المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النقد الخامس: (في ذهوله عن نسق معاني الألفاظ على نسق أصلها الذي وضعت له بل يقحم بينها ألفاظا أجنبيا تبعدها عن حكمة الواضع) - الجاسوس على القاموس

[الشدياق]

فهرس الكتاب

- ‌النقد الأول: (في الكلام على خطبة المصنف)

- ‌النقد الثاني: (في إيهام عبارة القاموس ومجازفتها وفيه القلب والإبدال)

- ‌النقد الثالث: (في إبهام عبارة القاموس في المصدر والفعل والمشتقات والعطف والجمع)

- ‌النقد الرابع: (في قصور عبارة المصنف وإبهامها وغموضها وعجمتها وتناقضها)

- ‌النقد الخامس: (في ذهوله عن نسق معاني الألفاظ على نسق أصلها الذي وضعت له بل يقحم بينها ألفاظًا أجنبيًا تبعدها عن حكمة الواضع)

- ‌النقد السادس: (في تعريفة اللفظ بالمعنى المجهول دون المعلوم الشائع)

- ‌النقد السابع: (فيما قيده في تعاريفه وهو مطلق)

- ‌النقد الثامن: (في تشتيته المشتقات وغيرها)

- ‌النقد التاسع: (فيما أهمل وضع الإشارة إليه وأخطأ موضع إيراده)

- ‌النقد العاشر: (فيما ذكره مكررًا في مادة واحدة)

- ‌النقد الحادي عشر: (في غفوله عن الأضداد)

- ‌النقد الثاني عشر: (في غفوله عن القلب والإبدال)

- ‌النقد الثالث عشر: (في تعريفه الدوري والتسلسلي)

- ‌النقد الرابع عشر: (فيما ذكره من قبيل الفضول والحشو والمبالغة واللغو)

- ‌النقد الخامس عشر: (في خلطه الفصيح بالضعيف والراجح بالمرجوح وعدوله عن المشهور)

- ‌النقد السادس عشر: (فيما لم يخطئ به الجوهري مع مخالفته له وفيما خطأه به ثم تابعه عليه وفيما خطأه به تعنتًا وتحاملاً)

- ‌النقد السابع [عشر]: (فيما قصر فيه المصنف عن الجوهري)

- ‌النقد الثامن عشر: (في أنه يذكر بعض الألفاظ الاصطلاحية ويهمل بعضها)

- ‌النقد التاسع عشر: (في نبذة من الألفاظ التي ذكرها في مادتها فلتة، أعني أنه فسر بها ما قبلها أو علق المعنى عليها من غير أن يتقدم لها ذكر)

- ‌النقد العشرون: {فيما ذكره في غير موضعه المخصوص به او ذكره ولم يفسره}

- ‌النقد الحادي والعشرون: {فيما ذكره في موضعين غير منبه عليه وربما اختلفت روايته فيه}

- ‌النقد الثاني والعشرون: {فيما وهم فيه لخروجه عن اللغة}

- ‌النقد الثالث والعشرون: {في خطأ صاحب القاموس وتحريفه وتصحيفه ومخالفته لائمة اللغة}

- ‌النقد الرابع والعشرون: {في غلطه في تذكير المؤنث وتأنيث المذكر خاصة}

الفصل: ‌النقد الخامس: (في ذهوله عن نسق معاني الألفاظ على نسق أصلها الذي وضعت له بل يقحم بينها ألفاظا أجنبيا تبعدها عن حكمة الواضع)

‌النقد الخامس: (في ذهوله عن نسق معاني الألفاظ على نسق أصلها الذي وضعت له بل يقحم بينها ألفاظًا أجنبيًا تبعدها عن حكمة الواضع)

قد ذكرت في المقدمة أن أئمة اللغة يقدمون المجاز على الحقيقة غالبًا أو يعدلون عن تفسير الألفاظ بحسب وضعها الأصلى غير أن المصنف زاد عليهم كثيرًا في هذا النوع حتى أدته الزيادة إلى مخالفة سائر اللغويين،

• فمن أمثله ذلك قوله في فاء الفيء ما كان شمسًا فينسخه الظل والغنيمة والخراج والقطعة من الطير والرجوع كالفيئة والفيئة والإفاءة والاستفاءة والتحول، إلى أن قال والفيبة طائر كالعقاب والحين،

