الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ: صلى الله عليه وسلم «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ مِنْ وَدْعِهِمْ الْجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنْ الْغَافِلِينَ» وَقَالَ: «رَوَاحُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» وَقَالَ «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، إلَّا أَرْبَعَةً عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوْ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ» رَوَى الْأَوَّلَ مُسْلِمٌ وَالثَّانِيَ النَّسَائِيّ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَالثَّالِثَ أَبُو دَاوُد عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: طَارِقٌ رَأَى النَّبِيَّ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَا قَالَهُ لَا يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ الْخَبَرِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ مُرْسَلُ صَحَابِيٍّ، وَهُوَ حُجَّةٌ عِنْدَ كُلِّ الْعُلَمَاءِ إلَّا أَبَا إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا رَكْعَتَانِ وَهِيَ كَغَيْرِهَا مِنْ الْخَمْسِ فِي الْأَرْكَانِ، وَالشُّرُوطِ، وَالْآدَابِ وَتَخْتَصُّ بِشُرُوطٍ لِصِحَّتِهَا وَشُرُوطٍ لِلُزُومِهَا وَبِآدَابٍ
وَبَدَأَ بِشُرُوطِ صِحَّتِهَا، فَقَالَ (شَرْطُ) صِحَّةِ (صَلَاةِ جُمُعَةٍ) سِتَّةٌ أَحَدُهَا (أَنْ تَجْرِيَ كُلًّا) بِنَصْبِهِ تَمْيِيزًا مُحَوَّلًا عَنْ الْفَاعِلِ أَيْ: أَنْ تَقَعَ كُلُّهَا (مَعَ الْخُطْبَةِ) الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ (وَقْتَ الظُّهْرِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَمَا رَوَايَاهُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ مِنْ قَوْلِهِ: «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْجُمُعَةَ ثُمَّ نَنْصَرِفُ، وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ يُسْتَظَلُّ بِهِ» مَحْمُولٌ عَلَى شِدَّةِ التَّعْجِيلِ بَعْدَ الزَّوَالِ جَمْعًا بَيْنَ الْإِجْبَارِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ إنَّمَا يَنْفِي ظِلًّا يُسْتَظَلُّ بِهِ لَا أَصْلَ الظِّلِّ، فَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ وَقْتِ الظُّهْرِ، وَلَا بَعْدَهُ، وَلَوْ جَازَ تَقْدِيمُ الْخُطْبَةِ لَقَدَّمَهَا صلى الله عليه وسلم لِتَقَعَ الصَّلَاةُ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ الْوَاجِبِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: الْأَرْبَعَةَ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَنْصُوبٌ، وَلَا إشْكَالَ، وَحِينَئِذٍ، فَقَوْلُهُ: عَبْدٌ إلَخْ. خَبَرٌ مَحْذُوفٌ أَيْ: هِيَ، أَوْ هُمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ، بِأَنَّ إلَّا، بِمَعْنَى لَكِنْ، وَأَرْبَعَةٌ مُبْتَدَأٌ، وَمَا بَعْدَهُ بَدَلٌ مِنْهُ، وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ: لَكِنْ أَرْبَعَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ ظَهَرَ مَا سَوَّغَ الِابْتِدَاءَ، بِالنَّكِرَةِ، وَهُوَ نَعْتُهُ، بِالْمَحْذُوفِ الْمَعْلُومِ مِنْ السِّيَاقِ، فَلْيُتَأَمَّلْ. سم (قَوْلُهُ: إلَّا أَرْبَعَةٌ) إنْ كَانَ مَرْفُوعًا، فَوَجْهُهُ أَنَّ رَفْعَ الْمُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامٍ تَامٍّ مُوجَبٍ لُغَةً خَرَجَ عَلَيْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى:{فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ} [البقرة: 249]
(قَوْلُهُ: كُلًّا مَعَ الْخُطْبَةِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ تَقْدِيرَ قَوْلِهِ الْآتِي فِي خُطْبَةٍ أَنْ يَجْرِيَ كُلًّا مِنْ الْخِطَّةِ فِي خِطَّةٍ، فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ خَطَبَ، وَهُوَ، أَوْ السَّامِعُونَ خَارِجَ الْخِطَّةِ لَمْ يَجُزْ م ر (قَوْلُهُ: لَقَدَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) قَدْ يُمْنَعُ لِجَوَازِ أَنَّ السُّنَّةَ فِعْلُهَا فِي الْوَقْتِ مَعَ جَوَازِ تَقْدِيمِهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَوْ جَازَ كَانَ الظَّاهِرُ تَقْدِيمَهَا، وَلَوْ مَرَّةً لِبَيَانِ الْجَوَازِ (قَوْلُهُ: صَلَّوْا ظُهْرًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَحَكَى الرُّويَانِيُّ، وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ مَدَّ الرَّكْعَةَ الْأُولَى حِينَ تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَا يَسَعُ الثَّانِيَةَ هَلْ تَنْقَلِبُ ظُهْرًا الْآنَ، أَوْ عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَرُجِّحَ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ، وَنَظَائِرُهُ مَا لَوْ أَحْرَمَ، بِصَلَاةٍ، وَكَانَتْ مُدَّةُ الْخُفِّ تَنْقَضِي فِيهَا، أَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَن هَذَا الرَّغِيفَ غَدًا، فَأَكَلَهُ فِي الْيَوْمِ هَلْ يَحْنَثُ، وَنَحْوُهُمَا تَقْتَضِي تَرْجِيحَ الثَّانِي لَكِنْ يُفَرَّقُ، بِأَنَّ الْجُمُعَةَ أَحْوَطُ مِنْ ذَلِكَ. اهـ.
، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ الثَّانِيَ، وَلَا يَتَّجِهُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا، وَمَسْأَلَةِ الْحَلِفِ الْمَذْكُورَةِ، بِأَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ كَمَا تَوَهَّمَ إذْ الْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ غَيْرُ مَبْنِيَّةٍ عَلَى الْعُرْفِ إذْ تَأَخُّرُ الْحِنْثِ لِلْغَدِ لَيْسَ لِلْعُرْفِ إذْ الْعُرْفُ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ بَلْ لِوُجُودِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَهَذَا قَضِيَّةُ اللُّغَةِ لَا الْعُرْفِ، فَتَأَمَّلْهُ.
ــ
[حاشية الشربيني]
أَيْ: صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، أَوْ الْخُطْبَةِ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ:«، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ» ) أَيْ يَجْعَلُ عَلَيْهَا شَيْئًا يَمْنَعُ قَبُولَهَا الْحَقَّ كَمَا يَمْنَعُ الْخَتْمُ مِنْ الِاطِّلَاعِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ
[شُرُوطُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]
(قَوْلُهُ: لِتَقَعَ الصَّلَاةُ أَوَّلَ الْوَقْتِ) أَيْ: وَقَدْ، وَرَدَ فِي ذَلِكَ الطَّلَبِ الْعَامِّ لِلْجُمُعَةِ، وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَوَقَعَ بَعْضُ الصَّلَاةِ إلَخْ) ، وَلَوْ رَكْعَةً خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَسْلِيمَةَ مَسْبُوقٍ) يُحْتَمَلُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ سَلَّمَ جَاهِلًا، وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بَيْنَ سَلَامِهِ، وَعِلْمِهِ فَيُتِمُّ ظُهْرًا، ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى، وَوَقَعَ بَعْضُ الصَّلَاةِ أَيْ: تَقْدِيرًا بِحَيْثُ لَوْ سَلَّمَ سَلَّمَ خَارِجَ الْوَقْتِ، وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: أُتِمَّتْ ظُهْرًا) أَيْ: عَلَى الْمَذْهَبِ، وَفِيهِ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ أَنَّهُ يَجِبُ اسْتِئْنَافُ الظُّهْرِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةِ الظُّهْرِ عَلَى الْأَصَحِّ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: أُتِمَّتْ ظُهْرًا) ، وَلَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةِ الظُّهْرِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَلَوْ لَمْ يُجَدِّدُوا نِيَّةَ الظُّهْرِ قَالَ سم عَلَى التُّحْفَةِ: ظَاهِرُهُ جَوَازُ تَجْدِيدِهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ.
