المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أسئلة للدكتورعلي جمعة تنتظر الإجابة - السلفيون وحوار هادئ مع الدكتور علي جمعة

[شحاتة صقر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمةالأستاذ الدكتورمحمد بكر حبيبالأستاذ بجامعة الأزهر

- ‌مقدمةالأستاذ الدكتورمحمد النشارالأستاذ بجامعة الأزهر

- ‌مقدمة

- ‌دُرَرٌمن كلامالإمام الشاطبي المالكي

- ‌من هم السلفيون

- ‌أخطاءمنهجية في كتاب المفتي

- ‌الدكتورعلي جمعةوالأمانة العلمية

- ‌اتهامات، ولا دليل

- ‌السلفيون أم المفتي؟من الذي يتبنى الفكر الصدامي

- ‌سهام المفتي تصيب الأزهر وعلماءه وطلابه:

- ‌تناقضاتوقع فيها المفتي في كتابه

- ‌أسئلة للدكتورعلي جمعة تنتظر الإجابة

- ‌مناقشة هادئةلبعض مسائل كتاب المفتي

- ‌المسألة الأولىقوله إن السلفيين يصفون الله بالمكان

- ‌أقوال الأئمة الأربعة في مسألة العلو:

- ‌المسألة الثانيةالمتشددون ينتقصون الأشاعرة

- ‌المسألة الثالثةالمتشددون ينكروناتباع المذاهب الفقهية وتقليدها

- ‌المسألة الرابعةالمتشددون غير مؤهلينللإفتاء ويُحْدِثُون فوضى فى المجتمع

- ‌المسألة الخامسةالمتشددون يعدّون أغلبتصرفات المسلمين بدَعًا وضلالات

- ‌المسألة السادسةالمتشددون يحرمونالتوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ويتهمون منيفعل ذلك بالشرك والخروج من الإسلام

- ‌المسألة السابعةالمتشددون يُحَرّمونالصلاة في المساجد ذاتالأضرحة ويصرحون بوجوب هدمها

- ‌المسألة الثامنةالمتشددون يعدون التبركبآثار النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصالحين شركًا بالله

- ‌المسألة التاسعةالمتشددون يحرمونالاحتفال بمولد النبي- ص

- ‌المسألة العاشرةالمتشددون يحرمونالسفر لزيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلموقبور الأنبياء والصالحين

- ‌المسألةالحادية عشرةالمتشددون يتهمون مَنتَرَجَّى بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم بالشرك الأصغر

- ‌المسألةالثانية عشرةالمتشددون يَحْكُمون علىوالِدَي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بالنار يوم القيامة

- ‌المسألةالثالثة عشرةالمتشددون يَنْفون أيإدراك للميت وشعوره بمن يزوره

- ‌المسألةالرابعة عشرةالمتشددون ينكرونذِكْرَ الله كثيرا ويمنعون الأوراد

- ‌المسألة الخامسة عشرةأكثر المتشددين يمنعون استعمالالسبحة في الذكر ويرونها بدعة وضلالة

- ‌المسألة السادسة عشرةالمتشددون يتمسكون بالظاهرويتعبدون بالثياب (ثوب الشهرة - النقاب)

- ‌على الهواء مباشرةً المفتي يدافع عن السلفيين:

- ‌أمنية

- ‌المسألةالسابعة عشرةالمتشددون قدّموا السعيَ على العلم

- ‌حوار هادئمع فضيلة المفتي حولمقاله في جريدة «الواشنطون بوست»

- ‌الإمامان ابن تيميةوابن القيم بين إنصافكبار علماء الأزهر وإجحاف المفتي

- ‌الخاتمة

- ‌قائمة المراجع

الفصل: ‌أسئلة للدكتورعلي جمعة تنتظر الإجابة

‌أسئلة للدكتور

علي جمعة تنتظر الإجابة

السؤال الأول: سمعناك ورأيناك وأنت تسخر من شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم (1)، فَهُما - عندك - من رؤوس السلفيين المتشددين، ورغم ذلك رأيناك في كتابك (المتشددون) تستدل بكلامٍ لابن تيمية (ص118، 119، 126، 141)، وبكلام لابن القيم (ص52، 126)، بل أطلقْتَ على ابن تيمية (ص141) لقب شيخ الإسلام ابن تيمية، بل لقبته في كتابك (التربية والسلوك ص 207) بالإمام ابن تيمية.

