المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النقد الثالث: (في إبهام عبارة القاموس في المصدر والفعل والمشتقات والعطف والجمع) - الجاسوس على القاموس

[الشدياق]

فهرس الكتاب

- ‌النقد الأول: (في الكلام على خطبة المصنف)

- ‌النقد الثاني: (في إيهام عبارة القاموس ومجازفتها وفيه القلب والإبدال)

- ‌النقد الثالث: (في إبهام عبارة القاموس في المصدر والفعل والمشتقات والعطف والجمع)

- ‌النقد الرابع: (في قصور عبارة المصنف وإبهامها وغموضها وعجمتها وتناقضها)

- ‌النقد الخامس: (في ذهوله عن نسق معاني الألفاظ على نسق أصلها الذي وضعت له بل يقحم بينها ألفاظًا أجنبيًا تبعدها عن حكمة الواضع)

- ‌النقد السادس: (في تعريفة اللفظ بالمعنى المجهول دون المعلوم الشائع)

- ‌النقد السابع: (فيما قيده في تعاريفه وهو مطلق)

- ‌النقد الثامن: (في تشتيته المشتقات وغيرها)

- ‌النقد التاسع: (فيما أهمل وضع الإشارة إليه وأخطأ موضع إيراده)

- ‌النقد العاشر: (فيما ذكره مكررًا في مادة واحدة)

- ‌النقد الحادي عشر: (في غفوله عن الأضداد)

- ‌النقد الثاني عشر: (في غفوله عن القلب والإبدال)

- ‌النقد الثالث عشر: (في تعريفه الدوري والتسلسلي)

- ‌النقد الرابع عشر: (فيما ذكره من قبيل الفضول والحشو والمبالغة واللغو)

- ‌النقد الخامس عشر: (في خلطه الفصيح بالضعيف والراجح بالمرجوح وعدوله عن المشهور)

- ‌النقد السادس عشر: (فيما لم يخطئ به الجوهري مع مخالفته له وفيما خطأه به ثم تابعه عليه وفيما خطأه به تعنتًا وتحاملاً)

- ‌النقد السابع [عشر]: (فيما قصر فيه المصنف عن الجوهري)

- ‌النقد الثامن عشر: (في أنه يذكر بعض الألفاظ الاصطلاحية ويهمل بعضها)

- ‌النقد التاسع عشر: (في نبذة من الألفاظ التي ذكرها في مادتها فلتة، أعني أنه فسر بها ما قبلها أو علق المعنى عليها من غير أن يتقدم لها ذكر)

- ‌النقد العشرون: {فيما ذكره في غير موضعه المخصوص به او ذكره ولم يفسره}

- ‌النقد الحادي والعشرون: {فيما ذكره في موضعين غير منبه عليه وربما اختلفت روايته فيه}

- ‌النقد الثاني والعشرون: {فيما وهم فيه لخروجه عن اللغة}

- ‌النقد الثالث والعشرون: {في خطأ صاحب القاموس وتحريفه وتصحيفه ومخالفته لائمة اللغة}

- ‌النقد الرابع والعشرون: {في غلطه في تذكير المؤنث وتأنيث المذكر خاصة}

الفصل: ‌النقد الثالث: (في إبهام عبارة القاموس في المصدر والفعل والمشتقات والعطف والجمع)

ذا فطنة فينظر في إبدالها أو مقلوبها وجاء أبت اليوم اشتد حره فقارب حمت ومقلوبه محت بمعناه والمصنف قلما ينتبه لذلك، كما سأبينه في موضعه المخصوص وهذا النموذج كاف.

‌النقد الثالث: (في إبهام عبارة القاموس في المصدر والفعل والمشتقات والعطف والجمع)

(والمفرد والمعرب وغير ذلك)

من خلل القاموس أن مصنفه كثيرًا ما يستغني عن ذكر الفعل بذكر المصدر أو اسم الفاعل والمفعول أو اسم المكان، وكثيرًا ما يذكر المصدر ويعطف عليه أسماء جامدة فيعز على المطالع أن يميز بينها، فيظن أنه اسم والاسم لا يستلزم أن يكون له فعل بخلاف المصدر، فكان الأولى أن يعبر بالفعل؛ لأنه لا يلتبس بصيغة أخرى وهو الذي يعبر به أئمة اللغة غالبًا فخالفهم هو في ذلك كما خالفهم في تعريف الألفاظ والظاهر أنه قصر تحريه على ذكر الفعل من المهموز خاصة ماعدا بعض ألفاظ،

• منها قوله الجاجاء بالمد الهزيمة فهل يقال منه جأجأه أي هزمه والظاهر أنه يقال لأنه قال بعد ذلك وتجأجأ كف ونكص وانتهى، وهو يقرب معنى تزأزأ وتصعصع وعبارة اللسان جأجأ الإبل وجأجأ بها دعاها إلى الشرب وقال جئ جئ وتجأجات عنه أي هبته وارتدعت عنه،

• وقوله الذاذاء والذاذاءة بمدهما الزجر والاضطراب في المشي كالتذاذئ والذأذأة والظاهر أنه من اللف والنشر المشوش فإن الذأذأة مصدر ذأذأ أي زجر والتذأذؤ مصدر تذأذأ أي مشى مضطربًا كما تشير إليه عبارة اللسان،

• وقوله الرهيأة الضعف والتواني وأن تجعل أحد العدلين أثقل من الآخر وأن تغرورق العينان جهدًا، وأن يفسد رأيه فلا يحك العمل فيكون على هذا لازمًا ومتعديًا ويؤيده قول صاحب اللسان رهيأت في أمرك أي ضعفت وتوانيت ورهيأ أمره إذا اختلط فلم يلبث على رأي وليس في عبارة المصنف إشارة إلى ذلك وقال أيضًا عن الليث وعيناه ترهئان أي لا يقر طرفاهما،

• وقوله الطبأة الخليقة، قال المحشى صرح قوم من أئمة الصرف بأنه مجرد عن الهاء، وأنه لثغة لبعض العرب في الطبع أبدلوا العين همزة،

• وقوله الطنء بالكسر بقية الروح، والمنزل والبساط والريبة والهمة الخ،

• وقوله الظرء الماء المتجمد والتراب اليابس بالبرد، قال الشارح وقد ظرأ الماء والتراب، فما ضر المصنف لو عبر بالفعل،

• وقوله الفأفأ كفدفد وبلبال مردد الفاء ومكثره في كلامه وعبارة اللسان فأفأ فلان في كلامه فأفأة وهي غلبة الفاء في الكلام فاستفيد منه أنه يتعدى

ص: 188

بحرف الجر،

• وقوله الغباة المطرة السريعة ساعة ثم تسكن هذا الحرف ليس في الصحاح وفي اللسان وأثبته الصغاني في العباب،

• وقوله الفنأ محركة الكثرة نبه صاحب اللسان على أن الهمزة مبدلة من العين وبقي النظر فيما يتصرف منه فهل يقال فنئ كما يقال فنع،

• وقوله اللوءة السوءة ولم يحك غيرها، وعبارة اللسان لوأ الله بك أي شوه قال الشاعر:

(وكنت أرجى بعد نعمان جابرًا

فلوأ بالعينين والوجه جابر)

أي شوه، ويقال هذا والله الشوهة واللوءة ويقال اللوة بغير همز فيكون قول المصنف السوءة تحريفًا.

أما ما أورده في باب الباء من المصادر الملتبسة بالأسماء الجامدة على غير ممارس اللغة فشيء كثير ولاسيما على وزن فعللة،

• فمن ذلك قوله في تلب التلب الخسار تبًا له وتلبا فهل يقال منه تلب أي خسر،

• وقوله الثغب الطعن والذبح وأكثر ما بقي من الماء في بطن الوادي والثغب محركة ذوب الجمد،

• الجخب المنهوك الأجوف،

• الجزب بالكسر النصيب ومثله الجزم والزدب والمجزب كمنبر الحسن السير الطاهرة، وفي لسان العرب الحسن السيرة الطاهرة،

• الجوب الحرق،

• الجهب الوجه السمج الثقيل وقال في باب الميم الجهم الوجه الغليظ المجتمع السمج جهم ككرم جهامة وجهومة،

• الحنب محركة إعوجاج في الساقين ومثله الحنف،

• الأذيب النشاط ومثله الأزيب،

• الستب سير فوق العنق ومثله السب،

• السرهب المائق الأكول والشروب، وامرأة ساهبة طويلة جسيمة ومثله سلهبة،

• السنوب الكذاب،

• الشكب بالضم العطاء والجزاء، ولو ذكره بالفتح لقربه من الدلالة على الفعل، وعندي أنه بالضم والفتح فإنه لغة في الشكم كما أشار إليه الشارح فهو بالفتح مصدر، وبالضم اسم، وعبارته في شكم الشكم بالضم الجزاء والعطاء، وقد شكمه شكمًا بالفتح وأشكمه وقال في الدال الشكد الإعطاء، وبالضم العطاء والشكر، وأشكد أعطى كشكد،

• ومما جاء على فعللة الحردبة الخفة والنراق، الحصرية الضيق والبخل ومثله الحطربة والخطربة، الخذلية مشية فيها ضعف، الخزلبة القطع السريع، الخضربة اضطراب الماء، الخضعبة الضعف، الخطلبة كثرة الكلام واختلاطه، الدعربة الغرامة وفي بعض النسخ العرامة وفي بعضها الغرامة، الدعبسة ضرب من العدو وعندي أنها الطعسبة، الدنحبة الخيانة، الطغزبة الهزء والسخرية وفي نسخة بالراء وعبارة اللسان الطعزبة حكاه ابن دريد وقال ابن سيده ولا أدري ما حقيقته، الطعسبة عدو في تعسف وعندي أنها الطعسفة التي قال أنها لغة مرغوب عنها فإن صاحب المحكم أورد اللفظتين في موضع واحد ولم يقل أن الطعسفة لغة مرغوب عنها كما سيأتي بيانه، العثلبة البحثرة، القعسبة عدو سريع بفزع، الكسحبة مشي الخائف المخفي نفسه وبعدها ذكر كعسب عدا وهرب ومشي سريعًا أو عدا بطيئًا أو مشى

ص: 189

مشية السكران، وهو تخصيص بلا مخصص وكان يلزمه أيضًا أن يقول ضد بعد قوله بطيئًا،

• وقس على ذلك ما يشبهه فإني إنما أذكر مثالاً على الشيء دون استقصاء.