أَقُولُ: لَا نَظَرَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّجْدِيدِ حِينَئِذٍ أَنْ يَنْوِيَ أَنَّ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ الْآنَ مِنْ الظُّهْرِ، وَهُوَ صَرِيحٌ يَقْتَضِي الْحَالَ لَا ضَرَرَ فِيهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَنْوِيَ ابْتِدَاءً ظُهْرًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ ثُمَّ رَأَيْت فِي الشَّرْقَاوِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: وَلَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةِ إتْمَامِهَا ظُهْرًا نَعَمْ يُسَنُّ ذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ: أُتِمَّتْ ظُهْرًا) يَحْتَاجُ هُنَا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الظُّهْرَ مُنْدَرِجٌ فِي نِيَّةِ الْجُمُعَةِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ: نَوَيْت الْجُمُعَةَ مَا لَمْ يَعْرِضْ مُوجِبُ الظُّهْرِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْإِمَامِ فِي نِيَّةِ الْقَصْرِ، وَذَلِكَ لِالْتِزَامِهِ، وَاعْتِقَادِهِ ذَلِكَ الْحُكْمَ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِهَذَا صَحَّتْ نِيَّتُهُ فَلْيُحَرَّرْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ التَّصْرِيحَ بِالصِّحَّةِ حِينَئِذٍ عَنْ م ر قَالَ: لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْحَالِ، فَيَجِبُ أَنْ لَا يَضُرَّ. اهـ.
صَلَّوْا ظُهْرًا، وَلَوْ شَرَعُوا فِيهِ وَوَقَعَ بَعْضُ الصَّلَاةِ وَلَوْ تَسْلِيمَةَ الْمَسْبُوقِ خَارِجَهُ أُتِمَّتْ ظُهْرًا؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا يَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِهَا بَعْدَهُ، فَتَنْقَطِعُ بِخُرُوجِهِ كَالْحَجِّ وَإِلْحَاقًا لِلدَّوَامِ بِالِابْتِدَاءِ كَدَارِ الْإِقَامَةِ نَعَمْ لَوْ شَكَّ فِي أَثْنَائِهَا فِي خُرُوجِهِ أَتَمَّهَا جُمُعَةً؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ، وَلَوْ أَخْبَرَهُمْ عَدْلٌ بِخُرُوجِهِ قَالَ الدَّارِمِيُّ: قَالَ ابْنُ الْمَرْزُبَانْ يُحْتَمَلَ فَوْتُهَا قَالَ: وَعِنْدِي خِلَافُهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمُوا نَقْلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْأَوْجَهُ فَوْتُهَا عَمَلًا بِخَبَرِ الْعَدْلِ كَمَا فِي غَالِبِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ قَالَ الْقُونَوِيُّ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَسْبُوقِ، وَفِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْوَقْتِ وَبَيْنَ الْقُدْوَةِ، وَالْعَدَدُ فِي حَقِّهِ نَظَرٌ إذْ كُلٌّ مِنْهَا شَرْطٌ لِلْجُمُعَةِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُحَطَّ عِنْد الْوَقْتُ فِيمَا يَتَدَارَكُهُ كَمَا حُطَّ عَنْهُ الْقُدْوَةُ، وَالْعَدَدُ إلَّا إنْ ثَبَتَ أَنَّ اعْتِنَاءَ الشَّارِعِ بِرِعَايَتِهِ أَكْثَرُ، وَلَا يَكْفِي فِي إثْبَاتِ ذَلِكَ مُجَرَّدُ الِاسْتِنَادِ إلَى اخْتِلَافِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي انْفِضَاضِ الْمَحَلِّ بِالْجَمَاعَةِ وَعَدَمِ اخْتِلَافِهِ فِي فَوَاتِ الْجُمُعَةِ بِوُقُوعِ شَيْءٍ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ خَارِجَ الْوَقْتِ انْتَهَى، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ ذَلِكَ كَافٍ فِيمَا ذُكِرَ كَمَا يَكْفِي فِيهِ تَوَقُّفُ صِحَّةِ الصَّلَوَاتِ عَلَى دُخُولِ وَقْتِهَا وَحُرْمَةِ تَأْخِيرِهَا عَنْهُ بِخِلَافِ الْقُدْوَةِ، وَالْعَدَدِ وَأَتَى النَّاظِمُ بِكُلٍّ فِي الْجُمُعَةِ دُونَ الْخُطْبَةِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ وُقُوعَ بَعْضِهَا فِي الْوَقْتِ كَافٍ فِي وُقُوعِهَا جُمُعَةً كَغَيْرِهَا مِنْ الْفَرَائِضِ
ثَانِيهَا أَنْ تَجْرِيَ (فِي خِطَّةٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ وَهِيَ الْأَرْضُ يَخْتَطُّهَا الرَّجُلُ بِأَنْ يُعَلِّمَ عَلَيْهَا عَلَامَةً بِالْخَطِّ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: أُتِمَّتْ ظُهْرًا) أَيْ: بِنَاءً وُجُوبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ، بِمَا لَوْ دَخَلَتْ فِرْقَةٌ فِي الْجُمُعَةِ ثُمَّ أُخْبِرُوا، بِأَنَّ غَيْرَهُمْ سَبَقَهُمْ حَيْثُ يَمْتَنِعُ التَّعَدُّدُ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا يُسْتَحَبُّ لَهُمْ الِاسْتِئْنَافُ، وَلَهُمْ إتْمَامُ الْجُمُعَةِ ظُهْرًا، وَقَدْ يُفَرَّقُ، بِأَنَّا لَوْ قُلْنَا، بِجَوَازِ الِاسْتِئْنَافِ فِي مَسْأَلَتِنَا لَزِمَ عَلَيْهِ إيقَاعُ فِعْلٍ مِنْ الصَّلَاةِ قَضَاءً بَعْدَ إمْكَانِ فِعْلِهِ أَدَاءً، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ السَّبْقِ بَعْدَ أَنْ صَلَّوْا رَكْعَةً، وَبَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً أُخْرَى فَقَطْ أَنْ يَلْزَمَ الْبِنَاءُ، وَيَمْتَنِعَ الِاسْتِئْنَافُ، وَقَدْ يُلْتَزَمُ بِرّ إلَّا أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ قَدْ يَتَخَلَّفُ فِيمَا إذَا لَمْ يُدْرِكُوا رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ، وَقَوْلُهُ: مَا يَسَعُ رَكْعَةً أَيْ: أَوْ لَمْ يَبْقَ مَا يَسَعُ رَكْعَةً، بِالْأُولَى (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ شَكَّ إلَخْ.) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ فَوَاتِهَا، بِخَبَرِ الْعَدْلِ كَمَا يَأْتِي آنِفًا مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يُفِيدُ الظَّنَّ حُمِلَ الشَّكُّ عَلَى التَّرَدُّدِ، بِاسْتِوَاءِ رُجْحَانِ الْبَقَاءِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ، بِأَنَّ خَبَرَ الْعَدْلِ مُنَزَّلٌ شَرْعًا مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ (قَوْلُهُ: كَمَا حُطَّ عَنْهُ الْقُدْوَةُ، وَالْعَدَدُ) يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ، بِمَنْعِ أَنَّهُ حُطَّ عَنْهُ الْقُدْوَةُ، وَالْعَدَدُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ، بِالْقُدْوَةِ الْمَشْرُوطَةِ أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُ جَمَاعَةً، وَمَنْ أَدْرَكَ بَعْضَ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ كَانَتْ صَلَاتُهُ جَمِيعًا جَمَاعَةً، وَالْمُرَادُ، بِالْعَدَدِ أَنْ تَحْصُلَ الْجُمُعَةُ لِأَرْبَعِينَ، وَقَدْ حَصَلَتْ لِأَرْبَعِينَ، وَإِنْ سَبَقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، بِالْفَرَاغِ، فَتَدَبَّرْ سم (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي إلَخْ.) ، وَجْهُ عَدَمِ الْكِفَايَةِ أَنَّهُ يَعُودُ السُّؤَالُ، فَيُقَالُ: