الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من المدينة وقد قدم إليها منصرفاً من العمرة. ثم شخص هارون للحج وحمله معه، ثم انصرف على طريق البصرة، فحبسه عند السندي بن شاهك، فتوفي في حبسه بغداد لخمس ليال بقين من رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة وهو ابن خمس أو أربع وخمسين سنة، ودفن في مقابر قريش " (1).
الشيعة أيام علي بن موسى
الملقب بالرضا
وحصل الإختلاف في الشيعة الذين اجتمعوا حول علي بن موسى الرضا ختن المأمون على ابنته بعد وفاته.
ففرقة قالت بأن الإمام بعده أخوه أحمد بن موسى بن جعفر:
" أوصى إليه وإلى الرضا عليه السلام وأجازوها في أخوين. فهي المؤلفة، فقطعوا على إمامة علي بن موسى.
وفرقة منهم تسمى المحدثة، كانوا من أهل الإرجاء وأصحاب الحديث، فدخلوا في القوم بإمامة موسى بن جعفر، وبعده بإمامة علي بن موسى، وصاروا شيعة رغبة في الدنيا وتصنعاً، فلما توفي علي بن موسى عليه السلام رجعوا إلى ما كانوا عليه.
وفرقة كانت من الزيدية الأقوياء منهم والبصراء، فدخلوا في إمامة علي بن موسى عليه السلام عندما أظهر المأمون فضله وعقد بيعته تصنعاً للدنيا واستكانوا الناس بذلك دهراً، فلما توفي علي بن موسى عليه السلام رجعوا إلى قومهم من الزيدية " (2)
وفرقة أخرى قالت:
إن الإمامة بعد علي بن موسى عليه السلام لإبنه محمد بن علي عليه السلام،
(1) فرق الشيعة ص105 - 106.
(2)
أيضاً ص107
ولم يكن لغيره (1).
وكانت هناك فرق أخرى غير هذه الفرق إتبعت فريقاً من الطالبيين الذين ادعوا الإمامة في أيام الرضا ودعوا الناس إليهم، فمنهم محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وهو المعروف بإبن طباطبا.
ومحمد بن يحيى بن يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي.
ومحمد بن جعفر عم علي الرضا.
وإبراهيم بن موسى بن جعفر أخو علي الرضا.
وحسين بن الحسن بن علي بن علي زيد العابدين وغيرهم.
وقد ذكرهم جميعاً ودعوتهم الناس إليهم وخروجهم على المأمون وتسلطهم على بعض المدن والمناطق ومعاركهم مع عساكر العباسيين من الشيعة، الأصفهاني في مقاتل الطالبيين (2)، والمسعودي في كتابه مروج الذهب. ولقد نقل عنه خروج هؤلاء العلويين وادعاءهم الإمامة بإيجاز واختصار، فيقول:
وفي سنة تسعة وتسعين ومائة خرج أبو السرايا السرى بن منصور الشيباني بالعراق، واشتد أمره، ومعه محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي إبن أبي طالب، وهو إبن طباطبا ووثب بالمدينة محمد بن سليمان بن داود إبن الحسن بن الحسن بن علي رحمهم الله، ووثب بالبصرة علي بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسن بن علي عليهم السلام، وزيد بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي، فغلبوا على البصرة.
وفي هذه السنة مات إبن طباطبا الذين كان يدعوا إليه أبو السرايا،
(1) أيضاً ص 106
(2)
ص513 وما بعد.
وأقام أبو السرايا مكانه محمد بن محمد بن يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي.
وظهر في هذه السنة باليمن - وهي سنة تسع وتسعين ومائة - إبراهيم إبن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسن بن علي، وظهر في أيام المأمون بمكة ونواحي الحجاز محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين رحمهم الله، وذلك في سنة مائتين، ودعا لنفسه، وإليه دعت السبطية من فرق الشيعة، وقالت بإمامته. وقد افترقوا فرقاً: فمنهم من غلا ومنهم من قصر وسلك طريق الإمامية.
