المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النقد الثاني والعشرون: {فيما وهم فيه لخروجه عن اللغة} - الجاسوس على القاموس

[الشدياق]

فهرس الكتاب

- ‌النقد الأول: (في الكلام على خطبة المصنف)

- ‌النقد الثاني: (في إيهام عبارة القاموس ومجازفتها وفيه القلب والإبدال)

- ‌النقد الثالث: (في إبهام عبارة القاموس في المصدر والفعل والمشتقات والعطف والجمع)

- ‌النقد الرابع: (في قصور عبارة المصنف وإبهامها وغموضها وعجمتها وتناقضها)

- ‌النقد الخامس: (في ذهوله عن نسق معاني الألفاظ على نسق أصلها الذي وضعت له بل يقحم بينها ألفاظًا أجنبيًا تبعدها عن حكمة الواضع)

- ‌النقد السادس: (في تعريفة اللفظ بالمعنى المجهول دون المعلوم الشائع)

- ‌النقد السابع: (فيما قيده في تعاريفه وهو مطلق)

- ‌النقد الثامن: (في تشتيته المشتقات وغيرها)

- ‌النقد التاسع: (فيما أهمل وضع الإشارة إليه وأخطأ موضع إيراده)

- ‌النقد العاشر: (فيما ذكره مكررًا في مادة واحدة)

- ‌النقد الحادي عشر: (في غفوله عن الأضداد)

- ‌النقد الثاني عشر: (في غفوله عن القلب والإبدال)

- ‌النقد الثالث عشر: (في تعريفه الدوري والتسلسلي)

- ‌النقد الرابع عشر: (فيما ذكره من قبيل الفضول والحشو والمبالغة واللغو)

- ‌النقد الخامس عشر: (في خلطه الفصيح بالضعيف والراجح بالمرجوح وعدوله عن المشهور)

- ‌النقد السادس عشر: (فيما لم يخطئ به الجوهري مع مخالفته له وفيما خطأه به ثم تابعه عليه وفيما خطأه به تعنتًا وتحاملاً)

- ‌النقد السابع [عشر]: (فيما قصر فيه المصنف عن الجوهري)

- ‌النقد الثامن عشر: (في أنه يذكر بعض الألفاظ الاصطلاحية ويهمل بعضها)

- ‌النقد التاسع عشر: (في نبذة من الألفاظ التي ذكرها في مادتها فلتة، أعني أنه فسر بها ما قبلها أو علق المعنى عليها من غير أن يتقدم لها ذكر)

- ‌النقد العشرون: {فيما ذكره في غير موضعه المخصوص به او ذكره ولم يفسره}

- ‌النقد الحادي والعشرون: {فيما ذكره في موضعين غير منبه عليه وربما اختلفت روايته فيه}

- ‌النقد الثاني والعشرون: {فيما وهم فيه لخروجه عن اللغة}

- ‌النقد الثالث والعشرون: {في خطأ صاحب القاموس وتحريفه وتصحيفه ومخالفته لائمة اللغة}