ومن ذلك قوله الحوت والحوتان حومان الطائر والوحشي حول الشيء وعبارة اللسان حات الطائر على الشيء أي حام حوله، حوتًا وحوتانا فاستفيد منه أن الفعل يتعدى بعلى،

• وقوله الزفت الملء والغيظ والطرد والسوق والدفع والمنع والإرهاق والإتعاب إلى أن قال وزفت الحديث في أذنه أفرغه فقصره الفعل على معنى الإفراغ يوهم أن المعاني الأولى لا فعل لها، فكان عليه أن يقول زفت الإناء ملأه وفلانًا غاظه وطرده ودفعه ومنعه وأرهقه، والحديث في أذنه أفرغه، والإبل ونحوها ساقها ويفهم من عبارة الشارح أنه نقل هذه المعاني من العباب،

• ومثله قوله الدعث أول المرض وبالكسر بقية الماء والذحل والحقد وكمنع دقق التراب على وجه الأرض وله نظائر كثيرة،

• وقوله السبت الراحة والقطع والدهر وحلق الرأس وإرسال الشعر عن العقص وسير للإبل والحيرة والفرس الجواد والغلام العارم الجريء، وضرب العنق من الأسبوع ج أسبت وسبوت والرجل الكثير النوم، والرجل الداهية وقيام اليهود بأمر السبت، والفعل كنصر وضرب، فقوله والفعل الخ الظاهر أنه يرجع إلى قيام اليهود فقط وإلا لزمه أن يقول على عادته وفعل الكل كما قال في عتب وعلب وحرث وفي مواضع أخرى غير أن المحشى فهم هنا غير ما فهمت أنا فإنه قال قضيته أن المصادر السابقة كلها في جميع المعاني يبنى منها الفعل بالوجهين، والذي في الصحاح أن الجميع بالكسر ولا يضم إلا في سبت إذا نام اه، وفيه أن الجوهري لم يحك جميع هذه المعاني فقد فاته منها الحيرة والفرس الجواد والغلام العارم والرجل الداهية وعبارة الشارخ سبت يسبت سبتًا استراح وسكن وسبت الشيء قطعه وخص اللحياني به الأعناق، وسبتت اللقمة حلقي قطعته وسبت رأسه وشعره يسبته سبتاوسلنه وسبده حلقه، وسبتت الإبل تسبت سبتًا وهي سبوت وهو سير سريع، ولم يتعرض لغيرها من المعاني، فهل يقال سبت الفرس إذا صار جوادًا، والغلام إذا صار عارمًا، والرجل إذا صار داهية، ويستفاد من اللسان أنه يقال سبت الفرس بمعنى سبق، وكأنه يرجع إلى معنى القطع ونص عبارته والسبث أيضًا السبق في العدو، وفرس سبت إذا كان جوادًا كثير العدو، وسبت المريض فهو مسبوت اه، فيكون السبت هنا صفة مشبهة أو تسمية بالمصدر،

• وهنا ملاحظة من عدة أوجه أحدها أن أصل معنى السبت القطع رجوعًا إلى السب كما بينته في سر الليال، ومن معنى القطع جاء الامتداد في السب بالكسر وهي شقة رقيقة، وفي السبه بالفتح وهي المدة من الدهر وفي السبب وهو الحبل وفي السبسب للمفازة، وفي تسبسب الماء أي جرى وفي غيرها، ومعنى الامتداد ملموح أيضًا في السبت بمعنى الدهر وفي إرسال الشعر وسير الإبل وسبت الفرس وفي الرجل الكثير النوم ولمن لا يشاء

ص: 190

متابعتي على هذا المذهب أن يقول أن التاء في سبت الفرس عاقبت القاف كما عاقبتها في الحرتة والحرقة وخرت وخرق والنهات والنهاق والرت وبرق وله نظائر،

• الثاني: أن تخصيص الليحاني السبت أي القطع بضرب الأعناق لا وجه له،

• الثالث أن قصر المصنف جمع السبت ليوم من الأسبوع على أسبت وسبوت يوهم أن غيره لا يجمع هذا الجمع ولهذا نظير يأتي الكلام عليه عند ذكر الجمع،

• ومن ذلك قوله سفت كسمع أكثر من الشراب ولم يرو والسفت بالكسر الزفت وكتكف طعام لا بركة فيه، ثم قال بعدها سقت كفرح سقتًا وسقتا فهو سقت لم تكن له بركة فكان حقه أن يقول في المادة الأولى وسفت كفرح فهو سفت لم تكن له بركة، ثم يقول في الثانية سقت كفرح سفت أي لم تكن له بركة وتقييده السفت بالطعام وإطلاقه السقت في غير محله فإنهما سيان كما تشير إليه عبارة الشارح،

• ومن ذلك قوله الحرث الكسب وجمع المال، والجمع بين أربع نسوة والمحجة المكدودة بالحوافر وأصل جردان الحمار والسير على الظهر حتى يهزل والزرع وتحريك النار والتفتيش والنفقة وتهيئة الحراث كسحاب لفرضة في طرف القوس يقع فيها الوتر، فعل الكل كنصر وضرب فأقحم جردان الحمار وهو لا فعل له في جملة مصادر لها أفعال وقوله والتفقه مراده به ما صرح به غيره بقوله له وحرثت القرآن أحرثه إذا أطلت دراسته وتدبرته وهو مجاز ونظيره في المأخذ درس الكتاب كما مر في أول المقدمة،

• وقوله الرمث بالفتح الإصلاح والمسح باليد وعبارة الصحاح رمثت الشيء أصلحته ومسحته بيدي،

• وقوله الريث الإبطاء والمقدار عبارة الصحاح راث على خبرك يريث ريثًا أي أبطأ، وفي المثل رب عجلة وهبت ريثًا الخ،

• وقوله وقدحه من المرق غرفة منه وعبارة الصحاح قدحت المرق غرفته، والقدحة بالضم الغرفة،

• وقوله التشبتث التعلق ورجل شبث ككتف إذا كان طبعه ذلك وعبارة اللسان، وشبث الشيء علقه وأخذه، سئل ابن الأعرابي عن أبيات فقال: ما أدري من أين شثتها، أي علقتها وأخذتها، واستفيد منه أيضًا أن شبث يتعدى بنفسه على أن المصنف لم يصرح بمعنى التعلق في مادته فراجعه،

• وقوله الطث لعبة للصبيان يرمون بخشبة مستديرة تسمى المطثة عبارة اللسان، طث الشيء يطثه طثًا إذا ضربه برجله، أو بباطن كفه حتى يزيله عن موضعه،

• وقوله الشعث محركة انتشار الأمر ومصدر الأشعث للمغبر الرأس شعث كفرح وعندي أن الشعث الأول مصدر اشترك فيه الأمر والرجل كلاهما ونظيره قوله في عشم العشم والعشمة محركتين الطمع وعشم كفرح عشمًا وعشومًا يبس،

• وقوله الغبث لت الأقط بالسمن عبارة اللسان غبث الشيء خلطه،

• وقوله العلث محركة شدة القتال واللزوم له عبارة الشارح علث القوم كفرح تقاتلوا وعلث بعض القوم ببعض ورجل علث ثبت في القتال،

• وقوله الدأث الأكل عبارة العباب دأثت الطعام أكلته،

• وقوله الدث المطر الضعيف

ص: 191

عبارة الشارح دثتهم السماء تدثهم دثًا وأرض مدثوثة،

• وقوله الوهث الوطء الشديد عبارة العباب وهثت الشيء أهث وهثًا إذا وطئته وطئًا شديدًا،

• وقوله الهنبثة الاسترخاء والتواني عبارة العباب ابن دريد هتبث في أمره إذا استرخى فيه وتوانى،

• وقوله الهثهثة الاختلاط والظلم والوطء الشديد والإرسال بسرعة عبارة العباب هثهثت السحابة بقطرها وثلجها إذا أرسلته بسرعة وهثهث الراعي ظلم،

• وقوله الهوثة العطشة قال المحشى هذا مما خلت منه الزبر المتداولة فانظر هل يتصرف فيه فيقال مثلا هاث يهوث هوثًا، وأخذته الهوثة كما يقال عطش يعطش وأخذته عطشة وما نكته إتيانه بهذه المادة على هذا الوضع هل لم تسمع إلا كذا أو غير ذلك،

• قلت: قوله مما خلت منه الزبر المتداولة غريب فإن الصغاني أثبته في العباب ولكن بالسين المهملة، وكذا رأيته في النسخة الهروية وهو في النسخة الناصرية وفي نسخة الشارح المطبوعة بالشين المعجمة وتمام العجب إن الشارح لم يرد هنا اعتراض المحشى كما هي عادته غالبًا ونص عبارته بعد قول المصنف الهوثة أهمله الجوهري، وقال أبو عمرو وهي العطشة وتركهم هو ثابوثًا أوقع بهم انتهى، غير أن رواية السين أنسب بقول المحشى وأخذته عطشة كما لا يخفى ولعلها بخطه بالسين فإن المصنف حكى في باب السين عطس عطسًا وعطاسًا، أتته العطسة أو لعلها مثل قوله في جود الجودة العطشة وكيفما كان فلم يكن للمحشي أن يقول هذا مما خلت منه الزبر، وكان عليه أيضًا أن يعترض على قول المصنف في المهموز الزبأة الغضب والفبأة المطرة السريعة ساعة ثم تسكن واللوءة السوءة وفي باب الثاء الدوثة الهزيمة، فإنه جاء بجميع هذه الألفاظ مقتضبة فهل يقال زبأ عليه أي غضب، ودأثه أي هزمه، وكذلك قوله في باب الذال الومذة البياض النقي، فهل يقال منها ومذ أي أبيض وله نظائر كثيرة ومن أغربها قوله في بعر البعرة الغضبة في الله، فإن التركيب لا يناسب هذا المعنى وتمام الغرابة أن ابن سيده اقتصر على تفسير البعرة بالكمرة،

• ثم إن صاحب اللسان أهمل الهوثة وإنما ذكر تركهم هوثًا بوثًا أي أوقع بهم كما مر عن الشارح، وهي عبارة المحكم وليست في العباب فيكون كل من المحكم والعباب واللسان قد تنازع طرفًا من هذه المادة، وعبارة المصنف في باب الشين تركهم هوشًا بوشًا أي مختلطين،

• ومن ذلك قوله الذوج الشرب وفي العباب ذاج الماء يذوجه ذوجًا وذأجه يذأجه ذأجًا إذا جرعه جرعًا شديدًا، ومثله قوله العذج الشرب والصغاني صرح بمجيء الفعل منه،

• وقوله الزهلجة المداراة عبارة العباب لم أزل أزهلجه حتى لان،

• وقوله المذح محركة اصطكاك الفخذين أو احتراق ما بين الرفغين والأليتين، عبارة المحكم مذح الرجل مذحًا إذا اصطكت فخذاه والنوتا،

• وقوله المسح بالتحريك احتراق باطن الركبة لخشونة الثوب أو اصطكاك الريلتين والنعت امسح ومسحاء، ثم أعاد هذا المعنى في مشح عبارة الجوهري الأمسح الذي تصيب إحدى ربلتيه الأخرى تقول منه

ص: 192

مسح الرجل بالكسر مسحًا، وعبارة المحكم المسح احتراق باطن الركبة من خشونة الثوب وقد مسح،

• وقوله النكب بالتحريك شبه ميل في الشيء وصاحب اللسان صرح بمجيء الفعل منه،

• وقوله الزور الميل وعوج الزور وهو أيضًا مصدره زور،

• وقوله الدرد ذهاب الأسنان ناقة درداء ودردم بالكسر،

• عبارة المصباح درد دردًا من باب تعب تعبًا سقطت أسنانه وبقيت أصولها فهو أدرد،

• وقوله الخنس محركة تأخر الأنف عن الوجه مع ارتفاع قليل في الأرنبة وهو أخنس وهي خنساء، عبارة المصباح خنس الأنف خنسًا من باب تعب انخفضت قصبته فالرجل أخنس والمرأة خنساء،

• وقوله الذهن الفهم والعقل وحفظ القلب والفطنة وهو في الأصل مصدر ذهنه أثبته الأزهري في التهذيب ونص عبارته وفي النوادر ذهنت كذا وكذا أي فهمت وذهنت عن كذا أي فهمت عنه وزاد صاحب اللسان رجل ذهن (ككتف) وذهن (بالكسر) قال كلاهما على النسب، وكأن ذهنًا مغير من ذهن وعبارة الأساس وما يذهن لي فلان شيئًا ما يعقله وهو فطن ذهن قال الطرماح:

(وأدل في غظة على من لم يكن

أبدًا ليذهنه ذوو الأبصار).

