الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3318 -
الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: من الْمُتَّفق عَلَيْهِ من ترجمتين:
أخرجه البُخَارِيّ من رِوَايَة نَافِع بن جُبَير بن مطعم عَن عَائِشَة قَالَت:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " يَغْزُو جيشٌ الْكَعْبَة، فَإِذا كَانُوا ببيداء من الأَرْض يخسف بأولهم وَآخرهمْ ". قَالَت: قلت: يَا رَسُول الله، كَيفَ يخسف بأولهم وَآخرهمْ وَفِيهِمْ أسواقهم وَمن لَيْسَ مِنْهُم؟ قَالَ:" يخسف بأولهم وَآخرهمْ، ويبعثون على نياتهم ".
وَأخرجه مُسلم من رِوَايَة مُحَمَّد بن زِيَاد عَن عبد الله بن الزبير أَن عَائِشَة قَالَت:
عَبث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي مَنَامه، فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، صنعت شَيْئا فِي مَنَامك لم تكن تَفْعَلهُ. فَقَالَ:" الْعجب أَن نَاسا من أمتى يؤمُّونَ هَذَا الْبَيْت لرجلٍ من قُرَيْش، قد لَجأ بِالْبَيْتِ، حَتَّى إِذا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خسف بهم ". فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، إِن الطَّرِيق قد تجمع النَّاس. قَالَ:" نعم، فيهم المستبصر، وَالْمَجْبُور، وَابْن السَّبِيل، يهْلكُونَ مهْلكا وَاحِدًا، وَيَصْدُرُونَ مصَادر شَتَّى، يَبْعَثهُم الله عز وجل على نياتهم ".
أَفْرَاد البُخَارِيّ
3319 -
الحَدِيث الأول: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم: أَن الْقَاسِم كَانَ يمشي بَين يَدي الْجِنَازَة وَلَا يقوم لَهَا، ويخبر عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يقومُونَ لَهَا يَقُولُونَ إِذا رأوها: كنت فِي أهلك مَا أَنْت، مرَّتَيْنِ.
3320 -
الثَّانِي: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَت
إحدانا تحيض ثمَّ تقترص الدَّم من ثوبها عِنْد طهرهَا، فتغسله وتنضح على سائره، ثمَّ تصلي فِيهِ.
3321 -
الثَّالِث: عَن نَافِع مولى ابْن عمر عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا رأى الْمَطَر قَالَ: " صيباً نَافِعًا ".
قَالَ البُخَارِيّ:
تَابعه الْقَاسِم بن يحيى عَن عبيد الله - هُوَ ابْن عمر، وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيّ وَعقيل عَن نَافِع.
3322 -
الرَّابِع: عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد قَالَ: قَالَت عَائِشَة: وارأساه، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" ذَاك لَو كَانَ وَأَنا حيٌّ فأستغفر لَك وأدعو لَك " فَقَالَت عَائِشَة: " واثكلاه، وَالله إِنِّي لأظنك تحب موتِي، وَلَو كَانَ ذَلِك لظللت آخر يَوْمك معرساً بِبَعْض أَزوَاجك. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " بل أَنا وارأساه، لقد هَمَمْت - أَو أردْت - أَن أرسل إِلَى أبي بكر وَابْنه فأعهد، أَن يَقُول الْقَائِلُونَ، أَو يتَمَنَّى المتمنون، ثمَّ قلت: يَأْبَى الله وَيدْفَع الْمُؤْمِنُونَ. أَو يدْفع الله ويأبى الْمُؤْمِنُونَ ".
وَيحْتَمل أَن يُضَاف إِلَى هَذَا مَا أخرجه مُسلم من حَدِيث عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي مَرضه: " ادعِي لي أَبَا بكر أَبَاك وأخاك، حَتَّى أكتب كتابا، فَإِنِّي أَخَاف أَن يتَمَنَّى متمن، وَيَقُول قَائِل: أَنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إِلَّا أَبَا بكر ".
3323 -
الْخَامِس: عَن طَلْحَة بن عبد الْملك الْأَيْلِي عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " من نذر أَن يُطِيع الله فليطعمه، وَمن نذر أَن يَعْصِي الله فَلَا يَعْصِهِ ".
3324 -
السَّادِس: عَن أبي بكر عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصّديق - وَأَبُو بكر عبد الله بن أبي عَتيق، وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن هُوَ أَبُو عَتيق ولد على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن عَائِشَة أَنَّهَا سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول:" إِن هَذِه الْحبَّة السَّوْدَاء شفاءٌ من كل داءٍ إِلَّا السام " قلت: وَمَا السام؟ قَالَ: " الْمَوْت ".
وأوله: أَن خَالِد بن سعد قَالَ:
خرجنَا ومعنا غَالب بن أبجر، فَمَرض فِي الطَّرِيق، فقدمنا الْمَدِينَة وَهُوَ مَرِيض، فعاده ابْن أبي عَتيق فَقَالَ لنا: عَلَيْكُم بِهَذِهِ الْحبَّة السَّوْدَاء، فَخُذُوا مِنْهَا خمْسا أَو سبعا، فاسحقوها ثمَّ اقطروها فِي أَنفه بقطرات زيتٍ فِي هَذَا الْجَانِب وَفِي هَذَا الْجَانِب، فَإِن عَائِشَة حَدَّثتنِي أَنَّهَا سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول:
…
وَذكر الحَدِيث.
3325 -
السَّابِع: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: يرحم الله نسَاء الْمُهَاجِرَات الأول: لما أنزل الله: {وَليَضْرِبن بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبهنَّ} [النُّور] شققْنَ مُرُوطهنَّ فَاخْتَمَرْنَ بهَا.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث الْحسن بن مُسلم بن يناق عَن صَفِيَّة بنت شيبَة أَن عَائِشَة كَانَت تَقول:
لما نزلت هَذِه الْآيَة: {وَليَضْرِبن بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبهنَّ} أخذن أزرهن فشققنها من قبل الْحَوَاشِي فَاخْتَمَرْنَ بهَا.
3326 -
الثَّامِن: عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن أَبَا بكر تزوج امْرَأَة من كلب يُقَال لَهَا أم بكر، فَلَمَّا هَاجر أَبُو بكر طَلقهَا فتروجها ابْن عَمها هَذَا
الشَّاعِر الَّذِي قَالَ هَذِه القصيدة، رثى كفار قُرَيْش:
(وماذا بالقليب قليب بدرٍ
…
من الشيزى تزين بالسنام)
(وماذا بالقليب قليب بدرٍ
…
من الْقَيْنَات وَالشرب الْكِرَام)
(تحيينا السَّلامَة أم بكر
…
وَهل لي بعد قومِي من سَلام)
(يحدثنا الرَّسُول بِأَن سنحيا
…
وَكَيف حَيَاة أصداءٍ وهام)
3327 -
التَّاسِع: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة أَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " رَأَيْت جَهَنَّم يحطم بَعْضهَا بَعْضًا. وَرَأَيْت عمرا يجر قصبه، وَهُوَ أول من سيب السوائب " هُوَ عَمْرو بن لحي بن قمعة. كَذَا حكى أَبُو مَسْعُود.
