الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزَّمَخْشَرِيّ وَقَالَ مَالِكٌ: هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ وَتَالِيَاهُ فَتَالِيَاهُ عِنْدَهُ مِنْ الْمَعْلُومَاتِ، وَالْمَعْدُودَاتِ وَهَذَا مَرْوِيٌّ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَيَانِ: هِيَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَتَالِيَاهُ وَقَالَ عَلِيٌّ فِي رِوَايَةٍ هِيَ: يَوْمُ النَّحْرِ، وَالثَّلَاثَةُ بَعْدَهُ، وَفِي أُخْرَى هِيَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَالثَّلَاثَةُ بَعْدَهُ وَهَذِهِ مَرْوِيَّةٌ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى هِيَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَالنَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: هِيَ، وَالْمَعْدُودَاتُ وَاحِدٌ وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَاحْتَجَّ لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ عَلَى مَا فِي الْبَيَانِ بِقَوْلِهِ: تَعَالَى {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} [الحج: 28] الْآيَةَ أَرَادَ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ فِيهَا التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبْحِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ فِي جَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ وَعَلَى قَوْلِنَا لَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مِنْهَا وَهُوَ يَوْمُ النَّحْرِ وَاحْتَجَّ أَئِمَّتُنَا بِمَا مَرَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَوَّلًا، وَبِأَنَّ اخْتِلَافَ الْأَسْمَاءِ يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَافِ الْمُسَمَّيَاتِ فَاخْتِلَافُ الْمَعْلُومَاتِ، وَالْمَعْدُودَاتِ فِي الِاسْمِ يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَافِهِمَا فِي الْمَعْنَى وَعَلَى قَوْلِ الْمُخَالِف يَتَدَاخَلَانِ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ وَأَجَابُوا عَنْ الْآيَةِ بِأَنَّهَا لَا تَقْتَضِي وُجُوبَ الذَّبْحِ فِي جَمِيعِ الْمَعْلُومَات بَلْ يَكْفِي وُجُودُهُ فِي آخِرِهَا، وَهُوَ يَوْمُ النَّحْرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا} [نوح: 16] ؛ إذْ لَيْسَ نُورُهُ فِي جَمِيعِهَا بَلْ فِي بَعْضِهَا وَبِأَنَّ الْمُرَادَ بِالذِّكْرِ فِي الْآيَةِ الذِّكْرُ عَلَى الْهَدَايَا وَنَحْنُ نَسْتَحِبُّ لِمَنْ رَأَى هَدْيًا، أَوْ شَيْئًا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ أَنْ يُكَبِّرَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(بَابُ الْبَيْعِ)
يُطْلَقُ الْبَيْعُ عَلَى أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: قَسِيمُ الشِّرَاءِ، وَهُوَ الَّذِي يُشْتَقُّ مِنْهُ لِمَنْ صَدَرَ عَنْهُ لَفْظُ الْبَائِعِ وَحْدَهُ نَقْلُ مِلْكٍ بِثَمَنٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ، وَالشِّرَاءُ قَبُولُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ لَفْظَ كُلٍّ مِنْهُمَا يَقَعُ عَلَى الْآخَرِ تَقُولُ الْعَرَبُ: بِعْت بِمَعْنَى شَرَيْت وَبِالْعَكْسِ قَالَ تَعَالَى {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} [يوسف: 20] وَقَالَ {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} [البقرة: 102] وَيُقَالُ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ: بَائِعٌ وَبَيْعٌ وَمُشْتَرٍ وَشَارٍ، الثَّانِي الْعَقْدُ الْمُرَكَّبُ مِنْ الْإِيجَابِ، وَالْقَبُولِ وَهَذَا مُرَادُهُمْ بِالتَّرْجَمَةِ، وَهُوَ لُغَةً: مُقَابَلَةُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ قَالَ الشَّاعِرُ
مَا بِعْتُكُمْ مُهْجَتِي إلَّا بِوَصْلِكُمْ
…
وَلَا أُسَلِّمُهَا إلَّا يَدًا بِيَدِ
وَشَرْعًا: مُقَابَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] وَقَوْلِهِ: {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ: «سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ فَقَالَ: عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ، وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَخَبَرُ «إنَّمَا
ــ
[حاشية العبادي]
لِلتَّشْرِيقِ إضَافَتُهَا إلَيْهِ فِي الْعِبَارَةِ فَيُقَالُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ
(كِتَابُ الْبَيْعِ)(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ لَفْظَ كُلٍّ مِنْهُمَا يُطْلَقُ عَلَى الْآخَرِ إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ كَلَامُهُ بِحَسَبِ الشَّرْعِ، وَالِاصْطِلَاحِ فَلَا يَصِحُّ إثْبَاتُ أَنَّ لَفْظَ كُلٍّ يُطْلَقُ عَلَى الْآخَرِ بِقَوْلِ الْعَرَبِ مَا ذُكِرَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ إذْ لَا يَثْبُتُ الشَّرْعُ، وَالِاصْطِلَاحُ بِقَوْلِ الْعَرَبِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَإِنْ كَانَ كَلَامُهُ بِحَسَبِ اللُّغَةِ أَشَكَلَ قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ؛ لِأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى مَا يُعْتَبَرُ شَرْعًا فِي الْبَيْعِ وَذَلِكَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي اللُّغَةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْكَوْنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ مُعْتَبَرَاتٍ خَاصَّةً تَثْبُتُ اعْتِبَارُهَا لُغَةً أَيْضًا لَا يُقَالُ: مَا قَبْلَ الْعِلَاوَةِ بِالْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ، وَالْعِلَاوَةِ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْعِلَاوَةُ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا قَبْلِهَا وَإِذَا كَانَ كُلٌّ بِاعْتِبَارِ مَعْنًى لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِدْرَاكُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: قَالَ تَعَالَى: {وَشَرَوْهُ} [يوسف: 20] أَيْ بَاعُوهُ إلَخْ) دَلِيلٌ عَلَى الْعَكْسِ. (قَوْلُهُ: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا} [البقرة: 102] أَيْ: بَاعُوا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: الْبَيْعُ بِالْمَعْنَى الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْعَقْدُ الْمَذْكُورُ هَذَا صَرِيحُ صَنِيعِهِ وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ قَوْلُهُ: مُقَابَلَةُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ وَقَوْلُهُ: مُقَابِلَةُ مَالٍ بِمَالٍ؛ إذْ الْمُقَابَلَةُ لَا تَصْدُقُ عَلَى الْعَقْدِ فَكَانَ الْمُوَافِقُ عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ الْمُقَابَلَةَ، وَقَدْ يُجْعَلُ كَلَامُهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: ذُو مُقَابَلَةٍ.
(قَوْلُهُ: مُقَابَلَةُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ) أَيْ: مَا يُقْصَدُ بِهِ التَّبَادُلُ عَادَةً لَا نَحْوُ سَلَامٍ بِسَلَامٍ أَوْ قِيَامٍ بِقِيَامٍ فَلَا يُسَمَّى ذَلِكَ بَيْعًا لُغَةً كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَإِنْ جَرَى فِي تَدْرِيبِهِ عَلَى إطْلَاقِهِ ش ع. (قَوْلُهُ: وَكُلٌّ بَيْعٌ مَبْرُورٌ)
ــ
[حاشية الشربيني]
إلَخْ أَرَادَ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ فِيهَا التَّسْمِيَةَ عَلَى النَّحْرِ وَهُوَ فِي ثَلَاثَةٍ: النَّحْرِ، وَتَالِيَيْهِ فَصَدَقَ ذِكْرُ اللَّهِ فِي جَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ بِخِلَافِهِ عَلَى مَا عِنْدَنَا مِنْهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مِنْهَا وَهُوَ يَوْمُ النَّحْرِ وَاحْتَجَّ أَئِمَّتُنَا بِمَا مَرَّ إلَخْ وَهِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الشَّرْحِ؛ إذْ لَا دَلَالَةَ فِي الْآيَةِ لِأَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّ ذِكْرَ اسْمِ اللَّهِ عَلَى الذَّبْحِ عِنْدَهُ لَيْسَ فِي جَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ لِخُرُوجِ يَوْمِ عَرَفَةَ تَدَبَّرْ
[بَابُ الْبَيْعِ]
(بَابُ الْبَيْعِ)(قَوْلُهُ: عَلَى أَمْرَيْنِ) بَقِيَ ثَالِثٌ يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَيْضًا وَهُوَ الْعَلَقَةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَهُوَ الْمُرَادُ فِي نَحْوِ قَوْلِك: أَجَزْت الْبَيْعَ وَفَسَخْته؛ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ إجَازَةُ نَفْسِ الْعَقْدِ، أَوْ فَسْخُهُ. اهـ. سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ وَق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: نَقْلُ مِلْكٍ) إنَّمَا خَصَّ الْأَوَّلَ بِنَقْلِ الْمِلْكِ مَعَ أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الشِّرَاءِ لِلْمُثَمَّنِ وَحِينَئِذٍ فَقَبُولُ ذَلِكَ النَّقْلِ مَوْجُودٌ فِي الْبَيْعِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ أَصَالَةً إنَّمَا هُوَ الْمَبِيعُ فَاعْتُبِرَ فِيهِ التَّمْلِيكُ، وَالتَّمَلُّكُ دُونَ الثَّمَنِ. اهـ. شَيْخُنَا ذ. (قَوْلُهُ: فَقَالَ عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَسْتِوَاؤُهُمَا فِي الْأَفْضَلِيَّةِ وَهُوَ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ
الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ.
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِلْغَزَالَيَّ: وَأَرْكَانُ الْبَيْعِ ثَلَاثَةٌ: صِيغَةٌ، وَعَاقِدٌ، وَمَعْقُودٌ عَلَيْهِ وَاخْتَارَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهَا شُرُوطٌ لَهُ قَالَ: لِأَنَّ الْمُعَاطَاةَ بَيْعٌ عِنْدَ جَمَاعَةٍ، وَلَا صِيغَةٌ وَلِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا لِتَدْخُلَ صُورَةُ الْبَيْعِ فِي الْوُجُودِ فَلْيُعَدَّ الزَّمَانُ، وَالْمَكَانُ وَنَحْوُهُمَا مِنْ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ أَرْكَانًا، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَصَوُّرِهَا لِيُتَصَوَّرَ الْبَيْعُ فَلْيُخْرَجْ الْعَاقِدُ، وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ؛ إذْ الْبَيْعُ فِعْلٌ وَمَوْرِدُ الْفِعْلِ وَفَاعِلُهُ لَا يَدْخُلَانِ فِي حَقِيقَتِهِ وَلِهَذَا لَمْ يُعَدَّ الْمُصَلِّي، وَالْحَاجُّ رُكْنَيْنِ فِي الصَّلَاةِ، وَالْحَجِّ، وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ بَيْعَ الْمُعَاطَاةِ بِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ مُسْتَثْنًى عَلَى أَنَّ إيرَادَهُ لَازِمٌ بِتَقْدِيرِ جَعْلِ الثَّلَاثَةِ شُرُوطًا أَيْضًا، وَعَنْ الثَّانِي بِاخْتِيَارِ الشِّقِّ الْأَوَّلِ مِنْهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُعَدَّ الزَّمَانُ، وَالْمَكَانُ وَنَحْوُهُمَا؛ لِعَدَمِ اخْتِصَاصِهَا بِالْبَيْعِ وَبِاخْتِيَارِ الثَّانِي، وَلَا يُرَادُ بِالرُّكْنِ مَا تَرَكَّبَ حَقِيقَةُ الشَّيْءِ مِنْهُ، وَمِنْ غَيْرِهِ لِيَلْزَمَ أَنْ يَكُونَ مَوْرِدُ الْفِعْلِ وَفَاعِلُهُ دَاخِلَيْنِ فِي حَقِيقَةِ الْبَيْعِ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ مَا لَا بُدَّ لِلشَّيْءِ مِنْهُ فِي وُجُودِ صُورَتِهِ عَقْلًا، إمَّا لِدُخُولِهِ فِي حَقِيقَتِهِ، أَوْ اخْتِصَاصِهِ بِهِ فَخَرَجَ الشَّرْطُ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي وُجُودِ صُورَتِهِ شَرْعًا، وَالزَّمَانُ، وَالْمَكَانُ وَنَحْوُهُمَا لِمَا مَرَّ.
وَأَمَّا الْمُصَلِّي، وَالْحَاجُّ فَالْكَلَامُ فِيهِمَا كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: مُنْدَرِجٌ فِي الْكَلَامِ فِيمَنْ تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ، وَالْحَجُّ فَأَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِمَا فِي الْمَاهِيَّةِ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: لَيْسَ الْكَلَامُ فِي مُطْلَقِ ذِكْرِهِمَا بَلْ فِي ذِكْرِهِمَا رُكْنَيْنِ وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ فِيمَا ذُكِرَ وَيُجَابُ بِأَنَّ ظَاهِرَ سِيَاقِ مَا ذُكِرَ أَنَّهُمَا ذَكَرَا رُكْنَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ وَالنَّاظِمُ كَأَصْلِهِ لَمَّا رَأَى فِي عَدِّ الثَّلَاثَةِ أَرْكَانًا مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ عَبَّرَ بِمَا يَحْتَمِلُ الْأَرْكَانَ، وَالشُّرُوطَ مُبْتَدِئًا كَغَيْرِهِ بِالصِّيغَةِ؛ لِأَنَّهُمْ أَهَمُّ
ــ
[حاشية العبادي]
أَيْ: لَا غِشَّ فِيهِ وَلَا خَدِيعَةَ. (قَوْلُهُ: قَالَ: لِأَنَّ الْمُعَاطَاةَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْغَزَالِيِّ أَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ: هِيَ الْعَاقِدُ، وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَصِيغَةُ الْعَقْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا لِوُجُودِ صُورَةِ الْعَقْدِ. اهـ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَك أَنْ تَبْحَثَ فَنَقُولُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا لِتَدْخُلَ صُورَةُ الْبَيْعِ فِي الْوُجُودِ فَالزَّمَانُ، وَالْمَكَانُ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْأُمُورِ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ فَوَجَبَ أَنْ تُعَدَّ أَرْكَانًا، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهَا فِي الذِّهْنِ لِيُتَصَوَّرَ الْبَيْعُ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ، وَالْعَاقِدَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ فِعْلٌ، وَالْفَاعِلُ لَا يَدْخُلُ فِي حَقِيقَةِ الْفِعْلِ أَلَا تَرَى أَنَّا إذَا عَدَّدْنَا أَرْكَانَ الصَّلَاةِ، وَالْحَجِّ لَمْ نُعِدَّ الْمُصَلِّيَ، وَالْحَاجَّ فِي جُمْلَتِهَا؟ ، وَكَذَلِكَ مَوْرِدُ الْفِعْلِ بَلْ الْأَشْبَهُ أَنَّ الصِّيغَةَ أَيْضًا لَيْسَتْ جُزْءًا مِنْ حَقِيقَةِ فِعْلِ الْبَيْعِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَنْتَظِمُ أَنْ يُقَالَ: هَلْ الْمُعَاطَاةُ بَيْعٌ أَمْ لَا؟ وَيُجِيبُ عَنْهُ مَسْئُولٌ بِلَا وَآخَرُ بِنَعَمْ. اهـ. كَلَامُ الرَّافِعِيِّ قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ: وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الشَّارِحَ تَصَرَّفَ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَأَنَّ الْمُعَاطَاةَ لَمْ يُورِدْهَا الرَّافِعِيُّ إلَّا عَلَى الشِّقِّ الثَّانِي وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إيرَادُهَا عَلَى الرَّافِعِيِّ مِنْ حَيْثُ الشُّرُوطُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ) أَيْ بِكَوْنِهَا أَرْكَانًا. (قَوْلُهُ: وَالْمَكَانَ وَنَحْوَهُمَا) كَالْإِرَادَةِ. (قَوْلُهُ: وَمُورِدُ الْفِعْلِ) أَيْ: الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَفَاعِلُهُ) أَيْ الْعَاقِدُ. (قَوْلُهُ: لَازِمُ هَذَا مَمْنُوعٌ) وَإِنَّمَا يَكُونُ لَازِمًا لَوْ اسْتَشْهَدَ الرَّافِعِيُّ بِالْمُعَاطَاةِ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الصِّيغَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا اسْتَشْهَدَ بِصِحَّةِ الِاخْتِلَافِ فِي أَنَّهَا بَيْعٌ، أَوْ لَا عَلَى أَنَّ الصِّيغَةَ لَيْسَتْ جُزْءًا مِنْ حَقِيقَةِ فِعْلِ الْبَيْعِ؛ إذْ لَوْ كَانَتْ جُزْءًا مَا صَحَّ الِاخْتِلَافُ؛ إذْ مَعَ فَوَاتِ جُزْءِ الشَّيْءِ لَا يُتَصَوَّرُ اخْتِلَافٌ فِي أَنَّ الْبَاقِيَ ذَلِكَ الشَّيْءُ.
(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ اخْتِصَاصِهَا) فِيهِ أَنَّ الْعَاقِدَ، وَالْمَعْقُودَ عَلَيْهِ أَيْضًا غَيْرُ مُخْتَصَّيْنِ بِالْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: مَا لَا بُدَّ لِلشَّيْءِ مِنْهُ فِي وُجُودِ صُورَتِهِ عَقْلًا) لِقَائِلٍ أَنْ يَبْحَثَ فِيهِ بِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ مَا يَتَوَقَّفُ تَصَوُّرُ الشَّيْءِ عَلَيْهِ وَجَبَ خُرُوجُ الْعَاقِدِ، وَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لِمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَلَمْ يَصِحَّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ اخْتِصَاصُهُ بِهِ) وَأَمَّا يَتَوَقَّفُ تَحَقُّقُهُ عَلَيْهِ فَهَذَا يُنَافِي اخْتِيَارَ الثَّانِي الَّذِي بَنَى عَلَيْهِ هَذَا الْكَلَامَ فَتَأَمَّلْهُ سم. (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ الشَّرْطُ) لَك أَنْ تَقُولَ: هَذَا الْمُخْرِجُ لِلشَّرْطِ مُخْرِجٌ لِلصِّيغَةِ بِرّ. (قَوْلُهُ: أَوْ اخْتِصَاصُهُ بِهِ) يَرِدُ الْعَاقِدُ، وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ ظَاهِرَ إلَخْ) فِيهِ
ــ
[حاشية الشربيني]
لِغَيْرِهِمَا وَغَيْرِ الزِّرَاعَةِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِأَنْفُسِهِمَا فَهُمَا مُتَفَاوِتَانِ، فَإِنَّ أَفْضَلَ طُرُقِ الْمَكَاسِبِ الزِّرَاعَةُ وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْهَا بِيَدِهِ، ثُمَّ عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ، ثُمَّ التِّجَارَةُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا أَهَمُّ إلَخْ) قَدْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْلَا الْخِلَافُ اسْتَحَقَّ الْعَاقِدُ، وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ التَّقَدُّمَ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ لَيْسَ الْمَقْصُودُ تَقَدُّمَ ذَاتِ الْعَاقِدِ إلَّا بَعْدَ اتِّصَافِ كَوْنِهِ عَاقِدًا وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ كَذَلِكَ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِالصِّيغَةِ. اهـ. م ر بِالْمَعْنَى
لِلْخِلَافِ فِيهَا ثُمَّ بِالْعَاقِدِ، ثُمَّ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لِتَقَدُّمِ الْفَاعِلِ عَلَى الْمَفْعُولِ طَبْعًا فَقَالَ:(وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ إذَا لَمْ يَكُ ضِمْنِيًّا بِإِيجَابِ) مِنْ الْبَائِعِ وَقَبُولٍ مِنْ الْمُشْتَرِي كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مَنُوطًا بِالرِّضَا لِمَا مَرَّ، وَالرِّضَا أَمْرٌ خَفِيٌّ؛ لِأَنَّهُ مَيْلُ النَّفْسِ فَاعْتُبِرَ لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ (وَذَا) أَيْ الْإِيجَابُ (كَبِعْتُ) أَوْ (مَلَّكْتُ) ، أَوْ (شَرَيْتُكَ) بِمَعْنَى بِعْتُك أَوْ هَذَا مَبِيعٌ مِنْك، أَوْ أَنَا بَائِعُهُ لَك، أَوْ نَحْوُهُمَا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَغَيْرُهُ بَحْثًا قِيَاسًا عَلَى الطَّلَاقِ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ.
وَكَذَا (اشْتَرِ) مِنِّي فَإِنَّهُ اسْتِدْعَاءٌ جَازِمٌ فَقَامَ مَقَام الْإِيجَابِ؛ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الرِّضَا، بِخِلَافِ أَتَشْتَرِي مِنِّي؟ أَوْ اشْتَرَيْته مِنِّي؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ اسْتِبَانَةٍ لِرَغْبَةِ الْمُشْتَرِي. وَنَبَّهَ بِزِيَادَتِهِ الْكَافَ أَوَّلَ الْأَمْثِلَةِ عَلَى عَدَمِ الْحَصْرِ فِيهَا وَفِيمَا سَيَأْتِي مِنْ نَعَمْ وَلَفْظِ الْهِبَةِ فَيَكْفِي غَيْرُهَا كَلَفْظِ الْمُصَارَفَةِ، وَالتَّوْلِيَةِ، وَالتَّشْرِيكِ، وَالتَّعْوِيضِ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَبْوَابِهَا وَبِزِيَادَتِهِ كَافَ شَرَيْتُك عَلَى اعْتِبَارِ الْخِطَابِ فِي الْإِيجَابِ وَإِسْنَادِ الْإِيجَابِ لِجُمْلَةِ الْمُخَاطَبِ، فَلَا يَكْفِي بِعْت
ــ
[حاشية العبادي]
نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: طَبْعًا فِيهِ) بَحْثٌ؛ لِأَنَّ شَرْطَ التَّقَدُّمِ الطَّبِيعِيّ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُتَقَدِّمُ عِلَّةً فِي وُجُودِ الْمُتَأَخِّرِ، وَالْعَاقِدُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَاقِدٌ عِلَّةٌ فِي وُجُودِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ، وَالتَّقَدُّمُ هُنَا لَيْسَ إلَّا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِطَبْعًا مَعْنًى عَقْلًا سم. (قَوْلُهُ: أَوْ مَلَكْت) مَحَلُّ صَرَاحَتِهِ إنْ ذَكَرَ مَعَهُ الْعِوَضَ فَإِنْ نَوَى كَانَ كِنَايَةً ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الذَّخَائِرِ وَرَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الثَّمَنَ رُكْنٌ فِي الْبَيْعِ وَلَمْ يُوجَدْ حَالَ الْعَقْدِ وَاتِّفَاقُهُمَا عَلَى نِيَّةِ ذِكْرِهِ إنْ كَانَ قَبْلَ مُوَاطَأَتِهِمَا عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ يَصِيرُ الْعِوَضُ مَجْهُولًا، وَالْجَهْلُ بِهِ مُبْطِلٌ لِلْبَيْعِ، أَوْ بَعْدَ مُوَاطَأَتِهِمَا فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا، إذَا ذُكِرَ الْعِوَضُ كَأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَا غَالِبَ وَنَوَيَا نَوْعًا بَطَلَ فَأَوْلَى إذَا نَوَيَا الْعِوَضَ مِنْ أَصْلِهِ. اهـ. قِيلَ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ إنْ قُلْنَا بِأَنَّ نِيَّةَ الثَّمَنِ لَا تَكْفِي فِي الْكِنَايَةِ قُلْت: وَقَضِيَّةُ هَذَا كَرَدِّ الزَّرْكَشِيّ الْمَذْكُورِ أَنَّ مُرَادَ الذَّخَائِرِ بِذِكْرِ الْعِوَضِ مَعَهُ ذِكْرُهُ فِي الْعَقْدِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْإِيجَابِ، أَوْ فِي الْقَبُولِ وَبِنِيَّتِهِ خُلُوُّ الْعَقْدِ عَنْ ذِكْرِهِ مُطْلَقًا، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى نِيَّتِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهَا بِذِكْرِهِ مَعَهُ ذِكْرُهُ مَعَهُ فِي جَانِبِهِ حَتَّى إذَا خَلَّا جَانِبُهُ عَنْهُ كَانَ كِنَايَةً، وَإِنْ ذَكَرَ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ بِأَنْ تَقَدَّمَ الْجَانِبُ الْآخَرُ كَمَا أَنَّ بَقِيَّةَ الْكِنَايَاتِ لَا تَصِيرُ صَرِيحَةً بِذِكْرِ الْعِوَضِ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ وَإِنْ تَخَالَفَا فِي أَنَّ بَقِيَّةَ الْكِنَايَاتِ لَا تَصِيرُ صَرِيحَةً بِذِكْرِ الْعِوَضِ فِي جَانِبِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَبِزِيَادَةٍ إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ؛ إذْ زِيَادَةُ الْكَافِ إنَّمَا تُنَبِّهُ عَلَى ذَلِكَ لَوْ لَمْ يُعَارِضْهَا إسْقَاطُهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْأَمْثِلَةِ الدَّالُّ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ فَقَدْ يُعْكَسُ وَيُقَالُ فِي إسْقَاطِهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْأَمْثِلَةِ تَنْبِيهٌ عَلَى عَدَمِ الِاعْتِبَارِ. (قَوْلُهُ: فِي الْإِيجَابِ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ فِي الْقَبُولِ وَإِنْ تَقَدَّمَ كَاشْتَرَيْتُ هَذَا بِكَذَا، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْك فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: فِي الْإِيجَابِ) ظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ الْخِطَابِ فِي الْإِيجَابِ، وَإِنْ وُجِدَ فِي الْقَبُولِ الْمُتَقَدِّمِ كَاشْتَرَيْتُهُ مِنْك بِكَذَا وَفِي النَّاشِرِيِّ وَقَوْلُهُ: أَعْطِنِي هَذَا بِعَشَرَةٍ فَقَالَ: أَعْطَيْت كَانَ بَيْعًا كَمَا هُوَ فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ. اهـ. وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا صَرَّحَ بِالْخِطَابِ فِي أَعْطَيْتُك إنْ اعْتَبَرْنَا الْخِطَابَ فِي الْإِيجَابِ، وَإِنْ وُجِدَ فِي الْإِيجَابِ الْمُتَقَدِّمِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي بِعْت) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ بَعْدَ قَوْلِ الْمُشْتَرِي لَهُ بِعْت هَذَا بِكَذَا. اهـ. فَهَلْ مَحَلُّ عَدَمِ الصِّحَّةِ، إذَا كَانَ قَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي مَا ذُكِرَ، إذَا لَمْ يَقْبَلْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ؛ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: الْآتِي فِي مَسْأَلَةِ نَعَمْ وَبِمَا إذَا كَانَ مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخِرِ وَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْبَائِعِ بِعْت بَعْدَ قَوْلِ الْمُشْتَرِي مَا ذُكِرَ لَا يَنْقُصُ عَنْ قَوْلِهِ: نَعَمْ بَعْدَ قَوْلِهِ مَا ذُكِرَ، وَمِنْ قَوْلِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا إنْ جَاءَ بِصِيغَةِ الِاسْتِفْهَامِ، وَلَوْ مُقَدَّرًا فَقَالَ: بِسَبْعِينَ، أَوْ بِعْتنِي هَذَا بِكَذَا فَقَالَ: بِعْتُك
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُ ضِمْنِيًّا) بِخِلَافِ الضِّمْنِيِّ لَا يَحْتَاجُ لِلْإِيجَابِ، وَالْقَبُولِ بَلْ التَّصْرِيحُ بِهِمَا يُفْسِدُهُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر ع ش.
(قَوْلُهُ: كَبِعْتُ وَمَلَّكْت) وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ كُلٍّ مِنْ الثَّمَنِ، وَالْمُثَمَّنِ فِي كُلٍّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ عَلَى مَا فِي شَرْحِ م ر وَقَالَ حَجَرٌ وَسم: يُكْتَفَى بِذِكْرِهِمَا فِي جَانِبِ الْمُبْتَدِئِ وَمِثْلُهُمَا خ ط قَالَ سم: فَلَوْ لَمْ يَذْكُرْهُمَا لَمْ يَكْفِ مَا أَتَى بِهِ، لَكِنْ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِمَا يَأْتِي بِهِ الْآخَرُ بَعْدَهُ إذَا كَمَّلَ هُوَ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ قَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْته بِدِينَارٍ فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُكَهُ، أَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي: بِعْنِي هَذَا الْعَبْدَ فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُكَهُ بِدِينَارٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: قَبِلْت انْعَقَدَ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ أَتَى أَحَدُهُمَا بِصِيغَةِ اسْتِفْهَامٍ أَوَّلًا كَأَنْ قَالَ الْبَائِعُ: أَتَشْتَرِي مِنِّي هَذَا بِكَذَا؟ فَقَالَ: اشْتَرَيْته بِهِ فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُك يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ مَا ابْتَدَأَ بِهِ لَاغِيًا فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ:
وَلَا بِعْت يَدَك، أَوْ نِصْفَك، وَلَا بِعْت مُوَكِّلَك بَلْ يَقُولُ: بِعْتُك، أَوْ مَلَّكْتُك، وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ فِي النِّكَاحِ بِأَنْكَحْتُ مُوَكِّلَك بَلْ يَتَعَيَّنُ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ ثَمَّ سَفِيرٌ مَحْضٌ، وَقَدْ لَا يُعْتَبَرُ الْخِطَابُ كَمَا فِي نَعَمْ بِقَرِينَةٍ ذِكْرِهَا بَعْدُ كَأَنْ يَقُولُ الْمُتَوَسِّطُ لِلْبَائِعِ: بِعْت هَذَا بِكَذَا فَيَقُولَ: نَعَمْ، أَوْ بِعْت ثُمَّ يَقُولُ لِلْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت بِكَذَا فَيَقُولُ: نَعَمْ أَوْ اشْتَرَيْت فَيَصِحُّ الْبَيْعُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ؛ لِوُجُودِ الصِّيغَةِ، وَالتَّرَاضِي.
(وَلَوْ) كَانَ الْإِيجَابُ (بِإِنْ) أَيْ: مَعَ إنْ (شِئْتَ) فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ (عَلَى الْمُشْتَهِرِ) فَلَا يَضُرُّ التَّعْلِيقُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَظَاهِرُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ تَقْدِيمِهِ عَلَى الْإِيجَابِ وَتَأْخِيرِهِ عَنْهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ كَنَظَائِرِهِ مِنْ نَحْوِ قَوْلِهِ: إنْ كَانَ هَذَا مِلْكِي فَقَدْ بِعْتُكَهُ وَكَالْإِيجَابِ فِي ذَلِكَ الْقَبُولُ كَأَنْ يَقُولَ: اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا بِكَذَا إنْ شِئْت فَيَقُولَ الْبَائِعُ: بِعْتُك، وَلَوْ قَالَ: اشْتَرَيْته مِنْك بِكَذَا فَقَالَ: بِعْتُك إنْ شِئْت قَالَ الْإِمَامُ: لَا يَصِحُّ؛ لِاقْتِضَاءِ التَّعْلِيقِ وُجُودَ شَيْءٍ بَعْدَهُ وَلَمْ يُوجَدُ فَلَوْ قَالَ بَعْدَهُ: اشْتَرَيْت، أَوْ قَبِلْت لَا يَصِحُّ أَيْضًا؛ إذْ يَبْعُدُ حَمْلُ الْمَشِيئَةِ عَلَى اسْتِدْعَاءِ الْقَبُولِ فَيَتَعَيَّنُ إرَادَتُهَا نَفْسِهَا فَيَكُونُ تَعْلِيقًا مَحْضًا، وَهُوَ مُبْطِلٌ. وَمُقَابِلُ قَوْلِهِ: عَلَى الْمُشْتَهِرِ الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي عَدَمُ الصِّحَّةِ كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ (وَبِقَبُولٍ) أَيْ: إنَّمَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ، وَلَوْ هَزْلًا، فَلَا يَكْفِي الْمُنَابَذَةُ، وَالْمُلَامَسَةُ وَنَحْوُهُمَا كَمَا سَيَأْتِي، وَلَا الْمُعَاطَاةُ، وَلَوْ فِي الْمُحَقَّرَاتِ كَرِطْلِ خُبْزٍ فَيُرَدُّ كُلُّ مَا أُخِذَ بِهَا إنْ بَقِيَ
ــ
[حاشية العبادي]
فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ جَوَابَهُ إيجَابٌ يَفْتَقِرُ إلَى الْقَبُولِ بِاشْتَرَيْتُ، أَوْ نَحْوِهِ فَلَا يَصِحُّ بِدُونِهِ. اهـ. أَوَّلًا وَيُحْمَلُ هَذَا الْآتِي فِي مَسْأَلَةِ نَعَمْ عَلَى مَا إذَا اشْتَمَلَ الِالْتِمَاسُ عَلَى الْإِسْنَادِ لِجُمْلَةِ الْمُلْتَمِسِ، وَالْخِطَابُ كَبِعْتَنِي هَذَا بِكَذَا، وَالِالْتِمَاسُ هُنَا لَيْسَ فِيهِ إسْنَادٌ لِلْجُمْلَةِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَقَوْلِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ الْمَذْكُورِ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَبِاشْتِمَالِ صِيغَةِ الْبَائِعِ الْوَاقِعَةِ بَعْدَ الِالْتِمَاسِ أَعْنِي قَوْلُهُ: بِعْتُك عَلَى الْإِسْنَادِ لِلْجُمْلَةِ مَعَ الْخِطَابِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْوَجْهَ هُوَ الْأَوَّلُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الرَّوْضِ: أَوْ قَالَ الْمُتَوَسِّطُ: بِعْت بِكَذَا فَقَالَ: نَعَمْ وَقَالَ الْآخَرُ: اشْتَرَيْت فَقَالَ: نَعَمْ انْعَقَدَ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا بِعْت يَدَك، أَوْ نِصْفَك) قَدْ يُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ، إذَا لَمْ يَقْصِدْ التَّعْبِيرَ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ مَجَازًا وَإِلَّا كَفَى فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي نَعَمْ) وَكَمَا لَوْ قَامَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ كَبِعْتُ زَيْدًا هَذَا أَوْ الْفُلَانِيَّ وَهُوَ حَاضِرٌ. (قَوْلُهُ: فَيَقُولَ نَعَمْ، أَوْ بِعْت إلَخْ) كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الثَّمَنِ اكْتِفَاءً بِذِكْرِهِ فِي كَلَامِ الْمُتَوَسِّطِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُمَا مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ: بِعْتنِي كَذَا بِكَذَا فَقَالَ: بِعْت فَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْت صَحَّ اكْتِفَاءً بِذِكْرِ الثَّمَنِ فِي كَلَامِ الْمُشْتَرِي أَوَّلًا، وَإِنْ لَمْ يُغْنِ عَنْ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُمَا مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: مَعَ إنْ شِئْت إلَخْ) لَوْ عَلَّقَ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: إنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ أَطْلَقَ ضَرَّ، أَوْ التَّبَرُّكَ فَلَا نَاشِرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ التَّسْوِيَةُ إلَخْ) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ الْفَرْقَ فَيَصِحُّ مَعَ التَّأْخِيرِ دُونَ التَّقْدِيمِ. (قَوْلُهُ: كَنَظَائِرِهِ إلَخْ) فَرَّقَ بِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ أَثْبَتَهُ الشَّرْعُ فَلَا يَضُرُّ ذِكْرُهُ وَيُسْتَثْنَى مَا يَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْحَارِيَةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى اسْتِدْعَاءِ الْقَبُولِ) وَقَدْ سَبَقَ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْبُطْلَانِ هُنَا، وَالصِّحَّةِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: فَيَرُدُّ كُلَّ مَا أَخَذَهُ إلَخْ) هَذَا مِنْ حَيْثُ الِاسْتِنَادِ إلَى هَذَا الْعَقْدِ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَقَدْ لَا يُعْتَبَرُ الْخِطَابُ) لِقِيَامِ نَعَمْ مَقَامَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأَنْ شِئْت) بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ بِغَيْرِهِ وَغَيْرِ إنْ كَانَ مِلْكِي فَقَدْ بِعْتُكَهُ فَإِنَّهُ يَضُرُّ إلَّا فِي الْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَرْعٌ قَالَ: إذَا جَاءَ الْغَدُ فَأَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى أَلْفٍ فَفَعَلَ صَحَّ وَلَزِمَ الْمُسَمَّى وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمَالِكُ: أَعْتِقْهُ عَنْك عَلَى أَلْفٍ إذَا جَاءَ الْغَدُ وَقَبِلَ. اهـ.
