الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الوديعة
الوديعة: توكيل في حفظ مال دون عوض، وهي أمانة غير لازمة لهما إلا لعارض، ولا شيء على صبي أتلف ما أودع عنده له (1)، أو ابتاعه أو تسلفه وإن أذن له أهله كسفيه، فإن صون به ماله لزمه الأقل، وتعلقت ناجزاً عَلَى الْمَشْهُورِ بذمة مأذون وبذمة غيره إذا عتق إن لم يسقطه سيده، وقيل: كالمأذون إن كان مثله يستودع، وقيل: إن أتلفها ففي رقبته.
وحلف سيد أنكر بعث عبده لعارية، وله إسقاطها عن ذمته على الأحسن، ولو أمر السيد رب الوديعة أن يسلمها لعبده، فإن (2) أتلفها ففي ذمته دون سيده إن أثبت ذلك ببينة لا بإقرار العبد، وللسيد أخذ ما أودعه عبده إن غاب، وتضمن بخلطها ولو كمثلي بمثله إن اختلفا جنساً أو صفة، وعسر التمييز (3) وإلا فلا عَلَى الْمَشْهُورِ، كأن أخذت (4).
ولو تلف البعض فالباقي إن لم يميز بينهما، فلو ضاع دينار من ثلاثة أو اثنين وواحد لثلاثة فنسبة ما لكل، وقيل: على صاحب الدينار النصف [أ/168] وعلى غيره ربع، والأعدل على كل واحد ثلث، فإن تميز فمن ربه.
وجاز رضى ذي قمح وذي شعير قصداً رفع العداء عن مودع خلطهما خلافاً لسحنون إن رضي المودع واقتسماهما على القيمة، وقيل: على (5) الكيل، وقيل: يقسم الثمن بينهما، ولو خلط دراهم بدنانير لم يضمن، وقيل: إلا أن يشهرها.
(1) قوله (له) زيادة من (ح1، ق2).
(2)
قوله (فإن) زيادة من (ح1).
(3)
في (ق2): (وغير الثمنين).
(4)
في (ح2، ق1): (إن كان أحرز).
(5)
قوله (على) ساقط من (ح1).
وبسقوط شيء من يده عليها إن تلفت به لا بنقل مثلها (1) أو سقوطها من يده، وقيل: يضمنها كمن أذن له في تقليب زجاج (2) ونحوه، وبنقلها من بلد لبلد ولو وصياً، وبسفره بها إن قدر على ردها أو على (3) إيداع أمين وإلا فلا، كأن رجعت سالمة أو دفنها نظراً أو أودعها لعذر (4) كعورة حدثت بمنزله أو وضعها عند زوجته أو خادمه المعتادين لذلك على الأصح، وكذا لو دفعها لعبد أو أجير في عياله خلافاً لأشهب.
وصدق في دفعه لأهله، وحلف إن أنكرت الزوجة الدفع إن اتهم، وقيل: مطلقاً، فإن نكل غرم إلا أن يكون معسراً فله تحليفها، ووجب الإشهاد بالعذر، وفيها: لا يصدق أنه خاف عورة موضعه أو أراد سفراً، وخرج لتصديقه (5)، وإذا رجع لزمه أخذها إن نوى حين سفره الإياب وإلا فلا.
ولو استودع بسفر فأودع فيه ضمن، إلا أن يدفعها (6) لمن ينجو بها من لصوص، ولو طرحها خوفاً منهم، ثم لم يجدها لم يضمن كأن علم سفره أو عورة منزله فأودعها ثم أنكرها المودع.
وبموته إن لم توجد ولم يوص بها لا إن بعد كعشر سنين أو قال هي في موضع كذا فلم توجد أو أنكر تلفها ثم مات، واختير ضمانه مع السكوت للعين لا لغيرها إلا المكيل والموزون في البادية، وأخذها من وجد عليها أنها له إن ثبت بخط الميت، وكذا بخط ربها على الأصح، وإلا فلا، ولو نقصت عن ما كتب عليها، وعلم أنه كان ينفق مما أودع عنده
(1) قوله (مثلها) ساقط من (ح1).
(2)
في (ح1): (جزاز).
(3)
قوله (على) ساقط من (ق1).
(4)
في (ق1): (دفعها لضرر).
(5)
في (ح1): (صديقه).
(6)
في (ح1): (يودع).
كملت من ماله إن ثبت خط الميت، وإلا حلف وارثه على نفي العلم، وبرئ ولو وجد بدفتره أن لفلان عندي كذا أخذه إن ثبت خطه وإلا فلا، فإن لم يوص ولم يثبت الإيداع فلا شيء عليه.