وَفِي حَدِيث سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة: عَمْرو بن عَامر الْخُزَاعِيّ. 3328 - الْعَاشِر: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة: أَن عَائِشَة أخْبرته: أَن النِّكَاح كَانَ على أَرْبَعَة أنحاء: فنكاحٌ مِنْهَا نِكَاح النَّاس الْيَوْم، يخْطب الرجل إِلَى الرجل وليته أَو ابْنَته، فيصدقها ثمَّ ينْكِحهَا. وَنِكَاح آخر: كَانَ الرجل يَقُول لامْرَأَته إِذا طهرت من طمثها: أرسلي إِلَى فلَان فاستبضعي مِنْهُ، ويعتزلها زَوجهَا وَلَا يَمَسهَا حَتَّى يتَبَيَّن حملهَا من ذَلِك الرجل الَّذِي تستبضع مِنْهُ، فَإِذا تبين حملهَا أَصَابَهَا زَوجهَا إِذا أحب، وَإِنَّمَا يفعل ذَلِك رَغْبَة فِي نجابة الْوَلَد، فَكَانَ هَذَا النِّكَاح نِكَاح الاستبضاع. وَنِكَاح آخر: يجْتَمع الرَّهْط مَا دون الْعشْرَة، فَيدْخلُونَ على الْمَرْأَة، كلهم يُصِيبهَا، فَإِذا حملت
وَوضعت وَمر ليالٍ بعد أَن تضع حملهَا، أرْسلت إِلَيْهِم فَلم يسْتَطع مِنْهُم أَن يمْتَنع حَتَّى يجتمعوا عِنْدهَا، فَتَقول لَهُم: قد عَرَفْتُمْ الَّذِي كَانَ من أَمركُم، وَقد ولدت فَهُوَ ابْنك يَا فلَان - تسمي من أحبت باسمه، فَيلْحق بِهِ وَلَدهَا، لَا يَسْتَطِيع أَن يمْتَنع مِنْهُ الرجل. وَنِكَاح رَابِع: يجْتَمع النَّاس الْكثير فَيدْخلُونَ على الْمَرْأَة، لَا تمنع من جاءها، وَهن البغايا، كن ينصبن على أبوابهن الرَّايَات - وَتَكون علما، فَمن أرادهن دخل عَلَيْهِنَّ، فَإِذا حملت إِحْدَاهُنَّ وَوضعت حملهَا، جمعُوا لَهَا ودعوا لَهَا الْقَافة، ثمَّ ألْحقُوا وَلَدهَا بِالَّذِي يرَوْنَ، فالتاط ودعي ابْنه لَا يمْتَنع من ذَلِك. فَلَمَّا بعث مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ هدم نِكَاح الْجَاهِلِيَّة كُله، إِلَّا نِكَاح النَّاس الْيَوْم.
3329 -
الْحَادِي عشر: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " مَا أَظن فلَانا وَفُلَانًا يعرفنا من ديننَا شَيْئا " قَالَ اللَّيْث: كَانَا رجلَيْنِ من الْمُنَافِقين.
وَفِي حَدِيث بكير عَن اللَّيْث، قَالَت:
دخل عَليّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْمًا وَقَالَ: " يَا عَائِشَة: مَا أَظن فلَانا وَفُلَانًا يعرفان من ديننَا الَّذِي نَحن عَلَيْهِ ".
3330 -
الثَّانِي عشر: عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة أَنه سَأَلَ عَائِشَة عَن قَوْله: {حَتَّى إِذا استيأس الرُّسُل وظنوا أَنهم قد كذبُوا} أَو {كذبُوا} . [يُوسُف]- قَالَت: بل كذبهمْ قَومهمْ. فَقلت: وَالله لقد استيقنوا أَن قَومهمْ كذبوهم، وَمَا هُوَ بِالظَّنِّ. فَقَالَت: يَا عُرْوَة، أجل، لقد استيقنوا بذلك. قلت: فلعلها: (قد كذبُوا) قَالَت: معَاذ الله، لم تكن الرُّسُل تظن ذَلِك بربها. قلت: فَمَا هَذِه الْآيَة؟ قَالَت: هم أَتبَاع الرُّسُل الَّذين آمنُوا برَبهمْ وصدقوهم، وَطَالَ عَلَيْهِم الْبلَاء، واستأخر عَلَيْهِم النَّصْر، حَتَّى إِذا استيأست الرُّسُل مِمَّن كذبهمْ من قَومهمْ، وظنوا أَن أتباعهم
كذبوهم جَاءَهُم نصر الله عِنْد ذَلِك.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث أبي مُحَمَّد عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة قَالَ:
قَالَ ابْن عَبَّاس: {إِذا استيأس الرُّسُل وظنوا أَنهم قد كذبُوا} خَفِيفَة. قَالَ: ذهب بهَا هُنَالك، وتلا:{حَتَّى يَقُول الرَّسُول وَالَّذين آمنُوا مَعَه مَتى نصر الله أَلا إِن نصر الله قريب} [الْبَقَرَة] قَالَ: فَلَقِيت عُرْوَة بن الزبير فَذكرت ذَلِك لَهُ. فَقَالَ: قَالَت عَائِشَة: معَاذ الله، وَالله مَا وعد الله رَسُوله من شَيْء قطّ إِلَّا علم أَنه كَائِن قبل أَن يَمُوت. وَلَكِن لم يزل الْبلَاء بالرسل حَتَّى خَافُوا أَن يكون من مَعَهم من قَومهمْ يكذبونهم، وَكَانَت تقرؤها:{وظنوا أَنهم قد كذبُوا} مثقلة.
3331 -
الثَّالِث عشر: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا أَرَادَ سفرا أَقرع بَين نِسَائِهِ صلى الله عليه وسلم فأيتهن خرج سهمها خرج بهَا مَعَه، وَكَانَ يقسم لكل امْرَأَة مِنْهُنَّ يَوْمهَا وليلتها، غير أَن سَوْدَة بنت زَمعَة وهبت يَوْمهَا وليلتها لعَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم، تبتغي بذلك رضى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
3332 -
الرَّابِع عشر: فِي الْهِجْرَة: عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: لم أَعقل أَبَوي قطّ إِلَّا وهما يدينان الدّين، وَلم يمر علينا يومٌ إِلَّا يأتينا فِيهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم طرفِي النَّهَار: بكرَة وَعَشِيَّة. فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسلمُونَ خرج أَبُو بكر مُهَاجرا نَحْو أَرض الْحَبَشَة، حَتَّى إِذا بلغ برك الغماد لقِيه ابْن الدغنة، وَهُوَ سيد القارة.
فَقَالَ: أَيْن تُرِيدُ يَا أَبَا بكر؟ فَقَالَ أَبَا بكر: أخرجني قومِي، فَأُرِيد أَن أسيح فِي الأَرْض فأعبد رَبِّي، فَقَالَ ابْن الدغنة: فَإِن مثلك يَا أَبَا بكر لَا يخرج وَلَا يخرج.
إِنَّك تكسب الْمَعْدُوم، وَتصل الرَّحِم، وَتحمل الْكل، وتقري الضَّيْف، وَتعين على نَوَائِب الْحق، فَأَنا لَك جَار، فَارْجِع واعبد رَبك ببلدك. فَرجع، وارتحل مَعَه ابْن
الدغنة، فَطَافَ ابْن الدغنة فِي أَشْرَاف كفار قُرَيْش، فَقَالَ لَهُم:
إِن أَبَا بكر لَا يخرج مثله، وَلَا يخرج، أتخرجون رجلا يكْسب الْمَعْدُوم، ويصل الرَّحِم، وَيحمل الْكل، ويقري الضَّيْف، ويعين على نَوَائِب الْحق، فَلم تكذب قُرَيْش بجوار ابْن الدغنة.
