الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفديكه والجوهري ابتدأ هذه المادة باسم الفاعل فقال الفاتك الجريء والجمع الفتاك. ثم فتله لوا وعبارة الصحاح فتلت الحبل وغيره وفتله عن وجهه فانفتل أي صرفه فانصر وهو قلب لفت. قلت هذا القلب غير متعين فإن فتل الحبل غير منفك عن التليين وهوأصل معنى الفتل مرادف الصرف. ثم فتنت الذهب والفضة إذا أحرقه بالنار ليبين الجيد من الرديء كما في المصباح وهو أصل معنى الفتنة فإذا تأملته وجدته غير منقطع عن الفتح والكسر. ثم الفتاء كسماء الشباب وحقيقة معناه تفتح النمو في شخص وأفتاه في الأمر إبانه له وحقيقة معناه فتحة له وكشفه. وقس على ذلك سائر المواد فهذا النسق هو الذي يكشف عن سر وضع الألفاظ ونسبة بعضها إلى بعض وهو الذي اختاره الزمخشري وبني عليه الأساس واقتدى به صاحب المصباح والسابق إلى ذلك ابن فارس في المجمل رضي الله عنهم أجمعين
وهذا أوان الشروع في المقصود وهو النقد الموعود
النقد الأول: (في الكلام على خطبة المصنف)
قوله بعد البسملة الحمد لله منطق البلغاء باللغي في البوادي تعريف الحمد في مادته في القاموس مخالف للجمهور فإنه عرفه بالشكر وبينهما فرق فقد حكي الشارح عن ثعلب أن الحمد يكون عن يد وعن غير يد والشكر لا يكون إلا عن يد قال وقال الأزهري الشكر لا يكون إلا ثناء ليد أوليتها والحمد قد يكون شكرا للصنيعة ويكون ابتداء للثناء على الرجل آه وعبارة الصحاح الحمد نقيض الذم ثم قال والحمد أعم من الشكر ومثلها عبارة المحكم وعبارة المصباح حمدته على شجاعته وإحسانه جدا أثنيت عليه ومن هنا كان الحمد غير الشكر لأنه يستعمل لصفة في الشخص وفيه معنى التعجب ويكون فيه معنى التعظيم للممدوح وخضوع للمادح وأما الشكر فلا يكون إلا في مقابلة الصنيع فلا يقال شكرته على شجاعته وقيل غير ذلك. وقال المحشي وفي حواشي السعد والبيضاوي والكشاف من ذلك ما يغني وقد أبديت منه فوائد وأشرت إلى ما في كلام المصنف من مخالفة الجمهور في ذلك لأن كلامهم يقتضي المباينة بينهما (أي الحمد والشكر) وكلامه يقتضي اتحادهما معنى الخ ومما فاته في هذه المادة تحمد فلان أي تكلف الحمد كما في الأساس والمصنف ذكره بمعنى يمتن وعداه بعلي وفيه أيضا واستحمد الله إلى خلقه بإحسانه إليهم وإنعامه عليهم والرعاة يتحامدون الكلأ زفي الصحاح واحتمد الحر قلب احتدم والمصنف لم يصرح به فإنه اقتصر على أن يقول ويوم محتمد شديد الحر وقوله منطق لم يذكر في هذه المادة أن النطق بالفتح مصدر والنطق بالضم أسم كما في المصباح ولا النطق
كحذر بمعنى الناطق وهو في شعر المتنبي ولا أن كسر الطاء من المنطق اللغوي شاذ لأنه مصدر فحقه أن يكون مفتوحا مع أنه تصدى لذكر شذوذ المرجع ولا المنطق الاصطلاحي مع أنه ذكر العروض والفقه والشعر وغيرها من الألفاظ الاصطلاحية ولا ناطقة بمعنى حادثه وإنما فسر بها فاهماه وكان عليه أيضا أن يقول أن نطق يستعمل لغير العاقل يقال نطق العود والطائر وكتاب ناطق أي بين وبذلك نطق الكتاب ومنه قوله تعالى وعلمناه منطق الطير وفاته أيضا رجل نطيق على وزن سكبت بمعنى منطيق وتنطقت أرضهم بالجبال وانتطقت وتنطبق الماء الشجر والأكمة بلغ وسطعها كذا في الأساس وإنما ذكر نطق على وزن فعل مشدودا وكذلك فاته المناقطة لمن يتعاطون علم المنطق وانتطق فلان تكلم كما في المصباح والنطاقة بمعنى البطاقة حكاها الصفاني فقد رأيت ما ذات المصنف في هذه المادة فاظنك بباقي المواد وما قولك في كتاب صريح ألفى كتاب من الكتب الفاخرة وسنيح ألفى فلمس من العيالم الزاخرة كما ستقف عليه في آخر الخطبة. وقوله البلغاء قال المحشي هو جمع بليغ وهو الفصيح الذي يبلغ بعبارته إلى كنه ضميره وقد بلغ الرجل بلاغة كما في المصباح وغيره وإن أهمله المصنف كما سيأتي التنبيه عليه في مادته قلت هذا الاعتراض غريب فإن المصنف قال في بلغ والبلغ ويكسر وكعنب وسكارى وحباري البليغ الفصيح يبلغ بعبارته كنه ضميره بلغ ككرم. وإنما فاته تبالغ في كلامه أي تعاطي البلاغة وليس من أهلها وما هو ببليغ ولكن يتبالغ وأبلغت إلى فلان فعلت به ما بلغ به الأذى والمكروه كما في الأساس وفاته أيضا بلغت الثمار أي أدركت ونضجت كما في الصباح. وقوله باللغي هو جمع لغة ولم يذكره في مادته وإنما اقتصر على لغات ولغون والجوهري ذكره فإن قلت أن جمع فعلة على فعل قياسي فلا حاجة إلى ذكره وكذا الجمع السالم في مثل هذه الصيغة كثبة وثبون وقد ذكر هذه بل هو كثيرا ما يذكر جمع فعلة من السالم فذكره من المعتل أولى قال المحشي قد أهمل المصنف اللغي في مادتها واقتصر على لغات ولغون وذكره الجوهري وابن سيده وغيرها واستعمله المصنف هنا فاحتاج في تصحيح أول فقرة من كلامه للنقل عن الجوهري فا أغنى عنه بتحججه الآتي في قوله ويظهر للناظر بادئ بدء فضل كتابي عليه. قلت ومما فات المصنف أيضا في هذه المادة مما ذكره الجوهري ألغيت العدد أي أسقطته وإنما قال ألغاه خيبه وهو لا يفيد معنى الجوهري ولعل الذي أذهله عن ذلك تهافته على تخطئه الجوهري في قوله لناح كلب لغو وعبارة المصباح ألغيته أبطلته وألغيته من العدد أسقطته قال وكان ابن عباس يلغي طلاق المكره أي يسقط ويبطل آه وهو المتعارف الآن بين الناس قال ومن الفرق اللطيف قول الخليل اللغط كلام لشيء ليس من شأنك والكذب كلام لشيء تغر به والمحال كلام لغير شيء والمستقيم كلام لشيء منتظم واللغو كلام لشيء لم ترده. ومما فاته أيضا لغا عن الطريق
أي مال عنه ولاغيته هازلته وهو يلاغي صاحبه وما هذه الملاغاة كما في الأساس. ومن غريب استعمال اللغة قولهم مثلا في لغة في ثم ولم يتعرض لها في المغنى. وقوله في البوادي قال المحشي جمع بادية كما صرحوا به واقتضاء القياس وإن أغفله المصنف في مادته. قلت هي من بدا يبدو إذا ظهر فاختصاصها بأرض العرب من استعمال العام في الخاص. ومما فاته في هذه المادة كلفنى من بدواتك أي من حوائجك التي تبدو لك وركى مبد بارز ونقيضه ركى غامد وبادا، بارزة وكاشفت الرجل وباديته وجاليته بمعنى وبادي بين الرجلين قايس بينهما وباين كما في الأساس. وفاته أيضا تبدي أي ظهر يقال تبدي كالبدر عند تمامه والمصنف ذكره بمعنى أقام في البادية وفي الصحاح ويقال أبديت في منطقك أي جرت مثل أعديت ومن قولهم السلطان ذو عدوان وذو بدوان بالتحريك فيهما وأهل المدينة يقولون بدينا بمعنى بدأنا وربما جعلوا قولهم افعل ذاك بادي بد وبأي بدى اسما للداهية واصله الهمز كما قال الراجز. وقد علتني ذرأة بادي بدى. ورثية تنهض بالتشدد. وصار للنحل لساني ويدي. وهما اسمان جعلا اسما واحدا مثل معدي كرب وقالي قلا قوله ومخصص عروق القيصوم وغضا القصيم بما لم ينله المبهر والجادي عبارته في خصص التخصيص ضد التعميم وفي عمم التعميم ضد التخصيص وفي شرح الإمام المناوي التخصيص جعل الشيء لشيء معين دون غيره وعبارة المصباح خصصته بكذا إذا جعلته له دون غيره وخصصته بالتثقيل مبالغة وفي المفردات هو تفرد بعض الشيء بما لا تشاركه فيه الجملة ولعل الأولى أن يقال هو إفراد بعض الشيء كما أشار إليه المحشي بقوله خصصه بالشيء إذا أفرده به وآثره وفضله فشتان بين تعريف المصنف وهؤلاء الأئمة. أما قوله في أول المادة خصه بالشيء خصا وخصوصا وخصوصية ويفتح فصاحب المصباح جعل الضم لغة في الفتح لكن الزمخشري جعل الفتح أفصح. وكذلك قصر في تعريف الخاصة فإنه لم يزد على أن قال الخاصة ضد العامة فلم يقل أنها للمفرد والجمع يقال هذا خاصتي وهم خاصتي كما في الأساس وكثيرا ما تستعمل بمعنى خصوصا كقول ابن الأعرابي الفعال بالفتح فعل الواحد خاصة ثم نسب إليها فيقال مثلا خاصية الحروف وخاصية النبات. وفيه أيضا وهو يستخص فلانا ويستخلصه كأنه يخصه بصفاء المودة واختص الرجل اختل أي افتقر وسددت خصاصة فلان جبرت فقره. ومن الغريب هنا أن المصنف ذكر استخلصه في مادة خلص إذ فسر به استخلصه تبعا للجوهري وسيأتي له نظائر ذلك وهو دليل على أن غالب ثقله كان من الصحاح. ووجدت في كلام الإمام الشربشي تخصص الرجل بمعنى صار من الخاصة وتمام الغرابة أني لم أجد في هذه الكتب الخصيصة مفرد الخصائص وهي في كلام أبي تمام وغيره وحسبك تأليف ابن فارس وابن جني في خصائص اللغة. وقوله القيصوم ذكر منافعه في مادته بما لا مزيد عليه ولكن لم يقل أنه من
خصائص أهل البدو حتى يقال فلان يمضغ القيصوم لمن خلصت بدويته وتمحضت عربيته كما أفاده المناوي والغضا مقصورا شجر عربي مشهور تأكله الإبل وقيل أنه من مأكولات الأعراب والقصيم رملة تنبت الغضا والعبهر فسروه بالنرجس وقال المصنف أنه النرجس والياسمين ونبت آخر والظاهر أنه لا ينبت في البادية لقوله بما لم ينله العبهر والجادي الزعفران نسبة إلى الجادية قرية من أعمال البلقاء وقيل بالشام والياء فيه مشدودة لكنها سكنت لتناسب الفقر وذكر المصنف هذا الحرف في جود وفسره بالزعفران ثم أعاده في جدي وفسره بالزعفران والخمر ويطلق أيضا على طالب الجدوى وعلى معطيها كما في الأساس وهو مما فات المصنف والجوهري فقد عرفت تقصير المصنف في المواد فهو نموذج مغن عن تتبع نظائره في سائرها فإن ذلك يطول ويمول. قوله ومفيض الأيادي الذي ذكره في المعتل أن هذه الصيغة جمع الجمع لليد التي بمعنى الجارحة أما اليد التي بمعنى النعمة والإحسان وهي المرادة هنا فجمعها على يدي مثلثة الأول وعلى أيد. وقال المحشي قال ابن جني أكثر ما يستعمل هذا الجمع (أي الأيادي) في النعم لا في الأعضاء والمحب اقتصر عليه. قوله بالكرم الممادى ذكر في المعتل ماديته وأمديت له أمليت ولم يذكر تمادي في الأمر إذا لج ودام على فعله كما في المصباح وقال المحشي الممادى اسم فاعل من مادى أي طال واستمر فجعله لازما والمصنف جعله متعديا قال وهو المصحح في النسخ المروية المقروءة وفي النسخ المتمادي وهو الظاهر في الدراية لشيوع تمادى على الأمر أس استمر عليه ودام وهو في أمهات اللغة دون مادى. قوله بسقت دوحة رسالته فظهرت على شوك الكوادي واستأسلت رياض نبوته فعيت في المآسد أنليوث العوادي هاتان الفقرتان وجدتا مختلفتين في عدة نسخ ففي إحداهما نبينا الذي الذي بسقت دوحة رسالته فظهرت شوكة الكوادي قال المحشي قال المحب هكذا في النسخ القديمة التي بأيدينا (لعله النسخة) وهي إحدى النسخ الثلاث التي وقفت عليها وكان يرى أنها متأخرة وأنها لذلك معتمدة، وقال بعد ذكر النسختين ثم اجتهدت فحصلت نسخة صلاح الدين بن رسول سلطان اليمني ورأيت بآخرها بخط المؤلف كل بحمد الله تصحيح الكتاب بقراءة كاتبه على مؤلف أضعف خلق الله قراءة بينة متقنة في مدة قليلة أعلى الله سعادة مالكها خليفة الله في خليقته ولله الحمد على جزيل أنعامه وحسبنا الله ونعمة الوكيل قال ورقم كاتبها (كذا) فرغ من زبره الفقير إلى الله تعالى أبو بكر بن يوسف بن عثمان المغربي الحميدي يوم السبت العشرين من رجب سنة أربع عشرة وثمانمائة اه. قلت قد حظيت بمطالعة هذه النسخة الجليلة في خزانة المرحوم كوبريلي محمد باشا المقابلة لتربة المرحوم السلطان محمود وإذا هي أثر يملأ العين نورا والقلب سرورا لحسن خطها وتناسق سطورها وجودة ورقها وجميع موادها مكتوبة بالذهب وفصولها بالحبر الأزرق ولكن لن تعدم الحسناء ذاما فإنها غير تامة النقط في مواضع كثيرة وكتب في ظهر أعلى
صحيفة منها بالخط الثلث بماء الذهب كتاب القاموس المحيط والقابوس الوسيط في اللغة وفي وسطها برسم الخزانة السلطانية الملكية الناصرية الصلاحية الرسولية عمرها الله آمين وفي أسفلها تأليف القاضي مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز أيادي نفع الله به ورأيت على حواشيها بلغ العراض فصح إن شاء الله وكتب مؤلفه أو بلغ العراض مع مؤلفه أو بلغ العراض معي وكتب مؤلفه أو بلغ العراض معي فصح ولله الحمد أو بلغ العراض مع مؤلفه فصح ولله الحمد أو بلغ العراض وكتب مؤلفه تاب الله عليه أو بلغ العراض فصح بتوفيق الله وكتب مؤلفه وهكذا وكل ما كتبه غير منقوط جريا على عادته ويعلم من ترجمته أن ما كتبه في آخر هذه النسخة كان قبل وفاته رحمه الله بنحو ثلاث سنين مع أن حسن الخلط لم يفارق يده ورأيت ما كتبه هنا كما قال المحب ولكن كتب بعد قوله في مدة قليلة دلت على سعادة مالكها بدل أعلى الله سعادة مالكها ووجدت أيضا ما رقة كاتبها كما قال المحب غير أن لفظتي المغربي الحميدي تصحيف في نسخة المحشي بل في نسختين له عن المقري الجبري الثانية غير منقوطة ثم رأيت بجانب هذه النسخة نسخة أخرى نفيسة بخط الملا علي بن سلطان محمد الهروي بتاريخ سنة 982 وهي أحسن خطا وأتم وضعا من تلك فإن لها جداول من الذهب والجبر الأزرق وكل مادة منها مرقومة في سطر على حدته فتعجبت من إتقانها ولاسيما أني رأيت فيها تصحيح بعض الألفاظ كتبت ملحونة في النسخة الناصرية وكان من تمام حظي برؤيتها أني رأيت في ترجمة محررها في خطبة تاج العروس أن الشارح وصفه بالعلامة الملا وقال أنه ألف شرحا على القاموس سماه الناموس وعلى حواشي كلتا النسختين تنبيهات على ما اشتملت عليه المواد مثل أو طب أو نادرة أو عجيبة فكأن هذه التنبيهات كانت في نسخة المصنف قصد بها زيادة التنويه بكتابه. ولنعد إلى اختلاف الروايات فنقول أنه وجد في نسخة أخرى نبينا الذي شعب دوح رسالته طهرت شوكة شوك العوادي ولا استأسدت رياض نبوته تحم الذوابل نضرتها إلا رعت في المآسد اللبون ذات التعادي فضلا عن الذئاب العوادي في أردأ الضوادي. وذكر المحب هذه النسخة وقال هي الثالثة التي وقف عليها من النسخ اليمنية وفي نسخة أخرى ولا استأسدت رياض نبوته تحم الذوابل نضرتها إلا وعيت في المآسد اللبون ذات التعادي إلى قوله الضوادي. قال المحشي في شرح قوله فطهرت شوكة الكوادي هذا التطهير إن ثبت رواية فإنه يحتاج إلى ضروب من المجاز وإلا صح في الرواية أنه بالظاء المعجمة قلت الذي في النسخة الناصرية طهرت بالطاء المهملة وتشديد الهاء. أما قوله والأصح في الرواية أنه بالظاء المعجمة فقتضاه أن ظهر يتعدى بنفسه ولم أجده متعديا في الصحاح ولسان العرب إلا في قولهم ظهرت البيت أي علوته وعبارة المصنف ظهر على أعانني وبه وعليه غلبه وبفلان أعلن به وكان حقه أن يقول ظهر عليه أعانه وغلبه وضد وظهر به
أعلن به وغلبه. والكوادي جمع كادية وهي الأرض الصلبة البطيئة النبات واستشكل المحب جزم تحم من دون جازم فأجاب المحشي بأن الياء حذفت من آخره في الخلط تبعا لحذفها في اللفظ لالتقاء الساكنين نظير ما قالوا في سندع الزبانية. قوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه نجوم الدادي وبدور القوادي الدادي جمع دأداء وهي آخر الشهر وفيها أقوال والقوادي قال الإمام المناوي من قدى كرضى إذا تسنن والمصنف لم يذكرها في محلها ونص عبارته القدوة مثلثة وكعدة ما تسننت به واقتديت وطعام قدي وقد طيب الطعم والريح قدي كرضى فقصر الفعل على الطعام. قال المحشي والقوادي مما وقع الخلاف في ضبطه لفظا وشرحه معنى قال في القول المانوس التوادي بفتح التاء جمع تادية وفي بعض النسخ القوادي بالقاف وهو الموجود في جميع النسخ التي بأيدينا وعن الإثبات والجهابذة رويناها ونسخة المثناة الفوقية لا تصح وبالقاف ضبطها أرباب الحواشي والشروح ما عدا القرافي ومتبوعه وإن تبعهم من لا معرفة له بالكتاب ولا بألفاظه. قوله ما ناح الحمام الشادي وساح النعام القادي عبارته في شدو شدا الإبل ساقها والشعر غنى به أو ترنم فيكون الشادي ضد النائح وأجاب المحشي عن ذلك بأن إطلاق النوح والبكاء والتغريد والترنم والسجع ونحوها على هدير الحمام ونحوه يختلف باختلاف القائلين فن صادفته اسجاع الحمام في أنسه مع حبيبه سماه غناء وترنما ومن صادفته أوقات مجانبته سماه بكاء ونوحا ونحو ذلك اه فيكون تأويل كلام المصنف ما ناح الحمام في اعتقاد قوم وما غنى في اعتقاد قوم آخرين. وقوله النعام القادي قال المناوي أي المسرع وعبارة المصنف في قدو قدت قادية جاء قوم قد أقحموا من البادية والفرس قديانا أسرع فقيده بالفرس ولم
يذكر القادية أول جماعة تطرأ عليك كما أفاده الشارح. قوله ورشفت الطفاوة رضاب الطل من كظام الجل والجادي الطفاوة فسرها بعضهم بدارة الشمس أو القمرين كما هي في تعريف المصنف وهي أيضاً ما طفا من زبد القدر وفسرها المناوي بالشمس بعينها والكظام أفواه الوادي والآبار المتقاربة والكظامة فم الوادي الذي يخرج منه الماء وكأنه عكس معنى كظم وعبارة المصنف الكظامة فم الوادي ومخرج البول من المرأة وككتاب سداد الشيء واخذ بكظام الأمر أي الثقة فلم يذكر أنه جمع كظامة والجل بفتح الجيم وضمها فسره بالياسمين والورد أبيضه وأحمره وأصفره ولم يقل أنه معرب من الفارسية والجادي تقدم ذكره. وقوله وبعد فإن للعلم رياضا وحياضا عبارته في روض الروضة والريضة بالكسر من الرمل والعشب مستنقع الماء لاستراضة الماء فيها ونحو النصف من القربة وكل ماء يجتمع في الأخاذات والماكات ج روض ورياض وريضان قال المحشي أو هي الأرض ذات الخضرة والبستان الحسن أو الروضة عشب وماء ولا تكون روضة إلا والماء
معها أو إلى جانبها أو غير ذلك مما أهمله المصنف قلت لعل هذا الإهمال من عدم تعريف الجوهري للروضة فإنه لم يقل شيئا في وصفها فغاية ما قال الروضة من البقل والعشب والجمع روض ورياض وقوله وحياضا قال المناوي حوّض وتحويض اتخذ لإبله حياضا والمصنف اقتصر على الثلاثي تبعا للجوهري أما حوض فأورده بمعنى آخر حيث قال وأنا أحوض لك هذا الأمر أي أدور حوله وهي أيضا عبارة الصحاح غير أن الجوهري نبه على أنه مثل أحوط. قوله وطرائق وشعابا قال المناوي عن الراغب الشعب من الوادي ما اجتمع فيه طرق وتفرق منه طرق فإذا نظرت إليه من الجانب الذي يتفرق منه أحدث في وهمك اثنين اجتمعا فلذلك يقال شعبت الشيء جمعته وشعبته فرقته فهو من الأضداد والمصنف لم يزد على أن قال الشعب بالكسر الطريق في الجبل أو ما انفرج بين الجبلين ومسيل الماء في بطن أرض وسمة للإبل وبقي النظر في الطرائق فإن عبارة المصنف فيها مبهجة فراجها وعبارة الصحاح وطريقة الرجل مذهبة يقال ما زال فلان على طريقة واحدة أي على حالة واحدة.
