الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(212)
الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة بنت أبي بكر الصّديق رضي الله عنهما
3144 -
الحَدِيث الأول: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: اسْتَأْذَنت سَوْدَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَيْلَة جمعٍ، وَكَانَت ثَقيلَة ثبطةً. فَأذن لَهَا.
وَفِي حَدِيث أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت:
كَانَت سَوْدَة امْرَأَة ضخمةً ثبطة، فاستأذنت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن تفيض من جمعٍ بلَيْل، فَأذن لَهَا. فَقَالَت عَائِشَة: فليتني كنت أستأذنت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَمَا استأذنته سَوْدَة. وَكَانَت عَائِشَة لَا تفيض إِلَّا مَعَ الإِمَام.
وَفِي حَدِيث عبيد الله بن عمر عَن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَنْهَا قَالَت:
وددت أَنِّي كنت اسْتَأْذَنت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَمَا استأذنته سَوْدَة، فأصلي الصُّبْح بمنى، فأرمي الْجَمْرَة قبل أَن يَأْتِي النَّاس، فَقيل لعَائِشَة: فَكَانَت سَوْدَة استأذنته؟ قَالَت: نعم، إِنَّهَا كَانَت امْرَأَة ثَقيلَة ثبطة، فاستأذنت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَأذن لَهَا.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أَفْلح بن حميد بن نَافِع عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة قَالَت:
نزلنَا إِلَى الْمزْدَلِفَة، فاستأذنت النَّبِي صلى الله عليه وسلم سَوْدَة أَن تدفع قبل حطمة النَّاس، وَكَانَت امْرَأَة بطيئة، فَأذن لَهَا، فَدفعت قبل حطمة النَّاس، وأقمنا حَتَّى
أَصْبَحْنَا نَحن، ثمَّ دفعنَا بِدَفْعِهِ، فَلِأَن أكون اسْتَأْذَنت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَمَا اسْتَأْذَنت سَوْدَة أحب إِلَيّ من مفروح بِهِ.
وَفِي حَدِيث القعْنبِي عَن أَفْلح نَحوه، وَفِيه:
كَانَت امْرَأَة ثبطة، يَقُول الْقَاسِم: والثبطة: الثَّقِيلَة. وَفِيه: وحسبنا حَتَّى أَصْبَحْنَا، فدفعنا بِدَفْعِهِ. وَفِيه: وَلِأَن أكون اسْتَأْذَنت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَمَا استأذنته سَوْدَة فَأَكُون أدفَع بِإِذْنِهِ أحب إِلَيّ من مفروحٍ بِهِ.
3145 -
الثَّانِي: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة: أَن صَفِيَّة بنت حييّ زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم حَاضَت، فَذكر ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" أحابستنا هِيَ؟ " قَالُوا: إِنَّهَا قد أفاضت. قَالَ: " فَلَا إِذن ".
وَلمُسلم من حَدِيث اللَّيْث وسُفْيَان وَأَيوب عَن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَنْهَا بِمَعْنى حَدِيث قبله، فِيهِ:
أَن عَائِشَة قَالَت: حَاضَت صَفِيَّة بنت حييّ بعد مَا أفاضت.
قَالَت عَائِشَة: فَذكرت حَيْضَتهَا لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" أحابستنا هِيَ؟ " قَالَت: فَقلت: يَا رَسُول الله إِنَّهَا قد كَانَت أفاضت وطافت بِالْبَيْتِ، ثمَّ حَاضَت بعد الْإِفَاضَة. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" فلتنفر ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة وَعُرْوَة أَن عَائِشَة قَالَت:
حَاضَت صَفِيَّة بعد مَا أفاضت
…
وَذكر مثله.
وَفِي حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ:
طمثت صَفِيَّة بنت حييّ فِي حجَّة الْوَدَاع بَعْدَمَا أفاضت
…
. وَذكر مثله.
وَفِي حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ:
طمثت صَفِيَّة بنت حييّ فِي حجَّة الْوَدَاع بَعْدَمَا أفاضت طَاهِرا.
وَأَخْرَجَاهُ أَيْضا من حَدِيث الْأسود بن يزِيد بن قيس النَّخعِيّ عَن عَائِشَة:
لما أَرَادَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن ينفر، رأى صَفِيَّة على بَاب خبائها كئيبة حزينة لِأَنَّهَا حَاضَت، فَقَالَ:" عقرى حلقي ": لُغَة لقريش: " إِنَّك حابستنا " ثمَّ قَالَ: " كنت أفضت يَوْم النَّحْر؟ " يَعْنِي الطّواف. قَالَت: نعم. قَالَ: " فانفري إِذن ".
وَفِي رِوَايَة حَفْص بن غياث عَن الْأَعْمَش أَن عَائِشَة قَالَت:
حَاضَت صَفِيَّة لَيْلَة النَّفر، فَقَالَت: مَا أَرَانِي إِلَّا حابستكم، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم " عقرى حلقى، أطافت يَوْم النَّحْر؟ . " قيل: نعم. قَالَ: " فانفري ".
وَفِي حَدِيث محَاضِر بن الْمُوَرِّع نَحوه وَزِيَادَة، وَأول حَدِيثه:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا نذْكر إِلَّا الْحَج، فَلَمَّا قدمنَا أمرنَا أَن نحل، فَلَمَّا كَانَت لَيْلَة النَّفر حَاضَت صَفِيَّة، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:" حلقى عقرى، مَا أَرَاهَا إِلَّا حابستنا " ثمَّ قَالَ: " كنت طفت يَوْم النَّحْر؟ " قَالَت: نعم. قَالَ " فانفري " قلت يَا رَسُول الله، لم أكن أحللت. قَالَ:" فاعتمري من التَّنْعِيم " فَخرج مَعهَا أَخُوهَا، فلقيناه مدلجاً فَقَالَ:" موعدك مَكَان كَذَا وَكَذَا ".
وَأَخْرَجَا من حَدِيث أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن عَن عَائِشَة قَالَت:
يَا رَسُول الله، إِن صَفِيَّة بنت حييّ قد حَاضَت.
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " لَعَلَّهَا تحبسنا. ألم تكن طافت معكن بِالْبَيْتِ؟ " قَالُوا: بلَى قَالَ: " فاخرجن ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أبي دَاوُد عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْأَعْرَج عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن أَن عَائِشَة قَالَت:
حجَجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فأفضنا يَوْم النَّحْر، فَحَاضَت صَفِيَّة، فَأَرَادَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مِنْهَا مَا يُرِيد الرجل من أَهله، فَقَالَت:
يَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، إِنَّهَا حَائِض. قَالَ:" حابستنا هِيَ؟ " قَالُوا: يَا رَسُول الله، أفاضت يَوْم النَّحْر. قَالَ:" اخْرُجُوا ".
وَأخرج مُسلم هَذَا الْمَعْنى بِعَيْنِه من حَدِيث مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث بن خَالِد التَّمِيمِي عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَرَادَ من صَفِيَّة بعض مَا يُرِيد الرجل من أَهله، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّهَا حَائِض يَا رَسُول الله، قَالَ:" وَإِنَّهَا لحابستنا " قَالُوا يَا رَسُول الله، إِنَّهَا قد زارت يَوْم النَّحْر. قَالَ:" فلتنفر معكن ".
// هَذَا مُتَّفق عَلَيْهِ من ترجمتين //.
وَأخرجه مُسلم وَحده من حَدِيث أَفْلح بن حميد بن نَافِع عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة قَالَت:
كُنَّا نتخوف أَن تحيض صَفِيَّة قبل أَن تفيض. قَالَت: فجَاء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " أحابستنا صَفِيَّة؟ ". قُلْنَا: قد أفاضت. قَالَ: " فَلَا إِذن ".
3146 -
الثَّالِث: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت عَائِشَة تَقول: خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا نرى إِلَّا الْحَج، فَلَمَّا كنت بسرف أَو قَرِيبا مِنْهَا حِضْت، فَدخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنا أبْكِي، فَقَالَ:" مَالك؟ أنفست؟ " قلت: نعم. قَالَ: إِن هَذَا أَمر كتبه الله على بَنَات آدم، فاقضي مَا يقْضِي الْحَاج غير أَن لَا تطوفي بِالْبَيْتِ. " قَالَت: وضحى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن نِسَائِهِ بالبقر.
وَفِي رِوَايَة عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة الْمَاجشون عَن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا نذْكر إِلَّا الْحَج، حَتَّى جِئْنَا سرف،
فطمثت، فَدخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنا أبْكِي، فَقَالَ:" مَا يبكيك؟ " قلت: وَالله، لَوَدِدْت أَنِّي لم أكن خرجت الْعَام، فَقَالَ:" مَالك؟ لَعَلَّك نفست؟ " قلت: نعم. قَالَ: " هَذَا شَيْء كتبه الله على بَنَات آدم، افعلي مَا يفعل الْحَاج، غير أَن لَا تطوفي بِالْبَيْتِ حَتَّى تطهري " قَالَت: فَلَمَّا قدمت مَكَّة قَالَ رَسُول الله لأَصْحَابه: " اجْعَلُوهَا عمْرَة " فأحل النَّاس إِلَّا من كَانَ مَعَه الْهَدْي. قَالَت: فَكَانَ الْهَدْي مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأبي بكر وَعمر وَذَوي الْيَسَار، ثمَّ أهلوا حِين راحوا.
قَالَت:
فَلَمَّا كَانَ يَوْم النَّحْر طهرت، فَأمرنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فأفضت، قَالَت: فأتينا بِلَحْم بقر، فَقلت: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: أهْدى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن نِسَائِهِ بالبقر. فَلَمَّا كَانَت لَيْلَة الحصبة قلت: يَا رَسُول الله، أيرجع النَّاس بِحجَّة وَعمرَة وأرجع بِحجَّة؟ قَالَت: فَأمر عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر فأردفني على جمله، قَالَت: فَإِنِّي لأذكر وَأَنا حَدِيثَة السن أنعس، فَيُصِيب وَجْهي مؤخرة الرحل، حَتَّى جِئْنَا إِلَى التَّنْعِيم، فَأَهْلَلْت مِنْهَا بِعُمْرَة جَزَاء بِعُمْرَة النَّاس الَّتِي اعتمروا.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أَفْلح بن حميد عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة قَالَت:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي أشهر الْحَج وليالي الْحَج وَحرم الْحَج، قَالَت: فَخرج إِلَى أَصْحَابه فَقَالَ: " من لم يكن مِنْكُم مَعَه هدي فَأحب أَن يَجْعَلهَا عمْرَة فَلْيفْعَل، وَمن كَانَ مَعَه الْهَدْي فَلَا " قَالَت: فالآخذ بهَا أَو التارك لَهَا من أَصْحَابه. قَالَت: فَأَما رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ورجالٌ من أَصْحَابه فَكَانُوا أهل قُوَّة، وَكَانَ مَعَهم الْهَدْي، فَلم يقدروا على الْعمرَة، قَالَت: فَدخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنا أبْكِي فَقَالَ: " مَا يبكيك يَا هنتاه؟ " قلت: سَمِعت قَوْلك لأصحابك، فمنعت الْعمرَة. قَالَ:" وَمَا شَأْنك؟ " قلت لَا أُصَلِّي، قَالَ:" فَلَا يضيرك، إِنَّمَا أَنْت امْرَأَة من بَنَات آدم، كتب الله عَلَيْك مَا كتب عَلَيْهِنَّ، فكوني فِي حجك، فَعَسَى الله أَن يرزقكها " قَالَ:
فخرجنا فِي حجَّة. وَفِي حَدِيث إِسْحَق بن سُلَيْمَان:
فَخرجت فِي حجتي حَتَّى قدمنَا منى فطهرت، ثمَّ خرجت من منى فأفضت بِالْبَيْتِ. قَالَت: ثمَّ خرجت مَعَه فِي النَّفر الآخر حَتَّى نزلنَا المحصب، ونزلنا مَعَه، فَدَعَا عبد الرَّحْمَن ابْن أبي بكر فَقَالَ: أخرج بأختك من الْحرم، فلتهل بِعُمْرَة، ثمَّ افرغا، ثمَّ ائتياها هُنَا، فَإِنِّي أنظركما حَتَّى تأتيا " قَالَ: فخرجنا حَتَّى إِذا فرغت وفرغت من الطّواف جِئْته بِسحر، فَقَالَ:" هَل فَرَغْتُمْ؟ " قلت: نعم. فآذن بالرحيل فِي أَصْحَابه، فارتحل النَّاس، فَمر مُتَوَجها إِلَى الْمَدِينَة.
وَفِي حَدِيث إِسْحَق بن سُلَيْمَان عَن أَفْلح نَحوه، وَفِي آخِره:
فآذن فِي أَصْحَابه بالرحيل، فَخرج، فَمر بِالْبَيْتِ، فَطَافَ بِهِ قبل صَلَاة الصُّبْح، ثمَّ خرج إِلَى الْمَدِينَة.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله فِي حجَّة الْوَدَاع، فمنا من أهل بِعُمْرَة وَمنا من أهل بِحَجّ، فقدمنا مَكَّة، فَقَالَ رَسُول الله: " من أحرم بِعُمْرَة وَلم يهد فليحلل، وَمن أحرم بِعُمْرَة وَأهْدى فَلَا يحل حَتَّى يحل نحر هَدْيه، وَمن أهل بِحَجّ فليتم حجه قَالَت: فحضت، فَلم أزل حَائِضًا حَتَّى كَانَ يَوْم عَرَفَة وَلم أهلل إِلَّا بِعُمْرَة، فَأمرنِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن أنقض رَأْسِي وامتشط، وَأهل بِالْحَجِّ وأترك الْعمرَة، فَفعلت ذَلِك حَتَّى قضيت حجتي، فَبعث معي عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر، فَأمرنِي أَن أعتمر مَكَان عمرتي - من التَّنْعِيم.
وَفِي حَدِيث مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
خرجنَا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي حجَّة الْوَدَاع، فأهللنا بِعُمْرَة، ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" من كَانَ مَعَه هديٌ فليهلل بِالْحَجِّ مَعَ الْعمرَة ثمَّ لَا يحل حَتَّى يحل مِنْهُمَا جَمِيعًا " فَقدمت مَكَّة
وَأَنا حَائِض، وَلم أطف بِالْبَيْتِ وَلَا بَين الصَّفَا والمروة، فشكوت ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" انقضي رَأسك وامتشطي، وَأَهلي بِالْحَجِّ، ودعي الْعمرَة ". قَالَت فَفعلت، فَلَمَّا قضينا الْحَج أَرْسلنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَعَ عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر إِلَى التَّنْعِيم، فاعتمرت، فَقَالَ:" هَذِه مَكَان عمرتك " قَالَت: فَطَافَ الَّذين كَانُوا أهلوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ، وَبَين الصَّفَا والمروة، ثمَّ حلوا، ثمَّ طافوا طَوافا آخر بعد أَن رجعُوا من منى لحجهم. وَأما الَّذين جمعُوا الْحَج وَالْعمْرَة فَإِنَّمَا طافوا طَوافا وَاحِدًا.
وَفِي حَدِيث إِبْرَاهِيم بن سعد عَن الزُّهْرِيّ أَنَّهَا قَالَت:
أَهلَلْت مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي حجَّة الْوَدَاع، فَكنت مِمَّن تمتّع وَلم يسق الْهَدْي، فَزَعَمت أَنَّهَا حَاضَت وَلم تطهر حَتَّى دخلت لَيْلَة عَرَفَة. قَالَت: يَا رَسُول الله " هَذِه لَيْلَة عَرَفَة، وَإِنَّمَا كنت تمتعت بِعُمْرَة. فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " انقضي رَأسك وامتشطي، وأمسكي عَن عمرتك " فَفعلت. فَلَمَّا قضيت الْحَج، أَمر عبد الرَّحْمَن لَيْلَة الحصبة فأعمرني مَكَان عمرتي الَّتِي نسكت.
وَفِي حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ أَنَّهَا قَالَت:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله عَام حجَّة الْوَدَاع، فَأَهْلَلْت بِعُمْرَة، وَلم أكن سقت الْهَدْي. . ثمَّ ذكر نَحوه.
وَفِي رِوَايَة سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ أَنَّهَا قَالَت:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " من أَرَادَ مِنْكُم أَن يهل بِحَجّ وَعمرَة فَلْيفْعَل، وَمن أَرَادَ أَن يهل بِحَجّ فليهل، وَمن أَرَادَ أَن يهل بِعُمْرَة فليهل " قَالَت عَائِشَة: وَأهل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِحَجّ، وَأهل بِهِ نَاس مَعَه بِالْعُمْرَةِ وَالْحج، وَأهل ناسٌ بِالْعُمْرَةِ، وَكنت فِيمَن أهل بِعُمْرَة.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم موافين لهِلَال ذِي الْحجَّة، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" من أحب أَن يهل بِعُمْرَة فليهل، وَمن أحب أَن يهل بِحجَّة فليهل. فلولا أَنِّي أهديت لأهللت بِعُمْرَة، فَمنهمْ من أهل بِعُمْرَة وَمِنْهُم من أهل بِحجَّة، وَكنت فِيمَن أهل بِعُمْرَة، فحضت قبل أَن أَدخل مَكَّة، فأدركني يَوْم عَرَفَة وَأَنا حائضة، فشكوت ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " دعِي عمرتك، وانقضى رَأسك، وامتشطي، وَأَهلي بِالْحَجِّ " فَفعلت، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَة الحصبة أرسل معي عبد الرَّحْمَن إِلَى التَّنْعِيم، فأردفها، فأهلت بِعُمْرَة مَكَان عمرتها، فَقضى الله حَجهَا وعمرتها، وَلم يكن فِي شَيْء من ذَلِك هدي وَلَا صَدَقَة وَلَا صَوْم.
وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة ووكيع عَن هِشَام عَن عُرْوَة نَحْو ذَلِك. وَفِي آخِره: قَالَ هِشَام: وَلم يكن فِي ذَلِك هديٌ وَلَا صَدَقَة وَلَا صَوْم.
وَأَخْرَجَا طرفا مِنْهُ من حَدِيث أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن نَوْفَل عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَام حجَّة الْوَدَاع، فمنا من أهل بِعُمْرَة، وَمنا من أهل بِحَجّ وَعمرَة، وَمنا من أهل بِحَجّ، وَأهل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِالْحَجِّ، فَأَما من أهل بِعُمْرَة فَحل، وَأما من أهل بِحَجّ أَو جمع الْحَج وَالْعمْرَة فَلم يحلوا حَتَّى كَانَ يَوْم النَّحْر.
وَلمُسلم من حَدِيث عبيد الله بن عمر عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة قَالَت:
منا من أهل بِالْحَجِّ مُفردا، وَمنا من قرن، وَمنا من تمتّع.
وَفِي حَدِيث ابْن جريج عَن عبيد الله بن عمر عَن الْقَاسِم قَالَ:
جَاءَت عَائِشَة حَاجَة. لم يزدْ.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " لَو اسْتقْبلت من أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرت مَا سقت الْهَدْي، ولحللت مَعَ النَّاس حَيْثُ حلواً ".
وَأخرج مُسلم من حَدِيث ذكْوَان أبي عَمْرو مولى عَائِشَة عَن عَائِشَة قَالَت:
قدم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لأربعٍ خلون من ذِي الْحجَّة أَو خمس، فَدخل عَليّ وَهُوَ غَضْبَان، فَقلت: من أغضبك أدخلهُ الله النَّار. قَالَ: " أَو مَا شَعرت أَنِّي أمرت النَّاس بأمرٍ فَإِذا هم يَتَرَدَّدُونَ، وَلَو أَنِّي اسْتقْبلت من أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرت مَا سقت الْهَدْي معي حَتَّى أشتريه ثمَّ أحل كَمَا حلوا ".
وَأَخْرَجَا من حَدِيث الْأسود بن يزِيد بن قيس عَن عَائِشَة قَالَت:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلَا نرى إِلَّا الْحَج، فَلَمَّا قدمنَا تطوفنا بِالْبَيْتِ، فَأمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكن سَاق الْهَدْي أَن يحل. قَالَت: فَحل من لم يكن سَاق الْهَدْي، ونساؤه لم يسقن الْهَدْي فأحللن. قَالَت عَائِشَة: فحضت فَلم أطف بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا كَانَت لَيْلَة الحصبة قَالَت: قلت يَا رَسُول الله، أيرجع النَّاس بِعُمْرَة وَحجَّة، وأرجع أَنا بِحجَّة؟ قَالَ:" أَو مَا كنت طفت ليَالِي قدمنَا مَكَّة؟ " قَالَت: قلت: لَا. قَالَ: " فاذهبي مَعَ أَخِيك إِلَى التَّنْعِيم فأهلي بِعُمْرَة، ثمَّ موعدك مَكَان كَذَا وَكَذَا ". قَالَت صَفِيَّة: مَا أَرَانِي إِلَّا حابستكم. قَالَ: " عقرى حلقى. أَو مَا كنت
طفت يَوْم النَّحْر؟ " قَالَت: بلَى. قَالَ: " لَا بَأْس عَلَيْك، انفري " قَالَت عَائِشَة: فلقيني رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مصعدٌ من مَكَّة وَأَنا منهبطة عَلَيْهَا، أَو أَنا مصعدة وَهُوَ منهبط مِنْهَا.
وَفِي حَدِيث الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود عَنْهَا قَالَت:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا نذْكر حجا وَلَا عمْرَة. . وَذكر الحَدِيث بِمَعْنَاهُ.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث عبد الله بن عون عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد، وَمن رِوَايَة إِبْرَاهِيم عَن الْأسود بن يزِيد قَالَا: قَالَت عَائِشَة: قلت:
يَا رَسُول الله، يصدر النَّاس بنسكين وأصدر بنسك وَاحِد. قَالَ:" انتظري، فَإِذا طهرت فاخرجي إِلَى التَّنْعِيم فأهلي مِنْهُ، ثمَّ ائتنا بمَكَان كَذَا. وَلكنهَا على قدر نَفَقَتك أَو نصبك ".
وَلَهُمَا من حَدِيث يحيى بن سعيد عَن عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَت:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لخمس بَقينَ من ذِي الْقعدَة، وَلَا نرى إِلَّا أَنه الْحَج، فَلَمَّا كُنَّا بسرف حِضْت، حَتَّى إِذا دنونا من مَكَّة، أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكن مَعَه هدي إِذا كَانَ بِالْبَيْتِ وَبَين الصَّفَا والمروة أَن يحل. قَالَت عَائِشَة: فَدخل علينا يَوْم النَّحْر بِلَحْم بقر، فَقلت: مَا هَذَا؟ فَقيل: ذبح رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن أَزوَاجه.
قَالَ يحيى: فَذكرت هَذَا الحَدِيث للقاسم بن مُحَمَّد فَقَالَ: أتتك وَالله بِالْحَدِيثِ على وَجهه.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث أَيمن بن نابل عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
يَا رَسُول الله، اعْتَمَرت وَلم أعتمر. فَقَالَ:" يَا عبد الرَّحْمَن، اذْهَبْ بأختك فأعمرها من التَّنْعِيم " فأحقبها على نَاقَة فاعتمرت.
وَأخرج البُخَارِيّ أَيْضا تَعْلِيقا من حَدِيث مَالك بن دِينَار عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة:
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم بعث مَعهَا أخاها عبد الرَّحْمَن، فاعتمرها من التَّنْعِيم، وَحملهَا على قتب.
وللبخاري من حَدِيث عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
يَا رَسُول الله، يرجع أَصْحَابك بِأَجْر حج وَعمرَة، وَلم أَزْد على الْحَج؟ فَقَالَ لَهَا:" اذهبي، وليردفك عبد الرَّحْمَن " فَأمر عبد الرَّحْمَن أَن يعمرها من التَّنْعِيم، وانتظرها رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِأَعْلَى مَكَّة حَتَّى جَاءَت.
وَلمُسلم من حَدِيث طَاوس بن كيسَان عَن عَائِشَة
أَنَّهَا أهلت بِعُمْرَة، فَقدمت وَلم تطف بِالْبَيْتِ حَتَّى حَاضَت، فنسكت الْمَنَاسِك كلهَا، وَقد أهلت بِالْحَجِّ، فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْم النَّفر:" يسعك طوافك لحجك وعمرتك ". فَأَبت، فَبعث مَعهَا عبد الرَّحْمَن إِلَى التَّنْعِيم، فاعتمرت بعد الْحَج.
أغفله أَبُو مَسْعُود، فَلم يذكرهُ فِي تَرْجَمَة طَاوس عَن عَائِشَة فِيمَا عندنَا من كِتَابه.
وَمن حَدِيث مُجَاهِد عَن عَائِشَة:
أَنَّهَا حَاضَت بسرف، فتطهرت بِعَرَفَة، فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" يُجزئ عَنْك طوافك بالصفا والمروة عَن حجك وعمرتك ".
وَلمُسلم أَيْضا من حَدِيث عبد الحميد بن جُبَير بن شيبَة عَن صَفِيَّة بنت شيبَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
يَا رَسُول الله، أيرجع النَّاس بأجرين وأرجع بِأَجْر؟ فَأمر عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر أَن ينْطَلق بهَا إِلَى التَّنْعِيم، قَالَت: فأردفني خَلفه على جمل لَهُ. قَالَت: فَجعلت أرفع خماري أحسره عَن عنقِي، فَيضْرب رجْلي بعلة
الرَّاحِلَة. فَقلت لَهُ: وَهل ترى من أحد؟ قَالَت: فَأَهْلَلْت بِعُمْرَة، ثمَّ أَقبلنَا حَتَّى انتهينا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بالحصبة.
أخرجه أَبُو بكر البرقاني فِي كِتَابه من حَدِيث قُرَّة بن خَالِد عَن عبد الحميد، وَفِيه:
وأردفني خَلفه على جمل لَهُ فِي لَيْلَة شَدِيدَة الْحر، فَجعلت أحسر خماري عَن عنقِي، فَيضْرب رجْلي، وَقَالَ فِي آخِره: فَانْتَهَيْنَا إِلَى التَّنْعِيم، فَأَهْلَلْت بِعُمْرَة ثمَّ أَقبلت، فَقدمت على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الْبَطْحَاء لم يبرح - وَذَلِكَ لَيْلَة النَّفر، فَقلت: يَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَلا أَدخل الْبَيْت؟ قَالَ: " ادخلي الْحجر، فَإِنَّهُ من الْبَيْت ".
وَلَيْسَ لعبد الحميد بن جُبَير عَن صَفِيَّة فِي مُسْند عَائِشَة من الصَّحِيح غير هَذَا.
3147 -
الرَّابِع: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي بعض أَسْفَاره حَتَّى إِذا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ - أَو بِذَات الْجَيْش - انْقَطع عقد لي، فَأَقَامَ رَسُول الله على التماسه وَأقَام النَّاس مَعَه وَلَيْسوا على مَاء، وَلَيْسَ مَعَهم مَاء، فَأتى النَّاس أَبَا بكر فَقَالُوا: أَلا ترى إِلَى مَا صنعت عَائِشَة: أَقَامَت برَسُول الله صلى الله عليه وسلم وبالناس مَعَه وَلَيْسوا على مَاء، وَلَيْسَ مَعَهم مَاء، قَالَت: فعاتبني أَبُو بكر، وَقَالَ مَا شَاءَ الله أَن يَقُول، وَجعل يطعن بِيَدِهِ فِي خاصرتي، فَلَا يَمْنعنِي من التحرك إِلَّا مَكَان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على فَخذي. فَنَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى أصبح على غير مَاء، فَأنْزل الله تَعَالَى آيَة التَّيَمُّم:{فَتَيَمَّمُوا} [الْمَائِدَة]
فَقَالَ أسيد بن الْحضير وَهُوَ أحد النُّقَبَاء: مَا هِيَ بِأول بركتكم يَا آل أبي بكر. قَالَت عَائِشَة: فَبَعَثنَا الْبَعِير الَّذِي كنت عَلَيْهِ فَوَجَدنَا العقد تَحْتَهُ.
وَفِي حَدِيث عَمْرو بن الْحَارِث عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه أَن عَائِشَة قَالَت:
سَقَطت قلادة لي بِالْبَيْدَاءِ وَنحن داخلون الْمَدِينَة، فَأَنَاخَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَنزل، وثنى رَأسه فِي حجري رَاقِدًا، فَأقبل أَبُو بكر فلكزني لكزةً شَدِيدَة وَقَالَ:
حبست النَّاس فِي قلادة، فَبِي الْمَوْت لمَكَان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَقد أوجعني. ثمَّ إِن النَّبِي اسْتَيْقَظَ، وَحَضَرت الصُّبْح فالتمس المَاء فَلم يُوجد، فَنزلت:{يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق} وَذكر الْآيَة إِلَى قَوْله: {لَعَلَّكُمْ تشكرون} فَقَالَ أسيد بن حضير: لقد بَارك الله للنَّاس فِيكُم يَا آل أبي بكر، مَا أَنْتُم إِلَّا بركةٌ لَهُم.
وَأَخْرَجَاهُ على وَجه آخر من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة:
أَنَّهَا استعارت من أَسمَاء قلادة، فَهَلَكت، فَأرْسل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نَاسا من أَصْحَابه فِي طلبَهَا، فأدركتهم الصَّلَاة، فصلوا بِغَيْر وضوء، فَلَمَّا أَتَوا النَّبِي صلى الله عليه وسلم شكوا ذَلِك إِلَيْهِ، فَنزلت آيَة التَّيَمُّم. فَقَالَ أسيد بن حضير: جَزَاك الله خيرا، فوَاللَّه مَا نزل بك أمرٌ قطّ إِلَّا جعل الله لَك مِنْهُ مخرجا، وللمسلمين فِيهِ بركَة.
3148 -
الْخَامِس: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: أَنَّهَا أَرَادَت أَن تشتري بَرِيرَة، وَأَنَّهُمْ اشترطوا ولاءها، فَذكر للنَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:" اشتريها فأعتقيها، فَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق ".
وأهدي لَهَا لحم، فَقَالُوا للنَّبِي صلى الله عليه وسلم:
هَذَا تصدق بِهِ على بَرِيرَة. فَقَالَ: " هُوَ لَهَا صَدَقَة، وَلنَا هَدِيَّة ".
وخيرت - قَالَ عبد الرَّحْمَن: وَزوجهَا حرٌّ، قَالَ شُعْبَة: ثمَّ سَأَلت عبد الرَّحْمَن عَن زَوجهَا، فَقَالَ: لَا أَدْرِي أحرٌّ أم عبد.
وَلمُسلم من حَدِيث يزِيد بن رُومَان عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ زوج بَرِيرَة عبدا.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي عُثْمَان، ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ فِي بَرِيرَة ثَلَاث سنَن: إِحْدَى السّنَن أَنَّهَا عتقت فخيرت فِي زَوجهَا، وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" الْوَلَاء لمن أعتق " وَدخل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم والبرمة تَفُور بِلَحْم، فَقرب إِلَيْهِ خبز وأدم من أَدَم الْبَيْت، فَقَالَ:" ألم أر برمة فِيهَا لحم؟ " قَالُوا: بلَى، وَلَكِن ذَلِك لحم تصدق بِهِ على بَرِيرَة، وَأَنت لَا تَأْكُل الصَّدَقَة. قَالَ:" عَلَيْهَا صَدَقَة وَلنَا هَدِيَّة ".
وَفِي رِوَايَة ابْن وهب عَن مَالك عَن ربيعَة نَحوه، وَفِيه: فَقَالَ:
هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَة، وَهُوَ لنا هَدِيَّة " وَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِيهَا:" إِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق ".
وَفِي حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم قَالَ كَانَ فِي بَرِيرَة ثَلَاث قضيات: أَرَادَ أَهلهَا أَن يبيعوها ويشترطوا ولاءها، فَذكرت ذَلِك للنَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" اشتريها وأعتقيها، فَإِن الْوَلَاء لمن أعتق ".
وعتقت، فَخَيرهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَاخْتَارَتْ نَفسهَا.
قَالَت:
وَكَانَ النَّاس يتصدقون عَلَيْهَا وتهدي لنا، فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَة، وَهُوَ لكم هَدِيَّة، فكلوه ".
وَفِي حَدِيث سماك عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم نَحوه.
وَأَخْرَجَاهُ من رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة
أَن بَرِيرَة جَاءَت تستعين بهَا فِي كتَابَتهَا، وَلم تكن قَضَت من كتَابَتهَا شَيْئا. فَقَالَت لَهَا عَائِشَة: ارجعي إِلَى أهلك، فَإِن أَحبُّوا أَن أَقْْضِي عَنْك كتابتك وَيكون ولاؤك لي فعلت، فَذكرت ذَلِك بَرِيرَة لأَهْلهَا، فَأَبَوا وَقَالُوا: إِن شَاءَت أَن تحتسب عَلَيْك فلتفعل، وَيكون لنا ولاؤك. فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" ابتاعي فأعتقي، فَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق ". ثمَّ قَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " ابتاعي فأعتقي، فَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق " ثمَّ قَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " مَا بَال أناسٍ يشترطون شُرُوطًا لَيست فِي كتاب الله. من اشْترط شرطا لَيْسَ فِي كتاب الله فَلَيْسَ لَهُ، وَإِن شَرط مائَة مرّة، شَرط الله أَحَق وأوثق " وَهَكَذَا عِنْدهمَا من حَدِيث قُتَيْبَة عَن اللَّيْث عَن الزُّهْرِيّ. وَعند البُخَارِيّ من حَدِيث شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ نَحوه.
وَأخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث يُونُس عَن ابْن شهَاب قَالَ: قَالَ عُرْوَة: قَالَت عَائِشَة:
إِن بَرِيرَة دخلت عَلَيْهَا تستعينها فِي كتَابَتهَا، وَعَلَيْهَا خمس أواقٍ نجمت عَلَيْهَا فِي خمس سِنِين. فَقَالَت لَهَا عَائِشَة ونفست فِيهَا: أَرَأَيْت إِن عددت لَهُم عدَّة وَاحِدَة، أيبيعك أهلك وأعتقك، فَيكون ولاؤك لي؟ فَذَهَبت بَرِيرَة إِلَى أَهلهَا، فعرضت ذَلِك عَلَيْهِم، فَقَالُوا: لَا، إِلَّا أَن يكون لنا الْوَلَاء، قَالَت عَائِشَة: فَدخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَذكرت ذَلِك لَهُ، فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" اشتريها فأعتقيها، فَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق " ثمَّ ذكر نَحوه إِلَّا أَنه قَالَ: " من اشْترط شرطا لَيْسَ فِي كتاب الله فَهُوَ بَاطِل ".
وَفِي حَدِيث ابْن وهب عَن يُونُس بِمَعْنى حَدِيث قُتَيْبَة عَن اللَّيْث، وَفِيه: فَقَالَ:
لَا يمنعك ذَلِك، ابتاعي وأعتقي " قَالَ: ثمَّ قَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي النَّاس، فَحَمدَ الله، ثمَّ قَالَ:" أما بعد ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
جَاءَتْنِي بَرِيرَة فَقَالَت: كاتبت أَهلِي على تسع أَوَاقٍ، فِي كل عَام أُوقِيَّة، فأعينيني. . ثمَّ ذكر ذَلِك، وَفِيه: ثمَّ قَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي النَّاس، فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ:" مَا بَال أقوامٍ يشترطون شُرُوطًا لَيست فِي كتاب الله؟ مَا كَانَ من شَرط لَيْسَ فِي كتاب الله فَهُوَ بَاطِل، وَإِن كَانَ مائَة شَرط، قَضَاء الله أَحَق، وَشرط الله أوثق، وَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق ".
وَعند البُخَارِيّ من رِوَايَة عبيد بن إِسْمَاعِيل نَحوه، وَفِي آخِره:
مَا بَال رجالٍ يَقُول أحدهم: أعتق يَا فلَان ولي الْوَلَاء، إِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق ".
وَهَكَذَا فِي رِوَايَة مُسلم عَن أبي كريب عَن أبي أُسَامَة بِنَحْوِهِ.
وَفِي رِوَايَة جرير عَن هِشَام قَالَ:
وَكَانَ زَوجهَا عبدا، فَخَيرهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَلَو كَانَ حرا لم يخيرها.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث الْأسود بن يزِيد عَن عَائِشَة:
أَنَّهَا أَرَادَت أَن تشتري بَرِيرَة لِلْعِتْقِ، ثمَّ ذكر نَحْو مَا تقدم فِي أَن الْوَلَاء لمن أعتق، وَفِي إِبَاحَة مَا تصدق بِهِ عَلَيْهَا.
وَفِي حَدِيث آدم عَن شُعْبَة نَحوه، وَقَالَ:
فخيرت من زَوجهَا.
وَفِي حَدِيث عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن جرير، فَقَالَ:
أعتقيها، فَإِن الْوَلَاء لمن أعْطى الْوَرق " فأعتقتها. فَدَعَاهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَخَيرهَا من زَوجهَا، فَقَالَت: لَو أَعْطَانِي كَذَا وَكَذَا مَا ثَبت عِنْده، فَاخْتَارَتْ نَفسهَا.
وَفِي حَدِيث شُعْبَة عَن الحكم قَالَ:
وَكَانَ زَوجهَا حرا. قَالَ البُخَارِيّ: وَقَول الحكم مُرْسل. وَقَالَ ابْن عَبَّاس: رَأَيْته عبدا.
وَفِي حَدِيث أبي عوَانَة وَجَرِير عَن مَنْصُور نَحوه. قَالَ الْأسود:
وَكَانَ زَوجهَا حرا. قَالَ البُخَارِيّ: قَول الْأسود مُنْقَطع، وَقَول ابْن عَبَّاس: رَأَيْته عبدا - أصح.
وَفِي حَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ عَن مَنْصُور قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:
الْوَلَاء لمن أعْطى الْوَرق، وَولي النِّعْمَة ".
وَلمُسلم عَن حَدِيث غنْدر عَن شُعْبَة:
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أُتِي بِلَحْم بقر، فَقيل: هَذَا مَا تصدق بِهِ على بَرِيرَة، فَقَالَ:" هُوَ لَهَا صَدَقَة، وَلنَا هَدِيَّة ".
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث أَيمن الْمَكِّيّ قَالَ:
دخلت على عَائِشَة فَقلت: كنت غُلَاما لعتبة بن أبي لَهب، وَمَات وورثني بنوهٍ، وَإِنَّهُم باعوني من ابْن أبي عَمْرو، وَاشْترط بَنو عتبَة الْوَلَاء. فَقَالَت: دخلت عَليّ بَرِيرَة، فَقَالَت: اشتريني وأعتقيني. قلت: نعم. قَالَت: لَا يبيعوني حَتَّى يشترطوا ولائي، قلت: لَا حَاجَة لي فِيك، فَسمع بذلك النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَو بلغه، فَقَالَ:" مَا شَأْن بَرِيرَة؟ " فَذكرت
عَائِشَة مَا قَالَت. فَقَالَ: " اشتريها فأعتقيها، وليشترطوا مَا شَاءُوا " قَالَ: فاشترتها فأعتقتها، وَاشْترط أَهلهَا ولاءها، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:" الْوَلَاء لمن أعتق، وَإِن اشترطوا مائَة شَرط ".
وَمن حَدِيث عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن: أَن بَرِيرَة جَاءَت تستعين عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ، فَقَالَت لَهَا: إِن أحب أهلك أَن أصب لَهُم ثمنك صبة وَاحِدَة، فأعتقك فعلت. فَذكرت بَرِيرَة ذَلِك لأَهْلهَا، فَقَالُوا: لَا، إِلَّا أَن يكون ولاؤك لنا.
فَزَعَمت عمْرَة أَن عَائِشَة ذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" اشتريها فأعتقيها، فَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق ". كَذَا فِي رِوَايَة مَالك عَن يحيى بن سعيد.
وَفِي رِوَايَة سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن يحيى عَن عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَت:
أتتها بَرِيرَة تسألها فِي كتَابَتهَا، فَقَالَت:
إِن شِئْت أَعْطَيْت أهلك وَيكون الْوَلَاء لي. فَلَمَّا جَاءَ النَّبِي قَالَ: " ابتاعيها فأعتقيها، فَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق " ثمَّ قَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على الْمِنْبَر فَقَالَ: " مَا بَال أَقوام يشترطون شُرُوطًا لَيست فِي كتاب الله؟ من اشْترط شرطا لَيْسَ فِي كتاب الله فَلَيْسَ لَهُ، وَإِن اشْترط مائَة شَرط ".
3149 -
السَّادِس: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: قدم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وَقد سترت سهوةً لي بقرام فِيهِ تماثيل، فَلَمَّا رَآهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم هتكه، وتلون وَجهه وَقَالَ:" يَا عَائِشَة، أَشد النَّاس عذَابا عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة الَّذين يضاهون بِخلق الله " قَالَت عَائِشَة: فَجعلنَا مِنْهُ وسَادَة أَو وسادتين.
وَفِي حَدِيث بكير عَن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن عَائِشَة:
أَنَّهَا نصبت سترا فِيهِ تصاوير، فَدخل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَنَزَعَهُ، قَالَت: فقطعته وسادتين، فَقَالَ رجلٌ فِي الْمجْلس حينئذٍ يُقَال لَهُ ربيعَة بن عَطاء مولى بني زهرَة: أفما سَمِعت أَبَا مُحَمَّد - يَعْنِي أَبَاهُ - يذكر أَن عَائِشَة قَالَت: فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يرتفق عَلَيْهِمَا؟ فَقَالَ ابْن الْقَاسِم: لَا. فَقَالَ: لكني قد سمعته - يُرِيد الْقَاسِم بن مُحَمَّد.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة قَالَت:
دخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَفِي الْبَيْت قرامٌ فِيهِ صور، فلتون وَجهه، ثمَّ تنَاول السّتْر فهتكه، وَقَالَ " من أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة الَّذين يصورون هَذِه الصُّور ".
وَفِي حَدِيث مَنْصُور بن أبي مُزَاحم: ثمَّ قَالَ:
إِن من أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة الَّذين يشبهون بِخلق الله ".
وَفِي رِوَايَة من قَالَ:
إِن أَشد النَّاس عذَابا ".
وَلَيْسَ لِلزهْرِيِّ عَن الْقَاسِم فِي مُسْند عَائِشَة من الصَّحِيح غير هَذَا.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي عبد الله نَافِع مولى ابْن عمر عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة:
أَنَّهَا أخْبرته: أَنَّهَا اشترت نمرقةً فِيهَا تصاوير، فَلَمَّا رَآهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَامَ على الْبَاب فَلم يدْخل، فَعرفت فِي وَجهه الْكَرَاهِيَة. قَالَت: فَقلت: يَا رَسُول الله، أَتُوب إِلَى الله وَإِلَى رَسُوله، مَاذَا أذنبت؟ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" مَا بَال هَذِه النمرقة؟ " قَالَت: اشْتَرَيْتهَا لَك لتقعد عَلَيْهَا وتوسدها. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم " إِن أَصْحَاب هَذِه الصُّور يُعَذبُونَ يَوْم الْقِيَامَة فَيُقَال لَهُم: أحيوا مَا خلقْتُمْ " وَقَالَ: " إِن الْبَيْت الَّذِي فِيهِ الصُّور لَا تدخله الْمَلَائِكَة ".
وَفِي حَدِيث إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن نَافِع عَنهُ أَنَّهَا قَالَت:
حشوت للنَّبِي صلى الله عليه وسلم وسَادَة فِيهَا تماثيل، كَأَنَّهَا نمرقه، فجَاء، فَقَامَ بَين الْبَابَيْنِ، وَجعل يتَغَيَّر وَجهه، فَقلت: مَا لنا يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " مَا بَال هَذِه الوسادة؟ " قلت: وسَادَة جَعلتهَا لَك لتضطجع عَلَيْهَا. قَالَ: " أما علمت أَن الْمَلَائِكَة لَا تدخل بَيْتا فِيهِ صُورَة، وَأَن من صنع هَذِه الصُّور يعذب يَوْم الْقِيَامَة؟ فَيَقُول: أحيوا مَا خلقْتُمْ ".
زَاد فِي حَدِيث عبد الْعَزِيز بن أخي الْمَاجشون عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع قَالَت:
فَأَخَذته فَجَعَلته مرفقتين، فَكَانَ يرتفق بهما فِي الْبَيْت.
وَحَدِيث اللَّيْث عَن نَافِع مُخْتَصر:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِن أَصْحَاب هَذِه الصُّور يُعَذبُونَ يَوْم الْقِيَامَة، وَيُقَال لَهُم: أحيوا مَا خلقْتُمْ ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَنْهَا قَالَت:
قدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم من سفر وَقد علقت درنوكاً فِيهِ تماثيل، فَأمرنِي أَن أنزعه، فنزعته. وَكنت أَغْتَسِل أَنا وَالنَّبِيّ فِي إِنَاء وَاحِد ". هَذَا لفظ حَدِيث البُخَارِيّ.
وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَنْهَا قَالَت:
قدم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وَقد سترت على بَابي درنوكاً فِيهِ الْخَيل ذَوَات الأجنحة، فَأمرنِي فنزعته.
وَحَدِيث عَبده بن سُلَيْمَان عَن هِشَام نَحوه، إِلَّا أَنه لَيْسَ فِيهِ عِنْده:
قدم من سفر. وَلَا عِنْد مُسلم من هَذَا الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد ذكر اغتسالها مَعَه عليه السلام فِي إِنَاء وَاحِد. فَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ فِي هَذِه التَّرْجَمَة.
وَلمُسلم من حَدِيث سعد بن هِشَام بن عَامر عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ سترٌ فِيهِ تِمْثَال طائرٍ، وَكَانَ الدَّاخِل إِذا دخل استقبله، فَقَالَ لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" حَولي هَذَا، فَإِنِّي كلما دخلت فرأيته ذكرت الدُّنْيَا. " قَالَت: وَكَانَ لنا قطيفة، كُنَّا نقُول: علمهَا حَرِير، فَكُنَّا نلبسها، قَالَ ابْن الْمثنى: وَزَاد فِيهِ عبد الْأَعْلَى: فَلم يَأْمُرنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِقطعِهِ.
وَلمُسلم أَيْضا من حَدِيث زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ عَن أبي طَلْحَة الْأنْصَارِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:
لَا تدخل الْمَلَائِكَة بَيْتا فِيهِ كلبٌ وَلَا تماثيل. " قَالَ: فَأتيت عَائِشَة فَقلت: أَن هَذَا يُخْبِرنِي أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا تدخل الْمَلَائِكَة بَيْتا فِيهِ كلبٌ وَلَا تماثيل " فَهَل سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ذَلِك؟ فَقَالَت: لَا وَلَكِن سأحدثكم مَا رَأَيْته فعل: رَأَيْته خرج فِي غزاته، فَأخذت نمطاً فَسترته على الْبَاب، فَلَمَّا قدم فَرَأى النمط عرفت الْكَرَاهِيَة فِي وَجهه، فَجَذَبَهُ حَتَّى هتكه أَو قطعه، وَقَالَ: " إِن الله لم يَأْمُرنَا أَن نكسو الْحِجَارَة والطين " قَالَت: فقطعنا مِنْهُ وسادتين، وحشوتهما ليفاً، فَلم يعب ذَلِك عَليّ.
وَقد أخرج البُخَارِيّ مِنْهُ مَا لأبي طَلْحَة فَقَط، وَلم يخرج الزِّيَادَة عَن عَائِشَة.
وَلم يذكرهَا أَبُو مَسْعُود فِي كِتَابه عَنْهَا، وَلَا نبه عَلَيْهَا، وَلَا ذكر لزيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ تَرْجَمَة عَن عَائِشَة، وَكَانَ يلْزمه ذَلِك.
3150 -
السَّابِع: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: طيبت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بيَدي هَاتين حِين أحرم، ولحله حِين أحل قبل أَن يطوف.
وَبسطت يَديهَا.
وَفِي حَدِيث مَالك عَن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
كنت أطيب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه ولحله قبل أَن يطوف بِالْبَيْتِ.
وَفِي حَدِيث يحيى بن سعيد عَن عبد الرَّحْمَن نَحوه، وَفِيه: طيبته قبل أَن يفِيض بمنى.
وَفِي حَدِيث مَنْصُور بن زَاذَان عَن عبد الرَّحْمَن قَالَت:
كنت أطيب النَّبِي صلى الله عليه وسلم قبل أَن يحرم، وَيَوْم النَّحْر، وَقبل أَن يطوف بِالْبَيْتِ بطيبٍ فِيهِ مسك.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عمر بن عبد الله بن عُرْوَة، عَن عُرْوَة وَالقَاسِم بن مُحَمَّد جَمِيعًا عَن عَائِشَة قَالَت:
طيبت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بيَدي بذريرة فِي حجَّة الْوَدَاع، للْحلّ وَالْإِحْرَام ".
وَلَيْسَ لعمر بن عبد الله بن عُرْوَة عَن عُرْوَة، وَلَا عَن الْقَاسِم فِي مُسْند عَائِشَة من الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث. وَلمُسلم من حَدِيث عبيد الله بن عمر عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة قَالَت:
طيبت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لِحلِّهِ ولحرمه.
وَمن حَدِيث أَفْلح بن حميد عَن الْقَاسِم، وَمن حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة، كِلَاهُمَا عَن عَائِشَة قَالَت:
طييت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه حِين أحرم، ولحله قبل أَن يطوف بِالْبَيْتِ. زَاد أَفْلح عَن الْقَاسِم: بيَدي.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عُثْمَان بن عُرْوَة عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة قَالَت:
كنت أطيب النَّبِي صلى الله عليه وسلم عِنْد إِحْرَامه بأطيب مَا أجد.
وَفِي حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عُثْمَان أَن أَبَاهُ قَالَ:
سَأَلت عَائِشَة: بِأَيّ شيءٍ طيبت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عِنْد إِحْرَامه؟ قَالَت: بأطيب الطّيب.
وَفِي حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَخِيه عُثْمَان قَالَت:
كنت أطيب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بأطيب مَا أقدر عَلَيْهِ قبل أَن يحرم، ثمَّ يحرم.
وَلَيْسَ لعُثْمَان بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الْأسود بن يزِيد بن قيس عَن عَائِشَة قَالَت: كنت أطيب النَّبِي صلى الله عليه وسلم بأطيب مَا أجد حَتَّى أجد وبيص الطّيب فِي رَأسه ولحيته.
