المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الهبة الهبة تمليك شيء دون عِوَضٍ، ولوجه الله صدقة، وتلزم - الشامل في فقه الإمام مالك - جـ ٢

[بهرام الدميري]

الفصل: ‌ ‌باب الهبة الهبة تمليك شيء دون عِوَضٍ، ولوجه الله صدقة، وتلزم

‌باب الهبة

الهبة تمليك شيء دون عِوَضٍ، ولوجه الله صدقة، وتلزم بالقول عَلَى الْمَشْهُورِ. ولها أركان: واهبٌ، وموهوب، وصيغة وشبهها.

الواهب: من له التبرع، وإن مريضا من ثلثه. والموهوب: كل مملوك يُنْقَلُ شرعاً وإن جلد ضحية على المنصوص (1) أو آبقاً وكلباً، وكذا المجهول على المعروف. وقيل: لا بد من معرفته وقدره. واستحسن اللخمي ألا يفعل إلا بعد ذلك. فإن فعل قبله ثم تبين خلافه كَدَارٍ ورثها، وقد أبدلها الميت في غيبته بِدَارٍ أفضل منها، وظن أنها الأولى فله الرَّدُّ عند ابن القاسم، خلافاً لابن عبد الحكم. (2) وإن وهبه ميراثه نظر للميت (3)؛ فإن لم يعلم به فله ما علم به فقط، وإن زاد الحاضر على ما في ظنه فهو شريك بما زاد.

وصح هبة مرهون وَخُيِّرَ مرتهن في الإمضاء والرد، فإن أمضى وإلا جُبِرَ الواهب على فَكِهِ معجلا إن كان لا يجهل أن الهبة لا تتم إلا بتعجيل الدين على الأصح. وقيل: لا يلزم تعجيله إن حلف أنه لم يُرِدْهُ، فإن كان يجهله [ب/191] حلف (4).

ولا تعجيل باتفاق، ولا مقال للمرتهن إن رضي الراهن بتعجيل الدين، أو أجبر عليه. إلا أن يكون عروضاً فلا يُجْبَرُ على قبضه قبل أجله. وعلى عدم الجبر فإذا حل الأجل والواهب موسر قضى الدين وأخذ الموهوب له هبته. فإن قبضها الموهوب قبل قبض المرتهن فهو أحق به إن كان الواهب موسراً، وإلا فالمرتهن أولى إلا أن يهبه للثواب. فإن لم يجزه واحد منهما حتى مات - مضت الهبة، وقضي الدين إن كان الواهب موسراً، وإلا اتبعه.

(1) قوله: (على المنصوص) ساقط من (ح1).

(2)

نهاية اللوحة الساقطة من (ق1).

(3)

في (ح2)، (ق1):(فطرأ للميت مال).

(4)

في (ح1): (ضان).

ص: 819

وتصح هبة الدين وهو إبراءٌ إن وُهِبَ للمديان، وإلا فقبضه بإشهاد، وجمع بين غريميه (1). وفيها: وَدَفَعَ ذُكْرَ حقه إن كان عنده، وإلا كتب عليه، وأشهد له، وأحاله به. فإن غاب مديانه ففيها: صح قبضه إن أشهد له (2)، وَدَفَعَ (3) ذُكْرَ الحق. وهل دفعه شرط صحة، أو كمال كجمع الغريمين؟ تأويلان. وإن وهب الدين لمن عليه، أو الوديعة لمن هي تحت يده فقبل مضى، وإن لم يقل:(قبلت) حتى مات الواهب بطلت الهبة على الأصح، كأن قال:(لا أقبل). وهل من شرط القبول أن يعقب الهبة أم لا؟ قولان.

ولو وهبت صداقها لزوجها (4) فقبله ثم رده وأشهد لها في غيره ومات -فلا شيء لها إذا لم تحزه.