- ‌النقد الرابع والعشرون: {في غلطه في تذكير المؤنث وتأنيث المذكر خاصة}

الفصل: ‌النقد الثاني والعشرون: {فيما وهم فيه لخروجه عن اللغة}

‌النقد الثاني والعشرون: {فيما وهم فيه لخروجه عن اللغة}

قال في شره اهيا بكسر الهمزة واشراهيا بفتح الهمزة والشين يونانية اى الازلى الذى لم يزل وليس هذا موضعه لكن لان الناس يغلطون ويقولون اهيا شراهيا وهو خطأ على ما يزعمه احبار اليهود. فات في هذا الكلام نظر من وجوه. الأول انه قال انها يونانية وهي عبرانية. الثانى على فرض انها يونانية فما مدخل احبار اليهود فيها اذ هم لا يعرفون من اليونانية الا كما عرف هو فاعجب لمن جمع كتابه من الفى علم من العيالم الزاخرة ولم يعرف الفرق بين احبار اليهود واليونان. الثالث انه أورد هذه الجملة في شره وحقه ان يذكرها في اهى وقوله لان الناس يغلطون ليس بسبب سديد لا يرادها في شره. الرابع ان ذكره للمركبات من اللغات الاعجمية فضول. الخامس ان حقيقة النطق بهذا التركيب اهيه اشر اهيه فمعنى اهيه الأولى أكون واشر اسم موصول بمعنى الذى واهيه الثانية كالاولى والمعنى انا الذى أكون كما انا كائن فهو نظير قول الشاعر * انا أبو النجم وشعرى شعرى *. في ولد التوليد التربية ومنه قول الله جل وعز لعيسى صلى الله عليه وسلم انت نبي وانا ولدتك اى ربيتك فقالت النصارى انت بنى وانا ولدتك تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وهنا نظر من عدة أوجه. الأول ان هذه الجملة مذكورة في الزبور وهو بالعبرانية كما هو معلوم عند جميع الناس من وقت ظهوره الى الآن وصحة ترجمتها انى اخبر بامر الرب الرب قال لي انت ابنى وانا اليوم ولدتك ولا يخفى ان بين الزبور والانجيل احقابا عديدة فلم يكن من المحتمل ان النصارى تحرفها وقد ترجمت الى جميع اللغات هكذا فما معنى قوله فقالت النصارى فاين نصارى الجبش والسريان وغيرهم فهذا قول من لم يمعن النظر فيما يقول ولم يترو في منقول ومعقول سواء كان المصنف هو الذى سبق اليه او كان ناقلا له. الثانى ان الذى تذهب اليه احبار اليهود في تفسير هذه الجملة كما هو في محفوظى ان الخطاب كان من الملك شاوول الى داود عليه السلام حين كان من المقربين اليه ويدعون انه لا يصح توجيهه الى عيسى لقوله وانا اليوم ولدتك اذ لفظة اليو تدل على الحدوث كما لا يخفى وهو مخالف لاعتقاد النصارى والنصارى يؤولونها بخلاف ذلك فاذا كان عليهم لوم فانما هو من حيث التأويل لا من حيث التحريف. الثالث انه على فرض ان المتكلم هو الله تعالى فنسبه البنوة الى من اصطفاه