وَفِي رِوَايَة يُونُس:
فأنفذت قُرَيْش جوَار ابْن الدغنة، وَقَالُوا: فليعبد ربه فِي دَاره، وَليصل فِيهَا، وليقرأ مَا شَاءَ وَلَا يؤذنا وَلَا يستعلن بِهِ، فَإنَّا نخشى أَن يفتن نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا. قَالَ ذَلِك ابْن الدغنة لأبي بكر. فَلبث أَبُو بكر بذلك، يعبد ربه فِي دَاره وَلَا يستعلن بِصَلَاتِهِ، وَلَا يقْرَأ فِي غير دَاره، ثمَّ بدا لأبي بكر فابتنى مَسْجِدا بِفنَاء دَاره، وَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ، فيتقصف عَلَيْهِ نسَاء الْمُشْركين وأبناؤهم، يعْجبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بكر رجلا بكاء لَا يملك عينه إِذا قَرَأَ الْقُرْآن، فأفزع ذَلِك أَشْرَاف قُرَيْش من الْمُشْركين، فأرسلوا إِلَى ابْن الدغنة، فَقدم عَلَيْهِم، فَقَالُوا: إِنَّا كُنَّا أجرنا أَبَا بكر بجوارك على أَن يعبد ربه فِي دَاره، فقد تجاور ذَلِك، فابتنى مَسْجِدا بِفنَاء دَاره وأعلن بِالصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَة فِيهِ، وَإِنَّا قد خشينا أَن يفتن نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا فأته، فَإِن أحب أَن يقْتَصر على أَن يعبد ربه فِي دَاره فعل، وَإِن أَبى إِلَّا أَن يعلن بذلك فسله أَن يرد إِلَيْك ذِمَّتك، فَإنَّا قد كرهنا أَن نخفرك، ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان. قَالَت عَائِشَة: فَأتى ابْن الدغنة إِلَى أبي بكر فَقَالَ: قد علمت الَّذِي عاقدت لَك عَلَيْهِ، فإمَّا أَن تقتصر على ذَلِك، وَإِمَّا أَن ترجع إِلَيّ ذِمَّتِي، فَإِنِّي لَا أحب أَن تسمع الْعَرَب أَنِّي أخفرت فِي رجل عقدت لَهُ. فَقَالَ أَبُو بكر: فَإِنِّي أرد إِلَيْك جوارك، وأرضى بجوار الله، وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَوْمئِذٍ بِمَكَّة.
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم للْمُسلمين:
إِنِّي أريت دَار هجرتكم سبخَة، ذَات نخل، بَين لابتين " وهما الحرتان، فَهَاجَرَ من هَاجر قبل الْمَدِينَة، وَيرجع عَامَّة من كَانَ بِأَرْض الْحَبَشَة إِلَى الْمَدِينَة، وتجهز أَبُو بكر قبل الْمَدِينَة، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " على رسلك، فَإِنِّي أَرْجُو أَن يُؤذن لي " فَقَالَ أَبُو بكر وَهل ترجو ذَلِك بِأبي أَنْت؟ قَالَ:" نعم ". فحبس أَبُو بكر نَفسه على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وعلف راحلتين كَانَتَا عِنْده من
ورق السمر - وَهُوَ الْخبط - أَرْبَعَة أشهر.
قَالَ ابْن شهَاب:
قَالَ عُرْوَة: قَالَت عَائِشَة: فَبينا نَحن يَوْمًا جُلُوس فِي بَيت أبي بكر فِي نحر الظهيرة قَالَ قائلٌ لأبي بكر: هَذَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم متقنعاً - فِي سَاعَة لم يكن يأتينا فِيهَا - فَقَالَ أَبُو بكر: فدَاء لَهُ أبي وَأمي؛ وَالله مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِه السَّاعَة إِلَّا أمرٌ. قَالَت: فجَاء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَاسْتَأْذن، فَأذن لَهُ فَدخل، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر:" أخرج من عنْدك " فَقَالَ أَبُو بكر: إِنَّمَا هم أهلك بِأبي أَنْت يَا رَسُول الله. قَالَ: " فَإِنِّي قد أذن لي فِي الْخُرُوج ". قَالَ أَبُو بكر: الصَّحَابَة بِأبي أَنْت يَا رَسُول الله؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " نعم " فَقَالَ أَبُو بكر، فَخذ بِأبي أَنْت يَا رَسُول الله - إِحْدَى رَاحِلَتي هَاتين. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" بِالثّمن ".
قَالَت عَائِشَة:
فجهزناهما أحث الجهاز، وصنعنا لَهما سفرة فِي جراب قطعت أَسمَاء بنت أَبى بكر قِطْعَة من نطاقها فَربطت بِهِ على فَم الجراب، فبذلك سميت ذَات النطاق. قَالَت: ثمَّ لحق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بكر بِغَار فِي جبل ثورٍ، فمكثا فِيهِ ثَلَاث لَيَال، يبيت عِنْدهمَا عبد الله بن أبي بكر وَهُوَ غُلَام شَاب ثقف لقن، يدلج من عِنْدهمَا بِسحر، فَيُصْبِح مَعَ قُرَيْش بِمَكَّة كبائت، فَلَا يسمع أمرا يكادان بِهِ إِلَّا وعاه حَتَّى يأتيهما بِخَبَر ذَلِك حِين يخْتَلط الظلام، ويرعى عَلَيْهِمَا عَامر بن فهَيْرَة مولى أَبى بكر منحةً من غنم، فيريحها عَلَيْهِمَا حِين تذْهب سَاعَة الْعشَاء، فيبيتان فِي رسلٍ حَتَّى ينعق بهما عَامر بن فهَيْرَة بِغَلَس، يفعل ذَلِك فِي كل لَيْلَة من تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاث. واستأجر رَسُول الله وَأَبُو بكر رجلا من بني الديل، وَهُوَ من بني عبد بن عدي هادياً خريتاً. والخريت: الماهر بالهداية، قد غمس حلفا فِي آل الْعَاصِ بن وَائِل السَّهْمِي، وَهُوَ على دين كفار قُرَيْش، فأمناه، فدفعا إِلَيْهِ راحلتها وواعداه فِي غَار ثَوْر بعد ثَلَاث لَيَال براحلتيهما. فأتاهما صبح ثلاثٍ فارتحلا، وَانْطَلق مَعَهُمَا عَامر بن فهَيْرَة وَالدَّلِيل الديلِي، فَأخذ بهم طَرِيق السواحل. وَفِي رِوَايَة: طَرِيق السَّاحِل
قَالَ ابْن شهَاب:
فَأَخْبرنِي عبد الرَّحْمَن بن مَالك المدلجي - وَهُوَ ابْن أخي سراقَة ابْن مَالك - أَن أَبَاهُ أخبرهُ أَنه سمع سراقَة بن جعْشم يَقُول: جَاءَنَا رسل كفار قُرَيْش يجْعَلُونَ فِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأبي بكر دِيَة كل رجل مِنْهُمَا لمن قَتله أَو أسره، فَبينا أَنا جَالس فِي مجْلِس من مجَالِس قومِي بني مُدْلِج، أقبل رجل مِنْهُم حَتَّى قَامَ علينا وَنحن جُلُوس، فَقَالَ: يَا سراقَة، إِنِّي قد رَأَيْت آنِفا أَسْوِدَة بالسَّاحل أَرَاهَا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه. قَالَ سراقَة: فَعرفت أَنهم هم، فَقلت لَهُ: إِنَّهُم لَيْسُوا بهم، وَلَكِنَّك رَأَيْت فلَانا وَفُلَانًا، انْطَلقُوا بأعيننا، ثمَّ لَبِثت فِي الْمجْلس سَاعَة، ثمَّ قُمْت فَدخلت، فَأمرت جاريتي أَن تخرج بفرسي وَهِي من وَرَاء أكمة فتحبسها عَليّ. وَأخذت رُمْحِي فَخرجت بِهِ من ظهر الْبَيْت، فخططت بزجه الأَرْض وخفضت عاليه، حَتَّى أتيت فرسي فركبتها فرفعتها تقرب بِي حَتَّى دَنَوْت مِنْهُم، فَعَثَرَتْ بِي فرسي فَخَرَرْت عَنْهَا، فَقُمْت فَأَهْوَيْت يَدي إِلَى كِنَانَتِي، فاستخرجت مِنْهَا الأزلام، فاستقسمت بهَا أضرهم أم لَا؟ فَخرج الَّذِي أكره، فركبت فرسي وعصيت، تقرب بِي، حَتَّى إِذا سَمِعت قِرَاءَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ لَا يلْتَفت، وَأَبُو بكر يكثر الِالْتِفَات، ساخت يدا فرسي فِي الأَرْض حَتَّى بلغتا الرُّكْبَتَيْنِ، فَخَرَرْت عَنْهَا ثمَّ زجرتها فَنَهَضت، فَلم تكد تخرج يَديهَا. فَلَمَّا اسْتَوَت قَائِمَة إِذا لأثر يَديهَا عثانٌ سَاطِع فِي السَّمَاء مثل الدُّخان، فاستقسمت بالأزلام فَخرج الَّذِي أكره، فناديتهم: الْأمان، فوقفوا، فركبت فرسي حَتَّى جئتهم. وَوَقع فِي نَفسِي حِين لقِيت مَا لقِيت من الْحَبْس عَنْهُم أَن سَيظْهر أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقلت لَهُ: إِن قَوْمك قد جعلُوا فِيك الدِّيَة، وَأَخْبَرتهمْ أَخْبَار مَا يُرِيد النَّاس بهم، وَعرضت عَلَيْهِم الزَّاد وَالْمَتَاع، فَلم يرزآني وَلم يسألاني، إِلَّا أَن قَالَ:" أخف عَنَّا " فَسَأَلته أَن يكْتب لي كتاب أَمن، فَأمر عَامر بن فهَيْرَة، فَكتب فِي رقْعَة من أَدَم، وَمضى رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] .
