الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَلْ صَحَّ مَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ كَبِيرَةً.
أَمَّا وَطْؤُهُ حَلِيلَتَهُ وَهُوَ يُفَكِّرُ فِي مَحَاسِنِ أَجْنَبِيَّةٍ حَتَّى خُيِّلَ إلَيْهِ أَنَّهُ يَطَؤُهَا فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ جَمْعٌ مُحَقِّقُونَ كَابْنِ الْفِرْكَاحِ وَابْنِ الْبَزَرِيِّ وَالْكَمَالِ الرَّدَّادِ شَارِحِ الْإِرْشَادِ وَالْجَلَالِ السُّيُوطِيّ وَغَيْرِهِمْ حِلُّ ذَلِكَ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ التَّقِيِّ السُّبْكِيّ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ يَحْسُنُ تَرْكُ الْوَطْءِ لَيْلَةَ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَوَسَطِهِ وَآخِرِهِ لِمَا قِيلَ: إنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ فِيهِنَّ.
رُدَّ بِعَدَمِ ثُبُوتِ شَيْءٍ فِي ذَلِكَ.
وَبِفَرْضِهِ: الذِّكْرُ الْوَارِدُ يَمْنَعُهُ.
وَيُنْدَبُ لَهُ إذَا سَبَقَ إنْزَالُهُ إمْهَالُهَا لِتُنْزِلَ وَأَنْ يَتَحَرَّى بِهِ وَقْتَ السَّحَرِ لِانْتِفَاءِ الشِّبَعِ وَالْجُوعِ الْمُفْرِطَيْنِ حِينَئِذٍ، إذْ هُوَ مَعَ أَحَدِهِمَا مُضِرٌّ غَالِبًا كَالْإِفْرَاطِ فِيهِ مَعَ التَّكَلُّفِ، وَضَبَطَ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ نَفْعَهُ بِأَنْ يَجِدَ دَاعِيَةً مِنْ نَفْسِهِ لَا بِوَاسِطَةٍ كَتَفَكُّرٍ.
نَعَمْ فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ أَمَرَ مَنْ رَأَى امْرَأَةً فَأَعْجَبَتْهُ بِهِ مُعَلَّلًا بِأَنَّ مَا مَعَ زَوْجَتِهِ كَمَا مَعَ الْمَرْئِيَّةِ، وَفِعْلُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الذَّهَابِ إلَيْهَا، أَوْ لَيْلَتَهَا وَأَنْ لَا يَتْرُكَهُ عِنْدَ قُدُومِهِ مِنْ سَفَرٍ وَالتَّقَوِّي لَهُ بِأَدْوِيَةٍ مُبَاحَةٍ مَعَ رِعَايَةِ الْقَوَانِينِ الطِّبِّيَّةِ مَعَ قَصْدِ صَالِحٍ كَعِفَّةٍ، أَوْ نَسْلٍ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِمَحْبُوبٍ فَيَكُونُ مَحْبُوبًا فِيمَا يَظْهَرُ وَكَثِيرٌ يُخْطِئُونَ ذَلِكَ فَيَتَوَلَّدُ مِنْهُ أُمُورٌ ضَارَّةٌ جِدًّا فَلْيُحْذَرْ.
وَوَطْءُ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ مَكْرُوهٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ إنْ خَشِيَ مِنْهُ ضَرَرًا لِلْوَلَدِ بَلْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حَرُمَ، وَمَنْ أَطْلَقَ عَدَمَ كَرَاهَتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَخْشَ مِنْهُ ضَرَرًا
فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَتَوَابِعِهَا
وَهِيَ خَمْسَةٌ: زَوْجَانِ، وَوَلِيٌّ، وَشَاهِدَانِ، وَصِيغَةٌ، وَقَدَّمَهَا لِانْتِشَارِ الْخِلَافِ فِيهَا الْمُسْتَدْعِي لِطُولِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا فَقَالَ (إنَّمَا)(يَصِحُّ النِّكَاحُ بِإِيجَابٍ) وَلَوْ مِنْ هَازِلٍ وَمِثْلُهُ الْقَبُولُ (وَهُوَ) أَنْ يَقُولَ الْعَاقِدُ (زَوَّجْتُك
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِهِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ مَقْصُودُهُ مِنْ الْجِمَاعِ كَأَنْ يَطْلُبَ مِنْهَا أَنْ تَكُونَ عَلَى صِفَةٍ يَتَمَكَّنُ مَعَهَا مِنْ تَمَامِ مُرَادِهِ فِي الْوَطْءِ (قَوْلُهُ بَلْ صَحَّ مَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ كَبِيرَةً) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَتَفَكَّرُ فِي مَحَاسِنِ أَجْنَبِيَّةٍ) أَيْ أَوْ أَمْرَدَ فَيَتَصَوَّرُهَا بِصُورَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: حَلَّ ذَلِكَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إمْهَالُهَا لِتُنْزِلَ) وَيَظْهَرُ ذَلِكَ بِإِخْبَارِهَا، أَوْ بِقَرَائِنَ تَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَالْإِفْرَاطِ فِيهِ) أَيْ الْجِمَاعِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ فِي الْخَبَرِ) هُوَ فِي حُكْمِ الْمُسْتَثْنَى مَعَ عَدَمِ الْإِتْيَانِ مَعَ الْوَاسِطَةِ (قَوْلُهُ: وَفِعْلُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ) أَيْ وَيُنْدَبُ فِعْلُهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَتْرُكَهُ عِنْدَ قُدُومِهِ) أَيْ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي تَعْقُبُ قُدُومَهُ مَثَلًا مِنْ السَّفَرِ، بَلْ، أَوْ فِي يَوْمِهِ إنْ اتَّفَقَتْ خَلْوَةٌ (قَوْلُهُ: مِنْ سَفَرٍ) أَيْ تَحْصُلُ بِهِ غَيْبَةٌ عَنْ الْمَرْأَةِ عُرْفًا (قَوْلُهُ: وَوَطْءُ الْحَامِلِ) أَيْ بَعْدَ ظُهُورِهِ وَلَوْ بِإِخْبَارِهَا حَيْثُ صَدَّقَهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: بَلْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حَرُمَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ خَافَ الزِّنَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قَوِيَ الظَّنُّ بِحَيْثُ الْتَحَقَ بِالْيَقِينِ وَكَانَ الضَّرَرُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ لِلْوَلَدِ مِمَّا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً كَهَلَاكِ الْوَلَدِ، وَلَا يُشْكَلُ هَذَا بِمَا مَرَّ فِي الرَّهْنِ مِنْ جَوَازِ وَطْءِ الْمَرْهُونَةِ إنْ خَافَ الزِّنَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ ضَرَرٌ مُحَقَّقٌ وَلَا مَظْنُونٌ، وَغَايَتُهُ أَنَّ سَبَبَ الْمَنْعِ مُجَرَّدُ تَوَهُّمِ الْحَبَلِ فِيمَنْ تَحْبَلُ وَبِفَرْضِهِ لَا ضَرُورَةَ عَلَى الرَّاهِنِ لِبَقَاءِ الدَّيْنِ وَإِنْ فَاتَ جَرْدُ التَّوَثُّقِ.
(فَصْلٌ) فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ
(قَوْلُهُ: وَتَوَابِعِهَا) أَيْ كَنِكَاحِ الشِّغَارِ وَكَالشَّهَادَةِ عَلَى إذْنِ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْأَرْكَانُ (قَوْلُهُ وَشَاهِدَانِ) عَدَّهُمَا رُكْنًا لِعَدَمِ اخْتِصَاصِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، بِخِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَا لَا يُعْتَبَرُ فِي الْآخَرِ، وَجَعَلَهُمَا حَجّ رُكْنًا وَاحِدًا لِتَعَلُّقِ الْعَقْدِ بِهِمَا فَلَا تَخَالُفَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الْقَبُولُ) أَيْ فِي أَنَّهُ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ الْهَازِلِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ) أَيْ كَلَامُهُ.
[فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَتَوَابِعِهَا]
(فَصْلٌ) فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ
أَوْ أَنْكَحْتُك) مُوَلِّيَتِي فُلَانَةَ مَثَلًا (وَقَبُولٌ) مُرْتَبِطٌ بِالْإِيجَابِ كَمَا مَرَّ آنِفًا (بِأَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ) وَمِثْلُهُ وَكِيلُهُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ (تَزَوَّجْت) هَا (أَوْ نَكَحْت) هَا فَلَا بُدَّ مِنْ دَالٍّ عَلَيْهَا مِنْ نَحْوِ اسْمٍ، أَوْ ضَمِيرٍ، أَوْ إشَارَةٍ (أَوْ قَبِلْت) ، أَوْ رَضِيت كَمَا حَكَاهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ الْوَزِيرُ عَنْ إجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ السُّبْكِيُّ، وَمِثْلُهُ أَحْبَبْت، أَوْ أَرَدْت كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ (نِكَاحَهَا) بِمَعْنَى إنْكَاحِهَا لِيُطَابِقَ الْإِيجَابَ وَلِاسْتِحَالَةِ مَعْنَى النِّكَاحِ هُنَا إذْ هُوَ الْمُرَكَّبُ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَمَا مَرَّ (أَوْ تَزْوِيجَهَا) ، أَوْ النِّكَاحَ، أَوْ التَّزْوِيجَ لَا قَبِلْت وَلَا قَبِلْتهَا وَلَا قَبِلْته إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَوَسِّطِ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ لَكِنْ رَدَّهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا أَيْضًا تَخَاطُبٌ، فَلَوْ قَالَ لِلْوَلِيِّ زَوَّجْته ابْنَتَك فَقَالَ زَوَّجْت عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا، لَكِنْ جَزَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ زَوَّجْته، أَوْ زَوَّجْتهَا ثُمَّ قَالَ لِلزَّوْجِ قَبِلْت نِكَاحَهَا فَقَالَ قَبِلْته عَلَى مَا مَرَّ، أَوْ تَزَوَّجْتهَا فَقَالَ تَزَوَّجْت صَحَّ، وَلَا يَكْفِي هُنَا نَعَمْ وَنَبَّهَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ الْوَلِيُّ: زَوَّجْتهَا لِفُلَانٍ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى زَوَّجْتهَا لَمْ يَصِحَّ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ، وَأَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِلتَّخْيِيرِ مُطْلَقًا إذْ لَا يُشْتَرَطُ تَوَافُقُ اللَّفْظَيْنِ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ قَبِلْت لِأَنَّهُ الْقَبُولُ الْحَقِيقِيُّ مَمْنُوعٌ بَلْ الْكُلُّ قَبُولٌ حَقِيقِيٌّ شَرْعًا، وَبِفَرْضِ ذَلِكَ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ لِأَنَّ غَيْرَ الْأَهَمِّ قَدْ يُقَدَّمُ لِنُكْتَةٍ كَالرَّدِّ عَلَى مُشَكِّكٍ، أَوْ مُخَالِفٍ فِيهِ وَالتَّنْظِيرُ فِي صِحَّةِ تَزَوَّجْت، أَوْ نَكَحْت لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الْإِخْبَارِ وَالْقَبُولِ، وَفِي تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ فِي قَوْلِهِ تَزَوَّجْت قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ لَا عَقْدٌ انْتَهَى.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ آنِفًا) أَيْ فِي آخِرِ الْفَصْلِ قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ طَالَ الذِّكْرُ الْفَاصِلُ بَيْنَهُمَا لَمْ يَصِحَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ دَالٍّ عَلَيْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ السُّبْكِيُّ) أَيْ فِي رَضِيت (قَوْلُهُ: لَا قَبِلْت) أَيْ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ نِكَاحِهَا أَوْ تَزْوِيجِهَا، وَقَوْلُهُ لَكِنْ رَدُّوهُ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَوَسِّطِ.
وَالْحَاصِلُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَوَسِّطِ أَنْ يَقُولَ الْوَلِيُّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُتَوَسِّطِ زَوَّجْت بِنْتَك فُلَانًا زَوَّجْتهَا لَهُ، أَوْ زَوَّجْته إيَّاهَا، وَلَا يَكْفِي زَوَّجْت بِدُونِ الضَّمِيرِ وَلَا زَوَّجْتهَا بِدُونِ ذِكْرِ الزَّوْجِ، وَأَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُتَوَسِّطِ تَزَوَّجْتهَا مَثَلًا تَزَوَّجْت أَوْ قَبِلْت نِكَاحَهَا لَا قَبِلْت وَحْدَهَا وَلَا مَعَ الضَّمِيرِ نَحْوُ قَبِلْته (قَوْلُهُ: لَكِنْ جَزَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ:، أَوْ زَوَّجْتهَا) أَيْ فَلَا يَكْفِي زَوَّجْت فَقَطْ وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ ضَمٍّ لِفُلَانٍ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ فَقَالَ قَبِلْته عَلَى مَا مَرَّ) مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ:، أَوْ تَزَوَّجْتهَا) أَيْ، أَوْ قَالَ الْمُتَوَسِّطُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَقَالَ تَزَوَّجْت) أَيْ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا، وَفِي هَذِهِ تُخَالِفُ مَسْأَلَةُ الْمُتَوَسِّطِ غَيْرَهَا لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ دَالٍّ عَلَيْهَا مِنْ نَحْوِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي هُنَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَوَسِّطِ بِخِلَافِهِ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَوَسِّطِ (قَوْلُهُ: لِلتَّخْيِيرِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَتَى الْوَلِيُّ بِلَفْظِ الْإِنْكَاحِ، أَوْ التَّزْوِيجِ فَلَيْسَ قَبِلْت نِكَاحَهَا رَاجِعًا لَأَنْكَحْت وَقَبِلْت تَزْوِيجَهَا رَاجِعًا لَزَوَّجْت (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُشْتَرَطُ تَوَافُقُ اللَّفْظَيْنِ) أَيْ أَمَّا التَّوَافُقُ مَعْنًى فَلَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ قُبَيْلَ الْفَصْلِ وَأَنْ يُقْبَلَ عَلَى وَفْقِ الْإِيجَابِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَهْرِ إلَخْ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَلِيُّ جَدًّا وَلَهُ بِنْتَا ابْنَيْنِ فَقَالَ لِلزَّوْجِ زَوَّجْتُك مُوَلِّيَتِي فَقَبِلَ نِكَاحَ إحْدَاهُمَا الْبُطْلَانُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ.
(قَوْلُهُ: كَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ قَبِلْت) أَيْ عَلَى تَزَوَّجْت (قَوْله وَفِي تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ) مُسْتَنَدُ النَّظَرِ وَلَوْ قَالَ لِمَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: كَمَا حَكَاهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ الْوَزِيرُ) أَيْ الْحَنْبَلِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالْإِشْرَاقِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ تَزَوَّجْت صَحَّ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: تَزَوَّجْتهَا، وَهِيَ الْأَصْوَبُ لِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَنَبَّهَ الْوَالِدُ إلَخْ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَوَسِّطِ: أَيْ فَقَوْلُهُ فِيهَا لَكِنْ جَزَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ زَوَّجْتُهُ أَوْ زَوَّجْتُهَا: أَيْ مَعَ قَوْلِهِ لِفُلَانٍ فِي الشِّقِّ الثَّانِي، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَوْلُهُ فُلَانَةُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَفِي تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ إلَخْ) مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِ الْمُنَظِّرِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ انْتَهَى.
