المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب اللقطة اللقطة: مال معصوم، عُرِّضَ للضيعة، وإن في عامر ولو - الشامل في فقه الإمام مالك - جـ ٢

[بهرام الدميري]

الفصل: ‌ ‌باب اللقطة اللقطة: مال معصوم، عُرِّضَ للضيعة، وإن في عامر ولو

‌باب اللقطة

اللقطة: مال معصوم، عُرِّضَ للضيعة، وإن في عامر ولو فرساً أو حماراً أو كلباً أُذِنَ فيه. وحرم أخذه لمن عَلِمَ خيانة نفسه، ووجب لخوف خائن، وكره في غير ذلك. وقيل: يُسْتَحَبُ فيما له بال. وقيل: مطلقاً، ووجب تعريفه-ولو كدلو لا تافهاً- سنة مِنْ حِينِ أَخْذِهِ في كل يوم، أو ثلاثة مرة مرة (1) بنفسه أو ثقة. ولا يضمناه إن ضاع أو بِجَعلٍ مِنْهُ إن لم يلتزم تعريفه، أو يكن مثله لا يُعَرَّف. وإلا فمن ماله.

وتعريف ذلك بكباب مسجد، وبالبلدين إن وجد بينهما، وَلَفَّفَ ذِكْرُهُ مع غيره، ولا يذكر جِنْسَهُ على الأحسن. وَدُفِعَ لذي بينة ولمن عَرَّفَ عِفَاصُهُ (2) ووكاءه (3)، وهما المشدود فيه وبه. وقيل: بالعكس. وَعَدَّدَهُ دون يمين على الأصح. وَقُدِّمَ ذو عِفَاصٍ ووكاء على ذي عدد ووزن. وقيل: يُقْسَمُ بينهما كإن اتحدا وصفاً قبل دفعه للأول إن حلفا، وإلا فلمن حلف وحده. وَكَذَوِي بَيِنَتَيْنِ تكافأتا بلا تاريخ. وقال أشهب: يُدْفَعُ للأقدم مِلْكاً إن وُرَّخَا ولو قبضه الأول، ومع التكافؤ يبقى بيد الأول بيمينه، فإن نكل فللثاني إن حلف، وإلا بقي للأول بلا يمين.

وَدُفِعَ لِحِبْرٍ إن وجد بِقَرْيَةِ ذمةٍ. ولِمَنْ عَرَّفَ وصفين دون ثالث. وقيل: إن أخطأ واحداً من عشرة [أ/194] لم يُعْطَهُ إلا في عدد يوجد أقل. ولو عَرَفَ واحداً من عفاص ووكاء فثالثها الأظهر لا شيء له إن غلط في الآخر. واستؤني به في الجهل.

ولو أخطأ في وصفه ثم أصاب لم يُعْطَهُ، ولا يَضُرُهُ الغلط في زيادة العدد إن عَرَّفَ العفاص والوكاء، وفي نقصانه قولان، كأن عرفها وجهل صفة الدنانير. ولا شيء له إن

(1) في (ح2): (في كل يوم أو ثلاثة بنفسه)، وفي (ق1)، وفي (ق2):(في كل يومين أو ثلاثة مرة).

(2)

وَالْعِفَاصُ وِزَانُ كِتَابٍ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْعِفَاصُ الْوِعَاءُ الَّذِي تَكُونُ فِيهِ النَّفَقَةُ مِنْ جَلْدٍ أَوْ خِرْقَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَلِهَذَا يُسَمَّى الْجِلْدُ الَّذِي يُلْبَسُهُ رَأْسُ الْقَارُورَةِ الْعِفَاصَ لِأَنَّهُ كَالْوِعَاءِ لَهَا قَالَ وَلَيْسَ هَذَا بِالصِّمَامِ الَّذِي يُدْخَلُ فِي فَمِ الْقَارُورَةِ فَيَكُونُ سِدَادًا لَهَا وَقَالَ اللَّيْثُ الْعِفَاصُ صِمَامُ الْقَارُورَةِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَالْقَوْلُ مَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ. انظر المصباح المنير.

(3)

الْوِكَاءُ مِثْلُ كِتَابٍ حَبْلٌ يُشَدُّ بِهِ رَأْسُ الْقِرْبَةِ. انظر المصباح المنير/ مادة (وك ي).