وَفِي حَدِيث إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ عَن الْأسود عَنْهَا قَالَت:
كَأَنِّي أنظر إِلَى وبيص الطّيب فِي مفارق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ محرم. وَفِي رِوَايَة الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم: وَهُوَ يهل.
وَفِي حَدِيث سعيد بن جُبَير قَالَ:
كَانَ ابْن عمر يدهن بالزيت، فَذَكرته لإِبْرَاهِيم فَقَالَ: مَا تصنع بقوله: حَدثنِي الْأسود عَن عَائِشَة قَالَت: كَأَنِّي أنظر إِلَى وبيص الطّيب فِي مفارق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ محرم؟
وَقَالَ خلف بن هِشَام فِي رِوَايَته عَن حَمَّاد بن زيد:
وَذَلِكَ طيب إِحْرَامه
وَفِي رِوَايَة أبي إِسْحَق السبيعِي عَن ابْن الْأسود عَن الْأسود عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا أَرَادَ أَن يحرم تطيب بأطيب مَا يجد، ثمَّ أرى وبيص الدّهن فِي رَأسه ولحيته بعد ذَلِك.
وَلمُسلم فِي رِوَايَة أبي الضُّحَى عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت:
كَأَنِّي أنظر إِلَى وبيص الطّيب فِي مفارق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُلَبِّي.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر قَالَ:
سَأَلت عبد الله بن عمر عَن الرجل يتطيب ثمَّ يصبح محرما. فَقَالَ: مَا أحب أَن أصبح محرما أنضخ طيبا.
لِأَن أطلي بقطران أحب إِلَيّ من أَن أفعل ذَلِك. فَقَالَت عَائِشَة: أَنا طيبت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عِنْد إِحْرَامه، ثمَّ طَاف فِي نِسَائِهِ، ثمَّ أصبح محرما. قَالَ فِي حَدِيث شُعْبَة: ينضخ طيبا.
وَلمُسلم من حَدِيث أبي الرِّجَال مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، عَن أمه عمْرَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
طيبت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه حِين أحرم، ولحله قبل أَن يفِيض بِالْبَيْتِ بأطيب مَا وجدت.
3151 -
الثَّامِن: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ عُرْوَة بن الزبير لعَائِشَة: ألم تري إِلَى فُلَانَة بنت الحكم، طَلقهَا زَوجهَا الْبَتَّةَ فَخرجت فَقَالَت: بئس مَا صنعت. فَقَالَ: ألم تسمعي إِلَى قَول فَاطِمَة؟ فَقَالَت: أما إِنَّه لَا خير لَهَا فِي ذكر ذَاك.
وَلمُسلم فِي حَدِيث شُعْبَة عَن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
مَا لفاطمة خيرٌ أَن تذكر هَذَا. تَعْنِي قَوْلهَا: لَا سُكْنى وَلَا نَفَقَة.
وللبخاري فِي حَدِيث مُحَمَّد بن بشار:
أَن عَائِشَة قَالَت: مَا لفاطمة أَلا تتقي الله فِي قَوْلهَا: لَا سُكْنى وَلَا نَفَقَة.
وللبخاري أَيْضا من حَدِيث ابْن شهَاب عَن عُرْوَة أَن عَائِشَة أنْكرت ذَلِك على فَاطِمَة.
وَمن حَدِيث مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن الْقَاسِم وَسليمَان بن يسَار:
أَنه سمعهما يذكران أَن يحيى بن سعيد بن الْعَاصِ طلق بنت عبد الرَّحْمَن بن الحكم، فانتقلها عبد الرَّحْمَن، فَأرْسلت عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ إِلَى مَرْوَان وَهُوَ أَمِير الْمَدِينَة: اتَّقِ الله وارددها إِلَى بَيتهَا. قَالَ مَرْوَان فِي حَدِيث سُلَيْمَان: إِن عبد الرَّحْمَن غلبني. وَقَالَ فِي حَدِيث الْقَاسِم: أَو مَا بلغك شَأْن فَاطِمَة بنت قيس؟ قَالَت: لَا يَضرك أَن تذكر حَدِيث فَاطِمَة. فَقَالَ مَرْوَان: إِن كَانَ بك شرٌّ فحسبك مَا بَين هذَيْن من الشَّرّ. قَالَ البُخَارِيّ: وَزَاد ابْن أبي الزِّنَاد عَن هِشَام عَن أَبِيه قَالَ: عابت عَائِشَة ذَلِك أَشد الْعَيْب، وَقَالَت: إِن فَاطِمَة كَانَت فِي مَكَان وحشٍ مخيف على ناحيتها، فَلذَلِك أرخص لَهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم.
وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة عَن هِشَام عَن أَبِيه قَالَ:
تزوج يحيى بن سعيد بن الْعَاصِ بنت عبد الرَّحْمَن بن الحكم، فَطلقهَا، فأخرجها من عِنْده، فعاب ذَلِك
عَلَيْهِم عُرْوَة، فَقَالُوا: إِن فَاطِمَة قد خرجت. قَالَ عُرْوَة: فَأتيت عَائِشَة فَأَخْبَرتهَا بذلك، فَقَالَت: مَا لفاطمة خيرٌ فِي أَن تذكر هَذَا الحَدِيث.
3152 -
التَّاسِع: عَن أبي مُحَمَّد عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة، عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة قَالَت: تَلا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم هَذِه الْآيَة: {هُوَ الَّذِي أنزل عَلَيْك الْكتاب مِنْهُ آياتٌ محكماتٌ هن أم الْكتاب وَأخر متشابهات فَأَما الَّذين فِي قُلُوبهم زيغٌ فيتبعون مَا تشابه مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَة وابتغاء تَأْوِيله وَمَا يعلم تَأْوِيله إِلَّا الله والراسخون فِي الْعلم يَقُولُونَ آمنا بِهِ كلٌّ من عِنْد رَبنَا مَا يذكر إِلَّا أولُوا الْأَلْبَاب} [آل عمرَان] قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " إِذا رَأَيْت الَّذين يتبعُون مَا تشابه مِنْهُ فَأُولَئِك الَّذين سمى الله فاحذروهم.
3153 -
الْعَاشِر: عَن عبد الله بن عبيد الله عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة قَالَت: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: " يحْشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة حُفَاة عُرَاة غرلًا ". قلت: يَا رَسُول الله، النِّسَاء وَالرِّجَال جَمِيعًا ينظر بَعضهم إِلَى بعض؟ قَالَ:" يَا عَائِشَة، الْأَمر أَشد من أَن ينظر بَعضهم إِلَى بعض ".
وَفِي حَدِيث خَالِد بن الْحَارِث:
الْأَمر اشد من أَن يهمهم ذَاك ".
3154 -
الْحَادِي عشر: عَن أبي مليكَة عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا أَرَادَ سفرا أَقرع بَين نِسَائِهِ، فَصَارَت الْقرعَة لعَائِشَة وَحَفْصَة.
وَكَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا كَانَ بِاللَّيْلِ سَار مَعَ عَائِشَة يتحدث، فَقَالَت حَفْصَة: أَلا تركبين
اللَّيْلَة بَعِيري وأركب بعيرك تنظرين وَأنْظر؟ فَقَالَت: بلَى. فركبت، فجَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى جمل عَائِشَة وَعَلِيهِ حَفْصَة، فَسلم عَلَيْهَا، ثمَّ سَار حَتَّى نزلُوا، وافتقدته عَائِشَة، فَلَمَّا نزلُوا جعلت رِجْلَيْهَا بَين الْإِذْخر، وَتقول: يَا رب سلط عَليّ عقرباً أَو حَيَّة تلدغني، وَلَا أَسْتَطِيع أَن أَقُول لَهُ شَيْئا.
3155 -
الثَّانِي عشر: عَن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن أَبِيه عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " من أحدث فِي أمرنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ ردٌ ".
وَفِي حَدِيث عبد الله بن جَعْفَر الزُّهْرِيّ عَن سعد بن إِبْرَاهِيم:
من عمل عملا لَيْسَ عيه أمرنَا فَهُوَ رد ".
3156 -
الثَّالِث عشر: عَن عبيد الله بن عمر عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة: أَن رجلا طلق امْرَأَته ثَلَاثًا، فَتَزَوجهَا رجل ثمَّ طَلقهَا، فَسئلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن ذَلِك، فَقَالَ:" لَا، حَتَّى يَذُوق الآخر من عسيلتها مَا ذاق الأول ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت:
طلق رجلٌ امْرَأَته، فَتزوّجت زوجا غَيره فَطلقهَا، وَكَانَ مَعَه مثل الهدبة فَلم تصل مِنْهُ إِلَى شيءٍ تريده، فَلم يلبث أَن طَلقهَا، فَأَتَت النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِن زَوجي طَلقنِي، وَإِنِّي تزوجت زوجا غَيره، فَدخل بِي، فَلم يكن مَعَه إِلَّا مثل الهدبة، فَلم يقربنِي إِلَّا هنةً وَاحِدَة لم يصل مني إِلَى شَيْء، فأحل لزوجي الأول؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" لَا تحلين لزوجك الأول حَتَّى يَذُوق عُسَيْلَتك وتذوقي عُسَيْلَته " لفظ حَدِيث البُخَارِيّ عَن مُحَمَّد عَن أبي مُعَاوِيَة.
وَأَخْرَجَا هَذَا الْمَعْنى من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
جَاءَت امْرَأَة رِفَاعَة الْقرظِيّ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: كنت عِنْد رِفَاعَة الْقرظِيّ، فَأَبت طَلَاقي، فَتزوّجت عبد الرَّحْمَن بن الزبير، إِنَّمَا مَعَه مثل هدبة الثَّوْب. فَقَالَ:" تريدين أَن تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَة؟ لَا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَته وَيَذُوق عُسَيْلَتك " زَاد فِي حَدِيث سُفْيَان: وَأَبُو بكر جَالس عِنْده، وخَالِد بن سعيد بن الْعَاصِ بِالْبَابِ ينْتَظر أَن يُؤذن لَهُ. فَقَالَ: يَا أَبَا بكر، أَلا تسمع إِلَى هَذِه وَمَا تجْهر بِهِ عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
وَفِي حَدِيث معمر وَغَيره:
أَلا تزجر هَذِه عَمَّا تجْهر بِهِ عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
وَمَا يزِيد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على التبسم. وَفِيه: وَمَا مَعَه يَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَّا مثل هَذِه الهدبة - لهدبة أَخَذتهَا من جلبابها.
وَفِي حَدِيث يزِيد وَغَيره:
أَن رِفَاعَة طَلقهَا آخر ثَلَاث تَطْلِيقَات.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس:
أَن رِفَاعَة طلق امْرَأَته، فَتَزَوجهَا عبد الرَّحْمَن بن الزبير، فَأَتَت عَائِشَة وَعَلَيْهَا خمارٌ أَخْضَر، فشكت إِلَيْهَا خضرَة بجلدها، فَلَمَّا جَاءَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَالنِّسَاء ينصر بَعضهنَّ بَعْضًا، قَالَت عَائِشَة: مَا رَأَيْت مثل مَا يلقى الْمُؤْمِنَات، لجلدها أَشد خضرَة من ثوبها. قَالَ: وَسمع أَنَّهَا قد أَتَت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فجَاء وَمَعَهُ ابْنَانِ من غَيرهَا، فَقَالَت: وَالله مَالِي إِلَيْهِ من ذَنْب إِلَّا أَن مَا مَعَه لَيْسَ بأغنى عني من هَذِه - وَأخذت هدبة من ثوبها. فَقَالَ: كذبت وَالله يَا رَسُول الله، إِنِّي لأنفضها نفض الْأَدِيم، وَلكنهَا ناشزٌ تُرِيدُ رِفَاعَة، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " فَإِن كَانَ ذَلِك لم تحلي وَلم تصلحي لَهُ،
حَتَّى يَذُوق عُسَيْلَتك ". قَالَ: وَأبْصر مَعَه ابْنَيْنِ لَهُ، قَالَ: " أبنوك هَؤُلَاءِ؟ " قَالَ: نعم. قَالَ: " هَذَا الَّذِي تزعمين، فوَاللَّه لَهُم أشبه من الْغُرَاب بالغراب ".
قَالَ الإِمَام أَبُو بكر البرقاني:
هَكَذَا رَوَاهُ البُخَارِيّ مُرْسلا عَن بنْدَار، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حَمَّاد بن زيد ووهيب عَن أَيُّوب مُرْسلا. وَقد أسْندهُ سُوَيْد بن سعيد عَن عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ فَقَالَ فِيهِ: عَن ابْن عَبَّاس: أَن رِفَاعَة طلق امْرَأَته، فَتَزَوجهَا عبد الرَّحْمَن بن الزبير. . وَذكر الحَدِيث.
3157 -
الرَّابِع عشر: عَن عبيد الله بن عمر عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِن بِلَالًا يُؤذن بليلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادي ابْن أم مَكْتُوم ".
وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة عَن عبيد الله قَالَ:
حَدثنَا الْقَاسِم عَن عَائِشَة، وَعَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ
…
يَعْنِي وَذكره. هَذَا لفظ حَدِيث إِسْحَق ابْن مَنْصُور عَن أبي أُسَامَة.
وَفِي حَدِيث عبيد الله بن إِسْمَاعِيل عَن أبي أُسَامَة عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر، وَعَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة:
أَن بِلَالًا كَانَ يُؤذن بلَيْل، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" كلوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤذن ابْن أم مَكْتُوم، فَإِنَّهُ لَا يُؤذن حَتَّى يطلع الْفجْر " إِلَى هُنَا لفظ أَحَادِيث البُخَارِيّ.
وَفِي حَدِيث مُسلم نَحوه بالإسنادين وَفِيه زِيَادَة، وَهَذَا نَص مَا أخرج من حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر، قَالَ:
كَانَ لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان: بلالٌ وَابْن أم مَكْتُوم الْأَعْمَى، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" إِن بِلَالًا يُؤذن بلَيْل، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤذن ابْن أم مَكْتُوم ". قَالَ، وَلم يكن بَينهمَا إِلَّا أَن ينزل هَذَا ويرقى هَذَا.
وَفِي عقبه عِنْده مُتَّصِلا بِهِ من حَدِيث عبيد الله عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِمثلِهِ. كَذَا قَالَ.
وَقد أفرد مُسلم الزِّيَادَة وَحدهَا فِي كتاب " الْأَذَان " من حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر، قَالَ:
كَانَ لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان: بلالٌ وَابْن أم مَكْتُوم الْأَعْمَى.
وَفِي عقبه من حَدِيث عبيد الله عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة مثله.
وَقد أخرج مُسلم بعض هَذِه الزِّيَادَة من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ ابْن أم مَكْتُوم يُؤذن لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ أعمى.
3158 -
الْخَامِس عشر: عَن ابْن عون - عبد الله بن عون - عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة قَالَت: أَنا فتلت تِلْكَ القلائد من عهنٍ كَانَ عندنَا، فَأصْبح فِينَا حَلَالا، يَأْتِي مَا يَأْتِي الْحَلَال من أَهله، أَو يَأْتِي مَا يَأْتِي الرجل من أَهله.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أَفْلح بن حميد عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة قَالَت:
فتلت قلائد بدن رَسُول الله، ثمَّ أشعرها وقلدها، ثمَّ بعث بهَا إِلَى الْبَيْت، فَمَا حرم عَلَيْهِ شَيْء كَانَ لَهُ حلا ".
وَلمُسلم من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
كنت أفتل قلائد هدي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بيَدي هَاتين، ثمَّ لَا يعتزل شَيْئا وَلَا يتْركهُ.
وَمن حَدِيث أَيُّوب بن أبي تَمِيمَة السّخْتِيَانِيّ عَن الْقَاسِم وَأبي قلَابَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يبْعَث بِالْهَدْي، أفتل قلائدها بيَدي، ثمَّ لَا يمسك عَن شَيْء، لَا يمسك عَن الْحَلَال.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث ابْن شهَاب عَن عُرْوَة وَعمرَة أَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يهدي من الْمَدِينَة، فأفتل قلائد هَدْيه، ثمَّ لَا يجْتَنب شَيْئا مِمَّا يجْتَنب الْمحرم.
وَلمُسلم من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
كَأَنِّي أنظر إِلَى قلائد هدي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
…
ثمَّ ذكر نَحوه.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الْأسود عَن عَائِشَة قَالَت:
كنت أفتل القلائد للنَّبِي صلى الله عليه وسلم، فيقلد الْغنم، وَيُقِيم فِي أَهله حَلَالا.
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن جحادة، قَالَت:
كُنَّا نقلد الشَّاء فنرسل بهَا وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم حلالٌ لم يحرم مِنْهُ شيءٌ.
وَمن حَدِيث مَسْرُوق بن الأجدع أَنه أَتَى عَائِشَة فَقَالَ:
يَا أم الْمُؤمنِينَ، إِن رجلا يبْعَث بِالْهَدْي إِلَى الْكَعْبَة، وَيجْلس فِي الْمصر فيوصي أَن تقلد بدنته فَلَا يزَال من ذَلِك الْيَوْم محرما حَتَّى يحل النَّاس، قَالَ: فَسمِعت تصفيقها من وَرَاء الْحجاب، وَقَالَت: لقد كنت أفتل قلائد هدي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فيبعث هَدْيه إِلَى الْكَعْبَة، فَمَا يحرم عَلَيْهِ شَيْء مِمَّا حل للرجل من أَهله حَتَّى يرجع النَّاس.
وَحَدِيث أبي نعيم عَن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة مُخْتَصر، قَالَت:
فتلت لهدي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تَعْنِي القلائد - قبل أَن يحرم.
وَأَخْرَجَا أَيْضا من حَدِيث عبيد الله بن أبي بكر بن حزم عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن أَن زِيَاد بن أبي سُفْيَان كتب إِلَى عَائِشَة:
إِن عبيد الله بن عَبَّاس قَالَ: من أهْدى هَديا حرم عَلَيْهِ مَا يحرم على الْحَاج حَتَّى ينْحَر هَدْيه، وَقد بعثت بهديي فاكتبي إِلَيّ بِأَمْرك، قَالَت عمْرَة: قَالَت عَائِشَة: لَيْسَ كَمَا قَالَ ابْن عَبَّاس، أَنا فتلت قلائد هدي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بيَدي ثمَّ قلدها بِيَدِهِ، ثمَّ بعث بهَا مَعَ أبي، فَلم يحرم على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم شيءٌ أحله الله لَهُ حَتَّى نحر الْهَدْي.
3159 -
السَّادِس عشر: عَن حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا اغْتسل من الْجَنَابَة دَعَا بِشَيْء نَحْو الحلاب، فَأخذ بكفه، بَدَأَ بشق رَأسه الْأَيْمن، ثمَّ الْأَيْسَر، ثمَّ أَخذ بكفيه فَقَالَ بهما على رَأسه.
وَأَخْرَجَا جَمِيعًا من حَدِيث ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يغْتَسل من إِنَاء هُوَ الْفرق - من الْجَنَابَة.
وَفِي حَدِيث ابْن أبي ذِئْب عَن الزُّهْرِيّ قَالَ:
كنت أَغْتَسِل أَنا وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من إِنَاء وَاحِد من قدح يُقَال لَهُ الْفرق.
وَفِي حَدِيث اللَّيْث وسُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ بِنَحْوِهِ. قَالَ سُفْيَان: وَالْفرق ثَلَاثَة آصَع.
قَالَ أَبُو عبيد الْهَرَوِيّ فِي كِتَابه فِي " الغريبين ": الْفرق بِالْفَتْح سِتَّة عشر رطلا - وَالْفرق بالتسكين مائَة وَعِشْرُونَ رطلا.
وَقد حكى أَبُو مَسْعُود فِي أَفْرَاد مُسلم من تَرْجَمَة هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن مُسلما أخرجه من حَدِيث هِشَام عَن أَبِيه، وَلَيْسَ فِيمَا عندنَا من كتاب مُسلم إِلَّا الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة.
وَأَخْرَجَا أَيْضا من حَدِيث أبي بكر عبد الله بن حَفْص بن عمر بن سعد عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ:
دخلت على عَائِشَة أَنا وأخوها من الرضَاعَة، فَسَأَلَهَا عَن غسل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم من الْجَنَابَة، فدعَتْ بِإِنَاء قدر الصَّاع، فاغتسلت وبيننا وَبَينهَا ستر، وأفرغت على رَأسهَا ثَلَاثًا. قَالَ: وَكَانَ أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَأْخُذن من رؤوسهن حَتَّى يكون كالوفرة.
وَفِي حَدِيث عبد الصَّمد عَن شُعْبَة:
نَحوا من صَاع. قَالَ البُخَارِيّ: فَقَالَ يزِيد بن هَارُون وبهز والجدي عَن شُعْبَة: قدر صَاع.
جمع مُسلم هَذِه الْأَحَادِيث فِي مَوضِع وَاحِد، وتأولها على مَا ظهر من جمعه لَهَا. وَمن التَّرْجَمَة الْمَذْكُورَة فِي حَاشِيَة كِتَابه على أَنه عني بهَا الْمَقَادِير والآنية وَجعل حَدِيث الحلاب مَعهَا.
وَفِي كتاب البُخَارِيّ مَا رُبمَا ظن الظَّان أَنه قد تَأَوَّلَه على أَنه نوع الطّيب يكون قبل الْغسْل، لِأَنَّهُ ترْجم الْبَاب بذلك، فَقَالَ:
بَاب من بَدَأَ بالحلاب وَالطّيب عِنْد الْغسْل " وَفِي بعض النّسخ: " أَو الطّيب " ثمَّ ذكر الحَدِيث، وَلم يذكر غَيره فِي الْبَاب.
وَقد ذكر أَبُو عبيد الْهَرَوِيّ فِي " الغريبين " فِي بَاب الْحَاء فَقَالَ: وَفِي حَدِيث:
كَانَ إِذا اغْتسل دَعَا بِإِنَاء نَحْو الحلاب، قَالَ: والحلاب والمحلب: الْإِنَاء الَّذِي تحلب فِيهِ ذَوَات الألبان. ثمَّ رَأَيْت بعد ذَلِك لأبي سُلَيْمَان، أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن إِبْرَاهِيم الْخطابِيّ قَالَ: الحلاب: إِنَاء يَتَّسِع قدر حلبة نَاقَة. قَالَ: وَقد ذكره مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل فِي كِتَابه، وتأوله على اسْتِعْمَال الطّيب فِي الطّهُور، قَالَ: وَأَحْسبهُ توهم أَنه أُرِيد بِهِ المحلب الَّذِي يسْتَعْمل فِي غسل الْأَيْدِي، وَلَيْسَ هَذَا من الطّيب فِي شَيْء، وَإِنَّمَا هُوَ على مَا فسرت لَك من ذَلِك.
3160 -
السَّابِع عشر: عَن حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان الجُمَحِي عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي من اللَّيْل ثَلَاث عشرَة رَكْعَة، مِنْهَا الْوتر وركعتا الْفجْر.
وَلَفظ حَدِيث عبد الله بن نمير عَن حَنْظَلَة:
كَانَت صَلَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عشر رَكْعَات، ويوتر بِسَجْدَة، ويركع رَكْعَتي الْفجْر، فَتلك ثَلَاث عشرَة.
وَأَخْرَجَا أَيْضا من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي من اللَّيْل إِحْدَى عشرَة رَكْعَة، فَإِذا طلع الْفجْر صلى رَكْعَتَيْنِ خفيفتين ثمَّ اضْطجع على شقة الْأَيْمن حَتَّى يَجِيء الْمُؤَذّن فيؤذنه.
وَفِي حَدِيث شُعَيْب الزُّهْرِيّ قَالَ: حَدثنِي عُرْوَة عَن عَائِشَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي إِحْدَى عشرَة رَكْعَة، كَانَت تِلْكَ صلَاته - تَعْنِي بِاللَّيْلِ - فَيسْجد السَّجْدَة من ذَلِك قدر مَا يقْرَأ أحدكُم خمسين آيَة - قبل أَن يرفع رَأسه، ويركع رَكْعَتَيْنِ قبل
صَلَاة الْفجْر، ثمَّ يضطجع على شقَّه الْأَيْمن حَتَّى يَأْتِيهِ الْمُؤَذّن للصَّلَاة.
وَفِي حَدِيث يحيى بن يحيى عَن مَالك عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ إِحْدَى عشرَة رَكْعَة، يُوتر مِنْهَا بِوَاحِدَة، فَإِذا فرغ مِنْهَا اضْطجع على شقَّه حَتَّى يَأْتِيهِ الْمُؤَذّن فَيصَلي رَكْعَتَيْنِ خفيفتين.
وَفِي حَدِيث عَمْرو بن الْحَارِث عَن الزُّهْرِيّ، قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مَا بَين أَن يفرغ من صَلَاة الْعشَاء - وَهِي الَّتِي يَدْعُو النَّاس الْعَتَمَة - إِلَى الْفجْر، إِحْدَى عشرَة رَكْعَة، يسلم بَين كل رَكْعَتَيْنِ، ويوتر بِوَاحِدَة، فَإِذا سكت الْمُؤَذّن من صَلَاة الْفجْر وَتبين لَهُ الْفجْر وجاءه الْمُؤَذّن قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خفيفتين ثمَّ اضْطجع على شقَّه الْأَيْمن حَتَّى يَأْتِيهِ الْمُؤَذّن للإقامة.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي من اللَّيْل ثَلَاث عشرَة رَكْعَة، ويوتر من ذَلِك بِخمْس، لَا يجلس فِي شئ إِلَّا فِي آخرهَا.
وَفِي حَدِيث مَالك بن هِشَام:
كَانَ يُصَلِّي من اللَّيْل ثَلَاث عشرَة رَكْعَة، ثمَّ يُصَلِّي إِذا سمع النداء بالصبح رَكْعَتَيْنِ خفيفتين.
وَلمُسلم من حَدِيث عرَاك بن مَالك عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي ثَلَاث عشرَة رَكْعَة بركعتي الْفجْر.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي سَلمَة أَنه سَأَلَ عَائِشَة:
كَيفَ كَانَت صَلَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَان؟ قَالَت: مَا كَانَ يزِيد فِي رَمَضَان وَلَا فِي غَيره على إِحْدَى عشرَة رَكْعَة، يُصَلِّي أَرْبعا، فَلَا تسْأَل عَن حسنهنَّ وطولهن،
ثمَّ يُصَلِّي أَربع رَكْعَات لَا تسْأَل عَن حسنهنَّ وطولهن، ثمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا، قَالَت عَائِشَة: فَقلت يَا رَسُول الله أتنام قبل أَن توتر؟ فَقَالَ: " يَا عَائِشَة، إِن عَيْني تنامان وَلَا ينَام قلبِي ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة قَالَ:
سَأَلت عَائِشَة عَن صَلَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: كَانَ يُصَلِّي ثَلَاث عشرَة رَكْعَة، يُصَلِّي ثَمَان ركعاتٍ، ثمَّ يُوتر، ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالس، فَإِذا أَرَادَ أَن يرْكَع قَامَ فَرَكَعَ، ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَين النداء وَالْإِقَامَة من صَلَاة الصُّبْح.
وَلمُسلم من حَدِيث شَيبَان وَمُعَاوِيَة بن سَلام عَن يحيى بِنَحْوِهِ،
غير أَن فِي حَدِيثهمَا تسع رَكْعَات قَائِما، يُوتر مِنْهُنَّ.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث عرَاك بن مَالك الْغِفَارِيّ عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة قَالَت:
صلى النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْعشَاء، ثمَّ ثَمَان رَكْعَات، وَرَكْعَتَيْنِ جَالِسا، وَرَكْعَتَيْنِ بَين النداءين، وَلم يكن يدعهما أبدا.
وَلَيْسَ لعراك بن مَالك عَن أبي سَلمَة فِي مُسْند عَائِشَة من الصَّحِيح غير هَذَا.
وَلمُسلم من حَدِيث عبد الله بن أبي لبيد عَن أبي سَلمَة قَالَ:
أتيت عَائِشَة فَقلت: أَي أمه، أَخْبِرِينِي عَن صَلَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. فَقَالَت: كَانَت صلَاته فِي شهر رَمَضَان وَغَيره ثَلَاث عشرَة رَكْعَة بِاللَّيْلِ، مِنْهَا رَكعَتَا الْفجْر.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث مَسْرُوق قَالَ:
سَأَلت عَائِشَة عَن صَلَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: سبع وتسع، وَإِحْدَى عشرَة رَكْعَة، سوى رَكْعَتي الْفجْر.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث عبد الله بن شَقِيق قَالَ:
سَأَلت عَائِشَة عَن صَلَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، عَن تطوعه، فَقَالَت: كَانَ يُصَلِّي فِي بَيته قبل الظّهْر أَرْبعا، ثمَّ يخرج فَيصَلي النَّاس، ثمَّ يدْخل فَيصَلي رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْمغرب ثمَّ يدْخل فَيصَلي رَكْعَتَيْنِ، وَيُصلي بِالنَّاسِ الْعشَاء وَيدخل بَيْتِي فَيصَلي رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ يُصَلِّي من اللَّيْل تسع رَكْعَات فِيهِنَّ الْوتر، وَكَانَ يُصَلِّي لَيْلًا طَويلا قَائِما، وليلاً طَويلا قَاعِدا، وَكَانَ إِذا قَرَأَ وَهُوَ قائمٌ ركع وَسجد وَهُوَ قائمٌ، وَإِذا قَرَأَ قَاعِدا ركع وَسجد وَهُوَ قاعدٌ، وَكَانَ إِذا صلى الْفجْر صلى رَكْعَتَيْنِ.
3161 -
الثَّامِن عشر: عَن أَفْلح بن حميد عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة قَالَت: كنت أَغْتَسِل أَنا وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم من إِنَاء وَاحِد، تخْتَلف أَيْدِينَا فِيهِ، من الْجَنَابَة.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعْبَة عَن أبي بكر عبد الله بن حَفْص بن عمر بن سعد عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كنت أَغْتَسِل أَنا وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من إِنَاء وَاحِد، من جَنَابَة.
وَعَن شُعْبَة عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة مثله.
وَمن حَدِيث هِشَام بن حسان عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ يوضع لي ولرسول الله صلى الله عليه وسلم هَذَا المركن، فنشرع فِيهِ جَمِيعًا.
قَالَ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي: وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث حَمَّاد بن زيد عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
كنت أَغْتَسِل وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم من إِنَاء وَاحِد. وَذكره أَبُو بكر البرقاني من حَدِيث مُسَدّد عَن حَمَّاد بن زيد كَمَا حكى أَبُو مَسْعُود. وَلم
أجد فِيمَا عندنَا من كتاب البُخَارِيّ. بلَى وجدت فِي الْموضع الَّذِي دلّ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُود من كتاب " الطَّهَارَة " حَدِيثا عَن مُسَدّد عَن حَمَّاد بن زيد عَن هِشَام عَن أَبِيه أَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا اغْتسل من الْجَنَابَة غسل يَده. لم يزدْ. وَهَذَا طرف لم يذكرهُ أَبُو مَسْعُود فِي التَّرْجَمَة، فَإِن كَانَ أَبُو مَسْعُود أَشَارَ إِلَى هَذَا فَلَيْسَ مِنْهُ مَا ذكر.
وَأخرجه مُسلم مَعَ زِيَادَة معنى آخر من حَدِيث بكير بن الْأَشَج عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا اغْتسل بَدَأَ بِيَمِينِهِ، فصب عَلَيْهَا من المَاء فغسلها، ثمَّ صب المَاء على الأذي الَّذِي بِهِ بِيَمِينِهِ، وَغسل عَنهُ بِشمَالِهِ، حَتَّى إِذا فرغ من ذَلِك صب على رَأسه. قَالَت عَائِشَة: وَكنت أَغْتَسِل أَنا وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم من إِنَاء وَاحِد وَنحن جنبان.
وَمن حَدِيث معَاذَة العدوية عَن عَائِشَة قَالَت:
كنت أَغْتَسِل أَنا وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم من إِنَاء بيني وَبَينه وَاحِد، فيبادرني حَتَّى أَقُول: دع لي دع لي. قَالَ: وهما جنبان.
3162 -
التَّاسِع عشر: عَن نَافِع عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصّديق - وَيعرف بِأبي بكر بن أبي عَتيق - أَنه أخبر عبد الله بن عمر عَن عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا: " ألم تري أَن قَوْمك حِين بنوا الْكَعْبَة اقتصروا عَن قَوَاعِد إِبْرَاهِيم؟ " فَقلت: يَا رَسُول الله، أَلا تردها على قَوَاعِد إِبْرَاهِيم؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" لَوْلَا حدثان قَوْمك بالْكفْر لفَعَلت " فَقَالَ عبد الله بن عمر: لَئِن كَانَت عَائِشَة سَمِعت هَذَا من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، مَا أرى أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ترك استلام الرُّكْنَيْنِ اللَّذين يليان الْحجر، إِلَّا أَن الْبَيْت لم يتمم على قَوَاعِد إِبْرَاهِيم.
وَفِي حَدِيث بكير بن الْأَشَج عَن نَافِع أَنَّهَا قَالَت:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: " لَوْلَا أَن قَوْمك حديثو عهد بجاهلية - أَو قَالَ: بِكفْر - لأنفقت كنز الْكَعْبَة فِي سَبِيل الله، ولجعلت بَابهَا بِالْأَرْضِ، ولأدخلت فِيهَا من الْحجر ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " لَوْلَا حَدَاثَة عهد قَوْمك بالْكفْر، لنقضت الْكَعْبَة، ثمَّ لبنيته على أساس إِبْرَاهِيم؛ فَإِن قُريْشًا استقصرت بناءه، وَجعلت لَهُ خلفا ". قَالَ هِشَام: يَعْنِي بَابا.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الْأسود بن يزِيد عَن عَائِشَة قَالَت:
سَأَلت النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن الْجدر، أَمن الْبَيْت هُوَ؟ قَالَ:" نعم " قلت: فَمَا لَهُم لم يدخلوه فِي الْبَيْت؟ قَالَ: " إِن قَوْمك قصرت بهم النَّفَقَة ". قلت: فَمَا شَأْن بَابه مرتفعاً؟ قَالَ: " فعل ذَلِك قَوْمك ليدخلوا من شَاءُوا ويمنعوا من شَاءُوا، وَلَوْلَا أَن قَوْمك حَدِيث عَهدهم بالجاهلية، فَأَخَاف أَن تنكر قُلُوبهم أَن أَدخل الْجدر فِي الْبَيْت، وَأَن ألصق بَابه بِالْأَرْضِ ".
وَفِي حَدِيث شَيبَان عَن أَشْعَث بن أبي الشعْثَاء قَالَت:
سَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الْحجر
…
وَذكره بِمَعْنَاهُ. وَفِيه: فَقلت: مَا شَأْن بَابه مرتفعاً لَا يصعد إِلَيْهِ إِلَّا بسلم؟ وَفِيه: " مَخَافَة أَن تنفر قُلُوبهم ".
وَفِي حَدِيث عبيد الله بن مُوسَى عَن إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَق أَن الْأسود قَالَ:
قَالَ لي ابْن الزبير: كَانَت عَائِشَة تسر إِلَيْك كثيرا، فَمَا حدثتك فِي الْكَعْبَة؟ قلت: قَالَت لي: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " يَا عَائِشَة، لَوْلَا أَن قَوْمك حديثٌ عَهدهم - قَالَ ابْن الزبير: بكفرٍ - لنقضت الْكَعْبَة، فَجعلت لَهَا بَابَيْنِ: بَاب يدْخل النَّاس مِنْهُ، وَبَاب يخرجُون " فَفعله ابْن الزبير.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أبي روح يزِيد بن رُومَان عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة:
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا: " يَا عَائِشَة، لَوْلَا أَن قَوْمك حَدِيث عهدٍ بجاهلية، لأمرت بِالْبَيْتِ فهدم، فأدخلت فِيهِ مَا أخرج مِنْهُ، ولألزقته بِالْأَرْضِ، وَجعلت لَهُ بَابَيْنِ: بَابا شرقياً، وباباً غربياً، فبلغت بِهِ أساس إِبْرَاهِيم ". فَذَلِك الَّذِي حمل ابْن الزبير على هَدمه. قَالَ يزِيد: وَشهِدت ابْن الزبير حِين هَدمه وبناه، وَأدْخل فِيهِ من الْحجر.
وَقد رَأَيْت أساس إِبْرَاهِيم عليه السلام حِجَارَة كأسنمة الْإِبِل. قَالَ جرير بن حَازِم: فَقلت لَهُ - يَعْنِي ليزِيد بن رُومَان: أَيْن مَوْضِعه؟ فَقَالَ: أريكه الْآن. فَدخلت مَعَه الْحجر، فَأَشَارَ إِلَى مكانٍ، فَقَالَ: هَا هُنَا. قَالَ جرير: فحزرت من الْحجر سِتَّة أذرعٍ أَو نَحْوهَا.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سعيد بن ميناء قَالَ:
سَمِعت عبد الله بن الزبير يَقُول: حَدَّثتنِي خَالَتِي - يَعْنِي عَائِشَة - قَالَت: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " يَا عَائِشَة، لَوْلَا أَن قَوْمك حديثو عهد بشرك، لهدمت الْكَعْبَة فألزقتها بِالْأَرْضِ، وَجعلت لَهَا بَابَيْنِ: بَابا شرقياً وباباً غربياً، وزدت فِيهَا سِتَّة أَذْرع من الْحجر، فَإِن قُريْشًا اقتصرتها حَيْثُ بنت الْكَعْبَة ".
وَمن حَدِيث عَطاء بن أبي رَبَاح بأطول من هَذَا قَالَ:
لما احْتَرَقَ الْبَيْت زمن يزِيد ابْن مُعَاوِيَة حِين غَزَاهَا أهل الشَّام، فَكَانَ من أمره مَا كَانَ، تَركه ابْن الزبير حَتَّى قدم النَّاس الْمَوْسِم يُرِيد أَن يرجئهم أَو يحربهم على أهل الشَّام، فَلَمَّا صدر النَّاس قَالَ: يأيها النَّاس، أَشِيرُوا عَليّ فِي الْكَعْبَة، أأنقضها ثمَّ أبني بناءها أَو أصلح مَا وَهِي مِنْهَا؟ قَالَ ابْن عَبَّاس: فَإِنِّي قد فرق لي رأيٌ فِيهَا: أَن تصلح مَا وهى مِنْهَا، وَتَدَع بَيْتا أسلم النَّاس عَلَيْهِ، وأحجاراً أسلم النَّاس عَلَيْهَا، وَبعث عَلَيْهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم.
فَقَالَ ابْن الزبير: لَو كَانَ أحدكُم احْتَرَقَ بَيته مَا رَضِي حَتَّى يجده، فَكيف بَيت
ربكُم؟ إنى مستخيرٌ رَبِّي ثَلَاثًا، ثمَّ عازمٌ على أَمْرِي. فَلَمَّا مضى الثَّلَاث أجمع رَأْيه على أَن ينقضها، فتحاماه النَّاس أَن ينزل بِأول النَّاس يصعد فِيهِ أمرٌ من السَّمَاء، حَتَّى صعده رجلٌ، فَألْقى مِنْهُ حِجَارَة، فَلَمَّا لم يره النَّاس أَصَابَهُ شيءٌ تتابعوا، فنقضوه حَتَّى بلغُوا بِهِ الأَرْض، فَجعل ابْن الزبير أعمدة، فَستر عَلَيْهَا الستور حَتَّى ارْتَفع بِنَاؤُه.
وَقَالَ ابْن الزبير:
إِنِّي سَمِعت عَائِشَة تَقول: إِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَوْلَا أَن النَّاس حديثٌ عَهدهم بِكفْر، وَلَيْسَ عِنْدِي من النَّفَقَة مَا يُقَوي على بنائِهِ، لَكُنْت أدخلت قيه من الْحجر خمس أَذْرع، ولجعلت بِهِ بَابا يدْخل النَّاس مِنْهُ وباباً يخرج النَّاس مِنْهُ. " قَالَ: فَأَنا الْيَوْم أجد مَا أنْفق، وَلست أَخَاف النَّاس، قَالَ: فَزَاد فِيهِ خمس أَذْرع من الْحجر، حَتَّى أبدى أساً نظر النَّاس إِلَيْهِ. فَبنى عَلَيْهِ الْبناء، وَكَانَ طول الْكَعْبَة ثَمَانِيَة عشر ذِرَاعا، فَلَمَّا زَاد فِيهِ استقصره، فَزَاد فِي طوله عشرَة أَذْرع، وَجعل لَهُ بَابَيْنِ أَحدهمَا يدْخل مِنْهُ، وَالْآخر يخرج مِنْهُ.
فَلَمَّا قتل ابْن الزبير كتب الْحجَّاج إِلَى عبد الله بن مَرْوَان يُخبرهُ بذلك، ويخبره أَن ابْن الزبير قد وضع الْبناء على أسٍّ نظر إِلَيْهِ الْعُدُول من أهل مَكَّة، فَكتب إِلَيْهِ عبد الْملك: إِنَّا لسنا من تلطيخ ابْن الزبير فِي شَيْء. أما مَا زَاد فِي طوله فأقره، وَأما مَا زَاد فِيهِ من الْحجر فَرده إِلَى بنائِهِ، وسد الْبَاب الَّذِي فَتحه. فنقضه وَأَعَادَهُ إِلَى بنائِهِ.
وَمن حَدِيث عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر والوليد بن عَطاء عَن الْحَارِث بن عبد الله ابْن أبي ربيعَة، قَالَ عبد الله بن عبيد:
وَفد الْحَارِث على عبد الْملك بن مَرْوَان فِي خِلَافَته، فَقَالَ: مَا أَظن أَبَا خبيبٍ - يَعْنِي ابْن الزبير - سمع من عَائِشَة مَا كَانَ يزْعم أَنه سَمعه مِنْهَا. قَالَ الْحَارِث: بلَى، أَنا سمعته مِنْهَا. قَالَ: سَمعتهَا تَقول مَاذَا؟ قَالَ: قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " إِن قَوْمك استقصروا من بُنيان الْبَيْت، وَلَوْلَا حدثان
عَهدهم بالشرك أعدت مَا تركُوا مِنْهُ، فَإِن بدا لقَوْمك من بعدِي أَن يبنوه فهلمي لأريك مَا تركُوا مِنْهُ ". فأراها قَرِيبا من سَبْعَة أَذْرع. هَذَا حَدِيث عبد الله بن عبيد.
وَزَاد عَلَيْهِ الْوَلِيد بن عَطاء:
قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " ولجعلت لَهَا بَابَيْنِ مَوْضُوعَيْنِ فِي الأَرْض: شرقياً وغربياً. وَهل تدرين لم كَانَ قَوْمك رفعوا بَابهَا؟ " قَالَت: لَا. قَالَ: " تعززاً أَلا يدخلهَا إِلَّا من أَرَادوا، فَكَانَ الرجل إِذا هُوَ أَرَادَ أَن يدخلهَا يَدعُونَهُ يرتقي حَتَّى إِذا كَاد أَن يدْخل دفعوه فَسقط ". قَالَ عبد الْملك لِلْحَارِثِ: أَأَنْت سَمعتهَا تَقول هَذَا؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَنكتَ سَاعَة بعصاه، ثمَّ قَالَ: وددت أَنِّي تركته وَمَا تحمل.
وَمن حَدِيث حَاتِم بن أبي صَغِيرَة عَن أبي قزعة:
أَن عبد الْملك بن مَرْوَان، بَيْنَمَا هُوَ يطوف بِالْبَيْتِ، إِذْ قَالَ: قَاتل الله ابْن الزبير حَيْثُ يكذب على أم الْمُؤمنِينَ، يَقُول: سَمعتهَا تَقول: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " يَا عَائِشَة، لَوْلَا حدثان قَوْمك بالْكفْر، لنقضت الْبَيْت حَتَّى أَزِيد فِيهِ من الْحجر، فَإِن قَوْمك قصروا فِي الْبناء ". فَقَالَ الْحَارِث بن عبد الله بن أبي ربيعَة: لَا تقل هَذَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَأَنا سَمِعت أم الْمُؤمنِينَ تحدث هَذَا. قَالَ: لَو كنت سمعته قبل أَن أهدمه لتركته على مَا بنى ابْن الزبير.
3163 -
الْعشْرُونَ: عَن مُحَمَّد بن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن أبي عبد الله عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام عَن عَائِشَة قَالَت: الصَّلَاة أول مَا فرضت رَكْعَتَيْنِ، فأقرت صَلَاة السّفر، وأتمت صَلَاة الْحَضَر. قَالَ الزُّهْرِيّ: فَقلت لعروة: فَمَا بَال عَائِشَة تتمّ؟ قَالَ: تأولت كَمَا تَأَول عُثْمَان.
وَفِي حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ بِالْإِسْنَادِ:
فرضت الصَّلَاة رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ هَاجر النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَفرضت أَرْبعا، وَتركت صَلَاة السّفر على الأول. كَذَا رَوَاهُ يزِيد بن زُرَيْع عَن معمر.
وَفِي حَدِيث يُونُس عَن ابْن شهَاب:
فرض الله الصَّلَاة حِين فَرضهَا رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ أتمهَا فِي الْحَضَر، وأقرت صَلَاة السّفر على الْفَرِيضَة الأولى.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث صَالح بن كيسَان مولى بني غفار عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
فرض الله الصَّلَاة حِين فَرضهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَر وَالسّفر، فأقرت صَلَاة السّفر، وَزيد فِي صَلَاة الْحَضَر.
3164 -
الْحَادِي وَالْعشْرُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يحدث حَدِيثا لَو عده الْعَاد لأحصاه.
وَأخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
أَلا يُعْجِبك أَبُو فلَان؟ جَاءَ فَجَلَسَ إِلَى جَانب حُجْرَتي يحدثني عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يسمعني ذَلِك، وَكنت أسبح، فَقَامَ قبل أَن أَقْْضِي سبحتي، وَلَو أَدْرَكته لرددت عَلَيْهِ: إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يسْرد الحَدِيث كَسَرْدِكُمْ.
3165 -
الثَّانِي وَالْعشْرُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: جَاءَت هِنْد بنت عتبَة بن ربيعَة فَقَالَت: وَالله يَا رَسُول الله مَا كَانَ على ظهر الأَرْض أهل خباء أحب إِلَيّ أَن يذلوا من أهل خبائك، وَمَا أصبح الْيَوْم على ظهر الأَرْض أهل خباءٍ أحب إِلَيّ أَن يعزوا من أهل خبائك. ثمَّ قَالَت: إِن أَبَا سُفْيَان رجل مسيك، فَهَل
عَليّ جناحٌ فِي أَن أطْعم من الَّذِي لَهُ عيالنا؟ قَالَ لَهَا: " لَا حرج عَلَيْك أَن تطعميهم بِالْمَعْرُوفِ ".
وَمن حَدِيث عَبْدَانِ عَن ابْن الْمُبَارك عَن يُونُس. وَفِي حَدِيث معمر وَابْن أخي الزُّهْرِيّ عَن الزُّهْرِيّ بعد قَول هِنْد فِي الْمحبَّة
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: " وَأَيْضًا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ " ثمَّ قَالَت: إِن أَبَا سُفْيَان رجل مسيك. . الحَدِيث.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن عَائِشَة
أَن هنداً قَالَت للنَّبِي صلى الله عليه وسلم: إِن أَبَا سُفْيَان رجلٌ شحيحٌ فأحتاج إِلَى أَن آخذ من مَاله قَالَ: " خذي مَا يَكْفِيك وولدك بِالْمَعْرُوفِ ".
وَفِي حَدِيث يحيى الْقطَّان عَن هِشَام قَالَت:
يَا رَسُول الله، إِن أَبَا سُفْيَان رجل شحيح، وَلَيْسَ يعطيني مَا يَكْفِينِي وَوَلَدي إِلَّا مَا أخذت مِنْهُ وَهُوَ لَا يعلم.
قَالَ: " خذي مَا يَكْفِيك وولدك بِالْمَعْرُوفِ ".
3166 -
الثَّالِث وَالْعشْرُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: إِن أَفْلح أَخا أبي القعيس اسْتَأْذن عَليّ بعد مَا نزل الْحجاب، فَقلت: وَالله لَا آذن لَهُ حَتَّى اسْتَأْذن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَإِن أَخا أبي القعيس لَيْسَ هُوَ أرضعني، وَلَكِن أرضعتني امْرَأَة أبي القعيس: فَدخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقلت لَهُ: يَا رَسُول الله، إِن الرجل لَيْسَ هُوَ أرضعني وَلَكِن أرضعتني امْرَأَته. فَقَالَ:" ائذني لَهُ، فَإِنَّهُ عمك - تربت يَمِينك ". قَالَ عُرْوَة: فبذلك كَانَت عَائِشَة تَقول: حرمُوا من الرضَاعَة مَا يحرم من النّسَب.
وَفِي حَدِيث شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ نَحوه، وَفِيه:
فَدخل عَليّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقلت: يَا رَسُول الله، إِن أَفْلح أَخا أبي القعيس اسْتَأْذن، فأبيت أَن آذن لَهُ حَتَّى استأذنك.
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: مَا يمنعك أَن تَأْذَنِي لعمك؟ " قلت: يَا رَسُول الله، إِن الرجل لَيْسَ أرضعني. . وَذكر الحَدِيث.
وَحَدِيث مَالك عَن الزُّهْرِيّ مُخْتَصر:
أَن أَفْلح أَخا أبي القعيس جَاءَ يسْتَأْذن عَلَيْهَا، وَهُوَ عَمها من الرضَاعَة بعد أَن نزل الْحجاب، فأبيت أَن آذن لَهُ، فَلَمَّا جَاءَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أخْبرته بِالَّذِي صنعت، فَأمرنِي أَن آذن لَهُ ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة. . وَذكر الحَدِيث بِنَحْوِهِ وَمَعْنَاهُ، وَفِيه:
إِنَّه عمك، فليلج عَلَيْك ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عرَاك بن مَالك عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
اسْتَأْذن عَليّ أَفْلح فَلم آذن لَهُ، فَقَالَ: أتحتجبين مني وَأَنا عمك؟ فَقلت: كَيفَ ذَلِك: قَالَ: أَرْضَعتك امْرَأَة أخي بِلَبن أخي. قَالَت: فَسَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " صدق أَفْلح، ائذني لَهُ ".
