المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن - الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور - جـ ٢

[حكمت بشير ياسين]

الفصل: قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن

قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن)

قال البخاري: حدثنا محمد بن مقاتل أخبرنا أسباط بن محمد حدثنا الشيباني عن عكرمة عن ابن عباس -قال الشيباني وذكره أبو الحسن السوائى ولا أظنه ذكره إلا عن ابن عباس- (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كَرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما أتيتموهن) قال: كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته، إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاءوا زوجوها، وان شاءوا لم يُزوجوها وهم أحق بها من أهلها، فنزلت هذه الآية في ذلك.

(الصحيح 8/93 ح 4579 -ك التفسير- سورة النساء، ب الآية) .

قال النسائي: نا على بن المنذر، عن ابن فضيل، نا يحيى بن سعيد، عن محمد ابن أبي أمامة، عن أبيه قال: لما توفي أبو قيس بن الأسلت، أراد ابنه أن يتزوج امرأته من بعده، فكان ذلك لهم في الجاهلية، فأنزل الله عز وجل (لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً) .

(التفسير 1/369 ح 115) . وأخرجه الطبري (التفسير 8/105 ح 8870) من طريق عبد الرحمن ابن صالح. وابن أبي حاتم (التفسير- النساء/ آية‌

‌ 19

ح 2580) عن أبي سعيد الأشج. وابن مردويه- كما في ابن كثير (1/701) - من طريق علي بن المنذر، كلهم عن محمد بن فضيل به. قال الحافظ ابن حجر: إسناد حسن. (فتح الباري 8/95) . وحسنه السيوطي في (لباب النقول ص 65) .

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: كان الرجل إذا مات وترك جارية ألقى عليها حميمة ثوبه فمنعها من الناس فإن كانت جميلة تزوجها، وإن كانت دميمة حبسها حتى تموت فيرثها.

قوله تعالى (ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن)

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: لا تعضلوهن: لا تقهروهن (لتذهبوا ببعض ما أتيتموهن) يعني: الرجل تكون له المرأة وهو كاره لصحبتها ولها عليه مهر، فيضر بها لتفتدى.

ص: 20

قوله تعالى (إلا أن يأتين بفاحشة مبينة)

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: (ٍ إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) هو البغض والنشوز، فإذا فعلت ذلك فقد حل له منها الفدية.

قوله تعالى (وعاشروهن بالمعروف)

قال الترمذي: حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا أبو داود قال، أنبأنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت أبا عبد الله الجدلي يقول: سألت عائشة عن خلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً ولا صخاباً في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح.

(السنن 4/369 ح 2016- ك البر والصلة، ب ما جاء في خلق النبي صلى الله عليه وسلم) ، وأخرجه أحمد (المسند 6/174) من طريق محمد بن جعفر عن شعبة به. وأخرجه في (الزهد ص4) من طريق زكريا ابن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن الجدلى به، وفيه قول الجدلى: كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في أهله؟. وأخرجه ابن حبان من هذا الطريق وبهذا اللفظ أيضاً (الإحسان 14/355 ح 6443) قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الألباني (صحيح الترمذي ح 1640) .

قال الترمذي: حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي، وإذا مات صاحبكم فدعوه".

(السنن 5/709 ح 3895- ك المناقب، ب فضل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم) . قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب صحيح من حديث الثورى

وأخرجه ابن حبان في صحيحه (الإحسان 9/484ح 4177) من طريق: هشام بن عبد الملك ويحيى بن عثمان، عن محمد بن يوسف به. قال محققه: إسناده صحيح. وصححه الألباني (صحيح الترمذي 3/245) . وأخرج له الحاكم شاهداً من حديث أبي هريرة بدون الجملة الأخيرة (المستدرك 3/311، 312) وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه

وأخرج عن ابن عباس بنحوه (المستدرك 4/173) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي على كل منهما) .

ص: 21

قوله تعالى (فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً)

قال مسلم: وحدثني إبراهيم بن موسى الرازي، حدثنا عيسى (يعنى ابن يونس) : حدثنا عبد الحميد بن جعفر، عن عمران بن أبي أنس، عن عمر بن الحكم، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة. إن كره منها خلقاً رضي منها آخر" أو قال "غيره".

(الصحيح 2/1091 ح 1469- الرضاع، ب الوصية بالنساء) .

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله: (فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً) يقول فعسى الله أن يجعل في الكراهة خيراً كثيراً.

قوله تعالى (وإن أردتم إستبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا) أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج) قال: إن كرهت امرأتك وأعجبك غيرها فطلقت هذه وتزوجت تلك.

وبه عن ابن عباس قوله: (وآتيتم إحداهن قنطارا) قال: إن كرهت امرأتك وأعجبك غيرها، فطلقت هذه وتزوجت تلك، فأعط هذه مهرها وإن كان قنطارا.

قوله تعالى (فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا)

أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن مجاهد قوله: (فلا تأخذوا منه شيئاً) قال، فلا يحل له من مال المطلقة شيء وإن كثر.

وبه عن مجاهد قوله: (بهتانا) قال: إثماً.

ص: 22

قوله تعالى (وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا)

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، ثنا مقاتل بن محمد، ثنا وكيع، عن سفيان، عن عاصم، عن بكر بن عبد الله المزنى، عن ابن عباس في قوله:(وقد أفضى بعضكم إلى بعض) قال: الإفضاء: الجماع.

ورجاله ثقات وإسناده صحيح.

أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن معمر عن قتادة في قوله تعالى (وأخذن منكم ميثاقا غليظا) قال: هو ما أخذ الله تعالى للنساء على الرجال، فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، قال: وقد كان ذلك يؤخذ عند عقدة النكاح.

قال الطبري: حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا يحيى بن سعيد قال، حدثنا سفيان، عن أبي هاشم المكى، عن مجاهد في قوله:(وأخذن منكم ميثاقا غليظا) قال قوله: نكحتُ.

