المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

سيدة الإماء، يطيل الله عمره في غيبته، ثم يظهره بقدرته - الشيعة والتشيع - فرق وتاريخ

[إحسان إلهي ظهير]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأولالتشيع الأول والشيعة الأولى

- ‌الباب الثانيالتشيع والسبأية

- ‌عبد الله بن سبا والسبئية

- ‌الأفكار اليهودية المدسوسة

- ‌الباب الثالثالشيعة ومطاعنهم على ذي النورين رضي الله عنهوالسبأية وفتنهم أيامه

- ‌ الواقدي

- ‌ الكذابون المعروفون بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة:

- ‌ سعيد بن العاص

- ‌ عبد الله بن عامر عامل عثمان على العراق

- ‌مروان بن الحكم

- ‌ قضية الأذان الثاني في الجمعة

- ‌الباب الرابعتطوّر التشيع الأول والشيعة الأولىودَور السبأية بعد مقتل عثمان رضي الله عنه وأيام علي رضي الله عنه

- ‌ الشيعة الأولى

- ‌الباب الخامسفرق الشيعة، تاريخها وعقائدها

- ‌ الكيسانية

- ‌الشيعة أيام الحسين

- ‌ الفرس

- ‌الكيسانية

- ‌ الغرابية

- ‌الجارودية

- ‌الشيعة أيام جعفر بن الباقر

- ‌الشيعة بعد وفاة جعفر

- ‌ الفطحية:

- ‌الإسماعيلية

- ‌القرامطة

- ‌الدروز

- ‌فرق الشيعة أيام موسى الكاظم

- ‌الشيعة أيام علي بن موسى

- ‌الشيعة أيام محمد بن علي

- ‌الشيعة بعد وفاة الحسن العسكري

- ‌الباب السادسالشيعة الاثنا عشرية

- ‌لماذا قالوا بولادة هذا المعدوم

- ‌للإِمام علامات

- ‌الأخبارية والأصولية

- ‌أهم كتب الشيعة الاثنى عشرية ورجالاتهم

- ‌الباب السابعالشيعة الإثنا عشرية والعقائد السبئية

- ‌ هل الدين إلا الحب

- ‌من يكون المهدي

- ‌منزلته وشأنه

- ‌ماذا يعمل بعد رجعته

- ‌رجعة الأئمة مع رجعة القائم

- ‌ويرجع عليّ ونبيّ أيضاً

- ‌دابّة الأرض

- ‌الحلول والتناسخ واتصاف الخلق بأوصاف الله

- ‌مصادر الكتاب ومراجعه

- ‌كتب التاريخ والرجال والفرق للسنة

- ‌كتب المستشرقين

الفصل: سيدة الإماء، يطيل الله عمره في غيبته، ثم يظهره بقدرته

سيدة الإماء، يطيل الله عمره في غيبته، ثم يظهره بقدرته في صورة شاب دون أربعين سنة، ذلك ليعلم أن الله على كل شيء قدير " (1).

ومثل ذلك ما رووه عن جعفر أنه قال:

" من أقرّ بجميع الأئمة وجحد المهدي، كان كمن أقرّ بجميع الأنبياء وجحد محمد صلى الله عليه وآله وسلم نبوته. فقيل له: يا ابن رسول الله، فمن المهدي من ولدك؟ قال: الخامس ولد السابع يغيب عنكم شخصه ولا يحل لكم تسميته "(2).

‌منزلته وشأنه

ورووا في مقامه وشأنه عن علي بن الحسين أنه قال:

" في القائم منا سنن من ستة من الأنبياء عليهم السلام، سنة نوح، وسنة من إبراهيم، وسنة من موسى، وسنة من عيسى، وسنة من أيوب، وسنة من محمد.

فأما من نوح، فطول في العمر، وأما من إبراهيم فخفاء الولادة واعتزال الناس، وأما من موسى فالخوف والغيبة، وأما من عيسى فاختلاف الناس فيه، وأما من أيوب فالفرج بعد البلوى، وأما من محمد فالخروج بالسيف

.والقائم منا تخفى على الناس ولادته حتى يقولوا: لم يُولد بعد ليخرج حين يخرج وليس لأحد في عنقه بيعة .. ومن ثبت على موالاتنا في غيبته، أعطاه الله أجر ألف شهيد مثل شهداء بدر " (3).

