المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قال البخاري: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا جرير، عن الأعمش، - الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور - جـ ٢

[حكمت بشير ياسين]

الفصل: قال البخاري: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا جرير، عن الأعمش،

قال البخاري: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) شق ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: أينا لم يلبس إيمانه بظلم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه ليس بذلك، ألا تسمعون إلى قول لقمان (إن الشرك لظلم عظيم) ".

(صحيح البخاري 12/276 ح 6918 - ك استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، ب إثم من أشرك بالله) .

قال أحمد: ثنا إسحاق بن يوسف، ثنا أبو جناب، عن زاذان، عن جرير بن عبد الله قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما برزنا من المدينة إذ راكب يوضع نحونا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كأن هذا الراكب إياكم يريد" قال: فانتهى لرجل إلينا فسلم فرددنا عليه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "من أين أقبلت؟ " قال: من أهلي وولدي وعشيرتي قال: "فأين تريد؟ ". قال: أريد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فقد أصبته".

قال: يا رسول الله علمني ما الإيمان؟ قال: "تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت" قال: قد أقررت، قال: ثم إن بعيره دخلت يده في شبكة جرذان فهوى بعيره وهوى الرجل فوقع علي هامته فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "على بالرجل" قال: فوثب إليه عمار بن ياسر وحذيفة فأقعداه فقالا: يا رسول الله قبض الرجل قال فأعرض عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ "أما رأيتما إعراضي عن الرجل فإنى رأيت ملكين يدسان في فيه من ثمار الجنة فعلمت أنه مات جائعاً" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا والله من الذين قال الله عز وجل (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) قال: ثم قال: "دونكم أخاكم" قال: فاحتملناه إلى الماء فغسلناه وحنطناه وكفناه وحملناه إلى القبر قال: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس على شفير القبر قال: فقال: "الحدوا ولا تشقوا فإن اللحد لنا والشق لغيرنا".

(المسند 4/359)، وأخرجه أيضاً: عن أسود بن عامر، عن عبد الحميد بن أبي جعفر، عن ثابت عن زاذان بنحوه، (المسند- الصفة نفسها) . وسنده حسن (كما في مرويات أحمد في التفسير -عند هذه الآيه- ح 269) . وللحديث شاهد من رواية ابن عباس، أخرجه ابن أبي حاتم (التفسير - الآيه‌

‌ 82

من الأنعام - ح 516) .

ص: 253

قوله تعالى (وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم)

قال ابن كثير: (وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه) أي: وجهنا حجته على قومه. قال مجاهد وغيره: يعني بذلك قوله (وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطاناً فأي الفريقين أحق بالأمن) .

قوله تعالى (ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحاً هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيي وعيسى وإلياس كل من الصالحين وإسماعيل واليسع ويونس ولوطاً وكلاً فضلنا على العالمين ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم)

قال ابن كثير: يذكر تعالى أنه وهب لابراهيم إسحاق بعد أن طعن في السن وأيس هو وامرأته ساره من الولد، فجاءته الملائكة وهم ذاهبون إلى قوم لوط فبشروهما باسحاق فتعجبت المرأة من ذلك وقالت (ياويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً إن هذا لشيء عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد) فبشروهم مع وجوده بنبوته وبأن له نسلا وعقبا كما قال تعالى (وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين) وهذا أكمل في البشارة وأعظم في النعمة وقال (فبشرناه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب) أي: ويولد لهذا المولود ولد في حياتكما فتقر أعينكما به كما قرت بوالده، فإن الفرح بولد الولد شديد لبقاء النسل والعقب.

قال الطبري: حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبيدة بن ربيعة عن عبد الله بن مسعود قال: إدريس هو: إلياس، وإسرائيل هو: يعقوب.

وسنده صحيح، وأبو أحمد هو الزبيري، وأبو إسحاق هو السبيعي.

ص: 254

أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل) ثم قال في إبراهيم: (ومن ذريته داود وسليمان) إلى قوله (وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين) ثم قال في الأنبياء الذين سماهم الله في هذه الاية (فبهداهم اقتده) صلى الله عليهم.

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، في قول الله تعالى ذكره:(واجتبيناهم) قال: أخلصناهم.

أي إلى دين الإسلام كما تقدم في سورة الفاتحة.

قوله تعالى (ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون)

قال ابن كثير: (ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون) تشديد لأمر الشرك، وتغليظ لشأنه، وتعظيم لملابسته، كما قال (ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك) الآية. وهذا الشرط لا يقتضى جواز الوقوع، كقوله (قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين) .

انظر حديث مسلم الآتي عند الآية (110) من سورة الكهف.

قوله تعالى (فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين)

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (فإن يكفر بها هؤلاء) ، يعني أهل مكة، يقول: إن يكفروا بالقرآن (فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين) يعني أهل المدينة والأنصار.