قوله وشواهق وهضابا قال المناوي الشواهق جمع شاهق من شهق يشهق بفتحتين شهوقا أي ارتفع وجبل شاهق ممتنع طولا كما في الصحاح وقال الراغب هو المتناهي طولا اه قلت كان الأولى رده إلى الارتفاع وعبارة المصنف شهق كمنع وضرب وسمع شهيقا وشهاقا بالضم وتشهاقا بالفتح تردد البكاء في صدره وعين الناظر إليه إصابته بعين والشاهق المرتفع من الجبال والأبنية وغيرها والعرق الضارب إلى فوق فلم يذكر له فعلا اكتفاء بذكر اسم الفاعل على عادته وعندي شهق بمعنى ارتفع هو أصل معنى تردد البكاء في الصدر لأن التردد هنا كناية عن ارتفاع الصوت في الصدر فالمصنف أهمل الأصل وذكر الفرع. وقوله وهضابا قال الشارح المذكور قال الزمخشري ومن المجاز هضبوا في الحديث أفاضوا فيه وهو يهضب بالشعر والخطب أي يسح سحا وعبارة المصنف هنا قاصرة فأنه قال هضبت السماء أمطرت والرجل مشى مشي البليد وفي الحديث أفاض فلو قال وفي الحديث والشعر والخطب لكان أولى وبقي النظر في تعدية الزمخشري هضب الحديث بقي وهضب الشعر والخطب بالباء. قوله يتفرع عن كل أصل منه أفنان قال الشارح الفرع ما يتفرع من أصله وعبارة الزمخشري ومن المجاز فلان فرع قومه أي شريفهم وهو من فروعهم وجلست فرع فلان أي فوقه وامرأة طويلة الفروع وهي الشعر ولها فرع تطأه وتقول لابد للفرعاء من حسد القرعاء وتفرعت في بني فلان تزوجت سيدهم. ثم أن الشارح عرف الأفنان بأنها جمع فنن وهو الغصن الطري الورق والمصنف ذكره بمعنى الغصن مطلقا وعبارة المحشي أفنان بالفتح جمع فن بالفتح أيضا وهو الحال والضرب من الشيء أو جمع فنن محركة وهو الغصن قلت
قوله بالفتح جمع فن فيه أن الجمع لا يكون إلا مفتوحا. قوله الحافل بما يتضلع منه القاحل والكاهل والفاقع والرضيع عبارته في قحل غريبة فإنه قال قحل كمنع قحولا وكعلم قحلا أو يحرك وكعني قحولا يبس جدله على عظمه وقحل الشيخ كفرح يبس جلده على عظمه فهو قحل بالفتح وككتف فما معنى إطلاق يبس الجلد على العظم من باب منع وعلم وعني وتقييده بالشيخ من باب فرح وإذا كان كذلك لزمه أن يقول هنا القحل والكاهل أو بالحوى القحل والكهل وعبارة المصباح قحل الشيء قحلا من باب نفع يبس فهو قاحل وقحل قحلا من باب تعب فهو قحل مثله وعبارة الأساس ومن المجاز قحل الشيخ وقحل وأنه لقاحل الجسم وشيخ قحل اه والكهل عرف المصنف بأنه من وخطه الشيب ورأيت له بجالة إلى أن قال واكتهل صار كهلا قالوا ولا تقل كهل وقد جاء في الحديث هل في أهلك من كاهل ويروي من كاهل أي تزوج وعبارة الصحاح من أسن وعبارة المحشي والكاهل بالكاف والهاء واللام فسروه بالقوي وهو الظاهر وإن أغفله المصنف اه وقوله الفاقع والرضيع فسروا الفاقع بالغلام الذي تحرك ونشأ والظاهر أن بعض النساخ استهجن الفاقع فأبدلها باليافع لأنه رأى المصنف قد ابتدأ هذه المادة بمعنى سخيف فإنه قال وفقع كمنع سرق وضرط غيران لفظة فاقع وردت في التنزيل فهي إذا فصيحة وأيا كان فكلام المصنف هنا مبالغة وزاده بعدا عن الاحتمال قوله والرضيع إذ لا يتصور في الذهن أن الرضيع يتضلع من علم. قوله علم اللغة والمعرفة بوجودها والوقوف على مثلها ورسومها جعل الضمير هنا قافية وهو غير جائز ويمكن أن يقال أنه لم يقصد به السحيح والمحشي والشارح لم يتعرضا لذلك. قوله جزاهم الله رضوانه وأحلهم من رياض القدس ميطانه قال الإمام المناوي الميطان كميزان موضع يهيأ لإرسال خيل السباق فيكون غاية في المسابقة وعبارة المصنف في وطن والمطيان بالكسر الغاية وفسر الغاية في المعتل بالمدى والراية. وعبارة الصحاح والميطان الموضع الذي يوطن لترسل منه الخيل في السباق وهو أول الغاية والميتاء والميداء آخر الغاية. وعبارة المحشي بعد أن عرف الميطان وبقى أن الرياض جمع وهو مؤنث على ما عرف في العربية فكان مقتضى القياس في التعبير ميطانها ألا أن يدعى التأويل والمجز (تفعل من الجاز) أو يقال أنه عائد إلى القدس على ما فيه. قوله وأني قد نبغت في هذا الفن قديما وصبعت به أديما ولم أزل في خدمته مستديما قال الإمام المناوي نبغت بالغين المعجمة أي فقت غيري وفي بعض النسخ نبعت بالعين المهملة وعليها شرح القاضي عيسى بن عبد الرحيم الكهراتي وغيره وتكلفوا لمعناه أي خرجت من ينبوعه وهو محض تكلف ومخالف للروايات وقيل أن نبع بالمهلة لغة في نبغ بالمعجمة فزال الأشكال. قلت الأولى المعجمة لتطابق صبغت لأن المصنف تعمد الترصيع في هذه الخطبة كثيرا ولم
يذكر نبع بمعنى نبغ وقوله مستديما فسره الإمام محمد مرتضى بدائما غير أن دائما من فعل لازم ومستديما من فعل متعد فيكون مفموله مقدرا. قوله ووكنت برهة من الدهر التمس كتابا جامعا بسيطا ومصنفا على الفصح والشوارد محيطا قلت عبارته في بسط البسيط المنبسط بلسانه وهى بهاء وقد بسط ككرم وثابت بحور العروض ووزنه مستفعلن فأعلن ثماني مرات وبسيط الوجه متهلل واليدين مسماح فلم يذكر البسيط بالمعنى الذي أراده هنا وهو المنشور الممتد الواسع وفاته أيضا البسيط ضد المركب مع أنه ذكر بسيط العروض ووزنه مستفعلن فاعلن ثماني مرات وبسيط الوجه متهلل واليدين مسماح فلم يذكر البسيط بالمعنى الذي أراده هنا وهو المنشور الممتد الواسع وفاته أيضا البسيط ضد المركب مع أنه ذكر بسيط العروض وهو من الألفاظ الاصطلاحية وقوله مسماح لم ينص عليه في بابه قوله برهة ضبطت هنا بالضم وعبارته في باب الهاء البرهة ويضم الزمان الطويل أو أعم قوله على الفصح والشوادر محيطا الفصح جمع فصحى ولم يذكرها في مادتها وكان الأولى أن يقول بالفصح إلا أن يقال أنه ضمن أحاط معنى اشتمل ولا داعي إليه. قوله ولما أعياني الطلاب قال الإمام
المناوي كذا في النسخ وهو الطلب وفي نسخة الشيخ أبي الحسن على بن غانم المقدسي رحمه الله التطلاب بزيادة التاء وهو من المصادر القياسية يؤتي بها غالبا للمبالغة اه. وقال الجوهري في بين والتبيان مصدر وهو شاذ لأن المصادر إنما تجيء على التفسال بفتح التاء مثل التذكار والتكرار والتو كاف ولم يجيء بالكسر إلا خرفان وهما التبيان التلفاء. وقال أيضا في كرر كررت الشيء تكريرا وتكرارا قال أبو سعيد الضرير قلت لأبي عمرو وما الفرق بين تفعال وتفعال فقال تفعال بالكسر اسم وتفعال بالفتح مصدر. وقال الحريري في درة الغواص ويقولون في مصدر ذكر الشيء تذكارا بكسر التاء والصواب فتحها كما تفتح في تسأل وتيار وتهيام وعليه قول كثير
(وإني وتهيامي بعزة بعدها .. تخليت مما بيننا وتخلت)
وذكر أهل العربية أن جميع المصادر التي جاءت على تفعال بفتح التاء إلا مصدرين تبيان وتلقاء قال بعضهم وتنضال أيضا فأما أسماء الأجناس والصفات فقد جاءت منها عدة أسماء على تفعال بالكسر كقولهم تجفاف وتمثال وتمساح وتقصار وهي المخنقة القصيرة ورجل تيتاء وهو المذيوط وتبراك وتعشار وترباع وهي أسماء أمكنة وقالوا مر تهواء من الليل بمعنى هوى ورجل تنبال أي قصير تلعاب أي كثير اللعب وتلقام أي سريع اللقم وقالوا أيضا ناقة تضراب إذا ضربها الفحل وثوب تلفاق أي لفقان. وقال الإمام الخفاجي في شرحه الدرة هذا ما ذكره أهل اللغة ومثله التجفاف شيء يجعل على الخيل كأنه درع لها وفي المغرب أنه تفعل من جف لما فيه من الصلابة قال وقد ذكر هذا في الشرح الكتاب وفيه لم يجيء بالكسر إلا حرف وهو تبيان مصدر بين وقال غيره أنه لم يجيء مكسورا على أنه مصدر وإنما وافق معنى المصدر فاستعمل في موضعه كما وقع كثير
من الأسماء موقع المصادر كالتطعام اسم للمأكول وقع موقع الإطعام وفي الصحاح لم يجيء مصدر بكسر التاء الأتبيان تلقاء وزادوا عليه تشرابا في قولهم شرب الخمر تشرابا وسمع فيه الفتح أيضا واقتصر عليه الجوهري وغيره وزاد الرعيني في شرح الغية ابن معطي تفراج للجبان وتكلام للكثير الكلام وتنضال من المناضلة وتتفاق الهلال بتائين أولاهما مكسورة ميقاته يقال جئتك لنتفاق الهلال أي حين أهل وتسخان لواحد التساخين (شبه الطيالسة) وتنبال وتنبالة للقصير ووزنه عند سيبويه فعلان فالتاء عنده أصلية. قلت قوله ومثله تجفاف مشكل لأن الحريري ذكره ولكن لم يفسره وقوله تتفاق الهلال بتائين لم أجده في في الصحاح ولا في القاموس وإنما يوجد فيهما ميفاق الهلال ويتفاق وتوفاقه. وعقد الإمام السيوطي في المزهر فصلا لتفعال المكسور وذكر فيه ألفاظا كثيرة عن ابن دريد وأبي العلاء إلى أن قال في آخره قال ابن مكتوم وزادوا عليه التيتاء للكثير الفتور وشرب الخمر تشرابا والتسخان للخفف لكن الفتح فيه أكثر قال في الصحاح قال أبو سعيد الضرير قلت لأبى عمرو ما (الفرق) بين تفعال وتفعال فقال تفعال اسم وتفعال مصدر اه وبقي النظر في تفسير التيتاء بالكثير الفتور وهو غير الصواب والاقتصار على تفسير التسخان بالخف ففي القاموس والتساخن المراجل والخفاف وشيء كالطيالس بلا واحد أو واحدها تسخن وتسخنان. وقال ابن سيده في مادة ردد رده يرده ردا وتردانا وهو بناء للتكثير قال سيبوبه هذا باب ما يكثر فيه المصدر من فعلت فتلحق الزوائد وتبنيه بناء آخر كما أنك قلت في فعلت فعلت حين كثرت الفعل ثم ذكر المصادر التي جاءت على التفعال كالترداد والتلعاب والتصفاف والتقتال والتسيار وأخواتها وقال وليس شيء من هذا مصدر فعلت ولكن لما أردت التكثير بنيت المصدر على هذا كما بنيت فعلت على فعلت اه وقال العلامة الرضى الاسترابادي في شرح الشافيه إذا قصدت المبالغة في مصدر الثلاثي بنيته على التفعال وهذا قول سيبويه كالتهذار في الهذر والتلعاب والترداد وهو مع كثرته ليس بقياس مطرد وقال الكوفيون أن التفعال أصله التفعيل الذي يفيد التكثير قلبت ياؤه ألفا فاصل التكرار التكرير ويرجح قول سيبويه أنهم قالوا التلعاب ولم يجيء ولهم أن يقولوا أن ذلك مما رفض أصله قال سيبويه وأما التبيان فليس بناء مبالغة وإلا لفتح تاؤه بل هو اسم أقيم مقام مصدر بين كما أقيمت الغارة وهي اسم مقام الإغارة في قلوبهم أغرت غارة الخ. وهنا ملاحظة من عدة أوجه. أحدهما أن الإمام محمد مرتضى قال في تاج العروس ما خالف به جميع الصرفيين واللغويين ونص عبارته بعد قول المصنف (طاب يطيب طابا وطيبا وطيبة وتطيابا) بالفتح لكونه معتلا وأما من الصحيح فبالكسر كتذكار وتطلاب وتضراب ونحوها صرح به أئمة الصرف وهو سهو غريب
ليس عنه مجيب وتمام الغرابة أن خلافه هذا لم ينبه عليه في هامش الكتاب. الثاني أن الإمام الفيومي صاحب المصباح خالف الرضي وغيره في جعله بناء تفعال مقيسا من كل فعل ثلاثي ونص عبارته في مادة عسف وهو راكب التعاسيف وكأنه جمع تعساف بالفتح مثل التضراب والتقتال والترحال من الضرب والقتل والرحيل والتفعال مطرد من كل فعل ثلاثي اه ويؤيد، قول الإمام المحشي عند قول المصنف الأخذ التناول كالتأخاذ هو مصدر جيء به على تفعال بالفتح مبالغة وقررنا غير مرة أنه يبنى من الثلاثي لقصد المبالغة كالنّسيار والتعذال فذكره ليس من اللوازم ولكن قال بعد قول المصنف في الخطبة ولما أعياني الطلاب وفي نسخة التطلاب تفعال من الطلب وهو بنا ءيؤتى به للمبالغة في المصادر نحو التذكار والتكرار والتطواف وما لا يحصى بل هو عند بعض أئمة الصرف من المقيس كأوزان المبالغة في الأسماء اه فذكره إذا من اللوازم وكذلك قول الإمام المناوي أنه من المصادر القياسية يؤتى بها غالبا للمبالغة له وجهان كذا يظهر لي. الثالث أن أهل اللغة أوردوا التفعال من الثلاثى والرباعي معا فإن الجوهري أورد التكرار من كرر ونص عبارته وكررت الشيء تكريرا وتكرارا فالظاهر أنه مشى على مذهب الكوفيين كما تقدم عن الرضى والمصنف أورده من كر وكرر جميعا ونص عبارته كر عليه كرا وكرورا وتكرارا عطف وكرره تكريرا وتكرارا وتكرة كتحلة إعادة مرة بعد أخرى وعبارة المصباح وأفناه كر الليل والنهار أي عودهما مرة بعد أخرى منه اشتق تكرير الشيء وهو إعادته مرارا والاسم التكرار وهو خلاف قوله أولاً أنه يبنى من كل فعل ثلاثي وقال المصنف في ذرف الدمع ذرفا وذرفانا وذروفا وذريفا وتذرافا سال إلى أن قال وذرف دمعه تذريفا وتذرافا وتذرفه صبه ولو قال اسأله لكان أولى وقال في سجم سجم الدمع سجوما وسجاما إلى أن قال وسجمه هو واسجمه وسجمه تسجيما وتسجاما وقال في جول جال في الحرب جولة وفي الطواف جولا وجولانا محركة وجول تجوالا ونحوها عبارة الجوهري والإمام الزمخشري قصره في المفصل على الثلاثي ونص عبارته والتفعال كالتهدار والتلعاب والترداد والتجوال والتقتال والتيسار بمعنى الهدر واللعب والرد والجولان والقتل والسير مما بني لتكثير الفعل والمبالغة فيه. الرابع كما أنهم اختلفوا في إيراد التفعال من الثلاثي والرباعي كذلك اختلفوا في إيراده من اللازم والمتعدي فإن الجوهري قال في سكب سكبت الماء سكبا أي صببته وسكب الماء بنفسه سكوبا وتسكابا وانسكب بمعنى وعبارة المصنف سكب الماء سكبا وتسكابا فسكب هو سكوبا صبه فانصب. الخامس أن حكم هذا المصدر في عمله النصب كحكم غيره من المصادر وعليه قول طرفة وما زال تشرابي الخمور ولذتي البيت. السادس أن المصنف قد فاته من صيغة تفعال كثير وكذلك الجوهري وغيره فإن كانت قياسية كما قال