• وحق التعبير ان يبدأ بالرجوع لأن الظل مأخوذ منه ألا ترى أن الجوهري ابتدأ هذه المادة بقوله فاء يفيء رجع وإفاءة غيره رجعه إلى أن قال والفيء ما بعد الزوال من الظل، وإنما سمي الظل فيئًا لرجوعه من جانب إلى جانب اه، ومن معنى الرجوع أيضًا الغنيمة والخراج وعبارة لسان العرب الفيء ما كان شمسًا فنسخه الظل وإنما سمي الظل فيئًا لرجوعه من جانب إلى جانب وفاء الشيء فيئًا تحول وحكى أبو عبيدة عن روبة كل ما كانت عليه الشمس فزالت عنه فهو فيء وظل وما لم تكن عليه الشمس فهو ظل، ويقال للحديدة إذا كلت بعد حدتها قد فأت وفي الحديث الفيء على ذي الرحم أي العطف عليه والرجوع إليه بالبر أبو زيد أفأت فلانًا على الأمر إفاءة إذا أراد أمرًا فعدلته إلى أمر غيره وفاء واستفاء كفاء وإنه لسريع الفيء والفيئة أي الرجوع وإنه لحسن الفيئة بالكسر مثل الفيعة أي حسن الرجوع وتفيأت المرأة لزوجها تثنت عليه وتكسرت له تدللاً والعرب تقول يافي مالي تتأسف بذلك وهنا ملاحظة من عدة أوجه: أولها: أن الفيء أصله مصدر فاء بمعنى رجع ومثله باء ومقلوبه آب،

• الثاني: أن المصنف لم يصرح بالفعل فخالف في ذلك الصحاح واللسان وليس في عبارته أيضًا ما يدل على كون الفيء مصدرًا سوى قوله والتحول وهي دلالة بعيدة،

• الثالث أن المحشى قال أغفل المصنف الرباعي متعديًا وذكره الجوهري فقال فاء يفيء فيئًا رجع وأفاءه غيره رجعه وقوله والفيئة طائر كالعقاب لم يذكره الجوهري ولا ابن سيده ولا غيرهما من أهل اللغة ممن تصدى لذكر الحيوانات كالدميري في حياة الحيوان ولا الأطباء ولا غيرهم اه، وهو غريب جدًا فإن الصغاني حكى في العباب الفيئة الحدأة التي تصطاد الفراريج من الديار وعبارة ابن سيده في المحكم الفيئة طائر يشبه العقاب فإذا خاف البرد انحدر إلى اليمن ومثلها عبارة اللسان وأغرب من

ص: 263

ذلك أن الشارح نقل عبارة اللسان ولم يتعرض للرد على المحشى في إنكاره الفيئة خلافًا لعادته،

• الرابع أن قول المحشى أغفل المصنف الرباعي متعديًا وذكره الجوهري صحيح من وجه، فإن المصنف بعد أن ذكر الغنيمة قال وأفاءها الله تعالى على فقيده بالغنيمة وقد فاته المعنى الآخر الذي ذكره صاحب اللسان وهو أفأت فلانًا على الأمر إذا أراد أمرًا فعدلته إلى أمر غيره ويظهر لي أن تعديته بعن أولى من تعديته بعلى لكن النسخة التي نقلت منها صحيحة، وكذلك فاته تفيأت في الشجرة وتفيأت الظلال وفي التنزيل العزيز:{يَتَفَيَّؤُا ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَآئِلِ} {النحل: 48] وتفيؤ الظلال رجوعها بعد انتصاف النهار، وتفيأت الشجرة وفيأت وفاءت كثر فيئها وفيأت المرأة شعرها حركته من الخيلاء والريح تفيئ الزرع والشجر تحركهما وأفأت إلى قوم فيئًا إذا أخذت لهم سلب قوم آخرين فئجتهم به، وأفأت عليهم فيئًا إذا أخذت لهم فيئًا أخذ منهم كما في الشارح،

• ومن الغريب أن الشارح أورد هذا كله ولم يقل أنه مستدرك خلافًا لعادته،

• أما تفيأت المرأة لزوجها فإن المصنف أوردها بالقاف مكابرة وستعاد في النقد الأخير،

• الخامس: أن قول صاحب اللسان فنسخه الظل أفصح من قول المصنف فينسخه،

• السادس أن قول العرب يافئ مالي يؤول إلى معنى الرجوع وأصله أن يقوله من ذهب عنه شيء فهو يطلب رجوعه فلا يحسن فصله عن المعنى الأول وهذا الحرف ليس في الصحاح،