ص: 396

واجتباه أمر مستفيض عند اليهود فقد ورد في غير موضع من التوراة ان الله تعالى دعا سليمان عليه السلام ابنا له والمراد بذلك الاختصاص بل كانوا ينسبون اليه تعالى كثيرا من الجمادات كقولهم خباء الله وجبل الله وشجرة الله فلا غرو اذا ان يقولوا ابن الله. الرابع ان الحواريين ومن بعدهم مع انهم عظموا عيسى عليه السلام ورووا عنه معجزات شتى لم يرووا عنه انه كان يعرف اللغة العربية. الخامس ان الازهرى والجوهرى وابن سيده وصاحب اللسان لم يحكموا التوليد بمعنى التربية ولو كانت عربية فصيحة لم تفتهم وتمام المجازفة والخلط ان الصغانى بعد ان حكى مثلهم ولد الرجل غنمه توليدا كما يقال نتج ابله نتجا قال عن ثعلب ومما حرفته النصارى في الانجيل قول الله تعالى لعيسى عليه السلام انت نبي وأنا ولدتك اى ربيتك فقالوا انت بنى وانا ولدتك فانظر الى من يتهافت على نقل ما قيل من غير روية ولا دليل ولا يفرق ما بين الزبور والانجيل. في الراء النسطورية بالضم وتفتح امة من النصارى تخالف بقيتهم وهم أصحاب نسطور الحكيم الذى ظهر في زمان المأمون وتصرف في الانجيل بحكم رأيه وقال ان الله واحد ذو اقانيم ثلاثة وهو بالرومية نسطوروس اه وهذا أيضا من الطراز الأول اعنى رواية من غير روية اذ مقتضى كلامه ان نسطور هو الذى اخترع هذا القول افتئاتا من عنده مع انه عرف قبله عند جميع النصارى على اختلاف جنسيتهم ولغاتهم وآرائهم بنحو اربعمائة سنة فان نسطور كان في القرن الرابع من الميلاد ولهذا لا يحتمل ان يقال انه ظهر في زمان المأمون. قال صاحب كتاب الأوائل والاوخر اول من القى العداوة والبغضاء بين النصارى واليهود رجل من اليهود يقال له بولص قال قال أبو الليث رحمه الله في تفسير قوله تعالى فاغرينا بينهم العداوة والبغضاء الى يوم القيمة قال فالقى بينهم بولص العداوة فقتل منهم خلق كثير وهو انه جاء الى بلاد النصارى فجل نفسه اعور فقال لهم انا فلان فقالوا انت الذى قتلت منا وفعلت فقال قد فعلت ذلك كله وانا تائب لانى رأيت عيسى بن مريم عليه السلام في المنام نزل من السماء فلطم وجهى لطمة فقأ بها عينى وقال لي ما تريد من قومى فتبت وانا جئتكم لاكون بين ظهرانيكم واعلمكم شرائع دينكم كما علمنى عيسى في المنام فاتخذوا له غرفة فكانوا يجتمعون عنده بأمرهم وينهاهم ويفسر لهم الانجيل باقوال متشابهة ويلبس ويشكك الاحكام عليهم ففرقهم واضلهم واوقعهم في الضلال والكفر فاستحلوا الخمر والخنزير وافسد عقائدهم بانواع البدع والاهواء فقال بعضهم ان الله ثالث ثلاثة المسيح وامه وقال بعضهم ان الله هو المسيح بن مريم فوقع بينهم القتال وهم اى النصارى ثلاث فرق نسطورية ويعقوبية وملكانية فاغرى بينهم العداوة والبغضاء الى يوم القيمة انتهى ومن المعلوم ان بولص كان معاصرا للحواريين بل هو الذى كان يطوف في البلاد داعيا

ص: 397

إلى النصرانية اكثر منهم وفي كلام ابى الليث مواضع المتعقب اضربنا عنها اذ ليس الغرض هنا البحث في متعلقات الديانات. القس رئيس النصارى في العلم وعبارة الصحاح في الدين والعلم ومثلها عبارة العباب وهذا البحث قد مر واقصر من ذلك قوله في اللام الابيل رئيس النصارى مع ان النصارى اجناس مختلفون فاى الاجناس أراد هنا وفي الفقرة السابقة. البطريق ككبريت القائد من قواد الروم تحت يده عشرة آلاف رجل ثم الطرخان على خمسة آلاف ثم القومس على مائتين. وهنا ملاحظة من عدة أوجه. احدها ان في اللغة اليونانية لفظتين متقاربتين في اللفظ كما بلغنى من بعض علماء الروم هما بطريرخ ومعناها رئيس الآباء وبطريكيوس فالاولى مختصة برئيس النصارى في الدين من الروم وغيرهم وهي التي عربها العرب فقالوا بطريق والمشهور الآن بطرك وفي كلام المصنف في باب الكاف إشارة اليه فانه قال البطرك كقمطر وجعفر البطريق او سيد المجوس وعبارة العباب السيد من سادات المجوس وعبارة اللسان البطريق بلغة اهل الشام القائد وجمعه بطارقة ويقال ان البطريق عربى وافق العجمى وهو لغة اهل الحجاز ابن سيده البطريق العظيم من الروم وقيل هو الرضى المعجب. واللفظ الثانى وهو بطريكيوس معناه مدبر او مسيطر فلا يبعد انه هو الذى كان يقود عشرة آلاف فان رؤساء الدين عند النصارى منهيون عن القتال الا ان يقال ان البطرك كان يسافر مع الجيش للتبرك بوجوده بينهم والتيمن بدعائه اذ لا يحتمل ان من كان في وظيفة يحسن تدبير الجيش لجهله بمواقع الحرب وحيلها وفنونها ومن كان على هذه الصفة فلا يصلح لان يكون رئيسا عليه واذا ساغ البطرك ان يقاتل ساغ أيضا للاسقف والمطران وان يتولى كل منهما رئاسة جيش فلاى شيء سكت المصنف عنهما وذكر الطرخان والقومس والروم لا تعرف هذين الاسمين فقد سألت منهم عنهما غير واحد فلم يعرفهما وانما تعرف لفظة القمس بتشديد الميم عند القبط وهو أيضا رئيس من رؤسائهم في الدين ويفهم من كلام المصنف في مادة قس ان القمامسة والبطارقة بمعنى. الثانى ان المصنف اقتصر في تقسيم جيش الروم بعد ذكر الخمسة آلاف على المائتين فكان عليه ان يذكر رئيس الالف والالفين. الثالث ان ابن سيده حكى في المحكم في مادة بند البند كل علم من اعلام الروم يكون للقائد تحت كل علم عشرة آلاف رجل ولم يذكر انه البطريق وصاحب العباب وصاحب اللسان لم يتعرضا لشرح وظيفة البطريق الا ما تقدم آنفا فان التعرض لذلك ضرب من الفضول. في شمع شمعون الصفا اخو يوسف صلوات الله عليهما اه وهو خطأ فان اخا يوسف يقال له شمعون فقط والنعت بالصفا لقب احد الحواريين المشهور باسم بطرس وكان يقال له أولا شمعون فشبهه عيسى عليه السلام بالصخرة وهي في اللغة اللاتينية واليونانية بتروس فعربها نصارى الشام بطرس واستعملوا مرادفها

