المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب القذف (1) حُدَّ مكلف رمى مسلماً عفيفاً عن مواضع مواقع - الشامل في فقه الإمام مالك - جـ ٢

[بهرام الدميري]

الفصل: ‌ ‌باب القذف (1) حُدَّ مكلف رمى مسلماً عفيفاً عن مواضع مواقع

‌باب القذف

(1)

حُدَّ مكلف رمى مسلماً عفيفاً عن مواضع مواقع الزنى، غير عنين أو مجنون (2) قَبْلَ بلوغه [ب/219] بما يدل على زنى أو لواط إن بلغ أو بلغت الوطء. وقيل: كَالذَّكَرِ. أو نفي نسب حر مسلم عن أب أو جدٍ، لا أُمٍّ إن كان معروفاً؛ فلا حد في قذف مجهول كقوله له أو لمنبوذٍ:(يا ابن الزانية). وأدب وإن قال لمنبوذ: (يا ولد زنى حَدٍّ). وقال أشهب: كذلك إن قاله لمجهول. وعن مالك: إن قال لحر مسلم: (يا بن الزانية) وهو لا يعرف أُمَّهِ حُدَّ)، وكذا الغريب.

ولا يلزمه بيان أن أُمَّهُ حرة مسلمة؛ إذ هي محمولة على ذلك. فإن كانت قريبة الغيبة فلا يُحَدُّ إلا بعد الإعذار. ولو نفاه عن أمه لم يُحَدُّ. ولو نسبه لعمه في مشاتمة حُدَّ لا لجده إلا بظهور القذف. وقيل: يُحَدُّ فيهما. ولو نسبه لخاله أو زوج أمه حُدَّ، لا إن استفهمه. ولو قال حر لعبد:(يا زان) فقال: (بل أنت) حُدَّ العبد، وَأُدِّبَ الحر. أو قال لرجل:(يا ابن الزانية) فقال له (3): (أخزى الله ابن الزانية) حلف الرجل ما قصد قذفاً، وإلا سجن حتى يحلف. وقيل: يُحَدَّانِ معاً. أو قال لذمي: (يا ابن الفاعلة) فقال: (أخزى الله ابن الفاعلة) حلف الذمي ما قصد قذفاً، وإلا سجن حتى يحلف. وقيل: يُحَدُّ، كقوله:(أحمقنا ابن الزانية) جواباً لـ: يا أحمق.

وحدت امرأة لزنى وقذف إن قالت: (بِكَ زَنَيْتُ) جواباً لـ: (زَنَيْتِ) ولو كانت امرأته على الأصح، إلا أن ترجع عن الزنى؛ فَتُحَدُّ للقذف فقط.

ولا يحد الرجل لأنها

(1) قوله: (القذف) ساقط من (ح2).

(2)

في (ح2): (مجبوب).

(3)

قوله: (له) ساقط من (ح1).

ص: 927

صدقته، وقيل: يحد ويلاعن إن كان زوجاً، وقيل: لا حد ولا لعان، وقال أشهب: تحد لهما إلا أن تقول: (قصدت مجاوبته) فيحد هو دونها، وقال أصبغ: يحدان للقذف. وله حد أبيه، وقيل: لا، وعلى الأول يفسق.

والتعريض المفهم كذلك - ولو من زوج أو شاعر - كالتصريح، إلا من أب كـ:(أما أنا فلست بلائط، ولا زان، وأنا معروف) فإن كان محتملاً فقولان، وقيل: يحلف أنه لم يُرِدْ قذفاً، ويعاقب. فإن نكل فهل يحد أم لا؟ تردد. وَحُدَّ لأمه إن قال هو: ولد زنى، أو نغل (1) أو ندل أو نسب نفسه (2) لبطن أو عشيرة غير بطنه أو عشيرته. ولمن قال له في مشاتمة:(يا ابن الفاعلة الصانعة العفيفة التي لم تزن قط) وكذا قوله: (ما طعن في فرجي بشيء)، أو:(أنا عفيف الفرج أو أنت)، ولو قال:(ما أنت عفيف) حلف ما قصد به قذفاً، وكذا إن قاله لامرأة، وقيل: يحد. ولو قال: (يا مأبون (3)) وفي طباعه تأنيث حلف لم يُرِدْ إلا ذلك، وإلا حُدَّ، كأن لم يكن فيه شيء من ذلك. وفيها: إن قال: (يا مخنث) حلف ما قصد قذفاً، وإلا حُدَّ. وقيل: كالمأبون، وهل خلاف؟ تأويلان.

