المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ويستخلفكم فيها، فإن الله يورث أرضه من يشاء من عباده - تفسير الطبري جامع البيان - ط دار التربية والتراث - جـ ١٣

[ابن جرير الطبري]

الفصل: ويستخلفكم فيها، فإن الله يورث أرضه من يشاء من عباده

ويستخلفكم فيها، فإن الله يورث أرضه من يشاء من عباده = (والعاقبة للمتقين)، يقول: والعاقبة المحمودة لمن اتقى الله وراقبه، فخافه باجتناب معاصيه وأدَّى فرائضه. (1)

* * *

القول في تأويل قوله: {قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ‌

(129) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال قوم موسى لموسى، حين قال لهم "استعينوا بالله واصبروا" = (أوذينا) بقتل أبنائنا = (من قبل أن تأتينا)، يقول: من قبل أن تأتينا برسالة الله إلينا، لأن فرعون كان يقتل أولادهم الذكور حين أظلَّه زمان موسى على ما قد بينت فيما مضى من كتابنا هذا. (2) وقوله:(ومن بعد ما جئتنا)، يقول: ومن بعد ما جئتنا برسالة الله، لأن فرعون لما غلبت سَحرَته، وقال للملأ من قومه ما قال، أراد تجديدَ العذاب عليهم بقتل أبنائهم واستحياء نسائهم.

* * *

وقيل: إن قوم موسى قالوا لموسى ذلك، حين خافوا أن يدركهم فرعون وهم منه هاربون، وقد تراءى الجمعان، فقالوا له:(يا موسى أوذينا من قبل أن تأتينا) ، كانوا يذبحون أبناءنا ويستحيون نساءنا = (ومن بعد ما جئتنا) ، اليوم يدركنا فرعون فيقتلنا.

(1) انظر تفسير ((العاقبة)) فيما سلف: ص 13، تعليق: 1، والمراجع هناك.

(2)

انظر ما سلف 2: 41 - 48.

ص: 43

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

* * *

14973 -

حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:(من قبل أن تأتينا) ، من قبل إرسال الله إياك وبعده.

14974 -

حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

14974 -

حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: فلما تراءى الجمعان فنظرت بنو إسرائيل إلى فرعون قد رَدِفهم، (1) قالوا:(إنا لمدركون)، وقالوا:(أوذينا من قبل أن تأتينا) ، كانوا يذبحون أبناءنا ويستحيون نساءنا = (ومن بعد ما جئتنا) ، اليوم يدركنا فرعون فيقتلنا = إنا لمدركون. (2)

14975 -

حدثني عبد الكريم قال، حدثنا إبراهيم قال، حدثنا سفيان قال، حدثنا أبو سعد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: سار موسى ببني إسرائيل حتى هجموا على البحر، فالتفتوا فإذا هم برَهَج دوابِّ فرعون، فقالوا:"يا موسى أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا"، هذا البحر أمامنا وهذا فرعون بمن معه! قال:(عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون) .

* * *

وقوله: (قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم)، يقول جل ثناؤه: قال موسى

(1)"ردفهم": تبعهم.

(2)

الأثر: 14974 - هو جزء من خبر طويل فرقه أبو جعفر في مواضع من تفسيره، ورواه في تاريخه 1:214.

ص: 44