وإن وَهَبَ لَكَ شيئاً ثم باعه قبل (5) عِلْمَكَ أو بعده، ولم تفرط حتى باعه -فلك نقضه في حياته. وقيل: يبطل بقبض المشتري. وقيل: هو أولى مِنْكَ وإن لم يقبض. وإن عَلِمْتَ قبل البيع نفذ. وفيها: وكان الثمن للمُعْطى، يروى بفتح الطاء وكسرها. قيل: والقياس تَخْييركَ في الإمضاء ونفيه. وقيل: يُرَدُّ وَتَأْخُذَ هِبَتُكَ. وقيل: إن لم تُفَرِّطْ فأنت أولى، وإلا بطلت. وقيل: إن مضى ما يُمْكِنُكَ فيه القبض فلك الثمن. وإلا فَأَنْتَ أحق بالمبيع (6). وقيل: إن مضى ما يُمْكِنُكَ فيه القبض بَطُلَت.

وصيغتها: وَهَبْتُكَ وما تصرف منها، وشبهها من قول كـ:(أَعْطَيْتُكَ، وَنَحَلْتُكَ، وَبَذَلْتُ لك). أو فعل دال عليها، إلا بقوله لولده:(ابن (7) أو اغرس هذه العرصة) مع

(1) في (ح2): (بينه وبين وغريمه).

(2)

قوله: (له) ساقط من (ق1).

(3)

في (ح1): (وذكر).

(4)

قوله: (لزوجها) زيادة من (ح2).

(5)

في (ح1): (بعد).

(6)

في (ح1): (البيع).

(7)

في (ح2): (أو ابن).

ص: 820

قوله: (دار ولدي وجنانه). وتحاز بإذنه ودونه. وأجبر واهبه عليه على الأصح. وهل يكفي حوز غيره له بغير إذنه كزوج حاز لزوجته هبة أبيها، أو لا إلا بوكالتها؟ قولان. ولو وهبه دراهم وجعلها على يد غيره وهو حاضرٌ - صحًّ ما لم يَقُلْ:(لا تدفعها له إلا بإذني). واتفق على الإمضاء إن قال: (ادفعها له)، أو:(خذها) فقال الآخر: (أمسكها لي)، وإن انتفيا فخلاف.

وأبطلها عتق الواهب وإن لأجل قبل حوزها على الأصح، واستيلاد ولا قيمة على الأصح، أو كتابته أو تدبيره، وكذا جنونه أو مرضه إن اتصلا بموته. فإن صح فله الطلب الأول، فلو حاز فيهما لم يجز. وقال أشهب: يُقْضَى له بثلثها الآن، فإن صح فباقيها له.

وتبطل أيضاً بدين محيط قبل حوزها. فإن كان الموهوب عبداً أو زادت قيمته على الدين بيع ما زاد إن أمكن، وإلا بيع كله وقضي منه الدين، وما بقي لواهب دون الآخر، ولا يفيده حوزها بعده. فإن ادان بين الهبة وحوزها فهل الدين [أ/192] أولى منها أو العكس؟ قولان. ولو كان له وفاء يوم العطية أو جهل سَبْقُ الدين لها، وقبضت فهي أولى. ولو حازها أب لولدٍ صغير فالدين أولى على الأصح. وقضي بها لثان حاز قبل الأول لا للأول على الأصح. وثالثها: إن علم الأول بها ففرط وإلا فهي له. ورابعها: إن مضى من المدة ما يمكنه الحوز فيه فقط (1)، وإلا فله. وَأَخَذَهَا إن لم يفرط إن كانت قائمة، وقيمتها من الثاني إن فاتت.

ولو مات الواهب أو من عينت له قبل وصولها مع رسول أو مع الواهب بطلت إلا أن يشهد فتكون للمعطى أو لورثته. وقيل: إن مات الواهب بطلت (2) إلا للموهوب له،

(1) في (ق1): (ففرط).

(2)

قوله: (إلا أن يشهد فتكون للمعطى أو لورثته، وقيل: إن مات الواهب بطلت) زيادة من (ح2).

