الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على قوله جماعة من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام. ثم رجع أكثرهم بعد ذلك إلى القول بإمامة أخيه موسى عليه السلام، لما تبينوا ضعف دعواه وقوة أمر أبي الحسن (ع)، ودلالة حقه وبراهين إمامته. وأقام نفر يسير منهم على أمرهم، ودانوا بإمامة عبد الله بن جعفر، الطائفة الملقبة بالفطحية " (1).
وقد ذكرهم الأربلي أيضاً في كشف الغمة (2).
وُيسمون العمارية أيضاً كما ذكره الأشعري في (مقالات الإسلاميين) نسبة إلى رئيس لهم يُعرف بعمار (3).
والجدير بالذكر أن الشيعة يروون روايات عن أئمتهم المعصومين حسب زعمهم بأن الإمامة في أكبر الأبناء كما روى الكليني:
" عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إن الأمر في الكبير ما لم تكن به عاهة "(4).
وبذلك استدل على إمامته " واحتج بأنه أكبر الإخوة الباقين، فاتبعه جماعة من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام "(5).
ثم ومع هذا كيف يعدلون عنه ولم يكن به عاهة؟
اللهم إلا أنهم يذكرون أنه كان يخالف أباه في العقائد (6).
ونريد أن نلفت الأنظار، إلى أن ابن جعفر الآخر وهومحمد أيضاً، كان منكِراً لإمامة أبيه جعفر ومخالفاً لأفكاره وآرائه، كما ذكره الطوسي والمفيد (7).
والفرقة الرابعة: الذين قالوا بإمامة موسى بن جعفر، وأنكروا إمامة عبد الله، وخطؤوه في فعله وجلوسه مجلس أبيه، وادعائه الإمامة (8).
فسنذكر تفاصيل واختلافات هؤلاء فيما بعد، تحت أيام موسى الملقب بالكاظم.
الإسماعيلية
وأما الفرقة الخامسة والسادسة التي حدثت ونشأت من بين الشيعة، فهي الإسماعيلية. فأولاً نذكرهم من الشيعة أنفسهم، فيقول النوبختي:
"وفرقة زعمت أن الإمام بعد جعفر بن محمد إبنه إسماعيل بن جعفر، وأنكرت موت إسماعيل في حياة أبيه، وقالوا: كان ذلك على جهة التلبيس من أبيه على الناس لأنه خاف فغيبه عنهم، وزعموا أن إسماعيل لا يموت حتى يملك الأرض يقوم بأمر الناس، وأنه هو القائم، لأن أباه أشار إليه بالإمامة من بعده، وقلدهم ذلك له، وأخبرهم أنه صاحبه، والإمام لا يقول إلا الحق. فلما ظهر موته، علمنا أنه قد صدق، وأنه القائم، وأنه لم يمت.
(1) الإرشاد ص285، 286.
(2)
ج2 ص393.
(3)
ج1ص99.
(4)
كتاب الحجة من الكافي في الأصول ج1ص357.
(5)
الإرشاد للمفيد ص285.
(6)
كشف الغمة للأربلي ج2ص393.
(7)
أظر أعلام الورى ص291، الإرشاد للمفيد ص286.
(8)
فرق الشيعة للنوبختي ص100.
وهذه الفرقة هي الإسماعيلية الخالصة " (1).
ثم لهم فرق كثيرة، نذكر بعضها بالإختصار. فذكر المفيد تحت عنوان: أولاد أبي عبد الله وعددهم وأسماؤهم وطرف أخبارهم:
" وكان إسماعيل أكبر الأخوة، وكان أبو عبد الله عليه السلام شديد المحبة له والإشفاق عليه، وكان قوم من الشيعة يظنون أنه القائم بعد أبيه والخليفة له من بعده، إذ كان أكبر إخوته سناً، ولميل أبيه إليه،
وإكرامه له. فمات في حياة أبيه عليه السلام بالعريض، وحُمل على رقاب الرجال إلى أبيه بالمدينة حتى دفن بالبقيع.
