المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

(1) سُؤَالَ حَفِيٍّ عَنْ أَخِيهِ كَأَنَّهُ بِذِكْرَتِهِ وَسْنَانُ أَوْ مُتَوَاسِنُ - تفسير الطبري جامع البيان - ط دار التربية والتراث - جـ ١٣

[ابن جرير الطبري]

الفصل: (1) سُؤَالَ حَفِيٍّ عَنْ أَخِيهِ كَأَنَّهُ بِذِكْرَتِهِ وَسْنَانُ أَوْ مُتَوَاسِنُ

(1)

سُؤَالَ حَفِيٍّ عَنْ أَخِيهِ كَأَنَّهُ بِذِكْرَتِهِ وَسْنَانُ أَوْ مُتَوَاسِنُ (2)

* * *

وأما قوله: (قل إنما علمها عند الله)، فإن معناه: قل، يا محمد، لسائليك عن وقت الساعة وحين مجيئها: لا علم لي بذلك، ولا علم به إلا [عند] الله الذي يعلم غيب السموات والأرض (3) = (ولكن أكثر الناس لا يعلمون)، يقول: ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن ذلك لا يعلمه إلا الله، بل يحسبون أن علم ذلك يوجد عند بعض خلقه.

* * *

(1) هو المعطل الهذلي.

(2)

ديوان الهذليين 3: 45 من قصيدة له طويلة. وبهذه الرواية التي رواها أبو جعفر ((سؤال حفي)) ، يختل سياق الشعر. وروايته في ديوانه: فإن ترني قصدًا قريبًا، فإنه

بعيد علي المرء الحجازي أين

بعيد على ذى حاجة، ولو أننى

إذا نفجت يوماً بها الدار آمن

يقول الذي أمسى إلى الحرز أهله:

بأي الحشاء أمسى الخليط المباين

سؤال الغني عن أخيه، كأنه

بذكرته وسنان أو متواسن

و ((الذي أمسى إلى الحرز أهله)) هو الذي صار في مكان حصين آمناً مطمئناً، فهو يسأل عنه ويقول:((بأي الحشا)) ، بأي النواحي أمسي فلان؟ وهو صاحبه المفارق. ثم يقول: إنه يسأل سؤال غير حفي - لا سؤال حفي - ((سؤال غني عن أخيه)) وأنما يذكره كالنائم أو المتناوم، لقلة حفاوة به. فهذا نقيض رواية أبي جعفر. وكان في المطبوعة:((يذكره وسنان)) ، والصواب من المخطوطة والديوان.

(3)

في المطبوعة: ((ولا يعلم به إلا الله)) وليس بجيد، وأثبت ما في المخطوطة وزدت ما يقتضيه السياق بين قوسين.

ص: 301

القول في تأويل قوله: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ‌

(188) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل، يا محمد، لسائليك عن الساعة:"أيان مرساها؟ " = (لا أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًّا) ،

ص: 301

يقول: لا أقدر على اجتلاب نفع إلى نفسي، ولا دفع ضر يحلّ بها عنها إلا ما شاء الله أن أملكه من ذلك، بأن يقوّيني عليه ويعينني (1) = (ولو كنت أعلم الغيب)، يقول: لو كنت أعلم ما هو كائن مما لم يكن بعد (2) = (لاستكثرت من الخير)، يقول: لأعددت الكثير من الخير. (3)

* * *

ثم اختلف أهل التأويل في معنى "الخير" الذي عناه الله بقوله: (لاستكثرت من الخير) . (4) فقال بعضهم: معنى ذلك: لاستكثرت من العمل الصالح.

* ذكر من قال ذلك:

15494 -

حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج قال: قال ابن جريج: قوله: (قل لا أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًّا) قال: الهدى والضلالة = (لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير) قال: "أعلم الغيب"، متى أموت = لاستكثرت من العمل الصالح.

15495 -

حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد، مثله.

15496 -

حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله:(ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء)،: قال: لاجتنبت ما يكون من الشرّ واتَّقيته.

* * *

وقال آخرون: معنى ذلك: "ولو كنت أعلم الغيب" لأعددت للسَّنة المجدبة من المخصبة، ولعرفت الغلاء من الرُّخْص، واستعددت له في الرُّخْص.

* * *

(1) انظر تفسير ((ملك)) فيما سلف 10: 147، 187، 317.

(2)

انظر تفسير ((الغيب)) فيما سلف 11: 464، تعليق: 2، والمراجع هناك.

(3)

انظر تفسير ((استكثر)) فيما سلف 12: 115.

(4)

انظر تفسير ((الخير)) فيما سلف 2: 505 / 7: 91.

ص: 302