صاحب المصباح فلا لزوم لذكرها وإن كانت غير قاسية كما قال الرضى وجب ذكرها بالاطراد وإلا فما معنى ذكرها مرة وإهمالها أخرى فهذا أحد الحروف التي ربكت غير واحد من فحول العلماء وبقي النظر في قول المصنف ولما أعياني الطلاب فإنه كان يمكنه مع عزة شأنه ورفعة قدره أن يحصل على بعض الكتب التي نقل منها الإمام الفيومي في المصباح كما ذكر في آخر كتابه من جملتها البارع لأبي علي القالي البغدادي والتهذيب للأزهري وهما من أمهات الكتب وسيأتي بسط الكلام على هذا المعنى. قوله شرعت في كتابي الموسوم باللامع المعلم العجاب الجامع بين المحكم والعباب فهما غرتا الكتب المصنفة في هذا الباب ونيرا براقع الفضل والآداب قلت الذي عليه الشراح أن المصنف لم يتم من كتاب اللامع إلا خمس مجلدات فقط ولكن يلمح من قوله في القاموس في باب الهاء الفاكهة الثمر كله وقول مخرج التمر والعنب والرمان منها مستدلا بقوله تعالى فيهما فاكهة ونخل ورمان أو لعله ذكر ذلك في باب آخر وقوله غرتا الكتب الخ ليس صحيح على الإطلاق فإن العباب غير تام كما تقدم والمحكم أقل رواية عن العرب من التهذيب فإن مؤلف التهذيب شافه العرب كان يسألهم عما أنكره من رواية اللغويين فكثيرا ما يقول هذا الحرف لم أسمعه من العرب أو سألت العرب عنه فلم يعرفوه وما أشبه ذلك فإن قيل أن لغة العرب في زمانه لم تكن سالمة من اللحن فلم يكن الاستشهاد بها حجة قلت أن الجوهري احتج بكلام العرب الذين شافههم وقبل منه ذلك ثم ابن البارع لأبي على البغدادي الذي قال فيه ابن طرخان أنه يحتوي على مائة مجلد وفي رواية ابن خلكان خمسة آلاف كراس وإنه لم يصنف مثله في الإحاطة والاستيعاب وابن جامع القزاز الذي قال فيه المحشي نقلا عن أرباب الفن أنه ما ألف في اللغة أكبر منه ولا أجمع وأين لسان العرب الذي جمع المحكم والتهذيب والصحاح وحواشي ابن بري عليه والنهاية لابن الأثير والجمهرة فإن قيل أن المصنف لم يطلع على هذه الكتب وإلا لذكرها قلت هذا القول لا تقوم به حجة فإنه ذكر في آخر الخطبة أن كتابه صريح ألفي مصنف من الكتب الفاخرة وسنيح ألفي قلمس من العيالم الزاخرة فكيف يحتمل أن هذه الكتب لم تكن في جملة الألفين ولعلي أعود إلى هذا الموضوع لأنه من أهم الأمور وإعادة ما بهم تحقيقه ليس بها محذور. وبقي النظر في التوفيق بين قول المصنف الجامع بين المحكم والعباب وقوله غير أني خمنته في ستين سفرا يعجز تحصيله الطلاب فإن هذين الكتابين لا يبلغان ستين سفرا فإن قيل أن ذلك من الزيادات التي إليها كما صرح به قلت مدار هذه الزيادات على أسماء أعلام وأمكنة أو وصف أدوية أذكر أشياء لا تعلق لها باللغة كحكاية الفقاس واللوف ونحو ذلك وهب إنها كانت في حجم الكتابين فلا يبلغ ستين سفرا إلا أن المراد بالسفر هنا جزء صغير خلافا لما عرفه هو به
في مادة سفر. وقوله نيرا براقع الفضل والآداب قال الإمام المناوي نيرا تثنية نير كسيد وهو الجامع للنور الممتلي والنيران الشمس والقمراه قلت المصنف لم يذكر هذه الصيغة في بابها وإنما ذكر الفعل بالإشارة والجوهري أهمله أصلا وعبارة المصباح ونار الشي ينور نيارا بالكسر وبه سمي إضاءة أيضا فهو نير والبراقع فسرها المحشي بأنها جمع برقع وهي السماء السابعة أو الرابعة أو الأولى كما في القاموس قال واقتصر في الصحاح على ضبطه بالكسر وعلى تفسيره بالسماء السابعة وشنع على من فسر البراقع بأنها جمع برقع وهو ما تستر به المرأة وجهها وهو غريب فإن برقع السماء مفرد فكيف يصح جمعه ولعل سبب هذا التكلف أنه لم ير مناسبة بين النور وبراقع النساء إذا المشهور أن يقال نير الفلك أو الأفق ونحو ذلك وقوله الفضل عبارته في باب اللام الفضل ضد النقص وأحسن منها عبارة الجوهري فإنه قال الفضل والفضيلة ضد النقص والنقيصة وعبارة الكليات والفضل في الخير ويستعمل لمطلق النفع والفضول جمع فضل بمعنى الزيادة غلب على ما لا خير فيه حتى قيل
(فضول بلا فضل وسن بلا سنا .... وطول بلا طول وعرض بلا عرض)
ثم قيل لمن يشتغل بما لا يعنيه فضولي وفي المصباح واشتق منه (أي من الفضول) فضالة مثل جهالة وضلالة والمصنف لم يذكر الفضالة بالفتح بهذا المعنى وقوله والآداب سيجيء الكلام على تعريفه الأدب بأنه الطرف وحسن والتناول. قوله مع التزام إتمام المعاني وإبرام المباني يعني أن القاموس مع كونه اختصر من اللامع المعلم العجاب فقد جمع جميع معانيه وفيه أنه خلا عن كثير من الألفاظ الفصيحة المذكورة في الصحاح وغيره فيكون اللامع أيضا مثله في الخلو فكيف خمنه في ستين سفرا وبالجملة فإن إتمام المعاني في القاموس على صغره مجرد دعوى وقوله إبرام المباني قال الإمام المناوي المباني جمع مبنى استعمل في الكلمات والألفاظ والصيغ اه والمصنف لم يذكر في المعتل المباني ولا مفردها وكان حقه أن يقول وإبرام نظام المباني ليطابق الفقرة الأولى. قوله فصرفت صوب هذا القصد عناني قال الإمام المناوي صوب أي جهة وناحية وهو مما فات المؤلف يعني أنه لم يذكره في صوب. وقال المحشي. قد قصر المصنف في هذه المادة غاية وترك أمورا يحتاج إليها أرباب البداية والنهاية منها الصرب بمعنى الناحية والجهة فقد أهمله بالكلية حتى خفي على بعض من يدعي التحقيق فجعله استعارة من الصوب بمعنى المطر وفي حواشي المغنى للخفاجي أن الصوب بمعنى الجهة حقيقة كما في التهذيب والمصباح قال فتفسير الدماميني له بالمطر أو نزوله على الاستعارة مما يقتضي منه العجب. قوله وجعلت بتوفيق الله زفرا في زفر ولخصت كل ثلاثين سفرا في سفر قال المحشي التوفيق خلق قدرة
الطاعة في العبد وقال المحب التوفيق الإلهام لوقوع الأمر على المطابقة بين الشيئين اه وعبارة المصنف في وفق واستوفقت الله سألته التوفيق ووفقه الله توفيقا ولا يتوفق عبد إلا بتوفيقه فذكره ثلث مرات ولم يفسره وعبارة المصباح وفقه الله توفيقا سدده ووفقت بينهم أصلحت والزفر كصرد قال المحشي له معان الأليق منها البحر والزفر بالكسر له معان أيضا أحسنها هنا وأليقها القربة والتلخيص الاختصار كما قاله جماعة وإن أغفله المصنف فقد استدار كناه عليه اه ولم ينتقد عليه حوشية الزفر على أنه كان الأولى أن يقول وجعلت بتوفيق الله كل زفرفي زفر ليناسب الفقرة الثانية. قوله وضمنته خلاصة ما في العباب والمحكم قال الإمام المناوي خلاصة بالضم بمعنى خالص ولباب عبارة المصنف في خلص خلاصة السمن بالضم والكسر ما خلص منه فقيده بالسمن وهذه الدعوى مبالغة إذا لو كان القاموس متضمنا خلاصة هذين الكتابين لزاد حجمه أضعافا فإن حجمه ليس بأكبر من حجم الصحاح مع أن ربعه أسماء أعلام وبقاع وأودية ووصف أدوية وبعد فما الذي منع المصنف من أن يقول أن كتابه تضمن خلاصة الصحاح أيضا إذا لو قال ذلك لربما حمل الناس على أن يظنوا أن كتابه مغن عن الصحاح فحسده للجوهري صرفه عن مصلحة نفسه والواقع أن غالب ما في القاموس من الكلام الفصيح الصحيح فإنما هو مقتبس منه كما يعلم من مطابقة الكتابين. وهنا سر قل من تنبه له وهو أن الجوهري سها عن إيراد بعض ألفاظ واردة في فصيح الكلام ومثبتة في أصلي القاموس أعني المحكم والعباب وفي غيرهما فقلده المصنف في إهمالها أصلا وفرعا. من ذلك الحزب بمعنى النوبة والحظ والنصيب واحتج بالشيء إذا اتخذه حجة وارتصده بمعنى رصده واستظرف أي عده ظريفا واستلطفه أي عده لطيفا وامتلك الشيء بمعنى ملكه واكتمل بمعنى كمل وابتعد نقيض اقترب وارتبط مطاوع ربط وامتزج مطاوع مزج ومازجه ممازجة ومزاجا واقتنع بالشيء بمعنى قنع وشاق إلى الشيء بمعنى اشتاق وماثله أي شابهه وزلف إليه أي دنا منه وارتجف والتقف والتمع مبنيا للفاعل بمعنى لمع واغتبطه بمعنى غبطه والتجانس والتآنس والاتحاد والشديدة واحدة الشدائد والعار والغرابة مصدر غرب الشخص بالضم أي بعد عن وطنه والاسترباح طلب الربح والاستشفاف في البحر وهو الربح ولسان مرجم ويائس اسم فاعل من بئس وقلده أيضا في قوله ورض الرجل توريضا وورضت الدجاجة بعد ما أنكره عليه في ورص وفي ركن مستهدف وهو في الحكم ركب وفي خلط الواو بالياء في مادة روح وعود وابا وذرا وصاحب المحكم فرق بينهما وفي ذكر الخضر منكرا وهو في المحكم معرف وفي إيراده الناس في نوس وابن سيده أورده في أنس وفي سد التملة وفي قوله ويقال طاق نعل وطاقة ريحان وفي فلان تيسية وتيسوسية من دون تفسير له وفي قوله أن الحوائج غير قياسية أو مولدة كأنهم جمعوا حائجة مع أن ابن
سيد أثبت الحائجة وفي قوله أيضا أن البطاقة سميت لأنها تشد بطاقة من هدب الثوب مع أن ابن سيده أنكر هذا القول وجعل الباء أصلية وفي قوله أيضا أن العاج عظم الفيل وابن سيده نص على أنه أنيابه وأن الطحان من طحن أو طح وفي شرح خاصمه فخصمه وفي تفسير اختلاج العين بطيرانها وفي تعريف الشوائب وغير ذلك وخطأ الجوهري في قوله البثر خراج صغار لأنه ظن أن الخراج مفرد مع أن ابن سيده عبر عنه أيضا بصيغة الجمع فلو أنه نظر في المحكم في هذا لمادة لما أقدم على هذه التخطئة وكل ذلك دليل على أن أخذه من الصحاح كان أكثر منه من غيره وتمام الغرابة أن الجوهري ذكر انتتف في مادة مرق بقوله والمراقة ما انتتفته من الصوف وذكره في مادته مطاوع نتف وذكر من معاني استلطف استلطف البعير دون استلطفه أي عده لطيفا مع أن هذا المعنى أشهر وذكر استخصه في تعريف استخلصه لا في مادته والمصنف تابعه على ذلك كما يتابع التلميذ أستاذه مقلدا له فع هذا السر واحرص عليه ولك أن تفشيه حين تمس الحاجة إليه وأن تتخذ هذا النموذج وسيلة إلى إصابة نظائره وكأن المحشي قد ألم به فإنه لما استغرب من الجوهري إهماله للحزب بمعنى الحظ والنصيب أردفه بقوله وأهمله المجد كالجوهري وهو عجيب منهما ولاسيما مع دعاوي المجد النازلة من (؟ ) كل غور ونجد ثم تعجب أيضا من عدم ذكرهما الحزب بمعنى النوبة مع أن هذا المعنى هو الأصل فقال ومن العجائب إهمال الجوهري للحزب بمعنى النوبة بالكلية فضلا عن الحكام له بالفرعية والأصلية وأعجب منه اقتفاء المجد آثاره القاصرة وإبطال الدعاوي المتطاولة بالإحاطة والوساطة وإظهار أنها فاضحة ومتقاصرة والكمال لله وحده. قوله واسميته القاموس المحيط لأنه البحر العظم قال المحشي ولو قال بالقاموس بالباء الجارة لكان استعمالا فصيحا سائغا قلت هذا الاعتراض مخالف لما قاله الجوهري في سما ونص عبارته وسميت فلانا زايدا وسميته بزيد بمعنى وأسميته مثله والعجب من المصنف أنه ذكر هنا نصف اسم كتابه وترك النصف الآخر وإنما ذكره في آخر الكتاب حيث قال هذا آخر القاموس المحيط والقابوس الوسيط وقد عرف القابوس بأنه الرجل الجميل الوجه وعرف القاموس بأنه البحر أو أبعد موضع فيه غورا لكن غيره لم يفسره بالبحر فإن الجوهري عرفه بأنه وسط البحر ومعظمه وعبارة التهذيب ومن أمثالهم قال فلان قولا بلغ به قاموس البحر أي قعره الأقصى وقال أبو عبيد الله القاموس أبعد موضع غورا في البحر وعبارة المحكم القاموس والقومس قعر البحر وقيل وسطه وعبارة الأساس غرق في قاموس البحر أي في قعره وعبارة العباب قال ابن دريد قومس البحر وقاموسه معظم مائة وقال أبو عبيد أبعد موضع غورا في البحر وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن المد والجزر فقال ملك موكل بقاموس البحار فإذا وضع قدمه فاضت وإذا رفعها غاضت
وعليه يفسد قول المصنف المحيط كما لا يخفى وتمام الغرابة أن المحشي فسر القاموس بالبحر نقلا عن المصنف وقال ولا يحتاج إلى النظر في المادة ولا مراجعة الغير فإن صاحب البيت أدرى بما فيه مع أن المصنف نفسه لم يجزم به كما مر وهبه جزم فما وجه نعته له أولا بالأعظم وزد على ذلك أن الشارح ذكر القومس البحر واسقط لفظة القاموس فإن المصنف قال قبل تعريفه القاموس القومس الأمير ومعظم البحر كالقاموس وأغرب من ذلك كله أنه أي الشارح نقل القومس بمعنى البحر عن ابن ريد وهو لم يقل ذلك كما مرعن العباب ثم طالعت الجمهرة فوجدت فيها ما نصه القمس الغوص في الماء ومنه قاموس البحر وهو معظم مائه فانظر إلى هذا التخليط. وقوله ولما رأيت إقبال الناس على صحاح الجوهري وهو جدير بذلك غير أنه فاته نصف اللغة أو أكثر إما بإهمال المادة أو بترك المعاني الغريبة النادة قال المحشي وفي بعض النسخ ثلثا اللغة وهو الواقع في نسخة المحب وقيل أنه في النسخة الناصرية وهو يدل على أنه جمع اللغة كلها وأحاط بها بأسرها وهذا أمر متعذر لا يمكن لأحد من الآحاد على أن الجوهري لم يقصد الجمع والإحاطة وإنما التزم الصحة وجعلها شرطا فيما أورده وأراده على أن لصاحب الصحاح أن يدعي أحسنية كتابة وتفوقه على القاموس لأن جمع ما صح وإن قل أحسن من مطلق الجمع وليس الاعتماد على كثرة الجمع بل على شرط الصحة الذي فاق به الصحاح على جميع من تقدمه أو تأخر عنه ولم يصل شيء من مصنفات اللغة في كثرة التداول والاعتماد على ما فيه إلى ما وصل إليه الصحاح ولا نقصت شهرة ما قاله من التوسع في أبنية الكلمات وضبطها وذكر شواهدها وتصرفاتها ومشافهة العرب بمدلولاتها وذلك مما خلا عنه القاموس وغيره على أن المصنف أهمل كثيرا من الألفاظ التي ذكرها الجوهري مبسوطة مشروحة مع شدة الاحتياج إليها وتوقف الأمر عليها لا يقال أنه يغتفر في جنب ما زاد لانا نقول الالتزام بذكر ذلك والاعتراض والتبجح بإيراده صراحة وتعريضا وادعاء الإحاطة يمنع من ذلك كما هو ظاهر وقوله إما بإهمال المادة ظاهرة حصر الفوات وهي دعوى لا دليل عليها إذ لا يتحقق فوات شيء فضلا عن النصف أو الثلثين قال القرافي بقي شيء وهو أن عادته في القاموس غالبا أن يفسر المادة بعبارة يخترعها ومن عنده وصاحب الصحاح يأتي بها بالكلام العربي الفصيح ولا يخفاك (كذا) أن التصرف في اللغة غير معهود ولا يخلو غالبا من عدم المساواة خصوصا إذا كان المفسر غير عربي خالص قال ثم إن المصنف بين المواد التي أهملها الجوهري بالحمرة لكنه أهمل علامة ما زاده في المواد المشتركة مما تركه الجوهري فما يعلم قدر ما زاده إلا بعد مقابلة كتابه بالصحاح إذا لا علامة على التمييز وكان الجاري على مقتضى ما نبه عليه بالحمرة أن يجعل لما زاد علامة أخرى وفيما أودعه الجوهري من الشواهد والفوائد ما يقوم مقام تلك الزوائد اه وقوله أما بإهمال المادة قد عرفها