لَكِنْ لَيْسَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا يَصِحُّ تَسْلِيطُهُ عَلَيْهِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَقَدْ قِيلَ فِي صِحَّةِ تَزَوَّجْت أَوْ نَكَحْت نَظَرٌ
مَرْدُودٌ لِبِنَائِهِ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِمُجَرَّدِ تَزَوَّجْت مِنْ غَيْرِ نَحْوِ ضَمِيرٍ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ، وَحِينَئِذٍ فَمَا فِي التَّعْلِيقِ صَحِيحٌ لَكِنْ لِخُلُوِّهِ عَنْ ذَلِكَ الْمُوجِبِ لِتَمَحُّضِهِ لِلْإِخْبَارِ بِهِ، أَوْ قَرَّبَهُ مِنْهُ لَا لِلتَّرَدُّدِ الَّذِي ذُكِرَ لِأَنَّ هَذَا إنْشَاءٌ شَرْعًا كَبِعْتُ وَلَا يَضُرُّ فَتْحُ تَاءِ مُتَكَلِّمٍ وَلَوْ مِنْ عَارِفٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ عَدَّهُمْ كَمَا مَرَّ فِي أَنْعَمْت بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِهَا مُخِلًّا لِلْمَعْنَى، لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الصِّيغَةِ عَلَى الْمُتَعَارَفِ فِي مُحَاوَرَاتِ النَّاسِ، وَلَا كَذَلِكَ الْقِرَاءَةُ وَإِبْدَالُ الزَّايِ جِيمًا وَعَكْسُهُ وَالْكَافِ هَمْزَةً كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي فَتَاوَى بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ يَصِحُّ أُنْكِحُكَ كَمَا هُوَ لُغَةُ قَوْمٍ مِنْ الْيَمَنِ، وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: لَا يَضُرُّ زَوَّجْت لَك، أَوْ إلَيْك لِأَنَّ الْخَطَأَ فِي الصِّيغَةِ إذَا لَمْ يُخِلَّ بِالْمَعْنَى يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْخَطَإِ فِي الْإِعْرَابِ وَالتَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ انْتَهَى.
وَمُرَادُهُ بِالْخَطَإِ فِي الصِّيغَةِ الصِّلَاتُ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرَ وَغَيْرِهِ مِنْ اغْتِفَارِ كُلِّ مَا لَا يُخِلُّ بِالْمَعْنَى، وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي صِحَّتُهُ مَعَ نَفْيِ الصَّدَاقِ فَيُعْتَبَرُ لِلُزُومِهِ هُنَا ذِكْرُهُ فِي كُلٍّ مِنْ شِقَّيْ الْعَقْدِ مَعَ تَوَافُقِهِمَا فِيهِ كَتَزَوَّجْتُهَا بِهِ وَإِلَّا وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ (وَيَصِحُّ تَقَدُّمُ لَفْظِ الزَّوْجِ) ، أَوْ وَكِيلِهِ سَوَاءٌ قَبِلْت وَغَيْرُهَا (عَلَى) لَفْظِ (الْوَلِيِّ) أَوْ وَكِيلِهِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ (وَلَا يَصِحُّ) النِّكَاحُ (إلَّا بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ أَوْ الْإِنْكَاحِ) أَيْ مَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا، وَلَا تَكْرَارَ فِي هَذَا مَعَ مَا مَرَّ لِإِبْهَامِ حَصْرِ الصِّحَّةِ فِي تِلْكَ الصِّيَغِ فَيَصِحُّ نَحْوُ أَنَا مُزَوِّجُك إلَى آخِرِهِ وَذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ» وَكَلِمَتُهُ مَا وَرَدَ فِي كِتَابِهِ، وَلَمْ يَرِدْ فِيهِ سِوَاهُمَا، وَالْقِيَاسُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ فِي النِّكَاحِ ضَرْبًا مِنْ التَّعَبُّدِ فَلَمْ يَصِحَّ بِنَحْوِ لَفْظِ إبَاحَةٍ وَتَمْلِيكٍ وَهِبَةٍ وَجَعْلُهُ تَعَالَى النِّكَاحَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ خُصُوصِيَّةٌ لَهُ صلى الله عليه وسلم لِقَوْلِهِ {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: 50] صَرِيحٌ وَاضِحٌ فِي ذَلِكَ، وَخَبَرُ الْبُخَارِيِّ «مَلَّكْتُكهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فِي إلَخْ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ خِلَافًا) أَيْ فَمَا فِي التَّعْلِيقِ صَحِيحٌ لِمَا بَيَّنَهُ مِنْ أَنَّ التَّنْظِيرَ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا فَعَدَمُ الصِّحَّةِ بِتَزَوَّجْتُ فَقَطْ ظَاهِرٌ وَالتَّنْظِيرُ فِيهِ مُنْدَفِعٌ (قَوْلُهُ فَمَا فِي التَّعْلِيقِ) أَيْ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: عَنْ ذَلِكَ الْمُوجِبِ) وَهُوَ الضَّمِيرُ، أَوْ نَحْوُهُ (قَوْلُهُ: الَّذِي ذُكِرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ عَارِفٍ) خِلَافًا لحج فِي الْعَارِفِ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ) أَيْ عَدَمَ الضَّرَرِ هُنَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الصِّيغَةِ عَلَى الْمُتَعَارَفِ) فِي كَوْنِ فَتْحِ تَاءِ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ الْمُتَعَارَفِ فِي مُحَاوَرَاتِ النَّاسِ وَلَوْ مِنْ الْعَارِفِ نَظَرٌ فَالْقَلْبُ إلَى مَا قَالَهُ حَجّ أَمْيَلُ (قَوْلُهُ: وَإِبْدَالُ الزَّايِ جِيمًا) أَيْ لَا يَضُرُّ، وَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ قَالَ الزَّوْجُ فِي الْمُرَاجَعَةِ رَاجَعْت زَوْجَتِي لِعَقْدِ نِكَاحِي فَلَا يَضُرُّ، أَوْ قَالَ زَوَّزْتُكَ، أَوْ زَوِّزْنِي (قَوْلُهُ: وَالْكَافُ هَمْزَةً) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ عَارِفٍ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لُغَتُهُ وَلَا لُثْغَةَ بِلِسَانِهِ (قَوْلُهُ: يَصِحُّ أُنْكِحُكَ) وَيَصِحُّ أَيْضًا أُزَوِّجْتُكَ وَلَوْ مِنْ عَالِمٍ، وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ الرَّمْلِيِّ مَا يُوَافِقُهُ، وَوَجْهُهُ أَنْ مَعْنَى أُزَوِّجْتُكَ فُلَانَةَ صَيَّرْتُك زَوْجًا لَهَا، وَهُوَ مُسَاوٍ فِي الْمَعْنَى كَزَوَّجْتُكَهَا، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَيْضًا مَا يُخَالِفُهُ.
(قَوْلُهُ: وَالتَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ) أَيْ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَحِلُّ (قَوْلُهُ: الصِّلَاتُ) أَيْ وَهِيَ لَك، أَوْ إلَيْك إلَخْ (قَوْلُهُ: مَعَ نَفْيِ الصَّدَاقِ) أَوْ الِاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِ مَا سَمَّاهُ الْوَلِيُّ (قَوْلُهُ: لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ) أَيْ مَعَ تَقَدُّمِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ) وَلَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِمَا عَلَى مَا مَرَّ مِنْ إبْدَالِ الزَّايِ جِيمًا وَعَكْسُهُ (قَوْله بِأَمَانَةِ اللَّهِ) أَيْ بِجَعْلِهِنَّ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ كَالْأَمَانَاتِ الشَّرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَكَلِمَتُهُ مَا وَرَدَ فِي كِتَابِهِ) أَيْ مِنْ نَحْوِ {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] وَ {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37](قَوْلُهُ: وَاضِحٌ فِي ذَلِكَ) أَيْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
لِتَرَدُّدِهِ إلَى قَوْلِهِ انْتَهَى، فَقَوْلُهُ وَفِي تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ إلَخْ مِنْ جُمْلَةِ مَا قِيلَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا إنْشَاءٌ شَرْعًا) قَالَ الشِّهَابُ سم: لَا وَجْهَ لِكَوْنِهِ إنْشَاءً مَعَ نَحْوِ الضَّمِيرِ وَمُتَمَحِّضًا لِلْأَخْبَارِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ مَعَ عَدَمِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِبْدَالُ إلَخْ) مَعْطُوفٌ
بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ» إمَّا وَهْمٌ مِنْ مَعْمَرٍ كَمَا قَالَهُ النَّيْسَابُورِيُّ لِأَنَّ رِوَايَةَ الْجُمْهُورِ زَوَّجْتُكهَا وَالْجَمَاعَةُ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ الْوَاحِدِ أَوْ رِوَايَةٌ بِالْمَعْنَى لِظَنِّ التَّرَادُفِ، أَوْ جُمِعَ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ إشَارَةً إلَى قُوَّةِ حَقِّ الزَّوْجِ وَأَنَّهُ كَالْمَالِكِ وَيَنْعَقِدُ نِكَاحُ الْأَخْرَسِ بِإِشَارَتِهِ الَّتِي لَا يَخْتَصُّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ، وَكَذَا بِكِتَابَتِهِ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ وَتَعَذَّرَ تَوْكِيلُهُ لِاضْطِرَارِهِ حِينَئِذٍ، وَيُلْحَقُ بِكِتَابَتِهِ فِي ذَلِكَ إشَارَتُهُ الَّتِي يَخْتَصُّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ.
(وَيَصِحُّ) عَقْدُ النِّكَاحِ (بِالْعَجَمِيَّةِ)(فِي الْأَصَحِّ) وَهِيَ مَا عَدَا الْعَرَبِيَّةَ مِنْ سَائِرِ اللُّغَاتِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَإِنْ أَحْسَنَ قَائِلُهَا الْعَرَبِيَّةَ اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى لِأَنَّهُ لَفْظٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إعْجَازٌ فَاكْتَفَى بِتَرْجَمَتِهِ.
وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ الْوَارِدِ.
وَالثَّالِثُ إنْ عَجَزَ عَنْ الْعَرَبِيَّةِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَعُدُّهُ أَهْلُ تِلْكَ اللُّغَةِ صَرِيحًا، هَذَا إنْ فَهِمَ كُلٌّ كَلَامَ نَفْسِهِ وَالْآخَرِ.
فَإِنْ فَهِمَهَا ثِقَةٌ دُونَهُمَا فَأَخْبَرَهُمَا بِمَعْنَاهَا فَوَجْهَانِ، رَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ الْمَنْعَ كَمَا فِي الْعَجَمِيِّ الَّذِي ذَكَرَ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَأَرَادَ مَعْنَاهُ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ، قَالَ: وَصُورَتُهُ: أَنْ لَا يَعْرِفَهَا إلَّا بَعْدَ إتْيَانِهِ بِهَا، فَلَوْ أَخْبَرَهُ بِمَعْنَاهَا قَبْلُ صَحَّ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ، وَيُشْتَرَطُ فَهْمُ الشَّاهِدَيْنِ ذَلِكَ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي.
(لَا بِكِنَايَةٍ) فِي الصِّيغَةِ كَأَحْلَلْتُكَ بِنْتِي فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ (قَطْعًا) وَإِنْ نَوَى بِهَا النِّكَاحَ وَتَوَفَّرَتْ الْقَرَائِنُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا مَطْلَعَ لِلشُّهُودِ الْمُشْتَرَطِ حُضُورُهُمْ لِكُلِّ فَرْدٍ فَرْدٌ مِنْهُ عَلَى النِّيَّةِ، وَبِهِ فَارَقَ الْبَيْعَ وَإِنْ شُرِطَ فِيهِ الْإِشْهَادُ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ، وَقَوْلُهُ ذَلِكَ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى اقْتِرَانِهَا بِالْعَقْدِ لَا عَلَى نَفْسِ الْعَقْدِ، وَلَوْ اسْتَخْلَفَ قَاضٍ فَقِيهًا فِي تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ اُشْتُرِطَ اللَّفْظُ الصَّرِيحُ، وَلَوْ قَالَ زَوَّجَك اللَّهُ بِنْتِي لَمْ يَصِحَّ كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ وَهُوَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَنْعُ الْقِيَاسِ (قَوْلُهُ: بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذِهِ الصِّيغَةِ بِتَعْلِيمِك إيَّاهَا مَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ وَقَدْ كَانَ مَعْلُومًا لَهُمَا: أَيْ الزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِكِتَابَتِهِ) ظَاهِره وَلَوْ لِغَائِبٍ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ، قَالَ فِي مَتْنِ الرَّوْضِ: وَلَا بِكِتَابَةٍ، قَالَ فِي شَرْحِهِ: فِي غَيْبَةٍ أَوْ حُضُورٍ لِأَنَّهَا كِنَايَةٌ، قَالَ: بَلْ لَوْ قَالَ لِغَائِبٍ زَوَّجْتُك ابْنَتِي، أَوْ قَالَ زَوَّجْتهَا مِنْ فُلَانٍ ثُمًّ كَتَبَ فَبَلَغَهُ الْكِتَابُ، أَوْ الْخَبَرُ فَقَالَ قَبِلْت لَمْ يَصِحَّ كَمَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْأُولَى، وَسَكَتَ عَنْ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهَا سَقَطَتْ مِنْ كَلَامِهِ، إلَى أَنْ فَرَّقَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْبَيْعِ بِأَنَّهُ أَوْسَعُ بِدَلِيلِ انْعِقَادِهِ بِالْكِنَايَةِ وَثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيهِ انْتَهَى.