وأبو هاشم هو إسماعيل بن كثير. ورجاله ثقات وإسناده صحيح.

قوله تعالى (ولا تنكحوا مانكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف)

قال الشيخ الشنقيطي: نهى الله تعالى في هذه الآية الكريمة عن نكاح المرأة التي نكحها الأب، ولم يبين ما المراد بنكاح الأب هل هو العقد أو الوطء، ولكنه بين في موضع أخر أن اسم النكاح يطلق على العقد وحده، وإن لم يحصل مسيس وذلك في قوله تعالى:(يأيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) فصرح بأنه نكاح وأنه لا مسيس فيه. وقد أجمع العلماء على أن من عقد عليها الأب حرمت على ابنه وإن لم يمسها الأب، وكذلك عقد الابن محرّم على الأب إجماعا، وإن لم يمسها وقد أطلق تعالى النكاح لا آية أخرى مريدا به الجماع بعد العقد وذلك في قوله (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) .

قال أبو داود: حدثنا عمرو بن قسَيط الرقي، ثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد ابن أبي أنيسة، عن عدي بن ثابت، عن يزيد بن البراء، عن أبيه، قال: لقيت

ص: 23

عَمّي ومعه راية، فقلت له: أين تريد؟ قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل نكح امرأة أبيه فأمرنى أن أضرب عنقه وآخذ ماله.

(السنن 4/ 157 ح 4457- ك الحدود، ب في الرجل يزني بحريمه) ، وأخرجه النسائي في (سننه 6/109-110- ك النكاح، ب نكاح ما نكح الآباء) من طريق عبد الله بن جعفر عن عبيد الله بن عمرو به. والحاكم في (المستدرك، 4/ 357- ك الحدود) . ونقل المنذري عن ابن القيم قوله: والحديث له طرق حسان يقوي بعضها بعضاً (تهذيب السنن 6/266) ، وأورد ابن القيم شاهداًٍ له بإسناد صحيح (زاد المعاد 5/15) . وصححه الألباني وأفاض في الكلام عليه وبيان طرقه، ومتابعاته (الإرواء رقم 2351) .

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: كل ذات تزوجها أبوك وابنك دخل أو لم يدخل، فهي عليك حرام.

قوله تعالى (إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا)

قال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين، ثنا صفوان بن صالح، ثنا الوليد، ثنا زهير بن محمد، عن عطاء بن أبي رباح في قول الله تعالى (إلا ما قد سلف) يقول: في جاهليتكم.

وسنده صحيح.

وبه عن عطاء بن رباح (وساء سبيلا) قال: طريقا لمن عمل به.

قوله تعالى (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم

)

قال البخاري: حدثنا إسماعيل حدثني مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرتها: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان عندها، وأنها سمعت صوت رجل يستأذن في بيت حفصة، قالت فقلتُ: يا رسول الله، هذا رجل يستأذن في بيتك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أراه فلاناً" لعمّ حفصة من الرضاعة- قالت عائشة: لو كان فلان حياً -لعمها من الرضاعة- دخل عليّ؟

فقال: نعم، الرضاعة تحرّم ما تحرم الولادة ".

(الصحيح 9/43، ح 5099- ك النكاح، ب (الآية) ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) .

(وصحيح مسلم 2/1068 ح 1444- ك الرضاعة، ب يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة) .

ص: 24

قال مسلم: وحدثني حرملة بن يحيى. حدثنا ابن وهب. أخبرنى يونس عن ابن شهاب، عن عروة، أن عائشة أخبرته، أنه جاء أفلح أخو أبي القعيس يستأذن عليها بعد ما نزل الحجاب. وكان أبو القعيس أبا عائشة من الرضاعة.

قالت عائشة: فقلت: والله! لا آذن لأفلح. حتى استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإن أبا القعيس ليس هو أرضعني. ولكن أرضعتني امرأته. قالت عائشة: فلمّا دخل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قلتُ: يا رسول الله! إن أفلح أخا أبي القعيس جاءنى يستأذن عليّ. فكرهتُ أن أذن له حتى استأذنك. قالت: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ائذني له".

قال عروة: فبذلك كانت عائشة تقول: حرّموا من الرضاعة ما تحرّمون من النسب.

(الصحيح 2/1069 ح 1445- ك الرضاعة- ب تحريم الرضاعة من ماء الفحل) .

قال البخاري: حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة، عن الأشعث، عن أبيه، عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندَها رجل، فكأنه تغير وجهه، كأنه كره ذلك، فقالت: إنه أخي، فقال:"انظُرن ما إخوانكن، فإنما الرضاعة من المَجاعة".

(الصحيح 9/50 ح 5102- ك النكاح، ب من قال: لا رضاع بعد حولين

) ، وأخرجه مسلم في (صحيحه ح 1455- ك الرضاع، ب إنما الرضاعة من المجاعة) .

قال مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأتُ على مالك عن عبد الله بن أبي بكر، عن عَمرة، عن عائشة، أنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يُحرِّمن. ثم نسخن: بخمس معلومات. فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهُنّ فيما يُقرأ من القرآن.

(الصحيح 2/1075 ح 1452- ك الرضاع، ب التحريم بخمس رضعات) .

وقال مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى وعمرو الناقد وإسحاق بن إبراهيم. كلهم عن المعتمر (واللفظ ليحيى) . أخبرنا المعتمر بن سليمان عن أيوب، يُحدّث عن أبي الخليل، عن عبد الله بن الحارث، عن أم الفضل. قالت: دخل أعرابى على

ص: 25

نبي الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيتي. فقال: يا نبي الله! إني كانت لي امرأة فتزوجت عليها أخرى. فزعمت امرأتى الأولى أُنها أرضعت امرأتي الحدثى رضعة أو رضعتين.

فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحرم الإملاجة والإملاجتان".