قوله تعالى (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسالكم عله أجراً إن هو ذكرى للعالمين)

قال البخاري: حدثني إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام أن ابن جريج أخبرهم قال أخبرنى سليمان الأحول أن مجاهدا أخبره أنه " سأل ابن عباس أفي ص سجدة؟

فقال؟ نعم، ثم تلا (ووهبنا له إسحاق ويعقوب -إلى قوله- فبهداهم اقتده)

ثم قال: هو منهم، زاد يزيد بن هارون ومحمد بن عبيد وسهل بن يوسف عن العوام عن مجاهد: قلن لابن عباس، فقال: نبيكم صلى الله عليه وسلم ممن أمر أن يقتدى بهم.

(الصحيح- تفسير سورة الأنعام، ب أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ح 4632) .

ص: 255

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: ثم قال في الأنبياء الذين سماهم في هذه الآية: (فبهداهم اقتده) .

قوله تعالى (وما قدرو الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا)

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (وماقدرو الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء) ، يعني من بني إسرائيل، قالت اليهود: يامحمد، أنزل الله عليك كتابا؟ قال: نعم! قالوا: والله ما أنزل الله من السماء كتابا! قال: فأنزل الله: (قل) يامحمد (من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس) .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس) قال: الله أنزله.

أخرج ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن قتادة قوله: (تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا) هم اليهود والنصارى.

قوله تعالى (مصدقُ الذي بين يديه)

أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية: (مصدقُ الذي بين يديه) يعني من التوراة والإنجيل.

قوله تعالى (ولتنذر أم القرى ومن حولها)

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (ولتنذر أم القرى ومن حولها) يعنى، بـ (أم القرى) مكة (ومن حولها) من القرى إلى المشرق والمغرب.

قوله تعالى (على صلاتهم يحافظون)

أخرج ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن قتادة قوله (على صلاتهم يحافظون) أي على وضوئها ومواقيتها وركوعها وسجودها.

ص: 256

قوله تعالى (أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله)

أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى (أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء) قال: نزلت في مسيلمة.

قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله) أي لا أحد أظلم ممن قال: سأنزل مثل ما أنزل الله. ونظيرها قوله تعالى (وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا) ، وقد بين الله تعالى كذبهم في افترائهم هذا حيث تحدى جميع العرب بسورة واحدة منه، كما ذكره تعالى في البقرة بقوله (فاتوا بسورة من مثله) ، وفي يونس بقوله (قل فأتوا بسورة مثله) ، وتحداهم في هود بعشر سور مثله في قوله (قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات) ، وتحداهم به كله في الطور بقوله (فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين) . ثم صرح في سورة بني إسرائيل بعجز جميع الخلائق عن الاتيان بمثله في قوله (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً) فاتضح بطلان دعواهم الكاذبة.

قوله تعالى (ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم) أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم) قال: هذا عند الموت، (والبسط) الضرب، يضربون وجوههم وأدبارهم.

قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (والملائكة باسطوا أيديهم) الآية، لم يصرح هنا بالشيء الذي بسطوا إليه الأيدي، ولكنه أشار إلى أنه التعذيب بقوله:(أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون) الآية، وصرح بذلك في قوله (ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم) ، وبين في مواضع أخر أنه يراد ببسط اليد التناول بالسوء كقوله (ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء) ، وقوله (لئن بسطت إلى يدك لتقتلني) الآية.

ص: 257

قوله تعالى (ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ماخولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء)

قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ماخولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء) ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن الكفار يأتون يوم القيامة كل واحد منهم بمفرده ليس معهم شركاؤهم، وصرح تعالى بأن كل واحد يأتي فرداً في قوله:(وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً) وقوله في هذه الآية (كما خلقناكم أول مرة) أي منفردين لامال، ولا أثاث، ولا رقيق، ولا خول عندكم، حفاة عراة غرلا، أي غير مختونين (كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين) .

قال مسلم: حدثنا هداب بن خالد، حدثنا همّام، حدثنا قتادة عن مطرف، عن أبيه، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ: (ألهاكم التكاثر) . قال: ليقول ابن آدم: مالي. مالي " قال: وهل لك يا ابن آدم! من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت؟ ".

(الصحيح 4/2273 ح 2958 - ك الزهد والرقائق) .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي (وتركتم ما خولناكم) من المال والخدم (وراء ظهوركم) في الدنيا.

أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي أما قوله (وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء) فإن المشركين كانوا يزعمون أنهم كانوا يعبدون الآلهة، لأنهم شفعاء يشفعون لهم عند الله، وإن هذه الآلهة شركاء لله.

قوله تعالى (لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون)

قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (لقد تقطع بينكم وضل عنكم ماكنتم تزعمون) ذكر في هذه الآية الكريمة: أن الأنداد التي كانوا يعبدونها في الدنيا

ص: 258

تضل عنهم يوم القيامة، وينقطع ما كان بينهم من الصلات في الدنيا، وأوضح هذا المعنى في آيات كثيرة جداً كقوله (وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين) وقوله (كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضداً) ، وقوله (إنما تعبدون من دون الله أوثاناً مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضاً ومأواكم النار وما لكم من ناصرين) .

أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد (لقد تقطع بينكم) ، (البين) ، تواصلهم في الدنيا.

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون) يعني الأرحام والمنازل.

قوله تعالى (إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي)

أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله (فالق الحب والنوى) قال: الشقان اللتان فيهما.

أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى (قالق الحب والنوى) قال: تفلق الحب والنوى عن النبات.

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي) قال: يخرج النطفة الميتهَ، ثم يخرج من النطفة بشراً حياً.

قوله تعالى (فالق الأصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا)

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: (فالق الإصباح) يعني بالاصباح، ضوء الشمس بالنهار، وضوء القمر بالليل.

قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (وجعل الليل سكناً) أي مظلماً ساجياً ليسكن فيه الخلق فيستريحوا من تعب الكد بالنهار كما بينه قوله تعالى (وهو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصراً) وقوله (قل أرأيتم إن جعل

ص: 259

الله عليكم الليل سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله) الآية، وقوله (لتسكنوا فيه) يعني الليل، (ولتبتغوا من فضله) يعني بالنهار (ومن آياته الليل والنهار) الآية.

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (والشمس والقمر حسبانا) يعني عدد الأيام والشهور والسنين.

أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى (والشمس والقمر حسبانا) قال: يدوران بحساب.

قوله تعالى (وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر)

قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر) الآية. ظاهر هذه الآية الكريمة أن حكمة خلق النجوم هي الاهتداء بها فقط كقوله (وبالنجم هم يهتدون) ، ولكنه تعالى بين في غير هذا الموضع أن لها حكمتين أخريين غير الاهتداء بها وهما تزيين السماء الدنيا، ورجم الشياطين بها، كقوله (ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح، وجعلناها رجوماً للشياطين) الآية. وقوله (إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظاً من كل شيطان مارد لايسمعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب دحوراً ولهم عذاب واصب إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب) ، وقوله (ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظاً ذلك تقدير العزيز العليم) .

قوله تعالى (وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون)

قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر) الآية، لم يبين هنا كيفية إنشائهم من نفس واحدة، ولكنه بين في

ص: 260

مواضع أخر أن كيفيته أنه خلق من تلك النفس الواحدة التي هي آدم زوجها حواء وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء كقوله (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء) وقوله (هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها) الآية.

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة) من آدم عليه السلام.

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (فمستقر ومستودع) قال (المستقر) في الرحم و (المستودع) ما استودع في أصلب الرجال والدواب.

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون) يقول: قد بينا الآيات لقوم يفقهون.

قوله تعالى (ومن النخل من طلعها قنوان دانية)

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (قنوان دانية) يعني بالقنوان الدانية قصار النخل، لاصقة عذوقها بالأرض.

قوله تعالى (انظروا إلى ثمره إلى إذا أثمر وينعه)

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (وينعه) يعني: إذا نضج.

قوله تعالى (وخرقوا له بنين وبنات)

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات) يعني أنهم تخرصوا.

قوله تعالى (سبحانه وتعالى عما يصفون)

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (سبحانه وتعالى عما يصفون) عما يكذبون.

ص: 261

قوله تعالى (بديع السموات والأرض)

انظر سورة البقرة آية (117) .

قوله تعالى (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير)

قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (لا تدركه الأبصار) . أشار في مواضع أخر: إلى أن نفي الإدراك المذكور هنا لا يقتضي نفي مطلق الرؤية كقوله (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) ، وقوله (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) والحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الله الكريم، وقوله (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) يفهم منه أن المؤمنين ليسوا محجوبين عنه وهو كذلك.

قال البخاري: حدثنا يحيى، حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر عن مسروق قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: يا أمتاه، هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه؟

فقالت: لقد قفَّ شعري مما قلت، أين أنت من ثلاث من حدثكهن فقد كذب: من حدثك أن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد كذب، ثم قرأت (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير) . (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب) ومن حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب، ثم قرأت (وما تدري نفس ماذا تكسب غداً) ومن حدثك أنه كتم فقد كذب، ثم قرأت (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) الآية. ولكن رأى جبريل عليه السلام في صورته مرتين".

(الصحيح 8/472 ح 4855 - ك التفسير، ب 1 من سورة النجم) .

قال مسلم: حدثني زهير بن حرب، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن داوود، عن الشعبي، عن مسروق؛ قال: كنت متكئاً عند عائشة. فقالت: يا أبا عائشة! ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية. قلت ماهن؟

قالت: من زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية. قال وكنت متكئاً فجلست. فقلت: يا أم المؤمنين! أنظريني ولاتعجليني. ألم يقل الله

ص: 262