وَفِي حَدِيث الحكم عَن عرَاك نَحوه، وَفِيه:
فأبيت أَن آذن لَهُ، فجَاء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَذكرت لَهُ ذَلِك فَقَالَ:" ليدْخل عَلَيْك، فَإِنَّهُ عمك ".
وَلمُسلم من حَدِيث يزِيد بن أبي حبيب عَن عرَاك:
أَن عَمها من الرضَاعَة يُسمى أَفْلح اسْتَأْذن عَلَيْهَا فَحَجَبَتْهُ، فَأخْبرت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" لَا تَحْتَجِبِي مِنْهُ؛ فَإِنَّهُ يحرم من الرضَاعَة مَا يحرم من النّسَب ".
وَأَخْرَجَا جَمِيعًا من حَدِيث عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن
عمْرَة عَن عَائِشَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ عِنْدهَا، وَأَنَّهَا سَمِعت صَوت رجل يسْتَأْذن فِي بَيت حَفْصَة، قَالَت عَائِشَة: فَقلت: يَا رَسُول الله، هَذَا رجلٌ يسْتَأْذن فِي بَيْتك. قَالَت: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " أرَاهُ فلَانا " لعم حَفْصَة فِي الرضَاعَة. فَقَالَت عَائِشَة: يَا رَسُول الله: لَو كَانَ فلانٌ حَيا - لعمها من الرضَاعَة - دخل عَليّ؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " نعم، إِن الرضَاعَة تحرم مَا تحرم الْولادَة ".
وَفِي حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة وَابْن جريج عَن عبد الله بن أبي بكر - الْمسند مِنْهُ فَقَط:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: " يحرم من الرضَاعَة مَا يحرم من الْولادَة ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عَطاء عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
اسْتَأْذن عَليّ عمي من الرضَاعَة أَبُو الْجَعْد، فرددته. قَالَ هِشَام بن عُرْوَة: إِنَّمَا هُوَ أَبُو القعيس. فَلَمَّا جَاءَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أخْبرته ذَلِك فَقَالَ: " فَهَلا أَذِنت لَهُ، تربت يَمِينك - أَو يدك ".
3167 -
الرَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة أَنه سَأَلَ عَائِشَة قَالَ: {وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى} إِلَى قَوْله: {أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم} [النِّسَاء] .
قَالَت: يَا ابْن أُخْتِي، هَذِه الْيَتِيمَة تكون فِي حجر وَليهَا، فيرغب فِي جمَالهَا وَمَالهَا، وَيُرِيد أَن ينتقص صَدَاقهَا، فنهوا عَن نِكَاحهنَّ إِلَّا أَن يقسطوا لَهُنَّ فِي إِكْمَال الصَدَاق، وَأمرُوا بِنِكَاح من سواهن. قَالَت عَائِشَة: فاستفتى النَّاس رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذَلِك، فَأنْزل الله. . {ويستفتونك فِي النِّسَاء قل الله يفتيكم فِيهِنَّ} إِلَى قَوْله:{وترغبون أَن تنكحوهن} [النِّسَاء] فَبين الله لَهُم أَن الْيَتِيمَة إِذا كَانَت ذَات جمال وَمَال رَغِبُوا فِي نِكَاحهَا وَلم يلحقوها بسنتها فِي إِكْمَال الصَدَاق، وَإِذا كَانَت مرغوبةً عَنْهَا فِي قلَّة المَال وَالْجمال تركوها والتمسوا غَيرهَا من
النِّسَاء. قَالَ: فَكَمَا يتركونها حِين يرغبون عَنْهَا فَلَيْسَ لَهُم أَن ينكحوها إِذا رَغِبُوا فِيهَا إِلَّا أَن يقسطوا لَهَا ويعطوها حَقّهَا الأوفى فِي الصَدَاق.
وَفِي حَدِيث يُونُس عَن ابْن شهَاب نَحوه، وَفِيه قَالَت:
يَا ابْن أُخْتِي، هِيَ الْيَتِيمَة تكون فِي حجر وَليهَا، تشاركه فِي مَاله، فيعجبه مَالهَا وجمالها، وَيُرِيد أَن يَتَزَوَّجهَا بِغَيْر أَن يقسط فِي صَدَاقهَا، فيعطيها مثل مَا يُعْطهَا غَيره، فنهوا عَن نِكَاحهنَّ إِلَّا أَن يقسطوا لَهُنَّ، ويبلغوا لَهُنَّ أَعلَى سنتهن من الصَدَاق. وَفِيه: قَالَت عَائِشَة: وَالَّذِي ذكر الله أَنه يُتْلَى عَلَيْكُم فِي الْكتاب الْآيَة الأولى الَّتِي قَالَ فِيهَا: {فَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى فانكحوا مَا طَابَ لكم} [النِّسَاء] قَالَت: وَقَول الله فِي الْآيَة الْأُخْرَى: {وترغبون أَن تنكحوهن} [النِّسَاء] رَغْبَة أحدكُم عَن الَّتِي تكون فِي حجره حِين تكون قَليلَة المَال، فنهوا أَن ينكحوا مَا رَغِبُوا فِي مَالهَا وجمالها من يتامى النِّسَاء إِلَّا بِالْقِسْطِ، من أجل رغبتهم عَنْهُن.
وَفِي حَدِيث صَالح عَن ابْن شهَاب نَحوه، وَزَاد فِي آخِره:
من أجل رغبتهم عَنْهُن إِذا كن قليلات المَال وَالْجمال.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة فِي قَوْله: {وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى فانكحوا} [النِّسَاء] قَالَت:
أنزلت فِي الرجل تكون لَهُ الْيَتِيمَة، وَهُوَ وَليهَا ووارثها، وَلها مَال، وَلَيْسَ لَهَا أحدٌ يُخَاصم دونهَا، فَلَا ينْكِحهَا لمالها، فَيضر بهَا ثمَّ يسيء صحبتهَا، فَقَالَ:{وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء} [النِّسَاء] يَقُول: مَا أحللت لكم، ودع الَّتِي تضر بهَا.
وَفِي حَدِيث ابْن جريج عَن هِشَام بِالْإِسْنَادِ:
أَن رجلا كَانَت لَهُ يتيمة فنكحها، وَكَانَ لَهَا عذقٌ، وَكَانَ يمْسِكهَا عَلَيْهِ، وَلم يكن لَهَا من نَفسه شَيْء، فَنزلت فِيهِ {وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى} [النِّسَاء] أَحْسبهُ قَالَ: كَانَت شريكته فِي ذَلِك العذق وَفِي مَاله.
وَفِي حَدِيث أبي مُعَاوِيَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة فِي قَوْله تَعَالَى:
{ويستفتونك فِي النِّسَاء} [النِّسَاء] إِلَى آخر الْآيَة، قَالَت: هِيَ الْيَتِيمَة تكون فِي حجر الرجل قد شركته فِي مَاله، فيرغب عَنْهَا أَن يَتَزَوَّجهَا وَيكرهُ أَن يُزَوّجهَا غَيره، فَيدْخل عَلَيْهِ فِي مَاله، فيحبسها، فنهاهم الله عَن ذَلِك.
وألفاظ سَائِر الروَاة مُتَقَارِبَة الْمَعْنى.
3168 -
الْخَامِس وَالْعشْرُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: رَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه، وَأَن أنظر إِلَى الْحَبَشَة يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِد، حَتَّى أكون أَنا الَّذِي أسأمه، فاقدروا قدر الْجَارِيَة الحديثة السن الحريصة على اللَّهْو.
وَفِي حَدِيث عقيل عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة:
أَن أَبَا بكر دخل عَلَيْهَا وَعِنْدهَا جاريتان فِي أَيَّام منى، تدفقان، وتضربان، وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم متغشٍّ بِثَوْبِهِ، فانتهرهما أَبُو بكر، فكشف النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن وَجهه فَقَالَ:" دعهما يَا أَبَا بكر، فَإِنَّهَا أَيَّام عيد "، وَتلك الْأَيَّام أَيَّام منى.
وَقَالَت عَائِشَة:
رَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يسترني وَأَنا أنظر إِلَى الْحَبَشَة وهم يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِد، فزجرهم عمر، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:" أمنا يَا بني أرفدة " يَعْنِي من الْأَمْن.
وَفِي حَدِيث عَمْرو بن الْحَارِث عَن ابْن شهَاب نَحوه، وَفِيه تُغنيَانِ وتضربان.
وَفِيه:
وَأَنا جَارِيَة، فاقدروا قدر الْجَارِيَة العربة الحديثة السن.
وَفِي حَدِيث أبي الطَّاهِر عَن ابْن وهب:
وَالله لقد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على بَاب حُجْرَتي والحبشة يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه، لكني أنظر إِلَى لعبهم، ثمَّ يقوم من أَجلي حَتَّى أكون أَنا الَّتِي انْصَرف.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْأَسدي عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
دخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَعِنْدِي جاريتان تُغنيَانِ بغناء بُعَاث، فاضطجع على الْفراش، وحول وَجهه، وَدخل أَبُو بكر فَانْتَهرنِي، وَقَالَ: مزمارة الشَّيْطَان عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم {فَأقبل عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " دعهما ". فَلَمَّا غفل غمزتهما، فخرجتا.
وَكَانَ يَوْم عيد يلْعَب السودَان بالدرق والحراب.
فإمَّا سَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَإِمَّا قَالَ:" تشتهين تنظرين؟ " فَقلت: نعم. فأقامني وَرَاءه، خدي على خَدّه، وَيَقُول:" دونكم يَا بني أرفدة " حَتَّى إِذا مللت. قَالَ: " حَسبك؟ ". قلت: نعم.
قَالَ: " فاذهبي ".
وَأَخْرَجَا بعضه من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
دخل عَليّ أَبُو بكر وَعِنْدِي جاريتان من جواري الْأَنْصَار تُغنيَانِ بِمَا تقاولت بِهِ الْأَنْصَار يَوْم بُعَاث. قَالَت: وليستا بمغنيتين. فَقَالَ أَبُو بكر: أبمزمور الشَّيْطَان فِي بَيت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم} وَذَلِكَ فِي يَوْم عيد. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " يَا أَبَا بكر، إِن لكل قومٍ عيداً، وَهَذَا عيدنا ".
وَفِي حَدِيث شُعْبَة عَن هِشَام:
أَن أَبَا بكر دخل عَلَيْهَا وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عِنْدهَا يَوْم فطر - أَو أضحى - وَعِنْدهَا قينتان تُغنيَانِ بِمَا تقاذفت بِهِ الْأَنْصَار يَوْم بُعَاث. فَقَالَ أَبُو بكر: مزمار الشَّيْطَان! مرَّتَيْنِ. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " يَا أَبَا بكر، إِن لكل قوم عيداً، وَإِن عيدنا هَذَا الْيَوْم ".
وَأخرج مُسلم ذكر الْحَبَشَة من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
جَاءَ حبش يزفنون فِي يَوْم عيد فِي الْمَسْجِد، فدعاني النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَوضعت رَأْسِي على مَنْكِبه، فَجعلت أنظر إِلَى لعبهم، حَتَّى كنت أَنا الَّتِي انصرفت عَن النّظر إِلَيْهِم.
وَمن حَدِيث أبي عَاصِم عبيد بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت للعابين:
وددت أَنِّي أَرَاهُم. فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَقمت على الْبَاب أنظر بَين أُذُنَيْهِ وعاتقه وهم يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِد. قَالَ عَطاء: فرسٌ أَو حبش. قَالَ: وَقَالَ ابْن أبي عَتيق: حبش.
3169 -
السَّادِس وَالْعشْرُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُبَايع النِّسَاء بالْكلَام بِهَذِهِ الْآيَة: {لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا} [سُورَة الممتحنة] قَالَت: وَمَا مست يَد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَد امْرَأَة لَا يملكهَا.
وَفِي حَدِيث عقيل وَيُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَ:
كَانَ الْمُؤْمِنَات إِذا هَاجَرْنَ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم يمتحنهن بقول الله تَعَالَى: {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا جَاءَك الْمُؤْمِنَات يبايعنك على أَن لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا} [الممتحنة] إِلَى آخر الْآيَة. قَالَت عَائِشَة: فَمن أقرّ بِهَذَا الشَّرْط من الْمُؤْمِنَات فقد أقرّ بالمحنة. فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا أقررن بذلك من قولهن قَالَ لَهُنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " انطلقن، فقد بايعتكن " لَا وَالله مَا مست يَد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَد امْرَأَة قطّ، غير أَنه بايعهن بالْكلَام. وَالله مَا أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
على النِّسَاء قطّ إِلَّا بِمَا أمره الله، وَكَانَ يَقُول لَهُنَّ إِذا أَخذ عَلَيْهِنَّ:" قد بايعتكن " كلَاما.
قَالَ البُخَارِيّ وَقد ذكر من رَوَاهُ عَن الزُّهْرِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد - ثمَّ قَالَ:
قَالَ إِسْحَاق ابْن رَاشد عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة وَعمرَة عَن عَائِشَة.
وَفِي حَدِيث مَالك عَن الزُّهْرِيّ مُخْتَصر أَنَّهَا قَالَت:
مَا مس رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ امْرَأَة قطّ، إِلَّا أَن يَأْخُذ عَلَيْهَا، فَإِذا أَخذ عَلَيْهَا فَأَعْطَتْهُ قَالَ:" اذهبي، فقد بَايَعْتُك ".
3170 -
السَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة قَالَ: سَأَلت عَائِشَة فَقلت لَهَا: أَرَأَيْت قَول الله تَعَالَى: {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله فَمن حج الْبَيْت أَو اعْتَمر فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن يطوف بهما وَمن تطوع خيرا فَإِن الله شَاكر عليم} [سُورَة الْبَقَرَة] فوَاللَّه مَا على أحدٍ جناحٌ أَلا يطوف بالصفا والمروة. قَالَت: بئس مَا قلت يَا ابْن أُخْتِي، إِن هَذِه لَو كَانَت على مَا أولتها عَلَيْهِ كَانَت: لَا جنَاح عَلَيْهِ أَلا يطوف بهما، وَلكنهَا أنزلت فِي الْأَنْصَار: كَانُوا قبل أَن يسلمُوا يهلون لمناة الطاغية الَّتِي كَانُوا يعبدونها عِنْد المشلل، وَكَانَ من أهل بهما يتحرج أَن يطوف بالصفا والمروة، فَلَمَّا أَسْلمُوا سَأَلُوا النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن ذَلِك، فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، إِنَّا كُنَّا نتحرج أَن نطوف بَين الصَّفَا والمروة، فَأنْزل الله عز وجل:{إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} الْبَقَرَة الْآيَة: قَالَت عَائِشَة: وَقد سنّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الطّواف بَينهمَا، فَلَيْسَ لأحدٍ أَن يتْرك الطّواف بَينهمَا.
فَأخْبرت أَبَا بكر بن عبد الرَّحْمَن فَقَالَ:
إِن هَذَا لعلمٌ مَا كنت سمعته، وَلَقَد سَمِعت رجَالًا من أهل الْعلم يذكرُونَ أَن النَّاس إِلَّا من ذكرت عَائِشَة مِمَّن كَانَ يهل لمناة - كَانُوا يطوفون كلهم بالصفا والمروة، فَلَمَّا ذكر الطّواف بِالْبَيْتِ وَلم يذكر الصَّفَا
والمروة فِي الْقُرْآن، قَالُوا: يَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِنَّا كُنَّا نطوف بالصفا والمروة، وَإِن الله أنزل الطّواف بِالْبَيْتِ، فَلم يذكر الصَّفَا، فَهَل علينا من حرجٍ أَلا نطوف بالصفا والمروة؟ فَأنْزل الله تَعَالَى:{إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} [الْبَقَرَة] الْآيَة.
قَالَ أَبُو بكر:
فَأَسْمع هَذِه الْآيَة نزلت فِي الْفَرِيقَيْنِ كليهمَا: فِي الَّذين كَانُوا يتحرجون أَن يطوفوا فِي الْجَاهِلِيَّة بالصفا والمروة، وَالَّذين كَانُوا يطوفون ثمَّ تحرجوا أَن يطوفوا بهما فِي الْإِسْلَام، من أجل أَن الله أَمر بِالطّوافِ بِالْبَيْتِ، وَلم يذكر الصَّفَا حَتَّى ذكر ذَلِك بعد مَا ذكر الطّواف بِالْبَيْتِ.
وَفِي حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ بِمَعْنَاهُ، وَقَالَ: قَالَ الزُّهْرِيّ:
فَذكرت ذَلِك لأبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام، فأعجبه ذَلِك وَقَالَ: إِن هَذَا الْعلم. وَلَقَد سَمِعت رجَالًا من أهل الْعلم يَقُولُونَ: إِنَّمَا كَانَ من لَا يطوف بَين الصَّفَا والمروة من الْعَرَب يَقُول: إِن طواف مَا بَين هذَيْن الحجرين من أَمر الْجَاهِلِيَّة.
وَقَالَ آخَرُونَ من الْأَنْصَار:
إِنَّمَا أمرنَا بِالطّوافِ وَلم نؤمر بَين الصَّفَا والمروة، فَأنْزل الله عز وجل:{إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} [الْبَقَرَة] قَالَ أَبُو بكر: فأراها نزلت فِي هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء.
وَفِي رِوَايَة عقيل عَن الزُّهْرِيّ بِالْإِسْنَادِ:
قَالَت عَائِشَة: وَقد سنّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الطّواف بَينهمَا، فَلَيْسَ لأحدٍ ان يتْرك الطّواف بهما.
وَفِي رِوَايَة يُونُس عَن الزُّهْرِيّ:
إِن الْأَنْصَار كَانُوا قبل أَن يسلمُوا، هم وغسان يهلون لمناة، فتحرجوا أَن يطوفوا بَين الصَّفَا والمروة، وَكَانَ ذَلِك سنة فِي آبَائِهِم: من أحرم لمناة لم يطف بَين الصَّفَا والمروة، وَإِنَّهُم سَأَلُوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن ذَلِك حِين أَسْلمُوا، فَأنْزل الله فِي ذَلِك:{إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} [الْبَقَرَة] وَذكر إِلَى آخر الْآيَة.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة -
فَذكر نَحْو مَا تقدم من قَوْله لَهَا فِي الْآيَة، وَقَوْلها لَهُ، ثمَّ قَالَت: إِنَّمَا أنزل هَذَا فِي أنَاس من الْأَنْصَار كَانُوا إِذا أهلوا لمناة فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَا يحل لَهُم أَن يطوفوا بَين الصَّفَا والمروة. فَلَمَّا قدمُوا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْحَج ذكرُوا ذَلِك لَهُ، فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة، ولعمري، مَا أتم الله حج من لم يطف بَين الصَّفَا والمروة.
وَفِي حَدِيث مَالك عَن هِشَام عَن أَبِيه قَالَ: قلت لعَائِشَة وَأَنا يومئذٍ حَدِيث السن:
أَرَأَيْت قَول الله تَعَالَى: {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} [الْبَقَرَة] ثمَّ ذكر قَوْله وَقَوْلها لَهُ، وَأَنَّهَا قَالَت: إِنَّمَا أنزلت هَذِه الْآيَة فِي الْأَنْصَار، كَانُوا يهلون لمناة فِي الْجَاهِلِيَّة، وَكَانَت مَنَاة حَذْو قديد، وَكَانُوا يتحرجون أَن يطوفوا بَين الصَّفَا والمروة، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام سَأَلُوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن ذَلِك، فَأنْزل الله عز وجل:{إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} [الْبَقَرَة] .
وَفِي حَدِيث أبي مُعَاوِيَة عَن هِشَام أَنَّهَا قَالَت:
وَهل تَدْرِي فيمَ كَانَ ذَاك؟ إِنَّمَا كَانَ ذَاك أَن الْأَنْصَار كَانُوا يهلون فِي الْجَاهِلِيَّة لصنمين على شط الْبَحْر يُقَال لَهما إسافٌ ونائلة، ثمَّ يجيئون فيطوفون بَين الصَّفَا والمروة، ثمَّ يحلقون، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام، كَرهُوا أَن يطوفوا بَينهمَا للَّذي كَانُوا يصنعون فِي الْجَاهِلِيَّة، فَأنْزل الله عز وجل:{إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} [الْبَقَرَة] إِلَى آخرهَا. قَالَت: فطافوا.
انْفَرد أَبُو مُعَاوِيَة بِمَا فِي حَدِيثه:
أَن الْأَنْصَار كَانُوا يجيئون فيطوفون بَين الصَّفَا والمروة. وَفِي سَائِر الرِّوَايَات عَن هِشَام عَن عُرْوَة: أَنهم كَانُوا لَا يطوفون بَين الصَّفَا والمروة.
3171 -
الثَّامِن وَالْعشْرُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: دخل رهطٌ من الْيَهُود على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: السام عَلَيْك. قَالَت عَائِشَة: ففهمتها،
فَقلت: عَلَيْكُم السام واللعنة. قَالَت: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " مهلا يَا عَائِشَة، إِن الله يحب الرِّفْق فِي الْأَمر كُله " فَقلت: يَا رَسُول الله، ألم تسمع مَا قَالُوا؟ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" قد قلت: وَعَلَيْكُم ".
وَفِي رِوَايَة أبي نعيم عَن ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ بِنَحْوِهِ، وَفِيه
إِن الله رفيقٌ، يحب الرِّفْق فِي الْأَمر كُله ".
وَفِي حَدِيث صَالح بن كيسَان - وَفِي بعض الرِّوَايَات عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " قد قلت: عَلَيْكُم " وَلم يذكر الْوَاو.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة عَن عَائِشَة:
أَن الْيَهُود أَتَوا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: السام عَلَيْك. قَالَ: " وَعَلَيْكُم ". فَقَالَت عَائِشَة: السام عَلَيْكُم، ولعنكم الله وَغَضب عَلَيْكُم. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" مهلا يَا عَائِشَة، عَلَيْك بالرفق، وَإِيَّاك والعنف وَالْفُحْش " قَالَت: أَو لم تسمع مَا قَالُوا؟ قَالَ: " أَو لم تسمعي مَا قلت؟ رددت عَلَيْهِم، فيستجاب لي فيهم، وَلَا يُسْتَجَاب لَهُم فِي ". هَذَا حَدِيث عبد الْوَهَّاب عَن أَيُّوب، وَهُوَ أتم.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي عَائِشَة مَسْرُوق بن الأجدع عَن عَائِشَة قَالَت:
أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم ناسٌ من الْيَهُود، فَقَالُوا: السام عَلَيْك يَا أَبَا الْقَاسِم. قَالَ: " وَعَلَيْكُم ".
قَالَت عَائِشَة: بل عَلَيْكُم السام والذام. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " يَا عَائِشَة، لَا تكون فَاحِشَة ". فَقَالَت: مَا سَمِعت مَا قَالُوا؟ فَقَالَ: " أَو لَيْسَ قد رددت عَلَيْهِم الَّذِي قَالُوا، قلت: وَعَلَيْكُم ".
وَفِي رِوَايَة يعلى بن عبيد عَن الْأَعْمَش نَحوه غير أَنه قَالَ:
ففطنت بهم عَائِشَة فسبتهم، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" مَه يَا عَائِشَة، فَإِن الله لَا يحب الْفُحْش والتفحش ". وَزَاد. فَأنْزل الله: {وَإِذا جاءوك حيوك بِمَا لم يحيك بِهِ الله. .} إِلَى آخر الْآيَة [المجادلة] .
3172 -
التَّاسِع وَالْعشْرُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن قُريْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْن الْمَرْأَة المخزومية الَّتِي سرقت، فَقَالُوا: من يكلم فِيهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالُوا: وَمن يجترئ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَة بن زيد حب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. فَكَلمهُ أُسَامَة، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" أَتَشفع فِي حدٍّ من حُدُود الله؟ " ثمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، ثمَّ قَالَ:" إِنَّمَا أهلك الَّذين قبلكُمْ أَنهم كَانُوا إِذا سرق فيهم الشريف تَرَكُوهُ، وَإِذا سرق فيهم الضَّعِيف أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَد، وَايْم الله، لَو أَن فَاطِمَة بنت مُحَمَّد سرقت لَقطعت يَدهَا ". هَذَا لفظ قُتَيْبَة عَن اللَّيْث.
وَفِي حَدِيث عَليّ بن الْمَدِينِيّ عَن سُفْيَان قَالَ:
ذهبت أسأَل الزُّهْرِيّ عَن حَدِيث المخزومية فصاح بِي، قلت لِسُفْيَان: فَلم تحمله عَن أحد؟ قَالَ: وجدته فِي كتابٍ كَانَ كتبه أَيُّوب بن مُوسَى عَن الزُّهْرِيّ، وَذكره نَحوه بِمَعْنَاهُ، إِلَّا أَنه قَالَ: " إِن بني إِسْرَائِيل كَانَ إِذا سرق فيهم الشريف تَرَكُوهُ
…
".
وَفِي حَدِيث ابْن وهب عَن يُونُس بن يزِيد نَحْو من حَدِيث اللَّيْث، وَفِيه:
إِن قُريْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْن الْمَرْأَة الَّتِي سرقت فِي غَزْوَة الْفَتْح، وَفِي أَن أُسَامَة كَلمه، فَتَلَوَّنَ وَجه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" أَتَشفع فِي حدٍّ من حُدُود الله؟ " فَقَالَ أُسَامَة: اسْتغْفر لي يَا رَسُول الله. فَلَمَّا كَانَ العشيُّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، فَأثْنى على الله بِمَا هُوَ أَهله، ثمَّ قَالَ: " أما بعد، فَإِنَّمَا أهلك الَّذين من قبلكُمْ
…
" ثمَّ ذكره، وَقَالَ فِي آخِره: ثمَّ أَمر بِتِلْكَ الْمَرْأَة الَّتِي سرقت فَقطعت يَدهَا.
قَالَ يُونُس: قَالَ ابْن شهَاب: قَالَ عُرْوَة: قَالَت عَائِشَة:
فحسنت توبتها بعد، وَتَزَوَّجت، فَكَانَت تَأتي بعد ذَلِك فأرفع حَاجَتهَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
وَلمُسلم من حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَت امْرَأَة مخزومية تستعير الْمَتَاع وتجحده، فَأمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِقطع يَدهَا، فَأتى أَهلهَا أُسَامَة فكلموه، فَكلم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ. . ثمَّ ذكر نَحوه حَدِيث اللَّيْث وَيُونُس.
3173 -
الثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم دخل عَليّ مَسْرُورا تبرق أسارير وَجهه. فَقَالَ: " ألم تري مجززاً نظر آنِفا إِلَى زيد بن حَارِثَة وَأُسَامَة بن زيد فَقَالَ: إِن هَذِه الْأَقْدَام بَعْضهَا من بعض ".
وَفِي حَدِيث يحيى عَن عبد الرَّزَّاق:
أَو لم تسمعي مَا قَالَ المدلجي لزيد وَأُسَامَة وَرَأى أقدامهما: إِن بعض هَذِه الْأَقْدَام لمن بعض ".
قَالَ الْحميدِي: لم ينْسب البُخَارِيّ يحيى هَذَا الَّذِي يروي عَن عبيد الرَّزَّاق، وَيُقَال: إِنَّه يحيى بن قزعة.
وَفِي حَدِيث إِبْرَاهِيم بن سعد عَن الزُّهْرِيّ أَن عَائِشَة قَالَت:
دخل قائف وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم شَاهد، وَأُسَامَة بن زيد وَزيد بن حَارِثَة مضطجعان، فَقَالَ: إِن هَذِه الْأَقْدَام بَعْضهَا مَعَ بعض. فسر بذلك النَّبِي صلى الله عليه وسلم. وَأَعْجَبهُ، وَأخْبر بِهِ عَائِشَة.
وَفِي حَدِيث زُهَيْر بن حَرْب وَغَيره عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة:
ألم تري مجززاً المدلجي دخل عَليّ، فَرَأى أُسَامَة وزيداً وَعَلَيْهِمَا قطيفةٌ قد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما فَقَالَ: إِن هَذِه الْأَقْدَام بَعْضهَا من بعض ".
وَفِي حَدِيث يُونُس بن يزِيد: وَكَانَ مجززٌ قائفاً.
3174 -
الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: " خمسٌ من الدَّوَابّ كُلهنَّ فَاسق يقتلن فِي الْحرم: الْغُرَاب، والحدأة، وَالْعَقْرَب، والفأرة، وَالْكَلب الْعَقُور ".
وَلمُسلم من حَدِيث عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد، قَالَت:
أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بقتل خمس فواسق فِي الْحل وَالْحرم. وَذكر مثل حَدِيث يزِيد بن زُرَيْع. يَعْنِي معمراً.
وَفِي حَدِيث يزِيد: الحديا مَكَان الحدأة.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله بن مقسم عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:
أربعٌ كُلهنَّ فَاسق، يقتلن فِي الْحل وَالْحرَام: الحدأة، والغراب، والفأرة، وَالْكَلب الْعَقُور " وَقَالَ: فَقلت للقاسم: أَرَأَيْت الْحَيَّة؟ قَالَ: تقتل بصغرٍ لَهَا.
وَفِي حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " خمسٌ فواسق يقتلن فِي الْحرم: الْعَقْرَب، والفأرة، والحديا، والغراب، وَالْكَلب الْعَقُور ".
وَمن حَدِيث سعيد بن الْمسيب عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ:
خمسٌ فواسق يقتلن فِي الْحل وَالْحرم؟ : الْحَيَّة، والغراب الأبقع، والفأرة، وَالْكَلب الْعَقُور، والحديا ".
3175 -
الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ من رِوَايَة عقيل عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: " أول مَا بُدِئَ بِهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من الْوَحْي الرُّؤْيَا الصَّالِحَة فِي النّوم.
وَكَانَ لَا يرى رُؤْيا إِلَّا جَاءَت مثل فلق الصُّبْح، وحبب إِلَيْهِ الْخَلَاء، وَكَانَ يَخْلُو بِغَار حراء، فَيَتَحَنَّث فِيهِ - وَهُوَ التَّعَبُّد - اللَّيَالِي ذَوَات الْعدَد، قبل أَن ينْزع إِلَى أَهله ويتزود لذَلِك، ثمَّ يرجع إِلَى خَدِيجَة فيتزود لمثلهَا، حَتَّى جَاءَهُ الْحق - وَفِي رِوَايَة حَتَّى فجئه الْحق - وَهُوَ فِي غَار حراء، فَجَاءَهُ الْملك فَقَالَ: اقْرَأ، فَقَالَ:" مَا أَنا بقارئ " قَالَ: " فأخذني فغطني حَتَّى بلغ مني الْجهد، ثمَّ أَرْسلنِي فَقَالَ: اقْرَأ، فَقلت: مَا أَنا بقارئ ". قَالَ: " فأخذني فغطني الثَّانِيَة حَتَّى بلغ مني الْجهد، ثمَّ أَرْسلنِي " فَقَالَ: اقْرَأ. فَقلت: " مَا أَنا بقارئ ". فأخذني، فغطني الثَّالِثَة حَتَّى بلغ مني الْجهد، ثمَّ أَرْسلنِي فَقَالَ:{اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق خلق الْإِنْسَان من علقٍ اقْرَأ وَرَبك الأكرم الَّذِي علم بالقلم علم الْإِنْسَان مَا لم يعلم} " [سُورَة العلق] .
فَرجع بهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فُؤَاده، فَدخل على خَدِيجَة بنت خويلد فَقَالَ:" زَمِّلُونِي، زَمِّلُونِي ". فزملوه حَتَّى ذهب عَنهُ الروع، فَقَالَ لِخَدِيجَة وأخبرها الْخَبَر:" لقد خشيت على نَفسِي ". فَقَالَت لَهُ خَدِيجَة أبشر، فوَاللَّه مَا يخزيك الله أبدا، إِنَّك لتصل الرَّحِم، وَتصدق الحَدِيث، وَتحمل الْكل، وتكسب الْمَعْدُوم، وتقري الضَّيْف، وَتعين على نَوَائِب الْحق. فَانْطَلَقت بِهِ خَدِيجَة حَتَّى أَتَت بِهِ ورقة بن نَوْفَل بن أَسد بن عبد الْعُزَّى بن قصي، وَهُوَ ابْن عَم خَدِيجَة، أخي أَبِيهَا، وَكَانَ أمرأً تنصر فِي الْجَاهِلِيَّة، وَكَانَ يكْتب الْكتاب العبراني، فَكتب من الْإِنْجِيل بالعبرانية
مَا شَاءَ الله أَن يكْتب، وَكَانَ شَيخا كَبِيرا قد عمي. فَقَالَت لَهُ خَدِيجَة: يَا ابْن عَم، اسْمَع من ابْن أَخِيك. فَقَالَ لَهُ ورقة: يَا ابْن أخي، مَاذَا ترى؟ فَأخْبرهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِخَبَر مَا رأى، فَقَالَ لَهُ ورقة: هَذَا الناموس الَّذِي نزله الله على مُوسَى، يَا لَيْتَني فِيهَا جذعاً، يَا لَيْتَني أكون حَيا أنصرك نصرا مؤزراً. ثمَّ لم ينشب ورقة أَن توفّي، وفتر الْوَحْي.
قَالَ البُخَارِيّ: وَتَابعه هِلَال بن رداد عَن الزُّهْرِيّ، وَقَالَ يُونُس وَمعمر: بوادره.
وَفِي حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ عِنْد مُسلم:
فوَاللَّه لَا يحزنك الله أبدا. بِالْحَاء وَالنُّون.
انْتهى حَدِيث عقيل الْمُفْرد عَن ابْن شهَاب إِلَى حَيْثُ ذكرنَا. وَزَاد عِنْد البُخَارِيّ فِي حَدِيثه المقترن بِمَعْمَر عَن الزُّهْرِيّ فِي آخِره: فَقَالَ:
وفتر الْوَحْي فَتْرَة حَتَّى حزن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِيمَا بلغنَا - حزنا غَدا مِنْهُ مرَارًا حَتَّى يتردى من رُؤُوس شَوَاهِق الْجبَال، فَكلما أوفى بِذرْوَةِ جبل لكَي يلقِي نَفسه مِنْهُ تبدى لَهُ جِبْرِيل فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، إِنَّك رَسُول الله حَقًا، فيسكن لذَلِك جأشه، وتقر نَفسه، فَإِذا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَة الْوَحْي غَدا لمثل ذَلِك، فَإِذا أوفى بِذرْوَةِ جبلٍ تبدى لَهُ جِبْرِيل فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك.
3176 -
الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي من اللَّيْل وَأَنا معترضةٌ بَينه وَبَين الْقبْلَة كاعتراض الْجِنَازَة.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي صلَاته من اللَّيْل كلهَا وَأَنا معترضةٌ بَينه وَبَين الْقبْلَة، فَإِذا أَرَادَ أَن يُوتر أيقظني فأوترت ".
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث عرَاك بن مَالك عَن عُرْوَة:
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي وَعَائِشَة معترضةٌ بَينه وَبَين الْقبْلَة على الْفراش الَّذِي ينامان عَلَيْهِ. كَذَا وَقع مُرْسلا، لم يقل: عَن عَائِشَة.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي عُثْمَان ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي صلَاته بِاللَّيْلِ وَهِي معترضةٌ بَين يَدَيْهِ فَإِذا بَقِي الْوتر أيقظها فأوترت.
وَمن حَدِيث تَمِيم بن سَلمَة عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي من اللَّيْل، فَإِذا أوتر قَالَ:" قومِي فأوتري يَا عَائِشَة ".
وَمن حَدِيث أبي بكر عبد الله بن حَفْص بن عمر بن سعد عَن عُرْوَة قَالَ:
قَالَت عَائِشَة: مَا يقطع الصَّلَاة؟ فَقُلْنَا: الْمَرْأَة وَالْحمار. فَقَالَت: إِن الْمَرْأَة لدابة سوءٍ! لقد رَأَيْتنِي بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مُعْتَرضَة كاعتراض الْجِنَازَة وَهُوَ يُصَلِّي.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الْأسود بن يزِيد بن قيس النَّخعِيّ:
أَن عَائِشَة ذكر عِنْدهَا مَا يقطع الصَّلَاة، فَذكر الْكَلْب وَالْحمار وَالْمَرْأَة، فَقَالَت: لقد شبهتمونا بالحمر وَالْكلاب، وَالله لقد رَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي وَأَنا على السرير بَينه وَبَين الْقبْلَة مُضْطَجِعَة، فتبدو لي الْحَاجة فأكره أَن أَجْلِس فأوذي النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فأنسل من قبل رجلَيْهِ.
وَفِي حَدِيث مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود عَنْهَا قَالَت:
عدلتمونا بالكلاب وَالْحمير، لقد رَأَيْتنِي مُضْطَجِعَة على السرير، فَيَجِيء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فيتوسط السرير فَيصَلي، فأكره أَن أسنحه، فأنسل من قبل رجْلي السرير حَتَّى أنسل من لِحَافِي.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَسْرُوق بن الأجدع عَن عَائِشَة بِنَحْوِ حَدِيث الْأسود.
وَفِي حَدِيث جرير عَن الْأَعْمَش قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي وسط السرير وَأَنا مضطجعةٌ بَينه وَبَين الْقبْلَة، تكون لي الْحَاجة فأكره أَن أقوم فَاسْتَقْبلهُ، فأنسل انسلالاً.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث سَالم أبي النَّضر عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كنت أَنَام بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي فِي قبلته، فَإِذا سجد غمزني فقبضت رجْلي، وَإِذا قَامَ بسطتهما. قَالَت: والبيوت يومئذٍ لَيْسَ فِيهَا مصابيح.
3177 -
الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: أعتم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بالعشاء، حَتَّى ناداه عمر: الصَّلَاة، نَام النِّسَاء وَالصبيان. فَخرج فَقَالَ:" مَا ينتظرها من أهل الأَرْض أحدٌ غَيْركُمْ " قَالَ: وَلَا تصلي يومئذٍ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ، وَكَانُوا يصلونَ فِيمَا بَين أَن يغيب الشَّفق إِلَى ثلث اللَّيْل الأول.
قَالَ: وَفِي حَدِيث عقيل بن خَالِد وَيُونُس بن يزِيد: وَذَلِكَ قبل أَن يفشو الْإِسْلَام. زَاد حَرْمَلَة فِي رِوَايَته عَن ابْن وهب عَن يُونُس: قَالَ ابْن شهَاب:
وَذكر لي أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: " وَمَا كَانَ لكم أَن تنزروا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على
الصَّلَاة، وَذَلِكَ حِين صَاح عمر بن الْخطاب.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أم كُلْثُوم بنت أبي بكر عَن أُخْتهَا عَائِشَة قَالَت:
أعتم النَّبِي صلى الله عليه وسلم ذَات لَيْلَة حَتَّى ذهب عَامَّة اللَّيْل، وَحَتَّى نَام أهل الْمَسْجِد، ثمَّ خرج فصلى فَقَالَ:" إِنَّه لوَقْتهَا لَوْلَا أَن أشق على أمتِي. " وَفِي حَدِيث عبد الرَّزَّاق: " لَوْلَا أَن يشق على أمتِي ".
3178 -
الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خرج من جَوف اللَّيْل، فصلى فِي الْمَسْجِد، فصلى رجالٌ بِصَلَاتِهِ، فَأصْبح النَّاس يتحدثون بذلك، فَاجْتمع أَكثر مِنْهُم، فَخرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي اللَّيْلَة الثَّانِيَة فصلوا بِصَلَاتِهِ، فَأصْبح النَّاس يذكرُونَ ذَلِك، فَكثر أهل الْمَسْجِد من اللَّيْلَة الثَّالِثَة، فَخرج فصلوا بِصَلَاتِهِ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلَة الرَّابِعَة عجز الْمَسْجِد عَن أَهله، فَلم يخرج إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَطَفِقَ رجال مِنْهُم يَقُولُونَ: الصَّلَاة، فَلَا يخرج إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، حَتَّى خرج لصَلَاة الْفجْر، فَلَمَّا قضى الْفجْر أقبل على النَّاس، ثمَّ تشهد فَقَالَ:" أما بعد، فَإِنِّي لم يخف عَليّ شَأْنكُمْ اللَّيْلَة، وَلَكِن خشيت أَن تفرض عَلَيْكُم صَلَاة اللَّيْل فتعجزوا عَنْهَا " كَذَا فِي حَدِيث يُونُس.
وَفِي حَدِيث مَالك بِنَحْوِهِ وَمَعْنَاهُ مُخْتَصرا، قَالَ: وَذَلِكَ فِي رَمَضَان. زَاد فِي حَدِيث عقيل:
فَتوفي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَالْأَمر على ذَلِك.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن عمْرَة عَن عَائِشَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي فِي حجرته وجدار الْحُجْرَة قصير، فَرَأى النَّاس شخص رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ ناسٌ يصلونَ بِصَلَاتِهِ، فَأَصْبحُوا فتحدثوا، فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
الثَّانِيَة يُصَلِّي، فَقَامَ نَاس يصلونَ بِصَلَاتِهِ، فصنعوا ذَلِك لَيْلَتَيْنِ أَو ثَلَاثًا، حَتَّى إِذا كَانَ بعد ذَلِك جلس رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لم يخرج، فَلَمَّا أصبح ذكر ذَلِك لَهُ النَّاس، فَقَالَ:" إِنِّي خفت أَن تكْتب عَلَيْكُم صَلَاة اللَّيْل ".
وَقد أَخْرجَاهُ من حَدِيث سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
كَانَ لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم حصيرٌ، وَكَانَ يحجره بِاللَّيْلِ فَيصَلي فِيهِ، ويبسطه بِالنَّهَارِ فيجلس عَلَيْهِ، فَجعل النَّاس يثوبون إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يصلونَ بِصَلَاتِهِ حَتَّى كَثُرُوا، فَأقبل فَقَالَ:" يَا أَيهَا النَّاس، خُذُوا من الْأَعْمَال مَا تطيقون، فَإِن الله لَا يمل حَتَّى تملوا، وَإِن أحب الْأَعْمَال إِلَى الله مَا دَامَ وَإِن قل ". زَاد فِي رِوَايَة عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ: وَكَانَ آل مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم إِذا عمِلُوا عملا أثبتوه.
وَلَهُمَا طرفٌ مِنْهُ من حَدِيث سعد بن إِبْرَاهِيم عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ: أَي الْعَمَل أحب إِلَى الله؟ قَالَ: " أَدْوَمه وَإِن قل ". زَاد فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن عرْعرة عَن شُعْبَة: " فاكلفوا من الْأَعْمَال مَا تطيقون ".
وَلَهُمَا أَيْضا من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة بِزِيَادَة عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:
سددوا وقاربوا، وَاعْلَمُوا أَنه لن يدْخل أحدكُم عمله الْجنَّة، وَإِن أحب الْأَعْمَال إِلَى الله أدومها وَإِن قل "
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن الزبْرِقَان عَن مُوسَى بن عقبَة:
سددوا وقاربوا وَأَبْشِرُوا، فَإِنَّهُ لن يدْخل أحدا الْجنَّة عمله ". قَالُوا: وَلَا أَنْت يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " وَلَا أَنا، إِلَّا أَن يتغمدني الله مِنْهُ بمغفرةٍ وَرَحْمَة ". قَالَ البُخَارِيّ وَقَالَ مُجَاهِد: سديداً: صدقا.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث مَسْرُوق بن الأجدع قَالَ:
سُئِلت عَائِشَة: أَي الْعَمَل كَانَ
أحب إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ قَالَت: الدَّائِم. قَالَ: قلت: فَأَي حينٍ كَانَ يقوم؟ قَالَت: كَانَ يقوم إِذا سمع الصَّارِخ.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
كَانَ أحب الْعَمَل إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الَّذِي يَدُوم عَلَيْهِ صَاحبه.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث سعد بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة قَالَت:
قَالَ رَسُول الله: " أحب الْأَعْمَال إِلَى الله أدومها وَإِن قل ".
وَكَانَت عَائِشَة إِذا عملت الْعَمَل لَزِمته.
وَلَيْسَ لسعد بن سعيد عَن الْقَاسِم فِي مُسْند عَائِشَة من الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث.
3179 -
السَّادِس الثَّلَاثُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: إِن كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ليَدع الْعَمَل وَهُوَ يحب أَن يعْمل بِهِ خشيَة أَن يعْمل بِهِ النَّاس فيفرض عَلَيْهِم. وَمَا سبح رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سبْحَة الضُّحَى قطّ، وَإِنِّي لأسبحها.
وَفِي حَدِيث يحيى بن يحيى عَن مَالك:
مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي سبْحَة الضُّحَى قطّ، وَإِنِّي لأسبحها.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبد الله بن شَقِيق قَالَ: قلت لعَائِشَة:
أَكَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَت: لَا، إِلَّا أَن يَجِيء من مغيبة.
وَمن حَدِيث معَاذَة العدوية عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي
الضُّحَى أَرْبعا، وَيزِيد مَا شَاءَ الله.
وَفِي رِوَايَة عبد الْوَارِث:
سَأَلت عَائِشَة كم كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَت: أَربع رَكْعَات، وَيزِيد مَا شَاءَ.
3180 -
السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ وَهِشَام بن عُرْوَة، عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: كسفت الشَّمْس على عهد النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فصلى بِالنَّاسِ فَأطَال الْقِرَاءَة، ثمَّ ركع فَأطَال الرُّكُوع، ثمَّ رفع رَأسه فَأطَال الْقِرَاءَة، وَهِي دون قِرَاءَته الأولى، ثمَّ ركع فَأطَال الرُّكُوع، وَهُوَ دون رُكُوعه الأول، ثمَّ رفع رَأسه، فَسجدَ سَجْدَتَيْنِ، ثمَّ قَامَ فَصنعَ فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة مثل ذَلِك، ثمَّ قَامَ فَقَالَ:" إِن الشَّمْس وَالْقَمَر آيتان لَا ينكسفان لمَوْت أحدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، ولكنهما آيتان من آيَات الله يريهما عباده، فَإِذا رَأَيْتُمْ ذَلِك فافزعوا إِلَى الصَّلَاة ".
وَفِي حَدِيث اللَّيْث عَن عقيل عَن الزُّهْرِيّ وَحده نَحوه، إِلَّا أَنه قَالَ:
فَسلم وَقد تجلت الشَّمْس، فَخَطب النَّاس. ثمَّ ذكر الحَدِيث.
وَقَالَ فِي حَدِيث عَنْبَسَة عَن يُونُس بن يزِيد عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة:
خسفت الشَّمْس فِي حَيَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَخرج إِلَى الْمَسْجِد، فَصف النَّاس وَرَاءه فَكبر
…
فَذكر نَحوه، إِلَّا أَنه قَالَ: ثمَّ قَالَ: " سمع الله لمن حَمده. رَبنَا وَلَك الْحَمد " ثمَّ سجد.
وَفِيه: وانجلت الشَّمْس قبل أَن ينْصَرف.
ثمَّ وصل بِهِ حَدِيثا عَن كثير بن عَبَّاس عَن ابْن عَبَّاس:
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم صلى أَربع رَكْعَات فِي رَكْعَتَيْنِ، وَأَرْبع سَجدَات. ثمَّ قَالَ الزُّهْرِيّ: فَقلت لعروة: إِن أَخَاك يَوْم كسفت الشَّمْس بِالْمَدِينَةِ لم يزدْ على رَكْعَتَيْنِ مثل الصُّبْح. قَالَ: أجل، لِأَنَّهُ أَخطَأ السّنة ".
وَفِي حَدِيث الْوَلِيد عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن نمر:
أَن عليه السلام فِي صَلَاة الخسوف جهر بقرَاءَته، فَإِذا فرغ من قِرَاءَته كبر فَرَكَعَ، وَإِذا رفع من الرَّكْعَة قَالَ:
سمع الله لمن حَمده. رَبنَا وَلَك الْحَمد " ثمَّ يعاود الْقِرَاءَة فِي صَلَاة الْكُسُوف، أَربع رَكْعَات فِي رَكْعَتَيْنِ، وَأَرْبع سَجدَات. قَالَ: وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَغَيره عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة:
خسفت الشَّمْس على عهد النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَبعث منادياً:" الصَّلَاة جَامِعَة " فَقَامَ فصلى أَربع رَكْعَات فِي رَكْعَتَيْنِ، وَأَرْبع سَجدَات.
قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه سُلَيْمَان بن كثير، وسُفْيَان بن حُسَيْن عَن الزُّهْرِيّ فِي الْجَهْر.
وَفِي حَدِيث أبي الطَّاهِر وحرملة وَمُحَمّد بن سَلمَة الْمرَادِي عَن ابْن وهب عَن يُونُس نَحْو مَا تقدم فِي أَوله، وَفِيه: ثمَّ قَالَ:
سمع الله لمن حَمده. رَبنَا وَلَك الْحَمد " فاقترأ قِرَاءَة طَوِيلَة هِيَ أدنى من الْقِرَاءَة الأولى، ثمَّ كبر فَرَكَعَ رُكُوعًا طَويلا هُوَ أدنى من الرُّكُوع الأول، ثمَّ قَالَ: " سمع الله لمن حَمده، رَبنَا وَلَك الْحَمد " ثمَّ سجد. وَلم يذكر أَبُو الطَّاهِر: ثمَّ سجد ثمَّ فعل فِي الرَّكْعَة الْأُخْرَى مثل ذَلِك حَتَّى اسْتكْمل أَربع رَكْعَات وَأَرْبع سَجدَات. ثمَّ ذكره إِلَى قَوْله: "
…
فافزعوا إِلَى الصَّلَاة ". قَالَ: وَقَالَ أَيْضا: " فصلوا حَتَّى يفرج عَنْكُم ".
وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:
رَأَيْت فِي مقَامي هَذَا كل شَيْء وعدتم، حَتَّى لقد رَأَيْتنِي أُرِيد أَن آخذ قطفاً من الْجنَّة حِين رَأَيْتُمُونِي جعلت أقدم. وَقَالَ الْمرَادِي: أتقدم - وَلَقَد رَأَيْت جَهَنَّم يحطم بَعْضهَا بَعْضًا، حِين رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرت. وَرَأَيْت فِيهَا ابْن لحي - وَهُوَ الَّذِي سيب السوائب " وانْتهى حَدِيث أبي الطَّاهِر عِنْد قَوْله عليه السلام:" فافزعوا إِلَى الصَّلَاة " وَلم يذكر مَا بعده.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة وَحده عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
خسفت
الشَّمْس فِي عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ
…
ثمَّ ذكر الْأَرْبَع رَكْعَات، وإطالته فِيهَا، وَأَن الْقيام وَالرُّكُوع فِي كل مِنْهَا دون مَا قبله. وَفِيه: ثمَّ انْصَرف وَقد انجلت الشَّمْس، فَخَطب النَّاس، فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ:" إِن الشَّمْس وَالْقَمَر آيتان من آيَات الله، لَا يخسفان لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذا رَأَيْتُمْ ذَلِك فَادعوا الله وَكَبرُوا وتصدقوا وصلوا " ثمَّ قَالَ: " يَا أمة مُحَمَّد، وَالله مَا من أحدٍ أغير من الله يَزْنِي عَبده أَو تَزني أمته. يَا أمة مُحَمَّد، وَالله لَو تعلمُونَ مَا أعلم، لضحكتم قَلِيلا ولبكيتم كثيرا ".
زَاد فِي آخر حَدِيث عبد الله بن نمير عَن هِشَام:
أَلا هَل بلغت ".
وَقَالَ فِي حَدِيث أبي مُعَاوِيَة عَن هِشَام بن عُرْوَة:
ثمَّ رفع يَدَيْهِ فَقَالَ: " اللَّهُمَّ هَل بلغت؟ ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن عَن عَائِشَة:
أَن يَهُودِيَّة جَاءَت تسألها، فَقَالَت لَهَا: أَعَاذَك الله من عَذَاب الْقَبْر. فَسَأَلت عَائِشَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أيعذب النَّاس فِي قُبُورهم؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " عائذاٍ بِاللَّه من ذَلِك ". ثمَّ ركب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ذَات غَدَاة مركبا، فخسفت الشَّمْس، فَرجع ضحى، فَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَين ظهراني الْحجر، ثمَّ قَامَ يُصَلِّي، وَقَامَ النَّاس وَرَاءه. ثمَّ ذكر نَحْو مَا تقدم فِي عدد الرُّكُوع، وَطول الْقيام، وَأَن مَا بعد كل من ذَلِك دون مَا قبله. وَقَالَ فِي آخِره: ثمَّ انْصَرف، فَقَالَ مَا شَاءَ الله أَن يَقُول، ثمَّ أَمرهم أَن يتعوذوا من عَذَاب الْقَبْر.
وَفِي حَدِيث القعْنبِي عَن سُلَيْمَان بن بِلَال نَحوه، وَفِي آخِره: قَالَ:
إِنِّي قد رأيتكم تفتنون فِي الْقُبُور كفتنة الدَّجَّال ". قَالَت عمْرَة: فَسمِعت عَائِشَة تَقول: فَكنت أسمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذَلِك يتَعَوَّذ من عَذَاب النَّار وَعَذَاب الْقَبْر.
وَأخرجه مُسلم بِخِلَاف ذَلِك فِي عدد الرَّكْعَات من حَدِيث عَطاء بن أبي رَبَاح عَن أبي عَاصِم عبيد بن عُمَيْر عَن عَائِشَة:
أَن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم صلى سِتّ رَكْعَات وَأَرْبع سَجدَات.
وَفِي رِوَايَة ابْن جريج عَن عَطاء:
أَن الشَّمْس انكسفت على عهد رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] ، فَقَامَ قيَاما شَدِيدا، يقوم قَائِما ثمَّ يرْكَع، ثمَّ يقوم ثمَّ يرْكَع، ثمَّ يقوم ثمَّ يرْكَع، رَكْعَتَيْنِ فِي ثَلَاث رَكْعَات وَأَرْبع سَجدَات، فَانْصَرف وَقد تجلت الشَّمْس. وَكَانَ إِذا ركع قَالَ:" الله أكبر " ثمَّ يرْكَع، وَإِذا رفع رَأسه قَالَ:" سمع الله لمن حَمده " فَقَامَ، فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ:" إِن الشَّمْس وَالْقَمَر لَا ينكسفان لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ، ولكنهما من آيَات الله يخوف بهما، فَإِذا رَأَيْتُمْ كسوفاً فاذكروا الله حَتَّى ينجليا ".
3181 -
الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: كن نسَاء الْمُؤْمِنَات يشهدن مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صَلَاة الْفجْر متلفعات بمروطهن، ثمَّ يَنْقَلِبْنَ إِلَى بُيُوتهنَّ حِين يقضين الصَّلَاة، لَا يعرفهن أحدٌ من الْغَلَس.
وَفِي رِوَايَة حَرْمَلَة بن يحيى عَن ابْن وهب:
ثمَّ يَنْقَلِبْنَ إِلَى بُيُوتهنَّ وَمَا يعرفن من تغليس رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِالصَّلَاةِ.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة بِنَحْوِهِ.
وللبخاري من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي بالصبح بِغَلَس، فينصرفن نسَاء الْمُؤمنِينَ لَا يعرفن من الْغَلَس، وَلَا يعرف بَعضهنَّ بَعْضًا.
3182 -
التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صلى الْعَصْر وَالشَّمْس فِي حُجْرَتهَا، لم يظْهر الْفَيْء من حُجْرَتهَا. قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ أَبُو أُسَامَة عَن هِشَام: من قَعْر حُجْرَتهَا.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الْعَصْر وَالشَّمْس لم تخرج من حُجْرَتهَا.
وَفِي رِوَايَة وَكِيع عَن هِشَام:
كَانَ يُصَلِّي الْعَصْر وَالشَّمْس واقعةٌ فِي حُجْرَتي.
3183 -
الْأَرْبَعُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم صلى فِي خميصةٍ لَهَا أعلامٌ، فَنظر إِلَى أعلامها نظرةً، فَلَمَّا انْصَرف قَالَ:" اذْهَبُوا بخميصتي هَذِه إِلَى أبي جهم، وائتوني بأنبجانية أبي جَهَنَّم، فَإِنَّهَا ألهتني آنِفا عَن صَلَاتي ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة:
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَت لَهُ خميصةٌ لَهَا علمٌ، فَكَانَ يتشاغل بهَا فِي الصَّلَاة، فَأَعْطَاهَا أَبَا جهم، وَأخذ كسَاء لَهُ أنبجانياً.
وَجعله أَبُو مَسْعُود من أَفْرَاد مُسلم. وَقد أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا فِي أَوَائِل كتاب " الصَّلَاة " فِي بَاب:
إِذا صلى فِي ثوب لَهُ أَعْلَام وَنظر إِلَى علمه " فِي عقب حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة، قَالَ: وَقَالَ هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " كنت أنظر إِلَى علمهَا وَأَنا فِي الصَّلَاة، فَأَخَاف أَن يفتنني ".
3184 -
الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا حدثته أَنَّهَا قَالَت للنَّبِي صلى الله عليه وسلم: هَل أَتَى عَلَيْك يومٌ كَانَ أَشد من يَوْم أحد؟ قَالَ: " لقد لقِيت من قَوْمك، وَكَانَ أَشد مَا لَقيته مِنْهُم يَوْم الْعقبَة، إِذْ عرضت نَفسِي على ابْن عبد يَا ليل بن عبد كلال، فَلم يجبني إِلَى مَا أردْت، فَانْطَلَقت - وَأَنا مهمومٌ - على وَجْهي، فَلم أستفق إِلَّا وَأَنا بقرن الثعالب، فَرفعت رَأْسِي فَإِذا بسحابة قد أظلتني، فَنَظَرت فَإِذا فِيهَا جِبْرِيل، فناداني فَقَالَ: إِن الله قد سمع قَول قَوْمك لَك، وَمَا ردوا عَلَيْك، وَقد بعث إِلَيْك ملك الْجبَال لتأمره بِمَا شِئْت فيهم، فناداني ملك الْجبَال، فَسلم عَليّ ثمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّد، إِن الله سمع قَول قَوْمك لَك، وَأَنا ملك الْجبَال، وَقد بَعَثَنِي رَبك إِلَيْك لتأمرني بِأَمْرك، فَمَا شِئْت؟ إِن شِئْت أطبقت عَلَيْهِم الأخشبين ". فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " بل أَرْجُو أَن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وَحده لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا ". 3185 - الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. " مَا من مصيبةٍ تصيب الْمُسلم إِلَّا كفر الله بهَا عَنهُ، حَتَّى الشَّوْكَة يشاكها ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " لَا يُصِيب الْمُؤمن شوكةٌ فَمَا فَوْقهَا إِلَّا نقص الله بهَا من خطيئته ".
وَمن حَدِيث الْأسود بن يزِيد عَن عَائِشَة قَالَت:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " مَا يُصِيب الْمُؤمن شوكةٌ فَمَا فَوْقهَا إِلَّا رَفعه الله بهَا دَرَجَة، أَو حط عَنهُ بهَا خَطِيئَة ".
وَمن حَدِيث يزِيد بن خصيفَة عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ:
لَا يُصِيب الْمُؤمن من مصيبةٍ حَتَّى الشَّوْكَة إِلَّا قصّ بهَا - أَو كفر - بهَا من خطاياه " لَا يدْرِي يزِيد أَيَّتهمَا قَالَ عُرْوَة.
وَلَيْسَ ليزِيد بن خصيفَة عَن عُرْوَة فِي مُسْند عَائِشَة من الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن من رِوَايَة أبي بكر بن مُحَمَّد ابْن عَمْرو بن حزم عَنْهَا عَن عَائِشَة قَالَت:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: " مَا من شَيْء يُصِيب الْمُؤمن حَتَّى الشَّوْكَة تصيبه، إِلَّا كتب الله لَهُ بهَا حَسَنَة، أَو حطت عَنهُ بهَا خطيئةٌ ".
3186 -
الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم حِين توفّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أردن أَن يبْعَثْنَ عُثْمَان إِلَى أبي بكر يسألنه ميراثهن.
فَقَالَت عَائِشَة: أَلَيْسَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:
لَا نورث، مَا تركنَا صدقةٌ ".
3187 -
الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: مَا خير رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَين أَمريْن قطّ إِلَّا أَخذ أيسرهما مَا لم يكن إِثْمًا، فَإِن كَانَ إِثْمًا كَانَ أبعد النَّاس مِنْهُ.
وَمَا انتقم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لنَفسِهِ من شيءٍ قطّ إِلَّا أَن تنتهك حُرْمَة الله، فينتقم لله بهَا.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة بِنَحْوِهِ.
3188 -
الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَنَّهَا كَانَت تَأمر
بالتلبين للْمَرِيض وللمحزون على الْهَالِك، وَكَانَت تَقول: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: " إِن التَّلْبِيَة تجم فؤاد الْمَرِيض، وَتذهب بِبَعْض الْحزن ".
وَأخرجه البُخَارِيّ مَوْقُوفا من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة:
أَنَّهَا كَانَت تَأمر بِالتَّلْبِيَةِ، وَتقول: هُوَ البغيض النافع.
3189 -
السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاة: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من عَذَاب الْقَبْر، وَأَعُوذ بك من فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال، وَأَعُوذ بك من فتْنَة الْمحيا وَالْمَمَات. اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من المآثم والمغرم ". قَالَت: فَقَالَ لَهُ قَائِل: مَا أَكثر مَا تستعيذ من المغرم يَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
قَالَ:
إِن الرجل إِذا غرم حدث فكذب، ووعد فأخلف ". لفظ حَدِيث مُسلم.
وَلمُسلم من حَدِيث يُونُس بن يزِيد عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
دخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَعِنْدِي امْرَأَة من الْيَهُود وَهِي تَقول: هَل شعرب أَنكُمْ تفتنون فِي الْقُبُور؟ قَالَت: فارتاع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: " إِنَّمَا تفتن يهود " فلبثنا ليَالِي، ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" هَل شَعرت أَنه أُوحِي إِلَيّ أَنكُمْ تفتنون فِي الْقُبُور ". قَالَت عَائِشَة: فَسمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذَلِك يستعيذ من عَذَاب الْقَبْر.
وَأَخْرَجَا جَمِيعًا من حَدِيث مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت:
دخلت عجوزان من عجز يهود الْمَدِينَة فَقَالَتَا: إِن أهل الْقُبُور يُعَذبُونَ فِي قُبُورهم. قَالَت: فكذبتهما، وَلم أنعم. أَن أصدقهما. فخرجتا، فَدخل رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم فَقلت لَهُ: يَا رَسُول الله إِن عجوزين من عجز يهود الْمَدِينَة دخلتا عَليّ، فزعمتا أَن أهل الْقُبُور يُعَذبُونَ فِي
قُبُورهم. قَالَ: " صدقتا، إِنَّهُم يُعَذبُونَ عذَابا تسمعه الْبَهَائِم كلهَا " ثمَّ قَالَت: فَمَا رَأَيْته بعد فِي صَلَاة إِلَّا يتَعَوَّذ من عَذَاب الْقَبْر ".
وَفِي حَدِيث أَشْعَث بن أبي الشعْثَاء نَحوه، وَفِيه:
قَالَت: وَمَا صلى صَلَاة بعد ذَلِك إِلَّا سمعته يتَعَوَّذ من عَذَاب الْقَبْر.
وَفِي حَدِيث شُعْبَة:
أَن يَهُودِيَّة دخلت عَليّ فَذكرت عَذَاب الْقَبْر، وَقَالَت لَهَا أَعَاذَك الله من عَذَاب الْقَبْر، فَسَأَلت عَائِشَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن عَذَاب الْقَبْر، فَقَالَ:" نعم، عَذَاب الْقَبْر "، زَاد غنْدر:" عَذَاب الْقَبْر حقٌّ " قَالَت عَائِشَة: فَمَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلى صَلَاة إِلَّا تعوذ من عَذَاب الْقَبْر.
وَمن حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُول:
اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الكسل والهرم، والمغرم، وَمن فتْنَة الْقَبْر وَعَذَاب الْقَبْر، وَمن فتْنَة النَّار وَعَذَاب النَّار، وَمن شَرّ فتْنَة الْغنى، وَمن شَرّ فتْنَة الْفقر، وَأَعُوذ بك من شَرّ الْمَسِيح الدَّجَّال. اللَّهُمَّ اغسل عني خطاياي بِمَاء الثَّلج وَالْبرد، ونق قلبِي من الْخَطَايَا كَمَا نقيت الثَّوْب الْأَبْيَض، وباعد بيني وَبَين خطاياي كَمَا باعدت بَين الْمشرق وَالْمغْرب ".
وَقد أخرجَا جَمِيعًا الِاسْتِعَاذَة من الدَّجَّال مُفردا، من حَدِيث صَالح بن كيسَان عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة:
أَنَّهَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ فِي صلَاته من فتْنَة الدَّجَّال. لم يزدْ.
3190 -
السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ
عَاشُورَاء يصام قبل رَمَضَان، فَلَمَّا نزل رَمَضَان قَالَ:
من شَاءَ صَامَ وَمن شَاءَ أفطر ".
وَفِي حَدِيث شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ عَن عَائِشَة قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَمر بصيام يَوْم عَاشُورَاء، فَلَمَّا فرض رَمَضَان كَانَ من شَاءَ صَامَ وَمن شَاءَ أفطر.
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن أبي حَفْصَة عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانُوا يَصُومُونَ عَاشُورَاء قبل أَن يفْرض رَمَضَان، وَكَانَ يَوْمًا تستر فِيهِ الْكَعْبَة.
قَالَ: فَلَمَّا فرض رَمَضَان قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:
من شَاءَ أَن يَصُومهُ فليصمه، وَمن شَاءَ أَن يتْركهُ تَركه ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ يَوْم عَاشُورَاء تصومه قريشٌ فِي الْجَاهِلِيَّة، وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَصُومهُ فِي الْجَاهِلِيَّة، فَمَا قدم الْمَدِينَة صَامَهُ وَأمر بصيامه، فَلَمَّا فرض رَمَضَان ترك عَاشُورَاء. فَمن شَاءَ صَامَهُ وَمن شَاءَ تَركه.
وَفِي رِوَايَة جرير عَن هِشَام:
فَلَمَّا فرض رَمَضَان قَالَ: " من شَاءَ صَامَهُ وَمن شَاءَ تَركه ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عرَاك بن مَالك الْغِفَارِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة:
أَن قُريْشًا كَانَت تَصُوم عَاشُورَاء فِي الْجَاهِلِيَّة، ثمَّ أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بصيامه حَتَّى فرض رَمَضَان، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" من شَاءَ فليصمه، وَمن شَاءَ فليفطره ".
3191 -
الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم كن يخْرجن اللَّيْل قبل المناصع - وَهُوَ صعيدٌ أفيح، فَكَانَ عمر يَقُول للنَّبِي صلى الله عليه وسلم: احجب نِسَاءَك. فَلم يكن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يفعل. فَخرجت سَوْدَة بنت زَمعَة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَيْلَة من اللَّيَالِي عشَاء، وَكَانَت امْرَأَة طَوِيلَة، فناداها عمر: أَلا قد عرفناك يَا سَوْدَة. حرصاً على أَن ينزل الْحجاب، فَأنْزل الله عز وجل الْحجاب.
وَفِي حَدِيث صَالح بن كيسَان عَن الزُّهْرِيّ نَحوه، وَفِيه:
وَكَانَ أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم يخْرجن لَيْلًا إِلَى ليلٍ قبل المناصع، فَخرجت سَوْدَة، فرآها عمر وَهُوَ فِي الْمجْلس فَقَالَ: عرفتك يَا سَوْدَة
…
ثمَّ ذكره.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
خرجت سَوْدَة بعد مَا ضرب الْحجاب لحاجتها، وَكَانَت امْرَأَة جسيمةً تفرع النِّسَاء جسماً، لَا تخفى على من يعرفهَا، فرآها عمر بن الْخطاب فَقَالَ: يَا سَوْدَة، أما وَالله مَا تخفين علينا، فانظري كَيفَ تخرجين. قَالَ: فَانْكَفَأت رَاجِعَة وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي، وَإنَّهُ ليتعشى وَفِي يَده عرقٌ، فَدخلت فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِنِّي خرجت فَقَالَ لي عمر كَذَا وَكَذَا. قَالَت: فَأوحى الله إِلَيْهِ، ثمَّ رفع عَنهُ، وَإِن الْعرق فِي يَده مَا وَضعه فَقَالَ:" إِنَّه قد أذن لَكِن أَن تخرجن لحاجتكن " أَخْرجَاهُ جَمِيعًا فِي " الاسْتِئْذَان " من حَدِيث أبي أُسَامَة وَعلي بن مسْهر عَن هِشَام وَاخْتَصَرَهُ البُخَارِيّ فِي " الطَّهَارَة " من حَدِيث أبي أُسَامَة: أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] قَالَ: " أذن أَن تخرجن فِي حاجتكن ". قَالَ هِشَام: يَعْنِي البرَاز.
3192 -
التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يعْتَكف الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان حَتَّى توفاه الله، ثمَّ اعْتكف أَزوَاجه بعده.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يعْتَكف الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان.
وَفِي حَدِيث عَبدة بن هِشَام:
يجاور الْعشْر الْأَوَاخِر فِي رَمَضَان،، وَيَقُول:" تحروا لَيْلَة الْقدر فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان ".
وَلمُسلم من حَدِيث عبد الله بن نمير عَن هِشَام: " التمسوا
…
". وَقَالَ وَكِيع عَنهُ: " تحروا. . " فرقهما مُسلم: حَدِيث الِاعْتِكَاف، وَحَدِيث التَّحَرِّي.
وللبخاري من حَدِيث مَالك بن أبي عَامر عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:
تحروا لَيْلَة الْقدر فِي الْوتر من الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان ".
وَلَيْسَ لمَالِك بن أبي عَامر عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
وَلمُسلم من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يعْتَكف الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يعْتَكف فِي كل رَمَضَان، فَإِذا صلى الْغَدَاة جَاءَ مَكَانَهُ الَّذِي اعْتكف فِيهِ، قَالَ: فاستأذنته عَائِشَة أَن تعتكف فَأذن لَهَا، فَضربت فِيهِ قبَّة، فَسمِعت بهَا
حَفْصَة، فَضربت قبَّة، وَسمعت زَيْنَب بهَا، فَضربت قبَّة أُخْرَى. فَلَمَّا انْصَرف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من الْغَدَاة أبْصر أَربع قبات، فَقَالَ:" مَا هَذَا؟ " فَأخْبر خبرهن، فَقَالَ: " مَا حَملهنَّ على هَذَا الْبر. انزعوها فَلَا أَرَاهَا. فنزعت، فَلم يعْتَكف فِي رَمَضَان حَتَّى اعْتكف فِي آخر الْعشْر من شَوَّال.
وَفِي حَدِيث أبي مُعَاوِيَة:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا أَرَادَ أَن يعْتَكف صلى الْفجْر ثمَّ دخل مُعْتَكفه
…
ثمَّ ذكر نَحوه إِلَى أَن قَالَ: فَلَمَّا صلى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْفجْر نظر، فَإِذا الأخبية، فَقَالَ:" آلبر تردن؟ " فَأمر بخبائه فقوض، وَترك الِاعْتِكَاف فِي شهر رَمَضَان، حَتَّى اعْتكف فِي الْعشْر الأول من شَوَّال.
3193 -
الْخَمْسُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم توفّي وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ. قَالَ ابْن شهَاب: وَأَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب مثله.
3194 -
الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب وَعُرْوَة بن الزبير فِي رجال من أهل الْعلم، أَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول وَهُوَ صَحِيح: " إِنَّه لن يقبض نبيٌّ حَتَّى يرى مَقْعَده من الْجنَّة، ثمَّ يُخَيّر ". قَالَت عَائِشَة: فَلَمَّا نزل بِهِ وَرَأسه على فَخذي غشي عَلَيْهِ، ثمَّ أَفَاق فأشخص بَصَره إِلَى السّقف، ثمَّ قَالَ:" اللَّهُمَّ، الرفيق الْأَعْلَى " قلت: إِذن لَا يختارنا. قَالَت: وَعرفت أَنه الحَدِيث الَّذِي كَانَ يحدثنا بِهِ وَهُوَ صَحِيح فِي قَوْله: " إِنَّه لن يقبض نبيٌّ قطّ حَتَّى يرى مَقْعَده من الْجنَّة ثمَّ يُخَيّر " قَالَت عَائِشَة: فَكَانَت تِلْكَ آخر كلمة تكلم بهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُمَّ، الرفيق الْأَعْلَى ".
وَهُوَ عِنْد البُخَارِيّ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة وَحده عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ صحيحٌ يَقُول: " إِنَّه لن يقبض نبيٌّ قطّ حَتَّى يرى مَقْعَده من الْجنَّة، ثمَّ يحيا أَو يُخَيّر ". فَلَمَّا اشْتَكَى وحضره الْقَبْض وَرَأسه على فَخذ عَائِشَة غشي عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاق شخص بَصَره نَحْو سقف الْبَيْت، ثمَّ قَالَ:" اللَّهُمَّ، فِي الرفيق الْأَعْلَى " فَقلت: إِذن لَا يختارنا، فَعرفت أَنه حَدِيثه الَّذِي كَانَ يحدثنا وَهُوَ صَحِيح.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث سعد بن إِبْرَاهِيم عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قلت:
كنت أسمع أَنه لَا يَمُوت نبيٌّ حَتَّى يُخَيّر بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، فَسمِعت النَّبِي فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ - وأخذته بحةٌ - يَقُول:{مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم} [النِّسَاء] قَالَت: فَظَنَنْت أَنه خير حينئذٍ.
وَمن حَدِيث مُسلم بن إِبْرَاهِيم عَن شُعْبَة عَن سعد قَالَت:
لما مرض النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ، جعل بقوله:" فِي الرفيق ".
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الله بن حَوْشَب عَن إِبْرَاهِيم بن سعد عَن أَبِيه بِالْإِسْنَادِ:
أَن عَائِشَة قَالَت: سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول: " مَا من نبيٍّ يمرض إِلَّا خير بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة " وَكَانَ فِي شكواه الَّذِي قبض فِيهِ أَخَذته بحةٌ شَدِيدَة، فَسَمعته يَقُول {مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا} فَعلمت أَنه خير.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عباد بن عبد الله بن الزبير عَن عَائِشَة أَنَّهَا سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم وأصغت إِلَيْهِ قبل أَن يَمُوت وَهُوَ مستندٌ إِلَيْهَا يَقُول:
اللَّهُمَّ اغْفِر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الْأَعْلَى ".
وَأخرج البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث الزبيدِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم قَالَ: أَخْبرنِي أبي عَن عَائِشَة قَالَت:
شخص بصر النَّبِي ثمَّ قَالَ: " فِي الرفيق الْأَعْلَى " حَكَاهُ أَبُو مَسْعُود.
3195 -
الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَنَّهَا كَانَت ترجل النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهِي حَائِض، وَهُوَ معتكفٌ فِي الْمَسْجِد، وَهِي فِي حُجْرَتهَا، يناولها رَأسه.
فِي رِوَايَة اللَّيْث عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة وَعمرَة عَن عَائِشَة بِنَحْوِهِ، وَزَاد:
وَكَانَ لَا يدْخل الْبَيْت إِلَّا لحاجةٍ إِذا كَانَ معتكفاً.
وَفِي رِوَايَة يحيى بن يحيى عَن مَالك بِنَحْوِ حَدِيث اللَّيْث. وَفِيه:
وَكَانَ لَا يدْخل الْبَيْت إِلَّا لحَاجَة الْإِنْسَان.
وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن رمح عَن اللَّيْث نَحوه، وَزَاد أَن عَائِشَة قَالَت:
إِنِّي كنت لأدخل الْبَيْت للْحَاجة وَالْمَرِيض فِيهِ، فَمَا أسأَل عَنهُ إِلَّا وَأَنا مارة.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَت:
كنت أرجل رَأس رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنا حَائِض لم يزدْ.
قَالَ فِي رِوَايَة أبي خَيْثَمَة زُهَيْر بن مُعَاوِيَة:
كَانَ يدني إِلَيّ رَأسه وَأَنا فِي حُجْرَتي، فأرجل رَأسه وَأَنا حَائِض.
وَفِي حَدِيث ابْن جريج عَن هِشَام عَن أَبِيه أَنه سُئِلَ:
أتخدمني الْحَائِض، أَو تَدْنُو مني الْمَرْأَة وَهِي جنب؟ فَقَالَ عُرْوَة: كل ذَلِك عَليّ هينٌ، وَلَيْسَ على أحدٍ فِي
ذَلِك بأسٌ، أَخْبَرتنِي عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت ترجل رَأس رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهِي حَائِض، وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم حينئذٍ مجاورٌ فِي الْمَسْجِد، يدني لَهَا رَأسه وَهِي فِي حُجْرَتهَا، فترجله وَهِي حَائِض.
وَفِي حَدِيث يحيى الْقطَّان:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يصغي إِلَيّ رَأسه وَهُوَ مجاور فِي الْمَسْجِد، فأرجله وَأَنا حَائِض.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث الْأسود بن يزِيد عَن عَائِشَة قَالَت:
كنت أغسل رَأس رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنا حَائِض. لم يزدْ. كَذَا فِي رِوَايَة مُسلم من حَدِيث زَائِدَة عَن مَنْصُور.
وَفِي حَدِيث قبيصَة عَن سُفْيَان الثَّوْريّ:
وَكَانَ يخرج رَأسه إِلَيّ وَهُوَ معتكفٌ، فأغسله وَأَنا حَائِض. وَزَاد فِي أول حَدِيثه:
كنت أَغْتَسِل وَأَنا وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي إناءٍ وَاحِد، كِلَانَا جنبٌ، وَكَانَ يَأْمُرنِي فأتزر فيباشرني وَأَنا حَائِض.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن نَوْفَل عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إِلَيّ رَأسه فِي الْمَسْجِد وَهُوَ مجاورٌ فأغسله وَأَنا حَائِض.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا اعْتكف يدني إِلَيّ رَأسه فأرجله، وَكَانَ لَا يدْخل الْبَيْت إِلَّا لحَاجَة الْإِنْسَان. كَذَا وَقع فِي الْمُوَطَّأ.
وَلَيْسَ لعروة عَن عمْرَة فِي مُسْند عَائِشَة من الصَّحِيح غير هَذَا.
3196 -
الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ للوزغ: الفويسق، قَالَت: وَلم أسمعهُ أَمر بقتْله.
قَالَ الْحميدِي: قلت:
وَقد سمع ذَلِك سعد بن أبي وَقاص، وَأَبُو هُرَيْرَة، وَأم شريك إِحْدَى نسَاء بنى عَامر بن لؤَي، وكل هَؤُلَاءِ قَالَ: عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه أَمر بقتلها. وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة ذكر الثَّوَاب فِي ذَلِك. وَذَلِكَ مذكورٌ هُنَالك فِي مسانيدهم.
3197 -
الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا أَوَى إِلَى فرَاشه كل لَيْلَة جمع كفيه ثمَّ نفث فيهمَا فَقَرَأَ فيهمَا: {قل هُوَ الله أحد} [الْإِخْلَاص] و {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} [الفلق] و {قل أعوذ بِرَبّ النَّاس} [النَّاس] ثمَّ يمسح بهما مَا اسْتَطَاعَ من جسده، يبْدَأ بهما على رَأسه وَوَجهه، وَمَا أقبل من جسده، يفعل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات.
وَفِي حَدِيث يُونُس بن يزِيد عَن ابْن شهَاب نَحوه بِمَعْنَاهُ، وَفِيه:
وَمسح بهما وَجهه وَمَا بلغت يَدَاهُ من جسده. قَالَت عَائِشَة: فَلَمَّا اشْتَكَى كَانَ يَأْمُرنِي أَن أفعل ذَلِك. قَالَ يُونُس: كنت أرى ابْن شهَاب يصنع ذَلِك إِذا أَتَى إِلَى فرَاشه.
وَفِي حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ:
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ ينفث على يَده فِي الْمَرَض الَّذِي مَاتَ فِيهِ بالمعوذات، فَلَمَّا ثقل عَلَيْهِ كنت أنفث عَلَيْهِ بِهن، وأمسح بيد نَفسه لبركتها. قَالَ: فَسَأَلت الزُّهْرِيّ: كَيفَ ينفث؟ قَالَ: كَانَ ينفث على يَدَيْهِ، ثمَّ يمسح بهما وَجهه.
وَفِي حَدِيث مَالك:
كَانَ إِذا اشْتَكَى يقْرَأ على نَفسه بالمعوذات وينفث، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعه كنت أَقرَأ عَلَيْهِ وأمسح عَنهُ بِيَدِهِ، وَجَاء بركتها.
3198 -
الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن عتبَة بن أبي وَقاص عهد إِلَى أَخِيه سعد بن أبي وَقاص: أَن ابْن وليدة زَمعَة مني، فاقبضه إِلَيْك. فَلَمَّا كَانَ عَام الْفَتْح أَخذه سعد، فَقَالَ: ابْن أخي، عهد إِلَيّ فِيهِ. فَقَالَ عبد ابْن زَمعَة: أخي، وَابْن وليدة أبي، ولد على فرَاشه. فتساوقا إِلَى النَّبِي، فَقَالَ سعد: يَا رَسُول الله، ابْن أخي، قد كَانَ عهد إِلَيّ فِيهِ، إِنَّه ابْنه، انْظُر إِلَى شبهه.
وَقَالَ عبد بن زَمعَة:
أخي، وَابْن وليدة أبي، ولد على فرَاشه. وَفِي رِوَايَة اللَّيْث: فَنظر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى شبهه فَرَأى شبها بَينا بِعتبَة. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " هُوَ لَك يَا عبد ابْن زَمعَة. الْوَلَد للْفراش، وللعاهر الْحجر ". ثمَّ قَالَ لسودة بنت زَمعَة: " احتجبي مِنْهُ " لما رأى شبهه بِعتبَة، فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِي الله عز وجل، وَكَانَت سَوْدَة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم.
3199 -
السَّادِس وَالْخَمْسُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة وَعمرَة عَن عَائِشَة: أَن أم حَبِيبَة بنت جحش ختنة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَتَحْت عبد الرَّحْمَن بن عَوْف - استحيضت سبع سِنِين، فاستفتت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِك، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " إِن هَذِه
لَيست بالحيضة، وَلَكِن هَذَا عرقٌ، فاغتسلي وَصلي ". قَالَت عَائِشَة: فَكَانَت تَغْتَسِل فِي مركن فِي حجرَة أُخْتهَا زَيْنَب بنت جحش حَتَّى تعلو حمرَة الدَّم المَاء. قَالَ ابْن شهَاب: فَحدثت بذلك أَبَا بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام فَقَالَ:
يرحم الله هنداً، لَو سَمِعت بِهَذِهِ الْفتيا، وَالله إِن كَانَت لتبكي، لِأَنَّهَا كَانَت لَا تصلي. لفظ حَدِيث مُسلم.
وَهُوَ عِنْد البُخَارِيّ مُخْتَصر:
أَن أم حَبِيبَة استحيضت سبع سِنِين، فَسَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأمرهَا أَن تَغْتَسِل، وَقَالَ:" هَذَا عرق ". فَكَانَت تَغْتَسِل لكل صَلَاة.
وَلمُسلم فِي حَدِيث إِبْرَاهِيم بن سعد عَن ابْن شهَاب عَن عمْرَة عَن عَائِشَة نَحوه إِلَى قَوْله:
حَتَّى تعلو حمرَة الدَّم المَاء، وَلم يذكر مَا بعده.
وَفِي حَدِيث اللَّيْث عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
استفتت أم حَبِيبَة بنت جحش رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: إِنِّي أسْتَحَاض. فَقَالَ: " إِنَّمَا ذَلِك عرقٌ، فاغتسلي ثمَّ صلي بِهِ " فَكَانَت تَغْتَسِل عِنْد كل صَلَاة. قَالَ اللَّيْث: وَلم يذكر ابْن شهَاب أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَمر أم حَبِيبَة بنت جحش أَن تَغْتَسِل عِنْد كل صَلَاة، وَلكنه شَيْء فعلته هِيَ.
ذكر أَبُو مَسْعُود حَدِيث اللَّيْث عَن الزُّهْرِيّ فِي أَفْرَاد مُسلم. وَقد رَوَاهُ البُخَارِيّ بِمَعْنَاهُ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة وَعمرَة.
وَلمُسلم أَيْضا من حَدِيث عرَاك بن مَالك عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة:
أَن أم حَبِيبَة بنت جحش الَّتِي كَانَت تَحت عبد الرَّحْمَن بن عَوْف شكت إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الدَّم، فَقَالَ لَهَا:" امكثي قدر مَا كَانَت تحبسك حيضتك، ثمَّ اغْتَسِلِي " فَكَانَت تَغْتَسِل عِنْد كل صَلَاة.
وَفِي حَدِيث يزِيد بن أبي حبيب:
ثمَّ اغْتَسِلِي وَصلي ". وَفِيه: وَقَالَت عَائِشَة: رَأَيْت مركنها ملآن دَمًا ".
وَلَهُمَا من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
قَالَت فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش - وَأَبُو حُبَيْش هُوَ ابْن عبد الْمطلب بن أَسد - لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِنِّي امْرَأَة أسْتَحَاض فَلَا أطهر، فأدع الصَّلَاة؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " إِنَّمَا ذَلِك عرقٌ
وَلَيْسَ بالحيضة، فَإِذا أَقبلت الْحَيْضَة فاتركي الصَّلَاة، فَإِذا ذهب قدرهَا فاغسلي عَنْك الدَّم وَصلي " وَفِي حَدِيث سُفْيَان:
فَإِذا أَقبلت الْحَيْضَة فدعي الصَّلَاة، وَإِذا أَدْبَرت فاغتسلي وَصلي ". وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة:
وَلَكِن دعِي الصَّلَاة قدر الْأَيَّام الَّتِي تحيضين فِيهَا، ثمَّ اغْتَسِلِي وَصلي ".
3200 -
السَّابِع وَالْخَمْسُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن يحيي بن عُرْوَة عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ناسٌ عَن الْكُهَّان، فَقَالَ:" لَيْسَ بِشَيْء ".
فَقَالُوا: يَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، إِنَّهُم يحدثوننا أَحْيَانًا بِشَيْء فَيكون حَقًا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" تِلْكَ الْكَلِمَة من الْحق، يَخْطفهَا الجني فيقرها فِي أذن وليه، فَيَخْلِطُونَ مَعهَا مائَة كذبة ".
وَفِي حَدِيث عَنْبَسَة بن خَالِد عَن يُونُس بن يزِيد نَحوه، وَفِيه: فَقَالَ:
إِنَّهُم لَيْسُوا بشيءٍ " وَفِيه: " تِلْكَ الْكَلِمَة من الْحق يَخْطفهَا الجني فيقرها فِي أذن وليه كقرقرة الدَّجَاجَة ". وَفِي رِوَايَة ابْن جريج: " فيقرها فِي أذن وليه قر الدَّجَاجَة ".
وَفِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق عَن معمر أَن عَائِشَة قَالَت:
يَا رَسُول الله، إِن الْكُهَّان يحدثوننا بالشَّيْء فنجده حَقًا. قَالَ:" تِلْكَ الْكَلِمَة الْحق يَخْطفهَا الجني فيقذفها فِي أذن وليه، وَيزِيد فِيهَا مائَة كذبة ".
وَلَيْسَ ليحيى بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول:
إِن الْمَلَائِكَة تنزل فِي الْعَنَان - وَهُوَ
السَّحَاب - فَتذكر الْأَمر قضي فِي السَّمَاء فتسترق الشَّيَاطِين السّمع، فتسمعه فتوحيه إِلَى الْكُهَّان، فيكذبون مَعهَا مائَة كذبة من عِنْد أنفسهم ".
وَقد أخرجه تَعْلِيقا من حَدِيث أبي الْأسود أَيْضا عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ:
إِن الْمَلَائِكَة تحدث فِي الْعَنَان - والعنان. الْغَمَام - بِالْأَمر يكون فِي الأَرْض، فتستمع الشَّيَاطِين الْكَلِمَة فتقرها فِي أذن الكاهن كَمَا تقر القارورة، فيزيدون مَعهَا مائَة كذبة ".
3201 -
الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَخِيه عبد الله بن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: جَلَست إِحْدَى عشرَة امْرَأَة، فتعاهدن وتعاقدن إِلَّا يكتمن من أَخْبَار أَزوَاجهنَّ شَيْئا: قَالَت الأولى:
زَوجي لحم جملٍ غثٌّ على رَأس جبل، لَا سهلٍ فيرتقى، وَلَا سمين فَينْتَقل. وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ: فينتقى.
قَالَ الثَّانِيَة:
زَوجي لَا أبث خَبره، إِنِّي أَخَاف أَلا أذره، إِن أذكرهُ أذكر عُجَره وبجره ".
قَالَت الثَّالِثَة:
زَوجي العشنق، إِن أنطق أطلق، وَإِن أسكت أعلق.
قَالَت الرَّابِعَة:
زَوجي كليل تهَامَة، لَا حرٌّ وَلَا قرٌّ، وَلَا مَخَافَة وَلَا سآمة.
قَالَت الْخَامِسَة:
زَوجي إِن دخل فَهد، وَإِن خرج أَسد، وَلَا يسْأَل عَمَّا عهد.
قَالَت السَّادِسَة: زَوجي أَن أكل لف، وَإِن شرب اشتف، وَإِن اضْطجع التف، وَلَا يولج الْكَفّ ليعلم البث ".
قَالَت السَّابِعَة:
زَوجي غياياء - أَو عياياء - طباقاء - الرَّاوِي شكّ - كل داءٍ لَهُ دَاء، شجك أَو فلك، أَو جمع كلا لَك.
قَالَت الثَّامِنَة:
زَوجي الرّيح ريح زرنب، والمس مس أرنب.
قَالَت التَّاسِعَة:
زَوجي رفيع الْعِمَاد، طَوِيل النجاد، عَظِيم الرماد، قريب الْبَيْت من الناد.
قَالَت الْعَاشِرَة:
زَوجي مَالك، وَمَا مَالك؟ مالكٌ خيرٌ من ذَلِك، لَهُ إبلٌ كثيرات الْمُبَارك، قليلات المسارح، وَإِذا سَمِعت صَوت المزهر أَيقَن أَنَّهُنَّ هوالك.
قَالَ الْحَادِيَة عشرَة:
زَوجي أَبُو زرع، فَمَا أَبُو زرع؟ أنَاس من حلي أُذُنِي، وملأ من شَحم عضدي، وبجحني فبجحت إِلَى نَفسِي. وجدني فِي أهل غنيمةٍ
بشق، فجعلني فِي أهل صَهِيل وأطيط، ودائسٍ ومنق، فَعنده أَقُول فَلَا أقبح، وأرقد فأتصبح، وأشرب فأتقنح - وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ: فأتقمح.
أم أبي زرع، فَمَا أم أبي زرع، عكومها رداح. وبيتها فساح.
ابْن أبي زرع، فَمَا ابْن أبي زرع، مضجعه كمسل شطبةٍ، ويشبعه ذِرَاع الجفرة.
بنت أبي زرع، وَمَا بنت أبي زرع، طوع أَبِيهَا وطوع أمهَا، وملء كسائها، وغيظ جارتها.
جَارِيَة أبي زرع، وَمَا جَارِيَة أبي زرع، لَا تبث حديثنا تبثيثاً، وَلَا تنقث ميرتنا تنقيثاً، وَلَا تملأ بيتنا تعشيشاً.
قَالَت:
خرج أَبُو زرع والأوطاب تمخض، فلقي امْرَأَة مَعهَا ولدان لَهَا كالفهدين، يلعبان من تَحت خصرها برمانتين، فطلقني ونكحها، وفنكحت بعده رجلا سرياً، ركب شرياً، وَأخذ خطياً، وأراح عَليّ نعما ثريا، وَأَعْطَانِي من كل رائحةٍ زوجا، وَقَالَ: كلي أم زرع، وميري أهلك. فَلَو جمعت كل شَيْء أَعْطَانِي مَا بلغ أَصْغَر آنِية أبي زرع.
قَالَت عَائِشَة:
قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " كنت لَك كَأبي زرعٍ لأم زرع ".
وَفِي رِوَايَة سعيد بن سَلمَة بن أبي الحسام عَن هِشَام بن عُرْوَة نَحوه، غير أَنه قَالَ::
عياياء طباقاء، وَلم يشك. وَقَالَ: وصفر ردائها، وَخير نسائها، وعقر جارتها. وَقَالَ: وَأَعْطَانِي من كل ذابحة زوجا.
قَالَ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي:
سعيد بن سَلمَة هَذَا لَا أعلم لَهُ فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث.
3202 -
التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ: عَن أبي الْمُنْذر هِشَام بن عُرْوَة بن الزبير عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: أَن الْحَارِث بن هِشَام سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، كَيفَ يَأْتِيك الْوَحْي؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" أَحْيَانًا يأتيني الْوَحْي فِي مثل صلصلة الجرس، وَهُوَ أشده عَليّ، فَيفْصم. عني وَقد وعيت مَا قَالَ. وَأَحْيَانا يتَمَثَّل لي الْملك رجلا فيكلمني فأعي مَا يَقُول " قَالَت عَائِشَة: وَلَقَد رَأَيْته ينزل عَلَيْهِ الْوَحْي فِي الْيَوْم الشَّديد الْبرد، فَيفْصم عَنهُ وَإِن جَبينه ليتفصد عرقاً. لفظ حَدِيث البُخَارِيّ، وَهُوَ أتم.
3203 -
السِّتُّونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: أُتِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بصبيٍّ فَبَال على ثَوْبه، فَدَعَا بِمَاء فَأتبعهُ إِيَّاه.
وَفِي رِوَايَة يحيى الْقطَّان:
أُتِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم بصبي يحنكه، فَبَال عَلَيْهِ فَأتبعهُ المَاء.
وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن الْمثنى عَن يحيى:
وضع صَبيا فِي حجره فَبَال عَلَيْهِ، فَدَعَا بِمَاء فَأتبعهُ.
وَلمُسلم من رِوَايَة عبد الله بن نمير:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُؤْتى بالصبيان، فيبرك عَلَيْهِم ويحنكهم، فَأتي بصبيٍّ فَبَال عَلَيْهِ، فَدَعَا بِمَاء فَأتبعهُ بَوْله وَلم يغسلهُ.
3204 -
الْحَادِي وَالسِّتُّونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي كَانَ إِذا اغْتسل من الْجَنَابَة بَدَأَ فَغسل يَدَيْهِ، ثمَّ يتَوَضَّأ كَمَا يتَوَضَّأ للصَّلَاة، ثمَّ يدْخل أَصَابِعه فِي المَاء فيخلل بهَا أصُول شعره، ثمَّ يصب على رَأسه ثَلَاث غرف بيدَيْهِ، ثمَّ يفِيض المَاء على جلده كُله.
وَفِي حَدِيث عبد الله بن الْمُبَارك:
ثمَّ يخلل بِيَدِهِ شعره، حَتَّى إِذا ظن أَنه قد أروى بَشرته أَفَاضَ عَلَيْهِ المَاء ثَلَاث مَرَّات، ثمَّ غسل سَائِر جسده. وَقَالَت: كنت أَغْتَسِل أَنا وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم من إِنَاء واحدٍ نغرف مِنْهُ جَمِيعًا.
وَلمُسلم فِي حَدِيث أبي مُعَاوِيَة عَن هِشَام:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا اغْتسل من الْجَنَابَة، يبْدَأ فَيغسل يَدَيْهِ، ثمَّ يفرغ بِيَمِينِهِ على شِمَاله فَيغسل فرجه، ثمَّ يتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة، ثمَّ يَأْخُذ المَاء وَيدخل أَصَابِعه فِي أصُول الشّعْر، حَتَّى إِذا رأى أَنه قد اسْتَبْرَأَ حفن على رَأسه ثَلَاث حفنات، ثمَّ أَفَاضَ على سَائِر جسده، ثمَّ غسل رجلَيْهِ.
وَفِي حَدِيث وَكِيع عَن هِشَام:
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم اغْتسل من الْجَنَابَة، فَبَدَأَ فَغسل كفيه ثَلَاثًا، ثمَّ ذكر نَحْو حَدِيث أبي مُعَاوِيَة. وَلم يذكر غسل الرجلَيْن.
وَفِي حَدِيث زَائِدَة:
كَانَ إِذا اغْتسل من الْجَنَابَة بَدَأَ فَغسل يَدَيْهِ قبل أَن يدْخل يَدَيْهِ فِي الْإِنَاء، ثمَّ تَوَضَّأ مثل وضوئِهِ للصَّلَاة.
3205 -
الثَّانِي وَالسِّتُّونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِذا نعس أحدكُم وَهُوَ يُصَلِّي فليرقد حَتَّى يذهب عَنهُ النّوم، فَإِن أحدكُم إِذا صلى وَهُوَ ناعسٌ لَا يدْرِي لَعَلَّه يذهب فيستغفر، فيسب نَفسه ".
3206 -
الثَّالِث وَالسِّتُّونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم دخل عَلَيْهَا وَعِنْدهَا امرأةٌ، قَالَ:" من هَذِه؟ " قَالَت: هَذِه فُلَانَة - تذكر من صلَاتهَا - قَالَ: " مَه، عَلَيْكُم بِمَا تطيقون، فوَاللَّه لَا يمل الله حَتَّى تملوا " وَكَانَ أحب الدّين إِلَيْهِ مَا دوَام عَلَيْهِ صَاحبه.
وَفِي حَدِيث مَالك وَأبي أُسَامَة أَنَّهَا امْرَأَة من بني أَسد.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة:
أَن الحولاء بنت تويت ابْن حبيب بن أَسد بن عبد الْعُزَّى مرت بهَا وَعِنْدهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَت: فَقلت: هَذِه الحولاء بنت تويت - وَزَعَمُوا أَنَّهَا لَا تنام اللَّيْل، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" لَا تنام اللَّيْل! خُذُوا من الْعَمَل مَا تطيقون، فوَاللَّه لَا يسأم الله حَتَّى تسأموا ".
3207 -
الرَّابِع وَالسِّتُّونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم رأى بصاقاً فِي جِدَار الْقبْلَة - أَو مخاطاً أَو نخامةً - فحكه.
3208 -
الْخَامِس وَالسِّتُّونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: صلى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي بَيته وَهُوَ شاكٍ، فصلى جَالِسا، وَصلى وَرَاءه قوم قيَاما،
فَأَشَارَ إِلَيْهِم: أَن اجلسوا، فَلَمَّا انْصَرف قَالَ:" إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ، فَإِذا ركع فاركعوا، وَإِذا رفع فارفعوا، وَإِذا صلى جَالِسا فصلوا جُلُوسًا ".
قَالَ البُخَارِيّ: قَالَ الْحميدِي:
هَذَا مَنْسُوخ. قَالَ البُخَارِيّ: لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم آخر مَا صلى قَاعِدا وَالنَّاس خَلفه قيام. والْحميدِي هَذَا هُوَ عبد الله بن الزبير صَاحب سُفْيَان بن عُيَيْنَة.
3209 -
السَّادِس وَالسِّتُّونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا أخْبرته: أَنَّهَا لم تَرَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي صَلَاة اللَّيْل قَاعِدا قطّ حَتَّى أسن، فَكَانَ يقْرَأ قَاعِدا، حَتَّى إِذا أَرَادَ أَن يرْكَع قَامَ فَقَرَأَ نَحوا من ثَلَاثِينَ أَو أَرْبَعِينَ آيَة، ثمَّ ركع.
وَفِي حَدِيث يحيى بن سعيد، قَالَت:
مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقْرَأ فِي شَيْء من صَلَاة اللَّيْل جَالِسا، حَتَّى إِذا كبر قَرَأَ جَالِسا، حَتَّى إِذا بَقِي عَلَيْهِ من السُّورَة ثَلَاثُونَ أَو أَرْبَعُونَ آيَة قَامَ فقرأهن، ثمَّ ركع.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عبد الله بن يزِيد وَسَالم أبي النَّضر مولى عمر بن عبيد الله عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن عَائِشَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي جَالِسا، فَيقْرَأ وَهُوَ جالسٌ، فَإِذا بَقِي من قِرَاءَته نحوٌ من ثَلَاثِينَ أَو أَرْبَعِينَ آيَة قَامَ فقرأها وَهُوَ قَائِم ثمَّ ركع، ثمَّ سجد، فَفعل فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة مثل ذَلِك، فَإِذا قضى صلَاته - فَإِن كنت يقظي تحدث معي، وَإِن كنت نَائِمَة اضْطجع. لفظ حَدِيث عبد الله بن يُوسُف، وَهُوَ أتم. وانْتهى حَدِيث يحيى بن يحيى إِلَى قَوْله:" مثل ذَلِك " وَلم يذكر مَا بعده.