ص: 398

في العربية وهو صفا وهو في اصل اللغة جمع صفاة وهي الصخرة الملساء فليس هو مصدر لصفا يصفو كما توهمه المصنف. في يمن بنيامين اخو يوسف عليهما السلام ولا تقل ابن يامين. هذا التنبيه يستعمله اللغويون حين يرون العامة تغلط في الفاظ عربية كقول الجوهرى مثلا في هذه المادة يامن يافلان اصحابك اى خذ بهم يمنة ولا تقل تيامن بهم والعامة تقوله غير ان بنيامين لفظ عبرانى فما معنى التعرض لضبط النطق به فان العرب تصرفت في أسماء الملائكة بل قالوا لاهم في اللهم فما الذى يمنعهم من التصرف في بنيامين على ان قولهم ابن يامين اقرب الى صحة الاشتقاق فان معنى بنيامين ابن اليمين. وبقى هنا شيء وهو ان الجوهرى نبه على انه لا يقال تيامن بهم على وزن تفاعل بل يامن على وزن فاعل والمصنف استعمل تيامن واهمل يامن ولم يخطئ الجوهرى ونص عبارته ويمن به ويمن وتيامن ذهب به ذات اليمين. في موس وموسى بن عمران عليه السلام واشتقاق اسمه من الماء والشجر فو الماء وسا الشجر سمى به لحال التابوت والماء او هو في التوراة مشيتبهو اى وجد في الماء. قلت اسم موسى في التوراة موشى بغير اشباع ومعناه منشول او موشى فقد حكى المصنف في المعتلى اوشى الشيء استخرجه برقق ومن الغريب ان صاحب الكليات قال ان موسى من السريانية فما مدخل السريانية هنا وعبارة اللسان لان التابوت الذى كان فيه وجد بين الماء والشجر فسمى به قال وقيل هو بالعبرانية موشى ومعناه الجذب لانه جذب من الماء قال الليث واشتقاقه من الماء والساج اه فقد رأيت ان صاحب اللسان الم باصل الاشتقاق وان الليث ابعد فيه فجعل شطر الكلمة من لغة والشطر الثانى من لغة أخرى وعبارة الصحاح وموسى اسم رجل فتخلص من ورطة الاشتقاق وعبارة التوراة ولما كبر الصبى جاءت به امه الى ابنة فرعون فاتخذته ابنا له وسمته موسى قالت لانى انتشلته من الماء اه غير ان لفظ موسى لا يدل على الماء وانما تدل عليه قرينة الحال ولا يدل أيضا على انه عبرانى بل الاحرى انه من لسان القبط القديم فان ابنة فرعون لم تكن يهودية. جيسور الغلام الذى قتله موسى صلى الله عليه وسلم والصواب انه قتله الخضر في فضية موسى كما افاده المحشى وغيره وقد مر في النقد الرابع عشر. في ذبح والذبيح المذبوح وإسماعيل عليه السلام وقال أيضا في اللام إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام ومعناه مطيع الله وهو الذبيح على الصحيح. قال المحشى يقابله ان الذبيح هو إسحاق عليه السلام وصححه جماعة من الاعلام واجمع عليه اهل الكتابين ونقل كلامهم شيخنا الزرقانى في شرح المواهب اه قلت عبارة التوراة صريحة في ان إسحاق هو الذبيح ونصها قال الله لابراهيم خذ ابنك الوحيد الذى تحبه إسحاق وامض الى ارض مورية واصعده هناك محرقة على احد الجبال الذى أريك والمحرقة هنا كناية عن القربان لكن قول المحشى يقابله يشير الى ان المسألة خلافية وعلى كل فكان ينبغي للمصنف أن يورد القولين