فإن قيل إن الجوهري وابن سيده أهملا هذا الفعل، فللمصنف أسوة بهما، قلت هو غير معذور في ذلك؛ لأنه كان في اليمن وأهل اليمن لم يزالوا يستعملونه إلى الآن،

• وقوله الزلف محركة القربة والدرجة والزلفة بالضم القربة والمنزلة عبارة المحكم الزلف والزلفة الزلفى القربة والدرجة زلف إليه وازدلف وتزلف دنا منه،

• وقوله السلس ككتف السهل اللين المنقاد عبارة المحكم سلس سلسًا وسلاسة وسلوسة فهو سلس وسالس (كذا) وعبارة المصباح سلس سلسًا من باب تعب سهل ولان،

• وقوله الشرس محركة سوء الخلق، وشدة الخلاف وهو أشرس وشرس وشريس وما صغر من شجر الشوك كالشرس بالكسر وشرس كفرح دام على رعيه، وتحبب إلى الناس، وحقه أن يقول شرس كفرح ساء خلقه فهو أشرس الخ، وشرس أيضًا تحبب إلى الناس ضد ودام على رعي الشرس وهو ما صغر من شجر الشوك؛ لأن قوله أولاً الشرس محركة سوء الخلق من دون فعل يوهم أنه لا فعل له وإن كان ذلك لا يخفى على الحذاق، وعبارة المصباح شرس شرسًا فهو شرس من باب تعب والاسم الشراسة بالفتح وهو سوء الخلق،

• ومثله قوله الغشمرة إتيان الأمر من غير تثبت، والتهضم والظلم ج غشامر وركوب الإنسان رأسه في الحق والباطل إلى أن قال في آخر المادة وغشمر السيل أقبل فقصره الفعل على السيل يوهم أن ما ذكره قبله لا فعل له وأنه لا يعم غيره على أن ذكره جمع الغشمرة غير لازم، فإن الفعللة لا تجمع إلا على فعالل وركوب الإنسان رأسه مفهوم من قوله إتيان الأمر من غير تثبت ولم يذكر هذا الركوب في مادته على غرابة استعماله،

• وقوله الأعنق الطويل العنق ثم قال بعد عدة أسطر والعنق محركة سير مسبطر للإبل والدابة

ص: 193

وطول العنق، وعبارة المحكم العنق طول العنق وغلظه عنق عنقًا فهو أعنق وهي عنقاء، وهنا ملاحظة من ثلاثة أوجه أحدها أنه يفهم من عبارة المحكم أن التذكير في العنق أكثر من التأنيث، قال وقيل أن من خفف ذكر ومن ثقل أنث، وفي التهذيب العنق مؤنثه يقال ضربت عنقه وقد تذكر وفي الصحاح العنق والعنق يذكر ويؤنث،

• الثاني أن الجوهري أهمل العنق بمعنى الجماعة من الناس مذكر والمصنف والأزهري وابن سيده والزمخشري والصغاني ذكروه،

• الثالث أن الجوهري قال أن العنق ضرب من سير الدابة والإبل فقال المصنف للإبل والدابة فكلاهما لم يذكرا له فعلاً، وكلاهما أخرج الإبل من الدابة مع أن المصنف قال في دبب والدابة ما دب من الحيوان وغلب على ما يركب،

• وقوله الفلذ العطاء بلا تأخير ولا عدة أو الإكثار منه أو دفعة ولم يذكر له فعلاً، وعبارة الصحاح يقل فلذت له من مالي أي قطعت له منه، وعبارة المحكم فلذ له من ماله يفلذ فلذًا أعطاه منه دفعة، وقيل هو العطاء بلا تأخير ولا عدة وقيل هو أن يكثر له من العطاء اه، فالظاهر أن المال قيد فيه فلا يصح أن يقال فلذ له العهد والأمان كما يقال أعطاه العهد والأمان، قال الشارح وقيل قطع له منه وهذا أول الأقوال المذكورة في المحكم، والمصنف دائمًا يغير في الترتيب فيقدم غير الفصيح على الأفصح والنادر على المستعمل كما يعرفه الممارس،

• وقوله ولا غرو ولا غروى لا عجب، وعبارة الصحاح الغرو العجب وغروت أي عجبت،

• وقوله الوكد القصد وعبارة الصحاح وقولهم وكد وكده أي قصده قصده،

• وقوله الذان العيب فهل يقال منه ذانه يذينه كما يقال ذامه يذيمه، فإن الذان والذام بمعنى، ثم راجعت اللسان فوجدت فيه ما نصه والذان العيب وذانه وذامه وذابه عليه، فإن قيل أن تفسير المصنف الذان بالعيب إشعار بأنه يشتق منه فعل كما اشتق من العيب قلت هذه القاعدة غير مطردة فإنه حكى الشنار وفسره بأنه أقبح العيب والعار، ولم يشتق منه فعل ومثله العوار مثلثة والسد بالفتح والجبلة كسخلة والآمة من أيم والعين، وهذه الأخيرة أحسبها محرفة فإني لم أجدها في المحكم ولا في اللسان، وإنما ذكر صاحب اللسان العين في الميزان الميل، ومن الغريب هنا أن المصنف ذكر العار في تفسير الشنار، ولم يذكره في مادته وما ذلك إلا لأن الجوهري أهمله وهذا النموذج كاف، ومن تخليطه أيضًا في المصادر إذا تعددت كقوله في لطأ لطأ بالأرض كمنع وفرح لصق لطأ ولطوءًا، قال المحشى نقل الجوهري اللغتين عن الأحمر إلا أنه فصل في المصادر فجعل اللطء كالمنع مصدر المفتوح كمنع، واللطوء بالضم على فعول مصدر لطئ المكسور كاللصوق وزنا ومعنى وتصريفًا، قال والمصنف أورده مختلطًا على عادته،

• وقوله في قمؤ قماء كجمع وكرم قمأه وقمناءة وقماءة بالضم والكسر ذل وصغر، والمشاية قموءًا وقموة وقماء سمنت، قال المحشى أيضًا المعروف في قمأ بمعنى سمن أنه بالفتح فيهما (يعني بفتح العين الفعل في الماضي والمضارع

ص: 194

كجمع لا ككرم) وأطلق المصنف في المصادر وهي مختلفة الضبط وهو تخليط فإن الأولين وهما القموء والقموءة مضمومان، والثالث والرابع مفتوحان، والخامس بالفتح والكسر وهذا لا يكاد يعرف إلا بتمام الضبط، فما هذا الخلط؟ انتهى، قلت المصنف أورد لشنئ بمعنى أبغض سبعة مصادر ولم يضبط منها إلا الأول وعن ابن القطاع أن أكثر ما وقع من المصادر للفعل الواحد أربعة عشر مصدرًا لشنئ اه، وهو من خصائص اللغة العربية وهذا النموذج كاف.

ومن ذلك تخليطه المصدر باسم المصدر كقوله قاتهم قوتًا وقوتًا (الأول بالفتح والثاني بالضم) وقياته بالكسر وعبارة الصحاح قات أهله يقوتهم قوتًا وقياته والاسم القوت بالضم اه، والفرق بين المصدر والاسم أن المصدر يتضمن معنى الفعل فينصب مثله والاسم هو الحال التي حصلت من الفعل، مثال ذلك الغسل والغسل تقول قد بالغت في غسل هذا الثوب فتنصب الثوب، فإن أردت الحال قلت لست أرى في هذا الثوب غسلاً، هذا ما ظهر لي ويفهم من كلام المحشى في مادة حسب أنه وقع في كلام ابن مالك في شرح التسهيل ما يقتضي أنه لا فرق بينهما، وقد صرحت عبارة المصباح بأن الغسل بالفتح مصدر وبالضم اسم وعبارة المصنف مشوبة بأو؛ لأن الجوهري حكى غسلت الشيء غسلاً بالفتح والاسم الغسل، يقال غسل وغسل فقوله غسل وغسل زيادة من قبيل اللغو، وهي التي حملت المصنف على أو،

• وقوله الحذر بالكسر ويحرك الاحتراز والفعل كعلم وعبارة المصباح حذر حذرًا من باب تعب واحتذر واحترز كلها بمعنى استعد وتأهب والاسم منه الحذر مثل حمل وحذر الشيء إذا خافه،

• وقوله وقدر الله تعالى ذلك عليه يقدره ويقدره قدرًا وقدرًا وعبارة المصباح قدرت الشيء قدرًا من بابي ضرب وقتل وقدرته تقديرًا بمعنى والاسم القدر بفتحتين، وفيهما فائدة أخرى وهي تعميم هذا الفعل فهو لا يختص بالله تعالى،

• وقوله ذخره كمن ذخرًا بالضم، وعبارة المصباح ذخرته ذخرًا من باب نفع والاسم الذخر بالضم،

• وقوله نطق ينطق نطقًا ومنطقًا ومنطوقًا تكلم، وعبارة المصباح نطق نطقًا من باب ضرب، ومنطقًا والنطق بالضم اسم منه،

• وقوله الشغل بالضم وبضمتين وبالفتح وبفتحتين ضد الفراغ، وعبارة المصباح شغله الأمر شغلاً من باب نفع، والاسم الشغل بضم الشين وتضم الغين،

• وقوله شرب كسمع شربًا وبثلث ومشربًا وتشرابا جرع، وعبارة المصباح شربته شربًا بالفتح والاسم الشرب بالضم، وقيل هما لغتان،

• وأكثر ما عجبني من هذا النوع وشغل خاطري لفظة القدس بالضم وبضمتين فقد ذكر الصحاح ومختاره وفي اللسان والعباب والقاموس أنه اسم ومصدر وفسروه بالطهر وما أحد تصدى لذكر فعل منه، مع أنه ورد منه قدوس صفة للباري تعالى مثل سبوح وقالوا أيضًا اسم الله الأقدس وبيت المقدس وقدس تقديسًا ونصارى الشام

ص: 195

يقولون قداسة، قاسوها على طهارة، وقديس كسكيت للكثير القدس، وهو بالسريانية قديشو، أما تفسير أهل اللغة للقدس بالطهر ففيه تسمح، وفسره صاحب المحكم بالبركة، ونص عبارته القدس البركة، وحكى ابن الأعرابي لا قدسه الله أي لا بارك الله عليه، قال والمقدس المبارك اه، وصاحب التهذيب أجمل القدس مع التقديس وفسره عن الليث بأنه تنزيه الله، وهو القدوس المقدس المتقدس، وعبارة الزمخحشري في أول المادة سبحوا الله وقدسوه وهو القدوس المتقدس رب القدس قال:

(قد علم القدوس رب القدس

بمعدن الملك القديم الكرسي).

فالعجب أن يكون القدس مصدرًا ويشتق منه القدوس والمقدس والأقدس وقدس ولا يكون له فعل مع أن الإمام السيوطي نقل في المزهر عن بعض الأئمة أن صوغ التصاريف على القياس ثابت في كل مصدر نقل بالاتفاق، وهو في حكم المنقول فحيثما ذكر المصدر فالمشتقات تؤخذ منه بالقياس اه، قلت والمدار على تمييز المصدر عن الاسم وعلى فرض معرفة تمييزه فيكف يكون بناء الفعل وسائر المشتقات منه وقد تقدمت الإشارة إلى هذا البحث في أول الكتاب.

وأكثر ما وقع فيه الإبهام في المصادر، مصدر فاعل الثاني أو كما يقول بعضهم اسم مصدر، فإن المصنف كثيرًا ما يورده من الثلاثي أو يورده من الرباعي في موضعين، مخالفًا أو مقتضبًا أو يهمله بالمرة، وهو أمر دقيق يحوج إلى إمعان النظر ومراجعة أمهات اللغة ودواوين العرب،

• مثال ذلك قوله في فأل الفتال ككتاب لعبة للصبيان يخبئون الشيء في التراب ثم يقتسمونه ويقولون في أيها هو، وهو مصدر فاءل وقد جاء في شعر طرفة حيث قال:

(يشق حباب الماء حيزومها بها

كما قسم الترب المفائل باليد).