• السابع: أن الفيئة بمعنى الحين من معنى الرجوع فليست تصحيف الفينة بالنون وهذا أيضًا ليس في الصحاح،

• الثامن أن المصنف جعل الفيئة بالكسر مصدرًا وهي في اللسان اسم النوع،

• ومن ذلك قوله في حلل حل المكان وبه يحل ويحل نزل به إلى أن قال بعد ثلاثة وعشرين شطرًا وحل عدا والعقدة نقضها وحقه أن يبتدئ بحل العقدة كما فعل الجوهري والصغاني لأن الظاعنين إذا وصلوا إلى الوجه الذي نووه فأول شيء يفعلونه حل الأحمال عن المطايا وعندي أن قول المصنف وغيره وبه إشارة إليه فكأنه قيل حلوا الأحمال المكان لكن هذه الإشارة صدت منه عن غير قصد ومن معنى حل العقدة أيضًا حل الشيء أي صار حلالاً فتأمله، وحلأ الجلد أي قشره وبشره وحلب البقرة وحلت رأسه أي حلقه وحلت الصوف أي مزقه وحلج القطن وحلز الأديم والعود أي قشرهما وحلست السماء أي دام مطرها وهو حليف اللسان أي حديده وغير ذلك وهو دليل على أصالته،

• وقوله السبت الراحة والقطع والدهر وحلق الرأس وإرسال الشعر عن العقص وسير للإبل والحيرة والفرس الجواد والغلام العارم الجريء وضرب العنق ويوم من الأسبوع الخ، وحقه أن يبتدئ بالقطع رجوعًا إلى السب ومنه معنى حلق الرأس وضرب العنق ويوم من الأسبوع لانقطاع الأيام عنده كما في الصحاح ومنه أيضًا الراحة لانقطاع الإنسان عن العمل وكذلك الحيرة فكان عليه أن يضم هذه المعاني بعضها إلى بعض وكما أنه جاء الامتداد من مادة سب في السب

ص: 264

بالكسر والسبب والسبة بالفتح وهي الزمن كذلك جاء هنا في السبت بمعنى الدهر وإرسال الشعر وسير للإبل، فإن الشارح فسره بسير فوق العنق أما الغلام الجريء ففسره الشارح بالكثير الجري فيكون من معنى السير غير أنه في القاموس مهموز وهو أنسب بمعنى العارم،

• وفي التهذيب واتفق أهل العلم على أن الله تعالى ابتدأ الخلق يوم السبت ولم يخلق يوم الجمعة سماء ولا أرضًا وقال أبو عبيدة: إن السبت هو آخر الأيام وسمي يوم السبت لأنه سبت فيه خلق كل شيء أي قطع، وقال السهيلي لم يقل بأن أوله الأحد إلا ابن جرير كذا في الشارح، وفي المصباح وفي مادة جمع وأما الجمعة بسكون الميم فاسم لأيام الأسبوع وأولها يوم السبت، قال أبو عمرو الزاهد في كتاب المداخل أخبرنا ثعلب عن ابن الأعرابي قال أول الجمعة يوم السبت وأول الأيام يوم الأحد هكذا عند العرب اه، قلت اسم الأحد في الجاهلية أو واسم السبت شيار،

• وقوله الطنء بالكسر يقيه الروح والمنزل والبساط والميل بالهوى والأرض البيضاء والروضة والريبة والداء وبقية الماء في الحوض وشيء يتخذ للصيد والرماد الهامد والفجور وحظيرة من حجارة والهمة فهذه معان لا يعرف لها أصل ولا فرع ولا رأس ولا ذنب ولكن إذا فرضنا أن الأصل فيها مجهول لم يجهل أن بقية الروح يجب أن تعطف على بقية الماء في الحوض، والريبة يجب اقترانها بالفجور والميل بالهوى والحظيرة من حجارة بما يتخذ للصيد وعندي أن أصل هذه المعاني كلها بقية الماء في الحوض؛ لأن ملاحظةا لعرب للماء أكثر دورانًا في الكلام ثم شبه به بقية الروح في البدن والرماد الهامد ثم الريبة ثم الفجور ثم الميل بالهوى ثم الداء وبقي الإشكال في الباقي ومعنى الريبة والرماد الهامد والداء والفجور والبساط وارد أيضًا في المعتل،

• وقوله ثمأ رأسه شدخه والخبز ثرده والوجه العكس كما هي عبارة اللسان ويشهد لذلك عبارة المصنف نفسه في ثرد حيث قال ثرد الخبر فته، والخصية دلكها مكان الخصاء والذبيحة قتلها من غير أن يفري أوداجها،