وَلمُسلم من حَدِيث عبد الله بن عُرْوَة عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
لما بدن رَسُول
الله صلى الله عليه وسلم وَثقل، كَانَ أَكثر صلَاته جَالِسا.
وَمن حَدِيث عُثْمَان بن أبي سُلَيْمَان عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن أَن عَائِشَة أخْبرته:
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لم يمت حَتَّى كَانَ كثيرٌ من صلَاته وَهُوَ جَالس.
وَمن حَدِيث عَلْقَمَة بن وَقاص قَالَ: قلت لعَائِشَة:
كَيفَ كَانَ يصنع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالس؟ قَالَت: كَانَ يقْرَأ فيهمَا، فَإِذا أَرَادَ أَن يرْكَع قَامَ فَرَكَعَ.
وَلَيْسَ لعلقمة بن وَقاص عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
وَمن حَدِيث عبد الله بن شَقِيق الْعقيلِيّ قَالَ: قلت لعَائِشَة:
هَل كَانَ النَّبِي يُصَلِّي وَهُوَ قَاعد؟ قَالَت: نعم، بَعْدَمَا حطمه النَّاس.
زَاد أَبُو مَسْعُود فِيمَا حَكَاهُ: وَكَانَ يقرن بَين السورتين من الْمفصل.
وَمن حَدِيث أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقْرَأ وَهُوَ قَاعد، فَإِذا أَرَادَ أَن يرْكَع قَامَ قدر مَا يقْرَأ إنسانٌ أَرْبَعِينَ آيَة.
3210 -
السَّابِع وَالسِّتُّونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: نزلت هَذِه الْآيَة {وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا} [الْإِسْرَاء] فِي الدُّعَاء.
3211 -
الثَّامِن وَالسِّتُّونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: مَا ترك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر عِنْدِي قطّ.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الْأسود بن يزِيد عَن عَائِشَة قَالَت:
صلاتان مَا تَركهمَا
رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي قطّ سرا وَلَا عَلَانيَة: رَكْعَتَانِ قبل صَلَاة الصُّبْح، وركعتان بعد الْعَصْر.
وَمن حَدِيث أبي إِسْحَق السبيعِي قَالَ:
رَأَيْت الْأسود ومسروقاً شَهدا على عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: مَا كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يأتيني فِي يومي بعد الْعَصْر إِلَّا صلى رَكْعَتَيْنِ.
وَلم يذكر أَبُو مَسْعُود مسروقاً فِي تَرْجَمَة الْأسود، وَلَا فِي تَرْجَمَة مَسْرُوق.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الْعَزِيز بن رفيع قَالَ:
رَأَيْت عبد الله بن الزبير يطوف بعد الْفجْر، وَيُصلي رَكْعَتَيْنِ. وَرَأَيْت عبد الله بن الزبير يُصَلِّي بعد الْعَصْر، ويخبر أَن عَائِشَة حدثته: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لم يدْخل بَيتهَا إِلَّا صلاهما.
وَمن حَدِيث أَيمن الْمَكِّيّ أَنه سمع عَائِشَة تَقول:
وَالَّذِي ذهب بِهِ، وَمَا تَركهمَا حَتَّى لَقِي الله، حَتَّى ثقل عَن الصَّلَاة، وَكَانَ يُصَلِّي كثيرا من صلَاته قَاعِدا - تَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر. وَكَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُصَلِّيهمَا وَلَا يُصَلِّيهمَا فِي الْمَسْجِد مَخَافَة أَن يثقل على أمته، وَكَانَ يحب مَا يُخَفف عَنْهُم.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن أبي حَرْمَلَة عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن
أَنه سَأَلَ عَائِشَة عَن السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّيهمَا بعد الْعَصْر.
فَقَالَت: كَانَ يُصَلِّيهمَا قبل الْعَصْر، ثمَّ إِنَّه شغل عَنْهُمَا أَو نسيهما فصلاهما بعد الْعَصْر، ثمَّ أثبتهما. وَكَانَ إِذا صلى صَلَاة أثبتها، تَعْنِي: دوَام عَلَيْهَا.
وَمن حَدِيث طَاوس بن كيسَان عَن عَائِشَة قَالَت:
لم يدع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر، قَالَ: وَقَالَت عَائِشَة: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم " لَا تتحروا طُلُوع الشَّمْس وَلَا غُرُوبهَا، فتصلوا عِنْد ذَلِك ".
وَفِي حَدِيث بهز عَن وهيب أَنَّهَا قَالَت:
وهم عمر، إِ نما نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يتحَرَّى طُلُوع الشَّمْس وغروبها.
3212 -
التَّاسِع وَالسِّتُّونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يقْرَأ فِي سُورَة بِاللَّيْلِ، فَقَالَ:" يرحمه الله، لقد أذكرني كَذَا آيَة أنسيتها من سُورَة كَذَا وَكَذَا ".
وَفِي رِوَايَة عِيسَى بن يُونُس:
أسقطتهن من سُورَة كَذَا ".
وَفِي حَدِيث عَبدة وَأبي مُعَاوِيَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يستمع قِرَاءَة رجل من الْمَسْجِد، فَقَالَ:" رحمه الله، لقد أذكرني آيَة كنت أنسيتها ".
3213 -
السبعون: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة وَحضر الْعشَاء فابدءوا بالعشاء. " قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ وهيب وَيحيى بن سعيد عَن هِشَام بن عُرْوَة: " إِذا وضع الْعشَاء ".
وَأخرجه مُسلم بِمَعْنَاهُ وَبِزِيَادَة من حَدِيث أبي بكر عبد الله بن أبي عَتيق مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصّديق عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: " لَا صَلَاة بِحَضْرَة طَعَام، وَلَا وَهُوَ يدافعه الأخبثان ".
3214 -
الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: لما اشْتَكَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم ذكر بعض نِسَائِهِ كَنِيسَة رأتها بِأَرْض الْحَبَشَة يُقَال لَهَا مَارِيَة، وَكَانَت أم سَلمَة، وَأم حَبِيبَة أتتا أَرض الْحَبَشَة - وذكرتا من حسنها وتصاوير فِيهَا.
فَرفع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رَأسه فَقَالَ:
أُولَئِكَ شرار الْخلق عِنْد الله ".
وَأَخْرَجَا من حَدِيث هِلَال بن أبي حميد الْوزان عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي مَرضه الَّذِي لم يقم مِنْهُ: " لعن الله الْيَهُود وَالنَّصَارَى، اتَّخذُوا قُبُور أَنْبِيَائهمْ مَسَاجِد " قَالَت: لَوْلَا ذَلِك أبرز قَبره، غير أَنه خشِي أَن يتَّخذ مَسْجِدا.
وَفِي رِوَايَة عبيد الله بن مُوسَى عَن شَيبَان قَالَت:
وَلَوْلَا ذَلِك لأبرز قَبره، غير أَنِّي أخْشَى أَن يتَّخذ مَسْجِدا.
وَقَالَ أَبُو بكر بن أبي شيبَة فِي رِوَايَته:
لَوْلَا ذَلِك
…
لم يذكر: قَالَت.
وَفِي رِوَايَة موسي بن إِسْمَاعِيل عَن أبي عوَانَة:
لَوْلَا ذَلِك أبرز قَبره غير أَنه خشِي أَو خشِي أَن يتَّخذ مَسْجِدا، وَلم يذكر: قَالَت.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة أَن عَائِشَة وَابْن عَبَّاس قَالَا:
لما نزل برَسُول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطْرَح خميصةً لَهُ على وَجهه، فَإِذا اغتم كشفها عَن وَجهه، فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِك:" لعنة الله على الْيَهُود وَالنَّصَارَى، اتَّخذُوا قُبُور أَنْبِيَائهمْ مَسَاجِد " يحذر مثل مَا صَنَعُوا.
3215 -
الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي مَرضه: " مروا أَبَا بكر يُصَلِّي بِالنَّاسِ ". قَالَت عَائِشَة: قلت: إِن أَبَا بكر إِذا قَامَ مقامك لم يسمع النَّاس من الْبكاء. فَمر عمر فَليصل. فَقَالَ: " مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ. " فَقَالَت عَائِشَة: فَقلت لحفصة: قولي لَهُ: إِن أَبَا بكر إِذا قَامَ فِي مقامك لم يسمع النَّاس من الْبكاء، فَمر عمر فَليصل بِالنَّاسِ، فَفعلت حَفْصَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" إنكن لأنتن صَوَاحِب يُوسُف، مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ " فَقَالَت حَفْصَة لعَائِشَة: مَا كنت لأصيب مِنْك خيرا ".
وَلَهُمَا من حَدِيث ابْن نمير عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَبَا بكر أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي مَرضه، فَكَانَ يُصَلِّي بهم، فَوجدَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من نَفسه خفَّة فَخرج، فَإِذا أَبُو بكر يؤم النَّاس، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بكر اسْتَأْخَرَ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَن كَمَا أَنْت، فَجَلَسَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حذاء أبي بكر إِلَى جنبه، فَكَانَ أَبُو بكر يُصَلِّي بِصَلَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَالنَّاس يصلونَ بِصَلَاة أبي بكر.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث الْأسود بن يزِيد بن قيس النَّخعِيّ قَالَ:
كُنَّا عِنْد عَائِشَة، فَذَكرنَا الْمُوَاظبَة على الصَّلَاة والتعظيم لَهَا، قَالَت: لما مرض النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَحَضَرت الصَّلَاة، فأوذن، فَقَالَ:" مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ " فَقيل لَهُ: إِن أَبَا بكر رجل أسيف، إِذا قَامَ مقامك لم يسْتَطع أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَأَعَادَ فَأَعَادُوا لَهُ، فَأَعَادَ الثَّالِثَة، فَقَالَ:" إنكن صَوَاحِب يُوسُف، مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ. " فَخرج أَبُو بكر يُصَلِّي، فَوجدَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم من نَفسه خفَّة، فَخرج يهادى بَين رجلَيْنِ، كَأَنِّي أنظر رجلَيْهِ تخطان الأَرْض من الوجع، فَأَرَادَ أَبُو بكر أَن يتَأَخَّر، فَأَوْمأ إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: أَن مَكَانك. ثمَّ أَتَيَا بِهِ حَتَّى جلس إِلَى جنبه. قيل للأعمش: فَكَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي وَأَبُو بكر يُصَلِّي بِصَلَاتِهِ وَالنَّاس يصلونَ بِصَلَاة أبي بكر؟ قَالَ بِرَأْسِهِ: نعم. لفظ حَدِيث البُخَارِيّ. قَالَ البُخَارِيّ: وَزَاد أَبُو مُعَاوِيَة: جلس عَن يَاسر أبي بكر، وَكَانَ أَبُو بكر قَائِما.
وَقد أخرج البُخَارِيّ حَدِيث أبي مُعَاوِيَة بِالْإِسْنَادِ، وَفِيه:
جَاءَ بِلَال يُؤذنهُ بِالصَّلَاةِ فَقَالَ: " مروا أَبَا بكر يُصَلِّي بِالنَّاسِ. " قَالَت: فَقلت: يَا رَسُول الله، إِن أَبَا بكر
رجل أسيف، وَأَنه مَتى يقوم مقامك لَا يسمع النَّاس، فَلَو أمرت عمر، فَقَالَ:" مروا أَبَا بكر يُصَلِّي بِالنَّاسِ " ثمَّ ذكر قَوْلهَا: فَلَو أمرت عمر، فَقَالَ:" مروا أَبَا بكر يُصَلِّي بِالنَّاسِ " ثمَّ ذكر قَوْلهَا لحفصة، وَقَول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" إنكن لأنتن صَوَاحِب يُوسُف " وَأَنه عليه السلام وجد خفَّة، فَخرج. ثمَّ ذكره إِلَى قَوْله: حَتَّى جلس عَن يسَار أبي بكر، فَكَانَ أَبُو بكر يُصَلِّي قَائِما، وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي قَاعِدا، يَقْتَدِي أَبُو بكر بِصَلَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَالنَّاس بِصَلَاة أبي بكر.
وَفِي حَدِيث عبد الله بن دَاوُد عَن الْأَعْمَش نَحوه، وَفِيه:
إِن أَبَا بكر رجلٌ أسيف، إِن يقم مقامك يبك فَلَا يقدر على الْقِرَاءَة، وَلم تذكر قَوْلهَا لحفصة. وَفِي آخِره: فَتَأَخر أَبُو بكر، وَقعد النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى جنبه، وَأَبُو بكر يسمع النَّاس التَّكْبِير.
قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه محَاضِر عَن الْأَعْمَش.
وَفِي حَدِيث يحيى بن يحيى عَن أبي مُعَاوِيَة نَحوه، وَفِي آخِره قَالَت:
فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسا، وَأَبُو بكر يَقْتَدِي بِصَلَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، ويقتدي النَّاس بِصَلَاة أبي بكر.
وَلَهُمَا من حَدِيث ابْن شهَاب عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة ابْن مَسْعُود أَن عَائِشَة قَالَت:
لقد راجعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِك، وَمَا حَملَنِي على كَثْرَة مُرَاجعَته إِلَّا أَنه لم يَقع فِي قلبِي أَن يحب النَّاس بعده رجلا يقوم مقَامه أبدا، وَإِنِّي كنت أرى أَنه لن يقوم مقَامه أحدٌ إِلَّا تشاءم النَّاس بِهِ، فَأَرَدْت أَن يعدل ذَلِك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن أبي بكر.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن حَمْزَة بن عبد الله بن عمر عَن عَائِشَة قَالَت:
لما دخل النَّبِي صلى الله عليه وسلم بَيْتِي قَالَ: مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ. قَالَت: فَقلت: يَا رَسُول
الله، إِن أَبَا بكر رجلٌ رَقِيق إِذا قَرَأَ الْقُرْآن لَا يملك دمعه، فَلَو أمرت غير أبي بكر، قَالَت: فوَاللَّه مَا بِي إِلَّا كَرَاهِيَة أَن يتشاءم النَّاس بِأول من يقوم فِي مقَام رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَت: فراجعته مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا. فَقَالَ: " ليصل بِالنَّاسِ أَبُو بكر، فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِب يُوسُف ".
وَلَيْسَ لِحَمْزَة عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث.
قَالَ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي:
وَرَوَاهُ ابْن الْمُبَارك عَن عمر، وَيُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن حَمْزَة مُرْسلا.
وَأَخْرَجَا خُرُوجه
فِي مَرضه صلى الله عليه وسلم بَين رجلَيْنِ، وَمَا يتَّصل بِهِ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود أَن عَائِشَة قَالَت: لما ثقل النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعه، استاذن أَزوَاجه فِي أَن يمرض فِي بَيْتِي، فَأذن لَهُ، فَخرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم بَين رجلَيْنِ تخط رِجْلَاهُ فِي الأَرْض بَين الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وَرجل آخر.
قَالَ عبيد الله:
فَأخْبرت عبد الله بن عَبَّاس بِالَّذِي قَالَت عَائِشَة، فَقَالَ: أَتَدْرِي من الرجل الآخر؟ قَالَ: لَا. قَالَ: هُوَ عَليّ بن أبي طَالب. قَالَ: فَكَانَت عَائِشَة تَتَحَدَّث أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ بَعْدَمَا دخل بَيْتِي وَاشْتَدَّ وَجَعه: " هريقوا عَليّ من سبع قربٍ لم تحل أوكيتهن، لعَلي أَعهد إِلَى النَّاس " فأجلسناه فِي مخضب لحفصة زوج النَّبِي [صلى الله عليه وسلم]، ثمَّ طفقنا نصب عَلَيْهِ من تِلْكَ الْقرب حَتَّى طفق يُشِير إِلَيْنَا بِيَدِهِ: أَن قد فعلتن. قَالَت: ثمَّ خرج إِلَى النَّاس فصلى بهم وخطبهم.
وَفِي حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله أَن عَائِشَة أخْبرته قَالَت:
أول مَا اشْتَكَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي بَيت مَيْمُونَة، فَاسْتَأْذن أَزوَاجه أَن يمرض فِي بَيْتِي فَأذن
لَهُ. قَالَت: فَخرج ويدٌ لَهُ على الْفضل بن عَبَّاس ويدٌ على رجل آخر، وَهُوَ يخط برجليه الأَرْض. وَذكر قَول ابْن عَبَّاس أَن الرجل الآخر هُوَ عَليّ بن أبي طَالب.
وَأَخْرَجَا جَمِيعًا بِإِسْنَاد وَاحِد من حَدِيث مُوسَى بن أبي عَائِشَة عَن عبيد الله قَالَ:
دخلت على عَائِشَة فَقلت لَهَا: أَلا تحدثيني عَن مرض رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ قَالَت: بلَى، ثقل النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" أصلى النَّاس؟ " قُلْنَا: لَا، هم ينتظرونك يَا رَسُول الله. قَالَ:" ضَعُوا لي مَاء فِي المخضب " قلت: فَفَعَلْنَا " فاغتسل، ثمَّ ذهب لينوء، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثمَّ أَفَاق، فَقَالَ: " أصلى النَّاس؟ " قُلْنَا: لَا، هم ينتظرونك يَا رَسُول الله. قَالَ: " ضَعُوا لي مَاء فِي المخضب ". قَالَت: فَفَعَلْنَا.
فاغتسل ثمَّ ذهب لينوء، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثمَّ أَفَاق فَقَالَ:" أُصَلِّي النَّاس؟ " قُلْنَا: لَا، هم ينتظرونك يَا رَسُول الله. قَالَ:" ضَعُوا لي مَاء فِي المخضب ". فَفَعَلْنَا فاغتسل ثمَّ ذهب لينوء فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثمَّ أَفَاق فَقَالَ:" أصلى النَّاس "؟ قُلْنَا: لَا، هم ينتظرونك يَا رَسُول الله. قَالَت: وَالنَّاس عكوفٌ فِي الْمَسْجِد ينتظرون رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لصَلَاة الْعشَاء الاخرة ". قَالَت: فَأرْسل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى أبي بكر أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَأَتَاهُ الرَّسُول فَقَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَأْمُرك أَن تصلي بِالنَّاسِ. فَقَالَ أَبُو بكر - وَكَانَ رجلا رَقِيقا: يَا عمر صل بِالنَّاسِ. فَقَالَ عمر: أَنْت أَحَق بذلك. فصلى بهم أَبُو بكر فِي تِلْكَ الْأَيَّام، ثمَّ إِن رَسُول الله وجد من نَفسه خفَّة، فَخرج بَين رجلَيْنِ - أَحدهمَا الْعَبَّاس - لصَلَاة الظّهْر، وَأَبُو بكر يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بكر ذهب ليتأخر، فَأَوْمأ إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: أَن لَا يتَأَخَّر، وَقَالَ لَهما: " أجلساني إِلَى جنبه ". فأجلساه إِلَى جنب أبي بكر، فَكَانَ أَبُو بكر يُصَلِّي وَهُوَ يأتم - بِصَلَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَالنَّاس يصلونَ بِصَلَاة أبي بكر، وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَاعد.
قَالَ عبيد الله:
فَدخلت على عبد الله بن عَبَّاس فَقلت: أَلا أعرض عَلَيْك مَا
حَدَّثتنِي عَائِشَة عَن مرض النَّبِي صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: هَات. فعرضت حَدِيثهَا عَلَيْهِ، فَمَا أنكر مِنْهُ شَيْئا، غير أَنه قَالَ: أسمت لَك الرجل الَّذِي كَانَ مَعَ الْعَبَّاس؟ قلت: لَا. قَالَ: هُوَ عليٌّ.
3216 -
الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يسْأَل فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ يَقُول: " أَيْن أَنا غَدا؟ أَيْن أَنا غَدا؟ " يُرِيد يَوْم عَائِشَة. فَأذن لَهُ أَزوَاجه يكون حَيْثُ شَاءَ، فَكَانَ فِي بَيت عَائِشَة حَتَّى مَاتَ عِنْدهَا. قَالَت عَائِشَة: فَمَاتَ فِي الْيَوْم الَّذِي كَانَ يَدُور عَليّ فِيهِ - فِي بَيْتِي، فَقَبضهُ الله وَإِن رَأسه بَين نحري وسحري، وخالط رِيقه ريقي: دخل عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر وَمَعَهُ سواكٌ يستن بِهِ، فَنظر إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: فَقلت لَهُ: أَعْطِنِي هَذَا السِّوَاك يَا عبد الرَّحْمَن، فأعطانيه، فقضمته، ثمَّ مضغته، فأعطيته رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فاستن بِهِ وَهُوَ مُسْتَند إِلَى صَدْرِي؟ لفظ حَدِيث البُخَارِيّ، وَهُوَ أكملها.
وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة وَمُحَمّد بن حَرْب:
إِن كَانَ ليتفقد فِي مَرضه، يَقُول:" أَيْن أَنا الْيَوْم؟ أَيْن أَنا غَدا؟ " استبطاءً ليَوْم عَائِشَة. فَلَمَّا كَانَ يومي قَبضه الله بَين سحرِي وَنَحْرِي. وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن حَرْب: وَدفن فِي بَيْتِي.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
دخل عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَنا مسندته إِلَى صَدْرِي، وَمَعَ عبد الرَّحْمَن سواك رطب يستن بِهِ، فأبده رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَصَره، فَأخذت السِّوَاك فقضمته وطيبته، ثمَّ دَفعته إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فاستن بِهِ، فَمَا رَأَيْت رَسُول الله
اسْتنَّ استناناً أحسن مِنْهُ. فَمَا عدا أَن فرغ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رفع يَده، أَو إصبعه، ثمَّ قَالَ:" فِي الرفيق الْأَعْلَى " ثَلَاثًا. ثمَّ قضى. وَكَانَت تَقول: مَاتَ بَين حاقتني وذاقنتي.
وَفِي رِوَايَة ابْن الْهَاد عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
مَاتَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَإنَّهُ لبين حاقنتي وذاقنتي. فَلَا أكره شدَّة الْمَوْت لأحدٍ أبدا بعد النَّبِي صلى الله عليه وسلم.
وللبخاري من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لما كَانَ فِي مَرضه يَدُور فِي نِسَائِهِ وَيَقُول:
أَيْن أَنا غَدا؟ أَيْن أَنا غَدا، حرصاً على بَيت عَائِشَة. قَالَت عَائِشَة: فَلَمَّا كَانَ يومي سكن.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث أبي مُحَمَّد عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة عَن عَائِشَة قَالَت:
توفّي النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي وَفِي يومي، وَبَين سحرِي وَنَحْرِي.
وَكَانَ إحدانا تعوذه بدعاءٍ إِذا مرض، فَذَهَبت أعوذه، فَرفع رَأسه إِلَى السَّمَاء، وَقَالَ:" فِي الرفيق الْأَعْلَى، فِي الرفيق الْأَعْلَى ". وَمر عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر فِي يَده جريدةٌ رطبَة، فَنظر إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَظَنَنْت أَن لَهُ بهَا حَاجَة، فأخذتها، فمضغت رَأسهَا ونفضتها، فدفعتها إِلَيْهِ، فاستن بهَا كأحسن مَا كَانَ مستناً، ثمَّ ناولنيها فَسَقَطت يَده، أَو سَقَطت من يَده، فَجمع الله بَين ريقي وريقه فِي آخر يومٍ من الدُّنْيَا وَأول يَوْم من الْآخِرَة.
وَفِي حَدِيث نَافِع بن عمر الجحمي عَن ابْن أبي مليكَة نَحوه، إِلَّا أَنه قَالَ: قَالَت:
دخل عبد الرَّحْمَن بسواك، فضعف النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَنهُ، فمضغته ثمَّ سننته بِهِ.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث أبي عَمْرو، ذكْوَان مولى عَائِشَة:
أَن عَائِشَة كَانَت
تَقول: إِن من نعم الله عَليّ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم توفّي فِي بَيْتِي ويومي، وَبَين سحرِي وَنَحْرِي وَأَن الله جمع بَين ريقي وريقه عِنْد مَوته:
دخل عَليّ عبد الرَّحْمَن وَبِيَدِهِ سواك وَأَنا مسندةٌ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيته ينظر إِلَيّ، وَعرفت أَنه يحب السِّوَاك فَقلت: آخذه لَك؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ: أَن نعم. فتناولته، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، فَقلت: ألينه لَك؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ: أَن نعم. فلينته فَأمره، وَبَين يَدَيْهِ ركوة - أَو علبة - شكّ الرَّاوِي - فِيهَا مَاء، فَجعل يدْخل يَدَيْهِ فِي المَاء فيمسح بهَا وَجهه، يَقُول:" لَا إِلَه إِلَّا الله، إِن للْمَوْت سكراتٍ " ثمَّ نصب يَده فَجعل يَقُول: " فِي الرفيق الْأَعْلَى " حَتَّى قبض، فمالت يَده صلى الله عليه وسلم.
3217 -
الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: نَهَاهُم النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن الْوِصَال رَحْمَة لَهُ. فَقَالُوا: إِنَّك تواصل، قَالَ:" لست كهيئتكم، إِنِّي يطعمني رَبِّي ويسقيني ".
3218 -
الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: إِن كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ليقبل بعض أَزوَاجه وَهُوَ صَائِم. ثمَّ ضحِكت.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الْأسود بن يزِيد عَن عَائِشَة:
قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يقبل ويباشر وَهُوَ صَائِم، وَكَانَ أملككم لإربه.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي حَفْص عمر بن عبد الْعَزِيز عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة:
أَنَّهَا أخْبرته: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يقبلهَا وَهُوَ صَائِم.
وَمن حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: قلت لعبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم: أسمعت أَبَاك يحدث عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يقبلهَا وَهُوَ صَائِم؟ فَسكت سَاعَة ثمَّ قَالَ: نعم.
وَمن حَدِيث عبيد الله بن عَمْرو عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقبلني وَهُوَ صَائِم، وَأَيكُمْ يملك إربه كَمَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يملك إربه؟ .
وَمن حَدِيث عَلْقَمَة عَن عَائِشَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يقبل وَهُوَ صَائِم، وَكَانَ أملككم لإربه، وَأَنه كَانَ يُبَاشر وَهُوَ صَائِم.
وَمن حَدِيث أبي الضُّحَى عَن مَسْرُوق بن الأجدع عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وَهُوَ صائمٌ، ويباشر وَهُوَ صَائِم، وَلكنه أملككم لإربه.
وَمن حَدِيث عَمْرو بن مَيْمُون عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يقبل فِي شهر الصَّوْم.
وَفِي رِوَايَة أبي بكر النَّهْشَلِي عَن زِيَاد بن علاقَة:
كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يقبل وَهُوَ صَائِم فِي رَمَضَان.
وَلَيْسَ لعَمْرو بن مَيْمُون عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
وَمن حَدِيث عَليّ بن الْحُسَيْن عَن عَائِشَة
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يقبل وَهُوَ صَائِم.
3219 -
السَّادِس وَالسَّبْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: سَأَلَ حَمْزَة بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الصّيام فِي السّفر، فَقَالَ:" إِن شِئْت فَصم، وَإِن شِئْت فَأفْطر ".
وَفِي حَدِيث يحيى الْقطَّان وَحَمَّاد بن زيد وَأبي مُعَاوِيَة عَن هِشَام:
إِنِّي أسرد الصَّوْم.
وَفِي حَدِيث مَالك بن أنس، أَنه قَالَ للنَّبِي صلى الله عليه وسلم:
أأصوم فِي السّفر؟ وَكَانَ كثير الصّيام. فَقَالَ: " إِن شِئْت فَصم، وَإِن شِئْت فَأفْطر ".
3220 -
السَّابِع وَالسَّبْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كفن فِي ثَلَاثَة أثوابٍ بيضٍ سحُولِيَّة من كرسفٍ، لَيْسَ فِيهَا قميصٌ وَلَا عِمَامَة
وَفِي حَدِيث عَليّ بن مسْهر عَن هِشَام أَنَّهَا قَالَت:
أدرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي حلَّة يمنية كَانَت لعبد الله بن أبي بكر، ثمَّ نزعت عَنهُ. وكفن فِي ثَلَاثَة أثوابٍ سحولٍ يَمَانِية، لَيْسَ فِيهَا عمامةٌ وَلَا قميصٌ، فَرفع عبد الله الْحلَّة فَقَالَ: أكفن فِيهَا. ثمَّ قَالَ: لم يُكفن فِيهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وأكفن فِيهَا! قَالَ: فَتصدق بهَا.
وَفِي حَدِيث أبي مُعَاوِيَة عَن هِشَام نَحوه، وَزَاد: أما الْحلَّة فَإِنَّمَا شبه على النَّاس فِيهَا، أَنَّهَا اشْتريت لَهُ ليكفن فِيهَا، فَتركت الْحلَّة وكفن فِي ثَلَاثَة أثوابٍ بيضٍ سحُولِيَّة، فَأَخذهَا عبد الله بن أبي بكر، فَقَالَ: لأحبسنها حَتَّى أكفن فِيهَا نَفسِي، ثمَّ قَالَ: لَو رضيها الله لنبية لكفنه فِيهَا، فَبَاعَهَا وَتصدق بِثمنِهَا.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث التَّيْمِيّ عَن أبي سَلمَة ابْن عبد الرَّحْمَن قَالَ:
سَأَلت عَائِشَة: فِي كم كفن النَّبِي صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَت: فِي ثَلَاثَة أثوابٍ سحُولِيَّة.
وَأَخْرَجَاهُ جَمِيعًا من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين توفّي سجي بِبرد حبرَة.
3221 -
الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ: عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " أريتك فِي الْمَنَام ثَلَاث ليالٍ، جَاءَنِي الْملك فِي سَرقَة من حَرِير، فَيَقُول: هَذِه امْرَأَتك، فأكشف عَن وَجهك، فَإِذا أَنْت هِيَ، فَأَقُول: إِن يَك من عِنْد الله يمضه ".
وَفِي حَدِيث عبيد ابْن إِسْمَاعِيل عَن أبي أُسَامَة. وَفِي حَدِيث وهيب عَن هِشَام:
أريتك فِي الْمَنَام مرَّتَيْنِ
…
" وذكرا نَحوه.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
قلت: يَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، لَو نزلت وَاديا فِيهِ شَجَرَة قد أكل مِنْهَا، وَوجدت شَجرا لم يُؤْكَل مِنْهَا، فِي أَيهَا كنت ترتع بعيرك؟ قَالَ:" فِي الَّتِي لم يرتع مِنْهَا " تَعْنِي: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لم يتَزَوَّج بكرا غَيرهَا.
وَمن حَدِيث عرَاك بن مَالك عَن عُرْوَة:
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم خطب عَائِشَة إِلَى أبي بكر، فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر: إِنَّمَا أَنا أَخُوك. فَقَالَ: " أَنْت أخي فِي الله وَكتابه، وَهِي لي حلالٌ ". كَذَا أخرجه البُخَارِيّ مُرْسلا.
3222 -
التَّاسِع وَالسَّبْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: تزَوجنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنا بنت سِتّ سِنِين، فقدمنا الْمَدِينَة، فنزلنا فِي بني الْحَارِث بن الْخَزْرَج، فوعكت، فتمزق شعري فوفى جميمةً، فأتتني أُمِّي أم رُومَان وَإِنِّي لفي أرجوحة وَمَعِي صَوَاحِب لي، فأتيتها لَا أَدْرِي مَا تُرِيدُ مني، فَأخذت بيَدي، حَتَّى وقفتني على بَاب الدَّار، وَإِنِّي لأنهج حَتَّى سكن بعض
نَفسِي، ثمَّ أخذت شَيْئا من مَاء فمسحت بِهِ وَجْهي ورأسي، ثمَّ أدخلتني الدَّار، فَإِذا نسوةٌ من الْأَنْصَار فِي الْبَيْت، فَقُلْنَ: على الْخَيْر وَالْبركَة وعَلى خير طَائِر، فأسلمتني إلَيْهِنَّ، فأصلحن من شأني، فَلم يرعني إِلَّا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمتني إِلَيْهِ وَأَنا يومئذٍ بنت تسع سِنِين.
وَفِي حَدِيث أبي كريب وَغَيره عَن أبي أُسَامَة نَحوه، إِلَّا أَن فِيهِ:
فَأخذت بيَدي فأوقفتني على الْبَاب، فَقلت: هه هه، حَتَّى ذهب نَفسِي. وَفِيه: فغسلن رَأْسِي وأصلحنني، فَلم يرعني إِلَّا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمنني إِلَيْهِ.
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن يُوسُف عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن هِشَام عَن أَبِيه:
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم تزَوجهَا وَهِي بنت سِتّ سِنِين، وأدخلت عَلَيْهِ وَهِي بنت تسع سِنِين وَمَكَثت عِنْده تسعا.
وَفِي حَدِيث قبيصَة عَن سُفْيَان عَن هِشَام عَن أَبِيه قَالَ:
تزوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَائِشَة وَهِي بنت ستٍّ، وَبنى بهَا وَهِي بنت تسعٍ، وَمَكَثت عِنْده تسعا، من قَول عُرْوَة، وَلم يقل: عَائِشَة.
وَفِي حَدِيث عبيد بن إِسْمَاعِيل عَن أبي أُسَامَة عَن هِشَام عَن أَبِيه قَالَ:
توفيت خَدِيجَة قبل مخرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَة بِثَلَاث سِنِين، فَلبث سنتَيْن أَو قَرِيبا من ذَلِك، ونكح عَائِشَة وَهِي بنت سِتّ سِنِين، وَبنى بهَا وَهِي بنت تسع سِنِين. وَهَذَا أَيْضا مَوْقُوف على عُرْوَة.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة:
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم تزَوجهَا وَهِي بنت سبع سِنِين، وزفت إِلَيْهِ وَهِي بنت تسع سِنِين ولعبها مَعهَا، وَمَات عَنْهَا
وَهِي بنت ثَمَانِي عشرَة.
وَمن حَدِيث الْأسود بن يزِيد عَن عَائِشَة قَالَت:
تزَوجهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهِي بنت سِتّ سِنِين، وَبنى بهَا وَهِي بنت تسع، وَمَات عَنْهَا وَهِي بنت ثَمَانِي عشرَة.
وَمن حَدِيث عبد الله بن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
تزَوجنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي شَوَّال، وَبنى بِي فِي شَوَّال، فَأَي نسَاء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ أحظى عِنْده مني. قَالَ: وَكَانَت عَائِشَة تسْتَحب أَن تدخل نساءها فِي شَوَّال.
3223 -
الثَّمَانُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: مَا غرت على أحدٍ من نسَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَا غرت على خَدِيجَة، وَمَا رَأَيْتهَا قطّ، وَلَكِن كَانَ يكثر ذكرهَا، وَرُبمَا ذبح الشَّاة، ثمَّ يقطعهَا أَعْضَاء، ثمَّ يبعثها فِي صدائق خَدِيجَة، فَرُبمَا قلت لَهُ: كَأَنَّهُ لم يكن فِي الدُّنْيَا امرأةٌ إِلَّا خَدِيجَة. فَيَقُول: " إِنَّهَا كَانَت وَكَانَت. . وَكَانَ لي مِنْهَا ولد ".
وَفِي حَدِيث حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن هِشَام قَالَت:
وَتَزَوَّجنِي بعْدهَا بِثَلَاث سِنِين، وَأمره ربه أَو جِبْرِيل - أَن يبشرها بِبَيْت فِي الْجنَّة من قصب. قَالَ فِي حَدِيث سعيد بن عفير عَن اللَّيْث: وَأمره أَن يبشرها ببيتٍ من قصبٍ، وَإِن كَانَ ليذبح الشَّاة فيهدي فِي خلائلها مِنْهَا مَا يسعهن.
وَفِي حَدِيث حَفْص بن غياث عَن هِشَام:
وَكَانَ إِذا ذبح الشَّاة يَقُول: " أرْسلُوا بهَا إِلَى أصدقاء خَدِيجَة " قَالَت: فأغضبته يَوْمًا، فَقلت: خَدِيجَة. فَقَالَ: " إِنِّي رزقت حبها ".
وَأَخْرَجَا من حَدِيث عَليّ بن مسْهر عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة - ذكره البُخَارِيّ
تَعْلِيقا وَمُسلم بِالْإِسْنَادِ - أَنَّهُمَا قَالَا:
اسْتَأْذَنت هَالة بت خويلد أُخْت خَدِيجَة على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَعرف اسْتِئْذَان خَدِيجَة، فارتاع لذَلِك، فَقَالَ:" اللَّهُمَّ، هَالة بنت خويلد " فغرت، فَقلت: وَمَا تذكر من عجوزٍ من عَجَائِز قُرَيْش حَمْرَاء الشدقين، هَلَكت فِي الدَّهْر، قد أبدلك الله خيرا مِنْهَا.
وَلمُسلم من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
مَا غرت على امْرَأَة مَا غرت على خَدِيجَة، لِكَثْرَة ذكره إِيَّاهَا، وَمَا رَأَيْتهَا قطّ. وَقَالَت: لم يتَزَوَّج النَّبِي صلى الله عليه وسلم على خَدِيجَة حَتَّى مَاتَت.
3224 -
الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ: عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: أَن سَوْدَة بنت زَمعَة وهبت يَوْمهَا لعَائِشَة، فَكَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يقسم لعَائِشَة يَوْمهَا وَيَوْم سَوْدَة.
وَفِي حَدِيث جرير بن عبد الحميد عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَ:
مَا رَأَيْت امْرَأَة أحب إِلَيّ أَن أكون فِي مسلاخها من سَوْدَة بنت زَمعَة، من امْرَأَة فِيهَا حِدة. قَالَت: فَلَمَّا كَبرت جعلت يَوْمهَا من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لعَائِشَة. قَالَت: يَا رَسُول الله، جعلت يومي مِنْك لعَائِشَة. فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقسم لعَائِشَة يَوْمَيْنِ: يَوْمهَا وَيَوْم سَوْدَة.
زَاد فِي حَدِيث شريك عَن هِشَام: قلت:
وَكَانَت أول امْرَأَة تزَوجهَا من بعدِي.
3225 -
الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَ: كنت أَلعَب بالبنات عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ لي صَوَاحِب يلعبن معي وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا دخل يتقمعن مِنْهُ، فيسربهن إِلَيّ فيلعبن معي.
وَفِي حَدِيث جرير بن عبد الحميد:
وَكنت أَلعَب بالبنات فِي بَيته - وَهن اللّعب.
3226 -
الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ: عَن هِشَام عَن عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَ: كَانَت خَوْلَة بنت حَكِيم من اللائى وهبْنَ أَنْفسهنَّ للنَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَقَالَت عَائِشَة: أما تَسْتَحي الْمَرْأَة أَن تهب نَفسهَا للرجل فَلَمَّا نزلت: {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ} [الْأَحْزَاب] قلت: يَا رَسُول الله، مَا أرى رَبك إِلَّا يُسَارع فِي هَوَاك.
قَالَ البُخَارِيّ:
رَوَاهُ أَبُو سعيد الْمُؤَدب وَمُحَمّد بن بشر وَعَبدَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة، يزِيد بَعضهم على بعض.
وَفِي حَدِيث زَكَرِيَّا بن يحيى عَن أبي أُسَامَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت. .
كنت أغار على اللائي وهبْنَ أَنْفسهنَّ لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم. وَذكر نَحوه.
وَكَذَا فِي رِوَايَة أبي كريب عَن أبي أُسَامَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت. .
وَذكر نَحوه، وَفِيه: فَلَمَّا أنزل الله: {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ} [الْأَحْزَاب] قَالَت: قلت: وَالله مَا أرى رَبك إِلَّا يُسَارع فِي هَوَاك.
وَلمُسلم من حَدِيث عَبدة بِالْإِسْنَادِ الْمُتَّصِل إِلَى عَائِشَة نَحْو ذَلِك.
وَأَخْرَجَا جَمِيعًا من حَدِيث معَاذَة العدوية عَن عَائِشَة قَالَت:
إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يستأذننا إِذا كَانَ فِي يَوْم الْمَرْأَة منا بعد أَن نزلت هَذِه الْآيَة: (ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ
وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء وَمن ابْتَغَيْت مِمَّن عزلت فَلَا جنَاح عَلَيْك} [الْأَحْزَاب] فَقلت لَهَا: مَا كنت تَقُولِينَ؟ . قَالَت: كنت أَقُول لَهُ: إِن كَانَ ذَلِك إِلَيّ، فَإِنِّي لَا أُرِيد يَا رَسُول الله أَن أوثر عَلَيْك أحدا.
وَفِي حَدِيث عباد بن عباد: لم أوثر على نَفسِي أحدا.
3227 -
الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة فِي قَوْله عز وجل: {وَإِن امرأةٌ خَافت من بَعْلهَا نُشُوزًا أَو إعْرَاضًا} [النِّسَاء] قَالَت: هِيَ الْمَرْأَة تكون عِنْد الرجل لَا يستكثر مِنْهَا، فيريد طَلاقهَا ويتزوج غَيرهَا، تَقول لَهُ: أمسكني وَلَا تُطَلِّقنِي، ثمَّ تزوج غَيْرِي وَأَنت فِي حلٍّ من النَّفَقَة عَليّ وَالْقِسْمَة لي، فَذَلِك قَوْله {فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا أَن يصلحا بَينهمَا صلحا وَالصُّلْح خير} [النِّسَاء] .
وَفِي حَدِيث عبد الله بن الْمُبَارك نَحوه، وَفِي آخِره: فَنزلت هَذِه الْآيَة فِي ذَلِك.
وَفِي حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَت:
هُوَ الرجل يرى من امْرَأَته مَا لَا يُعجبهُ كبرا أَو غَيره، فيريد فراقها، فَتَقول: أمسكني واقسم لي مَا شِئْت. قَالَت: فَلَا بَأْس إِذا تَرَاضيا.
3228 -
الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: {وَمن كَانَ غَنِيا فليستعفف وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} [النِّسَاء] قَالَت: أنزلت فِي وَالِي الْيَتِيم أَن يُصِيب من مَاله إِذا كَانَ مُحْتَاجا بِقدر مَاله بِالْمَعْرُوفِ.
وَفِي حَدِيث عبد الله بن نمير:
أَنَّهَا نزلت فِي وَالِي الْيَتِيم إِذا كَانَ فَقِيرا، أَنه يَأْكُل مِنْهُ مَكَان قِيَامه عَلَيْهِ بِمَعْرُوف.
وَفِي رِوَايَة عُثْمَان بن فرقد قَالَ:
أنزلت فِي وَالِي الْيَتِيم الَّذِي يقوم عَلَيْهِ، وَيصْلح فِي مَاله إِن كَانَ فَقِيرا أكل مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ.
3229 -
السَّادِس وَالثَّمَانُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: {الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول من بعد مَا أَصَابَهُم الْقرح للَّذين أَحْسنُوا مِنْهُم وَاتَّقوا أجر عَظِيم} [آل عمرَان] قَالَت لعروة: يَا ابْن أخي، كَانَ أَبَوَاك مِنْهُم: الزبير وَأَبُو بكر، لما أصَاب نَبِي صلى الله عليه وسلم مَا أصَاب يَوْم أحد، فَانْصَرف عَنهُ الْمُشْركُونَ خَافَ أَن يرجِعوا، فَقَالَ:" من يذهب فِي إثرهم؟ " فَانْتدبَ مِنْهُم سَبْعُونَ رجلا كَانَ فيهم أَبُو بكر وَعمر. لفظ حَدِيث أبي مُعَاوِيَة عَن هِشَام، وَهُوَ أتم.
وَفِي رِوَايَة عبد الله بن نمير وَعَبدَة بن سُلَيْمَان عَن هِشَام عَن أَبِيه قَالَ:
قَالَت عَائِشَة: أَبَوَاك - وَالله - من الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول من بعد مَا أَصَابَهُم الْقرح.
زَاد فِي حَدِيث أبي أُسَامَة: تَعْنِي أَبَا بكر وَالزُّبَيْر.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبد الله بن الْبَهِي مولى الصعب بن الزبير عَن عُرْوَة قَالَ: قَالَت لي عَائِشَة:
كَانَ أَبَوَاك من الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول من بعد مَا أَصَابَهُم الْقرح.
3230 -
السَّابِع وَالثَّمَانُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة فِي قَوْله عز وجل: {إِذْ جاءتكم جنود فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا وجنودا لم تَرَوْهَا وَكَانَ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصيرًا} [الْأَحْزَاب] قَالَت: كَانَ ذَلِك يَوْم الخَنْدَق.
3231 -
الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ: فِي حَدِيث الْإِفْك: أَخْرجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة، أحدهم بِالْإِسْنَادِ، وَالْبُخَارِيّ تَعْلِيقا،
وَحَدِيثه أتم، قَالَ: وَقَالَ أَبُو أُسَامَة عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
لما ذكر من شأني الَّذِي ذكر وَمَا علمت بِهِ، قَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي خَطِيبًا، فَتشهد وَحمد الله وَأثْنى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهله ثمَّ قَالَ:
أما بعد، فأشيروا عَليّ فِي أنَاس أبنوا أَهلِي، وأيم الله، مَا علمت على أَهلِي من سوء قطّ، وأبنوهم بِمن - وَالله - مَا علمت عَلَيْهِ من سوء قطّ، وَلَا دخل بَيْتِي قطّ إِلَّا وَأَنا حَاضر، وَلَا غبت فِي سفر إِلَّا غَابَ معي ". فَقَامَ سعد بن معَاذ فَقَالَ: ائْذَنْ يَا رَسُول الله أَن نضرب أَعْنَاقهم.
وَقَامَ رجل من بني الْخَزْرَج - وَكَانَت أم حسان من رَهْط ذَلِك الرجل - فَقَالَ: كذبت، أما وَالله لَو كَانُوا من الْأَوْس مَا أَحْبَبْت أَن تضرب أَعْنَاقهم. حَتَّى كَاد يكون بَين الْأَوْس والخزرج شرٌّ فِي الْمَسْجِد - وَمَا علمت.
فَلَمَّا كَانَ مسَاء ذَلِك الْيَوْم خرجت لبَعض حَاجَتي وَمَعِي أم مسطح، فَعَثَرَتْ، وَقَالَت: تعس مسطحٌ، فَقلت لَهَا: أَي أم، تسبين ابْنك. ثمَّ عثرت الثَّانِيَة فَقَالَت: تعس مسطحٌ. فَقلت لَهَا: أَي أم، تسبين ابْنك، وسكتت، ثمَّ عثرت الثَّالِثَة فَقَالَت: تعس مسطح، فانتهرتها. فَقَالَت: وَالله مَا أسبه إِلَّا فِيك، فَقلت: فِي أَي شأني؟ فَذكرت لي الحَدِيث. فَقلت: وَقد كَانَ هَذَا؟ قَالَت: نعم وَالله. فَرَجَعت إِلَى بَيْتِي كَأَن الَّذِي خرجت لَهُ لَا أجد مِنْهُ قَلِيلا وَلَا كثيرا، ووعكت، وَقلت لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَرْسلنِي إِلَى بَيت أبي. فَأرْسل معي الْغُلَام، فَدخلت الدَّار، فَوجدت أم رُومَان فِي أَسْفَل وَأَبا بكر فَوق الْبَيْت يقْرَأ، فَقَالَت أُمِّي: مَا جَاءَ بك يَا بنية؟ فَأَخْبَرتهَا وَذكرت لَهَا الحَدِيث، فَإِذا هُوَ لم يبلغ مِنْهَا مثل مَا بلغ مني، فَقَالَت: أَي بنية خفضي عَلَيْك الشَّأْن، فَإِنَّهُ وَالله لقل مَا كَانَت امرأةٌ حسناء عِنْد رجل يُحِبهَا لَهَا ضرائر، إِلَّا حسدنها وَقيل فِيهَا. قلت: وَقد علم بِهِ أبي؟ قَالَت: نعم. قلت: وَرَسُول الله؟ قَالَت: نعم، وَرَسُول الله. فاستعبرت وبكيت، فَسمع أَبُو بكر صوتي وَهُوَ فَوق الْبَيْت يقْرَأ، فَنزل، فَقَالَ لأمي: مَا شَأْنهَا؟ فَقلت: بلغَهَا الَّذِي ذكر فِي شَأْنهَا، فَفَاضَتْ عَيناهُ وَقَالَ: أَقْسَمت عَلَيْك يَا بنية إِلَّا رجعت إِلَى بَيْتك. فَرَجَعت
وَلَقَد جَاءَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَيْتِي فَسَأَلَ عني خادمي، فَقَالَت:
لَا وَالله، مَا علمت عَلَيْهَا عَيْبا، إِلَّا أَنه كَانَت ترقد حَتَّى تدخل الشَّاة فتأكل خبزها أَو عَجِينهَا - فِي حَدِيث مُسلم: فتأكل عَجِينهَا، أَو قَالَت: خميرها - شكّ هِشَام. وانتهرها بعض أَصْحَابه فَقَالَ: اصدقي رَسُول الله، حَتَّى أسقطوا لَهَا بِهِ. فَقَالَت: سُبْحَانَ الله، وَالله مَا علمت عَلَيْهَا إِلَّا كَمَا يعلم الصَّائِغ على تبر الذَّهَب الْأَحْمَر. وَبلغ الْأَمر ذَلِك الرجل الَّذِي قيل لَهُ، فَقَالَ: سُبْحَانَ الله، وَالله مَا كشفت كنف أُنْثَى قطّ.
قَالَت عَائِشَة: فَقتل شَهِيدا فِي سَبِيل الله.