وقول المصنف في أيها هو فيه أن التراب مذكر فكان حقه أن يقول في أي موضع هو،

• وقوله في مثل والمثال المقدار والقصاص وصفه الشيء والفراش وهو مصدر ماثل كما صرحت به عبارة المصباح ونصها والمشال بالكسر اسم من ماثله مماثلة، إذا شابهه وقد استعمل الناس المثال بمعنى الوصف والصورة، فقالوا مثاله كذا أي وصفه وصورته اه،

• وفي مزج مزاج الشراب ما يمزج به، ومن البدن ما ركب عليه من الطبائع وهو في الأصل مصدر مازحه ولم يذكره بهذا المعنى تقصيرًا، وإنما ذكره مازحه بمعنى فاخره،

• وفي خطب وفصل الخطاب الحكم بالبينة أوز اليمين أو الفقه في القضاء أو النطق بأما بعد، وهو اسم من خاطب، وفي التنزيل {وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا} وفي المصباح خاطبه مخاطبة وخطابًا وهو الكلام بين متكلم وسامع، فما ضر المصنف لو قال كذلك،

• وفي حبب الحب الوداد كالحباب والحب بكسرهما إلى أن قال بعد طويل وككتاب المحاببة (كذا) وعبارة الجوهري والحب المحبة

ص: 196

وكذلك الحب بالكسر إلى أن قال والحباب بالكسر المحابة والموادة، ومثلها عبارة اللسان،

• وفي حسب حسبه حسبًا وحسبانًا بالضم وحسابًا وحسبة عدة ونحوها عبارة الجوهري وعبارة الشارح، وقد يكون الحساب مصدر المحاسبة عن مكي، قال ويفهم من عبارة ثعلب أنه اسم مصدر اه، وعبارة المحشى قال ناطم الفصيح، وأما الحساب فهو اسم فعل أي اسم المصدر؛ لأن المصدر يسميه الكوفيون فعلاً في الغالب، كما أنهم يريدون الحدث،

• وفي بعد البعد والبعاد اللعن، ثم قال وباعده مباعدة وبعادًا وبعده أبعده وبقي النظر في تعريفه البعد باللعن، والمشهور أنه خلاف القرب، أما الذي بمعنى الهلاك فهو بفتحتين، وفعله بعد بالكسر كما في الصحاح،

• وفي ودد الود والوداد الحب ويثلثان، وعبارة الأساس وددته ودًا ومودة وواددته ودادًا وعبارة المصباح وددته أوده من باب تعب ودًا بفتح الواو، وضمها أحببته، إلى أن قال وواددته موادة وودادًا من باب قاتل، والجوهري لم يذكر هذا البناء، وإنما ذكرهما يتوادان، وتمام الغرابة أن صاحب المصباح لم يجعل الود بالفتح مصدرًا وبالضم اسمًا خلافًا لعادته،

• وفي تبع التباع بالكسر الولاء وهو مصدر تابع والمصنف لم يذكره بهذا المعنى، ونص عبارته وتابع القوس الباري أحكم بريها، وأعطى كل عضو حقه، والمرعى الإبل أنعم تسمينها وأتقنه وكل محكم متابع ونسبة العضو للقوس غريبة فإنه عرفه في مادته بأنه كل لحم وافر بعظمه وعرفه صاحب الصحاح بأنه كل عضو وافر من الجسد، وكذلك نسبته الإتقان للمرعى غريبة، فكان حقه أن يقول وتابع الشيء أتقنه كما صرحت به عبارة الصحاح، ونصها وتابعه على كذا متابعة وتباعًا والتباع الولاء، قال أبو زيد تابع الرجل عمله أي أتقنه وأحكمه، غير أن الجوهري لم يفسر تابعه على كذا وكان حقه أن يفسره وأن يقول بعده والتباع أيضًا الولاء وعبارة المصباح وتابعه على الأمر وافقه،

• وفي محل والمحال ككتاب الكيد وروم الأمر بالحيل والقدرة كالمماحلة والقوة والشدة والهلاك والإهلاك ومحل به محلاً ومحالاً كاده بالسعاية إلى السلطان، وماحله مماحلة ومحالاً قاواه حتى يتبين أيهما أشد، فذكر القدرة والقوة والشدة وهي ألفاظ مترادفة وأورد المحال من الثلاثي والرباعي، وعبارة الصحاح والمحل المكر والكيد والمماحلة المماكرة والمكايدة وعبارة المحكم المحال الكيد وروم الأمر بالحيل وماحله مماحلة ومحالا قاواه حتى يتبين أيهما أشد وماحله عاداه،

• وفي عدل العدال ككتاب أن يعرض أمران فلا تدري لأيهما تصير، فأنت تروي في ذلك، ثم قال بعد أسطر وهو يعادل هذا الأمر إذا ارتبك فيه ولم يمضه وهو عين المعنى الأول،

• وفي قصص القصاص القود ولم يذكر فعله وعبارة المصباح وقاصصته مقاصة وقصاصًا من باب قاتل إذا كان لك عليه دين مثل ما له عليك، فجعلت الدين في مقابلة الدين مأخوذ من اقتصاص الأثر ثم غلب استعمال القصاص في قتل القاتل وجرح الجارح وقطع القاطع، قلت وقد يكون القصاص أيضًا جمع القص للصدر ومما

ص: 197

أهمله المصنف في باب الباء حاسبه وسابه وراكبه وشاربه وصاحبه وعاتبه وغاصبه وغالبه وقس عليه سائر الأبواب وهذا النموذج كاف.

ومما يتصل بباب المفاعلة من الغرابة ما قاله صاحب المصباح بعد قوله في الخاتمة يجئ المصدر من الفعل الثلاثي على تفعال ونصه ويجئ المصدر من فاعل مفاعلة مطردًا، وأما الاسم فيأتي على فعال بالكسر كثيرًا نحو قاتل قتالاً ونازل نزالاً ولا يطرد في جميع الأفعال، فلا يقال سالمه سلامًا ولا كالمه كلامًا مع أنه قال في سلم وسالمه مسالمة وسلامًا،

• قال العلامة الأشموني عند قول الإمام ابن مالك لفاعل الفعال والمفاعلة ما نصه ولكن يمتنع الفعال ويتعين المفاعلة فيما فاؤه نحو ياسر مياسرة ويامن ميامنة وشذ ياومه يواما ومياومة انتهى، والمصنف والجوهري والفيومي ذكروا ياسر من دون مصدر وكذلك يامن أورده المصنف والفيومي دون مصدره والجوهري أهمله بالكلية وأغرب من ذلك أن الرضى مع إسهابه في شرح المفاعلة لم يذكر أنها تأتي للمغالبة كما في كارمه وماجده، فالظاهر أن الصرفيين تركوا ذلك للغويين فإن غيره أيضًا لم يذكره.

واعلم أنه قد يلتبس الفعال المكسور بالفعال المفتوح فالأول اسم لمصدر فاعل كما تقدم، والثاني اسم لمصدر فعل المشدد نحو الوداع بالكسر من وداع أي سالم والوداع بالفتح من ودع والزواج من زواج والزواج من زوج والجناس من جانس والجناس من جنس والحلال من حله، أي حل معه والحلال من حلل الشيء ضد حرمه، والبلاغ من بالغ، والبلاغ من بلغ، ونحو ذلك، وقد يكون الفعال المفتوح مصدرًا للفعل الثلاثي نحو الفخار وإن لم يذكره الجوهري، واسم مصدر لفاخر،

• وهنا يحسن الاستطراد إلى ما أورده المحشى في هذا المعنى قال: قال العلامة ابن الحديد في أول شرح نهج البلاغة قال لي إمام من أئمة مصدر فاخر كقاتل وعندي أنه لا يبعد أن تكون الكلمة مفتوحة الفاء ويكون مصدر فخر لا فاخر، وقد جاء مصدر الثلاثي إذا كان عينه أو لامه حرفي حلق عل فعال بالفتح، كسمح سماحًا، وذهب ذهابًا، إلا أن ينقل ذلك عن شيخ أو كتاب موثوق به نقلاً صريحًا فتزول الشبهة، قلت وهذا القيد الذي قيده بحرف الحق عينًا أو لامًا لا نعرفه لأحد في المصادر بل وردت المصادر على فعال بلا حصر في الثلاثي مطلقًا، حتى ادعى فيه أقوام القياس لكثرته كسلام وكلام وضلال وكمال وجمال وجلال ورشاد وسداد ومقام وقسام وظلام وحصاد وجداد وبابه، وما لا يحصى، وفيه كلام في المصباح انتهى، كلام المحشى وهو غريب من عدة أوجه:

• أحدها أن صاحب المصباح قال في الفصل الذي عقده للمصاد نقلاً عن الأزهري ما نصه كل مصدر يكون لا فعال فاسم، المصدر فعال نحو أفاق فواقًا وأصاب صوابًا وأجاب جوابًا أقيم الاسم مقام

ص: 198

المصدر اه، فكلامه هنا في مصدر الرباعي لا الثلاثي مع تصريحه بأنه اسم مصدر لا مصدر،

• الثاني أن صاحب المصباح صرح أيضًا بأن سلامًا وكلامًا من أسماء المصادر لسلم وكلم، وأنا أصرح بأنه كثير نحو عذب تعذيبًا وعذابًا ونكل تنكيلاً ونكالاً وروج ترويجًا ورواجًا وأذن تأذينًا وأذانًا وعزى تعزية وعزاء وأدى يؤدي تأدية وأداء، وسد تسديدًا وسدادًا ونحو ذلك،

• الثالث أن الظلام ليس له فعل ثلاثي فهو اسم محض.

• الرابع أن صيغة المقام ليست من هذا الباب فإنه مصدر ميمي،

• الخامس أن الحصاد والجداد من الأسماء الدالة على الزمن والمصدر حصد وجد، كما تفيده عبارة الصحاح،

• ومن إبهام المصنف في الفعل أنه يسوي الفعل الثلاثي المتعدي بالرباعي المضاعف كقوله في خضب خضبه لونه كخضبه، وفي شذب شذب اللحاء قشره كشذبه، وفي فتح فتح ضد أغلق كفتح وافتتح مع أن أهل اللغة ينبهون على أن المشدد يكون لمبالغة فعل أو لتكثيره وربما قصر التضعيف على بعض معاني الفعل دون البعض الآخر، ولا وجه للقصر كقوله في ضرب ضربه يضربه وهو ضارب إلى أن قال وضربت الطير ذهبت تبتغي الرزق، وعلى يديه أمسك وفي الأرض خرج تاجرًا أو غازيًا إلى أن قال والشيء بالشيء خلطه كضربه مع أن التضعيف يصح في المعاني المتقدمة عند قصد المبالغة والتكثير كما نبه عليه ابن هشام،

• ومن ذلك أنه يذكر الفعل مستقلاً بالمعنى من دون تعلقه بمعموله وبعبارة أخرى أنه إذا كان الفعل مشتركًا في عدة معان علقه بأحد هذه المعاني مستقلاً به عن غيره، وهو مناف لمعنى الاشتراك، كقوله في بكر ابتكر أدرك أول الخطبة وأكل باكورة الفاكهة والوجه عندي أن يقال ابتكر الخطبة أدرك أولها، والفاكهة أكل باكورتها كما تشير إليه عبارة المصباح، ونصها وابتكرت الشيء أخذت أوله وعليه قوله عليه الصلاة والسلام:"من بكر وابتكر" أي من أسرع قبل الأذان وسمع أول الخطبة، وابتكرت الفاكهة أكلت باكورتها، وكقوله في حطب واحتطب عليه في الأمر احتقب والمطر قلع أصول الشجر، والوجه عندي أن يقال احتطب المطر أصول الشجر قلعها وهو أمر دقيق ينبغي التنبه له، وسترى نظائره في الخاتمة،

• وكثيرًا ما يرتكب هذا الإبهام في المصادر أيضًا كقوله في قرر الاقترار استقرار ماء الفحل في رحم الناقة وهو فاسد؛ لأن اقتر بمعنى قر فلا يفيد هذا المعنى استقلالاً، فالوجه أن يقال اقتر ماء الفحل في رحم الناقة استقر كما هي عبارة الجوهري، وهذا النموذج كاف.