فلِمَ هذا التناقض العجيب؟!!

السؤال الثاني: اتهمت السلفيين (ص149) بالسعي قبل الوعي والخلط بين الوعظ والعلم، واتهمتهم بأنهم يستخدمون مجالس الوعظ والتذكير بالله للإفتاء مما ينشر الجهل ويفرق المسلمين.

ثم رأيناك تستدل بكلامهم: فنقلتَ عن ابن تيمية وابن القيم، وعن الألباني (ص94)، وعن بكر أبي زيد (ص158)؟

فإن كانوا على جهل فكيف تنقل عنهم، وتستدل بكلامهم؟!! وإن كانوا أهل علم فكيف تتهمهم بالجهل؟!!!

السؤال الثالث: ذكرتَ (ص13) أن توَجُّه هؤلاء السلفيين المتشددين قد أصبح عائقًا حقيقيًا لتقدم المسلمين ولتجديد خطابهم الديني».

(1)((انظر (ص 167 - 175) من هذا الكتاب.

ص: 56

فما المقصود بتجديد الخطاب الديني؟ ومن الذي سيقوم بهذا التجديد؟ وما هي ضوابطه؟ وهل تجديد الخطاب الديني يعني أن نعرض الإسلام على المسلمين أو غير المسلمين من الغربيين وغيرهم بطريقة يفهمونها، مع التمسك بالدين المنزل من عند الله سبحانه وتعالى وعدم التبديل فيه كما فعل اليهود والنصارى بدينهم؟

أم أن المقصود بتجديد الخطاب الديني تجديد مضمون الدين نفسه وتمييع أحكام الإسلام، كما قال تعالى:{وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} (القلم: 9)؟

وهل هذا التجديد يعني أمْرَكَة الخطاب الديني للمسلمين وتقديم نموذج للإسلام العصري العلماني الذي يراه الغرب النموذج الوحيد الصالح الآن لإعماله في البلاد الإسلامية بغرض نقلها من التخلف إلى الحداثة، وإدماجها في العولمة أو النظام العالمي الجديد، وإنقاذها بالطبع من التطرف والإرهاب؟!!

السؤال الرابع: اتهمْتَ السلفي (ص14) بأنه ينتقل إلى «دور يرى فيه وجوب الانتحار وتفجير نفسه في الناس بالمتفجرات الحقيقية وبالقنابل، ويرى أنه ليس لحياته معنى؛ لأنه يسبح ضد التيار» .

ونسألك: من هم السلفيون الذين فجروا أنفسهم في الناس بالقنابل والمتفجرات؟ نطالبك بالمستندات وأرقام المحاضر والقضايا يا صاحب الفضيلة!!!

أما قولك إن السلفيين يسبحون ضد التيار فهذا محض ادعاء يشهد الواقع بعدم صدقه، فالقاصي والداني يعلم أن التيار يسبح مع السلفيين وأن شعبيتهم في تزايد بفضل الله سبحانه وتعالى.

السؤال الخامس: ذكرتَ (ص14 - 15) أن السلفي يرى أنه لابد عليه أن يزيد من نسله وأن يملأ الأرض صياحًا بأطفاله محاولًا بذلك أن يسد ثغرة اختلال الكم، حيث أنه يشعر بأنه وحيد وبأنه قلة، وبأن الكثرة الخبيثة من حوله سوف تقضى عليه وتكتم على أنفاسه، فيحاول أن يفر من ذلك بزيادة النسل، بل ويشيع بين أتباعه وأصحابه هذا المفهوم الذي يحدث معه الانفجار السكاني والتخلف التنموي».