• ونحوه قوله ذرأ فوه سقط والأرض بذرها والوجه العكس وقوله سقط فوه أي سقط ما فيه من الأسنان،

• ومن ذلك قوله في حرث الحرث الكسب وجمع المال والجمع بين أربع نسوة والنكاح بالمبالغة والمحجة المدودة بالحوافر وأصل جردان الحمار والسير على الظهر حتى يهزل والزرع وتحريك النار والتفتيش والتفقه وتهيئة الحراث كسحاب لفرضة في طرف القوس يقع فيها الوتر،

• وعبارة المحكم في أول المادة الحرث والحراثة العمل في الأرض زرعًا كان أو غرسًا وقد يكون الحرث نفس الزرع ونحوها عبارة اللسان وعبارة الأساس حرث الأرض أثارها للزراعة ومن المجاز حرث النار حركها وفي مفردات الراغب الحرث إلقاء البذر في الأرض وتهيئتها للزرع وفي شرح المعلقات للقاضي الزوزني أصل الحرث إصلاح الأرض وإلقاء البذر فيها ثم يستعار للسعي والكسب كقوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ} [الشورى: 20]

ص: 265

فقد رأيت ما في عبارة المصنف من الخلل، ولا سيما تقديمه جردان الحمار على الزرع،

• وقوله في حوب الحوب الحزن والوحشة والغن والجهد والمسكنة والنوع والوجع فكان حقه أن يضم النوع إلى الفن ويذكرهما بعد الوجع وهذا التشتيت في كتابه لا يحصر ولم يتعرض له المحشى ولا الشارح وأعظم ما جاء منه تشتيت معاني العجوز فطابق بين ترتيبها وترتيب سر الليال،

• وقوله في عبس عوبس كجعفر اسم ناقة عزيرة وعبس وجهه يعبس عبسًا وعبوسًا كلح فقدم اسم الناقة على الفعل مع أنه وارد في التنزيل، فكيف سهل عليه أن يؤخره وما الداعي لذلك على أنه نسب العبوس إلى الوجه وهو في التنزيل راجع إلى الإنسان فخالف التنزيل وترتيب اللغة،

• وعبارة الصحاح في أول المادة عبس الرجل يعبس عبوسًا كلح وعبس وجهه شدد للمبالغة ولم يذكر اسم الناقة،

• وعبارة المصباح عبس من باب ضرب عبوسًا قطب وجهه،

• وقوله في أول مادة جمس الجاموس م معرب كاوميش ج الجواميس وهي جاموسة وجموس الودك جموده الخ، فكان عليه أن يبتدئ أولاً بالفعل كما فعل صاحب المصباح ونص عبارته جمس الودك جموسًا من باب قعد جمد والجاموس نوع من البقر كأنه مشتق من ذلك لأنه ليس فيه لين البقر في استعماله في الحرث والزرع والدياسة اه، ومهما يكن من الخلاف في اشتقاقه فلا خلاف في وجوب تقديم الفعل عليه ولو عند من جزم بأنه معرب لأن اللفظ العربي يجب تقديمه على اللفظ العجمي وذكره الجمع هنا لا حاجة إليه ومن الغريب أن الجوهري مع تحريه وترويه ذكر الجاموس قبل جموس الودك،

• ونحو من ذلك قوله في أول مادة خفق الخيفق كصيقل الغلاة الواسعة مع أن الجوهري أشار إلى أنها سميت خيفقًا لخفقان السراب فيها ولذلك ابتدأ للمادة بخفقت الراية وفي هذه المادة فات المصنف الخفوق بمعنى الخفقان وعليه قول المتنبي:

(وخفوق قلب لو رأيت لهيبه

يا جنتي لرأيت فيه جهنما)

ونحو من ذلك قوله في قمع المقمعة كمكنسة العمود من الحديد أو كالمحجن يضرب به رأس الفيل وخشبة يضرب بها الإنسان على رأسه ج مقامع وقمعه كمنعه ضربه بها اه، فكيف تكون الآلة قبل الفعل غير أن الجوهري سبقه إلى ذلك، وقوله ج مقامع فضول فأنه معلوم ثم قال بعده وفلانًا صرفه عما يريد وضرب رأسه وهو تكرير فهكذا يكون التأليف،