وَقَوْلُهُ: فَفَعَلَ صَحَّ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فَصَبَرَ حَتَّى جَاءَ الْغَدُ فَأَعْتَقَهُ عَنْهُ حَكَى صَاحِبُ التَّقْرِيبِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَنْفُذُ الْعِتْقُ عَنْهُ وَيَثْبُتُ الْمُسَمَّى عَلَيْهِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: فَقَبِلَ قَالَ فِي شَرْحِهِ فِي الْحَالِ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ شِئْت) بِخِلَافِ بِعْتُكُمَا إنْ شِئْتُمَا فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَشِيئَتِهِ وَمَشِيئَةِ غَيْرِهِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِإِنْ شِئْت) وَيَتِمُّ الْعَقْدُ حِينَئِذٍ بِقَوْلِ الْمُشْتَرِي: قَبِلْت، أَوْ اشْتَرَيْت لَا بِقَوْلِهِ شِئْت مَا لَمْ يَنْوِ بِهِ الْإِيجَابَ كَمَا فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ النَّاشِرِيُّ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ حَيْثُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ مِنْ الْأُمِّ: إذَا قَالَ: هَذَا لَك بِأَلْفٍ إنْ شِئْت فَشَاءَ كَانَ هَذَا بَيْعًا وَيُحْمَلُ قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: إنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ: بِعْتُك هَذَا إنْ شِئْت فَيَقُولَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْت فَلَوْ قَالَ: شِئْت لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا. اهـ. عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ الْإِيجَابَ. (قَوْلُهُ: وَلَا الْمُعَاطَاةُ)
وَبَدَلُهُ إنْ تَلِفَ كَالْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ؛ إذْ الْفِعْلُ لَا يَدُلُّ بِوَضْعِهِ.
وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْبَغَوِيِّ، وَغَيْرِهِمَا أَنَّهَا تَكْفِي فِيمَا تُعَدُّ فِيهِ بَيْعًا؛ إذْ لَمْ يَثْبُتْ اشْتِرَاطُ لَفْظِ فَيَرْجِعُ لِلْعُرْفِ وَيَصِحُّ عَقْدُ الْأَخْرَسِ بِالْإِشَارَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الطَّلَاقِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: مِنْ زِيَادَتِهِ إذَا لَمْ يَكُ ضِمْنِيًّا الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ كَاِعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِكَذَا، فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِيجَابُ، وَالْقَبُولُ بَلْ يَكْفِي فِيهِ الِالْتِمَاسُ، وَالْجَوَابُ وَيَجُوزُ تَقَدُّمُ لَفْظِ الْمُشْتَرِي عَلَى لَفْظِ الْبَائِعِ كَمَا أَفْهَمَهُ عَطْفُ الْقَبُولِ بِالْوَاوِ: لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مَعَهُ وَمَنَعَ الْإِمَامُ تَقَدُّمَ قَبِلْت؛ إذْ لَا يَنْتَظِمُ الِابْتِدَاءُ بِهِ، وَالْأَوْجَهُ جَوَازُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي نَظِيرِهِ فِي النِّكَاحِ
. (وَكَذَا إنْ بَاعَا) أَيْ: الْوَلِيُّ مِنْ أَبٍ، أَوْ جَدٍّ (مِنْ نَفْسِهِ لِطِفْلِهِ) ، وَإِنْ نَزَلَ (مَتَاعَا، وَالْعَكْسُ) بِأَنْ بَاعَ مِنْ طِفْلِهِ لِنَفْسِهِ، وَكَذَا مِنْ طِفْلِهِ لِطِفْلِهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَنْعَقِدُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ مِنْهُ، وَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا؛ إذْ مَعْنَى التَّحْصِيلِ غَيْرُ مَعْنَى الْإِزَالَةِ وَكَالطِّفْلِ فِي ذَلِكَ الْمَجْنُونُ، وَكَذَا السَّفِيهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِي الْمَالِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَهَذَا إذَا بَلَغَ سَفِيهًا وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ الْحَاكِمُ
(لَا) بِقَبُولٍ (مِنْ وَارِثِ الْمُخَاطَبِ) بِالْإِيجَابِ فَلَوْ مَاتَ الْمُخَاطَبُ بِهِ قَبْلَ قَبُولِهِ فَقَبِلَ وَارِثُهُ لَمْ يَنْعَقِدْ وَخَرَجَ بِوَارِثِهِ وَكِيلُهُ إذَا قَبِلَ فِي حَيَاتِهِ فَفِي الْمَطْلَبِ يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ: إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ يَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ ابْتِدَاءً صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا. وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الصِّحَّةِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْوَكِيلَ كَانَ لَهُ عِنْدَ الْإِيجَابِ وِلَايَةُ الْقَبُولِ وَبِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَقَعُ لَهُ بَلْ لِمُوَكِّلِهِ، بِخِلَافِ الْوَارِثِ فِيهِمَا أَمَّا قَبُولَهُ بَعْدَ مَوْتِ مُوَكِّلِهِ، فَلَا يَصِحُّ
ــ
[حاشية العبادي]
الْفَاسِدِ فَلَوْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا رِضَا صَاحِبِهِ بِبَقَاءِ مَالِهِ عِنْدَهُ تَحْتَ يَدِهِ لَمْ يَجِبْ الرَّدُّ، أَوْ عَلِمَ رِضَاهُ بِانْتِفَاعِهِ بِنَحْوِ أَكْلِهِ، أَوْ لُبْسِهِ جَازَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، لَكِنْ لَا يَتَصَرَّفُ بِنَحْوِ بَيْعِهِ أَوْ هِبَتِهِ عَنْ جِهَةِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ عَنْ جِهَةِ نَفْسِهِ، وَإِنْ عَلِمَ رِضَاهُ م ر (تَنْبِيهٌ)
لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِمَّا يَرَى الْمُعَاطَاةَ كَالْمَالِكِيِّ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَهُ الْعَمَلُ بِاعْتِقَادِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ إلَّا إنْ حَكَمَ عَلَيْهِ بِهِ حَاكِمٌ يَرَى الرَّدَّ وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْآخَرِ الْعَمَلُ بِاعْتِقَادِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ وَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيمَا مَعَهُ بِنَحْوِ بَيْعٍ وَلَا بِنَحْوِ الِانْتِفَاعِ إلَّا إنْ عَلِمَ الرِّضَا فَلْيُتَأَمَّلْ فَلَوْ أَمْسَكَ الْمَالِكِيُّ مَا أَخَذَ عَمَلًا بِاعْتِقَادِهِ وَامْتَنَعَ مِنْ قَبُولِ مَا رَدَّهُ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فَهَلْ لِلشَّافِعِيِّ بَيْعُهُ عَلَى وَجْهِ الظَّفَرِ وَاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ بِمُقْتَضَى اعْتِقَادِهِ؟ لَا يَبْعُدُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ الْقَبُولِ حَيْثُ امْتَنَعَ مِنْ رَدِّ مَا بِيَدِهِ فِيمَا يَظْهَرُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
(قَوْلُهُ: وَبَدَلَهُ إنْ تَلِفَ) ظَاهِرُهُ وُجُوبُ رَدِّ الْبَدَلِ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ الْمَالِكُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ التَّوْبَةِ الْوَاجِبَةِ لِلْخُرُوجِ مِنْ مَعْصِيَةِ هَذَا الْعَقْدِ الْفَاسِدِ نَعَمْ إنْ عَلِمَ، أَوْ ظَنَّ رِضَاهُ بِتَأْخِيرِ رَدِّ الْبَدَلِ فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الرَّدُّ إلَّا بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ وَيُتَّجَهُ أَنْ لَا تَتَوَقَّفَ التَّوْبَةُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْأَصْلُ بَاقِيًا وَعَلِمَ، أَوْ ظَنَّ رِضَاهُ بِبَقَائِهِ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الرَّدُّ إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ وَأَنْ لَا تَتَوَقَّفَ التَّوْبَةُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَيَنْبَغِي حَيْثُ عَلِمَ، أَوْ ظَنَّ الرِّضَا بِبَقَائِهِ، أَوْ بِبَقَاءِ بَدَلِهِ تَحْتَ يَدِهِ أَنْ لَا يَكُونَ عَاصِيًا بِبَقَائِهِ تَحْتَ يَدِهِ فَلَوْ شَكَّ فِي رِضَاهُ بِبَقَائِهِ تَحْتَ يَدِهِ فَهَلْ تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ إلَى الرَّدِّ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ، أَوْ لَا تَجِبُ إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ رِضَاهُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ التَّسْلِيمُ؟ فِيهِ نَظَرٌ (تَنْبِيهٌ)
قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: هَذَا كُلُّهُ فِي الدُّنْيَا، أَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَلَا مُطَالَبَةَ؛ لِطِيبِ النَّفْسِ بِهَا. وَاخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِيهَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ وَأَقَرَّهُ. اهـ. فَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ: لِطِيبِ النَّفْسِ بِهَا عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً فَقَضِيَّتُهُ أَنْ لَا مُطَالَبَةَ فِي الْآخِرَةِ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِجْرَارِ، وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا بِالِاتِّفَاقِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ بَاعَا) يَنْبَغِي تَعَلُّقُهُ بِمَحْذُوفٍ أَيْ: إنَّمَا يَنْعَقِدُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ إنْ بَاعَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: مِنْ أَبٍ، أَوْ جَدٍّ) يَنْبَغِي، أَوْ أُمٍّ بِأَنْ كَانَتْ وَصِيَّةً. (قَوْلُهُ: مِنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ) فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ إذَا وَكَّلَ الْأَبُ، وَكِيلًا لِيَبِيعَ مَالَهُ مِنْ وَلَدِهِ الطِّفْلِ أَعْنِي وَلَدَ الْمُوَكِّلِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْوَكِيلِ لَا تَصْلُحُ لِطَرَفَيْ الْعَقْدِ، فَأَمَّا إذَا وَكَّلَهُ بِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ وَتَوَلَّى الْأَبُ الطَّرَفَ الْآخَرَ فَيَجُوزُ وَيُجْعَلُ كَأَنَّ الْأَبَ يُحَصِّلُهُ بِنَفْسِهِ وَلِسَانُ الْوَكِيلِ كَلِسَانِ الْمُوَكِّلِ. اهـ. بِرّ وَكَذَا يَجُوزُ إذَا وَكَّلَ اثْنَانِ وَاحِدًا فِي طَرَفِ الْآخَرِ فِي الْآخَرِ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا إذَا وَكَّلَ عَنْ نَفْسِهِ، فَإِذَا وَكَّلَ عَنْ الطِّفْلِ فِي طَرَفِهِ وَتَوَلَّى هُوَ طَرَفُهُ، وَلَوْ بِوَكِيلٍ عَنْهُ فَيَصِحُّ أَيْضًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ.
(قَوْلُهُ: وَالْعَكْسُ) كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ يَنْبَغِي رَفْعُهُ عَلَى الِابْتِدَاءِ أَيْ: إنَّمَا يَنْعَقِدُ بِمَا ذُكِرَ
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ) أَيْ: بَيْنَ الْوَارِثِ، وَالْوَكِيلِ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَيَحْرُمُ تَعَاطِيهَا عَلَى الْقَوْلِ بِفَسَادِهَا كَبَقِيَّةِ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ قَالَ حَجَرٌ الْهَيْتَمِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلشَّمَائِلِ: يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ تَحْرِيمِ تَعَاطِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ الْفَاسِدُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الصَّحِيحِ كَالْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ فَإِنَّهَا كَالصَّحِيحَةِ فِي الْعِتْقِ وَتَوَابِعِهِ. (قَوْلُهُ: وَبَدَلَهُ إنْ تَلِفَ) أَيْ: الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ، وَالْقِيمَةَ فِي الْمُتَقَوِّمِ. اهـ. وَقَوْلُنَا: وَالْقِيمَةَ أَيْ: أَقْصَى الْقِيَمِ؛ لِأَنَّهُ يُضْمَنُ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ. اهـ. جَمَلٌ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهَا تَكْفِي فِيمَا بَعْدُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ وَجَمَاعَةٌ الِانْعِقَادَ فِي كُلٍّ أَيْ: بِكُلٍّ مَا يَعُدُّهُ النَّاسُ بَيْعًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ اشْتِرَاطُ لَفْظٍ فَيُرْجَعُ لِلْعُرْفِ كَسَائِرِ الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ. اهـ. فَانْظُرْ هَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا؟ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ تَقَدُّمُ لَفْظِ الْمُشْتَرِي) وَلَوْ كَانَ لَفْظُ نَعَمْ يُفِيدُ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْمُتَوَسِّطِ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ تَقْدِيمُهُ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ جَوَازُهُ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُقْصَدَ بِهِ الْجَوَابُ بَلْ الِابْتِدَاءُ أَوْ يُطْلَقُ. اهـ. سم
(قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ بَاعَ إلَخْ) وَقِيلَ يَكْفِي أَحَدُ اللَّفْظَيْنِ وَقِيلَ: تَكْفِي النِّيَّةُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ قَوِيٌّ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ إنَّمَا اُشْتُرِطَ لِيَدُلَّ عَلَى الرِّضَا وَلَمْ يَتَقَيَّدْ بِهِ. اهـ. اهـ عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: وَكَالطِّفْلِ إلَخْ) فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ لِمُوَلِّيهِ غَيْرِ الرَّشِيدِ كَانَ أَوْلَى.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ الْحَاكِمُ) وَفِي هَذِهِ لَوْ أَقَامَهُ الْحَاكِمُ وَصِيًّا عَلَى وَلَدِهِ لَا يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ كَالْحَاكِمِ هَكَذَا رَأَيْته. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ
(قَوْلُهُ: وَكِيلُهُ) إذَا قَبِلَ فِي
لِانْعِزَالِهِ بِالْمَوْتِ وَخَرَجَ بِهِ أَيْضًا مُوَكِّلُهُ فَيَصِحُّ قَبُولُهُ عَلَى الصَّحِيحِ كَذَا قَالَهُ النَّاشِرِيُّ فِي نُكَتِهِ عَلَى الْحَاوِي وَقَيَّدَهُ بِقَبُولِهِ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَمَا قَالَهُ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ تَفَقُّهِهِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: لَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا وَيُتَّجَهُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا خِلَافٌ مِنْ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ أَوْصَى لِعَبْدٍ فَقَبِلَهُ عَنْهُ سَيِّدُهُ. اهـ. وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي مَسْأَلَتِنَا وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فِيهَا وَفِي مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ فَعِنْدَهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَارِثِ، وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَالْأَوْفَقُ لِمَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ لِلْعَبْدِ وَعَبَّرَ كَأَصْلِهِ بِالْمُخَاطَبِ لَا بِالْمُشْتَرِي الَّذِي عَبَّرَ بِهِ غَيْرُهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمُشْتَرِي حَقِيقَةً إلَّا بِتَمَامِ الْعَقْدِ
. (مُوَافِقٍ) أَيْ: بِقَبُولٍ مُوَافِقٍ لِلْإِيجَابِ (مَعْنًى) فَلَوْ قَالَ: بِعْتُك بِأَلْفٍ صَحِيحَةٍ فَقَبِلَ بِأَلْفٍ مُكَسَّرَةٍ أَوْ عَكَسَ، أَوْ بِعْتُك بِأَلْفٍ فَقَبِلَ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، أَوْ بِعْتُك الْعَبْدَ بِأَلْفٍ فَقَبِلَ نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ لَمْ يَصِحَّ لِلِاخْتِلَافِ مَعْنًى، وَلَوْ قَالَ الْمُخَاطَبُ فِي الْأَخِيرَةِ: قَبِلْت نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ وَنِصْفَهُ الْآخَرَ بِخَمْسِمِائَةٍ قَالَ فِي التَّتِمَّةِ: يَصِحُّ؛ إذْ لَا مُخَالَفَةَ بِذِكْرِ مُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ أَوْجَبَ لَهُ عَقْدًا فَقَبِلَ عَقْدَيْنِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: مِنْ الْإِشْكَالِ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ الصِّحَّةُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَإِنَّمَا سَاقَ الرَّافِعِيُّ مَقَالَةَ التَّتِمَّةِ مَسَاقَ الْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ، أَمَّا الْمُوَافَقَةُ لَفْظًا، فَلَا تُشْتَرَطُ فَلَوْ قَالَ: بِعْتُك فَقَالَ: اشْتَرَيْت أَوْ نَحْوَهُ صَحَّ
(وَفَصْلُهُ) أَيْ الْقَبُولِ عَنْ الْإِيجَابِ (أَبِي) أَيْ مُنِعَ إنْ طَالَ بِأَنْ أَشْعَرَ بِإِعْرَاضِهِ عَنْ الْقَبُولِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصُرَ (كَبِالْكَلَامِ) أَيْ: كَمَا أَبِي
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ إلَخْ) قَدْ يُبْعِدُهُ قَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ
(قَوْلُهُ: مِنْ الْإِشْكَالِ) أَوْ مَعْنَى. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الظَّاهِرَ الصِّحَّةُ) أَيْ: نَقْلًا
(قَوْلُهُ: كَبِالْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ) وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ لَفْظًا أَوْ غَيْرَ لَفْظٍ كَالْخَطِّ، وَالْإِشَارَةِ مِنْ الْأَخْرَسِ وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَخَلَّلَ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلْيَنْظُرْ فِي الْمُعَاطَاةِ، وَالْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ أَهُمَا كَذَلِكَ نَاشِرِيٌّ. (قَوْلُهُ: الْأَجْنَبِيِّ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ سَهْوًا، أَوْ مُكْرَهًا عَلَيْهِ م ر وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ مِنْ الْمُبْتَدِئِ بَعْدَ فَرَاغِ كَلَامِهِ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ يَسِيرًا) (تَنْبِيهٌ)
الْيَسِيرُ زَائِدٌ عَلَى مَا يَنْقَطِعُ بِهِ الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى الصَّحِيحِ؛ إذْ يُحْتَمَلُ بَيْنَ كَلَامِ الشَّخْصَيْنِ مَا لَا يُحْتَمَلُ بَيْنَ كَلَامِ الشَّخْصِ الْوَاحِدِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ الْفَرْقِ أَنْ لَا يُغْتَفَرَ ذَلِكَ، إذَا تَوَلَّى الْأَبُ، أَوْ الْجَدُّ طَرَفَيْ الْعَقْدِ نَاشِرِيٌّ
ــ
[حاشية الشربيني]
حَيَاتِهِ بِأَنْ خَاطَبَ رَجُلًا فَقَبِلَ وَكِيلُهُ.
(قَوْلُهُ: مُوَكِّلُهُ) أَيْ مُوَكِّلُ الْمُخَاطَبِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ) قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَاد: لِأَنَّ الشَّرْطَ انْتِظَامُ التَّخَاطُبِ وَلَا تَخَاطُبَ بَيْنَ الْقَابِلِ، وَالْمُوجِبِ هُنَا.
(قَوْلُهُ أَيْضًا: وَهُوَ الْأَقْرَبُ) اعْتَمَدَهُ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ
(قَوْلُهُ: أَيْ: بِقَبُولٍ مُوَافِقٍ إلَخْ) مِثْلُهُ الْإِيجَابُ إذَا تَأَخَّرَ لَا بُدَّ أَنْ يُوَافِقَ الْقَبُولَ فَلَوْ قَالَ: قَبِلْت بَيْعَهُ بِأَلْفٍ فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتُك بِأَلْفَيْنِ، أَوْ بِدِرْهَمٍ بَطَلَ أَيْضًا وَآثَرَ مَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ، وَالْعِبَارَةُ الْجَامِعَةُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُتَأَخِّرُ وَفْقَ الْمُتَقَدِّمِ. اهـ. حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ الْمُخَاطَبُ فِي الْأَخِيرَةِ إلَخْ) وَأَمَّا عَكْسُ هَذِهِ بِأَنْ عَدَّدَ الْأَوَّلُ فَلَا يَصِحُّ مُطْلَقًا قَصَدَ الْبَائِعُ تَعَدُّدَ الصِّيغَةِ أَمْ لَا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَعَلَّلَ بِأَنَّهُ لَمْ يَعْهَدْ الْإِجْمَالَ بَعْدَ التَّفْصِيلِ، بِخِلَافِ عَكْسِهِ. اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ هَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) جَمَعَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ مَا فِي التَّتِمَّةِ عَلَى مَا إذَا نَوَى تَفْصِيلَ مَا أَجْمَلَهُ الْبَائِعُ وَإِشْكَالُ الرَّافِعِيِّ عَلَى مَا إذَا نَوَى تَعَدُّدَ الْعَقْدِ، أَوْ أَطْلَقَ. اهـ. وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَحَمَلَ شَيْخنَا الرَّمْلِيُّ الْقَوْلَ بِالصِّحَّةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ تَعَدُّدَ الصَّفْقَةِ، وَالْقَوْلَ بِالْبُطْلَانِ عَلَى مَا إذَا قَصَدَهُ. اهـ. وَالشِّقُّ الْأَوَّلُ مِنْهُ صَادِقٌ بِالْإِطْلَاقِ وَهُوَ الظَّاهِرُ. اهـ.، ثُمَّ رَأَيْت الرَّشِيدِيّ عَلَى م ر قَالَ: اعْتَمَدَ الزِّيَادِيُّ كَابْنِ قَاسِمِ الصِّحَّةَ، سَوَاءٌ قَصَدَ تَفْصِيلَ مَا أَجْمَلَهُ الْبَائِعُ، أَوْ أَطْلَقَ. اهـ. وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُمْ: إنَّ الصَّفْقَةَ تَتَعَدَّدُ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا وَقَعَ التَّفْصِيلُ مِنْ جِهَةٍ مِنْ تَقَدُّمِ لَفْظِهِ كَبِعْتُكَ هَذَا نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ وَنِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ فَيَقُولُ: قَبِلْت أَوْ قَبِلْته بِالْهَاءِ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ حِينَئِذٍ مُتَرَتَّبٌ عَلَى الْإِيجَابِ الْمُفَصَّلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَجْمَلَ الْبَائِعُ أَوَّلًا وَفَصَّلَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ مَا يُنَافِي الْإِجْمَالَ فَلَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُقَالَ: إنَّ قَوْلَهُ وَقَعَ مُجْمَلًا فَفَصَّلْنَا فِيهِ بَيْنَ أَنْ يُقْصَدَ تَفْصِيلُ ذَلِكَ الْمُجْمَلِ، أَوْ يُطْلَقْ وَبَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ تَعَدُّدَ الْعَقْدِ. اهـ. مِنْ هَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ بِخَطِّ الشَّنَوَانِيِّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَطْلَقَ) ؛ لِأَنَّ التَّفْصِيلَ مِنْ حَيْثُ هُوَ يُنَافِي الْإِجْمَالَ هَذَا تَعْلِيلُهُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا.
(قَوْلُهُ: وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَهُ إلَخْ) أَيْ:؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ تَعَدُّدُ الْعَقْدِ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا سَاقَ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لِأَنَّهُ نَقَلَهَا عَنْهُ بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ اشْتِرَاطَ الْمُطَابَقَةِ قَالَ: فَيَكُونُ الظَّاهِرُ نَقْلًا وَبَحْثًا إنَّمَا هُوَ الْبُطْلَانُ
(قَوْلُهُ: كَبِالْكَلَامِ) أَيْ: جِنْسِهِ، وَلَوْ كَلِمَةً وَاحِدَةً وَقَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: إنَّ الْكَلَامَ الْمُبْطِلَ هُنَا مَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ مِنْ الْكَثِيرِ مُطْلَقًا، أَوْ نَحْوُ حَرْفٍ مُفْهِمٍ فَأَكْثَرَ مِنْ عَامِدٍ عَالِمٍ، نَعَمْ لَا يَضُرُّ قَدْ أَوْ أَنَا بِغَيْرِ وَاوٍ وَنَحْوُ يَا زَيْدُ قَدْ قَبِلْت، أَوْ أَنَا اشْتَرَيْت بِعْتُك يَا زَيْدُ. (قَوْلُهُ: كَبِالْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ) مِثْلُهُ
الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا بِالْكَلَامِ (الْأَجْنَبِيِّ) عَنْ الْعَقْدِ، وَلَوْ يَسِيرًا؛ لِأَنَّ فِيهِ إعْرَاضًا عَنْ الْقَبُولِ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ فِي الْخُلْعِ لَا يَضُرُّ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ فِيهِ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ شَائِبَةَ تَعْلِيقٍ وَمِنْ جَانِبِ الزَّوْجَةِ شَائِبَةَ جِعَالَةٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُوَسَّعٌ فِيهِ مُحْتَمَلٌ لِلْجَهَالَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ. وَخَرَجَ بِالْأَجْنَبِيِّ غَيْرُهُ، فَلَا يَضُرُّ قَالَ الْجَارْبُرْدِيُّ: كَقَوْلِهِ بَارَكَ اللَّهُ فِي الصَّفْقَةِ أَوْ غَالٍ، أَوْ رَخِيصٌ وَقَالَ غَيْرُهُ كَقَوْلِهِ بَعْدَ بِعْتُك هَذَا بِكَذَا أَقَبِلْت مِنِّي الْبَيْعَ؟ وَفَسَّرَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ الْأَجْنَبِيَّ بِأَنْ لَا يَكُونَ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَلَا مِنْ مَصَالِحِهِ، وَلَا مِنْ مُسْتَحَبَّاتِهِ قَالَ: فَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي: بِاسْمِ اللَّهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ قَبِلْت صَحَّ. اهـ. وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يُصِرَّ الْبَادِي عَلَى مَا أَتَى بِهِ مِنْ الْإِيجَابِ، أَوْ الْقَبُولِ فَلَوْ أَوْجَبَ بِمُؤَجَّلٍ، أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ، ثُمَّ أَسْقَطَ الْأَجَلَ، أَوْ الْخِيَارَ قَبْلَ الْقَبُولِ لَمْ يَصِحَّ لِضَعْفِ الْإِيجَابِ وَحْدَهُ وَأَنْ يُبْقِيَا عَلَى أَهْلِيَّةِ الْعَقْدِ إلَى تَمَامِهِ فَلَوْ جُنَّ أَحَدُهُمَا، أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَبُولِ بَطَلَ الْإِيجَابُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَنْ يَتَكَلَّمَ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ مَنْ بِقُرْبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ صَاحِبُهُ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ، وَالْقَبُولُ مِثْلُ (قَبِلْتُ وَكَتَمَلَّكْتُ) ، أَوْ (اشْتَرَيْتُ) ، أَوْ (ابْتَعْتُ) ، أَوْ (بِعْنِي) بِخِلَافِ أَبِعْتَنِيهِ؟ أَوْ أَتَبِيعَنِيهِ؟ كَمَا فِي الْإِيجَابِ وَنَبَّهَ بِزِيَادَتِهِ الْكَافِ عَلَى عَدَمِ الْحَصْرِ فِي الْمَذْكُورَاتِ وَفِيمَا سَيَأْتِي مِنْ نَعَمْ وَلَفْظِ الْهِبَةِ فَيَكْفِي غَيْرُهَا كَرَضِيتُ وَشَرَيْت بِمَعْنَى ابْتَعْت وَعَلَى أَنَّ مَدْخُولَهَا وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ قَائِمٌ مَقَامَ الْقَبُولِ، وَهُوَ مَا عَلَيْهِ
ــ
[حاشية العبادي]
؛ لِأَنَّ فِيهِ إعْرَاضًا عَنْ الْقَبُولِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَضُرُّ، وَلَوْ مِنْ الْمُبْتَدِئِ بَعْدَ فَرَاغِ جَانِبِهِ؛ لِأَنَّ إعْرَاضَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ كَأَنْ رَجَعَ عَنْ الْبَيْعِ يَضُرُّ. (قَوْلُهُ: بِسْمِ اللَّهِ إلَخْ) يُفِيدُ اسْتِحْبَابَ ذَلِكَ وَسَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ عَدَمُ اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ، وَالْفَرْقُ لَائِحٌ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقَبُولِ) مَفْهُومُ هَذَا كَالتَّعْلِيلِ الْآتِي أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ هَذَا الْإِسْقَاطُ بَعْدَ الْقَبُولِ صَحَّ الْبَيْعُ، وَالْإِسْقَاطُ وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُهُمْ وَاللَّفْظُ لِلْعُبَابِ: أَوْ أَلْحَقَا أَجَلًا أَوْ خِيَارًا، أَوْ حَذَفَاهُمَا، أَوْ نَقَصَا، أَوْ زَادَ فِيهِمَا، أَوْ أَلْحَقَا شَرْطًا صَحِيحًا، أَوْ فَاسِدًا قَبْلَ اللُّزُومِ لَا بَعْدَهُ لَحِقَ أَيْ كُلٌّ مِمَّا ذُكِرَ. اهـ. وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ مَجْلِسَ الْعَقْدِ كَنَفْسِ الْعَقْدِ، لَكِنْ يُتَأَمَّلُ هَذَا التَّعْلِيلُ بِالنِّسْبَةِ لِحَذْفِ الْأَجَلِ، وَالْخِيَارِ مَعَ مَا ذَكَرُوهُ هُنَا. وَقَوْلُهُمْ: قَبْلَ اللُّزُومِ هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلَوْ اخْتَصَّ بِأَحَدِهِمَا فَفِيهِ نَظَرٌ، ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ ابْنَ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ نَقَلَ عَنْ الْمَجْمُوعِ كَلَامًا، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ صَرِيحٌ فِي لُحُوقِ كُلٍّ مِمَّا ذُكِرَ فِي زَمَنِ خِيَارِهِمَا، أَوْ خِيَارِ أَحَدِهِمَا سَوَاءٌ أَلْحَقَهُ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ، أَوْ الْآخَرُ، وَوَافَقَهُ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا انْفَسَخَ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ كَلَامًا عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ: وَظَاهِرُهُ يُخَالِفُ مَا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ هَذِهِ طَرِيقَةُ مُقَابِلَةٌ لِطَرِيقَةِ الْمَجْمُوعِ. اهـ. فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ صَاحِبُهُ)
ــ
[حاشية الشربيني]
السُّكُوتُ الْيَسِيرُ إذَا قَصَدَ بِهِ الْقَطْعَ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ م ر خِلَافًا لِلزِّيَادِيِّ. اهـ. أَمَّا الْكَثِيرُ فَيَضُرُّ، وَلَوْ سَهْوًا، أَوْ جَهْلًا كَمَا فِي الْفَاتِحَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِيهِ إعْرَاضًا إلَخْ) وَمَحَلُّ ضَرَرِ الْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ إذَا أَوْجَبَ لِحَاضِرٍ لَفْظًا فَإِنْ أَوْجَبَ لِغَائِبٍ، أَوْ لِحَاضِرٍ خَطَأً لَمْ يَضُرَّ، أَمَّا الْأُولَى فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِعَدَمِ اعْتِبَارِ اللَّفْظِ. اهـ. جَمَلٌ عَنْ ح ل، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي الْأُولَى لَا يَمْتَنِعُ إلَى بُلُوغِ الْخَبَرِ وَيَمْتَنِعُ بَعْدَهُ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ ذَكَرَهُ. (قَوْلُهُ: لِضَعْفِ الْإِيجَابِ وَحْدَهُ) عِبَارَةُ النَّاشِرِيِّ؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ وَحْدَهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ فَإِذَا غَيَّرَهُ سَقَطَ مُقْتَضَاهُ لِضَعْفِهِ. اهـ. أَيْ بِخِلَافِ الْإِيجَابِ مَعَ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اللُّزُومُ. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ مَنْ بِقُرْبِهِ) فَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ مَنْ بِقُرْبِهِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَإِنْ سَمِعَهُ صَاحِبٌ لِحِدَّةِ سَمْعِهِ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ كَلَا لَفْظٍ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: مِثْلُ قَبِلْت إلَخْ) قَالَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: وَمَعَ صَرَاحَةِ مَا تَقَرَّرَ يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ: لَمْ أَقْصِدْ بِهَا جَوَابًا أَيْ: بَلْ قَصَدْت غَيْرَهُ نَعَمْ الْأَوْجَهُ اشْتِرَاطُ أَنْ لَا يَقْصِدَ عَدَمَ قَبُولِهِ سَوَاءٌ قَصَدَ قَبُولَهُ أَمْ أَطْلَقَ. اهـ. وَقَوْلُهُ: بَلْ قَصَدْت غَيْرَهُ فَلَوْ قَالَ: أَطْلَقْت حُمِلَ عَلَى الْقَبُولِ وَقَوْلُهُ: نَعَمْ الْأَوْجَهُ إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَيْسَ كِنَايَةً وَإِنَّمَا هُوَ صَرِيحٌ يَقْبَلُ الصَّرْفَ وَقَدْ يُخَالِفُهُ مَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ فِي فَصْلِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ بِمَا حَاصِلُهُ إنْ قَبِلْت بَعْدَ قَوْلِ الْبَائِعِ بِعْتُك ذَا بِكَذَا كِنَايَةٌ وَلِذَا لَا يَنْعَقِدُ بِهَا النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَاتِ. اهـ. ع ش وَكَتَبَ الرَّشِيدِيُّ عَلَى قَوْلِ م ر: نَعَمْ إلَخْ الْأَوْلَى إبْدَالُهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْأَوْجَهَ إلَخْ تَعْلِيلًا لِمَا قَبْلَهُ.