ص: 830

غلط فيها أو عَرَّفَ السكة فقط. وقيل: إلا أن يذكر معها نقصان الدنانير فيصيب. وقيل: إن ذكر سكة شاذة أخذه لا سكة البلد إن اتحدت، وبرئ دافعها وإن بوصف، ولو أقام غيره بينة. وقيل: يأخذه ذو البينة من ذي الوصف. وقيل: إن دفعه لواصف لم يُعَرِّفْهُ ولم يُشْهِدْ ضَمِنَ، وهو خلاف على الأظهر.

وله حبسه بعد السنة لربه، أو يَمْلِكَهُ ولو غنياً أو بمكة على المعروف، والتصدق به ضامناً له في الأخيرين. واستظهر مرجوحية التمليك. وقيل: يكره، وهو ظاهرها. وقيل: إن كان غنياً بمثله جاز. وقيل: إن قل جاز لكفقير فقط. ولو نوى أكله قبل العام ضمنه إن تلف.

وله أكل شاة بِفَلَاةٍ أو التصدق بها، ولا ضمان عَلَى الْمَشْهُورِ فيهما. وبِقُرْبِ عِمَارَةٍ عَرَّفَهَا فيما قَرُبَ. ولو أتى بلحمها من الفَلاةِ فَكَمَالِهِ إلا (1) أن يأتي ربها وهو بيده فيكون أحق به. وإن أتى بها عَرَّفَهَا، ولا يأكلها. وفيها: ولو رَدَّهُ وقد حازه وَبَانَ به - ضَمِنَهُ، وإلا فلا. وهل لأنه أولاً نوى تعريفه لا ثانياً، أو لأنه رَدَّهُ (2) بالقرب بخلاف الثاني؟ تأويلان. وقال أشهب: لا يضمن إن رده مكانه ولو طال، وإلا ضَمِنَ، وَحَلَفَ لقد رده في موضعه.

وهو في ذمة ذي الرق بعد العام، وفي رقبته قبله، وليس لسيده إسقاطه ولا منعه من تعريفه.

وله أكل ما يفسد ولو بقربه، والتصدق به أولى، ولا ضمان على الأصح. وثالثها: إن تصدق به لا أَكَلَهُ.

(1) قوله: (إلا) ساقط من (ح1).

(2)

في (ح1): (لم يرده).

ص: 831

وتركت إبل بصحراء. وهل وإن خيف عليها من السباع، أو تؤخذ حينئذ؟ خلاف. وحيث أُخِذَتْ عُرِفَتْ سَنَةً، ثم رُدَّتْ مكانها. وروي: إن كان الإمام عَدْلاً وُقِفَت، يفعل بها ذلك ولا يبيعها. وروي: يبيعها، وَيُوْقِف ثمنها لربها، فإن أيس منه تصدق بها. وإن كان جائراً تُرِكَتْ بمكانها. والبقر كالشاة إن كانت بمحل خوف، وإلا فكالإبل.

وله ركوب دابة لِمَحِلِهِ فقط وإلا ضَمِنَهَا. وكِرَاءٌ آمِنٌ في قَدْرِ كُلْفَةٍ كبقر ونحوه وغلة على الأصح، لا ولد. وقيل: يُوْقَفُ ثمن اللبن والصوف لربه. ويترك تَيْسٌ لِنَزْوٍ ما لم يَفْسَدْ به. وقيل: له ما خَفَّ كشرب لبن. وقيل: إن كان هو والزبد بمحل له به قيمة بِيْعَ وَوُقِفَ ثَمَنُهُ لِرَبِهِ، وإلا أَكَلَ بِقَدْرِ عَلَفِهَا وَقِيَامٌ بها. وأما صوف ولبن فليتصدق به أو بثمنه ولا شيء لربه إن جاء. وَضَمِنَ ما ذبحه قبل العام إن لم يخف موته. وإن باعه بعده مضى والثمن لربه. وقيل: إن بِيْعَ بإذن الإمام أو خوف ضيعة أو لم يقدر عليه، وإلا فلربه نقض بيعه (1) كما لا مؤنة له ولا ضرورة في بقائه من ثياب ونحوها.

وله أَخْذُ ما بِيَدِ فَقِيْرٍ وَمُشْتَرٍ منه، ورجع على [ب/194] الفقير بالثمن. وقيل: بالأقل منه ومن قيمته يوم التصدق. وقيل: يرجع على الفقير بالثمن (2) إن وجد بيده، وإلا فعلى المشتري. وقيل: يرجع عليه بالأقل، وعلى الفقير بما بقي من الثمن.