وروي أن أبا عبد الله عليه السلام جزع عليه جزعاً شديداً، وحزن عليه حزناً عظيماً، وتقدم سريره بغير حذاء ولا رداء، وأمر بوضع سريره على الأرض قبل دفنه مراراً كثيرة، وكان يكشف وجهه وينظر إليه، يريد بذلك تحقيق أمر وفاته عند الظانين خلافته له من بعده، وإزالة الشبهة عنهم في حياته.
ولما مات إسماعيل رحمه الله، إنصرف عن القول بإمامته من بعد أبيه من كان يظن ذلك فيعتقده من أصحاب أبيه، وأقام على حياته شرذمة لم تكن من خاصة أبيه، ولا من الرواة عنه، وكانوا من الأباعد والأطراف.
فلما مات الصادق عليه السلام انتقل فريق منهم إلى القول بإمامة موسى بن جعفر عليه السلام، وافترق الباقون فريقين، فريق منهم رجعوا عن حياة إسماعيل وقالوا بإمامة إبنه محمد بن إسماعيل، لظنهم أن الإمامة كانت في أبيه، وأن الإبن أحق بمقام الإمامة من الأخ.
وفريق ثبتوا على حياة إسماعيل، وهم اليوم شذاذ لا يُعرف منهم
(1) أيضاً ص89،88.
أحد يومى إليه. وهذان الفريقان يسميان بالإسماعيلية. والمعروف منهم الآن من يزعم أن الإمامة بعد إسماعيل في ولده وولد ولده إلى آخر الزمان " (1).
وذكر مثل ذلك في كتب الشيعة الأخرى مثل (شرح إبن أبي الحديد) و (أعيان الشيعة) و (الشيعة في التاريخ).
ولقد ذكر الإسماعيلية من السنة، كل من الأشعري والبغدادي والأسفرائيني والرازي والشهرستاني وغيرهم من المتقدمين، كما ذكرهم كثير من المتأخرين السنة، ولكن نذكر ما ذكره ابن خلدون، فيقول:
" فأما الإسماعيلية فقالوا بإمامة إسماعيل الإمام بالنص من أبيه جعفر، وفائدة النص عليه عندهم وإن كان قد مات قبل أبيه، إنما هو بقاء الإمامة في عقبه، كقصة هارون مع موسى صلوات الله عليهما، قالوا: ثم انتقلت الإمامة من إسماعيل إلى إبنه محمد المكتوم، وهو أول الأئمة المستورين، لأن الإمام عندهم قد لا يكون له شوكة فيستتر، وتكون دعاته ظاهرين إقامة للحجة على الخلق، وإذا كانت له شوكة، ظهر وأظهر دعوته، قالوا: وبعد محمد المكتوم إبنه جعفر الصادق وبعده إبنه محمد الحبيب، وهو آخر المستورين، وبعده إبنه عبد الله المهدي الذي أظهر دعوته أبو عبد الله الشيعي في كتامة، وتتابع الناس على دعوته، ثم أخرجه من معتقله بسجلماسة، وملك القيروان والمغرب، وملك بنوه من بعد مصر، كما هو معروف في أخبارهم. ويسمى هؤلاء نسبة إلى القول بإمامة إسماعيل، ويسمون أيضاً بالباطنية، نسبة إلى قولهم بالإمام الباطن، أي المستور. ويسمون أيضاً الملحدة، لما في ضمن مقالاتهم من الإلحاد. ولهم مقالات قديمة، ومقالات جديدة دعا إليها الحسن بن محمد الصباح
(1) الإرشاد للمفيد ص285،284.
في آخر المائة الخامسة، وملك حصوناً بالشام والعراق، ولم تزل دعوته فيها إلى أن توزعها الهلاك بين ملوك الترك بمصر، وملوك التتر في العراق " (1).
وذكرهم الشهرستاني بقوله:
" الإسماعيلية قالوا: إن الإمام بعد جعفر إسماعيل نصاً عليه باتفاق من أولاده، إلا أنهم اختلفوا في موته في حال حياة أبيه، فمنهم من قال: لم يمت إلا أنه أظهر موته تقية من خلفاء بني العباس، وعقد محضراً وأشهد عليه عامل المنصور بالمدينة.