ص: 399

أما قوله ان معنى إسماعيل مطيع الله فلا اشتقاق بعضده فانه من السمع كما تدل عليه عبارة التوراة ونصها وقال لها ملك الرب وستلدين ابنا وتسمينه إسماعيل لان الرب قد سمع صوتك الخ. ثم ان المصنف غلط أيضا في مادة ذبح بقوله المذابح المحاريب والمقاصير وبيوت كتب النصارى فان المذابح جمع مذبح شبيه بالمائدة في صدر الكنيسة يقرب عليه القسيس قربانا من خبز خمير او فطير وهو عندهم كناية عن الذبيحة وان لم يكن هناك ذبح فلا معنى لقول المصنف وبيوت كتب النصارى. وعبارة الصحاح والمذابح أيضا المحاريب سميت بذلك للقرابين ومقتضاه انه غير خاص بالنصارى. وعبارة المصباح ومذبح الكنيسة كمحراب المسجد والجمع المذابح. ونحو من ذلك قوله الهيكل بيت النصارى فيه صورة مريم عليها السلام وديرهم ومقتضى ذلك ان كل بيت للنصارى فيه هذه الصورة يقال له هيكل وهو باطل فان الهيكل في عرف النصارى مرادف للكنيسة وربما اشتمل على صور كثيرة وعبارة الجوهرى أيضا قاصرة هو نظير ذلك قوله الدير خان النصارى ج اديار قال العلامة المقريزى قال ابن سيده الدير خان النصارى والجمع اديار وصاحبه ديار وديراتى قلت الدير عند النصارى يختص بالنساك المقيمين به اه قلت تعريفهم الدير بانه خان يشعر بانه كان نزلا لابناء السبيل فكانوا يبيتون فيه ويأكلون ويشربون. ونحوه قوله الصومعة كجوهرة بيت للنصارى وهى مختصة بالراهب. السقلب جيل من الناس وهو سقلي ج سقالبة ثم قال في فصل الصاد الصقلاب بالكسر الاكول والأبيض والاحمر والشديد من الروس ومن الجمال الشديد الاكل والصقالبة جيل تتاخم بلادهم بلاد الخزر بين بلغر وقسطنطينية. وعبارة العباب الصقالبة جبل حمر الألوان صهب الشعور يتاخمون الخزر وبعض حيال الروم وقيل للرجل الأحمر صقلاب تشبيها بهم. وهنا نظر من عدة أوجه. الأول ان المصنف ذكر أولا السقالبة بالسين ثم أعاد ذكرهم بالصاد وهم جيل واحد والاشهر بالصاد فلو قال الصقالبة السقالبة او بالعكس لكفى. الثانى انه لم يقل ان هذا اللفظ معرب. الثالث انه قال أولا الصقلاب بالكسر الاكول ثم قال ومن الجمال الشديد الاكل وهو مغاير للايجاز الذى تبجح به في الخطبة فكان حقه ان يقول الاكول منا ومن الابل او من الدواب. الرابع انه قال الأبيض والاحمر بالاطلاق والصغانى قيده بالناس ونبه على انه للتشبيه. الخامس انه عرف بلغر بانها مدينة الصقالبة وهو تناقض لانه قال ان بلاد الصقالبة تتاخم الخزر ومعلوم ان الخزر هم بين ايران والروسية لا بين بلغر وقسطنطينية قال صاحب المراصد بلاد الخزر في نواحى الاهواز بين فارس وواسط والبصرة وجبال الكور المجاورة لاصبهان اه على ان بلغر ليست مدينة بل مملكة اما قوله في تعريفها في الراء ان العامة تقول بلغار فالمصنفون لم يذكروا غير هذا الذى نسبه للعامة كما أفاده المحشي والشارح.