• ومن ذلك قوله في عبر عبر الرؤيا عبرًا وعبارة وعبرها فسرها وأخبر بما يؤول إليه أمرها وعبر عما في نفسه أعرب وعبر عنه غيره إلى أن قال وعبر الوادي ويفتح شاطئه وناحيته وعبرة عبرًا وعبورًا قطعه من عبر إلى عبر والوجه أن يبتدئ بهذا الفعل أولاً لأن عبر الرؤيا مجاز عنه إذ حقيقة معناه أجازه المجهول من الرؤيا إلى معلوم تشبيهًا بعبور النهر كما لا يخفى وغير محتمل أن العرب فكرت في عبر الرؤيا قبل عبر النهر،

• وعبارة المصباح في أول المادة عبرت النهر

ص: 266

عبرًا من باب قتل وعبورًا قطعته إلى الجانب الآخر ومثلها عبارة العباب وقوله النهر أحسن من قول للمصنف الوادي والجوهري ابتدأ بالعبرة اسم من الاعتبار إلى أن قال بعد خمسة عشر يطرًا وعبرت النهر وغيره أعبره عبرًا عن يعقوب وعبورًا وعبرت الرؤيا أعبرها عبارة فسرتها فقد أحسن الجوهري في أنه قدم عبور النهر على عبر الرؤيا إلا أنه لم يفسره ولم يبتدئ به، وهذا البحث تقدم في أول الكتاب،

• ومن ذلك قوله في أول مادة حبر الحبر بالكسر النقس وموضعه المحبرة بالفتح لا بالكسر وغلط الجوهري إلى أن قال والأث وأثر النعمة والحسن والوشى بالتحريك الأثر كالحبار والحبار وقد حبر جاده ضرب فبقي أثره الخ، وحقه أن يبتدئ بالأثر لأن العرب عرفته قبل أن تعرف الحبر الذي بمعنى المداد،

• ومن ذلك قوله في أول مادة عرض العروض مكة والمدينة حرسهما الله تعالى وما حولهما والجوهري ابتدأ هذه المادة بقوله عرض له أمر كذا يعرض أي ظهر وصاحب المصباح بقوله عرض الشيء بالضم عرضًا وزان عنب وعراضة بالفتح اتسع عرضه وعبارة الجوهري أصح من عبارة المصباح من وجهين أحدهما: أن الفعل المضموم العين يكون بعد الفعل المفتوحها الثاني أن معنى العرض مأخوذ من معنى الظهور فتأمله،

• ومن ذلك قوله في أول خمر الخمر ما أسكر من عصير العنب أو عام كالخمرة وقد يذكر والعموم أصح لأنها حرمت وما بالمدينة خمر عنب وما كان شرابهم إلا البسر والتمر سميت خمرة لأنها تخمر العقل وتستره أو لأنها تركت واختمرت أو لأنها تخامر العقل أي تخالطه والعنب والستر والكتم كالأخمار الخ، فهو قد أقر بأنها سميت خمرًا لأنها تخمر العقل أي تستره فكان عليه أن يبتدئ بالفعل ويقول وبمصدره سمي الشراب الذي يتخذ من العنب وكان حقه أيضًا ان يقول الخمر ما أسكر من عصير العنب مؤنث وقد يذكر أو عام، والعموم أصح وقوله وما كان شرابهم إلا البسر والتمر حقه من عصير البر والتمر كما لا يخفى وقوله أو لأنها تخامر العقل أي تخالطه هو عين معنى الستر والتغطية وقوله والعنب ليس في الصحاح وكأنه مأخوذ من قوله تعالى:{إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: 36]، وفي الكشاف يعني عنبًا تسمية للعنب بما يؤول إليه وقيل الخمر بلغه عمان اسم للعنب وفي قراءة ابن مسعود أعصر عنبًا، وعبارة الجوهري كعبارة المصنف في أنه ابتدأ المادة بالخمرة والخمر وصاحب المصباح ابتدأ بخمار المرأة وهو أقرب إلى أصل المعنى، وكثيرًا ما يبتدئ المادة باسم الفاعل أو المفعول أو بغيرهما كقوله في جاد يجود الجيد ككيس ضد الردئ ج جياد وجيادات وجيائد وجاد يجود جودة وجودة صا جيدًا، مع أنه قال في باب الباء طاب يطيب طابًا وطيبة وتطيابًا لذ وزكا إلى أن قال بعد عشرة أسطر والطيب الحلال إذ كان حقه أن يقول طاب الشيء لذ وزكا وجل فهو طيب،

• ومن ذلك قوله في حصل الحاصل من كل شيء ما بقي

ص: 267