المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ومساكينهم من الوصية، إن كان أوصى لهم، وإن لم تكن - الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور - جـ ٢

[حكمت بشير ياسين]

الفصل: ومساكينهم من الوصية، إن كان أوصى لهم، وإن لم تكن

ومساكينهم من الوصية، إن كان أوصى لهم، وإن لم تكن لهم وصية، وصل إليهم من مواريثهم.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن أبي الربيع، أنبا عبد الرزاق، أنبا ابن جريح أخبرنى ابن أبي مليكة أن أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر والقاسم بن محمد أخبراه أن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر قسم ميراث أبيه عبد الرحمن، وعائشة حية، قالا: فلم يدع في الدار مسكينا ولا ذا قرابة إلا أعطاه من ميراث أبيه قال: وتلا (وإذا حضر القسمة أولوا القربى) قال: القسم، فذكرت ذلك لابن عباس، فقال: ما أصاب ذلك له، إنما ذلك إلى الوصية وإنما هذه الآية في الوصية، يريد الميت أن يوصي لهم.

(وذكره ابن حجر وقال: أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح عن القاسم بن محمد (فتح الباري‌

‌ 8

/242) . وهو في تفسير عبد الرزاق) .

قوله تعالى (وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا)

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة في قوله: (وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا) قال يقول: من حضر ميتا فليأمره بالعدل والإحسان، ولينهه عن الحيف والجور في وصيته، وليخش على عياله ما كان خائفا على عياله لو نزل به الموت.

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: (وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا) ، يعني الرجل يحضره الموت، فيقال له تصدق من مالك واعتق، وأعط منه في سبيل الله، فنهوا اًن يأمروه بذلك، يعني من حضر منكم مريضا عند الموت فلا يأمره أن ينفق ماله في العتق والصدقة في سبيل الله، ولكن يأمره أن يبين ما له وما عليه من دين ويوصي من ماله لذي قرابته الذين لا يرثون، يوصي لهم بالخمس أو الربع، يقول أيسر أحدكم إذا مات وله ولد ضعاف -يعنى صغارا- إن يتركهم بغير مال

ص: 11

فيكونوا عيالا على الناس، فلا ينبغي أن تأمروه بما لا ترضون به لأنفسكم ولأولادكم ولكن قولوا الحق من ذلك.

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: (وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا) ، فهذا الرجل يحضر الرجل عند موته فيسمعه بوصية يضر بورثته، فأمر الله تعالى الذي يسمعه أن يتقي الله ويوفقه، ويسدده للصواب، ولينظر لورثته كما يحب أن يصنع بورثته إذا خشي عليهم الضيعة.

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: ما ينهى عنه من الإضرار في الوصية.

قوله تعالى (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً)

قال البخاري: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله قال حدثني سليمان بن بلال عن ثور بن زيد المدني عن أبي الغيث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اجتنبوا السبع الموبقات". قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: "الشرك بالله، والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات".

(الصحيح 5/462 ح 2766- ك الوصايا، ب قوله تعالى (الآية)) .

وانظر حديث الحاكم المتقدم عند تفسير الآية (220) من سورة البقرة.

قوله تعالى (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ماترك وإن كانت واحدة فلها النصف)

قال الشيخ الشنقيطي: لم يبين هنا حكمة تفضيل الذكر على الأنثى في الميراث مع أنهما سواء في القرابة. ولكنه أشار في موضع أخر وهو قوله تعالى (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) لأن

ص: 12

القائم على غيره المنفق ماله عليه مترقب النقص دائما، والمقوم عليه المنفق عليه المال مترقب للزيادة دائما، والحكمة في إيثار مترقب النقص على مترقب الزيادة جبراً لنقصه المترقب ظاهرة جداً.