أما إبهامه في العطف فمبني على تحريه مخالفة المصنفين فإن عادتهم إذا أوردوا فعلاً أو اسمًا له معان متعددة أن يعيدوه دفعًا للإبهام وربما اتبعوه لفظة أيضًا وهو يورده ويعطف عليه ما لا يصح العطف به كقوله في زعب زعب الإناء كمنع ملأه وقطعه هو يوهم أن القطع يرجع إلى الإناء، فكان حقه أن يقول زعب الإناء ملأه والشيء قطعه وفي متح متح الماء نزعه وصرعه وقلعه وقطعه وضربه وحق التعبير أن يقال متح الماء نزعه بل الصواب

ص: 199

متح الدلو نزعها وفلانًا ضربه وصرعه والشيء قلعه أو قطعه.

• وفي وصب الوصب محركة المرض وصب كفرح ووصب وتوصب وأوصب وهو وصب، وأوصبه الله أمرضه، والقوم على الشيء ثابروا وهو يوهم أنه معطوف على الثلاثي أو الرباعي، أما على الرباعي فظاهر وأما على الثلاثي فلأن قوله وأوصبه الله أمرضه، إنما هو بيان للتعدية كما قال في وجب وجب القلب خفق وأوجب الله قلبه وأكل أكلة واحدة في النهار، كأوجب، فكان حقه أن يعيد فعل أوصب قبل قوله والقوم، لا بل الأولى بحسب اصطلاحه أن يؤخره ويذكره بعد قوله ووصب دام وثبت وعلى الأمر واظب فيقول كاوصب وعلى كل فهو تكرير،

• وهنا ملاحظة من عدة أوجه أحدها أن الشارح زاد وهو واصب والذي في الصحاح وصب كما في القاموس وزاد أيضًا في معنى الوصب النصب والتعب والمشقة،

• الثاني أن أوصب اللازم الهمزة فيه للصيرورة أي صار ذا وصب،

• الثالث أن قول المصنف والجوهري وأوصبه الله غير متعين فإنه يقال أوصبه الداء أو التعب،

• الرابع أنه يقال واصب على الأمر مثل واظب وهو مما فات المصنف،

• الخامس أن في نسخة مصر القوم بلا واو،

• وفي تبع تابع الباري القوس أحكم بريها وأعطى كل عضو حقه والمرعى الإبل أنعم تسمينها وأتقنه وظاهره أن الضمير في أتقنه يرجع إلى التسمين فكان حقه أن يقول وتابع الشيء أتقنه، وقد تقدم ذكره، وفي عنف اعتنف الطعام والأرض كرههما والأرض لم توافقني وعبارة المحكم واعتنف الأرض كرهها واستوخمها واعتنفته الأرض نفسها نبت عليه،

• وفي رفق ارتفق اتكأ على مرفق أو على المخدة وامتلأ وحقه أن يقول وارتفق الشيء امتلأ،

• وفي رجن ارتجن أمرهم اختلط والزبد طبخ فلم يصف وفسد وارتكم وأقام فكان حقه أن يقول وارتجن الشيء ارتكم وفلان أقام والحق بذلك قوله في رول رول الفرس أدلى ليبول، فكان عليه أن يقول ورول الرجل أيضًا إذا انغظ الخ، وهذا النموذج كاف.

وكثيرًا ما يعبر بالواو بدلاً من أو حتى التبس ذلك على شراح كتابه إذ لا يعلم هل مجموع المعطوف هو المراد بالتعريف أو واحد من أفراده فمن أمثلة ذلك قوله في سدأ السند أو كجردحل وبهاء الخفيف والجرئ المقدم والقصير والدقيق الجسم مع عرض رأس والعظيم الرأس والذئبة قال المحشى قد قصر في معانيه وأجمع منه قول ابن سيده في المحكم رجل سندأوة وسندأو خفيف، وقيل هو الجريء المقدم وقيل هو القصير وقيل هو الدقيق الجسم مع عرض رأس كل ذلك عن السيرافي وقيل هو العظيم الرأس وناقة سندأوة جريئة، هذا قوله وهو واضح وكان الأليق بالمصنف أن يأتي بأو المنوعة للخلاف؛ لأن ظاهره أن المعاني كلها مشتركة في السند أو توليس كذلك انتهى وسيعاد،

• وقوله الحبأ جليس الملك وخاصته قال

ص: 200

الإمام المناوي والظاهر أنه يقال لكل منهما على إنفراده فيقال لمن هو من الخاصة وإن لم يكن جليسًا، وقضية كلام الزمخشري أنه يقال لا قاربه أيضًا،

• وقوله حلأ الجلد قشره وبشره، قال العلامة المشار إليه الواو بمعنى أو كما عبر به بعضهم،

• وقوله الجيئة قطعة يرقع بها النعل وسير يخاط به، قال المشار إليه لو قال أو بدل الواو لكان أولى،

• وقوله حشأه كمنعه ضرب جنبه وبطنه، وقال أي كلاهما أو أحدهما فالواو بمعنى أو وبها عبر بعضهم، قلت الأولى تقديم بطنه على جنبه، وهذا المعنى في المعتل وهو الأصل،

• وقوله زنأ أسرع ولصق بالأرض، قال وهل يقال لكل منهما على إنفراد فيه تأمل،

• ومن ذلك قوله لبد أقام ولزق، فجل استرخى وغلظ، فشل كسل وضعف وتراخى وجبن ولم يذكر تراخى في مادته،

• الهجب السوق والسرعة والضرب بالعصا، أهل فرح وصاح، الشوار الحسن والجمال والهيئة واللباس والسمن والزينة، دنع الصبي كفرح ومنع جهد وجاع واشتهى وطمع وخضع وذل ولؤم، جأى الغنم حفظها وغطى وكتم وستر وحبس ورقع وخاط ومسح،

• ومن أغرب ما تكرر فيه حرف العطف قوله حنبش رقص ووثب وصفق ونزا ومشى ولعب وحدث وضحك، فلم يفته الأغنى، وعبارة العباب حنبش الرجل إذا حدث وضحك وقيل الحنبشة الرقص والتصفيق، وفي النوادر الحنبشة لعب الجواري بالبادية وحنبشنا بحديثك أي آنسنا به عن ابن عباد وهذا النموذج كاف،

• ويلحق بذلك أنه يفسر الكلمة بكلمة أخرى لها معان مختلفة فلا يعلم المتعين منها، كقوله البغس السواد وهو يطلق على اللون المعروف وعلى الشخص والمال الكثير وعلى القرى والعدد الكثير وغير ذلك،

• وقوله المكوري الورثة العظيمة وقال في روث الروثة واحدة الروث والأرواث وطرف الأرنبة، والمراد هنا أرنبة الأنف وفي قوله واحدة الأرواث نظر فإن الأرواث جمع الروث لا الروثة،

• وقوله البند العلم الكبير وهو يطلق على الجبل والراية وسيد القوم وغير ذلك،

• وقوله الضريك النسر الذكر والزمن والضرير والضرير يطلق على الأعمى والمريض ومن خالطه الضر،

• وقوله الغاوية الراوية وهي تطلق على المزادة فيها الماء وعلى البعير والبغل،

• وقوله الكيم الصاحب وأحسبه هنا بمعنى الوالي،

• وقوله الثانئ الدهقان وهو يطلق على القوى على التصرف وعلى التاجر وزعيم فلاحي العجم ورئيس الأقليم،

• وقوله المراسب الأواسي وقال في المعتل الآسية من البناء المحكم والدعامة والسارية والخاتنة وبعد أن ذكر للمولى نحو أربعة وعشرين معنى قال وفيه مولوية أي يتشبه بالموالي وهذا النموذج كاف.

ومن إبهامه وإيهامه الذي يعثر به المبتدئ أنه يذكر معنى واحدًا من معنى الكلمة، فيوهم بذلك أن المعنى الذي أهمله غير وارد نحو قوله النازلة الشديدة فهو يوهم أنها لا تأتي اسم

ص: 201

فاعل للمؤنث فإن قيل أن هذا معلوم من القاعدة الصرفية فلا حاجة إلى ذكره، وخصوصًا أنه نص في خطبة كتابه على أنه تحرى الإيجاز وهذا منه، قلت ليس ذلك بمطرد عنده فإن قال في ثبت ثبت ثباتًا وثبوتًا فهو ثابت وثبيت وفي علم رجل عالم وعليم، وفي فطم فطم الصبي فصله عن الرضاع، فهو مفطوم وفطيم وغير ذلك مما يحصر، فكان ينبغي له أن يطرد ذلك أو ينبه عليه في الخطبة على أنه لم يذكر الشديدة في بابها بهذا المعنى ونص عبارته والحروف الشديدة أجدت طبقك وأشد أشدادًا إذا كانت معه دابة شديدة، وما ذلك إلا لأن الجوهري لم يذكرها، وعبارة المحكم والشدة والشديدة من مكاره الدهر، وجمعها شدائد، فإذا كان جمع شديدة فهو على القياس، وإذا كان جمع شدة فهو نادر،

• وقوله الواقعة النازلة الشديدة، الحاقة النازلة الثابتة، الآبدة الداهية يبقى ذكرها أبدًا، وقوله أبدًا حسنة من حسناته لأن أئمة اللغة متى ذكروا الأبد منكرًا منصوبًا قرنوه بالنفي نحو لا أفعله أبدًا، فيتبادر إلى الذهن أنه لا يستعمل في الإثبات نظير عوض مع أنه يستعمل فيه كما يستعمل في النفي، ويكون معناه لتأكيد الزمان لا لدوامه، حدثان الأمر بالكسر أوله ومن الدهر نوبه كحوادثه وهو يوهم أن الحوادث مختصة بنوب الدهر وفيه أيضًا أنه فسر المفرد بالجمع فكان الأولى أن يقول ومن الدهر ما يحدث منه من النوب، وعبارة المحكم حدثان الدهر وحوادثه نوبه وما يحدث منه وكذلك أحداثه، المحرث والمحراث ما يحرك به النار وفي هامش تاج العروس ما نصه: المحراث آلة حرث الأرض كما في لهجة اللغات، والمحراث هذا مما فات على المصحح التنبيه عليه في القاموس المشكول مع أنه مصري، والعجب أن المحراث لم يذكر في شيء من أمهات اللغة بهذا المعنى اه، وتمام العجب أن الجوهري قيد النار بنار التنور، الراوي من يقوم على الخيل، المتدثر المابون، المحصلة كمحدثة المرأة التي تحصل تراب المعدن، وفيها إيهامان أحدهما أنه لا يقال للمرأة محصلة إلا في تراب المعدن، والثاني أنه لا يقال للرجل محصل مع أن هذا العمل أحرى أن يكون خاصًا بالرجال دون النساء ويؤيده قول الزمخشري حصل تراب المعدن، ميز الذهب وخلصه وعبارة المحكم التحصيل تمييز ما يحصل، وفي مفردات الراغب التحصيل إخراج اللب من القشور كإخراج الذهب من حجر المعدن والبر من التبن، ويلحق بذلك قوله أوقع بهم بالغ في قتالهم، وهو عام يستعمل في القتال وغيره كما تدل عليه عبارة الجوهري، حيث قال ووقعت بالقوم في القتال وأوقعت بهم بمعنى ويقال أيضًا أوقع فلان بفلان ما يسوءه،

• وقوله يأس ييئس كيمنع ويضرب شاذ وهو يؤس كندس ويؤوس كصبور قنط، وهو يوهم أنه لا يقال يائس مع أنه الأصل، وقد أثبته ابن سيده في المحكم وزاد أيضًا صيغة يئس ككتف وإنما أهمله المصنف لأن الجوهري لم يذكره وفيه أيضًا أنه كتب همزة ييئس بصورة الياء، وهي في نسخة صحيحة قديمة من الصحاح بالألف، وقوله كيضرب شاذ الذي في النسخة المذكورة بعد ذكر يئس الأولى

ص: 202

وفيه لغة أخرى يئس ييئس بالكسر فيهما وهو شاذ وقوله كيمنع يقتضي أن ماضيه يأس فكان حقه أن يقول كيعلم وفي هذا القدر كفاية.