وقد ذكرنا في كتاب " المقالات في أصول الديانات " وفي كتاب " أخبار الزمان " من الأمم الماضية والأجيال الخالية والممالك الدائرة، في الفن الثلاثين من أخبار خلفاء بني العباس ومن ظهر في أيامهم من الطالبيين، وقيل: إن محمد بن جعفر هذا دعا في بدء أمره وعنفوان شبابه إلى محمد بن إبراهيم بن طباطبا صاحب أبي السرايا، فلما مات إبن طباطبا، وهو محمد بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن دعا لنفسه، وتسمى بأمير المؤمنين، وليس في آل محمد ممن ظهر لإقامة الحق ممن سلف وخلف قبله وبعده من تسمى بأمير المؤمنين غير محمد بن جعفر هذا، وكان يُسمى بالديباجة، لحسنه وبهائه
…
وظهر في أيام المأمون أيضاً بالمدينة، الحسين بن الحسن إبن علي بن علي بن الحسين بن علي، وهو المعروف بإبن الأفطس. وقيل: أنه دعا في بدء أمره إلى إبن طباطبا، فلما مات إبن طباطبا، دعا إلى نفسه والقول بإمامته، وسار إلى مكة، فأتى الناس وهم بمنى، وعلى الحجاج داود بن عيسى بن موسى الهاشمي، فهرب داود، ومضى الناس إلى عرفة، ودفعوا إلى مزدلفة بغير إنسان عليهم من ولد العباس. وقد كان إبن الأفطس وافى الموقف بالليل. ثم صار إلى المزدلفة والناس بغير إمام
فصلى بالناس، ثم مضى إلى منى، فنحر ودخل مكة، وجرد البيت مما عليه من الكسوة إلا القباطي البيض فقط (1).
والجدير بالذكر أن علي بن موسى هو الذي جعل المأمون العباسي فيه ولاية العهد بعده.
" وأمر المأمون الحسن بن سهل والفضل بن سهل وزيريه أن يعرضا ذلك عليه، فامتنع منه، فلم يزالا به حتى أجاب، ورجعا إلى المأمون فعرفاه إجابته. فسر بذلك وجلس للخاصة في يوم خميس، وخرج الفضل بن سهل فأعلم برأي المأمون في علي بن موسى عليه السلام، وأنه قد ولاه عهده، وسماه الرضا. وأمرهم بلبس الخضرة، والعود لبيعته في الخميس الآخر، على أن يأخذوا رزق سنة. فلما كان اليوم، ركب الناس على طبقاتهم من القواد والحجاب والقضاة وغيرهم في الخضرة. وجلس المأمون ووضع للرضا عليه السلام وسادتين عظيمتين، حتى لحق بمجلسه وفرشه وأجلس الرضا (ع) عليهما في الخضرة وعليه عمامة وسيف، ثم أمر إبنه العباس بن المأمون أن يبايع له أول الناس
…
فبايعه الناس ووضعت البذر، وقام الخطباء والشعراء، فجعلوا يذكرون فضل الرضا عليه السلام، وما كان عليه من أمره .. ثم قال المأمون للرضا عليه السلام: إخطب الناس وتكلم فيهم، فحمد الله وأثنى عليه وقال: إن
لنا عليكم حقاً برسول الله، ولكم علينا حقا به، فإذا أنتم أديتم إلينا ذلك، وجب علينا الحق لكم. ولم يُذكر عنه غير هذا في ذلك المجلس.
وأمر المأمون، فضربت له الدراهم، وطبع عليها إسم الرضا عليه السلام، وزوج إسحاق بن موسى بن جعفر بنت عمه إسحاق بن جعفر بن محمد، وأمره فحج بالناس، وخطب للرضا عليه السلام في كل بلد بولاية العهد " (2).
(1) مروج الذهب للمسعودي ج3 ص440،439.
(2)
الإرشاد للمفيد ص 311،310، أعلام الورى للطبرسي ص334.