ص: 821

ولهذا كان لسيد العبد الموهوب له (1) قبضها بعد موته، وعلى هذا ما يصحبه المسافر أو الحاج من هدية لأهله أو غيرهم. وقيل: إن كانوا كصغار بنيه وأبكار بناته مضت. وقد قال مالك في الرجل يحلي ابنه بحلية ثم يموت: إنه للصبي دون الورثة؛ لأنه مظنة الحوز. وإِنْ دفعتَ مالاً لمن يفرقه للفقراء ونحوهم ثم مِتَّ قبل نفوذه؛ فإن أَشْهَدتَ نفذ كله من رأس مالك، وإن لم تشهد فلورثتك ما بقي. وضمن ما فرقه بعد موتك عالماً به، فإن أنكر الورثة أَمْرَكَ له بذلك - ضَمِنَ الجميع إن لم يشهد بعد يمين مَنْ يَدَّعِي العِلْم بذلك ممن يظن به ذلك. وهل يَضْمَنَهُ إن فرقه قبل علمه بِمَوْتِكَ أم لا؟ خلاف. وصحت إن قبضها ليتروى، أو مات واهبها قبل علمك أو تزكية شاهدها على الأصح.

محمد: ولا يوقف إلا لبينة قريبة، أو لشاهد. ولو أعتق الموهوب له قبل قبضه فكالحوز، وكذا إن باع أو وهب إن أشهد أو أعلن. وقيل: ليس بحوز. وثالثها: أن البيع حوز لا الهبة.

ولو حازها له مُخْدَمٌ أو مُسْتَعِير صحت، وإن لم يعلمها أو تقدمت الخدمة على الأصح فيهما. واشترط تبتيل الخدمة الآن وتكون النفقة على المخدم. وإن وهب له المرجع بعد فراغ الخدمة -لم يكن حوزاً، والمودع إن علم صح حوزه للموهوب له، بخلاف الوكيل، وكذا الغاصب على الأصح. ولو رضي الغاصب أن يحوز له وأمره الواهب بذلك صح. وليس حوز المرتهن ولا المستأجر حوزاً للموهوب له ولو أشهد على الأصح، إلا أن يهب الإجارة ولم يكن قبض الأجرة.

وبقاؤه في دَارٍ وَهَبَهَا له بِاكْتِرَاءٍ أو إِعْمَارٍ أو إرفاق - مُبْطِلٌ؛ كزوج وهب لزوجته دار سُكْنَاهُما لا العكس. وروي: حوز فيهما. وروي: لا يصح فيهما.

(1) قوله: (له) ساقط من (ق1).

ص: 822

ولو وهب أحدهما للآخر خادماً عندهما أو متاعاً بينهما صح على الأصح، لا كعبد خراج. ولو حِيْزَت ثم رجعت لواهبها بالقرب بإجارة أو إرفاق - بَطُلَتْ، لا بعد سنة على الأصح. أو رجع خفية أو ضيفاً فمات ولو عن قرب.

وصح حوز واهب وإن غير أب لمحجوره وإن سفيهاً إذا أشهد، إلا ما لا يعرف بعينه كالدراهم والدنانير والمكيل والموزون والمعدود، وإن أبرزه للشهود وختم عليه على الأصح. وثالثها: يصح إن أبرزه وإن بلا ختم. ولو وهبه دار سُكْنَاهُ أو تصدق بها أو حبسها عليه وقدم من حازها له جاز (1)، فإن رجع إليها فَسَكَنَهَا أو سكن أكثرها بَطُلَتْ، [ب/192] لا إن سكن أَقَلَهَا، والذي له أكثرها، ولو سكن واحدة من دور وهي تبع صح الجميع. وقيل: يبطل ما سَكَنَ دون غيره قليلاً أو كثيراً من دار أو دور، فلو سكن نصفاً بَطُلَ فقط.

قال ابْنُ الْقَاسِمِ: فأما على وَلَدٍ كَبْيرٍ فإن سَكَنَ كثيراً بَطُلَ، وجاز ما حيز قَلَّ أو كَثُرَ. وإن سَكَنَ قليلاً وحاز الولد كثيراً صح الجميع. وقال أصبغ: إن سكن واحدة من دور بطلت كلها (2)، وصح غيرها -قَلَّ أو كَثُرَ- مما حازه للصغار، أو حازه الكبار. وأما دار ذات مساكن فإن سَكَنَ منها يسيراً جازت كلها (3)، وكثيراً بَطُلَ، وصح باقيها إذا حازها أو حيز عنه. وهل القليل ما دون النصف أو قدر الثلث أو ما دونه، والكثير ما فوق ذلك؟ أقوال.