في مادتها بأنها الزيادة المتصلة وفي المحكم مادة الشيء ما يمده دخلت فيه الهاء للمبالغة وعرفها الإمام المناوي بأنها حروف اللفظ الدالة على المعنى وتعريفها في اللغات الإفرنجية التي ترجم إليها القاموس أنها الجرم الأصل ما يركب منه الشيء ما يبنى عليه الكلام الأمر المهم الأمر مطلقا ما يكون عنه نسبة خاصة. وقال المحشي أيضا غالب ما أهمله الجوهري من المواد التي زادها المصنف إنما هي مواد عجمية ليست من كلام العرب في شيء فضلا عن كونها من الصحيح الذي التزمه الجوهري وقد مر أن الجوهري لم يدع جمع جميع المواد حتى يتوجه عليه الإيراد ولم يدع الإحاطة نعم يتجه على المصنف الألفاظ التي تركها ونقصها مع ادعاء الإحاطة وتسمية كتابه بالبحر المحيط الذي لا يفوته شيء مع أنه فاته عشرون ألف مادة ذكرها صاحب لسان العرب فقد قالوا أن الصحاح اشتمل على أربعين ألف مادة زانها الحسن والصحة والبيان وأن صاحب القاموس توسع فجمع فيه ستين ألف مادة ولسان العرب اشتمل على ثمانين ألف مادة فكان على صاحب القاموس أن يتمم ما ذكره صاحب اللسان حتى يكون كتابه محيطا كدعواه بل كان الأليق بالتبجح الاستقراء التام حتى يجد مواد يزيدها عليه ويورد ما يظهر للناظر بادي بدء ما يحقق نسبة الإحاطة إليه وأما غير الغالب الذي ذكره المصنف فقد أورده قبله جماعة من كتاب الحواشي على الصحاح كابن بري والصغاني في التكملة وغيرهما ومع ذلك فقد بحثوا معهم وقالوا لعل ما أوردتموه لم يصح عند الجوهري. وقوله أو بترك المعاني الغريبة النادة هذه المعاني التي جاء بها المصنف أثناء المواد وتبجح بها هنا مع كونها غير ظاهرة كما أشرنا إليه غالبها إما مولد لا أصل له في كلام العرب أو مجازات مستعملة في غير موضعها الأصلي أو اصطلاحات لبعض الفقهاء والأطباء وغيرهم كما لا يخفى عمن له أدنى مسكة بعلوم اللسان. ثم أن المصنف اعترف بإقبال الناس على الصحاح واعتمادهم عليه وسبقه إليه غير واحد من أئمة هذا الشأن وفضلوه على غيره من مصنفات اللغة تفضيلا مطلقا لالتزامه الصحيح وبسطه الكلام وإيراده الشواهد على ذلك ونقله كلام أهل الفن دون تصرف فيه وغير ذلك من المحاسن التي لا تحصى واقتصروا على تقديمه المحض دون شائبة ذم لا صراحة ولا تعريضا بخلاف المصنف فته وإن ذكر ذلك ونقل الثناء على المتقدمين إلا أنه استدركه بقوله غير أنه فاته نصف اللغة الخ ففيه نسبة القصور إلى الذين اعتمدوه (كذا) وأقبلوا عليه والإشارة إلى الغض منهم وأنهم لم يدركوا مدرك المصنف ولا تنبهوا لما أورده ولا يخفي ما فيه فإنه لم يقصد إلا بيان قصور هؤلاء الناس الذين اعتمدوا الصحاح وأقبلوا عليه انتهى مع بعض تصرف. وهنا ملاحظة من عدة أوجه أحدها أن قول المحشي وغيره أن القاموس جمع ستين ألف مادة فيه نظر لأنهم إن أرادوا بالمواد مثل كأب وكبب وكتب وكثب فهذا المقدار أعني الستين ألفا كثير فإني تتبعت القاموس
من أول حرف الهمزة إلى آخر حرف الظاء وهو نصف تقريبا فلم أجد سوى خمسة آلاف وأربعمائة وإحدى وخمسين مادة من جملتها المواد الزائدة على الصحاح ولا شك أن الباقي أقل وذلك لطول المواد فيه فربما ملأت المادة الواحدة منها صفحتين وإن أرادوا المادة وما يشتق منها فذلك فوق العدد فربما أناف على مليون. الثاني أن قول المحشي وبعض النسخ ثلثا اللغة وهو الواقع في نسخة المحب وقيل أنه في النسخة الناصرية الذي رأيته في النسخة المذكورة نصف اللغة ولكن قوله بعده فأكثر يوصله إلى الثلثين وقد أسلفت ذكر السبب الذي حمله على هذا القول فلا حاجة إلى إعادته هنا وإنما أقول أن المصنف لم يكن بدعا في قوله نصف اللغة وإن قال الشارح وغيره أن اللغة لا يعرف لها نصف ولا ثلثان فقد حكي الإمام السيوطي في المزهر أن ابن منادر قال كان الأصمعي يجيب في ثلث اللغة وكان أبو عبيدة يجيب في نصفها وكان أبو زيد يجيب في ثلثيها وكان أبو مالك يجيب فيها كلها غير أن هذه الدعوى كانت فيما أرى أليق بالصغاني حين استدرك في التكملة ما فات لجوهري من فصيح الكلام ومع ذلك فلم يقل أن الجوهري فاته نصف اللغة تأدبا معه. وهذا نص عبارته في خطبة التكملة هذا كتاب جمعت فيه ما أهمله أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري في كتابه وذيلته عليه وسميته التكملة والذيل والصلة غير مدع استيفاء ما أهمله واستيعاب ما أغفله ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها وفوق كل ذي علم عليم وكم ترك الأول للآخر. ومن ظن ممن يلاقي الحروب بأن لا يصاب فقد ظن عجزا. والله تعالى الموفق لما صمدت له والميسر ما صعب منه والعاصم من الزلل والخلل والخطأ والخطل وهو حسبي ونعم الوكيل. الثالث أن قول المحشي أن المصنف أهمل كثيرا من الألفاظ التي ذكرها الجوهري مبسوطة مشروحة الخ شاهده ما في النقد السابع عشر وأغربه ما كان في المواد القليلة الاشتياق نحو سهد فإن المصنف أهمل فيها السهاد مع أن الجوهري ابتدأ المادة به ونظيره السجية بمعنى الخلق والطبيعة ونحو سمت فإنه أهمل فيها تسمته بمعنى قصده وله نظائر كثيرة. الرابع أن قول الذين انتصروا للجوهري لعل ما أوردتموه لم يصح عند الجوهري غير صحيح على الإطلاق فإنه أهمل كثيرا من الألفاظ التي لا يشك في صحتها وفصاحتها كما مر بيانه وهو قليل من كثير وجل من لا يسهو وأعظم أسباب هذا الإهمال أنه لم ينسق ترتيب الأفعال ومشتقاتها على نسق الصرفيين كما بينته في أول المقدمة مثال ذلك قوله في أول مادة عرر عرت الإبل فهي معرورة ثم به عرة وهو ما اعتراء من الجنون ثم ذكر أعرت الدار وعر الطير وهو يعر قومه ثم استعرهم الجرب ثم عار الظليم بتشديد الراء ثم تعار الرجل من الليل ثم عرعرت رأس القارورة وركب عرعره ثم عره بشر ثم المعتر وهكذا سائر المواد فن يخلط في ترتيب الكلام على هذا المثال فلابد
وأن يفوته منه شيء. الخامس أن قول المحشي وفضلوه (أي الصحاح) على غيره من مصنفات اللغة تفضيلا مطلقا لعل هذا التفضيل بالنسبة إلى ما ألف قبله فلا يشمل لسان العرب أما قول المصنف أو بترك المعاني الغريبة النادة فهل حسب منها واشظا وتواشظا واجخر الرجل وعذمت المرأة زوجها وعقد الكلبة وامتعاس الأست والجيهبوق وغير ذلك مما بسطت الكلام عليه في النقد الرابع عشر. قوله أردت أن يظهر للناظر بادئ بدء فضل كتابي عليه فكتبت بالحمرة المادة المهملة ليه قال المحشي أن من نظر إلى القاموس أولا في بادئ الرأي ظن أنه محيط كأسمه وإن تبجح صاحبه جامع بحر اللغة ورسمه فإذا تأمله حق التأمل علم أن تلك الزيادات غير واردة لأنها إما مجازية أو عرفية لأقوام أو مولدة كما مر وهذا لا يعد زيادة عند ذوي التحقيق. قلت لا يظهر للناظر في بادئ الرأي أن القاموس أجمع للغة من الصحاح لأنهما متقاربان في الحجم وفضلا عن ذلك فإن أول ما يقع عليه نظر الناظر إلى الصحاح الأبيات التي استشهد بها فيحكم بأن مؤلفه لغوي أديب فإذا وقع نظره على المواد المكتوبة في القاموس بالحمرة حكم بأن مؤلفه طبيب وذلك نحو قوله الأشيح والبرنج والبسفانج والبابونج والبهرامج والجسميرج والجوزاهنج والاسفيداج والشاففج والشهدانج ونحو ذلك فالمادة الحبرية ليست دليلا على المزية الحبرية. وقوله وأنت أيها اليلمع العروف والمعمع اليهفوف قال المناوي قوله اليلع المعروف فيه اليلمعي بالياء المشددة الدالة على المبالغة كالالمعي بالهمزة وأما اليلمع فهو البرق الخلب وبمعنى الكذاب وكلاهما غير مناسب هنا ومثلها عبارة المحشي وقوله العروف فسره المحشي بأنه مبالغة غير أن المصنف ذكره في مادته بمعنى الصبور وإنما ذكر العريف والعروفة بمعنى العارف وقوله المعمع قال المحشي فسر بعضهم المعمع بالصبر على الأمور ومداولتها وهو على تقدير مضاف أي ذو المعمع وكأنه أخذه من كلام المصنف في مع حيث قال والمعمع المرأة التي أمرها مجمع لا تعطي أحدا من مالها شيئا والذكية المتوقدة وهو ذو معمع ذو صبر على الأمر ومزاولة فقصر المعمع على الأنثى وكذلك أورده في الصحاح لكنه في المحكم صفة للرجل أيضا فكأن المصنف أخذ ألفاظ الخطبة من المحكم ونسيها في المواد واليهفوف كيعفور الحديد القلب كما في الحكم وغيره ويطلق على الجبان أيضا وليس بمراد هنا قلت وهذا أيضا لم يذكره المصنف في مادته وهذه الألفاظ حوشية لا يستسيغها من له في الأدب أدنى مزية. وقوله إذا تأملت صنيعي هذا قال الشارح الصنيع مصدر كالصنع فسوى بينهما وعبارة الصحاح الصنع بالضم مصدر قولك صنع إليه معروفا وصنع به صنيعا قبيحا أي فعل والصناعة حرفة الصانع وعمله الصنعة وعبارة المصباح صنعته اصنعه صنعا والاسم الصناعة والصنعة عمل الصانع وعبارة المصنف صنع إليه معروفا كمنع صنعا بالضم وصنع به صنيعا قبيحا فعله والشيء صنعا بالفتح والضم عمله وما أحسن صنع
الله بالضم وصنيع الله عندك والصناعة ككتابة حرفة الصانع وعمله الصنعة وعبارة المحشي صنيعي أي ما صنعته والذي حققه الراغب وغيره أن الصنيع هو إجادة العمل والصنيع يكون مصدرا كالصنع وقيده المصنف فيما يأتي بالقبيح فكان الأولى تعبيره بالصنع بغير ياء دفعا للإبهام وإن قال غيره أنه يقال مطلقا ومقيدا. قلت المصنف بعد أن قال وصنع به صنيعا قبيحا قال وصنيع الله عندك وهو إشارة إلى أنه يستعمل مطلقا ومقيدا وإنما نشأ معناه في القبيح من اقترانه بحرف الجر كما تقول فعل به ما يكره وسعى به إلى السلطان وقول المصنف والشيء صنعا بالفتح والضم عمله عندي أن المفتوح مصدر والمضموم اسم مصدر كالغسل والغسل وقول المحشي أي ما صنعته إشارة إلى أن الصنيع هنا فعيل بمعنى مفعول وهو الذي أذهب إليه. قوله مشتملا على فرائد أثيرة قال الشارح أعني الإمام محمد مرتضى أثيرة أي جليلة لها أثره وخصوصية تمتاز منها أو أن هذه الفرائد متلقاة من قرن بعد قرن قلت عبارة المصنف في أثر الأثيرة الدابة العظيمة الثر بحافرها في الأرض فقيده بالدابة وإذا كان لابد من التأويل فالأولى تفسير الأثيرة هنا بالمأثورة أو المروية. قوله ومن أحسن ما اختص به هذا الكتاب تخليصه الواو من الياء وذلك قسم يسم المصنفين بالعي والإعياء قال المحشي قد نازعه في ذلك المحققون وصرحوا بأنه تقدمه بذلك جماعة وأقول أنه تقدمه في تمييز ذلك وبيانه أمام المحراب اللغوي وخطيب المنبر الصرفي وهو الجوهري في صحاحه فقد نبه على ذلك في أول باب المعتل وجاء منه بأمثلة والتزم بيانه في كل بناء يكون فيه اشتباه فأين هذا التخصيص بالتخليص وهو أشار ووقعت له الاشتباهات وغيره جاء في ذلك بالتصريح والتنصيص اه قلت الحق أحق بأن يتبع ولا ينكر الفضل إلا من للهوى خضع وللغواية اتبع أن الجوهري وإن كان قد راعى تخليص الواو من الياء في الأبواب إلا أنه لم يراع ذلك في باب المعتل بخلاف المصنف فإنه راعاه في هذا الباب إلا ما ندر لكنه استفاد ذلك من المحكم وقصر عنه في أبواب كثيرة ثم أن المصنف لم يذكر التصنيف في مادته بهذا المعنى الذي أراد هنا فإنه قال وصنفه تصنيفا جعله أصنافا وميز بعضها عن بعض وهو أصل المعنى لكنه خص في العرف بتصنيف الكتب فلا يطلق المصنف على التاجر الذي يميز ما عنده من أصناف الحرير والصوف فكان عليه أن يذكر ذلك في محله كما ذكر في الشعر أنه غلب على منظوم القول لشرفه بالوزن والقافية وإن كان كل علم شعرا وكقوله أيضا في الفقه أنه العلم بالشيء والفهم له والفطنة وغلب على علم الدين لشرفه وعبارة الأساس وصنف الأشياء جعلها صنوفا وميز بعضها من بعض ومنه تصنيف الكتاب. وقوله ومن بديع اختصاره وحسن ترصيع تقصاره قال الإمام المناوي الترصيع التركيب على وجه يورث الزينة والتحلية يقال سيف مرصع أي محلى بالجواهر ونحوها قال الزمخشري رصع التاج حلاه بكواكب