وَهُوَ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ بِالْكِتَابَةِ لِكَوْنِهَا كِنَايَةً، وَهُوَ شَامِلٌ لِلْأَخْرَسِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ حَيْثُ صَحَّ عَقْدُ الْأَخْرَسِ بِالْكِتَابَةِ لِلضَّرُورَةِ عَلَى مَا ذُكِرَ فَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُهُ بِالْحَاضِرِ لِتَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ التَّعْمِيمُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ هَذَا، وَقَدْ يُقَالُ: مَا الْمَانِع مِنْ أَنَّ الْقَاضِيَ يُزَوِّجُهُ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ إشَارَةٌ صَرِيحَةٌ كَمَا يَتَصَرَّفُ فِي أَمْوَالِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْمُولٌ) أَيْ صِحَّةُ نِكَاحِهِ بِالْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ) أَيْ لِكُلِّ أَحَدٍ، أَمَّا إذَا فَهِمَهَا الْفَطِنُ دُونَ غَيْرِهِ سَاوَتْ الْكِتَابَةَ فَيَصِحُّ نِكَاحُهُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَتَعَذَّرَ تَوْكِيلُهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ التَّوْكِيلُ بِالْكِتَابَةِ، أَوْ الْإِشَارَةِ الَّتِي يَخْتَصُّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ تَعَيَّنَ لِصِحَّةِ نِكَاحِهِ تَوْكِيلُهُ، وَهُوَ قَرِيبٌ لِأَنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كِنَايَةً أَيْضًا فَهِيَ فِي التَّوْكِيلِ وَهُوَ يَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: إشَارَتُهُ الَّتِي يَخْتَصُّ بِفَهْمِهَا إلَخْ) أَيْ فَيَصِحُّ نِكَاحُهُ بِهَا لِلضَّرُورَةِ حَيْثُ تَعَذَّرَ تَوْكِيلُهُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ النِّكَاحَ لَفْظٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: رَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ) أَيْ عُرْفًا بِالْإِخْبَارِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ (قَوْلُهُ فَهْمُ الشَّاهِدَيْنِ ذَلِكَ) أَيْ مَا أَتَى بِهِ الْعَاقِدَانِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا مَطْلَعَ) أَيْ اطِّلَاعَ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ ذَلِكَ) أَيْ نَوَيْت (قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ اللَّفْظُ الصَّرِيحُ) أَيْ فِي الِاسْتِخْلَافِ بِأَنْ يَقُولَ اسْتَخْلَفْتُك أَوْ أَذِنْت لَك فِي تَزْوِيجِ فُلَانَةَ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ زَوَّجَك اللَّهُ بِنْتِي لَمْ يَصِحَّ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
عَلَى فَتْحِ تَاءِ الْمُتَكَلِّمِ
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ) أَيْ بَيْنَ لَفْظَيْهِمَا فِيمَا إذَا لَمْ يَقُلْ لِلْمُتَأَخِّرِ إلَّا بَعْدَ لَفْظِ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ ذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ قَالَ بَعْدَ الْعَقْدِ بِالْكِنَايَةِ نَوَيْت بِمَا قُلْته النِّكَاحَ
(قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ اللَّفْظُ الصَّرِيحُ) أَيْ فِي الِاسْتِخْلَافِ،
كَذَلِكَ وَإِنْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْعَبَّادِيِّ مَا يَقْتَضِي صَرَاحَتَهُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا فِي الصِّيغَةِ الْكِنَايَةُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ أَبُو بَنَاتٍ زَوَّجْتُك إحْدَاهُنَّ أَوْ بِنْتِي، أَوْ فَاطِمَةَ وَنَوَيَا مُعَيَّنَةً وَلَوْ غَيْرَ الْمُسَمَّاةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الصِّيغَةَ هِيَ الْمُحَلِّلَةُ فَاحْتِيطَ لَهَا أَكْثَرُ، وَلَا يَكْفِي زَوَّجْت ابْنَتِي أَحَدَكُمَا مُطْلَقًا (وَلَوْ قَالَ) الْوَلِيُّ (زَوَّجْتُك) إلَى آخِرِهِ (فَقَالَ) الزَّوْجُ (قَبِلْت) مُطْلَقًا، أَوْ قَبِلْته وَلَوْ فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَوَسِّطِ عَلَى مَا مَرَّ (لَمْ يَنْعَقِدْ) النِّكَاحُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِانْتِفَاءِ لَفْظِ النِّكَاحِ، أَوْ التَّزْوِيجِ كَمَا مَرَّ، وَفِي قَوْلٍ يَنْعَقِدُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى مَا أَوْجَبَهُ الْوَلِيُّ فَإِنَّهُ كَالْمُعَادِ لَفْظًا كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْبَيْعِ، وَفَارَقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْقَبُولَ وَإِنْ انْصَرَفَ إلَى مَا أَوْجَبَهُ الْبَائِعُ إلَّا أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْكِنَايَاتِ وَالنِّكَاحُ لَا يَنْعَقِدُ بِهَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَقِيلَ بِالْمَنْعِ قَطْعًا، وَقِيلَ بِالصِّحَّةِ قَطْعًا (وَلَوْ)(قَالَ) الزَّوْجُ لِلْوَلِيِّ (زَوِّجْنِي بِنْتَك فَقَالَ الْوَلِيُّ زَوَّجْتُك) بِنْتِي إلَى آخِرِهِ (أَوْ)(قَالَ الْوَلِيُّ) لِلزَّوْجِ (تَزَوَّجْتهَا) أَيْ بِنْتِي (فَقَالَ) الزَّوْجُ (تَزَوَّجْت) هَا إلَى آخِرِهِ (صَحَّ) النِّكَاحُ فِيهِمَا بِمَا ذُكِرَ لِلِاسْتِدْعَاءِ الْجَازِمِ الدَّالِّ عَلَى الرِّضَا، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ خَاطِبَ الْوَاهِبَةِ قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم زَوِّجْنِيهَا، فَقَالَ زَوَّجْتُكهَا» وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَهُ تَزَوَّجْتهَا وَلَا غَيْرَهُ، وَخَرَجَ بِزَوِّجْنِي: تُزَوِّجُنِي أَوْ زَوَّجْتنِي وَتَتَزَوَّجُهَا مِنِّي فَلَا يَصِحُّ لِانْتِفَاءِ الْجَزْمِ، نَعَمْ إنْ قَبِلَ، أَوْ أَوْجَبَ ثَانِيًا صَحَّ، وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا قُلْ تَزَوَّجْتهَا، أَوْ زَوَّجْتهَا لِأَنَّهُ اسْتِدْعَاءٌ لِلَّفْظِ دُونَ التَّزْوِيجِ، وَلَا زَوَّجْت نَفْسِي، أَوْ ابْنِي مِنْ بِنْتِك لِأَنَّ الزَّوْجَ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ وَإِنْ أُعْطِيَ حُكْمَهُ فِي نَحْوِ أَنَا مِنْك طَالِقٌ مَعَ النِّيَّةِ.
(وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) فَيَفْسُدُ بِهِ كَالْبَيْعِ بَلْ أَوْلَى لِمَزِيدِ الِاحْتِيَاطِ هُنَا، وَلَوْ قَالَ زَوَّجْتُك إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَصَدَ التَّعْلِيقَ، أَوْ أَطْلَقَ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ، أَوْ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى صَحَّ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْوُضُوءِ (وَلَوْ)(بُشِّرَ) شَخْصٌ (بِوَلَدٍ فَقَالَ) لِمَنْ عِنْدَهُ هُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ لِجَلِيسِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ طَلَّقَك اللَّهُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ، لِأَنَّ مَا لَا يَنْفُذُ مِنْ الشَّخْصِ مُنْفَرِدًا إذَا أَضَافَهُ إلَى اللَّهِ كَانَ كِنَايَةً، وَمَا يَنْفُذُ مِنْهُ مُنْفَرِدًا يَكُونُ صَرِيحًا (قَوْلُهُ: وَنَوَيَا مُعَيَّنَةً) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي النِّيَّةِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبَقِيَ مَا لَوْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ ثُمَّ مَاتَ ثُمَّ اخْتَلَفَتْ الزَّوْجَةُ مَعَ الزَّوْجِ فِي أَنَّهَا الْمُسَمَّاةُ بِأَنْ قَالَتْ لَسْت الْمُسَمَّاةَ وَقَالَ الشُّهُودُ بَلْ أَنْتِ الْمُسَمَّاةُ فَهَلْ الْعِبْرَةُ بِقَوْلِهَا أَوْ بِقَوْلِ الشُّهُودِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ قَالَتْ لَسْت الْمُسَمَّاةَ فِي الْعَقْدِ وَقَالَ الشُّهُودُ بَلْ أَنْتِ الْمَقْصُودَةُ بِالتَّسْمِيَةِ، وَإِنَّمَا الْوَلِيُّ سَمَّى غَيْرَك فِي الْعَقْدِ غَلَطًا وَوَافَقَهُمَا الزَّوْجُ عَلَى ذَلِكَ، فَهَلْ الْعِبْرَةُ بِقَوْلِهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النِّكَاحِ أَوْ الْعِبْرَةِ بِقَوْلِ الشُّهُودِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْغَلَطِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي زَوَّجْت ابْنَتِي أَحَدَكُمَا مُطْلَقًا) نَوَى الْوَلِيُّ مُعَيَّنًا مِنْهُمَا أَوْ لَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ زَوَّجْتُك إحْدَى بَنَاتِي وَنَوَيَا مُعَيَّنَةً حَيْثُ صَحَّ ثُمَّ لَا هُنَا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنْ الزَّوْجِ الْقَبُولُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ لِيَقَعَ الْإِشْهَادُ عَلَى قَبُولِهِ الْمُوَافِقِ لِلْإِيجَابِ وَالْمَرْأَةُ لَيْسَ الْعَقْدُ وَالْخِطَابُ مَعَهَا وَالشَّهَادَةُ تَقَعُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْوَلِيُّ فَاغْتُفِرَ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْبَيْعِ) ظَاهِرٌ فِي أَنَّ قَبِلْت كِنَايَةٌ فِي الْبَيْعِ فَيَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَقَضِيَّةُ مَا فِي الْبَيْعِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: إلَى آخِرِهِ) أَيْ فُلَانَةَ (قَوْلُهُ:، أَوْ زَوَّجْتهَا) أَيْ فَلَا يُغْنِي وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَنْ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الزَّوْجَ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ) عِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: قَوْلُهُ أَمَّا الْكِنَايَةُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إلَخْ وَمِثْلُ الزَّوْجَةِ الزَّوْجُ إذَا نَوَيَا مُعَيَّنًا بِأَنْ قَالَ زَوِّجْ بِنْتَك ابْنِي، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ مِنْ الْبُطْلَانِ فِي زَوَّجْت ابْنِي مِنْ بِنْتِك
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَلَا تَكْفِي الْكِنَايَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ
(قَوْلُهُ: لِمَنْ عِنْدَهُ) لَا خَفَاءَ أَنَّهُ مُسَاوٍ لِقَوْلِ الشَّارِحِ الْمَحَلِّيِّ لِجَلِيسِهِ لَا أَشْمَلَ مِنْهُ وَإِنْ أَفَادَهُ صَنِيعُ الشَّارِحِ هُنَا وَالْعِبَارَةُ الْأُولَى لِلتُّحْفَةِ، وَقَدْ رَاعَى فِيهَا مَا رَاعَاهُ الشَّارِحُ الْمَحَلِّيُّ مِمَّا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ هُنَا فَكَانَ عَلَى
وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِإِتْيَانِ الْمُصَنِّفِ بِالْفَاءِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّعْقِيبِ فِي قَوْلِهِ فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا (إنْ كَانَ أُنْثَى فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا) فَقَبِلَ وَبَانَتْ أُنْثَى (أَوْ)(قَالَ) شَخْصٌ لِآخَرَ (إنْ كَانَتْ بِنْتِي طَلُقَتْ وَاعْتَدَّتْ فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا) فَقَبِلَ ثُمَّ بَانَ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا وَأَنَّهَا أَذِنَتْ لَهُ، أَوْ قَالَ لِمَنْ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ إنْ كَانَتْ إحْدَاهُنَّ مَاتَتْ زَوَّجْتُك بِنْتِي فَقَبِلَ (فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ) لِفَسَادِ الصِّيغَةِ بِالتَّعْلِيقِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ أَوْ زَوَّجَ أَمَتِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا حِينَ الْبَيْعِ، أَوْ التَّزْوِيجِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بَيْنَهُمَا بِجَزْمِ الصِّيغَةِ هُنَاكَ وَخَرَجَ بِوَلَدٍ مَا لَوْ بُشِّرَ بِأُنْثَى فَقَالَ بَعْدَ تَيَقُّنِهِ أَوْ ظَنِّهِ صِدْقَ الْمُخْبِرِ إنْ صَدَقَ الْمُخْبِرُ فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِأَنَّهُ غَيْرُ تَعْلِيقٍ بَلْ تَحْقِيقٌ لِأَنَّ إنْ هُنَا بِمَعْنَى إذْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175] كَذَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ ثُمَّ قَالَا: وَيَجِبُ فَرْضُهُ فِيمَا إذَا تَيَقَّنَ صِدْقَ الْمُخْبِرِ وَإِلَّا فَلَفْظُ إنْ لِلتَّعْلِيقِ وَتَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ السُّبْكِيُّ.
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَحَلُّ كَوْنِ التَّعْلِيقِ مَانِعًا إذَا كَانَ لَيْسَ مُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ وَإِلَّا فَيَنْعَقِدُ، فَلَوْ قَالَ الْوَلِيُّ زَوَّجْتُك ابْنَتِي إنْ كَانَتْ حَيَّةً وَكَانَتْ غَائِبَةً وَتَحَدَّثَ بِمَرَضِهَا، أَوْ ذَكَرَ مَوْتَهَا، أَوْ قَتْلَهَا وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا التَّعْلِيقَ يَصِحُّ مَعَهُ الْعَقْدُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ إنْ هُنَا لَيْسَتْ بِمَعْنَى إذْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَالنَّظَرُ لِأَصْلِ بَقَاءِ الْحَيَاةِ لَا يَلْحَقُهُ بِتَيَقُّنِ الصِّدْقِ فِيمَا مَرَّ، وَبَحَثَ غَيْرُهُ الصِّحَّةَ فِي إنْ كَانَتْ فُلَانَةُ مُوَلِّيَتِي فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا وَفِي زَوَّجْتُك إنْ شِئْت كَالْبَيْعِ إذْ لَا تَعْلِيقَ فِي الْحَقِيقَةِ اهـ.
وَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا مُوَلِّيَتُهُ.
وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا لَمْ يُرِدْ التَّعْلِيقَ وَلَا يُقَاسُ بِالْبَيْعِ كَمَا تَقَرَّرَ.
(وَلَا)(تَوْقِيتُهُ) بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، أَوْ مَجْهُولَةٍ فَيَفْسُدُ لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، وَجَازَ أَوَّلًا رُخْصَةً لِلْمُضْطَرِّ ثُمَّ حَرُمَ عَامَ خَيْبَرَ ثُمَّ جَازَ عَامَ الْفَتْحِ وَقَبْلَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ، ثُمَّ حَرُمَ أَبَدًا بِالنَّصِّ الصَّرِيحِ الَّذِي لَوْ بَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَسْتَمِرَّ عَلَى حِلِّهَا مُخَالِفًا كَافَّةَ الْعُلَمَاءِ، وَمَا حُكِيَ عَنْهُ مِنْ الرُّجُوعِ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ بَلْ صَحَّ عَنْ جَمْعٍ مِنْ السَّلَفِ أَنَّهُمْ وَافَقُوهُ فِي الْحِلِّ لَكِنْ خَالَفُوهُ فَقَالُوا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ النِّكَاحِ، وَبِهَذَا نَازَعَ الزَّرْكَشِيُّ فِي حِكَايَةِ الْإِجْمَاعِ فَقَالَ الْخِلَافُ مُحَقَّقٌ وَإِنْ ادَّعَى جَمْعٌ نَفْيَهُ، وَكَذَا لُحُومُ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ حُرِّمَتْ مَرَّتَيْنِ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ صِحَّتَهُ عِنْدَ تَوْقِيتِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ) أَيْ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ فَرْضُهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ الْوَلِيُّ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ لِأَنَّ إنْ فِي هَذَا التَّرْكِيبِ لَيْسَتْ بِمَعْنَى إذْ، بِخِلَافِهَا فِيمَا مَرَّ فَإِنَّهَا بِمَعْنَاهَا لِتَيَقُّنِ صِدْقِ الْمُخْبِرِ.