قال عمرو في روايته: عن عبد الله بن الحارث بن نوفل.

(الصحيح 2/1074 ح 1451- ك الرضاع، ب في المصة والمصتان) .

قوله تعالى (

وأخواتكم من الرضاعة

)

قال البخاري: حدثنا محمد بن مقاتل أبو الحسن قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا عمر بن سعيد بن أبي حُسين قال حدثني عبد الله بن أبي مُليكة عن عقبة ابن الحارث أنه تزوج ابنةً لأبي إهاب بن عزيز فأتته امرأة فقالت: إني قد أرضعتُ عقبة والتي تزوّج. فقال لها عُقبة: ما أعلم أنك أرضعتني، ولا أخبرتني. فركب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فسأله، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"كيف وقد قيل".

ففارقها عُقبة، ونكحت زوجاً غيره.

(الصحيح 1/222 ح 88- ك العلم، ب الرحلة في المسألة النازلة وتعليم أهله) .

قوله تعالى (وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن) قال البخاري: حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا هشام عن أبيه عن زينب عن أم حبيبة قالت: قلت يا رسول الله هل لك في بنت أبي سفيان؟ قال: " فأفعل ماذا"؟. قلت: تنْكحُ. قال: " أتحبين"؟ قلت: لستُ لك. بمخلية، وأحب من شركتي فيك أختي. قال:"إنها لا تحل لي"، قلت بلغني أنك تخطب. قال:"ابنة أم سلمة"؟ قلت: نعم. قال: " لو لم تكن ربيبتي ما حلت لي، أرضعتني وإياها ثُويبة، فلا تعرضن على بناتكن ولا أخواتكن".

قال الليث حدثنا هشام (دُرة بنت أم سلمة) .

(الصحيح 9/158 ح 5106- ك النكاح، ب الآية) . وأخرجه مسلم في (صحيحه 2/1072 - ك الرضاع، ب تحريم الربيبة وأخت المرأة) .

ص: 26

قوله تعالى (من نسائكم اللاتى دخلتم بهن)

أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: الدخول: النكاح.

قوله تعالى (فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم)

وبه عن ابن عباس قوله تعالى: (فلا جناح عليكم) قال: فلا حرج.

قوله تعالى (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) والآية

قال الشيخ الشنقيطي: يفهم منه أن حليلة دعيه الذي تبناه لا تحرم عليه، وهذا المفهوم صرح به تعالى في قوله (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا) وقوله (وما جعل أدعيائكم أبنائكم ذلكم قولكم بأفواهكم) وقوله (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم) الآية.

قوله تعالى (وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف)

قال ابن ماجة: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، ثنا ابن وهب، أخبرني ابن لهيعة، عن أبي وهب الجيشاني، حدثه أنه سمع الضحاك بن فيروز الديلمي يحدث عن أبيه، قال: أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فقلتُ: يا رسول الله! إني أسلمت وتحتي أختان. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لي: "طلق أيتهما شئت".

(السنن 1/627 ح 1951- ك النكاح، ب الرجل يسلم وعنده أختان) . وأخرجه أحمد (المسند 4/232) عن يحيى بن إسحاق عن ابن لهيعة به. قال الألباني: حسن (صحيح ابن ماجة ح 1587) .

وأخرجه الترمذي (السنن 3/427 ح 2911) عن قتيبه عن ابن لهيعة، لكن لفظه:"أختر أيتهما شئت".

وقد توبع ابن لهيعة في اللفظ الأول، فأخرجه ابن ماجة (ح 1950) من طريق إسحاق بن أبي فروة عن أبي وهب به. وتوبع في اللفظ الثاني، أخرجه الترمذي (ح 1130) من طريق يزيد بن أبي حبيب عن أبي وهب، وقال: حديث حسن. وقال ابن حجر: صححه ابن حبان والدارقطني والبيهقي (بلوغ المرام مع سبل السلام 3/279) ، وحسنه الألباني (صحيح سنن الترمذي ح 902) .

ص: 27

قال البخاري: حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها".

(الصحيح 9/64 ح 5109- ك النكاح، ب لاتنكح المرأة على عمتها) ، وأخرجه مسلم في (الصحيح 2/1028ح 33- ك النكاح، ب تحريم الجمع في المرأة وعمتها والمرأة وخالتها) .

قال مالك: عن ابن شهاب، عن قبيصة بن ذؤيب، أن رجلا سأل عثمان بن عفان عن الأختين من ملك اليمين، هل يجمع بينهما؟ فقال عثمان: أحلتهما آية وحرمتهما آية. فأما أنا فلا أحب أن أصنع ذلك. قال: فخرج من عنده، فلقى رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله عن ذلك؟ فقال: "لو كان لى من الأمر شىء، ثم وجدت أحدا فعل ذلك، لجعلته نكالا.

قال ابن شهاب: أراه علي بن أبي طالب.

(الموطأ 2/538 ح 33- النكاح، ب ما جاء في كراهية إصابة الأختين بملك اليمين والمرأة وابنتها) .

ورجاله ثقات وسنده صحيح.

قوله تعالى (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم)

قال مسلم: حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري. حدثنا يزيد بن زُريع. حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، عن صالح، أبي الخليل، عن أبي علقمة الهاشمي، عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم حنين، بعث جيشاً إلى أوطاس، فلقوا عدواً. فقاتلوهم. فظهروا عليهم. وأصابوا لهم سبايا.

فكأن ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين. فأنزل الله عز وجل في ذلك: (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم) . أي: فهُن لكم حلال إذا انقضت عدتهن.

(الصحيح 2/1079 ح 1456- ك الرضاع، ب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء..) .

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: قوله: (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم) كل امرأة لها

ص: 28

زوج فهي عليك حرام، إلا أمة ملكتها ولها زوج بأرض الحرب فهي لك حلال إذا استبرأتها.