قال البخاري: حدثني إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام أن ابن جريج أخبرهم قال أخبرني ابن المنكدر عن جابر رضي الله عنه قال عادني النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في بني سَلِمة ماشيين، فوجدني النبي صلى الله عليه وسلم لا أعقل، فدعا بماء فتوضأ منه ثم رش على فأفقت، فقلت: ما تأمرني أن أصنع في مالى يا رسول الله؟ فنزلت (يوصيكم الله في أولادكم) .

(الصحيح 8/91 ح 4577- ك التفسير- سورة النساء الآية) ، (صحيح مسلم 3/1235-ك الفرائض، ب ميراث الكلالة) .

قال البخاري: حدثنا محمد بن يوسف عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان المالُ للولد، وكانتِ الوصية للوالدين، فنَسخ الله من ذلك ما أحبّ: فجعل للذكر مثل حظّ الأنثيين، وجعل للأبوين لكلّ واحد منهما السدس والثلث، وجعل للمرأة الثمن والربع، وللزوج الشطر والربع.

(صحيح البخاري 8/93 ح 4578 -ك التفسير- سورة النساء، ب الآية) .

قوله تعالى (

فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف)

قال البخاري: حدثنا أدم حدثنا شعبة حدثنا أبو قيس: سمعت هزيل بن شرحبيل قال: سُئل أبو موسى عن ابنة وابنة ابن وأخت، فقال: للابنة النصف وللأخت النصف وائت ابنَ مسعود فسيُتابعني، فسئل ابن مسعود وأخبر بقول أبي موسى فقال: لقد ضللتُ إذا وما أنا من المهتدين، أقضى فيها بما قضى النبي صلى الله عليه وسلم: للابنة النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت، فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود، فقال: لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم.

ص: 13

(الصحيح 12/18 ح 6736- ك الفرائض، ب ميراث ابنة ابن مع ابنة. وأخرجه أيضاً في، ب ميراث الأخوات مع البنات عصباً عن ابن مسعود به مختصراً. الصحيح 12/25 ح 6742) .

قال الترمذي: حدثنا عبد بن حميد، حدثني زكرياء بن عدي، أخبرنا عبيد الله ابن عمرو، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله قال: جاءت امرأة سعد بن الربيع بابنتيها من سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك يوم أحد شهيداً، وإن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالا، ولا تنكَحَان إلا ولهما مال، قال:"يقضي الله في ذلك فنزلت آية الميراث، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمهما، فقال: "أعط ابنتي سعد الثلثين، وأعط أمهما الثمن، وما بقي فهو لك".

(السنن 4/414 ح 2092-ك الفرائض، ب ما جاء في ميراث البنات) ، وأخرجه أحمد (المسند 3/352) عن زكريا بن عدي به. وأبو داود (السنن 3/121 ح 2892- ك الفرائض، ب ما جاء في ميراث الصلب من طريق داود بن قيس. وابن ماجه (السنن 2/908 ح 2720- ك الفرائض، ب فرائض الصلب) . من طريق سفيان بن عيينة. والحاكم (المستدرك 4/333، 334) من طريق عبيد الله بن عمرو الرقي كلهم عن عبد الله بن محمد بن عقيل به. قال الترمذي. هذا حديث صحيح. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وحسنه الألبانى (صحيح ابن ماجه ح 2199) .

قوله تعالى (فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس)

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس) أضروا بالأم ولا يرثون، ولا يحجبها الأخ الواحد من الثلث، ويحجبها ما فوق ذلك. وكان أهل العلم يرون أنهم إنما حجبوا أمهم من الثلث لأن أباهم يلى نكاحهم والنفقة عليهم دون أمهم.

قال ابن كثير: وهذا كلام حسن.

قوله تعالى (من بعد وصية يوصي بها أو دين)

وقال البخاري: حدثنا بِشر بن محمد السختياني أخبرنا عبد الله أخبرنا يونس عن الزهري قال أخبرني سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت

ص: 14

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كلكم راع ومسئول عن رعيته، والإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية ومسئولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع ومسئول عن رعيته، قال: وأحسب أن قد قال: والرجل راع في مال أبيه".