أَمَّا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَالشَّكُّ مَنَعَ مِنْ حَمْلِهَا عَلَى مَعْنَى إذْ وَأَوْجَبَ اسْتِعْمَالَهَا لِلتَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ فُلَانَةَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ إنْ شِئْت (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ مَزِيدِ الِاحْتِيَاطِ هُنَا.
(قَوْلُهُ: وَلَا تَوْقِيتُهُ) أَيْ حَيْثُ وَقَعَ ذَلِكَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَمَّا لَوْ تَوَافَقَا عَلَيْهِ قَبْلُ وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لَهُ فِي الْعَقْدِ لَمْ يَضُرَّ لَكِنْ يَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ أَخْذًا مِنْ نَظِيرِهِ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ: وَجَازَ) أَيْ التَّوْقِيتُ (قَوْلُهُ: مُخَالِفًا كَافَّةَ الْعُلَمَاءِ) أَيْ وَلَا يُحَدُّ مَنْ نَكَحَ بِهِ لِهَذِهِ الشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: حُرِّمَتْ مَرَّتَيْنِ) وَمِمَّا تَقَرَّرَ نَسْخُهُ أَيْضًا الْقِبْلَةُ وَالْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ، وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فَقَالَ:
ــ
[حاشية الرشيدي]
الشَّارِحِ أَنْ يُعَبِّرَ بِمَا هُوَ أَعَمُّ ثُمَّ يَقُولَ: وَإِنَّمَا قَالَ الشَّارِحُ لِجَلِيسِهِ لِإِتْيَانِ الْمُصَنِّفِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي قَوْلِهِ فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا) صَوَابُهُ فِي قَوْلِهِ فَقَالَ (قَوْلُهُ: بَعْدَ تَيَقُّنِهِ أَوْ ظَنِّهِ صِدْقَ الْمُخْبِرِ) لَيْسَ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ وَإِنْ أَفَادَهُ صَنِيعُ الشَّارِحِ، بَلْ هُوَ تَقْيِيدٌ مِنْ الشَّيْخَيْنِ لِهَذَا الْمَنْقُولِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ قَالَا فَيَجِبُ فَرْضُهُ إلَخْ الْمُقَيَّدُ لِنَقِيضِ مَا أَفَادَهُ هَذَا الصَّنِيعُ، فَكَانَ الْأَصْوَبُ حَذْفَ قَوْلِهِ بَعْدَ تَيَقُّنِهِ إلَخْ لِيَتَأَتَّى قَوْله ثُمَّ قَالَا إلَخْ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَوْ حَذْفِ قَوْلِهِ ثُمَّ قَالَا إلَخْ، وَالْإِتْيَانُ بِأَيٍّ التَّفْسِيرِيَّةِ قَبْلَ قَوْلِهِ بَعْدَ تَيَقُّنِهِ إلَخْ لِيُفِيدَ أَنَّ هَذَا التَّقْيِيدَ لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ وَإِنَّمَا هُوَ تَقْيِيدٌ لَهُ (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ الِاحْتِيَاطِ هُنَا
(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ مُوَافَقَةِ
بِمُدَّةِ عُمْرِهِ، أَوْ عُمْرِهَا لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْوَاقِعِ مَمْنُوعٌ، فَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ فِي الْبَيْعِ بِأَنَّهُ إذَا قَالَ: بِعْتُك هَذَا حَيَاتَك لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ؛ فَالنِّكَاحُ أَوْلَى؛ وَلِأَنَّ الْمَوْتَ لَا يَرْفَعُ آثَارَ النِّكَاحِ كُلَّهَا، فَالتَّعْلِيقُ بِالْحَيَاةِ الْمُقْتَضِي لِرَفْعِهَا بِالْمَوْتِ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَاهُ حِينَئِذٍ وَبِهِ يَتَأَيَّدُ إطْلَاقُهُمْ لَا يُقَالُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ صِحَّتِهِمَا نَفْيُ صِحَّةِ الْعَقْدِ لِأَنَّا نَقُولُ: بِلُزُومِهِ عَلَى قَوَاعِدِنَا وَإِنْ نُقِلَ عَنْ زُفَرَ صِحَّتُهُ وَإِلْغَاءُ التَّوْقِيتِ، وَمِثْلُ مَا تَقَرَّرَ مَا لَوْ أَقَّتَهُ بِمُدَّةٍ لَا تَبْقَى الدُّنْيَا إلَيْهَا غَالِبًا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِصِيَغِ الْعُقُودِ لَا بِمَعَانِيهَا.
(وَلَا نِكَاحَ الشِّغَارِ) بِمُعْجَمَتَيْنِ أُولَاهُمَا مَكْسُورَةٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ، مِنْ شَغَرَ الْكَلْبُ رِجْلَهُ: رَفَعَهَا لِيَبُولَ، فَكَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقُولُ: لَا تَرْفَعْ رِجْلَ بِنْتِي حَتَّى أَرْفَعَ رِجْلَ بِنْتِك، أَوْ مِنْ شَغَرَ الْبَلَدُ إذَا خَلَا لِخُلُوِّهِ عَنْ الْمَهْرِ، أَوْ عَنْ بَعْضِ الشُّرُوطِ (وَهُوَ) شَرْعًا كَمَا فِي آخِرِ الْخَبَرِ الْمُحْتَمِلِ أَنْ يَكُونَ مِنْ تَفْسِيرِهِ صلى الله عليه وسلم وَمِنْ تَفْسِيرِ ابْنِ عُمَرَ رَاوِيهِ أَوْ نَافِعٍ رَاوِيهِ عَنْهُ وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد فَيُرْجَعُ إلَيْهِ (زَوَّجْتُكهَا) أَيْ بِنْتِي (عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي) ، أَوْ تُزَوِّجَ ابْنِي مَثَلًا (بِنْتَك وَبُضْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُمَا (صَدَاقُ الْأُخْرَى فَيَقْبَلُ) ذَلِكَ وَعِلَّةُ الْبُطْلَانِ التَّشْرِيكُ فِي الْبُضْعِ لِأَنَّ كُلًّا جَعَلَ بُضْعَ مُوَلِّيَتِهِ مَوْرِدًا لِلنِّكَاحِ وَصَدَاقًا لِلْأُخْرَى فَأَشْبَهَ تَزْوِيجَهَا مِنْ رَجُلَيْنِ (فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ الْبُضْعَ صَدَاقًا) بِأَنْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَك وَلَمْ يَزِدْ فَقَبِلَ (فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ) لِلنِّكَاحَيْنِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِانْتِفَاءِ التَّشْرِيكِ فِي الْبُضْعِ وَمَا فِيهِ مِنْ شَرْطِ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ لَا يُفْسِدُ النِّكَاحَ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَك اسْتِيجَابٌ قَائِمٌ مَقَامَ زَوِّجْنِي وَإِلَّا لَوَجَبَ الْقَبُولُ بَعْدُ وَلَوْ جُعِلَ الْبُضْعُ صَدَاقًا لِأَحَدِهِمَا بَطَلَ مَنْ جُعِلَ بُضْعُهَا صَدَاقًا فَقَطْ، فَفِي زَوَّجْتُكهَا عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَك وَبُضْعُ بِنْتِك صَدَاقُ بِنْتِي يَصِحُّ الْأَوَّلُ فَقَطْ، وَفِي عَكْسِهِ يَبْطُلُ الْأَوَّلُ فَقَطْ
وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِوُجُودِ التَّعْلِيقِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَزَعَمَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَنُصُوصِ الشَّافِعِيِّ (وَلَوْ سَمَّيَا) أَوْ أَحَدُهُمَا (مَالًا مَعَ جَعْلِ الْبُضْعِ صَدَاقًا) كَأَنْ قَالَ وَبُضْعُ كُلٍّ وَأَلْفٌ صَدَاقُ الْأُخْرَى (بَطَلَ فِي الْأَصَحِّ) لِبَقَاءِ مَعْنَى التَّشْرِيكِ وَالثَّانِي يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى صُورَةِ تَفْسِيرِ الشِّغَارِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَحِلَّ عَنْ الْمَهْرِ وَلَوْ قَالَ لِمَنْ تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ زَوَّجْتُك أَمَتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَك بِرَقَبَةِ الْأَمَةِ فَزَوَّجَهُ عَلَى ذَلِكَ صَحَّ النِّكَاحَانِ لِعَدَمِ التَّشْرِيكِ فِيمَا وَرَدَ عَلَيْهِ عَقْدُ النِّكَاحِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا لِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ وَالتَّفْوِيضِ فِي الْأُولَى وَفَسَادِ الْمُسَمَّى
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَأَرْبَعٌ تَكَرَّرَ النَّسْخُ لَهَا
…
جَاءَتْ بِهَا الْأَخْبَارُ وَالْآثَارُ
فَقُبْلَةٌ وَمُتْعَةٌ وَخَمْرٌ
…
كَذَا الْوُضُوءُ مِمَّا تَمَسُّ النَّارُ
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْمَوْتَ إلَخْ) وَبِهَذَا التَّعْلِيقِ يَنْدَفِعُ مَا أُورِدَ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمِلْكَ يَنْتَقِلُ فِي الْمَبِيعِ لِوَرَثَةِ الْمُشْتَرِي وَالزَّوْجِيَّةُ تَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ صِحَّتِهِمَا) أَيْ الْمُدَّةِ الْمَعْلُومَةِ وَالْمَجْهُولَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نُقِلَ عَنْ زُفَرَ) مِنْ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ مَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي الْبُطْلَانِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا نِكَاحُ الشِّغَارِ) أَيْ وَلَا يُحَدُّ مَنْ نَكَحَ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي مَتْنِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ، أَوْ مَنْ شَغَرَ الْبَلَدَ إذَا خَلَا) أَيْ عَنْ السُّلْطَانِ (قَوْلُهُ: لَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ) أَيْ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: اسْتِيجَابٌ) أَيْ فَقَوْلُهُ زَوَّجْتُك بِنْتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَك بِمَنْزِلَةِ زَوِّجْنِي بِنْتَك وَزَوَّجْتُك بِنْتِي، وَقَوْلُهُ قَبِلْت النِّكَاحَ مُسْتَعْمَلٌ فِي قَبُولِ نِكَاحِ نَفْسِهِ وَتَزْوِيجِ ابْنَتِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ قَبِلْت نِكَاحَ بِنْتِك وَزَوَّجْتُك ابْنَتِي (قَوْلُهُ: قَائِمٌ مَقَامَ زَوِّجْنِي) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: يَصِحُّ الْأَوَّلُ فَقَطْ) أَيْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَالتَّفْوِيضِ) أَيْ وَلِعَدَمِ التَّفْوِيضِ،
ــ
[حاشية الرشيدي]
جَمْعٍ مِنْ السَّلَفِ لِابْنِ عَبَّاسٍ (قَوْلُهُ: فَالنِّكَاحُ أَوْلَى) قَدْ تُمْنَعُ هَذِهِ الْأَوْلَوِيَّةُ بَلْ الْمُسَاوَاةُ بِأَنَّ النِّكَاحَ يَرْتَفِعُ بِالْمَوْتِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تَتَزَوَّجُ بَعْدَهُ وَإِنْ بَقِيَتْ آثَارُهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَفْيِ صِحَّتِهِمَا) أَيْ التَّوْقِيتِ بِعُمُرِهِ أَوْ عُمُرِهَا
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي آخِرِ الْخَبَرِ إلَخْ) يَعْنِي تَفْسِيرَ الشِّغَارِ بِمَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَالتَّفْوِيضُ) أَيْ وَلِعَدَمِ التَّفْوِيضِ
فِي الثَّانِيَةِ، إذْ لَوْ صَحَّ الْمُسَمَّى فِيهَا لَزِمَ صِحَّةُ نِكَاحِ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَلَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ زَيْدٌ مَثَلًا بِنْتَه وَصَدَاقُ الْبِنْتِ بُضْعُ الْمُطَلَّقَةِ فَزَوَّجَهُ عَلَى ذَلِكَ صَحَّ التَّزْوِيجُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْمُسَمَّى وَوَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ، أَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ يُعْتِقَ زَيْدٌ عَبْدَهُ وَيَكُونُ طَلَاقُهَا عِوَضًا عَنْ عِتْقِهِ فَأَعْتَقَهُ عَلَى ذَلِكَ طَلُقَتْ وَنَفَذَ الْعِتْقُ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ نَقَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ ابْنِ كَجٍّ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَرَجَعَ الزَّوْجُ عَلَى السَّيِّدِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَالسَّيِّدُ عَلَى الزَّوْجِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ، وَسَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الزَّوْجِ مِنْ عِلْمِهِ، أَوْ ظَنِّهِ حِلَّ الْمَرْأَةِ لَهُ، فَلَوْ جَهِلَ حِلَّهَا لَمْ يَصِحَّ نِكَاحُهَا احْتِيَاطًا لِعَقْدِ النِّكَاحِ.