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: كل ذات زوج عليكم حرام، إلا الأربع اللائى ينكحن بالبينة والمهر.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، ثنا يوسف الصفار، ثنا أبو أسامة، أخبرنى عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أنه كان لا يرى مشركة محصنة، يعنى: اليهوديات والنصرانيات.

ورجاله ثقات وإسناده صحيح.

قوله تعالى (وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة

)

قال الشيخ الشنقيطي: يعني: كما أنكم تستمتعون بالمنكوحات فأعطوهن مهورهن في مقابلة ذلك، وهذا المعنى تدل له آيات من كتاب الله كقوله تعالى:(وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض) الآية. فإفضاء بعضهم إلى بعض المصرح بأنه سبب لاستحقاق الصداق كاملا، هو بعينه الاستمتاع المذكور هنا في قوله (فما استمتعتم به منهن) الآية.

أخرج أدم بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله: (محصنين)، قال: متناكحين (غير مسافحين)، قال: زانين بكل زانية.

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: قوله (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة) إذا تزوج الرجل منكم المرأة، ثم نكحها مرة واحدة، فقد وجب صداقها كله، والاستمتاع هو النكاح.

انظر تفسير سورة البقرة آية (236) .

ص: 29

قوله تعالى (ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليماً حكيماً)

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: التراضي: أن يوفيها صداقها ثم يخيرها.

قوله تعالى (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات)

قال الشيخ الشنقيطي: ظاهر هذه الآية الكريمة أن الأمة لا يجوز نكاحها، ولو عند الضرورة إلا إذا كانت مؤمنة بدليل قوله (من فتياتكم المؤمنات) فمفهوم مخالفته أن غير المؤمنات من الإماء لا يجوز نكاحهن على كل حال، وهذا المفهوم يفهم من مفهوم آية أخرى وهي قوله تعالى:(والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) فإن المراد بالمحصنات فيها الحرائر على أحد الأقوال، ويفهم منه أن الإماء الكوافر لا يحل نكاحهن ولو كن كتابيات.

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (ومن لم يستطع منكم طولا) من لم يكن له سعة.

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: قوله (أن ينكح المحصنات) أن ينكح الحرائر، فلينكح من إماء المؤمنين.

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (من فتياتكم المؤمنات) قال: لا ينبغي أن يتزوج مملوكة نصرانية.

قوله تعالى (فانكحوهن بإذن أهلهن)

قال ابن ماجة: حدثنا جميل بن الحسن العتكي. ثنا محمد بن مروان العُقيلى. ثنا هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لا تُزوج المرأةُ المرأةَ. ولا تزوج المرأة نفسها. فإن الزانية هي التي تزوج نفسها".

ص: 30

(السنن ح 1882 -ك النكاح- باب لا نكاح إلا بولى) . قال محقق السنن: في الزوائد: في إسناده جميل بن الحسن العتكي. قال فيه عبدان: إنه فاسق يكذب، يعني في كلامه. وقال ابن عدي: لم أسمع أحدا تكلم فيه غير عبدان، إنه لا بأس به، ولا أعلم له حديثاً منكراً. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال: يغرب. وأخرج له في صحيحه هو وابن خزيمة والحاكم. وقال مسلمة الأندلسي: ثقة.

وباقي رجال الإسناد ثقات ا. هـ. والذى في مصباح الزجاجة غير هذا بالمرة (انظر 1/332) .وقد أخرجه الدارقطني من طريق عبد السلام بن حرب عن هشام به، وفي آخره بلفظ ".. إن التى تزوج نفسها هي الفاجرة.." (السنن3/227 ح 26) وصحح ابن الملقن رواية الدارقطني (خلاصة البدر المنير 2/187 ح 1938) . وقال الألباني في أحد هذه الطرق: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

(انظر الإرواء 6/249) . وذكره ابن كثير (2/227) .

وانظر حديث ابن ماجة الآخر المتقدم تحت الآية رقم (232) من سورة البقرة. وهو حديث: "لا نكاح إلا بولي".

قوله تعالى (محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان)

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: يعني تنكحوهن عفائف غير زوان في سر ولا علانية ولا متخذات أخدان "يعني في أخلاء".

قوله تعالى (فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب)

قال الشيخ الشنقيطي: لم يبين هنا هذا العذاب الذي على المحصنات -وهن الحرائر- الذي نصفه على الإماء، ولكنه بين في موضع أخر أنه جلد مائة بقوله (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) فيعلم منه أن على الأمة الزانية خمسين جلدة ويلحق بها العبد الزاني فيجلد خمسين، فعموم الزانية مخصوص بنص قوله تعالى:(فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) وعموم الزاني مخصوص بالقياس على المنصوص، لأنه لا فارق البتة بين الحرة

ص: 31

والأمة إلا الرق، فعلم أنه سبب تشطير الجلد فأجرى في العبد لاتصافه بالرق الذي هو مناط تشطير الجلد، وهذه الآية عند الأصوليين من أمثلة تخصيص عموم النص بالقياس، بناء على أن نوع تنقيح المناط المعروف بإلغاء الفارق يسمى قياسا، والخلاف في كونه قياسا معروف في الأصول. أما الرجم فمعلوم أنه لا يتشطر، فلم يدخل في المراد بالآية.

قال مسلم: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمى. حدثنا سليمان أبو داود.

حدثنا زائدة عن السُّدّي، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن. قال: خطب عليّ فقال: يا أيها الناس! أقيموا على أرقّائكم الحدّ. من أحصن منهم ومن لم يُحصن. فإن أمَة لِرسول الله صلى الله عليه وسلم زنت. فأمرني أن أجلدها. فإذا هي حديث عهد بنفاس. فخشيتُ، إن أنا جلدتها، أن أقتلها. فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:"أحسنتَ".

(الصحيح 3/1330 ح 1705- ك الحدود، ب تأخير الحد عن النفساء) .