ومنهم من قال: الموت صحيح، والنص لا يرجع القهقري، والفائدة في النص بقاء الإمامة في أولاد المنصوص عليه دون غيره، فالإمام بعد إسماعيل محمد بن إسماعيل، وهؤلاء يقال لهم: المباركية. ثم
منهم من وقف على محمد بن إسماعيل، وقال برجعته بعد غيبته. ومنهم من ساق الإمامة في المستورين منهم، ثم في الظاهرين القائمين من بعدهم " (2).
ثم ساق أدلتهم لإثباتهم إمامة إسماعيل بن جعفر بقوله:
"إسماعيل بن جعفر وهو إبنه الأكبر المنصوص في بدء الأمر، وقالوا: لم يتزوج الصادق على أمه بواحدة من النساء، ولا اشترى جارية، كسنة رسول الله في حق خديجة، وكسنة علي في حق فاطمة. وذكرنا اختلافهم في موته في حال حياة أبيه، فمنهم من قال: إنه مات، وإنما فائد النص عليه، انتقال الإمامة منه إلى أولاده خاصة، كما نص موسى إلى هارون عليهما السلام، ثم مات هارون في حال حياة أخيه، وإنما فائدة النص انتقال الإمامة منه إلى أولاده، فإن النص لا يرجع القهقري، والقول بالبدأ محال، ولا ينص الإمام على واحد من ولده إلا بعد السماع من آبائه، والتعيين لا يجوز على الإبهام والجهالة.
(1) مقدمة إبن خلدون ص201
(2)
الملل والنحل للشهرستاني ج2 ص5
ومنهم من قال: إنه لم يمت، لكن أظهر موته تقية عليه، حتى لا يقصد بالقتل. ولهذا القول دلالات: منها أن محمد كان صغيراً، وهو أخوه لأمه، مضى إلى السرير الذي كان إسماعيل نائماً عليه، ورفع الملاءة، فأبصره وهو قد فتح عينه، وعاد إلى أبيه مفزعاً وقال: عاش أخي، عاش أخي. قال والده: إن أولاد الرسول كذا يكون حالهم في الآخرة. قالوا: وما السبب في الإشهاد على موته؟.
وعن هذا لما رفع إلى المنصور أن إسماعيل بن جعفر رؤي بالبصرة على مقعد فدعى فبرئ بإذن الله، بعث المنصور إلى الصادق أن إسماعيل في الأحياء، وأنه رؤي بالبصرة، أنفذ السجل إليه وعليه شهادة عامله بالمدينة.
قالوا: وبعد إسماعيل، محمد بن إسماعيل السابع التام، وإنما تم دور السبعة به. ثم ابتدى منه بالأئمة المستورين الذين كانوا يسيرون في البلاد، ويظهرون الدعاة جهراً، قالوا: ولن تخلوا الأرض قط من إمام حيّ، إما ظاهر مكشوف، وإما باطن مستور. فإذا كان الإمام ظاهراً، يجوز أن يكون حجته مستورة، وإذا كان الإمام مستوراً فلابد أن يكون حجته ودعاته ظاهرين، وقالوا: إنما الأئمة تدور أحكامهم على سبعة كأيام الأسبوع والسموات السبع والكواكب السبع. والنقباء تدور أحكامهم على أثنى عشر، قالوا: وعن هذا وقعت الشبهة للإمامية القطعية حيث قرروا عدد النقباء للأئمة، ثم بعد الأئمة المستورين كان ظاهر المهدي والقائم بأمر الله وأولادهم نصاً بعد نص على إمام بعد إمام. ومذهبهم أن من مات ولم يعرف إمام زمانه، مات ميتة جاهلية، وكذلك من مات ولم يكن في عنقه بيعة إمام، مات ميتة جاهلية
…
وأشهر ألقابهم الباطنية، وإنما لزمهم هذا اللقب لحكمهم بأن لكل ظاهر باطنا، ولكل تنزيلاً تأويلا.
ولهم ألقاب غير هذا من القرامطة والمزدكية والملحدة.
وهم