وَقَدْ سُئِلَ الْوَالِدُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ عَنْ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ فِي قُوَّتِهِ وَغَيْرِهِ: إنَّ الْأَصْلَ فِي عُقُودِ الْعَوَامّ الْفَسَادُ. وَالْعِلْمُ بِشُرُوطِ عَقْدِ النِّكَاحِ حَالَ الْعَقْدِ شَرْطٌ كَمَا قَالَاهُ، فَإِذَا طَلَّقَ شَخْصٌ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَسُئِلَ عَنْ الْعَاقِدِ فَإِذَا هُوَ جَاهِلٌ بِحَيْثُ لَوْ سُئِلَ عَنْ الشُّرُوطِ لَا يَعْرِفُهَا الْآنَ وَلَا يَعْلَمُهَا عِنْدَ الْعَقْدِ هَلْ يَحْتَاجُ إلَى مُحَلِّلٍ أَمْ يَجُوزُ التَّجْدِيدُ بِدُونِهِ وَمَا تَعْرِيفُ الْعَامِّيِّ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اجْتِمَاعِ مُعْتَبَرَاتِهَا وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ الْحُكْمَ بِصِحَّتِهَا لِأَنَّهَا الظَّاهِرُ مِنْ الْعُقُودِ الْجَارِيَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَحِينَئِذٍ فَذِكْرُهُ الْعَوَامَّ مِثَالٌ إذْ غَيْرُهُمْ كَذَلِكَ، أَوْ أَنَّ الْغَالِبَ فِي عُقُودِ الْعَوَامّ فَسَادُهَا لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِمْ مُعْتَبَرَاتِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ، وَأَمَّا مَا قَالَاهُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَنَّ الْعِلْمَ بِشُرُوطِهِ حَالَ عَقْدِهِ شَرْطٌ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ لِجَوَازِ مُبَاشَرَتِهِ لَا لِصِحَّتِهِ حَتَّى إذَا كَانَتْ الشُّرُوطُ مُتَحَقِّقَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا وَإِنْ كَانَ الْمُبَاشِرُ مُخْطِئًا فِي مُبَاشَرَتِهِ وَيَأْثَمُ إذَا قَدِمَ عَلَيْهِ عَالِمًا بِامْتِنَاعِهِ، فَفِي الْبَحْرِ لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً يَعْتَقِدُ أَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ صَحَّ النِّكَاحُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَحَكَى أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَعِنْدِي هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِشَرْطٍ صَرَّحُوا بِاعْتِبَارِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
إذْ صُورَةُ التَّفْوِيضِ فِي الْأَمَةِ أَنْ يَقُولَ زَوَّجْتُكهَا بِلَا مَهْرٍ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالْأَمَةُ لَمْ يُذْكَرْ لَهَا مَهْرٌ وَذَلِكَ مُوجِبٌ لِمَهْرِ الْمِثْلِ إذْ لَمْ يُوجَدْ تَفْوِيضٌ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ لَهَا شَيْءٌ إلَّا بِالدُّخُولِ، أَوْ الْفَرْضِ عَلَى مَا يَأْتِي، فَحَيْثُ انْتَفَى التَّفْوِيضُ هُنَا وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ زَوَّجْتُك وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ هِيَ قَوْلُهُ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي (قَوْلُهُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ) أَيْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ الْمُطَلِّقُ عَلَى الْآخَرِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْعِوَضِ (قَوْلُهُ: طَلَّقْت) أَيْ بَائِنًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ انْتَهَى مُؤَلِّفٌ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ الزَّوْجُ) أَيْ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ يُعْتِقَ زَيْدٌ عَبْدَهُ إلَخْ
(قَوْلُهُ:، أَوْ ظَنَّهُ) أَيْ ظَنًّا قَوِيًّا (قَوْلُهُ: فَلَوْ جَهِلَ حِلَّهَا) أَيْ وَاسْتَمَرَّ جَهْلُهُ كَأَنْ شَكَّ فِي مَحْرَمِيَّتِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ عَدَمَهَا بَعْدُ أَوْ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ خُنْثَى وَإِنْ اتَّضَحَ بِالْأُنُوثَةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَفِي الْبَحْرِ) اسْتِظْهَارًا عَلَى قَوْلِهِ حَتَّى إذَا كَانَتْ الشُّرُوطُ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ) أَيْ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالشُّرُوطِ، وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ: أَيْ عَلَى مَا حَكَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَإِذَا طَلَّقَ شَخْصٌ إلَخْ) هُوَ مِنْ كَلَامِ السَّائِلِ لَا مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَسُئِلَ عَنْ الْعَاقِدِ) أَيْ وَقَعَ السُّؤَالُ أَيْ الْبَحْثُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اجْتِمَاعِ مُعْتَبَرَاتِهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَاتِ أُمُورٌ وُجُودِيَّةٌ وَالْأَصْلُ فِيهَا الْعَدَمُ، فَالْمُرَادُ بِالْأَصْلِ الْأَصْلُ بِاصْطِلَاحِ أَهْلِ الْأُصُولِ الْمُقَابِلُ لِلظَّاهِرِ كَمَا سَيَأْتِي مُقَابَلَتُهُ بِهِ، وَحَاصِلُ كَلَامِ الْفَتَاوَى فِي تَفْسِيرِ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ أَمْرَانِ: إمَّا أَنْ يُرَادَ بِالْأَصْلِ مَا ذُكِرَ مِنْ اصْطِلَاحِ أَهْلِ الْأُصُولِ بِالْمَعْنَى الَّذِي قَرَّرْته وَحِينَئِذٍ فَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْعَوَامِّ؛ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِالْمُعْتَبَرَاتِ مُطْلَقًا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهَا وَإِنْ حُكِمَ بِصِحَّةِ الْعُقُودِ تَرْجِيحًا لِلظَّاهِرِ هُنَا عَلَى الْأَصْلِ. وَإِمَّا أَنْ يُرَادَ بِالْأَصْلِ الْغَالِبُ عَلَى خِلَافِ اصْطِلَاحِ أَهْلِ الْأُصُولِ وَحِينَئِذٍ فَذِكْرُ الْعَوَامّ قَيْدٌ لَا مِثَالٌ (قَوْلُهُ: فَفِي الْبَحْرِ لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً إلَخْ) سَيَأْتِي تَضْعِيفُهُ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ) هُوَ آخِرُ كَلَامِ الْبَحْرِ
تَحَقُّقِهِ كَحِلِّ الْمَنْكُوحَةِ، وَعَلَيْهِ قَالُوا فِي مَسْأَلَةِ الْبَحْرِ عَدَمُ الصِّحَّةِ لَا أَنَّهُ عَامٌّ لِجَمِيعِ الشُّرُوطِ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ أَمَةَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا صَحَّ، وَالشَّكُّ هُنَا فِي وِلَايَةِ الْعَاقِدِ بِالْمِلْكِ وَهُوَ مِنْ أَرْكَانِ النِّكَاحِ، وَبِأَنَّهُ لَوْ عُقِدَ النِّكَاحُ بِحَضْرَةِ خُنْثَيَيْنِ فَبَانَا رَجُلَيْنِ صَحَّ، وَالشَّكُّ هُنَا فِي الشَّاهِدَيْنِ وَهُمَا مِنْ أَرْكَانِهِ أَيْضًا وَنَظَائِرُهَا كَثِيرَةٌ فِي كَلَامِهِمْ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لَا تَحِلُّ لِمُطَلِّقِهَا إلَّا بَعْدَ التَّحْلِيلِ بِشُرُوطِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْعَامِّيِّ هُنَا مَنْ لَمْ يُحَصِّلْ مِنْ الْفِقْهِ شَيْئًا يَهْتَدِي بِهِ إلَى الْبَاقِي وَلَيْسَ مُشْتَغِلًا بِالْفِقْهِ، وَلَا بُدَّ فِي الزَّوْجَةِ مِنْ الْخُلُوِّ مِنْ نِكَاحٍ وَعِدَّةٍ وَمِنْ جَهْلٍ مُطْلَقٍ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ، وَفِي الْوَلِيِّ مِنْ نَحْوِ فَقْدِ رِقٍّ وَصِبًا وَأُنُوثَةٍ، أَوْ خُنُوثَةٍ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَأْتِي، وَفِي الثَّلَاثَةِ مِنْ تَعْيِينٍ إلَّا فِي إحْدَى بَنَاتِي وَاخْتِيَارٍ إلَّا فِي الْمُجْبَرَةِ وَعَدَمِ إحْرَامٍ.
(وَلَا يَصِحُّ) النِّكَاحُ (إلَّا بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ) وَلَوْ اتَّفَقَا بِأَنْ يَسْمَعَا الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» وَمَا كَانَ مِنْ نِكَاحٍ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ.
وَالْمَعْنَى فِيهِ الِاحْتِيَاطُ لِلْأَبْضَاعِ وَصِيَانَةُ الْأَنْكِحَةِ عَنْ الْجُحُودِ وَيُسَنُّ إحْضَارُ جَمْعٍ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ (شَرْطُهُمَا حُرِّيَّةٌ) كَامِلَةٌ فِيهِمَا (وَذُكُورَةٌ) مُحَقَّقَةٌ وَكَوْنُهُمَا إنْسِيَّيْنِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ فَلَا يَنْعَقِدُ بِمَنْ فِيهِ رِقٌّ وَلَا بِامْرَأَةٍ وَلَا بِخُنْثَى إلَّا إنْ بَانَ ذَكَرًا كَالْوَلِيِّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَقَدَ عَلَى خُنْثَى، أَوْ لَهُ وَإِنْ بَانَ عَدَمُ الْخَلَلِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّهَادَةَ وَالْوِلَايَةَ مَقْصُودَانِ لِغَيْرِهِمَا، بِخِلَافِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَاحْتِيطَ لَهُ أَكْثَرُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَقَدَ عَلَى مَنْ شَكَّ فِي كَوْنِهَا مَحْرَمًا لَهُ فَبَانَتْ غَيْرَ مَحْرَمٍ لَمْ يَصِحَّ كَمَا قَالَاهُ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ وَمَرَّ آنِفًا مَا فِيهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: عَدَمُ الصِّحَّةِ) سَيَأْتِي لَهُ فِي الشَّرْحِ مَا يُصَرِّحُ بِهِ بِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَنَّ مَا فِي الْبَحْرِ ضَعِيفٌ وَسَنَذْكُرُ عَنْهُ مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: لَا أَنَّهُ عَامٌّ) مُتَّصِلٌ بِمَخْصُوصٍ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَا أَنَّهُ عَامٌّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْوَلِيُّ (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ الْحُكْمَ بِصِحَّتِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَإِذَا طَلَّقَ شَخْصٌ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَسُئِلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مُشْتَغِلًا بِالْفِقْهِ) قَضِيَّتُهُ أَنْ مَنْ لَمْ يُحَصِّلْ مِنْ الْفِقْهِ مَا ذُكِرَ وَلَكِنَّهُ مُشْتَغِلٌ بِهِ لَيْسَ عَامِّيًّا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَإِنْ كَانَ مُشْتَغِلًا بِالْفِقْهِ إلَخْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ حَيْثُ كَانَ مُشْتَغِلًا بِالْفِقْهِ كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ الْبَحْثَ مِنْ تَصْحِيحِ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْ الْفِقْهِ مَا يَهْتَدِي بِهِ إلَى بَاقِيهِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ جَهِلَ مُطْلَقَ) أَيْ بِأَنْ لَا يَعْرِفَهَا بِوَجْهٍ كَأَنْ قِيلَ لَهُ زَوَّجْتُك هَذِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ اسْمَهَا وَلَا نَسَبَهَا انْتَهَى حَجّ.
وَفِيهِ كَلَامٌ حَسَنٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَفِي الثَّلَاثَةِ) أَيْ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ وَالْمَرْأَةِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ لِرَجُلٍ لَا يَعْرِفُ لَهُ اسْمًا وَلَا نَسَبًا زَوَّجْتُك بِنْتِي فَقَبِلَ أَنَّهُ يَصِحُّ النِّكَاحُ، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَرْأَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك هَذِهِ لِمَنْ لَمْ يَعْرِفْ اسْمَهَا وَنَسَبَهَا لَمْ يَصِحَّ (قَوْلُهُ: وَاخْتِيَارٍ) أَيْ وَيُشْتَرَطُ اخْتِيَارُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَصِيَانَةُ) عَطْفُ مُغَايِرٍ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُمَا إنْسِيَّيْنِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي حُضُورُ الْجِنِّيِّ، وَقَيَّدَهُ حَجّ بِمَا إذَا لَمْ تُعْلَمْ عَدَالَتُهُ الظَّاهِرَةُ (قَوْله فَبَانَتْ غَيْرَ مَحْرَمٍ لَمْ يَصِحَّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْله وَمَرَّ آنِفًا مَا فِيهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَحَكَى أَبُو إِسْحَاقَ إلَخْ، وَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَقْدِ عَلَى الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ حَيْثُ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ ثَبَتَ أُنُوثَتُهُ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَيْهِ بِحَالٍ، بِخِلَافِ الْمَحْرَمِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ اهـ مُؤَلِّفٌ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الشَّرْحِ وَمَا فِي الشَّرْحِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
[فَرْعٌ اسْتِطْرَادِيٌّ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ مَنْ يُرِيدُ الزَّوَاجَ يَأْخُذُ حُصْرَ الْمَسْجِدِ لِلْجُلُوسِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ عَقِبَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ جَهْلٍ مُطْلَقٍ) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ خُلُوِّهِ مِنْ جَهْلِ الزَّوْجِ بِهَا جَهْلًا مُطْلَقًا: أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ إيَّاهَا إمَّا بِعَيْنِهَا أَوْ بِاسْمِهَا وَنَسَبِهَا كَمَا أَوْضَحَهُ فِي التُّحْفَةِ أَتَمَّ إيضَاحٍ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي إحْدَى بَنَاتِي) أَيْ بِشَرْطِهِ بِأَنْ نَوَيَا مُعَيَّنَةً
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ) فِيهِ تَسَمُّحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّوْجِ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ
(وَعَدَالَةٌ) وَمِنْ لَازِمِهَا الْإِسْلَامُ وَالتَّكْلِيفُ الْمَذْكُورَانِ فِي الْمُحَرَّرِ وَلَا يُنَافِي هَذَا انْعِقَادَهُ بِالْمَسْتُورِينَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الرُّخْصَةِ، أَوْ ذِكْرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ ثُمَّ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ (وَسَمْعٌ) لِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ قَوْلٌ فَاشْتُرِطَ سَمَاعُهُ حَقِيقَةً (وَبَصَرٌ) لِمَا يَأْتِي أَنَّ الْأَقْوَالَ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِالْمُشَاهَدَةِ وَالسَّمَاعِ (وَفِي الْأَعْمَى وَجْهٌ) لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلشَّهَادَةِ فِي الْجُمْلَةِ وَالْأَصَحُّ لَا، وَإِنْ عَرَفَ الزَّوْجَيْنِ، وَمِثْلُهُ مَنْ بِظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ. وَفِي الْأَصَمِّ أَيْضًا وَجْهٌ، وَنُطْقٌ، وَعَدَمُ حَجْرِ سَفَهٍ، وَانْتِفَاءُ حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ تُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ، وَعَدَمُ اخْتِلَالِ ضَبْطٍ لِغَفْلَةٍ، أَوْ نِسْيَانٍ، وَمَعْرِفَةُ لِسَانِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ؛ فَلَا يَكْفِي إخْبَارُ ثِقَةٍ بِمَعْنَاهُ، وَقِيلَ يَكْفِي ضَبْطُ اللَّفْظِ (وَالْأَصَحُّ انْعِقَادُهُ) بَاطِنًا وَظَاهِرًا بِمَحْرَمَيْنِ لَكِنَّ الْأَوْلَى عَدَمُ حُضُورِهِمَا وَ (بِابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ) أَيْ ابْنَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا، أَوْ ابْنِ أَحَدِهِمَا وَابْنِ الْآخَرِ (وَعَدُوَّيْهِمَا) كَذَلِكَ فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ، أَوْ بِجَدَّيْهِمَا وَبِجَدِّهَا وَأَبِيهِ لَا أَبِيهَا لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ، أَوْ مُوَكِّلُهُ، نَعَمْ تُتَصَوَّرُ شَهَادَتُهُ لِاخْتِلَافِ دِينٍ، أَوْ رِقٍّ بِهَا وَذَلِكَ لِانْعِقَادِ النِّكَاحِ بِهِمَا فِي الْجُمْلَةِ.
لَا يُقَالُ: هَذِهِ عِلَّةُ الضَّعِيفِ فِي الْأَعْمَى فَمَا الْفَرْقُ لِأَنَّا نَقُولُ: الْفَرْقُ أَنَّ شَهَادَةَ الِابْنِ، أَوْ الْعَدُوِّ يُتَصَوَّرُ قَبُولُهَا فِي هَذَا النِّكَاحِ بِعَيْنِهِ فِي صُورَةِ دَعْوَى حِسْبَةٍ مَثَلًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ، وَلَا كَذَلِكَ فِي الْأَعْمَى، وَإِمْكَانُ ضَبْطِهِ لَهُمَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَلَيْهَا فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يُرِيدُونَ الْعَقْدَ فِيهِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مُفَسِّقًا فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.
وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنْ الظَّاهِرَ صِحَّةُ الْعَقْدِ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِمْ اعْتِقَادُهُمْ إبَاحَةَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مِمَّا يُتَسَامَحُ بِهِ، وَبِتَقْدِيرِ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ فَيُمْكِنُ أَنَّ ذَلِكَ صَغِيرَةً لَا تُوجِبُ فِسْقًا.
