الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وفرقة) "قالت إن الإمامة صارت بعد مضي الحسين في ولد الحسن والحسين فهي فيهم خاصة دون سائر ولد علي بن أبي طالب وهم كلهم فيها شرع سواء من قام
منهم ودعا لنفسه فهو الإمام المفروض الطاعة بمنزلة علي بن أبي طالب واجبة إمامته من الله عز وجل على أهل بيته وسائر الناس كلهم فمن تخلف عنه في قيامه ودعائه إلى نفسه من جميع الخلق فهو هالك كافر ومن ادعى منهم الإمامة وهو قاعد في بيته مرخى عليه ستره فهو كافر مشرك وكل من اتبعه على ذلك وكل من قال بإمامته" (1) ".
وفرق أخرى كثيرة، منها من قالت بإمامة أبناء الحسن ومن قالت بغيره.
ومنهم من ذهب إلى إثبات النبوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم لغيره، ومنهم من أوجب الإلهية لغير الله عز وجل كما ذكرهم ابن حزم في فصله:
فالطائفة التي أوجبت النبوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم فرق، فمنهم
الغرابية
وقولهم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم أشبه بعلي من الغراب بالغراب، وأن الله عز وجل بعث جبريل عليه السلام بالوحي إلى علي، فغلط جبريل بمحمد .. وفرقة قالت بنبوة علي، وفرقة قالت بأن علي بن أبي طالب والحسن والحسين رضي الله عنهم وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي والحسن بن محمد والمنتظر ابن الحسن أنبياء كلهم.
وفرقة قالت بنبوة محمد بن إسماعيل بن جعفر فقط وهم طائفة من القرامطة.
وفرقة قالت بنبوة علي وبنيه الثلاثة الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية
(1) - فرق الشيعة للنوبختي الشيعي ص74
فقط. وهم طائفة من الكيسانية وقد حام المختار حول [ادعاء] النبوة لنفسه وسجع أسجاعًا وأنذر بالغيوب عن الله تعالى واتبعه على ذلك طوائف من الشيعة الملعونة وقال بإمامة محمد بن الحنفية.
وفرقة قالت بنبوة المغيرة بن سعيد
…
وقالت فرقة منهم بنبوة منصور العجلي وهو الملقب بالكسف، وكان يقال إنه المراد بقول الله عز وجل: {وإن يروا كسفًا من السماء ساقطًا
…
} والقسم الثاني الذين يقولون بالإلهية لغير الله عز وجل فأولهم قوم من أصحاب عبد الله بن سبأ الحميري لعنه الله أتوا إلى علي بن أبي طالب فقالوا مشافهة أنت هو فقال لهم ومن هو قالوا أنت الله فاستعظم الأمر وأمر بنار فأججت وأحرقهم بالنار فجعلوا يقولون وهم يرمون في النار الآن صح عندنا أنه الله لأنه لا يعذب بالنار إلا الله وفي ذلك يقول رضي الله عنه:
لما رأيت الأمر أمرًا منكرًا
…
أججت نارًا ودعوت قنبرا
يريد قنبرًا مولاه وهو الذي تولى طرحهم في النار نعوذ بالله من أن نفتتن بمخلوق أو يفتتن بنا مخلوق فيما جل أو دقّ فإن محنة أبي الحسن رضي الله عنه من بين
أصحابه رضي الله عنهم كمحنة عيسى صلى الله عليه وسلم بين أصحابه من الرسل عليهم السلام وهذه الفرقة باقية إلى اليوم فاشية عظيمة العدد يسمون العليانية منهم كان إسحاق بن محمد النخعي الأحمر الكوفي وكان من متكلميهم وله في ذلك كتاب سماه الصراط نقض عليه البهنكي والفياض لما ذكرنا، ويقولون أن محمدًا رسول علي، وقالت طائفة من الشيعة يعرفون بالمحمدية أن محمدًا عليه السلام هو الله، تعالى الله عن كفرهم
…
وفرقة قالت بإلاهية آدم عليه السلام والنبيين بعده نبيًّا نبيًّا إلى محمد عليه السلام ثم بإلاهية علي ثم بإلاهية الحسن ثم الحسين ثم محمد بن علي ثم جعفر بن محمد ووقفوا هاهنا وأعلنت
