الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(248)
حَدِيث لأم الدَّرْدَاء [رضي الله عنها]
3574 -
من رِوَايَة صَفْوَان بن عبد الرَّحْمَن بن صَفْوَان قَالَ: قدمت الشَّام، فَأتيت أَبَا الدَّرْدَاء فِي منزله فَلم أَجِدهُ، وَوجدت أم الدَّرْدَاء، فَقَالَت: أَتُرِيدُ الْحَج الْعَام؟ فَقلت: نعم. قَالَت: فَادع لنا بِخَير، فَإِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُول:" دَعْوَة الْمَرْء الْمُسلم لِأَخِيهِ بِظهْر الْغَيْب مستجابةٌ، عِنْد رَأسه ملكٌ موكلٌ، كلما دَعَا لِأَخِيهِ بخيرٍ قَالَ الْملك الْمُوكل بِهِ: آمين، وَلَك بِمثل ".
قَالَ:
فَخرجت إِلَى السُّوق فَلَقِيت أَبَا الدَّرْدَاء، فَقَالَ لي مثل ذَلِك، يرويهِ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم.
ذكره خلف الوَاسِطِيّ فِي كِتَابه، وَجعله فِي مُسْند أم الدَّرْدَاء.
وَقد أخرجه مُسلم كَمَا ذكر من حَدِيث صَفْوَان فِي كتاب " الدُّعَاء " وَلَكِن فِي الحَدِيث نَفسه أَن أَبَا الدَّرْدَاء أخبرهُ بذلك عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم.
وَأخرج مُسلم مُتَّصِلا بِهِ ليدل على أَن الحَدِيث من رِوَايَتهَا عَنهُ من حَدِيث طَلْحَة ابْن عبد الله بن كريز قَالَ:
حَدَّثتنِي أم الدَّرْدَاء قَالَت: حَدثنِي سَيِّدي - تَعْنِي أَبَا الدَّرْدَاء أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: " من دَعَا لِأَخِيهِ بِظهْر الْغَيْب قَالَ الْملك الْمُوكل بِهِ: وَلَك بِمثل ".
قَالَ الإِمَام أَبُو بكر البرقاني:
وَهَذِه أم الدَّرْدَاء الصُّغْرَى الَّتِي رَوَت هَذَا الحَدِيث، وَلَيْسَ لَهَا صحبةٌ وَلَا سماعٌ من النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّمَا هُوَ من مُسْند أبي الدَّرْدَاء. وَأما أم الدَّرْدَاء الْكُبْرَى فلهَا صُحْبَة، وَلَيْسَ لَهَا فِي الْكِتَابَيْنِ حديثٌ، وَالله أعلم.
أخر الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ
قَالَ الشَّيْخ الإِمَام الْحَافِظ أَبُو عبد الله. مُحَمَّد بن أبي نصر بن عبد الله الْحميدِي:
هَذَا آخر مَا قصدنا إِلَيْهِ من الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ، وتمييز مَا اتفقَا عَلَيْهِ من الْمُتُون المخرجة فيهمَا، وَمَا انْفَرد بِهِ أَحدهمَا مِنْهَا، مستقصى على مَا شرطناه، مُرَتبا على مَا بدأنا بِهِ وبيناه، مَعَ الِاخْتِصَار الْمعِين على سرعَة الْحِفْظ والتذكار. وَلم يبْق للباحث الْمُجْتَهد إِلَّا النّظر فِيهَا، والتفقه فِي مَعَانِيهَا، ومراعاة حفظهَا، وَإِقَامَة الْحجَّة بهَا. وَإِلَى هَذَا قصد المتقدمون من أَئِمَّة الدّين فِي حفظ إسنادها للمتأخرين، لتَكون حاكمة بَين الْمُخْتَلِفين، وشواهد صدقٍ للمتناظرين، رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ، ووفق البَاقِينَ من التَّابِعين لَهُم بإحسانٍ إِلَى يَوْم الدّين.
فَأَما إسنادنا فِي هذَيْن الْكِتَابَيْنِ:
فقد روينَا كتاب الإِمَام أبي عبد الله البُخَارِيّ بالمغرب عَن غير وَاحِد من شُيُوخنَا بأسانيد مُخْتَلفَة تتصل بِأبي عبد الله مُحَمَّد بن يُوسُف بن مطر الْفربرِي، عَن البُخَارِيّ. ثمَّ قرأته بِمَكَّة على الْمَرْأَة الصَّالِحَة كَرِيمَة بنت أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَاتِم الْمروزِي غير مرّة، لعلو إسنادها مِنْهُ. كأنا قرأناه عَليّ أبي عبد الله أَحْمد الْهَرَوِيّ، عَن أبي الْهَيْثَم مُحَمَّد بن الْمَكِّيّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن زراع الْكشميهني، عَن أبي عبد الله مُحَمَّد بن يُوسُف بن مطر بن صَالح بن بشر بن
إِبْرَاهِيم الْفربرِي، عَن أبي عبد الله مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ، رَحْمَة الله عَلَيْهِ.
وَأما كتاب الإِمَام أبي الْحُسَيْن مُسلم بن الْحجَّاج النَّيْسَابُورِي فسمعناه بالفسطاط قِرَاءَة على الشَّيْخ الصَّالح أبي عبد الله مُحَمَّد بن الْفرج بن عبد الْوَلِيّ الْأنْصَارِيّ وَهِي رِوَايَته عَن أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن الْحسن الْحَافِظ الرَّازِيّ، سَمعه مِنْهُ بِمَكَّة سنة سِتّ وَأَرْبَعمِائَة. قَالَ: حَدثنَا أَبُو أَحْمد مُحَمَّد بن عِيسَى بن عمرويه بن مَنْصُور الجلودي، قَالَ: أخبرنَا الْفَقِيه أَبُو إِسْحَق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد ابْن سُفْيَان النَّيْسَابُورِي، قَالَ: سمعته من الإِمَام أبي الْحُسَيْن مُسلم بن الْحجَّاج النَّيْسَابُورِي رضي الله عنه.
على أننا لم نغفل النّظر فِي كتاب كَرِيمَة، لروايتنا ذَلِك عَنْهَا، وَلَا فِي كتاب أبي ذَر الْهَرَوِيّ لسماعنا ذَلِك عَنهُ من أبي مَرْوَان عبد الْملك بن سُلَيْمَان الْخَولَانِيّ، وَأبي الْقَاسِم أصبغ بن رَاشد بن أصبغ اللَّخْمِيّ مِنْهُ، وَفِيمَا أخبرونا بِهِ عَن البرقاني، وَفِي نُسْخَة مُسلم المقروءة على شَيخنَا أبي عبد الله بن الْفرج الْأنْصَارِيّ، وأمعنا النّظر فِي كل نُسْخَة وجدناها من النّسخ فِي ذَلِك كُله، وأثبتنا مِنْهَا مَا رَأينَا أَنه ينْتَفع بِهِ النَّاظر فِيهِ، وَلَا توفيق إِلَّا بِاللَّه عز وجل.