وَوَقَعَ السُّؤَالُ أَيْضًا عَمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى مِنْ لُبْسِ الْقَوَاوِيقِ الْقَطِيفَةِ لِلشُّهُودِ وَلِلْوَلِيِّ هَلْ هُوَ مُفَسِّقٌ يُفْسِدُ الْعَقْدَ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنْ الظَّاهِرَ أَنَّا لَا نَحْكُمُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ بِفَسَادِ الْعَقْدِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلشُّهُودِ فَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْعَقْدَ يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ لَابِسِينَ ذَلِكَ فَإِنْ اتَّفَقَ أَنَّ فِيهِمْ اثْنَيْنِ سَالِمَيْنِ مِنْ ذَلِكَ اُعْتُدَّ بِشَهَادَتِهِمَا وَإِنْ كَانَ حُضُورُهُمَا اتِّفَاقًا، وَأَمَّا فِي الْوَلِيِّ فَإِنَّهُ إنْ اتَّفَقَ لُبْسُهُ ذَلِكَ فَقَدْ يَكُونُ لَهُ عُذْرٌ كَجَهْلِهِ بِالتَّحْرِيمِ وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ مِمَّا يَخْفَى عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ فِي الْجُلُوسِ عَلَى الْحَرِيرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ قَوْلٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعَاقِدُ أَخْرَسَ وَلَهُ إشَارَةٌ يَفْهَمُهَا كُلُّ أَحَدٍ لَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّاهِدِ السَّمْعُ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ الْآنَ لَيْسَ قَوْلًا وَلَا مَانِعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مَنْ بِظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ) تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّ الْبَصِيرَ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِلْمُعَيَّنِ وَإِنْ كَانَ بِظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ حَالَ الْعَقْدِ بِحَيْثُ لَا يَرَى أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَثُمَّ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ شُهُودِ النِّكَاحِ إثْبَاتُ الْعَقْدِ بِهِمَا عِنْدَ التَّنَازُعِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ مَعَ الظُّلْمَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مَنْ بِظُلْمَةٍ: أَيْ لِعَدَمِ عِلْمِهِمَا بِالْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى الصَّوْتِ لَا نَظَرَ لَهُ، فَلَوْ سَمِعَا الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ لِلْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ وَلَكِنْ جَزَمَا فِي أَنْفُسِهِمَا بِأَنَّ الْمُوجِبَ وَالْقَابِلَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ لَمْ يَكْفِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْأَصَمِّ أَيْضًا) فِيهِ تَوَرُّكٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْأَعْمَى وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْأَصَمِّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي إخْبَارُ ثِقَةٍ بِمَعْنَاهُ) أَيْ بَعْدَ تَمَامِ الصِّيغَةِ، أَمَّا قَبْلَهَا بِأَنْ أَخْبَرَهُ بِمَعْنَاهَا وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ فَيَصِحُّ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ هَذَا إنْ فَهِمَ كُلٌّ كَلَامَ نَفْسِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ تُتَصَوَّرُ شَهَادَتُهُ) أَيْ الْأَبِ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ لِانْعِقَادِ إلَخْ) عِلَّةً لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ هَذِهِ) أَيْ قَوْلُهُ لِانْعِقَادِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِمْكَانُ ضَبْطِهِ) أَيْ الْأَعْمَى، وَقَوْلُهُ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي هَذَا إلَخْ) وَجْهُ الْمُنَافَاةِ أَنَّهُ جَعَلَ الْعَدَالَةَ شَرْطًا فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ إلَّا إذَا وُجِدَتْ، ثُمَّ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ بِالْمَسْتُورِينَ مَعَ انْتِفَائِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الرُّخْصَةِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: أَوْ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الِانْعِقَادِ بَاطِنًا وَفِيمَا يَأْتِي فِي الْمَسْتُورِينَ فِي الِانْعِقَادِ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ) لَا وَجْهَ لِهَذَا التَّفْرِيعِ إذْ لَمْ يُقَدِّمْ قَبْلَهُ مَا يَتَفَرَّعُ عَنْهُ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَالْوَاوُ (قَوْلُهُ: أَوْ مُوَكَّلِهِ) أَيْ مُوَكَّلِ الْعَاقِدِ (قَوْلُهُ: لِانْعِقَادِ النِّكَاحِ بِهِمَا) أَيْ بِابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ وَالْعَدُوَّيْنِ (قَوْلَةُ لَا يُقَالُ هَذِهِ عِلَّةُ الضَّعِيفِ فِي الْأَعْمَى) قَالَ الشَّيْخُ سم: كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ فِي الْأَعْمَى؛ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلشَّهَادَةِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَمْ يَقُلْ لِانْعِقَادِ
إلَى الْحَاكِمِ لَا يُفِيدُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُخَاطَبَ غَيْرُ مَنْ أَمْسَكَهُ، وَإِنْ كَانَ فَمُ هَذَا فِي أُذُنِهِ وَفَمُ الْآخَرِ فِي أُذُنِهِ الْأُخْرَى فَيَتَعَذَّرُ إثْبَاتُ هَذَا النِّكَاحِ بِعَيْنِهِ بِشَهَادَةٍ فَكَانَتْ كَالْعَدَمِ، وَلَوْ كَانَ لَهَا إخْوَةٌ فَزَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ وَالْآخَرَانِ شَاهِدَانِ صَحَّ لِأَنَّ الْعَاقِدَ لَيْسَ نَائِبًا عَنْهُمَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ وُكِّلَ أَبٌ، أَوْ أَخٌ تَعَيَّنَ لِلْوِلَايَةِ وَحَضَرَ مَعَ الْآخَرِ لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ حَقِيقَةً، إذْ الْوَكِيلُ فِي النِّكَاحِ سَفِيرٌ مَحْضٌ فَكَانَا بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَفَارَقَ صِحَّةَ شَهَادَةِ سَيِّدٍ أَذِنَ لِقِنِّهِ وَوَلِيٍّ لِلسَّفِيهِ فِي النِّكَاحِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَيْسَ بِعَاقِدٍ وَلَا نَائِبِهِ، وَلَا الْعَاقِدُ نَائِبُهُ، لِأَنَّ إذْنَهُ لَهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ إنَابَةً بَلْ رَفْعُ حَجْرٍ عَنْهُ وَيَنْعَقِدُ ظَاهِرًا (بِمَسْتُورِي الْعَدَالَةِ) وَهُمَا مَنْ لَا يُعْرَفُ لَهُمَا مُفَسِّقٌ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ، لَكِنَّ الَّذِي اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَالَ إنَّهُ الْحَقُّ أَنَّهُ مَنْ عُرِفَ ظَاهِرُهُ بِالْعَدَالَةِ وَلَمْ يُزَكَّ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَمِنْ ثَمَّ بَطَلَ السَّتْرُ بِتَجْرِيحِ عَدْلٍ، وَلَمْ يُلْحَقْ الْفَاسِقُ إذَا تَابَ بِالْمَسْتُورِ.
وَيُسْتَحَبُّ اسْتِتَابَةُ الْمَسْتُورِ عِنْدَ الْعَقْدِ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِجَرَيَانِهِ بَيْنَ أَوْسَاطِ النَّاسِ وَالْعَوَامِّ فَلَوْ كُلِّفُوا بِمَعْرِفَةِ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ لِيَحْضُرَ الْمُتَّصِفُ بِهَا لَطَالَ الْأَمْرُ وَشَقَّ، وَمِنْ ثَمَّ صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
إلَى الْحَاكِمِ: أَيْ إلَى أَنْ يَأْتِيَ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ غَيْرُ مَنْ أَمْسَكَهُ) هَذَا يُشْكَلُ عَلَيْهِ صِحَّةُ شَهَادَتِهِ عَلَى مَنْ أَقَرَّ فِي إذْنِهِ وَأَمْسَكَهُ حَتَّى شُهِدَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ النِّكَاحَ يُحْتَاطُ لَهُ فَنَظَرُوا إلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا (قَوْلُهُ وَالْآخَرَانِ شَاهِدَانِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: وَلَوْ شَهِدَ وَلِيَّانِ كَأَخَوَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةِ إخْوَةٍ وَالْعَاقِدُ غَيْرُهُمَا مِنْ بَقِيَّةِ الْأَوْلِيَاءِ لَا إنْ عُقِدَ بِوَكَالَةٍ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا مِنْهُ بِمُعَيَّنٍ لَهُ جَازَ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَقَدَ غَيْرُهُمَا بِوَكَالَةٍ مِمَّنْ ذُكِرَ لِمَا مَرَّ اهـ.
وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ لَا بِوَكَالَةٍ مِنْهُ بَعْدَ تَبْيِينِ الشَّارِحِ الْغَيْرَ فِي قَوْلِهِ وَالْعَاقِدُ غَيْرُهُمَا بِقَوْلِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَوْلِيَاءِ تَقْيِيدُ عَدَمِ الصِّحَّةِ بِمَا إذَا حَضَرَ اثْنَانِ مِنْ الثَّلَاثَةِ عَقَدَ ثَالِثُهُمَا بِوَكَالَتِهِمَا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَصَدَ الْعَقْدَ عَنْ نَفْسِهِ لَا بِوَاسِطَةِ الْوَكَالَةِ فَلَا تَبْعُدُ الصِّحَّةُ لِصَرْفِهِ الْعَقْدَ عَنْ الْوَكَالَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى.
أَقُولُ: الصِّحَّةُ وَاضِحَةٌ إنْ كَانَتْ أَذِنْت لَهُ فِي تَزْوِيجِهَا، أَمَّا إنْ خُصَّتْ الْإِذْنُ بِالْأَخَوَيْنِ الْآخَرَيْنِ وَأَذِنْت لَهُمَا فِي تَوْكِيلِ مَنْ شَاءَا فَوَكَّلَا الثَّالِثَ فَفِي الصِّحَّةِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُصْرَفُ الْعَقْدُ عَنْ كَوْنِهِ وَكِيلًا يَصِيرُ مُزَوِّجًا بِلَا إذْنٍ وَهُوَ بَاطِلٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا) أَيْ السَّيِّدَ وَالْوَلِيَّ (قَوْلُهُ: بِمَسْتُورِي الْعَدَالَةِ) وَلَوْ كَانَ الْعَاقِدُ الْحَاكِمَ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَ جَمْعٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُلْحَقْ الْفَاسِقُ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ وَهِيَ سَنَةٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
النِّكَاحِ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا قَالَ فِي هَذَا. اهـ. أَيْ فَقَوْلُهُ فِي الْإِشْكَالِ هَذِهِ عِلَّةُ الضَّعِيفِ مَمْنُوعٌ بَلْ الْعِلَّةُ فِيهِ غَيْرُ هَذِهِ، فَهُوَ غَيْرُ أَهْلٍ لِانْعِقَادِ النِّكَاحِ بِهِ لَا جُمْلَةً وَلَا تَفْصِيلًا، فَالْإِشْكَالُ غَيْرُ مُتَأَتٍّ كَالْجَوَابِ عَنْهُ الَّذِي حَاصِلُهُ تَسْلِيمُ الْإِشْكَالِ.
(قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُخَاطَبَ غَيْرُ مَنْ أَمْسَكَهُ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْوَلِيَّ خَاطَبَ رَجُلًا حَاضِرًا غَيْرَ الَّذِي قَبِلَ وَأَمْسَكَهُ الْأَعْمَى فَلَمْ يُصَادِفْ قَبُولُهُ مَحَلًّا لِعَدَمِ مُخَاطَبَتِهِ بِالْإِيجَابِ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ كَمَا مَرَّ، وَإِذَا كَانَ هَذَا مُرَادَهُمْ بِهَذَا التَّعْلِيلِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَلَا يَتَأَتَّى قَوْلُ الشِّهَابِ سم لَا يَخْفَى إمْكَانُ ضَبْطِهِ عَلَى وَجْهٍ يَنْتَفِي مَعَهُ هَذَا الِاحْتِمَالُ كَأَنْ قَبَضَ أَنْفَ وَشَفَةَ مَنْ وَضَعَ فَمَه فِي أُذُنِهِ إلَى الْقَاضِي اهـ. وَوَجْهُ عَدَمِ تَأَتِّيهِ أَنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ قَائِمٌ مَعَهُ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ لَا يَأْتِي قَوْلُ شَيْخِنَا فِي حَاشِيَتِهِ هَذَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ صِحَّةُ شَهَادَتِهِ عَلَى مَنْ أَقَرَّ فِي أُذُنِهِ وَأَمْسَكَهُ حَتَّى شَهِدَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ النِّكَاحَ يُحْتَاطُ لَهُ فَنَظَرُوا إلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا. اهـ. وَوَجْهُ عَدَمِ تَأَتِّيهِ أَيْضًا أَنَّ الِاحْتِمَالَ الْمَذْكُورَ مُنْتَفٍ فِي الْإِقْرَارِ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُخَاطَبَةِ فِيهِ بَلْ يَصِحُّ لِلْغَائِبِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ بَطَلَ السَّتْرُ إلَخْ) أَيْ قَبْلَ الْعَقْدِ لَا بَعْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي، قَالَ الشِّهَابُ سم: قَضِيَّةُ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّ مَا ذُكِرَ لَا يَتَأَتَّى عَلَى الْأَوَّلِ وَفِيهِ مَا فِيهِ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَتُسْتَحَبُّ اسْتِتَابَةُ الْمَسْتُورِ) اُنْظُرْ مَا فَائِدَةُ هَذِهِ الِاسْتِتَابَةِ مَعَ أَنَّ تَوْبَةَ الْفَاسِقِ لَا تُلْحِقُهُ
كَابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعَاقِدُ الْحَاكِمَ اُعْتُبِرَتْ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ قَطْعًا لِسُهُولَةِ مَعْرِفَتِهَا عَلَيْهِ بِمُرَاجَعَةِ الْمُزَكِّينَ، وَصَحَّحَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ عَدَمَ الْفَرْقِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، إذْ مَا طَرِيقُهُ الْمُعَامَلَةُ يَسْتَوِي فِيهِ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ رَأَى مَالًا بِيَدِ مُتَصَرِّفٍ فِيهِ بِلَا مُنَازِعٍ جَازَ لَهُ كَغَيْرِهِ شِرَاؤُهُ مِنْهُ اعْتِمَادًا عَلَى ظَاهِرِ الْيَدِ، وَإِنْ سَهُلَ عَلَيْهِ طَلَبُ الْحُجَّةِ، وَقَدْ يُقَالُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ طَلَبَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ بِأَيْدِيهِمْ مَالٌ لَا مُنَازِعَ لَهُمْ فِيهِ قِسْمَتَهُ بَيْنَهُمْ لَمْ يُجِبْهُمْ إلَّا إنْ أَثْبَتُوا عِنْدَهُ أَنَّهُ مِلْكُهُمْ لِئَلَّا يَحْتَجُّوا بَعْدَ قِسْمَتِهِ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُمْ أَنَّهُ لَا يَتَوَلَّى الْعَقْدَ إلَّا بِحَضْرَةِ مَنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ عَدَالَتُهُمَا وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ بَلْ لِجَوَازِ الْإِقْدَامِ، فَلَوْ عَقَدَ بِمَسْتُورَيْنِ فَبَانَا عَدْلَيْنِ صَحَّ، أَوْ عَقَدَ غَيْرُهُ بِهِمَا فَبَانَا فَاسِقَيْنِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا يَأْتِي لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلَوْ اخْتَصَمَ زَوْجَانِ أَقَرَّا عِنْدَهُ بِنِكَاحٍ بَيْنَهُمَا بِمَسْتُورَيْنِ فِي نَفَقَةٍ حَكَمَ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ يَعْلَمْ فِسْقَ الشَّاهِدِ لِأَنَّ الْحُكْمَ هُنَا فِي تَابِعٍ بِخِلَافِهِ فِيمَا قَبْلَهُمَا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ، وَصَرِيحُ كَلَامِ الْحَنَّاطِيِّ يُفِيدُ عَدَمَ لُزُومِ الزَّوْجِ الْبَحْثَ عَنْ حَالِ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ، وَإِيجَابُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ ذَلِكَ لِامْتِنَاعِ الْإِقْدَامِ عَلَى الْعَقْدِ مَعَ الشَّكِّ فِي شَرْحِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ مَا عُلِّلَ بِهِ إنَّمَا هُوَ فِي الشَّكِّ فِي الزَّوْجَيْنِ فَقَطْ لِمَا مَرَّ أَنَّهُمَا الْمَقْصُودَانِ بِالذَّاتِ فَاحْتِيطَ لَهُمَا أَكْثَرُ، بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا فَجَازَ الْإِقْدَامُ عَلَى الْعَقْدِ حَيْثُ ظُنَّ وُجُودُ شُرُوطِهِ، ثُمَّ إنْ بَانَ خِلَافُ مَا ظُنَّ بَانَ فَسَادُ النِّكَاحِ وَإِلَّا فَلَا، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ لَا يَنْعَقِدُ بِحُضُورِهِمَا لِتَعَذُّرِ إثْبَاتِهِ بِهِمَا (لَا مَسْتُورَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَلَوْ مَعَ ظُهُورِهِمَا بِالدَّارِ بِأَنْ يَكُونَا بِمَوْضِعٍ يَخْتَلِطُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ بِالْكُفَّارِ وَالْأَحْرَارُ بِالْعَبِيدِ وَلَا غَالِبَ، أَوْ يَكُونَا ظَاهِرَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ بِالدَّارِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ حَالِهِ فِيهِمَا بَاطِنًا لِسُهُولَةِ الْوُقُوفِ عَلَى الْبَاطِنِ فِيهِمَا، وَكَذَا الْبُلُوغُ وَنَحْوُهُ مِمَّا مَرَّ.