لِمَ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ: فِي شَأْنِ الْجَمَاعَةِ دُونَ الْوَقْتِ مَعَ أَنَّهُمَا شَرْطَانِ قَالَهُ الْجَوْجَرِيُّ كَذَا، بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ، وَيُجَابُ، بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْوَقْتِ، وَالْجَمَاعَةِ، بِمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ كَمَا يَكْفِي فِيهِ إلَخْ. فَتَأَمَّلْهُ. سم (قَوْلُهُ:، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ ذَلِكَ كَافٍ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اعْتِنَاءَ الشَّارِعِ، بِالْوَقْتِ أَكْثَرُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَنْشَأَ أَكْثَرِيَّةِ الِاعْتِنَاءِ، بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ) هَذَا لَا يَصْلُحُ لِتَوْجِيهٍ دُونَ الْخُطْبَةِ، وَقَدْ يُقَالُ: إسْقَاطُ كُلٍّ مِنْ الْخُطْبَةِ يُوهِمُ جَوَازَ تَقْدِيمِ بَعْضِهَا عَلَى الْوَقْتِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فِي خِطَّةِ) لَوْ أَحْرَمَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ خَارِجَ الْخِطَّةِ، بِالظُّهْرِ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: أُتِمَّتْ ظُهْرًا) نَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ فِي ذَلِكَ مَا لَوْ نَقَصَ الْعَدَدُ فِي أَثْنَائِهَا، وَلَمْ يُمْكِنْ حُصُولُهُ فِي الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ كَوْنُهَا جُمُعَةً، وَتَنْقَلِبُ ظُهْرًا لَكِنَّ الْأَفْضَلَ هُنَا اسْتِئْنَافُهَا ظُهْرًا، وَقَلْبُ مَا هُمْ فِيهِ نَفْلًا كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ ع ش فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ إلَخْ) بِخِلَافِ صَلَاة الظُّهْرِ مَثَلًا. اهـ. (قَوْلُهُ: كَالْحَجِّ) فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ مِنْهُ حِينَئِذٍ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ م ر (قَوْلُهُ: اخْتِلَافٌ) حَيْثُ قَالَ: تَارَةً تَبْطُلُ بِإِنْقَاضِ بَعْضِ الْأَرْبَعِينَ، وَتَارَةً لَا تَبْطُلُ إنْ بَقِيَ اثْنَا عَشَرَ، وَتَارَةً لَا تَبْطُلُ إنْ بَقِيَ اثْنَانِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ) لَعَلَّهُ خَصَّهُ لِوُقُوعِ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فِيهِ (قَوْلُهُ: كَغَيْرِهَا مِنْ الْفَرَائِضِ) هَذَا مُسْتَنَدُ ذَلِكَ التَّوَهُّمِ، وَلَا يَأْتِي فِي الْخُطْبَةِ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: خِطَّةٍ) الْمُرَادُ بِهَا مَحَلٌّ
لِيُعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ احْتَازَهَا لِيَبْنِيَهَا دَارًا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْمُرَادُ هُنَا مَا بَيْنَ الْأَبْنِيَةِ (مِنْ بَلْدَةٍ وَلَوْ) كَانَتْ مِنْ (سَرَبْ) بِفَتْحِ السِّينِ وَالرَّاءِ أَيْ: بَيْتٍ فِي الْأَرْضِ (أَوْ) مِنْ (قَرْيَةٍ حَتَّى الَّتِي مِنْ الْخَشَبْ) ، أَوْ الْقَصَبِ، أَوْ السَّعَفِ، أَوْ غَيْرِهَا سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدُ، وَالْفَضَاءُ بِخِلَافِ خَارِجِ الْخِطَّةِ الَّذِي يَنْشَأُ مِنْهُ سَفَرُ الْقَصْرِ لِأَنَّهَا لَمْ تَقُمْ فِي عَصْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَالْخَفَاءُ بَعْدَهُ إلَّا فِي دَارِ الْإِقَامَةِ وَبِخِلَافِ الْخِيَامِ، وَإِنْ اسْتَوْطَنَهَا أَهْلُهَا دَائِمًا لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَأْمُرْ الْمُقِيمِينَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ بِهَا، فَإِنَّهُمْ عَلَى هَيْئَةِ الْمُسْتَوْفِزِينَ وَلَوْ انْهَدَمَتْ أَبْنِيَةُ الْخِطَّةِ وَأَقَامُوا عَلَى الْعِمَارَةِ لَزِمَتْهُمْ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فِي مَظَالَّ؛ لِأَنَّهَا وَطَنُهُمْ، وَلَا تَنْعَقِدُ فِي غَيْرِ بِنَاءٍ إلَّا فِي هَذِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْقَرْيَةُ الْأَبْنِيَةُ الْمُجْتَمَعَةُ قَلِيلَةٌ أَوْ كَثِيرَةٌ، فَتَعُمُّ الْبَلَدَ لَكِنْ غَلَبَ عُرْفًا تَخْصِيصُهَا بِالْقَلِيلَةِ، أَوْ الْبَلَدُ بِالْكَثِيرَةِ وَمِنْهُ كَلَامُ الْفُقَهَاءِ
ثَالِثُهَا أَنْ تَجْرِيَ (غَيْرُ مُقَارِنٍ، وَ) لَا (مَسْبُوقٍ رَا تَحْرِيمَهَا بِمِثْلِهِ) أَيْ: بِرَاءِ تَحْرِيمِهَا (مِنْ) جُمُعَةٍ (أُخْرَى) بِبَلْدَتِهَا، فَلَوْ سَبَقَتْ إحْدَاهُمَا بِالرَّاءِ، وَالْأُخْرَى بِالْهَمْزَةِ، فَالسَّابِقَةُ الْأُولَى وَهِيَ الصَّحِيحَةُ دُونَ الْمَسْبُوقَةِ، وَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ مَعَهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَالْخُلَفَاءَ بَعْدَهُ لَمْ يُقِيمُوا سِوَى جُمُعَةٍ وَاحِدَةٍ؛ وَلِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْوَاحِدَةِ أَفْضَى إلَى الْمَقْصُودِ مِنْ إظْهَارِ شِعَارِ الِاجْتِمَاعِ وَاتِّفَاقِ الْكَلِمَةِ، وَلَوْ دَخَلَتْ طَائِفَةٌ فِي
ــ
[حاشية العبادي]
وَأَحْرَمَ، بِالْجُمُعَةِ دَاخِلَ الْخِطَّةِ أَرْبَعُونَ مُقْتَدُونَ، بِهِ، فَهَلْ تَصِحُّ الْجُمُعَةُ، أَوْ أَحْرَمَ أَرْبَعُونَ، بِالْجُمُعَةِ فِي قَرْيَتِهِمْ مُقْتَدِينَ، بِإِمَامٍ جُمُعَةً أُخْرَى تُقَامُ، بِقَرْيَةٍ أُخْرَى، بِقُرْبِ قَرْيَتِهِمْ عَلَى، وَجْهٍ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ لِقُرْبِ الْمَسَافَةِ، وَعَدَمِ الْحَائِلِ، فَهَلْ تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ فِي الصُّورَتَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ عِنْدِي صِحَّتُهَا فِيهِمَا (قَوْلُهُ: مَا بَيْنَ الْأَبْنِيَةِ) يَتَّجِهُ أَنَّهُ إذَا تَوَقَّفَ تَرَخُّصُ الْخَارِجِ مِنْ الْقَرْيَةِ عَلَى مُجَاوَزَةِ مَطْرَحِ الرَّمَادِ، وَمَلْعَبِ الصِّبْيَانِ أَنْ تَصِحَّ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ، وَإِنْ خَرَجَ عَنْ الْأَبْنِيَةِ سم (قَوْلُهُ: مَا بَيْنَ الْأَبْنِيَةِ) بَلْ، وَنَفْسُ الْأَبْنِيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَرَبْ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْخِطَّةُ الَّتِي تَجْرِي فِيهَا سَرَبًا لَكِنَّهُ، وَقَفَ عَلَيْهِ، بِلُغَةِ رَبِيعَةَ، وَهَذَا يُوَافِقُ قَوْلَ شَيْخِنَا الظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَاهُ، وَلَوْ كَانَتْ إقَامَتُهَا فِي سَرَبٍ تَحْتَ الْأَرْضِ مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ، فَعُرِفَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إقَامَتُهَا عَلَى، وَجْهِ الْأَرْضِ قَالَ: وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ صَحِيحٌ أَيْضًا، وَلَكِنَّ هَذَا أَحْسَنُ. اهـ.