والعُمْرَى جائزة في عقار وحيوان وإن رقيقاً. ابْنُ الْقَاسِمِ: في الثياب والحلي على ما شرطا، وهي هبة المنفعة حياته؛ كـ (أعمرتك، أو وارثك، أو أسكنتكما داري، أو ضيعتي

(1) قوله: (جاز) ساقط من (ح2).

(2)

قوله: (كلها) زيادة من (ح1).

(3)

في (ح1): (مطلقا).

ص: 823

حياتكما) فإن ماتا رجعت مِلْكاً للمُعَمِّرِ أو لورثته، والفعل الدال كذلك. وجاز:(هو (1) حبس عليكما، وهو لأحدكما مِلْكاً) (2). وقيل: إلا أن يقول: (هو (3) حبس عليكما حياتكما) فلا يكون إلا حبساً.

والرُّقْبَى ممتنعة كإن مِتَّ قَبْلِي فَدَارُكَ لي، وإِنْ مِتُّ قَبْلَكَ فَدَارِي لك. وفيها: إن حبسا داراً بينهما على أن مات منهما أولاً فنصيبه حبس على الآخر - لا خير فيه؛ لأنه غرر ومخاطرة.

وسئل مالك عن عبد بين رجلين قالا: (من مات منا أولاً (4) فنصيبه يخدم الآخر حياته ثم هو (5) حرٌّ) لم يَجُزْ؛ لأنه خطر، ولكنه ألزمهما العتق إن ماتا، ومن مات منهما فنصيبه يخدم ورثته دون صاحبه، وإذا مات أحدهما فنصيب كل واحد منهما (6) حُرٌ (7) من ثلثه. وقال في حائط بينهما حَبَسَ كل واحد نصيبه منهما (8) على الآخر وعلى عقبه: لا يجوز، وهو قِمَارٌ وهي الرُّقْبَى، وهذا (9) إذا كان في عقد.

أشهب: وأما مَنْ فَعَلَ بصاحبه هذا ففعل به الآخر (10) مثله فجائز، ولا تهمة فيه. قال ابن كنانة: المكروه أن يقول: (أَرْقُبُكَ عبدي هذا على أن ترقبني منزلك) فيكون العبد

(1) قوله: (هو) ساقط من (ح1).

(2)

قوله: (مِلْكاً) ساقط من (ح1).

(3)

قوله: (هو) ساقط من (ح2).

(4)

قوله: (أولاً) ساقط من (ح1).

(5)

قوله: (هو) ساقط من (ح2).

(6)

قوله: (منهما) ساقط من (ح2).

(7)

قوله: (حر) ساقط من (ح1).

(8)

قوله: (منهما) زيادة من (ق1).

(9)

في (ح1): (وهو).

(10)

قوله: (الآخر) زيادة من (ق1).

ص: 824

والمنزل للباقي بعد صاحبه، وهذا قمار، وأما إن قال:(منزلي هذا للباقي منا) فهذا وصية جائزة، ولو أن الذي أرقبه أرقبه (1) هو أيضاً عبداً أو منزلاً على غير شرط فذلك جائز. ومن وهب لرجل نخلاً وفيها ثمر قد أُبِّرَ فهو للواهب، وحوزها قبضها وسقيها على واهبها. وكذا لو استثنى ثمرتها سنين. فإن أسلمها له؛ يسقيها بماء الواهب، ويدفع الثمرة كل سنة -فهو حوزٌ. فإن شرط سقيها له (2) على الموهوب له مُنِعَ للغرر. ولو بقيت بيد الواهب في المدة لزمه إن عاش إليها ولا دين، وإلا بطلت. ولو دفع فرساً لمن يغزو عليه (3) سنين وينفق عليه، ولا يبيعه إلا بعد المدة -مُنِعَ أيضاً للغرر.