نَعَمْ إنْ بَانَ مُسْلِمًا، أَوْ حُرًّا، أَوْ بَالِغًا مَثَلًا بَانَ انْعِقَادُهُ كَمَا لَوْ بَانَ الْخُنْثَى ذَكَرًا.
(وَلَوْ)(بَانَ فِسْقُ) الْوَلِيِّ، أَوْ (الشَّاهِدِ) أَوْ غَيْرُهُ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ كَجُنُونٍ، أَوْ إغْمَاءٍ، أَوْ صِغَرٍ ادَّعَاهُ وَارِثُهُ، أَوْ وَارِثُهَا وَقَدْ عُهِدَ، أَوْ أَثْبَتَهُ (عِنْدَ الْعَقْدِ)(فَبَاطِلٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) كَمَا لَوْ بَانَا كَافِرَيْنِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَخَرَجَ بِعِنْدَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: إذْ مَا طَرِيقُهُ الْمُعَامَلَةُ) أَيْ مُعَامَلَتُهُ مُعَامَلَةَ غَيْرِهِ كَمَا هُنَا فَإِنَّهُ عُومِلَ فِيهِ الْمَسْتُورُ مُعَامَلَةَ مَنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ إذْ مَا طَرِيقُهُ الْمُعَامَلَةُ: أَيْ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْمَسْتُورَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ رَأَى) أَيْ الْقَاضِي وَقَوْلُهُ لَوْ طَلَبَ مِنْهُ: أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَتَوَلَّى الْعَقْدَ) أَيْ عَقْدَ النِّكَاحِ وَقَوْلُهُ إلَّا بِحَضْرَةِ مَنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ: أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَعْلَمْ فِسْقَ الشَّاهِدِ) أَيْ فَإِنْ عَلِمَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ ظُهُورِهِمَا) أَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ.
(قَوْلُهُ:، أَوْ وَارِثُهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَاهُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لَا تُسْمَعُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
بِالْمَسْتُورِ كَمَا قَدَّمَهُ قَبْلَهُ، وَلَعَلَّهُمْ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ ظَاهِرِ الْفِسْقِ وَغَيْرِ ظَاهِرِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَصَمَ زَوْجَانِ إلَخْ) هَذَا لَا مَوْقِعَ لَهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَهُوَ تَابِعٌ فِي إيرَادِهِ لِلشِّهَابِ حَجّ، لَكِنَّ ذَاكَ إنَّمَا أَوْرَدَهُ لِاخْتِيَارِهِ قَبْلَهُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ مَحَلُّ اعْتِبَارِ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاكِمِ فِي الْحُكْمِ الْوَاقِعِ قَصْدًا بِخِلَافِ الْوَاقِعِ تَبَعًا، وَأَمَّا الشَّارِحُ فَحَيْثُ اخْتَارَ عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ وَأَنَّهُ يَكْفِي الْمَسْتُورُ فِيمَا لَوْ كَانَ الْعَاقِدُ الْحَاكِمَ فَلَا يَبْقَى لِإِيرَادِ هَذَا فِي كَلَامِهِ مَعْنًى؛ لِأَنَّ الْمَسْتُورَ إذَا كَفَى فِيمَا وَقَعَ قَصْدًا فَفِيمَا وَقَعَ تَبَعًا أَوْلَى (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَا بِمَوْضِعٍ يَخْتَلِطُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ إلَخْ) هَذَا مِثَالٌ لِمَا قَبْلَ الْغَايَةِ، وَقَوْلُهُ أَوْ يَكُونَا ظَاهِرَيْ الْإِسْلَامِ إلَخْ مِثَالٌ لِلْغَايَةِ
(قَوْلُهُ: كَجُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ صِغَرٍ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ كَصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ ادَّعَاهُ، فَقَدَّمَ الشَّارِحُ الْجُنُونَ مَعَ أَنَّ ضَمِيرَ عُهِدَ إنَّمَا يَرْجِعُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُقَالُ فِيهِ عُهِدَ، وَأَمَّا الصِّغَرُ فَإِنَّمَا يُقَالُ فِيهِ أَمْكَنَ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي عِبَارَاتِهِمْ، وَيَجُوزُ أَنَّهُ جَعَلَ عُهِدَ وَصْفًا لَهُمَا تَغْلِيبًا وَمَعْنَاهُ فِي الصِّغَرِ أَمْكَنُ (قَوْلُهُ: ادَّعَاهُ وَارِثُهُ أَوْ وَارِثُهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ
الْعَقْدِ تَبَيُّنُهُ قَبْلَهُ.
نَعَمْ تَبَيُّنُهُ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ كَتَبَيُّنِهِ عِنْدَهُ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي هُوَ صَحِيحٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيْنِ اكْتِفَاءً بِالسَّتْرِ يَوْمَئِذٍ (وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ) الْفِسْقُ، أَوْ غَيْرُهُ بِعِلْمِ الْحَاكِمِ حَيْثُ سَاغَ لَهُ الْحُكْمُ بِعِلْمِهِ فَيَلْزَمُهُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ لَمْ يَتَرَافَعَا إلَيْهِ مَا لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ يَرَاهُ بِصِحَّتِهِ، أَوْ (بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ بِهِ مُفَسِّرًا سَوَاءٌ أَكَانَ الشَّاهِدُ عَدْلًا أَوْ مَسْتُورًا، وَكَوْنُ السَّتْرِ يَزُولُ بِإِخْبَارِ عَدْلٍ بِالْفِسْقِ وَلَوْ غَيْرَ مُفَسِّرٍ مَحَلَّهُ فِيمَا قَبْلَ الْعَقْدِ، بِخِلَافِهِ بَعْدَهُ لِانْعِقَادِهِ ظَاهِرًا فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ مُبْطِلِهِ (أَوْ اتِّفَاقِ الزَّوْجَيْنِ) عَلَى فِسْقِهِمَا عِنْدَ الْعَقْدِ سَوَاءٌ أَعَلِمَا بِهِ عِنْدَهُ أَمْ بَعْدَهُ مَا لَمْ يُقِرَّا قَبْلُ عِنْدَ حَاكِمٍ أَنَّهُ بِعَدْلَيْنِ وَيَحْكُمُ بِصِحَّتِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَلْتَفِتْ لِاتِّفَاقِهِمَا: أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ لَا لِتَقْرِيرِ النِّكَاحِ.
وَذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ بَحْثًا عَدَمُ قَبُولِ إقْرَارِ السَّفِيهِ فِي إبْطَالِ مَا ثَبَتَ لَهَا مِنْ الْمَالِ وَمِثْلُهَا الْأَمَةُ، ثُمَّ مَحَلُّ بُطْلَانِهِ بِاتِّفَاقِهِمَا إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّهِمَا دُونَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَوَافَقَا وَأَقَامَا أَوْ الزَّوْجُ بَيِّنَةً بِفَسَادِ النِّكَاحِ بِذَلِكَ أَوْ بِغَيْرِهِ لَمْ يُلْتَفَتْ لِذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ التَّحْلِيلِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَرْتَفِعُ بِذَلِكَ.
قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ، وَلِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْعَقْدِ يَقْتَضِي اعْتِرَافَهُ بِاسْتِجْمَاعِ مُعْتَبَرَاتِهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ وَالْحَوَالَةِ، وَقَضِيَّتُهُ سَمَاعُهَا مِمَّنْ زَوَّجَهُ وَلِيُّهُ، وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مِنْ التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ، وَبِهِمَا عُلِمَ ضَعْفُ قَوْلِ الزَّبِيلِيِّ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ إنْ بَيَّنَتْ السَّبَبَ وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِصِحَّتِهِ.
نَعَمْ إنْ عَلِمَا الْمُفْسِدَ جَازَ لَهُمَا الْعَمَلُ بِقَضِيَّتِهِ بَاطِنًا، لَكِنْ إذَا عَلِمَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
دَعْوَاهُ (قَوْلُهُ: تَبَيَّنَهُ قَبْلَهُ) أَيْ فَلَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: كَتَبَيُّنِهِ عِنْدَهُ) فَيَضُرُّ وَهُوَ وَاضِحٌ فِي الشَّاهِدِ دُونَ الْوَلِيِّ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ عَقْدِهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ مُضِيُّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ سَاغَ لَهُ الْحُكْمُ بِعِلْمِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُجْتَهِدًا (قَوْلُهُ: تَشْهَدُ بِهِ مُفَسَّرًا) أَيْ وَقْتَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: لَا لِتَقْرِيرِ النِّكَاحِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ قَوْلُهُ وَلِأَنَّ إقْدَامَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ) أَيْ وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ عَلِمَا الْمُفْسِدَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِصِحَّتِهِ) وَبَيِّنَتُهَا إذَا أَرَادَتْ بَعْدَ الْوَطْءِ مَهْرَ الْمِثْلِ وَكَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى حَيْثُ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا إقْرَارٌ بِصِحَّتِهِ، وَبِهَذَا يُرَدُّ بَحْثُ الْغَزِّيِّ إطْلَاقَ قَبُولِ بَيِّنَتِهَا، وَعَلَيْهِ لَوْ أُقِيمَتْ لِذَلِكَ وَحُكِمَ بِفَسَادِهِ لَمْ يَرْتَفِعْ مَا وَجَبَ مِنْ التَّحْلِيلِ لِمَا عُلِمَ مِنْ تَبْعِيضِ الْأَحْكَامِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: كَتَبَيُّنِهِ عِنْدَهُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ فِي الْوَلِيِّ الَّذِي زَادَهْ عَلَى الْمَتْنِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا تَابَ زُوِّجَ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) قَالَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ: هُوَ شَامِلٌ لِمَا مَثَّلَ بِهِ فِيمَا سَبَقَ لِلْغَيْرِ بِقَوْلِهِ كَصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ فَانْظُرْ مَا أَفَادَهُ الْحَصْرُ هُنَا مَعَ قَوْلِهِ هُنَاكَ وَقَدْ عُهِدَ أَوْ أَثْبَتَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُقِرَّ قَبْلُ عِنْدَ حَاكِمٍ أَنَّهُ بِعَدْلَيْنِ إلَخْ) هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ الْقُوتِ لِلْأَذْرَعِيِّ، لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ بِالنِّسْبَةِ لِاتِّفَاقِ الزَّوْجَيْنِ وَبِالنِّسْبَةِ لِاعْتِرَافِ الزَّوْجِ الْآتِي فِي الْمَتْنِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَهُ: أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي الشِّقِّ الثَّانِي خِلَافًا لِمَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ كَابْنِ حَجّ مِنْ تَأَتِّيهِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ بَلْ قَصَرَهُ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ اسْتَشْكَلَهُ الْمُحَقِّقُ سم بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَةَ مُعْتَرِفَةٌ بِسُقُوطِ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ فَكَيْفَ تَثْبُتُ لَهَا، وَعِبَارَةُ الْقُوتِ: قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْحُكْمِ بِبُطْلَانِهِ بِتَصَادُقِهِمَا عَلَى فِسْقِ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ بَيْنَ أَنَّهُ سَبَقَ مِنْهُمَا إقْرَارٌ بِعَدَالَتِهِمَا عِنْدَ الْعَقْدِ أَمْ لَا حُكِمَ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ أَمْ لَا. ثُمَّ سَاقَ كَلَامًا لِلْمَاوَرْدِيِّ صَرِيحًا فِي خِلَافِ ذَلِكَ وَقَالَ عَقِبه: وَقَدْ أَفْهَمَ كَلَامُهُ: يَعْنِي الْمَاوَرْدِيَّ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ أَوَّلًا بِصِحَّتِهِ ثُمَّ ادَّعَى سَفَهَ الْوَلِيِّ وَفِسْقَ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهُ يُلْزَمُ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ حَتَّى يُقِرَّ عَلَيْهِ لَوْ أَرَادَهُ وَيَلْغُو اعْتِرَافُهُ اللَّاحِقُ لِأَجْلِ إقْرَارِهِ السَّابِقِ
وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِمَا تَضْمَنَّهُ إقْرَارُهُ السَّابِقُ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ نَفَقَةٍ وَمَهْرٍ وَغَيْرِهِمَا لَا أَنَّا نُقِرُّهُمَا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَالضَّمَائِرُ فِي قَوْلِهِ أَنَّهُ يُلْزَمُ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ حَتَّى يُقِرَّ عَلَيْهِ إلَخْ إنَّمَا هِيَ لِلزَّوْجِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: وَأَقَامَا أَوْ الزَّوْجُ بَيِّنَةً إلَخْ) أَيْ وَاتَّفَقَا عَلَى
الْحَاكِمُ بِهِمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا كَنَظِيرِهِ الْآتِي قُبَيْلَ فَصْلِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْأَزْمِنَةِ، وَمَا نُقِلَ عَنْ الْكَافِي مِنْ عَدَمِ التَّعَرُّضِ لَهُمَا مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْحَاكِمِ مَعَ أَنَّهُ مُنَازَعٌ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ بَحْثٌ لِلْأَذْرَعِيِّ، وَبَحَثَ السُّبْكِيُّ قَبُولَ بَيِّنَتِهِ إذَا لَمْ يُرِدْ نِكَاحًا بَلْ التَّخَلُّصَ مِنْ الْمَهْرِ: أَيْ وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِصِحَّتِهِ وَخَرَجَ بِأَقَامَا، أَوْ الزَّوْجُ مَا لَوْ قَامَتْ حِسْبَةٌ وَوُجِدَتْ شُرُوطُ قِيَامِهَا فَتُسْمَعُ كَمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ وَاعْتَمَدُوهُ، وَذَكَرَ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ أَنَّ بَيِّنَةَ الْحِسْبَةِ تُقْبَلُ لَكِنَّهُمْ ذَكَرُوا فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ أَنَّ مَحَلَّ قَبُولِ بَيِّنَةِ الْحِسْبَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا كَأَنْ طَلَّقَ شَخْصٌ زَوْجَتَهُ وَهُوَ يُعَاشِرُهَا أَوْ أَعْتَقَ رَقِيقَهُ وَهُوَ يُنْكِرُ ذَلِكَ، أَمَّا إذَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهَا حَاجَةٌ فَلَا تُسْمَعُ، وَهُنَا كَذَلِكَ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْوَالِدُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَهُوَ حَسَنٌ (وَلَا أَثَرَ)(لِقَوْلِ الشَّاهِدَيْنِ كُنَّا) عِنْدَ الْعَقْدِ (فَاسِقَيْنِ) مَثَلًا لِأَنَّهُمَا مُقِرَّانِ عَلَى غَيْرِهِمَا، نَعَمْ لَهُ أَثَرٌ فِي حَقَّيْهِمَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَأَنَّ إقْرَارَهُمَا وَبَيِّنَتَهُمَا إنَّمَا يُعْتَدُّ بِهِمَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّهِمَا لَا غَيْرَ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ أُقِيمَتْ بَيِّنَةٌ بِفَسَادِ النِّكَاحِ ثُمَّ أَعَادَهَا عَادَتْ إلَيْهِ بِطَلْقَتَيْنِ فَقَطْ لِأَنَّ إسْقَاطَ الطَّلْقَةِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا تُفِيدُهُ الْبَيِّنَةُ أَيْضًا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ اهـ.
