الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصلبهم، كما قال عبد الله بن عباس، حين قالوا:(ربنا أفرغ علينا صبرًا وتوفّنا مسلمين) . قال: كانوا في أول النهار سحرة، وفى آخر النهار شهداء.
14958 -
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن عبد العزيز بن رفيع، عن عبيد بن عمير قال: كانت السحرة أول النهار سحرة، وآخر النهار شهداء.
14959 -
حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:(وألقي السحرة ساجدين)، قال: ذكر لنا أنهم كانوا في أوّل النهار سحرة، وآخره شهداء.
14960 -
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد:(ربنا أفرغ علينا صبرًا وتوفنا مسلمين)، قال: كانوا أوّل النهار سحرة، وآخره شهداء.
* * *
القول في تأويل قوله: {وَقَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ
(127) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وقالت جماعة رجال من قوم فرعون لفرعون (1) أتدع موسى وقومه من بني إسرائيل (2) = "ليفسدوا في الأرض"، يقول: كي يفسدوا خدمك وعبيدك عليك في أرضك من مصر (3) = (ويذرك وآلهتك) ،
(1) انظر تفسير ((الملأ)) فيما سلف ص 18، تعليق: 1، والمراجع هناك.
(2)
انظر تفسير ((يذر)) فيما سلف 12: 136، تعليق: 3، والمراجع هناك.
(3)
انظر تفسير ((الفساد في الأرض)) فيما سلف ص: 13، تعلق: 1، والمراجع هناك.
يقول: "ويذرك"، ويدع خِدْمتك موسى وعبادتك وعبادة آلهتك.
* * *
وفي قوله: (ويذرك وآلهتك) ، وجهان من التأويل.
أحدهما: أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض، وقد تركك وترك عبادتك وعبادة آلهتك= وإذا وجه الكلام إلى هذا الوجه من التأويل، كان النصبُ في قوله:(ويذرك) ، على الصرف، (1) لا على العطف به على قوله:"ليفسدوا".
والثاني: أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض، وليذرك وآلهتك = كالتوبيخ منهم لفرعون على ترك موسى ليفعل هذين الفعلين. وإذا وجِّه الكلام إلى هذا الوجه، كان نصب:(ويذرك) على العطف على (ليفسدوا) . قال أبو جعفر: والوجه الأول أولى الوجهين بالصواب، وهو أن يكون نصب (ويذرك) على الصرف، لأن التأويل من أهل التأويل به جاء.
* * *
وبعدُ، فإن في قراءة أبيّ بن كعب الذي:-
14961 -
حدثنا أحمد بن يوسف قال، حدثنا القاسم قال، حدثنا حجاج عن هارون قال، في حرف أبي بن كعب:(وقَدْ تَرَكُوكَ أَنْ يَعْبُدُوكَ وآلِهَتَكَ) . (2)
* * *
دلالةً واضحةً على أن نصب ذلك على الصرف.
* * *
وقد روي عن الحسن البصري أنه كان يقرأ ذلك: (وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ)، عطفًا بقوله:(ويذرك) على قوله: (أتذر موسى) .
(1)((الصرف)) ، مضى تفسيره في 7: 247، تعليق: 2، والمراجع هناك. وانظر معاني القرآن للفراء 1:391.
(2)
انظر أيضاً معاني القرآن للفراء 1: 391.
= كأنه وجَّه تأويله إلى: أتذر موسى وقومه، ويذرك وآلهتك، ليفسدوا في الأرض. وقد تحتمل قراءة الحسن هذه أن يكون معناها: أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض، وهو يذرك وآلهتك؟ = فيكون "يذرك" مرفوعًا بابتداء الكلام والسلامة من الحوادث. (1)
* * *
وأما قوله: (وآلهتك) ، فإن قرأة الأمصار على فتح "الألف" منها ومدِّها، بمعنى: وقد ترك موسى عبادتك وعبادة آلهتك التي تعبدها.
* * *
وقد ذكر عن ابن عباس أنه قال: كان له بقرة يعبدها.