، فَلْيُتَأَمَّلْ. سم (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ) أَيْ: مُجْتَمِعَةً مِنْ بُيُوتٍ تَحْتَ الْأَرْضِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ اسْمَ كَانَ ضَمِيرُ الْبَلْدَةِ، وَعَلَى هَذَا كَانَ يُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ لَفْظَةِ مِنْ، وَجَعْلُ الْخَبَرِ لَفْظَ سَرَبٍ، وَالْوَقْفُ عَلَيْهِ، بِلُغَةِ رَبِيعَةَ أَيْ: وَلَوْ كَانَتْ الْبَلْدَةُ سَرَبًا أَيْ: بُيُوتًا تَحْتَ الْأَرْضِ، فَتَأَمَّلْ. وَعَلَى ذِكْرِ مِنْ، فَالْمَعْنَى مُجْتَمِعَةٌ مِنْ سَرَبٍ سم (قَوْلُهُ: أَوْ قَرْيَةٍ) عَطْفٌ عَلَى بَلْدَةٍ، وَحَذَفَ هُنَا قَوْلَهُ، وَلَوْ سَرَبْ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ، وَفِي عِبَارَةِ الْعِرَاقِيِّ إشْعَارٌ، بِذَلِكَ، فَلْيُتَأَمَّلْ. سم (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فِي مَظَالَّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَهَذَا يُخَالِفُ مَا لَوْ نَزَلُوا مَكَانًا، وَأَقَامُوا فِيهِ لِيَعْمُرُوهُ قَرْيَةً لَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ فِيهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ فِي الْحَالَيْنِ. اهـ.، وَقَوْلُهُ: قَبْلَ الْبِنَاءِ هَلْ الْمُرَادُ مُطْلَقُ الْبِنَاءِ، أَوْ مَا يَصْلُحُ لِلسُّكْنَى فِيهِ نَظَرٌ
(قَوْلُهُ: أَفْضَى إلَى الْمَقْصُودِ إلَخْ.) قَدْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشِّعَارَ مَعَ الِاتِّحَادِ أَتَمُّ، فَيُخَالِفُ مَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الْجَمَاعَةِ مِنْ عَكْسِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُجَابَ، بِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا شِعَارُ الِاجْتِمَاعِ، وَهُنَاكَ شِعَارُ الصَّلَاةِ، فَتَأَمَّلْ.
ــ
[حاشية الشربيني]
مَعْدُودٌ مِنْ الْبَلَدِ بِأَنْ لَمْ يَجُزْ لِمُرِيدِ السَّفَرِ مِنْهَا الْقَصْرُ فِيهِ. اهـ. حَجَرٌ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ هُنَا مَا بَيْنَ الْأَبْنِيَةِ) أَيْ: لَا حَقِيقَةُ الْخِطَّةِ الَّتِي هِيَ الْأَرْضُ الْمَذْكُورَةُ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ وُجُودُ أَبْنِيَةٍ فِيهَا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: مَا بَيْنَ الْأَبْنِيَةِ) الْمَدَارُ عَلَى كَوْنِ مَوْضِعِهَا لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ أَبْنِيَةٍ، بِأَنْ كَانَ بِطَرَفِ بِنَاءِ بَلْدَةٍ طَرَفُهَا الْآخَرُ أَطْوَلُ تَأَمَّلْ، وَالتَّعْبِيرُ بِالْأَبْنِيَةِ لِلْغَالِبِ فَلَوْ كَانَ بِنَاءٌ وَاحِدٌ كَثُرَ أَهْلُهُ صَحَّتْ مِنْهُمْ. اهـ. م ر، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَنْهَجِ بِخِطَّةِ أَبْنِيَةٍ أَيْ: فِي بُقْعَةٍ تُنْسَبُ إلَى تِلْكَ الْأَبْنِيَةِ فَتُفِيدُ الْإِضَافَةُ اشْتِرَاطَ عَدَمِ تَغَرُّقِ الْأَبْنِيَةِ بِحَيْثُ لَا تُنْسَبُ الْبُقْعَةُ إلَيْهَا ثُمَّ قَالَ السُّبْكِيُّ إذَا عُدَّ خَطٌّ مِنْ الْقَرْيَةِ عُرْفًا، فَيَنْبَغِي صِحَّةُ الْجُمُعَةِ فِيهِ، وَإِنَّ الْفَصْلَ عَنْ بَقِيَّةِ عُمْرَانِهَا، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ نَصُّ الشَّافِعِيِّ. اهـ. وَفِي الرَّوْضَةِ أَنَّهَا تَجُوزُ فِي فَضَاءٍ مَعْدُودٍ مِنْ خِطَّةِ الْبَلَدِ اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ بَلْدَةٍ) الْبَلْدَةُ بُيُوتٌ كَثِيرَةٌ مُجْتَمِعَةٌ بِحَيْثُ تُسَمَّى بَلْدَةً وَاحِدَةً، وَالْقَرْيَةُ بُيُوتٌ قَلِيلَةٌ كَذَلِكَ. اهـ. م ر وَحَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ) أَيْ: الْخِطَّةُ أَوْ الْبَلْدَةُ مِنْ سَرَبٍ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ سَمَّاهُ بِنَاءً مَجَازًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَأَقَامُوا عَلَى الْعِمَارَةِ) إخْرَاجُ مَا إذَا لَمْ يَقْصِدُوا شَيْئًا سم، وَفِي ع ش خِلَافُهُ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَأَقَامُوا) أَيْ أَهْلُهَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَامَ غَيْرُهُمْ عَلَى عِمَارَتِهَا، وَالْمُرَادُ بِالْأَهْلِ مَا يَعُمُّ أَوْلِيَاءَهُمْ، وَلَوْ أَقَامُوهُمْ عَلَى عَدَمِ الْعِمَارَةِ، إذْ الْعِبْرَةُ بِنْيَةُ الْكَامِلِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْعِمَارَةِ) فِي ق ل، أَوْ عَلَى عَدَمِ التَّحَوُّلِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدُوا الْعِمَارَةَ فَتَأَمَّلْهُ، وَحَرِّرْهُ. نَعَمْ التَّعْلِيلُ بِأَنَّهَا وَطَنُهُمْ يَقْتَضِيهِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: الْمُجْتَمِعَةُ) أَيْ: عُرْفًا حَجَرٌ
(قَوْلُهُ: وَلَا مَسْبُوقٍ را إلَخْ) أَيْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا جُمُعَةٌ أَنْ لَا تُسْبَقَ فَلَا يُنَافِي صِحَّتَهَا ظُهْرًا فِيمَا لَوْ أُخْبِرُوا بِالسَّبْقِ كَمَا يَأْتِي، أَوْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا مُطْلَقًا أَنْ لَا يُعْلَمَ سَبْقُ جُمُعَةٍ لَهَا، وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ مَعَ نِيَّةِ الْجُمُعَةِ جُمُعَةً، وَلَا ظُهْرًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا مَسْبُوقٍ را إلَخْ) أَيْ: مِنْ تَحَرُّمِ الْإِمَامِ فَالْمُعْتَبَرُ سَبْقُ تَحَرُّمِهِ
الْجُمُعَةِ فَأُخْبِرُوا أَنَّ طَائِفَةً سَبَقَتْهُمْ بِهَا اُسْتُحِبَّ لَهُمْ اسْتِئْنَافُ الظُّهْرِ وَلَهُمْ إتْمَامُ الْجُمُعَةِ ظُهْرًا كَمَا لَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُمْ فِيهَا وَاعْتُبِرَ رَاءُ التَّحْرِيمِ لِأَنَّهُ حَالَةٌ تُبَيِّنُ الِانْعِقَادَ، فَلَا اعْتِبَارَ بِسَبْقِ الْخُطْبَةِ، وَالسَّلَامِ وَزَادُوا إيضَاحًا لِقَوْلِ الْحَاوِي: غَيْرُ مَسْبُوقٍ، وَلَا مُقَارَنٍ تَحَرُّمِهَا بِتَحَرُّمِ أُخْرَى هَذَا (إنْ سَهُلَ الْجَمْعُ) أَيْ: اجْتِمَاعُ أَهْلِ الْخِطَّةِ (بِمَوْضِعٍ) وَاحِدٍ (فَمَعْ عُسْرٍ) فِي اجْتِمَاعِهِمْ (يَجُوزُ جُمُعَتَانِ، أَوْ جُمَعْ) بِحَسَبِ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ دَخَلَ بَغْدَادَ وَأَهْلُهَا يُقِيمُونَ جُمُعَتَيْنِ بِهَا وَقِيلَ: ثَلَاثًا، فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ، فَحَمَلَهُ الْأَكْثَرُ عَلَى عُسْرِ الِاجْتِمَاعِ وَعَلَيْهِ جَرَى الشَّيْخَانِ كَالْإِمَامِ وَالرُّويَانِيِّ فِي الْحِلْيَةِ قَالَ: وَلَا نَصَّ فِيهِ لِلشَّافِعِيِّ، وَلَا يَحْتَمِلُ مَذْهَبُهُ غَيْرَ هَذَا.