ومن هذا القصور أنه تارة يذكر صيغة فعيل وفعول وتارة يهملها فقد رأيت في كتب الأدب وغيرها كثيرًا من هذا البناء، غير مذكور في قاموس، فما أدري سببًا لما ذكره ولا لما أهمله،

• ومن الغريب هنا ما نقله الإمام السيوطي في المزهر عن ابن خالويه في شرح الفصيح أن العرب تبني أسماء المبالغة على اثنى عشر بناء فعال كفساق وفعل كغدر وفعال كغدار، وفعول كغدور، ومفعيل كمعطير، ومفعال كمعطار، وفعله كهمزة لمزة، وفعولة كملولة وفعالة كعلامة وفاعلة كراوية وخائنة وفعالة كبقاقة للكثير الكلام ومفعالة كمجذامة اه، فلم يذكر بناء فعيل مع أنه لا خلاف في أنه للمبالغة ولا بناء فعيل كسكيت، ولا بناء فاعول كفاروق ولا بناء مفعل كقولهم هو مسعر حرب، وغير ذلك مما عدل به عن اسم الفاعل ودل على معناه، فالظاهر أن الإمام السيوطي كان إذا روى عن إمام لا يتعرض له،

• ومن ذلك أنه تارة يذكر الأفعال السداسية نحو استعظم واستحسن واستملح وتارة يهملها نحو استظرف واستلطف ومرة يذكر المصدر الميمي واسم الآلة والمكان والنوع وصيغة تفعال، ومرة يهملها، ومرة يورد وزن فعال بمعنى أفعل ومرة يغفله، وهو عند سيبويه مقيس كذا في المحكم ومرة يورد الاسم ويزنه على كتف فيوهم أنه لا فعل له على أن الكتف فيها لغات، ومرة يزنه على فرح فيوهم أن له فعلاً ومرة يذكر المثل في المضاف ومرة في المضاف إليه، فقد ذكر لقيت منه عرق القربة في عرق ولم ينبه عليه في قرب، كما نبه على تحت طريقتك عنداوة في عند، وطرق وأورد خفي حنين في الفاء والنون وربما أورد المثل في غير مادته، فإنه أورد آخر البز على القلوص في ختع لا في بزز ولا في قلص، وإنما أشار إليه في بزز مع أنه أورد أقطف من ذرة ومن حلمة ومن أرنب في قطف وأورد، كنت نشبة فصرت عقبة في نشب، ولم يذكر للعقبة في بابها معنى يناسب المثل، وعندي أن الأولى أن تذكر الأمثال في موضعين،

• ومن ذلك تخليطه في فعلانة وفعلى كقوله في ظمئ ظمئ كفرح وهو ظمئ وظمآن وهو ظمآنة فلم يذكر ظمأى مع أنها أفصح من ظمانة، ولذلك اقتصر عليها الجوهري، قال المحشى قوله ظمانة على اختلاف اصطلاحه فلو قال وهي بهاء لدل على المراد وزيادة أنه يقال ظمئه كفرحة، كما قيل في مذكرها، ثم إن ظمانة بالهاء إنما هي لغة لبني أسد، كما قاله ابن مالك وغيره وهي متروكة عن الأكثرين، وهو (أي المصنف) تارة يأتي بها متقدمة على المشهور الكثير وتارة يهملها بالكلية وهي قاعدة لبني أسد أن كل فعلان يؤنث بالهاء فيقولون في مؤنثه فعلانة، واشتهر عند غيرهم ندمانة ولذا صرفوا ندمان على ما عرف في العربية،

• ومن أمثله المبهم من المشتقات قوله السنوب الكذاب والتغضب، الرداح العجزاء

ص: 203

وذكر الشارح فعلها وهو ردحت ومصدره الرداحة، المجدود الذي له جد أي حظ، وفي شرح المعلقات للقاضي الزوباني جد الرجل يجد جدًا فهو مجدود أي ذو حظ، المصحب الرجل الذي يحدث نفسه، سيف رسوب ماض في الضريبة، الأصعب بعير ليس بشديد البياض وفي المصباح الصهبة والصهوبة احمرار الشعر وصهب صهبًا من باب تعب، الكافة رئيس الجند ومثله الدحية، الكسوم الماضي في الأمور، بضاعة مزجاة أي قليلة، الراتي العالم الرباني، المكوبة المرأة النقية البياض، المذكوبة المرأة الصالحة، الطادية الثابتة القديمة، القمراء ليلة فيها القمر كالمقمرة وعبارة الصحاح وليلة قمراء أي مضيئة وأقمرت ليلتنا أضاءت، المفهوم المبهوت، الزبيع المدمدم في غضب، المشغوف المجنون،

• ويلحق بذلك قوله المزية الفضيلة ولم يذكر لها فعلاً وإنما قال بعدها في اليائي التمزية المدح وقال في فضل فضله تفضيلاً مزاه وهو المناسب لمعنى المزية وهذا النموذج كاف، فكان يبنغي له أن ينبه في الخطبة على ما نقله عن المحكم في درهم ونصه رجل مدرهم بفتح الهاء كثيرها (أي كثير الدراهم) ولا تقل درهم لكنه إذا وجد اسم المفعول فالفعل حاصل وهذه القاعدة نقلها صاحب المحكم عن ابن جني وبقي النظر في غير اسم المفعول.

أما إبهامه في الجمع فمن عدة أوجه: أحدها أنه إذا ذكر للكلمة عدة معان قصر الجمع على بعضها دون البعض الآخر، فيوهم بذلك أن البعض الذي تركه لا جمع له مثال ذلك قوله الأبد محركة الدهر ج أباد وأبود والدائم والقديم والولد الذي أتت عليه السنة،

• وقوله العقدة بالضم الولاية على البلد ج كصرد والضيعة والعقار الذي اعتقده صاحبه ملكًا وموضع العقد وهو ما عقد عليه الخ،

• وقوله النجد ما أشرف من الأرض أنجد ونجاد ونجود ونجد وجمع النجود أنجده الطريق الواضح المرتفع، وما خالف الغور أي تهامة وتضم جيمه وما ينجد به البيت من بسط وفرش ووسائد ج نجود ونجاد والدليل الماهر والمكان لا شجر فيه والعلبة وشجر كالشبرم وأرض بلاد مهرة في أقصى اليمن والشجاع الماضي فيما يعجز غيره،

• وهنا ملاحظة وهي أن قوله وما ينجد به البيت هو من قبيل ما يذكره فلته إذا لم يذكر هذا الفعل من قبل وقوله وما خالف الغور الخ، مقتضاه أنه معرف باللام، وعبارة الجوهري تخالفه، ولكن رأيت في المحكم أنه يجوز تعريف نجد وتنكيره، فكان ينبغي للمصنف أن ينبه عليه وبقي النظر في تعريف الأرض التي ببلاد مهرة وفي فصله الدليل الماهر عن الشجاع الماضي بالعلبة والشجر، وقد طالما فكرت في فصل هذه الجموع فلم أهتد لسببه فجزمت أخيرًا بأنه من جملة الخلل الذي تخلل القاموس فاسترحت من أعمال الفكر،

• الثاني أنه إذا كان للفظتين بمعنى واحد جمعان مثلاً أوردهما على غير ترتيب كقوله في رزأ

ص: 204

الرزيئة المصيبة، كالرزء والرزية ج أرزاء ورزايا، فالأول جمع الرزء والثاني جمع الرزيئة والمرزئة أهمل جمعها ونحوه قوله مجع ككرم مجعًا ومجع كمنع مجاعة والوجه أن يقال مجع ككرم مجاعة ومجع كمنع مجعًا،

• الثالث أنه يذكر الجمع الشاذ قبل الجمع الفياسي كقوله في أسر الأسير الأخيذ والمقيد والمسجون ج أسراء وأسارى وأساري وأسرى، فقد الأسراء على الأسرى، واقتصر الجوهري على الأسرى والأساري، وفي التهذيب ما نصه قال أبو إسحاق يجمع الأسير أسرى، وفعلى جمع لكل ما أصيبوا به في أبدانهم أو عقولهم مثل مريض ومرضى، وأحمق وحمقى وسكران وسكرى، قال من قرأ أسارى وأساري فهو جمع الجمع، وربما ذكر أحد الجموع وأهمل الباقي مع اشتهاره ووروده في التنزيل مثال الأول جمعه الرقعة على رقاع دون رقع فإن قيل أن جمع فعلة على فعل قياسي فلا اقتضاء لذكره، قلت هذه القاعدة غير مطردة عنده فإنه يذكر الجمع الذي لا محيد عنه كجمعه الجاموس على جواميس والدرهم على دراهم، وغير ذلك، ومثال الثاني أنه جمع الفتى على فتيان وفتوة وفتو وفتى وأهمل الفتية مع ورودها في آية الكهف ومع كونها أقيس من الفتوة، كما لا يخفى، ثم ذكر الفتى كفتى الشاب من كل شيء، وجمعه على فتاء بالكسر والجوهري جمعه على أفتاء مثل يتيم أيتام، ولم يتعرض لتخطئته خلافًا لعادته، وقال في نصف النصف مثلثة أحد شقي الشيء كالنصيف ج أنصاف فذكر جمع النصف وترك جمع النصيف ومثله قوله الأيم ككيس الحرة والقرابة إلى أن قال والحية الأبيض اللطيف أو عام كالأيم بالكسر ج أيوم فهذا الجمع يرجع إلى الحية فقط، وحقه الفتح كما في الصحاح ومثله قوله في مادة عفف العف والعفيف ج أعفاء وهو جمع العفيف فقط، بل أهمل أيضًا الجمع الثالث وهو أعفة وله نظائر،

• وقال في مادة أصل الأصل أسفل الشي كالياصول ج أصول وآصل، فذكر للأصل جمعين وأهمل جمع الياصول وعكس هذا الترتيب في قوله العجل ولد البقرة كالعجول ج عجاجيل وهو جمع العجول،