وأيضاً كما روى النعماني في (غيبته) أنه قال بأن مهديهم يكون

(1) أعلام الورى للطبرسي ص 427.

(2)

أعلام الورى للطبرسي ص 429.

(3)

أعلام الورى للطبرسي ص 428،427.

ص: 362

مسنداً ظهره إلى بيت الحرام ويقول:

" أنا بقية من آدم، وذخيرة من نوح، ومصطفى من إبراهيم، وصفوة محمد "(1).

ويقول:

" أنا بقية الله وخليفته وحجته عليكم "(2).

ويكون جبرائيل بين يديه (3).

ويقولون:

نظر موسى بن عمران في السفر الأول إلى ما يُعطى قام آل محمد من التمكين والفضل، فقال: رب اجعلني قائم آل محمد، فقيل له: إن ذاك من ذرية أحمد. ثم نظر في السفر الثاني فوجد فيه مثل ذلك، فقال مثله، فقيل له مثل ذلك. ثم نظر في السفر الثالث، فرأى مثله، فقال مثله، فقيل مثله (4).

ومتى يرجع؟

فيروي الكليني في كافيه عن الأصبغ بن نباتة، أنه قال:

" أتيت أمير المؤمنين عليه السلام، فوجدته متفكراً ينكت في الأرض، فقلت: يا أمير المؤمنين، مالي أراك متفكراً تنكت الأرض، أرغبة منك فيها؟ فقال: لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوماً قط، ولكني فكرت في مولود يكون من ظهري، الحادي عشر من ولدي، هو المهدي الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً، كما مُلئت جوراً وظلما، تكون له غيبة وحيرة، يضل فيها أقوام، ويهتدي فيها آخرون، فقلت: يا أمير المؤمنين، وكم تكون له الحيرة والغيبة؟ قال: ستة أيام أو ستة أشهر أو ست

(1) كتاب الغيبة للنعماني، أيضاً بحار الأنوار للمجلسي ج 13 ص 179.

(2)

الفصول المهمة ص 322.

(3)

كتاب الغيبة للطوسي ص 274.

(4)

كتاب الغيبة للنعماني ص 240.

ص: 363

سنين. قلت: وإن هذا لكائن؟ فقال: نعم كما أنه مخلوق وأنى بهذا الأمر يا أصبغ أولئك خيار هذه الأمة مع خيار أبرار هذه العترة " (1).

وروي أيضاً عن أبي جعفر أنه قال:

" يا ثابت، إن الله تعالى قد كان وقت هذا الأمر في سبعين، فلما أن قتل الحسين صلوات الله عليه، إشتد غضب الله تعالى على أهل الأرض، فأخره إلى أربعين ومائة، فحدثناكم فأذعتم الحديث، فكشفتم قناع الستر، ولم يجعل الله له بعد ذلك وقتاً عندنا، ويمحو الله ما يشاء ويثبت، وعنده أم الكتاب "(2).

وروى ابنه جعفر أنه قال:

"وقد كان لهذا الأمر وقت كان في سنة أربعين ومائة، فحدثتم به وأذعتموه فأخّره الله عز وجل "(3).

ورووا عن أبي جعفر أنه قال:

" ليس بين القائم عليه السلام وقتل النفس الزكية أكثر من خمس عشرة ليلة "(4).

وذكر أيضاً رواية عن ابنه جعفر أنه قال:

" إذا هدم حائط مسجد الكوفة مما يلي دار ابن مسعود، فعند ذلك زوال ملك القوم، وعند زواله خروج القائم "(5).

والمعروف أن النفس الزكية قتل، ومضى على قتله آلاف الليالي، كما هدم حائط مسجد الكوفة، وقد مضى على هدمه مئات السنين، ولكن لم يكن لموهوم أن يخرج.

(1) الأصول من الكافي، كتاب الحجة ج 1 ص 338.

(2)

الأصول من الكافي ج 1 ص368.

(3)

كتاب الغيبة للنعماني ص 292 ط. طهران.

(4)

الإرشاد للمفيد ص 260.

(5)

أيضاً.