والهبة ثلاثة أضرب: مقيد بنفي الثواب، ومطلق (4)، ومقيد به (5)؛ الأول لمودة ومحبة أو لوجه الله تعالى كصلة رحم -فلا رجوع فيها لمودة ومحبة إلا لأب من ولد غني وكذا فقير. [أ/193] ومنعه سحنون إلا ممن في حجره ممن (6) بان عنه وله مال، وكذا الأم إن وهبت ذا أب ولو مجنوناً. وقيل: ما لم يُجِزْهُ المُوَلَّى عليه، أو هو إن وَلِيَ نفسه، وإن كانت (7) مُوَلَاّة عليه فلها ذلك. اللخمي: ويختلف إذا كان الأب والولد فقيرين. ولا تعتصر من يتيم.

محمد: إن وهبته صغيراً فبلغ ثم مات أبوه فلها ذلك، لا إن مات قبل بلوغه ثم كبر هو.

(1) قوله: (أرقبه) ساقط من (ح1).

(2)

قوله: (له) زيادة من (ح2).

(3)

قوله: (عليه) ساقط من (ح2).

(4)

قوله: (ومطلق) ساقط من (ح1).

(5)

قوله: (به) ساقط من (ق1).

(6)

في (ح2): (أو)، وفي (ق1):(إن).

(7)

قوله: (كانت) ساقط من (ح1).

ص: 825

ولا اعتصار لِجَدٍ ولا جدة عَلَى الْمَشْهُوْرِ، ولا فيما أريد به وجه الله تعالى كصدقة لم يشترط رجوعها، لا إن شرطه على الأصح.

وفات إن دخلها زيادة أو نقص على الأصح، لا حوالة سوق. وثالثها: يفوت بالزيادة (1) فقط كأن ضرب النقد حُلِيَّاً. وفي الجلاب: أو خلطه بمثله (2). واستقرئ خلافه منها؛ وكأن وطِئ الولد الأمة (3) أو زَوَّجَهَا على الأصح فيهما، ويصدق في الوطء. وقيل: غيبته عليها كالوطء. وفي معناه الكتابة والتدبير والعتق لأَجَلٍ ولمرض أحدهما عَلَى المشهور. وروي: إن مرض الأب لم تفت، وكتلفها أو زوال ملك الولد عنها، ومداينته لأجلها. وقيل: مطلقاً. وكذا تزويجها لأجلها، وإن ذكرا على الأصح. وقيل: إن كان نائباً عن أبيه تاجراً ذا مال غير مولى عليه وَعُلِمَ أنه لم ينكح لها - فله الرجوع. وكذا إن كانت قليلة يرى أنه لم يتزوج لها أو يتداين لأجلها، ونحوه عن مالك.

والعقد في ذلك كالدخول، فإن وهبها (4) على هذه الأحوال فلا فوت خلافاً لعبد الملك، كأن ذهب المرض على الأصح. وثالثها: عن الابن لا الأب.

وكره عود صدقته له إلا بإرث، وإن تداولتها الأملاك والمواريث. ولا يشترها من فقير بخلاف الهبة عَلَى المشهور. ولا يركبها ولا ينتفع منها بأكل أو شرب أو نحوه إن كان أجنبياً. وفيها: وأما الأم والأب إذا احتاجا فينفق عليهما مما تصدقا به على ولدهما. وهل مطلقاً، أو إن رضي الولد؟ تأويلان.

(1) في (ح2): (بالصدقة).

(2)

انظر التفريع لابن الجلاب: 2/ 369.

(3)

قوله: (الأمة) زيادة من (ح2).

(4)

في (ح1): (وطئها).

ص: 826

محمد: وله الأكل من لحم غنم تصدق بها على ولده، والشرب من لبنها، ولبس صوفها برضى الولد، وكذا ثمر حائط. محمد: والأم كذلك. قال: وهذا في ولد كبير، وأما صغير فلا، قاله مالك. وفي الرسالة: ولا بأس أن يشرب من لبن ما تصدق به على ولده. وقيل: يكره (1) إن قَلَّ كالركوب.