* * *
وقد روي عن ابن عباس ومجاهد أنهما كانا يقرآنها: (وَيَذَرَكَ وَإِلاهَتَكَ) بكسر الألف بمعنى: ويذرك وعبودتك. (2)
* * *
قال أبو جعفر: والقراءة التي لا نرى القراءة بغيرها، هي القراءة التي عليها قرأة الأمصار، لإجماع الحجة من القرأة عليها.
* * *
* ذكر من قال: كان فرعون يعبد آلهة = على قراءة من قرأ: (ويذرك وآلهتك) .
14962 -
حدثني موسى بن هارون قال: حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي:(ويذرك وآلهتك) ، وآلهته فيما زعم ابن عباس، كانت البقر،
(1) في المطبوعة، حذف قوله:((والسلامة من الحوادث)) ، كأنه لم يفهمها، وإنما أراد سلامته من العوامل التي ترفعه أو تنصبه أو تجره. وفي المخطوطة:((إلى ابتداء الكلام)) ، وفي المطبوعة:((على إبتدا الكلام)) ، والأجود ما أثبت.
(2)
انظر ما سلف 1: 123، 124، وفي تفسير ((الإلاهة)) ، وخبرا ابن عباس ومجاهد بإسنادهما، وسيأتي برقم: 14966 - 14971.
كانوا إذا رأوا بقرة حسناء أمرهم أن يعبدوها، فلذلك أخرج لهم عِجْلا وبقرة.
14963 -
حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو سفيان، عن عمرو، عن الحسن قال: كان لفرعون جمانة معلقة في نحره، يعبدها ويسجد لها.
14964 -
حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا أبان بن خالد قال، سمعت الحسن يقول: بلغني أن فرعون كان يعبدُ إلهًا في السر، وقرأ:"ويذرك والهتك ".
14965 -
حدثنا محمد بن سنان، قال: حدثنا أبو عاصم، عن أبي بكر، عن الحسن قال: كان لفرعون إله يعبده في السر.
* * *
* ذكر من قال: معنى ذلك: ويذرك وعبادتك، على قراءة من قرأ:(وَإَلاهَتَكَ) .
14966 -
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن محمد بن عمرو بن الحسن، عن ابن عباس:(وَيَذَرَكَ وَإِلاهَتَكَ) قال: إنما كان فرعون يُعْبَد ولا يَعْبُد. (1)
14967 -
. . . قال، حدثنا أبي، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس أنه قرأ، (ويَذَرَكَ وإِلاهَتَكَ) قال: وعبادتك، ويقول: إنه كان يُعْبَد ولا يَعْبُد. (2)
14968 -
حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني
(1) الأثر: 14966 - ((محمد بن عمرو بن الحسن بن على بن أبي طالب)) تابعي ثقة، مضى برقم: 2892، 2892 م. وكان في المخطوطة والمطبوعة هنا:((محمد بن عمرو، عن الحسن)) ، وهو خطأ. وقد مضى الخبر على الصواب بهذا الإسناد فيما سلف رقم: 143، وسيأتيعلى الصواب برقم 19471.
(2)
الأثر: 14967 - ((نافع بن عمر)) ، مضى مرارًا، وكان في المخطوطة والمطبوعة ((عن نافع، عن ابن عم)) ، وهو خطأ، والصواب كما مضى برقم: 142
معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:(وَيَذَرَكَ وَإِلاهَتَكَ)، قال: يترك عبادتك.
14969 -
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس أنه كان يقرأ:(وَإِلاهَتَكَ)، يقول: وعبادتك.
14970 -
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:(وَيَذَرَكَ وَإِلاهَتَكَ)، قال: عبادتك.
14971 -
حدثنا سعيد بن الربيع الرازي قال، حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن محمد بن عمرو بن حسين، عن ابن عباس: أنه كان يقرأ: (وَيَذَرَكَ وَإِلاهَتَكَ)، وقال: إنما كان فرعون يُعْبَد ولا يَعْبُد. (1)
* * *
وقد زعم بعضهم: أن من قرأ: "وَإِلاهَتَكَ"، إنما يقصد إلى نحو معنى قراءة من قرأ:(وآلِهَتَكَ) ، غير أنه أنّث وهو يريد إلهًا واحدًا، كأنه يريد: ويذرك وإلاهك = ثم أنث "الإله" فقال: "وإلاهتك".