ص: 364

ورووا عن إسحاق بن عمار أنه قال:

" قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا إسحاق، إن هذا الأمر قد أخّر مرتين "(1).

وهكذا كان الشيعة يعللون بالأماني بخروج قائمهم ورجوع مهديهم، كما أقرّ بذلك إمامهم السابع موسى بن جعفر. كما رواه الكليني في (كافيه) والنعماني (2) في (غيبته) كي لا يرجع الشيعة عن تشيّعهم، فهذا هو النص:

" عن يقطين، أنه قال لابنه علي بن يقطين:

ما بالنا قيل لنا فكان، وقيل لكم فلم يكن - يعني أمر بني العباس -؟ فقال له علي: إن الذي قيل لكم ولنا من مخرج واحد، غير أن أمركم حضر (وقته) فأعطيتم محضه فكان كما ما قيل لكم، وإن أمرنا لم يحضر، فعللنا بالأماني. ولو قيل لنا أن هذا الأمر لا يكون إلا إلى مائتي سنة أو ثلاثمائة سنة، لقست القلوب، ولرجع الناس عن الإسلام. ولكن قالوا: ما أسرعه وما أقربه، تألفاً لقلوب الناس وتقريباً للفرج " (3).

ولقد نقل الجزائري عن المجلسي، أنه كان يرى وقت خروجه أيام الدولة الصفوية، مستدلاً من الأحاديث الثلاثة، فهذه هي عبارته:

" إعلم أنه قد وردت أخبار مجملة، وقد نقلها الأصحاب على إجمالها

(1) كتاب الغيبة للنعماني ص 295،294.

(2)

" هو أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر الكاتب النعماني، وقد كان من كبار محدّثي الإمامية في أوائل القرن الرابع. وإنه من تلامذة ثقة الإسلام محمد بن إسحاق بن يعقوب الكليني، كان مؤلفاً جيد النظر، حسن الإستنباط، وافر السهم في معرفة الرجال وأحاديثهم. ومن أهم مؤلفاته كتاب الغيبة. قال فيه النجاشي:

النعماني شيخ من أصحابنا، عظيم القدر، شريف المنزلة، صحيح العقيدة، كثير الحديث " (مقدمة كتاب الغيبة ص 11، 12)

(3)

الكافي للكليني كتاب الحجة، باب كراهية التوقيت ج 1 ص369، كتاب الغيبة للنعماني 295،296 - واللفظ له.

ص: 365

ولم يتعرضوا لبيان معناها، وذلك أنها أخبار متشابهة، يجب علينا الإذعان لها من باب التسليم. ولما انتهت النوبة إلى شيخنا المحقق رئيس المحدثين وخاتمة المجتهدين المولى المجلسي صاحب كتاب بحار الأنوار أدام الله أيام إفاداته، وأجزل في الآخرة مثوباته وسعادته، توجه إلى إيضاحها وتفسيرها، وطبق بعضها على وقت تعيين ظهور الدولة الصفوية أعلى الله منار بنيانها، وشيّد رفيع أركانها. وطبق البعض الآخر على تعيين وقت ظهور مولانا صاحب الزمان عليه ألف سلام، فلننقل تلك الأخبار على وجهها، ثم نذكر ما أفاده سلمه الله تعالى من البيان والإيضاح.

الحديث الأول: ما رواه الشيخ الأجلّ المحدّث محمد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة بسنده إلى أبي خالد الكابلي عن الباقر عليه السلام أنه قال: كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق، يطلبون الحق فلا يعطونه، فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم، فيُعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يقوموا، ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم، قتلاهم شهداء.

قال أدام الله أيامه، أنه لا يخفى على أهل البصائر أنه لم يخرج من المشرق سوى أرباب السلسلة الصفوية، وهو الشاه إسماعيل أعلى الله مقامه في دار المقامة. وقوله عليه السلام، لا يدفعونها إلا إلى صاحبكم: المراد به القائم عليه السلام. فيكون في هذا الحديث إشارة إلى اتصال دولة الصفوية بدولة المهدي عليه السلام، فهم الذين يسلمون الملك له عند نزوله بلا نزاع وجدال.