قَالَت: وَأصْبح أبواي عِنْدِي، فَلم يَزَالَا حَتَّى دخل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقد صلى الْعَصْر، ثمَّ دخل وَقد اكتنفني أبواي عَن يَمِيني وَعَن شمَالي، فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ:" أما بعد يَا عَائِشَة، إِن كنت قارفت سوءا أَو ظلمت فتوبي إِلَى الله، فَإِن الله يقبل التَّوْبَة عَن عباده ". قَالَت: وَقد جَاءَت امْرَأَة من الْأَنْصَار، فَهِيَ جالسةٌ بِالْبَابِ فَقلت: أَلا تَسْتَحي من هَذِه الْمَرْأَة أَن تذكر شَيْئا؟ فوعظ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَالْتَفت إِلَى أبي فَقلت: أجبه. قَالَ: فَمَاذَا أَقُول؟ فَالْتَفت إِلَى أُمِّي فَقلت: أجيبيه. فَقَالَت: أَقُول مَاذَا؟ فَلَمَّا لم يجيباه تشهدت، فحمدت الله وأثنيت عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهله، ثمَّ قلت: أما بعد، فوَاللَّه لَئِن قلت لكم: إِنِّي لم أفعل - وَالله يعلم إِنِّي لصادقة - مَا ذَاك بنافعي عنْدكُمْ، لقد تكلمتم بِهِ وأشربته قُلُوبكُمْ، وَإِن قلت إِنِّي قد فعلت - وَالله يعلم أَنِّي لم افْعَل لتقولن: قد باءت بِهِ على نَفسهَا، وَإِنِّي وَالله مَا أجد لي وَلكم مثلا - والتمست اسْم يَعْقُوب فَلم أقدر عَلَيْهِ - إِلَّا أَبَا يُوسُف حِين قَالَ:{فَصَبر جميل وَالله الْمُسْتَعَان على مَا تصفون} [يُوسُف] .
وَأنزل على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من سَاعَته، فسكتنا، فَرفع عَنهُ وَإِنِّي لأتبين السرُور فِي وَجهه وَهُوَ يمسح جَبينه، وَيَقُول:" أَبْشِرِي يَا عَائِشَة، فقد أنزل الله براءتك " قَالَت: وَكنت أَشد مَا كنت غَضبا، فَقَالَ لي أبواي: قومِي إِلَيْهِ، فَقلت: لَا وَالله، لَا أقوم
إِلَيْهِ، وَلَا أَحْمَده وَلَا أحمدكما، وَلَكِن أَحْمد الله الَّذِي أنزل براءتي، لقد سمعتموه فَمَا أنكرتموه وَلَا غيرتموه.
وَكَانَت عَائِشَة تَقول:
أما زَيْنَب بنت جحش فعصمها الله بدينها، فَلم تقل إِلَّا خيرا. وَأما أُخْتهَا حمْنَة فَهَلَكت فِيمَن هلك، وَكَانَ الَّذِي يتَكَلَّم بِهِ مسطحٌ وَحسان بن ثَابت وَالْمُنَافِق عبد الله بن أبي، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يستوشيه ويجمعه، وَهُوَ الَّذِي تولى كبره مِنْهُم هُوَ وَحمْنَة. قَالَت: فَحلف أَبُو بكر أَلا ينفع مسطحًا بنافعةٍ أبدا، فَأنْزل الله عز وجل:{وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم وَالسعَة} [النُّور] إِلَى آخر الْآيَة، يَعْنِي أَبَا بكر:{أَن يؤتوا أولي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِين} [النُّور] يَعْنِي مسطحًا، إِلَى قَوْله:{أَلا تحبون أَن يغْفر الله لكم وَالله غَفُور رَحِيم} [النُّور] فَقَالَ أَبُو بكر: بلَى وَالله يَا رَبنَا، إِنَّا نحب أَن تغْفر لنا، وَعَاد لَهُ بِمَا كَانَ يصنع.
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن حَرْب طرف مِنْهُ:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خطب النَّاس، فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، فَقَالَ:" مَا تشيرون عَليّ فِي قومٍ يسبون أَهلِي، مَا علمت عَلَيْهِم من سوء قطّ ".
وَعَن عُرْوَة:
أَن عَائِشَة لما أخْبرت بِالْأَمر قَالَت: يَا رَسُول الله، أتأذن لي أَن أَنطلق إِلَى أَهلِي؟ فَأذن لَهَا، وَأرْسل مَعهَا الْغُلَام. وَقَالَ رجل من الْأَنْصَار: سُبْحَانَكَ مَا يكون لنا أَن نتكلم بِهَذَا، سُبْحَانَكَ هَذَا بهتانٌ عَظِيم. لم يزدْ.
وَأَخْرَجَاهُ جَمِيعًا بِالْإِسْنَادِ بأطول من هَذَا وأوضح، من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بن الزبير وَسَعِيد بن الْمسيب وعلقمة بن وَقاص اللَّيْثِيّ وَعبيد الله بن عبد الله ابْن عتبَة بن مَسْعُود، عَن حَدِيث عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم حِين قَالَ لَهَا أهل الْإِفْك مَا قَالُوا فبرأها الله مِمَّا قَالُوا. قَالَ الزُّهْرِيّ: وَكلهمْ حَدثنِي طَائِفَة من حَدِيثهَا وَبَعْضهمْ كَانَ أوعى لَهُ من بعض وأثبتهم لَهُ اقتصاصاً، وَقد وعيت عَن كل وَاحِد مِنْهُم الحَدِيث الَّذِي حَدثنِي عَن عَائِشَة وَبَعض حَدِيثهمْ يصدق بَعْضًا. قَالُوا: قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا أَرَادَ أَن يخرج سفرا أَقرع بَين أَزوَاجه، فأيتهن خرج سهمها خرج بهَا مَعَه. قَالَت: فأقرع بَيْننَا فِي غزاةٍ غَزَاهَا فَخرج سهمي فِيهَا، فَخرجت مَعَه بَعْدَمَا أنزل الْحجاب، فَأَنا أحمل فِي هودجي وَأنزل فِيهِ، فسرنا حَتَّى إِذا فرغ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته تِلْكَ وقفل، ودنونا من الْمَدِينَة، آذن لَيْلَة بالرحيل، فَقُمْت حِين آذنوا بالرحيل، فمشيت حَتَّى جَاوَزت الْجَيْش، فَلَمَّا قضيت من شأني أَقبلت إِلَى الرحيل، فلمست صَدْرِي فَإِذا عقدٌ لي من جزع أظفار قد انْقَطع، فَرَجَعت فَالْتمست عقدي، فحبسني ابتغاؤه، وَأَقْبل الرَّهْط الَّذين كَانُوا يرحلون لي، فاحتملوا هودجي فرحلوه على بَعِيري الَّذِي كنت أركب وهم يحسبون أَنِّي فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاء إِذْ ذَاك خفافاً لم يثقلن، وَمِنْهُم من قَالَ: لم يهبلن وَلم يغشهن اللَّحْم، وَإِنَّمَا يأكلن الْعلقَة من الطَّعَام، فَلم يستنكر الْقَوْم حِين رَفَعُوهُ ثقل الهودج. وَمِنْهُم من قَالَ: خفَّة الهودج، فاحتملوه، وَكنت جَارِيَة حَدِيثَة السن، فبعثوا الْجمل وَسَارُوا، فَوجدت عقدي بَعْدَمَا اسْتمرّ الْجَيْش، فَجئْت منزلهم وَلَيْسَ فِيهِ أحد، وَمِنْهُم من قَالَ: فَجئْت مَنَازِلهمْ وَلَيْسَ بهَا مِنْهُم داعٍ وَلَا مُجيب، فَتَيَمَّمت منزلي الَّذِي كنت فِيهِ وظننت أَنهم سيفقدونني فيرجعون إِلَيّ.
فَبينا أَنا جالسة غلبتني عيناني فَنمت، وَكَانَ صَفْوَان بن الْمُعَطل السّلمِيّ ثمَّ الذكواني قد عرس من وَرَاء الْجَيْش فادلج، فَأصْبح عِنْد منزلي، فَرَأى سَواد إِنْسَان نَائِم، فَأَتَانِي فعرفني حِين رَآنِي، وَكَانَ يراني قبل الْحجاب، فَاسْتَيْقَظت باسترجاعه حِين عرفني، فخمرت وَجْهي بجلبابي، وَوَاللَّه مَا يكلمني بِكَلِمَة، وَلَا سَمِعت مِنْهُ كلمة غير استرجاعه، وَهوى حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَته، فوطئ على يَديهَا فركبتها، فَانْطَلق يَقُود بِي الرَّاحِلَة حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْش بعد مَا نزلُوا معرسين - وَفِي رِوَايَة صَالح بن كيسَان وَغَيره: موغرين فِي نحر الظهيرة. قَالَ عبد بن حميد: قلت لعبد الرَّزَّاق: مَا قَوْله موغرين؟ قَالَ: الوغرة شدَّة الْحر.
قَالَت: فَهَلَك من هلك فِي شأني، وَكَانَ الَّذِي تولى كبر الْإِفْك عبد الله بن أبي ابْن سلول، فقدمنا الْمَدِينَة، فاشتكيت بهَا شهرا، وَالنَّاس يفيضون فِي قَول أَصْحَاب الْإِفْك لَا أشعر، وَهُوَ يريبني فِي وجعي أَنِّي لَا أرى من النَّبِي صلى الله عليه وسلم اللطف الَّذِي كنت أرى مِنْهُ حِين أشتكي، إِنَّمَا يدْخل فَيسلم، ثمَّ يَقُول:" كَيفَ تيكم "؟ ثمَّ ينْصَرف، وَلَا أشعر بِالشَّرِّ حَتَّى نقهت، فَخرجت أَنا وَأم مسطح قبل المناصع، وَهِي متبرزنا، وَكُنَّا لَا نخرج إِلَّا لَيْلًا إِلَى ليل، ذَلِك قبل أَن نتَّخذ الكنف قَرِيبا من بُيُوتنَا، وأمرنا أَمر الْعَرَب الأول من التبرز قبل الْغَائِط، وَكُنَّا نتأذى بالكنف أَن نتخذها عِنْد بُيُوتنَا. فَأَقْبَلت أَنا وَأم مسطح وَهِي ابْنة أبي وهب بن الْمطلب بن عبد منَاف، وَأمّهَا بنت صَخْر بن عَامر خَالَة أبي بكر الصّديق، وَابْنهَا مسطح بن أَثَاثَة ابْن عباد بن الْمطلب - حِين فَرغْنَا من شَأْننَا نمشي، فَعَثَرَتْ أم مسطح فِي مرْطهَا، فَقَالَت: تعس مسطحٌ، فَقلت لَهَا: بئس مَا قلت، أتسبين رجلا شهد بَدْرًا؟ فَقَالَت: يَا هنتاه، ألم تسمعي مَا قَالَ؟ قلت: وَمَا قَالَ؟ فأخبرتني بقول أهل الْإِفْك، فازددت مَرضا على مرضِي. فَلَمَّا رجعت إِلَى بَيْتِي دخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَسلم وَقَالَ:" كَيفَ تيكم؟ " قلت ائْذَنْ لي إِلَى أَبَوي. قَالَت: وَأَنا حِينَئِذٍ أُرِيد أَن أستيقن الْخَبَر من قبلهمَا. فَأذن لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَأتيت أَبَوي فَقلت لأمي: يَا أمتاه، مَاذَا يتحدث النَّاس بِهِ؟ فَقَالَت: يَا بنية، هوني على نَفسك الشَّأْن، فوَاللَّه لقل مَا كَانَت امرأةٌ قطّ وضيئةً عِنْد رجل يُحِبهَا وَلها ضرائر إِلَّا أكثرن عَلَيْهَا. فَقَالَت: سُبْحَانَ الله، وَلَقَد تحدث النَّاس بِهَذَا! قَالَت: فَبَكَيْت تِلْكَ اللَّيْل حى أَصبَحت لَا يرقأ لي دمعٌ وَلَا أكتحل بنومٍ، ثمَّ أَصبَحت أبْكِي، فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَليّ بن أبي طَالب وَأُسَامَة بن زيد حِين استلبث الْوَحْي، يستسشيرهما فِي فِرَاق أَهله. قَالَت: فَأَما أُسَامَة فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِمَا يعلم من بَرَاءَة أَهله، وَبِالَّذِي يعلم فِي نَفسه من الود لَهُم، فَقَالَ أُسَامَة: هم أهلك يَا رَسُول الله، وَلَا نعلم وَالله إِلَّا خيرا. وَأما عَليّ ابْن أبي طَالب فَقَالَ: يَا رَسُول الله، لم يضيق الله عَلَيْك، وَالنِّسَاء سواهَا كثير، وسل الْجَارِيَة تصدقك. قَالَت: فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَرِيرَة، فَقَالَ: " أَي بَرِيرَة، هَل
رَأَيْت فِيهَا شَيْئا يريبك؟ " قَالَت لَهُ بَرِيرَة: لَا وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ، إِن رَأَيْت مِنْهَا أمرا أغمصه عَلَيْهَا أَكثر من جاريةٌ حَدِيثَة السن، تنام عَن عجين أَهلهَا، فتأتي الدَّاجِن فتأكله، قَالَت: فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من يَوْمه، فاستعذر من عبد الله ابْن أبي بن سلول، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ على الْمِنْبَر: " من يعذرني من رجل بَلغنِي أَذَاهُ فِي أَهلِي ". وَمن الروَاة من قَالَ: " فِي أهل بَيْتِي. فوَاللَّه مَا علمت على أهل بَيْتِي إِلَّا خيرا. وَلَقَد ذكرُوا رجلا مَا علمت عَلَيْهِ إِلَّا خيرا، وَمَا كَانَ يدْخل على أَهلِي إِلَّا معي " قَالَت: فَقَامَ سعد بن معَاذ أحد بني الْأَشْهَل فَقَالَ: أعذرك مِنْهُ، إِن كَانَ من الْأَوْس ضربنا عُنُقه، وَإِن كَانَ من إِخْوَاننَا من الْخَزْرَج أمرتنا فَفَعَلْنَا فِيهِ أَمرك. فَقَامَ سعد بن عبَادَة وَهُوَ سيد الْخَزْرَج - وَكَانَت أم حسان بنت عَمه من فَخذه، وَكَانَ رجلا صَالحا، وَلَكِن احتملته الحمية - وَمن الروَاة من قَالَ اجتهلته الحمية، فَقَالَ لسعد بن معَاذ: كذبت، لعمر الله لَا تقتله وَلَا تقدر على ذَلِك، فَقَامَ أسيد بن حضير - وَهُوَ ابْن عَم سعد - يَعْنِي ابْن معَاذ، فَقَالَ لسعد بن عبَادَة: كذبت، لعمر الله لنقتلنه، فَإنَّك مُنَافِق تجَادل عَن الْمُنَافِقين. فتثاور الْحَيَّانِ: الْأَوْس والخزرج، حَتَّى هموا أَن يقتتلوا وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم قائمٌ على الْمِنْبَر، فَلم يزل رَسُول الله يخفضهم حَتَّى سكتوا وَسكت.
قَالَت: وبكيت يومي ذَلِك لَا يرقأ لي دمع، وَلَا أكتحل بنوم، ثمَّ بَكَيْت لَيْلَتي الْمُقبلَة لَا يرقأ لي دمع، وَلَا أكتحل بنوم، فَأصْبح عِنْدِي أبواي، قد بَكَيْت لَيْلَتي وَيَوْما، حَتَّى أَظن أَن الْبكاء فالق كَبِدِي. وَمن الروَاة من قَالَ: وأبواي يظنان أَن الْبكاء فالق كَبِدِي، قَالَت: فَبَيْنَمَا هما جالسان عِنْدِي وَأَنا أبْكِي إِذْ اسْتَأْذَنت امرأةٌ من الْأَنْصَار، فَأَذنت لَهَا، فَجَلَست تبْكي معي. فَبينا نَحن كَذَلِك، إِذْ دخل علينا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَسلم ثمَّ جلس، قَالَت: وَلم يجلس عِنْدِي من يَوْم قيل لي مَا قيل
قبلهَا، وَقد مكث شهرا لَا يُوحى إِلَيْهِ فِي شأني بِشَيْء. قَالَت:
فَتشهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين جلس، ثمَّ قَالَ:" أما بعد يَا عَائِشَة، فَإِنَّهُ بَلغنِي عَنْك كَذَا وَكَذَا، فَإِن كنت بريئةً فسيبرئك الله، وَإِن كنت أَلممْت بذنبٍ فاستغفري الله وتوبي إِلَيْهِ، فَإِن العَبْد إِذا اعْترف بِذَنبِهِ ثمَّ تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ ". فَلَمَّا قضى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مقَالَته قلص دمعي حَتَّى مَا أحس مِنْهُ قَطْرَة، وَقلت لأبي: أجب عني رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِيمَا قَالَ.
قَالَ: وَالله مَا أَدْرِي مَا أَقُول لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم. فَقلت لأمي: أجيبي عني رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِيمَا قَالَ. قَالَت: وَالله مَا أَدْرِي مَا أَقُول لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم. قَالَت: وَأَنا جاريةٌ صغيرةٌ لَا أَقرَأ كثيرا من الْقُرْآن، فَقلت: إِنِّي وَالله لقد علمت أَنكُمْ سَمِعْتُمْ مَا تحدث بِهِ النَّاس حَتَّى اسْتَقر فِي أَنفسكُم وصدقتم بِهِ، فلئن قلت لكم: إِنِّي بريئة - وَالله يعلم إِنِّي لبريئة - لَا تصدقونني بذلك، وَلَئِن اعْترفت لكم بِأَمْر - وَالله يعلم أَنِّي مِنْهُ بريئة - لتصدقنني، فوَاللَّه مَا أجد لي وَلكم مثلا إِلَّا أَبَا يُوسُف، قَالَ:{فَصَبر جميل وَالله الْمُسْتَعَان على مَا تصفون} .
ثمَّ تحولت فاضطجعت على فِرَاشِي، وَأَنا وَالله حينئذٍ أعلم أَنِّي بريئة، وَأَن الله مبرئي ببراءتي، وَلَكِن - وَالله مَا كنت أَظن أَن ينزل فِي شأني وَحيا يُتْلَى، ولشأني فِي نَفسِي كَانَ أَحْقَر من أَن يتَكَلَّم الله فِي بِأَمْر يُتْلَى. وَمن الروَاة من قَالَ: ولأنا أَحْقَر فِي نَفسِي من أَن يتَكَلَّم الله بِالْقُرْآنِ فِي أَمْرِي، وَلَكِن كنت أَرْجُو أَن يرى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي النّوم رُؤْيا يبرئني الله بهَا. فوَاللَّه مَا رام مَجْلِسه وَلَا خرج أحد من أهل الْبَيْت حَتَّى أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم، فَأَخذه مَا كَانَ يَأْخُذهُ من البرحاء، حَتَّى إِنَّه ليتحدر مِنْهُ مثل الجمان من الْعرق فِي يَوْم شاتٍ من ثقل القَوْل الَّذِي أنزل عَلَيْهِ. قَالَت: فَسرِّي عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يضْحك، فَكَانَ أول كلمة تكلم بهَا أَن قَالَ لي:" يَا عَائِشَة، احمدي الله " وَمن الروَاة من قَالَ: " أَبْشِرِي يَا عَائِشَة، أما الله فقد براك ". فَقَالَت أُمِّي: قومِي إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. فَقلت: لَا وَالله، لَا
أقوم إِلَيْهِ، وَلَا أَحْمد إِلَّا الله، هُوَ الَّذِي أنزل براءتي. فَأنْزل الله:{إِن الَّذين جَاءُوا بالإفك عصبةٌ مِنْكُم} الْعشْر آيَات [النُّور] فَلَمَّا أنزل الله هَذَا فِي براءتي قَالَ أَبُو بكر الصّديق - وَكَانَ ينْفق على مسطح بن أَثَاثَة لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقره: وَالله لَا أنْفق على مسطح شَيْئا أبدا بعد مَا قَالَ لعَائِشَة: فَأنْزل الله: {وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم وَالسعَة} إِلَى قَوْله: {غَفُور رَحِيم} [النُّور] فَقَالَ أَبُو بكر الصّديق: بلَى وَالله، إِنِّي لأحب أَن يغْفر الله لي. فَرجع إِلَى مسطح الَّذِي كَانَ يجْرِي عَلَيْهِ، وَقَالَ: وَالله لَا أَنْزعهَا مِنْهُ أبدا.
قَالَت عَائِشَة:
وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سَأَلَ زَيْنَب بنت جحش عَن أَمْرِي، فَقَالَ:" يَا زَيْنَب، مَا علمت؟ مَا رَأَيْت؟ " فَقَالَت: يَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، أحمي سَمْعِي وبصري، وَالله مَا علمت عَلَيْهَا إِلَّا خيرا.
قَالَت عَائِشَة:
وَهِي الَّتِي كَانَت تساميني من أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فعصمها الله بالورع. قَالَ: وطفقت أُخْتهَا حمْنَة تحارب لَهَا، فَهَلَكت فِيمَن هلك من أَصْحَاب الْإِفْك.
قَالَ ابْن شهَاب: فَهَذَا الَّذِي بَلغنِي من حَدِيث هَؤُلَاءِ الرَّهْط.
وَمن الروَاة من زَاد ك
قَالَت عَائِشَة: وَالله، إِن الرجل الَّذِي قيل لَهُ مَا قيل ليقول: سُبْحَانَ الله، فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ، مَا كشفت من كنف أُنْثَى. قَالَت: ثمَّ قتل بعد ذَلِك فِي سَبِيل الله.
وَأخرج البُخَارِيّ فِي عقب حَدِيث فليح عَن الزُّهْرِيّ بِطُولِهِ من حَدِيث فليح بن سُلَيْمَان عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة وَعبد الله ابْن الزبير مثله. وَمن حَدِيث فليح عَن ربيعَة وَيحيى بن سعيد عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد مثله. هَكَذَا فِي
كتاب البُخَارِيّ فِي " الشَّهَادَات ". وَلم يذكر هَذَا أَبُو مَسْعُود فِيمَا عندنَا من كِتَابه، وَلَا نبه عَلَيْهِ.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا مُخْتَصرا من حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ وَفِيه
من يعذرنا من رجلٍ بَلغنِي أَذَاهُ فِي أهل بَيْتِي ".
وللبخاري من حَدِيث عبيد الله بن أبي مليكَة:
أَن عَائِشَة كَانَت تقْرَأ: {إِذا تلقونه بألسنتكم} وَتقول: الولق: الْكَذِب. قَالَ ابْن أبي مليكَة: وَكَانَت أعلم بذلك من غَيرهَا، لِأَنَّهُ نزل فِيهَا.
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ النُّعْمَان بن رَاشد عَن الزُّهْرِيّ:
كَانَ حَدِيث الْإِفْك فِي غَزْوَة الْمُريْسِيع، ذكره البُخَارِيّ فِي غَزْوَة بني المصطلق من خُزَاعَة، قَالَ: وَهِي غَزْوَة الْمُريْسِيع. قَالَ ابْن إِسْحَق: وَذَلِكَ سنة سِتّ. وَقَالَ مُوسَى بن عقبَة: سنة أَربع، إِلَى هُنَا مَا حَكَاهُ البُخَارِيّ.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ:
قَالَ لي الْوَلِيد بن عبد الْملك: أبلغك أَن عليا كَانَ فِيمَن قذف عَائِشَة؟ قَالَ: لَا، وَلَكِن أَخْبرنِي رجلَانِ من قَوْمك: أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، وَأَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام أَن عَائِشَة قَالَت لَهما: كَانَ عليٌّ مُسلما فِي شَأْنهَا.
وَأخرجه أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي كِتَابه الْمخْرج على الصَّحِيح على وَجه آخر من حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ وَفِيه:
كنت عِنْد الْوَلِيد بن عبد الْملك فَقَالَ: الَّذِي تولى كبره مِنْهُم هُوَ عَليّ بن أبي طَالب. فَقلت: لَا، حَدثنِي سعيد بن الْمسيب وَعُرْوَة وعلقمة وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة، كلهم سمع عَائِشَة: الَّذِي تولى كبره عبد الله بن أبي.
وَأخرج البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة:
وَالَّذِي تولى كبره مِنْهُم عبد الله بن أبي. زَاد فِي حَدِيث صَالح بن كيسَان قَالَ: أخْبرت أَنه كَانَ يشاع ويتحدث بِهِ عِنْده، فيقره ويشيعه ويستوشيه. قَالَ عُرْوَة: لم يسم من أهل الْإِفْك أَيْضا إِلَّا حسان بن ثَابت، ومسطح بن أَثَاثَة، وَحمْنَة بنت جحش، فِي نَاس آخَرين لَا علم لي بهم، غير أَنهم عصبةٌ كَمَا قَالَ الله عز وجل. قَالَ عُرْوَة: وَكَانَت عَائِشَة تكره أَن يسب عِنْدهَا حسان، وَتقول: إِنَّه الَّذِي قَالَ:
(فَإِن أبي ووالده وعرضي
…
لعرض محمدٍ مِنْكُم وقاء) .
وَأَخْرَجَا من حَدِيث مَسْرُوق بن الأجدع قَالَ:
دخلت على عَائِشَة وَعِنْدهَا حسان ينشدها شعرًا يشبب من أَبْيَات، فَقَالَ:
(حصانٌ رزانٌ مَا تزن بريبةٍ
…
وتصبح غرثى من لُحُوم الغوافل)
فَقَالَت لَهُ عَائِشَة: وَلَكِنَّك لست كَذَلِك.
قَالَ مَسْرُوق: فَقلت لَهَا: أَتَأْذَنِينَ لَهُ أَن يدْخل عَلَيْك وَقد قَالَ الله تَعَالَى: {وَالَّذِي تولى كبره مِنْهُم لَهُ عَذَاب عَظِيم} [النُّور] قَالَت: وَأي عَذَاب أَشد من الْعَمى. وَقَالَت: إِنَّه كَانَ ينافح، أَو يهاجي عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
3232 -
التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَت قُرَيْش وَمن دَان دينهَا يقفون بِالْمُزْدَلِفَةِ، فَكَانُوا يسمون الحمس، وَكَانَ سَائِر الْعَرَب يقفون بِعَرَفَة، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام أَمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أَن يَأْتِي عَرَفَات فيقف بهَا ثمَّ يفِيض مِنْهَا، فَذَلِك قَول الله عز وجل:{ثمَّ أفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس} [الْبَقَرَة] .
وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة عَن هِشَام عَن أَبِيه قَالَ كَانَت الْعَرَب تَطوف بِالْبَيْتِ عُرَاة
إِلَّا الحمس، والحمس قريشٌ وَمَا ولدت، وَكَانُوا يطوفون عُرَاة إِلَّا أَن يعطيهم الحمس ثيابًا، فتغطي الرِّجَال الرِّجَال، وَالنِّسَاء النِّسَاء. وَكَانَت الحمس لَا يخرجُون من الْمزْدَلِفَة، وَكَانَ النَّاس كلهم يبلغون عَرَفَات قَالَ هِشَام: فَحَدثني أبي عَن عَائِشَة قَالَت: الحمس: هم الَّذين أنزل الله فيهم: {ثمَّ أفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس} [الْبَقَرَة] قَالَت: كَانَ النَّاس يفيضون من عَرَفَات وَكَانَ الحمس يفيضون من الْمزْدَلِفَة، وَيَقُولُونَ: إِلَّا من الْحرم. فَلَمَّا نزلت: {أفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس} [الْبَقَرَة] رجعُوا إِلَى عَرَفَات. وَهَذَا لفظ حَدِيث مُسلم.
3233 -
التِّسْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: نزُول الأبطح لَيْسَ بِسنة، إِنَّمَا نزله رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهُ كَانَ أسمح لِخُرُوجِهِ إِذا خرج.
وَلمُسلم من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سَالم:
أَن أَبَا بكر وَعمر وَابْن عمر كَانُوا ينزلون الأبطح. وَقَالَ الزُّهْرِيّ: وأخبرتني عَائِشَة أَنَّهَا لم تكن تفعل ذَلِك. وَقَالَت: إِنَّمَا نزله رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهُ كَانَ منزلا أسمح لِخُرُوجِهِ.
3234 -
الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَ: دخل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير فَقَالَ لَهَا: " لَعَلَّك أردْت الْحَج؟ " قَالَت: وَالله مَا أجدني إِلَّا وجعةً. فَقَالَ لَهَا: " حجي واشترطي، وَقَوْلِي: اللَّهُمَّ محلي حَيْثُ حبستني " وَكَانَت تَحت الْمِقْدَاد بن الْأسود.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
دخل النَّبِي صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير بن عبد الْمطلب فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِنِّي أُرِيد الْحَج وَأَنا شاكية، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:" حجي واشترطي أَن محلي حَيْثُ حبستني ".
3235 -
الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: لم تقطع يَد سَارِق على عهد النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي أدنى من ثمن الْمِجَن: ترس أَو حجفة،
وَكَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا ذَا ثمن. قَالَ البُخَارِيّ: رَوَاهُ وَكِيع وَابْن إِدْرِيس عَن هِشَام عَن أَبِيه مُرْسلا.
وَفِي حَدِيث عَبدة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
يَد السَّارِق لم تقطع على عهد النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَّا فِي ثمن مجن: حجفة أَو ترس.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عمْرَة عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ:
لَا تقطع يَد السَّارِق إِلَّا فِي ربع دينارٍ ".
وَفِي حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن عمر عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله يقطع السَّارِق فِي ربع دِينَار فَصَاعِدا.
وَفِي حَدِيث الْوَلِيد بن شُجَاع:
لَا تقطع يَد السَّارِق إِلَّا فِي ربع دِينَار فَصَاعِدا.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أبي الرِّجَال مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن أمه عمْرَة عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " تقطع فِي ربع دِينَار ".
وَأخرجه مُسلم من رِوَايَة سُلَيْمَان بن يسَار عَن عمْرَة عَن عَائِشَة عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:
لَا تقطع الْيَد إِلَّا فِي ربع دِينَار فَمَا فَوْقه ".
وَمن حَدِيث أبي بكر بن مُحَمَّد بن عُرْوَة بن حزم عَن عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَ:
لَا تقطع يَد سارقٍ إِلَّا فِي ربع دِينَار فَصَاعِدا ".
3236 -
الثَّالِث وَالتِّسْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: أول مَوْلُود فِي الْإِسْلَام عبد الله بن الزبير، أَتَوا بِهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَأخذ النَّبِي صلى الله عليه وسلم تَمْرَة
فلاكها ثمَّ أدخلها فِي فِيهِ. فَأول مَا دخل بَطْنه ريق النَّبِي صلى الله عليه وسلم.
وَلَيْسَ لمُسلم فِي حَدِيثه بِهَذَا الْإِسْنَاد: أول مَوْلُود عبد الله.
وَفِي حَدِيث أبي خَالِد الْأَحْمَر عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
جِئْنَا بِعَبْد الله ابْن الزبير إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم يحنكه، فطلبنا تَمْرَة فعز علينا طلبَهَا لم يزدْ.
وَفِي حَدِيث شُعَيْب بن إِسْحَق عَن هِشَام بن عُرْوَة وَفَاطِمَة بنت الْمُنْذر بن الزبير قَالَا:
خرجت أَسمَاء بنت أبي بكر حِين هَاجَرت وَهِي حُبْلَى بِعَبْد الله بن الزبير، فَقدمت قبَاء فنفست بِعَبْد الله بقباء، ثمَّ خرجت حِين نفست إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ليحنكه، فَأَخذه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مِنْهَا فَوَضعه فِي حجره. قَالَ: قَالَت عَائِشَة: فَمَكثْنَا سَاعَة نلتمسها - تَعْنِي تَمْرَة - قبل أَن نجدها، فمضغها ثمَّ بصقها فِي فِيهِ، فَإِن أول شيءٍ دخل بَطْنه لريق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. قَالَت أَسمَاء: ثمَّ مَسحه وَصلى عَلَيْهِ، وَسَماهُ عبد الله، ثمَّ جَاءَ وَهُوَ ابْن سبع سِنِين أَو ثَمَان سِنِين ليبايع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَأمره بذلك الزبير فَتَبَسَّمَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين رَآهُ مُقبلا إِلَيْهِ، ثمَّ بَايعه.
3237 -
الرَّابِع وَالتِّسْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم دخل عَام الْفَتْح من كداء الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّة.
وَفِي حَدِيث أبي مُوسَى مُحَمَّد بن الْمثنى وَمُحَمّد بن أبي عمر عَن ابْن عُيَيْنَة:
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لما جَاءَ إِلَى مَكَّة دَخلهَا من أَعْلَاهَا وَخرج من أَسْفَلهَا.
وَفِي رِوَايَة أبي كريب عَن أبي أُسَامَة قَالَ هِشَام:
فَكَانَ أبي يدخلهَا مِنْهُمَا كليهمَا، وَكَانَ أَكثر مَا يدْخل من كداء.
وَمِنْهُم من أرْسلهُ فَقَالَ:
عَن هِشَام عَن أَبِيه: دخل النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَام الْفَتْح من أَعلَى مَكَّة، من كداء.
3238 -
الْخَامِس وَالتِّسْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ فرَاش رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أدمٍ وحشوه لِيف.
وَمن حَدِيث عَبدة بن سُلَيْمَان:
كَانَ وساد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الَّذِي يتكيء عَلَيْهِ من أدمٍ وحشوه لِيف.
وَفِي حَدِيث عَليّ بن مسْهر:
الَّذِي ينَام عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَة وَعبد الله بن نمير: ضجاع النَّبِي صلى الله عليه وسلم.
3239 -
السَّادِس وَالتِّسْعُونَ: عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم " لَا يَقُولَن أحدكُم: خبثت نَفسِي، وَلَكِن ليقل: لقست نَفسِي ".
3240 -
السَّابِع وَالتِّسْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: توفّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَمَا فِي بَيْتِي شيءٌ يَأْكُلهُ ذُو كبد، إِلَّا شطر شعير فِي رفٍّ لي، فَأكلت مِنْهُ حَتَّى طَال عَليّ، فكلته ففني.
3241 -
الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: قدم نَاس من الْأَعْرَاب على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: أتقبلون صِبْيَانكُمْ؟ فَقَالُوا: نعم.
قَالُوا: لَكنا وَالله مَا تقبل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " أَو أملك إِن كَانَ الله نزع مِنْكُم الرَّحْمَة؟ ".
3242 -
التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رجالٌ من الْأَعْرَاب جُفَاة يأْتونَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فيسألونه: مَتى السَّاعَة؟ فَكَانَ ينظر إِلَى أَصْغَرهم فَيَقُول " إِن يَعش هَذَا لَا يُدْرِكهُ الْهَرم حَتَّى تقوم عَلَيْكُم سَاعَتكُمْ. " قَالَ هِشَام: يَعْنِي مَوْتهمْ.
3243 -
الْمِائَة: عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " إِنِّي لأعْلم إِذا كنت عني راضيةً وَإِذا كنت عَليّ غاضبةً " قَالَت: فَقلت: وَمن أَيْن تعرف ذَلِك؟ قَالَ " أما إِذا كنت عني راضية فَإنَّك تَقُولِينَ: لَا، وَرب مُحَمَّد.
وَإِذا كنت غَضَبي قلت: لَا، وَرب إِبْرَاهِيم. " قَالَت: قلت: أجل وَالله يَا رَسُول الله، مَا أَهجر إِلَّا اسْمك.
وَفِي حَدِيث عَبدة:
إِنِّي أعرف غضبك من رضاك
…
" ثمَّ ذكره بِمَعْنَاهُ.
3244 -
الأول بعد الْمِائَة: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: اسْتَأْذن حسان بن ثَابت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي هجاء الْمُشْركين، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" فَكيف بنسبي؟ " فَقَالَ حسان: لأسلنك مِنْهُم كَمَا تسل الشعرة من الْعَجِين. كَذَا فِي حَدِيث عَبدة عَن هِشَام.
وَفِيه: عَن هِشَام عَن أَبِيه قَالَ:
ذهبت أسب حسان عِنْد عَائِشَة، فَقَالَت: لَا تسبه، فَإِنَّهُ كَانَ ينافح عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة وَغَيره عَن هِشَام عَن أَبِيه قَالَ:
إِن حسان بن ثَابت كَانَ مِمَّن كثر على عَائِشَة فسببته، فَقَالَت: يَا ابْن أُخْتِي، دَعه، وَذكر بَاقِي الحَدِيث.
وَفِي حَدِيث يحيى بن زَكَرِيَّا عَن هِشَام عَن أَبِيه عَنْهَا قَالَت: قَالَ حسان:
يَا رَسُول الله، ائْذَنْ لي فِي أبي سُفْيَان. قَالَ:" كَيفَ بِقَرَابَتِي مِنْهُ؟ " قَالَ: وَالَّذِي أكرمك لأسلنك مِنْهُم كَمَا يسل الشّعْر من الخمير. فَقَالَ حسان.
(وَإِن سَنَام الْمجد من آل هاشمٍ
…
بَنو بنت مخزومٍ ووالدك العَبْد}
…
قصيدته هَذِه.
وَأخرج البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث أبي الزِّنَاد عَن أَبِيه عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يضع لحسان منبراً فِي الْمَسْجِد يقوم عَلَيْهِ، فإمَّا يفاخر عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَإِمَّا ينافح، وَيَقُول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" إِن الله يُؤَيّد حسان بِروح الْقُدس، مَا نافح أَو فاخر عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. ".
وَأخرج مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث بن خَالِد التَّيْمِيّ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:
اهجوا قُريْشًا، فَإِنَّهُ أَشد عَلَيْهَا من رشق النبل، فَأرْسل إِلَى ابْن رَوَاحَة، فَقَالَ:" اهجهم " فهجاهم فَلم يرض، فَأرْسل إِلَى كَعْب بن مَالك، ثمَّ أرسل إِلَى حسان بن ثَابت. فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ حسان: قد آن لكم أَن تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأسد الضَّارِب بِذَنبِهِ، ثمَّ أدلع لِسَانه، فَجعل يحركه، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ، لأفرينهم بلساني فري الْأَدِيم. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" لَا تعجل، فَإِن أَبَا بكر أعلم قريشٍ بأنسابها، وَإِن لي فيهم نسبا حَتَّى يلخص لَك بِشَيْء. " فَأَتَاهُ حسان، ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ.
وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ، لأسلنك مِنْهُم كَمَا تسل الشعرة من الْعَجِين.
قَالَت عَائِشَة:
فَسمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول لحسان: " إِن روح الْقُدس لَا يزَال يؤيدك مَا نافحت عَن الله وَرَسُوله. " وَقَالَت: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: " هجاهم حسان فشفى واشتفى ".
قَالَ حسان:
(أَلا أبلغ أَبَا سُفْيَان عني
…
مغلغلةً، فقد برح الخفاء)
(هجوت مُحَمَّدًا فأجبت عَنهُ
…
وَعند الله فِي ذَاك الْجَزَاء)
(هجوت مُحَمَّدًا برا تقياً
…
رَسُول الله، شيمته الْوَفَاء)
(فَإِن أبي ووالده وعرضي
…
لعرض مُحَمَّد مِنْكُم وقاء)
(ثكلت بنيتي إِن لم تَرَوْهَا
…
تثير النَّقْع من كنفي كداء)
(يبارين الأعنة مصعدات
…
على أكنافها الأسل الظماء)
(تظل جيادنا متمطرات
…
تلطمهن بِالْخمرِ النِّسَاء)
(فَإِن أعرضتم عَنَّا اعتمرنا
…
وَكَانَ الْفَتْح وانكشف الغطاء)
(وَإِلَّا فَاصْبِرُوا لضراب يَوْم
…
يعز الله فِيهِ من يَشَاء)
(وَقَالَ الله: قد أرْسلت عبدا
…
يَقُول الْحق لَيْسَ بِهِ خَفَاء)
(وَقَالَ الله: قد يسرت جنداً
…
هم الْأَنْصَار عرضتها اللِّقَاء)
(لنا فِي كل يَوْم من معدٍّ
…
سبابٌ أَو قتالٌ أَو هجاء)
(فَمن يهجو رَسُول الله مِنْكُم
…
ويمدحه وينصره سَوَاء)
(وجبريلٌ رَسُول الله فِينَا
…
وروح الْقُدس لَيْسَ لَهُ كفاء)
3245 -
الثَّانِي بعد الْمِائَة: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يحب الْعَسَل والحلوى، وَكَانَ إِذا انْصَرف من الْعَصْر دخل على بعض نِسَائِهِ فيدنو من إِحْدَاهُنَّ. فَدخل على حَفْصَة بنت عمر فاحتبس أَكثر مِمَّا يحتبس، فغرت، فَسَأَلت عَن ذَلِك، فَقيل لي: أَهْدَت لَهَا امرأةٌ من قَومهَا عكةً من عسل، فسقت النَّبِي صلى الله عليه وسلم مِنْهُ شربةً. فَقلت: أما وَالله لنحتالن لَهُ. فَقلت لسودة بنت زَمعَة: إِنَّه سيدنو مِنْكُم، فَإِن دنا مِنْك فَقولِي لَهُ: يَا رَسُول الله، أكلت مَغَافِير فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَك: لَا، فَقولِي لَهُ: مَا هَذِه الرّيح الَّتِي أجد. زَاد فِي حَدِيث
أبي كريب وَغَيره:
وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يشْتَد عَلَيْهِ أَن يُوجد مِنْهُ الرّيح. فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَك: سقتني حَفْصَة شربة عسل. فَقولِي لَهُ: جرست نحله العرفط.
وسأقول ذَلِك، وَقَوْلِي أَنْت يَا صَفِيَّة ذَلِك.
قَالَت: تَقول سَوْدَة:
فوَاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ، مَا هُوَ إِلَّا أَن قَامَ على الْبَاب فَأَرَدْت أَن أبادئه بِمَا أَمرتنِي فرقا مِنْك، فَلَمَّا دنا مِنْهَا قَالَت لَهُ سَوْدَة: يَا رَسُول الله، أكلت مَغَافِير. قَالَ:" لَا ". قَالَت: فَمَا هَذِه الرّيح الَّتِي أجد مِنْك؟ قَالَ: " سقتني حَفْصَة شربة عسل " فَقَالَت: جرست نحله العرفط. فَلَمَّا دَار إِلَيّ قلت لَهُ نَحْو ذَلِك، فَلَمَّا دَار إِلَى صَفِيَّة قَالَت لَهُ مثل ذَلِك. فَلَمَّا دنا إِلَى حَفْصَة قَالَت: يَا رَسُول الله، أَلا أسقيك مِنْهُ. قَالَ:" لَا حَاجَة لي فِيهِ. " قَالَت: تَقول سَوْدَة: وَالله لقد حرمناه. قلت لَهَا: اسكتي.
وَأَخْرَجَاهُ - وَفِيه بعض الْخلاف من حَدِيث عبيد بن عُمَيْر عَن عَائِشَة:
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يمْكث عِنْد زَيْنَب بنت جحش فيشرب عِنْدهَا عسلاً. قَالَت: فتواصيت أَنا وَحَفْصَة أَن أَيَّتنَا مَا دخل عَلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَلْتَقُلْ لَهُ: إِنِّي أجد مِنْك ريح مَغَافِير، أكلت مَغَافِير، فَدخل على إِحْدَاهمَا فَقَالَت ذَلِك لَهُ. قَالَ:" بل شربت عسلاً عِنْد زَيْنَب بنت جحش، وَلنْ أَعُود لَهُ ". فَنزل: {لم تحرم مَا أحل الله لَك} [التَّحْرِيم]{إِن تَتُوبَا إِلَى الله} [التَّحْرِيم] لعَائِشَة وَحَفْصَة. {وَإِذا أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا} [التَّحْرِيم] لقَوْله: " بل شربت عسلاً. ".
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن مُوسَى عَن هِشَام: " لن أَعُود لَهُ، وَقد حَلَفت، فَلَا تُخْبِرِي بذلك أحدا. ".
3246 -
الثَّالِث بعد الْمِائَة: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: أُصِيب
سعدٌ يَوْم الخَنْدَق، رَمَاه رجلٌ من قُرَيْش: ابْن العرقة، رَمَاه فِي الأكحل. فَضرب عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خيمةً فِي الْمَسْجِد يعودهُ من قريب، فَلَمَّا رَجَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من الخَنْدَق وضع السِّلَاح فاغتسل، فَأتى جِبْرِيل عليه السلام وَهُوَ ينفض رَأسه من الْغُبَار، فَقَالَ: وضعت السِّلَاح؟ وَالله مَا وضعناه، اخْرُج إِلَيْهِم. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" فَأَيْنَ؟ " فَأَشَارَ إِلَى بني قُرَيْظَة. فَقَاتلهُمْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلوا على حكم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَرد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الحكم فِيهِ إِلَى سعد، قَالَ: فَإِنِّي أحكم فيهم: أَن تقتل الْمُقَاتلَة، وَأَن تسبى الذُّرِّيَّة وَالنِّسَاء، وتقسم.
وَهَذَا لفظ حَدِيث أبي بكر بن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن الْعَلَاء عَن عبد الله بن نمير، وحديثهما أتم.
قَالَ أَبُو كريب عَن ابْن نمير: حَدثنَا هِشَام:
قَالَ أبي: فَأخْبرت أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لقد حكمت فيهم بِحكم الله ".
وَفِي رِوَايَة زَكَرِيَّا بن يحيى عَن ابْن نمير بِالْإِسْنَادِ أَن سَعْدا قَالَ:
اللَّهُمَّ إِنَّك تعلم أَنه لَيْسَ أحدٌ أحب إِلَيّ أَن أجاهدهم فِيك من قوم كذبُوا رَسُولك وأخرجوه، اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَظن أَنَّك قد وضعت الْحَرْب بَيْننَا وَبينهمْ. لم يزدْ.
وَقَالَ أبان بن يزِيد: وَذكر نَحوه مُخْتَصرا.
وَفِي حَدِيث أبي كريب وَحده عَن ابْن نمير بِالْإِسْنَادِ:
أَن سَعْدا قَالَ - وتحجر كَلمه للبرء فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّك تعلم أَنه لَيْسَ أحدٌ أحب إِلَيّ أَن أجاهد فِيك من قوم كذبُوا رَسُولك وأخرجوه. اللَّهُمَّ فَإِن كَانَ بَقِي من حَرْب قُرَيْش فأبقني أجاهد فِيك. اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَظن أَنَّك قد وضعت الْحَرْب بَيْننَا وَبينهمْ، فَإِن كنت وضعت
الْحَرْب بَيْننَا وَبينهمْ فافجرها وَاجعَل موتِي فِيهَا. فانفجرت من لبته، فَلم يرعهم - وَفِي الْمَسْجِد مَعَه خيمةٌ من بني غفار - إِلَّا وَالدَّم يسيل إِلَيْهِم. فَقَالُوا: يَا أهل الْخَيْمَة، مَا هَذَا الَّذِي يأتينا من قبلكُمْ؟ . فَإِذا سعدٌ، جرحه يغذ دَمًا فَمَاتَ مِنْهَا.
وَفِي حَدِيث عَبدة بن سُلَيْمَان عَن هِشَام بِهَذَا الْإِسْنَاد نَحوه غير أَنه قَالَ:
فانفجر من ليلته، فَمَا زَالَ يسيل حَتَّى مَاتَ.
3247 -
الرَّابِع بعد الْمِائَة: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم سحر حَتَّى كَانَ يخيل إِلَيْهِ أَنه يصنع الشَّيْء وَلم يصنعه. كَذَا فِي رِوَايَة يحيى ابْن سعيد الْقطَّان عَن هِشَام مختصرة.
وَفِي رِوَايَة أبي أُسَامَة عَن هِشَام بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَت:
سحر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِنَّه ليُخَيل إِلَيْهِ فعل الشَّيْء وَمَا فعله. حَتَّى إِذا كَانَ ذَات يَوْم وَهُوَ عِنْدِي، دَعَا الله وَدعَاهُ ثمَّ قَالَ:" أشعرت يَا عَائِشَة أَن الله قد أفتاني فِيمَا استفتيته فِيهِ؟ " قلت: وَمَا ذَاك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " جَاءَنِي رجلَانِ، فَجَلَسَ أَحدهمَا عِنْد رَأْسِي، وَالْآخر عِنْد رجْلي، ثمَّ قَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: مَا وجع الرجل؟ قَالَ: مطبوبٌ. قَالَ: وَمن طبه؟ قَالَ: لبيد بن الأعصم الْيَهُودِيّ من زُرَيْق. قَالَ: فيمَ ذَا؟ قَالَ: فِي مشط ومشاطة وجف طلعه. قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي بِئْر ذِي أروان. وَمن الروَاة من قَالَ: فِي بِئْر ذروان. قَالَ: وذروان بِئْر فِي بني زُرَيْق. فَذهب النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي أنَاس من أَصْحَابه إِلَى الْبِئْر، فَنظر إِلَيْهَا وَعَلَيْهَا نخل. قَالَ: ثمَّ رَجَعَ إِلَى عَائِشَة فَقَالَ:
" وَالله لكأن ماءها فقاعة الْحِنَّاء. ولكأن نخلها رُؤُوس الشَّيَاطِين " قلت: يَا رَسُول الله، أفأخرجته؟ قَالَ:" لَا، أما أَنا فقد عافاني الله وشفاني، وخشيت أَن أثور على النَّاس مِنْهُ شرا. " وَأمر بهَا، فدفنت.
وَفِي حَدِيث عِيسَى بن يُونُس عَن هِشَام نَحوه. قَالَ البُخَارِيّ:
تَابعه أَبُو أُسَامَة وَأَبُو ضَمرَة وَابْن أبي الزِّنَاد عَن هِشَام. وَقَالَ اللَّيْث وَابْن عُيَيْنَة عَن هِشَام: فِي مشط ومشاقه. قَالَ البُخَارِيّ: يُقَال: المشاطة: مَا يخرج من الشّعْر إِذا مشط، ومشاقه: من مشاقة الْكَتَّان.
وَقد أخرج البُخَارِيّ حَدِيث ابْن عُيَيْنَة بِالْإِسْنَادِ، وَفِيه:
كَانَ رَسُول الله سحر حَتَّى كَانَ يرى أَنه يَأْتِي النِّسَاء وَلَا يأتيهن. قَالَ سُفْيَان: وَهَذَا أَشد مَا يكون من السحر إِذا كَانَ كَذَا. وَفِيه قَالَ: وَمن طبه؟ قَالَ: لبيد بن الأعصم، رجلٌ من بني زُرَيْق، حَلِيف الْيَهُود، وَكَانَ منافقاً. قَالَ: وفيم؟ قَالَ: فِي مشط ومشاقة. قَالَ: وَأَيْنَ؟ قَالَ: فِي جف طلعة ذكرٍ تَحت راعوفة فِي بِئْر ذروان. قَالَ: فَأتى الْبِئْر حَتَّى استخرجه. وَقَالَ: " هَذِه الْبِئْر الَّتِي أريتها ".
وَفِي حَدِيث أبي كريب عَن ابْن نمير قَالَت: فَقلت:
يَا رَسُول الله، أَفلا أحرقته. قَالَ:" لَا، أما أَنا فقد عافاني الله، وكرهت أَن أثير على النَّاس شرا، فَأمرت بهَا فدفنت ".