وَأَقُولُ، بَلْ فِيهِ نَصٌّ لَهُ ظَاهِرُهُ الْمَنْعُ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ، وَهُوَ، وَلَا يُجْمَعُ بِمِصْرٍ، وَإِنْ عَظُمَ وَكَثُرَتْ مَسَاجِدُهُ إلَّا بِمَسْجِدٍ وَاحِدٍ وَأَفْتَى بِظَاهِرِهِ شَيْخُنَا حَافِظُ عَصْرِهِ ابْنُ حَجَرٍ وَنَقَلَهُ السُّبْكِيُّ، ثُمَّ قَالَ: إلَّا أَنَّهُ بَعِيدٌ، ثُمَّ انْتَصَرَ لَهُ بَعْدَهُ وَصَنَّفَ فِيهِ وَقَالَ:
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: اسْتِئْنَافُ الظُّهْرِ) لَعَلَّ مَحَلَّ اسْتِحْبَابِ اسْتِئْنَافِهِ مَا يَلْزَمُ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ إخْرَاجُ بَعْضِهِ مِنْ الْوَقْتِ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْإِتْمَامُ (قَوْلُهُ: إتْمَامُ الْجُمُعَةِ ظُهْرًا) لَعَلَّ مَحَلَّ ذَلِكَ كُلِّهِ مَا لَمْ يُمْكِنْهُمْ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ مِنْ السَّابِقِينَ، وَإِلَّا، فَيَجِبُ قَطْعُ مَا هُمْ فِيهِ، وَالْإِحْرَامُ، بِالْجُمُعَةِ مَعَ السَّابِقِينَ لِتَمَكُّنِهِمْ مِنْ تَحْصِيلِ الْجُمُعَةِ، فَلَيْسَ لَهُمْ تَفْوِيتُهَا، بِإِتْمَامِ مَا هُمْ فِيهِ سم (قَوْلُهُ: هَذَا إنْ سَهُلَ) أَيْ: الِاشْتِرَاطُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: فِي اجْتِمَاعِهِمْ) ، بِمَوْضِعٍ، وَاحِدٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ إلَخْ.) عَلَى الْقَوْلِ، بِمَنْعِ التَّعَدُّدِ مُطْلَقًا لَعَلَّ الشَّافِعِيَّ صَلَّى الظُّهْرَ، وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى الْجُمُعَةَ تَقْلِيدًا لِلْمُجَوِّزِ؛ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا، أَوْ لَعَلَّهُ كَانَ هُنَاكَ سَبْقٌ، وَصَلَّى مَعَ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ:، وَأَفْتَى، بِظَاهِرِهِ إلَخْ.) مَا الْحُكْمُ عَلَى هَذَا إذَا اسْتَحَالَ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَإِنْ تَأَخَّرَ تَحَرُّمُ الْمَأْمُومِينَ عَنْ تَحْرِيمِ إمَامِ الْأُخْرَى، وَالْمُقْتَدِينَ بِهِ. اهـ.
مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ: فَأُخْبِرُوا إلَخْ) أَيْ: بَعْدَ سَلَامِ تِلْكَ الطَّائِفَةِ، وَإِلَّا، وَجَبَ عَلَيْهِمْ الْإِحْرَامُ بِإِمَامِهَا مَتَى أَمْكَنَهُمْ إدْرَاكُ الْإِحْرَامِ مَعَهُ، وَلَوْ أَخَّرَ صَلَاتَهُ؛ لِأَنَّ الْيَأْسَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالسَّلَامِ قَالَهُ شَيْخُنَا. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: اُسْتُحِبَّ لَهُمْ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِفَسَادِ إحْرَامِهِمْ بِسَبْقِ غَيْرِهِمْ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ وَهُوَ إشْكَالٌ قَوِيٌّ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ ظَنَّ الصِّحَّةِ عِنْدَ إحْرَامِهِمْ كَافٍ فِي الصِّحَّةِ، وَيَكْفِي فِي الْفَسَادِ عَدَمُ صِحَّتِهَا جُمُعَةً، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ إحْرَامَهُمْ كَانَ بَاطِلًا فَالْوَجْهُ لُزُومُ الِاسْتِئْنَافِ. اهـ. ق ل وَقَدْ يُؤَيَّدُ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعِبَادَةِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَظَنِّ الْمُكَلَّفِ لَكِنَّ الْمَسْأَلَةَ فِي الرَّوْضَةِ كَمَا فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ:، وَلَهُمْ إتْمَامُ الْجُمُعَةِ ظُهْرًا) هَلْ، وَلَوْ كَانَ الْإِخْبَارُ بَعْدَ سَلَامِهِمْ، وَقَصْرِ الْفَصْلِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَفِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ مَا يُفِيدُهُ فَحَرِّرْهُ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ سَابِقًا، وَلَوْ تَسْلِيمَةَ مَسْبُوقٍ كَالصَّرِيحِ فِيهِ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ، وَهُمْ فِيهَا) أَيْ: وَكَانَ الْإِحْرَامُ بِهَا فِي، وَقْتٍ يَسَعُهَا يَقِينًا، أَوْ ظَنًّا، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافُهُ، وَإِلَّا تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْإِحْرَامِ بِهَا، وَلَا تَنْقَلِبُ ظُهْرًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: سَبْقِ الْخُطْبَةِ) قِيلَ: بِهِ. اهـ. رَوْضَةٌ (قَوْلُهُ: وَالسَّلَامِ) قِيلَ: بِهِ رَوْضَةٌ (قَوْلُهُ: فَمَعَ عُسْرِ اجْتِمَاعِهِمْ) أَيْ بِمَحَلٍّ مِنْ الْبَلَدِ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مَسْجِدٍ بِأَنْ لَا يَكُونَ بِالْبَلَدِ مَوْضِعٌ مُتَّسِعٌ، وَلَوْ زَرِيبَةً مَثَلًا ع ش، وَكَتَبَ شَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ رحمه الله مَا نَصُّهُ نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الشَّنَوَانِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَكَانُ صَالِحًا لِلِاجْتِمَاعِ فِيهِ فَلْتُحَرَّرْ الصَّلَاحِيَّةُ. اهـ.، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ عَدَمُ الِاحْتِشَامِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَمَعَ مُعْسِرٍ) أَيْ: عُسْرِ اجْتِمَاعِ الْحَاضِرِينَ بِالْفِعْلِ م ر سم، وَمِثْلُهُ ز ي فَإِنَّهُ قَالَ الْعِبْرَةُ بِمَنْ حَضَرَ بِالْفِعْلِ، وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ، وَقَالَ الرَّمْلِيُّ كَحَجَرٍ الْعِبْرَةُ بِمَنْ يَغْلِبُ حُضُورُهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ الْعِبْرَةُ بِمَنْ تَلْزَمُهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ الْعِبْرَةُ بِمَنْ تَصِحُّ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ، وَمِنْ صُوَرِ جَوَازِ التَّعَدُّدِ بَعْدَ طَرَفَيْ الْبَلَدِ بِحَيْثُ تَحْصُلُ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَضَبَطَ الشَّرْقَاوِيُّ الْبُعْدَ بِأَنْ يَكُونَ مَنْ بِطَرَفِهَا لَا يَبْلُغُهُمْ الصَّوْتُ بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ. اهـ. وَنَقَلَ سم عَلَى التُّحْفَةِ عَنْ م ر أَنَّ الْمَدَارَ لِجَوَازِ التَّعَدُّدِ الْمَشَقَّةُ الَّتِي لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً، وَلَوْ كَانَ بِمَحَلٍّ يَسْمَعُ مِنْهُ النِّدَاءَ بِخِلَافِ أَصْلِ الْوُجُوبِ فَإِنَّهُ تَجِبُ عَلَى مَنْ يَسْمَعُ النِّدَاءَ خَارِجَ الْبَلَدِ، وَلَوْ مَعَ تِلْكَ الْمَشَقَّةِ، وَأَمَّا مَنْ بِالْبَلَدِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ النِّدَاءَ، وَأَظُنُّ م ر قَيَّدَهُ بِمَا إذَا كَانَ يُدْرِكُهَا لَوْ سَارَ إلَيْهَا بَعْدَ الْفَجْرِ فَرَاجِعْهُ هَذَا، وَقَدْ ضَبَطُوا أَعْذَارَ الْجَمَاعَةِ بِمَا يُذْهِبُ الْخُشُوعَ، أَوْ كَمَالَهُ، وَقَالُوا: مَا يُمْكِنُ مِنْهَا فِي الْجُمُعَةِ يَكُونُ عُذْرًا لِإِسْقَاطِهَا فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ عُذْرًا لِجَوَازِ التَّعَدُّدِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ) هَذَا لَا يُفِيدُ إلَّا لَوْ ذَهَبُوا إلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَالْمُجْتَهِدُ لَا يُنْكِرُ عَلَى مُجْتَهِدٍ آخَرَ تَدَبَّرْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّوْضَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّعَدُّدُ بِحَالٍ مَا نَصُّهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُنْكِرْ الشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ اجْتِهَادِيَّةٌ، وَلَيْسَ لِلْمُجْتَهِدِ أَنْ يُنْكِرَ عَلَى الْمُجْتَهِدِينَ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ جَرَى الشَّيْخَانِ) قَالَ م ر يُسَنُّ فِعْلُ الظُّهْرِ لِمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ مِنْ السَّابِقِينَ، أَوْ أَنَّ التَّعَدُّدَ لِحَاجَةٍ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَ التَّعَدُّدَ مُطْلَقًا. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ، وزي لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ مَا ظَنَّهُ حَاصِلًا نَعَمْ إنْ تَيَقَّنَ مَا ذُكِرَ سُنَّ فِعْلُ الظُّهْرِ فِي الثَّانِيَةِ فَقَطْ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ الْمَنْعُ) إنَّمَا عَبَّرَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ بِمَا إذَا وَسِعَ النَّاسَ مَوْضِعٌ وَاحِدٌ، وَسَاعَدَ عَلَيْهِ
إنَّهُ الصَّحِيحُ مَذْهَبًا وَدَلِيلًا وَنَقَلَهُ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَأَنْكَرَ نِسْبَةَ الْأَوَّلِ لِلْأَكْثَرِ قَالَ: وَقَدْ انْقَرَضَ عَصْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ، وَلَا تَعَدُّدَ مَعَ كَثْرَةِ الْخَلْقِ وَلَمْ أَحْفَظْ عَنْ صَحَابِيٍّ، وَلَا تَابِعِيٍّ تَجْوِيزَ ذَلِكَ قَالَ: وَتَحْرِيمُ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَعَلَى مَنْعِ التَّعَدُّدِ رَتَّبَ النَّاظِمُ قَوْلَهُ: (وَلِالْتِبَاسٍ سَابِقٍ) بَعْدَ الْعِلْمِ بِعَيْنِهِ يَجِبُ (عَلَيْهِمْ ظُهْرٌ) ، فَإِنَّهُ قَدْ صَحَّتْ جُمُعَةٌ عَلَى التَّعْيِينِ، فَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَى الْجَمِيعِ لِعَدَمِ خُرُوجِ وَاحِدَةٍ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ عَنْ الْعُهْدَةِ إذْ لَيْسَ فِيهِمَا مَنْ تَتَيَقَّنُ صِحَّةُ جُمُعَتِهِ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْفَرْضِ (وَتُسْتَأْنَفُ) الْجُمُعَةُ فِي الْوَقْتِ (إنْ لَمْ يُعْلَمْ) السَّابِقُ مُعَيَّنًا بِأَنْ عُلِمَتْ الْمُقَارَنَةُ، أَوْ السَّبْقُ بِلَا تَعْيِينٍ، أَوْ لَمْ تُعْلَمْ مُقَارَنَةٌ، وَلَا سَبْقٌ لِتَدَافُعِهَا فِي الْأُولَى وَعَدَمِ إجْزَاءِ الْمَأْتِيِّ بِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَاحْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ فِي الثَّالِثَةِ (قُلْت: إذَا لَمْ يُدْرَ بِالسَّبْقِ، وَلَا بِالِاقْتِرَانِ) وَهِيَ الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ (فَالْإِمَامُ اسْتَشْكَلَا بَرَاءَةً) لِذِمَّةٍ (بِجُمُعَةٍ) مُسْتَأْنَفَةٍ (إذْ) وَفِي نُسْخَةٍ إذَا (احْتَمَلْ سَبْقٌ) لِإِحْدَاهُمَا عَلَى (الْأُخْرَى، فَلَا تَصِحُّ) جُمُعَةٌ (أُخْرَى) لِسَبْقِ جُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ (فَلْيُقَلْ فِي هَذِهِ) الصُّورَةِ: (إنَّ السَّبِيلَ) أَيْ: الطَّرِيقَ (الْمُبْرِي) لِلذِّمَّةِ (إقَامَةُ الْجُمُعَةِ) لِاحْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ (ثُمَّ الظُّهْرِ) لِاحْتِمَالِ السَّبْقِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مُسْتَحَبٌّ وَالْوَاجِبُ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُقُوعِ جُمُعَةٍ مُجْزِئَةٍ فِي حَقِّ كُلِّ طَائِفَةٍ قَالَ غَيْرُهُ:؛ وَلِأَنَّ السَّبْقَ إذَا لَمْ يُعْلَمْ، أَوْ يُظَنَّ لَمْ يُؤَثِّرْ احْتِمَالُهُ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ إلَى عِلْمِ الْمُكَلَّفِ، أَوْ ظَنِّهِ لَا إلَى نَفْسِ الْأَمْرِ (أَمَّا مَعَ) تَيَقُّنِ (السَّبْقِ، وَلَا تَعَيُّنَا) وَهِيَ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ (فَفِي الْوَسِيطِ) لِلْغَزَالِيِّ (اخْتَارَ مَا اخْتَارَ) الْحَاوِي (هُنَا) ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِنَظَائِرِهَا كَنِكَاحَيْ الْوَلِيَّيْنِ حَيْثُ أَبْطَلُوهُمَا فِي هَذِهِ كَالْأُخْرَيَيْنِ.
(وَ) لَكِنْ (الْأَظْهَرُ) كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَكُتُبِ النَّوَوِيِّ، وَ (الْأَقْيَسُ) كَمَا فِي الْكَبِيرِ عَنْ الْأَصْحَابِ (أَنْ يُصَلُّوا ظُهْرًا وَقَدْ صَحَّحَ هَذَا الْجُلُّ) أَيْ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لِصِحَّةٍ وَاحِدَةٍ بَاطِنًا وَإِنَّمَا لَمْ تَبْرَأْ ذِمَّتُهُ لِلْإِشْكَالِ وَأَدْرَجَ فِي الْمِصْبَاحِ هَذِهِ فِي قَوْلِ الْحَاوِي: وَإِنْ الْتَبَسَ السَّابِقُ صَلَّوْا ظُهْرًا، فَيُوَافِقُ الْأَصَحَّ إذَنْ وَرَدَّهُ الْقُونَوِيُّ بِأَنَّ الِالْتِبَاسَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالتَّعْيِينِ وَالرَّازِيِّ بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْحَاوِي فِي الْعُجَابِ، فَهُوَ تَفْسِيرٌ لِلْكَلَامِ وَبِمَا لَا يُرِيدُهُ الْمُتَكَلِّمُ وَبَقِيَ صُورَةٌ خَامِسَةٌ وَهِيَ أَنْ يُعْلَمَ سَبْقُ إحْدَاهُمَا، وَلَا يُلْتَبَسَ، فَهِيَ الصَّحِيحَةُ كَمَا عُلِمَ مِنْ صَدْرِ الْكَلَامِ
رَابِعُهَا أَنْ تَجْرِيَ (جَمَاعَةً) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ فِعْلُهَا فُرَادَى وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ الْجَمَاعَةِ فِي قَوْلِهِ: وَجُمُعَةٌ بِرَكْعَةِ الِاكْتِفَاءِ بِالْجَمَاعَةِ فِي رَكْعَةٍ
ــ
[حاشية العبادي]
اتِّسَاعُ مَحَلٍّ، وَاحِدٍ لِلْجَمِيعِ هَلْ تَسْقُطُ عَمَّنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَحَلًّا فِي مَوْضِعِ إقَامَتِهَا، وَلَمْ يُمْكِنْهُ رَبْطُ صَلَاتِهِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ، بِصَلَاتِهِمْ (قَوْلُهُ: بِعَيْنِهِ) أَيْ: السَّابِقِ (قَوْلُهُ: يَجِبُ عَلَيْهِمْ ظُهْرًا)(فَرْعٌ)
حَيْثُ، وَجَبَ الظُّهْرُ بَعْدَ فِعْلِ الْجُمُعَةِ صَلَّى سُنَّتَهُ الْقَبْلِيَّةَ، وَالْبَعْدِيَّةَ، وَلَا يُصَلِّي سُنَّةَ الْجُمُعَةِ الْبَعْدِيَّةَ، بِخِلَافِ الْقَبْلِيَّةَ يُصَلِّيهَا، وَإِنْ احْتَمَلَ عَدَمُ إجْزَائِهِ لِاحْتِمَالِ إجْزَائِهَا، بِتَبَيُّنِ السَّبْقِ م ر، وَحَيْثُ لَمْ يَجِبْ الظُّهْرُ لِإِجْزَاءِ الْجُمُعَةِ سُنَّ الظُّهْرِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَ التَّعَدُّدَ مُطْلَقًا م ر (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا، وَجَبَ) أَيْ: الظُّهْرُ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ إجْزَاءِ الْمَأْتِيِّ، بِهِ فِي الثَّانِيَةِ) قَدْ تُشْكِلُ الثَّانِيَةُ، بِقَوْلِهِ السَّابِقِ، وَلِالْتِبَاسِ إلَخْ. إلَّا أَنْ يُجَابَ، بِأَنَّهُ لَمْ يَتَّصِفْ الْمَأْتِيُّ بِهِ هُنَا، بِالْإِجْزَاءِ فِي الظَّاهِرِ مُطْلَقًا، وَعَلَى التَّصْحِيحِ الْآتِي لَا إشْكَالَ لِيَحْتَاجَ لِلْجَوَابِ (قَوْلُهُ: لِسَبْقِ جُمُعَةٍ إلَخْ.) هَذَا مَوْجُودٌ فِي الثَّانِيَةِ، بِالْأَوْلَى، فَهُوَ أَحَقُّ، بِإِشْكَالِ الْإِمَامِ لَكِنْ لَا يَأْتِي هُنَا قَوْلُهُ: إقَامَةُ الْجُمُعَةِ لِاحْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ لِعَدَمِ احْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ، فَلَعَلَّ قِيَاسَ مَا قَالَهُ الِاقْتِصَارُ هُنَا عَلَى الظُّهْرِ (قَوْلُهُ: لِسَبْقِ جُمُعَةٍ) أَيْ: عَلَى الِاحْتِمَالِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ أَبْطَلُوهُمَا فِي هَذِهِ) أَيْ الصُّورَةِ