الحديث الثاني: ما رواه النعماني أيضاً في ذلك الكتاب بإسناد معتبر إلى الصادق عليه السلام، قال: بينا أمير المؤمنين عليه السلام يحدّث في الوقائع التي تجري بعده إلى ظهور المهدي عليه السلام، فقال له الحسين عليه السلام: يا أمير المؤمنين، في أي وقت يطّهر الله الأرض من

ص: 366

الظالمين؟ فقال عليه السلام: لا يكون هذا حتى تراق دماء كثيرة على الأرض بلا حق. ثم إنه عليه السلام فصل أحوال بني أمية وبني العباس في حديث طويل إختصره الراوي، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: إذا قام القائم بخراسان، وغلب على أرض كوفان وملطان، وتعدى جزيرة بني كاوان، وقام منها قائم بجيلان، وأجابته الأبر والديلم، وظهرت لولدي رايات الترك متفرقات في الأقطار والحرمات، وكانوا بين هنات وهنات، إذا خربت البصرة، وقام أميرالأمرة، فحكى عليه السلام حكاية طويلة، ثم قال: إذا جهزت الألوف، وصفت الصفوف، وقتل الكبش الخروف، هناك يقوم الآخر، ويثور الثائر، ويهلك الكافر. ثم يقوم القائم المأمول، والإمام المجهول له الشرق والفضل، وهو من ولدك يا حسين لا إبن مثله، يظهر بين الركنين في ذر يسير يظهر على الثقلين ولا يترك في الأرض الأدنين، طوبى لمن أدرك زمانه ولحق أوانه وشهد أيامه.

قال ضاعف الله أيام سعادته: جزيرة بني كاوان جزيرة حول البصرة، وأهل الأبر جماعة في قرب أسترآباد، والديلم هم أهل قزوين وماوالاها، والحرمات الأمكنة الشريفة، قوله هنات وهنات أي حروب عظيمة ووقائع كثيرة في وقت خراب البصرة، والمراد بالقائم المأمول هو المهدي عليه السلام، والمراد بالركنين، ركنا الكعبة، وهو الركن والحطيم، الذي هو محل خروجه عليه السلام. وقوله ذر يسير المراد به الجماعة القليلة، وهم

شهداء بدر. وقوله يظهر على الثقلين، يعني به أنه عليه السلام، يغلب على الجن والإنس، سميا به لأنهما يثقلان الأرض بالإستقرار فوقها، أو لأنهما أشرف المخلوقات السفلية، والعرب تسمى الشريف ثقلاً لحلمه ورزانته. وقيل إنما سميا به، لأنهما قد ثقلا بالتكليف، فهما ثقلان بمعنى مثقلان. وقوله الأدنين جمع أدنى، وهم أراذل الناس وأدناهم. والمراد بهم

ص: 367

الظالمون الكافرون.

ثم قال سلمه الله تعالى: الظاهر أن المراد بأهل الخروج من خراسان هم أمراء الترك، مثل جنكيزخان، وهولاكوخان.

والمراد بالخارج من جيلان هو الشاه المؤيد الشاه إسماعيل، ومن ثم أضافه عليه السلام إلى نفسه وسماه ولده. والمراد بأمير الأمرة، إما ذلك السلطان المذكور أو غيره من السلاطين الصفوية. وقوله وقتل الكبش الخروف، الظاهر أنه إشارة إلى المرحوم صفي الدين ميرزا، فإن أباه وهو المرحوم الشاه عباس الأول قد قتله. وقوله يقوم الآخر، المراد به المرحوم الشاه صفي، فإنه أخذ دمه، وأول من قتله هو الذي باشر قتل أبيه صفي ميرزا. وقوله عليه السلام ثم يقوم القائم المأمول إشارة أيضاً إلى اتصال الدولة الصفوية بالدولة المهدوية على صاحبها السلام.

الحديث الثالث: رواه الشيخ الأجلّ محمد بن مسعود العياشي، وهو من ثقات المحدّثين في كتاب التفسير عن أبي لبيد المخزومي عن الباقر عليه السلام، بعدما ذكر ملك شقاوة بني العباس، قال: يا أبا لبيد، إن حروف القرآن المقطعة لعلماً جماً، إن الله تعالى أنزل ألم ذلك الكتاب، فقام محمد صلى الله عليه وآله حتى ظهر نوره، وثبتت كلمته، وولد يوم ولد وقد مضى من الألف السابع مائة سنة وثلث سنين. ثم قال: وتبيانه في كتاب الله في الحروف المقطعة إذا عددتها من غير تكرار، وليس من الحروف المقطعة حرف ينقضي إلا وقيام قائم من بني هاشم عند انقضائه.