ولو مات مرسل لرجل بمال ولم يوجد ففيها: إن مات قبل وصوله ففي تركته وإلا فلا، وقيل: بالعكس، وقيل: في تركته فيهما، وهل خلاف وعليه الأكثر؟ تأويلان، ولو لم يمت وأكذبه الرجل في قبضها لم يصدق بدون (1) بينة، ولو صدقه مرسله إلا إذا شرط الدفع له بلا بينة إن ثبت الشرط، وبانتفاعه بها بكلبس أو ركوب إن تلفت فيه، وصدق بيمينه وأنه ردها سالمة، وبرئ إن أقر بالفعل وإلا فلا، وقيل: بدعواه أو ببينة، وثالثها: إن أشهد، وإن حبسها في كراء عن سوقها فلربها إن ردت سالمة أخذها مع كرائها أو قيمتها فقط يوم الكراء.
ومنع تسلف معدم ومقوَّم اتفاقاً، وكره مثلي على المنصوص، وكذا نقد، وقيل: يمنع، وثالثها: يجوز إن شهد، ورابعها: إن كانت غير مربوطة وإلا فلا [ب/168] والأظهر أن من بيده قدرها أو أزيد منها بيسير كالمعدم، وكره تجرٌ بها، والربح له وبرئ برد ما لا يحرم عَلَى الْمَشْهُورِ، وثالثها: إن أشهد، ورابعها: إن كانت منشورة لا إن أذن له أو قال خذ إن احتجت فلا يبرأ (2) إلا بردها إليه، ولو تسلف البعض ضمنه فقط على الأصح إن سرق الباقي، وصدق بيمين أنه رده قبل السرقة، وقيل: إلا أن يتسلفه ببينة فلا يصدق إلا بها، وبإنفاقها على عيالك، وإن صدقوه إلا ببينة فيما يشبه ولم تبعث أنت لهم نفقة، وقيل: إن صدقوه فيما يشبه ولم تبعث لهم شيئاً لم يضمن، وإن بعثت لهم ضمن وببعثه لها إن تلفت،
(1) في (ق1): (إلا).
(2)
قوله (فلا يبرأ) ساقط من (ح1).
وصدق ربها بيمينه في عدم أمره بذلك، وبموتها بإنزائه عليها أو بولادتها كأمة زوجها مرتهنها دون إذن ربها فماتت بالولادة، وقيل: لا ضمان بولادة فيهما، وقيل: ولا بإنزاء، وفي ضمان راع بإنزائه عليها قولان.
وبإنكار أصلها فتقوم البينة بها ففي تصديقه في ردها أو ضياعها، ثالثها: يصدق في الضياع فقط، ولو أقام بينة بردها لم تقبل عَلَى الْمَشْهُورِ عكس القراض، أما لو قال عند طلبها لا يلزمني تسليمها، فإن بينته تقبل اتفاقاً.
وبمجيئه بها لمصادرٍ أو إلقائها في مضيعة أو إخبار لص (1) بها كدفعها مصدقاً لمن زعم أنه مأمور بقبضها أو لمن جاءه بكتابك أو أمارتك أو قال أمرتني بدفعها وأنكرت، ولم تقم له بينة وحلفت، وإلا حلف وبرئ (2) ورجع إن غرم على قابضها خلافاً لأشهب، فإن قال تصدقت عليَّ بما بعثته إليَّ وأنكرت، فالرسول شاهد على الأصح، وثالثها: إن دفع ببينة، وعلى الأول فهل إن لم تتلف أو مطلقاً تأويلان، فإن عدم القابض ولم تقبل شهادة المرسل فأغرم ففي رجوعه عليه قولان.
وبوضعها بنحاس إن أمره بفخار ولا عكسه، وبقفل نهاه عنه، واختير سقوطه لا إن لم ينهه أو زاد قفلاً إلا في حال (3) إغراء لص أو جعلها في يده أو وسطه وعمامته، وقد أمره في كمه إن قصد ربها إخفاءها من غاصب وإلا فلا، ولو جعلها في جيبه فهل يضمن أو لا، لأنه أحفظ من الكم وهو المختار قولان، ولو جعلها في وسطه وقد أمره في عمامته لم يضمن، ولو نسيها في محل إيداعها ضمن على المنصوص، كأن دخل بها حماماً أو خرج بها يظنها له فتلفت لا إن نسيها في كمه فسقطت على الأصح، أو شرط عليه ضمانها،
(1) في (ح1): (أحدٍ).