الحلية والترصيع أيضا أن تكون الألفاظ مستوية الأوزان مستقيمة الإعجاز كقوله تعالى إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم اه والمصنف أهمل هذا المعنى وذكر ترصيع السيف وكان حقه أن يذكر لأنه من أشرف أنواع البديع وذكره أولى من ذكر اصطلاحات العروضيين. قوله ولا أعيد الصيغة قال الإمام المشار إليه الصيغة العمل والتقدير وصيغة القول كذا أي مثاله وصورته على التشبيه بالعمل والتقدير وقال المحشي قوله ولا أعيد الصيغة أي لا أقول هو كريم وهي كريمة مثلا بل اترك ذلك اختصارا على أنه ترك هذا الاصطلاح في مواضع كثيرة منها أنه قال العم وهي عمة وقال ضبعان وهي ضبعانة وقال ثعلب والأنثى ثعلبة وقال قنبع والأنثى قنبعة وقال خروف والأنثى خروفة وقال هم وهي وهمة وغير ذلك مما لا يحصى. قوله وإذا ذكرت المصدر مطلقا أو الماضي بدون الآتي ولا مانع فالفعل على مثال كتب قلت أن معرفة المصدر من كلامه متعذرة جدا فإنه كثيرا ما يلتبس بالاسم كما تراه في محله وقوله مطلقا يشمل اختلاف الحركات في المصدر كأن يكون ساكن العين أو مفتوحا مع أن المفتوح يأتي فعله غالبا من وزن فرح ولهذا انتقد كلامه في العنت فإنه ذكره محركا واقتصر عليه وفعله ليس على مثال كتب وأجاب عنه المحشي في طرب بقوله زعم بعض من ادعى النظر في القاموس ومعرفة اصطلاحه أن الفعل من الطرب ككتب لقوله في الخطبة وإذا ذكرت المصدر مطلقا فالفعل على مثال كتب وهو من العجائب فإنه هناك قيد بقوله ولا مانع والمانع هنا كونه محركا فإن ورود المصدر محركا إنما يقاس في فعل المكسور اللازم كفرح ووروده على خلاف ذلك في غيره نادر كالطلب ونحوه ثم شروطها كلها مقيدة بعدم الشهرة كما في الفتح وأما إذا أطلق المشاهير فلا يعتد بإطلاقه فيها بل تجري على قواعد الصرف المشهورة ويعمل فيها بالاشتهار الرافع للنزاع كما هنا فإن الفعل من الطرب اجمعوا على كسره على القياس فلا اعتداد بالإطلاق ولا بغيره مما يخالف المشهور قلت قول المصنف ولا مانع رأيته في النسخة الناصرية تحت السطر ثم إن المحشي نفسه اعترض على المصنف لقوله نتجت الناقة كعني وقد نتجها أهلها فقال قوله نتجها أهلها إطلاقة صريح في أنه على مثال كتب ولكن الذي في المصباح ومختار الصحاح وغيرهما أنه كضرب فكان الأولى أن يتبع الماضي بالمستقبل على عادته ومصدره النتج بالفتح على القياس كما في الصحاح وغيره وأهمله المصنف تقصيرا وسيعاد ويرد عليه أيضا الغلب ويحرك وفعله على مثال ضرب وعمد للشيء ومسك به وعف عنه كلها على هذا المثال مع أن المصنف أطلقه وله نظائر. قلت وهو اصطلاح حسن وأن شذ منه ألفاظ ولعل هذه القاعدة هي التي حملت مصحح
الصحاح المطبوع بطهران على أن يحرك السهاد بالفتح فإن الجوهري لم يضبطه قال المحشي هذا الكلام (أي قوله وكل كلمة الخ) ثابت في بعض النسخ الصحيحة وعليه شرح المناوي وغيره من أرباب الحواشي ونبهوا على زيادته وهو ساقط في كثير من الأصول وأهمله المحب وابن الشحنة والبدر القرافي. وما سوى ذلك فأقيده بصريح الكلام غير
مقتنع بتوشيح القلام قال الشارح مقتنع مجتزئ ومكتف قلت المصنف لم يذكر هذه الصيغة في بابها تبعا للجوهري كما مر والقلام جمع قلم كالأقلام وآثره هنا ليوازن الكلام ويدل على سعة اطلاعه.
قوله وكل غث إن شاء الله عنه مصروف قال المناوي أي كلام فاسد أو كل ما لا يليق قال الزمخشري تقول حديثكم غث وسلاحكم رث وأغث فلان في كلامه تكلم بما لا خير فيه اه وعبارة المصنف في أول المادة الغث المهزول وقد غث يغث ويغث بالفتح والكسر وغث الحديث فسد كأغث وهو مخالف لقول الزمخشري فإنه جعل أغث للمتكلم لا للكلام وعبارة الجوهري غثت الشاة هزلت فهي غثة اللحم يغث ويغث غثاثة وغثوثة فهو غث وغيث إذا كان مهزولا وكذلك غث حديث القوم وأغث ردؤ وفسد تقول أغث الرجل في منطقة وهي أحسن من عبارة المصنف لأنه ابتدأ بالفعل والمصنف ابتدأ بالنعت. قوله ثم إنني نبهت فيه على أشياء ركب الجوهري رحمه الله تعالى فيها خلاف الصواب قال المناوي أصل الركوب حقيقة في الأجسام ثم استعير للمعاني فقالوا ركبته الديون وركب الشخص رأسه إذا مضى على غير قصد ومنه راكب التعاسيف قال الزمخشري ومن المجاز ركب ذنبا وارتكبه وركبه بالمكروه وارتكبه وقال المحشي التنبيه أصله الإيقاظ من النوم والمصنفون يستعملونه بمعنى الأعلام بتفصيل ما علم إجمالا وقد حرر البدر القرافي رسالة في الجواب عما أورده المصنف على الجوهري جمعها في خطوط عبد الباسط البلقيني وسعدي أفندي مفتي الديار الرومية وغيرها وسماها بهجة النفوس في المحاكمة بين الصحاح والقاموس قلت هذا الكلام لا يليق بعالم منصف فإن بهجة النفوس تشتمل على أربعمائة صفحة في كل صفحة سبعة وعشرون سطرا فهي كتاب لا رسالة وتمام عدم الإنصاف قوله جمعها قوله غير طاعن فيه قال المناوي يقال طعنت فيه بالقول وطعنت عليه من باب فتك ونفع أي قدحت وعبت ومنه هو طعان في أعراض الناس وقال الراغب أصل الطعن الضرب بالرمح وغيره ثم استعير للوقيعة وقال الزمخشري ومن المجاز طعن فيه وعليه وعبارة المصنف طعنه بالرمح كمنعه ونصره طعنا ضربه ووخزه وفيه بالقول طعنا وطعنانا وفي المفازة ذهب والليل سار فيه كله والفرس في العنان مده وتبسط في السير فقال طعن فيه السن ومن الغريب هنا قول المحشي يقال طعنه بالرمح إذا ضربه وباللسان سبه ووقع فيه وعابه
وقدح في عرضه وهل هو مشترك أو الأصل الطعن بالرمح واستعمل مجازا في الطعن باللسان خلاف. قوله واسترباحا للثواب قال المناوي الاسترباح ابتغاء الربح قلت المصنف لم يذكر هذه الصيغة تبعا للجوهري كما تقدم ومثله غرابة قوله في هذه المادة ربح في تجارته استشف وهي عبارة الجوهري ولم يذكر لاستشف معنى غير النظر إلى ما وراء الشيء والجوهري أهمل هذه الصيغة بالكلية فما معنى هذه الإحالة. قوله وتحرزا وحذارا من أن ينمي إلى التصحيف قال المناوي التصحيف التغيير والتبديل في الكلام قالوا والتصحيف تغيير اللفظ حتى يتغير المعنى المراد من الوضع يقال صحفه فتصحف أي غيره فتغير حتى التبس
واشتبه وهو لحانة مصحف قال وقال الراغب التصحيف قراءة الشيء على غير ما هو عليه لاشتباه حروفه وعبارة المصنف التصحيف الخطأ في الصحيفة وهي عبارة الجوهري ولكن زاد عليها قوله بعده وقد تصحف عليه فأحسن في ذلك وقول بعضهم فصحفه منيفا فقام إلى السيف محمول على معنى حوله فإن التصحيف تحويل. قوله أو يعزي إلىّ الغلط والتحريف قال المناوي التحريف التغيير والعدول بالكلام إلى خلاف جهة الصواب يقال حرفت الشيء عن وجهة أي غيرته وانحرف عن كذا مال وتحريف الكلام أن يعدل به عن جهته ومنه يحرفون الكلم عن مواضعه وعبارة المصنف والتحريف التغيير وقط القلم محرفا وكان الأولى أن يقول وتحريف قطه غير مستو ولكنه ألف مثل هذا التعريف. قوله على أني لو رمت للنضال إيتار القوس لانشدت بيتي الطائي حبيب ابن أوس قال المحشي هذا كالاستدراك والإضراب عن الكلام الأول يفهم منه أنه قادر على المناضلة والمحاربة وأنه لا يمنعه عن ذلك إلا خوف التزكية ولعمري لقد زكى وفاخر كما يأتي اه. وحبيب ابن أوس قال المحشي هو أبو تمام الطائي الشاعر المشهور والإمام المذكور صاحب ديوان الحماسة الذي شرحه المرزوقي والزمخشري وإضرابهما وتعجبوا من غزارة حفظه وإتقانه ومعرفته وحسن اختياره ويقال أنه كان يحفظ عشرة آلاف أرجوزة للعرب ويقال أربعة عشر ألفا غير القصائد والمقطيع وله الديوان الفائق المشهور الجامع الحر الكلام ودر النظام وهو الذي كان أبو حيان يقول فيه أنا لا أسمع عذلا في حبيب
ولد بجاسم وهي قرية من أعمال دمشق سنة تسعين ومائة وقيل سنة ثمان وثمانين وقيل سنة اثنتين وسبعين ومائة وتوفي بالموصل سنة اثنتين وثلاثين ومائتين وقيل سنة ثمان وعشرين ومائتين ورثاه جماعة منهم الحسين بن وهب ومحمد بن عبد الملك الزيات الوزير المشهور وغيرها والبيتان اللذان أشار إليهما قال القرافي وابن الشحنة وغيرهما أنهما السابقان وهما
(لا زلت من شكري في حلة
…
لابسها ذو سلب فاخر)
(يقول من تقرع اسماعه .... كم ترك الأول للآخر)
وقيل أن المراد بالبيتين قوله
(فلو كان يفنى الشعر أفناه ما قرت
…
حياضك منه في العصور الذواهب)
(ولكنه صوب العقول إذا انجلت
…
سحائب منه أعقبت بسحائب)
قال وهذا الذي كان يرجحه شيخنا الإمام أبو عبد الله محمد بن الشاذلي رضي الله عنه ويبعد الأول ويقول يقبح أن يتمثل به أولا صريحا ثم يشير إليه ثانيا تقديرا وشرطا وهو في غاية الوضوح لأنه يؤدي إلى التناقض الظاهر وارتضاه شيخنا الإمام أبو عبد الله محمد ابن المسناوي وعيه كان يقتصر الشيخ أبو العباس شهاب الدين أحمد بن على الوجاري رضي الله عنهم أجمعين انتهى. وهنا ملاحظة من عدة أوجه. أحدها أني رأيت البيتين الأولين مثبتين في حاشية النسخة الناصرية ولكن وجدت في المصراع الثاني من
البيت الثاني ما ترك الأول للآخر وهو غريب جدا لأنه خلاف المشهور لأنه جار في الأمثال المتداولة المشهورة حتى قال الجاحظ
(ما علم الناس سوى قولهم
…
كم ترك الأول للآخر)
كذا في تاج العروس. الثاني أن قول الإمام أبي عبد الله محمد بن الشاذلي يقبح أن يتمثل به أولا صريحا الخ يشير إلى أن المصنف استشهد بهذا المثل أولا وذلك بقوله ولم أذكر ذلك إشاعة للمفاخر بل إذاعة لقول الشاعر كم ترك الأول للآخر فبعد أن أورده هنا بالتصريح لم يجمل به أن يذكره بالتعريض. الثالث أن قول المحشي أن ديوان لحماسة شرحه المرزوقي والزمخشري ولإضرابهما غريب فإن أشهر شروحه التي تداولها أهل الأدب شرح الإمام الشيخ أبي زكريا يحيى بن علي التبريزي الشهير بالخطيب وهو الذي طبع في العام الماضي في المطبعة الخديوية ببولاق التي شملت فوائدها جميع الآفاق وعلى تفضيلها على سائر المطابع وقع الاتفاق فهذا الشرح هو الذي كان ينبغي تقديم ذكره والتنويه بقدره. الرابع أن قوله أي المحشي وتعجبوا من غزارة حفظه ظاهره أن سبب هذا التعجب كان من جمع الديوان المذكور والواقع أنه كان من اطلاعهم على ترجمة أبي تمام. الخامس أني وإن كنت ممن يعظم قدر أبي تمام لغزارة حفظه وجودة شعره وبديع معانية إلا أني كنت ألومه على الاختصار من كلام العرب لأن ما جمعه من كلامهم قليل جدا بالنسبة إلى المفضليات ولاسيما أنه كثيرا ما يورد البيت الفذ مقتضبا عن أصله غير مزدوج بما هو من شكله وفي ذلك ازدراء بالشاعر لا يخفى ولا يعفي حتى قرأت في ترجمته في النسخة التي طبعت ببولاق ما نصه وعاد من خراسان يريد العراق فلما دخل همذان أغتنمه أبو الوفاء بن سلمة فأنزله وأكرمه فأصبح ذات يوم وقد وقع ثلج عظيم قطع الطرق
ومنع السابلة فغم أيا تمام ذلك وسر أبا الوفاء فقال له وطن نفسك على المقام فإن هذا الثلج لا ينحسر إلا بعد زمان وأحضره خزانة كتبه فطالعها واشتغل بها وصنف خمسة كتب في الشعر منها كتاب الحماسة والوحشيات وهي قصائد طوال فبقي كتاب الحماسة في خزائن آل سلمة يضنون به ولا يكادون يبرزونه لأحد حتى تغيرت أحوالهم وورد همذان رجل من أهل دينور يعرف بأبي العواذل فظفر به وحمله إلى أصبهان فأقبل أدباؤها عليه ورفضوا ما عداه من الكتب المصنفة في معناه فشهر فيهم وفي من يليهم الخ فحينئذ صرفت اللوم عنه إلى نفسي. قوله ولو لم أخش ما يلحق المزكي نفسه من المعرة والدمان لتمثلت بقول أحمد ابن سليمان أديب معرة النعمان قال المناوي المزكي نفسه الذي ينسبها إلى الصلاح ويدعيه لها يقال زكا الرجل يزكو إذا صلح وزكيته بالتثقيل نسبته إلى الزكاء وهو الصلاح اه واقتصر المصنف في زكا على معنى الصلاح من الثلاثي حيث قال وزكا الرجل صلح وتنعم أما المثقل فجاء به من زكا بمعنى ونص عبارته زكا يزكو زكاء ثما كأزكى وزكا الله تعالى وأزكاه فقصر عن الصحاح في هذه المادة جدا قوله لو لم أخش قال الراغب الخشية خوف يشوبه تعظيم وأكثر ما يكون ذلك عن علم مما يخشي منه يناسب المقام فإنه فسره
بالرماد والسرقين وعفن النخلة وسوادها وتمحل بعضهم لأن قال أن المراد به هنا لازم الدمان الذي بمعنى السرقين وهو الحقارة وهو تكلف يأباه الذوق السليم والطبع المستقيم ولولا ولوع المصنف في هذه الخطبة بالتزام ما لا يلزم لقلت أنه أراد الذان أي العيب فسبق قلمه إلى الدمان والقول الذي أشار إليه هو هذا البيت
(وإني وإن كنت الأخير زمانه
…
لآت بما لم تستطعه الأوائل)
وهذا البيت رأيته أيضا في حاشية النسخة الناصرية ويقال أن بعض الصبيان الحذاق لما سمعه وقف عليه فقال يا عم إن الأوائل وضعوا حروف الهجاء المعلومة فزدنا أنت عليها حرفا واحدا فأفحمه ولم يحر جوابا بل قال أن هذا الولد لا يعيش لشدة ذكائه فمات الولد بعده بيسير قال المحشي لا يخفى أن المصنف أوتر القوس وعرض بالغير ونسب إلى جميع الكتب اللغوية الأوهام الفاضحة والأغلاط الواضحة مع استمداده منها وروايته عنها واستناده إليها واعتماده عليها وغالب ما خالف فيه الجماعة لا يخلو عن شناعة كما هو بين لمن له ممارسة لهذه العلوم الشريفة وقصر الكمال على نفسه وعلى كتابه وهذا مما يناسب مقام العلم ولاينبغي للعالم أن يتسربل بجلبابه ومن تتبع أوهامه وتخليطاته علم أنه لا يستفاد منه وحده فائدة يعتمد عليها في هذا الشأن وتبين له أن ما في الصحاح والمحكم وغيرهما من كتب الأقدمين المبسوطة هو الحق الغني عن البيان انتهى. قلت قوله ونسب إلى جميع الكتب اللغوية الأوهام