• الرابع أنه إذا كان للفظة الواحدة جموع كثيرة أوردها كلها جملة من دون تفصيل كقوله في جمع العبد عبدون وعبيد وأعبد وعباد وعبدان بالكسر والضم وعبدان بكسرتين مشددة الدال ومعبدة كمشيخة ومعابد وعبداء بكسر العين وتشديد الدال وعبدي بالقصر وعبد بضمتين وعبد كندس ومعبوداء جج أعابد، وهو يوهم أن الأعابد جمع الجمع لمعبوداء وليس كذلك بل يرجع إلى أعبد ويابعد ما بينهما، ثم لم يفرق بين العباد والعبيد فإن الزمخشري صرح في الأساس بأن العباد مختص بالله تعالى، فقال فيقال عباد الله وعبيد فلان ولا يقال عباد فلان اه، ونص سيبويه على أن العبد في الأصل صفة، قالوا رجل عبد ولذلك جمع بالواو والنون ثم استعمل استعمال الأسماء، ونقل الجوهري عن الأخفش أن العبد (كندس) ليس بجمع لأن فعلاً لا يجمع على فعل وإنما هو اسم بني على فعل مثل حذر وندس والمصنف لم يتعرض

ص: 205

لمناقشته،

• الخامس أنه لا يفرق بين جمع المفرد وجمع جمعه كقوله في سحب السحابة الغيم جمع سحاب وسحب وسحائب، فعرف المفرد وهو سحابة بالجمع وهو الغيم، والوجه أن يقال السحاب الغيم مفرده سحابة وجمعه سحب وجمع السحابة سحائب، ثم رأيت في المحكم ما نصه السحابة التي يكون عنها المطر، سميت بذلك لانسحابها في الهواء والجمع سحائب وسحب، وخليق أن يكون سحب جمع سحاب الذي هو جمع سحابة فيكون جمع جمع،

• وقوله البيضة واحدة بيض الطائر ج بيوض وبيضات والوجه أن يقال البيضة واحدة البيض ج بيضات وجمع البيض بيوض وكذا رأيته في المصباح وقس عليه،

• السادس أنه يقتصر على ذكر الجمع المكسر دون السالم سواء كان للمذكر أو المؤنث فيوهم بذلك أن الجمع السالم غير وارد كقوله الحر بالضم خلاف العبد، وخيار كل شيء والفرس العتيق إلى أن قال ج أحرار وحرار، ثم قال والحرة بالضم الكريمة وضد الأمة ج حرائر، فكان حقه أن يذكر الجمع السالم للحر وهو حرون لأنه صفة مشبهة وللحرة حرات، فإن كل كلمة فيها هاء التأنيث حقها أن تجمع بالألف والنساء، وذكر مثل هذا مفيد للجمهور وإن استغنى عنه الحذاق غير أن هذا القصور علم في جميع كتب اللغة، فإن صاحب المصباح اقتصر أيضًا على جمع الحرة حرائر، مع أنه جمع الضرة ضرات وضرائر،

• ومن الغريب هنا أنه أي المصنف جمع الطخية للأحمق على طخيون والضيطار على ضيطارون والعزه بالكسر وككتف والعزهى والعزهاة والعزهاء والعنزهو والعنزهوة بكسرهن والعنزهاني على عزاه وعزهون والخاتم والخاتم بفتح التاء وكسرها والخاتام والخيتام والخيتام والختم محركة على خواتم وخواتيم والأزهري جمع الدخلل على دخللون، وابن سيده جمع القليل على قليلون وأقلاء وقلل بضمتين وقللون،

• السابع أنه كثيرًا ما يذكر الجمع دون مفرده كقوله التخاتخة البخلاء، التراتير الجواري الرعز والتراتر الشدائد، الفوقة محركة الأدباء الخطباء، الدرج كسكر الأمور التي تعجز، الصكم كسكر الإخفاف، يقرجلح كسكر بلا قرون، الجبال الكبس كركع الصلاب الشداد، الصلافيم الرؤوس والأنياب، البلاليط الأرضون المستوية، الجسان كرمان الضاربون بالدفوف، المطاريق القوم المشاة، السبادرة الفراغ وأصحاب اللهو والتبطل، القمامسة البطارقة، الأهساء المتحيرون ومثله الأهكاء، الأهصاء الأشداء، الأهضاء الجماعات من الناس، الأكعاء الجبناء، الأهفاء الحمقى من الناس، فكأن الحق غير خاص بالناس، الأكهاء النبلاء من الرجال، المقاثب العطايا، فجميع هذه الجموع ذكرها ولم ينبه على مفردها أو عدم مجيئه، وإنما قال في الشعارير إنها لعبة لا تفرد وفي الضبار أنها الكتب بلا واحد، وفي التناشير أنها كتابة لغلمان الكتاب بلا واحد، وفي التماسي أنها الدواهي بلا واحد، وفي الخلابيس المتفرقون في كل وجه لا يعرف لها واحد أو واحدها خلبيس وفي التساخين أنها المراجل والخفاف

ص: 206

وشيء كالطيالس بلا واحد أو واحدها تسخن وتسخان وفي الجراشين العجاف من الإبل لا واحد لها، وفي الخور الكثيرات الريب لفسادهن بلا واحد وفي إبل جرافض أنها مهازيل ضوامر لا واحد لها وفي المراهص لم يسمع بواحدها ولم يتصد لتفسيرها وفسرها الشارح بأنها المراتب والدرجات، ونقل عن الجوهري والزمخشري أن واحدتها مرهصة، وفي أسل على آسال من أبيه أي شبه، وعلامات لا واحد لها، وذكر التجاويد وقال أنها لا واحد لها ولم يفسرها وكذلك المحشى والشارح لم يفسراها وإنما قالا أنها قد تكون جمع تجواد وهو كلام ابن سيده ونص عبارته وقول أبي صخر الهذلي، (تلاعب الريح بالعصرين قسطله

والوابلون وتهتان التجاويد) يكون جمعًا لا واحد له كالتعاشيب والتعاجيب والتباشير، وقد يكون جمع تجواد اه، وعندي أنه يصح أن يكون جمع تجويد على القياس وهذا الحرف ليس في الصحاح.

ومما ذكره من الجموع على فعل بضمتين من دون ذكر مفرده إلا ما ندر

الحلب جمع حلوب وحلوبة.

الفجج الثقلاء ومثله الفتج.

الخشب جمع خشب وجعله ابن سيده جمع خشبة مثل الخشب محركة والشارح لم يتعرض له، وتمام الغرابة قوله مثل شجرة وشجر مع أن المصنف لم يذكر الخشبة.

المججج السكارى.

القلب جمع قليب للبئر.

الملج الجداء الرضع.

النخب جمع نخيب للجبان.

النسج السجادات ولم يذكر السجادات في مادتها.

البلج النقيوا مواضع القسمات ومن الشعر وفي نسخة مصر النقي وهو غلط.

النفج الثقلاء.

الحجج الطرق المحفرة.

الولج النواحي والأزقة ومغارف العسل.

الزلج الصغور الماس.

الهلج الأضغاث في النوم ولو قال أضغاث الأحلام لكان أولى.

السجج الطايات الممدرة والنفوس الطيبة والطايات جمع طاية وهو السطح وعندي أن الذي بمعنى النفوس تصحيف السحج بالحاء المهملة.

النبح العطايا كأن أصله منح هذه عبارته نقلاً عن العباب.

الصلج الدراهم الصحاح.

الرجح الجفان الواسعة.

الصنج قصاع الشوزى.

الردح جمع رداح ذكرها الشارح.

الزلح الصحاف الكبار.

الزنح المكافئون على الخير والشر.

الشنح السكارى ومثله الفثح.

الطحمح المساجح.

ص: 207

الفحح الأفاعي الهائجة.

الشنط اللحمان المنضجة.

الكحح العجائز الهرمات.

الضطط الدواهي.

الوكح الفراخ الغليظة.

العلط القصار من الحمير والطوال من النوق.

الحتد العيون المتسلة.

الغبط جمع غابط وغبيط.

الحند الإحياء أي الركايا والآبار وقد تقدم أنها تصحيف الحتد بالتاء.

الكلط الرجال المتقلبون فرحًا ومرحًا.

الردد القباح من الناس.

التخط اللاعبون بالرماح والقاطعون اللقم نصفين.

السدد العيون المفتحة لا تبصر بصرًا قويًا وهي عين سادة.

التسط الذين يستخرجون أولادها إذا تعسر ولادها (كذا) وفي العباب الذين يستخرون أولاد النوق.

العبد جمع عبد وتقدم عن الجوهري إنكاره.

النطط جمع الأنط السفر البعيد.

العتر الفروج المنعظة.

النعط المسافرون بعيدًا.

البسس الأسوقة الملتوية والنوق الأنسية ولم يذكر في سوق أن السويق يجمع على أسوقة.

النفط الطوال من الناس.

التسس بالتاء الأصول الرديئة وقد تقدم أنها تصحيف النسس بالنون.

الوطط الضعفى العقول والأبدان.

الخنس الورعون المتقون.

الهطط العلكى من الناس.

الدسس الأصنة الفائحة والمراؤون بأعمالهم.

الرجع جمع الرجيع وهو المردود من الكلام الخ.

القسس العقلاء والساقة الحذاق.

الملع جمع مليع وهو الأرض الواسعة أو التي لا نبات بها الخ.

اللسس الحمالون الحذاق.

النطع المتشدقون.

النبس الناطقون والمسرعون.

النكع النساء القصيرات.

النطس الأطباء الحذاق.

الوقع الأرضون لا تكاد تنشف الماء.

النكس المدرهمون من الشيوخ بعد الهرم، يقال ادرهم بصره أي أظلم ومثله ادلهم.

الجلف نعت السنين التي تجلف الأموال أي تذهبها.

الهلس النقة والضعفى وإن لم يكونوا نقها.

السقف جمع سقف.

البلط المجان من الصوفية والفارون من العسكر.

الظلف جمع ظليف وقال بعد أسطر ونالميف النفس نزهها.

الحطط الأبدان الناعمة

السطط الظلمة الجائرون وعندي أنها تصحيف الشطط

النجف الأخلاق من الشنان

ص: 208

النصف جمع نصف محركة وهي المرأة بين الحدثة والمسنة.

الأجم جمع أجمة.

الوظف جمع وظيف وهو مستدق الذراع والساق من الخيل وغيرها.

الأدم جمع إدام والمصنف جمعه على آدمة وآدام.

الخنق الفروج الضيقة.

الحذم الأرانب السراع واللصوص الحذاق.

الرمق الفقراء المتبلغون بالرماق للقليل من العيش والحسدة.

الحرم جمع حريم.

السقق المغتابون للناس.

الختم فصوص مفاصل الخيل الواحد ككتاب وعالم بفتح اللام ونص ابن الأعرابي ككتاب وسحاب.

الصنق الأصنة.

الحشم ذوو الحياء ولو قال ذوو الحشمة لكان أولى.

العرق جمع عراق لشاطئ البحر.

الرجم النجوم التي يرمى بها وحقه أن يقول التي يرجم بها.

العزق مذروا الحنطة والسيئوا الأخلاق.

الرمم الجواري الكيسات.

العشق المصلحون غروس الرياحين.

السطم الأصول.

العفق الذئاب.

السهم العقلاء الحكماء.

الغسق المتشددون على غرمائهم.

الشجم الطوال الخبثاء الدواهي.

البلك أصوات الأشداق.

الشخم المستدوا الأنوف من الروائح.

الحكك أصحاب الشر والملحون في طلب الحوائج.

الشنم المقطعوا الآذان.

السنك المحاج البينة.

العطم الهلكى.

الورك جمع وراك ثوب يزين به المورك.

الفطم جمع فطيم.

الأتل سيأتي في الوتل.

الهسم الكارون لغة في الحسم.

الأصل جمع الأصيل فسره بالعشى.

الهشم الجبال الرخوة والحلابون للبن.

