذْهَبِ وَهُوَ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِتَعْرِيفِ عَدْلٍ.
أَمَّا مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَةِ فَلَا شَكَّ فِي امْتِنَاعِهِ فِيهِ نَظَرٌ.
لِأَنَّا وَإِنْ قُلْنَا بِهِ النَّظَرُ أَحْوَطُ وَأَوْلَى، وَكَفَى بِذَلِكَ حَاجَةً مُجَوِّزَةً لَهُ (وَتَعْلِيمٌ) لِأَمْرَدَ وَأُنْثَى وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهُوَ أَيْ التَّعْلِيمُ لِلْأَمْرَدِ خَاصَّةً تَبِعَ فِيهِ السُّبْكِيَّ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ جَوَازَهُ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى مَا يَجِبُ تَعْلِيمُهُ كَمَا مَرَّ، وَسَيُعْلَمُ مِمَّا صَرَّحَ بِهِ فِي الصَّدَاقِ، وَمَحَلُّ جَوَازِ ذَلِكَ عِنْدَ فَقْدِ جِنْسٍ وَمَحْرَمٍ صَالِحٍ وَتَعَذُّرِهِ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَوُجُودِ مَانِعِ خَلْوَةٍ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْعِلَاجِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي الصَّدَاقِ مِنْ تَعَذُّرِ تَعْلِيمِهِ بَعْدَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ تَعْلِيمَ الْمُطَلَّقِ يَمْتَدُّ مَعَهُ الطَّمَعُ لِسَبْقِ مُقَرِّبِ الْأُلْفَةِ فَاشْتَدَّتْ الْوَحْشَةُ بَيْنَهُمَا لِتَعَلُّقِ آمَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تِلْكَ الشُّرُوطِ هُنَا أَيْضًا، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اعْتِبَارِهَا فِي الْأَمْرَدِ كَمَا عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ الْفِعْلِيُّ، وَيَتَّجِهُ اشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ فِيهِمَا كَالْمَمْلُوكِ بَلْ أَوْلَى (وَنَحْوُهَا) كَأَمَةٍ يُرِيدُ شِرَاءَهَا فَيَنْظُرُ مَا عَدَا عَوْرَتَهَا وَحَاكِمٌ يَحْكُمُ لَهَا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ عَلَيْهَا أَوْ بِحَلِفِهَا كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ النَّظَرُ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ (بِقَدْرِ الْحَاجَةِ)(وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) .
فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجَاوِزَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَا حَلَّ لِضَرُورَةٍ يُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَوْ عَرَفَهَا الشَّاهِدُ بِنَظْرَةٍ لَمْ تَجُزْ ثَانِيَةً أَوْ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ وَجْهِهَا لَمْ تَجُزْ رُؤْيَةُ كُلِّهِ، وَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَسْتَوْعِبُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِحِلِّ نَظَرِ وَجْهِهَا حَيْثُ لَا فِتْنَةَ وَلَا شَهْوَةَ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ، وَكُلُّ مَا حَلَّ لَهُ نَظَرُهُ مِنْهَا لِلْحَاجَةِ يَحِلُّ لَهَا مِنْهُ نَظَرُهُ لِلْحَاجَةِ أَيْضًا كَالْمُعَامَلَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا مَرَّ.