(قَوْلُهُ: قَبِلْت وَكَتَمَلَّكْتُ) قَضِيَّتُهُ الِاكْتِفَاءُ بِمَا ذَكَرَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الثَّمَنَ تَنْزِيلًا عَلَى
الرَّافِعِيُّ لِمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مِنْ أَنَّ الْقَبُولَ الْحَقِيقِيَّ مَا لَا يَتَأَتَّى الِابْتِدَاءُ بِهِ كَقَبِلْتُ، لَكِنَّ ظَاهِرَ عِبَارَةِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّ الْكُلَّ قَبُولٌ حَقِيقَةً إلَّا فِي بِعْنِي وَبِهِ صَرَّحَ الْبَارِزِيُّ وَاكْتَفَوْا هُنَا بِقَبِلْتُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْبَيْعَ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ فِيهِ قَبِلْت نِكَاحَهَا كَمَا سَيَأْتِي احْتِيَاطًا لِلْإِبْضَاعِ قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا يَبْعُدُ اشْتِرَاطُ قَصْدِ الْجَوَابِ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَفِي الْبَحْرِ لِلرُّويَانِيِّ لَوْ قَالَ: لَمْ أَقْصِدْ بِاشْتَرَيْتُ جَوَابَك فَالظَّاهِرُ الْقَبُولُ كَالْخُلْعِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يَنْفَرِدُ بِالْبَيْعِ وَيَنْفَرِدُ بِالطَّلَاقِ
(وَهَكَذَا نَعَمْ إنْ جَاوَبَا شَخْصًا بِبِعْتُ وَاشْتَرَيْتُ خَاطَبَا) أَيْ: إنْ جَاوَبَ الْعَاقِدَانِ شَخْصًا مُتَوَسِّطًا بَيْنَهُمَا قَدْ خَاطَبَ الْبَائِعَ بِبِعْتُ مَثَلًا فَأَجَابَهُ بِنَعَمْ، وَالْمُشْتَرِي بِاشْتَرَيْتُ مَثَلًا فَأَجَابَهُ بِنَعَمْ فَالْأَوَّلُ إيجَابٌ، وَالثَّانِي قَبُولٌ وَقَوْلُ الْحَاوِي: وَنَعَمْ لِجَوَابِ بِعْت وَاشْتَرَيْت صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ الْخِطَابُ مِنْ مُتَوَسِّطٍ بَيْنَهُمَا وَبِمَا إذَا كَانَ مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ، وَهُوَ صَحِيحٌ وَيُمْكِنُ ذَلِكَ فِي عِبَارَةِ النَّظْمِ بِجَعْلِ أَلِفِ جَاوَبَا وَخَاطِبَا لِلْإِطْلَاقِ، أَمَّا لَوْ قَالَ: اشْتَرَيْت مِنْك فَقَالَ الْبَائِعُ نَعَمْ، أَوْ قَالَ: بِعْتُك فَقَالَ الْمُشْتَرِي نَعَمْ، فَلَا يَنْعَقِدُ؛ إذْ لَا الْتِمَاسَ، فَلَا جَوَابَ وَلَمَّا كَانَتْ نَعَمْ تُغْنِي عَنْ الْإِيجَابِ، وَالْقَبُولِ أَخَّرَهَا عَنْ أَمْثِلَتِهِمَا وَمِثْلُهَا مَا فِي مَعْنَاهَا كَجَيْرٍ وَأَجَلٍ وَفَعَلْت
ــ
[حاشية العبادي]
وَيُتَصَوَّرُ جَوَابُهُ مَعَ عَدَمِ سَمَاعِهِ بِالِاعْتِمَادِ وَعَلَى الْقَرَائِنِ بَلْ يَنْبَغِي الصِّحَّةُ، وَإِنْ لَمْ يُعْتَمَدْ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْعُدُ اشْتِرَاطُ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ وَإِنَّ الشَّرْطَ عَدَمُ الصَّارِفِ م ر.
(قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ الْقَبُولُ) يَنْبَغِي بِالْيَمِينِ. (قَوْلُهُ: لَمْ أَقْصِدْ إلَخْ) أَيْ: بَلْ قَصَدْت غَيْرَهُ، أَمَّا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَالْوَجْهُ الِانْعِقَادُ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ ادَّعَى سَبْقَ اللِّسَانِ فَهَلْ هُوَ كَمَا فِي الطَّلَاقِ فَلَا يُصَدَّقُ ظَاهِرًا إلَّا بِقَرِينَةٍ، أَوْ يُصَدَّقُ مُطْلَقًا أَيْ: بِيَمِينِهِ كَمَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ قَصَدَ غَيْرَ الْجَوَابِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ؟ وَيَنْفَرِدُ بِالطَّلَاقِ) أَنَّ هَذَا لَا يُنَافِي الْمَقِيسَ عَلَيْهِ الْخُلْعُ وَهُوَ لَا يَنْفَرِدُ بِهِ فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: مُتَوَسِّطًا بَيْنَهُمَا) يَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ أَهْلِيَّتُهُ لِلْعَقْدِ نَعَمْ يَنْبَغِي اشْتِرَاطُ تَمْيِيزِهِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ لَا قَصْدَ لَهُ، وَالْكَلَامُ بِلَا قَصْدٍ لَغْوٌ. (قَوْلُهُ: مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ) كَأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ: بِعْتنِيهِ بِكَذَا فَقَالَ: نَعَمْ فَقَالَ: اشْتَرَيْت، أَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْت بِكَذَا فَقَالَ: نَعَمْ فَقَالَ: بِعْتُك كَذَا صَوَّرَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَهُوَ صَحِيحٌ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ نَعَمْ فِي الْأَوَّلِ وَلَمْ يُجِبْ الْبَائِعُ بَعْدَهَا فِي الثَّانِي فَإِنَّ الصِّحَّةَ هُنَا مَمْنُوعَةٌ، وَإِنْ صَدَقَ بِذَلِكَ قَوْلُ الْحَاوِي الْمَذْكُورُ أَيْضًا لَكِنَّ مَنْعَ الصِّحَّةِ إذَا لَمْ يَقْبَلْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ نَعَمْ فِي الْأَوَّلِ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ الِانْعِقَادِ فِي اشْتَرَيْت مِنْك فَقَالَ: نَعَمْ؛ إذْ بِعْنِيهِ قَائِمٌ مَقَامَ الْقَبُولِ فَهُوَ كَاشْتَرَيْتُ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ بِعْتنِيهِ لَا بِعْنِيهِ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ قَالَ: اشْتَرَيْت مِنْك إلَخْ) الْوَجْهُ أَنَّ مِثْلَ هَذَا بِعْنِيهِ بِكَذَا فَقَالَ: نَعَمْ حَتَّى يَكُونَ الْمُعْتَمَدُ فِيهِ الصِّحَّةَ. (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ قَالَ: اشْتَرَيْت مِنْك) أَيْ: بِكَذَا. (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ: بِعْتُك) أَيْ بِكَذَا. (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْعَقِدُ) هَذَا أَظُنُّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِيهِ سَلَفٌ وَظَاهِرُ الْمَتْنِ وَالرَّافِعِيِّ فِي النِّكَاحِ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ فِي مِثْلِ هَذَا وَتَعَرَّضَ لِذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ
ــ
[حاشية الشربيني]
مَا قَالَهُ الْبَائِعُ وَقَضِيَّةُ الْمَحَلِّيِّ خِلَافُهُ حَيْثُ قَالَ: فَيَقُولُ اشْتَرَيْته بِهِ. اهـ. ع ش وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ. (قَوْلُهُ: مَا لَا يَتَأَتَّى الِابْتِدَاءُ بِهِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عِنْدَ الْإِمَامِ تَقَدُّمُ قَبِلْت عَلَى قَوْلِ الْبَائِعِ بِعْتُك هَذَا بِكَذَا وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ قَالَ الْمَحَلِّيُّ: وَمَنَعَ الْإِمَامُ تَقَدُّمَ قَبِلْت وَجَزَمَ الرَّافِعِيُّ وَالْمُصَنِّفُ بِجَوَازِهِ فِي النِّكَاحِ، وَالْبَيْعُ مِثْلُهُ وَهَذَا نَاظِرٌ إلَى الْمَعْنَى، وَالْأَوَّلُ إلَى اللَّفْظِ. اهـ. وَيَبْعُدُ مَعَ قَوْلِ الْإِمَامِ مَا لَا يَتَأَتَّى الِابْتِدَاءُ بِهِ حَمْلُ مَنْعِهِ التَّقَدُّمَ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ بِهَا جَوَابَ كَلَامٍ قَبْلَهَا، وَإِلَّا فَيَصِحُّ تَقْدِيمُهَا كَمَا صَنَعَ ذَلِكَ الرَّمْلِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. اهـ. وَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَصِحُّ تَقَدُّمُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِهِ الْجَوَابَ بَلْ يَقْصِدُ الِابْتِدَاءَ، أَوْ يُطْلِقُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَقَدْ تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ نَقْلُ مَنْعِ تَقَدُّمِ قَبِلْت عَنْ الْإِمَامِ.
(قَوْلُهُ: كَقَبِلْتُ) دَخَلَ بِالْكَافِ قَدْ فَعَلْت فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا جَوَابًا؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوهَا بِمَعْنَى نَعَمْ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ إلَخْ) اُنْظُرْ ثَمَرَةَ هَذَا الْخِلَافِ وَلَعَلَّهَا مَنْعُ الْإِمَامِ تَقَدُّمَ قَبِلْت، بِخِلَافِ غَيْرِهِ حَيْثُ جَعَلَ الْكُلَّ قَبُولًا حَقِيقَةً مَعَ جَوَازِ تَقَدُّمِ غَيْرِهَا.
(قَوْلُهُ: لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ فِيهِ: قَبِلْت نِكَاحَهَا) وَلَا يَنْعَقِدُ مَعَ ذَلِكَ بِالْمُسَمَّى إلَّا إنْ ذُكِرَ فِي الْقَبُولِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَهُنَاكَ أَنَّ رُكْنِيَّةَ الثَّمَنِ هُنَا وَتَوَقُّفَ الِانْعِقَادِ عَلَيْهِ أَغْنَتْ عَنْ ذِكْرِهِ ثَانِيًا، بِخِلَافِ الْمُسَمَّى ثَمَّ؛ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لِانْعِقَادِ النِّكَاحِ مَعَ نَفْيِهِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ أَيْضًا: لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ فِيهِ قَبِلْت نِكَاحَهَا) وَلَا يَكْفِي فِيهِ أَنْ يَقُولَ: قَبِلْته أَوْ قَبِلْتهَا بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ: قَبِلْت نِكَاحَهَا، أَوْ تَزْوِيجَهَا، أَوْ نَحْوَهُمَا. اهـ. حَجَرٌ فِي شَرْحِ عب.
(قَوْلُهُ: لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ فِيهِ إلَخْ) أَيْ عَلَى رَأْيٍ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. اهـ. وَهُوَ الْأَصَحُّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْعُدُ اشْتِرَاطُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ فِي قَبِلْت وَغَيْرِهَا فَلْيُحَرَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَبْعُدُ إلَخْ) أَيْ: إنْ تَأَخَّرَ الْجَوَابُ كَمَا يُعْلَمْ مِمَّا مَرَّ عَنْ سم. (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْعُدُ اشْتِرَاطُ قَصْدِ الْجَوَابِ إلَخْ) وَلَا يَرِدُ أَنَّ هَذَا صَرِيحٌ شُرِطَ فِيهِ الْقَصْدُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ الْقَصْدَ فِي اللَّفْظِ الصَّرِيحِ بَلْ فِي وَضْعِهِ مَعَ الْجَوَابِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ عَنْ الْإِمَامِ.
(قَوْلُهُ: لَوْ قَالَ: لَمْ أَقْصِدْ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْإِطْلَاقَ يَضُرُّ فِي الصِّحَّةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ لسم
(قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ قَالَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِلْمِنْهَاجِ، وَلَوْ قَالَ: اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا بِكَذَا فَقَالَ
(وَبِكِنَايَةٍ) وَهِيَ مَا يَحْتَمِلُ الْمُرَادَ، وَغَيْرَهُ أَيْ إنَّمَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِصَرِيحِ إيجَابٍ وَقَبُولٍ كَمَا مَرَّ وَبِكِنَايَةٍ مَعَ النِّيَّةِ كَمَا ذَكَرَهَا فِي الطَّلَاقِ لِدَلَالَةِ ذَلِكَ عَلَى الرِّضَا مِثَالُهَا إيجَابًا (جَعَلْتُهُ لَكَا وَخُذْهُ، أَوْ أَدْخَلْتُهُ فِي مِلْكِكَا) وَقَبُولًا جَعَلْته لِي، أَوْ أَخَذْته، أَوْ أَدْخَلْتَهُ فِي مِلْكِي وَيُسْتَثْنَى بَيْعُ الْوَكِيلِ الْمَشْرُوطُ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ فِيهِ، فَلَا يَنْعَقِدُ بِهَا؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَى النِّيَّةِ فَإِنْ تَوَفَّرَتْ الْقَرَائِنُ عَلَيْهِ.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: فَالظَّاهِرُ انْعِقَادُهُ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَيُعْتَبَرُ فِي جَمِيعِ صِيَغِ الْبَيْعِ ذِكْرُ الثَّمَنِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (مَعْ بِكَذَا) ؛ إذْ الثَّمَنُ رُكْنٌ، أَوْ شَرْطٌ كَمَا مَرَّ وَيَكْفِي ذِكْرُهُ فِي جَانِبِ الْمُبْتَدِئِ فَلَوْ قَالَ: بِعْتُك بِأَلْفٍ فَقَالَ قَبِلْت، أَوْ قَالَ: اشْتَرَيْته مِنْك بِأَلْفٍ فَقَالَ: بِعْتُك كَفَى (كَالْأَمْرِ بِالتَّسَلُّمِ مِنْهُ) بِأَنْ يَقُولَ لَهُ تَسَلَّمْهُ مِنِّي بِكَذَا فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ
(وَلَفْظِ) أَيْ: وَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِلَفْظِ (هِبَةٍ) بِأَنْ يَقُولَ وَهَبْتُكَهُ بِكَذَا لِدَلَالَتِهِ عَلَى التَّمْلِيكِ مَعَ اقْتِرَانِهِ بِذِكْرِ الْعِوَضِ الَّذِي لَا تُنَافِيهِ الْهِبَةُ بَلْ غَايَتُهَا أَنَّهَا لَا تَقْتَضِيهِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ هَذَا كِنَايَةٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ صَرِيحٌ فَلَوْ قَدَّمَهُ مَعَ الصَّرَائِحِ كَانَ أَوْلَى، وَلَا تَنْحَصِرُ صِيَغُ الْكِنَايَةِ فِيمَا ذَكَرَهُ؛ إذْ مِنْهَا سَلَّطْتُك عَلَيْهِ، أَوْ بَاعَك اللَّهُ أَوْ بَارَكَ اللَّهُ لَك فِيهِ وَمِنْهَا الْكِتَابَةُ لِغَائِبٍ فَإِنْ كَتَبَ لِحَاضِرٍ فَوَجْهَانِ قَالَ السُّبْكِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَصَحُّهُمَا الصِّحَّةَ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْكِتَابَةُ عَلَى وَرَقٍ أَمْ غَيْرِهِ كَالنَّقْشِ عَلَى حَجَرٍ، أَوْ خَشَبٍ، وَلَا أَثَرَ لِرَسْمِ الْأَحْرُفِ عَلَى الْمَاءِ، وَالْهَوَاءِ وَهَلْ الْكِنَايَةُ الصِّيغَةُ وَحْدَهَا؟ أَوْ مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ فِيهِ الْتِفَاتٌ إلَى أَنَّ مَأْخَذَ صَرَاحَةِ لَفْظِ الْخُلْعِ فِي الطَّلَاقِ ذِكْرُ الْعِوَضِ أَوْ كَثْرَةُ الِاسْتِعْمَالِ
ــ
[حاشية العبادي]
وَغَيْرُهُ بِرّ
(قَوْلُهُ: وَبِكِنَايَةٍ مَعَ النِّيَّةِ) هَلْ يَجْرِي فِيمَا يَقْتَرِنُ بِهِ مَا فِي الطَّلَاقِ؟ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي إلَخْ) التَّعْبِيرُ بِالْكِفَايَةِ لَا يُنَافِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ فِي جَانِبِ الْمُبْتَدِئِ فَلَوْ خَلَا عَنْهُ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ وُجِدَ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ فَلَوْ قَالَ: بِعْنِي هَذَا وَلَمْ يَقُلْ بِكَذَا لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، لَكِنْ لَوْ أَجَابَهُ الْبَائِعُ حِينَئِذٍ بِقَوْلِ بِعْتُكَهُ بِكَذَا فَقَالَ بَعْدَهُ: اشْتَرَيْت فَيَنْبَغِي انْعِقَادُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ جَوَابَ الْبَائِعِ الْمَذْكُورِ إيجَابٌ، وَقَدْ قَبِلَهُ الْمُشْتَرِي وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ تَقَدُّمُ بِعْنِي كَمَا لَوْ تَقَدَّمَ أَتَبِيعُنِي.
(قَوْلُهُ: فِي جَانِبِ الْمُبْتَدِئِ) أَيْ: دُونَ غَيْرِهِ
(قَوْلُهُ: مَعَ اقْتِرَانِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاقْتِرَانِ بِذِكْرِ الْعِوَضِ، وَإِنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الشِّقِّ الْآخَرِ نَعَمْ إنْ كَانَ الشِّقُّ الْآخَرُ لَفْظَ الْهِبَةِ أَيْضًا فَلَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِذِكْرِهِ فِيهِ كَاتَّهَبْتُ هَذَا مِنْك هَذَا بِكَذَا فَيَقُولُ: وَهَبْتُك فَلْيُتَأَمَّلْ وَيُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ بِذِكْرِهِ فِي الْمُتَقَدِّمِ، وَلَوْ غَيْرَ لَفْظِ الْهِبَةِ.
(قَوْلُهُ: الْكِتَابَةُ لِغَائِبٍ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَيُشْتَرَطُ الْقَبُولُ حَالَ الِاطِّلَاعِ، فَإِذَا قَبِلَ فَلَهُ الْخِيَارُ فِي مَجْلِسِ قَبُولِهِ، وَالْخِيَارُ لِلْكَاتِبِ إلَى أَنْ يَنْقَطِعَ خِيَارُ صَاحِبِهِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: حَالَ الِاطِّلَاعِ اُنْظُرْ لَوْ تَأَخَّرَ الِاطِّلَاعُ عَنْ وُصُولِ الْكِتَابِ بِتَقْصِيرِ حَامِلِ الْكِتَابِ، أَوْ تَأَخَّرَ الْوُصُولُ بِتَقْصِيرِهِ بِأَنْ أَقَامَ فِي الطَّرِيقِ بِلَا عُذْرٍ مُدَّةً طَوِيلَةً هَلْ يُؤَثِّرُ ذَلِكَ؟ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَوْ بَاعَ بِاللَّفْظِ مِنْ غَائِبٍ فَأَخَّرَ الرَّسُولُ إعْلَامَهُ بَعْدَ وُصُولِهِ بِلَا عُذْرٍ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: إلَى أَنْ يَنْقَطِعَ خِيَارُ صَاحِبِهِ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ فَارَقَ هُوَ مَحَلَّهُ وَلَوْ بَعْدَ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْبَائِعُ: نَعَمْ، أَوْ قَالَ: بِعْتُك فَقَالَ الْمُشْتَرِي: نَعَمْ صَحَّ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي النِّكَاحِ اسْتِطْرَادًا وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الشَّيْخَ فِي الْغُرُرِ
(قَوْلُهُ: أَوْ أَدْخَلْته فِي مِلْكِك) وَإِنَّمَا كَانَ كِنَايَةً دُونَ مَلَّكْتُك لِاحْتِمَالِ إدْخَالِهِ فِي مِلْكِهِ الْحِسِّيِّ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَوَفَّرَتْ الْقَرَائِنُ إلَخْ) هَلْ يُعْتَبَرُ الْجَمْعُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ، أَوْ الْمُرَادُ الْجِنْسُ؟ وَعَلَى كُلٍّ فَالْمُرَادُ غَيْرُ قَرِينَةِ ذِكْرِ الْعِوَضِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: لَا يَصِحُّ بِالْكِنَايَةِ مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّ ذِكْرَ الْعِوَضِ مَعَ الْكِنَايَةِ ظَاهِرٌ فِي إرَادَةِ الْبَيْعِ. اهـ. مِنْ هَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ بِخَطِّ الشَّنَوَانِيِّ، وَفِي ع ش عَلَى م ر أَنَّ أَلْ لِلْجِنْسِ فَيَصْدُقُ بِالْقَرِينَةِ الْوَاحِدَةِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَوْلُ الشَّنَوَانِيِّ غَيْرُ قَرِينَةِ ذِكْرِ الْعِوَضِ ذَكَرَ نَحْوَهُ شَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ رحمه الله
(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ إلَخْ) أَيْ: لَوْلَا مَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ مِنْ جَعْلِهِ كَلَامًا مُبْتَدَأً.
(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ إلَخْ) بِخِلَافِ الْحَاوِي فَإِنَّهُ أَعَادَ لَفْظَ، أَوْ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَا قَبْلَهُ. اهـ. نَاشِرِيٌّ. (قَوْلُهُ: الصِّيغَةُ وَحْدَهَا، أَوْ مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ) فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّهُ يَكْفِي النِّيَّةُ، وَلَوْ فِي جُزْءٍ مِنْ الصِّيغَةِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَقَالَ زي لَا بُدَّ مِنْ اقْتِرَانِهَا بِجَمِيعِ اللَّفْظِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مُعَاوَضَةٌ مَحْضَةٌ تَفْسُدُ بِفَسَادِ الْعِوَضِ فَضُويِقَ بِمُقَارَنَتِهَا كُلَّ اللَّفْظِ، بِخِلَافِ ذَاكَ فَإِنَّهُ عَقْدٌ حَلَّ فَخَفَّ أَمْرُهُ وَمِنْ اللَّفْظِ الَّذِي يَصِحُّ، أَوْ يَجِبُ مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ لَهُ عِنْدَهُمَا ذِكْرُ الْعِوَضِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الصِّيغَةِ الْأَصْلِيَّةِ. اهـ. وَحِينَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الِالْتِفَاتُ الْمَذْكُورُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَإِنَّمَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ الِاكْتِفَاءُ بِنْيَةِ الْعِوَضِ.
(قَوْلُهُ: الْتِفَاتٌ) أَيْ: ابْتِنَاءٌ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّرْدِيدِ
وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ فَيَكُونُ صُورَةُ الْكِنَايَةِ الصِّيغَةَ وَحْدَهَا فَيَصِحُّ الْعَقْدُ بِهَا مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ بَلْ قِيلَ: أَوْ مَعَ نِيَّتِهِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْقَاضِي مُجَلِّي، وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا تَصْوِيرُهَا بِالصِّيغَةِ مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ وَخَرَجَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَأَعْمَرْتُكَ وَأَرْقَبْتُك فَلَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ كَذَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّعْلِيقِ تَبَعًا لِأَبِي عَلِيٍّ الطَّبَرِيِّ وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ: لَا يَبْعُدُ عِنْدِي جَوَازُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْخِلَافَ فِي صَرَاحَتِهِ؛ إذْ لَا تَوَقُّفَ فِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ (لَا) لَفْظِ (سَلَمِ) كَأَسْلَمْتُ إلَيْك هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْعَبْدِ، فَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا، وَلَا سَلَمًا، وَإِنْ نَوَى الْبَيْعَ؛ لِأَنَّ لَفْظَ السَّلَمِ مَوْضُوعٌ لِلدَّيْنِ وَمُقْتَضَى الدَّيْنِ يُنَافِي الْعَيْنَ
وَشَرْطُ الْعَاقِدِ التَّكْلِيفُ إلَّا السَّكْرَانَ، وَالرُّشْدُ كَمَا يُعْلَمَانِ مِنْ بَابِ الْحَجْرِ، وَالِاخْتِيَارُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ الطَّلَاقِ، وَالْإِسْلَامُ فِي بَعْضِ صُوَرٍ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ:(وَبِهُدَى) أَيْ: إنَّمَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِمَا مَرَّ وَبِإِسْلَامِ (مَنْ يُشْتَرَى لَهُ السُّنَنْ) أَيْ: الْأَحَادِيثَ أَيْ: كُتُبَهَا (وَمُصْحَفٌ)
ــ
[حاشية العبادي]
الْقَبُولِ وَعِلْمِهِ بِمَجْلِسِ الْقَبُولِ (تَنْبِيهٌ)
قَوْلُ الرَّوْضِ: حَالَ الِاطِّلَاعِ قَدْ يَشْمَلُ الِاطِّلَاعَ بِغَيْرِ الْكِتَابَةِ كَأَنْ سَبَقَ شَخْصٌ وَأَخْبَرَهُ أَنَّ فُلَانًا كَتَبَ إلَيْهِ بِالْبَيْعِ، وَقَدْ يَلْتَزِمُ بَلْ قَدْ يُقَالُ بَلْ لَوْ لَمْ يُخْبِرْهُ أَحَدٌ فَقَبِلَ قَبْلَ مَجِيءِ الْكِتَابِ عَبَثًا فَتَبَيَّنَ الْحَالُ انْعَقَدَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّوْضِ، وَلَوْ بَاعَ مِنْ غَائِبٍ فَقَبِلَ حِينَ بَلَغَهُ الْخَبَرُ صَحَّ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ حِينَ بَلَغَهُ الْخَبَرُ مِمَّنْ أَرْسَلَهُ إلَيْهِ الْبَائِعُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ. اهـ. وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ الِاكْتِفَاءُ بِالِاطِّلَاعِ بِغَيْرِ الْكِتَابَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنَّهُ لَوْ قَبِلَ بِلَا اطِّلَاعٍ مِنْ أَحَدٍ صَحَّ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَمَا تَقَرَّرَ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَوَقُّفَ فِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ م ر
(قَوْلُهُ: وَبِهَدْيِ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ السُّنَنَ) لَوْ شَكَّ فِي إسْلَامِهِ فَإِنْ كَانَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ فَيُتَّجَهُ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ شَرْعًا بِإِسْلَامِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي دَارِ الْكُفْرِ فَهَلْ يَصِحُّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ مَانِعٌ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَانِعِ أَوْ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ هَذَا الْبَيْعِ وَهُوَ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مَحْكُومٌ بِكُفْرِ مَنْ بِدَارِ الْكُفْرِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَحْكُمُ بِكُفْرِ اللَّقِيطِ، إذَا لَمْ يُعْلَمْ بِهَا مُسْلِمٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْمُتَّجَهَ الثَّانِي فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَيْ الْأَحَادِيثَ) يَنْبَغِي وَلَوْ ضَعِيفَةً
ــ
[حاشية الشربيني]
الْجَزْمُ بِأَنَّ الْمَفْعُولَ مِنْ الصِّيغَةِ فَتَكْفِي مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ لَهُ إنْ قُلْنَا بِكِفَايَةِ مُقَارَنَتِهَا لِلْجُزْءِ وَفِيهِ تَرَدُّدٌ فِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ) وَعَلَيْهِ فَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ عِنْدَ ذِكْرِ الْعِوَضِ مَعَ خُلُوِّ نَحْوِ جَعَلْته لَك عَنْ النِّيَّةِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْأَصَحُّ قَدْ يُخَالِفُهُ مَا تَقَدَّمَ أَيْ لمر مِنْ أَنَّ مَأْخَذَ الصَّرَاحَةِ الِاشْتِهَارُ، وَالتَّكَرُّرُ عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ. (قَوْلُهُ: فَتَكُونُ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَالْأَوَّلُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فَتَكُونُ صُورَةُ الْكِنَايَةِ الصِّيغَةَ وَحْدَهَا) أَيْ: وَأَمَّا مَعَ الْعِوَضِ فَهِيَ صَرِيحَةٌ كَذَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا هُنَا، وَالْخُلْعِ؛ لِأَنَّ أَلْفَاظَ الْخُلْعِ، وَالطَّلَاقِ يَغْلِبُ عَلَيْهَا التَّعَبُّدُ وَمِنْ ثَمَّ كُنَّ مَلْحَظَ الصَّرَاحَةِ، ثُمَّ الْوُرُودِ مَعَ التَّكَرُّرِ لَا الِاشْتِهَارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وُرُودٌ وَمَا مَرَّ مِنْ الْكِنَايَاتِ لَمْ يَشْتَهِرْ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ ذُكِرَ مَعَهُ الْعِوَضُ فَلَمْ يَكُنْ صَرِيحًا فِيهِ وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ ذِكْرِهِ فَهُوَ لَا يَحْتَمِلُ الْبَيْعَ أَصْلًا وَإِنَّمَا يَحْتَمِلُهُ عِنْدَ ذِكْرِهِ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ الْكِنَايَةَ الصِّيغَةُ مَعَ ذِكْرِهِ كَمَا صَوَّرَهَا الْأَصْحَابُ بِذَلِكَ فَلَا يَلْحَقُهَا ذِكْرُهُ بِالصَّرِيحِ وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِهَا مَعَ نِيَّةِ الْعِوَضِ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ مَا مَرَّ عَنْ مُجَلِّي فِي مَلَّكْتُك وَإِنْ أَمْكَنَ تَوْجِيهُ كَلَامِهِ بِأَنَّ الْكِنَايَةَ لَمَّا قَبِلْت نِيَّةَ الْبَيْعِ قَبِلْت نِيَّةَ الْعِوَضِ تَبَعًا، بِخِلَافِ الصَّرِيحِ فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَقْبَلْ نِيَّةَ الْبَيْعِ لَمْ يَقْبَلْ نِيَّةَ الْعِوَضِ إذْ لَا شَيْءَ يَسْتَتْبِعُ نِيَّتَهُ فَانْدَفَعَ إلْزَامُ الزَّرْكَشِيّ لَهُ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَوْلُ بِذَلِكَ فِيمَا إذَا أَتَيَا بِصَرِيحٍ وَنَوَيَا الْعِوَضَ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ الصِّيغَةُ وَحْدَهَا. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: إلَّا السَّكْرَانَ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: السَّكْرَانُ مُكَلَّفٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ فَنَفْيُ التَّكْلِيفِ عَنْهُ وَاعْتِبَارُ تَصَرُّفَاتِهِ خَلْطُ طَرِيقَةٍ بِطَرِيقَةٍ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: وَالرُّشْدُ) وَهُوَ أَنْ يَبْلُغَ مُصْلِحًا لِدِينِهِ وَمَالِهِ قَالَ الْبَغَوِيّ: الصَّلَاحُ فِي الدِّينِ أَنْ يَكُونَ مُجْتَنِبًا لِلْفَوَاحِشِ، وَالْمَعَاصِي الْمُسْقِطَةِ لِلْعَدَالَةِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ
(قَوْلُهُ: وَمُصْحَفٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَا فِيهِ قُرْآنٌ، وَلَوْ قَلِيلًا وَأَجَازَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ التَّمِيمَةَ، وَالرِّسَالَةَ اقْتِدَاءً بِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: مَا فِيهِ قُرْآنٌ، وَلَوْ بَعْضَ آيَةٍ، وَلَوْ كُتِبَ لِغَيْرِ الدِّرَاسَةِ؛ لِبَقَاءِ احْتِرَامِهَا بِالنِّسْبَةِ لِتَمَلُّكِ الْكَافِرِ لَهَا وَإِنْ زَالَ بِالنِّسْبَةِ لِحِلِّ مَسِّهَا مَعَ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّ هَذَا يُحْتَاطُ لَهُ أَكْثَرُ؛ إذْ مَسُّ الْمُصْحَفِ لَيْسَ فِيهِ مِنْ الِامْتِهَانِ مَا فِي اسْتِيلَاءِ
وَكُتُبِ فِقْهٍ فِيهَا آثَارُ السَّلَفِ بَلْ قَالَ السُّبْكِيُّ: الْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ كُتُبُ عِلْمٍ، وَإِنْ خَلَتْ عَنْ الْآثَارِ تَعْظِيمًا لِلْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ قَالَ وَلَدُهُ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ: وَقَوْلُهُ تَعْظِيمًا لِلْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ يُفِيدُ جَوَازَ بَيْعِ الْكَافِرِ كُتُبَ عُلُومٍ غَيْرِ شَرْعِيَّةٍ وَيَنْبَغِي الْمَنْعُ مِنْ بَيْعِ مَا يَتَعَلَّقُ مِنْهَا بِالشَّرْعِ كَكُتُبِ النَّحْوِ، وَاللُّغَةِ (وَمُسْلِمٍ لَا يُحْكَمَنْ بِعِتْقِهِ مِنْ بَعْدُ) أَيْ: بَعْدَ الشِّرَاءِ، فَلَا يَصِحُّ شِرَاءُ الْكَافِرِ لَهَا، وَلَوْ بِنِيَابَتِهِ مُسْلِمًا؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِهَانَةِ وَإِذْلَالِ الْمُسْلِمِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] وَشَمِلَ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ الْمَذْكُورَاتِ مَا لَوْ اشْتَرَاهَا كَافِرٌ لِمُسْلِمٍ نِيَابَةً فَيَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ وَيُفَارِقُ مَنْعُ إنَابَةِ الْمُسْلِمِ كَافِرًا فِي قَبُولِ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ بِاخْتِصَاصِ النِّكَاحِ بِالتَّعَبُّدِ لِحُرْمَةِ الْأَبْضَاعِ وَبِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُتَصَوَّرُ نِكَاحُهُ لِمُسْلِمَةٍ، بِخِلَافِ مِلْكِهِ لِمُسْلِمٍ كَمَا سَيَأْتِي.
وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ صِحَّةَ بَيْعِ الْمُرْتَدِّ لِلْكَافِرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي صِحَّةِ بَيْعِهِ لَهُ الْوَجْهَانِ فِي قَتْلِهِ بِالذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ قَتْلُهُ بِهِ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لَهُ؛ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ، أَمَّا مَنْ يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ بَعْدَ الشِّرَاءِ عَلَى مَنْ يَشْتَرِي لَهُ كَأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ، وَرَقِيقٍ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ، أَوْ شَهِدَ بِهَا، وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، أَوْ قَالَ: لِمَالِكِهِ اعْتِقْهُ عَنِّي بِكَذَا، فَلَا يُعْتَبَرُ إسْلَامُ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ لِانْتِفَاءِ إذْلَالِهِ بِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ، بِخِلَافِ شِرَائِهِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَعْقِبُ الْعِتْقَ وَتَعْبِيرُهُ بِقَوْلِهِ: لَا يُحْكَمَنْ بِعِتْقِهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِقَوْلِهِ: لَا يُعْتَقُ؛ إذْ الْمُقِرُّ، وَالشَّاهِدُ قَدْ يَكُونَانِ كَاذِبَيْنِ فَهُوَ لَا يَعْتِقُ وَإِنَّمَا يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ ظَاهِرًا (كَالْمُوصَى بِهَا لَهُ) أَيْ: كَالْمُوصَى لَهُ بِالْمَذْكُورَاتِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ إسْلَامُهُ (عَلَى خُلْفٍ) فِي اعْتِبَارِهِ فِي صِحَّةِ بَيْعِهَا، وَالْإِيصَاءِ بِهَا بَلْ وَهِبَتِهَا فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ (وَمُسْتَوْهِبِهَا) أَيْ: وَكَمُسْتَوْهَبِهَا فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ إسْلَامُهُ، وَالسَّلَمُ فِيهَا كَبَيْعِهَا خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ.
وَبَيْعُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهَا كَبَيْعِ كُلِّهِ وَمُقَابِلُ قَوْلِهِ: مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى خُلْفٍ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إسْلَامُ مَنْ ذُكِرَ فَيَصِحُّ بَيْعُ الْمَذْكُورَاتِ، وَالْإِيصَاءُ بِهَا وَهِبَتُهَا لِلْكَافِرِ كَالْإِرْثِ بِجَامِعٍ أَنَّ كُلًّا سَبَبٌ لِلْمِلْكِ فَيَمْلِكُهَا، لَكِنْ يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهَا، وَفِي مَعْنَى هِبَتِهَا إهْدَاؤُهَا، وَالتَّصَدُّقُ بِهَا (دُونَ الَّذِي اسْتَأْجَرَ) هَا فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إسْلَامُهُ؛ إذْ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَيْهَا التَّسَلُّطُ التَّامُّ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَكُتُبِ فِقْهٍ إلَخْ) يَنْبَغِي الْمَنْعُ أَيْضًا فِي كُتُبِ آثَارِ السَّلَفِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ الْفِقْهِ وَغَيْرِهِ، وَكُتُبِ عِلْمٍ غَيْرِ شَرْعِيٍّ فِيهِ الْآثَارُ وَقَوْلُهُ: لِآثَارِ السَّلَفِ الْمُرَادُ الْجِنْسُ فَيَدْخُلُ الْوَاحِدُ. (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي الْمَنْعُ مِنْ بَيْعِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: وَمُسْلِمٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْحَاوِي وَمُسْلِمٍ لَا يَعْتِقُ بَعْدَهُ قَالَ النَّاشِرِيُّ (تَنْبِيهٌ)
اشْتَرَى كَافِرٌ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ مِنْ أَصْلٍ، أَوْ فَرْعٍ وَطَالَ مَجْلِسُ الْخِيَارِ فَهَذَا لَا يَعْتِقُ بَعْدَ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ لِلْبَائِعِ الْخِيَارَ فِي الْمَجْلِسِ فَهُوَ إنَّمَا يَعْتِقُ بِلُزُومِ الْمِلْكِ فَلَوْ أَتَى الْمُصَنِّفُ بِلَفْظِ يَصِحُّ لِهَذَا لَكَانَ أَوْلَى. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ الْبَعْدِيَّةَ تَشْمَلُ طُولَ الْفَصْلِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: مِنْ بَعْدُ) بِالْبِنَاءِ عَلَى الضَّمِّ وَيَجُوزُ جَرُّهُ عَلَى تَقْدِيرِ لَفْظِ الْمُضَافِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُسَمِّهِ) فِي النَّاشِرِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ سَوَاءٌ سَمَّى الْمُوَكِّلَ، أَوْ لَمْ يُسَمِّهِ، إذَا نَوَاهُ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْمِلْكَ يَقَعُ أَوَّلًا لِلْمُوَكِّلِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: إذَا نَوَاهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشِّرَاءَ لَا يَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ بِدُونِ نِيَّةٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ شَهِدَ بِهَا) عِبَارَةُ النَّاشِرِيِّ، وَلَوْ أَقَرَّ كَافِرٌ بِحُرِّيَّةِ مُسْلِمٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ، أَوْ أَتَى بِمَا هُوَ صُورَةُ شَهَادَةٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ عَتَقَ. اهـ. (قَوْلُهُ: إذْ الْمُقِرُّ، وَالشَّاهِدُ قَدْ يَكُونَانِ كَاذِبَيْنِ إلَخْ) أَقُولُ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ صِدْقِهِمَا لَا يُصَدَّقُ أَيْضًا أَنَّهُ يَعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، وَالْحُرُّ لَا يَعْتِقُ فَعِبَارَةُ الْحَاوِي لَا تَتَنَاوَلُ ذَلِكَ بِتَقْدِيرِ صِدْقِهِمَا أَيْضًا فَكَيْفَ خَصَّ عَدَمَ تَنَاوُلِهَا بِتَقْدِيرِ الْكَذِبِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ إسْلَامُهُ) يَنْبَغِي عِنْدَ الْمَوْتِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ إلَخْ)(تَنْبِيهٌ)
أَمَةٌ كَافِرَةٌ لِلْكَافِرِ حَمَلَتْ مِنْ مُسْلِمٍ، أَوْ كَافِرٍ فَأَسْلَمَ فَالْحَمْلُ مُسْلِمٌ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُؤْمَرَ مَالِكُ الْأَمَةِ الْكَافِرَةِ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ الْأُمِّ إنْ قُلْنَا الْحَمْلُ يُعْطَى حُكْمَ الْمَعْلُومِ نَاشِرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَالتَّصَدُّقُ بِهَا)(تَنْبِيهٌ)
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يَجِبُ الْجَزْمُ بِأَنْ لَا يَصِحَّ وَقْفُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ لِلْخِدْمَةِ نَاشِرِيٌّ. (قَوْلُهُ: اسْتَأْجَرَهَا) أَيْ: الْمَذْكُورَاتِ وَهَذَا شَامِلٌ لِلْمُصْحَفِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَقَالَ: وَلَهُ اسْتِئْجَارُ مُصْحَفٍ وَنَحْوِهِ. اهـ. وَيَتَعَيَّنُ مَنْعُهُ مِنْ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْكَافِرِ وَبِهِ يُرَدُّ اسْتِدْلَالُ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ بِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم؛ إذْ لَمْ يُمَلِّكْ مَا ذُكِرَ لِكَافِرٍ.
(قَوْلُهُ: آثَارُ السَّلَفِ) كَالْحِكَايَاتِ الْمَأْثُورَةِ عَنْ الصَّالِحِينَ. اهـ. زي عَلَى الْمَنْهَجِ وَمِثْلُ الْآثَارِ أَسْمَاءُ الْأَنْبِيَاءِ قَالَ ع ش: بَلْ يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهَا أَسْمَاءُ صُلَحَاءِ الْمُؤْمِنِينَ حَيْثُ وُجِدَ مَا يُعَيِّنُ الْمُرَادَ بِهَا كَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ. (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُتَصَوَّرُ نِكَاحُهُ إلَخْ) أَيْ: ابْتِدَاءً فَلَا يَرِدُ مَا لَوْ أَسْلَمَتْ زَوْجَتُهُ. اهـ. شَيْخُنَا ذ.
(قَوْلُهُ: مِلْكِهِ لِمُسْلِمٍ) أَيْ: بِنَحْوِ الْإِرْثِ كَالْفَسْخِ وَاسْتِعْقَابِ الْعِتْقِ وَلَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ ق ل.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَخْ) بِخِلَافِ الْمُنْتَقِلِ مِنْ دِينٍ لِآخَرَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِكَافِرٍ وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ غَيْرُ الْإِسْلَامِ. اهـ. ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: فِي اعْتِبَارِهِ فِي صِحَّةِ بَيْعِهِ) ، أَمَّا حِلُّهُ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِسْلَامُ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ.
(قَوْلُهُ: دُونَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهَا) مِثْلُهُ الْمُسْتَعِيرُ، وَالرَّاهِنُ، لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْعَيْنِ فِي غَيْرِ نَحْوِ الْمُصْحَفِ، أَمَّا فِيهِ فَيُكْرَهُ، سَوَاءٌ عَقَدَ عَلَى الْعَيْنِ، أَوْ الذِّمَّةِ وَعَلَى كُلٍّ لَا تُسَلَّمُ الْعَيْنُ إلَيْهِ بَلْ يَقْبِضُهَا عَنْهُ الْحَاكِمُ، ثُمَّ يَأْمُرُهُ وُجُوبًا بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهَا فِي نَحْوِ إجَارَةٍ لِلْعَيْنِ ثَمَّ وَيَمْنَعُهُ مِنْ اسْتِخْدَامِ الْمُسْلَمِ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ الَّذِي اعْتَمَدَهُ م ر تَخْصِيصَ كَرَاهَةِ إجَارَةِ الْمُسْلِمِ، وَالْأَمْرَ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ عَنْ الْمَنَافِعِ بِالْإِجَارَةِ الْعَيْنِيَّةِ. اهـ.، ثُمَّ رَأَيْته فِي الْحَاشِيَةِ هُنَا.
(قَوْلُهُ: إجَارَةُ عَيْنِهِ) وَكَذَا يُكْرَهُ إجَارَةُ نَحْوِ الْمُصْحَفِ فِي الذِّمَّةِ. اهـ. شَيْخُنَا ذ عَنْ حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ
وَإِنَّمَا يَسْتَوْفِي مَنْفَعَتَهَا بِعِوَضٍ، وَقَدْ أَجَرَ عَلِيٌّ رضي الله عنه نَفْسَهُ لِكَافِرٍ فَتَصِحُّ إجَارَةُ مُسْلِمٍ مِنْ كَافِرٍ لِعَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ، أَوْ عَلَى عَيْنِهِ، لَكِنْ تُكْرَهُ إجَارَةُ عَيْنِهِ (وَ) دُونَ (الْمُسْتَرْجِعِ) لَهَا (بِالْعَيْبِ، أَوْ إقَالَةٍ) أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ الْفُسُوخِ فَلَوْ بَاعَ كَافِرٌ مِنْهَا شَيْئًا بِثَوْبٍ مَثَلًا، ثُمَّ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ يَجْعَلُ الْأَمْرَ كَمَا كَانَ وَلِهَذَا لَا تَثْبُتُ بِهِ الشُّفْعَةُ (وَ) دُونَ (الْمُودَعِ) عِنْدَهُ الْمَذْكُورَاتُ وَدُونَ الْمُسْتَعِيرِ لَهَا كَالْمُسْتَأْجِرِ بَلْ أَوْلَى؛ إذْ لَيْسَ لَهُمَا حَقٌّ لَازِمٌ.
(وَ) دُونَ (وَارِثٍ) لَهَا؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ قَهْرِيٌّ وَيُتَصَوَّرُ مِلْكُ الْكَافِرِ لَهَا حَتَّى تُورَثَ عَنْهُ بِأَنْ يَكْتُبَ الْمُصْحَفَ وَنَحْوَهُ وَيَمْلِكَ كَافِرًا فَيُسْلِمَ، أَوْ مُسْلِمًا بِطَرِيقٍ مِمَّا يَأْتِي ثُمَّ يَمُوتَ عَنْهَا فَيَمْلِكَهَا وَارِثُهُ (وَذِي ارْتِهَانٍ) أَيْ: وَدُونَ الْمُرْتَهِنِ لَهَا؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ مُجَرَّدُ اسْتِيثَاقٍ، وَلَا يُوضَعُ تَحْتَ يَدِهِ بَلْ عِنْدَ عَدْلٍ (وَأَمَرْ بِأَنْ يُزِيلَ الْمِلْكَ عَنْهُ) أَيْ: وَأَمَرَ الْحَاكِمُ (مَنْ كَفَرَ) بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ كُلٍّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ بِبَيْعٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ عِتْقٍ أَوْ وَقْفٍ، أَوْ غَيْرِهَا؛ دَفْعًا لِلْإِهَانَةِ، وَالْإِذْلَالِ وَقَطْعًا لِسُلْطَةِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَلَا يُحْكَمُ بِزَوَالِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَتْ الزَّوْجَةُ تَحْتَ كَافِرٍ؛ إذْ مِلْكُ النِّكَاحِ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ فَتَعَيَّنَ الْبُطْلَانُ بِخِلَافِ مِلْكِ الْيَمِينِ وَشَمِلَ تَعْبِيرُهُ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ
ــ
[حاشية العبادي]
تَسَلُّمِ الْمُصْحَفِ؛ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ، وَأَمَّا تَسَلُّمُ الْمُسْلِمِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ مَا قِيلَ فِي تَسَلُّمِهِ، إذَا رُهِنَ مِنْهُ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ فِي التَّسَلُّمِ مَعَ الْمِلْكِ إذْلَالًا بِخِلَافِهِ مَعَ مُجَرَّدِ الِاسْتِيثَاقِ وَقَوْلُنَا مَعَ الْمِلْكِ أَيْ: مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَرْجِعِ) هَلْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ قَبْضُ الْمُسْتَرْجِعِ الْمَذْكُورِ كَمَا يَمْتَنِعُ قَبْضُ مَنْ أَسْلَمَ قَبَضَ قَبْضَهُ كَمَا يَأْتِي وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَقْبِضُهُ لَهُ الْقَاضِي كَمَا يَقْبِضُهُ لَهُ فِيمَا يَأْتِي أَوْ لَا؟ وَيُفَرَّقُ بِتَوَقُّفِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ ثُمَّ عَلَى الْقَبْضِ بِخِلَافِهِ هُنَا فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: بِالْعَيْبِ أَوْ إقَالَةٍ) قَالَ النَّاشِرِيُّ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: مِثْلُهُ فَوَاتُ شَرْطِ الْفَضِيلَةِ كَالْخِيَاطَةِ، وَالْكِتَابَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَلَوْ قِيلَ يَمْتَنِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّهُ لِمَا حَدَثَ فِي يَدِهِ مِنْ الْإِسْلَامِ الْمُقْتَضِي لِرَفْعِ يَدِهِ وَيَدِ أَمْثَالِهِ مِنْ الْكُفَّارِ لَكَانَ مُتَّجَهًا وَحَاصِلُ مَا فِي الْإِقَالَةِ ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ يُفَرَّقُ فِي الثَّالِثِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الطَّلَبُ مِنْ الْمُسْلِمِ فَيَجُوزُ، أَوْ مِنْ الْكَافِرِ فَلَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَدُونَ الْمُودَعِ عِنْدَهُ الْمَذْكُورَاتُ إلَخْ) كَالصَّرِيحِ فِي جَوَازِ إيدَاعِ الْمُصْحَفِ عِنْدَ الْكَافِرِ وَإِعَارَتِهِ لَهُ فَإِنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَذْكُورَاتِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ مَسُّهُ؛ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ وَعَلَى هَذَا يَنْتَفِعُ فِي صُورَةِ الْإِعَارَةِ بِنَحْوِ النَّظَرِ فِيهِ هَذَا، وَقَدْ اسْتَشْكَلَ السُّبْكِيُّ إيدَاعَ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ مِنْ جِهَةِ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ سِيَّمَا الصَّغِيرَ قَالَ: وَاَلَّذِي لَا أَشُكُّ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إيدَاعُ الْمُصْحَفِ عِنْدَهُ وَأَفْتَى الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بِمَنْعِ دَفْعِ الْمُصْحَفِ إلَى ذِمِّيٍّ يُجَلِّدُهُ وَقَالَ: لَا يُدْفَعُ نَحْوُ الْمُصْحَفِ إلَى كَافِرٍ لَا يُرْجَى إسْلَامُهُ. اهـ. وَقُوَّةُ الْمَتْنِ تُعْطِي أَنَّ الْعَارِيَّةُ، وَالْوَدِيعَةَ لَا يَخْرُجَانِ عَنْ يَدِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: لَا يُدْفَعُ الْمُصْحَفُ إلَى كَافِرٍ لَا يُرْجَى إسْلَامُهُ شَامِلٌ لِدَفْعِهِ عَارِيَّةً وَدَفْعُهُ وَدِيعَةً وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ تَقْيِيدِ جَوَازِهِمَا بِرَجَاءِ الْإِسْلَامِ يَتَعَيَّنُ فِي الْإِعَارَةِ لِلتَّعَلُّمِ مِنْهُ أَيْ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ، وَوَجِيهٌ فِي الْإِيدَاعِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ عَدَمَ التَّقْيِيدِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بَلْ عِنْدَ عَدْلٍ) وَهَلْ يَقْبِضُهَا، ثُمَّ تُوضَعُ عِنْدَ الْعَدْلِ أَوْ تُسَلَّمُ لِلْعَدْلِ أَوَّلًا؟ احْتِمَالَانِ ذَكَرُهُمَا ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَالثَّانِي هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُوَ أَصَحَّهُمَا. اهـ. وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ فِي الْمُصْحَفِ؛ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ وَاسْتِنَابَةُ غَيْرِ الْعَدْلِ فِي قَبْضِهِ أَوَّلًا لَا مَعْنَى لَهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ، فَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَالْقَاضِي قَبَضَ إلَخْ بِقُوَّةِ الْيَدِ، ثُمَّ لِوُجُودِ الْمِلْكِ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَقَفَهُ) لَا عَلَى ذِمِّيٍّ كَمَا بَسَطَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الزَّرْكَشِيّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الْمَجْمُوعِ)
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ أَيْضًا:) لَكِنْ تُكْرَهُ إجَارَةُ عَيْنِهِ خَرَجَ بِإِجَارَةِ الْعَيْنِ إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ فِيهَا يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُ الْعَمَلِ بِغَيْرِهِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ عَنْ الزَّرْكَشِيّ وَظَاهِرٌ أَنْ قَوْلَهُ يُمْكِنُهُ إلَخْ لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحْصِيلِهِ بِغَيْرِهِ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ ذَلِكَ الْإِمْكَانَ يَجْعَلُهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَبَرِّعِ. اهـ. سم بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يُزِيلَ الْمِلْكَ) أَيْ: فِيمَا فِيهِ مِلْكٌ وَيُؤْمَرَ بِإِزَالَةِ الْيَدِ فِيمَا لَا مِلْكَ فِيهِ كَالرَّهْنِ، الْوَدِيعَةِ، وَالْعَارِيَّةَ
إزَالَتَهُ عَمَّا مَلَكَهُ مِنْ مَنَافِعِ شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ بِأَنْ يُؤَجِّرَهُ لِمُسْلِمٍ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الْمَجْمُوعِ (وَلَوْ) كَانَ مَا أَمَرَهُ بِهِ الْحَاكِمُ (كِتَابَةً) لِلْمُسْلِمِ، وَإِنْ لَمْ يَزُلْ بِهَا الْمِلْكُ لِإِفَادَتِهَا الِاسْتِقْلَالَ، بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ، وَالرَّهْنِ، وَالْإِجَارَةِ، وَالتَّزْوِيجِ، وَالْحَيْلُولَةِ.
وَعَبَّرَ الْحَاوِي عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ: كَكِتَابَةٍ فَهُوَ تَنْظِيرٌ لِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ لَا تَمْثِيلٌ لَهُ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ النَّظْمِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَقْتَضِي أَنَّ الْكِتَابَةَ تُزِيلُ الْمِلْكَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (وَفِيمَنْ دُبِّرَا وَأُمِّ فَرْعٍ بِالْفِرَاقِ أُمِرَا) أَيْ: وَأُمِرَ الْكَافِرُ فِي مُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ إذَا أَسْلَمَ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا بِأَنْ يَضَعَهُمَا عِنْدَ عَدْلٍ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِمَا، وَيَسْتَكْسِبَانِ لَهُ لِتَعَذُّرِ نَقْلِ الْمِلْكِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَإِبْطَالِ حَقِّ الْعِتْقِ فِي الْمُدَبَّرِ فَإِنْ امْتَنَعَ فَرَّقَ الْحَاكِمُ، وَلَا يُكَلَّفُ السَّيِّدَ إعْتَاقُهُمَا لِلْإِجْحَافِ، وَلَا بَيْعُ الْمُدَبَّرِ لِإِبْطَالِ حَقِّهِ مِنْ الْعِتْقِ نَعَمْ إنْ تَأَخَّرَ تَدْبِيرُهُ عَنْ إسْلَامِهِ كُلِّفَ بَيْعُهُ، وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْعِمْرَانِيُّ: كَالْقِنِّ وَالْمَاوَرْدِيُّ كَالْمُدَبَّرِ (وَلِامْتِنَاعٍ) أَيْ: وَلِأَجْلِ امْتِنَاعِ الْكَافِرِ مِنْ إزَالَةِ الْمِلْكِ عَمَّا ذُكِرَ، وَالْكِتَابَةِ لَهُ (بِيعَ) أَيْ: بَاعَهُ الْحَاكِمُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ كَمَا يَبِيعُ مَالَ الْمُمْتَنِعِ مِنْ أَدَاءِ الْحَقِّ بَلْ أَوْلَى فَإِنْ لَمْ يَجِدْ رَاغِبًا بِثَمَنِ مِثْلِهِ صَبَرَ وَأَحَالَ بَيْنَهُمَا إلَى أَنْ يُوجَدَ وَيَسْتَكْسِبُ لَهُ.
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَقِيَاسُ هَذَا فِي الْمُسْتَأْجِرِ إذَا أَمَرْنَاهُ بِالْإِزَالَةِ فَامْتَنَعَ أَنْ يُؤَجِّرَهُ الْحَاكِمُ، لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنَّهُ يَفْسَخُ فَإِنْ قُلْت هَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْحَاكِمِ بَيْعُ الْمُسْلِمِ، أَوْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كِتَابَتِهِ كَالْمَالِكِ؟ قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَعَيُّنِ بَيْعِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَصْلَحَةِ الْمَالِكِ بِقَبْضِ الثَّمَنِ حَالًّا
(وَالْقَاضِي قَبَضْ لَهُ إنْ اشْتَرَاهُ فَالْهُدَى عَرَضْ) أَيْ: وَإِنْ اشْتَرَى الْكَافِرُ كَافِرًا فَأَسْلَمَ قَبْلَ قَبْضِهِ قَبَضَهُ لَهُ الْحَاكِمُ، وَلَا يَقْبِضُهُ الْمُشْتَرِي؛ لِئَلَّا يَتَسَلَّطَ عَلَى الْمُسْلِمِ، ثُمَّ يَأْمُرُهُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ كَمَا مَرَّ وَإِنَّمَا قَبَضَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، إلَّا بِالْعِتْقِ وَالْوَقْفِ وَلَيْسَا بِمُتَعَيِّنَيْنِ عَلَيْهِ فَعُلِمَ أَنَّ إسْلَامَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يُبْطِلُ الْبَيْعَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَبَقَ، بِخِلَافِ الْعَصِيرِ إذَا تَخَمَّرَ قَبْلَ قَبْضِهِ لِزَوَالِ الْمَالِيَّةِ قَالَ الْإِمَامُ: وَلِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ
(فَرْعٌ)
قَالَ الْمَحَامِلِيُّ: لَا يَدْخُلُ عَبْدٌ مُسْلِمٌ فِي مِلْكِ كَافِرٍ ابْتِدَاءً إلَّا فِي سِتِّ مَسَائِلَ: إرْثٌ، وَاسْتِرْجَاعٌ بِفَلَسٍ، وَرُجُوعٌ فِي هِبَةِ لِوَلَدِ، وَرَدٌّ بِعَيْبٍ، وَالْتِمَاسُ عِتْقٍ وَعَجْزٌ عَنْ كِتَابَةٍ فِيمَا إذَا كَاتَبَهُ فَأَسْلَمَ، ثُمَّ عَجَزَ فَعَجَّزَهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَفِي هَذِهِ تَسَاهُلٌ؛ إذْ الْمِلْكُ لَمْ يَزُلْ لِيَتَجَدَّدَ بِالتَّعْجِيزِ قَالَ: وَتَرَكَ سَابِعَةً وَهِيَ شِرَاءُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ صُوَرًا يَرْجِعُ أَكْثَرُ الصَّحِيحِ مِنْهَا إلَى صُورَتَيْ الرَّدِّ بِالْفَلَسِ، وَالْعَيْبِ بِجَامِعِ الْفَسْخِ
. وَلِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ شُرُوطٌ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ: (فِي نَافِعٍ) أَيْ: إنَّمَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ فِي نَافِعٍ (شَرْعًا) فِي الْحَالِ كَالْمَاءِ بِالشَّطِّ، وَالتُّرَابِ بِالصَّحْرَاءِ، أَوْ فِي
ــ
[حاشية العبادي]
قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ فَرْضِ هَذَا الْخِلَافِ: وَالتَّصْحِيحِ فِي الْمُسْلِمِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ إجَارَةِ الذِّمَّةِ وَإِجَارَةِ الْعَيْنِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ أَصْلِهِ أَنَّهُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ دُونَ إجَارَةِ الذِّمَّةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ فِيهَا يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُ الْعَمَلِ بِغَيْرِهِ. اهـ. وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ:؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ فِيهَا إلَخْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجْرِي فِي الْمُصْحَفِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: اللَّازِمُ لَهُ إزَالَةُ مِلْكِهِ عَنْ مَنْفَعَتِهِ، أَوْ عَدَمُ الِانْتِفَاعِ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَهُ: يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُ الْعَمَلِ بِغَيْرِهِ لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحْصِيلِهِ بِغَيْرِهِ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ ذَلِكَ الْإِمْكَانَ يَجْعَلُهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَبَرِّعِ. (قَوْلُهُ: وَالْحَيْلُولَةِ) أَيْ: فَلَا تَكْفِي هَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ وَلَا تَصِحُّ عَلَى الْأَقْرَبِ عِنْدَ الزَّرْكَشِيّ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: وَفِيمَنْ دَبَّرَا) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ، أَوْ لِلْمَفْعُولِ. (قَوْلُهُ: وَيُنْفِقُ عَلَيْهِمَا وَيَسْتَكْسِبَانِ لَهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي إذَا طُلِبَ مِنْهُ بَيْعُ الْمُسْتَوْلَدَةِ مِنْ نَفْسِهَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى ذَلِكَ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِجْحَافِ بِالْمَالِكِ بِتَأْخِيرِ الثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ نَعَمْ إنْ طَلَبَ غَيْرُهُ افْتِدَاءَهَا مِنْهُ بِقَدْرِ قِيمَتِهَا فَالظَّاهِرُ إجْبَارُهُ. اهـ.، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْإِجْبَارِ بَلْ امْتِنَاعُ الِافْتِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَبَيْعُ أُمِّ الْوَلَدِ مُمْتَنِعٌ م ر
(قَوْلُهُ: وَلَا يَقْبِضُهُ الْمُشْتَرِي إلَخْ) فَإِنْ قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ يُوَكِّلَ مُسْلِمًا لِيَقْبِضَهُ لَهُ فَمَا الْحَاجَةُ إلَى الْقَاضِي؟ قُلْت: وَكِيلُهُ يَدُهُ كَيَدِهِ فَلَمْ يُمَكِّنُوهُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَوْعَ اسْتِيلَاءٍ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَبَضَهُ بِوَكِيلِهِ شَرْحُ حَجَرٍ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِمَامُ وَلِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ، وَلَوْ اشْتَرَى كَافِرٌ عَبْدًا فَأَسْلَمَ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُسْلِمًا لَمْ يَنْفَسِخْ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ قَبَضَهُ الْقَاضِي ثُمَّ أَمَرَهُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ كَمَا مَرَّ، أَوْ قَبْلَ اللُّزُومِ أَوْ كَانَ الْبَائِعُ كَافِرًا فَفِي انْفِسَاخِهِ تَرَدُّدٌ. وَقَوْلُهُ: وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ قَالَهُ الْإِمَامُ وَأَقَرَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ قِيلَ: وَفِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ؛ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْعُيُوبِ أَنَّ إسْلَامَهُ إنْ نَقَصَتْ بِهِ قِيمَتُهُ تَخَيَّرَ، وَإِلَّا فَلَا. اهـ. وَعِبَارَةُ الْغَزَالِيِّ فِي الْأَخِيرَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ: أَوْ كَانَ الْبَائِعُ كَافِرًا، فَإِذَا اشْتَرَاهُ مِنْ كَافِرٍ فَفِي الِانْفِسَاخِ وَجْهَانِ وَأَوْلَى بِأَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ؛ لِأَنَّهُ كَيْفَمَا تَرَدَّدَ انْقَلَبَ إلَى كَافِرٍ، وَالِاسْتِصْحَابُ أَوْلَى. اهـ. وَوَجَّهَ فِي الذَّخَائِرِ الِانْفِسَاخَ بِأَنَّ الْمِلْكَ بِالِانْفِسَاخِ يَقَعُ قَهْرًا فَهُوَ أَوْلَى مِنْ إمْضَاءِ الْمِلْكِ الِاخْتِيَارِيِّ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَمُولِيُّ وَنَقَلَ مَا مَرَّ عَنْ الْغَزَالِيِّ عَنْ الْإِمَامِ وَقَالَ عَنْهُ: الْوَجْهُ الِانْفِسَاخُ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ إطْلَاقَ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: قَدْ تَقْتَضِي إلَخْ) قَالَ م ر: قَدْ يُقَالُ: إنَّهَا تُزِيلُ مِلْكَ الْمَنَافِعِ أَوْ إنَّهَا تُزِيلُهُ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ، أَوْ إنَّ قَوْلَهُ: وَلَوْ كِتَابَةً عَائِدٌ لِمَا يَأْمُرُهُ بِهِ الْحَاكِمُ لِإِزَالَةِ الْمِلْكِ. اهـ.، وَالْأَخِيرُ هُوَ مَا حَاوَلَهُ الشَّارِحُ فِي الْحِلِّ.
(قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر. اهـ. هَامِشُ شَرْحِ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: قَبَضَهُ لَهُ الْحَاكِمُ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَقَبَضَ وُجُوبًا حَاكِمٌ، أَوْ نَائِبُهُ حَتَّى يَصِحَّ التَّصَرُّفُ فِيهِ، ثُمَّ يُكَلِّفُهُ رَفْعَ يَدِهِ عَنْهُ. اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَوْ قَبَضَهُ
الْمَآلِ كَالْجَحْشِ الصَّغِيرِ، بِخِلَافِ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ كَحِدَأَةٍ، وَرَخَمَةٍ وَغُرَابٍ، وَإِنْ كَانَ فِي أَجْنِحَةِ بَعْضِهَا نَفْعٌ، وَحَشَرَاتٍ لَا تَنْفَعُ، وَإِنْ ذَكَرَ لَهَا مَنَافِعَ فِي الْخَوَاصِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ مَالًا فَلَا يُقَابَلُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ وَقَدْ نَهَى عَنْهَا وَبِخِلَافِ مَا فِيهِ نَفْعٌ مُحَرَّمٌ شَرْعًا كَالْأَصْنَامِ وَصُوَرِ الْحَيَوَانِ وَآلَةِ اللَّهْوِ كَالْمِزْمَارِ، وَالطُّنْبُورِ، وَإِنْ عُدَّ رُضَاضُهَا مَالًا؛ لِأَنَّهَا مَا دَامَتْ عَلَى هَيْئَتِهَا لَا يُقْصَدُ مِنْهَا سِوَى الْأَمْرِ الْمُحَرَّمِ، وَقَدْ «حَرَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْعَ الْأَصْنَامِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، بِخِلَافِ إنَاءِ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ يَصِحُّ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ عَيْنُ النَّقْدِ وَلِأَنَّهُ يَحِلُّ اسْتِعْمَالُهُ لِلْحَاجَةِ وَيَصِحُّ بَيْعُ دُودِ الْقَزِّ وَبَيْعُ الْعَلَقِ لِمَنْفَعَةِ امْتِصَاصِ الدَّمِ، وَفِي شِرَائِهِ مُغَنِّيَةً بِأَلْفَيْنِ تُسَاوِي أَلْفًا بِلَا غِنَاءٍ وُجُوهٌ ثَالِثُهَا إنْ قَصَدَ الْغِنَاءَ بَطَلَ، وَإِلَّا، فَلَا، وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ صِحَّتُهُ مُطْلَقًا قَالَ: وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي كَبْشِ نِطَاحٍ وَدِيكِ هِرَاشٍ (وَلَوْ) كَانَ النَّافِعُ شَرْعًا (قَدْ أُوجِرَا) فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ بَيْعُهُ، سَوَاءٌ بِيعَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَمْ غَيْرِهِ؛ إذْ الْإِجَارَةُ إنَّمَا تَرِدُ عَلَى الْمَنْفَعَةِ، فَلَا تَمْنَعُ بَيْعَ الرَّقَبَةِ، وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِشِرَاءِ الْمُسْتَأْجِرِ بَلْ يَجْتَمِعُ الْمِلْكُ، وَالْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ قَدْ تَقَرَّرَ أَوَّلًا، فَلَا يَبْطُلُ بِطُرُوِّ مِلْكِ الرَّقَبَةِ، وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ تَبَعِيَّتُهَا لَهَا لَوْلَا مِلْكُهَا أَوَّلًا كَمَا أَنَّهُ إذَا مَلَكَ ثَمَنَ غَيْرِ مُؤَبَّرَةٍ، ثُمَّ اشْتَرَى أَصْلَهَا لَا يَبْطُلُ مِلْكُهَا، وَإِنْ كَانَتْ تَتْبَعُهُ لَوْلَا مِلْكُهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا؛ لِأَنَّ مِلْكَ الرَّقَبَةِ فِي النِّكَاحِ يَغْلِبُ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ، وَفِي الْإِجَارَةِ بِالْعَكْسِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى سَيِّدِ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ تَسْلِيمُهَا مُطْلَقًا، وَإِنْ قَبَضَ الصَّدَاقَ، وَفِي الْإِجَارَةِ يَجِبُ التَّسْلِيمُ بَعْدَ قَبْضِ الْأُجْرَةِ وَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ فِي الْإِجَارَةِ لَا حَقَّ فِيهَا لِلْمَالِكِ بِخِلَافِ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ فِي النِّكَاحِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ كَانَ الْمَهْرُ لِلسَّيِّدِ (تَنْبِيهٌ)
لَوْ عَرَضَ انْفِسَاخُ الْإِجَارَةِ بِرَدٍّ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ فَفِي مَنْفَعَةِ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ وَجْهَانِ جَوَابُ ابْنِ الْحَدَّادِ أَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي لِزَوَالِ الْمَانِعِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى مُزَوَّجَةً وَطَلُقَتْ تَكُونُ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ لَهُ لَا لِلْبَائِعِ وَجَوَابُ أَبِي زَيْدٍ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَصَحَّحَهُ فِي الْبَحْرِ: إنَّهَا لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَمْلِكْ مَنَافِعَ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: إنْ قُلْنَا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ فَالْمَنْفَعَةُ لِلْبَائِعِ وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي، وَالنَّافِعُ شَرْعًا (كَالْحَقِّ فِي الْمَمَرِّ، أَوْ) الْحَقِّ (لِلْمَاجَرَى) أَيْ: لِمَجْرَى الْمَاءِ (وَ) الْحَقِّ (لِلْبِنَاءِ) كُلٌّ مِنْهَا (فَوْقَ سَقْفٍ) وَخَصَّهَا فِي الذِّكْرِ؛ لِمَا فِي تَمْلِيكِهَا بِالْعِوَضِ مُؤَبَّدًا مِنْ الْغَرَابَةِ وَلِهَذَا كَانَ الْأَرْجَحُ أَنَّ الْعَقْدَ عَلَيْهَا لَيْسَ بَيْعًا مَحْضًا، وَإِنْ اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ، وَلَا إجَارَةً مَحْضَةَ بَلْ فِيهِ شَائِبَةُ بَيْعٍ؛ لِكَوْنِهِ مُؤَبَّدًا، وَلَا يَنْفَسِخُ بِالْهَدْمِ وَإِجَارَةٍ لِوُرُودِهِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ، فَلَا تُمْلَكُ بِهِ عَيْنٌ، وَإِنْ أَوْهَمَ خِلَافَهُ تَعْبِيرُ الشَّافِعِيِّ وَكَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ بِبَيْعِ السَّطْحِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ وَيَصِحُّ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَبِلَفْظِ الْإِجَارَةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مُدَّةٍ فَإِنْ ذُكِرَتْ تَعَيَّنَ لَفْظُ الْإِجَارَةِ وَجَازَ تَأْيِيدُ هَذِهِ الْحُقُوقِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا عَلَى التَّأْبِيدِ، وَغَيْرِ السَّقْفِ كَالسَّقْفِ فِيمَا ذُكِرَ.
وَإِنَّمَا خَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَغَرِمْ بِالْهَدْيِ لِلْفُرْقَةِ) أَيْ: وَغَرِمَ الْهَادِمُ بَائِعًا، أَوْ غَيْرَهُ بِهَدْمِهِ السَّقْفَ لِلْمُشْتَرِي (فِي كُلِّ) أَيْ: كُلٍّ مِنْ الْحُقُوقِ الثَّلَاثَةِ (الْقِيَمِ) أَيْ قَيِّمُهَا لِلْفُرْقَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ بِالْهَدْمِ فَيَسْتَرِدُّهَا بَعْدَ إعَادَةِ السَّقْفِ لِارْتِفَاعِ الْحَيْلُولَةِ نَعَمْ إنْ هَدَمَهُ فِي الثَّالِثَةِ بَعْدَ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ فَالْقِيَاسُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الصُّلْحِ أَنْ يُقَالَ إنْ
ــ
[حاشية العبادي]
الشَّارِحِ ثُبُوتَ الْخِيَارِ ذَهَابٌ مِنْهُ إلَى عَدَمِ الِانْفِسَاخِ، وَلَوْ قَبْلَ اللُّزُومِ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ كَافِرًا وَلْيُحَرَّرْ. لِمَ جَرَى وَجْهٌ بِالِانْفِسَاخِ، إذَا كَانَ الْبَائِعُ كَافِرًا دُونَ مَا إذَا كَانَ مُسْلِمًا
(قَوْلُهُ: كَالْجَحْشِ الصَّغِيرِ) أَيْ بِأَنْ مَاتَتْ أُمُّهُ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي امْتِنَاعُ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْحَيَوَانِ الصَّغِيرِ وَأُمِّهِ قَبْلَ اسْتِقْلَالِهِ م ر. (قَوْلُهُ: وَالطُّنْبُورِ) وَلَوْ مِنْ نَقْدٍ. (قَوْلُهُ: يَصِحُّ بَيْعُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ مِنْ مَنْعِ بَيْعِ آلَاتِ الْمَلَاهِي، وَالصُّوَرِ الْمُتَّخَذَةُ مِنْهُمَا أَيْ: مِنْ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ؛ لِأَنَّ آنِيَتَهُمَا يُبَاحُ اسْتِعْمَالُهَا لِلْحَاجَةِ بِخِلَافِ تِلْكَ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَقْصُودَ عَيْنُ النَّقْدِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ، وَمِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ السَّابِقِ: لَا يُقْصَدُ مِنْهَا سِوَى الْأَمْرِ الْمُحَرَّمِ صِحَّةُ بَيْعِ الْحَلَاوَةِ الْمَعْمُولَةِ عَلَى صُورَةِ الْحَيَوَانِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الْعَلَائِقُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا عَيْنُهَا م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِشِرَاءِ الْمُسْتَأْجِرِ) لَوْ بَاعَهَا الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ شِرَائِهَا فَهَلْ تَدْخُلُ مَنْفَعَةُ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ فِي الْبَيْعِ؟ الْمُتَّجَهُ نَعَمْ؛ أَخْذًا مِمَّا قَالَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ لَوْ اشْتَرَى الرَّقَبَةَ، ثُمَّ بَاعَهَا انْتَقَلَتْ بِمَنَافِعِهَا إلَى الْمُشْتَرِي فَإِنْ اسْتَثْنَى الْبَائِعُ الْمَنْفَعَةَ الَّتِي لَهُ بِالْإِجَارَةِ بَطَلَ الْبَيْعُ حَجَرٌ ش ج فِي الْإِجَارَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَمْلِكْ إلَخْ) بِخِلَافِ مُشْتَرِي الْمُزَوَّجَةِ فَإِنَّ لَهُ مَنَافِعَ مُدَّةِ الزَّوْجِ بِدَلِيلِ اسْتِحْقَاقِهِ الْمَهْرَ الْوَاجِبَ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ م ر. (قَوْلُهُ لِلْمَاجَرَى) يَجُوزُ جَعْلُهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: مَجْرَى الْمَاجَرَى وَبَقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَاعْتِبَارُ قَيْدِ الْحَيْثِيَّةِ أَيْ: لِلْمَاءِ جَرَى مِنْ حَيْثُ جَرَيَانُهُ فَيَكُونُ حَاصِلُ مَعْنَاهُ لِجَرَيَانِ الْمَاءِ.
(قَوْلُهُ: وَجَازَ تَأْبِيدُ إلَخْ) فَعُلِمَ أَنَّهُ يَصِحُّ مَعَ لَفْظِ الْإِجَارَةِ لِجَوَازِ التَّأْبِيدِ، وَالتَّأْقِيتِ. (قَوْلُهُ: وَغَرِمَ بِالْهَدْمِ)
ــ
[حاشية الشربيني]
هُوَ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ لِفَسَادِ قَبْضِهِ فَحَرِّرْ
(قَوْلُهُ: صِحَّتُهُ مُطْلَقًا) قَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُشْرَطْ فِيهِ كَوْنُهَا مُغَنِّيَةً غِنَاءً حَرَامًا وَإِلَّا بَطَلَ، سَوَاءٌ زَادَتْ الْقِيمَةُ بِذَلِكَ، أَوْ نَقَصَتْ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَدْ أُوجِرَ) أَيْ: أَوْ أُوصِيَ بِمَنْفَعَتِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً لَا إنْ أُوصِيَ بِهَا أَبَدًا إلَّا إذَا بِيعَ لِمَالِكِ الْمَنْفَعَةِ. اهـ. نَاشِرِيٌّ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ لَهُ مَنْفَعَةً وَهِيَ الْعِتْقُ. (قَوْلُهُ: يَغْلِبُ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ) أَيْ: لِضَعْفِ مِلْكِهِ الْمَنْفَعَةَ فِيهِ؛ إذْ الزَّوْجُ إنَّمَا يَمْلِكُ الِانْتِفَاعَ فَقَطْ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْإِجَارَةِ بِالْعَكْسِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ فِيهَا يُقَاوِمُ مِلْكَ الرَّقَبَةِ لِمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ فِيهَا حَقِيقَةً لَا الِانْتِفَاعَ فَلَمْ يَقْوَ مِلْكُ الرَّقَبَةِ عَلَى إبْطَالِهِ كَمَا هُوَ حَاصِلُ مَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْفَسْخُ بِالْإِقَالَةِ يَكُونُ لِلْبَائِعِ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ تَدْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهَا قَطْعًا. اهـ. نَاشِرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِلْمَاجَرَى) لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي الْمَاءِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى السَّقْفِ أَنْ يَكُونَ مَاءُ الْمَطَرِ لَا مَاءَ نَحْوِ غُسَالَةٍ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: ذِكْرِ مُدَّةٍ) أَيْ مَعْلُومَةٍ حَجَرٌ شَرْحُ الْإِرْشَادِ.
(قَوْلُهُ:
أَوْجَبْنَا فِي هَدْمِ جِدَارِ الْغَيْرِ إعَادَتَهُ وَهُوَ مَا فِي التَّهْذِيبِ، وَغَيْرِهِ عَنْ النَّصِّ لَزِمَهُ إعَادَةُ السَّقْفِ، وَالْبِنَاءِ، أَوْ أَرْشُهُ، وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْجِدَارَ لَيْسَ مِثْلِيًّا لَزِمَهُ أَرْشُ نَقْصِ الْبِنَاءِ وَقِيمَةُ حَقِّهِ لِلْفُرْقَةِ فَيَسْتَرِدُّهَا دُونَ الْأَرْشَ بَعْدَ إعَادَةِ السَّقْفِ وَعَلَى الثَّانِي نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَبِهِ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّاظِمُ كَأَصْلِهِ فِي الْغَصْبِ وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِيهِ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا فِيهِ فَإِطْلَاقُ النَّاظِمِ وَأَصْلِهِ لُزُومَ الْقِيمَةِ هُنَا صَحِيحٌ وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ، لَكِنَّهُ خَالَفَ فِي تَحْرِيرِهِ كَبَعْضِ شُرَّاحِ الْحَاوِي فَقَالَ: قَوْلُهُ وَبِهَدْمِهِ يَغْرَمُ لِلْفُرْقَةِ مَحَلُّهُ فِي الْهَدْمِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ، فَلَا قِيمَةَ لِلْفُرْقَةِ إلَّا بِالْهَدْمِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَإِنْ أَطْلَقَهُ الْحَاوِي. اهـ. وَفِيمَا قَالُوهُ نَظَرٌ عَلَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِمَا فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهَا هَذِهِ حَذْفٌ لَا مِنْ قَوْلِهِمْ: لَا يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ، وَالْحَامِلُ لَهُمْ عَلَى التَّعْبِيرِ فِي هَذِهِ بِالْمَذْهَبِ تَعْبِيرُ النَّوَوِيِّ بِهِ فِي فَتَاوِيهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهَا هَذِهِ، وَهُوَ حِينَئِذٍ جَارٍ عَلَى نَصِّ غَيْرِ الْبُوَيْطِيِّ، أَمَّا نَصُّ الْبُوَيْطِيِّ فَيُخَالِفُهُ كَمَا تَقَرَّرَ وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ أَيْضًا فِي بَابِ الْغَصْبِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَمَا فَرَّعَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ لُزُومِ أَرْشِ النَّقْصِ، وَهُوَ الصَّوَابُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ إذَا هَدَمَهُ غَيْرُ الْمَالِكِ، أَمَّا إذَا هَدَمَهُ الْمَالِكُ وَكَانَ مُتَعَدِّيًا فَيَلْزَمُهُ مَعَ الْأَرْشِ وَقِيمَةِ حَقِّ الْبِنَاءِ لِلْفُرْقَةِ الْإِعَادَةُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ قَالَ: وَقِيَاسُهُ لُزُومُهَا أَيْضًا إذَا كَانَ الْهَدْمُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ الْتِزَامُهُ الْبِنَاءَ، وَالْحَمْلَ وَعَلَى مَا قَالَهُ يَلْزَمُهُ أَيْضًا مَعَ الْقِيمَةِ لِلْفُرْقَةِ الْإِعَادَةُ فِي صُورَتَيْ الْبَيْعِ لِحَقِّ الْمَمَرِّ وَمَجْرَى الْمَاءِ.
ثُمَّ أَخَذَ النَّاظِمُ فِي بَيَانِ صُوَرٍ خَرَجَتْ بِنَافِعٍ شَرْعًا فَقَالَ (لَا كَالْهَوَا) بِالْقَصْرِ لِلْوَزْنِ (فَرْدًا) أَيْ: مُنْفَرِدًا عَنْ أَصْلٍ يُبْنَى عَلَيْهِ كَمَا لَوْ بَاعَ مَالِكُ عَرْصَةٍ هَوَاءَهَا لِإِنْسَانٍ لِيَشْرَعَ جَنَاحًا لَهُ إلَيْهَا، فَلَا يَصِحُّ؛ إذْ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ، بِخِلَافِ حَقِّ الْبِنَاءِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَوْضِعِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنْ بَاعَ الْهَوَاءَ لِإِشْرَاعِ الْجَنَاحِ، وَوَضَعَ جُذُوعَ الْجَنَاحِ عَلَى حَائِطِهِ صَحَّ (وَحَبَّتَيْنِ بُرْ) بِنَصْبِ بُرَّ تَمْيِيزٌ، أَوْ الْوَقْفِ عَلَيْهِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ أَيْ: وَلَا كَحَبَّتَيْنِ مِنْ بُرٍّ وَزَبِيبٍ وَنَحْوِهِمَا، وَلَوْ فِي وَقْتِ الْغَلَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ مَالًا لِقِلَّتِهِ، وَلَا أَثَرَ لِضَمِّهِ لِمِثْلِهِ، أَوْ وَضْعِهِ فِي الْفَخِّ، وَلَا لِحُرْمَةِ غَصْبِهِ وَوُجُوبِ رَدِّهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ. وَتَعْبِيرُهُ بِحَبَّتَيْنِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِحَبَّةٍ لِفَهْمِ مَنْعِ بَيْعِهَا بِالْأَوْلَى مِنْ مَنْعِ بَيْعِهِمَا مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ (وَسَبُعٍ لَيْسَ يَصِيدُ) يَعْنِي، وَلَا كَسَبُعٍ لَا نَفْعَ فِيهِ مِنْ صَيْدٍ، وَغَيْرِهِ (كَالنَّمِرْ) ، وَالذِّئْبِ، وَالْأَسَدِ وَمَا فِي اقْتِنَاءِ الْمُلُوكِ لَهَا مِنْ الْهَيْبَةِ، وَالسِّيَاسَةِ لَيْسَ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمُعْتَبَرَةِ، أَمَّا مَا فِيهِ نَفْعٌ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ كَالضَّبُعِ لِلْأَكْلِ، وَالْفَهْدِ لِلصَّيْدِ، وَالْفِيلِ لِلْقِتَالِ، وَالْقِرْدِ لِلْحِرَاسَةِ. وَتَمْثِيلُهُ بِالنَّمِرِ مِنْ زِيَادَتِهِ.
(وَ) لَا (مَسْكَنٍ بِلَا مَمَرٍّ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَمَرٌّ، أَوْ لَهُ مَمَرٌّ وَنَفَاهُ فِي بَيْعِهِ لِتَعَذُّرِ الِانْتِفَاعِ بِهِ كَذَلِكَ قَالَ الْأَكْثَرُونَ، سَوَاءٌ تَمَكَّنَ الْمُشْتَرِي مِنْ اتِّخَاذِ مَمَرٍّ إلَى شَارِعٍ، أَوْ مِلْكِهِ أَمْ لَا وَشَرَطَ الْبَغَوِيّ عَدَمَ تَمَكُّنِهِ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ يُوَافِقُهُ مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ دَارًا وَاسْتَثْنَى بَيْتًا مِنْهَا وَنَفَى الْمَمَرَّ صَحَّ إنْ أَمْكَنَهُ اتِّخَاذُ مَمَرٍّ
ــ
[حاشية العبادي]
وَلَا يَغْرَمُ الْهَادِمُ أُجْرَةَ الْبِنَاءِ لِمُدَّةِ الْحَيْلُولَةِ وَخَرَجَ بِالْهَدْمِ الِانْهِدَامُ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ إعَادَةُ السَّقْفِ، وَالْبِنَاءِ) أَيْ: وَلَا أَرْشَ وَلَا قِيمَةَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَرْشُهُ) عُطِفَ عَلَى إعَادَتِهِ. (قَوْلُهُ: أَرْشُ نَقْصِ الْبِنَاءِ) وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا وَمَهْدُومًا.
(قَوْلُهُ: دُونَ الْأَرْشِ) وَظَاهِرٌ أَنَّ غَيْرَ الْبَائِعِ يَغْرَمُ أَرْشَ نَقْصِ الْأَصْلِ أَيْضًا وَلَا يَسْتَرِدُّهُ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ لِصَيْدٍ) أَيْ: مَثَلًا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَالسَّبُعُ الَّذِي لَمْ يَصِدْ وَلَكِنْ يُرْجَى أَنْ يَتَعَلَّمَ هَلْ يَصِحُّ بَيْعُهُ قَبْلَ تَعَلُّمِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَلَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا، وَالْأَرْجَحُ الْجَوَازُ. اهـ. وَلَا يُشْكِلُ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْجَوَازِ فِي الْجَحْشِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ الْجَحْشَ صَائِرٌ بِنَفْسِهِ إلَى النَّفْعِ بِخِلَافِ السَّبُعِ إنَّمَا يَصِيرُ إلَيْهِ بِالتَّعْلِيمِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُوَافِقُهُ إلَخْ) فَرَّقَ الْجُوَيْنِيُّ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِيهَا اسْتِدَامَةُ مِلْكِ، وَالْأَوْلَى ابْتِدَاءُ مِلْكٍ، وَقَدْ يُغْتَفَرُ فِي الِاسْتِدَامَةِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ أَقُولُ
ــ
[حاشية الشربيني]
لَزِمَهُ إعَادَةُ السَّقْفِ، وَالْبِنَاءِ) قَالَ الْمُحَشِّي: وَلَا أَرْشَ وَلَا قِيمَةَ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ هَذَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِمَا إذَا كَانَ الْهَادِمُ غَيْرَ الْمَالِكِ، أَمَّا هُوَ فَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَنْقُولِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا سَيَأْتِي فِي إلْزَامِهِ الْبِنَاءَ، وَالْحَمْلَ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: أَرْشُ نَقْصِ الْبِنَاءِ) وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا وَمَهْدُومًا. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ إلَخْ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُمْ بَنَوْا كَلَامَهُمْ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ مُتَابَعَتِهِمْ لَهُ فِي التَّعْبِيرِ بِالْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ: وَفِيمَا قَالُوهُ نَظَرٌ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَلْزَمْهُ إعَادَتُهُ لَزِمَهُ الْأَرْشُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِلُزُومِهِ يَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ فَلَا يَصِحُّ تَفْرِيعُ عَدَمِ لُزُومِ الْقِيمَةِ عَلَى عَدَمِ لُزُومِ الْإِعَادَةِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: صَحَّ) لِكَوْنِهِ تَابِعًا لِأَصْلٍ يُبْنَى عَلَيْهِ فَلَا يَضُرُّ ذِكْرُهُ فِي الْعَقْدِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: كَالنَّمِرِ إلَخْ) إنْ كَانَتْ كِبَارًا لَا تَقْبَلُ التَّعْلِيمَ وَأَمَّا الْفَهْدُ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ، وَلَوْ كَبِيرًا؛ لِأَنَّهُ يَقْبَلُهُ مَعَ الْكِبَرِ. اهـ. حَجَرٌ وَق ل.
(قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ الِانْتِفَاعِ بِهِ كَذَلِكَ) أَيْ: حَالًا. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ تَمَكَّنَ الْمُشْتَرِي إلَخْ) لَا يُقَالُ: يَتَأَتَّى فِيهِ النَّفْعُ مَآلًا كَالْجَحْشِ الصَّغِيرِ فَهَلَّا صَحَّ فِيهِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ حُصُولُ النَّفْعِ فِي الْجَحْشِ لَا فِعْلَ لِلْمُشْتَرِي فِيهِ بِخِلَافِهِ هُنَا. اهـ. فَتَأَمَّلْ. اهـ. شَيْخُنَا ذ رحمه الله. (قَوْلُهُ: وَنَفَى الْمَمَرَّ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ صَحَّ وَيَمُرُّ فِي الدَّارِ وَهُوَ قَضِيَّةُ الرَّوْضَةِ، وَالْمَجْمُوعِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ أَمْكَنَ تَحْصِيلُ مَمَرٍّ آخَرَ وَفِيهِ نَظَرٌ شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: صَحَّ إنْ أَمْكَنَهُ إلَخْ) فَرَّقَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ هَذَا اسْتِدَامَةُ مِلْكٍ وَذَاكَ فِيهِ نَقْلٌ لَهُ
وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ سَمٍّ يَقْتُلُ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ، بِخِلَافِ مَا يَقْتُلُ كَثِيرُهُ لَا قَلِيلُهُ كَالسَّقَمُونْيَا، وَالْأَفْيُونِ، وَلَا بَيْعَ الْحِمَارِ الزَّمِنِ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ الزَّمِنِ؛ لِأَنَّهُ يَتَقَرَّبُ بِعِتْقِهِ
. (طَاهِرِ) أَيْ: إنَّمَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ فِي نَافِعٍ طَاهِرٍ (أَوْ) نَجِسٍ (طُهْرُهُ) مُمْكِنٌ (بِالْغَسْلِ) كَثَوْبٍ تَنَجَّسَ بِمَا لَا يَسْتُرُ شَيْئًا مِنْهُ، فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ كَلْبٍ وَمَيْتَةٍ وَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَنَحْوِهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَقَالَ: إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ، وَالْمَيْتَةِ، وَالْخِنْزِيرِ» وَقِيسَ بِهَا مَا فِي مَعْنَاهَا، وَلَا بَيْعُ مَا لَا يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ، سَوَاءٌ كَانَ يَطْهُرُ بِالِاسْتِحَالَةِ كَجِلْدِ مَيْتَةٍ، أَوْ بِالتَّكَاثُرِ كَمَاءٍ نَجِسٍ قَلِيلٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ:(لَا التَّكَاثُرِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَالْخَمْرِ تَتَخَلَّلَ أَمْ لَمْ يَطْهُرْ بِذَلِكَ كَزَيْتٍ نَجِسٍ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى نَجَسِ الْعَيْنِ وَلِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ الْبَيْعُ لَمَا أَمَرَ بِإِرَاقَةِ السَّمْنِ فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ كَمَا مَرَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ: إنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوهُ، وَإِنْ كَانَ ذَائِبًا فَأَرِيقُوهُ» . وَأَمَّا الْقَزُّ، وَفِي بَاطِنِهِ الدُّودُ الْمَيِّتُ فَهُوَ كَالْحَيَوَانِ فِي بَطْنِهِ النَّجَاسَةُ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ، سَوَاءٌ بَاعَهُ وَزْنًا أَمْ جُزَافًا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَاضِي، وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْهُ، وَعَنْ آخَرِينَ وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ لَا يَجُوزُ وَزْنًا
. (مَقْدُورَ تَسْلِيمٍ) أَيْ إنَّمَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ فِي نَافِعٍ طَاهِرٍ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ حِسًّا وَشَرْعًا لِيُوثَقَ بِحُصُولِ الْعِوَضِ وَلِيَخْرُجَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فِي مُسْلِمٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالْغَرَرُ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ مُتَضَادَّيْنِ أَغْلَبُهُمَا أَخْوَفُهُمَا وَقِيلَ مَا انْطَوَتْ عَنَّا عَاقِبَتُهُ، فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الضَّالِّ لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهِ حَالًّا، وَلَا يُعْتَبَرُ الْيَأْسُ بَلْ ظُهُورُ التَّعَذُّرِ، وَقَدْ يَصِحُّ مَعَ عَجْزِهِ عَنْ التَّسْلِيمِ لِكَوْنِ الْمُشْتَرِي قَادِرًا عَلَى التَّسْلِيمِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَغْصُوبِ، أَوْ لِكَوْنِ الْبَيْعِ ضِمْنِيًّا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمِثْلُهُ مَنْ يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي
ــ
[حاشية العبادي]
مَا سَيَأْتِي أَنَّ بَيْعَ الْبَعْضِ الْمُعَيَّنِ مِنْ السَّيْفِ وَنَحْوِهِ يَمْتَنِعُ، وَإِنْ كَانَ النَّقْصُ فِي غَيْرِ الْمَبِيعِ قَدْ يُنَازَعُ فِي هَذَا الْفَرْقِ بِرّ أَقُولُ: يُجَابُ بِأَنَّ النَّقْصَ هُنَا لَيْسَ بِوَاسِطَةِ إحْدَاثِ فِعْلٍ فِي الْبَيْتِ بَلْ بِسَبَبِ انْفِرَادِهِ وَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ كَمَا أَجَابُوا بِذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ بَعْضِ الْجِدَارِ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: بِمَا لَا يَسْتُرُ شَيْئًا) أَيْ: أَوْ بِمَا يَسْتُرُ، لَكِنْ بَعْدَ تَقَدُّمِ رُؤْيَةٍ مُعْتَبَرَةٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحّ بَيْعُ كَلْبٍ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إطْلَاقُ الْبَيْعِ فِي هَذَا لَا يُوَافِقُ مَا تَقَدَّمَ فِي حَدِّهِ أَنَّهُ مُقَابَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ؛ إذْ الْمُوَافِقُ لِذَلِكَ عَدَمُ تَحَقُّقِ الْبَيْعِ وَأَنْ يُقَالَ: فَلَا يَتَحَقَّقُ الْبَيْعُ فِي مُقَابَلَةِ الْمَذْكُورَاتِ وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ بَيْعٌ لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يَكُونُوا تَسَمَّحُوا وَأَرَادُوا بِقَوْلِهِمْ فِي الْمُحْتَرَزَاتِ: لَا يَصِحُّ بَيْعُ كَذَا أَعَمُّ مِنْ مَعْنَى لَا يَتَحَقَّقُ بَيْعٌ فِي مُقَابَلَتِهَا وَلَا يُوجَدُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِالتَّكَاثُرِ، أَوْ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ) كَمَاءٍ كَثِيرٍ تَغَيَّرَ بِالنَّجَاسَةِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ: لَا يَجُوزُ وَزْنًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَحُمِلَ عَلَى بَيْعِهِ فِي
ــ
[حاشية الشربيني]
وَيُغْتَفَرُ فِي الِاسْتِدَامَةِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) إنْ قُلْت: إنَّ النَّقْصَ هُنَا فِي غَيْرِ الْمَبِيعِ فَلِمَ بَطَلَ الْبَيْعُ؟ قُلْت: يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا أَنَّ بَيْعَ ذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ يَنْقُصُ الْمَبِيعُ، أَوْ الْبَاقِي بِقَطْعِهِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ هُوَ السَّبَبُ فِي إضَاعَةِ الْمَالِ وَمَتَى كَانَ كَذَلِكَ كَانَ بَاطِلًا، سَوَاءٌ كَانَتْ الْإِضَاعَةُ لِلْمَبِيعِ، أَوْ لِغَيْرِهِ فَكَذَلِكَ هُنَا. اهـ. حَجَرٌ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إلَخْ) أَيْ فَيَجُوزُ بَيْعُ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ خِلَافًا لِلْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ كَلْبٍ) وَلَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ إلَّا لِحَاجَةٍ بِقَدْرِهَا وَيَجِبُ رَفْعُ الْيَدِ عَنْهُ بَعْدَ زَوَالِهَا وَلَا يَجُوزُ اقْتِنَاءُ الْخِنْزِيرِ بِحَالٍ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ مَا انْطَوَتْ إلَخْ) سَوَاءٌ كَانَ هُنَاكَ أَغْلَبُ خَوْفٍ أَمْ لَا فَشَمَلَ الْمُتَسَاوِيَ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الضَّالِّ) قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ عب: مَتَى عَرَفَ الْمُشْتَرِي مَكَانَ الْآبِقَ، أَوْ الضَّالَّ وَعَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَصِلُ إلَيْهِ وَيَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ بِلَا كُلْفَةٍ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا وَفَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ بَيْنَ الضَّالِّ، وَالْآبِقِ مَمْنُوعٌ. (قَوْلُهُ أَيْضًا: فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الضَّالِّ) مِثْلُهُ الْآبِقُ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ مَعَ صِحَّةِ الْعِتْقِ؛ لِخَبَرِ «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَك» وَلِعَدَمِ قُدْرَةِ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسَلُّمِهِمْ حَتَّى يُمَلِّكَهُمْ لِغَيْرِهِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونُ الْبَيْعُ ضِمْنِيًّا) ؛ إذْ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّسْلِيمُ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِتَعَبٍ شَدِيدٍ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ مَعَ شَرْحِهِ لِحَجَرٍ مَقْدُورُ تَسْلِيمٍ مِنْ غَيْرِ كَثِيرِ مُؤْنَةٍ، أَوْ كُلْفَةٍ. اهـ. قَالَ فِي حَاشِيَتِهِ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأُولَى بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ، وَالثَّانِيَةَ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَدَنِ، فَأَمَّا كَثِيرُ الْمُؤْنَةِ فَيَنْبَغِي ضَبْطُهُ بِأَنْ يُعَدَّ عُرْفًا أَنَّ بَاذِلَهُ مَغْبُونٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِوَضِ الَّذِي حَصَلَ لَهُ وَحِينَئِذٍ يُنْظَرُ فِيمَا يَبْذُلُهُ وَمَا تَحَصَّلَ لَهُ فَإِنْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ رَابِحًا وَلَمْ يَفُتْ عَلَيْهِ إلَّا شَيْءٌ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ الرِّبْحِ لَمْ يُنْظَرْ لِفَوَاتِ ذَلِكَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْبَاعَةَ يَغْلِبُ تَسَامُحُهُمْ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَثُرَ فَإِنَّهُ يُعَدُّ تَحَمُّلُهُ غَبْنًا لَا يُسْمَحُ بِتَحَمُّلِهِ كَالْعَيْبِ وَأَمَّا كَثِيرُ الْكُلْفَةِ فَيَنْبَغِي ضَبْطُهُ بِأَنْ يُقَدَّرَ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَتَكُونَ تِلْكَ الْأُجْرَةُ الْمُقَدَّرَةُ بِمَنْزِلَةِ تِلْكَ الْمُؤْنَةِ الْكَبِيرَةِ فِي ضَابِطِهَا الَّذِي ذَكَرْته وَلَا يُقْتَصَرُ فِي هَذَيْنِ عَلَى مَا هُنَا بَلْ يَجْرِيَانِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ اشْتَرَطُوا فِيهِ انْتِفَاءَهُمَا وَيَقَعُ لَهُمْ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَحَدِهِمَا وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ حَيْثُ شُرِطَ انْتِفَاءُ أَحَدِهِمَا شُرِطَ انْتِفَاءُ الْآخَرِ؛ لِمَا عُرِفَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَعْنَى الْمُوجِبَ لِانْتِفَاءِ أَحَدِهِمَا مُوجِبٌ لِانْتِفَاءِ الْآخَرِ وَذَلِكَ الْمَعْنَى هُوَ أَنَّ الْعَقْدَ إذَا تَوَقَّفَ عَلَى بَذْلِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَحَدَ ذَيْنَك الْأَمْرَيْنِ كَانَ كَأَنَّهُ مُتَضَمِّنٌ لِإِضَاعَةِ مَالٍ لَا يَسْهُلُ تَحَمُّلُهُ غَالِبًا فَاقْتَضَى ذَلِكَ بُطْلَانَهُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ التَّحَمُّلَ غَبْنٌ يُعَدُّ عَارًا عَلَى بَاذِلِهِ وَبِفَرْضِ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ عَارًا هُوَ يُعَدُّ مَعْجُوزًا عَنْ تَسْلِيمِهِ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ لَمَّا لَمْ تَسْمَحْ بِمَا يَبْذُلُ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْمُؤْنَةِ أَوْ الْكُلْفَةِ
بِالشِّرَاءِ وَمَثَّلَ النَّاظِمُ مِنْ زِيَادَتِهِ لِلْمَقْدُورِ عَلَى تَسْلِيمِهِ بِقَوْلِهِ: (كَحُوتٍ وَالِجِ فِي الضِّيقِ) أَيْ: دَاخِلٍ فِي مَكَان ضَيِّقٍ كَبِرْكَةٍ صَغِيرَةٍ يُمْكِنُ أَخْذُهُ مِنْهَا بِسُهُولَةِ، بِخِلَافِ الْكَبِيرَةِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ أَخْذُهُ مِنْهَا إلَّا بِتَعَبٍ شَدِيدٍ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ إلَّا بَعْدَ الذَّبْحِ؛ لِتَعَذُّرِ امْتِيَازِ الْمَبِيعِ عَنْ غَيْرِهِ لِاخْتِلَاطِهِ بِمَا يَحْدُثُ فَإِنْ عَيَّنَ مَحَلَّ الْجَزِّ وَلَمْ يَشْرِطْ الْجَزَّ مِنْ أَصْلِهِ صَحَّ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الثَّلْجِ وَزْنًا، وَهُوَ يَذُوبُ إلَى أَنْ يُوزَنَ. (لَا حَمَامِ) أَيْ: لَا كَحَمَامٍ (بُرْجٍ خَارِجِ) عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، وَإِنْ اعْتَادَ الْعَوْدَ إلَيْهِ؛ إذْ لَا يُوثَقُ بِهِ؛ لِعَدَمِ عَقْلِهِ وَبِهَذَا فَارَقَ صِحَّةَ بَيْعِ الْعَبْدِ الْمُرْسَلِ فِي حَاجَةٍ نَعَمْ يَصِحُّ بَيْعُ النَّحْلِ خَارِجَ الْكُوَّارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقُومُ إلَّا بِالرَّعْيِ، وَحَبْسُهُ يُفْسِدُهُ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَمَحَلُّ صِحَّةِ بَيْعِهِ إذَا كَانَتْ الْأُمُّ فِي الْخَلِيَّةِ كَذَا صَوَّرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْمَسْأَلَةَ. اهـ.