3248 -
الْخَامِس بعد الْمِائَة: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الأبتر، وَقَالَ:" إِنَّه يُصِيب الْبَصَر، وَيذْهب الْحَبل ".
وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة عَن هِشَام بِهَذَا الْإِسْنَاد:
اقْتُلُوا ذَا الطفيتين، فَإِنَّهُ
يلْتَمس الْبَصَر، ويصيب الْحَبل. " قَالَ البُخَارِيّ: تَابع حَمَّاد بن سَلمَة أَبَا أُسَامَة.
وَفِي حَدِيث أبي مُعَاوِيَة عَن هِشَام نَحوه، وَقَالَ:" الأبتر وَذَا الطفيتين ".
3249 -
السَّادِس بعد الْمِائَة: عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ يَأْتِي علينا الشَّهْر مَا نوقد فِيهِ نَارا، إِنَّمَا هُوَ التَّمْر وَالْمَاء، إِلَّا إِن نؤتى باللحيم.
وَفِي رِوَايَة حَفْص بن غياث عَن هَاشم عَن أَبِيه عَنْهُمَا قَالَت:
مَا شبع آل مُحَمَّد من خبز الْبر ثَلَاثًا حَتَّى مضى لسبيله.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الْأسود بن يزِيد عَن عَائِشَة قَالَت:
مَا شبع آل مُحَمَّد مُنْذُ قدم الْمَدِينَة من طَعَام الْبر ثَلَاث لَيَال تباعا حَتَّى قبض.
وَفِي حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن يزِيد الْأسود:
مَا شبع آل مُحَمَّد من خبز شعير يَوْمَيْنِ مُتَتَابعين حَتَّى قبض رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عَابس بن ربيعَة قَالَ: قلت لعَائِشَة:
أنهى النَّبِي صلى الله عليه وسلم ان تُؤْكَل لُحُوم الْأَضَاحِي فَوق ثَلَاث؟ قَالَت: مَا فعله إِلَّا فِي عامٍ جَاع النَّاس فِيهِ، فَأَرَادَ أَن يطعم الْغَنِيّ الْفَقِير، وَإِن كُنَّا لنرفع الكراع فنأكله بعد خمس عشرَة لَيْلَة.
قلت: وَمَا اضطركم إِلَيْهِ؟ . فَضَحكت وَقَالَت: مَا شبع آل مُحَمَّد من خبز مأدوم ثَلَاثَة أَيَّام حَتَّى لحق بِاللَّه.
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ ابْن كثير:
أخبرنَا سُفْيَان قَالَ: أخبرنَا عبد الرَّحْمَن بن عَابس. كَذَا لفظ الحَدِيث للْبُخَارِيّ، وَهُوَ عِنْد مُسلم مُخْتَصر.
وَلَيْسَ لعابس بن ربيعَة فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
وَلَهُمَا من حَدِيث هِلَال بن حميد - وَقيل: ابْن أبي حميد - عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
مَا أكل آل مُحَمَّد أكلتين فِي يومٍ إِلَّا إِحْدَاهمَا تمر.
وَمن حَدِيث أبي روح يزِيد بن رُومَان عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت تَقول:
وَالله يَا ابْن أُخْتِي إِن كُنَّا لنَنْظُر إِلَى الْهلَال ثمَّ الْهلَال ثمَّ الْهلَال، ثَلَاثَة أهلة فِي شَهْرَيْن، وَمَا أوقد فِي أَبْيَات رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نَار. قَالَ: قلت: يَا خَالَة، فَمَا كَانَ يعيشكم؟ قَالَت: الأسودان: التَّمْر وَالْمَاء، إِلَّا أَنه قد كَانَ لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم جيرانٌ من الْأَنْصَار، وَكَانَت لَهُم منائح، فَكَانُوا يرسلون إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أَلْبَانهَا فيسقيناه.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث مَنْصُور بن عبد الرَّحْمَن الحَجبي عَن أمه صَفِيَّة بنت شيبَة عَن عَائِشَة قَالَت:
توفّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين شبع النَّاس من الأسودين: التَّمْر وَالْمَاء.
وَفِي حَدِيث الْأَشْجَعِيّ وَأبي أَحْمد عَن سُفْيَان عَن مَنْصُور:
وَمَا شبعنا من الأسودين.
وَلمُسلم من حَدِيث يزِيد بن عبد الله بن قسيط اللَّيْثِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
لقد مَاتَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَمَا شبع من خبزٍ وزيتٍ فِي يومٍ وَاحِد مرَّتَيْنِ.
3250 -
السَّابِع بعد الْمِائَة: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " الْحمى من فيح جَهَنَّم، فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ ".
3251 -
الثَّامِن بعد الْمِائَة: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يرقي، يَقُول:" امسح الباس، رب النَّاس، بِيَدِك الشِّفَاء، لَا كاشف لَهُ إِلَّا أَنْت ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَسْرُوق عَن عَائِشَة:
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يعوذ بعض أَهله يمسح بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَيَقُول: " اللَّهُمَّ رب النَّاس، اذْهَبْ الباس، اشف وَأَنت الشافي، لَا شِفَاء إِلَّا شفاؤك، شِفَاء لَا يُغَادر سقماً ".
وَفِي حَدِيث جرير عَن الْأَعْمَش نَحوه، وَزَاد:
فَلَمَّا مرض رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَثقل أخذت بِيَدِهِ لأصنع بِهِ نَحْو مَا كَانَ يصنع، فَانْتزع يَده من يَدي، ثمَّ قَالَ:" اللَّهُمَّ اغْفِر لي واجعلني مَعَ الرفيق الْأَعْلَى " قَالَت: فَذَهَبت أنظر، فَإِذا هُوَ قد قضى صلى الله عليه وسلم.
3252 -
التَّاسِع بعد الْمِائَة: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: أَن النَّاس كَانُوا يتحرون بهداياهم يَوْم عَائِشَة، يَبْتَغُونَ بهَا، أَو يَبْتَغُونَ بذلك مرضاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. هَكَذَا فِي حَدِيث عَبدة بن سُلَيْمَان عَن هِشَام لَهما. لم يزدْ.
وللبخاري من حَدِيث سُلَيْمَان بن بِلَال عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة:
أَن نسَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم كن حزبين: فحزبٌ فِيهِ عَائِشَة وَحَفْصَة وَصفِيَّة وَسَوْدَة، والحزب الآخر أم سَلمَة وَسَائِر أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ الْمُسلمُونَ قد علمُوا حب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَائِشَة، فَإِذا كَانَت عِنْد أحدهم هديةٌ يُرِيد أَن يهديها إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَخّرهَا، حَتَّى إِذا كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي بَيت عَائِشَة بعث صَاحب الْهَدِيَّة بهَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي بَيت عَائِشَة، فَكلم حزب أم سَلمَة أم سَلمَة، فَقُلْنَ: كلمي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يكلم النَّاس، فَيَقُول: من أَرَادَ أَن يهدي إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم هَدِيَّة فليهد إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ من نِسَائِهِ، فكلمته أم سَلمَة بِمَا قُلْنَ، فَلم يقل لَهَا شَيْئا. فسألنها فَقَالَت: مَا قَالَ لي شَيْئا. فَقُلْنَ لَهَا: كلميه. قَالَ: فكلمته حِين دَار إِلَيْهَا أَيْضا وَلم يقل لَهَا شَيْئا. فسألنها فَقَالَت: مَا قَالَ لي شَيْئا. فَقُلْنَ لَهَا: كلميه حَتَّى يكلمك. فدار إِلَيْهَا فكلمته فَقَالَ لَهَا: " لَا تؤذيني فِي عَائِشَة، فَإِن الْوَحْي لم يأتني وَأَنا فِي ثوب امراة إِلَّا عَائِشَة " قَالَت: فَقلت: أَتُوب إِلَى الله من أذاك يَا رَسُول الله.
ثمَّ إنَّهُنَّ دعون فَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسلنها إِلَى رَسُول الله تَقول:
إِن نِسَاءَك يسألنك الْعدْل فِي بنت أبي بكر. فكلمته فَقَالَ: " يَا بنية، أَلا تحبين مَا أحب؟ " فَقَالَت: بلَى. فَرَجَعت إلَيْهِنَّ فأخبرتهن. فَقُلْنَ: ارجعي إِلَيْهِ، فَأَبت أَن ترجع، فأرسلن زَيْنَب بنت جحش، فَاتَتْهُ فأغلظت وَقَالَت: إِن نِسَاءَك ينشدنك الله الْعدْل فِي بنت أبي قُحَافَة. فَرفعت صَوتهَا حَتَّى تناولت عَائِشَة وَهِي قاعدةٌ، فَسَبَّتْهَا، حَتَّى إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لينْظر إِلَى عَائِشَة. هَل تكلم؟ قَالَ: فتكلمت عَائِشَة ترى على زَيْنَب، حَتَّى أسكتتها قَالَ: فَنظر النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى عَائِشَة فَقَالَ: " إِنَّهَا ابْنة أبي بكر ".
وَفِي حَدِيث عبد الله بن عبد الْوَهَّاب الحَجبي عَن حَمَّاد بن زيد عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه طرف مِنْهُ:
كَانَ النَّاس يتحرون بهداياهم يَوْم عَائِشَة، قَالَت عَائِشَة: فَاجْتمع صواحبي إِلَى أم سَلمَة فَقُلْنَ: يَا أم سَلمَة، إِن النَّاس يتحرون بهداياهم يَوْم عَائِشَة، وَإِنَّا نُرِيد الْخَبَر كَمَا تُرِيدُ عَائِشَة، فمري رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يَأْمر النَّاس أَن يهدوا إِلَيْهِ حَيْثُ مَا كَانَ أَو حَيْثُ مَا دَار. قَالَت: فَذكرت ذَلِك أم سَلمَة للنَّبِي صلى الله عليه وسلم، قَالَت: فَأَعْرض عني، فَلَمَّا عَاد إِلَيّ ذكرت ذَلِك لَهُ فَأَعْرض عني، فَلَمَّا كَانَ الثَّالِثَة، ذكرت لَهُ ذَلِك فَقَالَ:" يَا أم سَلمَة، لَا تؤذيني فِي عَائِشَة، فَإِنَّهُ وَالله مَا نزل عَليّ الْوَحْي وَأَنا فِي لِحَاف امرأةٍ مِنْكُن غَيرهَا ".
وَلمُسلم من حَدِيث صَالح بن كيسَان وَيُونُس بن يزِيد عَن الزُّهْرِيّ عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام أَن عَائِشَة قَالَت:
أرسل أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فاستأذنت عَلَيْهِ وَهُوَ مُضْطَجع فِي مِرْطِي، فَأذن لَهَا، فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِن أَزوَاجك أرسلنني يسألنك الْعدْل فِي ابْنة أبي قُحَافَة. وَأَنا ساكتة. قَالَت: فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " أَي بنية، أَلَسْت تحبين مَا أحب؟ " فَقَالَت: بلَى، قَالَ:" فأحبي هَذِه " قَالَت: فَقَامَتْ فَاطِمَة حِين سَمِعت ذَلِك من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَرَجَعت إِلَى أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فأخبرتهن بِالَّذِي
قَالَت وَبِالَّذِي قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقُلْنَ لَهَا: مَا نرَاك أغنيت عَنَّا من شَيْء، فارجعي إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقولِي لَهُ: إِن أَزوَاجك ينشدنك الْعدْل فِي ابْنة أبي قُحَافَة. فَقَالَت فَاطِمَة: وَالله لَا ُأكَلِّمهُ فِيهَا أبدا. قَالَت عَائِشَة: فَأرْسل أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم زَيْنَب بنت جحش زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَهِي الَّتِي كَانَت تساميني مِنْهُنَّ فِي الْمنزلَة عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَلم أر امْرَأَة قطّ خيرا فِي الدّين من زَيْنَب، أتقى لله، وأصدق حَدِيثا، وأوصل للرحم، وَأعظم صَدَقَة، وَأَشد ابتذالاً لنَفسهَا فِي الْعَمَل الَّذِي تصدق بِهِ وتقرب بِهِ إِلَى الله، مَا عدا سُورَة من حِدة كَانَ فِيهَا، تسرع مِنْهُ الْفَيْئَة. قَالَت: فاستأذنت على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَعَ عَائِشَة فِي مرْطهَا على الْحَال الَّتِي دخلت فَاطِمَة عَلَيْهَا وَهُوَ بهَا، فَأذن لَهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِن أَزوَاجك أرسلنني يسألنك الْعدْل فِي ابْنة أبي قُحَافَة، قَالَت: ثمَّ وَقعت بِي، فاستطالت عَليّ وَأَنا أرقب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وأرقب طرفه، هَل يَأْذَن لي فِيهَا، قَالَت: فَلم تَبْرَح زَيْنَب حَتَّى عرفت أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يكره أَن أنتصر. قَالَت: فَلَمَّا وَقعت بهَا لم أنشبها حَتَّى أثخنت عَلَيْهَا. وَفِي حَدِيث يُونُس: لم أنشبها أَن أثخنت عَلَيْهَا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَتَبَسم: " إِنَّهَا ابْنة أبي بكر ".
وَلم يخرج البُخَارِيّ من هَذَا الحَدِيث إِلَّا طرفا تَعْلِيقا، فَقَالَ:
قَالَ أَبُو مَرْوَان عَن هِشَام عَن رجل من قُرَيْش وَرجل من الموَالِي عَن الزُّهْرِيّ عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام قَالَ: قَالَت: قَالَت عَائِشَة: كنت عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فاستأذنته فَاطِمَة لم يزدْ.
وَلَيْسَ لمُحَمد بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيحَيْنِ إِلَّا مَا ذكرنَا.
3253 -
الْعَاشِر بعد الْمِائَة: عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: أَن رجلا قَالَ للنَّبِي صلى الله عليه وسلم: إِن أُمِّي افتلتت نَفسهَا، وأراها لَو تَكَلَّمت تَصَدَّقت، أفأتصدق عَنْهَا؟ قَالَ:" نعم، تصدق عَنْهَا ".
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أبي كثير عَن هِشَام:
فَهَل لَهَا أجرٌ إِن تَصَدَّقت عَنْهَا. قَالَ: " نعم ".
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن بشر وَأبي أُسَامَة:
افتلتت نَفسهَا وَلم توص
…
ثمَّ ذكر نَحْو حَدِيث مُحَمَّد بن جَعْفَر.
وَفِي حَدِيث يحيى بن سعيد وَأبي أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة وروح بن الْقَاسِم عَن هِشَام:
فلي أجر أَن أَتصدق عَنْهَا؟ قَالَ: " نعم ".
وَفِي حَدِيث شُعَيْب بن إِسْحَق وجعفر بن عون: أفلها أجرٌ؟ كَرِوَايَة ابْن بشر وَغَيره.
3245 -
الْحَادِي عشر بعد الْمِائَة: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: لما قدم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَة وعك أَبُو بكر وبلال. قَالَت: فَدخلت عَلَيْهِمَا فَقلت: يَا أَبَت، كَيفَ تجدك؟ يَا بِلَال، كَيفَ تجدك؟ قَالَت: وَكَانَ أَبُو بكر إِذا أَخَذته الْحمى يَقُول:
(كل امرئٍ مصبحٌ فِي أَهله
…
وَالْمَوْت أدنى من شِرَاك نَعله)
وَكَانَ بِلَال إِذا أقلع عَنهُ يرفع عقيرته يَقُول:
(أَلا لَيْت شعري، هَل أبيتن لَيْلَة
…
بوادٍ، وحولي إذخر وجليل)
(وَهل أردن يَوْمًا مياه مجنةٍ
…
وَهل يبدون لي شامةٌ وطفيل)
قَالَت عَائِشَة:
فَجئْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرته، فَقَالَ:" اللَّهُمَّ حبب إِلَيْنَا الْمَدِينَة كحبنا مَكَّة أَو أَشد، اللَّهُمَّ وصححها، وَبَارك لنا فِي مدها وصاعها، وأنقل حماها، فاجعلها بِالْجُحْفَةِ ".
وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة عَن هِشَام نَحوه، وَزَاد بعد بَيْتِي بِلَال من قَوْله:
اللَّهُمَّ الْعَن شيبَة بن ربيعَة، وَعتبَة بن ربيعَة، وَأُميَّة بن خلف، كَمَا أخرجونا من أَرْضنَا إِلَى أَرض الوباء. ثمَّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُمَّ حبب إِلَيْنَا الْمَدِينَة. . " وَذكر بَاقِي الدُّعَاء قَالَت: وَقدمنَا الْمَدِينَة وَهِي أوبأ أَرض الله، قَالَت: وَكَانَ بطحان يجْرِي نجلاً. تَعْنِي: مَاء آجناً.
3255 -
الثَّانِي عشر بعد الْمِائَة: عَن عَطاء بن أبي رَبَاح - وَاسم أبي رَبَاح أسلم - عَن عُرْوَة بن الزبير قَالَ: كنت أَنا وَابْن عمر مستندين إِلَى حجرَة عَائِشَة، وَإِنَّا لنسمع صَوتهَا بِالسِّوَاكِ تستن. قَالَ: فَقلت: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن، أعتمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي رَجَب؟ قَالَ: نعم. قلت لعَائِشَة: أَي أمتاه، أَلا تسمعين مَا يَقُول أَبُو عبد الرَّحْمَن؟ قَالَت: وَمَا يَقُول؟ قلت: يَقُول: اعْتَمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي رَجَب. فَقَالَت: يغْفر الله لأبي عبد الرَّحْمَن، لعمري، مَا اعْتَمر عمْرَة فِي رَجَب، وَمَا اعْتَمر من عمرةٍ إِلَّا وَإنَّهُ لمعه. قَالَ: وَابْن عمر يسمع، مَا قَالَ لَا وَلَا نعم، سكت.
وَفِي رِوَايَة أبي عَاصِم عَن ابْن جريج مُخْتَصر عَن عَطاء عَن عُرْوَة قَالَ:
سَأَلت عَائِشَة، قَالَت: مَا اعْتَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي رَجَب.
وَأَخْرَجَاهُ بِطُولِهِ من حَدِيث أبي الْحجَّاج مُجَاهِد بن جبر قَالَ:
دخلت أَنا وَعُرْوَة الْمَسْجِد، فَإِذا ابْن عمر جَالس إِلَى جَانب حجرَة عَائِشَة، وَإِذا أنَاس يصلونَ فِي الْمَسْجِد صَلَاة الضُّحَى. قَالَ: فَسَأَلْنَاهُ عَن صلَاتهم، فَقَالَ: بِدعَة. ثمَّ قَالَ لَهُ: كم اعْتَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: أَربع، إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَب، فكرهنا أَن نرد عَلَيْهِ.
قَالَ: وَسَمعنَا استنان عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ، فَقَالَ عُرْوَة: يَا أم الْمُؤمنِينَ، أَلا تسمعين مَا يَقُول أَبُو عبد الرَّحْمَن؟ قَالَت: وَمَا يَقُول؟ قَالَ: يَقُول: إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اعْتَمر أَربع عمرات إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَب. قَالَت: يرحم الله أَبَا عبد الرَّحْمَن، مَا اعْتَمر عمْرَة إِلَّا وَهُوَ شَاهده، وَمَا اعْتَمر فِي رَجَب قطّ.
3256 -
الثَّالِث عشر بعد الْمِائَة: عَن أبي عبد الله مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن رجلا اسْتَأْذن على النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: " بئس أَخُو الْعَشِيرَة، وَبئسَ ابْن الْعَشِيرَة " فَلَمَّا جلس تطلق النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي وَجهه وانبسط إِلَيْهِ، فَلَمَّا انْطلق الرجل قَالَت لَهُ عَائِشَة: يَا رَسُول الله، حِين رَأَيْت الرجل قلت كَذَا وَكَذَا، ثمَّ تطللقت فِي وَجهه وانبسطت إِلَيْهِ. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" يَا عَائِشَة، مَتى عهدتني فحاشاً؟ إِن شَرّ النَّاس يَوْم الْقِيَامَة من تَركه النَّاس اتقاء شَره ".
وَفِي حَدِيث ابْن عُيَيْنَة:
اسْتَأْذن رجلٌ على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" ائذنوا لَهُ، بئس أَخُو الْعَشِيرَة أَو ابْن الْعَشِيرَة " فَلَمَّا دخل لِأَن لَهُ فِي الْكَلَام. ثمَّ ذكر نَحوه.
وَمن الروَاة من قَالَ عَنهُ:
فلبئس ابْن الْعَشِيرَة أَو بئس رجل الْعَشِيرَة ".
وَفِي حَدِيث معمر:
بئس أَخُو الْقَوْم وَابْن الْعَشِيرَة هَذَا ".
وَلَيْسَ لمُحَمد بن الْمُنْكَدر عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا ".
3357 -
الرَّابِع عشر بعد الْمِائَة: عَن إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: دَعَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَاطِمَة فِي شكواه الَّذِي قبض فِيهِ، فسارها بشيءٍ فَبَكَتْ، ثمَّ دَعَاهَا فسارها فَضَحكت، فسألتها عَن ذَلِك، فَقَالَت: سَارَّنِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه يقبض فِي وَجَعه الَّذِي توفّي فِيهِ فَبَكَيْت، ثمَّ سَارَّنِي فَأَخْبرنِي أَنِّي أول أَهله يتبعهُ، فَضَحكت.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَسْرُوق بن الأجدع عَن عَائِشَة من رِوَايَة الشّعبِيّ عَنهُ بأطول من هَذَا وَبِنَحْوِ مَعْنَاهُ:
أَن عَائِشَة قَالَت: كن أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم عِنْده لم يُغَادر مِنْهُنَّ وَاحِدَة، فَأَقْبَلت فَاطِمَة تمشي، مَا تخطئ مشيتهَا من مشْيَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم شَيْئا، فَلَمَّا رَآهَا رحب بهَا وَقَالَ:" مرْحَبًا بِابْنَتي " ثمَّ أَجْلِسهَا عَن يَمِينه - أَو عَن شِمَاله، ثمَّ سَارهَا فَبَكَتْ بكاء شَدِيدا، فَلَمَّا رأى جزعها سَارهَا الثَّانِيَة فَضَحكت.
فَقلت لَهَا:
خصك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من بَين نِسَائِهِ بالسرار، ثمَّ أَنْت تبكين، فَلَمَّا قَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سَأَلتهَا: مَا قَالَ لَك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ قَالَت: مَا كنت لأفشي على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سره. قَالَت: فَلَمَّا توفّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قلت: عزمت عَلَيْك بِمَا لي لَك من الْحق لما حَدَّثتنِي مَا قَالَ لَك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. فَقَالَت: أما الْآن فَنعم: أما حينما سَارَّنِي فِي الْمرة الأولى فَأَخْبرنِي " أَن جِبْرِيل كَانَ يُعَارضهُ الْقُرْآن فِي كل سنة، مرّة أَو مرَّتَيْنِ، وَأَنه عَارضه الْآن مرَّتَيْنِ، وَإِنِّي لَا أرى الْأَجَل إِلَّا قد اقْترب، فاتقي الله واصبري، فَإِنَّهُ نعم السف أَنا لَك ". فَبَكَيْت بُكَائِي الَّذِي رَأَيْت، فَلَمَّا رأى جزعي سَارَّنِي الثَّانِيَة فَقَالَ:" يَا فَاطِمَة، أما ترْضينَ أَن تَكُونِي سيدة نسَاء الْمُؤمنِينَ، أَو سيدة نسَاء هَذِه الْأمة؟ " قَالَت: فَضَحكت ضحكي الَّذِي رَأَيْت. اللَّفْظ لحَدِيث مُسلم.
وَهَذَا أَيْضا فِي مُسْند فَاطِمَة رضوَان الله عَلَيْهَا وَلَيْسَ لَهَا فِي الصَّحِيح عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم غَيره.
3258 -
الْخَامِس عشر بعد الْمِائَة: عَن أبي روح يزِيد بن رُومَان عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " الرَّحِم معلقةٌ بالعرش، تَقول: من وصلني وَصله الله، وَمن قطعني قطعه الله ".
3259 -
السَّادِس عشر بعد الْمِائَة: عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر الزبير عَن عَمه عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ النَّاس ينتابون الْجُمُعَة من مَنَازِلهمْ وَمن العوالي، فَيَأْتُونَ فِي العباء، ويصيبهم الْغُبَار والعرق، فَتخرج مِنْهُم الرّيح، فَأتى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إنسانٌ مِنْهُم وَهُوَ عِنْدِي، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:" لَو إِنَّكُم تطهرتم ليومكم هَذَا ".
وَأَخْرَجَا من حَدِيث يحيى بن سعيد:
أَنه سَأَلَ عمْرَة عَن الْغسْل يَوْم الْجُمُعَة فَقَالَت: قَالَت عَائِشَة كَانَ النَّاس مهنة أنفسهم، وَكَانُوا إِذا راحوا إِلَى الْجُمُعَة راحوا فِي هيئتهم، فَقيل لَهُم:" لَو اغتسلتم " لفظ حَدِيث عبد الله بن الْمُبَارك.
وَفِي حَدِيث اللَّيْث: قَالَت عَائِشَة:
كَانَ النَّاس أهل عمل، وَلم يكن لَهُم كفاةٌ، فَكَانُوا يكونُونَ لَهُم تفل، فَقيل لَهُم:" لَو اغتسلتم يَوْم الْجُمُعَة ".
وَأخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عُمَّال أنفسهم، فَكَانَ يكون لَهُم أَرْوَاح، فَقيل لَهُم:" لَو اغتسلتم " أدرجه على مَا قبله.
وَقد أخرجه البُخَارِيّ بِالْإِسْنَادِ من حَدِيث أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة، فَذكره.
3260 -
السَّابِع عشر بعد الْمِائَة: عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر الزبير عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: " من مَاتَ وَعَلِيهِ صيامٌ صَامَ عَنهُ وليه ".
قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه ابْن وهب عَن عَمْرو بن الْحَارِث، وَرَوَاهُ يحيى بن أَيُّوب عَن عبيد الله بن أبي جَعْفَر.
3261 -
الثَّامِن عشر بعد الْمِائَة: عَن أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن: أَن رجلا من أهل الْعرَاق قَالَ لَهُ: سل لي عُرْوَة بن الزبير عَن رجل يهل بِالْحَجِّ، فَإِذا طَاف بِالْبَيْتِ، أَيحلُّ أم لَا؟ فَإِن قَالَ لَك: لَا يحل، فَقل لَهُ: إِن رجلا يَقُول ذَلِك.
قَالَ: فَسَأَلته، فَقَالَ: لَا يحل من أهل بِالْحَجِّ إِلَّا بِالْحَجِّ. قلت: فَإِن رجلا كَانَ يَقُول ذَلِك. فَقَالَ: بئس مَا قَالَ. فتصداني الرجل فَسَأَلَنِي، فَحَدَّثته، فَقَالَ: فَقل لَهُ: إِن رجلا كَانَ يخبر أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد فعل ذَلِك، وَمَا شَأْن أَسمَاء وَالزُّبَيْر فعلا ذَلِك؟ قَالَ: فَجِئْته فَذكرت لَهُ ذَلِك، فَقَالَ: من هَذَا؟ فَقلت: لَا أَدْرِي. قَالَ: فَمَا باله لَا يأتيني بِنَفسِهِ يسألني، أَظُنهُ عراقياً؟ قلت: لَا أَدْرِي. قَالَ: فَإِنَّهُ قد كذب، قد حج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرتني عَائِشَة أَن أول شيءٍ بَدَأَ بِهِ حِين قدم مَكَّة أَنه تَوَضَّأ ثمَّ طَاف بِالْبَيْتِ. ثمَّ حج أَبُو بكر، وَكَانَ أول شَيْء بَدَأَ بِهِ الطّواف، ثمَّ لم تكن عمْرَة، ثمَّ مُعَاوِيَة، وَعبد الله بن عمر، ثمَّ حججْت مَعَ أبي الزبير بن الْعَوام، فَكَانَ أول شيءٍ بَدَأَ بِهِ الطّواف بِالْبَيْتِ، ثمَّ لم تكن عمْرَة، ثمَّ آخر من رَأَيْت الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار يَفْعَلُونَ ذَلِك، ثمَّ لم تكن عمْرَة، ثمَّ آخر من رَأَيْت فعل ذَلِك
ابْن عمر، ثمَّ لم ينقضها بِعُمْرَة، وَهَذَا ابْن عمر عِنْدهم أَفلا يسألونه؟ . وَلَا أحد مِمَّن مضى كَانُوا يبدأون بِشَيْء حِين يضعون أَقْدَامهم أول من الطّواف بِالْبَيْتِ، ثمَّ لَا يحلونَ، وَقد رَأَيْت أُمِّي وخالتي حِين تقدمان لَا تبدآن بِشَيْء أول من الطّواف بِالْبَيْتِ، تطوفان بِهِ، ثمَّ لَا تحلان. وَقد أَخْبَرتنِي أُمِّي أَنَّهَا أَقبلت هِيَ وَأُخْتهَا وَالزُّبَيْر وَفُلَان وَفُلَان بِعُمْرَة قطّ، فَلَمَّا مسحوا الرُّكْن حلوا. وَقد كذب فِيمَا ذكر من ذَلِك.
وَفِي حَدِيث أصبغ بن الْفرج عَن ابْن وهب مُخْتَصر: ذكرت لعروة قَالَ:
فأخبرتني عَائِشَة أَن أول شَيْء بَدَأَ بِهِ حِين قدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأ ثمَّ طَاف، ثمَّ لم تكن عمْرَة، ثمَّ حج أَبُو بكر وَعمر مثله، ثمَّ حججْت مَعَ الزبير أبي، فَأول شَيْء بَدَأَ بِهِ الطّواف، ثمَّ رَأَيْت الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار يَفْعَلُونَ، وَقد أَخْبَرتنِي أُمِّي أَنَّهَا أهلت هِيَ وَأُخْتهَا وَالزُّبَيْر وَفُلَان وَفُلَان بِعُمْرَة، فَلَمَّا مسحوا الرُّكْن حلوا.
وَفِي حَدِيث أَحْمد بن عِيسَى عَن ابْن وهب نَحوه مُخْتَصر.
3262 -
التَّاسِع عشر بعد الْمِائَة: عَن عبد الله بن أبي بكر بن عَمْرو بن حزم عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: دخلت عَليّ امرأةٌ وَمَعَهَا ابنتان لَهَا تسْأَل، فَلم تَجِد عِنْدِي شَيْئا غير تَمْرَة وَاحِدَة، فأعطيتها إِيَّاهَا، فقسمتها بَين ابنتيها وَلم تَأْكُل مِنْهَا شَيْئا، ثمَّ قَامَت فَخرجت، فَدخل النَّبِي صلى الله عليه وسلم علينا، فَأَخْبَرته، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:" من ابْتُلِيَ من هَذِه الْبَنَات بِشَيْء فَأحْسن إلَيْهِنَّ كن لَهُ سترا من النَّار ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عرَاك بن مَالك عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
جَاءَتْنِي مسكينةٌ تحمل ابْنَتَيْن لَهَا، فأطعمتها ثَلَاث تمرات، فأعطت كل واحدةٍ مِنْهُمَا تَمْرَة، وَرفعت إِلَى فِيهَا تَمْرَة لتأكلها، فاستطعمتها ابنتاها، فشقت التمرة الَّتِي كَانَت تُرِيدُ أَن تأكلها بَينهمَا، فَأَعْجَبَنِي شَأْنهَا، فَذكرت الَّذِي صنعت لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: " إِن
الله قد أوجب لَهَا الْجنَّة، أَو أعْتقهَا من النَّار ".
وَلَيْسَ لعراك بن مَالك عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا.
3263 -
الْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي بكر مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الزُّهْرِيّ عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " كل شرابٍ أسكر فَهُوَ حرَام ".
وَفِي حَدِيث مَالك:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَن البتع، فَقَالَ:" كل شراب أسكر فَهُوَ حرَام ".
وَفِي حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة أَنَّهَا قَالَت:
سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن البتع وَهُوَ نَبِيذ الْعَسَل - وَكَانَ أهل الْيمن يشربونه، فَقَالَ:" كل شراب أسكر فَهُوَ حرَام ".
3264 -
الْحَادِي وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا: " يَا عَائِشَة، هَذَا جِبْرِيل يُقْرِئك السَّلَام " قَالَت: وَعَلِيهِ السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته، ترى مَالا أرى، تُرِيدُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم.
وَفِي حَدِيث شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ:
يَا عَائِشَة هَذَا جِبْرِيل يُقْرِئك السَّلَام " قَالَت: وَعَلِيهِ السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته. قَالَت: وَهُوَ يرى مَا لَا أرى.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي عَمْرو عَامر بن شرَاحِيل الشّعبِيّ عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا حدثته أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا:
إِن جِبْرِيل يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام " قَالَت: فَقلت: وَعَلِيهِ السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.
وَلَيْسَ لِلشَّعْبِيِّ عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
3265 -
الثَّانِي وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا أخْبرته: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم جاءها حِين أمره الله أَن يُخَيّر أَزوَاجه، قَالَت: فَبَدَأَ بِي، فَقَالَ:" إِنِّي ذاكرق لَك امراً، فَلَا عَلَيْك أَن تستعجلي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك " وَقد علم أَن أَبَوي لم يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ، قَالَت: ثمَّ قَالَ: " إِن الله قَالَ: {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك إِن كنتن تردن الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وَإِن كنتن تردن الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة فَإِن الله أعد للمحسنات مِنْكُن أجرا عَظِيما} "[الْأَحْزَاب] إِلَى تَمام الْآيَتَيْنِ. فَقلت لَهُ: وَفِي أَي هَذَا استأمر أَبَوي؟ فَإِنِّي أُرِيد الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة.
زَاد فِي حَدِيث اللَّيْث وَابْن وهب عَن يُونُس: ثمَّ فعل أَزوَاج النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] مثل مَا فعلت. وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت:
قد خيرنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَلم نعده طَلَاقا ".
وَفِي حَدِيث إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن الشّعبِيّ قَالَ:
قَالَ مَسْرُوق: مَا أُبَالِي خيرت امْرَأَتي وَاحِدَة أَو مائَة أَو ألفا بعد أَن تختارني، وَلَقَد سَأَلت عَائِشَة فَقَالَت: قد خيرنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، أَفَكَانَ طَلَاقا؟ .
وَفِي حَدِيث أبي الضُّحَى عَن مَسْرُوق أَنَّهَا قَالَت:
خيرنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه، فَلم يعدها علينا شَيْئا.
3266 -
الثَّالِث وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن أبي سَلمَة: أَنه كَانَ بَينه وَبَين أنَاس خُصُومَة فِي أَرض، فَدخل على عَائِشَة فَذكر لَهَا
ذَلِك، فَقَالَت: يَا أَبَا سَلمَة، اجْتنب الأَرْض؛ فَإِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:" من ظلم قيد شبرٍ من الأَرْض طوقه من سبع أَرضين ".
3267 -
الرَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ يكون عَليّ الصَّوْم من رَمَضَان، فَمَا أَسْتَطِيع أَن أَقْْضِي إِلَّا فِي شعْبَان. قَالَ يحيى: ذَاك عَن الشّغل من النَّبِي صلى الله عليه وسلم، أَو بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان بن بِلَال: وَذَلِكَ لمَكَان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث بن خَالِد التَّيْمِيّ عَن أبي سَلمَة، عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
إِن كَانَت إحدانا لتفطر فِي زمَان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَمَا تقدر على أَن تقضيه مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَأْتِي شعْبَان.
زَاد أَبُو مَسْعُود مُتَّصِلا بِهِ:
وَمَا كَانَ يَصُوم فِي شهرٍ مَا كَانَ يَصُوم فِي شعْبَان، إِن كَانَ يَصُومهُ إِلَّا قَلِيلا، كَانَ يَصُومهُ كُله. وَلم أجد هَذِه الزِّيَادَة فِيمَا عندنَا من كتاب مُسلم.
وَقد أخرج هَذِه الزِّيَادَة مَعَ الحَدِيث أَبُو بكر أَحْمد بن مُحَمَّد بن غَالب الْخَوَارِزْمِيّ البرقاني فِي كِتَابه الْمخْرج على الصَّحِيحَيْنِ، بِالْإِسْنَادِ الَّذِي أخرجه بِهِ مُسلم، وَلَعَلَّ مُسلما حذفهَا لِأَنَّهَا عِنْده من وَجه آخر.
وَقد أخرجَا هَذِه الزِّيَادَة مَعَ زِيَادَة أُخْرَى من حَدِيث يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة أَن عَائِشَة حدثته قَالَت:
لم يكن النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَصُوم شهرا أَكثر من شعْبَان، فَإِنَّهُ كَانَ يَصُوم شعْبَان كُله، وَكَانَ يَقُول: " خُذُوا من الْعَمَل مَا تطيقون، فَإِن الله لَا
يمل حَتَّى تملوا. وَأحب الصَّلَاة إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَا دووم عَلَيْهَا وَإِن قلت، وَكَانَ إِذا صلى صَلَاة داوم عَلَيْهَا " لفظ الحَدِيث للْبُخَارِيّ.
وَفِي حَدِيث مُسلم: وَكَانَ يَقُول:
أحب الْعَمَل إِلَى الله مَا داوم عَلَيْهِ صَاحبه وَإِن قل ".
3268 -
الْخَامِس وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن سعد بن إِبْرَاهِيم عَن عَمه أبي سَلمَة عَن عَائِشَة قَالَت: مَا ألفاه السحر عِنْدِي إِلَّا نَائِما. تَعْنِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم.
وَفِي رِوَايَة مسعر عَن سعد قَالَت:
مَا ألفى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم السحر الْأَعْلَى فِي بَيْتِي أَو عِنْدِي إِلَّا نَائِما.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث الْأسود بن يزِيد قَالَ:
سَأَلت عَائِشَة: كَيفَ كَانَت صَلَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ؟ قَالَت: كَانَ ينَام أَوله وَيقوم آخِره، فَيصَلي ثمَّ يرجع إِلَى فرَاشه، فَإِذا أذن الْمُؤَذّن وثب، فَإِن كَانَت بِهِ حَاجَة اغْتسل، وَإِلَّا تَوَضَّأ وَخرج.
3269 -
السَّادِس وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة: أَن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خفيفتين بَين النداء وَالْإِقَامَة من صَلَاة الصُّبْح.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي الرِّجَال مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن أمه عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي رَكْعَتي الْفجْر فيخففهما، حَتَّى إِنِّي أَقُول: هَل قَرَأَ فيهمَا بِأم الْقُرْآن؟ .
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي رَكْعَتي الْفجْر إِذا سمع الْأَذَان، ويخففهما.
وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة:
إِذا طلع الْفجْر.
3270 -
السَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن سَالم أبي النَّضر مولى عمر بن عبيد الله عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا صلى رَكْعَتي الْفجْر - فَإِن كنت مستيقظةً حَدثنِي، وَإِلَّا اضْطجع. زَاد بشر بن الحكم عَن سُفْيَان: حَتَّى يُؤذن بِالصَّلَاةِ.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي عتاب عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة مثله، وَلم يذكر مَا زَاده بشر.
وَقد أخرج البُخَارِيّ من حَدِيث أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا صلى رَكْعَتي الْفجْر اضْطجع على شقَّه الْأَيْمن.
3271 -
الثَّامِن وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي النَّضر عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَصُوم حَتَّى نقُول: لَا يفْطر. وَيفْطر حَتَّى نقُول: لَا يَصُوم. وَمَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اسْتكْمل صِيَام شهرٍ قطّ إِلَّا شهر رَمَضَان، وَمَا رَأَيْته فِي شهرٍ أَكثر مِنْهُ صياما فِي شعْبَان.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث عبد الله بن أبي لبيد عَن أبي سَلمَة قَالَ:
سَأَلت عَائِشَة
عَن صِيَام رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. فَقَالَت: كَانَ يَصُوم حَتَّى نقُول: قد صَامَ. وَيفْطر حَتَّى نقُول: قد أفطر. وَلم أره صَائِما فِي شهرٍ قطّ أَكثر مِنْهُ فِي شعْبَان. كَانَ يَصُوم شعْبَان كُله، كَانَ يَصُوم شعْبَان إِلَّا قَلِيلا.
وَمن حَدِيث عبد الله بن شَقِيق الْعقيلِيّ قَالَ:
سَأَلت عَائِشَة عَن صَوْم النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: كَانَ يَصُوم حَتَّى نقُول: قد صَامَ، قد صَامَ، وَيفْطر حَتَّى نقُول: قد أفطر، قد أفطر. قَالَت: وَمَا رَأَيْته صَامَ شهرا كَامِلا مُنْذُ قدم الْمَدِينَة إِلَّا أَن يكون رَمَضَان.
وَفِي رِوَايَة كهمس عَن عبد الله بن شَقِيق قَالَت:
مَا عَلمته صَامَ شهرا كُله إِلَّا رَمَضَان، وَلَا أفطره كُله حَتَّى يَصُوم مِنْهُ، حَتَّى مضى لسبيله.
3272 -
التَّاسِع وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن عباد بن عبد الله بن الزبير عَن عَائِشَة قَالَت: إِن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّه احْتَرَقَ. فَقَالَ: " مَا لَك؟ " قَالَ: أصبت أَهلِي فِي رَمَضَان. فَأتي النَّبِي صلى الله عليه وسلم بمكتل يدعى الْعرق، فَقَالَ:" أَيْن المحترق؟ " قَالَ: أَنا. قَالَ: " تصدق بِهَذَا ".
وَفِي حَدِيث اللَّيْث عَن يحيى بن سعيد قَالَ:
وطِئت امْرَأَتي فِي رَمَضَان نَهَارا، قَالَ:" تصدق ". قَالَ: مَا عِنْدِي شيءٌ. فَأمره أَن يجلس، فَجَاءَهُ عرقان فيهمَا طَعَام، فَأمره أَن يتَصَدَّق بِهِ.
وَفِي حَدِيث ابْن وهب عَن عَمْرو بن الْحَارِث:
آتِي رجلٌ إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِد فِي رَمَضَان، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، احترقت احترقت. فَسَأَلَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا شَأْنه؟ فَقَالَ: أصبت أَهلِي. قَالَ: " تصدق " فَقَالَ: وَالله يَا نَبِي الله مَا
لي شَيْء، وَمَا أقدر عَلَيْهِ. قَالَ:" اجْلِسْ " فَجَلَسَ. فَبينا هُوَ على ذَلِك، أقبل رجل يَسُوق حمارا عَلَيْهِ طَعَام، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" أَيْن المحترق آنِفا؟ " فَقَامَ الرجل، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" تصدق بِهَذَا " فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أغيرنا، فوَاللَّه إِنَّا لجياعٌ، مَا لنا شيءٌ. قَالَ:" فكلوه ".
3273 -
الثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن عَائِشَة قَالَت: كنت أغسل الْجَنَابَة من ثوب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَيخرج إِلَى الصَّلَاة، وَإِن بقع المَاء فِي ثَوْبه.
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن بشر وَيحيى بن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يغسل الْمَنِيّ، ثمَّ يخرج إِلَى الصَّلَاة فِي ذَلِك الثَّوْب وَأَنا أنظر إِلَى أثر الْغسْل فِيهِ.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عَلْقَمَة وَالْأسود:
أَن رجلا نزل بعائشة، فَأصْبح يغسل ثَوْبه، فَقَالَت عَائِشَة: إِنَّمَا كَانَ يجزئك أَن تغسل مَكَانَهُ، وَإِن لم تره نضحت حوله. لقد رَأَيْتنِي أفركه من ثوب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فركاً، فَيصَلي فِيهِ.
وَمن حَدِيث الْأسود وَهَمَّام عَن عَائِشَة فِي الْمَنِيّ قَالَت:
كنت أفركه من ثوب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
وَمن حَدِيث عبد الله بن شهَاب الْخَولَانِيّ قَالَ:
كنت نازلاً على عَائِشَة فاحتلمت فِي ثوبي، فغمستهما فِي المَاء، فرأتني جاريةٌ لعَائِشَة فَأَخْبَرتهَا، فَبعثت إِلَيّ عَائِشَة فَقَالَت: مَا حملك على مَا صنعت بثوبيك؟ قَالَ: فَقلت: رَأَيْت مَا يرى النَّائِم فِي مَنَامه. قَالَت: هَل رَأَيْت فيهمَا شَيْئا؟ قلت: لَا. قَالَت: فَلَو رَأَيْت شَيْئا غسلته، لقد رَأَيْتنِي وَإِنِّي لأحكه من ثوب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَابسا بظفري.
وَلَيْسَ لعبد الله بن شهَاب عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
3274 -
الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن سُلَيْمَان يسَار عَن عَائِشَة قَالَت: مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعاً قطّ ضَاحِكا حَتَّى ترى لهواته، إِنَّمَا كَانَ يتبسم.
وَفِي حَدِيث أَحْمد بن عِيسَى عَن ابْن وهب نَحوه، وَزَاد:
وَكَانَ إِذا رأى غيماً عرف فِي وَجهه. قلت: يَا رَسُول الله، النَّاس إِذا رَأَوْا الْغَيْم فرحوا رَجَاء أَن يكون فِيهِ الْمَطَر، وأراك إِذا رَأَيْت غيماً عرف فِي وَجهك الْكَرَاهَة. فَقَالَ: " يَا عَائِشَة، وَمَا يؤمنني أَن يكون فِيهِ عذابٌ أَلِيم؟ قد عذب قومٌ بِالرِّيحِ، وَقد رأى قومٌ الْعَذَاب فَقَالُوا:{هَذَا عَارض مُمْطِرنَا} [الْأَحْقَاف] .
وَأَخْرَجَا بَعْضًا مِنْهُ من حَدِيث أبي مُحَمَّد عَطاء بن أبي رَبَاح عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا رأى مخيلة فِي السَّمَاء أقبل وَأدبر، وَدخل وَخرج، وَتغَير وَجهه صلى الله عليه وسلم، فَإِذا أمْطرت السَّمَاء سري عَنهُ، فعرفته عَائِشَة ذَلِك، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " وَمَا أَدْرِي، لَعَلَّه كَمَا قَالَ قوم:{فَلَمَّا رَأَوْهُ عارضا مُسْتَقْبل أَوْدِيَتهمْ قَالُوا هَذَا عَارض مُمْطِرنَا} [الْأَحْقَاف] .
وَفِي حَدِيث جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن عَطاء:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا كَانَ يَوْم الرّيح والغيم عرف ذَلِك فِي وَجهه، وَأَقْبل وَأدبر، فَإِذا مطرَت سر بِهِ وَذهب عَنهُ ذَلِك، قَالَت عَائِشَة: فَسَأَلته فَقَالَ: " إِنِّي خشيت أَن يكون عذَابا سلط على أمتِي " وَيَقُول إِذا رأى الْمَطَر: " رَحْمَة ".
وَفِي حَدِيث ابْن وهب عَن ابْن جريج عَن عَطاء أَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
إِذا عصفت الرّيح قَالَ:
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خَيرهَا، وَخير مَا فِيهَا، وَخير مَا أرْسلت بِهِ، وَأَعُوذ بك من شَرها، وَشر مَا فِيهَا، وَشر مَا أرْسلت بِهِ ". وَإِذا تَخَيَّلت السَّمَاء تغير لَونه، وَخرج وَدخل، وَأَقْبل وَأدبر، فَإِذا أمْطرت سري عَنهُ، فَعرفت ذَلِك عَائِشَة، فَسَأَلته فَقَالَ: " لَعَلَّه يَا عَائِشَة كَمَا قَالَ قوم عَاد: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عارضا مُسْتَقْبل أَوْدِيَتهمْ قَالُوا هَذَا عَارض مُمْطِرنَا} [الْأَحْقَاف] .
3275 -
الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد الله بن عَامر بن ربيعَة عَن عَائِشَة قَالَت: سهر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مقدمه إِلَى الْمَدِينَة لَيْلَة، فَقَالَ:" لَيْت رجلا صَالحا من أَصْحَابِي يَحْرُسنِي اللَّيْلَة " قَالَت: فَبينا نَحن كَذَلِك سمعنَا خشخشة سلَاح. فَقَالَ: " من هَذَا؟ " قَالَ: سعد بن أبي وَقاص. فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " مَا جَاءَ بك؟ " فَقَالَ: وَقع فِي نَفسِي خوفٌ على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَجئْت أحرسه. فَدَعَا لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ نَام.
وَفِي حَدِيث خَالِد بن مخلد، قَالَت:
أرق النَّبِي صلى الله عليه وسلم ذَات لَيْلَة
…
فَذكر نَحوه، وَقَالَ فِي آخِره: فَنَامَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم حَتَّى سمعنَا غَطِيطه.
3276 -
الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة وَأبي بكر بن عبد الرَّحْمَن أَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُدْرِكهُ الْفجْر فِي رَمَضَان جنبا من غير حلمٍ، فيغتسل ويصوم.
هُوَ لَهما من حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ، وَلم يذكرهُ أَبُو مَسْعُود إِلَّا لمُسلم وَحده.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك عَن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن ابْن الْحَارِث بن هِشَام بن الْمُغيرَة
أَنه سمع أَبَا بكر بن عبد الرَّحْمَن يَقُول: كنت أَنا
وَأبي، فَذَهَبت مَعَه حَتَّى دَخَلنَا على عَائِشَة، فَقَالَت:
أشهد على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن كَانَ ليُصبح جنبا من جماع غير احْتِلَام، ثمَّ يَصُوم. ثمَّ دَخَلنَا على أم سَلمَة فَقَالَت مثل ذَلِك.
وَفِي حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن:
أَن أَبَاهُ عبد الرَّحْمَن أخبر مَرْوَان أَن عَائِشَة وَأم سَلمَة أخبرتاه: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُدْرِكهُ الْفجْر وَهُوَ جنب من أَهله، ثمَّ يغْتَسل ويصوم. فَقَالَ مَرْوَان لعبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث: أقسم بِاللَّه لتقرعن بهَا أَبَا هُرَيْرَة - ومروان يَوْمئِذٍ على الْمَدِينَة. قَالَ أَبُو بكر: فكره ذَلِك عبد الرَّحْمَن، ثمَّ قدر لنا أَن نَجْتَمِع بِذِي الحليفة، وَكَانَت لأبي هُرَيْرَة هُنَالك أَرض، فَقَالَ عبد الرَّحْمَن لأبي هُرَيْرَة: إِنِّي ذاكرٌ لَك أمرا، وَلَوْلَا مَرْوَان أقسم عَليّ فِيهِ لم أذكرهُ، فَذكر قَول عَائِشَة وَأم سَلمَة، فَقَالَ: كَذَلِك حَدثنِي الْفضل بن عَبَّاس، وَهِي أعلم.