أيام عذل شديدة الحر.

الهلم ظباء الجبال.

العسل الرجال الصالحون.

الأسن الخلق بضمتين.

العظل المأبونون.

العبن السمان الملاح منا.

الندل خدم الدعوة.

العمن المقيمون.

الوتل الرجال الذين ملأوا بطونهم من الشراب جمع أوتل.

العين جمع عيان لحديدة في متاع الفدان هذه عبارته.

ص: 209

ثم إن قياس فعل بضمتين أن يكون جمع فعال نحو كتاب وكتب أو جمع فعول نحو صبور وصبر أو جمع فعيلة نحو مدينة ومدن، وهو أقل، وهذه الأبنية الثلاثة لم أتعرض لها لكثرتها وغيرها مطرد، ذكر المصنف منه الحلب ونبه على أنه جمع حلوب وحلوبة والخشب جمع خشب والقلب جمع قليب للبئر والحتد جمع حتد محركة وحتود والحند بالنون جمع جنود والسدد جمع سادة والعتر جمع عاتر وعتور والغبط جمع غابط وغبيط والنعط جمع ناعط والنجف جمع نجيف والملع جمع مليع والنكع جمع نكوع والنسف جمع نسف والرمق جمع رامس ورموق والفسس جمع فسيس والشرف النوق جمع شارف والصنع جمع صناع والذرب جمع ذرب ككتف والعطم جمع عاطم وعطيم، وأغربها النطط جمع الأنط للسفر البعيد وما أحد يعلم مفرد الباقي سوى الواضع،

• قال صاحب اللسان جمع الفطيم فطم مثل سرير وسرر، قال ابن الأثير جمع فعيل في الصفات على فعل قليل في العربية، وما جاء منها شبه بالأسماء كنذير ونذر، وأما فعيل بمعنى مفعول فلم يرد إلا قليلاً نحو عقيم وعقم وفطيم وفطم،

• ومن أمثلة ما ذكر مفرده دون جمعه وهو كثير يفوق الاستيعاب ويعز حزره على المبتدئ الدودري وهو الذي يذهب ويجيء في غير حاجة، وهذه اللفظة أوردها في مادة درر ووزنها على يهيرى بفتح اليائين وتشديد الراء وهو وزن مجهول، ثم أورد الدودري كضوطرى للجارية القصيرة في مادة دور وعندي أن اللفظين ينبغي أن يوضعا في مادة واحدة وهي دودر كما وضع الدهدر في دهدر، وبقي شيء وهو أن المصنف ذكر هنا الضوطري ولم يذكره في بابه إلا قوله وبنو ضوطري الجوع وهو غريب، فإنه عرف الجمع بالمفرد وهو كقوله بنات طمار الداهية ثم طالعت تاج العروس فوجدت فيه ما نصه: والصواب وأبو ضوطري كنية الجوع وبنو ضوطري حي معروف كذا في المحكم، وقال أيضًا وقيل الضوطري الحمقى قال وهو الصحيح، قال ويقال للقوم إذا كانوا لا يغنون غناء بنو ضوطري ومنه قول جرير يخاطب الفرزدق.

(تعدون عقر النيب أفضل مجدكم

بنو ضوطري لولا الكمى المقنعا)

يريده هلا الكمى ويروي المدججا قلت ورواية الصغاني في العباب:

(تعدون عقر النيب أفضل سعيكم

بنو ضوطري هلا الكمى المقنعا).

وبقي النظر في رفعه بنو إذ الظاهر أنه منادى،

• ومن ذلك الخجوجي ذكره في باب الجيم وفسره بالطويل الرجلين ثم أعاده في المعتل وفسره بأنه الطويل الرجلين أو الطويل القامة الضخم العظام، واقتصر الجوهري على إيراده في المعتل وقال وزنه فعوعل ونظيره وزنًا الحفنجي الرجل الرخو الذي لا غناء عنده وكذا الخفنجي بالعجمة أورده الأولى في مادة على حدتها بعد حضج ثم أورد بعد الحفلج كعملس التصير وأورد الثانية في خفج،

• الزمكي بتشديد الكاف ذنب الطائر، رجل عكوك بتشديد الواو وهو القصير الملزز أو السمين.

ص: 210

الأردب كقرشب مكيال معروف لأهل مصر، وقال ابن بري ليس بصحيح لأن الإردب لا يكال به وإنما يكال بالويبة، السبعطري الطويل جدًا ومثله وزنًا ومعنى الضبغطري إلى غير ذلك من الألفاظ التي يشكل جمعها على غير المتضلع من علم اللغة بل ربما أهمل من الجموع ما لا يستغنى عنه فإنه لم يذكر جمع البرج ولا جمع الجند ولا جمع القح، ولذلك نظائر لا يمكن حصرها، وثم أيضًا نوع من الإبهام وهو إيراده المذكر من دون تنبيه على مؤنثه وهو خلاف ما نص عليه في الخطبة.

هذا وكما أنه لم يحافظ بالإطراد على هذه الصيغ التي تقدم ذكرها بالاختصار كذلك لم يحافظ على ذكر المعرب، فقد أورد الكرويين مخففة الراء في كرب وفسرها بسادة الملائكة ولم يقل أنها معربة وهي لفظة عبرانية أصلها كروبيم، ومفردها كروب، فإن الياء والميم في هذه اللغة علامة الجمع، وقد ذكرت في التوراة غير مرة وترجمت إلى سائر اللغات بهذا اللفظ واشتقاقها من فعل يدل على القرب فهو نظير كرب بلغة العرب،

• ومما لم يذكر تعريبه في باب الجيم وحده البسفانج أورده منكرًا وحقه أن يعرف، والبارنج والبسفاردانج أورده أيضًا منكرًا وحقه التعريف والبنج والبظماج والبنفسج والبهرامج والباذروج والبهرج والجوزاهنج أورده أيضًا منكرًا والدهنج جوهر كالزمرد والأرندج والراهنامج والزبرج والاستاج والسرنج والسفتجة والاسفيداج والأسفنج والسنباذج والشهدانج والشاهترج والشاذنج والصولجان والصهريج والقبج والقوانج والكوسج والنلنج والأهليلج،

• ومن ذلك البند في معنيه والسمسار والفرفير والدهليز والجلفاظ والنفط وله نظائر تفوت الاستقصاء وخصوصًا في باب القاف، فإن العرب تلحق في آخر اللفظ المعرب جيمًا أو قافًا،

• وربما تعرض لاشتقاق المعرب فأخطأ كقوله في الترياق أنه من اليوناني وأن أصله تريا وقاء، مع القاف لا توجد في لغة اليونان ولا في غيرها من لغات الأفرنج وكذلك الهمزة المتطرفة لا توجد إلا في لغة العرب، وسيأتي مزيد تفصيل له،

• وكقوله في سوف الفيلسوف يونانية أي محب الحكمة أصله فيلا وهو المحب وسوفا وهو الحكمة، والاسم الفلسفة مركبة كالحوقلة وهو غير صحيح فإن النطق بها في أصلها فيلوسوفيا، وباللفظ الثاني سميت الكنيسة المشهورة بالقسطنطينية على أن قوله كالحوقلة يقتضي ذكر الفلسفة في مادة على حدتها لا في سوف، ولم يذكر الحوقلة في بابها، ويقال فيها أيضًا الحولقة، وقول اليونان محب الحكمة هو كقول المولدين الآن طالب علم، ولاسيما أهل تونس احترامًا للعلم،

• ثم إن المصنف لا يفرق بين أن يقول مثلاً رومي أو معرب عن الرومي حتى تعلم حقيقة لفظه، فإن الأسماء المعربة قد تبقى على وزنها بعد تعريبها وقد تغير وتلحق بوزن اللفظ العربي، ففي شفاء الغليل ما نصه: قال سيبويه الاسم المعرب من كلام العجم ربما ألحقوه بابنية كلامهم وربما

ص: 211

لم يلحقوه، فما ألحقوه بأبنيتهم درهم وبهرج، ومما لم يلحقوه الآجر والأفرند إلى آخر ما ذكر، وبقي النظر في قول المصنف الديزج من الخيل معرب ديزه ولما عربوه فتحوه، فإنهم لو تركوه مكسورًا لكان مثل الدرهم والزئبق، وفي قوله في مواضع كثيرة معرب من دون أن يذكر الأصل الذي عرب منه،

• ويعجبني منه كثيرًا مخالفته للجوهري في الجوهر، فإن الجوهري زعم أنه معرب وهو أورده مطلقًا ونص عبارته الجوهر كل حجر يستخرج منه شيء ينتفع به، ومن الشيء ما وضعت عليه جبلته اه، واشتقاقه ظاهر فهو على حد قولهم الوضح للدرهم الصحيح ولحلى من الفضة ويطلق أيضًا على القمر،

• وهنا ملاحظة وهي أن بعض أهل العلم يقولون أنه متى وجد فعل كان شاهدًا على أن اللفظ عربي، واستشهدوا على ذلك بلفظ الديوان فقالوا أنه عربي؛ لأنه يقال دونت الكلمة إذا ضبطتها وقيدتها، فالديوان موضع تضبط فيه أحوال الناس وتدون فيه، وعندي أن ذلك غير صحيح على الإطلاق فإن العرب تأخذ اللفظ العجمي وتتصرف فيه كما تتصرف في اللفظ العربي، كقول سيدنا علي نورزوا كل يوم، كما في المزهر وفي رواية المصنف: نيرزونا، وكقوله أيضًا: مهرجوا لنا كل يوم، وقد قالوا دنروجهه ودينار مدنر وأساطين مسطنة، وقاطير مقنطرة، وقالوا من الطيلسان تطلس ومن القرطق تقرطق، وقال المصنف في الذال النواخذة ملاك سفن البحر أو وكلاؤهم معربة الواحد ناخذاة اشتقوا منها الفعل، وقالوا تتخذ كترأس، وهو شائع في جميع اللغات، وعندي أن دبج من الديباج، وبناء على ذلك أي على أن العرب تتصرف في اللفظ العجمي، لم يكن الرد على من زعم أن الكنز معرب بقوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ} [التوبة: 34] كما رأيته في هامش شفاء الغليل ردًا قاطعًا، وإنما يرد عليه بأن يقال أن الكاف والنون وما يليهما من الحروف كلها أو جلها يدل على الستر والإخفاء، فالكنز غير خارج منها؛ لأنهم عرفوه بأنه المال المدفون، وفضلاً عن ذلك فإن الكنز ليس من الأشياء التي لم تكن معروفة للعرب كالديباج والإستبرق، ومن ثم أقول أن اللجام أيضًا عربي؛ لأنه كان لازمًا للعرب مثل السرج والركاب، أما ما كان غير معروف عندهم من أنواع المأكول والملبوس والمفروش والنبات فأقول بتعريبه، ولا شين في ذلك على العربية فإن جميع اللغات يستعير بعضها من بعض، وإنما الشين أن يكون للعرب ألفاظ عديدة مترادفة ثم يستعيروا من العجمية لفظة بمعناها، كاستعارتهم لفظة الرساطون للخمر مثلاً، مع أن أسماءها في العربية تنيف على مائة كما في حلبة الكميت ذكر منها الإمام السيوطي في المزهر ثمانين، كما أن من الشين أن ينسب اللفظ العربي الفصيح إلى اللغة العجمية كقول صاحب الكليات عن ابن عباس رضي الله عنه: أن هيت لك بالقبطية، مع أنها من أخوات هاء وها وهيا وهئ وهاى وهيك وهيه، في كونها وضعت للتنبيه والاستدعاء وهو وضع طبيعي مصطلح عليه في كل لغة

ص: 212