(وَلِلزَّوْجِ النَّظَرُ إلَى كُلِّ بَدَنِهَا) حَالَ حَيَاتِهَا: أَيْ الزَّوْجَةِ وَالْمَمْلُوكَةِ الَّتِي تَحِلُّ، وَعَكْسُهُ إنْ لَمْ يَمْنَعْهَا كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَإِنَّ تَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِهَا بِخِلَافِ الْعَكْسِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْفَرْجَ ظَاهِرًا مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَبَاطِنًا أَشَدُّ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ اسْتِمْتَاعِهِ وَعَكْسُهُ لِلْخَبَرِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
نِسَائِهِ مَحْذُورٌ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُرَادَ بِالْمَيْلِ فِي حَقِّهِ الْمَيْلُ الْمُؤَدِّي إلَى الْجَوْرِ فِي الْقِسْمَةِ (قَوْلُهُ: مُفَرَّعًا عَلَى الْمَذْهَبِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَةِ) أَيْ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِتَعْرِيفِ الْعَدْلِ (قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ) مُعْتَمَدٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْنَا بِهِ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ، وَالضَّمِيرُ فِي بِهِ رَاجِعٌ لِجَوَازِ التَّعْرِيفِ (قَوْلُهُ: مَقْصُورٍ عَلَيْهِ) أَيْ الْأَمْرَدِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ فَقْدِ جِنْسٍ) وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ لِهَذِهِ الشُّرُوطِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ غَيْرُ مَنْ تَوَفَّرَتْ فِيهِ أَمْهَرَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: فَاشْتَدَّتْ الْوَحْشَةُ) أَيْ طَلَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اعْتِبَارِهَا) أَيْ الشُّرُوطِ (قَوْلُهُ: وَيَتَّجِهُ اشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْأَمْرَدِ وَمُعَلِّمِهِ
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَمْنَعْهَا) أَيْ فَإِنْ مَنَعَهَا حَرُمَ عَلَيْهَا النَّظَرُ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ لِغَيْرِ الْعَوْرَةِ، لَكِنْ قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ حُرْمَةَ نَظَرِهَا لِعَوْرَةِ زَوْجِهَا إذَا مَنَعَهَا مِنْهُ م ر اهـ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى مَا يَجِبُ تَعْلِيمُهُ كَمَا مَرَّ) اُنْظُرْ أَيْنَ مَرَّ (قَوْلُهُ: وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يُصَرِّحُ بِهِ فِي الصَّدَاقِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا مَرَّ فَالضَّمِيرُ فِي سَيَعْلَمُ لِمَا اعْتَمَدَهُ مِنْ عَدَمِ الْقَصْرِ عَلَى مَا ذَكَرَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي التُّحْفَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَاشْتَدَّتْ الْوَحْشَةُ بَيْنَهُمَا) تُتَأَمَّلُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تِلْكَ الشُّرُوطِ أَيْضًا) هَذَا لَا مَوْقِعَ لَهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَهُوَ تَابِعٌ فِيهِ لِلتُّحْفَةِ لَكِنْ فِيهَا ظَاهِرٌ، فَإِنَّ الْمُخْتَارَ فِيهَا خِلَافُ مَوْقِعِ مَا اخْتَارَهُ الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ قَصْرِ جَوَازِ النَّظَرِ لِلتَّعْلِيمِ عَلَى مَا يَجِبُ تَعْلِيمُهُ فَالْمُخْتَارُ فِيهَا ذَلِكَ الْقَصْرُ، ثُمَّ نُقِلَ فِيهَا عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الصَّدَاقِ أَنَّ مَا لَا يَجِبُ تَعْلِيمُهُ كَذَلِكَ ثُمَّ قَالَ وَعَلَيْهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَأَمَةٍ يُرِيدُ شِرَاءَهَا فَيَنْظُرُ مَا عَدَا عَوْرَتَهَا إلَخْ) هَذَا الْمِثَالُ قَطَعَ فِيهِ النَّظَرَ عَمَّا قَيَّدَ بِهِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُبَاحُ النَّظَرُ مِنْ قَوْلِهِ لِلْوَجْهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِحِلِّ نَظَرِ وَجْهِهَا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا تَقَيَّدَ بِالْمُعَامَلَةِ وَنَحْوِهَا