قَالَ ابْن شهَاب:
فَأَخْبرنِي عُرْوَة بن الزبير أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَقِي الزبير فِي ركب من الْمُسلمين كَانُوا تجارًا قافلين من الشَّام، فكسا الزبير رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَبا بكر ثِيَاب بَيَاض، وَسمع الْمُسلمُونَ بِالْمَدِينَةِ بمخرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من مَكَّة، فَكَانُوا يَغْدُونَ كل غَدَاة إِلَى الْحرَّة فيتنظرونه، حَتَّى يردهم حر الظهيرة، فانقلبوا يَوْمًا بَعْدَمَا أطالوا انتظارهم، فَلَمَّا أووا إِلَى بُيُوتهم أوفى رجلٌ من يهود على أَطَم من آطامهم لأمر ينظر إِلَيْهِ، فَبَصر برَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه مبيضين، يَزُول بهم السراب، فَلم يملك الْيَهُودِيّ أَن قَالَ بِأَعْلَى صَوته: يَا معشر الْعَرَب، هَذَا جدكم الَّذِي تنتظرونه. قَالَ: فثار الْمُسلمُونَ إِلَى السِّلَاح، فَلَقوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِظهْر الْحرَّة، فَعدل بهم ذَات الْيَمين حَتَّى نزل بهم فِي بني عَمْرو بن عَوْف، وَذَلِكَ يَوْم الْإِثْنَيْنِ من شهر ربيع الأول. فَقَامَ أَبُو بكر للنَّاس، وَجلسَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صامتاً، فَطَفِقَ من جَاءَ من الْأَنْصَار مِمَّن لم ير رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يحيي أَبَا بكر، حَتَّى أَصَابَت الشَّمْس رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَأقبل أَبُو بكر حَتَّى ظلل عَلَيْهِ بردائه، فَعرف النَّاس رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عِنْد ذَلِك. فَلبث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي بني عَمْرو بن عَوْف بضع عشرَة لَيْلَة، وَأسسَ الْمَسْجِد الَّذِي أسس على التَّقْوَى، وَصلى فِيهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، ثمَّ ركب رَاحِلَته فَسَار يمشي مَعَه النَّاس حَتَّى بَركت عِنْد مَسْجِد الرَّسُول بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ يُصَلِّي فِيهِ يومئذٍ رجالٌ من الْمُسلمين، وَكَانَ مربداً للتمر لسهل وَسُهيْل، غلامين يتيمين فِي حجر سعد بن زُرَارَة - فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين بَركت رَاحِلَته:" هَذَا إِن شَاءَ الله الْمنزل " ثمَّ دَعَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الغلامين، فساومهما بالمربد ليتخذه مَسْجِدا، فَقَالَا: بل نهبه لَك يَا رَسُول الله. ثمَّ بناه مَسْجِدا. وطفق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ينْقل مَعَهم اللَّبن فِي بُنْيَانه، وَيَقُول وَهُوَ ينْقل اللَّبن:
(هَذَا الْحمال لَا حمال خَيْبَر
…
هَذَا أبر رَبنَا وأطهر)
وَيَقُول:
(اللَّهُمَّ إِن الْأجر أجر الْآخِرَه
…
فَارْحَمْ الْأَنْصَار والمهاجره)
فتمثل بِشعر رجل من الْمُهَاجِرين لم يسم لي: قَالَ ابْن شهَاب:
وَلم يبلغنَا فِي الْأَحَادِيث أَن رَسُول الله تمثل بِبَيْت شعر تَامّ غير هَذِه الأبيات.
وَأخرج البُخَارِيّ أَيْضا مِنْهُ طرفا مُخْتَصرا، أَوله:
هَاجر إِلَى الْحَبَشَة نفرٌ من الْمُسلمين، وتجهز أَبُو بكر مُهَاجرا، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:" على رسلك، فَإِنِّي أَرْجُو أَن يُؤذن لي " فَقَالَ أَبُو بكر: أَو ترجوه بِأبي أَنْت؟ : قَالَ: " نعم " فحبس أَبُو بكر نَفسه على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. وَذكر نَحوا مِمَّا قدمنَا إِلَى قَوْله: واستأجر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بكر رجلا من بني الدئل.
وَأخرج البُخَارِيّ طرفا مِنْهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
اسْتَأْذن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَبُو بكر فِي الْخُرُوج حِين اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْأَذَى، فَقَالَ " أقِم " فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أتطمع أَن يُؤذن لَك؟ فَكَانَ يَقُول:" إِنِّي لأرجو ذَلِك " قَالَ: فانتظره أَبُو بكر، فَأَتَاهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ذَات يَوْم ظهرا فَقَالَ لَهُ:" أخرج من عنْدك " فَقَالَ أَبُو بكر: إِنَّمَا هما ابنتاي. فَقَالَ: " اشعرت أَنه قد أذن لي فِي الْخُرُوج " فَقَالَ: يَا رَسُول الله، الصُّحْبَة؟ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:" الصُّحْبَة " فَقَالَ: يَا رَسُول الله، عِنْدِي ناقتان قد كنت أعددتهما لِلْخُرُوجِ، فَأعْطى النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِحْدَاهمَا وَهِي الجدعاء، فركبها، فَانْطَلقَا حَتَّى أَتَيَا الْغَار وَهُوَ بثور، فتواريا فِيهِ، وَكَانَ عَامر بن فهَيْرَة غُلَاما لعبد الله بن الطُّفَيْل بن سَخْبَرَة أخي عَائِشَة لأمها، وَكَانَت لأبي بكر منحةٌ، فَكَانَ يروح بهَا وَيَغْدُو عَلَيْهِم، وَيُصْبِح فيدلج إِلَيْهِمَا، ثمَّ يسرح فَلَا يفْطن لَهُ أحد من الرعاء. فَلَمَّا خرجا خرج مَعَهُمَا يعقبانه، حَتَّى قدما الْمَدِينَة، فَقتل عَامر بن فهَيْرَة يَوْم بِئْر مَعُونَة.