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال قوله (فإذا أحصن) إذا تزوجن حرا.

قال البخاري: حدثنا مالك بن إسماعيل حدثنا سفيان عن الزهري حدثني عبيد الله سمعت أبا هريرة رضي الله عنه وزيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا زنت الأمة فاجلدوها، ثم إذا زنت فاجلدوها، ثم إذا زنت فاجلدوها في الثالثة أو الرابعة فبيعوها ولو بضفير".

(الصحيح 5/211 ح 2555، 2556- ك العتق، ب كراهية التطاول على الرقيق

) ، وأخرجه مسلم (الصحيح 3/1328 ح 1703- ك الحدود، ب رجم اليهود، أهل الذمة، في الزنى) .

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: قوله (فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) من الجلد.

ص: 32

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) خمسون جلدة، ولا نفى ولا رجم.

قوله تعالى (ذلك لمن خشي العنت)

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: (العنت) الزنا.

قوله تعالى (وأن تصبروا خير لكم)

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: (وأن تصبروا خير لكم) وأن تصبروا عن الأمة خير لكم.

قوله تعالى (يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم)

أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قال: مبدأ التوبة من الله.

أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن مقاتل بن حيان قوله: (يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم) من تحريم الأمهات والبنات، كذلك كان سنة الذين من قبلكم، ثم قال:(والله يريد أن يتوب عليكم) .

قوله تعالى (والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما)

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله (ويريد الذين يتبعون الشهوات) قال: الزنا (أن تميلوا ميلا عظيما) قال: يريدون أن تزنوا.

أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي (ويريد الذين يتبعون الشهوات) قال هم اليهود والنصارى (أن تميلوا ميلا عظيما) .

قوله تعالى (يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا)

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد: (يريد الله أن يخفف عنكم) في نكاح الأمة، وفي كل شيء فيه يسر.

ص: 33

قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن إسماعيل الأحسى، ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن طاوس، عن أبيه:(وخلق الإنسان ضعيفا) قال: في أمر النساء. قال وكيع: يذهب عقله عندهن.

ورجاله ثقات وإسناده صحيح.

قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما. ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً)

قال ابن ماجة: حدثنا العباس بن الوليد الدمشقي. ثنا مروان بن محمد. ثنا عبد العزيز بن محمد، عن داود بن صالح المدني، عن أبيه، قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما البيع عن تراض".

(السنن ح 2185- التجارات، باب بيع الخيار) قال البوصيري: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رواه ابن حبان في صحيحه عن الحسن بن سفيان ثنا سعيد بن عبد الجبار ثنا الدراوردى عن داود بن صالح به وزيادة. ورواه البيهقي في الكبرى من طريق يحيى بن سليمان عن عبد العزيز فذكره بإسناده ومتنه، وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله، رواه الترمذي وابن ماجة، ورواه أبو داود والترمذي من حديث أبي هريرة. (مصباح الزجاجة 2/10) . وحسنه السيوطي (الجامع الصغير 2/559 ح 2551) .

وقال الألباني: صحيح (صحيح ابن ماجة 2/13) .

قال البخاري: حدثنا صدقة، أخبرنا عبد الوهاب، قال سمعت يحيى بن سعيد، قال سمعت نافعا، عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن المتبايعين بالخيار في بيعهما ما لم يتفرقا أو يكون البيع خيارا". قال نافع: وكان ابن عمر إذا اشترى شيئا يعجبه فارق صاحبه.

(الصحيح ح 2107- البيوع، ب كم يجوز الخيار) ، وأخرجه مسلم في (صحيحه- البيوع ح 45) .

قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الموصلى، ثنا ابن فضيل، عن داود الأدوي، عن عامر، عن علقمة، عن عبد الله، (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) قال: إنها لمحكمة ما نسخت ولا تنسخ إلى يوم القيامة.

ورجاله ثقات وإسناده صحيح.

ص: 34

قال مسلم: حدثنا زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم (قال إسحاق: أخبرنا. وقال زهير: حدثنا جرير) عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة، قال: دخلتُ المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة، والناس مجتمعون عليه، فأتيتهم. فجلست إليه.

فقال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزلنا منزلا، فمنّا من يصلح خباءه.

ومنا من ينتضل، ومنا من هو في جَشَره. إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة جامعة. فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: "إنه لم يكن نبي قبلى إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شرّ ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جُعل عافيتها في أولها. وسيصيب أخرها بلاء وأمور تنكرونها. وتجيء فتنة فيُرقق بعضها بعضاً. وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مُهلكتي، ثم تنكشف.

وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه. فمن أحب أن يزحزح عن النار ويُدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم والآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه، ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه، فليطعه إن استطاع. فإن جاء أخر ينازعه فاضربوا عنق الأخر". فدنوت منه فقلت له: أنشدك الله! آنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيده. وقال: سمعته أذناي ووعاه قلبي، فقلت له: هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل. ونقتل أنفسنا والله يقول: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) . قال: فسكت ساعةً ثم قال: أطعه في طاعة الله. واعصه في معصية الله.

(الصحيح 3/1472-1473 ح 1844- ك الأمارة، ب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء

) .

ص: 35

أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قال: لما أنزل الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) فقال المسلمون إن الله قد نهانا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل، والطعام هو من فضل الأموال، فلا يحل لأحد منا أن يأكل عند أحد، فكف الناس عن ذلك فأنزل الله تعالى بعد ذلك:(ليس على الأعمى حرج) الآية.

(التفسير- النساء/29، ح 2900) . وقد أخرج هذا الحديث أبو داود (السنن 3/343 ح 3753- ك الأطعمة، ب نسخ الضيف يأكل من مال غيره) من طريق يزيد النحوي، عن عكرمة عن ابن عباس بنحوه. قال الألباني: حسن الإسناد (صحيح أبي داود ح 3192) .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) قال: التجارة رزق من رزق الله، وحلال من حلال الله، لمن طلبها بصدقها وبرها.