وَحُدَّ في قوله: يا قحبة (4)، ويا ابن منزلة الركبان، ويا ابن ذات الراية، وكذا فعلت بها في أعكانها. أو قال لزوجها: يا قرنان إن طلبت ذلك. وقيل: يؤدب فقط.

ولا حد في قوله: (أحدكم زان) ولو قاموا، بخلاف:(يا زوج الزانية) لمن (5) له امرأتان ولو عفت واحدة وقامت الأخرى، إلا أن يحلف ما قصدها. وهل خلاف، أو

(1) النَغْل بالنون وهو الخَسِيسُ من الناس والدواب. انظر لسان العرب: 11/ 338.

(2)

في (ح1): (نسبه).

(3)

المأبون مِنْ أَبَنَ الرجلَ يأْبُنُه ويأْبِنُه أَبْناً اتَّهمَه وعابَه. انظر لسان العرب: 3/ 13.

(4)

القَحْبةُ المُسنة من الغنم وغيرها، والقحْبةُ كلمة مولدة قال الأَزهري: قيل للبَغِيِّ قَحْبة لأَنها كانت في الجاهلية تُؤْذِن طُلَاّبَها بقُحابها، وهو سُعالها. ابن سيده: القَحْبة الفاجرة وأَصلُها من السُّعال أَرادوا أَنها تَسْعُلُ أَو تَتَنَحْنَحُ تَرمُزُ به. انظر لسان العرب 1/ 662.

(5)

في (ح2) زيادة: (قال).

ص: 928

يفرق بين الكثير والاثنين؟ تردد. ولو قال في مشاتمة: (لَسْتَ بولدي) فللأم القيام دون بنيها وحلف لها، وإلا حد. فإن ماتت فلهم القيام. ولا يسقط بعفو أحدهم، بخلاف الدم. فإن كان على جهة الأدب فلا. [أ/220] والمُلاعِنَةُ وابنها كغيرهما.

وَأُدِّبَ في يا فاسق، يا فاجر. قال أشهب: ويحلف ما قصد قذفه وإلا حد، وفي قوله (1): يا حمار، يا ثور، يا خنزير، يا كلب، يا خبيث، وكذا إن نسب ذلك لأبيه، أو لأمه. وَأُحْلِفَ (2) في:(يا ابن الخبيثة) أنه لم يُرِدْ قَذْفَاً، فإن نَكَلَ حُبِسَ حتى يحلف. فإن طال أُدِّبَ وَأُطْلِقَ. وقال عبد الملك يحد، ومثله:(يا بن الفاسقة، أوالفاجرة) عنده. أما لو قال: (يا خبيث الفرج) فإنه يُحَدُّ كـ: (زنى فرجك، وكذا زنت عيناك ورجلاك) على الأصح، ومثله:(ما أنت بحر، أو قال لعربي: يا فارسي، أو يا رومي) بخلاف العكس أو: (يا ابن اليهودي، أو النصراني) وليس في آبائه أحد كذلك. وقيل: يحلف أنه لم يُرِدْ نفيه، وإلا حد. أو:(يا ابن الأقطع، أو الأعور، أو الأزرق أو الأحمق (3)، أو الأصم) وأبوه ليس كذلك على المنصوص (4)، وقوله:(لا أباً لك مغتفر) إلا في مشاتمة، وفي:(يا ابن الحجام، أو الخياط، ونحوهما من الصنائع) وليس في آبائه أحد كذلك ثالثها: فيها: إن كان من العرب حُدَّ، وإلا فلا (5). ويحلف ما أراد نفيه.

ولو نسب أجناس البيض من غير العرب بعضها لبعض كالترك والروم والفرس ونحوهم أو السود كذلك كالنوبة والحبش ونحوهما - لم يحد اتفاقاً.

(1) في (ق1): (ولا حد في قوله).

(2)

في (ح1): (واختلف).

(3)

في (ح2): (الأحمر).

(4)

في (ح1): (على الأصح).

(5)

المدونة: 4/ 500.

ص: 929

ولا حد في نسبة أحد من بيض لسود والعكس على الأصح. وثالثها: إن نسب الأسود للبيض وإلا حد، إلا أن يكون في آبائه أسود وهو كذلك. ولو نسب أحداً من العرب لغير جنسه أو قبيلته حُدَّ اتفاقاً.