(2)
قوله (وبرئ) ساقط من (ح1).
(3)
قوله (حال) ساقط من (ح1).
أو دفعها له في مسجد فوضعها على نعله فذهبت، واختير إن وضعت بحضرة ربها أو كانت كثيرة لا تجعل في الكم وإلا ضمن.
ولو نشرها من فوق نعله ناسياً ضمن، وبدعوى دفع بلا بينة لوارث أو مرسل إليه معيناً (1) بصدقه عليه إن كذبه.
وصدق في دفع صدقة لغير معين مطلقاً، ولو ادعى وارث مودع رداً على ربها بلا بينة لم يصدق كهو على الوارث مطلقاً أو على ربها إن قبضها بإشهاد توثق عَلَى الْمَشْهُورِ، وكذا عامل قراض ومستأجر، وقيل: بتصديق الجميع، وثالثها: يصدق المستأجر، ورابعها: والعامل دون المودع [أ/169] ولو قبضها دون بينة أو لم يقصد التوثق أو أشهد لخوف دعوى سلف أو موتٍ صدق بيمينه كدعوى تلف، ومشهورها يحلف المتهم، فإن نكل حلف ربها وأغرمه عَلَى الْمَشْهُورِ، وثالثها: دون يمين.
ولو شرط نفي الحلف لم يفده وصدق إن قال لا أدري أضاعت أم رددتها أم تلفت إلا أن يقبضها ببينة فلا يبرأ إلا بها، وحلف ما هي عندي، ولقد ضاعت ولو رددتها، وإن قبضها ببينة، وقال: إن كنت دفعت لي شيئاً فقد ضاع حلف وبرئ.
ولو حلف لا دفعها الساعة ثم قال تلفت قبلها، ضمن كبعدها إن منعها بلا عذر، وقيل: لا ضمان، وحمل على الوفاق، وقيل: إن كانت معه أو عند بابه دون غلق ونحوه، وإلا فلا كقوله لا أدري متى تلفت وحلف، ولو امتنع حتى يأتي الحاكم، فثالثها: لابن القاسم إن قبضها بلا بينة ضمن لا إن قال ضاعت منذ سنين وكنت أرجوها.
أما لو أقر بها عند الطلب ثم قال في الغد تلفت قبل ذلك ضمنها، وكذا القراض، وقيل: إلا أن يكون ربها بالبلد ولم يكن يذكر ذلك، وقيل: يحلف ويبرأ، ولو كانت لمن
(1) قوله (معينا) ساقط من (ق1).
ظلمه بمثلها لم تبح له، واستظهر خلافه لحديث هندٍ (1)، وثالثها: الكراهة، ورابعها: الاستحباب، وخامسها: إن كان ربها مدياناً فبقدر حصته، وسادسها: إن أمن من يمين كاذبة.
ابن شعبان: وتقبل يمينه ما له عندي حق وديعة ولا غيرها، ولا شيء له في حفظها بخلاف أجرة (1) موضع شغلته، وقيد بمن يليق به ذلك، ولو قال هي لأحدكما ونسيته اقتسماها إن حلفا أو نكلا، وإلا أخذها من حلف وحده، ولو دفعها لأحدهما ونسيه فكذلك، وقيل: يغرم لكل واحد منهما ماله كالدين، ونقل مثله في الأولى، ولو رجع المودع فقال: أنا أحلف (2) أنها لهذا مكن، لا إن قال: أحلف أنها ليست لأحدهما، ولو قال: لا أدري صاحب الخمسين من المائة حلفا واقتسماهما، وقيل: يغرم لكلٍ مائة، ولو أودع لاثنين جعلت عند أعدلهما، وقيل: عندهما كاستوائهما ولا ضمان (3) إن اقتسماها أو جعلت عند أدناهما، وتصدق بها عن ربها إن أيس من حياته لطول ولا وارث، وضمنها له إن جاء. والله تعالى أعلم.
(1) أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب البيوع، باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم في البيوع والإجارة والمكيال والوزن وسنتهم على نياتهم ومذاهبهم المشهورة: 2/ 769، برقم (3097)، ومسلم في صحيحه، في كتاب الأقضية، باب قضية هند: 2/ 1338، برقم (1714)، واللفظ له، عن عائشة قالت: دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني إلا ما أخذت من ماله بغير علمه، فهل علي في ذلك من جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك» .
(2)
في (ح1): (أخذه).
(3)
قوله (أنا أحلف) ساقط من (ح1).
(4)
قوله (ولا ضمان) ساقط من (ح1).