وقُوِّمَ عبدٌ أو أَمَةٌ إن اضطر إليهما. وأشهد واستقصى للولد. وعمل في مطلق بما اتفقا عليه، فإن اختلفا وَمِثْلُهُ يَطْلُبُ الثَوَابِ صُدِّقَ بيمين. وقيل: بدونه، وإلا صدق الآخر بيمين، فإن أشكل صدق الواهب. وهل بيمين؟ تأويلان. وقيل: إن قال: (أردت الثواب، ولم أشترطه) فكيمين التهمة، وإن قال:(اشترطته عليه (2)) وكذبه فلا يمين على القول بيمين التهمة حتى يحلف الآخر على نيته، وإن نكل أخذ الواهب الثواب بلا يمين. وعلى عدم اليمين في التهمة فلا يمين بوجه. فإن قال:(اشترطته عليه) وقال الآخر: (نسيت) صُدِّقَ الواهب بيمين (3) أنه اشترطه، فإن نكل حلف الآخر، فإن نكل أخذه الواهب الثواب (4) بلا يمين، ولا ثواب في النقدين إلا بشرط. وقيل: أو يرى لذلك وجه. وثوابه عرض أو طعام. وروي: تُرَدُّ الهبة. [ب/193]

(1) قوله: (يكره) زيادة من (ح2).

(2)

قوله: (عليه) ساقط من (ح1).

(3)

في (ح1): (فلا يمين).

(4)

قوله: (الثواب) زيادة من (ح2).

ص: 827

ولا في سبيكة وحلي مكسور، بخلاف الصحيح على الأصح. ولا بين زوجين، ولا بين ولد ووالد أو قريبين إلا (1) بظهور وجه، ولا على قادم من سفر يُهْدَى له طعام أو فاكهة وإن فقيراً لغني.

وليس له أخذ هبته وإن لم تفت. وقيل: له الثواب. وقيل: إن كان مثله ممن يتكلم في ذلك، وإلا فلا شيء له. ولا في هبة غني لفقير، أو فقير لمثله إلا بشرط فيه ذلك كفقير لغني، وغني لمثله.

وما يُهْدَى في الأعراس من خِرَافٍ ونحوها (2) يقضى بوزنها إن عرف (3)، ويقاص (4) بما أكل هو ومن جاء معه. وجاز اشتراطه، ولزم بتعيينه وإن لم تُقْبَضْ، فإن دخلا عليه ولم يبيناه صح على الأصح. وله حبسها حتى يثيبه على الأصح. ولزمه قبول القيمة إن فاتت باتفاق. وكذا إن كانت قائمة عَلَى المشهور. ولا يلزم الموهوب له قيمتها إلا بفواتها بزيادة أو نقص. وقيل: بنقصها. وقيل: بقبضها. وقيل: بحوالة سوقها. وفي فواتها بالنسبة لواهبها الثلاثة الأُوَل. وقيل: مجرد الهبة. وقيل: ذهاب عينها أو عتقها. وفي تعيين النقدين ثالثها لابن القاسم: إلا كحطب وتبن.

وشرطه السلامة من الربا على الأصح. وللمأذون الهبة للثواب كالأب في مال ولده.

ولو وهب لعبد مأذون هبة فأخذها سيده لزمه قيمتها مطلقاً. وكذا في غير المأذون إن علم أنها للثواب وإن لم يعلم. والأَمَةُ الموهوبة إن (5) لم توطأ ولا نقصت - خُيِّرَ سيدها في ردها، أو دفع قيمتها يوم الهبة. وإن وطئها السيد أو نقصت فعلى العبد قيمتها في ماله. وإن

(1) قوله: (إلا) ساقط من (ح1).

(2)

في (ح2): (وغيرها).

(3)

في (ح2): (علم).

(4)

في (ح1): (يقضى).

(5)

قوله: (إن) ساقط من (ح2).

ص: 828

قال: داري صدقة للفقراء أو لمعين بيمين فحنث، أو بغيرها لغير (1) معين (2) لم يقض عليه إلا لمعين بلا يمين. وفي القضاء لمسجد معين أو أمره خاصة قولان. وَحُكِمَ بين مسلم وذمي فيها بِحُكْمِنَا على الأصح.

(1) في (ح2): (إلا لغير).

(2)

في (ح2): (معين أمر).

ص: 829