(قَوْلُهُ: فِي رَكْعَةٍ) أَيْ: فِي رَكْعَتِهِ الْأُولَى، وَلَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ، فَاقْتَدَى، بِهِ نَاوِيًا الْجُمُعَةَ، فَقَامَ الْإِمَامُ إلَى ثَالِثَةٍ، وَعَلِمَ الْمَأْمُومُ أَنَّ قِيَامَهُ لِتَذَكُّرِ رُكْنٍ، أَوْ الشَّكِّ فِيهِ، فَصَلَّى مَعَهُ هَذِهِ الثَّالِثَةَ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إنْ انْتَظَرَ الْمَأْمُومُونَ فِي التَّشَهُّدِ حَتَّى أَتَى، بِرَكْعَةٍ، فَإِنْ سَلَّمُوا عَقِبَ قِيَامِهِ لِلثَّالِثَةِ، فَهَلْ تَحْصُلُ الْجُمُعَةُ لِذَلِكَ الْمُقْتَدَى بِهِ الْمَذْكُورِ يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَاعِدَةُ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ، وَاَلَّذِي نَفَاهُ الرُّويَانِيُّ هُوَ النَّصُّ أَيْ: مَا لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَأَنْكَرَ إلَخْ) لَكِنْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنَّ الْأَوَّلَ هُوَ مَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ تَصْرِيحًا، وَتَعْرِيضًا (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ تُعْلَمْ مُقَارَنَةٌ، وَلَا سَبْقٌ) هَذَا هُوَ الْوَاقِعُ الْآنَ فِي مِصْرَ فَمُقْتَضَى مَا هُنَا وُجُوبُ اسْتِئْنَافِ الْجُمُعَةِ لَكِنَّ الْيَأْسَ مِنْ اسْتِئْنَافِهَا بِحَسَبِ الْعَادَةِ حَاصِلٌ، فَيَجُوزُ كَمَا قَالَهُ م ر إعَادَةُ الظُّهْرِ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ كَمَا لَوْ كَانَ بِالْبَلَدِ أَرْبَعُونَ اطَّرَدَتْ عَادَتُهُمْ بِعَدَمِ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ فَإِنْ قُلْت مُقْتَضَى وُجُوبِ الِاسْتِئْنَافِ عِنْدَ الشَّكِّ أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ حَالَ الْإِحْرَامِ امْتَنَعَ الْإِحْرَامُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّا لَا نُحَرِّمُ بِالشَّكِّ مِنْ تَيَقُّنِ الْوُجُوبِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ مُقَارَنَةِ الْمُبْطِلِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي حَاشِيَةِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ فَانْظُرْهُ، وَقَوْلُ م ر، فَيَجُوزُ إلَخْ أَيْ يَجِبُ؛ لِأَنَّ مَا جَازَ بَعْدَ امْتِنَاعٍ، وَجَبَ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَعَ تَيَقُّنِ السَّبْقِ) يَنْبَغِي وِفَاقًا ل م ر أَنَّ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ بِالْقَرَائِنِ كَالْمُبَادَرَةِ
فَكَأَنَّهُ قَالَ هُنَا: شَرْطُ الْجُمُعَةِ أَنْ تَجْرِيَ كُلُّهَا، أَوْ رَكْعَةٌ مِنْهَا فِي جَمَاعَةٍ وَشَرْطُ الْجَمَاعَةِ فِيهَا كَشَرْطِهَا فِي غَيْرِهَا مِنْ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ وَالْعِلْمِ بِانْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ وَعَدَمِ التَّقَدُّمِ عَلَيْهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ الْجَمَاعَةِ نَعَمْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ فِيهَا نِيَّةُ الْجَمَاعَةِ بِخِلَافِهِ فِي غَيْرِهَا كَمَا مَرَّ ثَمَّةَ
خَامِسُهَا أَنْ تَجْرِيَ (بِأَرْبَعِينَ) رَجُلًا، وَلَوْ بِالْإِمَامِ فِي كُلٍّ مِنْ الْخُطْبَةِ، وَالْجُمُعَةِ لِخَبَرِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ بِنَا فِي الْمَدِينَةِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ قَبْلَ مَقْدِمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ فِي نَقِيعِ الْخَضِمَاتِ وَكُنَّا أَرْبَعِينَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ بِالْمَدِينَةِ وَكَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: قَالَ أَصْحَابُنَا: وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ الْأُمَّةَ أَجْمَعُوا عَلَى اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ، وَالْأَصْلُ الظُّهْرُ، فَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ إلَّا بِعَدَدٍ ثَبَتَ فِيهِ تَوْقِيفٌ وَقَدْ ثَبَتَ جَوَازُهَا بِأَرْبَعِينَ وَثَبَتَ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَلَمْ تَثْبُتْ صَلَاتُهُ لَهَا بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، فَلَا تَجُوزُ بِأَقَلَّ مِنْهُ قَالَ: وَأَمَّا خَبَرُ انْفِضَاضِهِمْ، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا اثْنَا عَشَرَ، فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ ابْتِدَاءَهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ، بَلْ يُحْتَمَلُ عَوْدُهُمْ أَوْ عَوْدُ غَيْرِهِمْ مَعَ سَمَاعِهِمْ أَرْكَانَ الْخُطْبَةِ، وَفِي مُسْلِمٍ «انْفَضُّوا فِي الْخُطْبَةِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «انْفَضُّوا فِي الصَّلَاةِ» وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْخُطْبَةِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ اشْتِرَاطُ الْجَمَاعَةِ، وَلَا الْعَكْسُ لِانْفِكَاكِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ أَمَّا الْعَدَدُ، فَلِأَنَّهُ قَدْ يَحْضُرُ أَرْبَعُونَ مِنْ غَيْرِ جَمَاعَةٍ، وَأَمَّا الْجَمَاعَةُ؛ فَلِأَنَّهَا الِارْتِبَاطُ الْحَاصِلُ بَيْنَ صَلَاتَيْ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ، وَهُوَ لَا يَسْتَدْعِي عَدَدَ الْأَرْبَعِينَ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ (مُؤْمِنَا) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِيمَانَ شَرْطٌ فِي كُلِّ صَلَاةٍ، وَالْقَصْدُ ذِكْرُ الْمُخْتَصِّ بِالْجُمُعَةِ (كُلِّفَ حُرًّا ذَكَرًا مُسْتَوْطِنَا) بِبَلَدِ الْجُمُعَةِ أَيْ:(لَا يَظْعَنُ الْإِنْسَانُ مِنْهُمْ) شِتَاءً، وَلَا صَيْفًا (إلَّا لِحَاجَةٍ) كَتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ، فَلَا تَنْعَقِدُ بِالْكُفَّارِ، وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ، وَالْعَبِيدِ وَالْمُبَعَّضِينَ، وَالنِّسَاءِ وَالْخَنَاثَى لِنَقْصِهِمْ، وَلَا بِغَيْرِ الْمُسْتَوْطِنِينَ كَمَنْ أَقَامَ عَلَى عَزْمِ عَوْدِهِ إلَى بَلَدِهِ بَعْدَ مُدَّةٍ وَلَوْ طَوِيلَةً كَالْمُتَفَقِّهَةِ وَالتُّجَّارِ لِعَدَمِ التَّوَطُّنِ، وَلَا بِالْمُسْتَوْطَنَيْنِ خَارِجَ بَلَدِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ سَمِعُوا النِّدَاءَ لِعَدَمِ الْإِقَامَةِ بِبَلَدِهَا وَمِنْ ثَمَّ اُشْتُرِطَ تَقَدُّمُ إحْرَامِ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِمْ لِتَصِحَّ لِغَيْرِهِمْ لِأَنَّهُ تَبَعٌ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي، وَلَا يُنَافِيهِ صِحَّتُهَا لَهُ إذَا كَانَ إمَامًا فِيهَا مَعَ تَقَدُّمِ إحْرَامِهِ؛ لِأَنَّ تَقَدُّمَ إحْرَامِ الْإِمَامِ ضَرُورِيٌّ، فَاغْتُفِرَ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ النَّاظِمِ أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ الصِّحَّةُ، فَتَنْعَقِدُ بِالْمَرْضَى لِكَمَالِهِمْ وَإِنَّمَا لَمْ تَلْزَمْهُمْ تَخْفِيفًا