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قول الله تبارك وتعالى (عن تراض منكم) ، في تجارة أو بيع، أو عطاء يعطه أحد أحدا.

قال البخاري: حدثنا محمد بن بشار حدثنا عثمان بن عمر حدثنا علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة أن ثابت بن الضحاك -وكان من أصحاب الشجرة- حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حَلَفَ على ملة غير الإسلام كاذبا فهو كما قال، وليس على ابن أدم نذر فيما لا يملك، ومن قتل نفسه بشىء في الدنيا عُذب به يوم القيامة، ومن لَعنَ مؤمناً فهو كقتله، ومن قذف مؤمناً بكفر فهو كقتله".

(الصحيح 10/479 ح 6047- ك الأدب، ب ما ينهى عن السب واللعن) . وأخرجه مسلم في (الصحيح - ك الإيمان، ب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه، ح 176-177) .

قال البخاري: حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا شعبة عن سليمان قال: سمعت ذكوان يحدث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى

ص: 36

فيه خالداً مخلداً فيها أبداً. ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً. ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلدا فيها أبداً".

(الصحيح 10/258 ح 5778- ك الطب، ب شراب السم والدواء به

) ، وأخرجه مسلم (ك الإيمان، باب غلظ تحريم قتل النفس ح 175) .

قال أبو داود: حدثنا ابن المثنى، أخبرنا وهب بن جرير: أخبرنا أبي، قال: سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيِب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير (المصري) ، عن عمرو بن العاص، قال: احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت، ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:"يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟ " فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت: إني سمعت الله يقول (وٍ لا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا.

قال أبو داود: عبد الرحمن بن جبير مصري مولى خارجة بن حذافة، وليس هو ابن جبير بن نفير.

وقال أبو داود: حدثنا محمد بن سلمة (المرادي) : أخبرنا ابن وهب، عن ابن لهيعة، وعمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، أن عمرو بن العاص كان على سرية، وذكر الحديث نحوه، قال: فغسل مغابنه وتوضأ وضوءه للصلاة ثم صلى بهم، فذكر نحوه، ولم يذكر التيمم، قال أبو داود: وروى هذه القصة عن الأوزاعي عن حسان بن عطية قال فيه "فتيمم".

(السنن 1/92 ح 334، 335- ك الطهارة، ب إذا خاف الجنب البرد أيتيمم؟) . والرواية الثانية: أخرجها ابن حبان في صحيحه (الإحسان 4/142-143 ح 1315) من طريق. عمرو بن الحارث عن يزيد به. قال محققه: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه أحمد من طريق ابن لهيعة به، (المسند 4/203، 204) قال ابن حجر: إسناده قوى (الفتح1/454) وصححه النووي كما نقل

ص: 37

الألباني (إرواء الغليل 1/181، 182) ، وأخرجه الحاكم (المستدرك 1/177- ك الطهارة) عن عمرو ابن الحارث ورجل آخر، عن يزيد به، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي وقد رجح ابن القيم الرواية التي فيها الغسل على رواية التيمم (زاد المعاد 3/388) .

قال النسائى: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أنبأنا بقية قال: حدثني بجير بن سعد، عن خالد بن معدان أن أبارهم السمعي حدثهم أن أبا أيوب الأنصاري حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من جاء يعبد الله ولا يشرك به شيئاً ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويجتنب الكبائر كان له الجنة فسألوه عن الكبائر؟ فقال: "الإشراك بالله وقتل النفس المسلمة والفرار يوم الزحف".

(السنن7/88- ك تحريم الدم، ب ذكر الكبائر) . وأخرجه أحمد (المسند 5/413) من طريق حيوة عن بقيه به. وصححه الألباني (صحيح النسائي ح 3743) وحسنه الأرناؤوط (جامع الأصول 10/626) .

قوله تعالى (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما)

قال البخاري: حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن حميد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه" قيل: يا رسول الله، وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال:"يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه".

(الصحيح 10/417 ح 5973 - ك الأدب، ب لا يسب الرجل والديه) . وأخرجه مسلم (الصحيح 1/92 ح 90- ك الإيمان، ب بيان الكبائر وأكبرها) .

وانظر حديث البخاري عن أبي هريرة المتقدم عند الآية (10) من السورة نفسها "اجتنبوا السبع الموبقات".

وانظر حديث النسائي عن أبي أيوب المتقدم عند الآية (29) من السورة نفسها. وهو حديث: "من جاء يعبد الله ولا يشرك به شيئاً

".

ص: 38

قال الترمذي: حدثنا حميد بن مسعدة بصري. حدثنا بِشر بن المفضل حدثنا الجريري عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أحدثكم بأكبر الكبائر"؟. قالوا: بلى يا رسول الله، قال:"الإشراك بالله، وعُقوق الوالدين"، قال: وجَلَسَ وكان متكئاً قال: "وشهادة الزور- أو قال: قول الزور" قال: فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولها حتى قلنا ليته سكت.

قال أبو عيسى. هذا حديث حسن غريب صحيح.

(السنن5/235-236 ح 3019-3021- ك التفسير، ب سورة النساء) . وصححه الألباني في (صحيح سنن الترمذي) .

قال الحاكم: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي ثنا إسحاق ابن الحسن ثنا أبو حذيفة ثنا سفيان (وحدثنا) أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري ثنا محمد بن عبد السلام ثنا إسحاق بن إبراهيم انبأ وكيع عن سفيان عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله قال: الكبائر من أول سورة النساء إلى (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه) من أول السورة ثلاثين آية.

(المستدرك 1/59 - ك الإيمان) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين وجب إخراجه على ما شرطت في تفسير الصحابة) .

قال ابن خزيمة: ثنا علي بن مسلم قال: ثنا أبو داود قال: ثنا الحكم بن خزرج قال: ثنا ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي".