ثم قال: الألف واحد، واللام ثلاثون، والميم أربعون، والصاد تسعون، فذلك مائه وواحد وستون. ثم كان بدء خروج الحسين بن علي عليه السلام ألم الله، فلما بلغت مدته، قام قائم ولد العباس عند المص. ويقوم قائمنا عند انقضائها بالر. فافهم ذلك، وعه واكتمه.

قال ذلك المحقق أيده الله تعالى: قوله عليه السلام من الألف

ص: 368

السابع المراد به من ابتداء خلق أبينا آدم عليه السلام. ثم قال أيده الله تعالى: إن هذا الحديث في غاية الإشكال، وقد ذكرنا له وجوهاً في كتاب بحار الأنوار، ولنذكرهنا وجهاً واحداً، ولكنه مبني عل تمهيد مقدمة، وهي أن المعلوم من كتب الحساب المعتبرة، أن حساب أبجد له اصطلاحات مختلفة، ومناط حساب هذا الحديث على اصطلاح أهل المغرب، وقد كان شائعاً بين العرب في الأعصار السابقة، وهو هذا صعفض قرست ثخذ ضغش. فالصاد عندهم ستون، والضاد تسعون، والسين ثلثمأة، والظاء ثمانمأة، والغين تسعمأة، الشين ألف. وباقي الحروف على موافقة المشهور.

إذا عرفت هذه المقدمة، فاعلم أن تاريخ ولادة نبينا صلى الله عليه وآله، يظهر من جميع فواتح السور، ولكن باسقاط الحروف المكررة، مثلاً ألم والر وحم، وغيرها من المكررات، لا يُؤخذ منه الحساب إلا واحد. وكذلك الحروف المبسوطة مثل ألف را، لا يُحسب منه إلا ثلاثة، وكذا لام را ونحو ذلك، وحينئذ فألف لام ميم، ألف لام ميم، صاد ألف لام، را ألف لام، ميم را، كاف ها يا عين صاد، طا ها، طا سين، يا سين، صاد حا ميم، عين سين قاف قاف نون.

إذا عددت حروفها تكون مئة وثلثاً من وقت خلق أبينا آدم عليه السلام إلى وقت ولادة النبي صلى الله عليه وآله يكون على وفق هذا الحديث ستة آلاف سنة ومئة وثلاثون (ثلث سنين ظ) والأول من كل ألف سنة تاريخ، وأول كل سابع من آلاف مائة وثلاث يكون قد مضت. وعدد هذه الحروف أيضاً يكون مأة وثلاثة على ما عرفت، فيكون ألم الذي في أول سورة البقرة، إشارة إلى مبعث نبينا صلى الله عليه وآله، وقوله عليه السلام وليس حرف ينقضي إلا وقيام قائم من بني هاشم عند انقضائه واضح على هذا.

وذلك أول دولة بني هاشم

ص: 369

ابتداؤها من عبد المطلب. ومن ظهور دولة عبد المطلب إلى ظهور دولة نبينا صلى الله عليه وآله إحدى وسبعين سنة تقريباً عدد ألم بحساب أبجد على ترتيب القرآن بعد ألم البقرة وألم آل عمران، وهو إشارة إلى خروج الحسين عليه السلام. فإنه من ابتداء رواج دولة النبي صلى الله عليه وآله إلى وقت خروج الحسين عليه السلام إحدى وسبعون سنة تقريباً. وأيضاً بحسب ترتيب سور القرآن، ألمص، وهو إشارة إلى خروج بني العباس، فإنهم من بني هاشم أيضاً، وإن كانوا غير محقين في أمر الخروج.

وبحساب أبجد على طريق المغاربة مئة وواحد وثلاثون، ومن أول بعثة النبي صلى الله عليه وآله إلى وقت ظهور دولتهم مئة وواحد وثلاثون، وإن كان إلى زمان بيعتهم أكثر.