الخطابية بذلك نهارًا بالكوفة في ولاية عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس فخرجوا صدر النهار في جموع عظيمة في ازرواردية محرمين ينادون بأعلى أصواتهم لبيك جعفر! لبيك جعفر قال ابن عياش وغيره كأني أنظر إليهم يومئذ فخرج إليهم عيسى بن موسى فقاتلوه فقتلهم واصطلمهم، ثم زادت فرقة على ما ذكرنا فقالت بإلاهية محمد بن إسماعيل بن جعفر بن محمد وهم القرامطة وفيهم من قال بإلاهية أبي سعيد الحسن بن بهرام الجبائي وأبنائه بعده، ومنهم من قال بإلاهية أبي القاسم النجار القائم باليمن في بلاد همدان المسمى بالمنصور، وقالت طائفة منهم بإلاهية عبيد الله ثم الولاة من ولده إلى يومنا هذا، وقالت طائفة بإلاهية أبي الخطاب محمد بن أبي زينب مولى بني أسد بالكوفة وكثر عددهم بها حتى تجاوزوا الألوف وقالوا هو إله وجعفر بن محمد إله إلا أن أبا الخطاب أكبر منه وكانوا يقولون جميع أولاد الحسن أبناء الله وأحباؤه وكانوا يقولون أنهم لا يموتون ولكنهم يرفعون إلى السماء وأشبه على الناس بهذا الشيخ الذي ترون، ثم قالت طائفة منهم بإلاهية معمر بائع الحنطة بالكوفة وعبدوه كان من أصحاب أبي الخطاب لعنهم الله أجمعين، وقالت طائفة بإلاهية الحسن بن منصور حلاج القطن المصلوب ببغداد بسعي الوزير ابن حامد بن العباس رحمه الله أيام المقتدر، وقالت طائفة بإلاهية محمد بن علي ابن الشلمغاني الكاتب المقتول ببغداد أيام الراضي وكان أمر أصحابه أن يفسق الأرفع قدرًا منهم به ليولج فيه النور كل هذه الفرق ترى الاشتراك في النساء، وقالت طائفة منهم بإلاهية شباش المغيم في وقتنا هذا حيًّا بالبصرة، وقالت طائفة منهم بإلاهية أبي مسلم السراج ثم قالت طائفة من هؤلاء بإلاهية المقنع الأعور القصار القائم بثار أبي مسلم واسم هذا القصار هاشم وقتل لعنه الله أيام المنصور
وأعلنوا بذلك فخرج المنصور فقتلهم وأفناهم إلى لعنة الله، وقالت الرنودية بإلاهية أبي جعفر المنصور، وقالت طائفة منهم بإلاهية عبد الله بن الخرب الكندي الكوفي وعبدوه وكان يقول بتناسخ الأرواح وفرض عليهم تسعة عشر صلاة في اليوم والليلة في كل صلاة خمسة عشر ركعة إلى أن ناظره رجل من متكلمي الصفرية وأوضح له براهين الدين فأسلم وصح إسلامه وتبرأ من كل ما كان عليه وأعلم أصحابه بذلك وأظهر التوبة فتبرأ منه جميع أصحابه الذين كانوا يعبدونه ويقولون بإلاهيته ولعنوه وفارقوه ورجعوا كلهم إلى القول بإمامة عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وبقي عبد الله بن الخرب على الإسلام وعلى مذهب الصفرية إلى أن مات وطائفته إلى اليوم تعرف
بالحزبية ومن السبابية القائلين بإلهية علي، وطائفة تدعي النصرية وقد غلبوا في وقتنا هذا على جند الأردن والشام وعلى مدينة طبرية خاصة ومن قولهم لعن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعن الحسن والحسين ابني علي رضي الله عنهم وسبهم بأقذع السب وقذفهم بكل بلية والقطع بأنها وابنيها رضي الله عنهم ولعن مبغضيهم شياطين تصوروا في صورة الإنسان وقولهم في عبد الرحمن بن ملجم المرادي قاتل علي رضي الله عنه عن علي ولعنة الله على ابن ملجم فيقول هؤلاء أن عبد الرحمن بن ملجم المرادي أفضل أهل الأرض وأكرمهم في الآخرة لأنه خلص روح اللاهوت مما كان يتشبث فيه من ظلمة الجسد وكدرة فأعجبوا لهذا الجنون واسألوا الله العافية من بلاء الدنيا والآخرة فهي بيده لا بيد أحد سواه جعل الله حظنا منها الأوفى، واعلموا أن كل من كفر هذه الكفرات الفاحشة ممن ينتمي إلى الإسلام فإنما عنصرهم الشيعة والصوفية فإن من الصوفية من يقول إن من عرف الله تعالى سقطت عنه الشرائع، وزاد بعضهم واتصل بالله
تعالى، وبلغنا أن بنيسابور اليوم في عصرنا هذا رجلاً يكنى أبا سعيد أبا الخير هكذا معًا من الصوفية مرة يلبس الصوف ومرة يلبس الحرير المحرم على الرجال ومرة يصلي في اليوم ألف ركعة ومرة لا يصلي لا فريضة ولا نافلة وهذا كفر محض ونعوذ بالله من الضلال" (1) ".