وكل قبيلتين جمعهما أب يحد من نَسَبَ أحداً من أعلاهما كالعرب (1) لأقربهما بخلاف العكس.

ولا حد في: (ما لك أصل ولا فصل) على الأصح. وثالثها: إن لم يكن من العرب وإلا حد له. وقيل: إلا أن يعذر بجهل، ويحلف ما قصد نفيه إن كان في مشاتمة.

ولو قال ابن عم أو مولى لعربي: (أنا خير منك)(2) لم يحد على الأقرب. وقيل: يحد. وثالثها: إن قال: (أنا خير منك نسباً) وإلا أُدِّبَ فقط. ورابعها: إن قال: (خير منك عند الله تعالى) ومثله يشبه -حَلَفَ، وإلا حد.

وهو ثمانون جلدة على حر، ونصفها على رقيق ذكر أو أنثى. وقيل: إن قذف حُرَّاً فكالحر. ولو كَرَّرَهُ بَعْدَهُ كُرِّرَ على الأصح، وكذا إن كرره بجماعة فحدٌّ واحد على الأصح. وثالثها: إن قاموا دفعة، وإلا كرر لمن قام.

فإن قذف في أثناء الحَدِّ ثانياً، أو الأول استؤنف لهما، إلا أن يبقى يسيراً كخمسة عشر سوطاً ونحوها فيكمل ثم يستأنف الآخر. وقيل: كذلك إن بقي منه اليسير. وإن مضى النصف ونحوه استؤنف لهما. وإن ذهب منه يسير حُدَّ ما بقي لهما.

ولو قال بعد الحد: ما كَذَبْتُ عليه، أو: لقد صَدَقْتُ - حُدَّ له ثانياً على الأصح. وهل له تحليفه إن ادعى أنه قذفه أم لا، أو إلا أن يكون مشهوراً بذلك؟ أقوال. فإن حلف وإلا

(1) قوله: (كالعرب) ساقط من (ق1).

(2)

في (ح1): (لك).

ص: 930

سُجِنَ. فإن طال أُطْلِقَ. وفي أدبه قولان. ولو قام له به (1) شاهد فهل يحلف فإن نكل فكما مر، وإن كان معروفا بذلك عُذِرَ بلا يمين وإلا حلف، أو يحلف مع شاهده ويحلف؟ أقوال.

وهو حق آدمي [ب/220] على الأصح. وقيل: باتفاق. وهل يتعلق به حق الله تعالى أم لا؟ فله العفو عنه قَبْلَ الإمام، وكذا بعده إن قصد ستراً على نفسه، وإليه رجع، وعنه: مطلقاً. فإن كان الحق لأبيه أو لأمه فلا عفو له بعد بلوغه. ويجوز عفوه عن أبيه أو جده لأبيه لا لأمه بعده إن كان الحق له (2).

ولو قذف ميتاً، أو قَبْلَ موته ولم يعف عنه قام به ابنه وأبوه وجده لأبيه وأخوه وعمه وابنه، لا زوج وزوجة. وهل وإن لم يرث (3) في الحال؟ قولان لابن القاسم وأشهب. وهل يُقَدَّمُ الأقرب فالأقرب، أو يستوي الجميع؟ قولان. فإن اجتمعوا فعفا بعضهم اعتبر غير الأخ وَمَنْ بَعْدَهُ. وقيل: لا عفو (4) لابن مع أب، ولا لأخ مع ابن، ولا لجد مع أخ، ولا لعم مع جد، ولا قيام للعصبة مع الابن وَمَنْ بَعْدَهُ إلا بعد انقراضهم كبنت وأخت وجدة على الأصح. وللوصي القيام دون الوارث، فإن لم يَتْرُكْ أحداً ولا أوصى به فلا قيام لأحد على المنصوص كمقذوف قربت غيبته وكتب إليه، وكذا إن بعدت. وسجن حتى يحضر، وظاهرها خلافه، وقيل: يَقُوُمُ به ولده فقط.

(1) قوله: (به) ساقط من (ح1).

(2)

قوله: (ويجوز عفوه عن أبيه أو جده لأبيه لا لأمه بعده إن كان الحق له) ساقط من (ح2).

(3)

في (ح1): (يدر).

(4)

قوله: (عفو) زيادة من (ح2).

ص: 931