* * *
وذكر بعض البصريين أن أعرابيًّا سئل عن "الإلاهة" فقال: "هي عَلَمة" يريد علمًا، فأنث "العلم"، فكأنه شيء نصب للعبادة يعبد. وقد قالت بنت عتيبة بن الحارث اليربوعي:(2) تَرَوَّحْنَا مِنَ اللَّعْبَاء قَصْرًا وَأَعْجَلْنَا الإلاهَةَ أَنْ تَؤُوبَا (3)
(1) الأثر: 14971 - ((محمد بن عمرو بن الحسن بن على بن أبي طالب)) ، انظر التعليق على رقم 14966.
(2)
في المخطوطة: ((وقد قال عتيبة بن شهاب اليربوعي)) ، وهو خطأ لا شك فيه، وفي المطبوعة:((وقد قالت بنت عتيبة بن الحارث اليربوعي)) ، وهو صواب من تغيير ناشر المطبوعة الأولى، وقد أثبت حق النسب، جامعاً بين ما في المخطوطة والمطبوعة. ويقال هي ((أمنه بنت عتيبة)) ، ويقال اسمها ((ميه)) ، وهي ((أم البنين)) . ويقال: هو لنائحة عتيبة.
(3)
بلاغات النساء: 189، معجم ما استعجم: 1156، معجم البلدان ((اللعباء)) ، اللسان (لعب)(أله) ، وغيرها كثير. قالت ترثى أباها، وقتل يوم خو، قتلته بنو أسد، وبعد البيت: عَلَى مِثْلِ ابنِ مَيَّهَ، فَانْعِيَاهُ
…
يَشُقُّ نَوَاعِمُ البَشَرِ الجُيُوبَا
وَكانَ أَبِى عُتَيْبَةُ شَمَّرِيًّا عَوَانُ
…
وَلا تَلْقَاهُ يَدَّخِرُ النَّصِيبَا
ضَرُوبًا بِاليَدَيْنِ إذَا اشْمَعَلَّتْ
…
الحَرْبِ، لا وَرِعًا هَيُوبَا
و ((اللعباء)) بين الربذة، وأرض بنى سليم، وهي لفزارة، ويقال غير ذلك. و ((قصرا)) ، أي عشيا.وفي المطبوعة:((عصراً)) ، وهي إحدى روايات البيت، وأثبت ما في المخطوطة.
يعني بـ"الإلاهة"، في هذا الموضع، الشمس. وكأنّ هذا المتأول هذا التأويل، وجّه "الإلاهة"، إذا أدخلت فيها هاء التأنيث، وهو يريد واحد "الآلهة"، إلى نحو إدخالهم "الهاء" في "وِلْدتي" و"كوكبتي" و"مَاءتي"، (1) وهو "أهلة ذاك"، وكما قال الراجز:(2) يَا مُضَرُ الْحَمْرَاءُ أَنْتِ أُسْرَتِي وأنت ملجاتي وأنت ظهرتي (3)
يريد: ظهري.
* * *
وقد بين ابن عباس ومجاهد ما أرادا من المعنى في قراءتهما ذلك على ما قرآ، فلا وجه لقول هذا القائل ما قال، مع بيانهما عن أنفسهما ما ذهبا إليه من معنى ذلك.
* * *
وقوله: (قال سنقتل أبناءهم)، يقول: قال فرعون: سنقتل أبناءهم الذكور من أولاد بني إسرائيل = (ونستحيي نساءهم)، يقول: ونستبقي إناثهم (4) = (وإنا
(1) في المطبوعة: ((أماتى)) وهو خطأ، صوابه ما في المخطوطة.
(2)
لم أعرف قائله.
(3)
(3) قوله: ((ملجاتى)) بتسهيل الهمزة، وأصله ((ملجأتى)) ، وألحق التاء أيضاً في هذا بقولهم:((ملجأ)) بالحرفان جميعاً شاهد على ما قاله أبو جعفر.
(4)
انظر تفسير ((الاستحياء)) فيما سلف 2: 41 - 48.