ص: 57

ونسألك: من أين لك تلك التحليلات النفسية؟ ومَن الذين أجريت عليهم تجاربك؟!!! نطالبك يا صاحب الفضيلة بالبينة، نطالبك بالمستندات.

ونسألك: مَن قال لك إن السلفيين يشعرون بأنهم قلة، وبأنهم يتهمون الناس بالخبث، وبأن الكثرة الخبيثة من حولهم سوف تقضى عليهم وتكتم على أنفاسهم؟!!

إن السلفيين – بفضل الله – يشعرون بحب الناس لهم وثقتهم فيهم، والواقع يشهد بذلك، وما إقبال الناس على مشايخهم وقنواتهم الفضائية منكم ببعيد!!!

ولتعلم حب الناس للسلفيين انظر في نتائج انتخابات مجلس الشعب الأخيرة، وما حصده السلفيون من مقاعد في المرحلتين الأولى والثانية رغم حداثة عملهم السياسي الذي أبهر الأجانب قبل المصريين.

السؤال السادس: اتهمت السلفيين (ص14 - 15) بأنهم يحاولون زيادة النسل، وأنهم يشيعون بين أتباعهم وأصحابهم هذا المفهوم الذي يحدث معه الانفجار السكاني والتخلف التنموي.

ونسألك: ما رأيك في حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكَمُ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (رواه الإمام أحمد وأبو داود، وصححه الذهبي والألباني).

وهل تطبيق حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الأمر بزيادة النسل، سبب للانفجار السكاني والتخلف التنموي؟!!

إن سبب التخلف التنموي هو البعد عن شرع الله عز وجل وليس زيادة السكان، وإلا فإن هناك بلادًا متقدمة - كاليابان وفرنسا - عدد سكانها أكثر من عدد سكان مصر بينما تقل مساحتها بكثير عن مساحة مصر.

ونذكّر المفتي بأن الحد من زيادة نسل المسلمين هدف للغرب يسعون إليه بشتى الطرق. ونذكره أيضًا بأن الحكومة المصرية السابقة كانت مشغولة بمحاربة زيادة النسل بدلًا من التنمية.

ص: 58

السؤال السابع: قلت (ص13): «لقد أصبح توجُّه هؤلاء المتشددين عائقًا حقيقيًّا لتقدم المسلمين

وللتنمية الشاملة التى يحتاجها العالم الإسلامي عامة، ومصر على صفة الخصوص.

وهذا التوجه المتعصب أصبح تربة صالحة للفكر المتطرف، وأصلًا للمشرب المتشدد الذي يدعو إلى تشرذم المجتمع وإلى انعزال الإنسان عن حركة الحياة، وأن يعيش وحده في خياله الذي غالبًا ما يكون مريضًا غير قادر على التفاعل مع نفسه أو مع من يحيط به من الناس» انتهى.

ونسألك:

ألم تعلم يا صاحب الفضيلة - كما يعلم الجميع - أن السلفيين لا يعيشون منعزلين في الصحاري والبراري والجبال بل يشاركون في تنمية المجتمع المصري؟!!

فالسلفيون ليسوا في عزلة عن الحياة فإنهم ينتمون إلى جميع التخصصات العلمية والمهنية، فمنهم الطبيب والمهندس والمعلم وأستاذ الجامعة، بل منهم أساتذة في جامعة الأزهر، ومدرسون ووعاظ بالأزهر الشريف، وخطباء ودعاة بوزارة الأوقاف.

ونسألك: كيف علمتَ ما يدور في خيال السلفيين؟ وكيف علمتَ أن هذا الخيال غالبًا ما يكون مريضًا؟

السؤال الثامن: قلتَ (ص14): «ويتميز هذا الفكر المتشدد بعدة خصائص تؤدى إلى ما ذكرنا، وترسم ذلك الموقف الذي يجب على الجميع الآن – خاصة - أن يقاوموه وأن يعملوا بكل وسيلة على إخراج أولئك من عزلتهم؛ لأنهم لم يعودوا ضارين لأنفسهم فقط، لكن ضررهم قد تعدى إلى مَن حولهم وإلى شباب الأمة ومستقبلها، وإلى المجتمع بأسره» .انتهى.

