المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

القول في تأويل قوله: {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ - تفسير الطبري جامع البيان - ط دار التربية والتراث - جـ ١٣

[ابن جرير الطبري]

الفصل: القول في تأويل قوله: {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ

القول في تأويل قوله: {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ‌

(166) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فلما تمرَّدوا، فيما نهوا عنه من اعتدائهم في السبت، واستحلالهم ما حرَّم الله عليهم من صيد السمك وأكله، وتمادوا فيه (1)"قلنا لهم كونوا قردة خاسئين"، أي: بُعَداء من الخير. (2)

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

15294-

حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"فلما عتوا عما نهوا عنه"، يقول: لما مَرَد القوم على المعصية= "قلنا لهم كونوا قردة خاسئين"، فصارُوا قردةً لها أذناب، تعاوى، بعدما كانوا رجالا ونساءً.

15295-

حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله:"فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين"، فجعل الله منهم القردة والخنازير. فزعم أن شباب القوم صارُوا قردةً، وأن المشيخة صاروا خنازيرَ.

15296-

حدثني المثني قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك، عن السدي، عن أبي مالك أو سعيد بن جبير قال: رأى موسى عليه السلام رجلا يحمل قصَبًا يوم السبت، فضرب عنقه.

* * *

(1)(1) انظر تفسير ((عتا)) فيما سلف 12: 543.

(2)

(2) انظر تفسير ((خسأ)) فيما سلف 2: 174، 175.

ص: 203

القول في تأويل قوله: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ}

قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: "وإذ تأذن"، واذكر، يا محمد، إذ آذن ربك، وأعلم. (1)

* * *

=وهو "تفعل" من "الإيذان"، كما قال الأعشى، ميمون بن قيس:

أَذِنَ اليَوْمَ جِيرَتِي بِخُفُوفِ صَرَمُوا حَبْلَ آلِفٍ مَأْلُوفِ (2)

يعني بقوله: "أذِن"، أعلم. وقد بينا ذلك بشواهده في غير هذا الموضع. (3)

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

15297-

حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"وإذ تأذن ربك"، قال: أمرَ ربك.

15298-

حدثنا الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد، عن مجاهد:"وإذ تأذن ربك"، قال: أمر ربك.

* * *

وقوله: "ليبعثن عليهم"، يعني: أعلم ربك ليبعثن على اليهود من يسومهم سوء

(1)(1) كان في المطبوعة: ((إذ أذن ربك فأعلم)) ، وأثبت ما في المخطوطة.

(2)

(2) ديوانه: 211، مطلع قصيدة له طويلة. وفي الديوان المطبوع ((بحفوفي)) ، وهو خطأ صرف، صوابه في مصورة ديوانه. و ((الخفوف)) مصدر قولهم:((خف القوم عن منزلهم خفوفاً)) ، ارتحلوا، أو أسرعوا في الارتحال، وفي خطبته صلى الله عليه وسلم في مرضه:((أيها الناس، إنه قد دنا منى خفوف من بين أظهركم)) ، أي قرب ارتحال، منذراً صلى الله عليه وسلم بموته.

(3)

(3) انظر تفسير ((الإذن)) فيما سلف 11: 215، تعليق: 2، والمراجع هناك.

ص: 204

العذاب. (1) قيل: إن ذلك، العربُ، بعثهم الله على اليهود، يقاتلون من لم يسلم منهم ولم يعط الجزية، ومن أعطى منهم الجزية كان ذلك له صغارًا وذلة.

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

15299-

حدثني المثني بن إبراهيم وعلي بن داود قالا حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب"، قال: هي الجزية، والذين يسومونهم: محمد صلى الله عليه وسلم وأمّته، إلى يوم القيامة.

15300-

حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب"، فهي المسكنة، وأخذ الجزية منهم.

15301-

حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، قال ابن عباس:"وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب"، قال: يهود، وما ضُرب عليهم من الذلة والمسكنة.

15302-

حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب"، قال: فبعث الله

(1)(1) انظر تفسير ((البعث)) فيما سلف من فهارس اللغة (بعث)، وأخشى أن يكون الصواب:((يعنى: أعلم ربك ليرسلن على اليهود)) .

ص: 205

عليهم هذا الحيَّ من العرب، فهم في عذاب منهم إلى يوم القيامة.

15303-

حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة:"ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم"، قال: بعث عليهم هذا الحي من العرب، فهم في عذاب منهم إلى يوم القيامة. = وقال عبد الكريم الجزريّ: يُستحبُّ أن تُبعث الأنباط في الجزية. (1)

15304-

حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا إسحاق بن إسماعيل، عن يعقوب، عن جعفر، عن سعيد:"وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم"، قال: العرب= "سوء العذاب"، قال: الخراج. وأوّلُ من وضع الخراج موسى عليه السلام، فجبى الخراجَ سبعَ سنين.

15305-

حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد:"وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم"، قال: العرب= "سوء العذاب"؟ قال: الخراج. قال: وأول من وضع الخراج موسى، فجبى الخراج سبعَ سنين.

15306-

حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد:"وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب"، قال: هم أهل الكتاب، بعث الله عليهم العرب يجبُونهم الخراجَ إلى يوم القيامة، فهو سوء العذاب. ولم يجب نبيٌّ الخراجَ قطُّ إلا مُوسى صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة سنةً، ثم أمسك، وإلا النبي صلى الله عليه وسلم.

15307-

حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب"، قال: يبعث عليهم هذا الحي من العرب، فهم في عذاب منهم إلى يوم القيامة.

15308-

..... قال أخبرنا معمر قال، أخبرني عبد الكريم، عن

(1)(1) القائل: ((قال عبد الكريم الجزرى

)) ، إلى آخر الكلام، هو ((معمر)) ، وسيأتي بيان ذلك ومصداقه في ا"لأثر رقم: 15308، رواية معمر، عن عبد الكريم، عن ابن المسيب.

ص: 206

ابن المسيب قال: يستحبُّ أن تبعث الأنباط في الجزية. (1)

15309-

حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط عن السدي:"وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب"، يقول: إن ربك يبعث على بني إسرائيل العرب، فيسومونهم سوء العذاب، يأخذون منهم الجزية ويقتلونهم.

15310-

حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة"، ليبعثن على يَهُود.

* * *

القول في تأويل قوله: {إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إن ربك يا محمد، لسريعٌ عقابه إلى من استوجَب منه العقوبة على كفره به ومعصيته= "وإنه لغفور رحيم"، يقول: وإنه لذو صفح عن ذنوب من تاب من ذنوبه، فأناب وراجع طاعته، يستر عليها بعفوه عنها= "رحيم"، له، أن يعاقبه على جرمه بعد توبته منها، لأنه يقبل التوبة ويُقِيل العَثْرة. (2)

* * *

(1)(1) الأثر: 15308 - انظر ختام الأثر السالف رقم: 15303.

(2)

(2) انظر تفسير ((سريع العقاب)) ، و ((غفور)) ،و ((رحيم)) فيما سلف من فهارس اللغة (سرع) و (غفر) و (رحم) .

ص: 207