ويحتمل أن يكون ابتداء هذا التاريخ من وقت نزول سورة الأعراف فيكون مطابقاً لوقت بيعتهم وعلى حساب ألمص على طريق المغاربة. يبني الحديث المروي في كتاب معاني الأخبار وسنذكره إن شاء الله تعالى.

وأما كون قيام القائم عليه السلام مبنياً على حساب ألر، فالذي يخطر بخاطري أن الرقد وقع في القرآن في خمسة مواضع، وينبغي لبيانه كما تعرض لبيان ألم ومجموعة ألف ومئة وخمس وخمسون سنة تقريباً، من سنة تحرير هذه الرسالة، وهو سنة ألف وثمان وسبعون من الهجرة، فيكون قد بقى من وقت خروجه عليه السلام (سبعة وسبعون ظ) خمس وستون سنة لما كان مبدأ هذه التواريخ من أوائل البعثة، هذا محصل كلامه سلمه الله تعالى " (1).

وقد مضى خمس وستون سنة وسبع وسبعون سنة وأكثرعلى ذلك

(1) الأنوار النعمانية لنعمت الله الجزائري ص 76 إلى 80.

ص: 370

الوقت، ولم يأن لقائمهم أن يرجع، وليس لمعدوم أن يوجد.

وما أحسن ما قاله قائل:

ما آن للسرداب أن يلد الذي

صيرتموه بزعمكم إنسانا

فعلى عقولكم العفاء فإنكم

ثلثتم العنقاء والغيلانا

كيف يرجع، وأين يرجع؟

فيعتقد القوم أن جعفراً قال:

" ينادى بإسم القائم في يوم ستة وعشرين من شهر رمضان، ويقوم في يوم عاشوراء، وهو اليوم الذي قتل فيه الحسين بن علي (ع) لكأني به يوم السبت العاشر من المحرم قائماً بين الركن والمقام، جبرئيل بين يديه ينادي بالبيعة له، فتسير شيعته من أطراف الأرض تطوي لهم طياً، حتى يبايعوه، فيملأ الله به الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً "(1).

ثم بيّنوا كيف يجتمع الشيعة للقائم، فقالوا:

" إذا أذن الإمام، دعا الله بإسمه العبراني (2) فأتيحت (فانتخب) له صحابته الثلاثمائة والثلاثة عشر، قزع كقزع الخريف، فهم أصحاب الألوية. منهم من يفقد عن فراشه ليلاً فيصبح في مكة، ومنهم من يُرى يسير في السحاب نهاراً يُعرف بإسمه وإسم أبيه وحليته ونسبه. قلت: جعلت فداك، أيهم أعظم إيماناً؟ قال: الذي يسير في السحاب نهاراً

وهم المفقودون، وفيهم نزلت هذه الآية {أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا} " (3).

ويروي الطوسي شيخ الطائفة:

" ينادي منادي من السماء بإسم القائم، فيسمع من بين الشرق

(1) أعلام الورى للطبرسي ص 459، ومثله في الإرشاد للمفيد ص 362،361.

(2)

ألا تدل هذه اللفظة على معنى متوارث عن القوم الذين يتكلمون بالعبرانية؟.

(3)

الغيبة للنعماني ص 169 نقلاً عن كتاب تاريخ ما بعد الظهور ص 373،372.

ص: 371

والغرب، فلا يبقى راقد إلا استيقظ، ولا قائم إلا قعد، ولا قاعد إلا قام على رجليه فزعاً من ذلك الصوت. وهوصوت جبرئيل الروح الأمين (1)

وزاد النعماني:

" فلا يبقى شيئ من خلق الله فيه إلا سمع الصيحة، فتوقظ النائم ويخرج إلى صحن داره، وتخرج الأذراع من خدرها، ويخرج القائم مما يسمع، وهو صيحة جبرئيل "(2).