ونسألك:

1 -

قلت إنه يجب على الجميع الآن - خاصة - أن يقاوموا الفكر السلفي المتشدد، فهل معنى كلامك أن مقاومة السلفيين فرض عَيْن، وليست فرض كفاية؟!!!

ص: 59

2 -

ونسألك أيضًا - بناءً على كلامك -: هل يأثم مَن لم يشارك في مواجهة السلفيين؟!!

3 -

أين يعتزل السلفيون حتى تجعل إخراجهم من عزلتهم واجبًا على الجميع؟!!

4 -

ما هي الأضرار التي أصاب بها السلفيون أنفسهم ومَن حولهم وإلى شباب الأمة ومستقبلها، والمجتمع بأسره؟!!

فالواقع يشهد بعكس هذا الكلام.

السؤال التاسع: قلتَ (ص15): «ومن خصائص هذا الفكر الانعزالي التشدد، فهو يرى أن الحياة خطيئة، وأنه يجب علينا أن نتطهر منها، وأن التطهر منها يكون بالبعد عن مفرداتها، سواء أكانت هذه المفردات هي الفنون أو الآداب أو كانت هذه المفردات هي المشاركة الاجتماعية أو حتى تعلم أساليب اللياقة» .

ونسألك:

1 -

عن أي طائفة منعزلة تتحدث؟ ما هي الطائفة التي ترى أن الحياة خطيئة؟ إن كنت تتحدث عن الصوفية فقد يصدقك الناس، أما السلفيون فإن الواقع يشهد أنهم في منأى عن هذا الوصف، وهو اتهام عارٍ عن الصحة، بعيد عن الواقع.

2 -

ماذا تقصد بالفنون والآداب؟ هل تقصد أن السلفيين يبتعدون عن الغناء والرقص والعري؟ إن كنت تقصد فقد أصبت كبد الحقيقة ولا لوم عليهم في ذلك، بل كان يجب عليك أن تمدحهم بدلًا من أن تذمهم؛ فهم متبعون للشرع في ذلك وليسوا متبعين لهواهم.

أما إن كنت تقصد بالفنون والآداب أشياء لم يحرّمها الإسلام كالشِّعر المباح مثلًا، فهاتِ برهانك على أن السلفيين يرون التطهر منها.

3 -

ماذا تقصد بالمشاركة الاجتماعية التي يبتعد عنها السلفيون؟ إن كنت تقصد الحفلات المختلطة مع النساء المتبرجات مثل احتفالك بعيد ميلادك في أحد أندية اللَيُونْز

ص: 60

الماسونية بين الممثلين والمغنين؟ إن كنت تقصد ذلك فحُق للسلفيين أن ينعزلوا عن مثل هذه المشاركات.

السؤال العاشر: قلْتَ (ص16) إن الأشعرية «هي عقيدة أغلب المسلمين في مجال الاعتقاد» (1). وهذا ادعاء لا دليل عليه.

واتهمْتَ السلفيين (ص 16) بأنهم يقلدون في العقائد، وأساس الاتهام أنك أشعري وأول واجب عند الأشاعرة هو النظر أو القصد إلى النظر أو أول جزء من النظر أو

إلى آخر فلسفتهم المختلف فيها بينهم، وعندهم أن الإنسان إذا بلغ سن التكليف وجب عليه النظر ثم الإيمان، واختلفوا فيمن مات قبل النظر أو في أثنائه، أيُحْكمُ له بالإسلام أم بالكفر؟!

وينكر الأشاعرة المعرفة الفطرية ويقولون إن من آمن بالله بغير طريق النظر فإنما هو مقلد ورجح بعضهم كفره، واكتفى بعضهم بتَعْصِيَتِه.

وقد نقل الحافظ ابن حجر رحمه الله أقوالًا كثيرةً في الرد عليهم، وأن لازم قولهم تكفير عوام المسلمين بل تكفير الصدر الأول من الصحابة والتابعين (2).