ص: 400

السادس أن الصقالبة غير مقصورين على البلاد التي حصرهم فيها المصنف اذ هم منشرون في الروسية وفي بولاند المشهورة في اللغة التركية باسم لاهستان وفي بوهيميا والبلغار والصرب والجبل الاسود فسكان هذه الاقطار كلهم صقالبة ويقال لهم باللغة التركية اسقلاون وبلغات الافرنج اسكلاف. ورأيت في هامش تاج العروس المطبوع بمصر قبالة مادة صقلب ما نصه صقالبة بلاد له وجه وانكروس فافلاق وبغدان منها ومبين في كتب الجغرافيا بانها طائفة بلغر ومعرب تفاليا يوناني انظر ص 181 من الاوقيانوس. قلت اهل الافلاق وبغدان لا يعدون من الصقالبة فانهم من بقايا الرومانيين ولذلك سموا بلادهم رومانيا ولغتهم تشبه اللغة الطلبانية وقوله صقالبة بلاد له الخ جعل الصقالبة البلاد التي يسكنونها ومثله قوله طائفة بلغر. السابع ان المصنف اورد القسطنطينية غير معرفة باللام وكذا قال في قسط ونص عبارته وقسطنطينة او قسطنطينية بزيادة يآء مشددة وقد تضم الطاء الاولى منهما دار ملك الروم وفتحها من اشراط الساعة وتسمى بالرومية بوزنطيا اه وقال السلامة عبد اللطيف البغدادي في ذيله على فصيح ثعلب ومما يخفف والعامة تشدده هن المرأة وحرها وهي ملكية وسلمية وقسطنطينية بتخفيف اليآء فيهن اه مع انها منسوبة الى قسطنطين فكان حقها ان تشدد وتعرف كما تقول الاسكندرية وفي الحديث لتفتحن القسطنطينية وقول المصنف قسطنطينة هذا الاسم يطلق الآن على اقليم في الجزائر وبقى النظر في ايراده قسطنطينية في قسط وايراده القسطنينة في النون وفي قوله ان فتحها من اشراط الساعة. ويشبه تخليطه في السقالبة والصقالبة قوله في ردس وجزيرة رودس بضم الرآء وكسر الدال ببحر الروم حيال الاسكندرية ثم قال بعدها روذس بضم الرآء وكسر الدال المعجمة جزيرة للروم تجاه الاسكندرية على ليلة منها غزاها معاوية رضي الله تعالى عنه. وهو يوهم ان هناك جزيرتين فكان حقه ان يقول رودس او روذس جزيرة للروم الخ وقوله على ليله منها يرد عليه ان بعدها عن الاسكندرية ينيف على ثلاثمائة ميل على ان المسافة في البحر لا تقدر الا على سير البواخر اما على سير السفن الشراعية فوكول الى الريح وانما هي ريح لست تضبطها. فان قيل ان عبارة العباب تقرب من عبارة المصنف فأنه قال روذس جزيرة ببلاد الروم غزا معاوية رضى الله عنه قبرس ورودس وروذس مقابلة الاسكندرية على ليلة منهما قلت يحتمل ان اصل الكلام وروذس او رودس فحرفة الناسخ على ان المصنف غير معذور على متابعة صاحب العباب لانه جال في الروم بخلاف الصغانى فكان ينبغي له ان يتروى في ذلك كيف لا وقد خطأ الجوهري في سدوم حيث قال وسدوم لقرية قوم لوط غلط فيه الجوهري والصواب سذوم بالذال المعجمة. الاسكندر بن الفيلسوف وصوابه ابن فيلبس وهكذا

ص: 401

حكاه صاحب اللسان وغيره. دكنكص نهر بالهند قاله ابن عباد وقال ابن عزيز دكنكوص وكأنه وهم لان الصاد ليس في لغة غير العرب واصطلحوا على ان يقولوا للمائة صد الى التسعمائة اه. وهو وهم فان الصاد توجد في كثير من اللغات الشرقيه وتعرف في اللغة السريانية بلفظ صودي بدون اشباع ومعناها خاو او خال وقد مر في النقد التاسع عن ابن دريد ان الصاد من جملة الحروف المستعملة عند بعض العجم وهي ايضا في اللغات الافرنجية ولكن ليس لها رسم مخصوص وانما ترسم بصورة السين ولو عرف المصنف ان لغة اهل يابان تشتمل على ثمانية واربعين حرفا هجائيا لما قال ذلك وهذا الوهم سرى اليه من الصفاني فانه حكى في العباب ما نصه ابن عباد الخليل دكنكص اسم نهر بالهند وفي هذا الكلام نظر من وجوه. احدها ان الخليل لم يذكره. والثاني ان الصاد لا توجد في لغة اهل الهند وكذلك لغة العجم قاطبة واصطلحوا على ان يقولوا للمئة صد وكذلك الى التسع مئة. والثالث انى شرقت وغربت في الهند نيفا واربعين سنة وشاهدت اكثر انهارها وبلغني اسماءها لم اشاهد منها وهي تربى على تسع مئة نهر فلم ار هذا النهر ولم اسمع به غير ان لهم نهرا عظيما اذا زاد الماء يكون عرضه فرسخا واذا نقص يكون مثل عرض دجلة في زيادة الماء وكفار الهند يحبون اليه من جميع اقطار الهند فيتبركون به ويحلقون عنه رؤوسهم ولحاهم ويسرحون فيه موتاهم على السرر رجاء تمحيص ذنوبهم على زعمهم ومن احرقوه من موتاهم يذرون رماده فيه وهو من اشهر انهارهم واسمه كندفان كان وقع فيه التحريف والا فليس في الهند نهر اسمه دكنكص انتهى. وهنا نظر من عدة اوجه. احدها ان قول المصنف واصطلحوا على ان يقولوا للمائة صد يوهم ان الضمير في اصطلحوا يرجع الى العرب على ان الفصيح ان يقال وانما اصطلحوا وفيه ايضا انه يشعر بان ذلك كان من قبيل الاتفاق لا من قبيل الوضع. الثاني ان قول الصغاني في لغة العجم قاطبة يشمل جميع الامم غير العرب وقوله واصطلحوا يرجع الى الفرس خاصة. الثالث ان قوله ومن احرقوه من موتاهم الخ يشعر بان بعض موتاهم يحرق وبعضهم يلقى في النهر على السرر الى ان يبلى فيه. الرابع ان الذين يحلقون عنده رؤوسهم ولحاهم انما هو بقصد ان يستعملوا مآءه في الحلق. الخامس ان اصل الهند يقولون لهذا النهر كنكا بالكاف الفارسية وكند تحريف. السادس ان صاحب اللسان لم يذكرمادة دكص. الكيموس الخلط سيريانية وهي عبارة قاصرة جدا فانه عرف الخلط بالكسر بانه السهم والقوس المعوجات والاحمق وكل ما خالط الشئ ومن التمر المختلط من انواع شتى ج اخلاط الى ان قال واخلاط الانسان امزجته الاربعة وتمام الخلط في الخلط انه بعد ان نص على انه بالكسر وذكر السهم والقوس وقال وبكسر اللام فيهما وزد على