قَالَ هِشَام:
فَأَخْبرنِي أبي قَالَ: لما قتل الَّذين ببئر مَعُونَة، وَأسر عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي، قَالَ لَهُ عَامر بن الطُّفَيْل: من هَذَا؟ وَأَشَارَ إِلَى قَتِيل. فَقَالَ لَهُ عَمْرو بن أُميَّة: هَذَا عَامر بن فهَيْرَة. قَالَ: لقد رَأَيْته بَعْدَمَا قتل رفع إِلَى السَّمَاء حَتَّى إِنِّي لأنظر إِلَيّ السَّمَاء بَينه وَبَين الأَرْض، ثمَّ وضع. فَأتى النَّبِي صلى الله عليه وسلم خبرهم، فنعاهم، فَقَالَ:" إِن أصحابكم قد أصيبوا، وَإِنَّهُم قد سَأَلُوا رَبهم فَقَالُوا: أخبر عَنَّا إِخْوَاننَا بِمَا رَضِينَا عَنْك ورضيت عَنَّا " فَأخْبرهُم عَنْهُم، وَأُصِيب فيهم يَوْمئِذٍ عُرْوَة بن أَسمَاء ابْن الصَّلْت وَمُنْذِر بن عَمْرو.
وَفِي رِوَايَة عَليّ بن مسْهر عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة، قَالَت:
لقل يومٌ كَانَ يَأْتِي على النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَّا يَأْتِي فِيهِ بَيت أبي بكر أحد طرفِي النَّهَار، فَلَمَّا أذن لَهُ فِي الْخُرُوج إِلَى الْمَدِينَة لم يرعنا إِلَّا وَقد أَتَانَا ظهرا، فخبر بِهِ أَبُو بكر، فَقَالَ: مَا جَاءَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي هَذِه السَّاعَة إِلَّا من حدث. فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ لأبي بكر: " أخرج من عنْدك " قَالَ: إِنَّمَا هما ابنتاي عَائِشَة وَأَسْمَاء. قَالَ: " أشعرت انه قد أذن لي فِي الْخُرُوج؟ " قَالَ: الصُّحْبَة يَا رَسُول الله؟ . قَالَ: " الصُّحْبَة ". قَالَ: يَا رَسُول الله، إِن عِنْدِي ناقتين أعددتهما لِلْخُرُوجِ، فَخذ إِحْدَاهمَا. قَالَ:" قد أَخَذتهَا بِالثّمن " لم يزدْ.
3333 -
الْخَامِس عشر: أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ: " يَا عَائِشَة، مَا أَزَال أجد ألم الطَّعَام الَّذِي أكلت بِخَيْبَر، فَهَذَا أَوَان وجدت انْقِطَاع أَبْهَري من ذَلِك السم ".
3334 -
السَّادِس عشر: عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: سَأَلت الزُّهْرِيّ: أَي أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم استعاذت مِنْهُ؟ فَقَالَ: أَخْبرنِي عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن ابْنة الجون لما دخلت على
رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ودنا مِنْهَا، قَالَت: أعوذ بِاللَّه مِنْك. فَقَالَ لَهَا: " لقد عذت بعظيم، الحقي بأهلك ".
3335 -
السَّابِع عشر: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَن قوما قَالُوا: يَا رَسُول الله، إِن قوما يأتوننا بِاللَّحْمِ، لَا نَدْرِي؛ أذكر اسْم الله عَلَيْهِ أم لَا؟ فَقَالَ:" سموا عَلَيْهِ أَنْتُم، وكلوا " قَالَت: وَكَانُوا حَدِيثي عهد بالْكفْر.
وَفِي حَدِيث أبي خَالِد الْأَحْمَر:
قَالَت: قَالُوا: يَا رَسُول الله، إِن هُنَا أَقْوَامًا، حَدِيث عَهدهم بشرك، يأتوننا بلحمانٍ لَا نَدْرِي يذكرُونَ اسْم الله عَلَيْهَا أم لَا.
فَقَالَ:
اذْكروا أَنْتُم اسْم الله وكلوا ".
3336 -
الثَّامِن عشر: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: أَنَّهَا قَالَت لعبد الله بن الزبير: ادفني مَعَ صواحبي وَلَا تدفني مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الْبَيْت، فَإِنِّي أكره أَن أزكي بِهِ.
وَعَن هِشَام عَن أَبِيه:
أَن عمر أرسل إِلَى عَائِشَة: ائذني لي أَن أدفن مَعَ صَاحِبي. قَالَت: إِي وَالله. وَكَانَ الرجل إِذا أرسل إِلَيْهَا من الصَّحَابَة قَالَت: لَا وَالله، لَا أوثرهم بأحدٍ أبدا.
3337 -
التَّاسِع عشر: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: أَنَّهَا زفت امْرَأَة إِلَى رجل من الْأَنْصَار، فَقَالَ نَبِي الله صلى الله عليه وسلم:" يَا عَائِشَة، مَا كَانَ مَعكُمْ لَهو؟ فَإِن الْأَنْصَار يعجبهم اللَّهْو ".
3338 -
الْعشْرُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: أَن أَبَا بكر لم يكن يَحْنَث فِي يَمِين قطّ، حَتَّى أنزل الله كَفَّارَة الْأَيْمَان، فَقَالَ: لَا أَحْلف على يَمِين
فَرَأَيْت غَيرهَا خيرا مِنْهَا، إِلَّا أتيت الَّذِي هُوَ خيرٌ وكفرت عَن يَمِيني. وَفِي رِوَايَة النَّضر بن شُمَيْل: إِلَّا قبلت رخصَة الله وَفعلت الَّذِي هُوَ خير.
وَقد أخرج بعض الْأَئِمَّة هَذَا الحَدِيث فِي مُسْند أبي بكر رضي الله عنه.
3339 -
الْحَادِي وَالْعشْرُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَاتَ وَأَبُو بكر بالسنح - يَعْنِي بِالْعَالِيَةِ. فَقَامَ عمر يَقُول: وَالله مَا مَاتَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. قَالَت: وَقَالَ عمر: مَا كَانَ يَقع فِي نَفسِي إِلَّا ذَاك، وليبعثنه الله، فليقطعن أَيدي رجال وأرجلهم. فجَاء أَبُو بكر، فكشف عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقَبله، قَالَ: بِأبي أَنْت، طبت حَيا وَمَيتًا، وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا يذيقنك الله الموتتين أبدا. ثمَّ خرج فَقَالَ: أَيهَا الْحَالِف، على رسلك. فَلَمَّا تكلم أَبُو بكر جلس عمر فَحَمدَ الله أَبُو بكر وَأثْنى عَلَيْهِ، وَقَالَ: أَلا من كَانَ يعبد مُحَمَّدًا فَإِن مُحَمَّدًا قد مَاتَ، وَمن كَانَ يعبد الله فَإِن الله حيٌّ لَا يَمُوت. وَقَالَ:{إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون} [الزمر] وَقَالَ: {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول قد خلت من قبله الرُّسُل أَفَإِن مَاتَ أَو قتل انقلبتم على أعقابكم وَمن يَنْقَلِب على عَقِبَيْهِ فَلَنْ يضر الله شَيْئا وسيجزي الله الشَّاكِرِينَ} [آل عمرَان] قَالَ: فنشج النَّاس يَبْكُونَ.