وقد رووا عن المفضل بن عمر أنه قال:

" قلت لجعفر بن الباقر: ففي أي بقعة يظهر المهدي؟ قال: لا تراه عين وقت ظهوره إلا رأته كل عين، وذلك أنه يغيب آخر يوم من سنة ست وستين ومئتين، ولا تراه عين أحد حتى يراه كل أحد. ثم يظهر في مكة، ووالله يا مفضل كأني أنظر إليه داخل مكة وعليه بردة رسول الله صلى الله عليه وآله، وعلى رأسه عمامته، وفي رجليه نعل رسول الله المخصوفة، وفي يده عصا النبي صلى الله عليه وآله يسوق بين يديه أعنزاً عجافاً، حتى يصل بها نحو البيت حتى لا يعرفه أحد. قال المفضل: يا سيدي، كيف يظهر؟ قال: يظهر وحده، ويأتي البيت وحده إلى الكعبة، ويجن عليه الليل، وإذا نامت العيون وغسق الليل، نزل جبرئيل وميكائيل والملائكة صفوفاً، فيقول له جبرئيل يا سيدي، قولك مقبول، وأمرك جار. فيمسح يده على وجهه ويقول الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوء من الجنة حيث نشاء، فنعم أجر العاملين. ويقف بين الركن والمقام، ويصرخ صرخة، يا معشر نقبائي وأهل خاصتي ومن خلقهم الله لظهوري على وجه الأرض، إيتوني طائعين. فترد صيحته عليهم وهم في تجايرهم وعلى فرشهم في شرق الأرض وغربها. فيسمعونه في صيحة واحدة في أذن كل رجل، فيجيئون نحوه، ولا

(1) الغيبة للنعماني ص 254.

(2)

كتاب الغيبة للطوسي ص 274.

ص: 372

يمضي لهم إلا كلمحة بصر، حتى يكونوا كلهم بين يديه بين الركن والمقام، فيأمر الله عز وجل بنور فيصير عموداً من الأرض إلى السماء، يستضيئ به كل مؤمن على وجه الأرض، ويدخل عليه نور في جوف بيته، فتفرح نفوس المؤمنين بذلك وهو لا يعلمون بظهور قائمنا. ثم يصبحون وقوفاً بين يديه. وهم ثلثمائة وثلاثة عشر رجلاً بعدة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، يوم بدر " (1).

ويقول وهومسند ظهره إلى الكعبة:

" يا معشر الخلائق، ألا من أراد أن ينظر إلى آدم وشيث، فهاأنا ذا آدم وشيث، ألا من أراد أن ينظر إلى إبراهيم وولده إسماعيل، فهاأنا ذا إبراهيم وإسماعيل. ألا من أراد أن ينظر إلى عيسى وشمعون، فها أنا ذا عيسى وشمعون. ألا من أراد أن ينظر إلى محمد وأمير المؤمنين، فها أنا ذا محمد وأمير المؤمنين. ومن أراد أن ينظر إلى الحسن والحسين فها أنا ذا الحسن والحسين. ألا من أراد أن ينظر إلى الأئمة من ولد الحسين، فها أنا ذا الأئمة.

أجيبوا مسألتي، فإني أنبئكم بما نبئتم به أو لم تنبئوا به، ومن كان يقرأ الكتب والصحف فليسمع مني.

ثم يبتدئ بالصحف التي أنزلها الله لآدم وشيث، فتقول أمة آدم وشيث: هذه والله الصحف حقاً، ولقد رأينا ما لم نعلمه فيها وما كان أسقط منها وبدّل وحرّف. ثم يقرأ صحف نوح وصحف إبراهيم حقا، ثم يقرأ التوراة والإنجيل والزبور، فيقول أهل التوراة والإنجيل والزبور: هذه والله التوراة الجامعة والإنجيل الكامل، وإنها أضعاف ما ترى فيها. ثم يتلو القرآن، فيقول المسلمون: هذا والله القرآن وما حرف وما بدل " (2).

ويكون في صورة شاب مؤنق، إبن إثنتين وثلاثين سنة. كما كذبوا عن

(1) الأنوار النعمانية ج2ص 82.

(2)

الأنوار النعمانية ص 84،83.

ص: 373

جعفر أنه قال:

" لو قد قام القائم لأنكره الناس، لأنه يرجع إليهم شاباً مؤنقاً لا يثبت عليه إلا من قد أخذ الله ميثاقه في الذر الأول، وفي رواية: القائم يعمر عمر الخليل عشرين ومائة سنة يدري به - ثم يغيب غيبة في الدهر، ويظهر في صورة شاب مؤنق إبن ثلاثين سنة "(1).