ص: 402

ذلك أن اللفظة يونانية لا سريانية. قال في شفاء الغليل كيموس احد مراتب الهضم مما عربته الاطباء لكن وقع في حديث قيس في تمجيد الله تعالى ليس كيفية ولا كيموسية وفي النهاية الكيموسية عبارة عن الحاجة الى الطعام والغذآء والكيموس في عبارة الاطباء هو الطعام اذا انهضم في المعدة قبل ان يصرف عنها ويصير دما اه ثم ان المصنف ذكر الكيموس واهمل الكيلوس وهو ترجيح بلا مرجح وياليه مع هذا الترجيح يفرق بين السيريانية والرومية. ومثله قوله الاقنوم بالضم الاصل رومية فانى سألت عنها من يعرف الرومية فلم يعرفها بهذا المعنى ومرادفها عند الافرنج في قولهم ان الله ذو ثلاثة اقانيم الشخص. القبرس بالضم اجود النحاس وقيرس جزيرة عظيمة للروم وعبارة اللسان بعد ان ذكر الجزيرة والقبرسى من النجاس اجوده قال ابن دريد واراه منسوبا الى قبرس. العقل العلم او بصفات الاشياء من حسنها وقبيحها وكمالها ونقصانها او العلم بخير الخيرين وشر الشرين الى ان قال والحق انه نور روحاني به تدرك النفس العلوم الضرورية والنظرية وابتدآء وجوده عند اجتنان الولد ثم لا يزال ينمو الي ان يكمل عند البلوغ اه والمراد عند بلوغ الولد اربع عشرة سنة وهو باطل والدليل على ذلك ان الولد متى بلغ هذا السن رغب عن تحصيل ما ينفعه من العلوم والصنائع وزاد جموحا في اللعب واللهو فلو كان كامل العقل عند البلوغ لعلم ان العلم ينفعه واللعب يضره وقوله اجتنان لم يذكره في مادته. نهر الكلب بين بيروت وصيدا وهو بين بيروت وكسروان. مالطة د وهي جزيرة اشهر من رودس التي سماها باسمين وعكس ذلك قوله قادس جزيرة بالاندلس وعبارة العباب غربى الاندلس وهي فرضة فيها او ثغر كالاسكندرية لمصر ولم تزل الى الآن معروفة بهذا الاسم وهذا التعبير استعمله كثيرا. ومثله غرابة ان الجغرافيين يطلقون لفظ الجزيرة على الارض التي احاط البحر ببعض جهاتها كقولهم جزيرة الاندلس وجزيرة العرب او بجميعها كقولهم جزيرة قبرس وجزيرة رودس وكان الاولى ان يقولوا لهذه خريص او بضيع قال المصنف في خرص والخريص المآء البارد والمستنقع في اصول النخل وغيرها وجزيرة البحر وقال في بضع والبضيع كامير الجزيرة في البحر. وهذا النموذج كاف فقد ذكرت غير مرة ان المراد من كل نقد النموذج لا الاستيعاب ولم يمكن من همى انتقاد المصنف فيما غلط فيه من اسماء المواضع وانما ذكرت هنا ما ذكرت على سبيل الاستطراد فمن شآء الزيادة منه فعليه بتاج العروس او في الاقل بما كتب في هامش قاموس مصر

ص: 403