قَالَت:
وَاجْتمعت الْأَنْصَار إِلَى سعد بن عبَادَة فِي سَقِيفَة بني سَاعِدَة، فَقَالُوا: منا أميرٌ ومنكم أَمِير، فَذهب إِلَيْهِم أَبُو بكر وَعمر بن الْخطاب وَأَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح، فَذهب عمر يتَكَلَّم، فأسكته أَبُو بكر، وَكَانَ يَقُول: وَالله مَا أردْت بذلك إِلَّا أَنِّي قد هيأت كلَاما قد أعجبني، خشيت أَلا يبلغهُ أَبُو بكر. ثمَّ تكلم أَبُو بكر، فَتكلم أبلغ النَّاس، فَقَالَ فِي كَلَامه: نَحن الْأُمَرَاء وَأَنْتُم الوزراء. فَقَالَ حباب بن الْمُنْذر: لَا وَالله، لَا نَفْعل، منا أَمِير ومنكم أَمِير. فَقَالَ أَبُو بكر: لَا، وَلَكنَّا الْأُمَرَاء وَأَنْتُم الوزراء، هم أَوسط الْعَرَب دَارا، وأعزهم أحساباً، فَبَايعُوا عمر أَو أَبَا عُبَيْدَة.
فَقَالَ عمر: بل نُبَايِعك أَنْت، فَأَنت سيدنَا وخيرنا وأحبنا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. فَأخذ عمر بِيَدِهِ فَبَايعهُ، وَبَايَعَهُ النَّاس. فَقَالَ قَائِل: قتلتم سعد بن عبَادَة. فَقَالَ عمر: قَتله الله.
قَالَت:
فَمَا كَانَت من خطبتهما من خطْبَة إِلَّا نفع الله بهَا، لقد خوف عمر النَّاس وَإِن فيهم لنفاقاً، فردهم الله بذلك، ثمَّ لقد بصر أَبُو بكر النَّاس فِي الله، وعرفهم الْحق الَّذِي عَلَيْهِم، وَخَرجُوا بِهِ يَتلون:{وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول قد خلت من قبله الرُّسُل} إِلَى {الشَّاكِرِينَ} .
3340 -
الثَّانِي وَالْعشْرُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: هزم الْمُشْركُونَ يَوْم أحد هزيمَة بَيِّنَة تعرف فيهم، فَصَرَخَ إِبْلِيس: أَي عباد الله، إخراكم.
فَرَجَعت أولاهم فاجتلدت هِيَ وأخراهم. فَنظر حُذَيْفَة بن الْيَمَان، فَإِذا هُوَ بِأَبِيهِ، فَقَالَ: أبي أبي. قَالَت: فوَاللَّه مَا انحجزوا حَتَّى قَتَلُوهُ. فَقَالَ حُذَيْفَة: غفر الله لكم. قَالَ عُرْوَة: فوَاللَّه مَا زَالَت فِي حُذَيْفَة مِنْهَا بَقِيَّة خيرٌ حَتَّى لَقِي الله. زَاد فِي آخر حَدِيث مُحَمَّد بن حَرْب: وَقد كَانَ انهزم مِنْهُم قومٌ حَتَّى لَحِقُوا بِالطَّائِف.
3341 -
الثَّالِث وَالْعشْرُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ يَوْم بُعَاث يَوْمًا قدمه الله لرَسُوله صلى الله عليه وسلم، فَقدم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقد افترق ملؤهم، وَقتلت سرواتهم وَخَرجُوا، قدمه الله لرَسُوله فِي دُخُولهمْ الْإِسْلَام.
3342 -
الرَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: أنزلت هَذِه الْآيَة: {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم} [الْبَقَرَة] فِي قَول
الرجل: لَا وَالله، بلَى وَالله.
3343 -
الْخَامِس وَالْعشْرُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة تَعْلِيقا - من رِوَايَة ابْن أبي الزِّنَاد عَن أَبِيه مثل حديثٍ رَوَاهُ البُخَارِيّ قبله، من حَدِيث يحيى بن سعيد فِيهِ: وَقَالَت عَائِشَة: لددناه فِي مَرضه، فَجعل يُشِير إِلَيْنَا:" أَن لَا تلدوني " فَقُلْنَا: كَرَاهِيَة الْمَرِيض للدواء. فَلَمَّا أَفَاق قَالَ: " ألم أنهكم أَن تلدوني " قُلْنَا: كَرَاهِيَة الْمَرِيض للدواء فَقَالَ: " لَا يبْقى أحدٌ فِي الْبَيْت إِلَّا لد وَأَنا أنظر، إِلَّا الْعَبَّاس فَإِنَّهُ لم يشهدكم ".
وَهَذَا الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ من رِوَايَة عَليّ بن الْمَدِينِيّ عَن يحيى:
وَهُوَ من حَدِيث يحيى بن سعيد الْقطَّان عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن مُوسَى بن أبي عَائِشَة عَن عبيد الله بن عبد الله.
وَقد ذكره أَبُو بكر البرقاني بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَلم يذكرهُ أَبُو مَسْعُود فِي تَرْجَمَة مُوسَى بن أبي عَائِشَة عَن عبيد الله بن عبد الله.
3344 -
السَّادِس وَالْعشْرُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: أسلمت امرأةٌ سَوْدَاء لبَعض الْعَرَب، وَكَانَ لَهَا حفشٌ فِي الْمَسْجِد، قَالَت: فَكَانَت تَأْتِينَا فَتحدث عندنَا، فَإِذا فرغت من حَدِيثهَا قَالَت:
(وَيَوْم الوشاح من تعاجيب رَبنَا
…
أَلا إِنَّه من بَلْدَة الْكفْر أنجاني)
فَلَمَّا أكثرت قَالَت لَهَا عَائِشَة: وَمَا يَوْم الوشاح؟ وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة:
قَالَت عَائِشَة: فَقلت لَهَا: وَمَا شَأْنك؟ قَالَت: خرجت جويريةٌ وَعَلَيْهَا وشاحٌ من أَدَم فَسقط مِنْهَا، فانحطت عَلَيْهِ الحديا وَهِي تحسبه لَحْمًا لبَعض أَهلِي فَأَخَذته، فاتهموني بِهِ فعذبوني، إِذْ أَقبلت الحديا حَتَّى وازت رؤوسنا، ثمَّ ألقته، فَأَخَذُوهُ، فَقلت لَهُم: هَذَا الَّذِي اتهمتوني بِهِ وَأَنا مِنْهُ بريئة
3345 -
السَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الْهَدِيَّة ويثيب. كَذَا فِي حَدِيث عِيسَى بن يُونُس عَن هِشَام.
قَالَ البُخَارِيّ: وَلم يذكر وَكِيع ومحاضر عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة.
3346 -
الثَّامِن وَالْعشْرُونَ: عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن نَاسا طافوا بِالْبَيْتِ بعد صَلَاة الصُّبْح، ثمَّ قعدوا إِلَى الْمُذكر، حَتَّى إِذا طلعت الشَّمْس قَامُوا يصلونَ، فَقَالَت عَائِشَة: قعدوا حَتَّى إِذا كَانَت السَّاعَة الَّتِي تكرة فِيهَا الصَّلَاة قَامُوا يصلونَ.
3347 -
التَّاسِع وَالْعشْرُونَ: عَن أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة عَن النَّبِي، قَالَ:" من عمر أَرضًا لَيست لأحد فَهُوَ أَحَق ". قَالَ عُرْوَة: قضى بِهِ عمر فِي خِلَافَته.