(الصحيح 5/ 444 ح 2751- ك الوصايا، ب تأويل قوله تعالى (.. من بعد وصية يوصي)) .

وانظر حديث البخاري (آية المنافق

) تحت الآية رقم (177) من سورة البقرة.

وانظر حديث مسلم تحت الآية رقم (182) من سورة البقرة.

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (من بعد وصية يوصي بها أو دين) والدين أحق ما بدئ به من جميع المال، فيؤدى عن أمانة الميت، ثم الوصية، ثم يقسم أهل الميراث ميراثهم.

قال أحمد: ثنا حيوة بن شريح، ثنا بقية، ثنا بَحير بن سعيد، عن خالد بن معدان عن المقدام بن معدي كرب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" إن الله عز وجل يوصيكم بالأقرب فالأقرب".

(المسند 4/131) وأخرجه ابن ماجه (السنن 2/1207، 1208 ح 3661- ك الأدب، ب بر الوالدين) عن هشام بن عمار، والحاكم (المستدرك 4/151- ك البر والصلة) من طريق أسد بن موسى، كلاهما عن إسماعيل بن عياش عن بحير به. وصححه الألبانى (السلسلة الصحيحة ح 1666) .

وأخرجه البيهقي من طريق بقية به (السنن الكبرى 4/179) وقال الحافظ ابن حجر: أخرجه البيهقي بإسناد حسن (التلخيص الحبير 4/10) وحسنه السيوطى (الجامع الصغير2/319 ح 1946) .

قوله تعالى (آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله) أخرج الطبري وأبن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: أطوعكم لله من الآباء والأبناء، أرفعكم درجة يوم القيامة، لأن الله سبحانه يشفع المؤمنين بعضهم في بعض.

أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله: (أيهم أقرب لكم نفعا) في الدنيا.

انظر تفسير سورة البقرة آية (236) .

ص: 15

قوله تعالى (إن الله كان عليما حكيما)

اخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية قوله (حكيما) قال حكيم في أمره.

قوله تعالى (ولكم نصف ما ترك أزواجكم)

قال مسلم: حدثنا عبد الأعلى بن حماد (وهو النرسي) . حدثنا وُهيب عن ابن طاوُس، عن أبيه، عن ابن عباس. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولَى رجل ذكر".

(الصحيح 3/1233ح 1615 - ك الفرائض، ب ألحقوا الفرائض بأهلها) .

قوله تعالى (فلهن الثمن مما تركتم)

انظر حديث جابر في امرأة سعد بن الربيع في الآية السابقة.

قوله تعالى (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت)

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: الكلالة من لم يترك ولدا ولا والدا.

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (وله أخ أو أخت) فهؤلاء الاخوة من الأم: وإن كان واحد فله السدس، وإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث، ذكرهم وأنثاهم فيه سواء.

قوله تعالى (من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار وصية من الله والله عليم حليم تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم)

انظر الآية السابقة قول قتادة.

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله: (غير مضار) قال: في ميراث أهله.

قال الطبري: حدثني نصر بن عبد الرحمن الأزدي قال، حدثنا عبيدة بن حميد وحدثني يعقوب بن إبراهيم، قال حدثنا ابن علية جميعاً، عن داود بن أبي هند،

ص: 16

عن عكرمة عن ابن عباس في هذه الآية: (غير مضار وصية من الله والله عليم حليم) قال: الضرار في الوصية من الكبائر.

(وأخرجه النسائي وابن أبي حاتم كلاهما في التفسير، والبيهقي (السنن الكبرى 6/271) كلهم من طريق داود بن أبي هند به، وصححه ابن أبي حاتم ونقل ابن كثير تصحيحه عن الطبري) .

قال البخاري: حدثنا محمد بن خالد حدثنا محمد بن موسى بن أعين حدثنا أبي عن عمرو بن الحارث عن عبيد الله بن أبي جعفر أن محمد بن جعفر حدثه عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه".