أَمَّا الْحَمَامُ دَاخِلَ الْبُرْجِ فَكَالْحُوتِ فِي الْبِرْكَةِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ وَإِذَا عُلِمَ اعْتِبَارُ قُدْرَةِ التَّسْلِيمِ (فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ بَعْضٍ عُيِّنَا مِنْ نَاقِصٍ) أَيْ: مِمَّا يَنْقُصُ قِيمَتُهُ (بِفَصْلِهِ) عَنْهُ (مِثْلُ الْإِنَا) ، وَالسَّيْفِ، وَالثَّوْبِ النَّفِيسِ
ــ
[حاشية العبادي]
الذِّمَّةِ كَمَا يَمْتَنِعُ فِي السَّلَمِ فِيهِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ بَيْعَ الْمُعَيَّنِ يَعْتَمِدُ الْمُشَاهَدَةَ فَتَقِلُّ الْجَهَالَةُ بِخِلَافِ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ
(قَوْلُهُ: كَحُوتٍ إلَخْ) أَيْ: بَعْدَ رُؤْيَتِهِ، وَلَوْ فِي صَفَاءِ الْمَاءِ.
(قَوْلُهُ: فِي الضِّيقِ) يَنْبَغِي ضَبْطُهُ بِالْفَتْحِ عَلَى الْوَصْفِ أَيْ: فِي الْمَكَانِ الْمَضِيقِ أَيْ: الضَّيِّقِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْقَامُوسِ: ضَاقَ يَضِيقُ ضِيقًا وَيُفْتَحُ وَتَضِيقُ وَتَضَايَقَ ضَدَّ اتَّسَعَ وَأَضَاقَهُ وَضَيَّقَهُ فَهُوَ ضَيِّقٌ وَضَيْقٌ وَضَائِقٌ، وَالضَّيْقُ الشَّكُّ فِي الْقَلْبِ وَيُكْسَرُ وَمَا ضَاقَ عَنْهُ صَدْرُك، وَوَادٍ بِالْيَمَامَةِ وَبِالْكَسْرِ يَكُونُ فِيمَا يَتَّسِعُ وَيَضِيقُ كَالدَّارِ، وَالثَّوَابِ، أَوْ هُمَا سَوَاءٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: الثَّلْجِ وَزْنًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ عَلَى الْأَرْضِ فَإِنْ كَانَ فِي إنَاءٍ وَقَالَ: بِعْتُك هَذَا وَلَمْ يَقُلْ الْجَمَدَ صَحَّ جَزْمًا، وَإِنْ قَالَ: الْجَمَدَ فَيُتَّجَهُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَعَارُضِ الْإِشَارَةِ، وَالْعِبَارَةِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا يَجِيءُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْإِشَارَةِ، وَالْعِبَارَةِ كَبِعْتُكَ هَذِهِ الرَّمَكَةَ فَإِذْ هِيَ بَغْلَةٌ وَهُنَا مُتَّفِقَتَانِ فَإِنَّهُ كَانَ جَمَدًا حَالَةَ الْعَقْدِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا سَالَ بَعْدَهُ نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُون مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ عِنْدَ سَيَلَانِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ، وَإِنْ زَالَ الِاسْمُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بَيْضًا فَتَفَرَّخَ قَبْلَ قَبْضِهِ. اهـ. مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ ذِكْرَ الْوَزْنِ لَيْسَ لِإِخْرَاجِ الْكَيْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ بَلْ قَدْ يُقَالُ وَلَا لِإِخْرَاجِ عَدَمِ التَّقْدِيرِ رَأْسًا بَلْ لَوْ لَمْ يُشْرَطْ تَقْدِيرُهُ مُطْلَقًا، وَكَانَ بِحَيْثُ يَذُوبُ قَبْلَ الْقَبْضِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَانْظُرْ بَيْعَ عَبْدٍ يُقْطَعُ بِمَوْتِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَثَوْبٍ يُقْطَعُ بِتَلَفِهَا قَبْلَهُ.
(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ عَقْلِهِ) قَدْ يَدُلُّ قَوْلُهُ: لِعَدَمِ عَقْلِهِ عَلَى بُطْلَانِ بَيْعِ الْعَبْدِ الْخَارِجِ عَنْ مَحَلِّ سَيِّدِهِ الْغَيْرِ الْمُمَيِّزِ لِصِغَرٍ، أَوْ جُنُونٍ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: الْكُوَّارَةِ) بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِهَا.
(قَوْلُهُ: أَوْ مَحَلُّ صِحَّةِ بَيْعِهِ إلَخْ) مَحَلُّهَا أَيْضًا بَعْدَ رُؤْيَتِهِ فِي الْكُوَّارَةِ، أَوْ حَالَ دُخُولِهِ، أَوْ خُرُوجِهِ. (قَوْلُهُ: كَذَا صَوَّرَ إلَخْ) وَجَزَمَ فِي الرَّوْضِ بِهَذَا التَّصْوِيرِ. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ الْأُمُّ إلَخْ) ثُمَّ إنْ أَدْخَلَهَا فِي الْبَيْعِ فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهَا أَيْضًا، وَإِلَّا فَلَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: مِنْ نَاقِصٍ وَاقِعٍ عَلَى الْجُمْلَةِ) .
(قَوْلُهُ: قِيمَتُهُ) أَيْ: قِيمَةُ جُمْلَتِهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَنْشَأُ نَقْصِهَا نَقْصَ الْمَبِيعِ أَوْ الْبَاقِي، أَوْ هُمَا فَظَهَرَ قَوْلُهُ الْآتِي: لِيُفِيدَ إلَخْ وَقَيَّدَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ النَّقْصَ بِقَوْلِهِ نَقْصٌ يُحْتَفَلُ بِمِثْلِهِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: بِفَصْلِهِ) أَيْ فَصْلِ الْبَعْضِ.
(قَوْلُهُ: مِثْلِ الْإِنَا) يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ إنَاءِ النَّقْدِ فَيَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِ مُعَيَّنٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ كَسْرَهُ مَأْمُورٌ بِهِ شَرْعًا فَلَا أَثَرَ لِلنَّقْصِ الْحَاصِلِ بِوَاسِطَتِهِ وَلِهَذَا لَمْ يَجِبْ أَرْشٌ عَلَى كَاسِرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالدَّارِ فِيمَا إذَا بَاعَهَا
ــ
[حاشية الشربيني]
إلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَى تَسْلِيمِهِ كَانَتْ تَعُدُّهُ مَعْجُوزًا عَنْ تَسْلِيمِهِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ كُلَّهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَيَّنَ مَحَلَّ الْجَزِّ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْجَزَّ مِنْ أَصْلِهِ) عِبَارَةُ عب وَشَرْحِهِ: وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ صُوفِ الْحَيِّ قَبْلَ الْجَزِّ، سَوَاءٌ أَطْلَقَ الْبَيْعَ أَمْ شَرَطَ الْجَزَّ مِنْ أَصْلِهِ أَمْ شَرَطَهُ وَأَطْلَقَهُ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ إنَّمَا يُمْكِنُ بِاسْتِئْصَالِهِ وَهُوَ مُؤْلِمٌ لِلْحَيَوَانِ، وَالْعَادَةُ فِي مِقْدَارِ الْمَجْزُوزِ مُخْتَلِفَةً وَبَيْعُ الْمَجْهُولِ بَاطِلٌ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مُشْتَرِيَهُ لَوْ كَانَ مَالِكَ الشَّاةِ كَأَنْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِصُوفِ غَنَمِهِ، ثُمَّ مَاتَ فَقَبِلَهُ زَيْدٌ، ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْوَارِثِ صَحَّ وَإِنْ أَطْلَقَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَحْتَاجُ لِجَزٍّ إلَّا إنْ عَيَّنَ بِجَزِّهِ وَلَمْ يَضُرَّ الْحَيَوَانَ؛ إذْ لَا مَانِعَ حِينَئِذٍ أَمَّا بَيْعُهُ بَعْدَ الْجَزِّ وَقَبْلَهُ وَبَعْدَ الذَّكَاةِ فَصَحِيحٌ؛ إذْ لَا إيلَامَ فِي اسْتِقْصَائِهِ. اهـ. وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَحَلِّ الْجَزِّ مَحَلُّهُ مِنْ الصُّوفِ بِأَنْ يَقِيسَ شِبْرًا مِنْهُ مَثَلًا لَا مَحَلَّهُ مِنْ الْحَيَوَانِ كَرَقَبَتِهِ مَثَلًا؛ إذْ لَا يُفِيدُ فَائِدَةً فِي مَنْعِ الِاخْتِلَاطِ بِمَا يَتَجَدَّدُ وَقَوْلُ الشَّرْحِ وَلَمْ: يَشْتَرِطْ الْجَزَّ مِنْ أَصْلِهِ اسْتِثْنَاءٌ لِبَعْضِ أَفْرَادِ مَا تَعَيَّنَ فِيهِ مَحَلُّ الْجَزِّ مِنْ الصُّوفِ وَلَكِنَّهُ يَضُرُّ الْحَيَوَانَ.
(قَوْلُهُ: إنَّمَا يُمْكِنُ بِالْفَصْلِ) ؛ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ مُعَيَّنٌ وَقَبَضَهُ بِالنَّقْلِ وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ فَصْلُهُ وَلَا يَكْتَفِي فِي سَلِيمِهِ بِتَسْلِيمِ الْجُمْلَةِ. اهـ. ق ل قَالَ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ: إنَّهُ يُمْكِنُ تَسْلِيمُ الْجُمْلَةِ فَالْحَصْرُ فِي كَلَامِ الشَّرْحِ فِيهِ نَظَرٌ. اهـ. وَفِيهِ بَحْثٌ، فَإِنَّ قَوْلَ الْبَهْجَةِ: وَبِالْجَمِيعِ قَبْضُ جُزْءٍ شَاعَا كَالْمِنْهَاجِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ قَبْضَ الْجُمْلَةِ لَا يَكُونُ كَافِيًا إلَّا فِي قَبْضِ الْمَشَاعِ، أَمَّا الْجُزْءُ الْمُعَيَّنُ فَلَا يَكْفِي فِيهِ الْجُمْلَةُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَشَاعَ مُنْبَتٌّ فِي كُلِّ جُزْءٍ فَلَا طَرِيقَ إلَى قَبْضِهِ إلَّا قَبْضَ الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ فَتَمَّ الْحَصْرُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّرْحُ وَأَيْضًا لَيْسَ الْكَلَامُ فِي قَبْضٍ يَحْصُلُ بِهِ تَمَامُ الْمِلْكِ بَلْ فِي قَبْضٍ يُفِيدُ التَّصَرُّفَ وَجَوَازَ الِاسْتِعْمَالِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ
وَالسَّفِينَةِ، وَالْخَاتَمِ فِيمَا إذَا بَاعَ فَصَّهُ مَثَلًا، وَالدَّارِ فِيمَا إذَا بَاعَهَا وَاسْتَثْنَى مِنْهَا بَيْتًا وَنَفَى مَمَرَّهُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ اتِّخَاذُ مَمَرٍّ كَمَا مَرَّ. وَلَمَّا كَانَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْحَاوِي: وَبَعْضٌ مُعَيَّنٌ يَنْقُصُ بِالْفَصْلِ اخْتِصَاصُ مَنْعِ بَيْعِهِ بِنَقْصِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَدَلَ عَنْهُ النَّاظِمُ إلَى مَا قَالَهُ لِيُفِيدَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ نَقْصُهُ، أَوْ نَقْصُ الْبَاقِي لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِهِ شَرْعًا؛ إذْ التَّسْلِيمُ فِيهِ إنَّمَا يُمْكِنُ بِالْفَصْلِ وَفِيهِ نَقْصٌ وَتَضْيِيعُ مَالٍ، وَهُوَ حَرَامٌ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَطَرِيقُ مَنْ أَرَادَ شِرَاءَ ذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ نَفِيسٍ أَنْ يُوَاطِئَ صَاحِبَهُ عَلَى شِرَائِهِ، ثُمَّ يَقْطَعَهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ فَيَصِحَّ بِلَا خِلَافٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْقَطْعُ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ طَرِيقٌ لِلتَّصَرُّفِ فَاحْتُمِلَ لِلضَّرُورَةِ، وَلَا ضَرُورَةَ إلَى تَأْخِيرِهِ عَنْ الْبَيْعِ، أَمَّا بَيْعُ بَعْضِ شَائِعٍ، أَوْ مُعَيَّنٍ مِمَّا لَا يَنْقُصُ بِفَصْلِهِ كَكِرْبَاسٍ فَيَصِحُّ، وَكَذَا بَيْعُ ذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ مِنْ أَرْضٍ لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ فِيهَا بَيْنَ النَّصِيبَيْنِ بِالْعَلَامَةِ بِلَا ضَرَرٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ: قَدْ تَضِيقُ مَرَافِقُ الْأَرْضِ بِالْعَلَامَةِ وَتَنْقُصُ الْقِيمَةُ فَلْيَكُنْ الْحُكْمُ فِي الْأَرْضِ عَلَى التَّفْصِيلِ فِي الثَّوْبِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّقْصَ فِيهَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ بِخِلَافِهِ فِي الثَّوْبِ وَبِهِ يُجَابُ عَمَّا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ أَحَدِ زَوْجَيْ خُفٍّ مَعَ نَقْصِ الْقِيمَةِ بِالتَّفْرِيقِ.
(وَ) لَا بَيْعُ (جَانٍ الْأَرْشُ يَحُلُّ عُنُقَهْ) أَيْ: يَتَعَلَّقُ الْأَرْشُ بِرَقَبَتِهِ بِأَنْ جَنَى جِنَايَةً تُوجِبُ مَالًا، أَوْ قَوَدًا وَعُفِيَ عَنْهُ عَلَى مَالِ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهِ كَالْمَرْهُونِ وَأَوْلَى هَذَا إذَا بِيعَ لِغَيْرِ حَقِّ الْجِنَايَةِ وَقَبْلَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ وَهُوَ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ، وَالْأَرْشِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجِرَاحِ فَإِنْ بِيعَ لِحَقِّهَا أَوْ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ صَحَّ، وَلَا تُشْكِلُ الثَّانِيَةُ بِصِحَّةِ الرُّجُوعِ عَنْ الِاخْتِيَارِ؛ لِأَنَّ مَانِعَ الصِّحَّةِ زَالَ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ لِذِمَّةِ السَّيِّدِ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهَا مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي مِلْكِهِ. وَخَرَجَ بِمَا قَالَهُ مَا لَوْ تَعَلَّقَ
ــ
[حاشية العبادي]
وَاسْتَثْنَى مِنْهَا بَيْتًا إلَخْ) فِي جَعْلِهَا مِنْ أَمْثِلَةِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ بَحْثَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ عَلَى اسْتِثْنَاءِ الْبَيْتِ قَوْلُهُ: مِنْ نَاقِصٍ يَفْصِلُهُ إلَّا أَنْ يُتَسَمَّحَ فِيهِ، وَالثَّانِي: أَنَّ قَضِيَّةَ الْقَاعِدَةِ عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْفِ الْمَمَرَّ، أَوْ نَفَاهُ وَأَمْكَنَهُ اتِّخَاذُ مَمَرٍّ حَيْثُ وَجَدَ النَّقْصَ كَمَا هُوَ شَرْطُ الْمَسْأَلَةِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ هُنَا نَقْصٌ إلَّا عِنْدَ نَفْيِ الْمَمَرِّ وَعَدَمِ إمْكَانِ اتِّخَاذِهِ لَا يُقَالُ: يُتَصَوَّرُ بِدُونِ ذَلِكَ إذْ قَدْ يَنْقُصُ لِلِانْفِرَادِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: النَّقْصُ لِلِانْفِرَادِ لَا أَثَرَ لَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ أَحَدِ زَوْجَيْ الْخُفِّ فَلْيُتَأَمَّلْ، فَقَدْ يُقَالُ: وَالنَّقْصُ عِنْدَمَا تَقَدَّمَ لِلِانْفِرَادِ عَنْ الدَّارِ، وَالْمَمَرِّ. (قَوْلُهُ: يَنْقُصُ: بِالْفَصْلِ) صِفَةٌ لِبَعْضِ.
(قَوْلُهُ: يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ) أَيْ: يَضُمُّهُ إلَى أَرْضِهِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ) أَيْ: وَالسَّيِّدُ مُوسِرٌ كَمَا جَزَمَ بِالتَّقْيِيدِ بِهِ فِي الْعُبَابِ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الْبَغَوِيّ فَلَوْ أَعْسَرَ السَّيِّدُ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ مُوسِرًا فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ حَالَ الْإِعْسَارِ لِانْتِقَالِ التَّعَلُّقِ إلَى ذِمَّتِهِ بِاخْتِيَارِ الْفِدَاءِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَإِطْلَاقُ الْعِبَارَةِ يَقْتَضِي الصِّحَّةَ، وَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ؛ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ وَاللَّفْظُ لِلرَّوْضِ: وَإِذَا صَحَّ الْبَيْعُ أَيْ: بَعْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ لَزِمَهُ الْمَالُ فَإِنْ أَدَّاهُ فَذَاكَ وَإِنْ تَعَذَّرَ وَلَوْلَا فَلَاسُهُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فُسِخَ الْبَيْعُ انْتَهَى، فَإِذَا فُسِخَ الْبَيْعُ لِعُرُوضِ الْإِعْسَارِ بَعْدَهُ فَلْيُمْنَعْ مِنْهُ لِعُرُوضِ الْإِعْسَارِ قَبْلَهُ فَتَأَمَّلْهُ. وَلَوْ أَعْتَقَهُ مُوسِرًا بَعْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ، أَوْ بِدُونِهِ؛ لِأَنَّ إعْتَاقَ الْمُوسِرِ لِلْجَانِي نَافِذٌ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ الْفِدَاءَ، ثُمَّ تَعَذَّرَ الْمَالُ لِإِعْسَارٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَهَلْ يَسْتَمِرُّ الْعِتْقُ؛ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي هَامِشِ الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ فِيمَا لَوْ أَوْجَبَتْ الْجِنَايَةُ قِصَاصًا فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ أَيْ: وَبِالْأَوْلَى إذَا كَانَ مُوسِرًا، ثُمَّ عَفَا عَلَى مَالٍ، أَوْ يُرَدُّ الْعِتْقُ كَالْبَيْعِ وَيُفَرَّقُ بِوُجُوبِ الْمَالِ هُنَا حِينَ الْإِعْتَاقِ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ فَإِنَّ وُجُوبَ الْمَالِ طَرَأَ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالثَّانِي قَرِيبٌ وَمَالَ إلَيْهِ م ر. (قَوْلُهُ: صَحَّ)
ــ
[حاشية الشربيني]
بَعْدَ الْقَبْضِ مِلْكُهُ وَمِلْكُ غَيْرِهِ. اهـ. ع ش بِهَامِشِ حَاشِيَةِ سم. (قَوْلُهُ: طَرِيقُ التَّصَرُّفِ) وَلَا يُقَالُ: هَلَّا سُومِحَ لَهُ الْإِضَاعَةُ بَعْدَ الشِّرَاءِ الْفَرْضُ تَمَامُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّهُ إذَا عَقَدَ قَبْلَ الْقَطْعِ كَانَ الْعَقْدُ الشَّرْعِيُّ مُلْزِمًا لَهُ إضَاعَةَ الْمَالِ، بِخِلَافِ الْقَطْعِ قَبْلَهُ. اهـ. سم بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ) بِأَنْ يَشْتَرِيَ قِطْعَةَ أَرْضٍ بِجَانِبِهِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر. اهـ. شَيْخُنَا ذ وَأَجَابَ حَجَرٌ بِأَنَّ التَّضَيُّقَ الْمَذْكُورَ أَمْرٌ نَادِرٌ فَلَمْ يَقُولُوا عَلَيْهِ قَالَ: وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا ذَكَرُوهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُمْكِنُ التَّدَارُكُ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ حِينَئِذٍ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى) ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الرَّهْنِ.
(قَوْلُهُ: لِغَيْرِ حَقِّ الْجِنَايَةِ) أَيْ: وَبِيعَ لِغَيْرِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، أَمَّا إذَا بِيعَ لَهُ مَعَ تَقَدُّمِ قَبُولِهِ لِيَكُونَ إذْنًا أَوْ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ فَيَصِحُّ كَمَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ وَمَتْنِهِ. اهـ. وَانْظُرْ هَلْ يَسْقُطُ حَقُّهُ، أَوْ يَبْقَى مُتَعَلِّقًا بِالرَّقَبَةِ وَمَا مَعْنَى تَعَلُّقِهِ بِهَا خُصُوصًا إذَا كَانَ الْبَيْعُ لَهُ؟ . اهـ. جَمَلٌ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ اخْتِيَارٍ إلَخْ) أَيْ: وَهُوَ مُوسِرٌ. اهـ. تُحْفَةٌ. (قَوْلُهُ: بِصِحَّةِ الرُّجُوعِ) أَيْ: مَا دَامَ فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يَفُتْ بِنَحْوِ هَرَبٍ. اهـ. عُبَابٌ. (قَوْلُهُ: بِانْتِقَالِ إلَخْ) وَهَلْ هَذَا الِانْتِقَالُ جَائِزٌ أَوْ لَازِمٌ؟ الْأَصَحِّ أَنَّهُ جَائِزٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الِانْتِقَالِ اللُّزُومُ أَلَا تَرَى أَنَّ الثَّمَنَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ انْتَقَلَ مِنْ غَيْرِ لُزُومِ. اهـ. شَرْحِ عب وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهَا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهَا مَا دَامَ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ مَا دَامَ فِي مِلْكِهِ لَا بَعْدَ خُرُوجِهِ فَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ الرُّجُوعِ أُجْبِرَ عَلَى أَدَاءِ أَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ فَإِنْ تَعَذَّرَ لِفَلَسٍ، أَوْ غَيْبَةٍ، أَوْ صَبْرِهِ عَلَى الْحَبْسِ فُسِخَ الْبَيْعُ وَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ. اهـ. تُحْفَةٌ
الْقَوَدُ بِرَقَبَتِهِ، أَوْ بِجُزْئِهِ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ مَرْجُوُّ السَّلَامَةِ بِالْعَفْوِ، وَتَوَقُّعُ هَلَاكِهِ كَتَوَقُّعِ مَوْتِ الْمَرِيضِ وَمَا لَوْ تَعَلَّقَ الْأَرْشُ بِكَسْبِهِ كَأَنْ زَوَّجَهُ سَيِّدُهُ، أَوْ بِذِمَّتِهِ كَأَنْ اشْتَرَى شَيْئًا فِيهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَأَتْلَفَهُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا يَرِدُ عَلَى الرَّقَبَةِ، وَلَا تَعَلُّقَ لِرَبِّ الدَّيْنِ بِهَا (كَمُعْسِرٍ أَوْلَدَهُ) أَيْ: أَوْلَدَ الْجَانِيَ الَّذِي تَعَلَّقَ الْأَرْشُ بِرَقَبَتِهِ بِأَنْ كَانَ جَارِيَةً (أَوْ أَعْتَقَهْ) فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إيلَادُهُ، وَلَا إعْتَاقُهُ لِتَضَمُّنِهِمَا فَوَاتَ حَقِّ الْغَيْرِ بِلَا بَدَلٍ بِخِلَافِهِمَا مِنْ الْمُوسِرِ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ إلَى ذِمَّتِهِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا تَعَلَّقَ الْأَرْشُ بِذِمَّتِهِ أَوْ الْقَوَدُ بِرَقَبَتِهِ، أَوْ يُجْزِئُهُ كَالْبَيْعِ، وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلِ الْبَيْتِ الْمَذْكُورِ، وَالْجَانِي إنْ عَلَّقَ الْأَرْش الرَّقَبَهْ كَالْعِتْقِ، وَالْإِيلَادِ مِنْ ذِي مَتْرَبَهْ أَيْ: مَسْكَنَةٍ (وَ) لَا بَيْعُ (الْغَصْبِ) أَيْ: الْمَغْصُوبِ (وَالْآبِقِ) ، وَإِنْ عُرِفَ مَوْضِعُهُمَا لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهَا حَالًا (لَا إنْ قَدَرَا فِي) بِمَعْنَى عَلَى (قَبْضِ دَيْنِ الْمُشْتَرِي) بِانْتِزَاعِ الْمَغْصُوبِ، وَرَدِّ الْآبِقَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِبَيْعِهِمَا لَهُ نَظَرًا إلَى وُصُولِهِ إلَيْهِمَا إلَّا إنْ احْتَاجَتْ قُدْرَتُهُ إلَى مُؤْنَةٍ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: فَيَنْبَغِي الْبُطْلَانُ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ النَّظْمِ أَنَّهُ إذَا قَدَرَ الْبَائِعُ عَلَى تَحْصِيلِهِمَا يَصِحُّ بَيْعُهُمَا أَيْضًا كَالْمُودَعِ، وَالْمُعَارِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ كُلْفَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَبَيْعِ السَّمَكِ فِي الْبِرْكَةِ، وَالْأَصَحُّ فِيهِ عَدَمُ الصِّحَّةِ قَالَ: وَهَذَا عِنْدِي لَا مَدْفَعَ لَهُ.
وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَنْعَ بَيْعِ الضَّالِّ، وَالْآبِقِ، وَالْمَغْصُوبِ بِأَنَّ إعْتَاقَهُمْ جَائِزٌ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْعَبْدَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي شِرَائِهِ مَنْفَعَةٌ إلَّا حُصُولَ الثَّوَابِ بِالْعِتْقِ كَالْعَبْدِ الزَّمِنِ صَحَّ بَيْعُهُ وَإِعْتَاقُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ صَحِيحٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَيَكُونُ قَبْضًا قَالَ: فَلِمَ لَا يَصِحُّ بَيْعُ هَؤُلَاءِ إذَا كَانُوا زَمْنَى؟ بَلْ مُطْلَقًا لِوُجُودِ مَنْفَعَةٍ مِنْ الْمَنَافِعِ الَّتِي يَصِحُّ لَهَا الشِّرَاءُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الزَّمِنُ لَيْسَتْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ قَدْ حِيلَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَهَا، بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ وَنَحْوِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَنْفَعَةٌ سِوَى الْعِتْقِ يَصِحُّ بَيْعُهُمْ وَفِيهِ نَظَرٌ (وَخُيِّرَا) أَيْ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ، وَالْإِمْضَاءِ (لِلْجَهْلِ) أَيْ: عِنْدَ جَهْلِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ بِكَوْنِ الْمَبِيعِ مَغْصُوبًا، أَوْ آبِقًا؛ إذْ الْبَيْعُ لَا يَلْزَمُهُ كُلْفَةُ التَّحْصِيلِ وَقَضِيَّتُهُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِذَا صَحَّ الْبَيْعُ أَيْ: بَعْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ لَزِمَهُ الْمَالُ فَإِنْ أَدَّاهُ فَذَاكَ، وَإِنْ تَعَذَّرَ فُسِخَ الْبَيْعُ وَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ. اهـ. فَلَوْ أَعْتَقَهُ، أَوْ اسْتَوْلَدَهُ مُعْسِرًا بَعْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ مُوسِرًا ثُمَّ تَعَذَّرَ الْمَالُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَبْطُلَ الْعِتْقُ؛ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي هَامِشِ الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْإِعْسَارُ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ مَعَ الْيَسَارِ لَا يَقْتَضِي عَوْدَ التَّعَلُّقِ وَلَك أَنْ تَقُولَ: الْمُتَّجَهُ بُطْلَانُهُ كَمَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي نَظِيرِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى وَيُفَارِقُ مَا يَأْتِي عَنْ الْبُلْقِينِيِّ؛ لِطُرُوِّ وُجُوبِ الْمَالِ عَلَى الْعِتْقِ ثُمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ سَابِقٌ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ بَيْعُهُ) فَلَوْ قُتِلَ قِصَاصًا بَعْدَ الْبَيْعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَفِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضِ كَأَصْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ جَاهِلًا انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَرَجَعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَتَجْهِيزُهُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا عِنْدَ الْعَقْدِ، أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يُفْسَخْ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِانْتِقَالِ الْحَقِّ إلَى ذِمَّتِهِ) فَلَوْ أَعْسَرَ بَعْدَهُمَا فَهَلْ تَسْتَمِرُّ صِحَّتُهُمَا أَوْ يَبْطُلَانِ؟ بَيَّنَّا مَا فِيهِ فِي هَامِشِ الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ يُجْزِئُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَيَصِحُّ الْعِتْقُ، وَالِاسْتِيلَادُ مُطْلَقًا أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا كَالْبَيْعِ حَتَّى لَوْ أَوْجَبَتْ جِنَايَةُ الْعَبْدِ قِصَاصًا فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ، ثُمَّ عَفَا عَلَى مَالٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَمْ يَبْطُلْ الْعِتْقُ عَلَى الْأَقْيَسِ، وَإِنْ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي نَظِيرِهِ لِقُوَّةِ الْعِتْقِ وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ الْفِدَاءُ وَيَنْتَظِرُ يَسَارَهُ. اهـ. فَأَفَادَ أَنَّهُ، إذَا أَوْجَبَتْ الْجِنَايَةُ قِصَاصًا فَبَاعَهُ السَّيِّدُ وَهُوَ مُعْسِرٌ، ثُمَّ عَفَا عَلَى مَالِ بَطَلَ الْبَيْعُ وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِالْإِعْسَارِ بِالنِّسْبَةِ لِهَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُوسِرًا لَمْ يَبْطُلْ وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ بِسَبَبِ الْبَيْعِ فَلَوْ أَعْسَرَ بَعْدَ الْبَيْعِ بِحَيْثُ تَعَذَّرَ أَخْذُ الْمَالِ مِنْهُ فَهَلْ يُفْسَخُ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ أَوْجَبَتْ الْجِنَايَةُ الْمَالَ ابْتِدَاءً، ثُمَّ بَاعَهُ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ الْفِدَاءَ مُوسِرًا ثُمَّ تَعَذَّرَ الْمَالُ لِعُرُوضِ نَحْوِ إفْلَاسِهِ أَوْ لَا؟ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْبَيْعَ هُنَاكَ كَانَ عِنْدَ وُجُوبِ الْمَالِ وَهُنَا كَانَ قَبْلَ وُجُوبِهِ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: وَالْغَصْبِ، وَالْآبِقِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: بِخِلَافِ التَّزْوِيجِ، وَالْعِتْقِ أَيْ: لِمَنْ ذَكَرَ يَصِحُّ، وَإِنْ انْتَفَتْ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ. (قَوْلُهُ: لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهِمَا حَالًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: نَعَمْ إنْ كَانَ الْبَيْعُ ضِمْنِيًّا صَحَّ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ؛ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ: وَمِثْلُهُ بَيْعُ مَنْ يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالشِّرَاءِ. اهـ. (قَوْلُهُ: إلَى مُؤْنَةٍ) أَيْ: أَوْ تَعَبٍ شَدِيدٍ؛ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ السَّمَكِ الْآتِيَةِ آنِفًا.
(قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ؛ لِعَدَمِ قُدْرَةِ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسَلُّمِهِمْ لِيُمَلِّكَهُمْ لِغَيْرِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: إذْ الْبَيْعُ لَا يُلْزِمُهُ كُلْفَةَ التَّحْصِيلِ) يُفْهَمُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ، إذَا قَدَرَ الْبَائِعُ عَلَى تَحْصِيلِهِمَا
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: بِرَقَبَتِهِ إلَخْ) وَلَوْ كَانَ قَاطِعَ طَرِيقٍ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ، فَإِنَّ الصَّحِيحَ صِحَّةُ بَيْعِهِ، سَوَاءٌ تَابَ قَبْلَ الظَّفَرِ بِهِ وَقُلْنَا بِسُقُوطِ الْعُقُوبَةِ عَنْهُ أَمْ لَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نُوزِعَا فِيهِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ وَهَذِهِ غَيْرُ مَا ذَكَرَهُ الْمُحَشِّي مِنْ الْمَقْطُوعِ بِمَوْتِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَتَأَمَّلْ وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ شَرْحُ الْعُبَابِ مَعَ تَعْلِيلِ الشَّرْحِ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهُ مَرْجُوُّ السَّلَامَةِ إلَخْ فَلَعَلَّ هَذَا التَّعْلِيلَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الرُّويَانِيِّ: إنَّ النَّصَّ عَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ فَلْيُحَرَّرْ، ثُمَّ رَأَيْت م ر بَعْدَ مَا عَلَّلَ بِمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّرْحُ قَالَ: بَلْ لَوْ كَانَ قَاطِعَ طَرِيقٍ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ لِقَتْلِهِ وَأَخْذِهِ الْمَالَ صَحَّ بَيْعُهُ نَظَرًا لِحَالَةِ الْبَيْعِ اهـ فَالتَّعْلِيلُ لِلْغَالِبِ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ) أَيْ: قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ: إذْ الْبَيْعُ إلَخْ
صِحَّةِ الْعَقْدِ مَعَ الِاحْتِيَاجِ فِي التَّحْصِيلِ إلَى مُؤْنَةٍ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَطْلَبِ مِنْ بُطْلَانِهِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ ذَاكَ عِنْدَ الْعِلْمِ بِالْغَصْبِ، وَالْإِبَاقِ وَهَذَا عِنْدَ الْجَهْلِ بِهِمَا فَأَشْبَهَ مَا إذَا بَاعَ صُبْرَةً تَحْتَهَا دَكَّةٌ (وَالْعَجْزِ) أَيْ: وَخُيِّرَ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ قَبْضِهِ بَعْدَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَقْتَ الْبَيْعِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْعَجْزِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ
(يَلِيهِ) أَيْ: إنَّمَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ فِي نَافِعٍ يَلِيهِ (مَنْ عَقَدْ) بِمِلْكٍ، أَوْ وِلَايَةٍ، أَوْ إذْنٍ، فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ كَالْآبِقِ وَأَوْلَى، وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم:«لَا طَلَاقَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ، وَلَا عِتْقَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ، وَلَا بَيْعَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «وَقَالَ صلى الله عليه وسلم لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ: لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَك» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ (وَلَوْ بِظَنِّ فَقْدِهَا) أَيْ: وَلَوْ عَقَدَ مَعَ ظَنِّ فَقْدِ الْوِلَايَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ يَلِيهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِتَبَيُّنِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ كَمَا يَصِحُّ النِّكَاحُ لِذَلِكَ فِيمَنْ زَوَّجَ أَمَةَ مُورَثِهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ حَيٌّ فَبَانَ مَيِّتًا وَيُخَالِفُ إخْرَاجُ زَكَاةِ الْمَالِ بِشَرْطِ مَوْتِ مُورَثِهِ لِاعْتِبَارِ النِّيَّةِ فِيهَا وَلَمْ يَبْنِ نِيَّتَهُ عَلَى أَصْلٍ وَيَجُوزُ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ أَيْ: يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ، وَلَوْ مَعَ ظَنِّ عَدَمِ نَفْعِ الْمَبِيعِ وَنَجَاسَتِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ قُدْرَةٌ، وَلَا وِلَايَةٌ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِانْعِقَادِهِ فِيمَا إذَا ظَنَّ بَقَاءَ إبَاقِ عَبْدِهِ، أَوْ كِتَابَتِهِ فَبَانَ رَاجِعًا، أَوْ فَاسِخًا لِكِتَابَتِهِ.
فَالْمُعْتَبَرُ وُجُودُ الشُّرُوطِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا فِي ظَنِّ الْعَاقِدِ، وَرَتَّبَ عَلَى اعْتِبَارِ الْوِلَايَةِ قَوْلَهُ (حَتَّى يُرَدْ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ) بِأَنْ بَاعَ مَالَ غَيْرِهِ بِلَا وِلَايَةٍ (كَذَا) يَرِدُ (شِرَاهُ) لِغَيْرِهِ (بِعَيْنِ مَا يَمْلِكُهُ سِوَاهُ) أَيْ: غَيْرُهُ، أَوْ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى؛ إذْ لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى ذِمَّتِهِ بِحَالٍ كَأَنْ يَقُولَ: اشْتَرَيْت لِفُلَانٍ كَذَا بِأَلْفٍ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ فِي ذِمَّتِهِ وَقَعَ الْعَقْدُ لِلْمُبَاشِرِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْوَكَالَةِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ، أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ بِمَالِ نَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ وَقَعَ لِلْمُبَاشِرِ، وَإِنْ أَذِنَ الْغَيْرُ، وَإِنْ سَمَّاهُ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ لَغَتْ التَّسْمِيَةُ، وَوَقَعَ لِلْمُبَاشِرِ، وَإِلَّا وَقَعَ لِلْآذِنِ وَيَكُونُ الْمُعْطَى قَرْضًا، وَلَا تَقُومُ النِّيَّةُ هُنَا مَقَامَ التَّسْمِيَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي الْقَدِيمِ عَقْدُ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ قَالَ:«أَعْطَانِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دِينَارًا أَشْتَرِي بِهِ أُضْحِيَّةً، أَوْ شَاةً فَاشْتَرَيْت بِهِ شَاتَيْنِ فَبِعْت إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ وَأَتَيْته بِشَاةٍ وَدِينَارٍ فَقَالَ: بَارَكَ اللَّهُ فِي صَفْقَةِ يَمِينِك» قَالَ النَّوَوِيُّ: وَذَكَرَ الْقَدِيمُ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ الْمَحَامِلِيُّ وَالشَّاشِيُّ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ، وَهُوَ قَوِيٌّ فِي الدَّلِيلِ يَعْنِي الْخَبَرَ الْمَذْكُورَ فَإِنَّهُ صَحَّحَهُ، لَكِنْ ضَعَّفَهُ غَيْرُهُ وَقَالَ الْخَطَّابِيِّ: إنَّهُ غَيْرُ مُتَّصِلٍ وَقَالَ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ الصَّوَابُ: إنَّهُ مُتَّصِلٌ فِي إسْنَادِهِ مُبْهَمٌ
. (قَدْ عَلِمَا مَعْ عَيْنِهِ مَمَرَّهُ) أَيْ: إنَّمَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ فِي نَافِعٍ عَلِمَ الْعَاقِدَانِ عَيْنَهُ فِي الْمُعَيَّنِ وَمَمَرَّهُ ثَمَنًا كَانَ، أَوْ مُثَمَّنًا «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَلَوْ بَاعَ أَحَدَ عَبِيدِهِ، أَوْ صِيعَانِهِ مِنْهُمَا لَمْ يَصِحَّ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَهَذَا عِنْدَ الْجَهْلِ) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ الْبُطْلَانَ هُنَا أَيْضًا كَمَا فِي حَالَةِ الْعِلْمِ
(قَوْلُهُ: أَيْ: وَخُيِّرَ) أَيْ الْمُشْتَرِي.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ: ذِمَّةِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَقَعَ لِلْإِذْنِ) وَقَعَ فِي الرَّوْضِ أَنَّهُ يَقَعُ لِلْفُضُولِيِّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ كَانَ بِعَيْنِ مَالِ الْفُضُولِيِّ، أَوْ فِي ذِمَّتِهِ وَقَعَ لَهُ سَوَاءٌ أَذِنَ ذَلِكَ الْغَيْرُ وَسَمَّاهُ أَمْ لَا. اهـ. وَرَدَّهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ بِأَنَّهُ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَبَيَّنَ أَنَّ الَّذِي فِي أَصْلِهِ خِلَافُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ الْغَيْرُ فِي إذْنِهِ بِأَنَّ الشِّرَاءَ بِعَيْنِ مَالِ الْفُضُولِيِّ، أَوْ فِي ذِمَّتِهِ أَمَّا إذَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فَيَقَعُ لِلْغَيْرِ الْآذِنِ الَّذِي سَمَّاهُ الْفُضُولِيُّ. اهـ. فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي وُقُوعِهِ لِلْآذِنِ مِنْ التَّصْرِيحِ فِي إذْنِهِ بِالْإِذْنِ فِي الشِّرَاءِ يَعْنِي مَالَ الْفُضُولِيِّ. وَظَاهِرٌ أَنَّ تَسْمِيَتَهُ فُضُولِيًّا عِنْدَ الْإِذْنِ تَسَامُحٌ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي) أَيْ: بِالدَّلِيلِ الْخَبَرُ الْمَذْكُورُ
(قَوْلُهُ: قَدْ عَلِمَا مَعَ عَيْنِهِ مَمَرَّهُ)
ــ
[حاشية الشربيني]
فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ هُنَاكَ كُلْفَةً مَعَ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَلَيْسَ قَضِيَّةُ الْمَتْنِ لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي التَّحْصِيلِ مُؤْنَةٌ وَلَمْ يَعْلَمْ الْغَصْبَ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَهُ الْخِيَارُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ التَّعْلِيلِ عَلَى كُلْفَةٍ غَيْرِ شَدِيدَةٍ فَيُوَافِقُ الْمُعْتَمَدَ عِنْدَ م ر فَتَدَبَّرْ وَقَدْ حَمَلَ حَجَرٌ قَوْلَ الْعُبَابِ وَيَصِحُّ بَيْعُهُ لِقَادِرٍ عَلَى نَزْعِهِ وَتَخَيُّرِ الْمُشْتَرِي الْقَادِرِ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَحْتَجْ قُدْرَتُهُ عَلَى مُؤْنَةٍ، أَوْ كُلْفَةٍ لَهَا وَقْعٌ فِي الْعَادَةِ. (قَوْلُهُ: فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَ صُبْرَةً تَحْتَهَا دَكَّةٌ) إلَى يُمْنَعُ بِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى وُجُودِ الْمَشَقَّةِ الْمُنَافِيَةِ لِلْقُدْرَةِ وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِحَالَةِ الْعِلْمِ، وَالْجَهْلِ، وَالْمَدَارِ ثَمَّ عَلَى مَا يَنْفِي الْغَرَرَ، أَوْ كَثْرَتَهُ مَعَهُ، وَالْعِلْمُ بِالدَّكَّةِ يَمْنَعُ تَخْمِينَ الْقَدْرِ اهـ جَمَلٌ
(قَوْلُهُ: أَوْ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ: ذِمَّةِ الْغَيْرِ فَإِنْ لَمْ يَصِفْ الذِّمَّةَ بِكَوْنِهَا لِلْغَيْرِ وَقَعَ لِلْمُبَاشِرِ، سَوَاءٌ قَالَ فِي الذِّمَّةِ، أَوْ لَا. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: وَوَقَعَ لِلْمُبَاشِرِ) تَغْلِيبًا لِلصِّحَّةِ مَا أَمْكَنَ شَرْحُ عب. (قَوْلُهُ: وَلَا تَقُومُ النِّيَّةُ إلَخْ) لِأَنَّ الْأَصْلَ وُقُوعُ الْعَقْدِ لِلْمُبَاشِرِ مَا لَمْ يَصْرِفْهُ صَارِفٌ قَوِيٌّ، وَالنِّيَّةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ شَرْحُ عب. (قَوْلُهُ: وَفِي الْقَدِيمِ إلَخْ) قَالَ م ر: وَحُكِيَ عَنْ الْجَدِيدِ أَيْضًا وَقَوْلُهُ مَوْقُوفٌ أَيْ: صِحَّتُهُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى مَا ذُكِرَ. اهـ. م ر، وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى تَحْرِيمِ تَعَاطِي الْعُقُودِ الْمَوْقُوفَةِ. اهـ. وَظَاهِرُهُ تَحْرِيمُ تَعَاطِي هَذَا الْعَقْدِ، وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِوَقْفِهِ، وَفِي ع ش خِلَافُهُ. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد إلَخْ) هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ عُرْوَةَ كَانَ وَكِيلًا مُطْلَقًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِدَلِيلِ أَنَّهُ بَاعَ الشَّاةَ وَسَلَّمَهَا وَعِنْدَ الْقَائِلِ بِالْجَوَازِ يَمْتَنِعُ التَّسْلِيمُ بِدُونِ إذْنِ الْمَالِكِ. اهـ. م ر.
(قَوْلُهُ: فِي إسْنَادِهِ مُبْهَمٌ) ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ رَوَاهُ شَبِيبٌ عَنْ عُرْوَةَ فَقَالَ: حَدَّثَنِي الْحَيُّ عَنْ عُرْوَةَ فَذَكَرَهُ قِيلَ لِجَهَالَتِهِ. اهـ.
سَوَاءٌ تَسَاوَتْ قِيمَتُهَا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ قَالَ: عَلَى أَنْ تَخْتَارَ أَيَّهُمْ شِئْت أَمْ لَا، وَكَذَا لَوْ بَاعَ أَرْضًا مَحْفُوفَةً بِمِلْكِهِ مِنْ كُلِّ الْجَوَانِبِ وَشَرَطَ لِلْمُشْتَرِي حَقَّ الْمُرُورِ إلَيْهَا مِنْ جَانِبٍ مُبْهَمٍ؛ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ الْجَوَانِبِ فَيُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ فَجَعَلَ إبْهَامَهُ كَإِبْهَامِ الْمَبِيعِ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَيَّنَهُ أَوْ أَثْبَتَهُ لَهُ مِنْ كُلِّ الْجَوَانِبِ، أَوْ أَطْلَقَ أَوْ قَالَ: بِعْتُكَهَا بِحُقُوقِهَا فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَتَعَيَّنُ فِي الْأُولَى مَا عَيَّنَهُ وَلَهُ فِي الْبَقِيَّةِ الْمُرُورُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ مُلَاصِقَةً لِلشَّارِعِ، أَوْ لِمِلْكِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُرُورَ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ بَلْ يَمُرُّ مِنْ الشَّارِعِ أَوْ مِلْكِهِ الْقَدِيمِ (كَبَيْعِ صَاعِ صُبْرَةٍ) مَعْلُومَةِ الصِّيعَانِ، أَوْ مَجْهُولَتِهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا عَيْنَ الْمَبِيعِ لِعِلْمِهِمَا بِقَدْرِهِ مَعَ تَسَاوِي أَجْزَاءِ الصُّبْرَةِ، فَلَا غَرَرَ فَفِي الْمَعْلُومَةِ يَنْزِلُ عَلَى الْإِشَاعَةِ لِإِمْكَانِهَا حَتَّى لَوْ تَلِفَ بَعْضُهَا تَلِفَ مِنْ الصَّاعِ بِقَدْرِهِ، وَفِي الْمَجْهُولَةِ يَكُونُ الْمَبِيعُ صَاعًا مِنْهَا أَيَّ صَاعٍ كَانَ؛ لِتَعَذُّرِ الْإِشَاعَةِ حَتَّى يَبْقَى الْمَبِيعُ مَا بَقِيَ صَاعٌ وَلِلْبَائِعِ تَسْلِيمُهُ مِنْ أَسْفَلِ الصُّبْرَةِ، وَوَسَطِهَا لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ رُؤْيَةَ ظَاهِرِهَا كَرُؤْيَةِ كُلِّهَا، بِخِلَافِ بَيْعِ ذِرَاعٍ مِنْ مَجْهُولِ الذُّرْعَانِ مِنْ أَرْضٍ، أَوْ ثَوْبٍ لِتَفَاوُتِ الْأَجْزَاءِ كَبَيْعِ شَاةٍ مِنْ هَذِهِ الشِّيَاهِ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ فَرَّقَ
ــ
[حاشية العبادي]
عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَمَمَرٌّ خُصِّصَ أَيْ: وَمَعْلُومُ مَمَرٍّ كَعَقَارِ بَيْعٍ، وَقَدْ خُصِّصَ الْمُرُورُ إلَيْهِ بِجَانِبٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَخَرَجَ بِزِيَادَةِ خُصِّصَ مَا لَوْ شَرَطَهُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، أَوْ قَالَ بِحُقُوقِهَا، أَوْ أَطْلَقَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَثْبُتُ الْمُرُورُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: مِنْ الشَّارِعِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ احْتَاجَ لِفَتْحِ بَابٍ. (قَوْلُهُ: وَلِلْبَائِعِ تَسْلِيمُهُ مِنْ أَسْفَلِ الصُّبْرَةِ) أَيْ: حَتَّى فِي الْمَعْلُومَةِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الْعُبَابِ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافَهُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ بَيْعِ ذِرَاعٍ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ (فَرْعٌ)
وَإِنْ بَاعَهُ ذِرَاعًا أَيْ: مَثَلًا كَمَا فِي شَرْحِهِ مِنْ أَرْضٍ أَوْ ثَوْبٍ أَيْ: أَوْ نَحْوِهِمَا وَذَرْعُهُ مَعْلُومٌ لَهُمَا كَثَمَانِيَةٍ مَثَلًا مَلَكَ الثَّمَنَ وَنَزَلَ عَلَى الْإِشَاعَةِ، وَإِنْ أَرَادَ مُعَيَّنًا لَمْ يَصِحَّ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِيمَا أَرَادَ صُدِّقَ الْمُعَيَّنُ، أَوْ غَيْرُ مَعْلُومٍ لَمْ يَصِحَّ فَلَوْ عَيَّنَ ابْتِدَاءَهُ مِنْ طَرَفٍ بِأَنْ قَالَ: بِعْتُك ذِرَاعًا أَيْ: مَثَلًا كَمَا فِي شَرْحِهِ مِنْ هَذَا فِي جَمِيعِ الْعَرْضِ إلَى حَيْثُ يَنْتَهِي فِي الطُّولِ أَيْ: أَوْ عَكْسِهِ كَمَا فِي شَرْحِهِ صَحَّ. اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: فَلَوْ عَيَّنَ ابْتِدَاءَهُ إلَخْ، وَمِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ فِي شَرْحِ: وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِ عَيْنًا إلَخْ، وَكَذَا بَيْعُ فَرَاغٍ مُعَيَّنٍ مِنْ أَرْضٍ إلَخْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُعَيَّنِ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ أَرَادَ مُعَيَّنًا لَمْ يَصِحَّ الْمُعَيَّنُ فِي إرَادَتِهِ دُونَ اللَّفْظِ بِأَنْ أَرَادَ ذِرَاعًا بِعَيْنِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ فِي اللَّفْظِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلتَّعْبِيرِ بِالْإِرَادَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ: مِنْ مَجْهُولِ الذَّرِعَانِ) بِخِلَافِ الْمَعْلُومِ الذُّرْعَانِ فِي ذَلِكَ فَيَصِحُّ بَيْعُ ذِرَاعٍ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: كَبَيْعِ شَاةٍ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ عَشْرِ شِيَاهٍ مِنْ هَذِهِ الْمِائَةِ، وَإِنْ عَلِمَ عَدَدَ الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ مِثْلِهِ مِنْ الْأَرْضِ، وَالصُّبْرَةِ، وَالثَّوْبِ؛ لِاخْتِلَافِ قِيمَةِ الشِّيَاهِ فَلَا يَدْرِي كَمْ قِيمَةُ الْعَشَرَةِ مِنْ الْجُمْلَةِ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِيهَا الْإِشَاعَةُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهُ ذِرَاعًا مِنْ ثَوْبٍ أَوْ أَرْضٍ وَذَرْعُهُ مَعْلُومٌ لَهُمَا. اهـ. وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ مِثْلِهِ مِنْ الصُّبْرَةِ، وَالْأَرْضِ، وَالثَّوْبِ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ فِي الْأَرْضِ، وَالثَّوْبِ بِمَا ذَرَعَهُ مَعْلُومٌ لَهُمَا؛ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهُ ذِرَاعًا مِنْ ثَوْبٍ، أَوْ أَرْضٍ إلَخْ؛ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الذِّرَاعِ، وَالْعَشَرَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
ــ
[حاشية الشربيني]
عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ
(قَوْلُهُ: أَوْ أَطْلَقَ) يُفِيدُ أَنَّ الْمَمَرَّ مَعْلُومٌ حِينَئِذٍ وَقَدْ يُوَجَّهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَيْضًا: أَوْ أَطْلَقَ) اُسْتُشْكِلَ بِصُورَةِ الْمَمَرِّ الْمُبْهَمِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ فِي حَالِ الْإِطْلَاقِ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْمُنَافِي فَحُمِلَ عَلَى مَا يَصِحُّ، وَفِي الِاشْتِرَاطِ صَرَّحَ بِالْمُنَافِي فَأَبْطَلَ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِنَحْوِ ذَلِكَ فَقَالَ: نَمْنَعُ تَسَاوِي الصُّورَتَيْنِ وَإِنَّمَا الْإِطْلَاقُ كَمَا لَوْ شَرَطَهُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ حَمْلًا لَهُ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ الْبَيْعِ مِنْ الْمُرُورِ إلَيْهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ وَهَذَا هُوَ تَوْجِيهُ مَا قُلْنَا أَوَّلًا.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ إلَخْ) الْحُكْمُ صَحِيحٌ، لَكِنْ لَا يُنَاسِبُ الْمُقْسَمَ أَعْنِي كَوْنَ الْأَرْضِ مَحْفُوفَةً بِمِلْكِهِ مِنْ كُلِّ الْجَوَانِبِ؛ إذْ احْتِفَافُهَا بِهِ مِنْ كُلِّ الْجَوَانِبِ يُنَافِي كَوْنَهَا مُلَاصِقَةً لِلشَّارِعِ أَوْ لِمِلْكِ شَخْصٍ. اهـ. بِهَامِشِ الشَّرْحِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لِمِلْكِ الْمُشْتَرِي) بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مُلَاصِقَةً لِمَسْجِدٍ؛ لِأَنَّ جَعْلَهُ مَمَرًّا إهَانَةً بِخِلَافِ الْمَقْبَرَةِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُرُورَ) أَيْ تَنْزِيلًا عَلَى الْعَادَةِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْقَى الْمَبِيعُ مَا بَقِيَ صَاعٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ صُبَّ عَلَيْهَا غَيْرُهَا وَتَلِفَ الْكُلُّ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا صَاعٌ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ. اهـ. وَيَظْهَرُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ الْمَصْبُوبُ.
(قَوْلُهُ: وَلِلْبَائِعِ تَسْلِيمُهُ إلَخْ) أَيْ: فِي الْمَجْهُولَةِ كَمَا فِي ع ش، أَمَّا الْمَعْلُومَةُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْأَخْذِ مِنْ الْأَسْفَلِ؛ لِأَنَّهَا شُيُوعٌ بَلْ الْقَاطِعُ لِلنِّزَاعِ الْقُرْعَةُ وَأَمَّا الْمَجْهُولَةُ فَيُجْبَرُ فِيهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا شَرِكَةُ جِوَارٍ. اهـ. شَيْخُنَا ذ. (قَوْلُهُ: مِنْ مَجْهُولِ الذُّرْعَانِ) خَرَجَ مَعْلُومُهَا فَإِنَّ الْإِشَاعَةَ مُمْكِنَةٌ حِينَئِذٍ، أَمَّا مَجْهُولُهَا فَإِنَّهُ مَعَ اخْتِلَافِ الْأَجْزَاءِ وَتَفَاوُتِهَا غَالِبًا مَنْفَعَةً وَقِيمَةُ الْإِشَاعَةِ مُتَعَذِّرَةٌ اهـ شَرْحُ عب. (قَوْلُهُ: لِتَفَاوُتِ الْأَجْزَاءِ) أَيْ: الشَّأْنُ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ إذَا كَانَ نَحْوُ الثَّوْبِ لَا تَخْتَلِفُ أَجْزَاؤُهُ
الصِّيعَانَ وَبَاعَ صَاعًا مِنْهَا قَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّهَا رُبَّمَا تَفَاوَتَتْ فِي الْكَيْلِ فَيَخْتَلِفُ الْغَرَضُ. وَعَبَّرَ الْحَاوِي عَمَّا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ: أَوْ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ فَجَعَلَ الشَّرْطَ، إمَّا الْعِلْمُ بِعَيْنِهِ، أَوْ الْعِلْمُ بِقَدْرِهِ فِي مُتَسَاوِي الْأَجْزَاءِ فَالثَّانِي كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ الْأَوَّلِ أَيْ: يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ إلَّا فِي صَاعِ صُبْرَةٍ فَقَوْلُ النَّظْمِ: كَبَيْعِ تَنْظِيرٌ لَا تَمْثِيلٌ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ تَمْثِيلٌ بِتَنْزِيلٍ مَعْلُومِ الْقَدْرِ فِي مُتَسَاوِي الْأَجْزَاءِ مَنْزِلَةَ مَعْلُومِ الْعَيْنِ كَمَا اقْتَضَاهُ صُنْعُ كَثِيرٍ وَيُؤَيِّدُهُ عُدُولُهُ عَنْ أَوْ السَّالِمُ مَعَهُ الْجُزْءُ مِنْ الْخَبْنِ إلَى مَا فِيهِ خَبْنٌ، وَإِنْ كَانَ جَائِزًا، وَفِي عُدُولِهِ إلَى ذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَصُّ بِالصَّاعِ وَيَصِحُّ بَيْعُ جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ شَيْءٍ، وَلَوْ بِمِثْلِهِ مِنْهُ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الذَّكَاةِ صِحَّةُ بَيْعِ حَمَامِ بُرْجٍ اخْتَلَطَ بِآخَرَ مِنْ مَالِكِ الْآخَرِ وَبَيْعِهِمَا مِنْ ثَالِثٍ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا الْعَيْنَ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ (تَنْبِيهٌ)
لَوْ بَاعَهُ صَاعًا مِنْ بَاطِنِ الصُّبْرَةِ قَالَ الْإِمَامُ: فَهُوَ كَبَيْعِ الْغَائِبِ وَشَبَّهَهُ بِالْأُنْمُوذَجِ إذَا لَمْ يَدْخُلْهُ فِي الْمَبِيعِ (لَا) بَيْعُ (صُبْرَهْ مَجْهُولَةِ الصِّيعَانِ إلَّا صَاعًا) ، فَلَا يَصِحُّ لِجَهَالَةِ عَيْنِ الْمَبِيعِ وَقَدْرِهِ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ، أَمَّا الْمَعْلُومَةُ فَيَصِحُّ بَيْعُهَا كَذَلِكَ لِلْعِلْمِ بِالْقَدْرِ (وَالْقَدْرَ ذِمَّةً) أَيْ: إنَّمَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ فِي نَافِعِ عَلِمَ الْعَاقِدَانِ عَيْنَهُ فِي الْمُعَيَّنِ كَمَا مَرَّ وَقَدْرَهُ فِي الذِّمَّةِ ثَمَنًا أَوْ مُثَمَّنًا أَيْضًا فَلَوْ قَالَ: بِعْتُك بِمِلْءِ أَوْ مِلْءَ ذَا الْبَيْتِ حِنْطَةً، أَوْ بِزِنَةٍ، أَوْ زِنَةَ هَذِهِ الْحَصَاةِ ذَهَبًا لَمْ يَصِحَّ لِلْجَهْلِ بِالْقَدْرِ نَعَمْ إنْ عَيَّنَ الْعِوَضَ كَأَنْ قَالَ: بِعْتُك بِمِلْءِ، أَوْ مِلْءَ ذَا الْبَيْتِ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ صَحَّ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ تَنْكِيرُ الرَّافِعِيِّ الْحِنْطَةَ فِي مِثَالِ الْبُطْلَانِ. وَصَرَّحَ بِهِ فِي السَّلَمِ وَمَثَّلَ بِالْكُوزِ فَقَالَ: وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك مِلْءَ ذَا الْكُوزِ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ؛ لِإِمْكَانِ الْأَخْذِ قَبْلَ تَلَفِهِ فَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ مِنْ الْبُطْلَانِ فِي بِعْتُك مِلْءَ ذَا الْبَيْتِ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ خَطَأٌ مَنْشَؤُهُ عَدَمُ التَّأَمُّلِ، وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ عِلْمِهِمَا بِجِنْسِهِ وَصِفَتِهِ فَلَوْ بَاعَ بِأَلْفٍ أَوْ بِنَقْدٍ مُطْلَقًا وَثَمَّ نُقُودٌ لَا غَالِبَ فِيهَا لَمْ يَصِحَّ لِجَهَالَةِ الْجِنْسِ فِي الْأُولَى، وَالصِّفَةِ فِي الثَّانِيَةِ نَعَمْ إنْ تَسَاوَتْ قِيَمُ النُّقُودِ صَحَّ الْبَيْعُ وَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي مَا شَاءَ مِنْهَا.
وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الْمُعَيَّنَ لَا يُعْتَبَرُ الْعِلْمُ بِقَدْرِهِ فَلَوْ بَاعَ صُبْرَةً بِدَرَاهِمَ مُعَيَّنَتَيْنِ وَلَمْ يَعْلَمَا قَدْرَهُمَا، أَوْ قَدْرَ إحْدَاهُمَا صَحَّ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ يُوقِعُ فِي النَّدَمِ (فَائِدَةٌ)
الذِّمَّةُ لُغَةً: الْأَمَانُ وَاصْطِلَاحًا: النَّفْسُ إطْلَاقًا لِاسْمِ الْحَالِ عَلَى الْمَحَلِّ وَمَثَّلَ لِلْمُعَيَّنِ الْمَعْلُومِ الْعَيْنِ بِالصُّبْرَةِ وَلِمَا فِي الذِّمَّةِ الْمَعْلُومِ الْقَدْرِ بِالْعَشَرَةِ فِي قَوْلِهِ (كَمَا لَوْ بَاعَا صُبْرَتَهُ بِعَشْرَةٍ) مِنْ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا فَيَصِحُّ (وَيَبْطُلُ) الْبَيْعُ (بِدَكَّةٍ) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ: مَعَ وُجُودِ دَكَّةٍ (مِنْ تَحْتِهَا) أَيْ: الصُّبْرَةِ حَيْثُ (لَا يَجْهَلُ) الْمُشْتَرِي الدَّكَّةَ؛ لِمَنْعِهَا تَخْمِينَ الْقَدْرِ فَيَكْثُرُ الْغَرَرُ نَعَمْ إنْ رَأَى الْمَوْضِعَ قَبْلَ وَضْعِ الصُّبْرَةِ عَلَيْهِ صَحَّ الْبَيْعُ لِحُصُولِ التَّخْمِينِ (وَجَاهِلًا خَيِّرْ) أَيْ، وَالْجَاهِلُ بِالدَّكَّةِ بِأَنْ ظَنَّ الصُّبْرَةَ عَلَى مُسْتَوٍ، ثُمَّ ظَهَرَ خِلَافُهُ خَيَّرَهُ بَيْنَ الْفَسْخِ، وَالْإِمْضَاءِ؛ إلْحَاقًا لِمَا ظَهَرَ بِالْعَيْبِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ. وَخَرَجَ بِالدَّكَّةِ الْحُفْرَةُ فَفِي التَّهْذِيبِ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَمَا فِيهَا لِلْبَائِعِ، وَرَدَّهُ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ الْغَزَالِيَّ، وَغَيْرَهُ جَزَمُوا بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فَيَخْتَلِفُ الْغَرَضُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَالَ غَيْرُهُ: لِأَنَّ التَّفْرِيقَ يَحْصُلُ بِهِ التَّبَايُنَ فَيَصِيرُ كُلُّ صَاعٍ أَصْلًا بِنَفْسِهِ وَعِنْدَ الِاجْتِمَاعِ تَصِيرُ الصُّبْرَةُ جُمْلَةً وَاحِدَةً، وَقَدْ تَمَاثَلَتْ أَجْزَاؤُهَا فَيَبْعُدُ الِاخْتِلَافُ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْهَا وَهَذَا أَوْلَى لِاقْتِضَاءِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ فَرَّقَهَا وَزْنًا جَازَ الْبَيْعُ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَثَمَّ نُقُودٌ لَا غَالِبَ فِيهَا لَمْ يَصِحَّ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَيَجِبُ تَعْيِينُ نَوْعِ الدَّرَاهِمِ، وَالدَّنَانِيرِ لَفْظًا إنْ اخْتَلَفَتْ النُّقُودُ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: فَلَا يَكْفِي التَّعْيِينُ بِالنِّيَّةِ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ غَلَبَ وَاحِدٌ انْصَرَفَ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ فُلُوسًا، وَكَذَا مُكَسَّرًا وَلَمْ تَتَفَاوَتْ قِيمَتُهُ. اهـ. أَيْ: فَإِنْ تَفَاوَتَتْ لَمْ يَصِحَّ كَمَا قَالَ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَيَانِ، إلَّا إنْ تَفَاوَتَتْ قِيمَةُ الْمُكَسَّرَةِ فَلَا يَصِحُّ. اهـ. . وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ تَفَاوُتُ قِيمَتِهِ فِي نَفْسِهِ بِأَنْ يَكُونَ أَنْوَاعًا مُخْتَلِفَةَ الْقِيمَةِ لَا تَفَاوُتُ قِيمَتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّحِيحِ
ــ
[حاشية الشربيني]
عَلَى الْأَوْجَهِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا رُبَّمَا تَفَاوَتَتْ إلَخْ) وَلِأَنَّهَا صَارَتْ أَعْيَانًا مُتَمَيِّزَةً لَا دَلَالَةَ لِأَحَدِهَا عَلَى الْأُخْرَى فَصَارَ كَبَيْعِ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ. اهـ. م ر.