فيبايعه أول من يبايعه جبرئيل كما روى الطوسي وغيره:

" أن جبرائيل يأتيه، ويسأله ويقول له:

إلى أي شيئ تدعو؟ فيخبره القائم. فيقول جبرئيل: فأنا أول من يبايع، ثم يقول له: مد كفك. فيمسح على يديه " (2).

وذكر البحراني: أن جبرئيل ينزل على الميزاب في صورة طائر أبيض، حتى يكون أول من خلق الله جبرئيل. (3).

وهذا مع قولهم:

أتى جبرئيل (ع) إلى رسول الله (ص)، فقال: السلام عليك يا محمد، هذا آخر يوم أهبط فيه إلى الدنيا. وعن عطاء بن يسار، أن رسول الله (ص) لما حضر أتاه جبرئيل، فقال: يا محمد الآن أصعد إلى السماء، ولا أنزل إلى الأرض أبداً. وعن أبي جعفر (ع) قال: لما حضرت النبي الوفاة

إلى أن قال: فعند ذلك قال جبرئيل: يا محمد، هذا آخر هبوطي إلى الدنيا، إنما كنت أنت حاجتي فيها. (4).

ولا جبرئيل وحده، بل الملائكة الآخرون أيضاً كما روى الجزائري عن جعفر أنه قال:

" إن القائم يسند ظهره إلى الحرم، ويمد يده فترى بيضاء من غير سوء،

(1) كتاب الغيبة للطوسي ص 189.

(2)

أعلام الورى للطبرسي ص 460، 461، الإرشاد للمفيد ص 364، روضة الواعظين ج2 ص265، إكمال الدين لإبن بابويه القمي وغيره.

(3)

تفسير البرهان ج2 ص82.

(4)

كشف الغمة للأربلي ج1 ص19 نقلاً عن كتاب تاريخ مابعد الظهور ص 352.

ص: 374

فيقول: هذه يد الله

ويكون أول من يقبل يده جبرئيل، ثم يبايعه الملائكة، ثم نجباء الجن، ثم نقباء المؤمنين " (1).

ويُؤيد هذا، ما ذكره المفيد والطبرسي وابن الفتال والبحراني والنعماني وغيرهم كذباً على محمد الباقر أنه قال:

" كأني بالقائم على نجف الكوفة، قد سار إليه من مكة في خمسة آلاف من الملائكة، جبرئيل عن يمينه، ميكئيل عن شماله، والمؤمنون بين يديه، وهو يفرق الجنود في البلاد "(2)

ولا خمسة آلاف فقط، بل ينحط عليه ثلاثة عشر ألف ملك وثلاثمائة وثلاثة عشر ملكاً، قلت: كل هؤلاء الملائكة؟ قال: نعم، الذين كانوا مع نوح في السفينة، والذين كانوا مع إبراهيم حين ألقى في النار، والذين كانوا مع موسى حين فلق البحر لبني إسرائيل، والذين كانوا مع عيسى حين رفعه الله إليه، وأربعة آلاف ملك كانوا مع النبي صلى الله عليه وآله مسومين، وألف مردفين، وثلاثمائة وثلاثة عشر ملائكة بدريين .. وأربعة آلاف هبطوا يريدون القتال مع الحسين (ع) فلم يُؤذن لهم في القتال .. وكل هؤلاء في الأرض، ينتظرون قيام القائم عليه السلام إلى وقت خروجه عليه صلوات الله والسلام" (3)

وأورد مثل ذلك النعماني في كتاب (الغيبة)(4).

وزاد على ذلك " أن الذي يحمل رايته يوم ذاك، يكون جبرئيل، ويكون عمودها من عمد عرش الله تعالى "(5).

(1) الأنوار النعمانية ج2 ص83.

(2)

الإرشاد المفيد ص 362، أعلام الورى للطبرسي ص 460، روضة الواعظين للفتال ص 264، البرهان للبحراني ج2 ص82،

كتاب الغيبة للنعماني ص 334.

(3)

كامل الزيارات لإبن قولويه ص 120.

(4)

ص 310،109.

(5)

أنظر كتاب الغيبة للنعماني ص 309.

ص: 375