المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قوله تعالى (إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في - الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور - جـ ٢

[حكمت بشير ياسين]

الفصل: قوله تعالى (إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في

قوله تعالى (إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير)

انظر حديث بريدة المتقدم عند مسلم، سورة البقرة (190) .

قال أحمد: ثنا وكيع عن شريك، عن عاصم، عن أبي وائل، عن جرير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المهاجرون والأنصار أولياء بعضهم لبعض والطلقاء من قريش والعتقاء من ثقيف بعضهم أولياء بعض إلى يوم القيامة".

قال شريك: فحدثنا الأعمش عن تميم بن سلمة عن عبد الرحمن بن هلال عن جرير عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

(المسند 4/363) ، وأخرجه الطيالسى (المسند ح 671) ، والطبراني (المعجم الكبير ح 2311) ، وابن حبان في صحيحه (الإحسان 16/250 ح‌

‌ 72

60) من طرق عن عاصم به. وأخرجه الطبراني (ح 2438) ، والحاكم (المستدرك 4/80-81) من طريق الأعمش عن موسى بن عبد الله بن يزيد الخطمي عن عبد الرحمن بن هلال، عن جرير به. قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وعزاه الهيثمي لأحمد والطبراني وقال: وأحد أسانيد الطبراني رجاله رجال الصحيح

(مجمع الزوائد 10/15) .

وحسن الشيخ الأرناؤوط إسناد ابن حبان، وأورده الألباني في (السلسلة الصحيحة ح 1036) .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض)، يعنى: في الميراث، جعل الميراث للمهاجرين والأنصار دون ذوى الأرحام، قال الله:(والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا)، يقول: مالكم من ميراثهم من شيء، وكانوا يعملون بذلك حتى أنزل الله هذه الآية:(وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) سورة الأنفال: 75، سورة الأحزاب: 6، في الميراث، فنسخت التي قبلها، وصار الميراث لذوي الأرحام.

ص: 423

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (وإن استنصروكم في الدين) يعنى: إن استنصركم الأعراب المسلمون، أيها المهاجرون والأنصار، على عدوهم، فعليكم أن تنصروهم، إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق.

قوله تعالى (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) يعنى في الميراث (إلا تفعلوه) يقول: إلا تأخذوا في الميراث بما أمرتكم به (تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) .

قوله تعالى (والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقاً لهم مغفرة ورزق كريم)

انظر آية (72) من السورة نفسها.

قوله تعالى (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض)

قال الحاكم: حدثنا أبو العباس، ثنا الحسن بن عفان، ثنا يحيى بن آدم، ثنا الحسن بن صالح، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: هيهات هيهات أين ابن مسعود، إنما كان المهاجرون يتوارثون دون الأعراب فنزلت (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض) .

(وصحح إسناده ووافقه الذهبي (المستدرك 4/344-345) ومناسبة قول ابن عباس هذا رواه ابن أبي حاتم في تفسيره بلفظ: قيل لابن عباس أن ابن مسعود لايورث الموالي دون ذوي الأرحام ويقول: إن ذوي الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله فقال: ابن عباس: هيهات. هيهات

قال الحاكم: أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا الحسن بن علي بن زياد، ثنا إبراهيم ابن المنذر الحزامي، ثنا محمد بن صدقة الفدكي، ثنا ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة عن أبيه قال: قال الزبير بن العوام رضي الله عنه: فينا نزلت هذه

ص: 424

الآية (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد آخى بين رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار، فلم نشك أنا نتوارث لو هلك كعب وليس له من يرثه فظننت أني أرثه ولو هلكت كذلك يرثني حتى نزلت هذه الآية (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض) .

(المستدرك 4/344-345 - ك الفرائض وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي) .

قال الترمذي: حدثنا علي بن حُجر وهناد قالا: حدثنا إسماعيل بن عياش، حدثنا شرحبيل بن مسلم الخولاني، عن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته عام حجة الوداع: "إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث، والولد للفراش وللعاهر الحجر وحسابهم على الله، ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله التابعة إلى يوم القيامة. لا تنفِق امرأة من بيت زوجها" إلا بإذن زوجها. قيل: يا رسول الله ولا الطعام، قال: لذلك أفضل أموالنا"، ثم قال: "العارية مؤدّاة، والمنحة مردودة والدين مَقْضيّ، والزعيم غارم.