(التوحيد 2/656، ب ذكر لفظة رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر الشفاعة) . وأخرجه الضياء المقدسي في (المختارة 5/21-22 ح 1622-1623) من طريق محمد بن رافع وعلي بن مسلم عن كلاهما عن أبي داود -وهو الطيالسي- به. وصحح محققه إسناديهما) . وأخرجه الترمذي (السنن 4/625 ح 2435) وابن حبان في صحيحه (الإحسان 8/132 ح 6434)، والحاكم (المستدرك 1/69) كلهم من طريق عبد الرزاق عن معمر عن ثابت عن أنس. وقال الترمذي: حسن صحيح غريب.

وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وصححه البيهقي. (انظر تخريج إحياء علوم الدين 5/2205 ح 3483، وكشف الخفا 2/10) . وقال الحافظ ابن كثير: إسناد صحيح على شرط الشيخين (التفسير 2/248) ، وصححه الألباني (صحيح سنن الترمذي ح 1983) .

ص: 39

وانظر حديث البخاري عن عبد الله بن مسعود الآتي عند الآية (68) من سورة الفرقان.

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: الكبائر: كل ذنب ختمه الله بنار، أو غضب، أو لعنة أو عذاب.

قوله تعالى (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن وسئلوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما)

قال الترمذي: حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن أم سلمة، أنها قالت: يغزو الرجال ولا يغزو النساء، وإنما لنا نصف الميراث. فأنزل الله:(ولا تتمنوا ما فضّل الله بعضكم على بعض) . قال مجاهد: فأنزل فيها: (إن المسلمين والمسلمات) وكانت أم سلمة أول ظعينة قدمت المدينة مهاجرة.

قال أبو عيسى: هذا حديث مرسل. ورواه بعضهم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مرسلاً أن أم سلمة قالت: كذا وكذا.

(السنن 5/237 ح 3022- ك تفسير القرآن، ب من سورة النساء) ، وأخرجه الحاكم (المستدرك 2/305-306) من طريق قبيصة عن سفيان به، وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. وأخرجه الطبري في تفسيرة (8/262 ح 9241) من طريق: عبد الرزاق، عن سفيان: وعنده: عن مجاهد قال: قالت أم سلمة. ولأجل ذلك حكم الترمذي على الرواية السالفه بالإرسال، ولكن رد الشيخ أحمد شاكر القول بإرساله في بحث له نافع، وأثبت صحة الحديث واتصاله (حاشية الطبري 8/263) ، وصححه الألباني (صحيح الترمذي ح 2419) .

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: لا يتمنى الرجل فيقول: "ليت لي مال فلان أو أهله فنهى الله سبحانه عن ذلك، ولكن ليسأل الله من فضله".

ص: 40

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله تعالى: (للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن) : يعني مما ترك الوالدان والأقربون، يقول: للذكر مثل حظ الأنثيين.

قوله تعالى (ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم

)

قال البخاري: حدثنا الصلت بن محمد، حدثنا أبو أسامة، عن إدريس، عن طلحة بن مصرف، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما (ولكل جعلنا موالي) قال: ورثة. (والذين عقدت أيمانكم) كان المهاجرون لما قدموا المدينة يرث المهاجر الأنصارىَّ دون ذوي رحمه للأخوة التي أخى النبي صلى الله عليه وسلم بينهم فلما نزلت (ولكل جعلنا موالي) نسخت. ثم قال (والذين عقدت أيمانكم) من النصر والرفادة والنصيحة وقد ذهب الميراث ويوصى له.

سمع أبو أسامة إدريس. سمع إدريس طلحة. (الصحيح 8/96 ح 4580- ك التفسير، سورة النساء) .

قال الحاكم: أخبرنا أبو العباس القاسم بن القاسم السياري. بمرو ثنا محمد بن موسى بن حاتم ثنا علي بن الحسن بن شقيق انبأ الحسين بن واقد عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما (والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم) قال: كان الرجل يحالف الرجل ليس بينهما نسب ليرث أحدهما الآخر فنسخ الله ذلك بالأنفال (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) .

(المستدرك 4/346- ك الفرائض) . وسكت عنه وكذا الذهبي. وقد رويت عدة آثار في ذلك تقوي أثر ابن عباس وتشهد له. (انظر بيان ذلك في مرويات الإمام أحمد في التفسير 1/353) .

ومن هذه الآثار رواية الطبري عن ابن عباس التالية:

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: الموالي، العصبة، يعنى: الورثة.

ص: 41

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: قوله (والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم) فكان الرجل يعاقد الرجل أيهما مات ورثه الآخر، فأنزل الله (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا) الأحزاب:6. يقول: إلا أن يوصوا لأوليائهم الذين عاقدوا وصية، فهو لهم جائز من ثلث مال الميت وذلك هو المعروف.

وانظر حديث مسلم عن جبير بن مطعم الآتي عند الآية (91) من سورة النحل: "لا حلف في الإسلام".

قوله تعالى (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم)

قال الترمذي: حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا النضر بن شميل، أخبرنا محمد ابن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها".

(السنن 3/456 ح 1159- ك الرضاع، ب حق الزوج على المرأة) قال الترمذي: حسن غريب.

وقال الألبانى: حسن صحيح (صحيح الترمذى ح 926) . وأخرجه أحمد (المسند 4/381) من حديث عبد الله بن أبي أوفى، وله زيادة قوله صلى الله عليه وسلم: "

ولا تؤدي المرأة حق الله عز وجل عليها كله حتى تؤدي حق زوجها عليها كله"

) ، وأخرجه الحاكم من حديث قيس بن سعد وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك 2/187) وصححه السيوطي (الجامع الصغير 5/329 ح 7482) .

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: (الرجال قوامون على النساء) يعني: أمراء، عليها أن تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته، وطاعته: أن تكون محسنة إلى أهله، حافظة لماله وفضله عليها بنفقته وسعيه..