الفاضحة الخ كان حقه أن يكون بعد قول المصنف واختصصت كتاب الجوهري من بين الكتب اللغوية الخ كما سيأتي لكنه وضعه هنا. وأبو العلاء هو الأديب العالم الشاعر اللغوي أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي كان علامة عصره قرأ النحو واللغة على أبيه بالمعرة وعلى محمد بن عبد الله بن أسعد النحوي بحلب وله التصانيف المشهورة والرسائل المأثورة وله من النظم لزوم ما لا يلزم وسقط الزند وقال ابن خلكان بلغني أن له كتابا سماه الأيك والغصون وهو المعروف بالهمزة والردف يقارب مائة جزء من الأدب قال وحكي لي من وقف على الجزء الأول بعد المائة من هذا الكتاب فقال لا أعلم ما كان يعوزه بعد هذا المجلد (الأيك والغصون والهمزة والردف لم يرد في الألف والهاء من كشف الظنون) وكان متضلعا من فنون الأدب وأخذ عنه أبو القاسم على بن المحسن التنوخي والخطيب أبو زكريا يحيى التبريزي وغيرهما وكانت ولادته يوم الجمعة لثلاث بقين من ربيع الأول سنة ثلاث وستين ثلثمائة (وتوفي سنة تسع وأربعين وأربعمائة) وعمي بالجدري سنة سبع وستين غشي يمنى عينيه بياض وذهبت اليسرى جملة ومن تصانيفه كتاب اللامع العزيزي وهو شرح شعر المتنبي واختصر ديوان أبي تمام حبيب وشرحه وسماه ذكرى حبيب وديوان البحتري وسماه عبث الوليد وديوان المتنبي وسماه معجز أحمد وتكلم على غريب أشعارهم ومعانيها ومآخذها من غيرهم وما أخذ عليهم وتولى الانتصار لهم والنقد في بعض المواضع عليهم ورحل إلى بغداد مرتين ولما رجع منها في المرة الثانية لزم منزلة وشرع في التصنيف وكان يملى على بضع عشرة محبرة في فنون من العلوم وأخذ عنه ناس وسار إليه الطلبة من الآفاق وكاتب العلماء والوزراء وسمى نفسه رهين المحبسين للزومه منزله ولذهاب عينيه ومكث خمسا وأربعين سنة لا يأكل اللحم تزهدا وعمل الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة ولما دفن قرئ على قبره سبعون مرثية وقد ألف الصاحب كمال الدين بن العديم رحمه الله في مناقبه كتابا سماه العدل والتحري في دفع الظلم والتجري عن أبي العلاء المعري وقال فيه أنه اعتبر من ذم أبا العلاء ومن مدحه فوجد كل من ذمه لم يره ولم يصحبه ووجد كل من لقيه هو المادح له كان رحمه الله يقول أنا شيخ مكذوب عليه وله كتاب سماه استغفر واستغفري (لم يرد اسم هذا الكتاب في كشف الظنون) انتهى وقد اشتهر أنه لما دنا أجله أوصى بان يكتب على قبره (هذا جناه أبي علي وما جنيت على أحد) إشارة إلى أنه لم يتزوج وأخبرني من زار قبره أنه لم ير عليه هذا البيت. وقوله ولكن أقول كما قال أبو العباس المبرد في الكامل وهو القائل المحق ليس لقدم العهد يفضل القائل ولا لحدثانه يهتضم المصيب ولكن يعطي كل ما يستحق قال المحشي الفائل فاعل يفضل بالفاء كما ضبطه
شراح الكامل وغيرهم وقولهم فال رأيه يفيل إذا أخطأ وضعف وفيل رأيه تفييلا إذا قبحه وخطأه وضعفه وهو فئل الرأي وفيله ككيس وضبط القرافي وغير من الشراح وأرباب الحواشي له بالقاف من القول غلط واضح لا يلتفت إليه اه. قلت مثل هذا لا يسمى غلطا فإن المعنى يصح عليه بل هو أصح من الفائل لأن الفائل صفة للرأي لا للإنسان فهو على حد قبولهم أفلج الأسنان ولأن المبرد لو أراد الطباق لقال المخطئ ثم راجعت النسخة الناصرية والنسخة الهروية فوجدت فيهما القائل بالقاف وكذلك وجدته في الكامل الذي طبع في الأستانه صفحة 18 وفي شرح المقامات للعلامة الشربشي صفحة 18 من الجزء الأول. والمبرد بفتح الراء المشددة عند الأكثرين هو أبو العباس محمد بن يزيد كان إماما في النحو واللغة وفنون الأدب وله تصانيف جليلة منها الكامل والمقتضب والروضة وكان كثير الحفظ فصيح اللسان كريم العشرة والمجالسة حلو الخطاب صحيح القريحة مع جودة الخط وكان هو وأبو العباس ثعلب خاتمة الأدباء وكانت ولادته لليلتين بقيتا من ذي الحجة وذي القعدة سنة ست وثمانين ومائتين ببغداد ودفن في مقابر باب الكوفة في دار اشتريت له وصلى عليه أبو محمد يوسف بن يعقوب رحم الله تعالى. قوله واختصصت كتاب الجوهري من بين الكتب اللغوية مع ما في غالبها من الأوهام الواضحة والأغلاط الفاضحة لتداوله واشتهاره بخصوصه واعتماد المدرسين على تقوله ونصوصه قال المحشي أصل معنى الغالب القاهر المستولى على الشيء واستعمله المصنفون بمعنى الأكثر يقولون هذا الاستعمال هو الغالب أي الأكثر دور أنا في الكلام والمدرسين جمع مدرس الكثير الدرس ودرس العلم قرأه ونشره ووقع في نسخة ابن الشحنة هذا الزمان اه قلت المشهور الآن أن المدرس الذي يلقي الدرس على الطلبة فهو متعد إلى مفعولين مثل علم وقول المتنبي (بها نبطي من أهل السواد يدرس أنساب أهل العلا) فسر العلامة العكبري شارح ديوانه يدرس يعلم وجاء في كلاك أب بكر الخوارزمي يذكر بيت شعر وحتى كأني لم أدرسه صغيرا ولم أدرسه كبيرا والعجب هنا من المحشي فإنه لما أثبت أن الذهوب بمعنى الذهاب وأرد في كلام الفصحاء من الإسلاميين استشهد له بكلام المتنبي وأب تمام ولم يفطن هنا لبيت المتنبي. وبقي النظر في قول المصنف واختصصت كتاب الجوهري فهل المراد بذلك أنه اختصه بالانتقاد والتخطئة ليصرف عنه المدرسين أو بالنقل عنه. قوله وهذه اللغة الشريفة التي لم ترل ترفع العقيرة غريدة بأنها وتصوغ ذات طوقها بقدر القدرة فنونألحانها قال المحشي هذا الكلام ثابت في أصولنا كلها وهو ساقط في بعض النسخ إلى قوله وكتابي هذا والعقيرة صوت المغني والغريدة بكسر الغين والراء المشددة من غرد الطائر وذات
الطوق وهي أنواع من الطير لها أطواق كالحمام. قوله وإن دارت الدوائر على ذويها قلت لم يذكر المصنف في ذوان جمعه يضاف إلى الضمير ولا دار عليه ولا أن الدائرة تكون بمعنى النائبة وفي هذه المادة ذكر داوره ثلاث مرات في مواضع متفردة. قوله ولا تتساقط عن عذبات أفنان الألسنة ثمار اللسان العربي ما اتقت مصادمة هوج الزعازع بمناسبة الكتاب ودولة النبي عبارته في عذب وبالتحريك القذى وما يخرج في أثر الولد من الرحم إلى أن قال وطرف كل شيء الواحدة بهاء في الكل فكان حقه أن يقول العذبة مفرد العذب وتستعمل بمعنى الغصن وعبارة الصحاح وعذبة الشجر غصنه ومثلها عبارة المصباح. قوله ولا يشنأ هذه اللغة الشريفة إلا من أهتاف به ريح الشقاء لم يذكر فعلا للريح على افتعل في هوف ولا في هيف فغاية ما قال في هوف الهوف ويضم الريح الحارة والريح الباردة الهبوب ضد وبالضم الرجل الخاوي الذي لا غناء عنده ولغة في الهيف لنكباء اليمن. ثم قال في هيف الهيف شدة العطش وريح حارة تأتي من نحو اليمن نكباء بين الجنوب والديور تيبس النبات وتعطش الحيوان وتنشف المياه إلى أن قال وأهافوا عطشت إبلهم أما قوله ضد ففيه نظر لأن الهوف هنا مرادف الريح وقد تكون باردة وقد تكون حارة وهو على حد قولهم الزعم وله نظائر. قوله ولا يختار عليها إلا من إعتاض السافية من الشحواء قال المحشي السافية من سفت الريح التراب إذا ذرته أو حملته والشحواء بفتح الشين البئر الواسعة وسمعت من يقول السافية الأرض ذات السفا وهو التراب والشحواء بالجيم البئر الواسعة وكلاهما عندي غير ثابت ولا صحيح اه وقال الشارح وهذه النسخة أي الثانية هي نص عبارة الأصل قلت وفي نسختي ونسخة مصر الشجواء بالشين والجيم وكلتا اللفظتين غير مأنوستين فالظاهر أن المصنف أراد بهذه الخطبة أن يظهر اطلاعه على غريب اللغة كيفما اتفق ولهذا تراه يتهافت على الحوشي منها ويأتي بألفاظ لا يذكرها في موادها على أنه لا مناسبة بين الريح السافية والبئر الواسعة فإن السافية يناسبها النسيم أو الصبا والبئر يناسبها أحد العيالم التي جمع منها كتابه. وقوله اعتاض السافية من الشحواء عبارته في عوض واعتاضه جاء طالبا للعوض فانظر إذا كان المعنى يستقيم هنا بهذا التعبير. قوله أفادتها ميامن أنفاس المستجن بطيبة طيبا فشدت بها أيكية النطق على متن اللسان رطيبا قد تقدم ذكر الشدو والغصن غير مرة وسيعيدهما مع ذكر الشجر والزهر ولآس والخمائل والمزن في الفقر الآتية وهو عندي من عيوب الكلام والمراد بأيكية النطق هنا الحمامة ونحوها نسبة إلى الأيك وهي الغيضة وفيه تكلف. قوله استظلالا بدولة من رفع منارها فاعلي ودل على شجرة الخلد وملك لا يبلى قد أعترض عليه بعض أدباء العراق هذا التعبير من وجهين أحدهما لأن هذا المعنى مأخوذ من قول الشيطان لآدم عليه السلام هل أدلك
على شجرة الخلد وملك لا يبلى كما في سورة صه فيكون قد جعل ممدوحه بمنزلة الشيطان والثاني أنه حرف الآية غير أن الشارح قال أن الدال على ذلك هو النبي عليه الصلاة والسلام. قوله حبيب النفس وعشيق الطبع لم يذكر صيغة عشيق في مادتها وقد فاته منها ومن صيغة فعول ما لا يحصى. قوله ما تتولع به الأرواح لا الرياح قال الشارح أعني الإمام محمد مرتضى في تاج العروس تتولع به أي تستنشقه وهو أغرب ما يقوله لغوي. وعبارة المحشي يتولع مضارع تولع بالشيء إذا أحبه وأغرى به وجرده من علامة التأنيث للفصل قلت قد أعاد المصنف هذه اللفظة أيضا في غرو بقوله وأغراه به ولعه وذكره لولعه هنا غريب لأنه قال قبله غري به أولع وكذلك ابن هشام استعملها في شرحه لامية العجم بقوله وتولع به المتولعون واستعملها أيضا أبو بكر الخوارزمي بقوله والشفيق بسوء الظن متولع وفي درة الغواص عن ثعلب (ولكن إذا ما حب شيء تولعت
…
به أحرف التصغير من شدة الوجد) وهو غريب إذ ليس في كتب اللغة سوى ولع به وأولع به وفي كتاب الأفعال لأبي سعيد بن محمد المعافري القرطبي ولع بالشيء يولع ولعا وولوعا لزمه وأغرى به والأعم أولع به اه أما التوليع فهو استطالة البلق يقال برذون وثور مولع كعظم. قوله الذين تقلبوا في أعطاف الفضل وأعجبوا بالمنطق الفصل وأولعوا بأبكار المعاني ولع المفترع المفتض هذه الفقرة الأخيرة لا يمكن ترجمتها إلى لغات الإفرنج لسماجتها وأسمج منها قول أبي تمام
(والشعر فرج ليست خصيصته
…
طول الليالي ألا لمفترعه)
أي إلا لمفترعه طول الليالي فقدم وآخر في هذا المعنى المنكر قوله بل أنعش الجدود العواثر ألطافهم عبارته في نعش نعشه الله كمنعه رفعه كأنعشه ونعشه وعبارة الصحاح نعشه الله ينعشه نعشا رفعه ولا يقال أنعشه الله اه فكان على المصنف أن يقول على عادته وأخطأ الجوهري في منعه الرباعي. وعندي أن أنعشه لغة في نعشه كأحرمه في حرمه وافتنه في فتنه وأحمى المكان لغة في حماه ولها نظائر وعبارة المصباح ونعشه الله وأنعشه أقامه قوله والقائلون بدولة الجهل وأحزابه لم يذكر لقال به معنى إلا غلب قال ومنه سبحان من تعطف بالعز وقال به والقوم بفلان قتلوه ابن الأنباري قال يجيء بمعنى تكلم وضرب وغلب ومات واستراح وأقبل ويعبر بها عن التهيؤ للأفعال والاستعداد لها يقال قال فأكل وقال فضرب وقال فتكلم نحوه (اه) فلم يذكر قال به أي حكم واعتقد وهو الذي أراده هنا بقوله والقائلون بدولة الجهل وأحزابه وعليه قول المعري
(فلا كان بعدي عنكم سير ملحد
…
يقول بيأس من معاد مرجع)
أي يحكم ويعتقده فإذا قلت مثلا فلان كان يقول بخلق القرآن لم يكن معناه أنه يغلب
ومن الغريب أن أهل مالطة يستعملون اليوم قال للاستعداد للأفعال. قال أبو البقاء في الكليات قال الحائط سقط وقال به حكم واعتقد واعترف وغلب ومنه سبحان من تعطف (كذا) وقال به بحذف بالعز وكأنها سقطت بالطبع. وقال صاحب اللسان أن القول يستعمل بمعنى الحكم وفي الحديث قولوا بقولكم. ابن الأعرابي العرب تقول قالوا بزيد أي قتلوه وقلنا به أي قتلناه. وابن الأثير العرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال وتطلقه على غير الكلام واللسان فتقول قال بيده أي أخذ وقال برجله إذا مشي وقال بثوبه أي رفعه وكل ذلك على المجاز وقال به أي أحبه واختصه لنفسه كما يقال فلان يقول بفلان أي بمعبته واختصاصه وقيل معناه حكم به وقال أيضا بمعنى أقبل واستراح وضرب وغلب وغير ذلك ابن بري واقتال بالبعير بعيرا وبالثوب ثوبا أي استبدله به وقولني فلان حتى قلت أي أعلمني وأمرني الخ والمصنف ذكر اقتاله بمعنى اختاره وأهمل قوله بهذا المعنى. ومن العجب هنا اختصار الجوهري في هذه المادة فإنه لم يذكر شيئا من معاني قال التي تقدمت ولم يفسر معناها الأصلي وكذلك صاحب المصباح أهمل تفسيرها. قوله برهان الأساطين الأعلام سلطان سلاطين الإسلام عبارته في باب النون البرهان بالضم الحجة وبرهن عليه أقام البرهان وفي باب الهاء وأبره أتى بالبرهان أو بالعجائب وغلب الناس. وعبارة المصباح في بره والبرهان الحجة وإيضاحها قيل النون زائدة وقيل أصلية وحكي الأزهري القولين فقال في باب الثلاثي النون الزائدة وقولهم برهن فلان مولد والصواب أن يقال أبره إذا جاء بالبرهان كما قال ابن الأعرابي وقال في باب النون برهن 'ذا أتى بحجته واقتصر الجوهري على كونها أصلية واقتصر الزمخشري على ما حكي عن ابن الأعرابي فقال البرهان الحجة من البرهرهة وهي البيضاء من الجواري كما اشتق السلطان من السليط لإضاءته قال وأبره أتي بالبرهان وبرهن مولدة اه. قلت لا حاجة إلى اشتاق البرهان من البرهرهة فقد حكي المصنف بره أبيض جسمه وهو أبره وهي برهاء فاشتقاقه من الثلاثي أولى. وقوله آنفا أبره غلب الناس هذا المعنى في أبره. وقوله الساطين عبارته في سطن الاسطوانة بالضم السارية معرب استون وقوائم الدابة والأير فكان عليه أن يذكر التوسع فيها كما توسع في العمود. وقوله السارية مبهم لأنها تطلق أيضا على السحاب يسري ليلا فلو فسرها بالعمود لكان أولى وقوله معرب استون الظاهر أن تعريبها عن اللغة الفارسية ومعنى ستون أو ستين باللغة الجرمانية والانكليزية حجر ويقال أساطين مسطنة كما يقال قناطير مقنطرة. وقوله قوائم الدابة الأولى أن يقال قائمة لأن السارية لفظ مفرد. وقوله سلطان عبارته في سلط السلطان الحجة وقدرة الملك وتضم لامه والوالي مؤنث لأنه جمع سليط للدهن كأن به يضيء الملك أو لأنه بمعنى الحجة