(الصحيح4/226-227 ح 1952- ك الصوم، باب من مات وعليه صوم) .

قوله تعالى (كذلك حدود الله)

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: يعني طاعة الله، يعني المواريث التي سمى الله.

قوله تعالى (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين)

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده) في شأن المواريث التي ذكر من قبل.

قوله تعالى (واللاتى يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا واللذان يأتيانها منكم فآذوهما)

قال مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى التميمي. أخبرنا هُشيم عن منصور، عن الحسن، عن حِطان بن عبد الله الرّقاشي، عن عُبادة بن الصامت. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خذوا عني. خذوا عني. قد جعل الله لهن سبيلاً. البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة والثيب بالثيب، جلد مائة والرجم".

(الصحيح 3/1316 ح 1690 -ك الحدود- ب حد الزنى) .

ص: 17

قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا) لم يبين هنا هل جعل لهن سبيلا أولا؟

ولكنه بين في مواضع أنه جعل لهن السبيل بالحد كقوله في البكر (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما) الآية. وقوله في الثيب الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم. لأن هذه الآية باقية الحكم كما صح عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه وأرضاه- وإن كانت منسوخة التلاوة.

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: كانت المرأة إذا زنت جلست في البيت حتى تموت، وفي قوله (واللذان يأتيانها منكم فآذوهما) قال: كان الرجل إذا زنى أوذي بالتعزير، وضرب بالنعال فأنزل الله عز وجل بعد هذا (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) النور:2. فإن كانا محصنين رجما في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا وهذا سبيلهما الذي جعل الله لهما.

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله: (واللذان يأتيانها منكم) الزانيان.

قوله تعالى (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب)

قال ابن ماجه: حدثنا راشد بن سعيد الرملى. أنبأنا الوليد بن مسلم عن ابن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن جُبير بن نفير، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله عز وجل ليقبل توبة العبد ما لم يُغرغِر".

(السنن ح 4253- ك الزهد، باب ذكر التوبة) . قال المزي: عند ابن ماجة عبد الله بن عمرو وهذا وهم والصواب ابن عمر (تحفة الأشراف 5/328) . قال البوصيري: هذا إسناد ضعيف لتدليس الوليد ومكحول الدمشقي (مصباح الزجاجة 3/309) . أخرجه الترمذي من طريق محمد بن بشار وأبي ثابت العقدي عن ابن ثوبان عنه به (السنن- الدعوات، باب إن الله يقبل توبة العبد مالم يغرغر) . وقال

ص: 18

حسن غريب. ورواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك من طريق ابن ثوبان به (مصباح الزجاجة 3/ 09) . ذكره ابن كثير وقال: ووقع في سنن ابن ماجة عن عبد الله بن عمرو وهو وهم إنما هو عبد الله بن عمر بن الخطاب ا. هـ. ثم ذكر له شواهد موصولة ومرسلة (انظر التفسير 2/206، 207) .

وحسنه السيوطي (الجامع الصغير 2/306)، وصححه أحمد شاكر في المسند (ح 6160) وقال الألباني: حسن (صحيح ابن ماجة 2/418) .

أخرج أدم بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله (للذين يعملون السوء بجهالة) قال: كل من عصى ربه فهو جاهل حتى ينزع عن معصيته.

وانظر سورة الأنعام آية (54) وتفسيرها.

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: (ثم يتوبون من قريب) والقريب فيما بينه وبين أن ينظر إلى ملك الموت.

قوله تعالى (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا اليماً)

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار) فأنزل الله تبارك وتعالى بعد ذلك (إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء) النساء: 48 فحرم الله تعالى المغفرة على من مات وهو كافر، وأرجأ أهل التوحيد إلى مشيئته فلم يؤيسهم من المغفرة.

أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية في قوله (وليست التوبة للذين يعملون السيئات) قال: هذا في أهل النفاق.

وبه عن أبي العالية: (أليماً) قال: الأليم الموجع في القرآن كله.

ص: 19