وقد ذكر هذه الفرق جلها كل من الأشعري والبغدادي والملطي والإسفرائيني وغيرهم من الأعلام.
وجلّ هذه الفرق حدثت بعد قتل الحسين رضي الله عنه وفي أيام علي بن الحسين الملقب بزين العابدين.
الشيعة بعد علي بن الحسين
توفي علي بن الحسين وهو على ولاء كامل ووفاء تام لحكام بني أمية وخلفائه حتى إنه تجنب مساعدة ومناصرة كل من قام ضدهم في المدينة أو في مكة " (2) "
الزيدية
وخلف علي بن الحسين أولادأً كثيرين، منهم محمد المكنى بأبي جعغر الباقر وزيد وعمر وغيرهم، فاختلف الشيعة في أمر محمد بن علي وزيد بن علي، فقوم إتبعوا محمداً، وقوم منهم زيداً كما ذكر المؤرخ الشيعي:
إن الزيدية قالوا بإمامة علي ثم ابنه الحسن ثم أخيه الحسين ثم ابنه زين العابدين، ثم ابنه زيد بن علي، وهو صاحب هذا المذهب، وخرج بالكوفة داعياً إلى الإمامة، فُقتل وصُلب بالكناسة.
وقال الزبدية بإمامة
(1) - الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم ص183 وما بعد.
(2)
- انظر لذلك كتب التاريخ للشيعة والسنة.
ابنه يحيى من بعده، فمضى إلى خراسان وُقتل بالجوزجان بعد أن أوصى إلى محمد بن عبد الله بن حسن بن الحسن السبط.
فخرج بالحجاز فُقتل، وعهد إلى أخيه إبراهيم، فقام بالبصرة ومعه عيسى بن زيد، فوجه إليهم المنصور عساكره، فقتل إبراهيم وعيسى .... وذهب آخرون من الزيدية، إلى أن الإمام بعد يحيى هو أخوه عيسى، ونقلوا الإمامة في عقبه، وقال آخرون منهم أن الإمام بعد محمد بن عبد الله هو أخوه إدريس الذي فر إلى المغرب ومات هناك، وقام بأمره ابنه إدريس واختط مدينة فاس.
وكان عقبه ملوك المغرب، وكان منهم الداعي الذي ملك طبرستان، وأخوه محمد.
ثم قام بهذه الدعوة في الديلم، الناصر الأطروش منهم، وأسلموا على يده (1).
وأما النوبختي فكتب:
الزيدية، الأقوياء منهم والضعفاء.
فأما الضعفاء منهم فسموا العجلية، وهم أصحاب هارون سعيد العجلي، وفرقة منهم يسمون البترية، وهم أصحاب كثير النواء والحسن بن صالح بن حي وسالم بن أبي حفصة والحكم بن عتيبة وسلمة بن كهيل وأبي المقدام ثابت الحداد، وهم الذين دعوا الناس إلى ولاية علي عليه السلام، ثم خلطوها بولاية أبي بكر وعمر، فهم عند العامة أفضل هذه الأصناف، وذلك أنهم يفضلون علياً، ويثبتون إمامة أبي بكر، وينتقصون عثمان وطلحة والزبير، ويرون الخروج مع كل ولد علي عليه السلام، يذهبون في ذلك إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويثبتون لمن خرج من ولد علي الإمامة عند خروجه، ولا يقصدون في الإمامة قصد رجل بعينه حتى يخرج، كل ولد علي عندهم على السواء، من أي بطن كان.
(1) الشيعة في التاريخ لمحمد حسين الزين ص70،71،72، ومثل ذلك في شيعة دار سلام فارسي لمحمد حسين الطباطبائي ط قم. ص 34.
وأما الأقوياء منهم فمنهم أصحاب (أبي الجارود) وأصحاب (أبي خالد الواسطي) وأصحاب (فضيل الرسان) و"منصور بن أبي الأسود ".