ونسأل المفتي:

أ- ما رأيكم في إيمان الصحابة رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان الذين شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قبل أن يولد الأشاعرة وقبل أن يولد المفتي، ولم يُلْزِمهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بما ألزم به الأشاعرة - ومنهم فضيلة المفتي – جموع المسلمين.

فهم آمنوا بالله بغير طريقة الأشاعرة.

فهل الصحابة رضي الله عنهم مقلدون متشددون عند الأشاعرة وعند فضيلة المفتي؟

(1) كذا قال: عقيدة في مجال الاعتقاد!!!.

(2)

انظر (فتح الباري 3/ 357، 361، 13/ 347 - 358).

ص: 61

ب- عامة المسلمين يؤمنون بالله وبرسوله صلى الله عليه وآله وسلم بالفطرة وعلى غير طريقة الأشاعرة وتعقيداتهم فهل يتهمهم المفتي بأنهم مقلدون أيضًا؟.

وما هو رأي المفتي – بصفته أشعريًا في حكم إيمان المقلد الذي آمن بالله بغير طريق النظر الذي يوجبه هو والأشاعرة، هل المقلد كافرٌ أم عاصٍ؟

إن أول واجب على المكلف هو توحيد الله سبحانه وتعالى وعبادته كما تضمنته شهادة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا رضي الله عنه عَلَى اليَمَنِ، قَالَ:«إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللهِ، فَإِذَا عَرَفُوا اللهَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ» (رواه البخاري ومسلم).

وفي رواية للبخاري: «فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللهَ تَعَالَى، فَإِذَا عَرَفُوا ذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ» .

وفي رواية للبخاري: «فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ» .

وفي رواية لمسلم: «إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ» .

قال الإمام ابن المنذر رحمه الله: «وأجمع كل من نحفظ عنه أن الكافر إذا قال لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، ولم يَزِدْ على ذلك شيئًا أنه مسلم» (1).

(1) الإجماع لابن المنذر (ص 44).

ص: 62

وننقل هنا أيضًا كلامًا نفيسًا للإمام القرطبي في تفسيره نُهْدِِيه للمفتي لنَرُدّ به اتهامه للسلفيين بأنهم يقلدون في العقائد، قال الإمام القرطبي: «ذَهَبَ بَعْض الْمُتَأَخِّرِينَ وَالْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ إِلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَعْرِف اللهَ تَعَالَى بِالطُّرُقِ الَّتِي طَرَقُوهَا وَالْأَبْحَاث الَّتِي حَرَّرُوهَا لَمْ يَصِحّ إِيمَانه وَهُوَ كَافِر؛ فَيَلْزَم عَلَى هَذَا تَكْفِير أَكْثَر الْمُسْلِمِينَ ، وَأَوَّل مَنْ يَبْدَأ بِتَكْفِيرِهِ آبَاؤُهُ وَأَسْلَافه وَجِيرَانه.

وَقَدْ أُورِدَ عَلَى بَعْضهمْ هَذَا فَقَالَ: «لَا تُشَنِّع عَلَيَّ بِكَثْرَةِ أَهْل النَّار» . أَوْ كَمَا قَالَ.

قُلْت (1): وَهَذَا الْقَوْل لَا يَصْدُر إِلَّا مِنْ جَاهِل بِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّة نَبِيّه صلى الله عليه وآله وسلم لِأَنَّهُ ضَيَّقَ رَحْمَة اللهِ الْوَاسِعَة عَلَى شِرْذِمَة يَسِيرَة مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ ، وَاقْتَحَمُوا فِي تَكْفِير عَامَّة الْمُسْلِمِينَ.

أَيْنَ هَذَا مِنْ قَوْل الْأَعْرَابِيّ الَّذِي كَشَفَ عَنْ فَرْجه لِيَبُولَ ، وَانْتَهَرَهُ أَصْحَاب النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم:«اللَّهُمَّ اِرْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا وَلَا تَرْحَم مَعَنَا أَحَدًا» . فَقَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم: «لَقَدْ حَجَرْت وَاسِعًا» . خَرَّجَهُ الْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَغَيْرهمَا مِنْ الْأَئِمَّة (2).