وقد يذكر ذهابا إلى معنى الرجل اه فرجح التأنيث على التذكير وهو عكس ما في الصباح فإنه قال والتذكير أغلب عند الحذاق وقد يؤنث اه وقد مر ذلك في أول الكتاب ثم اشتقوا من السلطان السلطنة وتسلطن كما اشتقوا من البرهان برهن على توهم أن النون أصلية والمصنف لم يذكر السلطنة في بابها وإنما ذكرها في سجس بقوله وسألت بعضهم عن جماعة من أعوان السلطة وذكر تسلطن في تركيب سنقر بقوله سنقر الأشقر كقنفذ تسلطن بدمشق وأهملها في مادة سلط السلطة بالضم وهي اسم من سلطه الله وذكرها الجوهري قوله قمر براقع الترافع والتعالي قد مر قوله نيرا براقع الفضل والآداب وما زال المحشي هنا مصرا على أن البراقع جمع برقع للسماء وقوله الترافع لم يذكر هذه الصيغة في مادتها. قوله مقلد أعناق البرايا طوق امتنانه عبارته في منن من عليه منا ومنيني أنعم واصطنع عنده صنيعة ومنة امتن ثم قال بعد عدة أسطر وامتننته بلغت ممنونه وهو أقصى ما عنده فلم يحك للمن معنى غير الصنيعة فكيف قيل إذا أن المن مفسدة للمن وقوله ومنة امتن مبهم والمراد به ما قاله الجوهري منّ عليه منة أي امتن عليه يقال المنة تهدم الصنيعة فيكون قد فاته معنى امتن أي أنعم وهو وارد في المصباح وعبارة المصنف والجوهري لا تشير إليه. وقد أجاد صاحب المصباح في تفصيل معنى من فإنه قال من عليه بالعتق وغيره منا من باب قتل وامتن به عليه أيضا أنعم والاسم المنة بالكسر والجمع منن مثل سدرة وسدر ومننت عليه أيضا عددت له ما فعلت له من الصنائع مثل أن تقول أعطيتك وفعلت لك وهو تكدير وتغيير تنكسر منه القلوب ولهذا نهى الشارع عنه بقوله لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى ومن هنا يقال المن أخو المن أي الامتنان بتعديد الصنائع أخو القطع والهدم اه فهكذا يكون الكلام. ويحسن هنا إيراد الأبيات التي مدح بها المصنف الملك الذي أهدى إليه كتابه متحديا بها أبيات الزمخشري في شرح لاميه العرب وهي (مولى ملوك الأرض من في وجهه
…
مقباس نور أيما مقباس) (بدر محيا وجهه الأسنى لنا
…
مغن عن القمرين والنبراس) من أسرة شرفت وجلت فاعتلت
…
عن أن يقاس علاؤها بقياس)
(رووا الخلافة كابرا عن كابر
…
بصحيح إسناد بلا إلباس)
(فروى عليّ عن رسول مثل ما
…
يرويه يوسف عن عمر ذي الباس)
(ورواه داوود صحيحا عن عمر
…
وروى علّ عنه للجلاس)
(ورواه عباس كذلك عن علي
…
ورواه إسمعيل عن عباس)
قوله محيا وجهه فيه إضافة الشيء إلى نفسه فإن الجوهري فسر المحيا بالوجه فلو قال أسرة وجهه لنا تغني عن المشكاة والنبراس لكان أولى وأسلم من المبالغة إذ من المحال أن الناس
يستغنون بطلعة بشر عن الشمس والقمر على أن إيراده النبراس بعد إيراد القمرين من التلي المذموم وقوله لنا لم يعجب المحشي فإنه قال أن التخصيص في مقامات مدح الأكابر ولا سيما الملوك من القصير البالغ فلو قال غدا على ما فيه من الإيهام الذي يدعى في الجواب عنه بأنها جعلت للاستمرار كأختها كان أو قال بدا أي ظهر لكان أليق بالمقام ولو قال
(بدر محياه الحياء إذا بدا
…
أغنى عن القمرين والنبراس)
لكان أسلم مما يرد على ظواهر الألفاظ الخ ولم ينتقد عليه تكرير نسبة النور إلى الوجه وإنما قال سابقا أن المصنف لا يتحاشى من تكرير العبارات فترك الانتقاد هنا لمراجعة كلامه الأول اه وقوله كابرا عن كابرا لم يذكر هذا التركيب في مادته ومعناه كبيرا عن كبير وقوله بصحيح إسناد بلا إلباس قال الشارح الأصل في ذلك قول أبي سعيد الرستمي في الصاحب ابن عباد كما أنشدنيه غير واحد
(ورث الوزارة كابرا عن كابر
…
موصولة الإسناد بالإسناد)
(فروي عن العباس عباد وزا .... رته وإسماعيل عن عباد)
ومن هنا أخذ المصنف فقال فروى عليّ وأراد به الأمير شمس الدين عليا أول من ملك من هذا البيت الخ وقوله يرويه يوسف عن عمر جزم عمر لضرورة الوزن وهي ضرورة قبيحة ومثله قوله في البيت الذي بعده ورواه داود صحيحا عن عمر وهنا صرف داود أيضا للضرورة وقوله للجلاس هذه القافية قلقة جدا وقوله ورواه عباس كذلك لفظة كذلك لغو وتسكين الياء من على ضرورة أخرى. وفي الجملة فهذا النظم نظم فقيه لا نظم شاعر فليس فيه من نفس الشعراء إلا المبالغة في قوله مولي ملوك الأرض ومغن عن القمرين والنبراس وأبيات الزمخشري هي هذه
(بالسعد أضحى المجد محروس العلا
…
فحمى الرئاسة منه طود رأسي)
(يهوى المعالي مولعا بوصالها
…
وأفاض غامر بذله في الناس)
راض الخطوب الجم بعد جماحها
…
وألان من قلب الزمان القاسي)
وأقم نور الحق في مشكاته
…
وأقام وزن العدل بالقسطاس)
وقوله وتشمل رأفته البلاد والعباد لم يذكر في بلد أن البلد واحد البلدان والبلدة واحدة البلاد كما أفاده الجوهري وإنما قال البلد والبلدة مكة شرفها الله تعالى وكل قطعة من الأرض متحيزة (وفي نسخة مستحيزة) عامرة أو غامرة والبلد القبر والمقبرة والدار والأثر (كذا) وادحي النعام ومدينة بالجزيرة وبفارس وة ببغداد وجبل بحمى ضرية والأثر (كذا) ج أبلاد فكرر الأثر مرتين لكن الشارح فسر الأثر الأول بأثر الدار والأثر الثاني بأثر الجسد وهو مجرد تصرف ولم يذكر المتحيز ولا المستحيز ولا الحيز في مادتها
وجاء بالجمع بعد تكرار المعطوف فأوهم أنه يطلق على كل ما تقدم وهو جمع البلد الذي بمعنى الأثر كذا يفهم من حاشية قاموس مصر وفيه نظر وقوله مدينة بالجزيرة وبفارس كان حقه أن يقول وأخرى بفارس. وقوله أن اتفق له في لجته الخوض الخ لم يذكر اتفق بهذا المعنى في مادته ونص عبارته التوافق الاتفاق والتظاهر واتفقنا تقاربا والظاهر أن الاتفاق الذي يراد به وقوع الشيء من غير قصد من الألفاظ الاصطلاحية ولم أراه في شفاء الغليل ولا في تعريفات الجرجاني قوله وها أنا أقول أن احتمله منى اعتناء فالزبد قال الشارح قال شيخنا (أي المحشي) المعروف بين أهل العربية أن ها الموضوعة للتنبيه لا تدخل على ضمير الرفع المنفصل الواقع مبتدأ غلا إذا أخبر عنه باسم إشارة نحوها أنتم أولاء ها أنتم هؤلاء فأما إذا كان الخبر غير إشارة فلا وقد ارتكبه المصنف هنا غافلا عن شرطه والعجب أنه اشترط ذلك في آخر كتابه لما تكلم على ها وارتكبه ههنا وكأنه قلد في ذلك شيخه العلامة حمال الدين بن هشام فإنه في مغنى اللبيب ذكرها ومعانيها واستعمالها على ما حققه النحويون وعدل عن ذلك فاستعملها في كلامه في الخطبة مثل المصنف فقال وها أنا بائح بما أسررته اه قلت هذا ما نقله الشارح وزاد المحشي على أن قال وفي الجهة الأولى من الباب الخامس فقال وها أنا مورد الخ أعاده في الجهة الثانية منه فقال وها أنا مورد الخ وذلك كله على خلاف الشرط الذي اشترطه في باب الهاء وركب المصنف غفلة عما شرطوه قلت قد مر في ترجمة المصنف أنه لما كان بمصر أخذ عنه ابن هشام وهو غير مناف لقول المحشي هنا أن ابن هشام شيخه إذ يحتمل أن المصنف كان شيخا لابن هشام في الحديث وابن هشام كان شيخا له في النحو والعربية. قوله وكتابي هذا بحمد الله صريح ألفي مصنف من الكتب الفاخرة وسنيح ألفي قلمس من العيالم الزاخرة قلت كان الأولى أن يقول نحو ألفي مصنف وفيه أيضا أنه إذا كان كتابه في الحقيقة صريح ألفي مصنف فكيف فاته كثير من الألفاظ الفصيحة التي ذكرها الجوهري وغيره فهذه الدعوى حجة عليه لا له والقلمس من أسماء البحر وكذلك العيلم وقد يطلق أيضا على الضفدع وكلتا اللفظتين حوشيتان قال الإمام المناوي في بعض النسخ نتيج بدل سنيح مسنيح بمعنى مسنوح أي مستفحص مستخرج وقصده المبالغة في وصف كتابه بالتفرد بالجامعية وأنه خلاصة ألفي كتاب من كتب اللغة ونتيجة ألفي بحر من البحار الزاخرة الممتلئة الطامية المرتفعة الممتدة جدا وهذا إفراط في الدعوى وأنت إذا تأملت وحررت وأنصفت وجدت ما زاده على المحكم (لعله الصحاح) شيئا قليلا جدا ربما لا يبلغ عشر الكتاب كما تراه موضحا في هذا التعليق وإن فسح الله الأجل أفردته بمجموع على أن المصنف لم يستوعب ما في كتاب واحد وهو كتاب البارع لأبي علي القالي جمع فيه كتب اللغة بأسرها ورتبه على حروف المعجم قال الزبيدي لا نعلم أحدا ألف مثله وقال ابن طرخان في كتاب البارع يحتوي على مائة مجلد لم
يصنف مثله في الإحاطة والاستيعاب اه قلت هذه الكتب الكبيرة المستوعبة ليست مقصورة على كلام العرب بل تشتمل أيضا على حكاياتهم ووقائعهم وشرح أمثالهم وأشعارهم وما أشبه ذلك. وقرأت على ظهر نسخة من أمالي القالي ما نصه أبو علي إسمعيل بن القاسم القالي نسبة إلى قال قلا من أعمال أرمينية قال الزبيدي كان أعلم الناس بنحو البصريين وأحفظ أهل زمانه لللغة وأرواهم للشعر الجاهلي ولد سنة 288 بديار بكر وقدم بغداد سنة 303 وقرأ النحو والعربية والأدب على ابن درستوية والزجاج والأخفش الصغير ونفطويه وابن دريد وابن السراج وابن الأنباري وغيرهم وخرج من بغداد سنة 328 فدخل قرطبة سنة ثلثين فأكرمه صاحبها وإكراما جزيلا وقرأ عليه الناس كتب اللغة والأخبار وصنف بها الأمالي والنوادر ومقاتل العرب والمقصور والممدود وشرح المعلقات وفعلت وافعلت والبارع في اللغة ولم يتمه وغير ذلك وروى عنه أبو بكر الزبيدي ومات بقرطبة لسبع خلون من جمادى الأولى سنة 356 اه وقد نقرت عن البارع في خزائن كتب اللغة الأستانة فلم أقف له على أثر وسألت عنه عدة من علماء بغداد فقالوا أنه لا يوجد عندهم فالظاهر إن عدم تمامه صبره إلى حيز العدم ويمكن أن يقال أن عدم اشتهاره لكبره فإن العباب اشتهر مع نقصه فكان مثل البارع في الخمول كمثل لسان العرب. أما قول الإمام المناوي ورتبه على حروف المعجم فمبهم إذ يحتمل أنه كان كترتيب الصحاح أو المجمل لكن الأغلب أنه كان كالجمل لأنهم قالوا أن الجوهري أول من رتب الصحاح على حروف المعجم مع مراعاة أوائل الكلم وأواخرها. وقوله قبلها أنه أي القاموس خلاصة ألفي كتاب في كتب اللغة لفظ اللغة ليس في كلام المصنف فالعدد غير مقصور على اللغة وحدها إذ هو شامل لكتب الطب وعجائب المخلوقات وأسماء المحدثين والفقهاء ومعجم البلدان وغيرها ذلك كما تشير إليه عبارة المحشي عن قريب وقوله لم يستوعب ما في كتاب واحد وهو كتاب البارع الخ كان الأولى أن يقول لم يستوعب ما في أصليه أعنى المحكم والعباب فإني وجدت في خلال مراجعتي لهما أنه قد فاته كثير من الكلام الفصيح المبسوط فيهما بل فاته أيضا كثير مما بسطه الجوهري وشرحه أتم شرح وبودي لو أن أحد من أهل العلم تصدى لأن يقيد ما فات صاحب القاموس من هذه الكتب الثلاثة إذا لوجد أن ما فاته منها أكثر مما جمعه بمقدار عظيم. أما ما فاته من كتاب اللسان فلا يمكن حصره. وقوله سنيح بمعنى مسنوح أي مستخرج أنكره المحشي وهذا نص عبارته السنيح فسره المصنف بأنه الدر أو خيطه قبل أن ينظم فيه وجوز القرافي رحمه الله أن يكون من سنحته أي استفحصته وسنيح بمعنى مسنوح وفيه نظر لأن الفعل منه لم يسمع ثلاثيا حتى يبنى منه فعيل وليس بوارد في الكلام وهذا البناء مما يتوقف على السماع ولا يقال قياسا وقال (أي القرافي) أن هذا العدد وهو الألفان الظاهرة أنه على طريق المبالغة فإن
كتب اللغة المشهورة المتداولة بين الناس والتي نقل عنها الناس في كتبهم لا تصل إلى نصف هذا العدد فضلا عن جميعه قلت هو كلام ظاهر فإن أراد بالناس الأقدمين فالكتب كانت في أيامهم أكثر وقصة الصاحب بن عباد لما سأله بعض الملوك القدوم عليه فقال له في الجواب أني أحتاج إلى ستين جملا أنقل عليها كتب اللغة التي عندي مشهورة نقلها الجلال وغيره وإن أراد أهل عصره فلا تصل ربع عشر ما ذكر فضلا عن نصفه فإن الكتب ذهبت واندرست في الفتن العظيمة التي كانت من التتار وغيرهم وإن الكتب المؤلفة في اللغة الآن لا تفي بحمل جمل واحد فيما أظن أو جملين وهذه الكتب التي ذكرها المصنف لا تقيد لها باللغة بل نقول أنه جمع كتابه من جميع الفنون ولذلك وقع فيه التخليط البالغ لأنه أورد من الطب ومن أسماء الرجال ومن شرح الغريب ومن التفسير ومن الخواص ومن العربية العامة والخاصة ومن أسماء البقاع والأماكن ومن لغة الفرس والروم والعجم ولغة البربر واصطلاحات الفقهاء والمحدثين والأصوليين والمتكلمين والحكماء والمناطقة والأطباء شيا كثيرا لا يأتي عليه الحصر وإن كان غير مهذب ولا محرر لكونه مذكورا مختصرا على جهة الإشارة فتصل الكتب التي جمع منها هذه الفنون إلى هذا القدر وأزيد ولاسيما مع الشروح والحواشي والتواريخ فتليف على ما ذكر والله أعلم انتهى. قلت ستظهر صحة هذا القول مما نقله المصنف عن الصغاني كما سيأتي وقبل إيراده ينبغي أن أورد ما جاء في خطبة المصنف من الألفاظ التي لم يوردها في موادها وهي اللغي جمع لغة الأيادي بمعنى النعم الممادي القوادي الكظام جمع كظامة الروضة الشاهق الكاهل البسيط الفصح النير المباني الصوب التلخيص بمعنى الاختصار خلاصة الشيء أي خالصه المادة بالمعنى الاصطلاحي اليلمع العروف مبالغة العارف المعمع التدريس اليهفوف الصنيع الأثيرة العشيق التصنيف الترصيع الصيغة ضبط الكتاب المباني الاقتناع ذوو مضافا إلى الضمير التنبيه بمعنى الإعلام الاسترباح الغالب بمعنى الكثير التزكية الدائرة بمعنى النائبة العذبة اهتافت الريح تتولع به قال به أي حكم واعتقد الترافع كابرا عن كابر اتفق بمعنى وقع عن غير قصد جملتها ثلاث وأربعون كلمة وأما في غير الخطبة فلا يأتي عليه حصر. ثم إني رأيت نسخة من القاموس بخط أحمد بن محمود بن يوسف بن شيرين الحنفي بتاريخ 25 محرم سنة 918 وعلى حواشيها خطوط عدة من العلماء وكتب في آخرها ما صورته وجدت في آخر النسخة التي كتبت منها نحو النصف الآخر ما صورته نقلت هذه النسخة من نسخة محرر عليها خط المؤلف رحمه الله وفي آخرها ما صورته اعلم إنني قابلت مع الإمام الأوحد المفنن البارع المبرر الثبت جمال الدين بن محمد ابن الأمير الناصري محمد بن السابق