ضَابِطُ النَّاسِ
ــ
[حاشية العبادي]
مَا قِيلَ فِيمَا لَوْ سَلَّمَ الْقَوْمُ مِنْ الْجُمُعَةِ، وَقَامَ الْمَسْبُوقُ لِيَأْتِيَ، بِالرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، فَاقْتَدَى آخَرُ فِيهَا، فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَخْ.) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا كَلَا مَخْصُوصٍ، بِغَيْرِ الْجَمَاعَةِ، بِقَرِينَةِ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ إلَخْ) أَيْ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ، وَنَوَى غَيْرَهَا
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْإِيمَانَ شَرْطٌ فِي كُلِّ صَلَاةٍ) أُجِيبَ، بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُفِيدُ اشْتِرَاطَهُ فِي الصَّلَاةِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ اشْتِرَاطَهُ فِي الْخُطْبَةِ أَيْضًا، فَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْمَجَانِينَ) لَا حَاجَةَ لِإِخْرَاجِهِمْ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَخْتَصُّ، بِالْجُمُعَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ هُوَ قَرِيبًا بِرّ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ اُشْتُرِطَ تَقَدُّمُ إلَخْ.) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَدَمَ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ، وَاحْتَجَّ، بِجَوَازِ تَقَدُّمِ إحْرَامِ الْإِمَامِ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَمَنَعَ مَا أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ عَنْ ذَلِكَ، بِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى إمَامَةِ هَذَا الْإِمَامِ، فَضْلًا عَنْ تَقَدُّمِ إحْرَامِهِ، فَلْيُتَأَمَّلْ. فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ: يَكْفِي فِي الْجَوَابِ أَنَّ مِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ الِاحْتِيَاجَ إلَيْهِ تَقَدَّمَ إحْرَامُهُ، فَلَا نَظَرَ لِلْأَفْرَادِ الْخَاصَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ صِحَّتُهَا لَهُ) أَيْ: لِغَيْرِهِمْ
ــ
[حاشية الشربيني]
أَوَّلَ الْوَقْتِ أَنَّ جُمُعَتَهُ سَابِقَةٌ لَمْ يُقَارِنْهَا شَيْءٌ مِمَّا يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ أَنْ تُجْزِئَهُ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافُ الْجُمُعَةِ، وَلَا الظُّهْرِ. اهـ.
لَكِنْ سُنَّ صَلَاةُ الظُّهْرِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَ التَّعَدُّدَ مُطْلَقًا م ر (قَوْلُهُ: أَنْ يُعْلَمَ) أَوْ يُظَنَّ م ر كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ
(قَوْلُهُ: عَلَى الْإِمَامِ فِيهَا إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ، وَاجِبَةً عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِأَرْبَعِينَ) ، وَإِذَا كَانَ الْإِمَامُ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ جَازَ أَنْ يَكُونَ مُسَافِرًا، وَعَبْدًا، وَمُحْرِمًا بِصُبْحٍ، وَمَقْصُورَةٍ، وَصَبِيًّا، وَمُتَنَفِّلًا، وَمَجْهُولَ الْحَدَثِ، وَإِلَّا فَلَا فَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ مُحْدِثًا تَمَّتْ لَهُمْ إنْ زَادَ لِوُجُودِ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مُتَطَهِّرًا، وَبَعْضُهُمْ مُحْدِثٌ فَتَصِحُّ لَهُ، وَلِلْمُتَطَهِّرَيْنِ مِنْ الْمُقْتَدِينَ، وَإِنْ كَانَ الْمُحْدِثُ مِنْ الْأَرْبَعِينَ، وَاسْتِشْكَالُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْإِمَامِ بِأَنَّ الْعَدَدَ شَرْطٌ، وَلِهَذَا اُشْتُرِطَ فِي عَكْسِهِ فَكَيْفَ تَصِحُّ مَعَ فَوَاتِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَفُتْ، بَلْ وُجِدَ، وَاحْتُمِلَ فِيهِ حَدَثُهُمْ لِأَنَّهُ مُبْتَدِعٌ، وَيَصِحُّ إحْرَامُهُ مُنْفَرِدًا فَاغْتُفِرَ لَهُ مَعَ عُذْرِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ لِلْمُتَطَهِّرِ الْمُؤْتَمِّ بِهِ فِي الثَّانِيَةِ تَبَعًا. اهـ. شَرْحٌ فِي الرَّوْضِ بِاخْتِصَارٍ (قَوْلُهُ: بِأَرْبَعِينَ) قَالَ الْأَصْبَحِيُّ إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ إنَّمَا شُرِعَتْ لِمُبَاهَاةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِعَدَدٍ، وَأَوْلَى الْأَعْدَادِ مَا أَظْهَرَ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَهُوَ الْأَرْبَعُونَ. اهـ. نَاشِرِيٌ (قَوْلُهُ: بِأَرْبَعِينَ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: نَقَلَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ قَوْلًا عَنْ الْقَدِيمِ أَنَّهَا تَنْعَقِدُ بِثَلَاثَةٍ إمَامٍ، وَمَأْمُومَيْنِ، وَلَمْ يُثْبِتْهُ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالْإِمَامِ) رُدَّ لِقَوْلٍ آخَرَ لِلشَّافِعِيِّ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَرْبَعُونَ غَيْرَ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ الظُّهْرُ) فَالْجُمُعَةُ خِلَافُ الْأَصْلِ يُتْبَعُ فِيهَا مَا وَرَدَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ ثَبَتَ إلَخْ) هَذَا هُوَ التَّوْقِيفُ الْمُثْبِتُ لِلْجَوَازِ، وَبَقِيَ الْوُجُوبُ أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ: وَثَبَتَ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْخُطْبَةِ) يَحْتَاجُ إلَى أَنَّهُ لَمْ يَفُتْهُمْ شَيْءٌ مِنْ أَرْكَانِ الْخُطْبَتَيْنِ أَوْ فَاتَهُمْ، وَأُعِيدَ بَعْدَ رُجُوعِهِمْ، وَهُوَ مَا سَبَقَ فِي قَوْلِهِ: بَلْ يُحْتَمَلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مُسْتَوْطِنًا إلَخْ)، وَفِي الْمُقِيمِ فَقَطْ خِلَافُ الْأَصَحِّ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ. اهـ. رَوْضَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَجَانِينَ) ذَكَرَهُ لِتَتْمِيمِ الْمَفْهُومِ فَقَطْ، وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ كَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ اُشْتُرِطَ إلَخْ) سَيَأْتِي