(السنن 4/433 ح 2120 - ك الوصايا، ب ما جاء لا وصية لوارث)، وأخرجه أحمد (المسند 5/267) عن أبي المغيرة عن إسماعيل بن عياش به. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال الألباني: صحيح (صحيح الترمذي ح 1721) . وله شاهد من حديث عمرو بن خارجة. أخرجه الترمذي بعده (ح 2121) وقال: حسن صحيح

ص: 425

سورة التوبة

أسماءها

قال البخاري: حدثنا محمد بن عبد الرحيم، حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا هشيم، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: سورة التوبة؟ قال: التوبة هي الفاضحة، ما زالت تنزل: ومنهم، ومنهم، حتى ظنوا أنها لم تبق أحداً منهم إلا ذكر فيها. قال: قلت: سورة الأنفال؟ قال: نزلت في بدر. قال: قلت: سورة الحشر؟ قال: نزلت في بني النضير.

(الصحيح ح 4882 - ك التفسير، سورة الحشر) ، وأخرجه أيضاً مسلم في (صحيحه 4/2322 ح 3031 - ك التفسير، في سورة براءة والأنفال والحشر) من طريق هشيم به.

وقال أبو عبيد: حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن حذيفة قال: يسمونها سورة التوبة، وهي سورة العذاب، يعني براءة.

(فضائل القرآن ح 446) ، وإسناده حسن. وأخرجه الطبراني في (الأوسط 2/196 ح 1352) ، والحاكم في (المستدرك 2/330-331) من طريق عبد الله بن سلمة عن حذيفة، وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد، وأقره الذهبي. وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله ثقات. (مجمع الزوائد 7/28) .

نزولها

قال البخاري: حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت البراءه رضي الله عنه يقول لآخر آية نزلت (يستفتونك قل الله يُفتيكم في الكلالة) وآخر سورة نزلت براءة.

(الصحيح 8/167 ح 4654 -ك التفسير- سورة التوبة، ب الآية) .

ص: 426

قوله تعالى (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين)

قال الشيخ الشنقيطي: ظاهر هذه الآية الكريمة العموم في جميع الكفار المعاهدين وأنه بعد انقضاء أشهر الإمهال الأربعة المذكورة في قوله (فسيحوا في الأرض أربعة أشهر) لا عهد لكافر. وفي هذا اختلاف كثير بين العلماء، والذي يبينه القرآن، ويشهد له من تلك الأقوال، هو أن محل ذلك إنما هو في أصحاب العهود المطلقة غير المؤقتة بوقت معين، أو من كانت مدة عهده الموقت أقل من أربعة أشهر فتكمل له أربعة أشهر، أما أصحاب العهود الموقتة الباقي من مدتها أكثر من أربعة أشهر، فإنه يجب لهم إتمام مدتهم، ودليله المبين له من القرآن؛ هو قوله تعالى (إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحداً فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين) وهو اختيار ابن جرير.

قوله تعالى (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله فإن تبتم هو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم)

قال الترمذي: حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا عبّاد ابن العوام، حدثنا سفيان بن حسين، عن الحكم بن عتيبة، عن مقسم، عن ابن عباس قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر وأمره أن يُنادي بهؤلاء الكلمات، ثم أتبعه علياً. فبينا أبو بكر في بعض الطريق إذْ سمع رُغاء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم القصواء، فخرج أبو بكر فزعاً فظن أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو عليٌّ، فدفع إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر علياً أن ينادي بهؤلاء الكلمات فانطلقا فحجَّا، فقام عليٌّ أيام التشريق، فنادى: ذمة الله ورسوله بريئة من كل مشرك، فسيحوا في الأرض أربعة أشهر، ولا يحجّن بعد العام مشرك، ولا يطوفن بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا مؤمن، وكان عليّ ينادي، فإذا عَيِى قام أبو بكر فنادى بها.

ص: 427