الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أبو زميل: قال ابن عباس: فلما أسروا الأسارى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى بكر وعمر: "ما ترون في هؤلاء الأسارى"؟ فقال أبو بكر: يا نبي الله! هم بنو العم والعشيرة، أرى إن تأخذ منهم فدية، فتكون لنا قوة على الكفار، فعسى الله إن يهديهم للإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما ترى؟ يا ابن الخطاب! " قلتُ: لا. والله! يا رسول الله! ما أرى الذي رأى أبو بكر. ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم، فتُمكن علياً من عقيل فيضرب عنقه. وتمكنى من فلان (نسيباً لعمر) فأضرب عنقه، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها. فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر، ولم يهو ما قلتُ. فلما كان من الغد جئتُ فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر قاعدين يبكيان. قلتُ: يا رسول الله! أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك، فإن وجدتُ بكاء بكيت. وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبكى للذي عرض عليّ أصحابك من أخذهم الفداء.
لقد عُرض علىّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة" (شجرة قريبة من نبي الله صلى الله عليه وسلم) وأنزل الله عز وجل (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) إلى قوله (فكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً) فأحل الله الغنيمة لهم.
(الصحيح 3/1383-1385 - ك الجهاد والسير، ب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم) .
قال الضياء المقدسي: أخبرنا زاهر بن أحمد بن حامد الثقفي، أن أبا عبد الله الحسين بن عبد الملك الأديب أخبرهم -قراءة عليه- أنا إبراهيم سبط بحرويه، أنا محمد بن إبراهيم بن المقريء أنا أحمد بن علي، ثنا عبد الله -هو القواريري- ثنا محمد بن عبد الله بن الزبير ثنا مسعر عن أبي عون، عن أبى صالح الحنفي، عن علي قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ولأبى بكر: "مع أحدكما جبريل ومع الآخر ميكائيل وإسرافيل عليهم السلام، ملك عظيم يشهد القتال أو يكون في القتال".
(المختارة 2/257-25
9
ح 633-636) ، وأخرجه أحمد (المسند 2/308 ح 1256) ، وأبو يعلى (المسند 1/283-284 ح 340) ، والبزار في (البحر الزخار 2/33 ح 729)، والحاكم في (المستدرك 3/68) كلهم من طريق مسعر به. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وعزاه الهيثمي إلى أحمد والبزار وقال: ورجالهما رجال الصحيح (المجمع 6/82) . وصحح إسناده أحمد شاكر ومحقق مسند أبي يعلى ومحقق المختارة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (بألف من الملائكة مردفين) أى: متتابعين.
قوله تعالى (وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم)
قال ابن كثير: أي وما جعل الله بعث الملائكة وإعلامه إياكم بهم إلا بشرى (لتطمئن به قلوبكم) وإلا فهو تعالى قادر على نصركم على اعدائكم ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله أي بدون ذلك ولهذا قال (وما النصر إلا من عند الله) كما قال تعالى (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك لو يشاء الله لا تنصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم) .
قوله تعالى (إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويُذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام)
قال ابن كثير: يذكرهم الله تعالى بما أنعم به عليهم من إلقائه النعاس عليهم أماناً أمنهم به من خوفهم الذي حصل لهم من كثرة عدوهم وقلة عددهم، وكذلك فعل تعالى بهم يوم أحد كما قال تعالى (ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاساً يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم) الآية. قال أبو طلحة: كنت ممن أصابه النعاس يوم أحد، ولقد سقط السيف من يدي مراراً يسقط وأخذه، ويسقط وآخذه ولقد نظرت إليهم يميدون وهم تحت الجحف
…
وأحسن ما في هذا ما رواه الإمام محمد بن إسحاق بن يسار صاحب المغازي رحمه الله حدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير قال: بعث الله السماء وكان الوادي دهساً فأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما لبد لهم الأرض ولم يمنعهم من المسير وأصاب قريشاً ما لم يقدروا على أن يرحلوا معه وقال مجاهد: أنزل الله عليهم المطر قبل النعاس فأطفأ بالمطر الغبار وتلبدت به الأرض وطابت نفوسهم وثبت به أقدامهم.
قال الطبري: حدثني المثنى قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا سفيان، عن عاصم، عن أبي رزين، عن عبد الله -وهو ابن مسعود- قال: النعاس في القتال أمنة من الله عز وجل، وفي الصلاة من الشيطان.
وأخرجه من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري به. وسنده صحيح.
انظر حديث مسلم السابق تحت الآية (9) من السورة نفسها.
وأخرجه مسلم بسنده الصحيح عن أبي هريرة مرفوعاً: "اجتنبوا السبع الموبقات
…
ومنها
…
التولى يوم الزحف".
(الصحيح 1/92 ح 89 -الأيمان- ب الكبائر) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: نزل النبي صلى الله عليه وسلم يعني: حين سار إلى بدر والمسلمون بينهم وبين الماء رملة دعصة، فأصاب المسلمين ضعف شديد، وألقى الشيطان في قلوبهم الغيظ، فوسوس بينهم: تزعمون أنكم أولياء الله وفيكم رسوله، وقد غلبكم المشركون على الماء، وأنتم تصلون مجنبين! فأمطر الله عليهم مطراً شديدا، فشرب المسلمون وتطهروا وأذهب الله عنهم رجز الشيطان، وثبت الرمل حين أصابه المطر، ومشى الناس عليه والدواب، فساروا إلى القوم، وأمد الله نبيه بألف من الملائكة، فكان جبريل عليه السلام في خمسمئة من الملائكة مجنّبة، وميكائيل في خمسمئة مجنّبة.
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (إذ يغشيكم النعاس أمنة منه) ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أنه ألقى النعاس على المؤمنين ليجعل قلوبهم آمنة غير خائفة من عدوها، لأن الخائف الفزع لا يغشاه النعاس، وظاهر سياق هذه الآية أن النعاس ألقي عليهم يوم بدر، لأن الكلام هنا في وقعة بدر، كما لا يخفى.
وذكر في سورة آل عمران أن النعاس غشيهم أيضاً يوم أحد وذلك في قوله تعالى في وقعة أحد (ثم أنزل على من بعد الغم أمنة نعاساً) الآية.