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ همام وَابْن عبد الله بن عمر عَن أبي هُرَيْرَة:
كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَأْمر بِالْفطرِ، وَالْأول أسْند.
وَفِي حَدِيث عبد الْملك بن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي بكر قَالَ:
سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يقص، يَقُول فِي قصصه: من أدْركهُ الْفجْر جنبا فَلَا يَصُوم. فَذكرت ذَلِك لعبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث - يَعْنِي لِأَبِيهِ، فَأنْكر ذَلِك. فَانْطَلق عبد الرَّحْمَن فَانْطَلَقت مَعَه حَتَّى دَخَلنَا على عَائِشَة وَأم سَلمَة، فَسَأَلَهُمَا عبد الرَّحْمَن عَن ذَلِك، فكلتاهما قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا من غير حلم، ثمَّ يَصُوم. قَالَ: فَانْطَلَقْنَا حَتَّى دَخَلنَا على مَرْوَان، فَذكر ذَلِك لَهُ عبد الرَّحْمَن، فَقَالَ مَرْوَان: عزمت عَلَيْك إِلَّا مَا ذهبت إِلَى أبي هُرَيْرَة فَرددت عَلَيْهِ مَا يَقُول: قَالَ: فَجِئْنَا أَبَا هُرَيْرَة وَأَبُو بكر حَاضر ذَلِك كُله، قَالَ: فَذكر لَهُ عبد الرَّحْمَن، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: أَهما قَالَتَا لَك؟ قَالَ:
نعم قَالَ: هما أعلم: ثمَّ رد أَبُو هُرَيْرَة مَا كَانَ يَقُول فِي ذَلِك إِلَى الْفضل بن الْعَبَّاس، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: سَمِعت ذَلِك من الْفضل وَلم أسمعهُ من النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَرجع أَبُو هُرَيْرَة عَمَّا كَانَ يَقُول فِي ذَلِك.
قَالَ يحيى بن سعيد:
قلت لعبد الْملك: أقالتا: فِي رَمَضَان؟ قَالَ: كَذَلِك، يصبح جنبا من غير حلم ثمَّ يَصُوم.
وَفِي حَدِيث مَالك عَن عبد ربه بن سعيد عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام عَن عَائِشَة وَأم سَلمَة أَنَّهُمَا قَالَتَا:
إِن كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ليُصبح جنبا من جماع غير احتلامٍ فِي رَمَضَان، ثمَّ يَصُوم.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي يُونُس مولى عَائِشَة عَن عَائِشَة:
أَن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم يستفتيه وَهِي تسمع من وَرَاء الْبَاب، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، تدركني الصَّلَاة وَأَنا جنب، فأصوم؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" وَأَنا تدركني الصَّلَاة وَأَنا جنب فأصوم " فَقَالَ: لست مثلنَا يَا رَسُول الله، قد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر. فَقَالَ: وَالله إِنِّي لأرجو أَن أكون أخشاكم لله، وَأعْلمكُمْ بِمَا أتقي ".
3277 -
الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي مُحَمَّد عبيد الله بن أبي مليكَة: أَن عَائِشَة كَانَت لَا تسمع شَيْئا لَا تعرفه إِلَّا راجعت فِيهِ حَتَّى تعرفه، وَأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ:" من حُوسِبَ يومٍ الْقِيَامَة عذب ". قَالَت عَائِشَة: فَقلت: أَو لَيْسَ يَقُول الله: {فَسَوف يُحَاسب حسابا يَسِيرا} [الانشقاق] قَالَت: فَقَالَ: " إِنَّمَا ذَلِك الْعرض، وَلَكِن من نُوقِشَ الْحساب يهْلك " وَمن الروَاة من قَالَ: " من نُوقِشَ الْحساب يَوْم الْقِيَامَة عذب ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عبيد الله بن أبي مليكَة عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة قَالَت:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " لَيْسَ أحدٌ يُحَاسب إِلَّا هلك " قَالَت: قلت: يَا رَسُول الله، جعلني فداءك، أَلَيْسَ يَقُول الله (فَأَما من أُوتِيَ كِتَابه بِيَمِينِهِ فَسَوف
يُحَاسب حسابا يَسِيرا} [الانشقاق] قَالَ: " ذَلِك الْعرض، يعرضون، وَمن نُوقِشَ الْحساب هلك ".
3278 -
الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن ابْن أبي مليكَة عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " إِن أبْغض الرِّجَال إِلَى الله الألد الْخصم ".
3279 -
السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي عَمْرو ذكْوَان مولى عَائِشَة قَالَت: قلت: يَا رَسُول الله، يستأمر النِّسَاء فِي أبضاعهن؟ قَالَ:" نعم ". قلت: فَإِن الْبكر تستأمر فتستحيي فتسكت. قَالَ: سكاتها إِذْنهَا ".
وَفِي حَدِيث أبي عَاصِم عَن ابْن جريج أَن عَائِشَة قَالَت:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " الْبكر تستأذن " قلت: إِن الْبكر تستحيي. قَالَ: " إِذْنهَا صماتها ".
وَفِي حَدِيث عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج، قَالَت:
سَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الْجَارِيَة ينْكِحهَا أَهلهَا، أتستأمر أم لَا؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" تستأمر ". قَالَت عَائِشَة: فَقلت لَهُ: فَإِنَّهَا تستحيي. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " فَذَلِك إِذْنهَا إِذا هِيَ سكتت "
3280 -
السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي عَاصِم عبيد بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: لم يكن النَّبِي صلى الله عليه وسلم على شَيْء من النَّوَافِل أَشد تعاهداً مِنْهُ على رَكْعَتي الْفجْر. وَمن الروَاة من قَالَ: أَشد معاهدة.
وَفِي حَدِيث حَفْص بن غياث عَن ابْن جريج:
مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي شيءٍ، من النَّوَافِل أسْرع مِنْهُ إِلَى الرَّكْعَتَيْنِ قبل الْفجْر.
وَأخرج مُسلم فِي فضلهما من حَدِيث سعد بن هِشَام بن عَامر عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ:
رَكعَتَا الْفجْر خيرٌ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ".
وَفِي حَدِيث سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن قَتَادَة
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي شَأْن الرَّكْعَتَيْنِ عِنْد طُلُوع الْفجْر: " لَهما أحب إِلَيّ من الدُّنْيَا جَمِيعًا ".
3281 -
الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي مُحَمَّد عَطاء بن أبي رَبَاح عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " لَا هِجْرَة بعد الْفَتْح، وَلَكِن جهادٌ وَنِيَّة، وَإِذا استنفرتم فانفروا " هَذَا حَدِيث عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي حُسَيْن عَن عَطاء.
وَفِي حَدِيث الْأَوْزَاعِيّ عَن عَطاء قَالَ:
زرت عَائِشَة مَعَ عبيد بن عُمَيْر فَسَأَلَهَا عَن الْهِجْرَة فَقَالَت: لَا هِجْرَة الْيَوْم، كَانَ الْمُؤمن يفر بِدِينِهِ إِلَى الله وَرَسُوله مَخَافَة أَن يفتن، فَأَما الْيَوْم فقد أظهر الله الْإِسْلَام، فالمؤمن يعبد ربه حَيْثُ شَاءَ، وَلَكِن جهادٌ وَنِيَّة.
وَفِي حَدِيث عَمْرو بن دِينَار وَابْن جريج عَن عَطاء قَالَت:
قد انْقَطَعت الْهِجْرَة حيت فتح الله على نبيه صلى الله عليه وسلم مَكَّة.
قَالَ فِي حَدِيث عَبدة عَن مُجَاهِد:
أَن ابْن عمر كَانَ يَقُول: لَا هِجْرَة. قَالَ: وحَدثني الْأَوْزَاعِيّ عَن عَطاء. قَالَ: زرت عَائِشَة مَعَ عبيد بن عُمَيْر
…
فَذكره.
3282 -
التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي شبْل عَلْقَمَة بن قيس قَالَ: قلت لعَائِشَة: هَل كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يخْتَص من الْأَيَّام شَيْئا؟ قَالَت: لَا، كَانَ عمله دِيمَة. وَأَيكُمْ يُطيق مَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُطيق.
3283 -
الْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن الْأسود بن يزِيد بن قيس عَن عَائِشَة قَالَت: اشْترى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من يَهُودِيّ بنسيئة، وَأَعْطَاهُ درعاً لَهُ رهنا.
وَفِي حَدِيث عبد الْوَاحِد بن زِيَاد عَن الْأَعْمَش قَالَ:
تَذَاكرنَا عِنْد إِبْرَاهِيم الرَّهْن
وَالْكَفِيل فِي السّلم، فَقَالَ: حَدثنِي الْأسود عَن عَائِشَة:
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم اشْترى طَعَاما من يَهُودِيّ إِلَى أجلٍ، وَرَهنه درعاً من حَدِيد.
وَفِي حَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ عَن الْأَعْمَش أَنَّهَا قَالَت:
توفّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَدِرْعه مرهونةٌ عِنْد يَهُودِيّ بِثَلَاثِينَ صَاعا من شعير.
3284 -
الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن الْأسود عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَت إحدانا إِذا كَانَت حَائِضًا فَأَرَادَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يُبَاشِرهَا، أمرهَا أَن تأتزر بإزار فِي فَور حَيْضَتهَا، ثمَّ يُبَاشِرهَا. قَالَت: وَأَيكُمْ يملك إربه كَمَا كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يملك إربه.
3285 -
الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن الْأسود عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أهْدى مرّة غنما.
وَلمُسلم من حَدِيث أبي مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش بِالْإِسْنَادِ أَنَّهَا قَالَت:
أهْدى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الْبَيْت غنما، فقلدها.
3286 -
الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن الْأسود عَن عَائِشَة قَالَت: رخص رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لأهل بَيت من الْأَنْصَار فِي الرّقية من كل ذِي حمة.
وَفِي رِوَايَة عبد الْوَاحِد بن زِيَاد:
سَأَلت عَائِشَة عَن الرّقية من الْحمة فَقَالَت: رخص رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الرّقية من كل ذِي حمة.
وَقد أخرجَا من حَدِيث عبد الله بن شَدَّاد عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَأْمُرنِي أَن أسترقي من الْعين.
3287 -
الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة:
عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: قلت للأسود: هَل سَأَلت عَائِشَة عَمَّا يكره أَن ينتبذ فِيهِ؟ فَقَالَ: نعم، قلت: يَا أم الْمُؤمنِينَ، عَم نهى النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن ينتبذ فِيهِ؟ قَالَت: نَهَانَا فِي ذَلِك - أهل الْبَيْت - أَن ننتبذ فِي الدُّبَّاء والمزفت. قَالَ: قلت لَهُ: أما ذكرت الحنتم والجر؟ قَالَ: إِنَّمَا أحَدثك بِمَا سَمِعت، أأحدثك مَا لم أسمع! .
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث ثُمَامَة بن حزن الْقشيرِي قَالَ:
لقِيت عَائِشَة فسألتها عَن النَّبِيذ. فحدثتني ان وَفد عبد الْقَيْس قدمُوا على النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلُوهُ عَن النَّبِيذ، فنهاهم أَن ينتبذوا فِي الدُّبَّاء والنقير والمزفت والحنتم.
ودعت عَائِشَة جَارِيَة حبشية فَقَالَت:
سل هَذِه، فَإِنَّهَا كَانَت تنبذ لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم. فَقَالَت الحبشية: كنت أَنْبِذ لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي سقاء من اللَّيْل، فأوكيه وأعلقه، فَإِذا أصبح شرب مِنْهُ. فرقة مُسلم فِي موضِعين من كتاب " الْأَشْرِبَة " بِإِسْنَاد وَاحِد.
وَلَيْسَ لثمامة بن حزن عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
وَلمُسلم أَيْضا من حَدِيث معاذوة العدوية عَن عَائِشَة قَالَت:
نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الدُّبَّاء والحنتم والنقير والمزفت.
وَفِي حَدِيث عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ مثله، إِلَّا أَنه جعل مَكَان المزفت: المقير.
وَمن حَدِيث الْحسن بن أبي الْحسن الْبَصْرِيّ عَن أمه خيرة عَن عَائِشَة قَالَت:
كُنَّا ننبذ لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي سقاء يوكى أَعْلَاهُ، وَله عزلاء، ننبذه غدْوَة، فيشربه عشياً، وننبذه عشياً فيشربه غدْوَة.
3288 -
الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن الْأسود بن يزِيد قَالَ: ذكرُوا عِنْد عَائِشَة: أَن عليا كَانَ وَصِيّا. قَالَت: مَتى أوصى إِلَيْهِ وَقد كنت مسندته إِلَى صَدْرِي - أَو قَالَت: حجري، فَدَعَا بالطست، فَلَقَد انخنث فِي حجري فَمَا شَعرت انه مَاتَ، فَمَتَى أوصى إِلَيْهِ؟ .
قَالَ أَبُو مَسْعُود: وَفِي حَدِيث أَزْهَر:
قَالَت: يَزْعمُونَ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أوصى إِلَى عَليّ
…
. . الحَدِيث. وَلَيْسَت فِي حَدِيث أَزْهَر فِيمَا رَأينَا من كتاب البُخَارِيّ هَذَا اللَّفْظ: يَزْعمُونَ أَنه أوصى إِلَى عَليّ.
3289 -
السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَسْرُوق بن الأجدع عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِذا أنفقت الْمَرْأَة من طَعَام بَيتهَا غير مفْسدَة فلهَا أجرهَا بِمَا أنفقت، وَللزَّوْج بِمَا اكْتسب، وللخازن مثل ذَلِك، لَا ينقص بَعضهم من أجر بعضٍ شَيْئا ".
3290 -
السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَسْرُوق بن الأجدع عَن عَائِشَة قَالَت: مَا رَأَيْت أحدا الوجع عَلَيْهِ أَشد من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
3291 -
الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَسْرُوق قَالَ: قلت لعَائِشَة: يَا أُمَّاهُ، هَل رأى محمدٌ ربه؟ فَقَالَت: لقد قف شعري مِمَّا قلت. أَيْن أَنْت من ثَلَاث، من
حدثكهن فقد كذب: من حَدثَك أَن مُحَمَّدًا رأى ربه فقد كذب. ثمَّ قَرَأت: {وَمَا كَانَ لبشر أَن يكلمهُ الله إِلَّا وَحيا أَو من وَرَاء حجاب أَو يُرْسل رَسُولا} [الشورى]{لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار وَهُوَ يدْرك الْأَبْصَار وَهُوَ اللَّطِيف الْخَبِير} [الْأَنْعَام] .
وَمن حَدثَك انه يعلم مَا فِي غَد فقد كذب، ثمَّ قَرَأت:
{وَمَا تَدْرِي نفس مَاذَا تكسب غَدا وَمَا تَدْرِي نفس بِأَيّ أَرض تَمُوت إِن الله عليم خَبِير} [لُقْمَان] .
وَمن حَدثَك أَنه كتم فقد كذب، ثمَّ قَرَأت:{يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك} [الْمَائِدَة] وَلكنه رأى جِبْرِيل فِي صورته مرَّتَيْنِ.
وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة عَن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة أَن مسروقاً قَالَ: قلت لعَائِشَة:
فَأَيْنَ قَوْله تَعَالَى: {ثمَّ دنا فَتَدَلَّى فَكَانَ قاب قوسين أَو أدنى} [النَّجْم] قَالَت: ذَاك جِبْرِيل، كَانَ يَأْتِيهِ فِي صُورَة الرجل، وَإنَّهُ أَتَاهُ هَذِه الْمرة فِي صورته الَّتِي هِيَ صورته، فسد الْأُفق.
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن يُوسُف عَن سُفْيَان:
وَمن حَدثَك أَنه يعلم الْغَيْب فقد كذب، وَهُوَ يَقُول: لَا يعلم الْغَيْب إِلَّا الله.
وَفِي حَدِيث زُهَيْر بن حَرْب عَن ابْن علية - وَهُوَ أتم:
أَن مسروقاً قَالَ: كنت مُتكئا عِنْد عَائِشَة فَقَالَت: يَا أَبَا عَائِشَة، ثلاثٌ من تكلم بواحدةٍ مِنْهُنَّ فقد أعظم على الله الْفِرْيَة. قلت: وَمَا هن؟ قَالَت: من زعم أَن مُحَمَّدًا رأى بِهِ ربه فقد أعظم على الله الْفِرْيَة. قَالَ: وَكنت مُتكئا فَجَلَست فَقلت: يَا أم الْمُؤمنِينَ، انظريني وَلَا تعجليني - ألم يقل الله عز وجل:{وَلَقَد رَآهُ بالأفق الْمُبين} [التكوير]{وَلَقَد رَآهُ نزلة أُخْرَى} [النَّجْم] فَقَالَت: أَنا أول هَذِه الْأمة سَأَلَ عَن ذَلِك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: " إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيل، لم أره على صورته الَّتِي خلق عَلَيْهَا
غير هَاتين الْمَرَّتَيْنِ، رَأَيْته منهبطاً من السَّمَاء، سَادًّا عظم خلقه مَا بَين السَّمَاء إِلَى الأَرْض. فَقَالَت: أَو لم تسمع أَن الله يَقُول: {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار وَهُوَ يدْرك الْأَبْصَار وَهُوَ اللَّطِيف الْخَبِير} [الْأَنْعَام] أَو لم تسمع أَن الله يَقُول: {وَمَا كَانَ لبشر أَن يكلمهُ الله إِلَّا وَحيا أَو من وَرَاء حجاب أَو يُرْسل رَسُولا فَيُوحِي بِإِذْنِهِ} [الشورى] إِلَى قَوْله: {عَليّ حَكِيم} [الشورى] .
قَالَت:
وَمن زعم أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كتم شَيْئا من كتاب الله فقد أعظم على الله الْفِرْيَة، وَالله تَعَالَى يَقُول:{يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك وَإِن لم تفعل فَمَا بلغت رسَالَته} [الْمَائِدَة] .
قَالَت:
وَمن زعم أَنه يخبر بِمَا يكون فِي غَد فقد أعظم على الله الْفِرْيَة، وَالله تَعَالَى يَقُول:{قل لَا يعلم من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض الْغَيْب إِلَّا الله} [النَّمْل] .
وَفِي حَدِيث أبي مُوسَى مُحَمَّد بن الْمثنى عَن عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ عَن دَاوُد نَحوه.
وَزَاد: قَالَت: وَلَو كَانَ محمدٌ كَاتِما شَيْئا مِمَّا أنزل عَلَيْهِ لكَتم هَذِه الْآيَة: {وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ وأنعمت عَلَيْهِ أمسك عَلَيْك زَوجك وَاتَّقِ الله وتخفي فِي نَفسك مَا الله مبديه وتخشى النَّاس وَالله أَحَق أَن تخشاه} [الْأَحْزَاب] .
وَأخرج البُخَارِيّ طرفا من حَدِيث عبد الله بن عون عَن الْقَاسِم قَالَت:
من زعم أَن مُحَمَّدًا رأى ربه فقد أعظم، وَلَكِن قد رأى جِبْرِيل فِي صورته وخلقه، سَادًّا مَا بَين الْأُفق.
3292 -
التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة:
عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت: دخل عَليّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَعِنْدِي رجلٌ، فَقَالَ:" يَا عَائِشَة، من هَذَا؟ " قلت: أخي من الرضَاعَة.
قَالَ: " يَا عَائِشَة، انظرن من إخوانكن، فَإِنَّمَا الرضَاعَة من المجاعة ".
قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه ابْن مهْدي عَن سُفْيَان - يَعْنِي الثَّوْريّ.
وَفِي حَدِيث هناد بن السّري عَن أبي الْأَحْوَص أَنَّهَا قَالَت:
دخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَعِنْدِي رجل قَاعد، فَاشْتَدَّ ذَلِك عَلَيْهِ، وَرَأَيْت الْغَضَب فِي وَجهه، قَالَت: فَقلت: يَا رَسُول الله، إِنَّه أخي من الرضَاعَة. فَقَالَ:" انظرن إخوتكن من الرضَاعَة، فَإِنَّمَا الرضَاعَة من المجاعة ".
وَلمُسلم من حَدِيث عبد الله بن الزبير عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ:
لَا تحرم المصة وَلَا المصتان ".
3293 -
الْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُعجبهُ التَّيَمُّن فِي تنعله وَترَجله وَطهُوره، وَفِي شَأْنه كُله.
وَفِي رِوَايَة أبي الشعْثَاء عَن مَسْرُوق: يحب التَّيَمُّن مَا اسْتَطَاعَ.
3294 -
الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت: لما نزلت الْآيَات الْأَوَاخِر من سُورَة الْبَقَرَة - فِي الرِّبَا - خرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فتلاهن فِي الْمَسْجِد وَحرم التِّجَارَة فِي الْخمر.
وَفِي رِوَايَة مُسلم بن إِبْرَاهِيم عَن شُعْبَة:
خرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " حرمت التِّجَارَة فِي الْخمر ".
3295 -
الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت: مَا صلى النَّبِي صلى الله عليه وسلم صَلَاة بعد أَن نزلت عَلَيْهِ: {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} [سُورَة النَّصْر] إِلَّا يَقُول فِيهَا: " سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، اللَّهُمَّ اغْفِر لي ".
وَفِي رِوَايَة جرير عَن مَنْصُور، قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أَن يَقُول فِي رُكُوعه وَسُجُوده: " سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، اللَّهُمَّ اغْفِر لي. " يتَأَوَّل الْقُرْآن.
وَفِي حَدِيث أبي الضُّحَى عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أَن يَقُول قبل أَن يَمُوت: " سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك. " قَالَت: فَقلت: يَا رَسُول الله، مَا هَذِه الْكَلِمَات الَّتِي أَرَاك أحدثتها وتقولها؟ قَالَ: " جعلت لي علامةٌ فِي أمتِي إِذا رَأَيْتهَا قلتهَا: {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} إِلَى آخر السُّورَة.
وَفِي رِوَايَة عَامر الشّعبِيّ عَن مَسْرُوق قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من قَوْله: " سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ، أسْتَغْفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ " وَقَالَ: " خبرني رَبِّي أَنِّي سأرى عَلامَة فِي أمتِي، فَإذْ رَأَيْتهَا أكثرت من قَول: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ، أسْتَغْفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ. فقد رَأَيْتهَا:{إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} فتح مَكَّة. {وَرَأَيْت النَّاس يدْخلُونَ فِي دين الله أَفْوَاجًا فسبح بِحَمْد رَبك وَاسْتَغْفرهُ إِنَّه كَانَ تَوَّابًا} .
3296 -
الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت: صنع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم شَيْئا فترخص فِيهِ، فتنزه عَنهُ قومٌ، فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَخَطب فَحَمدَ الله ثمَّ قَالَ:" مَا بَال أقوامٍ يتنزهون عَن الشَّيْء أصنعه، فوَاللَّه إِنِّي لأعلمهم بِاللَّه، وأشدهم لَهُ خشيَة ".
3297 -
الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا دخل الْعشْر أَحْيَا اللَّيْل، وَأَيْقَظَ أَهله، وَشد المئزر.
وَلمُسلم من حَدِيث الْأسود عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يجْتَهد فِي الْعشْر الْأَوَاخِر مَا لَا يجْتَهد فِي غَيره.
3298 -
الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت: من كل اللَّيْل قد أوتر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، من أول اللَّيْل وأوسطه وَآخره، فَانْتهى وتره إِلَى السحر. لفظ حَدِيث يحيى بن وثاب عَن مَسْرُوق.
3299 -
السَّادِس وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن سعد بن هِشَام بن عَامر عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " الماهر بِالْقُرْآنِ مَعَ السفرة الْكِرَام البررة. وَالَّذِي يقْرَأ الْقُرْآن ويتتعتع فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ ".
وَلَيْسَ لسعد بن هِشَام عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا.
3300 -
السَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي بردة عَامر بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: أخرجت إِلَيْنَا عَائِشَة كسَاء وإزاراً غليظاً، فَقَالَت: قبض روح النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي هذَيْن.
وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن حميد بن هِلَال أَن أَبَا بردة قَالَ:
دخلت على عَائِشَة، فأخرجت لنا إزاراً غليظاً مِمَّا يصنع بِالْيمن وَكسَاء من الَّتِي تسمونها الملبدة.
قَالَ: وَأَقْسَمت بِاللَّه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قبض فِي هذَيْن الثَّوْبَيْنِ.
وَلَيْسَ لأبي بردة بن أبي مُوسَى عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث.
3301 -
الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن نَافِع مولى ابْن عمر قَالَ: حدث ابْن عمر أَن أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: من تبع جَنَازَة فَلهُ قِيرَاط. قَالَ: أَكثر أَبُو هُرَيْرَة علينا.
فَبعث إِلَى عَائِشَة، فصدقت أَبَا هُرَيْرَة، وَقَالَت: سَمِعت الله صلى الله عليه وسلم بقوله. فَقَالَ ابْن عمر: لقد فرطنا فِي قراريط كَثِيرَة.
3302 -
التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي الرِّجَال مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن أمه عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن - وَكَانَت فِي حجر عَائِشَة - عَن عَائِشَة: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سَرِيَّة، وَكَانَ يقْرَأ لأَصْحَابه فِي صلَاتهم، فيختم ب {قل هُوَ الله أحد} فَلَمَّا رجعُوا ذكرُوا ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ " سلوه، لأي شيءٍ صنعت ذَلِك؟ " فَسَأَلُوهُ فَقَالَ: لِأَنَّهَا صفة الرَّحْمَن، فَأَنا أحب أَن أَقرَأ بهَا.
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " أَخْبرُوهُ أَن الله يُحِبهُ ".
3303 -
السِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي الرِّجَال عَن أمه عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَت: سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صَوت خصومٍ بِالْبَابِ، عاليةً أصواتهما، وَإِذا أَحدهمَا يستوضع الآخر ويسترفقه فِي شيءٍ، وَهُوَ يَقُول: وَالله لَا أفعل. فَخرج عَلَيْهِمَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " أَيْن المتألي على الله لَا يفعل الْمَعْرُوف؟ " فَقَالَ: أَنا رَسُول الله، فَلهُ أَي ذَلِك أحب.
3304 -
الْحَادِي وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَت: لما جَاءَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قتل ابْن حَارِثَة وجعفر بن أبي طَالب وَعبد الله ابْن رَوَاحَة، جلس يعرف فِيهِ الْحزن، وَأَنا أنظر من صائر الْبَاب - تَعْنِي شقّ الْبَاب - فَأَتَاهُ رجل فَقَالَ: إِن نسَاء جَعْفَر
…
وَذكر بكاءهن. فَأمره أَن ينهاهن، فَذهب ثمَّ أُتِي الثَّانِيَة، فَذكر إنَّهُنَّ لم يطعنه، فَقَالَ:" انههن ". فَأَتَاهُ الثَّالِثَة فَقَالَ: وَالله لقد غلبننا يَا رَسُول الله، فَزَعَمت أَنه قَالَ:" فاحث فِي أفواههن التُّرَاب " قَالَت عَائِشَة: فَقلت: أرْغم الله أَنْفك، وَالله مَا تفعل مَا أَمرك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَلم تتْرك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من العناء.
3305 -
الثَّانِي وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن يحيى بن سعيد عَن عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَت: لَو أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رأى مَا أحدث النِّسَاء لمنعهن الْمَسَاجِد كَمَا منعت نسَاء
بني إِسْرَائِيل، قَالَ: فَقلت لعمرة: أنساء بني إِسْرَائِيل منعن الْمَسْجِد؟ قَالَت: نعم.
3306 -
الثَّالِث وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد ربه بن سعيد عَن عمْرَة عَن عَائِشَة: إِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا اشْتَكَى الْإِنْسَان الشَّيْء مِنْهُ، أَو إِذا كَانَت بِهِ قرحَة أَو جرح قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم بإصبعه هَكَذَا - وَوضع سُفْيَان سبابته بِالْأَرْضِ ثمَّ رَفعهَا - وَقَالَ:" باسم الله، تربة أَرْضنَا، بريقة بَعْضنَا، يشفى بِهِ سقيمنا بِإِذن رَبنَا " اللَّفْظ لِابْنِ أبي عمر عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة.
وَفِي حَدِيث صَدَقَة بن الْفضل الْمروزِي عَنهُ:
كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول فِي الرّقية: " تربة أَرْضنَا، وريقة بَعْضنَا، يشفى بِهِ سقيمنا بِإِذن رَبنَا ".
وَلَيْسَ لعبد ربه بن سعيد عَن عمْرَة فِي مُسْند عَائِشَة من الصَّحِيح غير هَذَا.
3307 -
الرَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عمر بن حزم عَن عمْرَة عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مَا زَالَ جِبْرِيل يوصيني بالجار حَتَّى ظَنَنْت أَنه سيورثه ".
وَفِي رِوَايَة عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ: " حَتَّى ظَنَنْت ليورثنه ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي الْمُنْذر هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ:
مَا زَالَ جِبْرِيل يوصيني بالجار حَتَّى ظَنَنْت أَنه ليورثنه ".
3308 -
الْخَامِس وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي بكر مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن عمْرَة أَنَّهَا سَمِعت عَائِشَة - وَذكر لَهَا أَن عبد الله بن عمر يَقُول: إِن الْمَيِّت ليعذب ببكاء الْحَيّ، فَقَالَت عَائِشَة: يغْفر الله لأبي عبد الرَّحْمَن، أما إِنَّه لم يكذب، وَلكنه نسي
أَو أَخطَأ، إِنَّمَا مر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على يَهُودِيَّة يبكى عَلَيْهَا، فَقَالَ:" إِنَّه ليبكى عَلَيْهَا، وَإِنَّهَا لتعذب فِي قبرها " اللَّفْظ لقتيبة بن سعيد عَن مَالك، وَهُوَ أتم.
ولهشام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة نَحوه. وَهُوَ مَذْكُور فِي مُسْند ابْن عمر.
3309 -
السَّادِس وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن مَنْصُور بن عبد الرَّحْمَن عَن أمه صَفِيَّة بنت شيبَة عَن عَائِشَة: أَن امْرَأَة من الْأَنْصَار سَأَلت النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن الْغسْل من الْمَحِيض، فَأمرهَا كَيفَ تَغْتَسِل ثمَّ قَالَ:" خذي فرْصَة من مسك فتطهري بهَا " قَالَت: كَيفَ أتطهر بهَا؟ فاجتذبتها إِلَيّ فَقلت: تتبعي أثر الدَّم. وَمن الروَاة من قَالَ: " خذي فرْصَة ممسكة فتوضئي بهَا ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث إِبْرَاهِيم بن المُهَاجر عَن صَفِيَّة عَن عَائِشَة:
أَن أَسمَاء سَأَلت النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن غسل الْمَحِيض، فَقَالَ:" تَأْخُذ إحداكن ماءها وسدرها، فَتطهر فتحسن الطّهُور، ثمَّ تصب على رَأسهَا فتدلكه دلكا شَدِيدا حَتَّى تبلغ شؤون رَأسهَا، ثمَّ تصب عَلَيْهَا المَاء، ثمَّ تَأْخُذ فرْصَة ممسكة فَتطهر. " فَقَالَت أَسمَاء: وَكَيف تطهر بهَا؟ فَقَالَ: " سُبْحَانَ الله، تطهري بهَا " قَالَت عَائِشَة: كَأَنَّهَا تخفي ذَلِك: تتبعي بهَا أثر الدَّم.
وَسَأَلته عَن غسل الْجَنَابَة، فَقَالَ:
تَأْخُذ مَاء فَتطهر فتحسن الطّهُور أَو تبلغ الطّهُور، ثمَّ تصب على رَأسهَا فتدلكه حَتَّى تبلغ شؤون رَأسهَا، ثمَّ تفيض عَلَيْهَا المَاء " فَقَالَت عَائِشَة: نعم النِّسَاء نسَاء الْأَنْصَار، لم يكن يمنعهن الْحيَاء أَن يتفقهن فِي الدّين.
وَفِي حَدِيث معَاذ الْعَنْبَري عَن شُعْبَة نَحوه، وَقَالَ:" سُبْحَانَ الله " واستتر.
وَفِي حَدِيث أبي الْأَحْوَص عَن إِبْرَاهِيم بن مهَاجر:
دخلت أَسمَاء بنت شكل على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: كَيفَ تَغْتَسِل إحدانا إِذا طهرت من الْحيض؟ وَذكر الحَدِيث، وَلم يذكر غسل الْجَنَابَة.
3310 -
السَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن مَنْصُور بن صَفِيَّة أَن أمه حدثته أَن عَائِشَة حدثتها قَالَت: إِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يتكئ فِي حجري وَأَنا حَائِض وَيقْرَأ الْقُرْآن.
وَفِي حَدِيث قبيصَة عَن سُفْيَان قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقْرَأ الْقُرْآن وَرَأسه فِي حجري وَأَنا حَائِض.
3311 -
الثَّامِن وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن الْحسن بن مُسلم بن يناق عَن صَفِيَّة بنت شيبَة عَن عَائِشَة: أَن جَارِيَة من الْأَنْصَار تزوجت، وَأَنَّهَا مَرضت فتمعط شعرهَا، فأرادوا أَن يصلوها، فسألوا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" لعن الله الْوَاصِلَة وَالْمسْتَوْصِلَة " قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه ابْن إِسْحَاق عَن أبان بن صَالح عَن الْحسن بن مُسلم عَن صَفِيَّة.
وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن نَافِع عَن الْحسن بن مُسلم:
أَن امْرَأَة من الْأَنْصَار زوجت ابْنَتهَا، فتمعط شعر رَأسهَا، فَجَاءَت إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ، وَقَالَت: إِن زَوجهَا أَمرنِي أَن أصل فِي شعرهَا، فَقَالَ:" لَا، إِنَّه قد لعن الموصلات ".
وَفِي رِوَايَة زيد بن الْحباب عَن إِبْرَاهِيم بن نَافِع، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:
لعن الواصلات ".
وَفِي رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن إِبْرَاهِيم
لعن الموصلات ".
وَفِي رِوَايَة يحيى بن أبي بكر
عَن شُعْبَة فتمعط شعرهَا، فأرادوا أَن يصلوه، فسألوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن ذَلِك، فلعن الْوَاصِلَة وَالْمسْتَوْصِلَة.
3312 -
التَّاسِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن معَاذَة العدوية عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ: إِن امْرَأَة قَالَت لعَائِشَة أتجزئ إحدانا صلَاتهَا إِذا طهرت؟ فَقَالَت: أحروريةٌ أَنْت؟ . كُنَّا نحيض مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَلَا يَأْمُرنَا، أَو قَالَت: فَلَا نفعله.
وَفِي حَدِيث عَاصِم الْأَحول عَن معَاذَة قَالَت:
سَأَلت عَائِشَة فَقلت: مَا بَال الْحَائِض تقضي الصَّوْم وَلَا تقضي الصَّلَاة؟ فَقَالَت: أحروية أَنْت؟ قلت: لست بحرورية، وَلَكِنِّي أسأَل. قَالَت: كَانَ يصيبنا ذَلِك فنؤمر بِقَضَاء الصَّوْم وَلَا نؤمر بِقَضَاء الصَّلَاة.
وَفِي رِوَايَة حَمَّاد بن زيد عَن يزِيد الرشك عَن معَاذَة:
أَن امْرَأَة سَأَلت عَائِشَة فَقَالَت: أتقضي إحدانا الصَّلَاة أَيَّام محيضها؟ فَقَالَت: أحروريةٌ أَنْت؟ قد كَانَت إحدانا تحيض على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ لَا تُؤمر بِقَضَاء.
وَفِي حَدِيث شُعْبَة عَن يزِيد:
قد كن نسَاء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يحضن، أفأمرهن أَن يجزين؟ قَالَ مُحَمَّد بن جَعْفَر، غنْدر: تَعْنِي يقضين.
3313 -
السبعون بعد الْمِائَة: من الْمُتَّفق عَلَيْهِ من ترجمتين: أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يقوم من اللَّيْل حَتَّى تتفطر قدماه. فَقَالَت عَائِشَة: لم تصنع هَذَا يَا رَسُول الله وَقد غفر الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر؟ قَالَ: " أَفلا أحب أَن أكون عبدا شكُورًا " فَلَمَّا كثر لَحْمه صلى جَالِسا، فَإِذا أَرَادَ أَن يرْكَع قَامَ فَقَرَأَ ثمَّ ركع.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث يزِيد بن عبد الله بن قسيط عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا صلى قَامَ حَتَّى تتفطر قدماه. فَقَالَت لَهُ عَائِشَة: أتصنع هَذَا وَقد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر؟ فَقَالَ: " يَا عَائِشَة، أَفلا أكون عبدا شكُورًا ".
3314 -
الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: من ذَلِك:
أخرجه البُخَارِيّ عَن أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا أَرَادَ أَن ينَام وَهُوَ جنبٌ غسل فرجه وَتَوَضَّأ للصَّلَاة.
أخرجه أَبُو بكر البرقاني من حَدِيث يحيى بن بكير بِالْإِسْنَادِ الَّذِي أخرجه بِهِ البُخَارِيّ: أَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] إِذا أَرَادَ أَن ينَام وَهُوَ جنب غسل فرجه، ثمَّ تَوَضَّأ للصَّلَاة ثمَّ ينَام. وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة قَالَ:
سَأَلت عَائِشَة: أَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يرقد وَهُوَ جنب؟ قَالَت: نعم، وَيتَوَضَّأ. وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي بكر مُحَمَّد بن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة
عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن عَائِشَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا أَرَادَ أَن ينَام وَهُوَ جنبٌ تَوَضَّأ للصَّلَاة قبل أَن ينَام.
وَفِي حَدِيث الْأسود بن يزِيد بن قيس النَّخعِيّ عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا كَانَ جنبا، فَإِن أَرَادَ أَن يَأْكُل أَو ينَام تَوَضَّأ وضوءه.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث عبد الله بن أبي قيس قَالَ:
سَأَلت عَائِشَة عَن وتر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
…
فَذكر الحَدِيث، وَفِيه: قلت: كَيفَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يصنع فِي الْجَنَابَة: أَكَانَ يغْتَسل قبل أَن ينَام، أَو ينَام قبل أَن يغْتَسل؟ قَالَت: كل ذَلِك قد كَانَ يفعل، فَرُبمَا اغْتسل فَنَامَ، وَرُبمَا تَوَضَّأ فَنَامَ. قلت: الْحَمد لله الَّذِي جعل فِي الْأَمر سَعَة.
اخْتَصَرَهُ مُسلم فَأخْرج مِنْهُ غَرَضه فِي النّوم قبل الْغسْل، وَنَبَّهنَا على ذَلِك بقوله. . وَذكر الحَدِيث. فبحثنا عَنهُ لنجد تَمَامه، فَوَجَدنَا الإِمَام أَبَا بكر البرقاني قد أخرجه بِطُولِهِ فِيمَا خرج على الصَّحِيحَيْنِ، من حَدِيث قُتَيْبَة عَن اللَّيْث، كَمَا أخرج مُسلم مِنْهُ مَا أخرج، وأوله قَالَ: سَأَلت عَائِشَة عَن وتر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقلت: كَانَ يُوتر من أول اللَّيْل أم من آخِره؟ قَالَت: رُبمَا أوتر من أول اللَّيْل، وَرُبمَا أوتر من آخِره. قلت: الْحَمد لله الَّذِي جعل فِي الْأَمر سَعَة.
فَقلت: فَكيف كَانَت قِرَاءَته:
أَكَانَ يسر بِالْقِرَاءَةِ أَو يجْهر؟ قَالَت: كل ذَلِك قد كَانَ يفعل، رُبمَا أسر وَرُبمَا جهر. فَقلت: الْحَمد لله الَّذِي جعل فِي الْأَمر سَعَة.
فَقلت: كَيفَ كَانَ يصنع فِي الْجَنَابَة: أَكَانَ يغْتَسل قبل أَن ينَام، أَو ينَام قبل أَن يغْتَسل؟ قَالَت: كل ذَلِك قد كَانَ يفعل، فَرُبمَا اغْتسل فَنَامَ، وَرُبمَا تَوَضَّأ فَنَامَ.
قلت: الْحَمد لله الَّذِي جعل فِي الْأَمر سَعَة.
وَلَيْسَ لعبد الله بن أبي قيس عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا. وَلم يخرج لَهُ البُخَارِيّ عَنْهَا شَيْئا.
3315 -
الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: من ذَلِك أَيْضا اتفقَا فِي الْمسند مِنْهُ.
فَأخْرجهُ البُخَارِيّ من حَدِيث مَسْرُوق عَن عَائِشَة:
أَن بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم قُلْنَ للنَّبِي صلى الله عليه وسلم: أَيّنَا أسْرع بك لُحُوقا؟ قَالَ: " أَطْوَلكُنَّ يدا " فَأخذُوا قَصَبَة يَذْرَعُونَهَا، فَكَانَت سَوْدَة أَطْوَلهنَّ يدا. فَعلمنَا بعد أَنما كَانَ طول يَدهَا الصَّدَقَة، وَكَانَت أَسْرَعنَا لُحُوقا بِهِ، وَكَانَت تحب الصَّدَقَة.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عَائِشَة بنت طَلْحَة عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ، قَالَت:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " أَسْرَعكُنَّ لحَاقًا بِي أَطْوَلكُنَّ يدا " قَالَت: فَكُن يَتَطَاوَلْنَ أيتهن أطول يدا. قَالَت: فَكَانَت أطولنا يدا زَيْنَب، لِأَنَّهَا كَانَت تعْمل بِيَدِهَا وَتصدق.
3316 -
الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: من ذَلِك:
أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن عَن عَائِشَة قَالَت:
الضحية كُنَّا نملح مِنْهُ، فَتقدم بِهِ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ:" لَا تَأْكُلُوا إِلَّا ثَلَاثَة أَيَّام " وَلَيْسَت بعزيمة، وَلَكِن أَرَادَ أَن نطعم مِنْهُ، وَالله أعلم.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن عبد الله بن وَاقد قَالَ:
نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن أكل لُحُوم الضَّحَايَا بعد ثَلَاث. قَالَ عبد الله بن أبي بكر: فَذكرت ذَلِك لعمرة، فَقَالَت: صدق، سَمِعت عَائِشَة تَقول: دف أهل أبياتٍ من أهل الْبَادِيَة حَضْرَة الْأَضْحَى زمن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ
رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:
ادخروا ثَلَاثًا، ثمَّ تصدقوا بِمَا بَقِي " فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك قَالُوا: يَا رَسُول الله، إِن النَّاس يتخذون الأسقية من ضحاياهم، ويجملون فِيهَا الودك.
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " وَمَا ذَاك؟ " قَالُوا: نهيت أَن تُؤْكَل لُحُوم الضَّحَايَا بعد ثَلَاث.
فَقَالَ:
إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ لأجل الدافة الَّتِي دفت، فَكُلُوا وَادخرُوا وتصدقوا ".
3317 -
الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن أَبَا حُذَيْفَة بن عتبَة بن ربيعَة بن عبد شمس - وَكَانَ مِمَّن شهد بَدْرًا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم تبنى سالما، وأنكحه بنت أَخِيه الْوَلِيد بن عتبَة بن ربيعَة - وَهُوَ مولى لامْرَأَة من الْأَنْصَار، كَمَا تبنى النَّبِي صلى الله عليه وسلم زيدا، وَكَانَ من تبنى رجلا فِي الْجَاهِلِيَّة دَعَاهُ النَّاس إِلَيْهِ، وَورثه من مِيرَاثه، حَتَّى أنزل الله:{ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ} إِلَى قَوْله: {ومواليكم} [الْأَحْزَاب] فَردُّوا إِلَى آبَائِهِم. فَمن لم يعلم لَهُ أبٌ كَانَ مولى وأخاً فِي الدّين. فَجَاءَت سهلة بنت سُهَيْل بن عَمْرو الْقرشِي ثمَّ العامري، وَهِي امْرَأَة أبي حُذَيْفَة - النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِنَّا كُنَّا نرى سالما ولدا، وَقد أنزل الله فِيهِ مَا قد علمت. وَذكر الحَدِيث. هَكَذَا هُوَ عِنْد البُخَارِيّ، لم يخرج تَمَامه. وَقد وَقع الحَدِيث بِطُولِهِ من حَدِيث أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ.
وَأخرجه أَبُو بكر البرقاني فِي كِتَابه بِطُولِهِ، من حَدِيث أبي الْيَمَان أَيْضا وَعنهُ أخرج البُخَارِيّ مَا أخرج مِنْهُ، وَفِيه بعد قَوْلهَا:
وَكُنَّا نرى سالما ولدا: وَكَانَ يأوي معي وَمَعَ أبي حُذَيْفَة فِي بَيت وَاحِد، ويراني فضلا، وَقد أنزل الله مَا قد علمت، فَكيف ترى يَا رَسُول الله؟ فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" أرضعيه " فأرضعته خمس رَضعَات، فَكَانَ بِمَنْزِلَة وَلَدهَا من الرضَاعَة، فبذلك كَانَت عَائِشَة تَأمر بَنَات
إخوتها وَبَنَات أخواتها أَن يرضعن من أحبت عَائِشَة أَن يَرَاهَا وَيدخل عَلَيْهَا - وَإِن كَانَ كَبِيرا - خمس رَضعَات، ثمَّ يدْخل عَلَيْهَا. وأبت أم سَلمَة وَسَائِر أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن يدخلن عَلَيْهِنَّ بِتِلْكَ الرضَاعَة أحدا من النَّاس حتي يرضع من المهد.
وقلن لعَائِشَة: وَالله مَا نَدْرِي، لَعَلَّهَا رخصَة لسالم من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم دون النَّاس.
وَقد أخرج مُسلم مَجِيء سهلة فِي ذَلِك من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
جَاءَت سهلة بنت سُهَيْل بن عَمْرو إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِنِّي أرى فِي وَجه أبي حُذَيْفَة من دُخُول سَالم وَهُوَ حليفه، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:" أرضعيه " قَالَت: وَكَيف أرضعه وَهُوَ رجل كَبِير؟ فَتَبَسَّمَ رَسُول الله، وَقَالَ:" قد علمت أَنه رجل كَبِير " وَكَانَ قد شهد بَدْرًا.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة:
أَن سالما مولى أبي حُذَيْفَة كَانَ مَعَ أبي حُذَيْفَة وَأَهله فِي بَيتهمْ، فَأَتَت - يَعْنِي سهلة بنت سُهَيْل النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: إِن سالما قد بلغ مَا يبلغ الرِّجَال، وعقل مَا عقلوا، وَإنَّهُ يدْخل علينا، وَإِنِّي أَظن أَن فِي نفس أبي حُذَيْفَة من ذَلِك شَيْئا، فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم:" أرضعيه تحرمي عَلَيْهِ، وَيذْهب الَّذِي فِي نفس أبي حُذَيْفَة " فَرَجَعت فَقَالَت: إِنِّي قد أَرْضَعَتْه، فَذهب الَّذِي فِي نفس أبي حُذَيْفَة.
وَأخرج أَيْضا من حَدِيث زَيْنَب بنت أم سَلمَة قَالَت:
قَالَت أم سَلمَة لعَائِشَة: إِنَّه يدْخل عَلَيْك الْغُلَام الأيفع الَّذِي مَا أحب أَن يدْخل عَليّ. قَالَت: فَقَالَت عَائِشَة: أما لَك فِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أُسْوَة وَقَالَت: إِن امْرَأَة أبي حُذَيْفَة قَالَت: يَا
رَسُول الله، إِن سالما يدْخل عَليّ وَهُوَ رجل، وَفِي نفس أبي حُذَيْفَة مِنْهُ شيءٌ.
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " أرضعيه حَتَّى يدْخل عَلَيْك ".
وَفِي حَدِيث بكير بن الْأَشَج عَن حميد بن نَافِع عَن زَيْنَب:
أَن أم سَلمَة قَالَت لعَائِشَة: وَالله مَا تطيب نَفسِي أَن يراني الْغُلَام وَقد اسْتغنى عَن الرضَاعَة. فَقَالَت: وَلم؟ قد جَاءَت سهلة بنت سُهَيْل إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله، وَالله إِنِّي لأرى فِي وَجه أبي حُذَيْفَة من دُخُول سَالم. فَذكر نَحوه بِمَعْنَاهُ، وَفِيه:" أرضعيه يذهب مَا فِي وَجه أبي حُذَيْفَة ".
وَلَيْسَ لِزَيْنَب بنت أبي سَلمَة عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
وَفِي حَدِيث أبي عُبَيْدَة بن زَمعَة عَن أمه زَيْنَب عَن أمهَا أم سَلمَة أَنَّهَا كَانَت تَقول:
أَبى سَائِر أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن يدخلن عَلَيْهِنَّ أحدا بِتِلْكَ الرضَاعَة، وقلن لعَائِشَة: مَا نرى هَذَا إِلَّا رخصَة أرخصها رَسُول الله، لسالم خَاصَّة، فَمَا هُوَ بداخلٍ علينا أحدٌ بِهَذِهِ الرضَاعَة وَلَا رائينا.
وَلمُسلم من حَدِيث يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن عمْرَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت وَهِي تذكر الَّذِي يحرم من الرضَاعَة:
نزل فِي الْقُرْآن عشر رَضعَات مَعْلُومَات، ثمَّ نزل أَيْضا خمس مَعْلُومَات.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث مَالك عَن عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن عمْرَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
كَانَ فِيمَا أنزل من الْقُرْآن عشر رضعاتٍ مَعْلُومَات يحرمن، ثمَّ نسخن بخمسٍ مَعْلُومَات، فَتوفي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهِي فِيمَا يقْرَأ من الْقُرْآن.
زَاد أَبُو مَسْعُود مُتَّصِلا بِهِ قَالَ:
فبلغني أَن عَائِشَة كَانَ لَا يَرَاهَا أحدٌ إِلَّا أحدا أرضع خمس رَضعَات.