حَجّ وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلُهُ وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِصِحَّتِهِ، أَيْ وَعَلَيْهِ يَسْقُطُ التَّحْلِيلُ تَبَعًا، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ عِنْدَ قَوْلِهِ إذَا لَمْ يُرِدْ نِكَاحًا إلَخْ مَا نَصُّهُ: وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ عَدَمُ صِحَّةِ النِّكَاحِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ سُقُوطُ التَّحْلِيلِ لِوُقُوعِهِ تَبَعًا اهـ.
وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ حَجّ.
[فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا عَامِدًا عَالِمًا هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بِفَسَادِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ لِكَوْنِ الْوَلِيِّ كَانَ فَاسِقًا أَوْ الشُّهُودُ كَذَلِكَ بَعْدَ مُدَّةٍ مِنْ السِّنِينَ، وَهَلْ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ وَفَاءِ عِدَّةٍ مِنْ نِكَاحِهِ الْأَوَّلِ، وَهَلْ يَتَوَقَّفُ نِكَاحُهُ الثَّانِي عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ بِصِحَّتِهِ وَهَلْ الْأَصْلُ فِي عُقُودِ الْمُسْلِمِينَ الصِّحَّةُ، أَوْ الْفَسَادُ وَأَجَبْنَا عَنْهُ بِمَا صُورَتُهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بِذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي، وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ وَإِنْ وَافَقَتْهُ الزَّوْجَةُ عَلَيْهِ حَيْثُ أَرَادَ بِهِ إسْقَاطَ التَّحْلِيلِ، نَعَمْ إنْ عَلِمَ بِذَلِكَ جَازَ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى الْعَمَلُ بِهِ، فَيَصِحُّ نِكَاحُهُ لَهَا مِنْ غَيْرِ مُحَلِّلٍ إنْ وَافَقَتْهُ الزَّوْجَةُ عَلَى ذَلِكَ، وَمِنْ غَيْرِ وَفَاءِ عِدَّةٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَعْقِدَ فِي عِدَّةِ نَفْسِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ عَنْ شُبْهَةٍ، أَوْ طَلَاقٍ، وَلَا يَتَوَقَّفُ حِلُّ وَطْئِهِ لَهَا وَثُبُوتُ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ لَهُ عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى عِلْمِهِ بِفَسَادِ الْأَوَّلِ فِي مَذْهَبِهِ وَاسْتِجْمَاعِ الثَّانِي لِشُرُوطِ الصِّحَّةِ الْمُخْتَلِفَةِ كُلِّهَا، أَوْ بَعْضِهَا فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْقَاضِي التَّعَرُّضُ لَهُ فِيمَا فَعَلَ، وَأَمَّا الْقَاضِي فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا إذَا عَلِمَ بِذَلِكَ، وَالْأَصْلُ فِي الْعُقُودِ الصِّحَّةُ، فَلَا يَجُوزُ الِاعْتِرَاضُ فِي نِكَاحٍ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى مَنْ اسْتَنَدَ فِي فِعْلِهِ إلَى عَقْدٍ مَا لَمْ يَثْبُتْ فَسَادُهُ بِطَرِيقِهِ وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ مِمَّنْ يَرَى صِحَّتَهُ مَعَ فِسْقِ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ، أَمَّا إذَا حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعَمَلُ بِخِلَافِهِ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا لِمَا هُوَ مُقَرَّرٌ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ، وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ أَنْ يَسْبِقَ مِنْ الزَّوْجِ تَقْلِيدٌ لِغَيْرِ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ مِمَّنْ يَرَى صِحَّةَ النِّكَاحِ مَعَ فِسْقِ الشَّاهِدِ وَالْوَلِيِّ أَمْ لَا.
وَعِبَارَةُ م ر فِي شَرْحِهِ ثُمَّ: وَمَحَلُّ بُطْلَانِهِ بِاتِّفَاقِهِمَا، إلَى قَوْلِهِ: فَلَيْسَ لَهُ التَّعَرُّضُ لَهُمَا (قَوْلُهُ: وَوُجِدَتْ شُرُوطُ قِيَامِهَا)
ــ
[حاشية الرشيدي]
ذَلِكَ كَمَا عُلِمَ بِالْأَوْلَى، وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ قَبْلُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ لِانْسِجَامِ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ مُنَازَعٌ فِيهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ نَقْلُهُ عَنْ الْكَافِي بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا هُوَ إلَخْ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: مُنَازَعٌ فِي كَوْنِهِ فِيهِ: أَيْ الْكَافِي، فَلَعَلَّ فِي كَوْنِهِ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ مِنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَهُنَا كَذَلِكَ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ شَرْطُ سَمَاعِهَا الضَّرُورَةُ وَهِيَ لَا تُتَصَوَّرُ هُنَا مَمْنُوعٌ انْتَهَى. قَالَ الشِّهَابُ سم: يَرُدُّ الْمَنْعَ أَنَّ مِنْ صُوَرِ ذَلِكَ أَنْ يُرِيدَ هُنَا مُعَاشَرَتَهَا. اهـ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ أَنَّهُ عَقَدَ عَلَيْهَا بِفَاسِقَيْنِ مَثَلًا وَيُرِيدُ مُعَاشَرَتَهَا، وَإِلَّا فَمَتَى قَالَا إنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَيُرِيدُ مُعَاشَرَتَهَا كَانَ ذَلِكَ مُتَضَمِّنًا
فَلَوْ حَضَرَا عَقْدَ أُخْتِهِمَا مَثَلًا ثُمَّ مَاتَتْ وَوَرِثَاهَا سَقَطَ الْمَهْرُ قَبْلَ الْوَطْءِ وَفَسَدَ الْمُسَمَّى بَعْدَهُ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ: أَيْ إنْ كَانَ دُونَ الْمُسَمَّى، أَوْ مِثْلَهُ لَا أَكْثَرَ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَهُوَ وَاضِحٌ لِئَلَّا يَلْزَمَ أَنَّهُمَا أَوْجَبَا بِإِقْرَارِهِمَا حَقًّا لَهُمَا عَلَى غَيْرِهِمَا (وَلَوْ اعْتَرَفَ بِهِ الزَّوْجُ وَأَنْكَرَتْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِهِ وَهِيَ فُرْقَةُ فَسْخٍ لَا تَنْقُصُ عَدَدًا (وَعَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجُ الْمُقِرُّ بِالْفِسْقِ (نِصْفُ الْمَهْرِ) الْمُسَمَّى (إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَإِلَّا) كَأَنْ دَخَلَ بِهَا (فَكُلُّهُ) عَلَيْهِ وَلَا يَرِثُهَا لِأَنَّ حُكْمَ اعْتِرَافِهِ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ وَرِثَتْهُ، لَكِنْ بَعْدَ حَلِفِهَا أَنَّهُ عُقِدَ بِعَدْلَيْنِ وَخَرَجَ بِاعْتِرَافِهِ اعْتِرَافُهَا بِخَلَلِ وَلِيٍّ، أَوْ شَاهِدٍ فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بِيَدِهِ وَهِيَ تُرِيدُ رَفْعَهَا وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا، وَلَكِنْ لَوْ مَاتَ لَمْ تَرِثْهُ وَإِنْ مَاتَتْ، أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ وَطْءٍ فَلَا مَهْرَ أَوْ بَعْدَهُ فَلَهَا أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْمُسَمَّى وَمَهْرُ الْمِثْلِ مَا لَمْ تَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا بِسَفَهٍ فَلَا سُقُوطَ لِفَسَادِ إقْرَارِهَا فِي الْمَالِ كَمَا مَرَّ، وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ مَحَلَّ سُقُوطِهِ قَبْلَ الْوَطْءِ مَا إذَا لَمْ تَقْبِضْهُ، وَإِلَّا لَمْ يَسْتَرِدَّهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ لَوْ قَالَ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْوَطْءِ فَلِي الرَّجْعَةُ فَقَالَتْ بَلْ قَبْلَهُ صُدِّقَتْ وَهُوَ مُقِرٌّ لَهَا بِالْمَهْرِ، فَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ وَإِلَّا لَمْ تُطَالِبْهُ إلَّا بِنِصْفِهِ وَالنِّصْفُ الَّذِي يُنْكِرُهُ هُنَاكَ بِمَثَابَةِ الْكُلِّ هُنَا.
وَمَا أُجِيبَ بِهِ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ فِي تِلْكَ اتَّفَقَا عَلَى حُصُولِ الْمُوجِبِ لِلْمَهْرِ وَهُوَ الْعَقْدُ وَاخْتَلَفَا فِي الْمُقِرِّ لَهُ وَهُوَ الْوَطْءُ وَهُنَا تَدَّعِي نَفْيَ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لَهُ فَلَوْ مَلَّكْنَاهَا شَيْئًا مِنْهُ لَمَلَكَتْهُ بِغَيْرِ سَبَبٍ تَدَّعِيهِ رَدَّهُ الْوَالِدُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ بِأَنَّ الْجَوَابَ الْمَذْكُورَ لَا يُجْدِي شَيْئًا وَالْمُعْتَمَدُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، إذْ الْجَامِعُ الْمُعْتَبَرُ بَيْنَهُمَا أَنْ مَنْ فِي يَدِهِ الْمَالُ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّهُ لِغَيْرِهِ وَذَلِكَ الْغَيْرُ يُنْكِرُهُ فَيُقَرُّ الْمَالُ فِي يَدِهِ فِيهِمَا.
وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الذَّخَائِرِ أَنَّهُ لَوْ قَالَتْ نَكَحَنِي بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَشُهُودٍ فَقَالَ بَلْ بِهِمَا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ إنْكَارٌ لِأَصْلِ الْعَقْدِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى تَصْدِيقِ مُدَّعِي الْفَسَادِ، فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ، وَفِي كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ: وَكَانَ يَنْبَغِي تَخْرِيجُهُ عَلَى دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ.
(وَيُسْتَحَبُّ)(الْإِشْهَادُ عَلَى رِضَا الْمَرْأَةِ)(حَيْثُ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا) احْتِيَاطًا لِيُؤْمَنَ إنْكَارُهَا وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ نَدْبَهُ عَلَى الْمُجْبَرَةِ الْبَالِغَةِ لِئَلَّا تَرْفَعَهُ لِمَنْ يَعْتَبِرُ إذْنَهَا وَتَجْحَدَهُ فَيُبْطِلَهُ (وَلَا يُشْتَرَطُ) ذَلِكَ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَيْسَ رُكْنًا فِي الْعَقْدِ بَلْ شَرْطٌ فِيهِ فَلَمْ يَجِبْ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ، وَرِضَاهَا الْكَافِي فِي الْعَقْدِ يَحْصُلُ بِإِذْنِهَا، أَوْ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ بِإِخْبَارِ وَلِيِّهَا مَعَ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ وَعَكْسِهِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ الْحَاكِمَ وَبِهِ أَفْتَى الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ، وَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يُزَوِّجُهَا حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ إذْنُهَا لِأَنَّهُ يَلِي ذَلِكَ بِجِهَةِ الْحُكْمِ فَيَجِبُ ظُهُورُ مُسْتَنَدِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ حُكْمٌ وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ، وَأَفْتَى الْبَغَوِيّ بِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُ الْمُخْبِرِ لَهُ بِأَنَّهَا أَذِنَتْ لَهُ، وَكَلَامُ الْقَفَّالِ وَالْقَاضِي يُؤَيِّدُهُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَجُوزُ اعْتِمَادُ صَبِيٍّ أَرْسَلَهُ الْوَلِيُّ لِغَيْرِهِ لِيُزَوِّجَ مُوَلِّيَتَهُ، وَالْأَوْجَهُ مَجِيءُ مَا مَرَّ فِي عَقْدِهِ بِمَسْتُورَيْنِ هُنَا، وَأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي جَوَازِ مُبَاشَرَتِهِ لَا فِي الصِّحَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَا مَرَّ أَنَّ مَدَارَهَا عَلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَمِنْهَا الِاحْتِيَاجُ إلَيْهَا كَمَا لَوْ لَمْ يُعْلِمْهَا بِطَلَاقِهِ لَهَا ثَلَاثًا وَظَنَّاهُ يُعَاشِرُهَا بِحُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ فَشَهِدَ بِمُبْطِلِ النِّكَاحِ عِنْدَ الْقَاضِي، وَبِهَذَا يُجَابُ عَنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَهُنَا كَذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بَعْدَ حَلِفِهَا) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْجِعْ) أَيْ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ فِي تِلْكَ) أَيْ قَوْلُهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ إلَخْ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
لِاعْتِرَافِهِمَا بِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَخَرَجَ عَنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ
(قَوْلُهُ:: بِإِذْنِهَا أَوْ بِبَيِّنَةٍ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا الْعَطْفَ.