وأما (الزيدية) الذين يدعون (الحسينية) فإنهم يقولون: من دعا إلى الله عز وجل من آل محمد، فهو مفترض الطاعة. وكان (علي بن أبي طالب) إماماً في وقت ما دعا الناس وأظهر أمره، ثم كان بعد " الحسين " إماماً عند خروجه وقبل ذلك إذا كان مجانباً لمعاوية ويزيد بن معاوية حتى ُقتل، ثم زيد بن علي بن الحسين المقتول في الكوفة، أمه أم ولد. ثم يحيى بن زيد بن علي المقتول بخراسان وأمه ريطة بنت أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية، ثم ابنه الآخر عيسى بن زيد بن علي، وأمه أم ولد، ثم محمد بن عبد الله بن الحسن وأمه هند بنت أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن العزي بن قصي، ثم من دعا إلى طاعة الله من آل محمد صلى الله عليه وآله فهو إمام " (1).
ولقد ذكر الشهرستاني عند ذكر فرق الشيعة واختلافهم في الآراء:
الزيدية، أتباع زيد بن علي بن الحسين بن علي عليه السلام، ساقوا الإمامة في أولاد فاطمة عليها السلام ولم يجوزوا ثبوت الإمامة في غيرهم، إلا أنهم جوزوا أن يكون كل فاطمي عالم زاهد شجاع سخي خرج بالإمامة يكون إماماً واجب الطاعة، سواء كان من أولاد الحسن أو من أولاد الحسين، وعن هذا قالت طائفة منهم بإمامة محمد وإبراهيم الإمامين ابني عبد الله بن الحسن بن الحسين الذين خرجا في أيام المنصور، وُقتلا على ذلك.
وجوزوا خروج إمامين في قطرين يستجمعان هذه الخصال، ويكون كل واحد منهما واجب الطاعة.
وزيد بن علي لما كان مذهبه هذا المذهب، أراد أن يحصل على الأصول والفروع حتى يتحلى بالعلم،
(1) فرق الشيعة للنوبختي ص77 إلى 80
فتتلمذ في الأصول واصل بن عطاء الغزال رأس المعتزلة، مع اعتقاد واصل بأن جده علي بن أبي طالب في حروبه التي جرت بينه وبين أصحاب الجمل وأصحاب الشام، ما كان على يقين من الصواب، وأن أحد الفريقين منهما كان على خطأ لا بعينه.
فاقتبس منه الاعتزال، وصارت أصحابه كلها معتزلة.
وكان من مذهبه جواز إمامه المفضول مع قيام الأفضل، فقال: كان علي بن أبي طالب أفضل الصحابة، إلا أن الخلافة فوضت إلى أبي بكر لمصلحة رأوها، وقاعدة دينية راعوها من تسكين ثائرة الفتنة،
وتطييب قلوب العامة، فإن عهد الحروب التي جرت في أيام النبوة كان قريبا، وسيف أمير المؤمنين علي عليه السلام عن دماء المشركين من قريش لم يجف بعد، والضغائن في صدور القوم من طلب الثأر كما هي، فما كانت القلوب تميل إليه كل الميل ولا تنقاد له الرقاب كل الانقياد، وكانت المصلحة أن يكون القيام بهذا الشأن من عرفوه باللين والتودد، والتقدم بالسن، والسبق في الإسلام، والقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ألا ترى أنه لما أراد في مرضه الذي مات فيه تقليد الأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه، زعق الناس وقالوا: لقد وليت علينا فظاً غليظاً، فما كانوا يرضون بأمير المؤمنين عمر لشدة وصلابة وغلظة له في الدين، وفظاظة على الأعداء، حتى سكنهم أبو بكر رضي الله عنه.
وكذلك يجوز أن يكون المفضول إماماً والأفضل قائم، فيرجع إليه في الأحكام، ويحكم بحكمه في القضايا. ولما سمعت شيعة أهل الكوفة هذه المقالة منه، وعرفوا أنه لا يتبرأ من الشيخين، رفضوه، حتى أتى قدره عليه، فسميت رافضة. وجرت بينه وبين أخيه محمد الباقر مناظرة لا من هذا الوجه، بل من حيث كان يتلمذ لواصل بن عطاء، ويقتبس العلم ممن يجوّز الخطاء على جده في قتال الناكثين والقاسطين، ومن يتكلم في القدر على