3348 -
الثَّلَاثُونَ: عَن أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عُرْوَة قَالَ: كَانَ عبد الله بن الزبير أحب الْبشر إِلَى عَائِشَة بعد النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأبي بكر، وَكَانَ أبر النَّاس بهَا، وَكَانَت لَا تمسك شَيْئا، فَمَا جاءها من رزق الله تَصَدَّقت بِهِ. فَقَالَ ابْن الزبير: يَنْبَغِي أَن يُؤْخَذ على يَديهَا. فَقَالَت. أيؤخذ على يَدي؟ عَليّ نذرٌ إِن كَلمته.
فاستشفع إِلَيْهَا برجالٍ من قُرَيْش وبأخوال رَسُول الله خَاصَّة. فامتنعت، فَقَالَ لَهُ الزهريون أخوال النَّبِي صلى الله عليه وسلم، مِنْهُم عبد الرَّحْمَن بن الْأسود بن عبد يَغُوث، والمسور ابْن مخرمَة: إِذا استأذنا فاقتحم الْبَاب، فَفعل. فَأرْسل إِلَيْهَا بِعشر رِقَاب فأعتقتهم.
ثمَّ لم تزل تعتقهم حَتَّى بلغت أَرْبَعِينَ. فَقَالَت: وددت أَنِّي جعلت حِين حَلَفت عملا أعمله فأفرغ مِنْهُ.
وَأخرج البُخَارِيّ أَيْضا طرفا مِنْهُ يتَعَلَّق بِهِ - تَعْلِيقا - من حَدِيث اللَّيْث عَن أبي الْأسود عَن عُرْوَة قَالَ:
ذهب عبد الله بن الزبير مَعَ أنَاس من بني زهرَة إِلَى عَائِشَة، وَكَانَت أرق شيءٍ عَلَيْهِم لقرابتهم من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
3349 -
الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن تَمِيم بن سَلمَة - تَعْلِيقا - من رِوَايَة الْأَعْمَش عَنهُ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: الْحَمد لله الَّذِي وسع سَمعه الْأَصْوَات، لقد جَاءَت المجادلة خَوْلَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وكلمته فِي جَانب الْبَيْت، وَمَا أسمع مَا تَقول، فَأنْزل الله:{قد سمع الله قَول الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوجهَا} إِلَى آخر الْآيَة [فَاتِحَة المجادلة] . فِيهِ فِي كتاب البُخَارِيّ اخْتِصَار.
وَقد ذكره أَبُو بكر البرقاني فِي كِتَابه من حَدِيث الْأَعْمَش عَن تَمِيم كَمَا ذَكرْنَاهُ.
3350 -
الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى ابْن عباسٍ وَأَبُو هُرَيْرَة جالسٌ عِنْده، قَالَ: أَفْتِنِي فِي امْرَأَة ولدت بعد زَوجهَا بِأَرْبَعِينَ لَيْلَة. فَقَالَ ابْن عَبَّاس: آخر الْأَجَليْنِ. وَقلت أَنا: {أولات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} [الطَّلَاق] قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: أَنا مَعَ ابْن أخي - يَعْنِي أَبَا سَلمَة.
فَأرْسل ابْن عَبَّاس غُلَامه كريباً، فَسَأَلَهَا فَقَالَت:
قتل زوج سبيعة الأسْلَمِيَّة وَهِي حُبْلَى، فَوضعت بعد مَوته بِأَرْبَعِينَ لَيْلَة، فَخطبت، فَأَنْكحهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. وَكَانَ أَبُو السنابل بن بعكك فِيمَن خطبهَا.
أخرجه أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي فِي أفرا د البُخَارِيّ من تَرْجَمَة يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة فِي مُسْند عَائِشَة، ثمَّ قَالَ:
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث يحيى الْأنْصَارِيّ عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن أم سَلمَة، وَذَلِكَ مَذْكُور فِي مُسْند أم سَلمَة فِي أَفْرَاد مُسلم من تَرْجَمَة كريب عَنْهَا. وَلَيْسَ فِيمَا عندنَا من كتاب البُخَارِيّ
إِلَّا كَمَا أوردنا: فَسَأَلَهَا، مهملاً، لم يذكر لَهَا اسْما. وَلَعَلَّ أَبَا مَسْعُود وجد فِي نُسْخَة: عَن عَائِشَة.
3351 -
الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ: عَن يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة وَابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لبث بِمَكَّة عشر سِنِين ينزل عَلَيْهِ الْقُرْآن، وبالمدينة عشرا.
3352 -
الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن مُجَاهِد عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " لَا تسبوا الْأَمْوَات، فَإِنَّهُم قد أفضوا إِلَى مَا قدمُوا " قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه عَليّ بن الْجَعْد وَابْن عرْعرة وَابْن أبي عدي عَن شُعْبَة.
3353 -
الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن مُجَاهِد قَالَ: قَالَت عَائِشَة: مَا كَانَ لإحدانا إِلَّا ثوبٌ وَاحِد، تحيض فِيهِ، فَإِذا أَصَابَهُ شيءٌ من دمٍ قَالَت بريقها فقصعته بظفرها.
وَعند أبي بكر البرقاني: بلته بريقها، فقصعته بظفرها.
3354 -
السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن ابْن جريج قَالَ: أَخْبرنِي عَطاء إِذْ منع ابْن هِشَام النِّسَاء الطّواف مَعَ الرِّجَال. قَالَ: كَيفَ يمنعهن وَقد طَاف نسَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَعَ الرِّجَال؟ قَالَ، قلت: أبعد الْحجاب أَو قبله؟ قَالَ: لقد أَدْرَكته بعد الْحجاب. قلت كَيفَ يخالطن الرِّجَال؟ قَالَ: لم يكن يخالطن، كَانَت عَائِشَة تَطوف حجرَة من الرِّجَال لَا تخالطهم، فَقَالَت امْرَأَة: انطلقي نستلم يَا أم الْمُؤمنِينَ، قَالَت: انطلقي عَنْك، وأبت، وَكن يخْرجن متنكرات بِاللَّيْلِ فيطفن مَعَ الرِّجَال، وَكنت آتِي مَعَ عَائِشَة أَنا وَعبيد بن عُمَيْر وَهِي مجاورةٌ فِي جَوف ثبير. قلت: وَمَا حجابها؟ قَالَ: هِيَ فِي قبةٍ تركيةٍ لَهَا غشاء، وَمَا بَيْننَا وَبَينهَا غير ذَلِك. وَرَأَيْت عَلَيْهَا درعاً مورداً.
3355 -
السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن الْأسود بن يزِيد بن قيس النَّخعِيّ قَالَ: سَأَلت عَائِشَة: مَا كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يصنع فِي بَيته؟ قَالَت: كَانَ يكون فِي مهنة أَهله - تَعْنِي خدمَة أَهله، فَإِذا حضرت الصَّلَاة خرج إِلَى الصَّلَاة.
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن عرْعرة عَن شُعْبَة: فَإِذا سمع الْأَذَان خرج.
3356 -
الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ: عَن مَسْرُوق بن الأجدع عَن عَائِشَة قَالَت: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الِالْتِفَات فِي الصَّلَاة. فَقَالَ: " هُوَ اختلاسٌ يختلسه الشَّيْطَان من صَلَاة العَبْد ".
3357 -
التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة: أَنَّهَا كَانَت تكره أَن يَجْعَل يَده فِي خاصرته، وَتقول: إِن الْيَهُود تَفْعَلهُ. قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه شُعْبَة عَن الْأَعْمَش.