ص: 42

قوله تعالى (فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله)

قال الطبري: حدثني المثنى، حدثنا أبو صالح قال، حدثنا أبو معشر قال، حدثنا سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك" قال: ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الرجال قوامون على النساء) الآية.

(التفسير 8/295 ح 9328)، وأخرجه الطيالسي (المسند ص 306 ح 2325) عن أبي معشر به. وقد تابع أبا معشر محمد بن عجلان: أخرجه النسائى (السنن 6/68- ك النكاح، ب أي النساء خير) . وأحمد (المسند 2/251، 432، 438) والحاكم (المستدرك 2/161) من طريق محمد بن عجلان عن سعيد المقرى به. قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي. وله شاهد من حديث عبد الله بن سلام، ذكره الهيثمي (المجمع 4/273) وقال: رواه الطبرانى وفيه زريك بن أبي زريك ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. قال الألبانى: وزريك معروف وثقة

-ثم ذكر توثيق ابن معين له- ومن طريق الطبراني أخرجه الضياء في (المختارة 58/180/1/ق)، (الصحيحة 4/453 ح 1838) وله شاهد أخر من حديث عبد الله بن عمر: أخرجه ابن ماجة (1/1857) . وصححه الألبانى (المصدر المتقدم) .

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: قوله (قانتات) مطيعات..

وانظر تفسير سورة البقرة آية (116) .

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله (حافظات للغيب بما حفظ الله) يعنى إذا كن هكذا فأصلحوا إليهن.

قوله تعالى (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا)

قال الشيخ الشنقيطي: ذكر في هذه الآية الكريمة أن النشوز قد يحصل من النساء ولم يبين هل يحصل من الرجال نشوز أو لا؟ ولكنه بين في موضع أخر أن النشوز قد يحصل من الرجال. وهو قوله تعالى: (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً) .

ص: 43

قال البخاري: حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن زمعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يُجامعها في أخر اليوم".

(الصحيح 9/213 ح 5204-ك النكاح، ب ما يكره من ضرب النساء

) .

قال البخاري: حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان قال حدثني حميد عن أنس رضي الله عنه قال: آلى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من نسائه شهراً، وقعد في مشربة له، فنزل لتسع وعشرين، فقيل: يا رسول الله إنك آليت شهراً، قال:"إن الشهر تسع وعشرون".

(الصحيح 9/112 ح 5201 -ك النكاح- ب قوله الله تعالى الآية

) .

قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد، أخبرنا أبو قزعة الباهلي، عن حكيم بن معاوية القشيري، عن أبيه، قال: قلت: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال:"أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت -أو اكتسبت- ولا تضرب الوجه، ولا تُقبّح ولا تهجر إلا في البيت. قال أبو داود: "ولا تقبح الوجه" أن تقول: قبحك الله.

(السنن 2/244 ح 2142 -ك النكاح، ب في حق المرأة على زوجها) . وأخرجه أحمد (المسند 4/447) ، وابن حبان في صحيحه (الإحسان 6/188 ح 4163) ، والحاكم (المستدرك 2/187) كلهم من طريق أبي قزعة به، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. قال الألباني: حسن صحيح. (صحيح أبي داود ح 1875) .

انظر حديث مسلم عن جابر في صفة حجة الوداع المتقدم عند الآية (19) من السورة نفسها.

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: قوله (واللاتى تخافون نشوزهن) تلك المرأة تنشز وتستخف بحق زوجها ولا تطيع أمره فأمر الله عز وجل أن يعظها ويذكرها بالله، ويعظم حقه عليها، فإن قبلت وإلا هجرها في المضجع، ولا يكلمها من غير أن يذر نكاحها -وذلك عليها شديد- فإن رجعت وإلا ضربها ضربا غير مبرح ولا يكسر له

ص: 44

عظما ولا يجرح لها جرحاً قال (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا) يقول: "إذا أطاعتك فلا تتجن عليها العلل".

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: عظوهن فإن أطعنكم، وإلا فاهجروهن. والهجر أن لا يجامعها ويضاجعها على فراشها ويوليها ظهره.

أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن مقاتل بن حيان قوله: (فلا تبغوا عليهن سبيلا) فحرم الله ضربهن عند الطاعة.

قوله تعالى (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا)

قال الإمام أحمد: حدثنا إسحاق بن عيسى الطبّاع، حدثني يحيى بن سليم، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن عبيد الله بن عياض بن عمرو القاري قال: جاء عبد الله بن شداد فدخل على عائشة ونحن عندها جلوس، مرجعه من العراق ليالى قتل على فقالت له: يا عبد الله بن شداد، هل أنت صادقي عما اسألك عنه؟ تحدثني عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي؟ قال: ومالي لا أصدُقك!

قالت: تحدثنى عن قصتهم، قال: فإن عليا لما كاتب معاوية وحكم الحكمان خرج عليه ثمانية ألاف من قرّاء الناس، فنزلوا بأرض يقال لها حروراء من جانب الكوفة، وإنهم عتبوا عليه فقالوا: انسلخت من قميصٍ ألبسكه الله تعالى، واسم سماك الله تعالى به، ثم انطلقت فحكّمت في دين الله، فلا حكم إلا لله تعالى، فلما أن بلغ عليا ما عتبوا عليه وفارقوه عليه، فأمر مؤذنا فأذن، أن لا يدخل على أمير المؤمنين إلا رجل قد حمل القرآن، فلما أن امتلأت الدار من قراء الناس دعا بمصحف إمام عظيم، فوضعه بين يديه، فجعل يصُكه بيده ويقول: أيها المصحف! حدّث الناس! فناداه الناس فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما تسأل عنه؟

إنما هو مداد في ورق! ونحن نتكلم. بما روينا منه! فماذا تريد؟ قال: أصحابكم

ص: 45