وللمتصدق الرجوع على الفقير بما دفع له وما بقي منه إن أخذ ربه قيمته، إلا أن يكون تصدق به على نفسه فلا.

(1) قوله: (وإلا فلربه نقض بيعه) زيادة من (ح2).

(2)

قوله: (وقيل: بالأقل منه ومن قيمته يوم التصدق، وقيل: يرجع على الفقير بالثمن) ساقط من (ق1).

ص: 832

فصل

ووجب على الكفاية لَقْطُ طفل ضائع بلا كفيل. وفي كونه هو المنبوذ وعليه الأكثر، أو هو المأخوذ لا قَبْلَ الأَخْذِ، أو المطروح كبيراً لا قُرْبَ وَضْعِهِ وإلا فمنبوذ فيهما؟ خلاف. وَأَشْهَدَ آخِذُهُ.

وعليه حضنه ونفقته حتى يبلغ ويستغني إن تعذرت من الفيء، ولم يملك كَهِبَةٍ، وَوَقْفٍ، وشيء لُفَّ معه، أو وُجِدَ تحته كمدفون برقعةٍ فمنه.

وَرَجَعَ على أبيه على الأصح إن تعمد طرحه، ولم ينفق حسبةً. فإن أشكل صُدِّقَ المنفق.

ولا يَرُدُهُ بعد أخذه. وقيل: إلا ليرفعه للإمام فلم يقبله وَأَمِنَ مِنْ (1) ضيعته. وليس لذي الرق أخذه إلا بإذن سيده. وَقُدِّمَ الأسبق إن أَمِنَ ضيعته عنده، ثم الأَوْلَى، وإلا اقترعاً. وقيل: إن تساويا أو تقاربا فالأول كأن طال مكثه عنده، إلا لخوف ضرر فالثاني. وهو حُرٌّ لا يرق إلا ببينة، وولاؤه للمسلمين. فإن وجد في قُرَانَا فمسلم، كأن لم يكن فيها غير بيتين معنا إن أخذه مسلم. وقيل: مطلقاً وأما في قرى الشرك فمشرك. وقيل: إلا أن يأخذه مسلم. وحيث حكم بإسلامه نُزِعَ من كافر. ولو غَفَلَ عنه فبلغ كافراً فحكم المرتد.

ولا يُلْحَقُ بملتقطه المسلم على الأصح إلا ببينة، ولا بغيره. وقيل: يُلْحَقُ. وقيل: إن أتى بوجه صُدِّقَ. ولا بذمي إلا ببينة. وفي المرأة: ثالثها: إن قالت: (مِنْ زِنَى) صًدِّقَتْ، وَتُحَدُّ.

(1) قوله: (مِنْ) زيادة من (ح1).

ص: 833

فصل

واسْتُحِبَ أَخْذُ آبِقٍ عُرِفَ ربه. وقيل: إن قَرُبَ موضعه، وإلا تَرَكه. فإن أَخَذَهُ وَجَهِلَ (1) ربه - دفعه للإمام إن أَمِنَ ظلمه؛ فيوقفه سَنَةً. وقيل: قَدْرَ ما يظهر، ثم يبيعه، وتؤخذ نفقته من ثمنه.

ويكتب اسمه، وصفته، وموضعه، واسم ربه، فإن جاء وظهر صِدْقُهُ دُفِعَ له إن صَدَّقَهُ العبد. وكذا إن حلف مع شاهده. فإن دفعه لغير معروف ضَمِنَهُ؛ كأن جحده العبد، أو أرسله بلا عذر أو آجره (2) فيما يعطب فيه، لا إن أمن (3) منه وإن مرتهناً. وهل بيمين؟ فيها روايتان.

ولو أتى ربه بعد بيعه فقال: (كنت أعتقته) لم يُصَدَّقْ إلا ببينة، بخلاف قوله:(وُلِدَتْ مِنْي) إن لم يُتَهَمَ بمحبتها (4)، والولد قائم.

ولرب الآبق عتقه، وهبته لا للثواب كبيعه. وجاز إقامة الحد عليه. ودفعه (5) بِكِتَابِ قَاضٍ أنه شهد عندي أن حامله فلان هرب له عبد، ووصفه بما فيه.

(1) قوله: (وجهل) ساقط من (ح1).

(2)

في (ح1): (أخذه).

(3)

في (ح2): (أبق).

(4)

قوله: (بمحبتها) زيادة من (ح2).

(5)

في (ح1): (بعثه).

ص: 834