(1) أي الإمام القرطبي.

(2)

عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي صَلَاةٍ وَقُمْنَا مَعَهُ، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ:«اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا، وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا» . فَلَمَّا سَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ: «لَقَدْ حَجَّرْتَ وَاسِعًا» يُرِيدُ رَحْمَةَ اللهِ. (رواه البخاري).

وفي رواية لأبي داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةِ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم جَالِسٌ فَصَلَّى، ثُمَّ قَالَ:«اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا، وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا» ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم:«لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا» . ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ بَالَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَأَسْرَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم وَقَالَ:«إِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ، صُبُّوا عَلَيْهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ» أَوْ قَالَ: «ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ» . (رواه أبو داود وصححه الألباني).

والسَّجْل: الدلو إذا كان فيه ماء قلّ أو كثر، ولا يقال لها وهي فارغة «سَجلٌ»؛ والذَّنُوب: الدلو العظيمة إذا كانت مَلأى ماء، وقد يكون فيها ماء قريب من المِلء.

[باختصار من شرح سنن أبي داود لبدر الدين العيني الحنفي (2/ 211)].

ص: 63

أَتُرَى هَذَا الْأَعْرَابِيّ عَرَفَ اللهَ بِالدَّلِيلِ وَالْبُرْهَان وَالْحُجَّة وَالْبَيَان؟ وَأَنَّ رَحْمَته وَسِعَتْ كُلّ شَيْء (1) ، وَكَمْ مِنْ مِثْله مَحْكُوم لَهُ بِالْإِيمَانِ. بَلْ اِكْتَفَى صلى الله عليه وآله وسلم مِنْ كَثِير مِمَّنْ أَسْلَمَ بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ ، وَحَتَّى إِنَّهُ اِكْتَفَى بِالْإِشَارَةِ فِي ذَلِكَ.

أَلَا تَرَاهُ لَمَّا قَالَ لِلسَّوْدَاءِ: «أَيْنَ اللهُ؟» ، قَالَتْ:«فِي السَّمَاء» . قَالَ: «مَنْ أَنَا؟» ، قَالَتْ:«أَنْتَ رَسُول اللهِ» .

قَالَ: «أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ» (2).

وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ نَظَر وَلَا اِسْتِدْلَال ، بَلْ حَكَمَ بِإِيمَانِهِمْ مِنْ أَوَّل وَهْلَة ، وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ عَنْ النَّظَر وَالْمَعْرِفَة غَفْلَة. وَاَللهُ أَعْلَم» (3).

وبعد كلام الإمام القرطبي نسأل القارئ الكريم: هل أغلب المسلمين آمنوا كما آمن الأعرابي والأمة السوداء التي شهد لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالإيمان، أم آمنوا بِالطُّرُقِ الَّتِي طَرَقهَا الأشاعرة وَالْأَبْحَاث الَّتِي حَرَّرُوهَا؟!!

ومن إجابة هذا السؤال تتبين إجابة السؤال التالي: هل صحيح ما قاله المفتي من أن الأشعرية هي عقيدة أغلب المسلمين؟!!!

(1) أي أَتُرَى هَذَا الْأَعْرَابِيّ عَرَفَ أن رَحْمَةَ اللهِ سبحانه وتعالى وَسِعَتْ كُلّ شَيْء.

(2)

رواه مسلم.

(3)

تفسير القرطبي (7/ 332 - 333). وقد أشار الشيخ عطية صقر رحمه الله إلى كلام الإمام القرطبي، وذلك في فتوى له بتاريخ مايو 1997، كما في فتاوى الأزهر، نسخة إلكترونية على موقع وزارة الأوقاف المصرية www.islamic-council.com .

ونسأل المفتي: هل الإمام القرطبي والشيخ عطية صقر من السلفيين المتشددين الذين يقلدون في العقائد؟!!!

ص: 64