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ اسْتِمْتَاعِهِ) أَيْ بَدَنُهَا فَهُوَ تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ لَعَلَّهُ سَقَطَ قَبْلَهُ وَاوٌ مِنْ الْكَتَبَةِ
الصَّحِيحُ «احْفَظْ عَوْرَتَك إلَّا مِنْ زَوْجَتِك أَوْ أَمَتِك» أَيْ فَهِيَ أَوْلَى أَنْ لَا تَحْفَظَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ لَا لَهَا وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَهَا تَمْكِينُهُ وَلَا عَكَسَ، وَقِيلَ يَحْرُمُ نَظَرُ الْفَرْجِ لِخَبَرِ «إذَا جَامَعَ أَحَدُكُمْ زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ فَلَا يَنْظُرُ إلَى فَرْجِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يُورِثُ الْعَمَى» أَيْ فِي النَّاظِرِ أَوْ الْوَلَدِ أَوْ الْقَلْبِ، حَسَّنَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَخَطَّأَ ابْنَ الْجَوْزِيَّ فِي ذِكْرِهِ لَهُ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَرُدَّ بِأَنَّ أَكْثَرَ الْمُحَدِّثِينَ عَلَى ضَعْفِهِ، وَأَنْكَرَ الْفَارِقِيُّ جَرَيَانَ خِلَافٍ فِي حُرْمَةِ نَظَرِهِ حَالَةَ الْجِمَاعِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ بِأَنَّ الْخَبَرَ الْمَذْكُورَ مُصَرَّحٌ بِخِلَافِهِ، وَتَقَدَّمَ جَوَازُ النَّظَرِ لِحَلْقَةِ الدُّبْرِ وَمَسِّهَا وَالتَّلَذُّذِ بِهَا بِمَا سِوَى الْإِيلَاجِ؛ لِأَنَّ جُمْلَةَ أَجْزَائِهَا مَحَلُّ اسْتِمْتَاعِهِ إلَّا مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ مِنْ الْإِيلَاجِ، وَخَرَجَ بِالنَّظَرِ الْمَسُّ فَلَا خِلَافَ فِي حِلِّهِ وَلَوْ لِلْفَرْجِ وَبِحَالِ الْحَيَاةِ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا يَحِلُّ بِشَهْوَةٍ وَبِاَلَّتِي تَحِلُّ زَوْجَتُهُ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ شُبْهَةٍ وَنَحْوُ أَمَةٍ مَجُوسِيَّةٍ فَلَا يَحِلُّ لَهُ إلَّا نَظَرُ مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا.
وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَا حَرُمَ نَظَرُهُ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا مُتَّصِلًا حَرُمَ نَظَرُهُ مُنْفَصِلًا كَقُلَامَةِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ وَالْفَرْقُ مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَابِلِ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَكَذَا وَجْهُهَا إلَى آخِرِهِ، وَشَعْرُ امْرَأَةٍ وَعَانَةُ رَجُلٍ فَتَجِبُ مُوَارَاتُهَا، وَالْمُنَازَعَةُ فِي هَذَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ الْفِعْلِيِّ بِإِلْقَائِهِمَا فِي الْحَمَّامَاتِ وَالنَّظَرُ إلَيْهِمَا يَرُدُّ ذَلِكَ مَرْدُودَةٌ.
قَالُوا: وَكَدَمِ فَصْدٍ وَمَا قِيلَ مَا لَمْ يَتَمَيَّزْ بِشَكْلِهِ كَفَضْلَةٍ أَوْ شَعْرٍ يَنْبَغِي حَلُّهُ مَرْدُودٌ، فَقَدْ نَقَلَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ احْتِمَالًا لِلْإِمَامِ، ثُمَّ ضَعَّفَهُ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَمْنَعْهَا اعْتَمَدَ حَجّ الْجَوَازَ وَلَوْ مَنَعَهَا، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: فَرْعٌ: الْخِلَافُ الَّذِي فِي النَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ لَا يَجْرِي فِي مَسِّهِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا قَالَ بِتَحْرِيمِ مَسِّ الْفَرْجِ لَهُ وَإِنْ كَانَ وَاضِحًا لَمْ يُصَرِّحُوا بِذَلِكَ، وَرَأَيْت فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالرَّجُلِ أَنْ يَمَسَّ فَرْجَ امْرَأَتِهِ، وَالْمَرْأَةُ أَنْ تَمَسَّ فَرْجَ زَوْجِهَا سُبْكِيٌّ اهـ.
وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ مُحَرِّكٌ لِلشَّهْوَةِ بِلَا ضَرَرٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَهَا تَمْكِينُهُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَلْحَقْهَا ضَرَرٌ بِذَلِكَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَتُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلَهُ وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَهَا تَمْكِينُهُ: أَيْ وَإِنْ تَكَرَّرَ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ) الظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لَرَدِّ مَا قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيُّ لَكِنَّ تَضْعِيفَ أَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ لَهُ لَا يَقْتَضِي وَضْعَهُ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ رَدُّ تَحْسِينِ ابْنِ الصَّلَاحِ لَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحِلُّ بِشَهْوَةٍ) أَيْ النَّظَرُ وَأَفْهَمَ حِلُّ النَّظَرِ بِلَا شَهْوَةٍ إلَى جَمِيعِ بَدَنِهَا (قَوْلُهُ: زَوْجَتُهُ الْمُعْتَدَّةُ) أَيْ فَلَا يَحِلُّ نَظَرُهُ إلَى شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَنَحْوُ أَمَةٍ) كَالْمُشْرِكَةِ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ) أَيْ بَيْنَ قُلَامَةِ ظُفْرِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ حَيْثُ جَازَ نَظَرُ الْأَوَّلِ وَحَرُمَ نَظَرُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: فَتَجِبُ مُوَارَاتُهَا) أَيْ قُلَامَةِ الظُّفْرِ وَشَعْرِ الْمَرْأَةِ وَعَانَةِ الرَّجُلِ وَإِطْلَاقُ الْقُلَامَةِ شَامِلٌ لِقُلَامَةِ ظُفْرِ الرَّجُلِ، وَعَلَيْهِ فَتَقْيِيدُ وُجُوبِ الْمُوَارَاةِ لِلشَّعْرِ بِعَانَتِهِ مُشْكِلٌ، وَقِيَاسُ الْقُلَامَةِ تَعَدَّى ذَلِكَ إلَى جَمِيعِ أَجْزَائِهِ حَتَّى شَعْرِ الرَّأْسِ فَلْيُرَاجَعْ، وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ: يَجِبُ عَلَى مَنْ حَلَقَ عَانَتَهُ مُوَارَاةُ شَعْرِهَا لِئَلَّا يُنْظَرَ إلَيْهِ، وَاعْتَمَدَ حَجّ وُجُوبَ مُوَارَاةِ الظُّفْرِ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالشَّعْرِ اهـ.
وَقِيَاسُهُ عَكْسُهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ حُرْمَةِ نَظَرِ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ (قَوْلُهُ: يُرَدُّ ذَلِكَ) لَمْ يَذْكُرْ خَبَرًا لِقَوْلِهِ وَالْمُنَازَعَةُ، وَفِي حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ يُرَدُّ ذَلِكَ قَدَّمْت فِي مَبْحَثِ الِانْتِفَاعِ بِالشَّارِعِ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ مَا يَرُدُّهُ فَرَاجِعْهُ اهـ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ بَعْدَ قَوْلِهِ ذَلِكَ مَرْدُودَةٌ (قَوْلُهُ: كَفَضْلَةٍ) تَعْبِيرُهُ بِمَا قَدْ يَشْمَلُ بَوْلَ الْمَرْأَةِ فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ لِمَنْ عَلِمَ بِأَنَّهُ بَوْلُ امْرَأَةٍ، وَفِي كَلَامِ سم عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: هَلْ بَوْلُ الْمَرْأَةِ كَدَمِ فَصْدِهَا فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ أَوْ لَا، وَيُفَرَّقُ بِمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ جُزْءٌ مِمَّنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ فَإِنَّ الْبَوْلَ لَا يُعَدُّ جُزْءًا بِخِلَافِ الدَّمِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ.
أَقُولُ: الْأَقْرَبُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ لِمَا عَلَّلَ بِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ وَرَدَ) أَيْ تَحْسِينُ ابْنِ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ فَلَا يَحِلُّ بِشَهْوَةٍ) فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الشَّهْوَةَ فِيمَا مَرَّ حَتَّى يَأْخُذَ هَذَا مُحْتَرَزَهُ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَبِحَالِ الْحَيَاةِ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَهِيَ كَالْمَحْرَمِ انْتَهَتْ. فَلَعَلَّ الشَّارِحَ إنَّمَا عَدَلَ عَنْهَا لِأَنَّهُ لَا يَعْتَمِدُ مُقْتَضَاهَا فَلْيُرَاجَعْ مُعْتَمَدُهُ، لَكِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَدِّمَ مَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُحْتَرَزَهُ.