المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وقوله: (وما مسني السوء) ، يقول: وما مسني الضر (1) - تفسير الطبري جامع البيان - ط دار التربية والتراث - جـ ١٣

[ابن جرير الطبري]

الفصل: وقوله: (وما مسني السوء) ، يقول: وما مسني الضر (1)

وقوله: (وما مسني السوء)، يقول: وما مسني الضر (1) = (إن أنا إلا نذير وبشير)، يقول: ما أنا إلا رسولٌ لله أرسلني إليكم، أنذر عقابه مَن عصاه منكم وخالف أمره، وأبشّرَ بثوابه وكرامته من آمن به وأطاعه منكم. (2)

* * *

وقوله: (لقوم يؤمنون)، يقول: يصدقون بأني لله رسول، ويقرون بحقية ما جئتهم به من عنده. (3)

* * *

القول في تأويل قوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ‌

(189) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (هو الذي خلقكم من نفس واحدة)، يعني بالنفس الواحدة: آدم، (4) كما: -

15497 -

حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي، عن سفيان، عن رجل، عن مجاهد:(خلقكم من نفس واحدة) قال: آدم عليه السلام. (5)

(1) انظر تفسير ((المس)) فيما سلف 12: 573، تعليق: 2، والمراجع هناك.

(2)

انظر تفسير ((نذير)) فيما سلف ص: 290، تعليق: 2، والمراجع هناك. = وتفسير ((بشير)) فيما سلف 11: 369، تعليق 1، والمراجع هناك.

(3)

في المطبوعة: ((بحقية ما جئتهم به)) ، والصواب من المخطوطة، وقد غيرها في مئات من المواضع، انظر ما سلف ص: 113، تعليق: 1 والمراجع هناك. و ((الحقيقة)) ، مصدر، بمعني الصدق والحق، كما أسلفت.

(4)

انظر تفسير ((نفس واحدة)) فيما سلف 7: 513، 514.

(5)

الأثر: 15497 - مضى برقم: 8402

ص: 303

15498 -

حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله:(هو الذي خلقكم من نفس واحدة) ، من آدم. (1)

* * *

ويعني بقوله: (وجعل منها زوجها)،: وجعل من النفس الواحدة، وهو آدم، زوجها حواء، (2) كما: -

15499 -

حدثني بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة. (وحمل منها زوجها)،: حواء، فجعلت من ضلع من أضلاعه، ليسكن إليها. (3)

* * *

ويعني بقوله: (ليسكن إليها)،: ليأوي إليها لقضاء حاجتة ولذته. (4)

* * *

ويعني بقوله: (فلما تغشاها) ، فلما تدثَّرها لقضاء حاجته منها، فقضى حاجته منها = (حملت حملا خفيفًا) ، وفي الكلام محذوف، ترك ذكرُه استغناءً بما ظهر عما حذف، وذلك قوله:(فلما تغشاها حملت)، وإنما الكلام: فلما تغشاها =فقضى حاجته منها= حملت.

* * *

وقوله: (حملت حملا خفيفًا)، يعني ب "خفة الحمل": الماء الذي حملته حواء في رَحِمها من آدم، أنه كان حملا خفيفًا، وكذلك هو حملُ المرأة ماءَ الرجل خفيفٌ عليها.

* * *

وأما قوله: (فمرت به)، فإنه يعني: استمرَّت بالماء: قامت به وقعدت، وأتمت الحمل، كما: -

15500 -

حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبو أسامة، عن أبي عمير، عن أيوب قال: سألت الحسن عن قوله: (حملت حملا خفيفًا فمرت به) قال:

(1) الأثر: 15498 - مضى برقم: 8401.

(2)

انظر تفسير ((جعل)) فيما سلف من فهارس اللغة (جعل) .

(3)

الأثر: 15499 - مضى برقم: 8405.

(4)

في المطبوعة والمخطوطة: ((لقضاء الحاجة ولذته)) ، والسياق يقتضى ما أثبت.

ص: 304

لو كنت امرءًا عربيًّا لعرفت ما هي؟ إنما هي: فاستمرَّت به. (1)

15501 -

حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة:(فلما تغشاها حملت حملا خفيفًا فمرت به) ، استبان حملها.

15502 -

حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:(فمرت به) قال: استمرّ حملها.

15503 -

حدثني موسى قال: حدثنا عمرو قال: حدثنا أسباط، عن السدي، قوله:(حملت حملا خفيفًا) قال: هي النطفة = وقوله: (فمرّت به)، يقول: استمرّت به.

* * *

وقال آخرون: معنى ذلك: فشكَّت فيه.

* ذكر من قال ذلك:

15504 -

حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله:(فمرت به) قال: فشكت، أحملت أم لا؟

* * *

ويعني بقوله: (فلما أثقلت) ، فلما صار ما في بطنها من الحمل الذي كان خفيفًا، ثقيلا ودنت ولادتها.

* * *

يقال منه: "أثقلت فلانة" إذا صارت ذات ثقل بحملها، كما يقال:"أَتْمَرَ فلان": إذا صار ذا تَمْر. كما: -

15505 -

حدثني موسى قال: حدثنا عمرو قال: حدثنا أسباط، عن السدي:(فلما أثقلت)،: كبر الولد في بطنها.