الحموي الحنفي هذه النسخة وهي في مجلدين على السمة التي بخط المؤلف في أربع مجلدات في المدرسة الباسطية بالقاهرة وهى عمدة الآن في المملكة المصرية وأمرها ظاهر في أنها من آخر ما حرره غير أن في آخرها قطعة من أثناء حرف النون من مادة قمن إلى آخر الكتاب ليست على منوال ما مضى باعتبار أنها مخالفة للنسخ اللاتي بخلاف خطة وبانه يكتب القرية والبلد والجمع بألفاظها وقد أسلف في الخطبة أن يرمز لها والتزم ذلك فيما قبل هذه القطعة وبأنه يرمز في هذه القطعة للجبل ل وللمحدث ث وغير ذلك مما لم قبل هذا ولا أشار إلى أنه يفعله إلى غير ذلك من أمور كادت توجب لنا القطع بأن هذه القطعة عدمت من أصل المصنف الذي كتبت منه هذه النسخة وغيرها وكأنه تعذر عليه تحصيل شيء من النسخ اللاتي كتبت من أصلها لامر ما فجمع الأصول التي اقتطف منها هذا الكتاب وأنشأ منها هذه القطعة فلم يصل فيها إلى ما كان له عند تهذيب ما قبلها من النشاط والإقبال وانبعاث الهمة وخلو البال فجمعنا ثلث نسخ يغلب على الظن أنها كتبت من أصله قبل أن تعدم منه هذه القطعة أحداها يمنية لم تخرج من اليمن التي استوطنها المصنف الآخر عمره فقابلنا هذه القطعة بعضها ببعض واجتهدنا في التحرير والإصلاح وكنا نعتمد في الضبط والنقط على التي يخطه إلا ما تحققنا أن الصواب في غيرها واثبتنا ما زاده بعض الأصول على بعض فيما عدا التي بخطه بحيث صارت هذه القطعة كما قبلها في الجمع والتهذيب والاعتماد والترتيب وفي هذه النسخة قبل هذه القطعة كثير مما عورض مع المصنف على أصلها كما ترى خطه به وفيه كلمات بخطة زائدة على الأصل الباسطي وكذا ربما وجدنا في بعض الأصول شيئا زائدا لابد منه أو له موقع جليل من كلمة وحرف وتقديم وتأخير باعتبار سهو المصنف في تخريجه له في غير موضعه بأن يريد التخريج له بعد كلمة فيخرج بعد أخرى لشبهها بها سهوا لا يشك فيه بعد التأمل ونحو ذلك وهو يسير فاحكمنا ذلك جميعه في هذا الأصل وأما الخطبة فالنسخ بها مختلفة جدا في كثير من تقديم وتأخير لا يضر مع اتحاد المعنى وفي زيادة كثيرة لا يخل حذفها بشيء من مقاصد الكتاب والله الموفق وكان ختامنا لذلك يوم الأحد سابع عشر شهر رمضان المعظم قدرة سنة 851 بمسجدي من رحبة باب العيد بالقاهرة قاله أحوج الخلق إلى عفو الحق أبو الحسن إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن على بن أبي بكر البقاعي الشافعي نزيل القاهرة انتهى ما وجدته بآخر النسخة اليشبكية إلى هنا كلام محرر النسخة المذكورة ووجدت فيها من عند قول المصنف في الخطبة وهذه اللغة الشريفة التي لم تزل إلى قوله وتزهى بالجواري المنشأت من بنات الخاطر زواخره مرقوما في ورقة ملصقة بالخطبة. وفي القول المأنوس الهندي أن المجد رحمه الله ألف قاموسه قيل خروجه من اليمن وذكر أنه أكمله بمنزله على الصفا بمكة المشرفة تجاه الكعبة المعظمة ثم خرج
به إلى اليمن فاستقر بزبيد يهذبه وزاد فيه فوائد جمة فالنسخة المهذبة أحسن من الأولى لكن لا يعرف الأولى من الأخرى إلا الآحاد فلابد من أن نذكر شيئا من المواضع التي زادها في النسخة اليمانية على الأولى منها زيادة في الخطبة مدح فيها الملك الأشرف ومن جملة المدح أبيات مطلعها
(مولي ملوك الأرض من في وجهه
…
مقباس نور أيما مقباس)
ومنها أنه يزن في الأخرى بشداد ما كان يزنه في الأولى بكتان ولعله إنما فعل ذلك خيفة أن يلتبس بكتاب لأنه يزن به أيضا. ومنها في مادة كوكب قال في اليمانية كوكبان حصن باليمن رصع داخله بالياقوت فكان يلمع كالكوكب. ومنها في سذج قال في الأخرى الساذج أوراق وقضبان تقوم على وجه الماء من غير تعلق بأصل نافع لأورام العين معرب ساده وفي الأولى الساذج معرب ساده. ومنها في س ف ن ج الإسفنج عروق شجر نافع للقروح العفنة. ومنها في س ف د ج اللإسفيداج رماد الرصاص والانك إذ شدد عليه الحريق صار اسرنجا ملطف جلاء معرب وفي الأولى الاسفيداج معرب. ومنها في س م ط قال في الأولى والمسمط من الشعر أبيات تجمعها قافية واحدة وزاد في الأخرى كقول امرئ القيس ومستلئم الخ. قال قال في كشف الظنون كان تاريخ كتابة آخر نسخة القاموس التي قرئت عليه غير مرة سنة ثلاث عشرة وثمانمائة والنسخة التي قرئت عليه أخيرا اشتملت على زيادات كثيرة في التراجم على سائر النسخ الموجودة حتى على النسخة التي بالقاهرة بخطه في أربعة مجلدات بالمدرسة الباسطية وقيل وجد في بعض النسخ خ وم رمزا للبخاري ومسلم في حرب حيث قال ميمون صاحب الأعمية وميمون أبو الخطاب وهذا الخطاب وهذا مما وهم فيه خ وم فجعلها واحدا انتهى. قلت قد تقدم في نقد الخطبة أن النسخة التي كتبت لصلاح الدين بن رسول سلطان اليمن وقرئت على المصنف قراءة بينة متقنة كانت بتاريخ سنة أربع عشرة وثمانمائة فلعلها هي التي عناها صاحب كشف الظنون ثم أقول ختاما لما وقفت عليه من أحوال المصنف أني وجدت في خزانة الكتب الموقوفة المنسوبة إلى المرحوم كوبرلي محمد باشا التي تقدم ذكرها الجزء الثاني من التكملة كتب المصنف في آخرها أنه نسخها لنفسه كما سيأتي غير أن خطها لا يشبه خطه الذي كتب به عدة أقوال من إنشائه فإن خطه على القاعدة النسخية عليه رونق وطلاوة وخط التكملة يشبه القاعدة المعروفة عند العجم وابتداء هذا الجزء من حرف الضاد فأحببت أن أنقل هنا ما تحققت أنه بخطه تيمنا وتبركا ولكن أقول قبل كل شيء أن نمط كتابته دائر بين التفريط والإفراط أما التفريط فلأنه يغفل الألفاظ عن النقط فإذا كان القاموس الذي كتبه بخطه
هكذا فلا غرو أن يكون قد تصحف على نساخه وأما الإفراط فلأنه يضع الحركات على ألفاظ معلومة مشهورة لا تحتاج إلى حركة كوضعه مثلا حركة الفتح في آخر الفعل الماضي وتحريك العين واللام من على بالفتح وتحريك التاء من كتب بالضم وتحريك الهاء من الله بالكسر وتسكين السين من البسط وهلم جرا وهذا النمط يحسب في زماننا هذا فضولا بل عيبا وهذا أول ما رقمه قال نقلت من خط الصغاني على آخر التكملة قال الصغاني تجاوز الله عنه هذا ما أملاه الحفظ وأمله الخاطر من اللغات التي وصلت وعرائب الألفاظ التي انثالت علىّ وهذا بعد أن عنتني كبره وأحطت بما جمع من كتب اللغة خبرا وخبره ولم آل جهدا في التقرير والتحرير والتحقيق وإيراد ما هو به حقق واطراح ما لا تدعو الضرورة إلى ذكره حذرا من إضجار متأمليه وتخفيفا على قارئه وإن كان ما من الله تعالى به من التوسعة ومنحه من الاقتدار على البسط ورنادة الشواهد من فصيح الأشعار وشوارد الألفاظ إلى غير ذلك مما أعجز عن آدا شكره ليكون للماد بين معينا ولهم على معرفة لغات الكلام الإلهي والحديث السوي معينا فمن رابه شيء مما في هذا الكتاب فلا متسارع إلى القدح والتزييف والنسبة إلى التصحيف والتحريف حتى تعاود الأصول التي استخرجته منه (كذا) والمآخذ التي أخذت على تلك الأصول فإنها تربى على ألف مصنف من كب غرائب الحديث كغريب أبي عبيدة وأبي عبيدة والقتبي والخطابي والحربي والفائق للزمخشري والملخص للباقرجي والغريب للسمعاني وجمل الغرائب للنيسابوري ومن كتب النحو ودواوين الشعر وأراجيز الرجاز وكتب الأبنية وتصانيف محمد بن حبيب فالمنمق والمنمنم والمحبر والموشي والمختلف والمؤتلف وما جأ أسمان (كذا) أحدهما أشهر من صاحبه وكتاب الطير وكتاب النخلة وجمهرة النسب لابن الكلبي وأخبار كدة له وكتاب افتراق العرب له وكتاب المعمرين له وكتاب أسمأ سيوف العرب المشهورة له وكتاب اشتقاق اسمأ البلدان له وكتاب ألقاب الشعرأ له وكتاب الأصنام له والكتب المصنفة في أسامي الأسد وفي الأضداد وفي أسامي الجبال والمواضع والبقاع والأصقاع والكتب المؤلفة في النبات والأشجار وفيما جأ على فعال مبنيا والكتب التي صنفت فيما اتفق لفظه وافترق معناه والكتب المؤلفة في الآبأ والأمهات والبنين والبنات ومعاجم الشعر لدعبل الآمدي والمرزباني وكتاب المقتبس له وكتاب الشعراء وأخبارهم له وكتاب التصغير لابن السكيت وكتاب المثنى والمكنى له وكتاب البحث له وكتاب الفرق له وكتاب القلب والإبدال وكتاب إصلاح المنطق وكتاب الألفاظ له وكتاب الوحوش للأصمعي وكتاب الهمز له وكتاب خلق الإنسان له وكتاب الهمز لأبي زيد
وكتاب يافع ويفعة له وكتاب خبأة له وكتاب إيمان عيمان له وكتاب نابه ونبيه له وكتاب النوادر له وللأخفش لابن الأعرابي ولمحمد بن سلام الجمحي ولأبي الحسن اللحياني ولأبي مسحل الأعرابي وللفراء ولأبي زياد الكلابي ولأبي عبيدة وللكسائي وكتاب المني والمنبي لأبي سهل الهروي والمثلث أربع مجلدات له والمنمق وكتاب معاني الشعراء لأبي بكر بن السراج والمجموع لأبي عبد الله الخوارزمي ثلث مجلدات (كذا) وكتاب الآفق لابن خالويه وكتاب أطرغش وأبرغش وكتاب النسب للزبير بن بكار وكتاب المعمرين لابن سبة ولأبي حاتم والمجرد للهنأي والزينة لأبي حاتم وكتساب المفسد من كلام العرب والمزال عن جهته واليواقيت لأبي عمر الزاهد والموشح له والمداخل له وديوان العرب وميدان الأدب أثنا عشر مجلدا لابن عزيز والتهذيب للعجلي والمحيط لابن عباد وحدائق الآداب للأبهري والبارع (البارع خمسة عشر مجلدا (كذا بأصله) للمفضل بن سلمة والفاخر له وإخراج ما في كتاب العير من الغلط والتهذيب للزهري والمجمل لابن فارس وكتاب الإتباع والمزاوجة وكتاب المدخل إلى علم النحت له وكتاب المقائيس له وكتاب الموازنة وكتاب علل مصنف الغريب له وكتاب ذو وذا له وكتاب الترقيص للأزدي والجمهرة لابن دريد والزبرج للفتح ابن خاقان وكتاب الحروف لأبي عمرو الشيباني وكتاب الجيم له والزاهر لابن الأنباري والغريب المصنف لأبي عبيد وكتاب التصحيف للعسكري وكتاب الجبال لابن شميل وضالة الأديب له وسقطات ابن دريد في الجمهرة لأبي عمر وفائت الجمهرة وجامع الأفعال فإن لم يجد لما رابه ما ينادي بصحته في هذا الكتب (كذا) فليصلحه زكاه لعلمه الذي هو خير من المال يربح في الحال والمآل ومن الله تعالى أرجو حسن الثواب وبرحمته اعتصم من أهوال يوم المآب والحمد لله رب العالمين والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه الطيبين الطاهرين فتبين بهذا صحة ما قاله المحشي وهو أن هذه الكتب التي ذكرها المصنف لا تقيد لهل باللغة وبذلك يصدق في دعواه انه جمع كتابه من ألفي مصنف إذ لا يخفى أن معظم الزيادة التي كاثر بها الجوهري أخذها من التكملة وقد قال مؤلفها أنه جمعها من كتب تربى على ألف فهذا ألف ثبت له من التكلمة والألف الثاني جمع منها شحيثا واهيه أشراهيه وأس كلمة تقال للحية فتخضع بها والفقاس ونحو ذلك وهذه صورة المقالة التي ذكر فيها سبب بيعه التكملة نقلتها كما هي الحمد لله ما كتبت ههنا من حكاية الوقف إنما كان حين طمع فيه بعض الملوك القاهرة فصرفته عنه بهذا لا إني وقفته ثم على تقدير الوقف رجعت عنه وإني قد تعبت كثيرا في تحصيل هذا الكتاب العظيم القدر الغزير المثل وإني ما خطر بحناني أن أفارقه طول زماني لكن
حين حصل لي بدله ورغب فيه المولى المعظم قدوة فضلا العرب والعجم عماد الملة والدين عوض الفلك أنادي رغبة العشاق في المعشوق ومال إليه ميل المحب المشوق وأيمن الله لولا أني وجدته أهلا لذلك سالكا من أكاثم الأدب أحسن المالك لما تسمحت به وفي ذلك لا يمترى والمعشوق لا تباع الأرواح لا تشترى فأعطيت القوس باريها وأنزلت الدار بانيها وبعته منه - آلاف درهم (العدد الذي قبل آلاف مطموس بالحبر) وهو دون ثمنه لكنه تواتر إلي ما أخجلني من فواضله ومننه متعه الله به وبأمثاله بالمصطفى وصحبه وآله وكسب محمد بن يعقوب العيرواياذي كان الله له ورحمه ووهله (كذا) والحمد لله رب العالمين وهذا ما كتبه في آخر التكملة نقلته كما هو آخر كتاب التكملة والذيل والصلة لكتاب تاج اللغة وصحاح العربية وقد كمل الله هذا الكتاب الكبير المنى والبحر والغرير الغنا والبدر الكبير السنا مؤلفه إمام أهل اللفظ والمعنى ومن غاص من بحار العلوم فأظهر وناتها وعني وباهى تجاهه الألقاب والكني أبي الفصايل الحسن بن محمد الصغاني أحله الله من أغنا الفردوس أعلى عنى وأنعم عليه بالريادة بعد الحسنى على يد الفقير اللسير المدني والعبد الفقير بالقصور والوفي أبي طاهر محمد بن يعقوب العيرواياذي محفدا (كذا) واصلا مني السيراري منزلا ومغنى وفاه الله من خنى حب الدنا فإنه بئس الضنى وآتاه من الثمار العقر والانكسار خير جنى بكرة يوم الخميس بعد مضي أني غرة شهر رجب الحرام سهر فتح باب الطاعة وسني لسنة أربع وخمسين وسبعمائة من هجرة من أفتخر بوجوده الحف والمنى (وفي الأصل ووالمني) بدار السلام بغداد دار المقاصد والمطالب والمنى جعل الله مقل الحوادث عنها وسني وأنال أهلها وإيانا من السعادات الحظ الأسني أنه ولي الخير والفصل والحسنى
وهو حسبي ونعم الحسب
…
وقبالتها على الحاشية
بلغ العراض بالأصل المصحح المضبوط بخط المصنف جزاه الله تعالى محسن جزاءه وآواه أعالي جنانه في ضنائن عبداءه وصححه لنفسه وأصلحه أحقر العبيد أبو طاهر العيرواياذي كاتب الأصل صفح الله تعالى عن شهوات جنانه وطمس على شهوات لسانه وذلك بمدينة السلام بغداد اه
وهذه صورة إجازة كتبها لبعض أخدانه نقلتها كما هي
(بسم الله الرحمن الرحيم)
الحمد لله على نعمه الباطنة والظاهرة ومننه المتوافرة المتظاهرة والصلاة على محمد المبعوث بالحجج البالغة الباهرة وأصحابه الأنجم الزاهرة وعترته الطيبة الطاهرة وبعد يقول فقير رحمه الله تعالى أبو طاهر محمد بن يعقوب بن محمد العيرواياذي السيراري سدد الله أفعاله وأقوله وهداه من الأمور لما هو أبقى وأقوى له وأجزت للمولى الإمام الحبر الهمام البحر الهلقام زبدة فضلا الأيام فخر علما الأنام عماد المله والدين وعوض الفلك لنادي الشهير بابن