3358 -
الْأَرْبَعُونَ: عَن أبي عَطِيَّة مَالك بن عَامر عَن عَائِشَة قَالَت: إِنِّي لأعْلم كَيفَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي: " لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك، إِن الْحَمد وَالنعْمَة لَك " زَاد فِي مُسْند ابْن عمر: " وَالْملك لَا شريك لَك.
3359 -
الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يدع أَرْبعا قبل الظّهْر، وَرَكْعَتَيْنِ قبل الْغَدَاة.
3360 -
الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن أبي عُبَيْدَة عَامر بن عبد الله بن مَسْعُود عَن عَائِشَة قَالَ: سَأَلتهَا عَن قَوْله عز وجل: {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} [سُورَة الْكَوْثَر] قَالَت: نهر أعْطِيه نَبِيكُم صلى الله عليه وسلم، شاطئاه عَلَيْهِ درٌّ مجوف، آنيته كعدد النُّجُوم.
3361 -
الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ: عَن يُوسُف بن مَاهك قَالَ: كَانَ مَرْوَان على الْحجاز، اسْتَعْملهُ مُعَاوِيَة، فَخَطب يذكر يزِيد بن مُعَاوِيَة لكَي يُبَايع لَهُ بعد أَبِيه، فَقَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر شَيْئا. فَقَالَ: خذوه، فَدخل بَيت عَائِشَة فَلم يقدروا. فَقَالَ مَرْوَان: هَذَا الَّذِي أنزل الله فِيهِ: {وَالَّذِي قَالَ لوَالِديهِ أُفٍّ لَكمَا أتعدانني} [الْأَحْقَاف] فَقَالَت عَائِشَة من وَرَاء الْحجاب: مَا أنزل الله فِينَا شَيْئا من الْقُرْآن، إِلَّا أَن الله أنزل عُذْري.
3362 -
الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن يُوسُف بن مَاهك عَن عَائِشَة قَالَت: لقد نزل على مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَإِنِّي لجارية أَلعَب: {بل السَّاعَة موعدهم والساعة أدهى وَأمر} [الْقَمَر] .
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا بِطُولِهِ عَن يُوسُف بن مَاهك قَالَ:
إِنِّي عِنْد عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ، إِذْ جاءها عراقيٌّ فَقَالَ: أَي الْكَفَن خير؟ قَالَت: وَيحك! وَمَا يَضرك؟ قَالَ: يَا أم الْمُؤمنِينَ، أريني مصحفك. قَالَت: لم؟ قَالَ: لعَلي أؤلف الْقُرْآن عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يقْرَأ غير مؤلف. قَالَت: وَمَا يَضرك أيه قَرَأت قبل، إِنَّمَا نزلت أول مَا نزل سورةٌ من الْمفصل، فِيهَا ذكر الْجنَّة وَالنَّار، حَتَّى إِذا ثاب النَّاس إِلَى الْإِسْلَام نزل الْحَلَال وَالْحرَام، وَلَو نزل أول شَيْء: لَا تشْربُوا الْخمر، قَالُوا: لَا نَدع الْخمر أبدا، وَلَو نزل: لَا تَزْنُوا، لقالوا: لَا نَدع الزِّنَا أبدا، لقد نزل بِمَكَّة على مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَأَنا جَارِيَة أَلعَب:{بل السَّاعَة موعدهم والساعة أدهى وَأمر} وَمَا نزلت سُورَة الْبَقَرَة وَالنِّسَاء وَلَا وَأَنا عِنْده. قَالَ: فأخرجت الْمُصحف، فَأَمْلَتْ عَلَيْهِ آي السُّور.
3363 -
الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم اعْتكف مَعَه بعض نِسَائِهِ وَهِي مُسْتَحَاضَة ترى الدَّم، فَرُبمَا وضعت الطست تحتهَا من الدَّم. وَزعم أَن عَائِشَة رَأَتْ مَاء العصفر، فَقَالَ: كَأَن هَذَا شَيْء كَانَت فُلَانَة تَجدهُ.
وَفِي حَدِيث يزِيد بن زُرَيْع:
اعتكفت مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم امْرَأَة من أَزوَاجه، فَكَانَت ترى الدَّم والصفرة والطست تحتهَا، وَهِي تصلي.
3364 -
السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن عِكْرِمَة عَن عَائِشَة قَالَت: لما فتحت خَيْبَر قُلْنَا: الْآن نشبع من التَّمْر.
3365 -
السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن أَيمن الْمَكِّيّ قَالَ: دخلت على عَائِشَة وَعَلَيْهَا درع قطرٍ ثمن خَمْسَة دَرَاهِم، فَقَالَت: ارْفَعْ بَصرك إِلَى جاريتي، انْظُر إِلَيْهَا، فَإِنَّهَا تزهى أَن تلبسه فِي الْبَيْت، وَقد كَانَ لي مِنْهُنَّ درع على عهد رَسُول الله، فَمَا كَانَت امْرَأَة تقين بِالْمَدِينَةِ إِلَّا أرْسلت إِلَيّ تستعيره.
3366 -
الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ: عَن طَلْحَة بن عبد الله - رجل من بني تيم بن مرّة - عَن عَائِشَة قَالَت: قلت: يَا رَسُول الله، إِن لي جارين، فَإلَى أَيهمَا أهدي؟ قَالَ:" إِلَى أقربهما مِنْك بَابا ".
3367 -
التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن يحيى بن معمر عَن عَائِشَة قَالَت: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الطَّاعُون فَأَخْبرنِي: " أَنه عَذَاب يَبْعَثهُ الله على من يَشَاء، وَأَن الله جعله رَحْمَة للْمُؤْمِنين، لَيْسَ من أحد يَقع الطَّاعُون فيمكث فِي بَلَده صَابِرًا محتسباً، يعلم أَنه لَا يُصِيبهُ إِلَّا مَا كتب الله لَهُ، إِلَّا كَانَ لَهُ مثل أجر شَهِيد ".
3368 -
الْخَمْسُونَ عَن عمرَان بن حطَّان: أَن عَائِشَة حدثته: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتْرك شَيْئا فِيهِ تصاليب إِلَّا نقضه.
وَأخرجه أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ وَأَبُو بكر البرقاني من حَدِيث يزِيد بن هَارُون عَن هِشَام الدستوَائي، وَفِيه:
لم يكن يدع فِي بَيته سترا أَو ثوبا فِيهِ تصليبٌ إِلَّا قضبه.
وَهَكَذَا حكى أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْحَافِظ فِي كِتَابه.
3369 -
الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ: أخرجه تَعْلِيقا من حَدِيث اللَّيْث عَن يحيى بن سعيد عَن عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَت: سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول: " الْأَرْوَاح جنودٌ مجندة، فَمَا تعارف مِنْهَا ائتلف، وَمَا تناكر مِنْهَا اخْتلف " قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ يحيى ابْن أَيُّوب: حَدثنِي يحيى بن سعيد بِهَذَا.
لم يُخرجهُ مُسلم من حَدِيث عَائِشَة، وَقد أخرجه بِالْإِسْنَادِ من حَدِيث سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة.
3370 -
الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: عَن الْحسن بن مُسلم بن يناق عَن صَفِيَّة بنت شيبَة عَن عَائِشَة قَالَت: كُنَّا إِذا أَصَابَت إحدانا جنابةٌ أخذت بِيَدَيْهَا ثَلَاثًا فَوق رَأسهَا، ثمَّ تَأْخُذ بِيَدِهَا على شقها الْأَيْمن، وبيدها الْأُخْرَى على شقها الْأَيْسَر.
3371 -
الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ: عَن عَائِشَة بنت طَلْحَة عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ أَنَّهَا