* * *

(1) الأثر: 15500 ((أبو عمير)) ، هو (الحارث بن عمير البصري) . ثقة متكلم فيه، مترجم في التهذيب، والكبير 1 / 2 / 83. و ((أيوب)) هو السختياني، ((أيوب بن أبي تميمه، مترجم في التهذيب، والكبير 1 / 1 / 409، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 255.

ص: 305

قال أبو جعفر: (دعوا الله ربهما)، يقول: نادى آدم وحواء ربهما وقالا يا ربنا، "لئن آتيتنا صالحًا لنكونن من الشاكرين".

* * *

واختلف أهل التأويل في معنى "الصلاح" الذي أقسم آدم وحواء عليهما السلام أنه إن آتاهما صالحًا في حمل حواء: لنكونن من الشاكرين.

فقال بعضهم: ذلك هو أن يكون الحمل غلامًا.

* ذكر من قال ذلك:

15506 -

حدثني محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر قال: قال الحسن، في قوله:(لئن آتيتنا صالحًا) قال: غلامًا.

* * *

وقال آخرون: بل هو أن يكون المولود بشرًا سويًّا مثلهما، ولا يكون بهيمة.

* ذكر من قال ذلك:

15507 -

حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي، عن سفيان، عن زيد بن جبير الجُشَمي، عن أبي البختري، في قوله:(لئن آتيتنا صالحًا لنكونن من الشاكرين) قال: أشفقا أن يكون شيئًا دون الإنسان. (1)

15508 -

قال: حدثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن زيد بن جبير، عن أبي البختري قال: أشفقا أن لا يكون إنسانًا.

15509 -

قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن إسماعيل، عن أبي صالح قال: لما حملت امرأة آدم فأثقلت، كانا يشفقان أن يكون بهيمة، فدعوا ربهما:(لئن آتيتنا صالحًا) ، الآية.

15510 -

قال: حدثنا جابر بن نوح، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: أشفقا أن يكون بهيمة.

(1) الأثر: 15507 - ((زيد بن جبير الحشمي الطائى)) ، ثقة، روى له الجماعة، مترجم في التهذيب، والكبير 2 / 1 / 356، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 558. وكان في المطبوعة:((الحسمي)) ، غير منقوطة كما في المخطوطة، والصواب ما أثبت.

ص: 306

15511 -

حدثني القاسم قال: حدثنا الحسين قال: ثني حجاج، عن ابن جريج قال: قال سعيد بن جبير: لما هبط آدم وحواء، ألقيت الشهوة في نفسه فأصابها، فليس إلا أن أصابها حملت، فليس إلا أن حملت تحرك في بطنها ولدها، (1) قالت: ما هذا؟ فجاءها إبليس، فقال [لها: إنك حملت فتلدين! قالت: ما ألد؟ قال] : (2) أترين في الأرض إلا ناقةً أو بقرة أو ضائنة أو ماعزة، أو بعض ذلك! (3)[ويخرج من أنفك، أو من أذنك، أو من عينك] . (4) قالت: والله ما مني شيء إلا وهو يضيق عن ذلك! قال: فأطيعيني وسميه "عبد الحارث" = [وكان اسمه في الملائكة الحارث] = (5) تلدي شبهكما مثلكما! قال: فذكرت ذلك لآدم عليه السلام، فقال: هو صاحبنا الذي قد علمت! (6) فمات، ثم حملت بآخر، فجاءها فقال: أطيعيني وسميه عبد الحارث -وكان اسمه في الملائكة الحارث= وإلا ولدت ناقة أو بقرة أو ضائنة أو ماعزة، أو قتلته، فإني أنا قتلت الأول! قال: فذكرت ذلك لآدم، فكأنه لم يكرهه، فسمته "عبد الحارث"، فذلك قوله:(لئن آتيتنا صالحًا)، يقول: شبهنا مثلنا = (فلما آتاهما صالحًا) قال: شبههما مثلهما. (7)

15512 -

حدثني موسى قال: حدثنا عمرو قال: حدثنا أسباط، عن السدي:(فلما أثقلت) ، كبر الولد في بطنها، جاءها إبليس، فخوَّفها وقال لها:

(1) هذا تعبير جيد، يصور سرعة حدوث ذلك، ولو شاء أن يقوله قائل، لقال:((فليس إلا أن أصابها حتي حملت. . .)) ، فتهوى العبارة من قوة إلى ضعف.

(2)

الزيادة بين القوسين من الدر المنثور3: 152، وهي زيادة لا بد منها. والمخطوطة مضطربة في الوضع.

(3)

في المطبوعة والدر المنثور: ((هو بعض ذلك)) .

(4)

الزيادة بين القوسين من الدر المنثور، ولا يستقيم الكلام إلا بها.

(5)

هذه الزيادة أيضا من الدر المنثور.

(6)

في المطبوعة: ((هو صاحبنا الذي قد أخرجنا من الجنة)) ، وفي المخطوطة:((الذي قد فمات)) وبين ((قد)) و ((فمات)) حرف ((ط)) وبالهامش و ((كذا)) . وأثبت نص العبارة من الدر المنثور.

(7)

الأثر: 15511 - هذه أخبار باطلة كما أشرنا إليه مرارًا.

ص: 307