الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع: أهمية الكتاب:
من المعلوم أن كتاب "جمع الجوامع" للإمام السبكي، قد حوى كثيرًا مما اشتملت عليه كتب الأصول التي سبقته، وقد ذكر مصنفه أنه جمعه من أكثر من مائة مصنف، فهو على اسمه "جمع الجوامع"؛ لأنه جمع في طياته غالب المسائل الأصولية، إن لم أقل كلها، بل وما اكتفى بذلك حيث عقد في نهاية كلامه على مسائل أصول الفقه عدة مباحث في الكلام على مسائل أصول الدين، وقسمها قسمين، مسائل اعتقادية عملية، ومسائل اعتقادية علمية، ثم أنهى كتابه بخاتمة في التصوف، وقد استغرق ذلك من المخطوط بما يزيد على عشرين لوحة، أي ما يعادل خمسة وأربعين صفحة تقريبًا، تصلح لأن تكون رسالة علمية مستقلة في العقيدة.
ولا غرابة في ذلك، لأن المصنف قد التزم في مقدمة كتابه أن يكون مؤلفه محيطًا بالأصلين، أصول الفقه، وأصول الدين، فوفى بما وعد، حيث قال: "
…
ونضرع إليك في منع الموانع، عن إكمال "جمع الجوامع" الآتي من فني الأصول بالقواعد، القواطع، البالغ من الإحاطة بالأصلين، مبلغ ذوي الجد والتشمير، الوارد من زهاء مائة مصنف، منهلًا يروي ويمير، المحيط بزبدة ما في شرحي على المختصر والمنهاج، مع مزيد كثير، وينحصر في مقدمات، وسبعة كتب" (1).
(1) راجع: جمع الجوامع: ص/ 124 ضمن مجموع المتون، وص/ 184، من هذا الكتاب.
فلذا لا غرابة إذا ما وجدناه، قد احتل مكانة عظيمة لدى العلماء والمتعلمين والباحثين، وتلقوه بالقبول، واهتموا به اهتمامًا كبيرًا، فمنهم من شرحه، ومنهم من نظمه، ومنهم من قام بعمل حواشى على بعض شروحه، ومنهم من كتب أجوبة على بعض مسائله، وهو جدير بهذا الاهتمام لما سبق ذكره.
وسيأتى بيان ذلك عند الكلام على كتاب "جمع الجوامع" إن شاء الله تعالى.
وعلى ما سبق، فإن أهمية كتاب "الدرر اللوامع" تظهر فيما يأتي:
1 -
حيث إنه شرح لأهم وأجمع مصنف في الأصول -أشرت قبل قليل إلى قيمته ومكانته العلمية- وتلك الأهمية تمنح كتاب "الدرر اللوامع"، وتضفى عليه هذه القيمة تبعًا لأصله.
2 -
إن كتاب "الدرر اللوامع" ألف في مرحلة استقرار أصول الفقه، وكمال نضجه، وذلك لأن القرن التاسع الهجري كان حافلًا بالمصنفات الأساسية لهذا الفن، التي كانت ولا زالت، فيما بعدُ هي قواعد هذا الفن وأركانه، وقد سبق ذكر بعضها، فاعتمد شارحنا في كتابه "الدرر اللوامع" على جلِّ وغالب مَن تقدمه، فكان بذلك جامعًا وشاملًا، مع ما اشتمل عليه من التحقيق في بعض المسائل.
3 -
يعتبر كتاب "الدرر اللوامع" كتابًا متكاملًا في علم أصول الفقه، بل وأصول الدين، جمع فيه الشارح من الأقوال والآراء الشئ الكثير، كما أنه حفل بالمناقشات العلمية، وعرض الأدلة لمختلف المذاهب، مع الإنصاف مع من خالفه في الرأي والمذهب.