(قَوْلُهُ: وَعَبَّرَ الْحَاوِي إلَخْ) أَوْ بَعْدَ قَوْلِهِ: مَعْلُومُ الْعَيْنِ، وَالْمَمَرِّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ جُزْءٍ إلَخْ) مَحَلُّهُ فِيمَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ غِبْطَةٌ وَإِلَّا كَمَا لَوْ بَاعَ مِنْ مَحْجُورِهِ أَوَّلَهُ لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا؛ إذْ لَا غِبْطَةَ نَعَمْ إنْ وُجِدَتْ فَائِدَةٌ مِمَّا سَيَأْتِي صَحَّ وَفَائِدَةُ صِحَّةِ هَذَا الْبَيْعِ مَنْعُ رُجُوعِ الْوَالِدِ فِي هِبَةِ الْمَبِيعِ، أَوْ الثَّمَنِ لِوَلَدِهِ وَمَنْعُ رُجُوعِ الزَّوْجِ فِيمَا أَصْدَقَهُ لِزَوْجَتِهِ إذَا فَارَقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ وَمَنْعُ الرَّدِّ بِعَيْبٍ، أَوْ فَلَسٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ عب عَنْ الزَّرْكَشِيّ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ تَسَاوَتْ قِيَمُ النُّقُودِ إلَخْ) أَيْ: وَكَانَ كُلٌّ مِنْهَا غَالِبًا، وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْغَالِبُ وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَشَيْخُنَا ذ عَنْ شَيْخِهِ الدَّمْهُوجِيِّ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ غَلَبَةٌ لِأَحَدِ النُّقُودِ وَتَسَاوَتْ قِيَمُهَا صَحَّ وَيُسَلِّمُ الْمُشْتَرِي مَا شَاءَ جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي عب أَيْضًا حَيْثُ مَثَّلَ لِلصَّحِيحِ بِقَوْلِهِ كَصِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ بِلَا غَلَبَةٍ وَلَا تَفَاوُتٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ فِي الْقِيمَةِ: فَلَا يَجِبُ التَّعْيِينُ حَيْثُ لَا غَالِبَ. اهـ. فَقَوْلُ الشَّرْحِ: نَعَمْ إلَخْ شَامِلٌ لِلْقِسْمَيْنِ أَعْنِي مَا إذَا غَلَبَ كُلٌّ، أَوْ لَمْ يَكُنْ غَالِبًا. (قَوْلُهُ: قِيَمُ النُّقُودِ) أَيْ وَرَوَاجُهَا. اهـ. شَيْخُنَا ذ عَنْ شَيْخِهِ الدَّمْهُوجِيِّ (قَوْلُهُ: لَا يَجْهَلُ الْمُشْتَرِي) بِأَنْ عَلِمَ بِهَا بِالْإِخْبَارِ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالدَّكَّةِ الْحُفْرَةُ) أَيْ: إذَا عَلِمَهَا بِالْإِخْبَارِ كَمَا تَقَدَّمَ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَرَفَهَا بِالْمُعَايَنَةِ فَيَصِحُّ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: جَزَمُوا بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا) أَيْ: وَيَكُونُ الْمَبِيعُ مَا ظَهَرَ وَمَا فِي الْحُفْرَةِ وَعَلَى مَا فِي
لَكِنَّ الْخِيَارَ فِي هَذِهِ لِلْبَائِعِ وَفِي تِلْكَ لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ بَاعَ صُبْرَةَ بُرٍّ وَشَعِيرٍ مُخْتَلَطَيْنِ جُزَافًا، أَوْ صَاعًا مِنْهَا صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَيَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَعْلُومٌ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ فَوَاكِهَ مُخْتَلِفَةً مُخْتَلِطَةً، وَلَوْ بَاعَ الْمَعَاجِينَ الْمُرَكَّبَةَ صَحَّ، وَإِنْ جَهِلَ قَدْرَ كُلٍّ مِنْ أَخْلَاطِهِ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ مَقْصُودٌ، وَلَوْ شَيَّبَ اللَّبَنَ بِالْمَاءِ، أَوْ الْمِسْكَ بِغَيْرِهِ بَطَلَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَجْهُولٌ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْمِسْكِ، وَقَيَّدَهَا فِي الْمَجْمُوعِ بِمَا إذَا خَالَطَ الْمِسْكُ غَيْرَهُ لَا عَلَى وَجْهِ التَّرْكِيبِ قَالَ: فَإِنْ كَانَ مَعْجُونًا بِغَيْرِهِ كَالْغَالِيَةِ، وَالنَّدِّ جَازَ بَيْعُهُ. اهـ. وَالتَّعْلِيلُ السَّابِقُ يَقْتَضِيهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَجْمُوعُهُمَا لَا الْمِسْكُ وَحْدَهُ وَيَقْتَضِي أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَدْرُ اللَّبَنِ فِي الْأُولَى، وَالْمِسْكِ فِي الثَّانِيَةِ مَعْلُومًا صَحَّ.
ثُمَّ مَثَّلَ النَّاظِمُ أَيْضًا لِلْمُعَيَّنِ وَلِمَا فِي الذِّمَّةِ بِقَوْلِهِ: (وَ) كَمَا لَوْ بَاعَ صُبْرَتَهُ (كُلُّ صَاعِ بِهِ) أَيْ: بِدِرْهَمٍ مَثَلًا فَيَصِحُّ، وَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ بِجُمْلَةِ الثَّمَنِ لِلْعِلْمِ بِهِ تَفْصِيلًا، وَكَذَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ الدَّارَ، أَوْ هَذَا الثَّوْبَ كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ هَذِهِ الشِّيَاهَ كُلَّ شَاةٍ بِدِرْهَمٍ (وَ) الْبَيْعُ (مَعْ مَنْ) بِأَنْ يَقُولُ بِعْتُك مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ، أَوْ بِعْتُك كُلَّ صَاعٍ مِنْهَا بِدِرْهَمٍ (هُوَ ذُو امْتِنَاعِ) ؛ إذْ لَمْ يَبِعْ الْجُمْلَةَ بَلْ بَعْضُهَا الْمُحْتَمِلَ لِلْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ فَلَا يُعْلَمُ قَدْرُ الْمَبِيعِ تَحْقِيقًا، وَلَا تَخْمِينًا بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ فَإِنَّهُ يُعْلَمُ تَخْمِينًا، وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك صَاعًا مِنْهَا بِدِرْهَمٍ وَمَا زَادَ بِحِسَابِهِ صَحَّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ: عَلَى أَنَّ مَا زَادَ بِحِسَابِهِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ (وَبِعْتُهَا بِعَشْرَةٍ كُلَّ أَحَدْ) بِنَصْبِ كُلَّ بَدَلًا مِنْ ضَمِيرِ الصُّبْرَةِ أَيْ: وَكَبِعْتُكَ هَذِهِ الصُّبْرَةَ بِعَشَرَةِ دَارِهِمْ كُلَّ صَاعٍ مِنْهَا (بِدِرْهَمٍ) فَيَصِحُّ (إنْ يَتَوَافَقْ الْعَدَدْ) أَيْ عَدَدُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَكَمَا لَوْ بَاعَ صُبْرَتَهُ) فِي الْمُعَيَّنِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: بِدِرْهَمٍ مَثَلًا) هِيَ مَا فِي الذِّمَّةِ. (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ) لَوْ خَرَجَ فِي الصُّبْرَةِ كَسْرٌ كَعَشَرَةِ آصُعَ وَنِصْفٍ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ، وَالْأَوْجَهُ مِنْهُ الصِّحَّةُ بِقِسْطِهِ مِنْ الدِّرْهَمِ، وَقَدْ اسْتَنْبَطَ الرِّيمِيُّ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ التَّنْبِيهِ ش ع.
(قَوْلُهُ: كُلَّ شَاةٍ بِدِرْهَمٍ) قَالَ فِي الْعُبَابِ، أَوْ الْقَطِيعَ أَيْ: أَوْ بَاعَ الْقَطِيعَ كُلَّ شَاتَيْنِ بِدِينَارٍ أَيْ: مَثَلًا فَلَا أَيْ: فَلَا يَجُوزُ. اهـ. قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَقَرَّهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَوَازِ فِي كُلِّ شَاةٍ بِدِرْهَمٍ مَثَلًا الَّتِي هِيَ مَسْأَلَةُ الشَّارِحِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْجَهْلُ بِمَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدَةٍ؛ إذْ قَدْ يَتَفَاوَتُ وَيُشْكِلُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ بَاعَ شَاتَيْنِ بِدِرْهَمٍ صَحَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَعَ وُجُودِ الْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا، وَالْفَرْقُ بِكَثْرَةِ الْجَهْلِ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: إذْ لَمْ يَبِعْ الْجُمْلَةَ إلَخْ) الْوَجْهُ؛ أَخْذًا مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ الصِّحَّةُ فِيمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلَّ صَاعٍ مِنْهَا بِدِرْهَمٍ. (قَوْلُهُ: وَمَا زَادَ بِحِسَابِهِ صَحَّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَوْ قَالَ: بِعْتُكهَا وَهِيَ عَشَرَةٌ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ صَحَّ فِي الْعَشَرَةِ فَقَطْ. اهـ. وَقَوْلُهُ: صَحَّ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَيْ: فِي صَاعٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الْمَعْلُومُ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَتَوَافَقَ الْعَدَدُ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: لَوْ بَاعَ الرِّزْمَةَ كُلَّ ثَوْبٍ مِنْهَا بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَثْوَابٍ فَبَانَتْ تِسْعَةً صَحَّ فِيهَا بِتِسْعَةِ دَرَاهِمَ أَوْ إحْدَى عَشَرَةَ بَطَلَ فِي الْكُلِّ. اهـ. وَعِبَارَةُ الْكِفَايَةِ لَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذِهِ الرِّزْمَةَ كُلَّ ثَوْبٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَثْوَابٍ، وَقَدْ شَاهَدَ كُلَّ ثَوْبٍ مِنْهَا فَخَرَجَتْ تِسْعَةً صَحَّ وَلَزِمَهُ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ، وَإِنْ خَرَجَتْ أَحَدَ عَشَرَ
ــ
[حاشية الشربيني]
التَّهْذِيبِ الْمَبِيعُ مَا ظَهَرَ فَقَطْ، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ لَوْ كَانَ الِانْخِفَاضُ حُفْرَةً أَعْلَاهَا مُسَاوٍ لِوَجْهِ الْأَرْضِ فَالْبَيْعُ مَا فَوْقَ وَجْهِهَا الْمُسَاوِي لِوَجْهِ الْأَرْضِ دُونَ مَا فِيهَا وَلَا خِيَارَ. اهـ. وَهُوَ مَعَ وُضُوحِهِ مُخَالِفٌ لِلشَّرْحِ. اهـ. وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَحَلِّيِّ، وَلَوْ كَانَتْ الصُّبْرَةُ عَلَى مَوْضِعٍ فِيهِ ارْتِفَاعٌ وَانْخِفَاضٌ وَعَلِمَ الْمُشْتَرِي بَطَلَ الْبَيْعُ لِمَنْعِهِ التَّخْمِينَ وَلَوْ كَانَ تَحْتَهَا حُفْرَةٌ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَمَا فِيهَا لِلْبَائِعِ. اهـ. وَعَلَى هَذَا يَنْزِلُ الْقَوْلَانِ وَلَا خِلَافَ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ شَيَّبَ إلَخْ) بَحَثَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ أَنَّ الْمَاءَ لَوْ قُصِدَ خَلْطُهُ بِاللَّبَنِ لِنَحْوِ حُمُوضَةٍ وَكَانَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَخَلْطِ غَيْرِ الْمِسْكِ بِهِ لِلتَّرْكِيبِ. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: وَكَمَا لَوْ بَاعَ صُبْرَتَهُ كُلَّ صَاعٍ بِهِ) وَلَا يَتَعَدَّدُ الْعَقْدُ هُنَا بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ التَّفْصِيلَ الَّذِي يَتَعَدَّدُ بِهِ الْعَقْدُ هُوَ مَا لَمْ يَسْبِقْهُ إجْمَالٌ بِأَنْ يَكُونَ مُسْتَقِلًّا، أَمَّا مَا سَبَقَهُ إجْمَالٌ كَمَا هُنَا وَهُوَ بَيْعُ الصُّبْرَةِ فَلَا يَتَعَدَّدُ بِهِ الْعَقْدُ وَقَدْ مَرَّ نَظِيرُ هَذَا فِي بَيْعِهِ الثَّوْبِ بِأَلْفٍ نِصْفُهُ بِخَمْسِمِائَةٍ وَنِصْفُهُ بِخَمْسِمِائَةٍ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: هُوَ ذُو امْتِنَاعٍ) أَيْ: إنْ قَصَدَ بِمِنْ التَّبْعِيضَ، أَوْ أَطْلَقَ؛ لِأَنَّ مِنْ لَا يَتَبَادَرُ مِنْهَا فِي هَذَا التَّرْكِيبِ إلَّا التَّبْعِيضُ، أَمَّا لَوْ قَصَدَ بِهَا الْجِنْسَ أَيْ: شَيْئًا هُوَ هَذِهِ الصُّبْرَةُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا فِي الْخَادِمِ وَمُرَادُهُ أَنَّ مِنْ حِينَئِذٍ لِلْبَيَانِ، وَالْمُبَيَّنُ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ أَيْ: شَيْئًا هُوَ هَذِهِ الصُّبْرَةُ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَبِعْ الْجُمْلَةَ) أَيْ: لَمْ يُوقِعْ الْبَيْعَ عَلَيْهَا بَلْ عَلَى كُلِّ صَاعٍ مِنْهَا، وَلَوْ اسْتَوْفَتْ الصِّيعَانَ جَمِيعهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: صَحَّ) أَيْ: فِي صَاعٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: وَبِعْتهَا بِعَشَرَةٍ إلَخْ) هَذَا وَمَا قَبْلَهُ فِيمَا لَمْ تَتَفَاوَتْ أَجْزَاؤُهُ كَالصَّاعِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ
الصِّيعَانِ، وَالدَّرَاهِمِ بِأَنْ خَرَجَتْ الصُّبْرَةُ عَشَرَةَ آصُعَ لِتُوَافِقَ الْجُمْلَةَ، وَالتَّفْصِيلَ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَوَافَقَا بِأَنْ خَرَجَتْ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ، أَوْ أَكْثَرَ لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَ جُمْلَةِ الثَّمَنِ وَتَفْصِيلِهِ
(لَا إنْ تُبَاعَ عَبِيدُ جَمْعٍ) اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (بِثَمَنْ) وَاحِدٍ، فَلَا يَصِحُّ لِلْجَهْلِ بِحَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا لِجَمْعٍ مُشْتَرِكَيْنِ فِيهِمْ شَرِكَةُ شُيُوعٍ صَحَّ بَيْعُهُمْ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِلْعِلْمِ بِحَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَخَرَجَ بِجَمْعٍ مَا إذَا كَانَ الْعَبِيدُ لِوَاحِدٍ فَيَصِحُّ لِاتِّحَادِ الْمُسْتَحِقِّ، وَلَا نَظَرَ إلَى احْتِمَالِ الْإِفْضَاءِ إلَى جَهَالَةِ الثَّمَنِ بِتَقْدِيرِ تَلَفِ بَعْضِهِمْ فَقَدْ يُحْتَمَلُ دَوَامًا مَا لَا يُحْتَمَلُ ابْتِدَاءً وَبِثَمَنِ مَا إذَا عُيِّنَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ ثَمَنٌ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ. وَذِكْرُ الْعَبِيدِ مِثَالٌ فَغَيْرُهُمْ كَذَلِكَ نَعَمُ الْأَرْضِ وَمَا فِيهَا مِنْ غِرَاسٍ وَنَحْوِهِ لِلْمُسْتَعِيرِ يَصِحُّ بَيْعُهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ لِلْحَاجَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْعَارِيَّةُ، وَحَمَامِ بُرْجٍ اخْتَلَطَ بِآخَرَ يَصِحُّ بَيْعُهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ لِذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الذَّكَاةِ (أَوْ مَا) أَيْ: وَلَا أَنْ يُبَاعُ عَبْدٌ مَثَلًا بِمَا (يَخُصُّهُ مِنْ الْفٍ تُقْسَمَنْ عَلَى) قِيمَةِ (الْمَبِيعِ وَ) قِيمَةُ عَبْدٍ (سِوَاهُ) ، فَلَا يَصِحُّ
ــ
[حاشية العبادي]
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ بَطَلَ فِي الْكُلِّ قَطْعًا بِخِلَافِ الْأَرْضِ وَإِذَا بَاعَهُ مُذَارَعَةً؛ لِأَنَّ الثِّيَابَ تَخْتَلِفُ فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ الزَّائِدِ مَشَاعًا فِي جَمِيعِهَا وَمَا زَادَ فِي الْأَرْضِ مُشْبِهٌ لِبَاقِيهِ فَأَمْكَنَ جَعْلُهُ مَشَاعًا فِي جَمِيعِهَا. اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَوْ بَاعَ صُبْرَةً، أَوْ أَرْضًا، أَوْ ثَوْبًا أَوْ قَطِيعًا عَلَى أَنَّهُ كَذَا فَزَادَ، أَوْ نَقَصَ صَحَّ الْبَيْعُ وَيَتَخَيَّرُ الْبَائِعُ إنْ زَادَ، وَالْمُشْتَرِي إنْ نَقَصَ إلَخْ. اهـ. فَلْيُحَرَّرْ الْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا تَقَدَّمَ فِي الرِّزْمَةِ وَلَا سِيَّمَا، وَالْقَطِيعُ شَدِيدُ التَّفَاوُتِ كَأَثْوَابِ الرِّزْمَةِ، أَوْ أَشَدُّ وَمُجَرَّدُ تَفْصِيلِ الثَّمَنِ، أَوْ إجْمَالِهِ لَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بِهِ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَوَافَقَا إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا يُشْكِلُ بِمَا يَأْتِي فِي الرِّبَا مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ صُبْرَةِ حِنْطَةٍ بِصُبْرَةِ شَعِيرٍ مُكَايَلَةً، وَإِنْ خَرَجَتَا مُتَفَاضِلَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ هُنَا عُيِّنَتْ كَمِّيَّتُهُ، فَإِذَا اخْتَلَّ عَنْهَا صَارَ مُبْهَمًا فَأُبْطِلَ بِخِلَافِهِ ثَمَّةَ لَمْ تُعَيِّنْ كَمْيَّةُ صِيعَانِهِ، وَالصُّبْرَةُ النَّاقِصَةُ قَدْ وَرَدَ الْبَيْعُ عَلَى جَمِيعِهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَ صُبْرَةً صَغِيرَةً بِقَدْرِهَا مِنْ كَبِيرَةٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا سَيَأْتِي، ثُمَّ. اهـ. وَقَوْلُهُ: بِمَا يَأْتِي فِي الرِّبَا عِبَارَةُ الرَّوْضِ فِي الرِّبَا فَإِنْ بَاعَهَا بِهَا مُكَايَلَةً وَتَفَاضَلَتَا وَسَمَحَ رَبُّ الزَّائِدِ، أَوْ رَضِيَ رَبُّ النَّاقِصِ بِقَدْرِهِ أَقَرَّ أَيْ: الْبَيْعَ، وَإِلَّا فَسَخَ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ بِيعَ عَبِيدٌ بِثَمَنٍ) قَيَّدَهُ فِي التَّنْبِيهِ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ كُلٌّ مَا يُقَابِلُ عَبْدَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَمَشَى عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيِّ فِي تَدْرِيبِهِ
ــ
[حاشية الشربيني]
شَيْءٍ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ التَّعْيِينِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْكَافِي: لَوْ قَالَ: بِعْتُك أَلْفَ رِطْلٍ مِنْ عِنَبٍ هَذَا الْكَرْمِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ غَيْرُ مَعْلُومٍ لَا بِالتَّعْيِينِ وَلَا بِالْجُزْئِيَّةِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: نَعَمْ لَوْ لَمْ يُقَابِلْ الْأَجْزَاءَ بِالْأَجْزَاءِ وَإِنَّمَا قَابَلَ الْجُمْلَةَ بِالْجُمْلَةِ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ كَبِعْتُكَهَا بِمِائَةٍ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ ذِرَاعٍ صَحَّ الْبَيْعُ وَإِنْ خَرَجَتْ زَائِدَةً، أَوْ نَاقِصَةً وَيَقْرُبُ مِنْهُ عَكْسُهُ بِأَنْ لَا تُقَابَلَ الْجُمْلَةُ بِالْجُمْلَةِ بَلْ الْأَجْزَاءُ بِالْأَجْزَاءِ كَبِعْتُكَهَا كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ صَاعٍ كَالَّتِي قَبْلَهَا وَيَجْرِي فِيهَا مَا يَأْتِي مِنْ الْخِيَارِ وَتَوَابِعِهِ. اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْ الْحَاشِيَةِ أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الثِّيَابِ كَالْأَرْضِ، وَالثَّوْبِ الْوَاحِدَةِ فَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ أَيْضًا: لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ رحمه الله؛ لِأَنَّهُ بَاعَ جُمْلَةَ الصُّبْرَةِ بِالْمِائَةِ بِشَرْطِ مُقَابَلَةِ كُلِّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ عِنْدَ الزِّيَادَةِ، وَالنُّقْصَانِ مُحَالٌ. اهـ. عَمِيرَةُ وَقَوْلُهُ: وَالْجَمْعُ إلَخْ أَيْ: وَلَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ الزِّيَادَةِ، وَالنُّقْصَانِ عَلَى مَا عَيَّنَهُ يَصِيرُ الثَّمَنُ مِنْهُمَا. اهـ. حَجَرٌ فِي شَرْحِ عب.
(قَوْلُهُ: لَا أَنْ يَبِعْ إلَخْ) بِخِلَافِ عَكْسِهِ بِأَنْ اشْتَرَى اثْنَانِ عَبْدَ وَاحِدٍ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: مُشْتَرَكَيْنِ فِيهِ شَرِكَةَ شُيُوعٍ) إلَى قَوْلِهِ: لِلْعِلْمِ بِحَقِّ كُلٍّ مِنْهُمْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الصُّورَةَ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الشَّرِكَةِ بِأَنْ يَكُونَ نِصْفَهُمَا؛ إذْ لَا تَوْزِيعَ هُنَا يُؤَدِّي إلَى جَهَالَةٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ لِوَاحِدٍ ثُلُثُ وَاحِدٍ وَنِصْفٌ لِآخَرَ وَلِلْآخَرِ الْبَاقِي لِلِاحْتِيَاجِ حِينَئِذٍ إلَى التَّقْوِيمِ الْمُقْتَضِي لِلتَّوْزِيعِ وَهُوَ يُومِئُ إلَى الْجَهْلِ. اهـ. حَجَرٌ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ.
؛ لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ فِي الْحَالِ
(نُظِرَا) أَيْ: إنَّمَا يَنْعَقِدُ الْبَيْع فِي نَافِعٍ مَنْظُورٍ أَيْ: مَرْئِيٍّ لِلْعَاقِدَيْنِ، فَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعُ مَا لَمْ يَرَيَاهُ، أَوْ أَحَدُهُمَا لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ. وَأَمَّا خَبَرُ «مَنْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إذَا رَآهُ» فَضَعِيفٌ كَمَا قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَالْبَيْهَقِيُّ (لَا قَبْلَهُ فِي غَالِبٍ تَغَيُّرَا) بِنَصْبِ تَغَيَّرَا تَمْيِيزًا أَيْ: لَا مَا رُئِيَ قَبْلَ الْعَقْدِ وَكَانَ مِمَّا يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ مِنْ وَقْتِ الرُّؤْيَةِ إلَى الْعَقْدِ كَالْأَطْعِمَةِ الَّتِي يُسْرِعُ فَسَادُهَا، فَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعُهُ دُونَ مَا لَا يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ كَالْأَوَانِي، وَالْأَرَاضِيِ، وَالنُّحَاسِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ فِيهِمَا وَدُونَ مَا يَحْتَمِلُ التَّغَيُّرَ وَعَدَمَهُ عَلَى السَّوَاءِ كَالْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْمَرْئِيِّ بِحَالِهِ فَإِنْ بَانَ مُتَغَيِّرًا خُيِّرَ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِنَّمَا تَكْفِي الرُّؤْيَةُ السَّابِقَةُ إذَا كَانَ حَالَ الْعَقْدِ ذَاكِرًا لِلْأَوْصَافِ فَإِنْ نَسِيَهَا لِطُولِ الْمُدَّةِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ بَيْعُ غَائِبٍ، وَهُوَ وَإِنْ اسْتَغْرَبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ظَاهِرٌ وَبِهِ جَزَمَ الرُّويَانِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَالَ النَّشَائِيُّ فِي نُكَتِهِ: إنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ (أَوْ بَعْضُهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي نَظَرَ أَيْ: نَظَرَ هُوَ كُلَّ الْمَبِيعِ، أَوْ بَعْضَهُ (إنْ دَلَّ) عَلَى بَاقِيهِ كَظَاهِرِ صُبْرَةِ الْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ، وَإِنْ الْتَصَقَتْ حَبَّاتُهُ، وَالدَّقِيقِ وَأَعْلَى السَّمْنَ، وَالْخَلِّ وَسَائِرِ الْمَائِعَاتِ فِي الظُّرُوفِ، بِخِلَافِ مَا لَا يَدُلُّ بَعْضُهُ عَلَى بَاقِيهِ كَصُبْرَةِ الْبِطِّيخِ، وَالسَّفَرْجَلِ، وَالرُّمَّانِ؛ لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا وَتُبَاعُ عَدَدًا، فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ رُؤْيَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهَا.
(أَوْ صِوَانٌ) بِكَسْرِ الصَّادِ وَضَمِّهَا مَا يُصَانُ فِيهِ الشَّيْءُ أَيْ: أَوْ نَظَرَ صِوَانَ بَاقِي الْمَبِيعِ، وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ كَقِشْرِ الرُّمَّانِ، وَالْبَيْضِ، وَالْخُشْكَنَانِ؛ لِأَنَّ صَلَاحَ بَاطِنِهِ فِي بَقَائِهِ فِيهِ، بِخِلَافِ جَوْزِ الْقُطْنِ وَجِلْدِ الْكِتَابِ وَنَحْوِهِمَا، وَكَذَا الْفَأْرَةُ وَفِيهَا الْمِسْكُ؛ إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِبَقَائِهِ فِيهَا كَثِيرُ صَلَاحٍ بَلْ لَوْ كَانَتْ مَفْتُوحَةً لَا يَصِحُّ أَيْضًا، وَلَا يَصِحُّ بَيْعٌ دَاخِلَ الصُّوَانِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَرْئِيٍّ، وَالصِّوَانُ الْمَرْئِيُّ غَيْرُ مَبِيعٍ، وَلَا تَكْفِي رُؤْيَةُ مَا فِي قَارُورَةٍ مِنْ وَرَائِهَا؛ لِانْتِفَاءِ تَمَامِ الْمَعْرِفَةِ وَتَعَلُّقِ صَلَاحِ بَقَائِهِ فِيهَا، بِخِلَافِ رُؤْيَةِ السَّمَكِ فِي الْمَاءِ الصَّافِي، وَالْأَرْضُ تَحْتَهُ وَيُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ كُلِّ شَيْءٍ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ فَتُعْتَبَرُ فِي الدَّارِ رُؤْيَةُ الْبُيُوتِ، وَالسُّقُوفِ، وَالسُّطُوحِ، وَالْجُدَرَانِ، وَالْمُسْتَحَمِّ، وَالْبَالُوعَةِ، وَفِي الْبُسْتَانِ رُؤْيَةُ الْأَشْجَارِ، وَالْجُدَرَانِ وَمَسَايِلِ الْمَاءِ، وَفِي الْعَبْدِ، وَالْأَمَةِ مَا عَدَا الْعَوْرَةَ، وَاللِّسَانَ، وَالْأَسْنَانَ.
وَفِي الدَّابَّةِ رُؤْيَةُ مُقَدَّمِهَا وَمُؤَخَّرِهَا وَقَوَائِمِهَا وَظَهْرِهَا، وَفِي الثَّوْبِ الصَّفِيقِ
ــ
[حاشية العبادي]
وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ التَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا عَلِمَ التَّوْزِيعَ قَبْلَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامِهِمْ وَاسْتَدَلَّ بِفَرْعٍ ذَكَرُوهُ فِي الْوَكَالَةِ قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ احْتَرَزَ عَمَّا إذَا فَصَّلَ الثَّمَنَ مِثْلُ بِعْتُك الْعَبْدَيْنِ بِمِائَةٍ: سِتُّونَ لِهَذَا وَأَرْبَعُونَ لِهَذَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: لَيْسَ الثَّمَنُ هُنَا وَاحِدًا بَلْ ثَمَنَيْنِ ش ع. (قَوْلُهُ: لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ فِي الْحَالِ) ، فَإِذَا عَلِمَ مَا يَخُصُّهُ قَبْلَ الْعَقْدِ صَحَّ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا فِي الْهَامِشِ فِي مَسْأَلَةِ عَبِيدِ الْجَمْعِ
(قَوْلُهُ: نَظَرًا) هُوَ بِالنَّظَرِ إلَى شَرْطِ الْعِلْمِ مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْوَصْفِ فِي الْمُعَيَّنِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي؛ لِأَنَّ وَرَاءَ الْوَصْفِ أُمُورًا تَضِيقُ الْعِبَارَةُ عَنْهَا بِرّ.
(قَوْلُهُ: نَظَرًا) يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ ذِكْرِهِ مَعَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ شَرْطِ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ ذَكَرَ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ: لَا قَبْلَهُ إلَخْ وَمِنْهُ، أَوْ بَعْضُهُ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ: الَّتِي يُسْرِعُ فَسَادُهَا أَيْ: فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ. (قَوْلُهُ: دُونَ مَا لَا يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ) أَيْ: بِأَنْ غَلَبَ عَدَمُ تَغَيُّرِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَعْلَى السَّمْنِ، وَالْخَلِّ وَسَائِرِ الْمَائِعَاتِ فِي الظُّرُوفِ) كَذَا فِي الرَّوْضِ أَيْضًا وَذَكَرَ أَيْضًا قَبْلَ ذَلِكَ مَا نَصُّهُ مَعَ شَرْحِهِ: فَإِنْ عَلِمَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ أَنَّ تَحْتَهَا أَيْ: الصُّبْرَةِ دَكَّةً، أَوْ مَوْضِعًا مُنْخَفِضًا أَوْ اخْتِلَافَ أَجْزَاءِ الظُّرُوفِ الَّذِي فِيهِ الْعِوَضُ مِنْ نَحْوِ عَسَلٍ وَسَمْنٍ رِقَّةً وَغِلَظًا بَطَلَ الْعَقْدُ لِمَنْعِهَا تَخْمِينَ الْقَدْرِ فَيَكْثُرُ الْغَرَرُ نَعَمْ إنْ رَأَى ذَلِكَ قَبْلَ وَضْعِ الْعِوَضِ فِيهِ صَحَّ الْبَيْعُ لِحُصُولِ التَّخْمِينِ، وَإِنْ جَهِلَ كُلٌّ مِنْهُمَا ذَلِكَ بِأَنَّ ظَنَّ أَنَّ الْمَحَلَّ مُسْتَوٍ فَظَهَرَ خِلَافَهُ خُيِّرَ مَنْ لَحِقَهُ النَّقْصُ بَيْنَ الْفَسْخِ، وَالْإِمْضَاءِ؛ إلْحَاقًا لِمَا ظَهَرَ بِالْعَيْبِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ. اهـ. وَقَدْ يَقْتَضِي تَصْوِيرَ الْجَهْلِ بِظَنِّ الِاسْتِوَاءِ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ عَدَمَهُ، أَوْ شَكَّ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فَلْيُرَاجَعْ لَوْ ذَكَرَ أَيْضًا بَعْدَ ذَلِكَ مَا نَصُّهُ، وَكَذَا أَيْ: يَكْفِي رُؤْيَةُ الْحِنْطَةِ مِنْ كُوَّةٍ، أَوْ بَابٍ مِنْ بَيْتٍ إنْ عُرِفَ عُمْقُهُ وَسِعَتُهُ، وَإِلَّا فَلَا قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَهَذَا الشَّرْطُ لَا يَخْتَصُّ بِهَذِهِ فَسَائِرُ الصُّوَرِ السَّابِقَةِ كَذَلِكَ أَيْ: فَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي كُلِّ بَيْعٍ لِمَا فِي الْوِعَاءِ جُزَافًا قَالَ: فَلَوْ ذَكَرُوهُ فِي الْجَمِيعِ كَانَ أَوْلَى بَلْ تَرْكُهُ أَصْلًا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ الْجَهْلِ بِالْمِقْدَارِ لَا عَدَمَ الرُّؤْيَةِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: وَالرُّمَّانِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ كَأَصْلِهِ: وَمِثْلُهُ الْعِنَبُ. اهـ. وَذَكَرَ فِي شَرْحِهِ مُنَازَعَةً فِيهَا. (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ كَانَتْ مَفْتُوحَةً لَا يَصِحُّ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: نَعَمْ لَوْ رَآهُ خَارِجَهَا، ثُمَّ اشْتَرَاهُ بَعْدَ رَدِّهِ إلَيْهَا، أَوْ رَآهَا فَارِغَةً، ثُمَّ مُلِئَتْ مِسْكًا لَمْ يَرَهُ، ثُمَّ رَأَى رَأْسَهَا أَيْ: رَأَى أَعْلَاهُ مِنْ رَأْسِهَا جَازَ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ غَائِبٍ. (قَوْلُهُ: وَتَعَلَّقَ) مَعْطُوفٌ عَلَى تَمَامِ. (قَوْلُهُ: الْعَوْرَةَ) أَيْ: مَا بَيْنَ السُّرَّةِ، وَالرُّكْبَةِ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ: وَاللِّسَانَ، وَالْأَسْنَانَ مَعْطُوفَانِ عَلَى الْعَوْرَةَ) أَيْ مَا عَدَا الثَّلَاثَةَ حَتَّى الشَّعْرَ مِنْ عَبْدٍ، أَوْ أَمَةٍ مُطْلَقًا وَحَتَّى بَاطِنَ قَدَمِهِمَا خِلَافًا لِمَنْ نَازَعُوا فِي ذَلِكَ وَأَطَالُوا ش ع، وَكَتَبَ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ بَاطِنِ قَدَمِ الْأَمَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: مَرْئِيٍّ لِلْعَاقِدَيْنِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ فِي الرُّؤْيَةِ غَيْرَهُ، ثُمَّ يَعْقِدَ قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ عب: وَهُوَ مَا فِي الْأَنْوَارِ وَنَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ الصِّحَّةَ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعٌ مَا لَمْ يَرَيَاهُ) وَإِنْ بُولِغَ فِي وَصْفِهِ وَبَلَغَ الْمُخْبِرُ عَدَدَ التَّوَاتُرِ؛ لِأَنَّ الْعِبَارَةَ لَا تُحِيطُ بِمَا يُحِيطُ بِهِ الْبَصَرُ كَمَا فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ» . اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ جَوْزِ الْقُطْنِ) أَيْ الَّذِي يَتِمُّ صَلَاحُهُ قَبْلَ تَفَتُّحِهِ، أَمَّا مَا لَا يَتِمُّ صَلَاحُهُ إلَّا